بسم الله الرحمن الرحيم أحكام الصيام لفضيلة الشيخ العلامة الفقيه / صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان - حفظه الله ورعاه - الخطبة الأولى الحمد لله ذي الفضل والإنعام، فضل شهر رمضان على سائر شهور العام، وجعل صيامه أحد أركان الإسلام، وأشهدٌ أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، في ربوبيته وإلهيته وسمائه وصفاته (تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ)، وأشهدٌ أن محمداً عبده ورسوله أفضل من صلى وصام، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه البررة الكرام، وسلم تسليماً كثيرا أما بعد: أيُّها الناس، اتقوا الله تعالى، واحمدوه واشكروه إذ بلغكم شهر رمضان، ومكنكم في من الصيام والقيام والأعمال الصالحة، فإن هذه من أكبر النعم فاغتنموه رحمكم الله، فيما ينفعكم عند الله (يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَراً وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَداً بَعِيداً). عباد الله، واعلموا أن الصيام له أحكام تجب معرفتها حتى يؤدى على الوجه المشروع، فمن أحكامه، أنه لابد من النية فيه لقوله صلى الله عليه وسلم:"إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى"، فمن ترك المفطرات من غير نية الصوم فليس بصائم شرعا، والنية هي القصد والعزيمة في القلب محلها القلب ولا يجوز التلفظ بها، ولابد أن توجد النية في صيام الفرض، لابد أن توجد من الليل قبل السحر أو مع السحر لقوله صلى الله عليه وسلم:"لا صيام لمن لم يجمع النية من الليل"، وأما المعذور الذي أفطر لعذر ثم زال عذره في أثناء النهار كالمريض الذي يشفى، أو المسافر الذي ينتهي سفره، أو الصغير الذي يبلغ، أو المرأة الحائض أو النفساء ينتهي حيضها أو نفاسها في أثناء النهار، أو الكافر الذي يسلم في أثناء النهار، أو ألا تقوم البينة بدخول الشهر إلا في أثناء النهار فإن هؤلاء يمسكون بقية اليوم احتراماً للوقت ويقضونه بعد رمضان، لأنه مضى وقت من النهار وهم لم ينو الصيام، ومن أحكام الصيام أن يتجنب الصائم ما يبطل صومه من المفطرات من الأكل والشرب وما في حكمهما لقوله تعالى من الأكل والشرب والجماع لقوله تعالى:(فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ يعني في الليل وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمْ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنْ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنْ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ) فبداية الصيام اليومي من طلوع الفجر الثاني إلى غروب الشمس في هذه الأثناء لا يتناول المسلم شيئاً لا يتناول المسلم الصائم شيئاً من الأكل والشرب والجماع لأن الله حرم عليه ذلك حتى يبدأ الليل بغروب الشمس لقوله صلى الله عليه وسلم:"إذا أقبل الليل من ها هنا وأدبر النهار من ها هنا وغربت الشمس فقد أفطر الصائم" علامات واضحة ولله الحمد، يرها الناس بأعينهم علق الله بها هذه العبادة طلوع الفجر الثاني وهو البياض المعترض في الأفق وغروب الشمس في الأفق إذا أقبل الليل من المشرق لأن الشمس علامة غروب الشمس إذا اقبل الليل من المشرق، أما إذا توارت الشمس من وراء مرتفع فليس هذا هو الغروب لأنه لا يأتي الليل من المشرق علامة واضحة ولله الحمد كلاً يعرفها، فيتجنب المسلم في أثناء الصيام في هذه المدة من طلوع الفجر إلى غروب الشمس يتجنب سائر المفطرات ويصون صيامه عما يخل به، فالأكل متعمداً قليلاً كان أو كثيراً يبطل الصوم، أما إذا أكل أو شرب ناسياً فإنه لا حرج عليه ولا يبطل صومه لقوله صلى الله عليه وسلم: "من نسي وهو صائم فأكل أو شرب فليتم صومه، فإنما أطعمه الله وسقاه" فمثل الأكل والشرب ما يقوم مقامهما من الإبر المغذية والوريدية التي تأخذ في الوريد فإنها بمعنى الأكل والشرب لأنها تسير في الدم وتنشط الجسم وتغذي الجسم فهيا بمعنى الأكل والشرب، وكذلك مثل الأكل والشرب تناول الأدوية سواً كانت حبوباً أو شربات يتناولها من طريق الفم أو تحقن بجسمه فإنها بمعنى الأكل والشرب فتفطر الصائم، ومثلها المحاليل الطبية التي تحقن في المريض في معدته أو في أمعاءه تحقن من أجل العلاج، من أجل إجراء المناظير الطبية، أو من أجل أخذ إشاعة للمعدة، لابد من محاليل تسبقها، وهذه المحاليل فيها ماء وأدوية فهذه تفطر الصائم، وكذلك المحاليل التي تجرى للصائم من أجل غسيل الكلى بما يصاحبه من المحاليل الطبية التي تدخل إلى الجسم هذه تفطر الصائم لأنها بمعنى الأكل والشرب، وكذلك من المفطرات إذا تعمد الصائم القيء إذا تعمد التقي والاستفراغ بأن يستخرج ما في معدته عن طريق الفم فإن هذا يبطل الصيام، أما إذا غلبه القيء وخرج بدون اختياره فإن هذا لا يؤثر على صيامه، لما في الحديث أن الإنسان إذا تعمد الاستفراغ فإنه يفطر، إذا لم يتعمد فإنه لا يفطر بذلك لأن هذا ليس باختياره، ومن المفطرات سحب الدم الكثير من الجسم إما بالحجامة وإما بالطرق والوسائل الطبية سواً سحبه للعلاج كالحجامة أو سحبه للتبرع به أو لإسعاف مريض، فإن هذا يبطل صيامه لأنه أخرج من جسمه ما فيه قوته، وسحب الدم من الجسم يضعف الإنسان فلا يتحمل الصيام وقد قال صلى الله عليه وسلم لما رأى رجلاً يحتجام وهو صائم قال:"أفطر الحاجم والمحجوم" فحكم صلى الله عليه وسلم على المحجوم بالفطر لأنه أخرج الدم من جسمه متعمداً والحاجم الذي يمص الدم بواسطة القرن بواسطة المحجم لأنه يتطاير شيء من الدم إلى حلقه بواسطة المص فيفطر بذلك، وأما حديث أنه صلى الله عليه وسلم احتجما وهو صائم فهذه اللفظة وهو صائم غير محفوظة وإنما الصحيح أنه صلى الله عليه وسلم احتجما وهو محرم وأما لفظة وهو صائم فهذه غير محفوظة كمال قال الإمام أحمد رحمه الله، أما لو أن جرح الصائم، الصائم أنجرح وخرج دم منه ونزف منه دم فإن هذا لا يؤثر في صيامه لأنه بغير اختياره وكذلك الدم اليسير الذي يؤخذ عينةً للتحاليل فهذا ليس بمعنى الحجامة فلا يؤثر على الصيام، ومن المفطرات التي ورد النص والإجماع عليها الجماع في نهار رمضان فإذا جامع امرأته بطل صيامه وصيامها إذا كانت مطاوعةً له فإنه يبطل صيام الاثنين بالجماع لأن الله قال:(فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمْ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنْ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنْ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ) فجعل الجماع مثل الأكل والشرب متعمداً في النهار يبطل الصيام، وجاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله هلكت وأهلكت قال:"وما أهلكك؟" قال: وقعت على امرأتي وأنا صائم قال له صلى الله عليه وسلم:"أتجد ما تعتق رقبة"، قال: لا، قال:" تصوم شهرين متتابعين"، قال: وهل أوقعني فيما وقعت فيه إلا الصيام، قال:"تطعم ستين مسكيناً"، قال: لا أقدر على ذلك، فجلس عند النبي صلى الله عليه وسلم حتى أوتي صلى الله عليه وسلم بعرق فيه تمر يعني زمبيل فيه تمر فقال صلى الله عليه وسلم للرجل:"خذ هذا تصدق به"، قال: أعلى أفقر منا يا رسول الله، والله ما بين ليبيتيها أفقر منا، قال:"خذه فأطعمه أهلك" فهذا شاهد في أن الجماع يبطل الصيام ويوجب الكفارة، والمراد بالجماع الإلج في الفرج حتى ولو لم ينزل فإذا أولج بطل صيامه ولو لم ينزل، وكذلك استفراغ المني عن غير طريق الجماع كستفراغيه بالعادة السرية وهي الاستمناء فإنها تبطل الصيام وتوجب القضاء، وهي محرمة لكنها لا توجب الكفارة لأنها ليست جماعاً، فهذه جملٌ من مفطرات الصائم عليه أن يتجنبها، وأن يحفظ صيامه من الوسائل التي توقعه فيها، فإن بعض الناس خصوصاً الشباب وقريب العهد بالزواج يقربون من نسائهم ويباشروهن فتثور شهوتهم فإنه يجب عليهم أن يبتعدوا، أما الإنسان الذي لا تثير شهوته ولا يخشى على نفسه من ذلك، فلا مانع أن يمس زوجته ويباشرها لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقبل نسائه وهو صائم لأنه كان مالكاً لأربه كان صلى الله عليه