مجلة معرفة السنن والآثار العلمية

مجلة معرفة السنن والآثار العلمية (http://www.al-sunan.org/vb/index.php)
-   منبر التوحيد وبيان ما يضاده من الشرك (http://www.al-sunan.org/vb/forumdisplay.php?f=2)
-   -   شرح العقيدة الواسطية لفضيلة الشيخ العلامة صالح بن فوزان الفوزان -حفظه الله- (http://www.al-sunan.org/vb/showthread.php?t=10563)

ام عادل السلفية 16-03-2015 06:35PM

شرح العقيدة الواسطية لفضيلة الشيخ العلامة صالح بن فوزان الفوزان -حفظه الله-
 
بسم الله الرحمن الرحيم





【 شرح العقيدة الواسطية 】


لفضيلة الشيخ العلامة الفقيه /
صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان
- حفظه الله ورعاه -



شرح العقيدة الواسطية [1]

http://www.alfawzan.af.org.sa/sites/...iles/00639.mp3



شرح العقيدة الواسطية [2]

http://www.alfawzan.af.org.sa/sites/...iles/00641.mp3



شرح العقيدة الواسطية [3]

http://www.alfawzan.af.org.sa/sites/...iles/00642.mp3



شرح العقيدة الواسطية [4]

http://www.alfawzan.af.org.sa/sites/...iles/00646.mp3



شرح العقيدة الواسطية [5]

http://www.alfawzan.af.org.sa/sites/...iles/00649.mp3



شرح العقيدة الواسطية [6]

http://www.alfawzan.af.org.sa/sites/...iles/00651.mp3



شرح العقيدة الواسطية [7]

http://www.alfawzan.af.org.sa/sites/...iles/00652.mp3



شرح العقيدة الواسطية [8]

http://www.alfawzan.af.org.sa/sites/...iles/00653.mp3



شرح العقيدة الواسطية [9]

http://www.alfawzan.af.org.sa/sites/...iles/00663.mp3



شرح العقيدة الواسطية [10]

http://www.alfawzan.af.org.sa/sites/...iles/00664.mp3



شرح العقيدة الواسطية [11]

http://www.alfawzan.af.org.sa/sites/...files/w-02.mp3



شرح العقيدة الواسطية [12]

http://www.alfawzan.af.org.sa/sites/...files/w-03.mp3



شرح العقيدة الواسطية [13]

http://www.alfawzan.af.org.sa/sites/...files/w-04.mp3



شرح العقيدة الواسطية [14]

http://www.alfawzan.af.org.sa/sites/...files/w-05.mp3



شرح العقيدة الواسطية [15]

http://www.alfawzan.af.org.sa/sites/...files/w-06.mp3



شرح العقيدة الواسطية [16]

http://www.alfawzan.af.org.sa/sites/...files/w-07.mp3



شرح العقيدة الواسطية [17]

http://www.alfawzan.af.org.sa/sites/...files/w-08.mp3



شرح العقيدة الواسطية [18]

http://www.alfawzan.af.org.sa/sites/...files/w-09.mp3



شرح العقيدة الواسطية [19]

http://www.alfawzan.af.org.sa/sites/...files/w-10.mp3



شرح العقيدة الواسطية [20]

http://www.alfawzan.af.org.sa/sites/...les/w-11_0.mp3



شرح العقيدة الواسطية [21]

http://www.alfawzan.af.org.sa/sites/...files/w-12.mp3



شرح العقيدة الواسطية [22]

http://www.alfawzan.af.org.sa/sites/...files/w-13.mp3



شرح العقيدة الواسطية [23]

http://www.alfawzan.af.org.sa/sites/...files/w-14.mp3



شرح العقيدة الواسطية [24]

http://www.alfawzan.af.org.sa/sites/...files/w-15.mp3



شرح العقيدة الواسطية [25]

http://www.alfawzan.af.org.sa/sites/...files/w-16.mp3



شرح العقيدة الواسطية [26]

http://www.alfawzan.af.org.sa/sites/...files/w-17.mp3



شرح العقيدة الواسطية [27]

http://www.alfawzan.af.org.sa/sites/...files/w-18.mp3



شرح العقيدة الواسطية [28]

http://www.alfawzan.af.org.sa/sites/...files/w-19.mp3



شرح العقيدة الواسطية [29]

http://www.alfawzan.af.org.sa/sites/...files/w-20.mp3



شرح العقيدة الواسطية [30]

http://www.alfawzan.af.org.sa/sites/...files/w-21.mp3



شرح العقيدة الواسطية [31]

http://www.alfawzan.af.org.sa/sites/...files/w-22.mp3



شرح العقيدة الواسطية [32]

http://www.alfawzan.af.org.sa/sites/...files/w-23.mp3



شرح العقيدة الواسطية [33]

http://www.alfawzan.af.org.sa/sites/...files/w-24.mp3



شرح العقيدة الواسطية [34]

http://www.alfawzan.af.org.sa/sites/...files/w-25.mp3



شرح العقيدة الواسطية [35]

http://www.alfawzan.af.org.sa/sites/...files/w-26.mp3



شرح العقيدة الواسطية [36]

http://www.alfawzan.af.org.sa/sites/...files/w-27.mp3



شرح العقيدة الواسطية [37]

http://www.alfawzan.af.org.sa/sites/...files/w-28.mp3



شرح العقيدة الواسطية [38]

http://www.alfawzan.af.org.sa/sites/...files/w-29.mp3



شرح العقيدة الواسطية [39]

http://www.alfawzan.af.org.sa/sites/...files/w-30.mp3




رابط مباشر لجميع الدروس :

http://www.alfawzan.af.org.sa/alldroos?page=1&tid_1=205




[ كتاب ]
شرح العقيدة الواسطية
لشيخ الإسلام أحمد بن تيمية


لفضيلة الشيخ الدكتور / صالح بن فوزان الفوزان
- حفظه الله تعالى -



رابط تحميل الكتاب

http://www.alfawzan.af.org.sa/sites/...iles/3qidh.pdf



شرح العقيدة الواسطية
لفضبلة الشيخ العلامة / صالح بن فوزان الفوزان
- حفظه الله تعالى -


[ word ]

https://ia601607.us.archive.org/20/i...was-fawzan/doc



شرح العقيدة الواسطية
لفضيلةالشيخ العلامة /صالح الفوزان
-حفظه الله -


[pdf، word ، mp3]

http://www.ajurry.com/vb/showthread.php?t=22628














ام عادل السلفية 16-03-2015 07:16PM

بسم الله الرحمن الرحيم




【شرح العقيدة الواسطية 】


لفضيلة الشيخ العلامة الفقيه /
صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان
- حفظه الله ورعاه -



[ المقدمة ]


تقديم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين‏:
وبعد ‏:‏

فهذا شرح مختصر على العقيدة الواسطية لشيخ الإسلام ابن تيمية جمعته من المصادر التالية‏:‏
1- ‏"‏الروضة الندية شرح العقيدة الواسطية‏"‏ للشيخ زيد بن عبد العزيز بن فياض‏.‏
2- ‏"‏التنبيهات السنية على العقيدة الواسطية‏"‏ للشيخ عبد العزيز بن ناصر الرشيد‏.‏
3- ‏"‏التنبيهات اللطيفة فيما احتوت عليه الواسطية من المباحث المنيفة‏"‏ للشيخ عبد الرحمن
بن ناصر السعدي‏.‏

4- نقلت من فوائد علقتها على نسختي وقت الطلب‏.‏
5- وفيما يتعلق بتفسير الآيات نقلت من كتب التفسير ‏"‏كفتح القدير‏"‏ للإمام محمد بن علي الشوكاني‏.‏
و‏"‏تفسير القرآن العظيم‏"‏ للإمام إسماعيل بن كثير‏.‏


وكانت جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية قد طبعته عدة مرات ووزعته على طلبة المرحلة الثانوية
فشكر الله للقائمين عليها وزادهم من الخير والتوفيق لما فيه صلاح المسلمين‏.‏


كما أني أسال الله أن ينفع به ويجعله مؤديًا للمطلوب من توضيح هذه العقيدة العظيمة وأن يغفر لي ما
وقع مني من خطأ ويثيبني على ما فيه من صواب إنه سميع مجيب
وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه والحمد لله رب العالمين‏.‏


المؤلف

------


التصفية والتربية

TarbiaTasfia@










ام عادل السلفية 16-03-2015 07:22PM

بسم الله الرحمن الرحيم





【 شرح العقيدة الواسطية 】

لفضيلة الشيخ العلامة الفقيه /
صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان
- حفظه الله ورعاه -



شرح العقيدة الواسطية. ( 01 )



[ المتن ]

بسم الله الرحمن الرحيم



[ الشرح ]

ابتدأ المصنف ـ رحمه الله ـ كتابه بالبسملة اقتداء بالكتاب العزيز حيث جاءت البسملة في ابتداء
كل سورة ما عدا سورة براءة‏.‏ واقتداء بالنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ حيث كان يبدأ بها في مكاتباته‏.‏


وقوله‏:‏ ‏{‏بِسْمِ اللَّهِ‏}‏ الباء للاستعانة‏.‏
والاسم في اللغة‏:‏ ما دل على مسمى‏.‏ وفي الاصطلاح‏:‏ ما دل على معنى في نفسه ولم يقترن بزمان‏.‏
والجار والمجرور متعلق بمحذوف ينبغي أن يقدر متأخرًا ليفيد الحصر‏.‏

والله‏:‏ علم على الذات المقدسة، ومعناه‏:‏ ذو الألوهية والعبودية على خلقه أجمعين‏.‏ مشتق من أله
يأله ألوهة، بمعنى عبد يعبد عبادة‏.‏ فالله إله بمعنى مألوه أي معبود‏.‏


و‏{‏الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ‏}‏‏:‏ اسمان كريمان من أسمائه الحسنى دالان على اتصافه تعالى بالرحمة على ما يليق
بجلاله‏.‏ فالرحمن‏:‏ ذو الرحمة العامة لجميع المخلوقات‏.‏ والرحيم‏:‏ ذو الرحمة الخاصة بالمؤمنين،
كما قال تعالى‏:‏ ‏{‏وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا‏}‏‏.‏



------


[ المصدر ]

http://www.alfawzan.af.org.sa/sites/...iles/3qidh.pdf













ام عادل السلفية 17-03-2015 05:54PM

بسم الله الرحمن الرحيم






【 شرح العقيدة الواسطية 】


لفضيلة الشيخ العلامة الفقيه /
صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان
- حفظه الله ورعاه -


شرح العقيدة الواسطية. ( 02 )



[ المتن ]

الحمد لله الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله وكفى بالله شهيدًا‏.‏ وأشهد أن
لا إله إلا الله وحده لا شريك له إقرارا به وتوحيدًا‏.‏ وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله ـ صلى الله
عليه وعلى آله وسلم تسليمًا مزيدًا ـ‏.‏



[ الشرح ]

افتتح هذه الرسالة الجليلة بهذه الخطبة المشتملة على حمد الله والشهادتين والصلاة على رسوله
تأسيًا بالرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ في أحاديثه وخطبه، وعملًا بقوله‏:‏ ـ صلى الله عليه وسلم ـ ‏:‏
‏(‏كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه بحمد الله فهو أقطع‏)_‏ رواه أبو داود وغيره‏.‏ ويروى‏:‏
‏(‏ببسم الله الرحمن الرحيم‏)_‏ ومعنى أقطع‏:‏ أي معدوم البركة‏.‏ ويجمع بين الروايتين للحديث بأن
الابتداء ببسم الله حقيقي وبالحمد لله نسبي إضافي‏.‏


قوله‏:‏ ‏{‏الحمد لله‏}‏ الألف واللام للاستغراق، أي‏:‏ جميع المحامد لله ملكًا واستحقاقًا‏.‏

والحمد لغة‏:‏ الثناء بالصفات الجميلة والأفعال الحسنة‏.‏ وعرفًا‏:‏ فعل ينبئ عن تعظيم المنعم بسبب
كونه منعمًا وهو ضد الذم‏.‏

‏{‏لله‏}‏ تقدم الكلام على لفظ الجلالة‏.‏
‏{‏الذي أرسل رسوله‏}‏ الله سبحانه يحمد على نعمه التي لا تحصى ومن أجل هذه النعم أن ‏{‏أرسل‏}‏
أي‏:‏ بعث ‏{‏رسوله‏}‏ محمدًا ـ صلى الله عليه وسلم ـ‏.‏

والرسول لغة‏:‏ من بعث برسالة‏.

وشرعًا‏:‏ هو إنسان ذكر أوحي إليه بشرع وأمر بتبليغه‏_.‏ ‏{‏بالهدى‏}‏ أي‏:‏ العلم النافع وهو كل ما جاء
به النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ من الإخبارات الصادقة والأوامر والنواهي وسائر الشرائع النافعة‏.‏


والهدى نوعان‏:‏

النوع الأول‏:‏ هدى بمعنى الدلالة والبيان، ومنه قوله تعالى‏:‏
‏{‏وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى‏}‏ الآية ‏(‏17‏)‏ فصلت‏.‏
وهذا يقوم به الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ كما في قوله تعالى‏:‏
‏{‏وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ‏}‏‏.‏

النوع الثاني‏:‏ هدى بمعنى التوفيق والإلهام وهذا هو المنفي عن الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ ولا يقدر
عليه إلا الله تعالى كما في قوله تعالى‏:‏
‏{‏إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاء‏}‏ ‏[‏القصص الآية‏:‏ 56‏]‏‏.‏


(‏ودين الحق‏)‏ هو العمل الصالح‏.‏ والدين يطلق ويراد به الجزاء، كقوله تعالى‏:‏ ‏{‏مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ‏}‏‏.‏
ويطلق ويراد به الخضوع والانقياد، وإضافة الدين إلى الحق من إضافة الموصوف إلى صفته ـ
أي الدين الحق ـ والحق مصدر‏:‏ حق يحق بمعنى ثبت ووجب، وضده الباطل‏.‏


{‏لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ‏}‏ أي‏:‏ ليعليه على جميع الأديان بالحجة والبيان والجهاد حتى يظهر على
مخالفيه من أهل الأرض من عرب وعجم مليين ومشركين‏.‏ وقد وقع ذلك فإن المسلمين جاهدوا في
الله حق جهاده حتى اتسعت رقعة البلاد الإسلامية وانتشر هذا الدين في المشارق والمغارب‏.‏

‏{‏ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا ‏}‏ أي‏:‏ شاهدًا أنه رسوله ومطلع على جميع أفعاله وناصره على أعدائه وفي ذلك
دلالة قاطعة على صدق هذا الرسول، إذ لو كان مفتريًا لعاجله الله بالعقوبة كما قال تعالى‏:
‏ ‏{‏وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الأَقَاوِيلِ لأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ‏}‏ ‏[‏الحاقة‏:‏ الآيتان 44 ـ 45‏]‏‏.‏

‏(‏وأشهد أن لا إله إلا الله‏)‏ أي‏:‏ أقر وأعترف أن لا معبود بحق إلا الله ‏(‏وحده لا شريك له‏)‏ في هاتين
الكلمتين تأكيد لما تضمنته شهادة أن لا إله إلا الله من النفي والإثبات‏:‏ نفي الإلهية عما سوى الله
وإثباته لله فقوله‏:‏ ‏(‏وحده‏)‏ تأكيد للإثبات، وقوله‏:‏ ‏(‏لا شريك له‏)‏ تأكيد للنفي‏.‏


وقوله‏:‏ ‏(‏إقرارًا به وتوحيدًا‏)‏ مصدران مؤكدان لمعنى الجملة السابقة‏.‏ ‏(‏وأشهد أن لا إله إلا الله‏)‏ إلخ،
أي‏:‏ إقرارًا باللسان وتوحيدًا‏.‏ أي‏:‏ إخلاصًا في كل عبادة قولية أو فعلية أو اعتقادية‏.‏


وقوله‏:‏ ‏(‏وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله‏)‏ أي‏:‏ أقر بلساني وأعتقد بقلبي أن الله أرسل عبده محمدًا ـ
صلى الله عليه وسلم ـ إلى الناس كافة لأن الشهادة لهذا الرسول بالرسالة مقرونة بالشهادة لله بالتوحيد
لا تكفي إحداهما عن الأخرى‏.‏ وفي قوله‏:‏ ‏(‏عبده ورسوله‏)‏ رد على أهل الإفراط والتفريط في
حق الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ فأهل الإفراط غلوا في حقه ورفعوه فوق منزلة العبودية‏.‏ وأهل التفريط
قد نبذوا ما جاء به وراء ظهورهم كأنه غير رسول فشهادة أنه عبد الله تنفي الغلو فيه ورفعه فوق منزلته‏.
‏ وشهادة أنه رسول الله تقتضي‏:‏ الإيمان به وطاعته فيما أمر، وتصديقه فيما أخبر، واجتناب ما نهى
عنه، واتباعه فيما شرع‏.‏

وقوله‏:‏ ‏(‏صلى الله عليه‏)‏ الصلاة لغة‏:‏ الدعاء، وأصح ما قيل في معنى الصلاة من الله على الرسول‏:‏
ما ذكره البخاري في صحيحه عن أبي العالية قال‏:‏ صلاة على رسوله ثناؤه عليه عند الملائكة‏.‏ ‏(‏وعلى آله‏)‏
آل الشخص من ينتمون إليه بصلة وثيقة من قرابة ونحوها‏.‏ وأحسن ما قيل في المراد بآل الرسول ـ
صلى الله عليه وسلم ـ هنا أنهم أتباعه على دينه‏.‏ ‏(‏وأصحابه‏)‏ جمع صاحب‏.‏ من عطف الخاص على العام‏.‏

والصحابي‏:‏ هو من لقي النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ مؤمنًا به ومات على ذلك‏.‏
‏(‏وسلم تسليمًا مزيدًا‏)‏ السلام بمعنى التحية، أو السلامة من النقائص والرذائل‏.‏
وقوله‏:‏ ‏(‏مزيدًا‏)‏ اسم
مفعول من الزيادة وهي النمو‏.‏ وجمع بين الصلاة والسلام امتثالًا لقوله تعالى‏:‏ ‏
{‏يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا‏}‏ الآية ‏[‏الأحزاب‏:‏ 56‏]‏‏.‏



------



[ المصدر ]

http://www.alfawzan.af.org.sa/sites/...iles/3qidh.pdf


التصفية والتربية

TarbiaTasfia@









ام عادل السلفية 18-03-2015 06:23PM

بسم الله الرحمن الرحيم






【 شرح العقيدة الواسطية 】


لفضيلة الشيخ العلامة الفقيه /
صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان
- حفظه الله ورعاه -


شرح العقيدة الواسطية. ( 03 )


[ المتن ]

أما بعد‏:‏ فهذا اعتقاد الفرقة الناجية المنصورة إلى قيام الساعة‏.‏


[ الشرح ]

‏(‏أما بعد‏)‏ هذه الكلمة يؤتى بها للانتقال من أسلوب إلى أسلوب آخر،
ومعناها‏:‏ مهما يكن من شيء‏.‏ ويستحب الإتيان بها في الخطب والمكاتبات اقتداء بالنبي ـ
صلى الله عليه وسلم ـ حيث كان يفعل ذلك‏.‏ ‏

(‏فهذا‏)‏ إشارة إلى ما تضمنته هذه الرسالة واحتوت عليه من العقائد الإيمانية التي أجملها
بقوله‏:‏ ‏(‏وهو الإيمان بالله ـ إلخ‏)‏‏.‏


‏(‏اعتقاد‏)‏ مصدر‏:‏ اعتقد كذا إذا اتخذه عقيدة، والعقيدة‏:‏ هي ما يعقد عليه المرء قلبه‏.‏ تقول
اعتقدت كذا، أي‏:‏ عقدت عليه القلب والضمير‏.‏ وأصله مأخوذ من عقد الحبل إذا ربطه‏.‏ ثم استعمل
في عقيدة القلب وتصميمه الجازم‏.‏

‏(‏الفرقة‏)‏ أي‏:‏ الطائفة والجماعة‏.‏ ‏


(‏الناجية‏)‏ أي‏:‏ التي سلمت من الهلاك والشرور في الدنيا والآخرة وحصلت على السعادة‏.‏ وهذا الوصل
مأخوذ من قوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ‏:‏ ‏(‏لا تزال طائفة من أمتي على الحق منصورة لا يضرهم من
خذلهم حتى يأتي أمر الله‏)‏ رواه البخاري ومسلم‏.‏


‏(‏المنصورة‏)‏ أي‏:‏ المؤيدة على من خالفها ‏(‏إلى قيام الساعة‏)‏ أي‏:‏ مجيء ساعة موتهم بمجيء الريح
التي تقبض روح كل مؤمن، فهذه هي الساعة في حق المؤمنين‏.‏ وأما الساعة التي يكون بها انتهاء
الدنيا فهي لا تقوم إلا على شرار الناس لما في صحيح مسلم‏:‏ ‏(‏لا تقوم الساعة حتى لا يقال
في الأرض الله الله‏)‏ وروى الإمام الحاكم من حديث عبد الله بن عمرو ـ رضي الله عنهما ـ وفيه‏:‏
‏(‏ويبعث الله ريحًا كريح المسك مسها مس الحرير فلا تترك نفسا في قلبه مثقال حبة من الإيمان
إلا قبضته, ثم يبقى شرار الناس عليهم تقوم الساعة ‏)‏‏.


