مجلة معرفة السنن والآثار العلمية

مجلة معرفة السنن والآثار العلمية (http://www.al-sunan.org/vb/index.php)
-   الأحاديث الصحيحة فقهها وشرحها (http://www.al-sunan.org/vb/forumdisplay.php?f=25)
-   -   ( لاحسد إلا في اثنتين ..) (http://www.al-sunan.org/vb/showthread.php?t=6351)

أم أسامة 25-03-2010 01:33PM

( لاحسد إلا في اثنتين ..)
 


حدثنا ‏ ‏الحميدي ‏ ‏قال حدثنا ‏ ‏سفيان ‏ ‏قال حدثني ‏ ‏إسماعيل بن أبي خالد ‏ ‏على غير ما حدثناه ‏ ‏الزهري ‏ ‏قال سمعت ‏ ‏قيس بن أبي حازم ‏ ‏قال سمعت ‏ ‏عبد الله بن مسعود ‏ ‏قال
‏قال النبي ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏لا ‏ ‏حسد ‏ ‏إلا في اثنتين رجل آتاه الله مالا فسلط على هلكته في الحق ورجل آتاه الله الحكمة فهو يقضي بها ويعلمها

فتح الباري بشرح صحيح البخاري




‏قوله : ( حدثنا إسماعيل بن أبي خالد على غير ما حدثناه الزهري )


‏يعني أن الزهري حدث سفيان بهذا الحديث بلفظ غير اللفظ الذي حدثه به إسماعيل , ورواية سفيان عن الزهري أخرجها المصنف في التوحيد عن علي بن عبد الله عنه قال : قال الزهري عن سالم . ورواها مسلم عن زهير بن حرب , وغيره عن سفيان بن عيينة قال : حدثنا الزهري عن سالم عن أبيه . ساقه مسلم تاما , واختصره البخاري . وأخرجه البخاري أيضا تاما في فضائل القرآن من طريق شعيب عن الزهري حدثني سالم بن عبد الله بن عمر . . . فذكره وسنذكر ما تخالفت فيه الروايات بعد إن شاء الله تعالى . ‏



‏قوله . ( قال سمعت ) ‏


‏القائل هو إسماعيل على ما حررناه . ‏



‏قوله : ( لا حسد )


‏الحسد تمني زوال النعمة عن المنعم عليه , وخصه بعضهم بأن يتمنى ذلك لنفسه , والحق أنه أعم , وسببه أن الطباع مجبولة على حب الترفع على الجنس , فإذا رأى لغيره ما ليس له أحب أن يزول ذلك عنه له ليرتفع عليه , أو مطلقا ليساويه . وصاحبه مذموم إذا عمل بمقتضى ذلك من تصميم أو قول أو فعل . وينبغي لمن خطر له ذلك أن يكرهه كما يكره ما وضع في طبعه من حب المنهيات . واستثنوا من ذلك ما إذا كانت النعمة لكافر أو فاسق يستعين بها على معاصي الله تعالى . فهذا حكم الحسد بحسب حقيقته , وأما الحسد المذكور في الحديث فهو الغبطة , وأطلق الحسد عليها مجازا , وهي أن يتمنى أن يكون له مثل ما لغيره من غير أن يزول عنه , والحرص على هذا يسمى منافسة , فإن كان في الطاعة فهو محمود , ومنه - ( فليتنافس المتنافسون ) . وإن كان في المعصية فهو مذموم , ومنه : " ولا تنافسوا " . وإن كان في الجائزات فهو مباح , فكأنه قال في الحديث : لا غبطة أعظم - أو أفضل - من الغبطة في هذين الأمرين - ووجه الحصر أن الطاعات إما بدنية أو مالية أو كائنة عنهما , وقد أشار إلى البدنية بإتيان الحكمة والقضاء بها وتعليمها , ولفظ حديث ابن عمر : " رجل آتاه الله القرآن فهو يقوم به آناء الليل وآناء النهار " والمراد بالقيام به العمل به مطلقا , أعم من تلاوته داخل الصلاة أو خارجها ومن تعليمه , والحكم والفتوى بمقتضاه , فلا تخالف بين لفظي الحديثين . ولأحمد من حديث يزيد بن الأخنس السلمي : " رجل آتاه الله القرآن فهو يقوم به آناء الليل وآناء النهار , ويتبع ما فيه " . ويجوز حمل الحسد في الحديث على حقيقته على أن الاستثناء منقطع , والتقدير نفي الحسد مطلقا , لكن هاتان الخصلتان محمودتان , ولا حسد فيهما فلا حسد أصلا . ‏



‏قوله : ( إلا في اثنتين )


‏كذا في معظم الروايات " اثنتين " بتاء التأنيث , أي : لا حسد محمود في شيء إلا في خصلتين . وعلى هذا فقوله : " رجل " بالرفع , والتقدير خصلة رجل حذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه . وللمصنف في الاعتصام : " إلا في اثنين . وعلى هذا فقوله : " رجل " بالخفض على البدلية أي : خصلة رجلين , ويجوز النصب بإضمار أعني وهي رواية ابن ماجه . ‏



‏قوله : ( مالا )


‏نكره ليشمل القليل والكثير . ‏



‏قوله : ( فسلط ) ‏


‏كذا لأبي ذر , وللباقين فسلطه , وعبر بالتسليط لدلالته على قهر النفس المجبولة على الشح . ‏



‏قوله : ( هلكته ) ‏


‏بفتح اللام والكاف أي : إهلاكه , وعبر بذلك ليدل على أنه لا يبقي منه شيئا . وكمله بقوله : " في الحق " أي : في الطاعات ليزيل عنه إيهام الإسراف المذموم . ‏



‏قوله : ( الحكمة ) ‏


‏اللام للعهد ; لأن المراد بها القرآن على ما أشرنا إليه قبل , وقيل : المراد بالحكمة كل ما منع من الجهل وزجر عن القبيح . ‏


( فائدة ) : ‏


‏زاد أبو هريرة في هذا الحديث ما يدل على أن المراد بالحسد المذكور هنا الغبطة كما ذكرناه , ولفظه : " فقال رجل ليتني أوتيت مثل ما أوتي فلان , فعملت مثل ما يعمل " أورده المصنف في فضائل القرآن . وعند الترمذي من حديث أبي كبشة الأنماري - بفتح الهمزة وإسكان النون - أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول . . فذكر حديثا طويلا فيه استواء العالم في المال بالحق والمتمني في الأجر , ولفظه : " وعبد رزقه الله علما ولم يرزقه مالا , فهو صادق النية يقول : لو أن لي مالا لعملت مثل ما يعمل فلان , فأجرهما سواء " , وذكر في ضدهما : " أنهما في الوزر سواء " وقال فيه : حديث حسن صحيح . وإطلاق كونهما سواء يرد على الخطابي في جزمه بأن الحديث يدل على أن الغني إذا قام بشروط المال كان أفضل من الفقير . نعم يكون أفضل بالنسبة إلى من أعرض ولم يتمن ; لكن الأفضلية المستفادة منه هي بالنسبة إلى هذه الخصلة فقط لا مطلقا . وسيكون لنا عودة إلى البحث في هذه المسألة في حديث : " الطاعم الشاكر كالصائم الصابر " حيث ذكره المؤلف في كتاب الأطعمة إن شاء الله تعالى . ‏






Powered by vBulletin®, Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd

 


Security team