وسلم لا يخاف من ثوران الشهوة. فتقوا الله، عباد الله، حافظوا على صيامكم تقربوا بذلك إلى الله لتنالوا منه الأجر والثواب، فإن ثواب الصائم غير ثواب سائر الأعمال، فالصيام أختصه الله لنفسه وتولى جزاءه حيث قال سبحانه وتعالى، قال الله جل وعلا في الحديث القدسي:"كل عمل ابن آدم له الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف إلا الصوم، فإنه لي وأنا أجزي به، إنه ترك شهوته وطعامه وشرابه من أجلي، ولخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك"، فاستبشروا يا عباد الله، بهذه النعمة العظيمة، وحافظوا عليها، واشكروا الله إذ شرع لكم الصيام تتقربون به إليه ويثيبكم عليه الثواب الذي لا يعلم مقداره إلا الله، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم (أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنتُمْ تَخْتَانُونَ أَنفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمْ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنْ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنْ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَقْرَبُوهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ)، بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعنا بما فيه من البيان والذكر الحكيم، أقولٌ قول هذا واستغفر الله لي ولكم ولجميع المسلمين، فاستغفروه إنَّه هو الغفور الرحيم. الخطبة الثانية الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه، وسلَّم تسليماً كثيرا، أما بعد: أيها الناس، اتقوا الله تعالى، واعلموا أن الصيام ليس مجرد ترك الشهوات، شهوات البطن والفرج، وإنما هو ومع ذلك ترك كل ما حرم الله من النظر المحرم والكلام المحرم والسماع المحرم صونوا ألسنتكم عن الكلام المحرم من الغيبة والنميمة والسباب والشتم وقول الزور في الحديث:"من لم يدع قول الزور والعمل به والجهل فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه"، وفي الحديث:"فإن سابه أحد فليقل إني صائم" فيحفظ لسانه عن السباب حتى لو أن أحداً سابه فلا يرد عليه بل يقول إني صائم، وكذلك صيانة النظر عن النظر إلى المحرم مما يثير الشهوة منالفتنة بالنساء المتبرجات فينظر إليهن ويتابعهن في أي مكان سواً في الأسواق، أو سواً في مجالات العمل الوظيفية، فيتجنب النظر ويصون بصره وهو صائم وغير صائم، يجب على المسلم أن يحفظ بصره دائماً لقوله تعالى:(قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ* وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ)الآية، فالبصر مسئوليه عليك أن تحفظه وأن لا تنتظر إلا فيما يباح لك النظر إليه وإلا فإنه خطير جدا، ومن الناس من يتابع الفضائيات والشاشات والانترنت وما يعرض فيها من الشرور وما يعرض فيها من النساء العاريات الفاتنات، ويشاهد الفحش والفجور وهو جالس في بيته أو على فراشه وقد يكون صائماً، فإين الصيام يا عباد الله؟، وكذلك يصون سمعه عن استماع الحرام، عن استماع الكلام المحرم واللغو والكلام الفاحش والأغاني والمزامير، فإن بعض الناس لا يصون سمعه عن هذه الأمور فتجده يستمع إلى ما حرم الله من الكلام الغيبة والنميمة والسباب والشتم أو أشد من ذلك يستمع إلى الأغاني الماجنة والمزامير وآلات اللهو هذا وهو يدعي أنه صائم، إن الصيام يا عباد الله، ليس مجرد ترك الأكل والشرب، وإنما هو ترك كل ما حرم الله سبحانه وتعالى، فقد يصوم الإنسان ويجوع ويعطش وليس له أجر لأنه لم يصن سمعه ولا بصره ولا لسانه عن الحرام فليس له أجرٌ كما سمعتم في الحديث:"من لم يدع قول الزور والعمل به والجهل فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه"، وفي الحديث الآخر:"رب صائم حظه من صيامه الجوع والعطش ورب قائم حظه من قيامه السهر". فتقوا الله، عباد الله، وحافظوا على صيامكم، هناك صيام محدد عن الأكل والشرب والمفطرات في شهر رمضان أو في نهار الصيام ويباح في غير الصيام، وهناك صيام مؤبد طول الحياة إلى أن يموت الإنسان وهو صائم عنه، وهو الصيام عن الحرام في كلامه وفي سمعه وفي بصره، فإنه يصون دائما عن هذه الأمور، فإذا وافقت أنه صائم عن الطعام والشراب اشتد الإثم عليه أكثر من ذي قبل. فتقوا الله، عباد الله، وحافظوا على صيامكم لتنالوا ما وعد الله الصائمين من الأجر العظيم، لتكونوا مع الذين يدخلون من الباب الذي خصصه الله للصائمين في الجنة وهو باب الريان باب مخصص للصائمين يدخلون منه إلى الجنة لا يدخل منه غيرهم، فإذا دخلوا أغلق ويقال لهم(كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الأَيَّامِ الْخَالِيَةِ). ثم اعلموا رحمكم الله أن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هديِّ محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكلٌ بدعة ضلالة. وعليكم بالجماعة، فإن يدا الله على الجماعة ومن شذَّ شذَّ في النار(إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)، اللَّهُمَّ صلِّ وسلِّم على عبدِك ورسولِك نبينا محمَّد، وارضَ اللَّهُمَّ عن خُلفائِه الراشدين،الأئمة المهديين، أبي بكر، وعمرَ، وعثمانَ، وعليٍّ، وعَن الصحابة أجمعين، وعن التابِعين، ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يومِ الدين. اللَّهُمَّ أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمر أعداء الدين، واجعل هذا البلد آمناً رخاءً سخاءً وسائر بلاد المسلمين عامةً يا رب العالمين، اللَّهُمَّ ولي علينا خيارنا، وكفينا شر شرارنا، اللَّهُمَّ اجعل وليتنا فيما خافك واتقاك وتبع رضاك يا رب العالمين، اللَّهُمَّ وفق ولاة أمورنا، وولاة أمور المسلمين لكل خير ولما فيه صلاحهم وصلاح الإسلام والمسلمين (رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ). عبادَ الله، (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنْ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ)،(وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلا تَنقُضُوا الأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمْ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ)،فاذكروا اللهَ يذكُرْكم، واشكُروه على نعمِه يزِدْكم، ولذِكْرُ اللهِ أكبر، واللهُ يعلمُ ما تصنعون. المصدر : http://www.alfawzan.af.org.sa/node/12988 |
بسم الله الرحمن الرحيم في بيان فضائل الصيام لفضيلة الشيخ العلامة الفقيه / صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان - حفظه الله ورعاه - في بيان فضائل الصيام الحمد لله رب العالمين ، شرع لعباده ما يصلحهم ويسعدهم في الدنيا والآخرة والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وصحبه ومن اتبع هديه وتمسك بسنته . . وبعد : - أيها المسلمون نهنئكم بحلول هذا الشهر المبارك ، ونسأل الله أن يوفقنا لاغتنام أوقاته بالعمل الصالح وأن يتقبل منا ويغفر لنا خطايانا - إنه سميع مجيب . وسنواصل حديثنا معكم عن أحكام الصيام ، ونخص في درسنا هذا بيان بعض فضائله ليستبشر بذلك أهل الإيمان ، فقد روى الشيخان عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : كل عمل ابن آدم له : الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف ، قال الله تعالى : إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به ، ترك شهوته وطعامه وشرابه من أجلي ، للصائم فرحتان : فرحة عند فطره وفرحة عند لقاء ربه ، وخلوفُ فمٍ عند الله أطيب من ريح المسك ، فهذا الحديث الشريف يدل على جملة فضائل ومزايا للصيام من بين سائر الأعمال منها : - أن مضاعفته تختلف عن مضاعفة الأعمال الأخرى ، فمضاعفة الصيام لا تنحصر بعدد . بينما الأعمال الأخرى تضاعف الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف . ومنها أن الإخلاص في الصيام أكثر منه في غيره من الأعمال لقوله : ( ترك شهوته وطعامه وشرابه من أجلي ) . ومنها : أن الله اختص الصيام لنفسه من بيان سائر الأعمال وهو الذي يتولى جزاء