------


[ المصدر ]

http://www.alfawzan.af.org.sa/sites/...iles/3qidh.pdf


التصفية والتربية

TarbiaTasfia@











ام عادل السلفية 19-03-2015 08:54PM

بسم الله الرحمن الرحيم





【 شرح العقيدة الواسطية 】

لفضيلة الشيخ العلامة الفقيه /
صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان
- حفظه الله ورعاه -


شرح العقيدة الواسطية. ( 04)


المتن :

أهل السنة والجماعة


الشرح :

‏(‏أهل السنة‏)‏ أهل بالكسر على أنه بدل من الفرقة، ويجوز الرفع على أنه خبر لمبتدأ محذوف تقديره ‏(‏هم‏)‏‏.‏
والسنة‏:‏ هي الطريقة التي كان عليها رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ من أقواله وأفعاله وتقريراته‏.
‏ وسموا أهل السنة لانتسابهم لسنة الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ دون غيرها من المقالات والمذاهب،
بخلاف أهل البدع فإنهم ينسبون إلى بدعهم وضلالاتهم كالقدرية والمرجئة، وتارة ينسبون إلى إمامهم
كالجهمية، وتارة ينسبون إلى أفعالهم القبيحة كالرافضة والخوارج‏.‏


‏(‏والجماعة‏)‏ لغة‏:‏ الفرقة المجتمعة من الناس‏.‏ والمراد بهم هنا الذين اجتمعوا على الحق الثابت
بالكتاب والسنة وهم الصحابة والتابعون لهم بإحسان ولو كانوا قلة، كما قال ابن مسعود ـ رضي الله عنه ـ ‏
:‏ الجماعة ما وافق الحق وإن كنت وحدك فإنك أنت الجماعة حينئذ‏.‏



------


[ المصدر ]

http://www.alfawzan.af.org.sa/sites/...iles/3qidh.pdf

التصفية والتربية

TarbiaTasfia@










ام عادل السلفية 20-03-2015 09:07PM

بسم الله الرحمن الرحيم




【 شرح العقيدة الواسطية 】

لفضيلة الشيخ العلامة الفقيه /
صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان
- حفظه الله ورعاه -


شرح العقيدة الواسطية. ( 05 )


[ المتن ]

وهو الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله والبعث بعد الموت والإيمان بالقدر خيره وشره‏.‏


[ الشرح ]

‏(‏وهو‏)‏ أي‏:‏ اعتقاد الفرقة الناجية ‏(‏الإيمان‏)‏
الإيمان معناه لغة‏:‏ التصديق‏.‏ قال الله تعالى في الآية ‏(‏17‏)‏ من سورة يوسف‏:‏ ‏{‏وَمَا أَنتَ بِمُؤْمِنٍ لِّنَا‏}‏
أي‏:‏ مصدق‏.‏

وتعريفه شرعًا‏:‏ أنه قول باللسان واعتقاد بالقلب وعمل بالجوارح‏.‏


وقوله‏:‏ ‏(‏بالله وملائكته وكتبه ورسله والبعث بعد الموت والإيمان بالقدر خيره وشره‏)‏ هذه هي أركان
الإيمان الستة التي لا يصح إيمان أحد إلا إذا آمن بها جميعًا على الوجه الصحيح الذي دل
عليه الكتاب والسنة وهذه الأركان هي‏:‏

1 ـ الإيمان بالله‏:‏ وهو الاعتقاد الجازم بأنه رب كل شيء ومليكه، وأنه متصف بصفات الكمال منزه
عن كل عيب ونقص، وأنه المستحق للعبادة وحده لا شريك له‏.‏ والقيام بذلك علمًا وعملًا‏.‏



2 ـ الإيمان بالملائكة‏:‏ أي التصديق بوجودهم وأنهم كما وصفهم الله في كتابه كما في الآية ‏(‏26 ـ 27‏)‏
من سورة الأنبياء‏:‏ ‏{‏عِبَادٌ مُّكْرَمُونَ لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُم بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ‏}‏ وقد دل الكتاب والسنة
على أصناف الملائكة وأوصافهم، وأنهم موكلون بأعمال يؤدونها كما أمرهم الله فيجب الإيمان
بذلك كله‏.‏



3 ـ الإيمان بالكتب‏:‏ أي التصديق بالكتب التي أنزلها الله على رسله، وأنها كلامه وأنها حق ونور
وهدى فيجب الإيمان بما سمى الله منها كالتوراة والإنجيل والزبور والقرآن والإيمان بما لم يسم
الله منها‏.‏



4 ـ الإيمان بالرسل الذين أرسلهم الله إلى خلقه‏:‏ أي التصديق بهم جميعًا وأنهم صادقون فيما أخبروا به،
وأنهم بلغوا رسالات ربهم‏.‏ لا نفرق بين أحد منهم بل نؤمن بهم جميعًا‏:‏ من سمى الله منهم في
كتابه ومن لم يسم منهم كما قال تعالى في الآية ‏(‏164‏)‏ من سورة النساء‏:‏ ‏{‏وَرُسُلًا قَدْ قَصَصْنَاهُمْ
عَلَيْكَ مِن قَبْلُ وَرُسُلًا لَّمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ‏}‏ وأفضلهم أولو العزم وهم‏:‏ نوح وإبراهيم وموسى وعيسى
ومحمد عليهم الصلاة والسلام، ثم بقية الرسل ثم الأنبياء، وأفضل الجميع خاتم الرسل نبينا محمد
ـ صلى الله عليه وسلم ـ‏.‏ وأصح ما قيل في الفرق بين النبي والرسول‏:‏ أن النبي‏:‏ من أوحي إليه بشرع ولم
يؤمر بتبليغه‏.‏‏.‏ والرسول‏:‏ من أوحي إليه بشرع وأمر بتبليغه‏.‏



5 ـ الإيمان بالقدر خيره وشره‏:‏ وهو التصديق بأن الله سبحانه علم مقادير الأشياء وأزمانها قبل
وجودها، ثم كتبها في اللوح المحفوظ، ثم أوجدها بقدرته ومشيئته في مواعيدها المقدرة‏.‏ فكل
محدث من خير أو شر فهو صادر عن علمه وتقديره ومشيئته وإرادته، ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن‏.‏

هذا شرح مجمل لأصول الإيمان وسيأتي ـ إن شاء الله شرحها مفصلًا‏.‏


------


[ المصدر ]

http://www.alfawzan.af.org.sa/sites/...iles/3qidh.pdf

التصفية والتربية

TarbiaTasfia@









ام عادل السلفية 21-03-2015 07:55PM

بسم الله الرحمن الرحيم






【 شرح العقيدة الواسطية 】

لفضيلة الشيخ العلامة الفقيه /
صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان
- حفظه الله ورعاه -


شرح العقيدة الواسطية. ( 06 )


[ المتن ]

ومن الإيمان بالله الإيمان بما وصف به نفسه في كتابه ووصفه به رسوله محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ
من غير تحريف ولا تعطيل، ومن غير تكييف ولا تمثيل‏.‏



[ الشرح ]

بعد ما ذكر المصنف ـ رحمه الله ـ الأصول التي يجب الإيمان بها مجملة شرع يذكرها على سبيل
التفصيل وبدأ بالأصل الأول وهو الإيمان بالله تعالى فذكر أنه يدخل فيه الإيمان بصفاته التي
وصف نفسه بها في كتابه أو وصفه بها رسوله في سنته، وذلك بأن نثبتها له كما جاءت في الكتاب
والسنة بألفاظها ومعانيها من غير تحريف لألفاظها ولا تعطيل لمعانيها ولا تشبيه لها بصفات المخلوقين‏.

‏ وأن نعتمد في إثباتها على الكتاب والسنة فقط لا نتجاوز القرآن والحديث لأنها توفيقية‏.‏



والتحريف‏:‏ هو التغيير إمالة الشيء عن وجهه‏.‏ يقال‏:‏ انحرف عن كذا إذا مال‏.‏
وهو نوعان‏:‏
النوع الأول‏:‏ تحريف اللفظ وهو العدول به عن جهته إلى غيرها إما بزيادة كلمة أو حرف أو نقصانه،
أو تغيير حركة كقول أهل الضلال في قوله تعالى‏:‏ ‏{‏الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى‏}‏ أي‏:‏ استولى،
فزادوا في الآية حرفًا‏.‏ وكقولهم في قوله تعالى‏:‏ ‏{‏وَجَاء رَبُّكَ‏}‏ أي‏:‏ أمر ربك، فزادوا كلمة‏.‏ وكقولهم
في قوله تعالى‏:‏ ‏{‏وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا‏}‏ بنصب لفظ الجلالة فغيروا الحركة الإعرابية من الرفع إلى النصب‏.‏



النوع الثاني‏:‏ تحريف المعنى، وهو العدول به عن وجهه وحقيقته وإعطاء اللفظ معنى لفظ آخر كقول
المبتدعة‏:‏ إن معنى الرحمة‏:‏ إرادة الإنعام‏.‏ وإن معنى الغضب إرادة الانتقام‏.‏



والتعطيل لغة‏:‏ الإخلاء، يقال‏:‏ عطله، أي‏:‏ أخلاه والمراد به هنا نفي الصفات عن الله سبحانه وتعالى‏.‏


والفرق بين التحريف والتعطيل‏:‏ أن التحريف هو نفي المعنى الصحيح الذي دلت عليه النصوص
واستبداله بمعنى آخر غير صحيح‏.

والتعطيل‏:‏ هو نفي المعنى الصحيح من غير استبدال له بمعنى آخر، كفعل المفوضة‏.‏ فكل محرف
معطل وليس كل معطل محرفًا‏.‏



والتكييف‏:‏ هو تعيين كيفية الصفة‏.
يقال‏:‏ كيف الشيء إذا جعل له كيفية معلومة، فتكييف صفات الله هو تعيين كيفيتها والهيئة التي
تكون عليها وهذا لا يمكن للبشر لأنها مما استأثر الله تعالى بعلمه فلا سبيل إلى الوصول إليه،
لأن الصفة تابعة للذات، فكما أن ذات الله لا يمكن للبشر معرفة كيفيتها، فكذلك صفته
سبحانه لا تعلم كيفيتها‏.‏


ولهذا لما سئل الإمام مالك ـ رحمه الله ـ فقيل له‏:‏ ‏{‏الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى‏}‏ كيف استوى
فقال‏:‏ الاستواء معلوم، والكيف مجهول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة_‏.‏ وهذا يقال في
سائر الصفات‏.‏



والتمثيل‏:‏ هو التشبيه بأن يقال‏:‏ إن صفات الله مثل صفات المخلوقين، كأن يقال يد الله كأيدينا
وسمعه كسمعنا، تعالى الله عن ذلك، قال تعالى في الآية ‏(‏11‏)‏ من سورة الشورى‏:‏ ‏{‏لَيْسَ كَمِثْلِهِ
شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ‏}‏ فلا يقال في صفاته إنها مثل صفاتنا أو شبه صفاتنا أو كصفاتنا،
كما لا يقال‏:‏ إن ذات الله مثل أو شبه ذواتنا، فالمؤمن الموحد يثبت الصفات كلها على الوجه اللائق
بعظمة الله وكبريائه‏.‏ والمعطل ينفيها أو ينفي بعضها‏.‏


والمشبه الممثل يثبتها على وجه لا يليق بالله وإنما يليق بالمخلوق‏.‏


------


[ المصدر ]

http://www.alfawzan.af.org.sa/sites/...iles/3qidh.pdf










ام عادل السلفية 22-03-2015 05:44PM

بسم الله الرحمن الرحيم






【 شرح العقيدة الواسطية 】

لفضيلة الشيخ العلامة الفقيه /
صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان
- حفظه الله ورعاه -

شرح العقيدة الواسطية. ( 07 )



[ المتن ]


بل يؤمنون بأن الله ـ سبحانه ـ ليس كمثله شيء وهو السميع البصير فلا ينفون عنه ما وصف به
نفسه‏.‏ ولا يحرفون الكلم عن مواضعه‏.‏



[ الشرح ]

لما ذكر المصنف ـ رحمه الله ـ أن الواجب هو الإيمان بصفات الله الثابتة في الكتاب والسنة من
غير تحريف ولا تعطيل ومن غير تكييف ولا تمثيل، بين موقف أهل السنة والجماعة من ذلك‏.‏

وهو أنهم يؤمنون بتلك الصفات على هذا المنهج المستقيم، فيثبتونها على حقيقتها نافين عنها
التمثيل فلا يعطلون ولا يمثلون على وفق ما جاء في قوله تعالى في الآية ‏(‏11‏)‏ من سورة الشورى‏:‏
‏{‏لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ‏}‏ فقوله تعالى‏:‏ ‏{‏لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ‏}‏ رد على الممثله‏.‏ وقوله‏:
‏ ‏{‏وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ‏}‏ رد على المعطلة لأن فيه إثبات السمع والبصر، فالآية الكريمة دستور واضح
في باب الأسماء والصفات لأنها جمعت بين إثبات الصفات لله ونفي التمثيل عنها‏.‏ وسيأتي تفسيرها
إن شاء الله‏.‏



وقوله‏:‏ ‏(‏فلا ينفون عنه ما وصف به نفسه‏)‏ أي لا يحمل أهل السنة والجماعة إيمانهم بأن الله ليس
كمثله شيء على أن ينفوا عنه ما وصف به نفسه، كما يفعل ذلك الذين غلوا في التنزيه حتى عطلوه
من صفاته بحجة الفرار من التمثيل بصفات المخلوقين صفات تخصهم وتليق به، وللمخلوقين صفات
تخصهم وتليق بهم، ولا تشابه بين صفات الخالق وصفات المخلوق فلا يلزم هذا المحذور الذي
ذكرتم أيها المعطلة‏.‏



وقوله‏:‏ ‏[‏ولا يحرفون الكلم عن مواضعه‏]‏ تقدم بيان معنى التحريف‏.‏ أي‏:‏ لا يغيرون كلام الله فيبدلون
ألفاظه أو يغيرون معانيه فيفسرونه بغير تفسيره كما يفعل المعطلة الذين يقولون في‏:‏ ‏{‏اسْتَوَى‏}‏ استولى،
وفي‏:‏ ‏{‏وَجَاء رَبُّكَ‏}‏ وجاء أمر ربك، ويفسرون رحمة الله بإرادة الإنعام ونحو ذلك‏.‏



------


[ المصدر ]

http://www.alfawzan.af.org.sa/sites/...iles/3qidh.pdf










ام عادل السلفية 23-03-2015 07:18PM

بسم الله الرحمن الرحيم



【 شرح العقيدة الواسطية 】

لفضيلة الشيخ العلامة الفقيه /
صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان
- حفظه الله ورعاه -

شرح العقيدة الواسطية. ( 08 )


[ المتن ]

ولا يلحدون في أسماء الله وآياته، ولا يكيفون، ولا يمثلون صفاته بصفات خلقه‏.‏



[ الشرح ]


(‏ولا يلحدون في أسماء الله وآياته‏)‏ الإلحاد لغة‏:‏ الميل والعدول عن الشيء، ومنه اللحد في القبر
سمي بذلك لميله وانحرافه عن سمت الحفر إلى جهة القبلة‏.‏ والإلحاد في أسماء الله وآياته هو
العدول والميل بها عن حقائقها ومعانيها الصحيحة إلى الباطل‏.‏ والإلحاد في أسماء الله وصفاته أنواع‏:‏

النوع الأول‏:‏ أن تسمى الأصنام بها‏.‏ كتسمية اللات من الإله، والعزى من العزيز، ومناة من المنان‏.‏
النوع الثاني‏:‏ تسميته سبحانه وتعالى بما لا يليق به كتسمية النصارى له أبًا، وتسمية الفلاسفة له
موجبًا أو علة فاعلة‏.‏

النوع الثالث‏:‏ وصفه سبحانه وتعالى بما ينزه عنه من النقائض كقول اليهود الذين قالوا‏:‏ ‏{‏إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ
وَنَحْنُ أَغْنِيَاء‏}‏ وقولهم‏:‏ ‏{‏يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ‏}‏ وأنه استراح يوم السبت‏.‏ تعالى الله عما يقولون‏.‏

النوع الرابع‏:‏ جحد معانيها وحقائقها، كقول الجهمية‏:‏ إنها ألفاظ مجردة لا تتضمن صفات ولا
معاني، فالسمع لا يدل على سمع‏.‏ والبصير لا يدل على بصر والحي لا يدل على حياة‏.‏ ونحو ذلك‏.‏

النوع الخامس‏:‏ تشبيه صفاته بصفات خلقه، كقول الممثل يده كيدي إلى غير ذلك‏.‏ تعالى الله‏.‏ وقد
توعد الله الملحدين في أسمائه وآياته بأشد الوعيد فقال سبحانه في الآية ‏(‏180‏)‏ من سور الأعراف‏:‏
‏{‏وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُواْ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَآئِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ‏}‏ وقال
في الآية ‏(‏40‏)‏ من سورة فصلت‏:‏ ‏{‏إن الذين يلحدون في آياتنا لا يخفون علينا‏}‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏ولا يكيفون ولا يمثلون‏)‏ إلخ تقدم بيان معنى التكييف والتمثيل‏.‏



------


[ المصدر ]

http://www.alfawzan.af.org.sa/sites/...iles/3qidh.pdf









ام عادل السلفية 24-03-2015 08:14PM

بسم الله الرحمن الرحيم




【 شرح العقيدة الواسطية 】

لفضيلة الشيخ العلامة الفقيه /
صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان
- حفظه الله ورعاه -

شرح العقيدة الواسطية. ( 09 )


[ المتن ]

لأنه سبحانه لا سمي له ولا كفؤ له ولا ند له ولا يقاس بخلقه سبحانه وتعالى‏.‏ فإنه سبحانه أعلم
بنفسه وبغيره وأصدق قيلًا وأحسن حديثًا من خلقه‏.‏



[ الشرح ]

(‏لأنه سبحانه لا سمي له‏)‏ هذا تعليل لما سبق من قوله عن أهل السنة‏:‏ ‏(‏ولا يكيفون ولا يمثلون
صفاته بصفاته بصفات خلقه‏)‏

و‏(‏سبحانه‏)‏ سبحان‏:‏ مصدر مثل غفران، من التسبيح وهو التنزيه‏.‏ ‏(‏لا سمي له‏)‏ أي‏:‏ لا نظير له يستحق
مثل اسمه، كقوله تعالى في الآية ‏(‏65‏)‏ من سورة مريم‏:‏ ‏{‏ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا ‏}‏ استفهام معناه النفي
أي‏:‏ لا أحد يساميه أو يماثله ‏(‏ولا كفؤ له‏)‏ الكفؤ هو المكافئ المماثل‏.‏ أي‏:‏ لا مثل له كقوله تعالى‏:
‏ في سورة الإخلاص‏:‏ ‏{‏ وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ ‏}‏ ‏(‏ولا ند له‏)‏ الند‏:‏ هو الشبيه والنظير‏.‏ قال تعالى
في الآية ‏(‏22‏)‏ من سورة البقرة‏:‏ ‏{‏فَلاَ تَجْعَلُواْ لِلّهِ أَندَادًا‏}‏‏.‏



‏(‏ولا يقاس بخلقه‏)‏ القياس في اللغة‏:‏ التمثيل، أي‏:‏ لا يشبه ولا يمثل بهم، قال سبحانه في الآية 74
من سورة النحل‏:‏ ‏{‏فَلاَ تَضْرِبُواْ لِلّهِ الأَمْثَالَ‏}‏ فلا يقاس سبحانه بخلقه لا في ذاته ولا في أسمائه وصفاته
ولا في أفعاله، وكيف يقاس الخالق الكامل بالمخلوق الناقص‏؟‏ ‏!‏ تعالى الله عن ذلك ‏(‏فإنه سبحانه أعلم
بنفسه وبغيره‏)‏‏.‏


وهذا تعليل لما سبق من وجوب إثبات ما أثبته لنفسه من الصفات ومنع قياسه بخلقه، فإنه إذا كان
أعلم بنفسه وبغيره وجب أن يثبت له من الصفات ما أثبته لنفسه وأثبته له رسوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ‏.‏



والخلق لا يحيطون به علمًا فهو الموصوف بصفات الكمال التي لا تبلغها عقول المخلوقين، فيجب
علينا أن نرضى بما رضيه لنفسه فهو أعلم بما يليق به ونحن لا نعلم ذلك‏.‏ وهو سبحانه‏:‏ ‏(‏أصدق قيلاً
وأحسن حديثًا من خلقه‏)‏ فما أخبر به فهو صدق وحق يجب علينا أن نصدقه ولا نعارضه، وألفاظه أحسن
الألفاظ وأفصحها وأوضحها وقد بين ما يليق به من الأسماء والصفات أتم بيان فيجب قبول ذلك
والتسليم له‏.‏



------


[ المصدر ]

http://www.alfawzan.af.org.sa/sites/...iles/3qidh.pdf








ام عادل السلفية 25-03-2015 07:53PM

بسم الله الرحمن الرحيم






【 شرح العقيدة الواسطية 】

لفضيلة الشيخ العلامة الفقيه /
صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان
- حفظه الله ورعاه -

شرح العقيدة الواسطية. ( 10 )


[ المتن ]


ثم رسله صادقون مصدقون بخلاف الذين يقولون عليه ما لا يعلمون‏.‏



[ الشرح ]

(‏ثم رسله صادقون مصدقون‏)‏ هذا عطف على قوله‏:‏ ‏(‏فإنه أعلم بنفسه‏.‏‏.‏ إلخ‏)‏

الصدق‏:‏ مطابقة الخبر
للواقع‏.‏ أي‏:‏ صادقون فيما أخبروا به عن الله تعالى، مصدقون، أي‏:‏ فيما يأتيهم من الوحي بواسطة
الملائكة لأنه من عند الله فهم لا ينطقون عن الهوى‏.


