مجلة معرفة السنن والآثار العلمية

مجلة معرفة السنن والآثار العلمية (http://www.al-sunan.org/vb/index.php)
-   منبر أصول الفقه وقواعده (http://www.al-sunan.org/vb/forumdisplay.php?f=19)
-   -   حكم الرجل يصنف في العلم ثم يبيع مصنفاته (http://www.al-sunan.org/vb/showthread.php?t=245)

ماهر بن ظافر القحطاني 10-04-2004 05:20PM

حكم الرجل يصنف في العلم ثم يبيع مصنفاته
 
بسم الله الرحمن الرحيم

حكم الرجل يصنف في العلم ثم يبيع مصنفاته

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أما بعد

فقد يظن المسلم أن كتابة الرجل لمصنف في العلم فيما يتعلق بمسائل الإعتقاد أو الفقه أو الحديث ثم بيعها محرم وقد يقول كيف يبيع العلم والعلم دين لايباع ولا يشترى بل أن عبدالله بن عمر قال لمؤذن إني أبغضك في الله لأنك تلحن في أذانك وتأخذ عليه أجرا (فيه يحيى البكاء ضعيف ولكنها قصة تحفظ ) وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من تعلم علما مما يبتغى به وجه الله لايتعلمه إلا ليصيب به عرضا من الدنيا لم يجد عرف الجنة 0

فأقول لابأس ببيع الرجل لكتابه الذي صنفه ولو كان المصنف في العقيدة والسنة وذلك إذا كان الذي يبيعه إنما هو عمل يده وهو كتابة الكتاب وفهرسته ومراجعته والورق الذي إشتراه لكتابة علمه والذي خط فيه علمه والحبر 000وليس بيعه لذات العلم فالعلم لايباع ولا يشترى وذلك كبيع المصاحف :
ففي مسائل صالح بن الإمام أحمد برقم 1081 قال حدثني أبي حدثنا عبدالمؤمن عن داود قال سألت أبا العالية عن بيع المصاحف
فقال لو لم يبيعوك لم تشتر قال وأما الشعبي فقال : إنما يبيعونك أجرأيديهم والورق ولا يبيعون كتاب الله 0

وأجاز كتابة العلم ثم بيعه شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى (جزء 18 -74 ) : فسئل

عمن نسخ بيده البخارى ومسلم والقرآن وهو ناو كتابة الحديث وغيره وإذا نسخ لنفسه أو للبيع هل يؤجر إلخ

فأجاب

وأما كتب الحديث المعروفة مثل البخارى ومسلم فليس تحت أديم السماء كتاب أصح من البخارى ومسلم بعد القرآن وما جمع بينهما مثل الجمع بين الصحيحين للحميدى ولعبد الحق الأشبيلى وبعد ذلك كتب السنن كسنن أبى داود والنسائى وجامع الترمذى والمساند كمسند الشافعى ومسند الإمام أحمد وموطأ مالك فيه الأحاديث والآثار وغير ذلك وهو من أجل الكتب حتى قال الشافعى ليس تحت أديم السماء بعد كتاب الله أصح من موطأ مالك يعنى بذلك ما صنف على طريقته فإن المتقدمين كانوا يجمعون فى الباب بين المأثور عن النبى والصحابة والتابعين ولم تكن وضعت كتب الرأى التى تسمى كتب ا لفقه وبعد هذا جمع الحديث المسند فى جمع الصحيح للبخارى ومسلم والكتب التى تحب ويؤجر الإنسان على كتابتها سواء كتبها لنفسه أو كتبها ليبيعها كما قال النبى إن الله يدخل بالسهم الواحد الجنة ثلاثة صانعه والرامى به والممد به فالكتابة كذلك لينتفع به أو لينفع به غيره كلاهما يثاب عليه0

ولكن ينبغي للمشتغل بهذا أن يراعي مايلي :

1 – أن يكون مؤهلا للتصنيف وإلا كثرت سيئاته فإنه إذا صنف فقد سن في الإسلام سنة فإما أن تكون حسنة فله ولمن تبعه إلى يوم القيامة وإما سيئة كمن صنف في علم لايحسنه فوقعت له أحاديث إعتمد عليه في تصنيفه لاتصح لعدم معرفته بأصول الحديث أو أغلاط فقهية والأعظم أن تكون عقدية ومنهجية فله وزرها ووزر من تبعه فكيف يتدارك مثل هذا والله المستعان وقد صارت شبكة الأنترنت ذريعة للتساهل في كتابة العلم بلا رقيب لأنه يكتب من هب ودب ثم تحذف المواضيع وتكون قد قرأت من قبل عشرات بل مئات والمشرف في سفر أو على غذاء أو في سملر ولا حول ولا قوة إلا بالله بل الأولى إرسالها لمشرفين من أهل العلم أولا ثم يرى هل يجوز نشرها أولا
2- أن لايسرق جهد غيره بمعنى أن يكون حظه من التصنيف النقل دون التحقيق والتمحيص ثم يضيف ذلك لنفسه وهو ليس من كده ولا من كد أبيه بل ينبغي أن ينسب العلم إلى أهله فكما يروى عن الشافعي أنه قال وددت أن كل ماتكلمت به من العلم لاينسب إلي بل إلى غيري أو كما قال وقيل من بركة العلم نسبته إلى أهله 0