الصائم لقوله : ( الصوم لي وأنا أجزي به ) . ومنها : حصول الفرح للصائم في الدنيا والآخرة فرح عند فطره بما أباح الله له . وفرح في الآخرة بما أعد الله له من الثواب العظيم ، وهذا من الفرح المحمود . لأنه فرح بطاعة الله : قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا . ومنها : ما يتركه الصيام من آثار محبوبة عند الله . وهي تغير رائحة فم الصائم بسبب الصيام ، وهي آثار نشأت عن الطاعة فصارت محبوبة عند الله تعالى ( ولخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك ) . ومن فضائل الصيام : أن الله اختص الصائمين بباب من أبواب الجنة لا يدخل منه غيرهم إكرامًا لهم ، كما في الصحيحين عن سهل بن سعد رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إن في الجنة بابًا يقال له الريان يدخل منه الصائمون يوم القيامة ، لا يدخل منه أحد غيرهم ، يقال أين الصائمون فيقومون فيدخلون ، فإذا دخلوا أغلق عليهم فلم يدخل منه أحد . ومن فضائل الصيام : أنه يقي صاحبه مما يؤذيه من الآثام ويحميه من الشهوات الضارة . ومن عذاب النار كما ورد في الأحاديث أن الصيام جُنة ، بضم الجيم والنون المشددة المفتوحة . أي ستر حصين من هذه الأخطار . ومن فضائل الصيام أن دعاء الصائم مستجاب ، فقد أخرج ابن ماجه والحاكم عن ابن عمر أنه صلى الله عليه وسلم قال : إن للصائم عند فطره دعوة لا ترد وقد قال الله تعالى في أثناء آيات الصيام : وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ليرغب الصائم بكثرة الدعاء . ومن فضائله : أنه يجعل كل أعمال الصائم عبادة ، كما روى أبو داود الطيالسي والبيهقي عن ابن عمر مرفوعًا : صمت الصائم تسبيح ونومه عبادة ، ودعاؤه مستجاب وعمله مضاعف . ومن فضائل الصيام : أنه جزء من الصبر ، فقد أخرج الترمذي وابن ماجه أنه صلى الله عليه وسلم قال الصيام نصف الصبر وقد أخبر الله سبحانه وتعالى أن الصائمين يوفون أجرهم بغير حساب . ومن فضائل الصوم وفوائده الطيبة أنه يسبب صحة البدن كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : صوموا تصحوا ورواه ابن السني وأبو نعيم ، وذلك لأن الصوم يحفظ الأعضاء الظاهرة والباطنة ويحميها من تخليط المطاعم الجالب للأمراض . هذا وللصيام فضائل كثيرة لا يمكننا استيفاؤها ، ولكن الغرض التنبيه على بعضها وفي هذا القدر كفاية - إن شاء الله . وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه ... والحمد لله رب العالمين . . المصدر : http://www.alfawzan.af.org.sa/node/2476 |
بسم الله الرحمن الرحيم بيان فوائد الصيام لفضيلة الشيخ العلامة الفقيه / صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان - حفظه الله ورعاه - بيان فوائد الصيام الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على نبينا محمد خاتم النبيين ، وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسان . . أما بعد : - نتناول في درسنا هذا بيان ما تيسر من فوائد الصيام . . فإن الصيام من أنفع العبادات وأعظمها آثارًا في تطهير النفوس وتهذيب الأخلاق . وله فوائد عظيمة - من أعظمها : - أنه سبب لزرع تقوى الله في القلوب وكف الجوارح عن المحرمات ، قال الله تعالى : يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ فبين سبحانه في هذه الآية أنه شرع الصيام لعباده ليوفر لهم التقوى . والتقوى كلمة جامعة لكل خصال الخير . وقد علق الله بالتقوى خيرات كثيرة وثمرات عديدة ، وكرر ذكرها في كتابه لأهميتها ، وقد فسرها أهل العلم بأنها : فعل أوامر الله ، وترك مناهيه رجاء لثوابه وخوفًا من عقابه . وقوله تعالى : لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ، قال الإمام القرطبي رحمه الله : ( لعل ) ترج في حقهم ، و ( تتقون ) تضعفون فإنه كلما قل الكل ضعفت الشهوة ، وكلما ضعفت الشهوة قلت المعاصي ، وقيل لتتقوا المعاصي - وقيل هو على العموم لأن الصيام ، كما قال عليه الصلاة والسلام : الصيام جُنة ووجاء وسبب تقوى لأنه يميت الشهوات . ومن فوائد الصيام : أنه يعود الإنسانية الصبر والتحمل والجلد لأنه يحمله على ترك مألوفه ومفارقة شهواته عن طواعية واختيار ، وهو يعطي قوة للعاصي الذي ألف المعاصي على تركها والابتعاد عنها . فهو يربيه تربية عملية على الصبر عنها ونسيانها حتى يتركها نهائيًا ، فمثلاً المدخن الذي سيطرت عليه عادة التدخين وصعب عليه تركها يستطيع بواسطة الصيام ترك هذه العادة السيئة والمادة الخبيثة بكل سهولة . وكذلك سائر المعاصي . ومن فوائد الصيام : أنه يمكن الإنسان من التغلب على نفسه الأمارة بالسوء ، فإنها كانت في وقت الإفطار تغالب صاحبها وتنزع إلى تناول الشهوات المحرمة . فلما جاء الصيام تمكن الإنسان من إمساك زمام نفسه وقيادتها إلى الحق . ومن فوائد الصيام : أنه يضعف مجاري الشطيان في البدن . لأن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم ، فالعبد إذا أباح لنفسه ما تطلبه من الشهوات فإن ذلك يساعد الشيطان على التمكن من إضلاله وحمله على الأشر والبطر وغير ذلك من الخصال الذميمة . فالصيام يسد هذا الباب من أساسه ويطرد الشيطان . ومن فوائد الصيام : أنه يذكر العبد بنعمة الله عليه . فإنه إذا ذاق طعم الجوع والعطش عرف قدر نعمة الله عليه حيث يسر له الطعام والشراب في أوقات احتياجه إليهما فيشكر الله على ذلك . ومن فوائد الصيام : أنه يحمل الإنسان على الإحسان إلى الفقراء والمساكين فإن الصائم إذا جاع ذكر حاجة الجائعين والمحتاجين فيرق قلبه لهم ويعطف عليهم . ومن فوائد الصيام أنه سبب لاجتماع كلمة المسلمين وزوال التفرقة . لأنهم يصومون في شهر واحد ويبدءون الصيام اليومي جميعًا ويفطرون جميعًا ، غنيهم وفقيرهم ملوكهم وعامتهم ذكرهم وأنثاهم . وذلك مما يسبب ترابطهم وتعاطفهم واتحاد كلمتهم . ومن فوائد الصيام : أنه يسهل على الصائم فعل الطاعات وذلك ظاهر من تسابق الصائمين إلى فعل الطاعات التي ربما كانوا يتكاسلون عنها وتثقل عليهم في غير وقت الصيام . ومن فوائد الصيام : أنه يرقق القلب ويلينه لذكر الله عز وجل ويقطع عن الشواغل والمنسيات . ومن فوائد الصيام : أنه ربما يحدث في قلب العبد محبة للطاعات وبغضًا للمعاصي بصفة مستمرة فيكون منطلقًا إلى تصحيح مفاهيم الإنسان وسلوكه في الحياة . والحمد لله رب العالمي . . وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه . . المصدر : http://www.alfawzan.af.org.sa/node/2477 |
بسم الله الرحمن الرحيم بيان مفسدات الصوم لفضيلة الشيخ العلامة الفقيه / صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان - حفظه الله ورعاه - بيان مفسدات الصوم الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على نبينا محمد خاتم النبيين ، وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين ... وبعد : - اعلموا أن الله قد أباح للصائم الاستمتاع بأهله في ليل الصيام فقال سبحانه : أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ والرفث كناية عن الجماع ، لأن الله عز وجل يكني ، وقيل الرفث كلمة جامعة لكل ما يريد الرجل من امرأته ، وعلى كل فتخصيص ذلك بالليل دليل على تحريمه على الصائم في نهار الصيام ، وقد تقدم في الحلقة السابقة ما يترتب على من جامع في نهار الصيام من رمضان من الكفارة المغلظة ، وهذا مما يؤكد على المسلم الابتعاد عما يوقع في المحذور ويخل بصيامه ، ومن المفطرات المفسدات للصوم إنزال المني بسبب تقبيل أو مباشرة أو استمناء [ وهو ما يسمى بالعادة السرية ] أو تكرار نظر ، فإذا أنزل الصائم بسبب من هذه الأسباب فسد صومه . وعليه الإمساك بقية يومه ويقضي هذا اليوم الذي حصل فيه ذلك ، ولا كفارة عليه ، لكن عليه التوبة والندم والاستغفار والابتعاد عن هذه الأشياء المثيرة للشهوة ، لأنه في عبادة عظيمة . مطلوب منه أن يدع شهوته وطعامه وشرابه من أجل ربه عز وجل ، والنائم إذا احتلم فأنزل لم يؤثر ذلك على صيامه وليس عليه شيء لأن ذلك بغير اختياره لكن عليه الاغتسال