وهذا توثيق لسند الرسل عليهم الصلاة والسلام، فقد قيل لهم الحق وبلغوه للخلق فيجب قبول ما
وصفوا الله به فهم ‏(‏بخلاف الذين يقولون عليه ما لا يعلمون‏)‏ أي‏:‏ بخلاف الذين يقولون على الله
بلا علم في شرعه ودينه وفي أسمائه وصفاته بل بمجرد ظنونهم وتخيلاتهم أو بما يتلقونه عن الشياطين
كالمتنبئين الكذبة والمبتدعة والزنادقة والسحرة والكهان والمنجمين وعلماء السوء، كما قال تعالى
في الآيات ‏(‏221 ـ 223‏)‏ من سورة الشعراء‏:‏ ‏{‏هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلَى مَن تَنَزَّلُ الشَّيَاطِينُ تَنَزَّلُ عَلَى
كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ يُلْقُونَ السَّمْعَ وَأَكْثَرُهُمْ كَاذِبُونَ‏}‏ وقال تعالى في الآية ‏(‏79‏)‏ من سورة البقرة‏:‏ ‏{‏فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ
يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِندِ اللَّهِ‏}‏ الآية‏.‏


فإذا كان الله ـ سبحانه وتعالى ـ أعلم بنفسه وبغيره، وكان أصدق قولًا وأحسن حديثًا من خلقه، وكان
رسله عليهم الصلاة والسلام صادقين في كل ما يخبرون عنه، والواسطة بينهم وبين الله التي تأتيهم بالوحي
من عنده واسطة صادقة من ملائكته الكرام، وجب التعويل إذا على ما قاله الله ورسله لا سيما في باب
الأسماء والصفات نفيًا وإثباتًا، ورفض ما قاله المبتدعة والضلال ممن يدعي المجاز في الرسل، معتمدين
على أهوائهم، أو مقلدين لمن لا يصلح للقدوة من الضلال‏.‏



------


[ المصدر ]

http://www.alfawzan.af.org.sa/sites/...iles/3qidh.pdf










ام عادل السلفية 26-03-2015 07:36PM

بسم الله الرحمن الرحيم






【 شرح العقيدة الواسطية 】

لفضيلة الشيخ العلامة الفقيه /
صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان
- حفظه الله ورعاه -

شرح العقيدة الواسطية. ( 11 )


[ المتن ]


ولهذا قال‏:‏ ‏{‏سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ‏}‏
فسبح نفسه عما وصفه به المخالفون للرسل‏.‏ وسلم على المرسلين لسلامة ما قالوه من النقص
والعيب‏.‏



[ الشرح ]

المفردات‏:‏

ولهذا‏:‏ تعليل لما سبق من كون كلام الله وكلام رسله أصدق وأحسن‏.‏
سبحان‏:‏ اسم مصدر من التسبيح وهو التنزيه‏.‏
ربك‏:‏ الرب هو المالك السيد المربي لخلقه بنعمه‏.‏
العزة‏:‏ القوة والغلبة والمنعة‏.‏ وإضافة الرب إلى العزة من إضافة الموصوف إلى الصفة‏.‏
يصفون‏:‏ أي يصفه به المخالفون للرسل مما لا يليق بجلاله‏.‏
وسلام‏:‏ قيل‏:‏ هو من السلام بمعنى التحية‏.‏ وقيل‏:‏ من السلامة من المكاره‏.‏
على المرسلين‏:‏ الذين أرسلهم الله إلى خلقه وبلغوا رسالات ربهم، جمع مرسل وتقدم تعريفه‏.‏
العالمين‏:‏ جمع عالم وهم كل من سوى الله‏.‏


المعنى الإجمالي‏:‏

قد بينه الشيخ ـ رحمه الله ـ بقوله‏:‏ فسبح نفسه‏.‏‏.‏‏.‏ إلخ‏.‏


ما يستفاد من الآيات‏:‏

1 ـ تنزيه الله ـ سبحانه ـ عما يصفه به الضلال والجهال مما لا يليق بجلاله‏.‏
2 ـ صدق الرسل ووجوب قبول ما جاءوا به وما أخبروا به عن الله‏.‏
3 ـ مشروعية السلام على الرسل عليهم الصلاة والسلام واحترامهم‏.‏
4 ـ رد كل ما يخالف ما جاءت به الرسل لا سيما ما يتعلق بأسماء الله وصفاته‏.‏
5 ـ مشروعية الثناء على الله وشكره على نعمه التي من أجلها نعمه التوحيد‏.‏


------


[ المصدر ]

http://www.alfawzan.af.org.sa/sites/...iles/3qidh.pdf










ام عادل السلفية 27-03-2015 07:59PM

بسم الله الرحمن الرحيم






【 شرح العقيدة الواسطية 】

لفضيلة الشيخ العلامة الفقيه /
صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان
- حفظه الله ورعاه -

شرح العقيدة الواسطية. ( 12 )


[ المتن ]


وهو سبحانه قد جمع فيما وصف وسمى به نفسه بين النفي والإثبات، فلا عدول لأهل السنة
والجماعة عما جاء به المرسلون فإنه الصراط المستقيم‏.‏



[ الشرح ]

‏(‏وهو سبحانه قد جمع إلخ‏)‏ هذا بيان للمنهج الذي رسمه الله في كتابه لإثبات أسمائه وصفاته،
وهو المنهج الذي يجب أن يسير عليه المؤمنون في هذا الباب المهم‏.‏ فإنه سبحانه‏:‏ ‏(‏قد جمع فيما
وصف وسمى به نفسه‏)‏ أي في جميع أسمائه وصفاته ‏(‏بين النفي والإثبات‏)‏ وهو نفي ما يضاد الكمال
من أنواع العيوب والنقائص كنفي الند والشريك والسنة والنوم والموت واللغوب‏.‏


وأما الإثبات فهو إثبات صفات الكمال ونعوت الجلال لله كقوله تعالى في الآيتين ‏(‏23 ـ 24‏)‏ من
سورة الحشر‏:‏ ‏{‏هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ
الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ هُوَ اللَّهُ الخالق الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الأَسْمَاء الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا
فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ‏}‏ وغير ذلك مما سيذكر له المؤلف نماذج فيما يأتي‏.‏


وقوله‏:‏ ‏(‏فلا عدول لأهل السنة والجماعة عما جاء به المرسلون‏)‏ أي‏:‏ لا ميل لهم ولا انحراف عن ذلك‏.

‏ بل هم مقتفون آثارهم مستضيئون بأوارهم‏.‏

ومن ذلك إثبات صفات الكمال لله وتنزيهه عما لا يليق به‏.‏ فإن الرسل قد قرروا ذلك الأصل العظيم‏.‏
وأما أعداء الرسل فإنهم قد عدلوا عن ذلك‏.‏
وقوله‏:‏ ‏(‏فإنه الصراط المستقيم‏)‏ تعليل لقوله‏:‏ ‏(‏فلا عدول لأهل السنة‏)‏ أي لأن ما جاء به المرسلون هو
الصراط المستقيم‏.‏ والصراط المستقيم هو الطريق المعتدل الذي لا تعدد فيه ولا انقسام وهو المذكور
في قوله تعالى من سورة الفاتحة‏:‏ ‏{‏اهدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ‏}‏ وقوله في الآية ‏(‏153‏)‏ من سورة الأنعام‏:‏
‏{‏وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ‏}‏ وهو الذي ندعو الله
في كل ركعة من صلواتنا أن يهدينا إليه‏.‏


------


[ المصدر ]

http://www.alfawzan.af.org.sa/sites/...iles/3qidh.pdf












ام عادل السلفية 29-03-2015 12:27AM

بسم الله الرحمن الرحيم





【 شرح العقيدة الواسطية 】

لفضيلة الشيخ العلامة الفقيه /
صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان
- حفظه الله ورعاه -

شرح العقيدة الواسطية. ( 13 )


[ المتن ]


صراط الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين‏.‏



[ الشرح ]

أي أن الصراط المستقيم الذي جاء به المرسلون في الاعتقاد وغيره وسلكه أهل السنة والجماعة هو
‏(‏صراط الذين أنعم الله عليهم‏)‏ أي‏:‏ أنعم الله عليهم الإنعام المطلق التام المتصل بسعادة الأبد،
وهم الذين أمرنا الله أن ندعوه أن يهدينا طريقهم، فهؤلاء الأصناف الأربعة هم أهل هذه النعمة المطلقة
وهم‏:‏

1 ـ النبيون‏:‏ جمع نبي، وهم الذين اختصهم الله بنبوته ورسالته وتقدم تعريفهم‏.‏
2 ـ الصديقون‏:‏ جمع صديق وهو المبالغ في الصدق والتصديق، أي‏:‏ المبالغ في الانقياد للرسول ـ
صلى الله عليه وسلم ـ مع كمال الإخلاص لله‏.‏

3 ـ الشهداء‏:‏ جمع شهيد، وهو المقتول في سبيل الله‏.‏ سمي بذلك لأنه مشهود له بالجنة
ولأن ملائكة الرحمة تشهده‏.‏

4 ـ الصالحون‏:‏ جمع صالح وهو القائم بحقوق الله وحقوق عباده‏.‏
والصراط تارة يضاف إلى الله ـ تعالى ـ كقوله تعالى في الآية ‏(‏153‏)‏ من سورة الأنعام‏:‏ ‏{‏وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي
مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ‏}‏ لأنه هو الذي شرعه ونصبه، وتارة يضاف إلى العباد كما في قوله تعالى‏:‏ ‏{‏صِرَاطَ الَّذِينَ
أَنعَمتَ عَلَيهِمْ‏}‏ لكونهم سلكوه‏.‏ وفي قوله‏:‏ ‏{‏صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ‏}‏ تنبيه على الرفيق في
هذا الطريق وأنهم هم الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، ليزول عن
سالك هذا الطريق وحشة التفرد عن أهل زمانه إذا استشعر أن رفقته على هذا الصراط الأنبياء والصديقون
والشهداء والصالحون‏.‏


ثم أورد الشيخ ـ رحمه الله ـ فيما يلي نماذج من الكتاب والسنة تشتمل على إثبات أسماء الله
وصفاته وفيما يلي إيراد ذلك‏.‏





------


[ المصدر ]

http://www.alfawzan.af.org.sa/sites/...iles/3qidh.pdf







ام عادل السلفية 29-03-2015 07:33PM

بسم الله الرحمن الرحيم



【 شرح العقيدة الواسطية 】

لفضيلة الشيخ العلامة الفقيه /
صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان
- حفظه الله ورعاه -

شرح العقيدة الواسطية. ( 14 )


[ المتن ]


الاستدلال على إثبات أسماء الله وصفاته من القرآن الكريم
1 ـ الجمع بين النفي والإثبات في وصفه تعالى
وقد دخل في هذه الجملة ما وصف الله به نفسه في سورة الإخلاص التي تعدل ثلث القرآن‏.‏
حيث يقول‏:‏ ‏{‏قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ اللَّهُ الصَّمَدُ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ‏}‏‏.‏



[ الشرح ]

(‏وقد دخل في هذه الجملة‏)‏ أي‏:‏ التي تقدمت وهي قوله‏:‏ ‏(‏وهو سبحانه قد جمع فيما وصف وسمى
به نفسه بين النفي والإثبات‏)‏ فأراد هنا أن يورد ما يدل على ذلك من الكتاب والسنة، وبدأ بسورة الإخلاص
لفضلها‏.‏ وسميت بذلك لأنها أخلصت في صفات الله ولأنها تخلص قارئها من الشرك‏.‏



قوله‏:‏ ‏(‏التي تعدل ثلث القرآن‏)‏ أي‏:‏ تساويه وذلك لأن معاني القرآن ثلاثة أنواع‏:‏ توحيد‏.‏ وقصص‏.‏ وأحكام،
وهذه السورة فيها صفة الرحمن فهي في التوحيد وحده، فصارت تعدل ثلث القرآن‏.‏ والدليل على أن
هذه السورة تعدل ثلث القرآن ما رواه البخاري عن أبي سعيد الخدري ـ رضي الله عنه ـ أن رجلًا سمع
رجلًا يقرأ‏:‏ ‏{‏قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ‏}‏ يرددها فلما أصبح جاء إلى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فذكر له
ذلك وكأن الرجل يتقالها، فقال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ‏:‏ ‏(‏والذي نفسي بيده إنها لتعدل ثلث القرآن‏)‏
قال الإمام ابن القيم‏:‏ والأحاديث بكونها تعدل ثلث القرآن تكاد تبلغ مبلغ التواتر‏.‏


‏(‏حيث يقول‏)‏ الله جل شأنه‏:‏ ‏{‏قل‏}‏ أي‏:‏ يا محمد وفي هذا دليل على أن القرآن كلام الله إذ لو
كان كلام محمد أو غيره لم يقل‏:‏ ‏{‏قل‏}‏، ‏{‏هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ‏}‏ أي واحد لا نظير له ولا وزير ولا مثيل ولا
شريك له‏.‏ ‏{‏اللَّهُ الصَّمَدُ‏}‏ أي‏:‏ السيد الذي كمل في سؤدده وشرفه وعظمته وفيه جميع صفات الكمال،
والذي تصمد إليه الخلائق وتقصده في جميع حاجاتها ومهماتها‏.‏


‏{‏لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ‏}‏ أي ليس له ولد ولا والد‏.‏ وفيه الرد على النصارى ومشركي العرب الذين نسبوا لله الولد‏.‏

‏{‏وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ‏}‏ أي ليس له مكافئ ولا مماثل ولا نظير‏.‏

والشاهد من هذه السورة‏:‏ أنها تضمنت وجمعت بين النفي والإثبات فقوله‏:‏ ‏{‏اللَّهُ أَحَدٌ اللَّهُ الصَّمَدُ‏}‏ إثبات‏.
‏ وقوله‏:‏ ‏{‏لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ‏}‏ نفي‏.‏




------


[ المصدر ]

http://www.alfawzan.af.org.sa/sites/...iles/3qidh.pdf









ام عادل السلفية 31-03-2015 01:26AM

بسم الله الرحمن الرحيم




【 شرح العقيدة الواسطية 】

لفضيلة الشيخ العلامة الفقيه /
صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان
- حفظه الله ورعاه -

شرح العقيدة الواسطية. ( 15 )


[ المتن ]


وما وصف به نفسه في أعظم آية في كتابه حيث يقول‏:‏ ‏{‏اللَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ
وَلاَ نَوْمٌ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا
خَلْفَهُمْ وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاء وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَلاَ يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا ـ
أي لا يكرثه ولا يثقله ـ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيم‏}‏ ولهذا كان من قرأ هذه الآية في ليلة لم يزل عليه من الله
حافظ حتى يصبح‏.‏



[ الشرح ]

(‏وما وصف به نفسه في أعظم آية من كتابه‏)‏ أي‏:‏ ودخل في الجملة السابقة ما وصف الله به نفسه الكريمة
‏(‏في أعظم آية‏)‏ والآية في اللغة‏:‏ العلامة‏.‏ والمراد بها هنا طائفة من كلمات القرآن متميزة عن غيرها
بفاصلة، وتسمى هذه الآية التي أوردها هنا آية الكرسي لذكر الكرسي فيها‏.‏



والدليل على أنها أعظم آية في القرآن ما ثبت في الحديث الصحيح الذي رواه مسلم عن أبي بن كعب ـ
رضي الله عنه ـ أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ سأله‏:‏ أي آية في كتاب الله أعظم‏؟‏ قال‏:‏ الله ورسوله
أعلم، فرددها مرارًا ثم قال أبي‏:‏ آية الكرسي‏.‏ فقال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ‏:‏ ‏(‏ليهنك العلم
أبا المنذر‏)‏ وسبب كونها أعظم آية لما اشتملت عليه من إثبات أسماء الله وصفاته وتنزيهه عما لا
يليق به‏.‏


فقوله تعالى‏:‏ ‏{‏اللَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ‏}‏ أي‏:‏ لا معبود بحق إلا هو، وما سواه فعبادته من أبطل الباطل‏.‏ ‏{‏الْحَيُّ‏}‏
أي‏:‏ الدائم الباقي الذي له كمال الحياة والذي لا سبيل للفناء عليه‏.‏ ‏{‏الْقَيُّومُ‏}‏ أي‏:‏ القائم بنفسه المقيم
لغيره، فهو غني عن خلقه، وخلقه محتاجون إليه‏.‏ وقد ورد أن ‏{‏الْحَيُّ الْقَيُّومُ‏}‏ هو الاسم الأعظم الذي
إذا دعي الله به أجاب، وإذا سئل به أعطى لدلالة ‏{‏الْحَيُّ‏}‏ على الصفات الذاتية، ودلالة ‏{‏الْقَيُّومُ‏}‏
على الصفات الفعلية، فالصفات كلها ترجع إلى هذين الاسمين الكريمين العظيمين ولكمال قيوميته‏.‏


‏{‏لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ‏}‏ السنة‏:‏ النعاس وهو نوم خفيف ويكون في العين فقط والنوم أقوى من السنة،
وهو أخو الموت ويكون في القلب‏.‏ ‏{‏لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ‏}‏ ملكًا وخلقًا وعبيدًا فهو
يملك العالم العلوي والسفلي‏.‏ ‏{‏مَن ذَا الَّذِي‏}‏ أي‏:‏ لا أحد‏.‏ ‏{‏يَشْفَعُ عِنْدَهُ‏}‏ الشفاعة‏:‏ مشتقة من
الشفع وهو ضد الوتر، فكأن الشافع ضم سؤاله إلى سؤال غيره فصيره شفعًا بعد أن كان وترًا‏.‏ والشفاعة‏:‏
سؤال الخير للغير، بمعنى أن يسأل المؤمن ربه أن يغفر ذنوب وجرائم بعض المؤمنين‏.‏ لكنها ملك لله
سبحانه فلا تكون ‏{‏إِلاَّ بِإِذْنِهِ‏}‏ أي‏:‏ بأمره وذلك لكبريائه وعظمته سبحانه وتعالى لا يستطيع أحد أن يتقدم
إليه بالشفاعة عنده لأحد إلا بعد أن يأذن‏.‏


‏{‏يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ‏}‏ أي‏:‏ علمه واطلاعه محيط بالأمور الماضية والمستقبلة فلا يخفى
عليه منها شيء ‏{‏وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاء‏}‏ أي‏:‏ العباد لا يعلمون شيئًا من علم
الله إلا ما علمهم الله إياه على ألسنة رسله وبطرق وأسباب متنوعة ‏{‏وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ‏}‏
كرسيه سبحانه قيل‏:‏ إنه العرش، وقيل‏:‏ إنه غيره فقد ورد أنه موضع القدمين_، وهو كرسي بلغ من
عظمته وسعته أنه وسع السموات والأرض ‏{‏وَلاَ يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا‏}‏ أي‏:‏ لا يكرثه ولا يشق عليه ولا يثقله
حفظ العالم العلوي والسفلي لكمال قدرته وقوته‏.‏


‏{‏وَهُوَ الْعَلِيُّ‏}‏ أي‏:‏ له العلو المطلق علو الذات بكونه فوق جميع المخلوقات ‏{‏عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى‏}‏‏.‏
وعلو القدر، فله كل صفات الكمال ونعوت الجلال، وعلو القهر فهو القادر على كل شيء المتصرف
في كل شيء لا يمتنع عليه شيء ‏{‏الْعَظِيمِ‏}‏ الذي له جميع صفات العظمة، له التعظيم الكامل في قلوب
أنبيائه وملائكته وعباده المؤمنين، فحقيق بآية تحتوي على هذه المعاني أن تكون أعظم آية في القرآن‏.
‏ وأن تحفظ قارئها من الشرور والشياطين‏.‏



والشاهد منها‏:‏ أن الله جمع فيها فيما وصف وسمى به نفسه بين النفي والإثبات، فقد تضمنت إثبات
صفات الكمال ونفي النقص عن الله، ففي قوله‏:‏ ‏{‏اللَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ‏}‏ نفي الإلهية عما سواه وإثباتها له‏.
‏ وفي قوله‏:‏ ‏{‏الْحَيُّ الْقَيُّومُ‏}‏ إثبات الحياة والقيومية له‏.‏ وفي قوله‏:‏ ‏{‏لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ‏}‏ نفي السنة
والنوم عنه، وفي قوله‏:‏ ‏{‏لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ‏}‏ إثبات ملكيته الكاملة للعالمين العلوي
والسفلي‏.‏ وفي قوله‏:‏ ‏{‏مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ‏}‏ نفي الشفاعة عنده بغير إذنه لكمال عظمته
وفناه عن خلقه‏.‏ وفي قوله‏:‏ ‏{‏يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ‏}‏ إثبات كمال علمه لكل شيء ماضيًا أو
مستقبلًا‏.‏


وفي قوله‏:‏ ‏{‏وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاء‏}‏ بيان حاجة الخلق إليه وإثبات غناه عنهم‏.‏
وفي قوله‏:‏ ‏{‏وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ‏}‏ إثبات كرسيه وإثبات كمال عظمته وجلالته وصغر
المخلوقات بالنسبة إليه‏.‏ وفي قوله‏:‏ ‏{‏وَلاَ يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا‏}‏ نفي العجز والتعب عنه سبحانه‏.‏ وفي قوله‏:‏
‏{‏وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ‏}‏ إثبات العلو والعظمة له سبحانه‏.‏



وقول المصنف ـ رحمه الله ـ ‏(‏ولهذا كان من قرأ هذه الآية في ليلة لم يزل عليه من الله حافظ ولا يقربه
شيطان حتى يصبح‏)‏ يشير إلى ما رواه البخاري في صحيحه عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ فيه‏:‏
‏(‏إذا أويت إلى فراشك فاقرأ آية الكرسي‏:‏ ‏{‏اللَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ‏}‏، حتى تختم الآية فإنك
لن يزال عليك من الله حافظ ولا يقربك شيطان حتى تصبح‏)‏ الحديث‏.‏ والشيطان‏:‏ يطلق على
كل متمرد عات من الجن والإنس ـ من ‏(‏شطن‏)‏ إذا بعد ـ سمي بذلك لبعده عن رحمة الله، أو من شاط
يشيط إذا اشتد‏.‏




------


[ المصدر ]

http://www.alfawzan.af.org.sa/sites/...iles/3qidh.pdf









ام عادل السلفية 31-03-2015 06:44PM

بسم الله الرحمن الرحيم




【 شرح العقيدة الواسطية 】

لفضيلة الشيخ العلامة الفقيه /
صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان
- حفظه الله ورعاه -

شرح العقيدة الواسطية. ( 16 )


[ المتن ]


ـ الجمع بين علوه وقربه وأزليته وأبديته
وقوله سبحانه‏:‏ ‏{‏هُوَ الأَوَّلُ وَالآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ‏}‏‏.‏


[ الشرح ]

قوله‏:‏ ‏{‏هُوَ الأَوَّلُ وَالآخِرُ‏}‏ الآية‏.‏ هذه الآية الكريمة قد فسرها النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في الحديث
الذي رواه مسلم أنه ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال‏:‏ ‏(‏اللهم أنت الأول فليس قبلك شيء‏.‏ وأنت الآخر
فليس بعدك شيء‏.‏ وأنت الظاهر فليس فوقك شيء‏.‏ وأنت الباطن فليس دونك شيء‏)‏‏.‏


فقد فسر النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ هذه الأسماء الأربعة بهذا التفسير المختصر الواضح،
وفي هذه الأسماء المباركة إحاطته سبحانه من كل وجه‏.‏ ففي اسمه الأول والآخر إحاطته الزمانية‏.
‏ وفي اسمه الظاهر والباطن إحاطته المكانية‏.