3 – ألا يقصد بالتصنيف المكاثرة والمفاخرة بين الأقران 000عندي كذا وكذا مصنف فإن ذلك يشغله عن تحصيل العمل الصالح ولا يكون علمه نافعا له بل وبال عليه قد يصده عن ذكر الله والصلاة قال تعالى ألهاكم التكاثر حتى زرتم المقابر 000الآية

4 – أن يحرص على التحقيق العلمي الجديد ولا يكن همه التكرار لما كتب وسبق بحثه ووجد في مطولات الفقه وفرغ منه فيكون حظه كما سبق النقل إلا إذا قصد التسهيل فإنه شيء طيب ولكن لينسب العلم لأهله فإن البعض قد يفتن برجل لم يبلغ من العلم مايظنه العامة قد بلغ حظه النقل وليس التمحيص ثم ينسب العلم إليه
والعلم كما قيل فضاح لغير أهله قال بن تيمية العلم بحث محقق ونقل مصدق وما سوى ذلك هذيان مزوق 0

5 – أن لايستعجل في التصنيف فإن العجلة من الشيطان كما جاء في الحديث ومن استعجل الشيء قبل أوانه عوقب بحرمانه

6- أن يخلص نيته من شوائب الرياء وحب الظهور فإن حب الظهور قد قصم الظهور كما قيل ومن سمع سمع الله به كما جاء في الحديث وليتذكر أن الذي يضع له القبول في الأرض عند الخلق الخالق سبحانه وتعالى وليس المخلوقين العاجزين 0وإن قيل عالم علامة فهو إستدراج فليتق الله 0قال تعالى وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء 0

7- أن لايعارض العلم مع التجارة فيساوم فمتى وجد ثمنا غليا باع ونشر علمه ومتى وجد ثمنا رخيصا بقي كتابه لصيقا سنوات حتى يعظم الطلب فإحتكار ذلك أشد من إحتكار القوت لأن حاجة الناس للعلم أشد من حاجتهم للطعام والشراب فإنه كما قال شيخ الإسلا م إذا تركوا الطعام والشراب ماتوا وإذا تركوا العلم دخلوا النار وهي أشد وكما قال الإمام أحمد لأنهم يحتاجونهما مرتين في اليوم والعلم يحتاجونه مع أنفاسهم 0وقد دخلت في الأردن على العلامة المحدث الشيخ ناصر وكان يحاور أحد المعاونين في طباعة كتبه يدعو لعله لشيء يعارض العلم يوافق التجارة فقال (أنا أقول ولعله قال دائما العلم لايتعارض مع التجارة )
ولعله يقصد أن لايطزع العلم للتجارة أو تقدم مصلحة العلم إذا عارضتها التجارة 0
8- أن يعرض مصنفه قبل نشره على أهل التحقيق من أهل العلم كما كانت عادة المتقدمين رحمهم الله وليس ذلك منقصة بل محمدة وأي محمدة 0

9 – أ ن يترك الزخرفة على التصنيف قدر مايمكن فذلك تكلف يزيد من سعر الكتاب وفيه إضاعة للمال وكلفة وقد نهينا عن ذلك كله والله أعلم 0

فليحذر المصنف فإنه إذا صنف فكأنما قدم للناس عقله في طبق واستهدف فلينقح وليصبر وليتق الله فإنه مسئول عما كتب وصنف ومن كتب في غير فنه وما لايحسنه فخلط جاء بالعجائب وتشبع بما لم يعط وهو بذلك فاسق لجرأته على الكلام على الله بغير علم محقق بل بجهل مركب فالعلم كما قال شيخ الإسلام بحث محقق ونقل مصدق وما سوى ذلك فهذيان مزوق

ولقد كان هدي السلف الأولين الإكثار في تصانيفهم من الآثار وتقليل الكلام وكل خير في اتباع من سلف والله أعلم0

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

وكتبه ماهر بن ظافر القحطاني


Powered by vBulletin®, Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd

 


Security team