كما هو معلوم . ومن مفسدات الصوم - الأكل والشرب متعمدًا ، لقوله تعالى : وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ فأباح سبحانه وتعالى الأكل والشرب إلى طلوع الفجر الثاني ، ثم أمر بإتمام الصيام إلى الليل ، وهذا معناه ترك الأكل والشرب في هذه الفترة ما بين طلوع الفجر إلى الليل . وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن ربه عز وجل أنه قال في الصائم : يدع طعامه وشرابه من أجلي ، ومثل الأكل والشرب إيصال شيء من الطعام أو الشراب إلى الجوف من غير طريق الفم . وكذا إيصال كل شيء مائع أو جامد عن طريق الأنف أو العين أو الأذن كالقطرة والسعوط ، ومثله استعمال البخاخ في الحلق أو الأنف ، لأن فيه مادة دوائية يجد لها طعمًا في حلقه . وكذا أخذ الإبر المغذية . وتناول الأدوية وحقن الدم في الصائم كل هذه الأمور تفسد صومه ؛ لأنها إما مغذية تقوم مقام الطعام ، وإما أدوية تصل إلى حلقه وجوفه فهي في حكم الطعام والشرب . كما نص على ذلك كثير من الفقهاء رحمهم الله ، أما الإبر غير المغذية ، فإن كانت تؤخذ عن طريق الوريد فإنها تفطر الصائم لأنها تسير مع الدم وتنفذ إلى الجوف . وهي أشد نفوذًا من التقطير في العين والأنف والأذن ، وإن كانت تؤخذ عن طريق العضل ، فالأحوط تركها لقوله صلى الله عليه وسلم : دع ما يريبك إلى ما لا يريبك ، ومن احتاج إلى تناول شيء من هذه المذكورات لحالة مرضية تستدعي ذلك ولا تقبل التأجيل إلى الليل فإنه يتناولها ويقضي ذلك اليوم لأنه أصبح في حكم المريض ، والله تعالى رخص للمريض بالإفطار والقضاء من أيام أخر ، والاكتحال يعتبره بعض الفقهاء من المفطرات ؛ لأنه ينفذ إلى الحلق ويجد الصائم طعم الكحل في حلقه غالبًا ، فلا ينبغي للصائم أن يكتحل في نهار الصيام ، من باب الاحتياط وابتعادًا عن الشبهة . والله أعلم . وصلى الله وسلم على نبينا محمد . . المصدر : http://www.alfawzan.af.org.sa/node/2485 |
بسم الله الرحمن الرحيم في بيان آداب الصيام لفضيلة الشيخ العلامة الفقيه / صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان - حفظه الله ورعاه - الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على نبينا محمد الذي لا نبي بعده ، وعلى آله وصحبه ... . وبعد : - اعلموا أن من آداب الصيام المهمة أن يصوم المسلم في الوقت المحدد للصوم شرعًا . فلا يتقدم عليه ولا يتأخر عنه ، فلا يصوم قبل ثبوت بداية الشهر ولا يصوم بعد نهايته على أنه منه . قال صلى الله عليه وسلم : إذا رأيتم الهلال فصوموا ، وإذا رأيتموه فأفطروا متفق عليه ، وقال عليه الصلاة والسلام : لا تصوموا حتى تروا الهلال ، ولا تفطروا حتى تروه رواه أحمد والنسائي . ففي الحديث الأول الأمر بالصيام عند رؤيته في البداية والإفطار عند رؤيته في النهاية ، ومعنى ذلك أن محل الصيام ما بين الهلالين فقط . وفي الحديث الثاني النهى عن الصيام قبل رؤية الهلال والنهي عن الإفطار قبل رؤيته ، وقد جاء النهي الصريح عن تقدم الشهر بصيام على نية أنه منه لأن ذلك زيادة على شرعة الله عز وجل ، فقد روى الترمذي والنسائي وابن ماجه وابن حبان عن ابن عباس رضي الله عنهما لا تصوموا قبل رمضان وروى أبو داود عنه : لا تقدموا الشهر بصيام يوم ولا يومين . ولهذا ورد النهي عن صوم يوم الشك ، وقال عمار : من صام اليوم الذي يشك في فقد عصى أبا القاسم - صلى الله عليه وسلم - رواه أبو داود والترمذي وصححه . وقال العمل عليه عند أكثر أهل العلم . وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : لأن الأصل والظاهر عدم الهلال فصومه تقدم لرمضان بيوم ، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عنه . وأصول الشريعة أدل على هذا القول منها على غيره ، فإن المشكوك في وجوبه لا يجب فعله ولا يستحب ، بل يستحب ترك فعله احتياطًا ، فلم تحرم أصول الشريعة الاحتياط ، ولم توجبه بمجرد الشك ... انتهى . ومن هذا نعلم بطلان دعوى هؤلاء الذين يدعوننا إلا أن نعتمد على الحساب الفلكي في صومنا وإفطارنا ، لأنهم بذلك يدعوننا إلى أن نصوم ونفطر قبل رؤية الهلال فنتقدم رمضان بيوم أو يومين ونصوم يوم الشك إلى غير ذلك من المحاذير . ومن آداب الصيام تأخير السحور إن لم يخش طلوع الفجر الثاني لقول زيد بن ثابت رضي الله عنه : تسحرنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم قمنا إلى الصلاة قلت : كم كان بينهما ؟ قال : قدر خمسين آية متفق عليه ، وفي حديث أبي ذر : لا تزال أمتي بخير ما أخروا السحور وعجلوا الفطور ولأن ذلك أقوى على الصيام ، والله تعالى يقول : وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ والمراد به سواد الليل وبياض النهار ، وبعض الناس اليوم يسهرون معظم الليل فإذا أرادوا النوم تسحروا وناموا تركوا صلاة الفجر ، فهؤلاء صاموا قبل وقت الصيام وتركوا صلاة الفجر ، ولا يبالون بأوامر الله ، فأي شعور عند هؤلاء نحو دينهم وصيامهم وضلالتهم - إنهم لا يبالون ما داموا يعطون أنفسهم ما تهوى . ومن آداب الصيام : تعجيل الفطر إذا تحقق غروب الشمس لقوله صلى الله عليه وسلم : لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر متفق عليه ، أي لا يزال أمر هذه الأمة معظمًا وهم بخير ما داموا محافظين على هذه السنة . ومن آداب الصيام : أن يفطر على رطب . فإن لم يجد فعلى تمر ، لأنه صلى الله عليه وسلم كان يفطر على رطبات قبل أن يصلي . فإن لم تكن فعلى ثمرات ، فإن لم تكن ثمرات حسا حسوات من ماء رواه أبو داود والترمذي ، ولا ينبغي المبالغة بما يقدم عند الإفطار من أنواع الأطعمة والأشربة ، لأن هذا يخالف السنة ، ويشغل عن الصلاة مع الجماعة ، ومن لم يجد التمر فإنه يفطر على كل حلو لم تمسه النار ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه . المصدر : http://www.alfawzan.af.org.sa/node/2482 |
بسم الله الرحمن الرحيم في بيان الأحكام المتعلقة بقضاء الصوم لفضيلة الشيخ العلامة الفقيه / صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان - حفظه الله ورعاه - الحمد لله رب العالمين ، شرع فيسر ، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وأتباعه إلى يوم الدين ... أما بعد : - اعلموا أنه يجب عليكم معرفة أحكام القضاء في حق من أفطر في نهار رمضان لعذر من الأعذار الشرعية . قال الله تعالى : فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وقال تعالى : فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ . ففي هاتين الآيتين الكريمتين رخص الله بالإفطار في رمضان للمريض والمسافر وأوجب عليهما القضاء إذا أخذ بالرخصة فأفطر ، بأن يصوما عدد الأيام التي أفطراها من شهر آخر ، وإن صاما رمضان ولم يأخذ بالرخصة فصومهما صحيح ومجزئ عند جمهور أهل العلم وهو الحق ، وبين سبحانه الحكمة في هذه الرخصة ، وهي أنه أراد التيسير على عباده ولم يرد لهم العسر والمشقة بتكليفهم بالصوم في حالة السفر والمرض ، وأن الحكمة في إيجاب القضاء هي إكمال عدد الأيام التي أوجب الله صومها ، ففي هذه الرخصة جمع بين التيسير واستكمال العدد المطلوب صومه . وهناك صنف ثالث من يرخص لهم بالإفطار وهم الكبير الهرم والمريض المزمن ، إذا لم يطيقا الصيام ، قال تعالى : وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ ومعنى يطيقونه يكلفونه ويشق عليهم فعليهم بدل الصيام إطعام مسكين عن كل يوم ، وهذا على ما ذهب عليه طائفة من العلماء في تفسير الآية وأنها لم تنسخ ، وألحق بهؤلاء الحامل والمرضع إذا خافتا على أنفسهما أو على ولديهما من الصيام ، كما روي عن ابن عباس أنه قال لأم ولد له حامل أو مرضعة : أنت بمنزلة الذين لا يطيقون الصيام . وعن ابن عمر أن إحدى بناته أرسلت تسأله عن صوم رمضان وهي حامل - قال تفطر وتطعم عن كل يوم مسكينًا ، هؤلاء جميعًا يباح لهم الإفطار في نهار رمضان نظرًا لأعذارهم الشرعية ثم هم ينقسمون إلى ثلاثة أقسام : - 1 ـ قسم يجب عليه القضاء فقط ولا فدية وهم المريض والمسافر والحامل والمرضع إذا خافتا على أنفسهما . 