‏ قال الإمام ابن القيم ـ رحمه الله ـ ‏:‏ ‏(‏فهذه الأسماء الأربعة متقابلة‏:‏ اسمان لأزليته وأبديته سبحانه،
واسمان لعلوه وقربه، فأوليته سبحانه سابقة على أولية كل ما سواه، وآخريته سبحانه ثابتة بعد آخرية
كل ما سواه‏.‏ فأوليته‏:‏ سبقه لكل شيء، وآخريته‏:‏ بقاؤه بعد كل شيء، وظاهريته‏:‏ فوقيته وعلوه
على كل شيء‏.‏ ومعنى الظهور يقتضي العلو، وظاهر الشيء ما علا منه‏.‏ وبطونه سبحانه‏:‏ إحاطته بكل
شيء بحيث يكون أقرب إليه من نفسه وهذا قرب الإحاطة العامة‏)‏‏.‏ اه ـ‏.‏



وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ‏}‏ أي قد أحاط علمه بكل شيء من الأمور الماضية والحاضرة والمستقبلة،
ومن العالم العلوي والسفلي ومن الظواهر والبواطن لا يعزب عن علمه مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء‏.‏



والشاهد من الآية الكريمة‏:‏ إثبات هذه الأسماء الكريمة لله المقتضية لإحاطته بكل شيء زمانًا ومكانًا
واطلاعًا وتقديرًا وتدبيرًا‏.‏ تعالى وتقدس ‏(‏علوًا كبيرًا‏)‏‏.‏




------


[ المصدر ]

http://www.alfawzan.af.org.sa/sites/...iles/3qidh.pdf









ام عادل السلفية 01-04-2015 09:48PM

بسم الله الرحمن الرحيم





【 شرح العقيدة الواسطية 】

لفضيلة الشيخ العلامة الفقيه /
صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان
- حفظه الله ورعاه -

شرح العقيدة الواسطية. ( 17 )

[ المتن ]


وقوله سبحانه‏:‏ ‏{‏وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لا يَمُوتُ‏}‏‏.‏ وقوله‏:‏ ‏{‏وَهُوَ الْحَكِيمُ الخبِيرُ‏}‏‏.‏


[ الشرح ]

‏{‏وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لا يَمُوتُ‏}‏ أبدًا، أي‏:‏ فوض أمورك إليه فالتوكل لغة‏:‏ التفويض، يقال‏:‏ وكلت أمري
إلى فلان، أي فوضته‏.‏ ومعناه شرعًا‏:‏ اعتماد القلب على الله في جلب ما ينفع وجعف ما يضر، والتوكل
على الله نوع من أنواع العبادة وهو واجب، ولا ينافي الأخذ بالأسباب بل يتفق معه تمامًا‏.‏ وخص صفة
الحياة إشارة إلى أن الحي هو الذي يوثق به في تحصيل المصالح‏.‏ ولا حياة على الدوام إلا به سبحانه وأما
الأحياء المنقطعة حياتهم فإنهم إذا ماتوا ضاع من يتوكل عليهم‏.‏


والشاهد من الآية الكريمة‏:‏ أن فيها إثبات الحياة الكاملة لله ـ سبحانه ـ ونفي الموت عنه، ففيها الجمع
بين النفي والإثبات في صفات الله تعالى‏.‏


وقوله‏:‏ ‏{‏وَهُوَ الْحَكِيمُ‏}‏ له معنيان
أحدهما‏:‏ أنه الحاكم بين خلقه بأمره الكوني وأمره الشرعي في الدنيا والآخرة‏.‏
والثاني‏:‏ أنه المحكم المتقن للأشياء، مأخوذ من الحكمة وهي وضع الأشياء في مواضعها‏.‏ فهو ـ سبحانه ـ
الحاكم بين عباده الذي له الحكمة في خلقه وأمره لم يخلق شيئًا عبثًا ولم يشرع إلا ما هو عين المصلحة‏.
‏ ‏{‏الخبِيرُ‏}‏ من الخبرة وهي الإحاطة ببواطن الأشياء وظواهرها‏.‏ يقال‏:‏ خبرت الشيء إذا عرفته على حقيقته‏.
‏ فهو سبحانه الخبير، أي‏:‏ الذي أحاط ببواطن الأشياء وخفاياها كما أحاط بظواهرها‏.‏


والشاهد من الآية أن فيها إثبات اسمين من أسمائه سبحانه‏:‏ الحكيم، الخبير، وهما يتضمنان صفتين من
صفاته وهما الحكمة والخبرة‏.‏




------


[ المصدر ]

http://www.alfawzan.af.org.sa/sites/...iles/3qidh.pdf









ام عادل السلفية 03-04-2015 12:22AM

بسم الله الرحمن الرحيم





【 شرح العقيدة الواسطية 】

لفضيلة الشيخ العلامة الفقيه /
صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان
- حفظه الله ورعاه -

شرح العقيدة الواسطية. ( 18 )

[ المتن ]


ـ إحاطة علمه بجميع مخلوقاته
{‏يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنزِلُ مِنَ السَّمَاء وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا‏}‏ ‏{‏وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لاَ
يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُهَا وَلاَ حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلاَ
رَطْبٍ وَلاَ يَابِسٍ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ‏}‏‏.‏





[ الشرح ]


{‏يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الأَرْضِ‏}‏ أي‏:‏ ما يدخل فيها من القطر والبذور والكنوز والموتى وغير ذلك‏.‏
‏{‏وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا‏}‏ أي‏:‏ من الأرض من النبات والمعادن وغير ذلك‏.‏ ‏{‏وَمَا يَنزِلُ مِنَ السَّمَاء‏}‏ أي‏:‏ من المطر
والملائكة وغير ذلك‏.‏ ‏{‏وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا‏}‏ أي‏:‏ يصعد في السماء من ملائكة وأعمال وغير ذلك‏.‏



والشاهد من الآية الكريمة‏:‏ أن فيها إثبات علم الله سبحانه المحيط بكل شيء‏.‏ وقوله‏:‏ ‏{‏وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ‏}‏
أي‏:‏ عند الله وحده خزائن الغيب‏.‏ أو ما يتوصل به إلى علمه ‏{‏لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ‏}‏ فمن ادعى عمل شيء
منها فقد كفر‏.‏ وقد ورد تفسير مفاتح الغيب في الحديث الذي رواه ابن عم كما في الصحيحين عنه أن
النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال‏:‏ ‏(‏مفاتح الغيب خمس لا يعلمهن إلا الله‏)‏ ثم قرأ الآية‏:‏ ‏{‏إِنَّ اللَّهَ عِندَهُ
عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ
بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ‏}‏‏.‏ ‏{‏وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ‏}‏ أي‏:‏ اليابس المعمور والقفار من السكان والنبات والدواب
وغير ذلك‏.‏ ‏{‏والبحر‏}‏ أي‏:‏ يعلم ما فيه من الحيوانات والجواهر ونحو ذلك‏.‏ ‏{‏وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ‏}‏ أي‏:
‏ أشجار البر والبحر وغير ذلك‏.‏ ‏{‏إِلاَّ يَعْلَمُهَا‏}‏ أي‏:‏ يعلمها ويعلم زمان سقوطها ومكانه‏.‏ ‏{‏وَلاَ حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ
الأَرْضِ‏}‏ أي‏:‏ ولا تكون حبة في الأمكنة المظلمة أو في بطن الأرض‏.‏ ‏{‏وَلاَ رَطْبٍ وَلاَ يَابِسٍ‏}‏ من جميع
الموجودات عموم بعد خصوص‏.‏ ‏{‏إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ‏}‏ أي‏:‏ لا يحصل شيء من ذلك إلا وهو مكتوب
في اللوح المحفوظ‏.‏


وجه الشاهد من الآية‏:‏ أن فيها إثبات أنه لا يعلم الغيب إلا الله وأن علمه محيط بكل شيء‏.‏ وفيها إثبات
القدر والكتابة في اللوح المحفوظ‏.


------


[ المصدر ]

http://www.alfawzan.af.org.sa/sites/...iles/3qidh.pdf









ام عادل السلفية 04-04-2015 12:47AM

بسم الله الرحمن الرحيم




【 شرح العقيدة الواسطية 】

لفضيلة الشيخ العلامة الفقيه /
صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان
- حفظه الله ورعاه -

شرح العقيدة الواسطية. ( 19 )

[ المتن ]


{‏وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنثَى وَلا تَضَعُ إِلاَّ بِعِلْمِهِ‏}‏ ‏{‏لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ
شَيْءٍ عِلْمًا‏}‏ وقوله‏:‏ ‏{‏إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ‏}‏‏.‏



[ الشرح ]


‏{‏وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنثَى وَلا تَضَعُ إِلاَّ بِعِلْمِهِ‏}‏ أي‏:‏ لا يكون حمل ولا وضع إلا والله عالم به، فلا يخرج شيء عن
علمه وتدبيره‏.‏ فيعلم ـ سبحانه ـ في أي يوم تحمل الأنثى وفي أي يوم تضع ونوع حملها هل هو ذكر أو أنثى‏.‏


‏{‏لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ‏}‏ اللام متعلقة بقوله تعالى‏:‏ ‏{‏خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الأَرْضِ مِثْلَهُنَّ‏}‏
أي‏:‏ فعل ذلك لتعلموا كمال قدرته‏.‏ ‏{‏وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا‏}‏ أي‏:‏ ولتعلموا إحاطة علمه
بالأشياء فلا يخرج عن علمه شيء منها كائنًا ما كان‏.‏ و‏{‏عِلْمًا‏}‏ منصوب على التمييز أو على المصدرية
لأن أحاط بمعنى علم‏.‏


الشاهد من الآيتين‏:‏ أن فيهما إثبات علم الله المحيط بكل شيء وإثبات قدرته على كل شيء‏.‏
وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ‏}‏ أي‏:‏ لا رازق غيره الذي يرزق مخلوقاته، ويقوم بما يصلحهم فهو كثير
الرزق واسعه فلا تعبدوا غيره‏.‏ ‏{‏ذُو الْقُوَّةِ‏}‏ أي‏:‏ صاحب القوة التامة الذي لا يعتريه ضعف‏.‏ ‏{‏الْمَتِينُ‏}‏
أي‏:‏ البالغ في القوة والقدرة نهايتهما فلا يلحقه في أفعاله مشقة ولا كلفة ولا تعب‏.‏ والمتانة معناها الشدة
والقوة‏.‏


الشاهد من الآية الكريمة‏:‏ أن فيها إثبات اسمه الرزاق ووصفه بالقوة التامة التي لا يعتريها ضعف ولا تعب
سبحانه وتعالى‏.‏ وفيها الاستدلال على وجوب عبادته وحده لا شريك له‏.





------


[ المصدر ]

http://www.alfawzan.af.org.sa/sites/...iles/3qidh.pdf








ام عادل السلفية 04-04-2015 07:40PM

بسم الله الرحمن الرحيم





【 شرح العقيدة الواسطية 】

لفضيلة الشيخ العلامة الفقيه /
صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان
- حفظه الله ورعاه -

شرح العقيدة الواسطية. ( 20 )

[ المتن ]



4 ـ إثبات السمع والبصر لله سبحانه
وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ‏}‏ وقوله‏:‏ ‏{‏إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا
بَصِيرًا‏}‏‏.‏


[ الشرح ]

‏{‏لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ‏}‏ أول الآية قوله تعالى‏:‏ ‏{‏فَاطِرُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ جَعَلَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا
وَمِنَ الأَنْعَامِ أَزْوَاجًا‏}‏‏.


‏ قال الإمام ابن كثير في تفسيره‏:‏ أي ليس كخالق الأزواج كلها شيء لأنه الفرد الصمد الذي لا نظير له‏.‏
اه ـ‏.‏ ‏{‏وَهُوَ السَّمِيعُ‏}‏ الذي يسمع جميع الأصوات‏.

‏ ‏{‏البَصِيرُ‏}‏ الذي يرى كل شيء ولا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء‏.‏
قال الإمام الشوكاني في تفسيره‏:‏ ومن فهم هذه الآية الكريمة حق فهمها وتدبرها حق تدبرها مشى
بها عند اختلاف المختلفين في الصفات على جادة بيضاء واضحة، ويزداد بصيرة إذا تأمل معنى قوله‏:‏
‏{‏وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ‏}‏ فإن هذا الإثبات بعد ذلك النفي للمماثل قد اشتمل على برد اليقين وشفاء الصدور
وانثلاج القلوب، فاقدر يا طالب الحق قدر هذه الحجة النيرة والبرهان القوي، فإنك تحطم بها كثيرًا من البدع
وتهشم بها رؤوسًا من الضلالة وترغم بها أنوف طوائف من المتكلمين، ولا سيما إذا ضممت إليه قوله
تعالى‏:‏ ‏{‏وَلا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا‏}‏‏.‏ اهـ‏.‏




وقوله‏:‏ ‏{‏إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا‏}‏ قبله قوله‏:‏ ‏{‏إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن
تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ‏}‏‏.‏

‏{‏نعم‏}‏‏:‏ من ألفاظ المدح و ‏{‏ما‏}‏ قيل‏:‏ نكرة موصوفة كأنه قيل‏:‏ نعم شيئًا يعظكم به‏.
‏ وقيل‏:‏ إن ما موصولة، أي نعم الشيء الذي يعظكم به‏.‏ وقوله‏:‏ ‏{‏يعظكم‏}‏ أي‏:‏ يأمركم به من أداء الأمانات
والحكم بين الناس بالعدل‏.‏


وقوله‏:‏ ‏{‏إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا‏}‏ أي‏:‏ أنه سبحانه سميع لما تقولون‏.‏ بصير بما تفعلون‏.‏


#الشاهد من الآيتين الكريمتين‏:‏ أن فيهما إثبات السمع والبصر لله، وفي الآية الأولى نفي مماثلة المخلوقات
ففي ذلك الجمع فيما وصف وسمى به نفسه النفي والإثبات‏.‏





------


[ المصدر ]

http://www.alfawzan.af.org.sa/sites/...iles/3qidh.pdf





ام عادل السلفية 05-04-2015 08:31PM

بسم الله الرحمن الرحيم





【 شرح العقيدة الواسطية 】

لفضيلة الشيخ العلامة الفقيه /
صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان
- حفظه الله ورعاه -

شرح العقيدة الواسطية. ( 21 )

[ المتن ]


5 ـ إثبات المشيئة والإرادة لله سبحانه
وقوله‏:‏ ‏{‏وَلَوْلا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاء اللَّهُ لا قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ‏}‏‏.‏ ‏{‏وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلُواْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ
مَا يُرِيدُ‏}‏‏.‏ وقوله‏:‏ ‏{‏أُحِلَّتْ لَكُم بَهِيمَةُ الأَنْعَامِ إِلاَّ مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنتُمْ حُرُمٌ إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ
مَا يُرِيدُ‏}‏‏.‏



[ الشرح ]


قوله‏:‏ ‏{‏وَلَوْلا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ‏}‏ أي‏:‏ هلا إذ دخلت بستانك‏.‏ ‏{‏قُلْتَ مَا شَاء اللَّهُ لا قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ‏}‏ أي‏:‏
إن شاء أبقاها وإن شاء أفناها اعترافًا بالعجز وأن القدرة لله سبحانه‏.‏

قال بعض السلف‏:‏ من أعجبه شيء فليقل‏:‏ ما شاء الله لا قوة إلا بالله‏.‏
وقوله‏:‏ ‏{‏وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلُواْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ‏}‏ أي‏:‏ لو شاء سبحانه عدم اقتتالهم لم يقتتلوا،
لأنه لا يجري في ملكه إلا ما يريد، لا راد لحكمه ولا مبدل لقضائه‏.‏


وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏أُحِلَّتْ لَكُم‏}‏ أي‏:‏ أبيحت والخطاب للمؤمنين‏.‏ ‏{‏بَهِيمَةُ الأَنْعَامِ‏}‏ أي‏:‏ والمراد به المذكور في قوله‏:‏
‏{‏حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ‏}‏ الآية التي بعدها بقليل‏.‏

وقوله‏:‏ ‏{‏غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنتُمْ حُرُمٌ‏}‏ استثناء آخر من بهيمة الأنعام‏.‏

والمعنى‏:‏

أحلت لكم بهيمة الأنعام كلها إلا ما كان منها وحشيًا فإنه صيد لا يحل لكم في حال الإحرام، فقوله‏:‏
‏{‏وَأَنتُمْ حُرُمٌ‏}‏ في محل نصب على الحال، والمراد بالحرم من هو محرم بحج أو عمرة أو بهما‏.‏ ‏{‏إِنَّ اللَّهَ
يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ‏}‏ من التحليل والتحريم لا اعتراض عليه‏.‏


الشاهد من الآيات‏:‏
أن فيها إثبات المشيئة والقوة والحكم والإرادة صفات لله تعالى على ما يليق بجلاله‏.




------


[ المصدر ]

http://www.alfawzan.af.org.sa/sites/...iles/3qidh.pdf











ام عادل السلفية 07-04-2015 12:09AM

بسم الله الرحمن الرحيم




【 شرح العقيدة الواسطية 】

لفضيلة الشيخ العلامة الفقيه /
صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان
- حفظه الله ورعاه -

شرح العقيدة الواسطية. ( 22 )

[ المتن ]


وقوله‏:‏ ‏{‏فَمَن يُرِدِ اللَّهُ أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ وَمَن يُرِدْ أَن يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا
يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاء‏}‏‏.‏




[ الشرح ]

‏{‏فَمَن يُرِدِ اللَّهُ أَن يَهْدِيَهُ‏}‏ أي‏:‏ من شاء الله سبحانه أن يوقه وجعل قلبه قابلًا للخير‏.‏ و ‏{‏من‏}‏‏:‏ اسم شرط
جازم، ويرد‏:‏ مجزوم على أنه فعل الشرط‏.‏ ‏{‏يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ‏}‏ مجزوم بجواب الشرط‏.‏



والشرح‏:‏ الشق، وأصله التوسعة، وشرحت الأمر‏:‏ بينته ووضحته‏.‏ والمعنى‏:‏ يوسع الله صدره للحق
الذي هو الإسلام حتى يقبله بصدر منشرح‏.‏ ‏{‏وَمَن يُرِدْ أَن يُضِلَّهُ‏}‏ أي‏:‏ ومن شاء سبحانه أن يصرفه
عن قبول الحق‏.‏ ‏{‏يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا‏}‏ أي‏:‏ لا يتسع لقبول الحق‏.‏ ‏{‏حَرَجًا‏}‏ أي‏:‏ شديد الضيق فلا
يبقى فيه منفذ للخير، وهو تأكيد لمعنى ‏{‏ضَيِّقًا‏}‏‏.‏ ‏{‏كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاء‏}‏ أصله يتصعد، أي كأنما
تكلف ما لا يطيق مرة بعد مرة كما يتكلف من يريد الصعود إلى السماء‏.‏ شبه الكافر في ثقل الإيمان
عليه بمن يتكلف ما لا يطيقه كصعود السماء‏.‏


الشاهد من الآية الكريمة‏:‏ أن فيها إثبات الإرادة لله سبحانه وأنها شاملة للهداية والإضلال، أي‏:‏ يريد
الهداية ويريد الإضلال كونًا وقدرًا لحكمة بالغة‏.‏



فالإرادة الربانية نوعان‏:‏

النوع الأول‏:‏ إرادة كونية قدرية، وهذه مرادفة للمشيئة، ومن أمثلتها قوله تعالى‏:‏ ‏{‏وَإِذَا أَرَدْنَا أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً
أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُواْ فِيهَا‏}‏ وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلاَ مَرَدَّ لَهُ‏}‏ وقوله‏:‏ ‏{‏وَمَن يُرِدْ
أَن يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا‏}‏‏.‏


النوع الثاني‏:‏ إرادة دينية شرعية، ومن أمثلتها قوله تعالى‏:‏ ‏{‏وَاللَّهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ‏}‏ الآية ‏(‏27‏)‏ النساء
وقوله‏:‏ ‏{‏مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم مِّنْ حَرَجٍ وَلَكِن يُرِيدُ لِيُطَهَّرَكُمْ‏}‏ الآية ‏(‏6‏)‏ المائدة‏.‏ وقوله تعالى‏:‏
‏{‏إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ‏}‏ الآية ‏(‏33‏)‏ الأحزاب‏.‏



الفرق بين الإرادتين‏:‏

1 ـ الإرادة الكونية قد يحبها الله ويرضاها، وقد لا يحبها ولا يرضاها والإرادة الشرعية لابد أنه يحبها ويرضاها‏.‏
فالله أراد المعصية كونًا ولا يرضاها شرعًا‏.‏


2 ـ والإرادة الكونية مقصودة لغيرها، كخلق إبليس وسائر الشرور لتحصل بسبب ذلك المجاهدة
والتوبة والاستغفار وغير ذلك من المحاب‏.‏ والإرادة الشرعية مقصودة لذاتها، فالله أراد الطاعة كونًا
وشرعًا وأحبها ورضيها‏.‏


3 ـ الإرادة الكونية لابد من وقوعها، والإرادة الشرعية لا يلزم وقوعها فقد تقع وقد لا تقع‏.‏


تنبيه‏:‏

تجتمع الإرادتان الكونية والشرعية في حق المخلص المطيع وتنفرد الإرادة الكونية في حق العاصي‏.‏


تنبيه آخر‏:‏

من لم يثبت الإرادتين ويفرق بينهما فقد ضل كالجبرية والقدرية‏.‏ فالجبرية أثبتوا الإرادة الكونية فقط،
والقدرية أثبتوا الإرادة الشرعية فقط‏.‏ وأهل السنة أثبتوا الإرادتين وفرقوا بينهما‏.



------


[ المصدر ]

http://www.alfawzan.af.org.sa/sites/...iles/3qidh.pdf









ام عادل السلفية 08-04-2015 01:27AM

بسم الله الرحمن الرحيم




【 شرح العقيدة الواسطية 】

لفضيلة الشيخ العلامة الفقيه /
صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان
- حفظه الله ورعاه -

شرح العقيدة الواسطية. ( 23 )

[ المتن ]
:

6 ـ إثبات محبة الله ومودته لأوليائه على ما يليق بجلاله
وقوله‏:‏ ‏{‏وَأَحْسِنُوَاْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ‏}‏ ‏{‏وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ‏}‏ ‏{‏فَمَا اسْتَقَامُواْ
لَكُمْ فَاسْتَقِيمُواْ لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ‏}‏ ‏{‏إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ‏}‏، وقوله‏:‏ ‏{‏قُلْ إِن كُنتُمْ
تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ‏}‏‏.‏ وقوله‏:‏ ‏{‏إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُم بُنيَانٌ
مَّرْصُوصٌ‏}‏ وقوله‏:‏ ‏{‏وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ‏}‏‏.‏




[ الشرح ]


‏لما ذكر الشيخ ـ رحمه الله ـ الآيات التي تدل على إثبات المشيئة والإرادة، ذكر الآيات على إثبات المحبة
لله سبحانه وفي ذلك الرد على من سوى بين المشيئة والمحبة وقال‏:‏ إنهما متلازمان فكل ما شاء الله
فقد أحبه وقد قدمنا أن في ذلك تفصيلًا، فقد يشاء الله ما لا يحبه ككفر الكافر وسائر المعاصي‏.‏
وقد يشاء ما يحب كالإيمان وسائر الطاعات‏.‏



#وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏وَأَحْسِنُوَاْ‏}‏ هذا أمر من الله تعالى بالإحسان، وهو‏:‏ الإتيان بالعمل على أحسن أحواله
وأكملها، والإحسان هو أعلى مقامات الطاعة‏.‏ ‏{‏إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ‏}‏ هذا تعليل للأمر بالإحسان
فهو أمر به لأنه يحبه ويحب أهله فيكون ذلك حافزًا على امتثال الأمر به‏.‏


#وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏وَأَقْسِطُوا‏}‏ أمر بالإقساط وهو العدل في المعاملات والأحكام مع القريب والبعيد‏.‏ ‏{‏إِنَّ اللَّهَ
يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ‏}‏ تعليل للأمر بالإقساط فهو أمر به لأنه ‏{‏يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ‏}‏ أي‏:‏ العادلين ومحبته سبحانه
لهم تستلزم أن يجزيهم أحسن الجزاء‏.‏


#وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏فَمَا اسْتَقَامُواْ لَكُمْ فَاسْتَقِيمُواْ لَهُمْ‏}‏ أي‏:‏ ما استقام لكم المشركون على العهد فلم
ينقضوه فاستقيموا على الوفاء لهم فلا تقاتلوهم‏.‏ ‏{‏إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ‏}‏ تعليل للأمر بالاستقامة على
العهد فهو أمر بها لأنها من أعمال المتقين الذين يحبهم الله، وفيه إشارة إلى أن الوفاء بالعهد والاستقامة
عليه من أعمال المتقين، والتقوى‏:‏ هي التحرز بطاعة الله عن معصيته رجاء ثوابه وخوفًا من عقابه‏.‏



#وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ‏}‏ التوابين‏:‏ جمع تواب صغة مبالغة من التوبة وهي لغة‏:‏ الرجوع‏.‏
وشرعًا‏:‏ الرجوع عن الذنب‏.‏ هذا تفسيرها في حق العبد، وأما في حق الله فالتواب من أسماء الله تعالى‏.‏
قال ابن القيم‏:‏ العبد تواب، والله تواب، فتوبة البد رجوعة إلى سيده‏.‏ وتوبة الله نوعان‏:‏ إذن وتوفيق‏.‏ وقبول
واعتداد‏.‏ ‏{‏وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ‏}‏ المتطهرين‏:‏ جمع متطهر اسم فاعل من الطهارة وهي النزاهة والنظافة عن
الأقذار حسية كانت أو معنوية‏.‏ وفي الآية الكريمة إخبار من الله سبحانه عن محبته لهذين الصنفين
من عباده التوابين والمتطهرين‏.‏



#وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ‏}‏ سبب نزول هذه الآية الكريمة كما
ذكره ابن كثير وغيره‏:‏ أن قومًا زعموا أنهم يحبون الله فابتلاهم الله ‏(‏أي اختبرهم‏)‏ بهذه الآية فهي
حاكمة على كل من ادعى محبة الله وليس هو على الطريقة المحمدية بأنه كاذب في دعواه‏.‏



#وقوله‏:‏ ‏{‏يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ‏}‏ أي‏:‏ يحصل لكم فوق ما طلبتم من محبتكم إياه وهو محبته إياكم وهو أعظم
من الأول‏.‏

#وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ‏}‏ هذا جواب الشرط في قوله‏:‏ ‏{‏مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ‏}‏‏.‏
يقول تعالى مخبرًا عن قدرته العظيمة‏:‏ أنه من تولى عن نصرة دينه وإقامة شريعته أنه يستبدل به من هو
خير منه، وهم قوم متصفون بصفات عظيمة من أعظمها أن الله يحبهم وهم يحبونه‏.‏ والمراد بهم أبو بكر
الصديق وجيشه من الصحابة والتابعين ـ رضي الله عنهم ـ الذين قاتلوا أهل الردة، ثم كل من جاء
بعدهم من المقاتلين للمرتدين إلى يوم القيامة‏.‏



#وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ‏}‏ إخبار منه مؤكد أنه سبحانه يحب من اتصف
بهذه الصفة‏.‏ ‏{‏الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ‏}‏ أي‏:‏ يجاهدون بأموالهم وأنفسهم لإعلاء كلمة الله‏.‏ ‏{‏صفًا‏}‏
أي‏:‏ يصفون أنفسهم عند القتال ولا يزولون عن أماكنهم ‏{‏كَأَنَّهُم بُنيَانٌ مَّرْصُوصٌ‏}‏ قد رص بعضه ببعض،
وألزق بعضه ببعض، فليس فيه فرجة ولا خلل‏.‏ وقوله‏:‏ ‏{‏وَهُوَ الْغَفُورُ‏}‏ أي‏:‏ يستر ذنوبه ويتجاوز عن خطاياه‏.‏
‏{‏الْوَدُودُ‏}‏ من الود وهو خالص الحب فهو سبحانه ‏(‏ودود‏)‏ بمعنى‏:‏ أنه يحب أهل طاعته‏.‏ وفي ذكر هذين
الاسمين الكريمين مقترنين سر لطيف وهو أنه يحب عبده بعد المغفرة فيغفر له ويحبه بعد ذلك‏.‏



#الشاهد من هذه الآيات الكريمة‏:‏ أن فيها إثبات المحبة والمودة لله سبحانه وأنه يحب ويود بعض الأشخاص
والأعمال والأخلاق فهو يحب بعض الأشياء دون بعض على ما تقتضيه حكمته البالغة فهو يحب المحسنين
ويحب المقسطين ويحب المتقين‏.‏ ويحب المتبعين لرسوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ويحب المجاهدين
في سبيله‏.‏ ويحب التوابين والمتطهرين‏.‏

وفيها إثبات المحبة من الجانبين، جانب العبد وجانب الرب‏.‏ ‏{‏يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ‏}‏ ‏{‏إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ
اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ‏}‏ ففي ذلك الرد على من نفى المحبة من الجانبين كالجهمية والمعتزلة‏.‏ فقالوا‏:‏
لا يحب ولا يحب، وأولوا محبة العباد له بمعنى محبتهم عبادته وطاعته، ومحبته للعباد بمعنى إحسانه
إليهم وإثابتهم ونحو ذلك‏.‏ وهذا باطل لأن مودته ومحبته سبحانه وتعالى لعباده على حقيقتهما كما يليق بجلاله
كسائر صفاته ليستا كمودة ومحبة المخلوق‏.‏





------


[ المصدر ]

http://www.alfawzan.af.org.sa/sites/...iles/3qidh.pdf







ام عادل السلفية 08-04-2015 10:28PM

بسم الله الرحمن الرحيم





【 شرح العقيدة الواسطية 】

لفضيلة الشيخ العلامة الفقيه /
صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان
- حفظه الله ورعاه -

شرح العقيدة الواسطية. ( 24 )

[ المتن ]
:


7 ـ إثبات اتصافه بالرحمة والمغفرة سبحانه وتعالى

وقوله‏:‏ ‏{‏بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ‏}‏ ‏{‏رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَّحْمَةً وَعِلْمًا‏}‏ ‏{‏وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا‏}‏ ‏
{‏وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ‏}‏ ‏{‏كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ‏}‏ ‏{‏وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ‏}‏ ‏{‏فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظًا
وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ‏}‏‏.‏



[ الشرح ]

وقوله‏:‏ ‏{‏بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ‏}‏ تقدم تفسيرها في أول الكتاب، ومناسبة ذكرها هنا أن فيها إثبات الرحمة
لله تعالى صفة من صفاته كما في الآيات المذكورة بعدها‏.‏ قال الإمام ابن القيم‏:‏ الرحمن دال على الصفة القائمة
به سبحانه، والرحيم دال على تعليقها بالمرحوم كما قال تعالى‏:‏ ‏{‏وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا‏}‏ ولم يجئ قط‏:‏
رحمن بهم‏.‏ وكان الأول للوصف والثاني للفعل‏.‏ فالأول دال على أن الرحمة وصفة، والثاني دال على أنه يرحم
خلقه برحمته‏.‏ اه ـ‏.‏




قوله‏:‏ ‏{‏رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَّحْمَةً وَعِلْمًا‏}‏ هذا حكاية عن الملائكة الذين يحملون العرش ومن حوله أنهم
يستغفرون للذين آمنوا فيقولون‏:‏ ‏{‏رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَّحْمَةً وَعِلْمًا‏}‏ أي‏:‏ وسعت رحمتك وعلمك كل
شيء‏.‏ فـ ‏{‏رَّحْمَةً وَعِلْمًا‏}‏ منصوبان على التمييز المحول عن الفاعل، وفي ذلك دليل على سعة رحمة الله وشمولها‏.‏
فما من مسلم ولا كافر إلا وقد نالته رحمة الله في الدنيا، وأما في الآخرة فتختص بالمؤمنين‏.‏




وقوله‏:‏ ‏{‏وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا‏}‏ هذا إخبار من الله ـ سبحانه ـ أنه رحيم بالمؤمنين يرحمهم في الدنيا والآخرة،
أما في الدنيا فإنه هداهم إلى الحق الذي جهله غيرهم وبصرهم الطريق الذي ضل عنه غيرهم‏.‏ أما رحمته بهم في
الآخرة فآمنهم من الفزع الأكبر ويدخلهم الجنة‏.‏ وقوله‏:‏ ‏{‏كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ‏}‏ أي‏:‏ أوجبها على
نفسه الكريمة تفضلًا منه وإحسانًا‏.‏ وهذه الكتابة كونية قدرية لم يوجبها عليه أحد‏.‏




وقوله‏:‏ ‏{‏وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ‏}‏ يخبر سبحانه عن نفسه أنه متصف بالمغفرة والرحمة لمن تاب إليه وتوكل عليه،
ولو من أي ذنب كان كالشرك فإنه يتوب عليه ويغفر له ويرحمه‏.‏




وقوله‏:‏ ‏{‏فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظًا‏}‏ هذا مما حكاه الله تعالى عن نبيه يعقوب ـ عليه السلام ـ حين طلب منه بنوه أن
يرسل معهم أخاهم‏.‏ وتعهدوا بحفظه، فقال لهم‏:‏ إن حفظ الله سبحانه له خير من حفظكم‏.‏ وهذا تفويض من
يعقوب إلى الله في حفظ ابنه‏.‏ ومن أسمائه تعالى‏:‏ الحفيظ الذي يحفظ عباده بحفظه الخاص عما يفسد
إيمانهم وعما يضرهم في دينهم ودنياهم‏.‏




الشاهد من الآيات الكريمة‏:‏ أن فيها وصف الله ـ سبحانه وتعالى ـ بالرحمة والمغفرة على ما يليق بجلاله كسائر
صفاته‏.‏ وفيها الرد على الجهمية والمعتزلة ونحوهم ممن ينفون عن الله اتصافه بالرحمة والمغفرة فرارًا من التشبيه
بزعمهم قالوا‏:‏ لأن المخلوق يوصف بالرحمة‏.‏ وتأولوا هذه الآيات على المجاز وهذا باطل، لأن الله سبحانه
أثبت لنفسه هذه الصفة‏.‏ ورحمته سبحانه ليست كرحمة المخلوق حتى يلزم التشبيه كما يزعمون، فإن
الله تعالى ‏{‏لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ‏}‏ والاتفاق في الاسم لا يقتضي الاتفاق في المسمى‏.‏


فللخالق صفات تليق به وتختص به، وللمخلوق صفات تليق به وتختص به والله أعلم‏.





------


[ المصدر ]

http://www.alfawzan.af.org.sa/sites/...iles/3qidh.pdf









ام عادل السلفية 09-04-2015 11:41PM

بسم الله الرحمن الرحيم






【 شرح العقيدة الواسطية 】

لفضيلة الشيخ العلامة الفقيه /
صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان
- حفظه الله ورعاه -

شرح العقيدة الواسطية. ( 25 )

[ المتن ]
:


8 ـ ذكر رضا الله وغضبه وسخطه وكراهيته في القرآن الكريم وأنه متصف بذلك

وقوله‏:‏ ‏{‏ رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ‏}‏ وقوله‏:‏ ‏{‏وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا
وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ‏}‏ وقوله‏:‏ ‏{‏فَلَمَّا آسَفُونَا انتَقَمْنَا مِنْهُمْ‏}‏ وقوله‏:‏ ‏{‏وَلَكِن كَرِهَ اللَّهُ انبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ‏}‏
وقوله‏:‏ ‏{‏كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللَّهِ أَن تَقُولُوا مَا لا تَفْعَلُونَ‏}‏‏.‏


[ الشرح ]

قوله‏:‏ ‏{‏ رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ‏}‏ أي‏:‏ رضي عنهم بما عملوه من الطاعات الخالصة له، ورضوا عنه بما
جازاهم به من النعيم‏.‏ والرضا منه سبحانه هو أرفع درجات النعيم‏.‏

قال تعالى‏:‏ ‏{‏وَرِضْوَانٌ مِّنَ اللَّهِ أَكْبَرُ‏}‏ الآية ‏(‏72‏)‏ من سورة التوبة‏.‏ ورضاهم عنه هو رضا كل منهم بمنزلته
حتى يظن أنه لم يؤت أحد خيرًا مما أوتي‏.‏


وقوله‏:‏ ‏{‏وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا‏}‏ احترز بقوله‏:‏ ‏{‏مُؤْمِنًا‏}‏ عن قتل الكافر، وبقوله‏:‏ ‏{‏مُّتَعَمِّدًا‏}‏ عن قتل الخطأ‏.‏


والمتعمد‏:‏ هو الذي يقصد من يعلمه آدميًا معصومًا فيقتله بما يغلب على الظن موته به‏.‏ وقوله‏:‏ ‏{‏فَجَزَآؤُهُ‏}‏ أي
عقابه في الآخرة ‏{‏جَهَنَّمُ‏}‏ طبقة من طبقات النار ‏{‏خَالِدًا فِيهَا‏}‏ أي‏:‏ مقيمًا في جهنم والخلود هو المكث
الطويل ‏{‏وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ‏}‏ معطوف على مقدر دل عليه السياق، أي‏:‏ جعل جزاءه جهنم وغضب عليه
‏{‏ولعنه‏}‏ أي‏:‏ طرده عن رحمته، واللعن هو الطرد والإبعاد عن رحمة الله‏.‏


وقوله‏:‏ ‏{‏ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ‏}‏ أي ما ذكر في الآية قبلها من شدة توفي الملائكة للكفار من أجل أنهم ‏{‏اتَّبَعُوا مَا
أَسْخَطَ اللَّهَ‏}‏ من الانهماك في المعاصي والشهوات المحرمة‏.‏ ‏{‏وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ‏}‏ أي‏:‏ كرهوا ما يرضيه من
الإيمان والأعمال الصالحة‏.

‏ وقوله‏:‏ ‏{‏فَلَمَّا آسَفُونَا‏}‏ أي‏:‏ أغضبونا‏.‏ ‏{‏انتَقَمْنَا مِنْهُمْ‏}‏ أي‏:‏ عاقبناهم، والانتقام هو أشد العقوبة‏.‏


وقوله‏:‏ ‏{‏وَلَكِن كَرِهَ اللَّهُ انبِعَاثَهُمْ‏}‏ أي‏:‏ أبغض الله خروجهم معكم للغزو ‏{‏فَثَبَّطَهُمْ‏}‏ أي‏:‏ حبسهم عن
الخروج معك‏.‏ وخذلهم قضاءً وقدرًا وإن كان قد أمرهم بالغزو شرعًا‏.‏ وأقدرهم عليه حسًا، لكنه لم يعنهم
عليه لحكمة يعلمها‏.‏ وقد بينها في الآية التي بعدها في قوله‏:‏ ‏{‏لَوْ خَرَجُواْ فِيكُم مَّا زَادُوكُمْ إِلاَّ خَبَالًا‏}‏ الآية‏.‏


وقوله‏:‏ ‏{‏كَبُرَ مَقْتًا‏}‏ أي‏:‏ عظم ذلك في المقت وهو البغض، ومقتًا منصوب على التميز‏.‏ ‏{‏أَن تَقُولُوا
مَا لا تَفْعَلُونَ‏}‏ أي‏:‏ أن تعدوا من أنفسكم خيرًا ثم لا تفوا بما وعدتم‏.‏ وقد ورد في سبب نزولها أن ناسًا من
المؤمنين قبل أن يفرض الجهاد يقولون وددنا لو أن الله أخبرنا بأحب الأعمال فنعمل به، فأخبر الله نبيه
ـ صلى الله عليه وسلم ـ أن أحب الأعمال إيمان بالله لا شك فيه، وجهاد أهل معصيته الذين خالفوا الإيمان
ولم يقروا به، فلما نزل الجهاد كره ذلك أناس من المؤمنين وشق عليهم أمره، فقال الله تعالى‏:‏ ‏{‏يَا أَيُّهَا
الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ‏}_‏‏.‏


الشاهد من الآيات‏:‏ أن فيها وصف الله بالغضب والرضا واللعن والانتقام والكراهية والأسف والمقت،
وهذه كلها من صفات الأفعال التي يفعلها جل وعلا متى شاء إذا شاء كيف شاء‏.‏ وأهل السنة يثبتون
ذلك لله كما أثبته لنفسه على ما يليق بجلاله‏.



------


[ المصدر ]

http://www.alfawzan.af.org.sa/sites/...iles/3qidh.pdf








ام عادل السلفية 11-04-2015 01:49PM

بسم الله الرحمن الرحيم





【 شرح العقيدة الواسطية 】

لفضيلة الشيخ العلامة الفقيه /
صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان
- حفظه الله ورعاه -

شرح العقيدة الواسطية. ( 26 )

[ المتن ]
:


9 ـ ذكر مجيء الله سبحانه لفصل القضاء بين عباده على ما يليق بجلاله
وقوله‏:‏ ‏{‏هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ أَن يَأْتِيَهُمُ
اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِّنَ الْغَمَامِ وَالْمَلآئِكَةُ وَقُضِيَ الأَمْرُ‏}‏ وقوله‏:‏ ‏{‏هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ أَن تَأْتِيهُمُ الْمَلآئِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ
بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ‏}‏ ‏{‏كَلاَّ إِذَا دُكَّتِ الأَرْضُ دَكًّا دَكًّا وَجَاء رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا‏}‏ ‏{‏وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّمَاء بِالْغَمَامِ
وَنُزِّلَ الْمَلائِكَةُ تَنزِيلًا‏}‏‏.‏



[ الشرح ]

{‏هَلْ يَنظُرُونَ‏}‏ هذا تهديد للكفار التاركين للدخول في السلم أي الإسلام، المتبعين لخطوات الشيطان‏.‏
ومعنى ‏{‏يَنظُرُونَ‏}‏‏:‏ ينتظرون يقال نظرته وانتظرته بمعنى واحد‏.‏ ‏{‏إِلاَّ أَن يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ‏}‏ ذاته سبحانه لفصل القضاء
بينهم يوم القيامة فيجازي كل عامل بعمله‏.‏ ‏{‏فِي ظُلَلٍ مِّنَ الْغَمَامِ‏}‏ الظلل‏:‏ جمع ظلة وهي ما يظلك، والغمام‏:‏
السحاب الرقيق الأبيض سمي بذلك لأنه يغم، أي‏:‏ يستر‏.‏ ‏{‏والْمَلآئِكَة‏}‏ أي‏:‏ والملائكة يجيئون في ظلل من
الغمام‏.‏ ‏{‏وَقُضِيَ الأَمْرُ‏}‏ أي‏:‏ فرغ من الأمر الذي هو إهلاكهم‏.‏


وقوله‏:‏ ‏{‏هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ أَن تَأْتِيهُمُ الْمَلآئِكَةُ‏}‏ أي‏:‏ لقبض أرواحهم ‏{‏أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ‏}‏ أي‏:‏ بذاته سبحانه لفصل
القضاء بين العباد ‏{‏أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ‏}‏ وهو طلوع الشمس من مغربها، وذلك أحد أشراط الساعة الكبار،
إذا وقع أغلق باب التوبة فلا تقبل‏.‏

وقوله‏:‏ ‏{‏كلا‏}‏ حرف ردع وزجر عما ذكر قبلها أي‏:‏ ما هكذا ينبغي أن يكون عملكم من عدم إكرام اليتيم
وعدم الحض على طعام المسكين وأكل التراث وحب المال بكثرة شديدة‏.‏ ‏{‏إِذَا دُكَّتِ الأَرْضُ دَكًّا دَكًّا‏}‏
أي‏:‏ زلزلت وحركت تحريكًا بعد تحريك حتى انهدم كل ما عليها من بناء وعاد هباءً منبثًا‏.‏ ‏{‏وَجَاء رَبُّكَ‏}‏ بذاته
سبحانه لفصل القضاء بين عباده‏.‏ ‏{‏والملك‏}‏ أي‏:‏ جنس الملائكة، ‏{‏صَفًّا صَفًّا‏}‏ منصوب على الحال، أي‏:‏
مصطفين صفًا بعد صف، قد أحدقوا بالجن والإنس‏.‏ كل أهل سماء يكونون صفًا واحدًا محيطين بالأرض ومن
فيها فيكونون سبعة صفوف‏.‏



وقوله‏:‏ ‏{‏وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّمَاء‏}‏ أي‏:‏ يوم القيامة‏.‏ ‏{‏تَشَقَّقُ السَّمَاء‏}‏ أي‏:‏ تنفطر وتنفرج‏.‏ ‏{‏بِالْغَمَامِ‏}‏ الذي هو
ظلل النور العظيم الذي يبهر الأبصار‏.‏ ‏{‏وَنُزِّلَ الْمَلائِكَةُ تَنزِيلًا‏}‏ إلى الأرض فيحيطون بالخلائق في مقام
المحشر ثم يجيء الرب لفصل القضاء بين عباده‏.‏



الشاهد من الآيات‏:‏ أنها أفادت إثبات المجيء والإتيان لله يوم القيامة بذاته على ما يليق بجلاله فصل القضاء
بين عباده ومجيئه وإتيانه سبحانه من صفاته الفعلية يجب إثباتهما على حقيقتهما، ولا يجوز تأويلهما
بمجيء إتيان أمرو كما يفعله نفاة الصفات‏.‏ فيقولون‏:‏ ‏{‏وَجَاء رَبُّكَ‏}‏ أي‏:‏ جاء أمره وهذا من تحريف آيات الله‏.‏



قال الإمام ابن القيم ـ رحمه الله ـ ‏:‏ الإتيان والمجيء المضاف إليه ـ سبحانه ـ نوعان‏:‏ مطلق ومقيد‏.‏ فإذا كان
المراد مجيء رحمته أو عذابه ونحو ذلك قيد بذلك كما في الحديث‏:‏ ‏(‏حتى جاء الله بالرحمة والخير‏)‏، وقوله‏:‏
‏{‏وَلَقَدْ جِئْنَاهُم بِكِتَابٍ فَصَّلْنَاهُ عَلَى عِلْمٍ‏}‏‏.‏ النوع الثاني‏:‏ الإتيان والمجيء المطلق فهذا لا يكون إلا مجيئه
سبحانه كقوله‏:‏ ‏{‏هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ أَن يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِّنَ الْغَمَامِ‏}‏، وقوله‏:‏ ‏{‏وَجَاء رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا‏}‏ ا‏.‏ ه ـ‏.‏



------


[ المصدر ]

http://www.alfawzan.af.org.sa/sites/...iles/3qidh.pdf










ام عادل السلفية 11-04-2015 08:45PM

بسم الله الرحمن الرحيم




【 شرح العقيدة الواسطية 】

لفضيلة الشيخ العلامة الفقيه /
صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان
- حفظه الله ورعاه -

شرح العقيدة الواسطية. ( 27 )

[ المتن ]
:


10 ـ إثبات الوجه لله سبحانه
وقوله‏:‏ ‏{‏وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ‏}‏ ‏{‏كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلاَّ وَجْهَهُ‏}‏‏.‏


[ الشرح ]

{‏وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ‏}‏ هذه الآية جاءت بعد قوله تعالى‏:‏ ‏{‏كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ‏}‏ يخبر تعالى أن جميع أهل الأرض
سيذهبون ويموتون ولا يبقى أحد سوى وجهه الكريم‏.‏ فإن الرب سبحانه لا يموت بل هو الحي الذي لا
يموت أبدًا‏.‏ ‏{

‏ذُو الْجَلالِ‏}‏ أي‏:‏ العظمة والكبرياء‏.‏

{‏وَالإِكْرَامِ‏}‏ أي‏:‏ المكرم لأنبيائه وعباده الصالحين‏.‏ وقيل‏:‏ المستحق أن يكرم عن كل شيء لا يليق به‏.‏


وقوله‏:‏ ‏{‏كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ‏}‏ أي‏:‏ كل من في السماء ومن في الأرض سيذهبون ويموتون‏.‏ ‏
{‏إِلاَّ وَجْهَهُ‏}‏ منصوب على الاستثناء‏.‏ وهذا إخبار بأنه الدائم الباقي الذي تموت الخلائق ولا يموت‏.‏
الشاهد_من_الآيتين‏:‏ أن فيهما إثبات الوجه لله ـ سبحانه ـ وهو من صفاته الذاتية فهو وجه على حقيقته
يليق بجلاله‏.‏ ‏


{‏لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ‏}‏ لا كما يزعم معطلة الصفات أن الوجه ليس على حقيقته وإنما المراد به الذات أو الثواب
أو الجهة أو غير ذلك، وهذه تأويلات باطلة من وجوه‏:‏

منها أنه جاء عطف الوجه على الذات كما في الحديث‏:‏ ‏(‏أعوذ بالله العظيم وبوجهه الكريم‏)‏ والعطف يقتضي
المغايرة‏.‏

ومنها أنه أضاف الوجه إلى الذات فقال‏:‏ ‏{‏وَجْهُ رَبِّكَ‏}‏ ووصف الوجه بقوله‏:‏ ‏{‏ذُو الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ‏}‏ فلما قال‏:‏
‏{‏ذُو الْجَلالِ‏}‏ تبين أنه وصف للوجه لا للذات وأن الجه صفة للذات‏.