2 ـ وقسم يجب عليه الفدية فقط ولا قضاء عليه وهم العاجزون عن الصيام لهرم أو مرض لا يرجى برؤه . 3 ـ وقسم يجب عليه القضاء والفدية وهم الحامل والمرضع إذا خافتا على ولديهما فقط ، والفدية هنا : إطعام مسكين نصف صاع من طعام البلد عن كل يوم . وهكذا ديننا دين يسر وسماحة يتمشى مع ظروف الإنسان ولا يكلفه ما لا يطيقه أو يشق عليه مشقة شديدة غير محتملة . يشرع للحضر أحكامًا مناسبة . للسفر أحكامًا مناسبة ، ويشرع للصحيح ما يناسبه وللمريض ما يناسبه . ومعنى هذا أن المسلم لا ينفك عن عبادة الله في جميع أحواله . وأن الواجبات لا تسقط عنه سقوطًا نهائيًا ولكنها تتكيف مع ظروفه . . قال الله تعالى : وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ وقال عيسى عليه السلام فيما ذكره الله عنه : وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا ومن الناس من يريد أن يستغل سماحة الإسلام استغلالاً سيئًا فيبيح لنفسه فعل المحرمات وترك الواجبات ويقول الدين يسر ، نعم أن الدين يسر ولكن ليس معنى ذلك أن يتفلت الإنسان من أحكامه ويتبع هوى نفسه ، وإنما معنى سماحة الإسلام أنه ينتقل بالعبد من العبادة الشاقة إلى العبادة السهلة التي يستطيع أداءها في حالة العذر - ومن ذلك الانتقال بأصحاب الأعذار الشرعية من الصيام أداء في رمضان إلى الصيام قضاء في شهر آخر عندما تزول أعذارهم ، أو الانتقال بهم من الصيام إلى الإطعام إذا كانوا لا يقدرون على القضاء . فجمع لهم بين أداء الواجب وانتفاء المشقة والحرج - فلله الحمد والمنة . . وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه . المصدر : http://www.alfawzan.af.org.sa/node/2493 |
بسم الله الرحمن الرحيم في بيان مسائل يحتاج إلى معرفتها الصائم لفضيلة الشيخ العلامة الفقيه / صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان - حفظه الله ورعاه - الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على نبينا محمد خاتم النبيين وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين ... أما بعد : - فهناك مسائل قد تشكل على بعض الناس في حال الصيام فيجب بيانها ومعرفتها ومنها السواك . فالسواك سنة مؤكدة ، وردت الأحاديث بالأمر به والترغيب فيه في كل وقت ويتأكد في أوقات مخصوصة ، فيسن للصائم أن يستاك في جميع اليوم على الصحيح من قولي العلماء وهي رواية عن الإمام أحمد . واختاره الشيخ تقي الدين ابن تيمية وتلميذه ابن القيم وغيرهما وهو قول أكثر العلماء ، لحديث عائشة رضي الله عنه خير خصال الصائم السواك رواه ابن ماجه ، ولحديث عامر : رأيته ما لا أحصي يستاك وهو صائم رواه أصحاب السنن والبخاري تعليقًا ، وأكثر الأحاديث تدل على استحبابه للصائم مطلقًا ، ولم يثبت في كراهته شيء ، ومن كرهه من العلماء علل ذلك بأنه يذهب خلوف الفم الذي هو أطيب عند الله من ريح المسك ، والصواب أنه لا يذهب الخلوف لأن الخلوف ليس في محل السواك وإنما هو من أبخرة المعدة وهذا لا يزيله السواك . . والله أعلم . ويباح للصائم أن يتطيب ويستحب له ذلك يوم الجمعة لكن لا يتعمد شم البخور وما له أجزاء تتطاير إلى حلقه كمسحوق المسك ونحوه . أما التطيب بالعطورات السائلة كالورد ودهن العود فلا بأس بذلك في يديه وثيابه . ومن المسائل التي تحتاج إلى تنبيه أن من أدركه الفجر وعليه غسل جنابة أو حيض فإنه يتسحر ويصوم ثم يغتسل بعد ذلك . لأنه قد ضايقه الوقت فيقدم السحور ونية الصيام على الاغتسال . والدليل على ذلك ما ثبت في الصحيحين وغيرهما أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يصبح جنبًا من جماع لا حلم لا يفطر ولا يقضي - وفيها عن عائشة وأم سلمة - قالتا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصبح جنبًا من جماع غير احتلام في رمضان ثم يصوم ، والله تعالى جعل الفجر غاية لإباحة الجماع والطعام والشراب لمن أراد الصيام . وهو دليل على أن من أصبح جنبًا فليغتسل وليتم صومه ولا حرج عليه ، قال ابن كثير وغيره : وهذا مذهب الأئمة الأربعة وجمهور العلماء سلفًا وخلفًا لما في الصحيحين : كان يصبح جنبًا من جماع ثم يغتسل ويصوم ، ولمسلم عنه صلى الله عليه وسلم : وأنا تدركني الصلاة وأنا جنب فأصوم والآثار في ذلك كثيرة مشهورة ، وكذلك الحائض والنفساء ، إذا انقطع دمهما قبل الفجر ثم طلع الفجر قبل أن يغتسلا فصومهما صحيح ، ومع هذا ينبغي المبادرة بالاغتسال قبل طلوع الفجر مهما أمكن لأن ذلك أحوط . ولكن الكلام في من ضايقه الوقت بغير اختياره كمن لم يستيقظ من نومه إلا متأخرًا عند طلوع الفجر ، أو الحائض والنفساء لم ينقطع دمهما إلا عند طلوع الفجر - هذا هو محل الكلام ... والله أعلم . فلا ينبغي التساهل بتأخير الاغتسال من غير عذر والله الموفق . . أنه يجب على المسلم أن يحرص على أداء عبادته من صوم وغيره على الوجه المشروع ، ولا يتساهل في أمور دينه فيقصر في البحث عن ذلك ومعرفته ، وإذا كان لا يستطيع الوصول إلى معرفة الحكم بنفسه فليسأل أهل العلم والله تعالى يقول : فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ وفق الله الجميع للعلم النافع والعمل الصالح . . وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم . . المصدر : http://www.alfawzan.af.org.sa/node/2495 |
بسم الله الرحمن الرحيم في بيان مسائل يحتاج إليها الصائم لفضيلة الشيخ العلامة الفقيه / صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان - حفظه الله ورعاه - الحمد لله رب العالمين ، أمرنا باتباع رسوله ومعرفة الحق بدليله ، والصلاة والسلام على خير خلقه وخاتم رسله ، نبينا محمد وآله وصحبه وكل من اتبعه إلى يوم الدين ... وبعد : - نواصل الكلام في بيان المسائل التي قد تشكل على بعض الصائمين ومنها : المسألة الأولى : - حكم تناول حبوب منع الحيض المسألة الأولى : - أن بعض النساء تسأل عن حكم تناول حبوب منع الحيض لتتمكن من الصيام في رمضان والصلاة فيه . والجواب : أنه إذا كانت هذه الحبوب لا تضرها في صحتها فلا بأس بتناولها للقصد المذكور ، وإذا امتنع عنها الدم بسببها وصامت فصيامها صحيح إن شاء الله . المسألة الثانية : من احتلم في أثناء النهار وحصل منه إنزال فماذا عليه ؟ المسألة الثانية : - من احتلم في أثناء النهار وحصل منه إنزال فماذا عليه ؟ الجواب : صيامه صحيح لا يؤثر عليه احتلامه لأنه بغير اختياره ولا يجب عليه إلا الاغتسال من الجنابة . المسألة الثالثة : إذا نوى حاضر صوم يوم ثم سافر في أثنائه فهل له أن يفطر في ذلك اليوم ؟ المسألة الثالثة : - إذا نوى حاضر صوم يوم ثم سافر في أثنائه فهل له أن يفطر في ذلك اليوم ؟ الجواب : له الفطر على الصحيح ولا يلزمه إتمام ذلك اليوم في السفر ، وقال الإمام العلامة ابن القيم : جاءت الآثار عن الصحابة في الفطر لمن أنشأ السفر في أثناء يوم وهو مذهب أبي حنيفة والشافعي ... انتهى . وذلك لظاهر قوله تعالى : فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وقد ثبت في السنن أن من الصحابة من كان يفطر إذا خرج من يومه ، ويذكر أن ذلك سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نوى الصوم في السفر ثم أنه دعا بماء فأفطر والناس ينظرون غليه . ولكن من نوى سفرًا طارئًا في أثناء اليوم لا يجوز له الإفطار إلا إذا فارق بنيان بلده وخرج منه نهائيًا ، فحينئذ يباح له الإفطار كما ذكرنا . والأفضل له أن يتم ذلك اليوم خروجًا من خلاف من لم يبح له الفطر . الصحابة من كان يفطر إذا خرج من يومه ، ويذكر أن ذلك سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نوى الصوم في السفر ثم أنه دعا بماء فأفطر والناس ينظرون إليه . ولكن من نوى سفرًا طارئًا في أثناء اليوم لا يجوز له الإفطار إلا إذا فارق بنيان بلده وخرج منه نهائيًا ، فحينئذ يباح له الإفطار كما ذكرنا . والأفضل له أن يتم ذلك اليوم خروجًا من خلاف من لم يبح له الفطر . المسألة الرابعة : من صام يومًا قضاء فهل يجوز له قطعه ؟ المسألة الرابعة : - من صام يومًا قضاء فهل يجوز له قطعه ؟ الجواب : يلزمه إتمام ذلك اليوم ولا يجوز له قطعه بلا عذر يبيح له الفطر ، لأنه لما دخل فيه لزمه إتمامه ، وكذلك كل واجب موسع إذا دخل فيه لزمه إتمامه قال المجد وغيره : لا نعلم في ذلك خلافًا . المسألة الخامسة : إذا صام الإنسان نفلاً فهل يجوز له قطعه ؟ المسألة الخامسة : - إذا صام الإنسان نفلاً فهل يجوز له قطعه ؟ الجواب : إذا صام الإنسان نفلاً جاز له قطعه ولا يلزمه إتمامه لقول عائشة رضي الله عنها : يا رسول الله أهدي لنا حيس فقال صلى الله عليه وسلم : أرنيه فلقد أصبحت صائمًا فأكل رواه مسلم وغيره ، والحيس : تمر مخلوط بسمن وأقط ، وزاد النسائي بسند جيد : إنما مثل صوم التطوع مثل الرجل يخرج من ماله الصدقة فإن شاء أمضاها وإن شاء حبسها ، لكن الأفضل أن يتم صوم التطوع خروجًا من الخلاف . . المسألة السادسة : إذا قطع صوم النفل فهل يلزمه قضاؤه ؟ المسألة السادسة : - إذا قطع صوم النفل فهل يلزمه قضاؤه ؟ إذا صام نفلاً ثم أفسده بفعل شيء من مبطلات الصيام السابقة لم يلزمه قضاؤه لأن القضاء يتبع المقضي ، وإذا لم يكن المقضي واجبًا لم يكن القضاء واجبًا ، لكن يستحب له قضاؤه كما روى أحمد عن أم هانئ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها : إن شئت فاقضي وإن شئت فلا تقضي - والله أعلم . وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه . . المصدر : http://www.alfawzan.af.org.sa/node/2496 |
بسم الله الرحمن الرحيم فيما يكره للصائم لفضيلة الشيخ العلامة الفقيه / صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان - حفظه الله ورعاه - الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين . . أما بعد : - اعلموا أن الصائم في عبادة عظيمة لا يليق به أن يعكر صفوها بما يخل بها من الأقوال والأفعال غير المناسبة لأنه في عبادة ما دام صائمًا . حتى في حالة نومه إذا قصد به التقوى على الصيام وصلاة الليل فإن نومه يكون عبادة . فلا ينبغي له أن يتلبس بحالة لا تتناسب مع هذه العبادة . وهذا الجو الطيب ، ولهذا كان السلف الصالح إذا صاموا جلسوا في المساجد وقالوا نحفظ صومنا ولا نغتاب أحدًا حرصًا منهم على صيانة صيامهم ، . . والمسلم الصائم لا يتعين عليه أن يكون دائمًا في المسجد ، لأنه يحتاج إلى مزاولة أعمال يحتاج إليها في معيشته . لكن يجب عليه المحافظة على حرمة صيامه أينما كان ، فيحرم عليه التفوه بالرديء من الكلام كالسب والشتم ولو سبه أحد أو شتمه فلا يرد عليه بالمثل . لقوله صلى الله عليه وسلم فيما أخرجه الشيخان عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : إذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يجهل ، فإن امرؤ قاتله أو شاتمه فليقل إني صائم وروى الحاكم والبيهقي عنه : ليس الصيام من الأكل والشرب ، إنما الصيام من اللغو والرفث ، فإن سابك أحد أو جهل عليك فقل إني صائم إني صائم فدلت هذه الأحاديث على أن مما يتأكد على الصائم الاعتناء بصيامه والمحافظة عليه ، وأنه لو تعدى عليه أحد بالضرب والشتم لم يجز له الرد عليه بالمثل - وإن كان القصاص جائزًا ، لكن في حالة الصيام يمتنع من ذلك ويقول : إني صائم وإذا كان ذلك لا يجوز قصاصًا فالابتداء به أشد تحريمًا وأعظم إثمًا ، لأن الاعتداء يحرم في كل وقت كما قال تعالى : وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ . والاعتداء في حالة الصيام أشد شناعة وأعظم إثمًا ، فيجب على الصائم أن يكف لسانه عما لا خير فيه من الكلام . كالكذب والنميمة والغيبة والمشاتمة وكل كلام قبيح ، وكذا كف نفسه وبدنه عن سائر الشهوات والمحرمات . لعموم قوله صلى الله عليه وسلم : من لم يترك قول الزور والعمل به فلي لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه وقوله صلى الله عليه وسلم : فلا يرفث ولا يفسق وسر الصوم ومقصوده كسر النفس عن الهوى . والقوة على التحفظ من الشيطان وأعوانه ، قال بعض العلماء ينبغي له أن يصوم بجميع جوارحه ببشرته وبعينه وبلسانه وبقلبه . فلا يغتب ولا يشتم ولا يخاصم ولا يكذب ، ولا يضيع زمانه بإنشاد الأشعار ، ورواية الأسمار والمضحكات والمدح والذم بغير حق ، ولا يمد يده إلى باطل . ولا يمشي برجله إلى باطل . وقد قال العلماء : إن الغيبة كما تكون باللسان تكون بغيره كالغمز بالعين واليد والشفة . والصوم ينقص ثوابه بالمعاصي وإن لم يبطل بها ، فقد لا يحصل الصائم على ثواب ، مع تحمله التعب بالجوع والعطش ، لأنه لم يصم الصوم المطلوب شرعًا بترك المحرمات . وأمر النبي صلى الله عليه وسلم للصائم إذا شتم بأن يقول : ( إني صائم ) ظاهرة أنه يقول ذلك بلسانه إعلانًا منه بما يمنعه من الرد على الشاتم وهو الصيام ، وفي ذلك قطع للشر وتذكير لنفسه وللشاتم بحرمة الصيام ليندفع عنه خصمه بالتي هي أحسن . . هذا ونسأل الله عز وجل أن يعيننا على حفظ صومنا من المناقضات والمنقصات وأن يوفقنا لفعل الخيرات ، وترك المنكرات . . والحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه . . المصدر : http://www.alfawzan.af.org.sa/node/2488 |
بسم الله الرحمن الرحيم ما يحرم ويكره في حق الصائم لفضيلة الشيخ العلامة الفقيه / صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان - حفظه الله ورعاه - الحمد لله على فضله وإحسانه ، والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وصحبه ومن اهتدى بهداه وتمسك بسنته إلى يوم الدين ... أما بعد : - اعلموا أن للصوم آدابًا تجب مراعاتها والتخلق بها ليكون الصوم متمشيًا على الوجه المشروع لتترتب عليه فوائده ، ويحصل المقصود منه ولا يكون تعبًا على صاحبه بدون فائدة ، كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : رب صائم حظه من صيامه الجوع والعطش فليس الصيام مجرد ترك الطعام والشراب فقط . ولكنه مع ذلك ترك ما لا ينبغي من الأقوال والأفعال المحرمة أو المكروهة . قال بعض السلف : أهون الصيام ترك الطعام والشراب ، فإنه لا يتم التقرب إلى الله بترك الشهوات المباحة إلا بعد التقرب إليه بترك ما حرم الله عليه في كل حال . والمسلم وإن كان واجبًا عليه ترك الحرام في كل وقت إلا أنه في وقت الصيام آكد ، فالذي يفعل الحرام في غير وقت الصيام يأثم ويستحق العقوبة ، وإذا فعله في وقت الصيام فإنه مع الإثم واستحقاق العقوبة ، يؤثر ذلك على صيامه بالنقص أو البطلان . فالصائم حقيقة هو من صام بطنه عن الشراب والطعام ، وصامت جوارحه عن الآثام وصام لسانه عن الفحش ورديء الكلام ، وصام سمعه عن استماع الأغاني والمعازف والمزامير وكلام المغتاب والنمام ، وصام بصره عن النظر إلى الحرام . قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه رواه البخاري . أنه يجب على الصائم أن يجتنب الغيبة والنميمة والشتم ، لما روى الشيخان عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يجهل ، فإن امرؤ قاتله أو شاتمه فليقل له إني صائم . وفي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعًا : الصيام جُنة فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يفسق ولا يجهل ، فإن سابه أحد فليقل إني امرؤ صائم . والجُنة : بضم الجيم - ما يستر صاحبه ويمنعه أن يصيبه سلاح غيره . فالصيام يحفظ صاحبه من الوقوع في المعاصي التي عاقبتها العذاب العاجل والآجل والرفث : هو الفحش ورديء الكلام ، وروى الإمام أحمد وغيره مرفوعًا إلى النبي صلى الله عليه وسلم : إن الصيام جُنة ما لم يخرقها قيل : بما يخرقها ؟ قال : بكذب أو غيبة . ففي هذا دليل على أن الغيبة تخرق الصيام . أي تؤثر فيه والجُنة إذا انخرقت لم تنفع صاحبها ، فكذلك الصيام إذا انخرق لم ينفع صاحبه . والغيبة : كما بينها الرسول صلى الله عليه وسلم وهي ذكرك أخاك بما يكره . وجاء أنها تفطر الصائم كما في مسند الإمام أحمد : إن امرأتين صامتا في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فكادتا أن تموتا من العطش ، فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فأعرض عنهما ، ثم ذكرتا له فدعاهما فأمرهما أن تستقيئا - أي تستفرغا - ما في بطونهما ، فقائتا ملأ قدح قيحًا ودمًا صديدًا ولحمًا عبيطًا ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : « إن هاتين صامتا عما أحل الله لهما ، وأفطرتا على ما حرم الله عليهما ، جلست إحداهما إلى الأخرى فجعلتا تأكلا من لحوم الناس » وما حصل من هاتين المرأتين عند الرسول من تقيء هذه المواد الخبيثة الكريهة هو مما أجراه على يد رسوله من المعجزات ليتبين للناس ما للغيبة من آثار قبيحة ، وقد قال الله تعالى : وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا . وقد دل الحديث على أن الغيبة تفطر الصائم . وهو تفطير معنوي . معناه بطلان الثواب ... وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه . . المصدر : http://www.alfawzan.af.org.sa/node/2483 |