ومنها‏:‏ أنه لا يعرف في لغة أمة من الأمم أن وجه الشيء بمعنى ذاته أو الثواب، والوجه في اللغة مستقبل كل شيء
لأنه أول ما يواجه منه وهو في كل شيء بحسب ما يضاف إليه‏.‏



------


[ المصدر ]

http://www.alfawzan.af.org.sa/sites/...iles/3qidh.pdf










ام عادل السلفية 13-04-2015 01:52AM

بسم الله الرحمن الرحيم




【 شرح العقيدة الواسطية 】

لفضيلة الشيخ العلامة الفقيه /
صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان
- حفظه الله ورعاه -

شرح العقيدة الواسطية. ( 28 )

[ المتن ]
:


11 ـ إثبات اليدين لله تعالى في القرآن



وقوله‏:‏ ‏{‏مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ‏}‏ وقوله ‏{‏وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُواْ بِمَا قَالُواْ
بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنفِقُ كَيْفَ يَشَاء‏}‏‏.‏



[ الشرح ]

{‏مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ‏}‏ الخطاب لإبليس لعنه الله لما امتنع من السجود لآدم ـ عليه السلام ـ أي‏:‏ شيء صرفك
وصدك عن السجود‏.‏ ‏

{‏لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ‏}‏ أي‏:‏ باشرت خلقه بيدي من غير واسطة، وفي هذا تشريف وتكريم لآدم‏.‏ قوله‏:‏ ‏{‏وَقَالَتِ الْيَهُودُ‏}‏
اليهود في الأصل من قولهم‏:‏ ‏{‏هُدْنَا إِلَيْكَ‏}‏ وكان اسم مدح ثم صار بعد نسخ شريعتهم لازمًا لهم وإن لم يكن فيه
معنى المدح‏.‏ وقيل‏:‏ سموا بذلك نسبة إلى يهودا بن يعقوب ـ عليه السلام ـ‏.‏



‏{‏يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ‏}‏ يخبر تعالى عنهم بأنهم وصفوه بأنه بخيل، كما وصفوه بأنه فقير وهم أغنياء، لا أنهم يعنون
أن يده موثقة‏.‏

‏{‏غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ‏}‏ هذا رد عليهم من الله تعالى بما قالوه ومقابلة لهم بما افتروه واختلقوه‏.
وهكذا وقع لهم فإن فيهم من البخل والحسد الشيء الكثير، فلا ترى يهوديًا إلا وهو من أبخل خلق الله‏.‏
‏{‏وَلُعِنُواْ بِمَا قَالُواْ‏}‏ معطوفة على ما قبله والباء سببية، أي‏:‏ أبعدوا من رحمة الله بسبب هذه المقالة‏.‏

ثم رد عليهم سبحانه بقوله‏:‏ ‏{‏بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ‏}‏ أي‏:‏ بل هو في غاية ما يكون من الجود والعطاء فيداه
مبسوطتان بذلك‏

.‏ ‏{‏يُنفِقُ كَيْفَ يَشَاء‏}‏‏:‏ جملة مستأنفة مؤكدة لكمال جوده‏.‏ فإنفاقه على ما تقتضيه مشيئته فإن شاء وسع
وإن شاء ضيق‏.

فهو الباسط القابض على ما تقتضيه حكمته‏.


الشاهد من الآيتين الكريمتين‏:
أن فيهما إثبات اليدين لله سبحانه وتعالى، وأنهما يدان حقيقيتان لائقتان بجلاله وعظمته ليسنا كيدي المخلوق،
وزعم أن المراد باليد القدرة أو النعمة وهذا تأويل باطل وتحريف للقرآن الكريم‏.‏



فالمراد باليد القدرة والنعمة، إذ لو كان المراد باليد القدرة كما يقولون لبطل تخصيص آدم بخلقه بهما، فإن جميع
المخلوقات حتى إبليس خلقت بقدرته، فأي مزية لآدم على إبليس في قوله‏:‏ ‏{‏لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ‏}‏‏.‏ فكان يمكن
لإبليس أن يقول‏:‏ وأنا خلقتني بيديك إذا كان المراد بها القدرة‏.


وأيضًا لو كان المراد باليد القدرة لوجب أن يكون لله قدرتان وقد أجمع المسلمون على بطلان ذلك، وأيضًا
لو كان المراد باليد النعمة لكان المعنى أنه خلق آدم بنعمتين وهذا باطل لأن نعم الله كثيرة لا تحصى وليست
نعمتين فقط‏.‏



------


[ المصدر ]

http://www.alfawzan.af.org.sa/sites/...iles/3qidh.pdf









ام عادل السلفية 14-04-2015 06:21AM

بسم الله الرحمن الرحيم




【 شرح العقيدة الواسطية 】

لفضيلة الشيخ العلامة الفقيه /
صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان
- حفظه الله ورعاه -

شرح العقيدة الواسطية. ( 29 )


12 ـ إثبات العينين لله تعالى


[ المتن ] :

وقوله‏:‏ ‏{‏وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا‏}‏ ‏{‏وَحَمَلْنَاهُ عَلَى ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا جَزَاء لِّمَن كَانَ كُفِرَ‏}‏
‏{‏وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِّنِّي وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي‏}‏‏.‏


[ الشرح ]:

{‏وَاصْبِرْ‏}‏ الصبر لغة الحبس والمنع‏.‏ فهو حبس النفس عن الجزع وحبس اللسان عن التشكي والتسخط
وحبس الجوارح عن لطم الخدود وشق الجيوب‏.‏ ‏{‏لِحُكْمِ رَبِّكَ‏}‏ أي‏:‏ لقضائه الكوني والشرعي‏.‏ ‏{‏فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا‏}‏
أي‏:‏ بمرأى منا وتحت حفظنا فلا تبال بأذى الكفار، فإنهم لا يصلون إليك‏.‏



قوله‏:‏ ‏{‏وَحَمَلْنَاهُ‏}‏ أي‏:‏ نوحًا ـ عليه السلام ـ‏.‏ ‏{‏عَلَى ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ‏}‏ أي‏:‏ على سفينة ذات أخشاب عريضة‏.‏
ومسامير شدت بها تلك الألواح، مفردها‏:‏ دسار‏.‏ ‏{‏تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا‏}‏ أي‏:‏ بمنظر ومرأى منا وحفظ لها‏.‏ ‏{‏جَزَاء
لِّمَن كَانَ كُفِرَ‏}‏ أي‏:‏ فعلنا بنوح ـ عليه السلام ـ وبقومه ما فعلنا من إنجائه وإغراقهم ثوابًا لمن كفر به
وجحد أمره، وهو نوح ـ عليه السلام ـ‏.‏


وقوله‏:‏ ‏{‏وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِّنِّي‏}‏ الخطاب لموسى ـ عليه السلام ـ أي‏:‏ وضعتها عليك فأحببتك وحببتك
إلى خلقي‏.‏ ‏{‏وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي‏}‏ أي‏:‏ ولتربى وتغذى بمرأى مني، أراك وأحفظك‏.‏



الشاهد من الآيات‏:‏ أن فيها إثبات العينين لله تعالى حقيقة على ما يليق به سبحانه‏.‏ فقد نطق القرآن بلفظ العين
مضافة إليه مفردة ومجموعة، ونطقت السنة بإضافتها إليه مثناة، وقال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ‏:‏ ‏(‏إن
ربكم ليس بأعور‏) .

وذلك صريح بأنه ليس المراد إثبات عين واحدة فإن ذلك عور ظاهر تعالى الله عنه‏.‏


ولغة العرب جاءت بإفراد المضاف وتثنيته وجمعه بحسب أحوال المضاف إليه‏.‏ فإن أضافوا الواحد المتصل
إلى مفرد أفردوه، وإن أضافوا إلى جمع ظاهرًا أو مضمرًا فالأحسن جمعه مشاكلة للفظ كقوله سبحانه‏:
‏ ‏{‏تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا‏}‏‏.‏ وكقوله‏:‏ ‏{‏أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعَامًا‏}‏ وإن أضافوه إلى اسم مثنى
فالأفصح في لغتهم جمعه كقوله‏:‏ ‏{‏فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا‏}‏ وإنما هما قلبان فلا يلتبس على السامع قول
المتكلم نراك بأعيننا ونأخذك بأيدينا ولا يفهم منه بشر على وجه الأرض عيونًا كثيرة على وجه الأرض
عيونًا كثيرة على وجه واحد، والله أعلم‏.‏



------


[ المصدر ]

http://www.alfawzan.af.org.sa/sites/...iles/3qidh.pdf









ام عادل السلفية 15-04-2015 12:35AM

بسم الله الرحمن الرحيم




【 شرح العقيدة الواسطية 】

لفضيلة الشيخ العلامة الفقيه /
صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان
- حفظه الله ورعاه -

شرح العقيدة الواسطية. ( 30 )


13 ـ إثبات السمع والبصر لله تعالى


[ المتن ] :

وقوله‏:‏ ‏{‏قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ‏}‏
وقوله‏:‏ ‏{‏لَّقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاء‏}‏ ‏{‏أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُم
بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ‏}‏ وقوله‏:‏ ‏{‏إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى‏}‏ وقوله‏:‏ ‏{‏أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى‏}‏ ‏{‏الَّذِي يَرَاكَ
حِينَ تَقُومُ وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ‏}‏ ‏{‏وَقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ‏}‏


[ الشرح ]:

‏{‏قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي‏}‏ وهي خولة بنت ثعلبة ‏{‏تُجَادِلُكَ‏}‏ أيها النبي أي تراجعك الكلام في شأن ‏{‏زَوْجِهَا‏}‏
وهو أوس بن الصامت وذلك حين ظاهر منها‏.‏



‏{‏وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ‏}‏‏:‏ معطوف على ‏{‏تُجَادِلُكَ‏}‏ وذلك أنه كلما قال لها رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ‏:‏
‏(‏قد حرمت عليه‏)‏ قالت‏:‏ والله ما ذكر طلاقًا، ثم تقول‏:‏ أشكو إلى الله فاقتي ووحدتي وأن لي صبية صغارًا إن
ضممتهم إليه ضاعوا وإن ضممتهم إلي جاعوا‏.‏ وجعلت ترفع رأسها إلى السماء وتقول‏:‏ اللهم إني أشكو إليك‏.‏

‏{‏وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا‏}‏ أي‏:‏ تراجعكما في الكلام‏


.‏ ‏{‏إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ‏}‏ يسمع كل الأصوات ويبصر ويرى كل المخلوقات، ومن جملة ذلك ما جادلتك
به هذه المرأة‏.‏

وقوله‏:‏ ‏{‏لَّقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاء‏}‏ هم قوم من اليهود قالوا هذه المقالة لما
أنزل الله‏:‏ ‏{‏مَن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا‏}‏ الآية ‏(‏245‏)‏ من سورة البقرة، قالوا ذلك تمويها على
ضعفائهم لا أنهم يعتقدون ذلك لأنهم أهل كتاب، وإنما قالوا ذلك ليشككوا في دين الإسلام‏.‏



وقوله‏:‏ ‏{‏أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ‏}‏ ما يسرون به في أنفسهم أو ما يتحادثون به سرًا في مكان خال‏.‏


‏{‏وَنَجْوَاهُم‏}‏ أي‏:‏ ما يتناجون به فيما بينهم‏.
والنجوى‏:‏ ما يتحدث به الإنسان مع رفيقه ويخفيه عن غيره‏.‏ ‏{‏بلى‏}‏ نسمع ذلك ونعلم به‏.‏ ‏{‏وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ
يَكْتُبُونَ‏}‏ أي‏:‏ الحفظة عندهم يكتبون جميع ما يصدر عنهم من قول أو فعل‏.‏



وقوله‏:‏ ‏{‏إِنَّنِي مَعَكُمَا‏}‏، يقول تعالى لموسى وأخيه هارون ـ عليهما السلام ـ لما أرسلهما إلى فرعون‏:‏ ‏{‏إِنَّنِي مَعَكُمَا‏}‏
أي‏:‏ بحفظي وكلاءتي ونصري لكما‏.‏ ‏{‏أَسْمَعُ وَأَرَى‏}‏ أي‏:‏ أسمع كلامكما وكلام عدوكما وأرى مكانكما
ومكانه وما يجري منكما ومنه‏.‏ وهذا تعليل لقوله‏:‏ ‏{‏لا تَخَافَا‏}‏‏.‏



قوله‏:‏ ‏{‏أَلَمْ يَعْلَمْ‏}‏ أبو جهل حينما نهى رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ عن الصلاة ‏{‏بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى‏}‏ أي‏:‏
أما علم أن الله يراه ويسمع كلامه وسيجازيه على فعله أتم الجزاء‏.‏ والاستفهام للتقريع والتوبيخ‏.‏



قوله‏:‏ ‏{‏الَّذِي يَرَاكَ‏}‏ أي‏:‏ يبصرك ‏{‏حِينَ تَقُومُ‏}‏ للصلاة وحدك ‏{‏وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ‏}‏ أي‏:‏ ويراك إن
صليت في الجماعة راكعًا وساجدًا وقائمًا ‏{‏إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ‏}‏ لما تقوله ‏{‏الْعَلِيمُ‏}‏ به‏.‏



قوله‏:‏ ‏{‏وَقُلِ اعْمَلُواْ‏}‏ أي‏:‏ قل يا محمد لهؤلاء المنافقين‏:‏ ‏{‏اعْمَلُواْ‏}‏ ما شئتم واستمروا على باطلكم
ولا تحسبوا أن ذلك سيخفى

.‏ ‏{‏فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ‏}‏ أي‏:‏ ستظهر أعمالكم للناس وترى في الدنيا ‏{‏وَسَتُرَدُّونَ‏}‏ بعد الموت
‏{‏إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ‏}‏ فيجازيكم على ذلك‏.‏



الشاهد من الآيات الكريمة‏:‏ في هذه الآيات وصف الله سبحانه بالسمع والبصر وأنه تعالى يسمع ويبصر حقيقة
على ما يليق به منزه عن صفات المخلوقين ومماثلتهم، فالآيات صريحة في إثبات السمع والبصر حيث جاء
فيها إثبات السمع لله بلفظ الماضي والمضارع واسم الفاعل سمع ويسمع وسميع‏.‏ ولا يصح في كلام العرب
أن يقال لشيء هو سميع بصير إلا وذلك الشيء يسمع ويبصر هذا هو الأصل فلا يقال‏:‏ جبل سميع بصير
لأن ذلك مستحيل إلا لمن يسمع ويبصر‏.‏





------


[ المصدر ]

http://www.alfawzan.af.org.sa/sites/...iles/3qidh.pdf








ام عادل السلفية 16-04-2015 04:22PM

بسم الله الرحمن الرحيم




【 شرح العقيدة الواسطية 】

لفضيلة الشيخ العلامة الفقيه /
صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان
- حفظه الله ورعاه -

شرح العقيدة الواسطية. ( 31 )

[ المتن ] :

14 ـ إثبات المكر والكيد لله تعالى على ما يليق به



وقوله‏:‏ ‏{‏وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحَالِ‏}‏ وقوله‏:‏ ‏{‏وَمَكَرُواْ وَمَكَرَ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ‏}‏ وقوله‏:‏ ‏{‏وَمَكَرُوا مَكْرًا وَمَكَرْنَا
مَكْرًا وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ‏}‏ وقوله‏:‏ ‏{‏إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْدًا وَأَكِيدُ كَيْدًا‏}‏‏.‏



[ الشرح ]:

قوله‏:‏ ‏{‏وَهُوَ‏}‏ أي‏:‏ الله سبحانه ‏{‏شَدِيدُ الْمِحَالِ‏}‏ المحل في اللغة‏:‏ الشدة، أي شديد الكيد، قال الزجاج‏:‏ يقال‏:
‏ ما حلته محالًا إذا قاويته حتى يتبين أيكما أشد‏.‏

وقال ابن الأعرابي‏:‏ المحال‏:‏ المكر‏.‏ فهو سبحانه شديد المكر وشديد الكيد، والمكر من الله‏:‏ إيصال المكروه
إلى من يستحقه من حيث لا يشعر‏.‏



وقوله‏:‏ ‏{‏وَمَكَرُوا‏}‏ أي‏:‏ الذين أحس عيسى منهم الكفر، وهم كفار بني إسرائيل الذين أرادوا قتل عيسى وصلبه‏.‏
والمكر‏:‏ فعل شيء يراد به ضده‏.‏ ‏{‏وَمَكَرَ اللَّهُ‏}‏ أي‏:‏ استدرجهم وجازاهم على مكرهم فألقى شبه عيسى
على غيره‏.‏ ورفع عيسى إليه‏.‏



‏{‏وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ‏}‏ أي‏:‏ أقواهم وأقدرهم على إيصال الضرر بمن يستحقه من حيث لا يشعر ولا يحتسب‏.‏


وقوله‏:‏ ‏{‏وَمَكَرُوا‏}‏ أي‏:‏ الكفار الذين تحالفوا على قتل نبي الله صالح ـ عليه السلام ـ وأهل خفية خوفًا من
أوليائه‏.‏ ‏{‏وَمَكَرْنَا مَكْرًا‏}‏ جازيناهم بفعلهم هذا فأهلكناهم ونجينا نبينا‏.‏ ‏{‏وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ‏}‏ بمكرنا‏.

‏ وقوله‏:‏ ‏{‏إنهم‏}‏ أي‏:‏ كفار قريش ‏{‏يَكِيدُونَ كَيْدًا‏}‏ أي‏:‏ يمكرون لإبطال ما جاء به محمد ـ صلى الله
عليه وسلم ـ من الدين الحق‏.‏

‏{‏وَأَكِيدُ كَيْدًا‏}‏ أي‏:‏ أستدرجهم وأجازيهم على كيدهم فآخذهم على غرة وهم لا يشعرون‏.‏


الشاهد من الآيات‏:‏ في هذه الآيات وصف الله بالمكر والكيد ونسبة لك إيه سبحانه حقيقة على بابه، فإن
المكر إيصال الشيء إلى الغير بطريق خفي، وكذلك الكيد والمخادعة والمكر‏.‏



والكيد نوعان‏:‏ قبيح وهو إيصال ذلك لمن لا يستحقه‏.‏ وحسن وهو إيصاله إلى من يستحقه عقوبة له، الأول مذموم،
والثاني ممدوح‏.‏ والرب تعالى إنما يفعل من ذلك ما يحمد عليه عدلًا منه وحكمة، وهو تعالى يأخذ الظالم
والفاجر من حيث لا يحتسب، لا كما يفعل الظلمة بعباد الله والله أعلم‏.‏



والله سبحانه لم يصف نفسه بالكيد والمكر والخداع إلا على وجه الجزاء لمن فعل ذلك بغير حق‏.‏ وقد علم
أن المجازاة حسنة من المخلوق، فكيف بالخالق سبحانه وتعالى‏؟‏ ‏!‏‏.‏



تنبيه‏:‏

نسبة الكيد والمكر ونحوهما إليه سبحانه من إطلاق الفعل عليه تعالى، والفعل أوسع من الاسم ولهذا أطلق الله
على نفسه أفعالًا لم يتسم منها بأسماء الفاعل، كأراد وشاء ولم يسم بالمريد والشائي‏.‏

وكذا مكر ويمكر‏.‏ وأكيد كيدًا، ولا يقال الماكر والكائد لأن مسمياتها تنقسم إلى ممدوح ومذموم‏.‏




------


[ المصدر ]

http://www.alfawzan.af.org.sa/sites/...iles/3qidh.pdf








ام عادل السلفية 16-04-2015 06:56PM

بسم الله الرحمن الرحيم




【 شرح العقيدة الواسطية 】

لفضيلة الشيخ العلامة الفقيه /
صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان
- حفظه الله ورعاه -

شرح العقيدة الواسطية. ( 32 )


[ المتن ] :


15 ـ وصف الله بالعفو والمغفرة والرحمة والعزة والقدرة

وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏إِن تُبْدُواْ خَيْرًا أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُواْ عَن سُوَءٍ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا قَدِيرًا‏}‏ ‏{‏وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلا
تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ‏}‏ وقوله‏:‏ ‏{‏وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ‏}‏ وقوله عن إبليس‏:‏ ‏{‏فَبِعِزَّتِكَ لأغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ‏}‏‏.‏



[ الشرح ]:

{‏إِن تُبْدُواْ خَيْرًا‏}‏ أي‏:‏ تظهروه ‏{‏أَوْ تُخْفُوهُ‏}‏ فتعملوه سرا‏.‏ ‏{‏أَوْ تَعْفُواْ عَن سُوَءٍ‏}‏ أي‏:‏ تتجاوزوا عمن أساء إليكم
‏{‏فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا قَدِيرًا‏}‏ عن عباده يتجاوز عنهم ‏{‏قَدِيرًا‏}‏ على الانتقام منهم بما كسبت أيديهم فاقتدوا به
سبحانه فإنه يعفو مع القدرة‏.‏



قوله‏:‏ ‏{‏وَلْيَعْفُوا‏}‏ أي‏:‏ ليستر ويتجاوز أولو الفضل والسعة المذكورون في أول الآية ‏{‏وَلْيَصْفَحُوا‏}‏ بالإعراض
عن الجاني والإغماض عن جنايته‏.

‏ ‏{‏أَلا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ‏}‏ بسبب عفوكم وصفحكم عن المسيئين إليكم ‏{‏وَاللَّهُ غَفُورٌ‏}‏ كثير المغفرة ‏
{‏رَّحِيمٌ‏}‏ كثير الرحمة‏.‏



قوله‏:‏ ‏{‏وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ‏}‏ هذا رد على المنافقين الذين زعموا أن العزة لهم على المؤمنين والعزة هي‏:‏ القوة
والغلبة وهي لله وحده ولمن أفاضها عليه من رسوله وصالحي عبيده لا لغيرهم‏.‏



قوله عن إبليس‏:‏ ‏{‏فَبِعِزَّتِكَ‏}‏ أقسم بعزة الله تعالى‏:‏ ‏{‏لأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ‏}‏ لأضلن بني آدم بتزيين الشهوات لهم
وإدخال الشبهات عليهم حتى يصيروا غاوين جميعًا‏.‏ ثم لما علم أن كيده لا ينجح إلا في أتباعه من أهل الكفر
والمعاصي استثنى فقال‏:‏ ‏{‏إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ‏}‏‏.‏



الشاهد من الآيات‏:‏ أن فيها وصف الله بالعفو والقدرة والمغفرة والرحمة والعزة وهي صفات كمال تليق به‏.



------


[ المصدر ]

http://www.alfawzan.af.org.sa/sites/...iles/3qidh.pdf






ام عادل السلفية 17-04-2015 08:25PM

بسم الله الرحمن الرحيم



【 شرح العقيدة الواسطية 】

لفضيلة الشيخ العلامة الفقيه /
صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان
- حفظه الله ورعاه -

شرح العقيدة الواسطية. ( 33 )


[ المتن ] :


ـ إثبات الاسم لله ونفي المثل عنه



وقوله‏:‏ ‏{‏تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ‏}‏ وقوله‏:‏ ‏{‏فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا‏}‏ ‏{‏وَلَمْ
يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ‏}‏ ‏{‏فَلاَ تَجْعَلُواْ لِلّهِ أَندَادًا وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ‏}‏ ‏{‏وَمِنَ النَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ اللَّهِ أَندَادًا يُحِبُّونَهُمْ
كَحُبِّ اللَّهِ‏}‏‏.‏



[ الشرح ]:

{‏تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ‏}‏ البركة لغة النماء والزيادة‏.‏ والتبرك‏:‏ الدعاء بالبركة‏.‏ ومعنى ‏{‏تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ‏}‏ تعاظم أو علا
وارتفع شأنه‏.‏

وهذا اللفظ لا يطلق إلا على الله ‏{‏ذِي الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ‏}‏ تقدم تفسيره في آيات إثبات الوجه‏.‏


قوله‏:‏ ‏{‏فَاعْبُدْهُ‏}‏ أي‏:‏ أفرده بالعبادة ولا تعبد معه غيره‏.‏ والعبادة لغة‏:‏ الذل والخضوع، وشرعًا‏:‏ اسم جامع لما
يحبه الله ويرضاه من الأعمال والأقوال الظاهرة والباطنة‏.‏ ‏

{‏وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ‏}‏ أي‏:‏ اثبت على عبادته ولازمها واصبر على مشاقها ‏{‏هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا‏}‏ الاستفهام للإنكار،
والمعنى أنه ليس له مثل ولا نظير حتى يشاركه في العبادة‏.‏

وقوله‏:‏ ‏{‏وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ‏}‏ الكفء في لغة العرب‏:‏ النظير، أي‏:‏ ليس له نظير ولا مثيل ولا شريك من
خلقه‏.‏


قوله‏:‏ ‏{‏فَلاَ تَجْعَلُواْ لِلّهِ أَندَادًا‏}‏ الند في اللغة‏:‏ المثل والنظير والشبيه، أي‏:‏ لا تتخذوا لله أمثالًا ونظراء تعبدونهم معه
وتساوونهم به في الحب والتعظيم‏.

‏ ‏{‏وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ‏}‏ أنه ربكم وخالقكم وخالق كل شيء وأنه لا يد له يشاركه في الخلق‏.‏
‏{‏وَمِنَ النَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ اللَّهِ أَندَاد‏}‏ لما فرغ سبحانه من ذكر الدليل على وحدانيته في الآية التي قبلها،
أخبر أنه مع هذا الدليل الظاهر المفيد لعظيم سلطانه وجليل قدرته وتفرده بالخلق أخبر أنه مع ذلك قد وجد
في الناس من يتخذ معه سبحانه ندًا يعبده من الأصنام العاجزة ‏{‏يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ‏}‏ أي‏:‏ أن هؤلاء الكفار
لم يقتصروا على مجرد عبادة تلك الأنداد بل أحبوها حبًا عظيمًا وأفرطوا في حبها كما يحبون الله، فقد
سووهم بالله في الخلق والرزق والتدبير‏.‏



الشاهد من الآيات‏:‏ أن فيها إثبات اسم الله وتعظيمه وإجلاله‏.‏ وفيها نفي السمي والكفء والند عن الله سبحانه
وهو نفي مجمل، وهذه في الطريقة الواردة في الكتاب والسنة فيما ينفي عن الله تعالى وهي أن ينفي عن الله
ـ عز وجل ـ كل ما يضاد كماله الواجب من أنواع العيوب والنقائص‏.



------


[ المصدر ]

http://www.alfawzan.af.org.sa/sites/...iles/3qidh.pdf







ام عادل السلفية 19-04-2015 01:22AM

بسم الله الرحمن الرحيم



【 شرح العقيدة الواسطية 】

لفضيلة الشيخ العلامة الفقيه /
صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان
- حفظه الله ورعاه -

شرح العقيدة الواسطية. ( 34 )


[ المتن ] :


18 ـ إثبات استواء الله على عرشه

وقوله‏:‏ ‏{‏الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى‏}‏ في سبعة مواضع‏:‏
في سورة الأعراف قوله‏:‏ ‏{‏إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ‏}‏
وقال في سورة يونس ـ عليه السلام ـ‏:‏ ‏{‏إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ‏}‏
وقال في سورة الرعد‏:‏ ‏{‏اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ‏}‏
وقال في سورة طه‏:‏ ‏{‏الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى‏}‏
وقال في سورة الفرقان‏:‏ ‏{‏ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ الرَّحْمَنُ‏}‏
وقال في سورة الم السجدة‏:‏ ‏{‏اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ‏}‏
وقال في سورة الحديد‏:‏ ‏{‏هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ‏}‏‏.‏


[ الشرح ]:

أي قد ورد إثبات استواء الله على عرشه في سبع آيات من كتاب الله، كلها قد ورد فيها إثبات الاستواء بلفظ
واحد هو‏:‏ ‏{‏اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ‏}‏ فهو نص في معناه الحقيقي لا يحتمل التأويل بمعنى آخر‏.‏ والاستواء صفة فعلية
ثابتة لله سبحانه على ما يليق بجلاله كسائر صفاته، وله في لغة العرب أربعة معان هي‏:‏

علا، وارتفع، وصعد، واستقر‏.‏
وهذه المعاني الأربعة تدور عليها تفاسير السلف للاستواء الوارد في هذه الآيات الكريمة‏.‏
فقوله في الآية الأولى والثانية‏:‏ ‏{‏إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ‏}‏ أي‏:‏ هو خالقكم ومربيكم بنعمه والذي يجب عليكم أن تعبدوه
وحده ‏{‏الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ‏}‏ أي‏:‏ هو خالق العالم‏.‏


سماواته وأرضه وما بين ذلك ‏{‏فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ‏}‏ هي الأحد والاثنين والثلاثاء والأربعاء والخميس والجمعة،
ففي يوم الجمعة اجتمع الخلق كله وفيه خلق آدم ـ عليه السلام ـ ‏{‏ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ‏}‏ أي‏:‏ علا وارتفع
على العرش كما يليق بجلاله‏.‏

وهذا محل الشاهد من الآية‏.


‏ والعرش في اللغة هو سرير الملك‏.‏ والمراد هنا كما يدل عليه مجموع النصوص‏:‏ سرير ذو قوائم تحمله الملائكة،
وهو كالقبة على العالم هو سقف المخلوقات‏.‏

وقوله في الآية الثالثة‏:‏ ‏{‏اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ‏}‏ أي‏:‏ رفعها عن الأرض رفعًا بعيدًا لا ينال ولا يدرك مداه ‏{‏بِغَيْرِ
عَمَدٍ تَرَوْنَهَا‏}‏ العمد هي الأساطين جمع عماد‏.‏ أي‏:‏ قائمة بغير عمد تعتمد عليها بل بقدرته سبحانه‏.‏ وقوله‏:
‏ ‏{‏تَرَوْنَهَا‏}‏ تأكيد لنفي العمد‏.‏ وقيل لها عمد ولكن لا نراها‏.‏ ولأول أصح‏.‏ ‏{‏ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ‏}‏ هذا محل
الشاهد من الآية الكريمة لإثبات الاستواء‏.‏ والكلام على بقية الآيات كالكلام على هذه الآية‏.‏



ويستفاد منها جميعًا‏:‏ إثبات استواء الله على عرشه على ما يليق بجلاله، وفيها الرد على من أول الاستواء بأنه
الاستيلاء والقهر، وفسر العرش بأنه الملك، فقال استوى على العرش، معناه استولى على الملك وقهر غيره‏.‏
وهذا باطل من وجوه كثيرة منها‏:‏


أولًا‏:‏ أن هذا تفسير محدث مخالف لتفسير السلف من الصحابة والتابعين وأتباعهم، وأول من قال به‏:‏
الجهمية والمعتزلة‏.‏ فهو مردود‏.‏



ثانيًا‏:‏ لو كان المراد بالاستواء على العرش الاستيلاء على الملك لم يكن هناك فرق بين العرش والأرض السابعة
السفلى والدواب وجميع المخلوقات، لأنه مستولٍ على الجميع ومالك للجميع‏.‏ فلا يكون لذكر العرش
فائدة‏.‏



ثالثًا‏:‏ أن هذا اللفظ ‏{‏اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ‏}‏ قد اطرد في الكتاب والسنة ولم يأت في لفظ واحد ‏(‏استولى على
العرش‏)‏ حتى تفسر به بقية النصوص‏.‏



رابعًا‏:‏ أنه أتى ب ـ ‏{‏ثم‏}‏ التي تفيد الترتيب والمهلة، فلو كان معنى الاستواء الاستيلاء على العرش والقدرة عليه
لم يتأخر ذلك إلى ما بعد خلق السموات والأرض فإن العرش كان موجودًا قبل خلق السموات والأرض، بخمسين
ألف سنة كما ثبت في الصحيحين فكيف يجوز أن يكون غير قادر ولا مسئول عليه إلى أن خلق السموات
والأرض‏.‏ هذا من أبطل الباطل، والله أعلم‏.‏




------


[ المصدر ]

http://www.alfawzan.af.org.sa/sites/...iles/3qidh.pdf

التصفية والتربية

TarbiaTasfia@








ام عادل السلفية 19-04-2015 11:14PM

بسم الله الرحمن الرحيم



【 شرح العقيدة الواسطية 】

لفضيلة الشيخ العلامة الفقيه /
صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان
- حفظه الله ورعاه -

شرح العقيدة الواسطية. ( 35 )


19 ـ إثبات علو الله على مخلوقاته

[ المتن ] :

وقوله‏:‏ ‏{‏يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ‏}‏ ‏{‏بَل رَّفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ‏}‏ ‏{‏إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ‏}‏
‏{‏يَا هَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحًا لَّعَلِّي أَبْلُغُ الأَسْبَابَ أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لأَظُنُّهُ كَاذِبًا‏}‏ ‏{‏أَأَمِنتُم مَّن
فِي السَّمَاء أَن يَخْسِفَ بِكُمُ الأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ أَمْ أَمِنتُم مَّن فِي السَّمَاء أَن يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ‏}‏‏.‏


[ الشرح ]:

‏{‏يَا عِيسَى‏}‏ خطاب من الله ـ تبارك وتعالى ـ لعيسى بن مريم ـ عليه الصلاة والسلام ـ ‏{‏إِنِّي مُتَوَفِّيكَ‏}‏ الذي عليه الأكثر
أن المراد بالوفاة هنا النوم كما قال تعالى‏:‏ ‏{‏اللَّهُ يَتَوَفَّى الأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا‏}‏ الآية ‏(‏42‏)‏
من سورة الزمر‏.‏ ‏{‏وَرَافِعُكَ إِلَيَّ‏}‏ أي‏:‏ رفعه الله إليه في السموات وهو حي‏.‏
وهذا محل الشاهد من الآية وهو إثبات العلو لله لأن الرفع يكون إلى أعلى‏.‏



وقوله‏:‏ ‏{‏بَل رَّفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ‏}‏ هذا رد على اليهود الذين يدعون أنهم قتلوا المسيح عيسى بن مريم فقال تعالى‏:‏ ‏{‏وَمَا قَتَلُوهُ
وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِن شُبِّهَ لَهُمْ‏}‏ إلى قوله‏:‏ ‏{‏وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا‏}‏ الآية ‏(‏157‏)‏ من سورة النساء ‏{‏بَل رَّفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ‏}‏ أي‏:‏
رفع الله سبحانه وتعالى المسيح ـ عليه السلام ـ إليه وهو حي لم يقتل‏.‏ وهذا محل الشاهد لأن فيه إثبات علو الله
على خلقه لأن الرفع يكون إلى أعلى‏.‏


وقوله‏:‏ ‏{‏إِلَيْهِ يَصْعَدُ‏}‏ أي‏:‏ إلى الله سبحانه لا إلى غيره يرتفع ‏{‏الْكَلِمُ الطَّيِّبُ‏}‏ أي‏:‏ الذكر والتلاوة والدعاء ‏{‏وَالْعَمَلُ
الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ‏}‏ أي‏:‏ العمل الصالح، يرفع الكلم الطيب، فإن الكلم الطيب لا يقبل إلا مع العمل الصالح فمن ذكر
الله تعالى ولم يؤد فرائضه رد كلامه، قال إياس بن معاوية‏:‏ ولولا العمل الصالح لم يرفع الكلام‏.‏ وقال الحسن وقتادة‏:‏
لا يقبل قول إلا بعمل‏.‏ والشاهد من الآية‏:‏ أن فيها إثبات علو الله على خلقه لأن والرفع يكونان إلى أعلى‏.‏


وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏يَا هَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحًا‏}‏ هذا من مقولة فرعون لوزيره هامان يأمره أن يبني له قصرًا منيفًا عاليًا ‏{‏لَّعَلِّي أَبْلُغُ
الأَسْبَابَ أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ‏}‏ أي‏:‏ طرق السموات أو أبوابها ‏{‏فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ مُوسَى‏}‏ بنصب ‏{‏فَأَطَّلِعَ‏}‏ بأن مضمرة
بعد فاء السببية، ومعنى مقالته هذه تكذيب موسى ـ عليه السلام ـ في أن الله أرسله، أو أن إلهًا في السماء‏.‏ ولذلك
قال‏:‏ ‏{‏وَإِنِّي لأَظُنُّهُ كَاذِبًا‏}‏ أي‏:‏ فيما يدعيه من الرسالة أو فيما يدعيه بأن له إلها في السماء والشاهد من الآية‏:‏ أن
فيها إثبات علو الله على خلقه، حيث أن موسى ـ عليه السلام ـ أخبر بذلك وحاول فرعون في تكذيبه‏.‏


وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏أَأَمِنتُم‏}‏ الآمن‏:‏ ضد الخوف ‏{‏مَّن فِي السَّمَاء‏}‏ أي‏:‏ عقوبة من في السماء وهو الله سبحانه،
ومعنى ‏{‏فِي السَّمَاء‏}‏ أي على السماء، كقوله تعالى‏:‏ ‏{‏وَلأصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ‏}‏ وهذا إن أريد بالسماء السماء
المبنية، وإن أريد بالسماء مطلق العلو ففي للظرفية، أي‏:‏ في العلو‏.‏ ‏{‏أَن يَخْسِفَ بِكُمُ الأَرْضَ‏}‏ أي‏:‏ يقلعها بكم
كما فعل بقارون ‏{‏فإذا هي تمور‏}‏ أي‏:‏ تضطرب وتتحرك‏.‏

‏{‏أَمْ أَمِنتُم مَّن فِي السَّمَاء أَن يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا‏}‏ أي‏:‏ حجارة من السماء كما أرسلها على قوم لوط وأصحاب
الفيل‏.‏ وقيل‏:‏ سحاب فيها حجارة، وقيل‏:‏ ريح فيها حجارة ‏{‏فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ‏}‏ أي‏:‏ إنذاري إذا عاينتم العذاب
ولا ينفعكم حينذاك هذا العلم‏.‏


والشاهد من الآيتين‏:‏ أن فيهما إثبات علو الله على خلقه حيث صرحنا أنه سبحانه في السماء، فقد دلت هذه
الآيات التي ذكرها المؤلف ـ رحمة الله عليه ـ على إثبات العلو‏.‏ كما دلت هذه الآيات التي قبلها على إثبات استواء
الله على العرش‏.‏ والفرق بين الاستواء والعلو‏:‏

1 ـ أن العلو من صفات الذات والاستواء من صفات الأفعال، فعلو الله على خلقه وصف لازم لذاته، والاستواء
فعل من أفعاله سبحانه يفعله ـ سبحانه وتعالى ـ بمشيئته وقدراته إذا شاء ولذا قال فيه‏:‏ ‏{‏ثُمَّ اسْتَوَى‏}‏ وكان ذلك
بعد خلق السموات والأرض‏.‏



2 ـ أن العلو من الصفات الثابتة بالعقل والنقل‏.‏ والاستواء ثابت بالنقل لا بالعقل‏.‏



------


[ المصدر ]

http://www.alfawzan.af.org.sa/sites/...iles/3qidh.pdf








ام عادل السلفية 21-04-2015 12:37AM

بسم الله الرحمن الرحيم




【 شرح العقيدة الواسطية 】

لفضيلة الشيخ العلامة الفقيه /
صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان
- حفظه الله ورعاه -

شرح العقيدة الواسطية. ( 36 )


20 ـ إثبات معية الله لخلقه



[ المتن ] :

وقوله‏:‏ ‏{‏هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ
مِنْهَا وَمَا يَنزِلُ مِنَ السَّمَاء وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ‏}‏ ‏{‏مَا يَكُونُ مِن نَّجْوَى
ثَلاثَةٍ إِلاَّ هُوَ رَابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلاَّ هُوَ سَادِسُهُمْ وَلا أَدْنَى مِن ذَلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلاَّ هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُم
بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ‏}‏ وقوله‏:‏ ‏{‏لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا‏}‏ ‏{‏إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى‏}‏ ‏{‏إِنَّ اللَّهَ
مَعَ الَّذِينَ اتَّقَواْ وَّالَّذِينَ هُم مُّحْسِنُونَ‏}‏ ‏{‏وَاصْبِرُواْ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ‏}‏‏.‏



[ الشرح ]:

قوله تعالى‏:‏ ‏{‏هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ ـ إلى قوله ـ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا‏}‏‏:‏ تقدم تفسيره .
وقوله‏:‏ ‏{‏وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ‏}‏ أي‏:‏ هو معكم بعلمه رقيب عليكم شهيد على أعمالكم حيث كنتم وأين كنتم
في بر أو بحر في ليل أو نهار في البيوت أو القفار الجميع في علمه على السواء تحت سمعه وبصره‏.‏ يسمع
كلامكم، يرى مكانكم، وهذا محل الشاهد من الآية الكريمة ففيه إثبات المعية العامة ‏{‏وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ‏}‏
لا يخفى عليه شيء من أعمالكم‏.‏



وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏مَا يَكُونُ مِن نَّجْوَى ثَلاثَةٍ‏}‏ النجوى‏:‏ السر، والمعنى‏:‏ ما يوجد من تناجي ثلاثة ‏{‏إِلاَّ هُوَ رَابِعُهُمْ وَلا
خَمْسَةٍ إِلاَّ هُوَ سَادِسُهُمْ‏}‏ أي‏:‏ جاعلهم أربعة وجاعلهم ستة من حيث إنه سبحانه يشاركهم في الاطلاع على
تلك النجوى، وتخصيص هذين العددين بالذكر لأن أقل عادات المتناجين أن يكونوا ثلاثة أو خمسة، أو أن سبب
النزول تناجي ثلاثة في واقعة وخمسة في واقعة أخرى‏.‏ وإلا فهو سبحانه مع كل عدد قل أو كثر ولهذا قال تعالى‏:‏
‏{‏وَلا أَدْنَى مِن ذَلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلاَّ هُوَ مَعَهُمْ‏}‏ أي‏:‏ ولا أقل من العدد المذكور كالواحد والاثنين ولا أكثر منه كالستة
والسبعة ‏{‏إِلاَّ هُوَ مَعَهُمْ‏}‏ بعلمه يعلم ما يتناجون به ولا يخفى عيه شيء منه‏.‏



قال المفسرون‏:‏ إن المنافقين واليهود كانوا يتناجون فيما بينهم، ويوهمون المؤمنين أنهم يتناجون فيما يسوؤهم
فيحزنون لذلك، فلما طال ذلك وكثر، شكوا إلى رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فأمرهم أن لا يتناجون فيما
يتناجوا دون المسلمين فلم ينتهوا عن ذلك وعادوا إلى مناجاتهم فأنزل الله هذه الآيات‏.‏



وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏أَيْنَ مَا كَانُوا‏}‏ معناه‏:‏ إحاطة علمه سبحانه بكل تناج يقع منهم في أي مكان ‏{‏ثُمَّ يُنَبِّئُهُم‏}‏ أي
يخبرهم سبحانه ‏{‏بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ‏}‏ ويجازيهم على ذلك وفي هذا تهديد لهم وتوبيخ ‏{‏إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ
عَلِيمٌ‏}‏ لا يخفى عليه شيء‏.‏



والشاهد من الآية أن فيها إثبات معية الله لخلقه، وهي معية عامة مقتضاها الإحاطة والعلم بجميع أعمالهم ولهذا
يقول الإمام أحمد ـ رحمه الله ـ‏:‏ افتتح الآية بالعلم واختتمها بالعلم‏.‏



وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا‏}‏ هذا خطاب من النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ لصاحبه أبي بكر ـ رضي الله عنه ـ
حينما كانا في الغار وقت الهجرة وقد لحق بهما المشركون، فحزن أبو بكر ـ رضي الله عنه ـ خوفًا على النبي
ـ صلى الله عليه وسلم ـ من أذى الكفار فقال له النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ‏:‏ ‏(‏لا تحزن‏)‏ أي‏:‏ دع الحزن ‏(‏إن الله معنا‏)‏
بنصره وعونه وتأييده‏.‏ ومن كان الله معه فلن يغلب‏.‏ ومن لا يغلب لا يحق له أم يحزن‏.‏



والشاهد من الآية‏:‏ أن فيها إثبات المعية الخاصة بالمؤمنين التي مقتضاها النصر والتأييد‏.‏


وقوله تعالى لموسى وهارون عليهما السلام‏:‏ ‏{‏إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى‏}‏ أي‏:‏ لا تخافا من فرعون ‏{‏إِنَّنِي مَعَكُمَا‏}‏ تعليل للنهي،
أي‏:‏ معكما بالنصر لكما والمعونة على فرعون ‏{‏أَسْمَعُ‏}‏ كلامكما وكلامه ‏{‏وَأَرَى‏}‏ مكانكما ومكانه لا يخفى
علي من أمركم شيء‏.‏



والشاهد من الآية‏:‏ أن فيها إثبات المعية الخاصة في حق الله تعالى لأوليائه بالنصر والتأييد، كما أن فيها إثبات
السمع والبصر له ـ سبحانه وتعالى ـ‏.‏ وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَواْ‏}‏ أي‏:‏ تركوا المحرمات والمعاصي
على اختلاف أنواعها ‏{‏وَّالَّذِينَ هُم مُّحْسِنُونَ‏}‏ بتأدية الطاعات والقيام بما أمروا به، فهو سبحانه مع هؤلاء بتأييده ونصره
ومعونته، وهذه معية خاصة وهي محل الشاهد من الآية الكريمة‏.‏



وقوله‏:‏ ‏{‏وَاصْبِرُوا‏}‏ فهو سبحانه مع الصابرين في كل أمر ينبغي الصبر فيه‏.‏
والشاهد من الآية الكريمة‏:‏ أن فيها إثبات
معية الله للصابرين على طاعته والمجاهدين في سبيله، قال الإمام الشوكاني‏:‏ ويا حبذا هذه المعية التي لا يغلب من
رزقها غال ولا يؤتى صاحبها من جهة من الجهات وإن كانت كثيرة‏.‏ اه ـ‏.‏



وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً‏}‏ الفئة‏:‏ الجماعة والقطعة منهم ‏{‏بِإِذْنِ اللَّهِ‏}‏ أي‏:‏ بإرادته وقضائه
ومشيئته ‏{‏وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ‏}‏‏:‏ هذا محل الشاهد من الآية الكريمة، وهو إثبات معية الله سبحانه للصابرين على الجهاد
في سبيله، وهي معية خاصة مقتضاها النصر والتأييد‏.‏



ما يستفاد من مجموع الآيات السابقة‏:
‏ أفادت إثبات المعية، وأنها نوعان‏:‏


النوع الأول‏:‏
معية عامة كما في الآيتين الأوليين، ومقتضى هذه المعية إحاطته سبحانه بخلقه وعلمه بأعمالهم
خيرها وشرها ومجازاتهم عليها‏.‏

النوع الثاني‏:‏ معية خاصة بعباده المؤمنين ومقتضاها النصر التأييد والحفظ، وهذا النوع تدل عليه الآيات الخمس
الباقية التي أوردها المؤلف ـ رحمه الله ـ‏.‏ ومعيته ليس كقرب المخلوق ومعية المخلوق للمخلوق، فإنه سبحانه
‏{‏لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ‏}‏ ولأن المعية مطلق المقارنة لا تقتضي مماسة ولا محاذاة‏.‏ تقول العرب‏:‏
ما زلنا نمشي والقمر معنا مع أنه فوقهم والمسافة بينهم وبينه بعيدة‏.‏ فعلو الله ـ جل جلاله ـ ومعيته لخلقه لا تنافي بينهما‏.‏
وسيأتي لهذا مزيد بيان إن شاء الله‏.‏




------


[ المصدر ]

http://www.alfawzan.af.org.sa/sites/...iles/3qidh.pdf







ام عادل السلفية 21-04-2015 11:23PM

بسم الله الرحمن الرحيم





【 شرح العقيدة الواسطية 】

لفضيلة الشيخ العلامة الفقيه /
صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان
- حفظه الله ورعاه -

شرح العقيدة الواسطية. ( 37 )


21 ـ إثبات الكلام لله تعالى

[ المتن ] :

وقوله‏:‏ ‏{‏وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا‏}‏ ‏{‏وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلًا‏}‏ ‏{‏إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسى ابْنَ مَرْيَمَ‏}‏ ‏{‏وَتَمَّتْ كَلِمَةُ
رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا‏}‏ ‏{‏وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا‏}‏ ‏{‏مِّنْهُم مَّن كَلَّمَ اللَّهُ‏}‏ ‏{‏وَلَمَّا جَاء مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ‏}‏ ‏{‏وَنَادَيْنَاهُ
مِن جَانِبِ الطُّورِ الأَيْمَنِ وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيًّا‏}‏ ‏{‏وَإِذْ نَادَى رَبُّكَ مُوسَى أَنِ ائْتِ الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ‏}‏ ‏{‏وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا
عَن تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ‏}‏ ‏{‏وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ مَاذَا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ‏}‏ ‏{‏وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى
يَسْمَعَ كَلاَمَ اللَّهِ‏}‏ ‏{‏وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِّنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلاَمَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِن بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ‏}‏
‏{‏يُرِيدُونَ أَن يُبَدِّلُوا كَلامَ اللَّهِ قُل لَّن تَتَّبِعُونَا كَذَلِكُمْ قَالَ اللَّهُ مِن قَبْلُ‏}‏ ‏{‏وَاتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِن كِتَابِ رَبِّكَ لا
مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ‏}‏ ‏{‏إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَقُصُّ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَكْثَرَ الَّذِي هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ‏}‏‏.‏



[ الشرح ]:

قوله تعالى‏:‏ ‏{‏وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ‏}‏ أي‏:‏ لا أحد أصدق منه سبحانه فهو استفهام إنكاري

‏{‏حَدِيثًا‏}‏ أي‏:‏ في حديثه وخبره وأمره ووعده ووعيده
وقوله‏:‏ ‏{‏وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلًا‏}‏ القيل‏:‏ مصدر قال كالقول‏.‏ أي‏:‏ لا أحد أصدق قولًا من الله ـ عز وجل ـ‏.‏


والشاهد من الآيتين الكريمتين أن فيهما إثبات الحديث والقيل لله سبحانه، ففيهما إثبات الكلام له سبحانه‏.‏
وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ‏}‏ أي‏:‏ اذكر ‏{‏وَإِذْ قَالَ اللَّهُ‏}‏ جمهور المفسرين ذهب إلى أن هذا
القول منه سبحانه يكون يوم القيامة، وهو توبيخ للذين عبدوا المسيح وأمه من النصارى‏.‏

وهي كالآيتين السابقتين فيهما إثبات القول لله تعالى وأنه يقول إذ شاء‏.‏


وقوله‏:‏ ‏{‏وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا‏}‏ المراد بالكلمة كلامه سبحانه‏.‏
وقوله‏:‏ ‏{‏صِدْقًا‏}‏ أي‏:‏ في إخباره سبحانه
‏{‏وَعَدْلًا‏}‏ أي‏:‏ في أحكامه و ‏{‏صدقًا، وعدلًا‏}‏ منصوبان على التمييز، وفي الآية إثبات الكلام لله تعالى‏.‏

وقوله‏:‏ ‏{‏وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا‏}‏ هذا تشريف لموسى ـ عليه السلام ـ بأن الله كلمه أي أسمعه كلامه، ولهذا يقال له‏:
‏ الكليم و‏{‏تَكْلِيمًا‏}‏ مصدر مؤكد لدفع كون التكليم مجازًا‏.



‏ ففي الآية إثبات الكلام لله وأنه كلم موسى -عليه السلام-‏.‏
وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏مِّنْهُم مَّن كَلَّمَ اللَّهُ‏}‏ أي من الرسل عيهم الصلاة والسلام ‏{‏مَّن كَلَّمَ اللَّهُ‏}‏ أي‏:‏ أسمعه كلامه بلا واسطة
يعني موسى ومحمدًا عليهما الصلاة والسلام، وكذا آدم كما ورد به الحديث في صحيح ابن حبان‏_.‏ ففي الآية إثبات
الكلام لله تعالى وأنه كلم بعض الرسل‏.‏



وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏وَلَمَّا جَاء مُوسَى لِمِيقَاتِنَا‏}‏ أي‏:‏ حصل مجيئه في الوقت الذي واعده الله فيه ‏{‏وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ‏}‏ أي‏:‏ أسمعه
كلامه من غير واسطة، فالآيات فيها إثبات الكلام لله وأنه يتكلم متى شاء سبحانه، وأنه كلم موسى ـ عليه السلام ـ
بلا واسطة‏.‏



وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏وَنَادَيْنَاهُ‏}‏ أي‏:‏ نادى الله تعالى موسى ـ عليه السلام ـ‏.‏ والنداء هو الصوت المرتفع ‏{‏مِن جَانِبِ الطُّورِ‏}‏‏:‏
جبل بين مصر ومدين ‏{‏الأَيْمَنِ‏}‏ أي‏:‏ الجانب الأيمن من موسى حين ذهب يبتغي من النار التي رآها جذوة، وليس
المراد أيمن الجبل نفسه فإن الجبال لا يمين لها ولا شمال‏.‏

‏{‏وَقَرَّبْنَاهُ‏}‏ أي‏:‏ أدنيناه حتى كلمناه ‏{‏نَجِيًّا‏}‏ أي‏:‏ مناجيًا، والمناجاة ضد المناداة‏.‏


وفي الآية الكريمة إثبات الكلام لله تعالى وأنه ينادي ويناجي، وهما نوعان من الكلام، فالمناداة بصوت مرتفع
والمناجاة بصوت غير مرتفع‏.‏



وقوله‏:‏ ‏{‏وَإِذْ نَادَى رَبُّكَ مُوسَى‏}‏ أي‏:‏ واتل أو اذكر ذلك ‏{‏ وَإِذْ نَادَى رَبُّكَ مُوسَى ‏}‏ النداء هو الدعاء ‏{‏أَنِ ائْتِ‏}‏‏:‏
‏{‏أَنِ‏}‏ يجوز أن تكون مفسرة وأن تكون مصدرية، أي‏:‏ اذهب إلى ‏{‏الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ‏}‏ وصفهم بالظلم لأنهم جمعوا
بين الكفر الذي ظلموا به أنفسهم وبين المعاصي التي ظلموا بها غيرهم كاستعبادهم بني إسرائيل وذبح أبنائهم‏.‏
وفي الآية الكريمة‏:‏ إثبات الكلام لله تعالى وأنه ينادي من شاء من عباده ويسمعه كلامه‏.‏

وقوله‏:‏ ‏{‏وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَن تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ‏}‏ أي‏:‏ نادى الله تعالى آدم وحواء عليهما السلام قائلًا لهما ‏
{‏أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَن تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ‏}‏ أي‏:‏ عن الأكل منها‏.‏ وهذا عتاب من الله لهما وتوبيخ، حيث لم يحذرا ما حذرهما
منه‏.‏ وفي الآية الكريمة، إثبات الكلام لله تعالى والنداء منه لآدم وزوجه‏.‏

وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ‏}‏ أي‏:‏ ينادي الله سبحانه هؤلاء المشركين يوم القيامة ‏{‏فَيَقُولُ‏}‏ لهم ‏{‏مَاذَا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ‏}‏
أي‏:‏ ما كان جوابكم لمن أرسل إليكم من النبيين لما بلغوكم رسالاتي، والشاهد من الآية‏:‏ إثبات الكلام لله،
وأنه ينادي يوم القيام‏.‏

وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ‏}‏ الذين أمرت بقتالهم ‏{‏اسْتَجَارَكَ‏}‏ يا محمد، أي‏:‏ طلب جوارك وحمايتك
وأمانك ‏{‏فَأَجِرْهُ‏}‏ أي‏:‏ كن له جارًا ومؤمنًا ‏{‏حَتَّى يَسْمَعَ كَلاَمَ اللَّهِ‏}‏ منك ويتدبره ويقف على حقيقة ما
تدعو إليه‏.‏



والشاهد من الآية‏:‏ أن فيها إثبات الكلام لله تعالى، وأن الذي يتلى هو كلام الله‏.‏

وقوله‏:‏ ‏{‏وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِّنْهُمْ‏}‏ أي‏:‏ اليهود والفريق اسم جمع لا واحد له من لفظه ‏{‏يَسْمَعُونَ كَلاَمَ اللَّه‏}‏ أي‏:‏ التوارة ‏
{‏ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ‏}‏ أي‏:‏ يتأولونه على غير تأويله ‏{‏مِن بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ‏}‏ أي‏:‏ فهموه، ومع هذا يخالفونه على بصيرة ‏{‏وَهُمْ
يَعْلَمُونَ‏}‏ أنهم مخطئون فيما ذهبوا إليه من تحريفه وتأويله‏.‏

والشاهد من الآية الكريمة‏:‏ أن فيها إثبات
الكلام لله تعالى وأن التوراة من كلامه تعالى‏.‏ وأن اليهود حرفوها وغيروا فيها وبدلوا‏.‏


وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏يُرِيدُونَ أَن يُبَدِّلُوا كَلامَ اللَّهِ قُل لَّن تَتَّبِعُونَا كَذَلِكُمْ قَالَ اللَّهُ مِن قَبْلُ‏}‏ ‏{‏يُرِيدُونَ‏}‏ أي‏:‏ المخلفون من
الأعراب الذين اختاروا المقام في أهليهم وشغلهم وتركوا المسير مع رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ حين
خرج عام الحديبية ‏

{‏أَن يُبَدِّلُوا كَلامَ اللَّهِ‏}‏ أي‏:‏ يغيروا كلام الله الذي وعد الله به أهل الحديبية خاصة بغنيمة خيبر ‏{‏قُل لَّن تَتَّبِعُونَا‏}‏
هذا نفي في معنى النهي أي‏:‏ لا تتبعونا ‏{‏كَذَلِكُمْ قَالَ اللَّهُ مِن قَبْلُ‏}‏ أي‏:‏ وعد الله أهل الحديبية أن غنيمة خيبر
لهم خاصة‏.‏



والشاهد من الآية الكريمة‏:‏ أن فيها إثبات الكلام لله وإثبات القول له وأن الله سبحانه يتكلم ويقول متى شاء إذا شاء،
وأنه لا يجوز تبديل كلامه سبحانه بل يجب العمل به واتباعه‏.‏



وقوله‏:‏ ‏{‏وَاتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ‏}‏ أمر الله نبيه أن يواظب على تلاوة الكتاب الموحى إليه‏.
‏ والوحي‏:‏ هو الإعلام بسرعة وخفاء، وله كيفيات مذكورة في كتب أصول التفسير ‏{‏مِن كِتَابِ رَبِّكَ‏}‏ بيان للذي
أوحي إليه ‏{‏لا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِه‏}‏ أي‏:‏ لا مغير لها ولا محرف ولا مزيل‏.‏



والشاهد من الآية‏:‏ إثبات الكلمات لله تعالى‏.‏
قوله‏:‏ ‏{‏إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَقُصُّ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ‏}‏ وهم حملة التوراة والإنجيل ‏{‏أَكْثَرَ الَّذِي هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ‏}‏ كاختلافهم
في عيسى، فاليهود افتروا في حقه والنصارى غلوا فيه‏.‏

فجاء القرآن بالقول الوسط الحق أنه عبد الله ورسوله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه‏.‏


والشاهد من الآية الكريمة‏:‏ أن فيها إثبات أن القرآن كلام الله تعالى لما تضمنه من الإحاطة بالكتب السابقة، والحكم في
الخلاف بين طوائف أهل الكتاب بالقسط، وهذا لا يكون إلا من عند الله‏.‏

ويستفاد من مجموع الآيات التي ساقها المؤلف‏:‏ إثبات الكلام لله، ومذهب أهل السنة والجماعة إثبات ما دل
عليه الكتاب والسنة من أن الله موصوف بالكلام، وكلامه سبحانه من صفاته الذاتية لقيامه به واتصافه به‏.‏

ومن صفاته الفعلية الواقعة بمشيئته وقدرته فيتكلم إذا شاء كيف شاء بما شاء، ولم يزل متكلمًا ولا يزال متكلمًا
لأنه لم يزل ولا يزال كاملًا والكلام من صفات الكمال‏.‏

ولأن الله وصف به نفسه ووصفه به رسوله‏.‏ وسيأتي ذكر مذهب المخالفين في هذه المسألة مع الرد عليهم إن شاء الله‏.‏




------


[ المصدر ]

http://www.alfawzan.af.org.sa/sites/...iles/3qidh.pdf








ام عادل السلفية 23-04-2015 03:11AM

بسم الله الرحمن الرحيم



【 شرح العقيدة الواسطية 】

لفضيلة الشيخ العلامة الفقيه /
صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان
- حفظه الله ورعاه -

شرح العقيدة الواسطية. ( 38 )



22 ـ إثبات تنزيل القرآن من الله تعالى

[ المتن ] :

وقوله‏:‏ ‏{‏وَهَذَا كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ‏}‏ ‏{‏لَوْ أَنزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُّتَصَدِّعًا مِّنْ خَشْيَةِ اللَّهِ‏}‏ ‏
{‏وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَّكَانَ آيَةٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ قَالُواْ إِنَّمَا أَنتَ مُفْتَرٍ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِن
رَّبِّكَ بِالْحَقِّ لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آمَنُواْ وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِّسَانُ الَّذِي
يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُّبِينٌ‏}‏‏.‏



[ الشرح ]:

لما أورد المؤلف ـ رحمه الله ـ الآيات الدالة على إثبات الكلام لله تعالى وأن القرآن العظيم من كلامه سبحانه،
شرع في سياق الآيات الدالة على القرآن منزل من عند الله فقوله تعالى‏:‏ ‏{‏وهذا‏}‏ الإشارة إلى القرآن الكريم واسم
الإشارة مبتدأ خبره ‏{‏كتاب‏}‏ و‏{‏أنزلنه مبارك‏}‏ صفتان لكتاب، وقد صفة الإنزال لأن الكفار ينكرونها، والمبارك‏:‏
كثير البركة لما هو مشتمل عليه من المنافع الدينية والدنيوية‏.‏


وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏لَوْ أَنزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُّتَصَدِّعًا مِّنْ خَشْيَةِ اللَّهِ‏}‏ هذا إخبار عن عظمة القرآن
وأنه حقيق بأن تخشع له القلوب‏.‏ فإنه لو أنزل على جبل مع كونه في غاية القسوة وشدة الصلابة لو فهم هذا
القرآن لخشع وتصدع من خوف الله حذرًا من عقابه‏.‏ فكيف يليق بكم أنها البشر أن لا تلين قلوبكم وتخشع‏.‏
وقد فهمتم عن الله أمره وتدبرتم كتابه‏.‏



وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَّكَانَ آيَةٍ‏}‏ هذا شروع منه سبحانه في ذكر شبهة كفرية حول القرآن الكريم مع الرد
عليها، وقوله‏:‏ ‏{‏بَدَّلْنَا‏}‏ معنى التبديل‏:‏ رفع الشيء مع وضع غيره مكانه، وتبديل الآية‏:‏ رفعها بأخرى غيرها وهو
نسخها بآية سواها ‏{‏قَالُواْ‏}‏ أي‏:‏ كفار قريش الجاهلون للحكمة في النسخ‏:‏ ‏{‏إِنَّمَا أَنتَ‏}‏ يا محمد ‏{‏مُفْتَرٍ‏}‏ أي‏:‏ كاذب
مختلق متقول على الله حيث تزعم أنه أمرك بشيء ثم تزعم أنه أمرك بخلافه، فرد الله عليهم بما يفيد جهلهم فقال‏:‏
‏{‏بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ‏}‏ شيئًا من العلم أصلًا أو لا يعلمون الحكمة في النسخ فإنه مبني على المصالح التي يعلمها
الله سبحانه، فقد يكون في شرع هذا الشيء مصلحة مؤقتة بوقت ثم تكون المصلحة بعد ذلك الوقت في شرع
غيره‏.‏

ولو انكشف الغطاء لهؤلاء الكفرة لعلموا أن ذلك وجه الصواب ومنهج العدل والرفق اللطف‏.‏

ثم رد عليهم في زعمهم أن هذا التبديل من عند محمد وأنه بذلك مفتر على الله، فقال سبحانه‏:‏ ‏{‏قُلْ نَزَّلَهُ‏}‏
أي‏:‏ القرآن ‏{‏رُوحُ الْقُدُسِ‏}‏ أي‏:‏ جبريل، والقدس‏:‏ الطهر‏.‏ والمعنى‏:‏ نزله الروح المطهر، فهو من إضافة الموصوف
إلى صفته ‏{‏مِن رَّبِّكَ‏}‏ أي‏:‏ ابتداء تنزيله من عند الله سبحانه ‏{‏بِالْحَقِّ‏}‏ في محل نصب على الحال، أي‏:‏ متصفًا
بكونه حقًا ‏{‏لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آمَنُواْ‏}‏ على الإيمان فيقولون‏:‏ كل من الناسخ والمنسوخ من عند ربنا‏.‏ ولأنهم إذا
عرفوا ما في النسخ من المصالح ثبتوا على الإيمان ‏{‏وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ‏}‏ معطوفان على محل ليثبت‏.‏
أي تثبيتًا لهم، وهداية وبشرى‏.‏



ثم ذكر سبحانه شبهة أخرى من شبههم فقال‏:‏ ‏{‏وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ‏}‏ أي‏:‏ ولقد نعلم أن هؤلاء
الكفار يقولون‏:‏ إنما يعلم محمدًا القرآن بشر من بني آدم وليس ملكًا من الملائكة‏.‏ وهذا البشر الذي يعمله
كان قد درس التوراة والإنجيل والكتب الأعجمية، لأن محمدًا رجل أمي لا يمكن أن يأتي بما ذكر في القرآن
من أخبار القرون الأولى‏.‏

فرد عليهم بقوله‏:‏ ‏{‏لِّسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ‏}‏ أي‏:‏ لسان الذي يميلون إليه ويزعمون أنه يعلمك يا محمد
أعجمي، أي‏:‏ غير عربي، فهو لا يتلكم العربية ‏{‏وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُّبِينٌ‏}‏ أي‏:‏ وهذا القرآن ذو بلاغة عربية وبيان
واضح، فكيف تزعمون أن بشرًا يعلمه النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ من العجم، وقد عجزتم أنتم عن معارضته
أو معارضة سورة أو سور منه وأنتم أهل اللسان العربي ورجال الفصاحة وقادة البلاغة‏؟‏‏!‏


ما يستفاد من الآيات‏:‏
يستفاد من هذه الآيات الكريمة‏:‏ إثبات أن القرآن منزل من عند الله تعالى، وأنه كلامه جل وعلا
لا كلام غيره من الملائكة أو البشر‏.‏ والرد على من زعم أنه كلام مخلوق‏.‏ وفي الآيات أيضًا إثبات العلو لله سبحانه،
لأن الإنزال لا يكون إلا من أعلى، والله أعلم‏.‏



------


[ المصدر ]

http://www.alfawzan.af.org.sa/sites/...iles/3qidh.pdf








Powered by vBulletin®, Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd

 


Security team