بسم الله الرحمن الرحيم مفسدات الصوم(1) لفضيلة الشيخ العلامة الفقيه / صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان - حفظه الله ورعاه - الحمد لله رب العالمين ، أمر بإصلاح العمل ونهى عن إبطاله فقال تعالى : أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وصحبه ... وبعد : - اعلموا أنه يجب بيان مفسدات الصيام . ليعرفها المسلم فيبتعد عنها ويكون على حذر منها . وهذه المفسدات على نوعين : - النوع الأولى : - ما يبطل الصوم وتلزم معه الإعادة النوع الأولى : - ما يبطل الصوم وتلزم معه الإعادة . النوع الثاني : - ما يفسد ثواب الصوم ولا تلزم معه الإعادة النوع الثاني : - ما يفسد ثواب الصوم ولا تلزم معه الإعادة . والنوع الأول هو موضوع حديثنا الآن ، وسيأتي الكلام عن النوع الثاني في وقت لاحق - إن شاء الله . فالمفسدات التي تبطل الصوم على نوعين : - النوع الأول ما ثبت أنه يبطل الصوم بالنص والإجماع . النوع الثاني ما فيه خلاف بين أهل العلم . فالنوع الذي يبطل الصوم بالنص والإجماع عدة أشياء : - 1 - الجماع : فمتى جامع الصائم في نهار رمضان بطل صيامه ، وعليه الإمساك بقية يومه . وعليه التوبة إلى الله والاستغفار ، ويقضي هذا اليوم الذي جامع فيه ، وعليه الكفارة ، وهي عتق رقبة ، فإن لم يجد صام شهرين متتابعين . فإن لم يستطع صيام شهرين متتابعين ، أطعم ستين مسكينًا لكل مسكين نصف صاع من بر أو غيره مما يكون طعامًا في عادة أهل البلد ، والذي لا يستطيع الصيام هو الذي لا يقدر عليه لمانع صحيح . وليس معناه من يشق عليه الصيام ، والدليل على ذلك ما ثبت في الصحيحين وغيرهما عن أبي هريرة رضي الله عنه : قال : جاء أعرابي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : هلكت وأهلكت ، قال : وما أهلكك؟ قال : وقعت على امرأتي في رمضان ، قال : هل تجد ما تعتق رقبته ؟ قال : لا ، قال : فهل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين ؟ قال : لا ، قال : فهل تجد ما تطعم ستين مسكينًا ؟ قال : لا ، ثم جلس فأتى النبي صلى الله عليه وسلم بعرق فيه تمر ، قال : تصدق بهذا ، فقال : أعلى أفقر منا ؟ ! فما بين لابتيها أهل بيت أحوج إليها منا ، فضحك النبي صلى الله عليه وسلم حتى بدت نواجذه ، قال : اذهب فأطعمه أهلك . وقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : أن الجماع في حق الصائم فيه شبه بالحيض والحجامة من ناحية أنه استفراغ ، وفيه شبه بالأكل والشرب من ناحية الشهوة . فقال رحمه الله : وأما الجماع فاعتبار أنه سبب إنزال المنى يجري مجرى الاستقاءة والحيض والاحتجام فإنه نوع من الاستفراغ ، ومن جهة أنه إحدى الشهوتين ، فجرى مجرى الأكل والشرب ، وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن ربه أنه قال في الصائم يدع طعامه وشرابه من أجلي فترك الإنسان ما يشتهيه لله هو عبادة مقصودة يثاب عليها . والجماع من أعظم نعيم البدن وسرور النفس وانبساطها ، وهو يحرك الشهوة والدم والبدن أكثر من الأكل فإذا كان الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم ، والغذاء يبسط الدم فتنبسط نفسه إلى الشهوات فهذا المعنى في الجماع أبلغ ، فإنه يبسط إرادة النفس للشهوات ويشغل إرادتها عن العبادة بل الجماع هو غاية الشهوات وشهوته أعظم من شهوة الطعام والشراب ، ولهذا أوجب على المجامع كفارة الظهار فوجب عليه العتق أو ما يقوم مقامه بالسنة والإجماع ، لأن هذا أغلظ . ودواعيه أقوى ، والمفسدة به أشد ، فهذا أعظم الحكمتين في تحريم الجماع ، وأما كونه يضعف البدن كالاستفراغ فهذه حكمة أخرى . فصار فيها كالاستقاءة والحيض وهو في ذلك أبلغ منهما فكان إفساده الصوم أبلغ من إفساد الأكل والحيض . . انتهى كلامه رحمه الله . وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه . . المصدر : http://www.alfawzan.af.org.sa/node/2484 |
بسم الله الرحمن الرحيم مفسدات الصوم (2) لفضيلة الشيخ العلامة الفقيه / صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان - حفظه الله ورعاه - الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده ، نبينا محمد وآله وصحبه ... وبعد : - اعلموا أن من المفطرات : استخراج الدم من الصائم بحجامة أو فصد أو سحب للتبرع به . أو لإسعاف مريض ونحو ذلك ، والأصل في هذا قوله صلى الله عليه وسلم في الحجامة : أفطر الحاجم والمحجوم رواه أحمد والترمذي ، وقد وردت بمعناه أحاديث كثيرة ، قال ابن خزيمة : ثبتت الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك . . وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : والقول بأن الحجامة تفطر مذهب أكثر فقهاء الحديث كأحمد وإسحاق وابن خزيمة وابن المنذر . وأهلُ الحديث الفقهاء فيه العاملون به أخص الناس باتباع محمد صلى الله عليه وسلم ، وهو وفق الأصول والقياس والذين لم يروه احتجوا بما في صحيح البخاري : أنه احتجم صلى الله عليه وسلم وهو صائم محرم ، وأحمد وغيره طعنوا في هذه الزيادة ، وهي قوله : ( وهو صائم ) وقالوا : الثابت أنه احتجم وهو محرم ، قال أحمد : ( وهو صائم ) ليس بصحيح - إلى أن قال : وهو الذي ذكره أحمد هو الذي اتفق عليه الشيخان ، ولهذا أعرض مسلم عنه ولم يثبت إلا حجامة المحرم . . انتهى كلام الشيخ رحمه الله . وأما خروج الدم بغير قصد من الصائم كالرعاف ودم الجراحة وخلع الضرس ونحوه فإنه لا يؤثر على الصيام ، لأنه معذور في خروج الدم منه في هذه الحالات [لكن يجب عليه الحذر من ابتلاع الدم الخارج من الضرس ونحوه .] . ومن المفطرات التقيؤ : وهو استخراج ما في المعدة من طعام أو شراب عن طريق الفم متعمدًا ، لقوله صلى الله عليه وسلم : من استقاء عمدًا فليقض حسنه الترمذي ، وقال العمل عليه عند أهل العلم . قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : فنهى عن إخراج ما يقويه ويغذيه من الطعام والشراب الذي به يتغذى لما يوجب إخراجه من نقصان بدنه وضعفه ، فإنه إذا مكن منه ضره ، وكان متعديًا في عبادته لا عادلاً فيها . . انتهى . أما إذا غلبه القيء وخرج منه بغير اختياره فإنه لا يؤثر على صيامه لقوله صلى الله عليه وسلم : من ذرعه القيء فليس عليه قضاء رواه الترمذي ، ومعنى ذرعه القيء : أي غلبه . ومما ينهى عنه الصائم المبالغة في المضمضة والاستنشاق ، قال صلى الله عليه وسلم : وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائمًا . قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ، وذلك لأن من نشق الماء بمنخريه ينزل الماء إلى حلقه وإلى جوفه فيحصل له ما يحصل للشارب بفمه ، ويغذي بدنه من ذلك الماء ، ويزول العطش بشرب الماء . ويباح للصائم التبرد بالماء بالاستحمام به على جميع جسمه ويحترز من دخول الماء إلى حلقه ، ومن أكل أو شرب ناسيًا فلا شيء عليه لقوله - صلى الله عليه وسلم - : من نسي وهو صائم فأكل أو شرب فليتم صومه ، فإنما أطعمه الله وسقاه متفق عليه ... وهذا من لطف الله بعباده وتيسيره عليهم ففي قوله : ( فليتم صومه ) دليل على أن صومه صحيح يتم ، وكذا لو طار إلى حلقه غبار أو ذباب لم يؤثر على صيامه لعدم إمكان التحرز من ذلك . واعلموا حكم الله أنه يجب على المسلم التحفظ على صيامه مما يخل به من المفطرات والمنقصات فإذا حصل شيء من ذلك عن طريق النسيان فلا حرج عليه ، لقوله صلى الله عليه وسلم : عفي لأمتي عن الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه وقال تعالى : وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وصلى الله على نبينا محمد . . المصدر : http://www.alfawzan.af.org.sa/node/2486 |
بسم الله الرحمن الرحيم في بيان أحكام القضاء لفضيلة الشيخ العلامة الفقيه / صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان - حفظه الله ورعاه - الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين . . أما بعد : - اعلموا أن من أفطر في رمضان بسبب مباح ، كالأعذار الشرعية التي تبيح الفطر ، أو بسبب محرم كمن أبطل صومه بجماع أو غيره وجب عليه القضاء لقوله تعالى : فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ويستحب له المبادرة بالقضاء لإبراء ذمته ، ويستحب أن يكون القضاء متتابعًا - لأن القضاء يحكي الأداء ، وإن لم يقض على الفور وجب العزم عليه ، ويجوز له التأخير لأن وقته موسع وكل واجب موسع يجوز تأخيره مع العزم عليه ، كما يجوز تفرقته بأن يصومه متفرقًا - لكن إذا لم يبق من شعبان غلا قدر ما عليه فيجب عليه التتابع إجماعًا لضيق الوقت ولا يجوز تأخيره إلى ما بعد رمضان الآخر لغير عذر . لقول عائشة رضي الله عنها : كان يكون علي الصوم من رمضان فما أستطيع أن أقضيه إلا في شعبان لمكان رسول الله صلى الله عليه وسلم . . متفق عليه . فدل هذا على أن وقت القضاء موسع إلى أن لا يبقى من شعبان إلا قدر الأيام التي عليه فيجب عليها صيامها قبل دخول رمضان الجديد ، فإن أخر القضاء حتى أتى عليه رمضان الجديد فإنه يصوم رمضان الحاضر ، ويقض ما عليه بعده ، ثم إن كان تأخيره لعذر لم يتمكن معه من القضاء في تلك الفترة فليس عليه إلا القضاء . وإن كان لغير عذر وجب عليه مع القضاء إطعام مسكين عن كل يوم . نصف صاع من قوت البلد . وإذا مات من عليه القضاء قبل دخول رمضان الجديد فلا شيء عليه ، لأن له تأخيره في تلك الفترة التي مات فيها ، وإن مات بعد رمضان الجديد فإن كان تأخيره القضاء لعذر كالمرض والسفر حتى أدركه رمضان الجديد فلا شيء عليه أيضًا ، وإن كان تأخيره لغير عذر وجبت الكفارة في تركته بأن يخرج منها إطعام مسكين عن كل يوم ، وإن مات من عليه صوم كفارة ، كصوم كفارة الظهار والصوم الواجب عن دم المتعة في الحج فإنه يطعم عنه عن كل يوم مسكينًا ولا يصام عنه ، ويكون الإطعام من تركته ولا يصام عنه . لأنه صيام لا تدخله النيابة في الحياة فكذا بعد الموت ، وهذا هو قول أكثر أهل العلم ، وإن مات من عليه صوم نذر استحب لوليه أن يصوم عنه لما ثبت في الصحيحين : أن امرأة جاءت إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالت إن أمي ماتت وعليها صيام نذر ، أفأصوم عنها ، قال : نعم . والولي هو الوارث ، قال الإمام ابن القيم رحمه الله : يصام عنه النذر دون الفرض الأصلي وهذا مذهب أحمد وغيره ، والمنصوص عن ابن عباس وعائشة ، وهو مقتضى الدليل والقياس لأن النذر ليس واجبًا بأصل الشرع ، وإنما أوجبه العبد على نفس فصار بمنزلة الدين ولهذا شبهه النبي صلى الله عليه وسلم بالدين . وأما الصوم الذي فرضه الله عليه ابتداء فهو أحد أركان الإسلام فلا تدخله النيابة بحال . كما لا تدخل الصلاة والشهادتين . فإن المقصود منهما طاعة العبد بنفسه وقيامه بحق العبودية التي خلق لها وأمر بها ، وهذا لا يؤديه عنه غيره ولا يصلي عنه غيره . وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : يطعم عنه كل يوم مسكين ، وبذلك أخذ أحمد وإسحاق وغيرهما وهو مقتضى النظر كما هو موجب الأثر فإن النذر كان ثابتًا في الذمة فيفعل بعد الموت ، وأما صوم رمضان فإن الله لم يوجبه على العاجز عنه بل أمر العاجز بالفدية طعام مسكين ، والقضاء إنما يجب على من قدر عليه لا على من عجز عنه فلا يحتاج إلى أن يقضي أحد عن أحد ، وأما الصوم وغيره من المنذرات فيفعل عنه بلا خلاف للأحاديث الصحيحة . وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ... المصدر : http://www.alfawzan.af.org.sa/node/2494 |
بسم الله الرحمن الرحيم حكم النية في الصيام لفضيلة الشيخ العلامة الفقيه / صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان - حفظه الله ورعاه - الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين ... وبعد : - اعلموا أن النية في الصوم لا بد منها وهي شرط لصحته ، كما أنها شرط لصحة كل العبادات لقوله صلى الله عليه وسلم : إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى . . وبها تتميز العبادات عن العادات ، فإن كان الصوم واجبًا فلا بد أن ينويه من الليل ويعين نوعية الصوم الذي يريده لقوله صلى الله عليه وسلم : ( وإنما لكل امرئ ما نوى ) وذلك بأن يعتقد عند بداية الصوم أنه يصوم من رمضان أو من قضائه أو أنه يصوم نذر أو كفارة . ووقت النية لهذا الصوم الواجب بأنواعه من الليل سواء كان من أوله أو وسطه أو آخره ، لما روى الدارقطني بإسناده عن عمرة عن عائشة مرفوعًا : من لم يبيت الصيام قبل طلوع الفجر فلا صيام له وقال : إسناده كلهم ثقات . وعن ابن عمر عن حفصة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : من لم يبيت الصيام قبل الفجر فلا صيام له - وفي لفظ : - من لم يجمع - أي يعزم - الصيام من الليل فلا صيام له ولأن جميع النهار يجب فيه الصوم ، فإذا فات جزء من النهار لم توجد فيه النية لم يصح صوم جميع اليوم لأن النية لا تنعطف على الماضي . والنية في جميع العبادات محلها القلب ولا يجوز التلفظ بها ، لأن ذلك لم يرد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا عن أصحابه أنهم كانوا يقولون : نويت أن أصوم ، نويت أن أصلي وغير ذلك فالتلفظ بها بدعة محدثة ، ويكفي في النية الأكل والشرب بنية الصوم . قال الشيخ تقي الدين ابن تيمية رحمه الله : هو حين يتعشى يتعشى عشاء من يريد الصوم ولهذا يفرق بين عشاء ليلة العيد وعشاء ليالي رمضان ، وقال أيضًا كل من علم أن غدًا من رمضان وهو يريد صومه فقد نوى صومه وهو فعل عامة المسلمين . . انتهى . وأما صوم النفل فإنه يصح بنية من النهار بشرط أن لا يوجد مناف للصوم فيما بين طلوع الفجر ونيته من أكل وغيره ، لقول عائشة رضي الله عنها : دخل علي النبي صلى الله عليه وسلم ذات يوم فقال : هل عندكم من شيء فقلنا لا ، قال فإني إذًا صائم رواه الجماعة إلا البخاري . فدل طلبه للأكل على أنه لم يكن نوى الصيام قبل ذلك ، ودل قوله : ( فإني إذًا صائم ) على ابتداء النية من النهار ، فدل على صحة نية الصوم من النهار فيكون ذلك مخصصًا لحديث من لم يبيت الصيام قبل طلوع الفجر فلا صيام له وما ورد بمعناه بأن ذلك خاص بالفرض دون النفل ، وذلك بشرط أن لا يفعل قبل النية وما يفطره اقتصارًا على مقتضى الدليل . قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : وأما النفل فيجزئ بنية من النهار كما دل عليه قوله - صلى الله عليه وسلم - : ( إني إذًا صائم ) والتطوع أوسع من الفرض ، كما أن الصلاة المكتوبة يجب فيها من الأركان كالقيام والاستقرار على الفرض ، بخلاف النفل فإنه يصح على الراحلة ومن الماشي . ما لا يجب في التطوع توسيعًا من الله على عباده طرق التطوع ، فإن أنواع التطوعات دائمًا أوسع من أنواع المفروضات وهذا أوسط الأقوال . . انتهى . وصحة نية التطوع من النهار مروية عن جماعة من الصحابة منهم معاذ وابن مسعود وحذيفة ، وفعله أبو طلحة وأبو هريرة وابن عباس وغيرهم ... والله أعلم . والحمد لله رب العالمين ... والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وصحبه . المصدر : http://www.alfawzan.af.org.sa/node/2481 |
Powered by vBulletin®, Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd