مجلة معرفة السنن والآثار العلمية

مجلة معرفة السنن والآثار العلمية (http://www.al-sunan.org/vb/index.php)
-   الأحاديث الصحيحة فقهها وشرحها (http://www.al-sunan.org/vb/forumdisplay.php?f=25)
-   -   [متجدد] تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ المجلد الرابع ] (http://www.al-sunan.org/vb/showthread.php?t=10682)

ام عادل السلفية 29-10-2015 03:59PM

تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ المجلد الرابع ]
 
بسم الله الرحمن الرحيم





تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام


للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله-




[كتاب البيوع]

مقدمة عن البيع
لما كان العبد لا يستغني عّما في يد صاحبه وصاحبه لا يستغني عمّا في يده شرع الله سبحانه وتعالى التوصل إلى ما في
يد الغير بطريقة البيع التي هي المعاوضة لكي يتوصل كل واحد من المتبايعين إلى حاجته بطريقة مشروعه يأخذ كل منهما العوض عمّا
يبيعه ويبذل العوض فيما يشتريه ولما كان البيع يتضمن أنواعاً من البيوع جعل الله عز وجل لتلك البيوع أحكاماً حتى
لا يصل الضرر من الفرد إلى المجتمع أو من المجتمع إلى الفرد وقد قرر الشارع ﷺ أحكام الخيار والسلف والهبة وغير ذلك
فأباح أشياء من البيع لما فيها من المصلحة ومنع أشياء لما يعلم فيها من المضرة إما على الفرد وإما على
المجتمع وإما عليهما معاً ولله في ذلك الحكمة البالغة فما شرع ففيه ضمان المصلحة وما لم يشرعه أو نهى عنه فإنما ذلك لدفع
مضرة حقيقية أو متوقعة والله تعالى يقول ( وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا ) [البقرة: 275 ] .



--------


تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 4 ]

[ المجلد الرابع ]

رابط تحميل الكتاب :


http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam4.pdf


التصفية والتربية

TarbiaTasfia@






.



ام عادل السلفية 01-11-2015 12:22AM

بسم الله الرحمن الرحيم






تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام


للعلامة : احمد النجمي
-رحمه الله -




[251]الحديث الأول:
عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما عن رسول الله ﷺ أنه قال إذا تبايع الرجلان فكل واحد منهما بالخيار ما لم
يتفرقا وكانا جميعاً أو يخير أحدهما الآخر فتبايعا على ذلك فقد وجب البيع .

وفي معناه حديث حكيم بن حزام وهو الحديث الثاني
قال : قال رسول الله ﷺ البيعان بالخيار ما لم يتفرقا أو قال حتى يتفرقا فإن صدقا وبينا بورك لهما في بيعهما
وإن كتما وكذبا محقت بركة بيعهما .



موضوع الحديث :
خيار المجلس



المفردات
إذا تبايع الرجلان فكل واحد منهما بالخيار : إذا حرف شرط غير جازم وجملة تبايع الرجلان فعل الشرط وقوله فكل
واحد منهما بالخيار : جواب الشرط وجزاءه وجملة ما لم يتفرقا تحديد لزمن الخيار بالتفرق

قوله وكانا جميعاً : تأكيد لمفاد ما لم يتفرقا والواو واو الحال والجملة حالية
قوله أو يخير أحدهما الآخر : هذا يشمل أمرين
أحدهما أن يكون بينهما خيار ممتد إلى ما وراء المجلس كثلاثة أيام أو ما أشبه ذلك
والثاني أن يشترط أحدهما على الآخر قطع خيار المجلس بأن يقول اختر إمضاء البيع أو رده فإذا حصل ذلك انقطع الخيار .

قوله فتبايعا على ذلك فقد وجب البيع : أي فقد وجب البيع على ما اتفقا عليه .


المعنى الإجمالي
شرع الله على لسان رسوله ﷺ وشرعه حق ولا يشرع إلا لمصلحة أنه إذا تبايع الرجلان فكل واحد منهما بالخيار ما لم
يتفرقا لأنه إذا اختار أحدهما ترك البيع جاز له الرد والترك رضي صاحبه أو لم يرض أو يخير أحدهما الآخر بأن يقول له اختر إمضاء
البيع أو رده ولا خيار لك بعد الاختيار أو يشرط أحدهما امتداد الخيار إلى اليوم واليومين والثلاثة وهذا يسمى خيار
الشرط وفي حديث حكيم بن حزام فإن صدقا وبينا بورك لهما في بيعهما أي أن البركة ملازمة للصدق وبيان العيوب والمحق
والخسارة ملازمة للكذب والكتمان وبالله التوفيق .



فقه الحديث
أولاً :يؤخذ من حديثي عبدالله بن عمر وحكيم بن حزام مشروعية خيار المجلس وهو أنه يجوز الخيار ما داما في المجلس
لم يتفرقا عنه فإذا اختار أحدهما رد البيع جاز له ذلك رضي صاحبه أو لم يرض وقد قال بما اقتضاه الحديث الشافعي
وأحمد وأصحاب الحديث وقال مالك وأبو حنيفة بعدم خيار المجلس رغم أن مالكاً هو أحد رواة الحديث وقد ذهب ابن حبيب
من أصحاب مالك إلى إثبات خيار المجلس والذين نفوه اعتذروا عن عدم القول بالحديث بأعذار ملخصها ما يأتي :-

الوجه الأول من الاعتذارات أن مالكاً روى هذا الحديث ولم يقل به وما دام راويه لم يقل به فإن ذلك يكون عذراً لغيره عن
الأخذ به


ويجاب عن هذا العذر بجوابين :
الجواب الأول أن العبرة بما رواه الراوي لا بما رأى فالأخذ بالحديث متعين على من صح عنده وإذا كان الراوي لم يقل به
فإن ذلك لا يكون عذراً لغيره عن عدم الأخذ بالحديث المذكور والجواب الثاني أن هذا الحديث قد روي من عدة طرق فروي
من غير طريق مالك فإذا كان مالك قد ترك القول بالحديث وتعذر الأخذ به من طريق مالك فإنه لا عذر لأحد عن الأخذ بالحديث
من الطرق الأخرى التي جاءت من غير طريق مالك .


الوجه الثاني من الاعتذارات أن هذا خبر واحد فيما تعم به البلوى وخبر الواحد فيما تعم به البلوى يجعل ذلك الخبر
غير مقبول ويجاب عن هذا الوجه بأن البيع مما تعم به البلوى هو كذلك لكن الفسخ ليس مما تعم به البلوى بل هو
يكون نادراً وعلى هذا فإن هذا العذر غير صحيح ولا مقبول .


الوجه الثالث من الاعتذارات أن هذا حديث مخالف للقياس الجلي والأصول القياسية والجواب عن هذا أن القياس إنما يصار
إليه عند عدم النص وليس أن تترك النصوص من أجل القياس فأين القياس من قول من لا ينطق عن الهوى ، إن هذا كمن
يساوي بين الثرى والثريا .


الوجه الرابع أن هذا الحديث معارض لإجماع أهل المدينة وعملهم وما كان كذلك يقدم عليه العمل يعني وهذا الحديث
يقدم عليه عمل أهل المدينة ، والجواب عن هذا إن عمل أهل المدينة بل وعمل غيرهم إذا خالف النص حكم عليه
بالبطلان ووجب الأخذ بالنص وأخيراً لا أدري كيف حال من يجعل هذه الاعتذارات الملتوية ليصرف بها طلاب العلم
عن الأخذ بالنص النبوي الصحيح المعقول العلة وإن خيار المجلس حكم شرعي في منتهى اللياقة والوضوح فإن
البيع قد يكون فيه أحد المتبايعين مندفعاً فيعقد الصفقة على ما فيه غبن عليه فإذا فكر أحد المتبايعين ورأى أن من صلاحه
عدم المضي في البيع وأراد فسخه جاز له ذلك ما دام في المجلس وهذا هو مقتضى هذا الحديث الذي في خيار المجلس
أما إن سكت حتى يتم التفرق وليس بينهما خيار فإنه لا يجوز له الرد ما لم يكن هناك خيار مشروط وهذا في منتهى الحكمة
واللياقة ومن رد هذا الحكم ليبرر رأي شيخه أو إمامه الذي لم ير القول بهذا الحديث وقد يكون لذلك الإمام أو
الشيخ عذر في عدم الأخذ بالحديث لكن ليس للتابع عذر في ترك الحديث بعد أن تبينت له صحته من أجل أن إمامه لم يقل
به وإنه ليخاف على مثل هذا من الزيغ نعوذ بالله من ذلك والله سبحانه وتعالى يقول (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا
قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ ) [ الأحزاب : 36 ] والله سبحانه وتعالى يقول (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا
لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ
الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ) [ الأنفال : [24،25 ] إلى غير ذلك من النصوص التي
توجب طاعة الرسول ﷺ وتحذر من مخالفة أمره كما قال تعالى (فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ
أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ) [ النور : 63 ] وأخيراً للإطالة في هذا الموضوع مواضع غير هذا ولكن هذا من باب التنبيه على
من يريدون بشتى الوسائل رد الحديث النبوي من أجل موافقة رأي إمامهم نسأل الله ألا يزيغ قلوبنا .



ثانياً:قوله أو يخير أحدهما الآخر يدخل تحته أمران :
الأمر الأول أن يشترط أحدهما الخيار ممتداً إلى ما بعد المجلس كخيار ثلاثة أيام أو يوم أو ساعات أو ما أشبه ذلك
وهذا يقال له خيار الشرط والدليل عليه حديث حبان ابن منقذ ( أنه كان يبايع فيغلب في البيوع فقال له النبي ﷺ
( إِذَا أَنْتَ بَايَعْتَ فَقُلْ لا خِلابَةَ ثُمَّ أَنْتَ فِي كُلِّ سِلْعَةٍ ابْتَعْتَهَا بِالْخِيَارِ ثَلاثَ لَيَالٍ فَإِنْ رَضِيتَ فَأَمْسِكْ وَإِنْ سَخِطْتَ فَارْدُدْهَا عَلَى
صَاحِبِهَا) فهذا يقال له خيار الشرط وقد رأى بعض الفقهاء أن خيار الشرط يجوز ولو كان لسنة أو سنتين .


الأمر الثاني أن يخير أحدهما الآخر بأن يختار عدم استمرار الخيار إلى نهاية المجلس بل يختار قطعه ويستدل لهذا القول
بقوله ( أو يخير أحدهما الآخر ) فإن اتفقا على ذلك انقطع بينهما الخيار .



ثالثاً: هناك خيارات لم تذكر كخيار العيب وقد عدّ الفقهاء الخيارات إلى ثمانية .


رابعاً: يؤخذ من قوله ( حتى يتفرقا ) أن التفرق يعد منهياً لخيار المجلس ما لم يكن بقصد إنهائه لقوله ﷺ (وَلا يَحِلُّ
لَهُ أَنْ يُفَارِقَ صَاحِبَهُ خَشْيَةَ أَنْ يَسْتَقِيلَهُ ) وهل الفراق الذي يحصل من أحد المتبايعين بقصد عدم الإقالة هل يعد قاطعاً لخيار
المجلس ما دام وهو معصية لله أم لا ؟ هذا محل نظر وخلاف بين العلماء .



خامساً: يؤخذ من قوله (فإن صدقا وبينا بورك لهما في بيعهما وإن كتما وكذبا محقت بركة بيعهما ) وفي رواية ( فَعَسَى أَنْ يَرْبَحَا
رِبْحًا وَيُمْحَقَا بَرَكَةَ بَيْعِهِمَا) يؤخذ من ذلك أن البركة في البيع مترتبة على الصدق والبيان وأن المحق فيه والخسران
مترتب على الكذب والكتمان .


--------


تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 4 ]

[ المجلد الرابع ]

رابط تحميل الكتاب :


http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam4.pdf






.



ام عادل السلفية 01-11-2015 12:29AM

بسم الله الرحمن الرحيم





تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام


للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -




باب ما نهي عنه من البيوع

[252]الحديث الأول :

عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله _ نهى عن المنابذة وهي طرح الرجل ثوبه بالبيع إلى الرجل قبل أن يقلبه
أو ينظر إليه ، ونهى عن الملامسة والملامسة لمس الثوب ولا ينظر إليه .



موضوع الحديث :
البيوع المنهي عنها لما فيها من الغرر



المفردات
المنابذة : صيغة مفاعلة وهو أن ينبذ كل منهما إلى الآخر فالبائع ينبذ الثوب والمشتري ينبذ الثمن ولا خيار
بينهما ولا نظر ولا تقليب

قوله قبل أن يقلبه أو ينظر إليه بأن يكون البيع مشروطاً فيه عدم التقليب والنظر في حال المبايعة فمتى نبذ البائع إلى
المشتري لزم البيع ولا خيار

والملامسة مفاعلة من اللمس بأن يقول لمسك للثوب بيعاً بدون خيار


المعنى الإجمالي
ما أعظم الشرع الإسلامي وما أعدله إذ أنه منع الغرر وما يكون فيه ظلم من أحد المتبايعين للآخر وإذا شرط البيع
بالنبذ أو اللمس بدون تقليب ولا خيار فإن ذلك من الغرر الذي يمنعه الإسلام ويحاربه ويبطل كل صفقة يكون فيها ذلك .



فقه الحديث
أولاً: قال ابن دقيق العيد رحمه الله اتفق الناس على منع هذين البيعين واختلفوا في تفسير الملامسة إلى آخره
وأقول إن البيعين المشار إليهما هما بيع الملامسة والمنابذة لما فيهما من الغرر والضرر إما على المتبايعين معاً
وإما على أحدهما



ثانياً: لا بد من معرفة هذين البيعين اللذين اتفق العلماء على منعهما فالأول منهما الملامسة وهو بأن يقول إذا لمست
هذا الثوب فهو عليك بكذا ولا خيار لك بعد اللمس .


قال ابن دقيق العيد هي أن يجعل اللمس بيعاً بأن يقول إذا لمست ثوبي
فهو مبيع منك بكذا وكذا ((وهو)) باطل للتعليق بالصيغة وعدوله عن الصيغة الموضوعة للبيع شرعاً أهـ قلت: ليست العلة
هي وضع صيغة بدلاً عن صيغة ولكن كون الصيغة المنهي عنها متضمنة للغرر مشروط فيها عدم التقليب والنظر وقد تكون
السلعة معيبة فيكون البيع شبيهاً بالقمار والميسر الذي نهى الله عنه لما فيه من المخاطرة والغش من المسلم للمسلم وهذه هي العلة



ثالثاً: قال وقيل تفسيرها أن يبيعه على أنه إذا لمس فقد وجب البيع وانقطع الخيار وهو أيضاً فاسد من الشرط الفاسد أهـ
وأقول إن هذه المسألة وإن اختلفت عن سابقتها في اللفظ لكن المآل واحد وهو عدم تمكين المشتري من النظر للسلعة
ومعرفة صلاحها أو كونها معيبة وهذا أيضاً يتضمن الغرر



رابعاً: وفسره الشافعي رحمه الله بأن يأتي بثوب مطوي أو في ظلمة فيلمسه الراغب فيقول صاحب الثوب بعتك كذا بشرط
أن يقوم لمسك مقام النظر وهذا فاسد إن أبطلنا بيع الغائب وأقول في هذه التفسيرات الثلاثة يتردد الأمر في كون البائع شرط
على المشتري أن يكون اللمس بيعاً بدون تقليب ولا نظر ولا خيار للمشتري إذا وجد العيب بعد النظر وقد خرج
على التفسير الأول أنه من صور المعاطاة وعلى التفسير الثاني أنه من بيع الغائب وأقول إن المعاطاة جائزة في الأمور
المحقرة التي يكون الغبن فيها خفيفاً أو ما يكون معلوم غالباً كأن تعطي للبائع ريالاً أو خمسة ريالات وتقول أعطني خبزاً أما
الأمور الخطيرة التي يكون الغبن فيها شديداً وله وقع على نفس من وقع عليه فإنه لا تجوز فيه المعاطاة و الدليل على ذلك آية
الدين وما تدل عليه من الاهتمام بالحقوق وأدائها على الوجه الأكمل حيث أمر بكتابتها إذا كانت ديناً وقال تعالى
( ذَلِكُمْ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ وَأَقْوَمُ لِلشَّهَادَةِ وَأَدْنَى أَلا تَرْتَابُوا إِلا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً حَاضِرَةً تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَلا
تَكْتُبُوهَا وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ وَلا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلا شَهِيدٌ ) [ البقرة : 282 ]


وإن التغرير بالمشتري وأخذ حقه فيما يكون فيه غبن عليه إضرار به والله تعالى يقول (وَإِنْ تَفْعَلُوا فَإِنَّهُ فُسُوقٌ بِكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ
وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) [ البقرة : 82 ] إذاً فالبيع الذي يكون فيه خطر لا بد فيه من الرؤية والتقليب والنظر
أما قول وهذا فاسد إن أبطلنا بيع الغائب . فأقول إن بيع الغائب إن كان منضبطاً بوصف يميزه عن غيره فإنه جائز
إن شاء الله وهو من يسر الشريعة وفي زمننا هذا قد أصبحت السلع لها علامات تميزيها كل شيء له علامة محددة وما
كان كذلك فإنه يجوز فيه بيع الغائب هذا وبالله التوفيق


أما المنابذة فمعناها أن يقول أحدهما أنبذ إليّ الثمن وأنبذ إليك السلعة أي ولا خيار للمشتري إذا وجد في السلعة عيباً والقول
في المنابذة كالقول في الملامسة وما نهى عنها إلا لأنها متضمنة للغرر وجالبة للضرر ومثل ذلك لا يجوز في
الشريعة وقد قال الرسول ﷺ (الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ لا يَظْلِمُهُ وَلا يُسْلِمُهُ ) وفي الحديث (لا ضَرَرَ وَلا ضِرَارَ )




--------


تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 4 ]

[ المجلد الرابع ]

رابط تحميل الكتاب :


http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam4.pdf


التصفية والتربية

TarbiaTasfia@






.




ام عادل السلفية 01-11-2015 12:39AM

بسم الله الرحمن الرحيم





تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام


للعلامة : احمد النجمي
-رحمه الله -



[253]الحديث الثاني :
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ قال ( لا تلقوا الركبان ولا يبع بعضكم على بيع بعض ولا تناجشوا ولا يبع
حاضر لباد ولا تصرّوا الغنم ومن ابتاعها فهو بخير النظرين بعد أن يحلبها إن رضيها أمسكها وإن سخطها ردها وصاعاً من تمر ).

وفي لفظ ( هو بالخيار ثلاثاً )


موضوع الحديث:
النهي عن بيوع قد تكون المصلحة فيها تارة للفرد وتارة للجماعة والمقصود منها حماية الحقوق من الظلم والغرر



المفردات
لا تلقوا الركبان : التلقي هو الخروج إلى خارج السوق ليشتري بأرخص بعد أن علم أسعار السوق
الركبان : جمع راكب وهو خرج مخرج الغالب إذ أن تلقي المشاة ليس بجائز
قوله ولا يبع بعضكم على بيع بعض :فسره بعضهم
بالسوم وفسره بعضهم بأنه ما يكون في مدة الخيار


قوله ولا تناجشوا : النجش هو الاستثارة يقال نجش الصيد إذا أثاره والمراد بالنجش أن يدفع فيها ثمناً عالياً لا ليشتريها ولكن ليوقع الآخر فيها

قوله ولا يبع حاضر لباد : الحاضر هو صاحب الحضر وهو الساكن في المدينة والباد هو الساكن في البادية

قوله ولا تصرّوا الغنم : الصرّ هو حبس اللبن في الماشية ذات اللبن لترد إلى السوق على هيئة يُظن فيها أنها صاحبة لبن كثير

قوله وهو بخير النظرين : أي نظر الرد ونظر الإمساك يختار أيهما أراد إذا رأى فيه المصلحة .
قوله بعد أن يحلبها : المراد استمرار الحلب وهل يكون مستمراً كعادته أم لا ؟

قوله إن رضيها أمسكها : هذا تفسير للنظرين وإن سخطها ردها وصاعاً من تمر هذا أيضاً للتفسير

وفي لفظ هو بالخيار ثلاثاً : أي ثلاثة أيام .


المعنى الإجمالي
إن الشارع الحكيم ﷺ يحرص دائماً على جلب المصالح ودفع الضرر سواء كان ذلك للفرد أو للجماعة وقد نهى ﷺ
عن هذه البيوع لما فيها من الضرر ولما في تركها والعمل بما يجوز من جلب المصالح رعاية للحقوق فصلوات الله وسلامه عليه .



فقه الحديث
أولاً: الكلام على الفقرة الأولى وهو النهي عن تلقي الركبان من ثلاثة وجوه من حيث حكم الفعل المنهي عنه ومن حيث
صحة البيع أو فساده ومن حيث إثبات الخيار أو عدم إثباته ،

الوجه الأول وهو من حيث الحكم فإن من تلقى الركبان عالماً بالتحريم قاصداً لذلك فإن فعله حرام لأنه مخالفة صريحة
للنهي وهذا هو الأظهر أما إن خرج لحاجة من غير قصد التلقي أو كان بيته على الطريق فإن هذا لا يدخل في التحريم ولا يكون
فاعله آثماً فيما يظهر



الوجه الثاني وهو صحة البيع أو فساده قال وهو عند الشافعي صحيح وإن كان آثماً وعند غيره من العلماء يبطل ومستنده
أن النهي للفساد ومستند الشافعي أن النهي لا يرجع إلى نفس العقد ولا يخل هذا الفعل بشيء من أركانه وشرائطه وإنما هو
لأجل الإضرار بالركبان .



وأقول : إن القول بصحة البيع هو الأظهر إذ لو لم يكن البيع صحيحاً لما جعل النبي ﷺ له الخيار في قوله ( فصاحب
السلعة بالخيار ) فلما جعل النبي ﷺ له الخيار دل على أن البيع صحيح لأنه إذا استمر على البيع وأنفذه وكان البيع غير
صحيح فإن مقتضى ذلك أنه نفذ بيعاً باطلاً .



والوجه الثالث : إثبات الخيار بحيث لا ضرر بالركبان بحيث يكونون عالمين بالسعر فلا خيار

وأقول : إن إثبات الخيار في بعض الروايات وهي رواية صحيحة يجب على المكلف والفقيه المصير إليها ومن قال لا خيار فإنه
قد خالف ما قرره الشارع ﷺ وهذا التقرير إذا تأملناه هو في غاية المصلحة وذلك يدور على وجود الغرر والضرر
فإن وجد الغرر والضرر الذي هو علة للنهي فذاك هو الموجب للخيار وإن لم يوجد غرر ولا ضرر فالقول الصحيح عدم وجود
الخيار ولهذا قال الفقهاء الحكم يدور مع علته .



ثانياً :أما قوله ولا يبع بعضكم على بيع بعض فهذا سلك فيه الفقهاء مسلكان ، المسلك الأول تفسيره بالسوم وأنه إذا سام
رجل من المسلمين سلعة فإنه لا يجوز للآخر أن يسوم على سومه حتى يشتري أو يترك وهذا قول مالك أي أن مجرد السوم
يمنع السوم من الآخر مثال ذلك أن يأتي رجل فيسوم سلعة ويأتي آخر والأول قبله يسوم فيقول هذا أنا أسوم بكذا زيادة على
سوم الأول هذا ممنوع عند مالك وأصحابه .



أما المسلك الثاني فهو مسلك الشافعية والحنابلة وهو أن السوم على السوم جائز ما لم يُقبل من كان قد سام أولاً
وإنما النهي في هذا الحديث أن يكون البيع قد وقع فيقول للمشتري في مدة الخيار رد هذا وأنا أبيع منك بأقل أو العكس
فهذا هو الممنوع بموجب هذه الفقرة .



وخصص من ذلك من منع السوم على السوم وهم المالكية خصصوا بيع من يزيد لقول النبي ﷺ في قصة صاحب
الحلس والقدح وأن النبي ﷺ (قَالَ مَنْ يَشْتَرِي هَذَيْنِ قَالَ رَجُلٌ أَنَا آخُذُهُمَا بِدِرْهَمٍ قَالَ مَنْ يَزِيدُ عَلَى دِرْهَمٍ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلاثًا قَالَ
رَجُلٌ أَنَا آخُذُهُمَا بِدِرْهَمَيْنِ ) فأجازوا السوم على السوم في بيع من يزيد ومنعوه في غيره ويمكن أن يرجح قول
الشافعية والحنابلة قياساً على الخطبة على الخطبة فإن النبي ﷺ في هذا الحديث قَالَ ( ولا يَخْطُبُ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ )
وعندما قالت له فاطمة بنت قيس أنه خطبها معاوية وأبو جهم وأسامة قال النبي ﷺ (أَمَّا أَبُو جَهْمٍ فَلا يَضَعُ عَصَاهُ
عَنْ عَاتِقِهِ وَأَمَّا مُعَاوِيَةُ فَصُعْلُوكٌ لا مَالَ لَهُ ) فلم يمنع النبي ﷺ الخطبة على الخطبة في هذا الحديث لأن الخطاب
لم يقبل أحد منهم ثم قال لها ( انْكِحِي أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ ) وقد قال الفقهاء إن الخطبة على الخطبة تجوز إذا كان الخاطب الأول
لم يُقبل أما إن قبل فإنه لا يجوز ذلك وربما يقال أن قياس البيع عليه وجيه . وبالله التوفيق .



ثالثاً :قوله ولا تناجشوا النجش كما تقدم معناه استثارة رغبة المشتري بحيث أنه يدفع في تلك السلعة ثمناً قد يكون خيالياً
ليوهم الآخرين بأن السلعة جيدة وتستحق هذا الثمن وهو لا يريد شراءها وفي هذه الحالة إن كان بمواطئة فإن الناجش والبائع
كلاهما عاص واقع في الإثم لكن إذا لم يكن بمواطئة وحصل الفعل من الناجش قاصداً لمنفعة البائع فالإثم خاص
به وهل يصح البيع أو يبطل هذا محل خلاف ونظر وقد نقل الصنعاني عن ابن المنذر أن طائفة من أهل الحديث قالوا بفساد
ذلك البيع وهو قول أهل الظاهر ورواية عن مالك وهو المشهور عند الحنابلة إذا كان بمواطئة البائع أو صنيعه أهـ



وكأن المذهب الثاني هو ثبوت الخيار وإذا قلنا بثبوت الخيار فإن البيع صحيح والخيار لمن حصل عليه الغبن لذلك فقد
نقل الصنعاني أيضاً أنه هو المشهور عن المالكية وهو وجه للشافعية قياساً على المصراة أهـ .

قلت إن هذا القول وجيه وقد تلخص لنا مما سبق أن النجش معصية وأن فاعله آثم وأن الخيار ثابت لمن اغتر بفعل
الناجش ووقع في الغبن من أجله.



رابعاً :قوله ولا يبع حاضر لباد هذه المسألة حملها بعضهم على الكراهة وحملها آخرون على التحريم إذا أدّى ذلك
إلى الإضرار بأهل البلد المجلوب إليهم وكأنهم قصدوا بأن هذا نوع من الاحتكار لأن النبي ﷺ قال( لا يَبِعْ حَاضِرٌ
لِبَادٍ دَعُوا النَّاسَ يَرْزُقِ اللَّهُ بَعْضَهُمْ مِنْ بَعْضٍ ) فهو يدور بين شيئين الشيء الأول الاحتكار وإنما يكون الاحتكار في
السلع الضرورية التي يحتاج الناس إليها ضرورة كالطعام ولذلك فقد اشترطوا في التحريم شروطاً :



أولها :أن تكون السلعة من الضروريات .
والثاني :أن يعرض الحضري على البدوي .
والثالث: أن يلحق أهل البلد ضرر بذلك فإن كانت السلعة من غير الضروريات أو عرض البدوي على الحضري أو كانت
السلعة موجودة لا ضرر على أهل البلد من حبسها فحينئذ لا تحريم .

الشيء الثاني :أن يكون النهي محمولاً على الكراهة فقط فإنه حينئذ يقال بأنه لا داعي لهذه الشروط .


خامساً :قوله ولا تصروا الغنم قال ابن دقيق العيد رحمه الله تعالى فيه مسائل الأولى الصحيح في ضبط هذه اللفظة ضم التاء
وفتح الصاد وتشديد الراء المهملة المضمومة على وزن تُزكوا مأخوذة من صَرَ يُصَرَّ ومعنى اللفظة يرجع إلى الجمع تقول
صريت الماء في الحوض وصريته بالتخفيف والتشديد إذا جمعته أهـ .



قلت : إن ما رجحه ابن دقيق العيد في هذه اللفظة يظهر أنه مرجوح وليس براجح وأن الصحيح في هذه اللفظة أنها بفتح تاء
المضارعة وضم الصاد والراء والمقصود ربط أخلاف الماشية ليجتمع فيها اللبن هذا هو القول الصحيح إن شاء الله
وإن كان من حيث المعنى وهو الجمع لا يبعد عن المعنى الأول .



ثانياً :وينبني على هذا أن التصرية حرام لهذا قال ابن دقيق العيد رحمه الله ( لا خلاف أن التصرية حرام للغش والخديعة التي
فيها للمشتري والنهي يدل عليه مع علم تحريم الخديعة قطعاً من الشرع ) أهـ قلت إن إجماع أهل العلم على تحريم
التصرية انتهاء إلى نهي النبي ﷺ وعملاً به هذا هو الحق لكن حصره بالغش والخديعة فيه نظر بل ولكونه إيذاءٌ
للحيوان فالدابة المصراة تتأذى بالصَّر كما يتأذى من ربط ومنع إخراج بوله إذاً فالعلة ليست محصورة في الغش والخديعة فقط
بل ولكونه إيذاء للحيوان بمنع ما ينبغي إخراجه منه ومنع ابن المصراة من رضاعها حتى يخفف عنها الأذى
أو يذهبه فتبين أن التحريم من جهتين وإن كان مقصود الشرع الأكبر هو الضرر المتعدي إلى الغير والعمل بالخداع
والشرع يمنع الخداع .



ثالثاً: يؤخذ من قوله ومن ابتاعها فهو بخير النظرين بعد أن يحلبها يؤخذ من هذا أن النبي ﷺ جعل الخيار للمشتري
بعد أن يحلبها ومعلوم أن المصراة في أول حلبة بعد البيع يكون لبنها كثيراً فإذا حلبها في المرة الثانية يجد أن اللبن
نقص لذلك فإن النبي ﷺ جعل الخيار لمدة ثلاثة أيام بحيث يستقر اللبن على وضعه الأول سواء كان كثيراً أو قليلاً أو متوسطاً
ثم هو بعد ذلك بالخيار .



رابعاً :قوله إن رضيها أمسكها أي رضي لبنها أمسكها عنده وترك الرد وإن سخطها ردها وصاعاً من تمر فجعل النبي ﷺ
له الخيار في ذلك .



خامساً : في قوله وإن سخطها ردها وصاعاً من تمر الصاع من التمر أو من الطعام قد جعله الشارع ﷺ في مقابل
اللبن الذي جاءت به من عند صاحبها .



سادساً : لما كان اللبن يختلف فقد يكون قليلاً وقد يكون كثيراً حكم النبي ﷺ فيه بحكم قاطع فجعل فيه
صاعاً من تمر أو صاعاً من طعام



سابعاً :أبى ذلك بعض أهل المذاهب وجعل المردود هو القيمة والقائل بذلك هو أبو حنيفة وروي عن مالك قول بترك
العمل بهذا الحديث والقول الأول أصح .



وأخيراً إني لآسف أن يرد بعض الفقهاء حديث النبي ﷺ أو يعترض عليه بقواعد قعدها من ليس بمعصوم فيجعل تلك
القواعد أصلاً والحديث فرع بل يقول إن الحديث مضنون فهل هذا هو التأدب مع النبي ﷺ الذي يليق به صلوات
الله وسلامه عليه كلا فنسأل الله أن يهدي المسلمين للعمل بطاعة ربهم وإجلال وإكرام واحترام سنة النبي ﷺ
وبالله التوفيق .



--------


تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 4 ]

[ المجلد الرابع ]

رابط تحميل الكتاب :


http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam4.pdf






.



ام عادل السلفية 02-11-2015 11:38PM

بسم الله الرحمن الرحيم




تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام


للعلامة : احمد النجمي
-رحمه الله -



[254]الحديث الثالث :
عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله ﷺ نهى عن بيع حبل الحبلة .
وكان بيعاً يتبايعه أهل الجاهلية وكان يبتاع الجزور إلى أن تنتج الناقة ثم تنتج التي في بطنها قيل إنه كان يبيع الشارف
- وهي الكبيرة المسنة - بنتاج الجنين الذي في بطن ناقته



موضوع الحديث:
النهي عن بيع الغرر



المفردات
حبل الحبلة : أي حمل الحمل الموجود بأن يبيع الناقة الكبيرة المسنة بحمل ما في بطن ناقته وقد ذكر الأمير الصنعاني أن الحبل
اسم لحمل الإناث من بني آدم ونقل عن ابن الأنباري اتفاق أهل اللغة على أن الحبل يختص بالآدميات أما غير الآدميات فيقال
حمل ولا يقال حبل



المعنى الإجمالي
أن النبي ﷺ نهى عن بيع حبل الحبلة وكان أهل الجاهلية يتبايعونه فنهى عنه ومنعه تحريماً للغرر لأنه يتضمن التغرير على
المشتري فإن ذلك الحمل الذي بيع حمله قد يتم وقد لا يتم والآخر مثله وقد يكون ذكراً أو أنثى وقد تلد وقد تموت قبل ذلك .



فقه الحديث
أولاً : يؤخذ من هذا الحديث تحريم هذا البيع لما يحتوي عليه من الغرر الذي يتنافى مع الشريعة الإسلامية والله سبحانه وتعالى
قد حرم الخداع لما ينتج عنه من الضرر وفي الحديث ( لا ضرر ولا ضرار )



ثانياً :إن هذا ليس من أخلاقيات الإسلام بل هو من صفة أهل النفاق والخداع والريبة


ثالثاً: وجوده في هذا الحديث يدل على صحة هذه التسمية إلا أن ما قاله أهل اللغة دال على أن تسمية الحبل في الحيوانات
تسمية غير مشهورة والمشهور فيها ذكر الحمل لا ذكر الحبل


ملحوظة :
قوله حبل الحبلة المقصود به حمل الحمل الذي في بطن ناقته مثال ذلك أن يكون لأحد المتبايعين شارف هزيلة فاشتراها
آخر منه وكانت له ناقة حامل فقال لصاحب الشارف بعني شارفك هذه بما تلده ما في بطن ناقتي هذه بمعنى أن ينتظر إلى
أن تنتج ناقة المشتري ثم تحمل فتنتج فيكون نتاج الحمل الموجود هو المبيع وفي هذا من الغرر أن ذلك الحمل قد يبقى وقد
تخرجه الناقة ثم إذا بقي هل سيكون ذكراً أو أنثى فإن ولد ذكراً انتفى احتمال الولادة الأخرى وإن ولد أنثى كان
احتمال الولادة الأخرى ممكن لكن هل تلك الناقة ستحمل أو لا تحمل فإن حملت كان ذلك الحمل هو المبيع لكن هل
سيخرج تاماً أو ناقصاً معيباً أو سليماً فمن أجل هذه الاحتمالات نهى الشارع عن مثل هذا البيع لأنه بيع معلوم بمجهول .





--------


تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 4 ]

[ المجلد الرابع ]

رابط تحميل الكتاب :


http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam4.pdf


التصفية والتربية

TarbiaTasfia@






.



ام عادل السلفية 05-11-2015 03:19AM

بسم الله الرحمن الرحيم





تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام


للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -



[255]الحديث الرابع :

عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله ﷺ نهى عن بيع الثمرة حتى يبدو صلاحها نهى البائع والمشتري .
وفي معناه حديث أنس بن مالك رضي الله عنه وهو الحديث الخامس أن رسول الله ﷺ نهى عن بيع الثمار حتى
تزهى قيل وما تزهى ؟ قال حتى تحمر قال : أرأيت إن منع الله الثمرة بم يستحل أحدكم مال أخيه .



موضوع الحديثين :
في بيع الثمار قبل بدو صلاحها



المفردات
قوله نهى عن بيع الثمرة حتى يبدو صلاحها :أي حتى يظهر فيها الصلاح فيبدو هنا بمعنى يظهر
قوله نهى البائع والمشتري : يعني أن النهي عام لهما
قوله وفي حديث أنس حتى تزهى قد فسر كلمة تزهى بأخذ الألوان الأخيرة التي تكون نهائية ويتبين بها صلاح الثمرة فمثلاً
يسود العنب الأسود ويبيض الأبيض منه والثمرة التي تكون نهايتها بالاحمرار إذا أخذت اللون الأحمر دل هذا على الصلاح



المعنى الإجمالي
نهى النبي ﷺ عن بيع الثمرة قبل بدو صلاحها لأنه في هذه الحالة يكون من بيع المعدوم


فقه الحديثين
أولاً: يؤخذ من الحديثين تحريم بيع الثمرة قبل بدو صلاحها لأن النهي من أجل دفع الضرر عن المشتري فكان النهي مفيداً للتحريم


ثانياً :هل يجوز بيع الزرع قبل بدو صلاحه من أجل الحصول على الثمرة الجواب لا يجوز كما قد تقدم لكن أجاز
أهل العلم أو بعضهم أن يبيعه بشرط القطع



ثالثاً: إن باع منه زرعاً بشرط القطع ثم أبقاه المشتري حتى ظهرت الثمرة فإن البيع يكون باطلاً على القول الصحيح
في هذه الحالة

رابعاً:إن باع بعد بدو الصلاح ثم أصيب المبيع بجائحة فهل يكون من مال المشتري أو من مال البائع ظاهر حديث
( بم يستحل أحدكم مال أخيه ) وحديث أن النبي ﷺ ( أمر بوضع الجوائح ) أنه لا يجوز للبائع أكل الثمن بل يجب عليه
رده للمشتري وإلى ذلك ذهب الحنابلة والذي ظهر لي بعد البحث في هذا الموضوع على أن المشتري إن كان باع بعد بدو
الصلاح فقد باع بيعاً يحل له وأخذ ثمناً يحل له أخذه وأكله فكيف يأمر النبي ﷺ بوضع الجوائح أمراً إلزامياً وعلى
هذا فإن الأوامر في هذين الحديثين تدل على أن النبي ﷺ أمر بهذا أمر إرشاد لا إيجاب وقد ورد حديث في كتاب
الأم للشافعي أن امرأة جاءت إلى النبي ﷺ وشكت إليه بأن ابنها اشترى ثمرة ثم أصيبت بجائحة وأن ابنها ذهب يستوضع
الرجل فأبى أن يضع له وحلف فقال النبي ﷺ آلاء ألا يفعل خيراً ) وبهذا تجتمع الأدلة .



خامساً :يؤخذ من قوله أرأيت إن منع الله الثمرة بم يأخذ أحدكم مال أخيه هذه الجملة تدل على أن الأمر بوضع الجوائح يكون
إلزامياً فيما إذا كان البيع قبل بدو الصلاح وقبل ظهور الثمرة ولهذا قال أرأيت إن منع الله الثمرة أي منعها من الخروج أو منعها
من أن تكون صالحة ولم يقل أخذ الله الثمر فلو كان المقصود فيما إذا كان البيع بعد بدو الصلاح لكان الكلام
هنا أرأيت إن أخذ الله الثمرة فلما جاء بهذه الصيغة أرأيت إن منع الله الثمرة دل على أن المأمور بوضعها هو ما إذا كان البيع
قبل بدو الصلاح أو كمال الصلاح أما إذا كان بعد بدو الصلاح فإن البائع باع شيئاً يحل له وأخذ ثمناً يحل له فكيف نقول في قوله
(أرأيت إن منع الله الثمرة بم يستحل أحدكم مال أخيه ) و القول بأن الأمر بوضع الجوائح إذا كان البيع بعد بدو الصلاح
أمر إرشاد لا إلزام وندب لا وجوب أما إذا كان قبل بدو الصلاح فإن الأمر حينئذ أمر وجوب وإلزام وبهذا تجتمع الأدلة .



سادساً :أن كلام الشارع ﷺ منزه عن التعارض والتضاد فلا يمكن أن يبيح الشارع ﷺ شيئاً ثم يحرمه
فلما أباح للبائع بعد بدو الصلاح أباح له البيع وأباح للمشتري الشراء وبناءً على ذلك حل الثمن للبائع فإن حصلت الجائحة
بعد البيع الذي أباحه الشارع ﷺ وتخلى البائع عن الثمرة واستلام المشتري لها فإن قدر الله بجائحة
كجراد أو سيل أو آفة أخذت الثمرة فإنه في هذه الحالة تكون الثمرة في ضمان المشتري وحوزته وملكه فلذلك لا يجوز أن نقول
أنه يجب عليه أن يرد الثمن بعد أن أباحه له الشارع ﷺ وأنه يكون حرام عليه لو لم يرده لأن ذلك مستلزم لوقوع التناقض
في كلام الشارع ووقوع التناقض في كلام الشارع ﷺ ممتنع قطعاً لهذا يتبين أن الجائحة إذا كانت في البيع الذي حصل
بعد بدو الصلاح وقبض المشتري وتخلي البائع أن ذلك لا يمكن أن يتنزل عليه الحديث ولكن يتنـزل على ما إذا كان
البيع قد وقع فيه خلل أو نَقَصَ فيه شرط من هذه الشروط فإن لم يكن كذلك فالأمر بوضع الجوائح أمر
إرشاد لا إلزام وبالله التوفيق



--------


تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 4 ]

[ المجلد الرابع ]

رابط تحميل الكتاب :


http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam4.pdf





.



ام عادل السلفية 05-11-2015 03:22AM

بسم الله الرحمن الرحيم





تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام


للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -




[256]الحديث السادس :
عن عبدالله بن عباس رضي الله عنهما قال نهى رسول الله ﷺ أن تتلقى الركبان وأن يبيع حاضر لباد قال فقلت لابن عباس
ما قوله حاضر لباد ؟ قال لا يكون له سمساراً .



موضوع الحديث:
النهي عن تلقي الركبان وأن يبيع حاضر لباد



المفردات
تلقى الركبان :أي بأن تخرج من السوق لشراء السلع التي يقدمون بها قبل أن يعلمو ا سعر السوق
قوله وأن يبيع حاضر لباد : الحاضر هو الساكن في المدينة والبادي هو الساكن في البدو
ومعنى سمساراً : السمسار هو الذي يكون وسيطاً في البيع بين البائع والمشتري ويسمى دلالاً


المعنى الإجمالي
من حكمة الله عز وجل في شرعه أنه تارة يحمي مصلحة صاحب السلعة وتارة يحمي مصلحة المستهلك وقد جمع في هذا الحديث
بين الأمرين فالنهي عن تلقي الركبان حماية لمصلحة أصحاب السلع والنهي عن بيع الحاضر للباد حماية لمصلحة
المستهلك وبهذا يوافق هذا الحديث قول النبي ﷺ في الحديث الآخر (دعوا الناس يرزق الله بعضهم من بعض ) .



فقه الحديث
أولاً: قد تقدم الكلام عن تلقي الركبان من حيث الحكم وأنه للتحريم .


ثانياً: يؤخذ منه صحة البيع أو عدم صحته وقد سبق أن رجحنا صحة البيع وجعل الخيار للبائع إذا ورد السوق لما
في ذلك من الغرر مع إثم المتلقي .



ثالثاً: قوله وأن يبيع حاضر لباد وقد فسره ابن عباس بقوله لا يكون له سمساراً وذلك فيما إذا جاء الحاضر إلى هذا البدوي فقال
له دع السلعة عندي وأنا أبيعها لك مقطعة لأن في هذا إضرار بالمستهلكين وفيه نوع من الاحتكار لكن إذا جاء البدوي
وباع لنفسه بما يسره الله له من ثمن فإن ذلك يكون في مصلحة المستهلك فلله ما أعظم شرعنا ولا غرابة فهو منزل من عند الله
ومبلغه رسول الله ﷺ الذي قال الله في حقه ( وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلا وَحْيٌ يُوحَى ) [ النجم : 3،4 ]



--------


تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 4 ]

[ المجلد الرابع ]

رابط تحميل الكتاب :


http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam4.pdf


التصفية والتربية

TarbiaTasfia@






.



ام عادل السلفية 07-11-2015 11:00PM

بسم الله الرحمن الرحيم



تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام


للعلامة : احمد النجمي
-رحمه الله -





[257]الحديث السابع :
عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما قال نهى رسول الله ﷺ عن المزابنة أن يبيع ثمر حائطه إن كان نخلاً بتمر كيلاً
وإن كان كرماً أن يبيعه بزبيب كيلاً أو كان زرعاً أن يبيعه بكيل طعام . نهى عن ذلك كله .



موضوع الحديث:
النهي عن بيع الأخضر بيابس من جنسه لأن الأخضر غير معلوم فلذلك منع لكون أحدهما معلوم والآخر مجهول





المفردات
المزابنة : مأخوذة من الزبن وهو الدفع فكأن كل واحد منهما يريد أن يدفع صاحبه عن حقه وقد فسرت المزابنة وضربت
لها الأمثلة بما لا يدع مجالاً للشك أو الريبة والجهل



المعنى الإجمالي
نهى الشارع ﷺ عن المزابنة التي هي بيع ثمر أخضر بشيء من جنسه يابساً لأن الأخضر غير معلوم المقدار
وفي مثل هذا يحرم البيع إلا بالتساوي فكان هذا هو علة النهي



فقه الحديث
أولاً: يؤخذ من هذا الحديث تحريم المزابنة التي هي بيع ثمر أخضر بيابس من جنسه وإن اختلفت الأنواع والجنس
ما شمل أنواعاً والنوع ما شمل أشخاصاً وقد قال النبي ﷺ للرجل الذي استعمله على خيبر حين باع
صاعاً بصاعين أي صاعاً من الجيد بصاعين من الدون (بِعِ الْجَمْعَ بِالدَّرَاهِمِ ثُمَّ ابْتَعْ بِالدَّرَاهِمِ جَنِيبًا ) فبيع الجنس بجنسه لا يجوز
إلا متساوياً ويحرم إذا كان متفاضلاً ولو علم التفاضل وكانت الأنواع مختلفة في الجودة والنهي هنا أي في المزابنة
النهي عن البيع فيها لأنه بيع معلوم بمجهول والجهل بالتساوي كالعلم بالتفاضل



ثانياً: أنه يستفاد من هذا النهي تحريم هذا البيع فلا يجوز بيع الثمر على النخل بتمر يابس ولا بيع الثمر في الكرم
بزبيب يابس ولا بيع الثمر بالزرع بطعام يابس والعلة في ذلك كما تقدم عدم العلم بالتساوي وعدم العلم
بالتساوي أي الجهل بالتساوي كالعلم بالتفاضل ولا يستثنى من هذا الحكم إلا العرايا بشروطها





--------


تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 4 ]

[ المجلد الرابع ]

رابط تحميل الكتاب :


http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam4.pdf





.



ام عادل السلفية 07-11-2015 11:06PM

بسم الله الرحمن الرحيم





تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام

للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -



[258]الحديث الثامن :
عن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما قال نهى النبي ﷺ عن المخابرة والمحاقلة وعن المزابنة وعن بيع الثمرة
حتى يبدو صلاحها وألا تباع إلا بالدينار والدراهم إلا العرايا . المحاقلة بيع الحنطة في سنبلها بحنطة .


موضوع الحديث :
النهي عن المخابرة وما في معناها من بيع الزرع بعد بدو صلاحه بطعام أو تمر أو زبيب من جنس المبيع


المفردات
المخابرة : مأخوذة من الأرض الخبار وهي المحروثة التي تحرث لتزرع ومقصود بها هنا تأجير الأرض بشيء من
الثمرة وسيأتي بحث هذه المسألة في باب المساقاة والمزارعة
قوله والمحاقلة : المقصود بها بيع الحقل الذي قد بدا صلاحه بجنسه من الحب اليابس أما المزابنة
فقد تقدم شرحها
قوله وعن بيع الثمرة حتى يبدو صلاحها : قد تقدم الكلام فيه
قوله إلا العرايا : سيأتي تعريف العرايا وبحثه وفقهه


المعنى الإجمالي
نهى النبي ﷺ عن شيء من البيوع التي تتعلق بالثمار لما فيها من الضرر على جانب واحد أو على الجانبين
والشارع أعلم بالمصلحة وأعرف بالمضرة


فقه الحديث
أولاً: المخابرة فيها خلاف سيأتي بحثه في حديث رافع بن خديج كنا نكري الأرض على الماذيانات
وأقبال الجداول … الحديث


ثانياً: قوله والمحاقلة يؤخذ منه تحريم بيع الحقل وهو الزرع الذي عليه سنابله بطعام من جنسه يابساً والعلة في تحريمه
الجهل بالتساوي بين ما يكون على رؤوس الشجر وبين الطعام اليابس والجهل بالتساوي كالعلم بالتفاضل ولا يجوز بيع مجهول
بشيء من جنسه فلو أن لك قطعة من الأرض قد بدا صلاحها واشتد حبها فجاءك رجل وقال أنا أشتري
منك هذه القطعة بما فيها من حب وقصب بمائتي صاع مكيلة فإن هذا لا يجوز ولو بعت منه تلك القطعة بشيء من النقود اتفقتم
عليها فإن ذلك جائز ولهذا قال وأن لا تباع إلا بالدينار والدراهم إلا العرايا

ثالثاً: قوله وعن المزابنة قد تقدم الكلام عليها

رابعاً: قوله وعن بيع الثمرة حتى يبدو صلاحها قد تقدم بحث هذا الموضوع

خامساً: قوله وألا تباع إلا بالدينار والدراهم أي أنه لا يباع ثمر أخضر على رؤوس الشجر بمكيل من جنسه كما تقدم .


سادساً: قوله إلا العرايا استثنى بيع العرايا بخرصها وسيأتي بحث هذه المسألة


سابعاً : قوله المحاقلة بيع الحنطة في سنبلها بحنطة هذا تفسير لكلمة المحاقلة .



--------


تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 4 ]

[ المجلد الرابع ]

رابط تحميل الكتاب :


http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam4.pdf





.




ام عادل السلفية 07-11-2015 11:11PM

بسم الله الرحمن الرحيم





تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام


للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -



الحديث التاسع:
عن أبي مسعود الأنصاري رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ نهى عن ثمن الكلب ومهر البغي وحلوان الكاهن .


موضوع الحديث :
النهي عن ثمن هذه الثلاث لما فيها من الخبث والضرر على المسلمين باستعمال أعواض الجاهلية فيها



المفردات
مهر البغي : هو أجرها على استعمال بضعها حراماً وسمي ذلك مهراً تشبيهاً له بمهر النكاح بجامع أن كل واحد منهما أجراً


قوله البغي : البغي هي الزانية سميت بذلك لأن البغاء يزيدها رغبة والعياذ بالله فيما هي فيه إما رغبة في الأجر أو رغبة في
المتعة الجنسية أو كلاهما ومن رغب في الشيء بغاه

قوله وحلوان الكاهن : الحلوان هو ما يعطاه الكاهن أجراً على كهانته ولعله سمي حلواناً لأنه يأخذه بدون
مشقة والكاهن هو الذي يخبر عن المغيبات وخبره يكون فيه نوع من الإشارة لأن الشيطان الذي يسترق السمع إنما يعطي
إشارات لكونه لا يستطيع استيعاب الخبر ولهذا فإن النبي ﷺ لما قال لابن صياد ( إني قد خبأت لك
خبيئاً قال ابن صياد هو الدخ فقال إخسأ فلن تعدو قدرك ) .



وكان النبي ﷺ قد خبأ له سورة الدخان والكاهن يشمل من يدعي معرفة المغيبات ويشمل المنجم ومن يسمى
بالعراف وهي مهنة تنبني على الدجل والتضليل لابتزاز الأموال .



المعنى الإجمالي
نهى النبي ﷺ عن ثمن الكلب ومهر البغي وحلوان الكاهن ونهيه عن هذه الثلاثة الأشياء لأنها خبيثة وشيوعها
بين المسلمين خبث وأمر يرفضه الإسلام ويأباه وتـتـنـزه عنه المجتمعات الإسلامية لما فيه من الضرر والمخالفة للدين .



فقه الحديث
أولاً: يؤخذ من الحديث تحريم ثمن الكلب لأن الكلب نجس وثمنه خبيث وهو في الكلب العادي اتفاق بين العلماء
على تحريمه ثم إنهم اختلفوا في الكلب المعلم هل يجوز بيعه أم لا ؟ فالجمهور على عدم جواز بيعه
لأن الحديث الوارد في ذلك ضعيف جداً لأنه من رواية أبي المهزم بتشديد الزاي المكسورة التميمي البصري اسمه يزيد
وقيل عبدالرحمن بن سفيان متروك من الثالثة روى له أبو داود والترمذي وابن ماجه ت 8463 والحديث هو ما ورد في
النهي عن ثمن الكلب وزاد فيه إلا كلب صيد ) إلا أن هذه الزيادة ضعيفة لضعف راويها وقد ذكروا أن الاستثناء ثابت في القنية
وليس في البيع لحديث ( من اقتنى كلباً إلا كلب صيد أو ماشية نقص من أجره كل يوم قيراطان ) فالصحيح أن
استثناء كلب الصيد إنما هو في الاقتناء لا في البيع .



ثانياً: يؤخذ من قوله ومهر البغي تحريم مهر البغي أي أجرة زناها وقد كان أهل الجاهلية يشترون الجواري ليؤجروهن
للبغاء فلما أراد من أراد في أول الإسلام ذلك أنزل الله عز وجل ( وَلا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا لِتَبْتَغُوا عَرَضَ
الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ) الآية [ النور ال: 33] ويظهر أن خبث مهر البغي وحلوان الكاهن كان معروفا حتى عند أهل
الجاهلية فلقد ورد أن قريشاً لما عزموا على بناء الكعبة قالوا فيما بينهم لا تدخلوا فيها مالاً من ربا ولا مهر بغي ولا حلوان كاهن



ثالثاً: قوله وحلوان الكاهن يؤخذ منه تحريم ما يأخذه الكاهن على كهانته وأنه شيء خبيث وقبيح لا يجوز أكله وقد ورد
أن عائشة رضي الله عنها قالت ( كان لأبي بكر غلام يخرج له الخراج وكان أبو بكر يأكل من خراجه فجاء يوماً
بشيء فأكل منه أبو بكر فقال له الغلام أتدري ما هذا فقال أبو بكر وما هو قال كنت تكهنت لإنسان في الجاهلية وما أُحسِن
الكهانة إلا أني خدعته فلقيني فأعطاني بذلك فهذا الذي أكلت منه فأدخل أبو بكر يده في حلقه فقاء كل شيء في بطنه) .

وإن الكهانة عندما تشيع في المجتمعات الإسلامية شيوعها خطر على المسلمين وضرر عليهم لما يترتب على
ذلك من الإضرار بالآخرين ولقد بلغنا من ذلك شيئاً كثيراً لا يستطاع وصفه في هذه العجالة فقد يصاب الإنسان بسحر يجعل
حياته بؤساً وجحيماً يتمنى أن لو نزل عليه الموت ولم يقع في تلك الورطة التي حصلت له وإنا لله وإنا إليه راجعون .



--------


تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 4 ]

[ المجلد الرابع ]

رابط تحميل الكتاب :


http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam4.pdf


التصفية والتربية

TarbiaTasfia@






.



ام عادل السلفية 09-11-2015 08:09AM

بسم الله الرحمن الرحيم





تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام


للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -




[260]الحديث العاشر:
عن رافع بن خديج رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ قال ثمن الكلب خبيث ومهر البغي خبيث وكسب الحجام خبيث .


موضوع الحديث:
النهي عن ثمن الكلب ومهر البغي وكسب الحجام وهل الوصف بالخبث دليل على التحريم في كل الثلاث
هذا محل نظر كما سياتي



المفردات
ثمن الكلب : قيمته التي يباع بها
ومهر البغي : هي أجرة زناها
وكسب الحجام هي أجرته على حجامته وإطلاق وصف الخبيث على الجميع دال على أن هذه المكاسب مكاسب غير جائزة


المعنى الإجمالي
الشرع الإسلامي نقي في عقائده وعباداته ومعاملاته فالعقيدة لا بد أن تكون توقيفية أي مبنية على ما جاء في الشرع
ومقصوداً بها وجه الله والمعاملات لابد أن تكون نقية من الغش والخداع والغدر ومن كل ما يتصف بالقبح والخبث لذلك فإن
أحكام الشرع الإسلامي لا يوجد لها مثيل قط في هذا الكون إلا ما كان من الشرائع المتقدمة على أن شريعة
محمد ﷺ أعلاها وأزكاها وصلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم .



فقه الحديث
أولاً: يؤخذ من قوله ثمن الكلب خبيث أن الكلب لا يجوز بيعه ولا شرائه حتى ولو كان معلماً وما ورد في البيع بقوله
( إلا كلب صيد ) فإن هذا الاستثناء حكم عليه بالوهم أي على راويه بالوهم فإن الاستثناء ثابت في الإقتناء لا في البيع على
القول الصحيح .



ثانياً : وصف ثمن الكلب بالخبث يدل على تحريمه لأن الخبيث يقابل الطيب والله سبحانه وتعالى يقول (يَا أَيُّهَا النَّاسُ
كُلُوا مِمَّا فِي الأَرْضِ حَلالاً طَيِّبًا وَلا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ ) [ البقرة : 168 ] وإذا علم تحريمه فإنه يكون
محرماً بيعه وأخذه فيحرم على المشتري بذله وعلى البائع أخذه .



ثالثاً :يؤخذ من قوله ومهر البغي خبيث وقد علم أن مهر البغي هو أجرة زناها ووصفه بالخبث دال على تحريمه
لأنه جاء من طريق محرم ولقد تطابقت الشرائع على تحريم الزنا بل وحتى بعض أهل الجاهليات يعرفون ذلك ويتحاشونه
ويحتقرونه كما قد سبقت الإشارة إليه .



رابعاً :جاء وصف كسب الحجام بالخبث والخبث غالباً يدل على التحريم فما اتصف بالخبث فهو محرم لكن ورد في هذه المسألة
بالذات ما يدل على عدم التحريم وهو أن النبي ﷺ أعطى الحجام أجرته وهو دال على أن وصف الخبث
في كسب الحجام يدل على الكراهة فقط لا على التحريم وإذا أخرجنا كسب الحجام من التحريم لأن وصف الخبث
لم يبق على ظاهره بل عارضه ما صرفه عن التحريم إلى الكراهة فإذا قلنا بهذا في كسب الحجام فلا يجوز أن نقول
فيه ما نقوله فيما سواه مما لم يعارضه شيء وبالله التوفيق .


--------


تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 4 ]

[ المجلد الرابع ]

رابط تحميل الكتاب :


http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam4.pdf





.



ام عادل السلفية 12-11-2015 01:58AM

بسم الله الرحمن الرحيم





تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام


للعلامة : احمد النجمي
-رحمه الله -



باب بيع العرايا وغير ذلك


[261]الحديث الأول :
عن زيد بن ثابت رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ رخص لصاحب العرية أن يبيعها بخرصها .
ولمسلم بخرصها تمراً يأكلونها رطباً .


موضوع الحديث :
جواز بيع الرطب على رؤوس النخل وهو مخصوص من بيع المزابنة المنهي عنها للعلل التي ستأتي



المفردات
العرية : هي النخلة أو النخلات تمنح من صاحب البستان للفقير لكي يتفكه بها عند حصول الفاكهة وسميت عرية
لأنها عريت عن البستان أي انفردت عنه .

بخرصها :الخرص هو التقدير بأن تقدر الثمرة على رؤوس النخل بما يساوي ذلك تمراً إذا يبس
قوله يأكلونها رطباً : هذا بيان للعلة التي من أجلها أبيح بيع العرايا


المعنى الإجمالي
لما كان بيع المزابنة وهو بيع التمر على رؤوس الشجر بشيء من جنسه يابساً لما كان ذلك محرماً أباح الله عز وجل
على لسان رسوله ﷺ بيع العرايا للعلل التي ستأتي



فقه الحديث
أولاً: يؤخذ من الحديث جواز بيع العرايا بشروطها وهي :
الشرط الأول: لوجود العلة المبيحة لذلك والعلة إما أن تكون لحاجة المعار أو تكون لحاجة المعير فأما حاجة المعار فهو
أن يكون الفقير له حاجة على التفكه بالرطب مع سائر الناس ويعطيه جاره الغني نخلة أو نخلات بشرط ألا يتجاوز خرصها
خمسة أوسق أو أن يكون دون خمسة أوسق ثم يتأذى المانح من دخول أولاد الممنوح فإذا تأذى المانح من الدخول
في بستانه خوفاً من التخريب فيه جاز عند ذلك أن يبيع الممنوح ثمر الذي منحه بخرصه تمراً



الحالة الثانية : أن يكون الممنوح يرى أن الرطب لا ينفع لأن الرطب سريع الهضم فإذا أكله العيال أفنوه بسرعة فهو يريد
تمراً يابساً لأن ذلك يكون نافعاً في النفقة لوقت أطول



الحالة الثالثة : أن يكون المشتري للرطب على رؤوس النخل غني ولكن ليس عنده نخل وعنده تمر من نفقة أهله
وليست عنده نقود يشتري بها ويريد أن يشتري لعياله نخلة أو نخلتين يأخذونها بالتدريج رطباً يتفكهون بها مع الناس
فيشتريها بخرصها تمراً .



الشرط الثاني : أن تكون النخلات المبيعة لا يتجاوز خرصها خمسة أوسق أو لا يصل إليها . الشرط الثالث: أن لا يجد
المشتري نقوداً يشتري بها فإن وجد نقوداً لم يجز هذا البيع في حقه الشرط الرابع :أن يبيعها بخرصها تمراً ويكون الخرص
من قبل أهل النخل المتخصصين فيه



الشرط الخامس: وجوب التقابض في المجلس ولا يجوز أن يتفرقا وبينهما شيء وإلا كان ربا نسيئة إذا علم هذا فإنه
متى توفرت هذه الشروط جاز بيع العرايا وإن نقص منها شيء بطل البيع .



أما بيع الرطب برطب كلاهما على الأرض أو على رؤوس الشجر فإن هذا لا يجوز على القول الصحيح فإن كان كلاهما
موجودين على الأرض جاز بيع أحدهما بالآخر كيلاً بكيل أو وزناً بوزن يداً بيد كما هو معلوم في سائر المكيلات
أو الموزونات سواء كانا من نوع واحد أو من أنواع مختلفة وإن كانا من نوعين مختلفين فإما أن يتراضيا على بيع الجيد بالرديء
وزناً بوزن وكيلاً بكيل وإلا فليبع صاحب الرديء رطبه ويشتري منالجيد كما قال النبي ﷺ للرجل الذي استعمله على
خيبر ( بِعِ الْجَمْعَ بِالدَّرَاهِمِ ثُمَّ ابْتَعْ بِالدَّرَاهِمِ جَنِيبًا)



ثانياً : أما بيع اليابس بالأخضر أي الرطب بالتمر فهو لا يجوز بحال إلا بالشروط المذكورة للعلل المذكورة
وبدون ذلك يكون من بيع المزابنة المحرم .



ثالثاً : وقد اختلف أهل العلم هل يقاس على العرايا غيرها من الأجناس التي يحتاج الناس فيها إلى التفكه عند مجيء
ثمرتها فأجاز ذلك قوم للعلة في العنب والزبيب خاصة وبعضهم قال إذا وجدت العلة جاز مطلقاً ومنع البعض الآخر قائلين
أنه من المعلوم أن الرخص تكون خاصة بما هي فيه ولا يقاس عليها غيرها وبالله التوفيق



--------


تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 4 ]

[ المجلد الرابع ]

رابط تحميل الكتاب :


http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam4.pdf





.



ام عادل السلفية 12-11-2015 02:03AM

بسم الله الرحمن الرحيم




تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام


للعلامة : احمد النجمي
-رحمه الله -



[262]الحديث الثاني :
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ رخص في بيع العرايا في خمسة أوسق أو دون خمسة أوسق .
قد تقدم شرحه في الحديث الأول ( حديث زيد بن ثابت )


[263]الحديث الثالث :
عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله ﷺ قال ( من باع نخلاً قد أبرت فثمرها للبائع إلا أن يشترط المبتاع )
ولمسلم ( ومن ابتاع عبداً فماله للذي باعه إلا أن يشترط المبتاع )


موضوع الحديث :
أن ثمرة النخل المؤبر إذا بيع تكون للبائع والعكس بالعكس وكذلك إذا بيع العبد فماله لبائعه إلا أن يشترط المبتاع .



المفردات
نخلاً قد أبرت : من التأبير وهو اللقاح وذلك بأن يشقق طلع الأنثى ويَذُرُّ عليه من طلع الذكر
قوله إلا أن يشترط المبتاع : إلا أداة استثناء و ما بعدها مستثنى أي ما اشترط المشتري أن تكون الثمرة له وإن أبرت وجب
العمل على الشرط متى تراضيا عليه والمراد بالمبتاع المشتري

قوله ومن ابتاع عبداً : أي اشتراه فماله للذي باعه إلا أن يشترط المبتاع


المعنى الإجمالي
للشريعة الإسلامية محاسن عظيمة لأنها شريعة كاملة ترعى الحقوق وتعطي كل صاحب حق حقه وقد روعي في هذا الحديث
حق التأبير للبائع وألحق به الثمرة لكونه قد باشر سببها وهو التأبير إلا أنه متى اشترط المبتاع أن تكون الثمرة له وإن كانت
النخل قد أبرت وقبل البائع ذلك فهما على ما اشترطا وكذلك من ابتاع عبداً فإن ماله لبائعه إلا أن يشترط المبتاع .



فقه الحديث
أولاً: يؤخذ من هذا الحديث أنه يجوز البيع بعد التأبير وقبله
ثانياً : أن من باع نخلاً قد أبرت أي قد عمل لها التلقيح الذي يفعله أهل النخل فإن ثمرها للبائع
ثالثاً : يؤخذ من الاستثناء أنه إذا اشترط المبتاع في البيع بعد التأبير أن تكون الثمرة له وقبل البائع ذلك فإنهما على ما تشارطا عليه
رابعاً : يؤخذ من هذا الحديث أيضاً أنه يقاس البذر على التأبير فإذا باع أرضاً قد بذرها فإن ثمرها للبائع إلا أن يشترطه المشتري
خامساً :إذا كانت هذه الأرض مما يحصد مرات فإنه يكون للبائع الحصدة الأولى وهي التي تسمى الجادّة في جهتنا
أما الخلف وهي الجزة الثانية فهي تكون للمشتري لكيلا يشغل ملكه بما هو لغيره وقتاً أطول

سادساً : ويقاس على هذا أن الجارية إذا بيعت وهي حامل فإن الحمل للبائع إلا أن يشترط المبتاع أي المشتري أن يكون ذلك له .
سابعاً : يرى بعض أهل العلم أنه إذا بيع العبد أو بيعت الجارية فإنه يلحق به ثياب المهنة دون ثياب الزينة أما ثياب
الزينة فهي للبائع إلا أن يشترطها المبتاع

ثامناً : يؤخذ من رواية مسلم أن من ابتاع عبداً له مال فماله لبائعه إلا أن يشترط المبتاع ويقبل البائع ذلك
تاسعاً : أخذ مالك من هذا الحديث أن العبد يملك والظاهر أن العبد لا يملك إلا ما ملّكه له سيده
عاشراً : ذكر ابن الأمير الصنعاني أن الطحاوي احتج بحديث الباب على جواز بيع الثمرة قبل بدو صلاحها وتعقبه البيهقي أنه
يستدل بالشيء على ما ورد فيه حتى إذا جاء ما ورد فيه استدل بغيره عليه كذلك فيستدل بجواز بيع الثمرة
قبل بدو صلاحها بحديث التأبير ولا يعمل بحديث التأبير وتعقبه العيني

وأقول :إن الاستدلال بحديث التأبير على جواز
بيع الثمرة قبل بدو صلاحها استدلال باطل لأن الشارع نهى عن بيع الثمرة قبل بدو صلاحها نهياً خاصاً أما إلحاق
النخل المؤبر بالمشتري وجعل ثمره من حقوق البائع إلا أن يشترط المبتاع فهذا له شأن آخر وقياس ذلك عليه لا يجوز لأمور
الأمر الأول : أن الفارق بين بيع الثمرة قبل بدو صلاحها وإلحاق ثمر النخل المؤبر بالبائع فارق كبير فبيع الثمرة مقصود به
الثمرة عينها أما إلحاق ثمر النخل المؤبر والزرع المبذور بالزارع والمؤبر فهو إلحاق له بأصل الملك .

الأمر الثاني : أن المالك باشر هذا السبب في وقت ما كان ملكه له فلحوقه له بسبب الملك الأول .

الأمر الثالث : أن بيع الثمرة قبل بدو صلاحها مقصود لذاته كما سبق وليس له ما يلتحق به أما إلحاق ثمر النخل المؤبر
بالبائع فهو إلحاق له بالملك الأصلي والسبب المباح وقد قال أصحاب أصول الفقه يجوز تبعاً ما لا يجوز
استقلالاً فتبين أن الفارق بين المسألتين فارق عظيم ومن ألحق إحداهما بالأخرى فإنه قد أخطأ وبالله التوفيق .





--------


تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 4 ]

[ المجلد الرابع ]

رابط تحميل الكتاب :


http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam4.pdf





.

ام عادل السلفية 12-11-2015 02:08AM

بسم الله الرحمن الرحيم



تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام


للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -



[264]الحديث الرابع :
عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله ﷺ قال ( من ابتاع طعاماً فلا يبعه حتى يستوفيه )
وفي لفظ (حتى يقبضه )

وعن ابن عباس مثله


موضوع الحديث :
النهي عن بيع الطعام قبل قبضه



المفردات
حتى يستوفيه وفي لفظ حتى يقبضه : الاستيفاء هو القبض وقد يقال أن الاستيفاء فيما كان مكيلاً أو موزوناً أو
مذروعاً أو معدوداً والقبض فيما يكون بخلاف ذلك بأن ينقله من مكانه إلى مكان آخر



المعنى الإجمالي
نهى الشارع عن بيع الطعام قبل قبضه واستيفائه حسماً للخلافات التي ربما تحصل بين الناس بسبب البيع قبل
القبض وخروجاً من شبهة الربا .



فقه الحديث
أولاً : فرق مالك بين ما إذا كان في المبيع حق التوفية على ما دل عليه الحديث ولا يختص ذلك عند الشافعي
بالطعام بل جميع المبيعات لا يجوز بيعها قبل قبضها عنده سواء كان عقاراً أو غيره وأبو حنيفة يجيز بيع العقار قبل القبض
ويمنع غيره وأقول الخلاف بين مالك والشافعي أن مالكاً اعتبر الاستيفاء كافٍ والشافعي قال لا بد من الاستيفاء والقبض معاً
والحق أنه إذا كان الاستيفاء قبضاً فإنه يجوز فيه البيع مثال ذلك فيما إذا كان الكيل في أوعية المشتري
فإنه في هذه الحالة يعد استيفاءً وقبضاً وقول الشافعي أنه لا يختص بالمكيلات والموزونات بل هو سار في كل شيء
ولو كان عقاراً وهو القول الصحيح الذي يؤيده الدليل ولكن القبض في كل شيء بحسبه فقبض العقارات بقبض صك المبايعة
ومفاتيح الدار ووضع اليد عليها بعد رفع يد البائع عنها والمكيلات يكون قبضها بكيلها وقد جاء في الحديث
الذي رواه جَابِرٍ رضي الله عنه قَالَ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَيْعِ الطَّعَامِ حَتَّى يَجْرِيَ فِيهِ الصَّاعَانِ صَاعُ الْبَائِعِ
وَصَاعُ الْمُشْتَرِي ) أما الأشياء المعدودة كالكراتين والأكياس وما يباع معدوداً كالبطيخ والحبحب وما إلى ذلك فقبضه
يكون بعده للمشتري وأخذ المشتري له بعد العد ، يعد قبضاً ويخرج عن ذلك شيئان


1- إذا كان الموهوب أو المباع قابضاً للهبة من قبل البيع أو قبل الهبة فإنه حينئذ لا يحتاج إلى قبض آخر مثال ذلك ما
ورد عن ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ ﷺ فِي سَفَرٍ فَكُنْتُ عَلَى بَكْرٍ صَعْبٍ لِعُمَرَ فَكَانَ يَغْلِبُنِي
فَيَتَقَدَّمُ أَمَامَ الْقَوْمِ فَيَزْجُرُهُ عُمَرُ وَيَرُدُّهُ ثُمَّ يَتَقَدَّمُ فَيَزْجُرُهُ عُمَرُ وَيَرُدُّهُ فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ لِعُمَرَ بِعْنِيهِ قَالَ هُوَ لَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ بِعْنِيهِ
فَبَاعَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ _ فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ هُوَ لَكَ يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ تَصْنَعُ بِهِ مَا شِئْتَ )



2- كذلك لو اشترى عبداً ثم اعتقه قبل أن يقبضه فإن الشرع يبيح هذا العتق ويعتبره واقعاً لأن العتق يرغب فيه
الشرع ويجوز إخراج العبد عن ملك سيده بالعتق حتى ولو لم يكن قبضه قبض غيره كما أنه ينفذ العتق ولو كان بصفة
هزلية ويوجب سريان العتق إذا كان المعتق قد اعتق شقصاً له من ذلك العبد فإنه يجعل العتق سارياً في جميع الرقبة على حساب
المعتق إن كان غنياً وبالله التوفيق .






--------


تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 4 ]

[ المجلد الرابع ]

رابط تحميل الكتاب :


http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam4.pdf


التصفية والتربية

TarbiaTasfia@






.

ام عادل السلفية 13-11-2015 07:30AM

بسم الله الرحمن الرحيم




تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام


للعلامة : احمد النجمي
-رحمه الله -



[265]الحديث الخامس :
عن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما أنه سمع رسول الله ﷺ يقول عام الفتح ( إن الله ورسوله حرم بيع الخمر والميته
والخنزير والأصنام فقيل يا رسول الله أرأيت شحوم الميتة فإنه يطلى بها السفن ويدهن بها الجلود ويستصبح بها الناس فقال لا هو حرام ثم
قال رسول الله ﷺ عند ذلك قاتل الله اليهود إن الله لما حرم عليهم شحومها جملوه ثم باعوه فأكلوا ثمنه )
. قال جملوه أذابوه



موضوع الحديث :
تحريم بيع ما حرم أكله أو شربه لنجاسته وتحريم بيع الأصنام على هيئتها



المفردات
الخمر : ما خامر العقل أي غطاه حتى لا يعرف شاربه المشرق من المغرب
والميتة هي : ما ماتت من الحيوانات حتف
أنفها أي بدون ذكاة

أما الخنزير : فهو حيوان خبيث حرم الله أكله لما ينشأ عنه من الخلائق السيئة
أما الأصنام : فهي التماثيل من الخشب أو الحجارة أو غيرهما وهي التي تمثل على شكل الآلهة التي يعبدونها
قوله أرأيت شحوم الميتة : استفهام عن الحكم بعد التعليل
قوله فإنه يطلى بها السفن: هذا تعليل يقصد منه هل يكون مؤثراً في الحكم تأثير إباحة
قوله ويدهن بها الجلود ويستصبح بها الناس : هاتان الجملتان معطوفتان على الجملة التي قبلها
قوله فقال لا : الضمير في قال يعود على رسول الله _ ولا نهي أو نفي للحكم المتوهم



وقوله هو حرام : هذه الجملة تأكيد لما تفيده لا ثم قال رسول الله ﷺ عند ذلك قاتل الله اليهود : هذا دعاء عليهم إن
الله لما حرم عليهم شحومها أي شحوم بهيمة الأنعام وذلك أن الله عز وجل حرم الشحوم على بني إسرائيل

جملوه : أي أذابوه
قوله ثم باعوه فأكلوا ثمنه : أي آل بهم الأمر إلى أنهم أكلوا ثمن ما حرم عليهم


المعنى الإجمالي
سئل رسول الله ﷺ حين قال إن الله ورسوله حرم بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام فسألوه عن المنافع
غير الأكل فقال لا هو حرام ثم قال قاتل الله اليهود عندما حرم الله عليهم الشحوم عملوا الحيلة لبيع ما أذابوه منها فذموا على
استعمالهم تلك الحيلة ليأكلوا بها ما حرم الله عز وجل .



فقه الحديث
أولاً: يؤخذ من هذا الحديث تحريم بيع الخمر والميتة والخنزير لما فيهما من الضرر والمعصية لله تعالى


ثانياً : يؤخذ منه أنه لا يجوز بيع الأصنام بحالتها الراهنة أي وهي باقية على شكلها


ثالثاً: لما كانت الأصنام من مواد طاهرة وإنما حرمت لما طرأ عليها من جعلها تماثيل لمعبودات الوثنيين فإنه لو كانت الأصنام
من الخشب فكسرت وبيعت حطباً فإنه في هذه الحالة يجوز بيعها لأنها قد تحولت عما كانت عليه وهذا حكي فيه الاتفاق



رابعاً : الميتة نجسة بصريح الآية واتفاق العلماء والخنزير حرام بالإجماع للنص عليه لكن هل حرمت الخمر لنجاستها أو
لما ينشأ عن شربها من ضياع العقل وتسكيره حتى يعود صاحبه لا عقل له فلما كان الخمر متردد تحريمه بين
هاتين العلتين اختلف فيه أهل العلم هل هو نجس وهل أن التحريم تلازمه النجاسة فذهب قوم إلى أن التحريم تلازمه النجاسة
وذهب قوم إلى أنه لا تلازمه النجاسة واستدلوا بأنه قد يكون التخدير أو التسكير طبيعة في شيء من النباتات
كالحشيش والهيروين وغيرهما وإذا كان الأمر كذلك فإن التحريم لما يترتب على شربه أو أكله وليس للنجاسة بل إن الشجر الذي
تؤخذ منه هذه المادة طاهر باتفاق ومثل ذلك أيضاً الحَشَر الذي يستعمل في الشيشة فإن شجره طاهر أيضاً باتفاق
لهذا فقد تبين بأن التحريم لا تلازمه النجاسة بل قد يكون الشيء محرماً أكله أو شربه وهو طاهر في نفسه وإنما حرم أكله وشربه
لما يترتب عليه من تخدير العقل وتسكيره



خامساً: لما حرمت الخمر وأمر النبي ﷺ بإراقتها وكان فيها مال أيتام فأريق ذلك المال وكان بعد الإراقة
التي ساحت في شوارع المدينة لا بد أن يطأ فيها الناس فلما لم ينههم النبي ﷺ عن الوطأ فيها وهي مراقة ولم يأمر من
وطأ فيها أن يغسل ما أصابه منها دل هذا على أنها طاهرة وليست بنجسة .



سادساً: لما سأل الصحابة رسول الله ﷺ عن الانتفاع بهذه الأشياء التي هي الخمر والميتة فسألوه عن الميتة
لأنه تطلى بها السفن وتدهن بها الجلود ويستصبح بها الناس فسألوه عن ذلك ملتمسين الحكم لعله أن تكون هذه المنافع التي
هي غير الأكل والشرب مؤثرة في جواز استعمالها قال النبي ﷺ لا وأكد ذلك بقوله هو حرام



سابعاً : هل يؤخذ من هذا أن من ماتت له بهيمة فاستعمل شحومها للاستصباح أو لطلي السفن هل يكون ذلك مباحاً هذا
محل نظر فإن وجد الإجماع وصح على جواز ذلك إذا لم يكن فيه بيع دل على أن التحريم إنما هو من أجل ما يؤول إليه من البيع
وعلى هذا فيمكن أن نقول أن النبي ﷺ لما ذكر اليهود عند ذلك وذمهم بجمل الشحوم وبيعها وأكل ثمنها كان ذلك
دال على أن التحريم إنما هو للبيع وأكل الثمن وليس لمطلق الانتفاع



ثامناً : ولقد أباح النبي ﷺ أخذ جلد الميتة ودبغه والانتفاع به وقال إنما حرم أكلها فدل ذلك على أن التحريم إنما هو للبيع
الذي يؤدي إلى أكل الثمن حين قال ﷺ ( قاتل الله اليهود إن الله لما حرم عليهم الشحوم جملوه ثم باعوه وأكلوا ثمنه .



تاسعاً : يؤخذ من هذا الحديث أيضاً تحريم الذرائع التي توصل إلى الحرام كما حصل لليهود وبالله التوفيق .


--------


تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 4 ]

[ المجلد الرابع ]

رابط تحميل الكتاب :


http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam4.pdf






.


ام عادل السلفية 14-11-2015 05:22AM

بسم الله الرحمن الرحيم





تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام


للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -



[باب السلم]

[266] الحديث الأول :

عن عبدالله بن عباس رضي الله عنهما قال قدم رسول الله المدينة وهم يسلفون في الثمار السنة والسنتين والثلاث فقال :
من أسلف في شيء فليسلف في كيل معلوم ووزن معلوم إلى أجل معلوم ) .



موضوع الحديث :
السلم وما يصح به من شروط تكون مؤثرة في الصحة وعدمها مؤثر في عدم الصحة


المفردات
السلم : مأخوذ من تسليم الثمن في الحال وتأجيل السلعة إلى أجل محدد أما اسم السلف فهو مأخوذ من التقديم بأن يقدم
الثمن ويؤجل السلعة ومن ذلك قول النبي ﷺ في دعاء دخول المقبرة ( السَّلامُ عَلَيْكُمْ يَا أَهْلَ الْقُبُورِ يَغْفِرُ اللَّهُ لَنَا وَلَكُمْ أَنْتُمْ
سَلَفُنَا وَنَحْنُ بِالأَثَرِ ) أي أنتم متقدمون ونحن بالأثر بعدكم وكلا اللغتين صحيح .

وحقيقة السلم تقديم الثمن وتأخير السلعة وعكسه تقديم السلعة وتأخير الثمن .


المعنى الإجمالي
لما قدم النبي ﷺ المدينة وجدهم يسلفون في الثمار إلى آجال مختلفة بعضها سنة وبعضها سنتين وبعضها
ثلاث سنين فأقر النبي ﷺ السلم وجعل له شرائط تضبطه بقوله ( من أسلف فليسلف في كيل معلوم ووزن
معلوم إلى أجل معلوم )



فقه الحديث
أولاً : جواز السلم وقد حكي الاتفاق على جوازه من حيث الجملة للأدلة الآتية الدليل الأول قوله تعالى
( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ ) [ البقرة : 282 ] والدليل الثاني من السنة فهو هذا الحديث
وأما الإجماع فهو ما حكاه علماء هذه الأمة قديماً وحديثاً أن الأمة أجمعت على جواز السلم بالشروط المذكورة في الحديث .



ثانياً : السلم جائز بشروط
1- أن يكون مضبوط المقدار والضبط في كل شيء بحسبه فما كان مكيلاً فضابطه الكيل وينبغي أن يُعرف المكيال الذي
يكال به إن كان هناك اختلاف في المكاييل أما إن كان العرف جار على مكيال واحد فلا يلزم التعيين
وما كان موزوناً فضابطه الوزن وما كان معدوداً فضابطه العد وما كان مذروعاً فضابطه الذرع وقد نبه النبي ﷺ
على الضابط بالكيل والوزن .



2- من شروط السلم أن يكون المبيع موصوفاً في الذمة إذاً فكل ما لم يكن موصوفاً فإنه لا يصح السلم فيه


3- اشترطوا فيما كان معدوداً أن يكون مستوي الأحجام ومنعوا ما يكون مختلف الأحجام اختلافاً فاحشاً كالحبحب
مثلاً فإنه قد يكون حجمه صغير كيلو فأقل وقد تصل الحبحبة الواحدة أحياناً إلى خمسة عشر كيلو فمثل هذا لا ينبغي أن يكون
السلم فيه إلا بوصف يضبطه أو يكون متقارب الأحجام .



4- من شروط السلم ذكر الأجل بأن يكون الأجل معيناً بزمنه ومكانه .


5- من شروط السلم أن يذكر محل التسليم بحيث أن يكون مسلماً في مكان كذا


6- أن يكون الأجل يجوز فيه أن يكون له وقع في الثمن كشهرين أو ثلاثة أو سنة أو سنتين


7- أنه يشترط أن يكون المسلم إليه واجداً للسلعة قبل الأجل فإن وجود السلعة يجب توفره عند الأجل .


ثالثاً : اختلف أهل العلم في عكس السلم بأن يبيع سلعة بثمن مؤجل هل يجوز له الزيادة على الثمن المعروف
في حال البيع أو لا يجوز ؟ فذهب الجمهور إلى الجواز ومن أدلتهم قول الله تعالى ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ
إِلَى أَجَلٍ مُسَمّىً فَاكْتُبُوهُ ) ومن أدلتهم أيضاً أن السلم لا يرتبط بسعر الزمن الذي حصل العقد فيه بل يكون بحسب ما يتفقان
عليه المسلم والمسلم إليه وكما أنه لا يشترط فيه أن يكون مرتبطاً بسعر وقته فكذلك البيع إلى أجل أيضاً لا يشترط
أن يكون البيع مرتبطاً بسعر وقت العقد ومما استدل به على جواز ذلك ما ثبت في الصحيحين أن النبي _ مات ودرعه
مرهونة عند يهودي في ثلاثين صاعاً من شعير اشتراها نفقة لأهله ) واليهود معروفون بجشعهم فلا يعطوا النبي
ﷺ إلا بسعر أكثر من سعر يومه و أيضاً حديث حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ قَالَ ( أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ‎_ أسأله يَأْتِينِي الرَّجُلُ يَسْأَلُنِي مِنْ
الْبَيْعِ مَا لَيْسَ عِنْدِي أَبْتَاعُ لَهُ مِنْ السُّوقِ ثُمَّ أَبِيعُهُ قَالَ لا تَبِعْ مَا لَيْسَ عِنْدَكَ ) وذهب قوم إلى أنه لا تجوز الزيادة وإلى
ذلك ذهبت الزيدية وبعض أهل السنة مستدلين بحديث أسامة بن زيد ( لا ربا إلا في النسيئة) وهذا الحديث تأوله الشافعي بأنه كان
لسؤال عن شيئين يجوز فيهما التفاضل ويحرم النسأ فأجابه النبي ﷺ بقوله ( لا ربا إلا في النسيئة )



رابعاً :اختلفوا في السلم الحال هل هو جائز أو ممنوع فمنعه مالك وأبو حنيفة وأجازه بعضهم إلا أن قول النبي ﷺ
إلى أجل معلوم دال على أنه لا بد أن يكون فيه أجل له وقع في الثمن وبالله التوفيق .


--------


تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 4 ]

[ المجلد الرابع ]

رابط تحميل الكتاب :


http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam4.pdf






.




ام عادل السلفية 15-11-2015 05:04AM

بسم الله الرحمن الرحيم





تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام


للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -



باب الشروط في البيع

[267]الحديث الأول :
عن عائشة رضي الله عنها قالت : جاءتني بريرة فقالت كاتبت أهلي على تسع أواق في كل عام أوقية فأعينيني فقلت : إن أحب أهلك أن أعدّها لهم وولاءك لي فعلت فذهبت بريرة إلى أهلها فقالت لهم فأبوا عليها فجاءت من عندهم ورسول الله ﷺ جالس فقالت إني عرضت ذلك على أهلي فأبوا إلا أن يكون لهم الولاء فأخبرت عائشة النبي ﷺ فقال خذيها واشترطي لهم الولاء فإنما الولاء لمن أعتق ففعلت عائشة ثم قام رسول الله ﷺ في الناس فحمد الله وأثنى عليه ثم قال أما بعد فما بال رجال يشترطون شروطاً ليست في كتاب الله كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل وإن كان مائة شرط قضاء الله أحق وشرط الله أوثق وإنما الولاء لمن أعتق ) .



موضوع الحديث :
الشروط الجائزة والممنوعة



المفردات
كاتبت أهلي : المكاتبة هي عقد بين السيد وعبده وعرفوها بأنها تعليق عتق بصفة على معاوضة مخصوصة
قولها على تسع أواق : أواق جمع أوقية والأوقية هي أربعون درهماً وهي تساوي عشرة ريالات باعتبار أن الدرهم ربع ريال سعودي .
قولها في كل عام أوقية : أي منجمة على تسع سنين أي مقسطة
قولها فأعينيني : طلبت الإعانة من عائشة رضي الله عنها
فقلت : القائلة عائشة إن أحب أهلك : أي أسيادك أن أعدها لهم أي أنقدهم إياها أي أعطيهم الآن نقداً وولاءك لي فعلت أي بأن يكون ولاءك لي
فذهبت بريرة إلى أهلها لتشاورهم فأبوا عليها : أي منعوا إلا أن يكون الولاء لهم



فجاءت من عندهم ورسول الله ﷺ جالس : الواو واو الحال فقالت إني عرضت ذلك أي بالشرط الذي تشترطينه على أهلي فأبوا أي امتنعوا من العتق على أن يكون الولاء لعائشة رضي الله عنها إلا أن يكون الولاء لهم فأخبرت عائشة رضي الله عنها النبي ﷺ فقال خذيها أي اشتريها واشترطي لهم الولاء أي إقبلي شرطهم فإن شرطهم باطل لذلك فإن وجوده كعدمه
قوله فإنما الولاء لمن أعتق : أي لمن دفع الثمن وأعطى الورق وسمح بالعتق بناءً على ذلك



ثم قام رسول الله ﷺ في الناس أي خطيباً فحمد الله وأثنى عليه يعني وأثنى عليه خيراً بذكر ما له من الصفات العلى والأسماء الحسنى
قوله فما بال رجال : أي ما شأنهم ولم يشترطون شروطاً ليست في كتاب الله أي في شرعه كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل أي غير معمول به لبطلانه
قوله وإن كان مائة شرط : يعني وإن أُكد بتأكيدات
قضاء الله أحق : أي حكمه وشرعه أحق بالتنفيذ
وشرط الله أوثق : أي أوثق من الشروط التي يشترطها الناس مخالفة لكتاب الله عز وجل
وإنما الولاء لمن أعتق : إنما أداة حصر والولاء مبتدأ ولمن أعتق خبر أي إنما الولاء في شرع الله مستحق لمن أعتق .


المعنى الإجمالي
هذه القصة مضمونها أن أهل بريرة رضي الله عنها بعد أن كاتبوها على تسع أواق منجمة أي مقسطة وجاءت تستعين عائشة رضي الله عنها فأرادت عائشة رضي الله عنها أن تعطيهم الثمن المؤجل معجلاً وتعتقها على شرط أن يكون الولاء لها فأبوا إلا أن يكون الولاء لهم فعند ذلك أمرها النبي ﷺ أن تقبل هذا الشرط الذي وجوده كعدمه فقبلت واشترتها واعتقتها بناءً على ذلك لكن ذلك الشرط هدم بإنكار الشارع له لأنه خلاف شرع الله وقضاءه وقضاء الله أن الولاء لمن دفع الثمن وأعطى الورق والله سبحانه وتعالى يقول ( إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ) [ النحل : 90 ] وليس من العدل أن تعطي عائشة رضي الله عنها الثمن وتعتق ويكون الولاء لغيرها وبالله التوفيق .


فقه الحديث
أولاً : يؤخذ من قولها كاتبت أهلي مشروعية المكاتبة وقد أمر الله عز وجل بها في قوله ( وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ ) [ النور : 33 ].


ثانياً :الكتابة مستحبة وليست بواجبة وإلى ذلك ذهب الجمهور وحملوا الأمر على أنه أمر إرشاد لا أمر إيجاب .


ثالثاً : يؤخذ من الآية أن استحباب الموافقة على الكتابة تكون معلقة بما إذا علم عن العبد صلاحاً وكسباً وهذا هو القول الصحيح


رابعاً : الكتابة منجمة غالباً أي مقسطة .


خامساً : يؤخذ من قولها في كل عام أوقية أن التقسيط يجوز أن يكون بالأعوام وأن يكون بالأشهر


سادساً : أن العبد لا يكون حراً إلا إذا أكمل قيمة نفسه التي كاتب عليها سيده


سابعاً : اختلف أهل العلم في جواز بيع المكاتب فبعضهم أجاز وبعضهم منع فإن كان البيع مقصود للعتق كما في قصة بريرة فالأظهر الجواز وإن كان البيع مقصود به غير ذلك فالظاهر أنه مكروه أما أن نقول أنه محرم فلا والكراهة تنبني على أمرين . الأمر الأول : أنه يعتبر تخلفاً من سيده وهذا التخلف مذموم



الأمر الثاني : قد جاء في الحديث (عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ الْمُكَاتَبُ عَبْدٌ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ مِنْ مُكَاتَبَتِهِ دِرْهَمٌ ) إذا فنحن نقول أن الوفاء بهذا العقد بين السيد وعبده إما أن يكون واجباً وإما أن يكون مستحباً والعدول عنه يكون مكروهاً .


ثامناً : يؤخذ من قولها فأعينيني جواز الاستعانة ممن حصل له سبب يوجب الاستعانة كهذا وكذلك من أصابت ماله جائحة وكذلك من تحمل ديوناً


تاسعاً : قول عائشة فإن أحب أهلك أن أعدّها لهم وولاءك لي فعلت يؤخذ منه أن عائشة رضي الله عنها استعدت بدفع مال المكاتبة على شرط العتق .


عاشراً : الصحيح أنها ابتاعت بريرة ولم تبتع الكتابة


الحادي عشر : امتناع أهل بريرة من الموافقة على بيعها إلا بشرط أن يكون لهم الولاء يُعدّ وضعاً للشيء في غير محله واشتراطاً لشرط باطل .


الثاني عشر : في قول النبي ﷺ خذيها واشترطي لهم الولاء يؤخذ من هذا أن النبي ﷺ أمرها بأن تشتريها وأن تقبل هذا الشرط الذي اشترطوه .


الثالث عشر : في قوله وإنما الولاء لمن أعتق إخبار أن ذلك الشرط لاغٍ لأنه مخالف لكتاب الله عز وجل وشرعه


الرابع عشر :قد اعترض على هذه العبارة بأن فيها إشكال واضح لا يتلائم مع مقام النبوة وذلك أن أمره لعائشة رضي الله عنها بأن تقبل ذلك الشرط مع أنه باطل ربما يقال أن فيه شيء من الخداع الذي يتنافى مع مقام النبوة


الخامس عشر : قد أُجيب عن هذا بأجوبة غير منتهضة .
وأقول الصواب في نظري أن النبي ﷺ أولاً : أباح لها أن تقبل هذا الشرط نظراً لأنه شرط باطل ووجوده كعدمه وثانياً : أنه لو أظهر لهم ذلك أولاً لمنعوا من العتق والعتق مقصود للشرع مرغب فيه والحث عليه كثير فلذلك أمر عائشة أن تقبل هذا الشرط مع أنه غير صحيح حتى يتم عتق بريرة وأخيراً يجب أن يعتقد كل مكلف أن النبي ﷺ لا يقول إلا حق ولا يفعل إلا ما هو حق فلا يجوز أن يتطرق هذا الاحتمال إلى مقام النبوة أبداً ، وثالثاً :أن قبول عائشة رضي الله عنها لهذا الشرط ثم إظهار بطلانه من النبي ﷺ في الخطبة أشد وقعاً حتى يعرفه كل من سمع ذلك أن مثل هذا الشرط باطل وبالله التوفيق .


السادس عشر : يؤخذ من فعله ﷺ وهو أنه بعد ذلك قام خطيباً وأعلن الحكم أن مثل هذه الأمور ينبغي إعلانها ليترتب على ذلك معرفة الناس بالأحكام الشرعية .


السابع عشر : يؤخذ من قولها فحمد الله وأثنى عليه أن الخطبة لا بد أن تبدأ بحمد الله والثناء عليه


الثامن عشر : الثناء على الله هو مدحه بما له من المحامد والكمالات التي لا تنبغي إلا له .


التاسع عشر : في قوله أما بعد يؤخذ منه مشروعية هذه الكلمة ليفصل بها بين مقدمة الخطبة والمقصود الذي يريد أن يدخل فيه .


العشرون :يؤخذ من قوله ما بال رجال يشترطون شروطاً أن من أنكر شيئاً من المناكر ينبغي له أن يُكني ولا يصرح وهو أن يقول ما بال أقوام يفعلون كذا ولا يقول ما بال فلان أو آل فلان يفعلون كذا .


الحادي والعشرون : يؤخذ من قوله يشترطون شروطاً ليست في كتاب الله ربما قيل أين هذا الشرط من كتاب الله نقول إن الشرط في كتاب الله بإقامة العدل بين عباده في قوله (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى) [ النحل : 90 ]


الثاني والعشرون : أن هذه القصة داخلة في العدل بإعطاء الحقوق لمستحقيها ومن أعطى الورق ودفع المال وأعتق فهو المستحق للولاء ولا يجوز أن يأخذه غيره ممن لم يفعل شيئاً من ذلك


الثالث والعشرون :قوله كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل يؤخذ من هذا أن كل شرط لا يؤيده كتاب الله ودينه وشرعه فهو باطل وإن كان مائة شرط


الرابع والعشرون : يؤخذ من قوله وإن كان مائة شرط جواز المبالغة


الخامس والعشرون : يؤخذ من قوله قضاء الله أحق وشرط الله أوثق وإنما الولاء لمن أعتق أنه يجوز السجع الذي يظهر به الحق ويكون غير متكلف


السادس والعشرون : أنه يجوز مكاتبة الأَمة المزوجة بمملوك مثلها .


السابع والعشرون : أن الأمة إذا عتقت تحت عبد خيرت بين البقاء تحته أو فسخ النكاح كما حصل لبريرة


الثامن والعشرون : أنها إذا اختارت نفسها خرجت من حكم الزوجية وانفسخ النكاح بينهما


التاسع والعشرون : أنها إذا اختارت زوجها ثم أرادت الفسخ لم تمكن منه
الثلاثون : أنها يجب أن تخير بذلك كما أخبر النبي ﷺ بريرة قبل التخيير .


--------


تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 4 ]

[ المجلد الرابع ]

رابط تحميل الكتاب :


http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam4.pdf


التصفية والتربية

TarbiaTasfia@






.



ام عادل السلفية 23-11-2015 01:11PM

بسم الله الرحمن الرحيم





تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام


للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -




[268]الحديث الثاني :
عن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما أنه كان يسير على جمل فأعيى فأراد أن يسيبه فلحقني النبي ﷺ فدعا لي وضربه فسار سيراً لم يسر مثله ثم قال بعنيه بوقية قلت لا ثم قال بعنيه فبعته بأوقية واستثنيت حملانه إلى أهلي فلما بلغت أتيته بالجمل فنقدني ثمنه ثم رجعت فأرسل في أثري فقال أتراني ماكستك لآخذ جملك ؟ خذ جملك ودراهمك فهو لك .


موضوع الحديث :
الشرط الجائز في البيع



المفردات
أنه كان يسير على جمل فأعيى : المراد بالعي العجز والضعف عن أن يسير مع القافلة .
قوله فأراد أن يسيبه : أي يتركه
قال فلحقني النبي ﷺ :في هذا إلتفات من ضمير الغيبة إلى ضمير التحدث عن النفس
قوله فدعا لي : من الدعوة التي هي الدعاء
وضربه : الضمير يعود على الجمل أي ضرب الجمل فسار سيراً لم يسر مثله : النفي هنا كأنه نفي لحصول سير يساوي سيره ذلك فيما سبق
قوله بعنيه :هذا طلب من النبي ﷺ أن يبيعه منه
بوقية : الوقية هي أربعون درهماً
قلت لا ثم قال بعنيه فبعته بوقية واستثنيت حملانه إلى أهلي : أي اشترطت على النبي ﷺ أن أتبلغ عليه إلى أهلي في المدينة فقبل النبي ﷺ هذا الشرط .



فلما بلغت :أي وصلت إلى أهلي أتيته بالجمل أي تنفيذاً للاتفاق بيني وبينه
فنقدني ثمنه : أي أعطاني الأوقية التي بعته بها
ثم رجعت فأرسل في أثري :أي بعدي مباشرة ويحتمل أن يكون في إثري لكن الرواية الأولى لعلها هي الأصح والإثر والأثر متقاربان فإن الرسول ﷺ كأنه تتبع أثره فقال أتُراني بضم التاء أي تظنني وتحسبني
ماكستك :المماكسة هي المكالمة بالنقص من الثمن لآخذ جملك خذ جملك ودراهمك فهو لك تفضل عليه بإعطائه الجمل والدراهم .


المعنى الإجمالي
بينما كان جابر بن عبدالله رضي الله عنهما في غزوة من الغزوات يسير على جمل له فأعيى ذلك الجمل أي ظهر عليه العجز وعدم القدرة على السير مع القافلة فأراد صاحبه (جابر ) أن يسيبه أي يتركه لغلبة الظن على صاحبه أنه لا فائدة في بقائه معه فبينما هو كذلك لحقه النبي ﷺ وضرب الجمل فسار سيراً لم يسر مثله وتلك معجزة من معجزاته ﷺ ثم طلب منه أن يبيعه إياه فأبى أولاً ثم وافق بعد ذلك لكنه استثنى حُملانه إلى أهله في المدينة فوافق النبي ﷺ على ذلك فلما بلغ أتاه بالجمل فأعطاه ثمنه فرجع وترك الجمل عنده وإذا به يرسل في أثره قائلاً أتُراني ماكستك لآخذ جملك أي ناقصتك في البيع لآخذ جملك خذ جملك ودراهمك فهو لك .


فقه الحديث
أولاً : يؤخذ منه جواز التسييب للدابة التي لم يبق فيها فائدة وذلك بإقرار النبي ﷺ وعدم نهيه عن ذلك


ثانياً : لم يكن التسييب على ما كان يعتقده أهل الجاهلية في السائبة ولكن لغلبة الظن على أن الجمل لا يستفاد منه فيما بعد .


ثالثاً : دعاء النبي ﷺ لجابر رضي الله عنه يظهر أنه دعاء قصد منه النبي ﷺ تطييب خاطره وجبر ما في نفسه من ذلك المأزق الذي كاد يقع فيه لولا ما يسره الله له من رحمة النبي ﷺ وعطفه عليه .


رابعاً : في قوله وضربه فسار سيراً لم يسر مثله الضرب من النبي ﷺ تحول بركة في حق جابر وجمله فسار سيراً ما كان يسيره وهذه هي المعجزة الظاهرة .


خامساً : يؤخذ من قوله بعنيه بوقية أنه يجوز مبايعة من لم يعرض سلعته للبيع .


سادساً : قوله لا يحتمل أنه امتناع من البيع ويحتمل أنه امتناع من الثمن


سابعاً : قول النبي ﷺ بعنيه مرة أخرى تأكيد من النبي ﷺ بطلب البيع .


ثامناً : فيه دليل على جواز تكرار المبايعة لمن لم يعرض سلعته للبيع .


تاسعاً : في قوله فبعته الفاء هنا رابطة بين طلب البيع والموافقة عليه أو سببيه أي بسبب تكرير النبي ﷺ بعته وبأوقية كما طلب .


عاشراً : يؤخذ من قوله واستثنيت حملانه إلى أهلي جواز الاستثناء إذا كان معلوماً وهذا استثناء للمنفعة ولم يكن استثناء لبعض الشيء المبيع


الحادي عشر : أن هذا لا يتنافى مع حديث النهي عن الثنيا فالثنيا المنهي عنها هي ما لم تكن معلومة بأن كانت عائمة في المبيع فمن قال بعتك هذا القطيع من الغنم واستثنيت واحدة منه فإنه لا يجوز ذلك إلا أن ينصص على الشاة المستثناه وإن استثنى منفعة فلا بد أن تكون تلك المنفعة معلومة بمقدارها وثمنها فالنهي إنما يكون عن ثنيا غير معلومة وإذا فلا تعارض .


الثاني عشر : أن هذا الاستثناء كان شرطاً في البيع وكان إنشاؤه مع إنشاء العقد ولم يتم العقد إلا به وقد أنكر بعض الفقهاء مثل هذا ولكن سلكوا في سبيل تخريجه والاعتذار عن وقوعه مسالك شتى مع العلم أن حديث جابر رضي الله عنه أقوى من حديث النهي عن بيع وشرط وقد قال الصنعاني رحمه الله بعد ما ذكر بعض تلك المسالك التي سلكوها في الاعتذار عن هذا الحديث والأخذ به فقال ( وقوى الحافظ ابن حجر كونه وعداً حل محل الشرط كما نقله عن الإسماعيلي قلت والقول للصنعاني


وهذا كله وفاءً بحق المذاهب وإلا فقوله ﷺ إلا أن يكون معلوماً في حديث الثنيا واضح في صحة هذا الشرط وأمثاله ) أهـ فدل أن تلك التكلفات التي تكلفوها في زعمهم المعارضة من هذا الحديث لحديث النهي عن الثنيا أو لحديث النهي عن بيع وشرط والصواب أن النهي إنما هو عن الثنيا المجهولة والشرط الذي يتعارض مع البيع أو ينافيه ويضاده أما ما لم يكن كذلك فليس فيه معارضة له علماً بأن حديث جابر أصح من تلك الأحاديث التي عارضوا بها رحمنا الله وإياهم



الثالث عشر :يؤخذ من قوله أتراني ماكستك لآخذ جملك خذ جملك ودراهمك فهو لك يؤخذ من هذا تفضل النبي ﷺ على أصحابه ومكارم خلقه وسخائه وكرمه الذي جعل الدنيا عنده لا تساوي شيئاً فصلوات الله وسلامه عليه القائل ( مَا لِي وَمَا لِلدُّنْيَا مَا أَنَا فِي الدُّنْيَا إِلا كَرَاكِبٍ اسْتَظَلَّ تَحْتَ شَجَرَةٍ ثُمَّ رَاحَ وَتَرَكَهَا ) .


الرابع عشر : أن الاستثناء إنما يكون صحيحاً بشروط :-


الشرط الأول : أن يكون الاستثناء من عين المبيع معيناً كاستثناء شاة من قطيع الغنم واستثناء نخلة من نخيل البستان فهذا لا يصح إلا أن يكون المستثنى معروفاً


الشرط الثاني : أن يكون الاستثناء من منفعة المبيع معيناً أيضاً ومبيناً كاستثناء سكنى الدار مدة معلومة واستثناء ركوب الدابة أو السيارة إلى موضع معين .


الشرط الثالث : أن هذا الشرط لا يصح إلا إذا كان في ذات المبيع أو منفعته أما أن يكون الاستثناء في غير المبيع فهذا لا يجوز ويكون مما نهي عنه في حديث ( النهي عن بيع وشرط ) وبالله التوفيق


--------


تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 4 ]

[ المجلد الرابع ]

رابط تحميل الكتاب :


http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam4.pdf









ام عادل السلفية 23-11-2015 01:16PM

بسم الله الرحمن الرحيم





تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام


للعلامة : احمد النجمي
-رحمه الله -



[269]الحديث الثالث :
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال نهى رسول الله ﷺ أن يبيع حاضر لباد ولا تناجشوا ولا يبع الرجل على بيع أخيه ولا يخطب على خطبة أخيه ولا تسأل المرأة طلاق أختها لتكفئ ما في صحفتها .


موضوع الحديث:
النهي عن بيوع لما فيها من الضرر على الفرد أو المجتمع وعن اشتراط المخطوبة طلاق الزوجة قبلها



المفردات
الحاضر : هو صاحب الحضر وهو الساكن في المدينة والقرية
والباد : هو ساكن البادية
ولا تناجشوا : تقدم تعريف النجش وأنه الزيادة في الثمن ليوقع فيه غيره
ولا يبع على بيع أخيه : قد تقدم أيضاً وهل المقصود به مجرد السوم أو النهي عن بيع الرجل على بيع أخيه بعد تمام العقد
قوله ولا يخطب على خطبة أخيه : الخطبة بالكسر هو طلب النكاح وبالضم خطبة الجمعة هكذا قرر ابن دقيق العيد رحمه الله
قوله ولا تسأل المرأة طلاق أختها : أي تطلبه وتشترطه والمراد بأختها : هي أختها في الإسلام
لتكفئ ما في صحفتها : أي لتفرغ ما في صحفتها وتمنع عنها الرزق الذي ساقه الله لها


المعنى الإجمالي
نهى النبي ﷺ عن الثلاثة البيوع المذكورة في هذا الحديث منعاً للغرر والخداع وحسماً لأسباب التباغض بين أمة محمد ﷺ ويلتحق بذلك نهيه عن الخطبة على الخطبة ونهي المرأة أن تشترط على الخاطب طلاق زوجته الأولى لتكفأ ما في صحفتها من الرزق وتمنع عنها ما قد ساقه الله لها


فقه الحديث
أولاً: يؤخذ من هذا الحديث النهي عن بيع الحاضر للباد والتناجش وبيع الرجل على بيع أخيه وهذه قد تقدم فقهها.


ثانياً : يؤخذ من قوله ولا يخطب على خطبة أخيه تحريم خطبة المسلم على خطبة أخيه وذلك بعد التراكن أي بعد أن يقبل الخاطب وتركن المخطوبة إليه ويركن إليها .


ثالثاً : خصوا النهي بهذه الحالة لما قد ورد مما يدل على جواز الخطبة على الخطبة قبل القبول فمن ذلك حديث فاطمة بنت قيس أنها لما انتهت من عدتها جاءت إلى النبي ﷺ تستشيره فقالت إن أبا جهم ومعاوية خطباني فقال النبي ﷺ (أَمَّا أَبُو جَهْمٍ فَلا يَضَعُ عَصَاهُ عَنْ عَاتِقِهِ وَأَمَّا مُعَاوِيَةُ فَصُعْلُوكٌ لا مَالَ لَهُ انْكِحِي أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ ) فإقرار النبي ﷺ فاطمة بنت قيس على كون أبي جهم ومعاوية خطباها ولم تقبل واحداً منهما حتى تلك اللحظة وإقرار الخطبة على الخطبة دال على أن المنع يختص بمن قد قبل .


أما لو أرسل هذا وأرسل هذا ولم يقبل أحد منهما فإنه لا مانع حينئذ من أن تقبل غير الخاطبين الأولين كما أشار النبي ﷺ على فاطمة بنت قيس بقوله ( ولكن أنكحي أسامة ) فدل على أن النهي مختص بمن قد قبل


رابعاً :أخذ من قوله ولا يخطب على خطبة أخيه أنه يجوز خطبة المسلم على خطبة الكافر نظراً لأن النهي إنما هو أن يخطب على خطبة أخيه المسلم والكافر ليس كذلك .


وأقول :أن الكافر ممنوع من تزوج المسلمة لقوله تعالى (وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً )[ النساء : 141 ] ولكن يتصور هذا فيما إذا خطب كتابي ومسلم كتابية.


خامساً :أخذ بعض الفقهاء من هذا النهي أنه لو خطب على خطبة أخيه المسلم لم يصح عقد النكاح وبه قال داود وعن مالك روايتان ذكرهما الصنعاني في العدة وذهب الجمهور إلى أن العقد لا يفسد ولا يفسخ وإن كان الخاطب على الخطبة عاصياً وهذا هو الحق إن شاء الله .


سادساً : ذكر الصنعاني أن هناك وجه للمالكية أن النهي في حق المتقاربين في الديانة أما إذا كان الخاطب الأول فاسقاً ولآخر صالحاً فلا يندرج تحت النهي أما مذهب الشافعي رحمه الله فهو صحة العقد وعدم فسخه .


سابعاً :قال الصنعاني أقول لأنه لا يسمى الفاسق للمؤمن أخاً فإنه تعالى قال ( إنما المؤمنون إخوة ) ومن فسق فليس بمؤمن وهذا يناسب رأي المعتزلة القائلين بالمنزلة بين المنزلتين .


وأقول : الله سبحانه وتعالى قد أثبت الأخوة بين المسلمين المقتتلين فقال في سورة الحجرات حين ذكر اقتتال المؤمنين بعضهم مع بعض وأمر بالإصلاح بينهم فقال تعالى ( إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ ) [ الحجرات : 10 ] فأثبت الأخوة بين المتقاتلين وقد سمى ذلك في الحديث كفراً حين قال
(‎ سِبَابُ الْمُسْلِمِ فُسُوقٌ وَقِتَالُهُ كُفْرٌ ) ولكن ذلك متأول بأنه من كفر النعمة وهو من الكفر دون كفر وكذلك هو يعتبر من الفسق ولا يخرج عن مسمى الإيمان إلا عند الخوارج والمعتزلة ومن يقول بقولهم ممن يكفر بالكبيرة وعلى هذا فإن الاخوة ثابتة بينهما أي بين الخاطب الأول والثاني ولكن النظر إلى المصلحة ربما يقال أن الفاسق يجب أن يطرد وأن يقدم الصالح فمثلاً من عرف بشرب الخمر إذا ألقيت المرأة في حجره أوقعها فيما هو فيه فينبغي أن تقدم هذه المصلحة . أقول ذلك برأي ولا أقصد مخالفة الحديث ولكن نظراً لجلب المصلحة للمرأة الضعيفة بإعطائها للرجل الصالح ودفعاً للمفسدة المتوقعة من تزويجها بالفاسق .



ويؤيد ما قلته ما جاء في الحديث عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ ( إِذَا أَتَاكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ خُلُقَهُ وَدِينَهُ فَزَوِّجُوهُ إِلا تَفْعَلُوا تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ وَفَسَادٌ عَرِيضٌ ) لكن هل يدخل فيه المنع بعد الموافقة ؟ الجواب نعم نظراً للمصلحة وبالله التوفيق .


ثامناً : يؤخذ من قوله ولا تسأل المرأة طلاق أختها لتكفأ ما في صحفتها أنه يحرم على المرأة المخطوبة أن تشترط على الخاطب طلاق زوجته القديمة لأنه ظلم لها ومنع لما قد ساقه الله إليها من الرزق


تاسعاً : إذا اشترطت المرأة هذا الشرط وقبله الزوج ثم امتنع بعد زواجه بالمرأة المشترطة فهل يُلزم بالوفاء بهذا الشرط أولا يُلزم ؟ هذا محل خلاف بين أهل العلم والذي أعلمه أن الجمهور من العلماء يرون عدم لزوم هذا الشرط وفي رواية عن الإمام أحمد رحمه الله وهي المشهورة في فقه الحنابلة أن الزوج إذا قبل ذلك لزمه إنفاذه لقوله ﷺ ( أَحَقُّ الشُّرُوطِ أَنْ تُوفُوا بِهِ مَا اسْتَحْلَلْتُمْ بِهِ الْفُرُوجَ ) .

--------


تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 4 ]

[ المجلد الرابع ]

رابط تحميل الكتاب :


http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam4.pdf











ام عادل السلفية 23-11-2015 01:23PM

بسم الله الرحمن الرحيم




تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام


للعلامة : احمد النجمي
-رحمه الله -


باب الربا والصرف


[270]الحديث الأول :
عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : قال رسول الله ﷺ الذهب بالورق رباً إلا هاء وهاء والبر بالبر رباً إلا هاء وهاء والشعير بالشعير رباً إلا هاء وهاء .


موضوع الحديث :
تحريم الربا



المفردات
الربا :مأخوذ من ربى الشيء بمعنى زاد ومن ذلك قوله تعالى ( وَمِنْ آيَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى الأَرْضَ خَاشِعَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ ) [ فصلت : 39 ]
أما تعريف الربا شرعاً : فهو زيادة مخصوصة في شيء مخصوص دل عليه كتاب الله أو سنة رسوله ﷺ
والصرف : هو التحويل وهو أن تحول عملة إلى عملة أخرى أو بيع نقدٍ بنقدٍ آخر .



قوله الذهب بالورق : المراد بالورق هنا الفضة مطلقاً
رباً: أي محرم بيع بعضها ببعض وهو يعتبر من الربا الذي حرمه الله
إلا هاء وهاء : معنى هاء هاك أي خذ ويقول الآخر خذ ومحصل ذلك أنه إذا لم يحصل فيه التقابض في الحال دخل في الربا بكون أحدهما مقبوضاً والآخر مؤجلاً
قوله والبر بالبر رباً: البر جنس يدخل فيه أنواع . إلا هاء وهاء أي بأن يحصل التقابض بين البائعين في المجلس والشعير بالشعير ربا إلا هاء وهاء هكذا هو أيضاً من بيع الجنس بجنسه والشعير جنس يدخل تحته أنواع إلا هاء وهاء أي هاك وهاك .


المعنى الإجمالي
أخبر النبي ﷺ في هذ الحديث أن الذهب لا يباع بالورق إلا إذا كان المبيعان حاضرين ويحصل بينهما التقابض في الحال وكذلك البر بالبر والشعير بالشعير وفي الجملة الأولى بيع جنس بآخر تشملهما علة واحدة وفي الجملتين الأخيرتين بيع بعض الجنس بجنسه وأن ذلك يكون رباً إلا إذا لم يحصل التقابض


فقه الحديث
أولاً :يؤخذ من هذا الحديث تحريم بيع الذهب بالورق أحدهما حاضر والآخر مؤجل ومعلوم أن الذهب جنس والورق وهو الفضة جنس وأنه لا يجوز بيع أحدهما بآخر إلا أن يكونا حاضرين يتم التقابض فيهما في المجلس ومن هنا نعلم أن بيع الجنس بغير جنسه مما يشترك معه في العلة كالذهب بالورق حيث أن العلة فيهما واحدة وهي إما النقدية وإما الوزن وأن ما كان كذلك يجوز فيه التفاضل ويحرم النسأ فيجوز أن تبيع عشرة مثاقيل من الذهب بعشرين مثقالاً من الفضة فيكون أحدهما فاضلاً والآخر مفضولاً إلا أنه يحرم النسيئة في ذلك وهي التأجيل فتبين أن بيع الجنس بغير جنسه مما يشترك معه في العلة يجوز فيه التفاضل كما مثلنا ويحرم النسأ وهو التأجيل ومثل ذلك بيع البر بالشعير والتمر بالملح إذ أن العلة التي جمعت بين جنسين هي الكيل عند قوم أو ما يعبر عنه بالطعم عند قوم أو الادخار عند قوم فليعلم هذا .


ثانياً : يؤخذ من قوله والبر بالبر رباً إلا هاء وهاء والشعير بالشعير رباً إلا هاء وهاء أن بيع الجنس بجنسه بأن يكون نوع منها بنوع آخر فهذا يحرم فيه شيئان التفاضل والنسأ كما سيأتي في حديث أبي سعيد وكما سيأتي في حديث أبي سعيد الآخر في قصة بلال ومن ذلك يتبين أن بيع الجنس بجنسه يحرم فيه شيئان يحرم فيه التفاضل وإن كان أحد النوعين فاضلاً والآخر مفضولاً كالبرني والجمع من التمر وكذلك بعض الأنواع ببعض من البر فلا يجوز بينهما التفاضل ولا يجوز فيهما النسأ ومثل ذلك الذهب إذا اختلفت أنواعه وهكذا كما سيأتي توضيحه أيضاً في الأحاديث التي بعد هذا وبالله التوفيق .


--------


تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 4 ]

[ المجلد الرابع ]

رابط تحميل الكتاب :


http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam4.pdf












ام عادل السلفية 23-11-2015 01:29PM

بسم الله الرحمن الرحيم




تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام


للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -



[271]الحديث الثاني :
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ قال لا تبيعوا الذهب بالذهب إلا مثلاً بمثل ولا تشفوا بعضها على بعض ولا تبيعوا الورق بالورق إلا مثلاً بمثل ولا تشفوا بعضها على بعض ولا تبيعوا منها غائباً بناجز .
وفي لفظ إلا يداً بيد . وفي لفظ إلا وزناً بوزن مثلاً بمثل سواء بسواء


موضوع الحديث :
تحريم الربا وبيان بعض أنواعه



المفردات
تشفوا : أي تفضلوا وتزيدوا
غائباً بناجز :أي مؤجلاً بحال
قوله وفي لفظ إلا يداً بيد : هذا يراد منه التقابض يداً بيد أي أنا أقبض منك بيدي وأنت تقبض مني بيدك
وفي لفظ إلا وزناً بوزن مثلاً بمثل سواء بسواء : هذا كله تأكيد يقصد منه وجوب التساوي وتحريم التأجيل وهو التأخير عن التسليم في المجلس .


المعنى الإجمالي
في هذا الحديث التحذير من الزيادة في بيع الذهب بالذهب وكذلك الورق بالورق وأن يكون أحدهما غائباً والآخر حاضراً .


فقه الحديث
يؤخذ من الحديث
أولاً : تحريم التفاضل في بيع الجنس بجنسه والتأكيد على التساوي والتقابض وسيأتي مزيد بيان لما يتعلق بالحديث من المسائل الفقهية .


--------


تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 4 ]

[ المجلد الرابع ]

رابط تحميل الكتاب :


http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam4.pdf











ام عادل السلفية 23-11-2015 01:38PM

بسم الله الرحمن الرحيم





تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام


للعلامة : احمد النجمي
-رحمه الله -


[272]الحديث الثالث :

عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال جاء بلال إلى رسول الله ﷺ بتمر برني فقال له النبي ﷺ من أين هذا ؟ قال بلال كان عندنا تمر رديء فبعت منه صاعين بصاع ليطعم النبي ﷺ فقال النبي ﷺ عند ذلك أوه أوه عين الربا عين الربا لا تفعل ولكن إذا أردت أن تشتري فبع التمر ببيع آخر ثم اشتر به .


موضوع الحديث :
تحريم ربا الفضل فيما إذا اتحد الجنس واختلف النوع


المفردات
قوله بتمر برني : نوع من أنواع التمر جيد
قوله كان عندنا تمر رديء وفي رواية جمع فبعت منه صاعين بصاع ليطعم النبي ﷺ : فسرت الرداءة بالرواية الأخرى وهو أن الجمع نوع رديء من التمر
قوله أوّه أوّه : قال الأمير الصنعاني قال أهل اللغة هي كلمة توجع وتحزن وهي بفتح الهمزة وواو مفتوحة مشددة وهاء ساكنة وفيها لغات هذه أصحها . قلت : هذه الكلمة تنطق عندنا بضم الواو ويقصد بها الاحتقار كأنه يقول لم تصنع شيئاً ولعلها تأتي بالمعنيين .



قوله عين الربا : أي ما فعلته هو عين الربا الذي نهى الله عنه في القرآن وتوعد عليه بالنار والتكرار يراد به التأكيد والإفهام
قوله لا تفعل : هذا نهي عن الوقوع في مثل هذا ولكن إذا أردت أن تشتري فبع التمر ببيع آخر ثم اشتر به


المعنى الإجمالي
جاء بلال رضي الله عنه إلى النبي ﷺ بتمر جيد وما كان يعهده ﷺ عندهم فسأل بلالاً عن مصدره فأخبره أنه باع صاعين من التمر الذي عندهم بصاع من هذا الجيد لكي يطعم النبي ﷺ ذلك التمر الجيد فأرشده ﷺ إلى الطريقة التي يعملها حتى لا يقع في الربا وأنه يبيع ما عنده من التمر ثم يشتري بالثمن التمر الذي يريد .


فقه الحديث
أولاً : يؤخذ من هذا الحديث تحريم بيع الجنس بجنسه متفاضلاً فالرديء تمر والجيد تمر ولكن الجيد مرغوب فيه والرديء مزهود فيه فلا يمكن مبادلة بعضه ببعض متساوياً لأن النفوس تشح فصاحب التمر الجيد يشح بأن يبادل به في تمر رديء متساوياً فأخبر النبي ﷺ بلالاً بأنه يبيع الرديء بثمن ثم يشتري بالثمن ما شاء وهذه هي الطريقة للتخلص من الوقوع في الربا

واعلم أن الربويات تنحصر في ثلاثة أقسام وهي :

القسم الأول : بيع الجنس بجنسه مع اتحاد النوع أو اختلافه وهذا يمثل له بحديثنا هذا وهو يحرم فيه التفاضل والنسأ فلا يجوز أن يباع الجنس بجنسه متفاضلاً حالاً ولا نسيئة


القسم الثاني : أن يختلف المبيعان في الجنس ويتحدا في العلة كالذهب والفضة والبر والتمر والشعير والملح وما أشبه ذلك فالذهب والفضة جنسان مختلفان في الجنس ومتحدان في العلة فيجوز أن تبيع كيلو من الذهب بأربعة كيلو من الفضة إذا كان قد حصل بين البائعين التقابض في المجلس .


القسم الثالث :أن يختلف المبيعان في الجنس والعلة كالتمر بالورق أو بالذهب فهنا يجوز التفاضل ويجوز النسأ علماً بأن العلة في الذهب والفضة الوزن عند قوم والنقدية عند قوم آخرين والعلة في البر والشعير والتمر والملح هو الكيل عند قوم والاقتيات عند قوم آخرين والادخار عند قوم آخرين أيضاً وهنا حصل الاختلاف بين أهل العلم في القياس على المنصوص عليه فمن قال العلة في البر والشعير والتمر الكيل قاس ما كان مكيلاً ومن قال العلة الاقتيات قاس ما كان مقتاتاً كالذرة والدخن والأرز وما أشبه ذلك .


ومن قال أن العلة فيما ذكر هو الادخار ولو لم يكن مقتاتاً قاس عليه ما كان مدخراً كالسدر والحنّا والقشر وما إلى ذلك وللعلماء في هذه المسائل اختلاف كثير كما أن بعضهم يقتصر على ما ذكر في الحديث وهي الستة الأنواع الذهب والفضة والبر والشعير والتمر والملح والبعض الآخر قاس بنوع من المشابهة كما عرفتم وأن كل قوم قاسوا بحسب ما رجحوه باجتهادهم أو متابعة إمامهم ومذهبهم وعلى هذا فإن ما اختلف فيه الجنس والعلة لا يدخل فيه الربا أصلاً كما سبق أن أشار الصنعاني رحمه الله إلى هذه المسألة واستدل عليها بعد أن استشكلها استدل على جواز النسيئة في بيع ما اختلف جنساً وعلة بأن النبي ﷺ مات ودرعه مرهونة عند يهودي في ثلاثين صاعاً من شعير أخذها ﷺ قوتاً لأهله فدل على أنه يجوز بيع ما اختلف في الجنس والعلة تفاضلاً ونسئاً ولا يدخل فيه الربا .


ثانياً : يدخل تحت عموم هذا الحديث بيع الذهب بالذهب فإنه يحرم فيه التفاضل ويحرم فيه النسأ وما أكثر ما يقع الناس في هذا فتجد أن باعة الذهب يذهب الواحد منهم إلى الذين يبيعون الذهب بالكيلوات فيشتري منهم كمية كبيرة مثلاً بأربعة مليون ريال يدفع لهم منها مليونين ويؤخر مليونين إلى أن يبيع وقد صدرت فتوى في هذه المسالة بأنها حرام وأنها ربا ولكن قاتل الله الهوى كذلك أيضاً هذا الذي يشتري الكمية يأتي إلى مكانه فيأتيه الذي يريد الزواج فيعطيه عشرة آلاف مثلاً ويقول له أعطني ذهباً بخمسة وعشرين ألفاً أدفع لك العشرة الآلاف وأقسط لك خمسة عشر ألفاً وهذا أيضاً من الربا الواضح ومثل ذلك من يريد أن يبدل ذهب زوجته بذهب جديد واعتاد أصحاب الترف أنهم في نهاية كل سنة يغيرون الذهب فيذهب بالكمية التي معه ويعطيها بائع الذهب بقيمة أدنى ويشتري منه بقيمة أعلى ويحسم قيمة الذهب الملبوس ثم يكمل عليه وهذا كله محرم وأكثر الناس واقعون فيه إذ أن الكثير منهم لا ينظر إلى التحريم والتحليل وإنما ينظر إلى تمشية حاله فقط وأذكر أنه جرى حوار بيني وبين أحد المشائخ الخريجين من كلية الشريعة وأخبرت عن آخر أيضاً وهو خريج من كلية الشريعة يفعل ذلك فنهيتهم عن ذلك الأمر لأنه من الربا الواضح فلم يصدقوني


فكتبت سؤالاً لهيئة كبار العلماء بواسطة رئيسهم في ذلك الزمن الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله وذلك قبل ما يقارب عشرين سنة وذكرت فيه ما يقع فيه هؤلاء فأجابت هيئة كبار العلماء بأن هذا هو الربا المحرم وقد وزعت الفتوى في ذلك الوقت بعد أن صورت تلك الفتوى وزعت كثيراً منها على كثير من المساجد فنسأل الله للناس الهداية وإنه ليؤسف لهذا الأمر أن تجد ممن يتسمون بالعلم ويحملون الشهادة العليا في الشريعة يقعون في ذلك غير مبالين فإذا عذر العامة في الجهل بذلك على فرض وإلا فإنهم لا يعذرون ما دام أهل العلم عندهم فكيف يعذر الذين يحملون الشهادات العليا في ذلك إلا أنه قلة الاعتناء بالدين وعدم المبالاة وإنا لله وإنا إليه راجعون .



ثالثاً : أرشد النبي ﷺ إلى طريقة التخلص من الربا في قوله ولكن إذا أردت أن تشتري فبع التمر ببيع آخر ثم اشتر به فقوله ببيع آخر أي بيع لا يكون فيه ربا وهذا يدل على تحريم الحيل التي تتنافى مع الشرع أو يكون فيها شيء من الشبهة .


رابعاً : يؤخذ من الحديث أن التفاضل في الصفات لا اعتبار به في تجويز الزيادة فإذا كان التمر البرني تمر فاخر لما فيه من الصفات العالية لكن هذه الصفات لم تجوز زيادة الرديء على الجيد في الكم ليقابل جودة الجيد في الكيف فلقد أنكر النبي ﷺ على بلال كونه اشترى صاعاً بصاعين وقال له أوّه عين الربا عين الربا فهذا دليل واضح على أنه يجب على المسلم التحرز من الوقوع في المعاملات المحرمة ولا يتم ذلك إلا بمعرفة الشرع وما يحل فيه وما يحرم لذلك فقد أوجب الله على فئة من الناس غير معينة أن يتفقهوا في الدين ليكونوا مرجعاً لأقوامهم في التمييز بين الحلال والحرام وفي إرشادهم إلى ما يحل من تلك المعاملات وما يحرم وبالله التوفيق .


--------


تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 4 ]

[ المجلد الرابع ]

رابط تحميل الكتاب :


http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam4.pdf










ام عادل السلفية 25-11-2015 11:09AM

بسم الله الرحمن الرحيم




تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام


للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -



[273]الحديث الرابع :
عن أبي المنهال قال سألت البراء بن عازب وزيد بن أرقم عن الصرف فكل واحد يقول هذا خير مني وكلاهما يقول نهى رسول الله ﷺ عن بيع الذهب بالورق ديناً


موضوع الحديث :
تحريم تأخير أحد النقدين في الصرف كأن يكون أحدهما حاضر والآخر غائب



المفردات
الصرف : هو التحويل أي تحويل النقد من شيء إلى شيء بأن يحول النقد الذي بيده إلى نقد آخر
الورق : هو الفضة


المعنى الإجمالي
في هذا الحديث الشريف نهى النبي ﷺ أن يباع ذهب بورق ديناً أي بأن يكون أحدهما غائب عن المجلس والآخر حاضر فيه


فقه الحديث
يؤخذ من هذا الحديث
تحريم المداينة في الصرف بأن يكون أحدهما حاضراً والآخر غائباً فلا يجوز في الصرف إلا أن يكون يداً بيد ويجوز فيه التفاضل إذا كان التحويل من جنس إلى آخر أما إذا كان التحويل من وحدة إلى أخرى وكلاهما من جنس واحد مثلاً بأن يصرف الرجل من فئة المائة ريال إلى فئة العشرات والخمسات فلا يجوز في هذه الحالة أن يتأخر شيء من أحد النقدين فإذا كانا من جنس واحد حرم فيه التفاضل وحرم النسأ

أما إذا كان من وحدة نقدية إلى وحدة نقدية أخرى كأن تحول النقود التي بيدك من ريالات سعودية إلى دولارات أو من دولارات إلى دنانير كويتية مثلاً أو ليرة لبنانية أو ريال يمني أو ما أشبه ذلك فكل وحدة من هذه الوحدات يجوز بيعها بوحدة أخرى متفاضلاً لكنه يحرم فيه النسأ أما إذا كانت الوحدة النقدية واحدة لكن يريد أن يصرف فئة إلى فئة أخرى ففي هذا الحالة يحرم التفاضل والنسأ لأن كل وحدة نقدية تعتبر جنساً على ما يراه فقهاء العصر حسب علمي فمثلاً نقول النقود السعودية تعتبر وحدة نقدية وكذلك الريال اليمني والدولار الأمريكي والجنيه الاسترليني والجنيه المصري والدينار الأردني وهكذا يقال فكل نقد دولة يُعد وحدة نقدية فيجوز بيعها بوحدة أخرى متفاضلةً ويجب التقابض في المجلس فإن كانت الوحدة واحدة ويريد البائع تحويلها من فئة إلى فئة أخرى حرم التفاضل والنسأ وقد جاء في الحديث (عَنْ مَالِكِ بْنِ أَوْسٍ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ الْتَمَسَ صَرْفًا بِمِائَةِ دِينَارٍ فَدَعَانِي طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِاللَّهِ فَتَرَاوَضْنَا حَتَّى اصْطَرَفَ مِنِّي فَأَخَذَ الذَّهَبَ يُقَلِّبُهَا فِي يَدِهِ ثُمَّ قَالَ حَتَّى يَأْتِيَ خَازِنِي مِنَ الْغَابَةِ وَعُمَرُ يَسْمَعُ ذَلِكَ فَقَالَ وَاللَّهِ لا تُفَارِقُهُ حَتَّى تَأْخُذَ مِنْهُ ) .



--------


تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 4 ]

[ المجلد الرابع ]

رابط تحميل الكتاب :

http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam4.pdf









ام عادل السلفية 29-11-2015 01:18AM

بسم الله الرحمن الرحيم




تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام


للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -




[274]الحديث الخامس :
عن أبي بكرة رضي الله عنه قال نهى رسول الله ﷺ عن الفضة بالفضة والذهب بالذهب إلا سواء بسواء
وأمرنا أن نشتري الفضة بالذهب كيف شئنا ونشتري الذهب بالفضة كيف شئنا قال فسأله رجل فقال يداً بيد فقال هكذا سمعت



هذا الحديث قد تقدم شرحه في الأحاديث السابقة فلا داعي لإعادته هنا
وبالله التوفيق .



--------


تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 4 ]

[ المجلد الرابع ]

رابط تحميل الكتاب :

http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam4.pdf








ام عادل السلفية 29-11-2015 01:23AM

بسم الله الرحمن الرحيم




تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام


للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -




باب الرهن وغيره

[275]الحديث الأول :
عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله ﷺ اشترى من يهودي طعاماً ورهنه درعاً من حديد .



موضوع الحديث :
الرهن



المفردات
تعريف الرهن : لغة الثبوت والدوام أو حبس شيء في مقابل آخر .
وشرعاً : جعل المال وثيقة فقد جعل النبي ﷺ درعه وثيقة في قيمة ثلاثين صاعاً من شعير .
قوله رهنه : أي جعله عنده رهناً في الثمن حتى يوفيه إياه .
درعاً من حديد : الوصف بقوله من حديد ليفهم أنه من دروع الحرب ذوات القيم العالية .


المعنى الإجمالي
صلوا ت الله وسلامه على نبينا محمد لقد كان مترفعاً عن الدنيا زاهداً فيها فكانت تأتيه الأموال إما من الجزية وإما من
الغنائم وإما من الفئ فينفقها في حينه ورغم أنه كان قادراً على تأمين القوت لأهله إما من غلال الأرض وإما مما يأتيه من الأموال التي سبق ذكرها ومع ذلك فقد أنفق ما بيده جميعاً ولم يجد قوتاً لأهله إلا أنه اشترى لهم من يهودي ثلاثين صاعاً من شعير ورهن بها درعه وإن هذا ليدل دلالة عظيمة على تقلله من الدنيا وإنفاقه للأموال التي تأتيه ﷺ ولقد كان ﷺ في السنة التاسعة والعاشرة حينما كثرت الأموال يجيز الوافدين كما هو معلوم لكل من استقرأ السيرة فلو طلب ثلاثين صاعاً من أصحابه لوجدها بالمجان ولكنه ترك ذلك كله واشترى من اليهودي ورهنه درعه صلوات الله وسلامه عليه .



فقه الحديث
أولاً : يؤخذ منه مشروعية الرهن وقد دل على مشروعيته كتاب الله تعالى حيث يقول الله عز وجل ( وَإِنْ كُنْتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِبًا فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ ) [ البقرة : 283 ] فهذه الآية دلت على جواز الرهن في السفر إذا لم يكن هناك ائتمان من بعض المتبايعين لبعض وقد دل على جوازه في الحضر هذا الحديث


ثانياً: يؤخذ منه جواز معاملة الكفار من غير استفصال عن أموالهم من أين دخلت ومعلوم أن أموال الكفار على العموم وبالأخص اليهود يجمعونها من الربا ومهر البغايا وبيع الخـنـزير وغير ذلك من المعاملات الفاسدة المحرمة وقد أباح الله عز وجل معاملة الكفار فكان أصحاب رسول الله ﷺ يتعاملون مع الكفار بيعاً وشراءً وأخذاً وعطاءً ولا يسألونهم من أين جاءتكم هذه الأموال وقد حصل أن النبي ﷺ أقام هو وأصحابه بمكة ثلاث عشرة سنة يبايعون المشركين ويتعاملون معهم وعشر سنين في المدينة يبايعون اليهود ويتعاملون معهم ولا يسألون عن مصادر أموالهم وإن كان ذلك معلوماً ضرورة أن في كسبهم ما لا يحل .


ثالثاً:لعل بعض المتعنتين أو الجاهلين يقولون كيف نبايع اليهود والنصارى وكيف نبايع المشركين ونحن نعلم أن في معاملاتهم ما لا يحل لنا ؟ ونقول لهم إن الله حين أباح ذلك كان أرحم بعباده منكم ولو حرم الله عز وجل على المسلمين معاملة الكفار سواء كانوا أهل كتاب أو مشركين وثنيين أو ملحدين لا يؤمنون بدين لوقع عليهم الحرج والضرر إذ كان أغلب ما يستعملون من الآنية والثياب وغير ذلك كلها مما يجلبه الكفار ونحن الآن كذلك قد عشنا وعاش من قبلنا وهم يتعاملون مع الكفار من غير نكير من أحد من العلماء ومن أنكر ذلك ينكر عليه فقد كان النبي ﷺ يتعامل معهم وهذا يكفي في الاستدلال على حله


رابعاً: يؤخذ من هذا الحديث جواز البيع إلى أجل بأكثر من سعر يومه وقد ذهب إلى ذلك الجمهور وخالف في ذلك الزيدية ومنعوا البيع بأكثر من سعر يومه استدلالاً بحديث أسامة بن زيد رضي الله عنه حدث به ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ أَخْبَرَنِي أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ أَنَّ النَّبِيَّ _ قَالَ ( إِنَّمَا الرِّبَا فِي النَّسِيئَةِ) وعن أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ ﷺ ( مَنْ بَاعَ بَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ فَلَهُ أَوْكَسُهُمَا أَوِ الرِّبَا ) ولكن هذين الحديثين متأولين بتأويل يخرج به كل منهما عما قصدوه وقد تأول الحديث الأول الإمام الشافعي في الرسالة وقال حديث أسامة بن زيد إنما هو جواب على شيء معين وكأنه سئل رسول الله ﷺ عمّا يجوز البيع فيه يداً بيد ويحرم فيه النسأ فقال ( إنما الربا في النسيئة ) هكذا تأوله الشافعي رحمه الله والخطابي رحمه الله والجمهور بل كل العلماء على هذا التأويل لم يخرج عن ذلك إلا من شذ وأما حديث ( من باع بيعتين في بيعة فله أوكسهما أو الربا ) فذلك كأن يفارقه من غير تعيين لأحد البيعين فمثلاً لو أعطى سلعة للمشتري وقال له إن أردت أن تأخذها نقداً فهي لك بثمانمائة (800) وإن أردتها نسيئة فهي لك بألف (1000) وذهب ولم يعين أحد البيعين ثم بعد أن مضت مدة قال أريدها نقداً ففي هذه الحالة لا يجوز أخذ الزيادة على أكثر من سعر يومه وهذا الحديث دليل على جواز الزيادة في البيع المؤجل لأن اليهود عرفوا بجشعهم وهلعهم على المال فهل يعقل أن ذلك اليهودي يعطي النبي ﷺ ثلاثين صاعاً بسعر يومها ويأخذ درعه فيها رهناً إلى أجل هذا لا يعقل أبداً .



والأمر الثاني : قول الله تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَاكْتُبُوهُ } [البقرة : 282 ] وقد وقع الإجماع على السلم وهو تقديم الثمن وتأخير السلعة وعكسه مثله وعليه الجمهور كما قلنا لكن لا بد من تحديد وقت الاستلام ومكانه وبالله التوفيق .



خامساً: يشترط في الرهن أن يكون مقابلاً للمال الذي جعل وثيقة فيه أو قريباً منه فإذا كان الدين خمسمائة ريال فلا يكون الرهن قيمته أقل من ذلك بكثير وثانياً : أن الرهن إن كان من المنقولات فينبغي أن يأخذه المرتهن لأن الله تعالى يقول ( فرهان مقبوضة ) أي يقبضها المرتهن وإن كان الرهان عقاراً أو شيئاً لا ينقل فلا بد أن يأخذ صكاً بذلك .



سادساً : إذا كان قد جعل الرهن في مقابل الدين فإن تعذر دفع الدين لصاحبه بيع الرهن بإشراف القاضي وأعطى صاحب الدين دينه ثم يعطيه الباقي وذلك يكون بواسطة أمين يتولى البيع ويقضي الدين ويرد الباقي إلى صاحبه .
وبالله التوفيق .


--------


تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 4 ]

[ المجلد الرابع ]

رابط تحميل الكتاب :

http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam4.pdf










ام عادل السلفية 29-11-2015 01:27AM

بسم الله الرحمن الرحيم





تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام


للعلامة : احمد النجمي
-رحمه الله -




[276]الحديث الثاني :
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ قال مطل الغني ظلم فإذا اتبع أحدكم على مليء فليتبع .



موضوع الحديث:
الحوالة



المفردات
المطل : منع قضاء ما استحق أداءه هكذا عرفه الفقهاء
الغني : هو القادر على أداء الدين وقد يكون الدين كثيراً فلا يقدر المُطالب على أداءه مع غناه
قوله ظلم :أي أنه حرام لأنه ظلم لصاحب الحق لكونه منعٌ للحق عن مستحقه .
اتبع : يعني جعل تابعاً لمن أحيل عليه .
مليء :المليء هو الغني الوفي .
قوله فليتبع :هذا أمر من الشارع _ وهل هو للوجوب أو للندب على خلاف بين أهل العلم


المعنى الإجمالي
صلوات الله وسلامه على نبينا محمد الذي ما ترك خيراً إلا دل الأمة عليه ولا ترك شراً إلا حذر الأمة منه فهاهو ﷺ يخبر أن مطل الغني ظلم وهو تأخير أداء ما وجب ولكونه ظلم فإنه إذا اتبع أحدكم على مليء فليتبع فقد يكون الذي يكون عليه الدين له دين على آخر وحينئذٍ فإذا أحال صاحب الدين على مليء يقدر على دفع دينه فينبغي له أن يتبع المحال عليه تعاوناً مع أخيه وإحساناً منه إليه . وبالله التوفيق .


فقه الحديث
أولاً : يؤخذ من الحديث تحريم المطل للحق لمن هو قادر عليه أما من ليس بقادر فلا يسمى تأخيره مطلاً ولا يكون حراماً بل يجب إنضاره لقول الله تعالى (وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ ) [ البقرة : 280 ] وفي صحيح مسلم في قصة أبي اليسر رضي الله عنه وأنه كان له دين على رجل فجاء يتقاضاه حيث قال كَانَ لِي عَلَى فُلانِ ابْنِ فُلانٍ الْحَرَامِيِّ مَالٌ فَأَتَيْتُ أَهْلَهُ فَسَلَّمْتُ فَقُلْتُ ثَمَّ هُوَ قَالُوا لا فَخَرَجَ عَلَيَّ ابْنٌ لَهُ جَفْرٌ فَقُلْتُ لَهُ أَيْنَ أَبُوكَ قَالَ سَمِعَ صَوْتَكَ فَدَخَلَ أَرِيكَةَ أُمِّي فَقُلْتُ اخْرُجْ إِلَيَّ فَقَدْ عَلِمْتُ أَيْنَ أَنْتَ فَخَرَجَ فَقُلْتُ مَا حَمَلَكَ عَلَى أَنِ اخْتَبَأْتَ مِنِّي قَالَ أَنَا وَاللَّهِ أُحَدِّثُكَ ثُمَّ لا أَكْذِبُكَ خَشِيتُ وَاللَّهِ أَنْ أُحَدِّثَكَ فَأَكْذِبَكَ وَأَنْ أَعِدَكَ فَأُخْلِفَكَ وَكُنْتَ صَاحِبَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ وَكُنْتُ وَاللَّهِ مُعْسِرًا قَالَ قُلْتُ آللَّهِ قَالَ اللَّهِ قُلْتُ آللَّهِ قَالَ اللَّهِ قُلْتُ آللَّهِ قَالَ اللَّهِ قَالَ فَأَتَى بِصَحِيفَتِهِ فَمَحَاهَا بِيَدِهِ فَقَالَ إِنْ وَجَدْتَ قَضَاءً فَاقْضِنِي وَإِلا أَنْتَ فِي حِلٍّ) فدل هذا الحديث على أن المعسر ينظر


ثانياً : قول النبي ﷺ مطل الغني ظلم . الظلم هو منع الحق عن مستحقه مع القدرة على أداءه وقد ذكر الصنعاني في العدة أن للعلماء خلاف في تفسيق الماطل هل يفسق بمرة واحدة أولا بد من التكرار لأن المطل إطالة المدافعة وقال قال النووي ومقتضى مذهبنا لا يشترط فيه التكرار لأن منع الحق بعد طلبه وانتفاء العذر عن أدائه يشبه المطل كثرة وإن تسمية النبي ﷺ له ظلماً يشعر بأنه كبيرة والكبيرة لا يشترط فيها التكرار لكن لا يحكم عليه بذلك حتى يظهر عدم عذره لأنه قد يكون معذوراً في الباطن وحاصل هذه الجملة أنه لا يحكم بفسقه إلا بعد تبين عدم العذر .


ثالثاً : يؤخذ من قوله فإذا اتبع بضم الهمزة وإسكان التاء وكسر الباء أحدكم رفع لأنه نائب فاعل فليتبع مفتوح الياء ساكن التاء مفتوح الباء الموحدة أي فليقبل الإحالة .


رابعاً : اختلف العلماء في هذا الأمر هل هو للوجوب أو للندب فذهبت الظاهرية إلى وجوب ذلك على من أحيل على مليء أي وجوب قبول الحوالة وذهب الجمهور من الفقهاء إلى أنه أمر ندب لما فيه من الإحسان إلى المحيل لتحصيل مقصوده وهو تحويل الحق عنه والإحسان لا يجب فكان مندوباً .


خامساً : قال ابن دقيق العيد وفي الحديث إشعار بأن الأمر بقبول الحوالة على المليء معلل بكون مطل الغني ظلم ولعل السبب فيه أنه إذا تعين كونه ظلماً والظاهر من حال المسلم الاحتراز عنه فيكون ذلك سبباً للأمر بقبول الحوالة لحصول المقصود من غير ضرر ويحتمل أن يكون ذلك لأن المليء لا يتعذر استيفاء الحق منه عند الامتناع بل يأخذه الحاكم قهراً ويوفيه


سادساً : استدل باشتراط أن يكون المحال عليه مليئاً أنها إذا صحت الحوالة ثم تعذر القبض بحدوث حادث من فلس أو غيره لم يكن للمحال رجوع على المحيل لأنه لو كان له رجوع ما كان لاشتراط الغنى فائدة .


وأقول : إن هذا القول يستلزم ضياع الحق والإضرار بصاحبه والذي يتبين أنه إذا تعذر استلام المحال به من المحال عليه جاز الرجوع إلى المحيل وإلا فإنه يلزم من ذلك الضرر على المحال وبالله التوفيق .


سابعاً : يشترط في الحوالة شروط أربعة هي :
الشرط الأول : تماثل الحقين لأنها تحويل للحق ونقل له فينقل على صفته ويعتبر تماثلهما في أمور ثلاثة هي الجنس والصفة والحلول أوالتأجيل
الشرط الثاني : أن تكون على دين مستقر
الشرط الثالث : أن تكون بمال معلوم
الشرط الرابع : أن يحيل برضاه أما المحال عليه لا يلزم رضاه .


--------


تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 4 ]

[ المجلد الرابع ]

رابط تحميل الكتاب :

http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam4.pdf











ام عادل السلفية 01-12-2015 09:40PM

بسم الله الرحمن الرحيم




تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام


للعلامة : احمد النجمي
-رحمه الله -



[277]الحديث الثالث :
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله ﷺ أو قال سمعت النبي ﷺ يقول من أدرك ماله بعينه عند رجل ـ أو إنسان ـ قد أفلس فهو أحق به من غيره .



موضوع الحديث :
حكم من أدرك ماله بعينه عند مفلس ولم يكن قد أخذ من ثمنه شيئاً فإنه يستحقه دون سائر الغرماء



المفردات
قوله من أدرك ماله بعينه : أي بأن يكون هو عين المبيع لم يتغير بزيادة ولا نقص
قوله عند رجل قد أفلس : المفلس هو من صار إلى حالة لا يملك فيها فلساً فالهمزة في أفلس للسلب بأن كان قد حجر عليه لكثرة دينه وقلة ماله .
قوله فهو أحق به من غيره : أي يستحق أن يأخذه دون سواه من الغرماء ولكن بشروط




المعنى الإجمالي
من كثرت ديونه بحيث زادت على ماله أو ساوته فلم يبق له من ماله شيء فإنه يجب الحجر عليه ويباع ماله ويقضى به دينه وقد حكم رسول الله _ بأن من وجد ماله بعينه عند مفلس فهو أحق به إن توفرت الشروط


فقه الحديث
أولاً : يؤخذ من هذا الحديث أن من كثرت ديونه حتى زادت عن ماله أو ساوته على الأقل فإنه يحجر عليه ويمنع من التصرف في ماله


ثانياً : هل يحجر عليه بطلب الغرماء أم بدون ذلك إذا علم والظاهر أن الحجر لا يكون إلا بمطالبة الغرماء


ثالثاً : إذا حجر عليه ومنع من التصرف في ماله حسبت ديونه وقوّم ماله بحكم من القاضي وباستعانته بأهل الخبرة ثم بيع ماله وقضي به دينه


رابعاً : إن كان الدين أكثر من المال نسب المال إلى الدين فإن وجد المال نصف الدين أعطي كل واحد من أهل الدين نصف ماله وإن وجد ثلثيه أعطي كل واحد من أهل الدين ثلثا ماله وهكذا


خامساً : وحينئذ نتوصل إلى ما جاء في هذا الحديث وهو أنه إن وجد عنده مال لرجل باعه منه ثم وقع الحجر عليه

ففي هذه المسألة يستحق صاحب المال ماله بشروط
الشرط الأول : أن يدركه بعينه ولم يكن قد تغير بزيادة أو نقص
الشرط الثاني : أن يدركه عنده ولم يكن قد انتقل إلى غيره

الشرط الثالث : أن لا يكون قد قبض من ثمنه شيئاً الشرط الرابع : أن يكون في الفلَسَ دون الموت كما دل الدليل فلو فرضنا أن رجلاً حجر عليه لفلس وكان قد اشترى سيارة جديدة على سبيل الدين ووجدت السيارة عنده ولم يكن قد أعطى صاحب السيارة شيئاً فإن بائعها يستحقها حينئذ دون غيره ولا تباع ويكون البائع مع غيره أسوة الغرماء إلا في حالة أن يكون قد اقتضى البائع شيئاً من ثمنها أو وجدت بعد أن باعها من غيره أو وجدت وقد تغير فيها شيء على ما سيأتي بيانه


سادساً : قد اختلف الفقهاء في هذه القضية وهي مسألة كون صاحب العين يأخذها وحده فذهب بعض الفقهاء إلى أنه يرجع إليه في الموت والفلس . قال ابن دقيق وهو مذهب الشافعي والثاني أنه لا يرجع إليه لا في الموت ولا في الفلس قال وهو مذهب أبي حنيفة والثالث يرجع إليه في الفلس دون الموت أما في الموت فإنه يكون أسوة الغرماء وهو مذهب مالك وقال الصنعاني في العدة وقد قال به أحمد يعني ابن حنبل واحتجا بما في مرسل مالك ( وَإِنْ مَاتَ الَّذِي ابْتَاعَهُ فَصَاحِبُ الْمَتَاعِ فِيهِ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ ) وفرقوا بين الفلس والموت بأن الميت خربت ذمته فليس للغرماء محل يرجعون إليه والمسألة من معترك الأنضار والخلاف فيها جار من قديم الزمان وإلى الآن .


سابعاً : ذكر ابن دقيق العيد أن الرجل المدرك ماله هاهنا هو البائع دون غيره قال ويمكن أن يدخل تحته ما إذا أقرضه رجل مالاً وأفلس المقترض والمال باق فإن المقرض يرجع به وقد علله الفقهاء بالقياس على المبيع . وأقول : إن هذا القياس قياس أولوية فإذا كان البائع يرجع على عين ماله وهو انتقل منه بمقابل فإن المقرض من باب أولى لأنه محسن إلى من أقرضه وفي الإحسان يكون أولى بماله


ثامناً : قال ابن دقيق العيد لا بد في الحديث من إضمار أمور يحمل عليها وإن لم تذكر لفظاً مثل كون الثمن غير مقبوض ومثل كون السلعة موجودة عند المشتري دون غيره ومثل كون المال لا يفي بالديون


وأقول : إن هذه الشروط قد ذكر منها رواية في الحديث مثل كونه لم يقبض من الثمن شيئاً فإن قبض شيئاً كان في الباقي أسوة الغرماء ومثل كونه يستحق ذلك في الفلس دون الموت فإن انتقل بالموت كان ذلك أسوة الغرماء


تاسعاً : يستدل بالحديث على أن الديون المؤجلة تحل بالحجر


عاشراً : قال الحكم في الحديث يتعلق بالفلس ولا يتناول غيره ومن أثبت من الفقهاء الرجوع بامتناع المشتري من التسليم مع اليسار أو هربه أو امتناع الوارث من التسليم بعد موته فإن ما يثبته بالقياس على الفلس . وأقـول : قد تقدمت الإشارة إلى الخلاف بين الفقهاء هل الموت يلحق بالفلس أم لا ؟ وهذا راجع إلى تصحيح الأحاديث الواردة في الموضوع


الحادي عشر : قال ابن دقيق العيد شرط رجوع البائع بقاء العين في ملك المفلس فلو هلك لم يرجع


قلت : إذا هلكت لم يكن وجد متاعه بعينه فيكون الكلام عار عن الفائدة إلا أن يقصد بذلك انتقالها من ملك البائع بعتق أو وقف أو هبة وفي هذه الحالة لم يكن قد وجد متاعه بعينه عند المفلس لأن كلمة عند المفلس يتحقق بها كون ذلك المتاع باق في ملكه .


الثاني عشر : قال ابن دقيق العيد إذا تغير المبيع في صفته بحدوث عيب فأثبت الشافعي الرجوع إن شاء البائع من غير أرش يأخذه عن العيب وقال ابن دقيق العيد أقول في المنهاج واستدل بقياسه على تعيب المبيع في يد البائع فإن المشتري يخير بين أن يأخذه ناقصاً أو يترك وسواء كان النقص حسياً كسقوط بعض الأعضاء أو العمى أو غير حسي كنسيان الحرفة والإباق والتزويج .


--------


تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 4 ]

[ المجلد الرابع ]

رابط تحميل الكتاب :

http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam4.pdf











ام عادل السلفية 02-12-2015 08:57PM

بسم الله الرحمن الرحيم




تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام


للعلامة : احمد النجمي
-رحمه الله -



[278]الحديث الرابع:
عن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما قال جعل ـ وفي لفظ قضى ـ النبي ﷺ بالشفعة في كل ما لم يقسم فإذا وقعت الحدود وصرفت الطرق فلا شفعة .



موضوع الحديث :
الشفعة وأنها إذا قسمت العقار المشتركة ووقعت حدودها وصرفت طرقها فلا شفعة بالشراكة



المفردات
قوله قضى : بمعنى حكم
الشفعة : هي مأخوذة من الشفع وهي بأن يضم الشفيع نصيب شريكه إلى نصيبه في البيع ويمنعه من أن يبيع لغيره
في كل ما لم يقسم : أي في كل شركة لم تدخلها القسمة
الحدود : جمع حد وهي الفواصل بين الممتلكات
صرفت الطرق : أي عدلت من مكان إلى مكان تبعاً للقسمة الجديدة
قوله فلا شفعة : أي لا شفعة بالشراكة


المعنى الإجمالي
يخبر جابر بن عبدالله رضي الله عنهما أن النبي ﷺ قضى وحكم بالشفعة في كل شراكة لم تقسم وكان من جملة قضاءه أنه إذا وقعت الحدود بين الشركاء وصرفت الطرق بينهم على القسمة الجديدة فلا شفعة بالشراكة .


فقه الحديث
المسألة الأولى : يؤخذ من هذا الحديث بأن الشفعة إنما تكون في كل شركة لم تقسم وأن الشراكة إذا قسمت وعدلت الطرق على حسبها فلا شفعة إذاً وقد أخذ بهذا الحديث جمهور العلماء من المحدثين والفقهاء فأجازوا الشفعة بالشراكة قبل القسمة ومنعوها بعدها كما منعوا الشفعة بالجوار وممن ذهب إلى ذلك مالك والشافعي وأحمد في المشهور عنه رحمهم الله فنفوا الشفعة بالجوار وذهب آخرون إلى ثبوت الشفعة بالجوار وهم الحنفية
والقول بالشفعة بالجوار هو القول الحق إن شاء الله لما يأتي


أولاً : أن هذا الحديث خاص بالشفعة في الشركات ولم يتعرض للشفعة بالجوار وعلى هذا فيمكن أن نقول قضى النبي ﷺ بالشفعة في كل ما لم يقسم فإذا وقعت الحدود وصرفت الطرق فلا شفعة بالشراكة


ثانياً : أن نفي شفعة الجار من هذا الحديث إنما هو بالمفهوم والقول بشفعة الجار هو حاصل بالمنطوق والمنطوق قد ورد من أحاديث وهي الحديث الأول : حديث ( الجار أحق بسقبه ) رواه البخاري وأبو داود والنسائي وابن ماجة عن أبي رافع رضي الله عنه وقال الألباني رحمه الله صحيح


الحديث الثاني : ( الجار أحق بشفعة جاره ينتظر بها وإن كان غائباً إذا كان طريقهما واحداً ) رواه أبو داود والترمذي عن جابر بن عبدالله وصححه الألباني رحمه الله في الإرواء


الحديث الثالث : حديث الحسن عن سمرة مرفوعاً ( جار الدار أحق بالدار ) صححه الترمذي ولكن فيه سماع الحسن من سمرة وفيه اختلاف وصحح هذا الحديث الألباني في الإرواء وذكر له طريقاً آخر عن أنس واعتبرها الألباني معززة لرواية الحسن عن سمرة لكنه قال الحسن وقتادة كلاهما مدلس وقد عنعن ونقل عن الترمذي أنه قال في حديث الحسن عن سمرة حسن صحيح ثم قال قلت لعله يكون كذلك بمجموع الطريقين .


وأقول : إن هذه الأحاديث الثلاثة كلها صحيحة وحديث أبي رافع في البخاري والباقي صحيحة وهي صريحة في الحكم بشفعة الجار وبهذا تعلم أن القول بالشفعة للجار هو القول الصحيح .


الوجه الثالث : أن الراوي لحديث الصحيحين وهو جابر بن عبدالله رضي الله عنهما والذي استدل به على نفي شفعة الجار هو الذي روى الحديث في إثبات شفعة الجار في قوله ( الجار أحق بشفعة جاره ينتظر بها وإن كان غائباً إن كان طريقهما واحداً ) ومن هذه الثلاثة الأوجه يتبين لنا رجحان القول بشفعة الجار التي ذهب إليها أبو حنيفة وأحمد في رواية عنه وأن قول ابن دقيق العيد رحمه الله فمن قال بعدم ثبوت الشفعة تمسك بها يعني رواية إنما الشفعة فيما لم يقسم ومن خالفه يحتاج إلى إضمار قيد آخر يقتضي اشتراط أمر زائد


قلت : قوله اشتراط أمر زائد هو أن نقيد نفي الشفعة بالشراكة فإذا قيدنا نفي الشفعة في الحديث بالشراكة سلم لنا ما دلت عليه الأحاديث الأخرى من شفعة الجوار


وخلاصة ما سبق رجحان هذا القول لأمور
الأمر الأول : أن حديث جابر بن عبدالله رضي الله عنهما مفهوم وتلك الأحاديث الثلاثة أو الأربعة إذا جعلنا حديث أنس حديث مستقل منطوقة والمنطوق مقدم على المفهوم


الأمر الثاني : أن حديث جابر بن عبدالله رضي الله عنهما في تخصيص الشفعة في الشراكة وانتهائها بالقسمة محتمل أن يكون المقصود به الشراكة فقط بإضمار في آخر الحديث حيث يقال فلا شفعة بالشراكة


الأمر الثالث : أن تلك الأحاديث الثلاثة أو الأربعة وكلها بلغت إلى درجة الصحة فحديث أبي رافع وحديث جابر بن عبدالله كلاهما صحيح لذاته أما حديث الحسن عن سمرة وحديث سعيد الجريري عن قتادة عن أنس فيكون كل منهما صحيح لغيره أو حسن لغيره على الأقل وقد تبين بهذا رجحان القول بالشفعة للجار إذا كان يدخل عليه ضرر من دخول أجنبي لا يدري ما حاله وقد دل على ذلك قوله إذا كان طريقهما واحداً


المسألة الثانية : أخذ من قوله في كل ما لم يقسم أن الشفعة إنما تجوز فيما يقسم بدون ضرر على كل من الشركاء المقتسمين فإذا كان هناك حمام صغير لا يصلح للقسمة انتفت الشفعة فيه وبهذا قال الشافعي وأحمد رحمهما الله


المسألة الثالثة : ذهب جمهور أهل العلم إلى أن الشفعة إنما تكون في الدور والعقارات الزراعية غير المنقولة أما المنقولات فلا شفعة فيها فإذا اشترك اثنان في سيارة ثم باع أحد الشريكين نصيبه من غير شريكه فهل له الشفعة في ذلك أم لا ؟ فعلى قول من يرى أن الشفعة في المنقولات جائزة ومشروعة جازت الشفعة وإلا فلا وهو قول الجمهور


المسألة الرابعة : أنهم خصصوا الشفعة فيما انتقل بعوض وهو البيع ومنعوها فيما انتقل بدون عوض كالهبة التي يراد بها وجه الله عز وجل وبالله التوفيق .


--------


تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 4 ]

[ المجلد الرابع ]

رابط تحميل الكتاب :

http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam4.pdf









ام عادل السلفية 06-12-2015 07:06PM

بسم الله الرحمن الرحيم





تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام


للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -



[279]الحديث الخامس :
عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما قال ( أصاب عمر أرضاً بخيبر فأتى النبي ﷺ يستأمره فيها فقال يا رسول الله إني أصبت أرضاً بخيبر لم أصب مالاً قط هو أنفس عندي منه فما تأمرني به ؟
فقال : إن شئت حبست أصلها وتصدقت بها قال فتصدق بها غير أنه لا يباع أصلها ولا يوهب ولا يورث قال فتصدق عمر في الفقراء وفي القربى وفي الرقاب وفي سبيل الله وابن السبيل والضيف لا جناح على من وليها أن يأكل منها بالمعروف أو يطعم صديقاً غير متمول فيه ) وفي لفظ غير متأثل


موضوع الحديث :
الوقف



المفردات
ما تعريف الوقف :تعريف الوقف هو تحبيس الأصل وتسبيل المنفعة وهذا أحسن تعريف وأجمعه وقال الصنعاني حقيقة الوقف في الشرع حبس مال يمكن الانتفاع به مع بقاء عينه ممنوع من التصرف في عينه وتصرف منافعه في البر تقرباً إلى الله عز وجل
قال أصاب عمر أرضاً بخيبر : خيبر بلد معروف بشمال المدينة
قوله فأتى النبي ﷺ يستأمره فيها : أي يطلب أمره
لم أصب مالاً قط : قط نفي لما مضى وعكسه عوض
قوله هو أنفس عندي منه : أنفس من النفاسة وهي الجودة يقال شيء نفيس أي جيد وذكر الصنعاني أنه قيل له نفيس لأنه يأخذ بالنفس
فما تأمرني به : أي ماذا أصنع فيها
فقال إن شئت حبست أصلها : معنى حبست جعلت أصلها حبيساً أو محبساً توضيحه أنه لا يباع ولا يوهب ولا يورث أي أن أصلها باق على ملكية المصلحة التي جعلت عليها
قوله تصدقت بها : يعني بغلتها
قوله فتصدق عمر في الفقراء وفي القربى وفي الرقاب وفي سبيل الله وابن السبيل والضيف : أي أن هذه الجهات يكون التحبيس عليها وتصرف ثمرتها التي تزيد عن حراثة الأرض ومساقاتها وتصرف على هذه الجهات
قوله لا جناح على من وليها : أي لا حرج ولا إثم على من وليها أن يأكل منها لكن بالمعروف أو يطعم صديقاً له غير متمول أي متخذ مالاً أو مكتسب مالاً .


المعنى الإجمالي
عندما أصاب عمر بن الخطاب رضي الله عنه تلك الأرض النفيسه فكر ماذا يعمل فيها لينال رضى الله عز وجل متأثراً بقوله تعالى ( لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون ) فاستشار النبي ﷺ فأمره بأن يحبس أصلها ويتصدق بغلتها لله عز وجل وقد شرط لها عمر شروطاً كما هو معروف في كتب الفقه والسير .


فقه الحديث
أولاً : يؤخذ من الحديث مشروعية الوقف وقد قال بذلك فقهاء الإسلام ما عدا أبا حنيفة فإنه أنكر الوقف بسبب أنه لم يسمع فيه حديثاً .


ثانياً :للوقف صيغ منها ما هو صريح ومنها ما هو غير صريح بحيث يعتبر كناية وهذه الألفاظ هي وقفت أو أوقفت وحبست وسبلت وحرمت وتصدقت وأبدت فالصريحة هي ثلاثة وقَّفت وحبست وسبلت والثلاثة الأخرى تعتبر من الكنايات لأن لها احتمال آخر .


ثالثاً : من قال في عقار له زراعياً كان أو سكنياً وقفت هذا فهو وقف لا يجوز بيعه ولا هبته ولا توريثه بل يبقى كما هو ويكون التوقيف بالفعل كأن يجعل داره مسجداً يؤذن فيه ويأذن للمصلين فيه


رابعاً: أنه يكون معيناً على الجهة التي عينه فيها سواء كانت هذه الجهة عامة في كل زمان كالفقراء أو خاصة كأن يقول أوقفت هذا على طلاب علم الحديث أو على تحفيظ القرآن الكريم أو ما أشبه ذلك


خامساً : أن ذلك المعين يبقى على ملك المصلحة التي أوقف عليها بحيث تصرف بعض غلته في إصلاحه وما زاد عن ذلك جعل على الجهة التي كان معيناً عليها


سادساً : يشترط في الجهة المعين عليها أن تكون جهة بر يحرص الشرع على تأمينها وإغناء أصحابها كالوقف على طلاب العلم أو على بناء المساجد أو على حفر الآبار ومد شبكة المياه إلى القرى المحتاجة إليها إلى غير ذلك .


سابعاً : لا يجوز الوقف على جهة يحرم الإنفاق عليها كبناء الأضرحة على القبور أو إسراجها أو غير ذلك من الشركيات أوالبدع


ثامناً : أن يكون المحبس عليه غير منقطع ( منقرض ) فإن حبس على منقطع ( منقرض ) ووصله بغيره أي غير منقطع ( منقرض ) صح كأن يقول أوقفت على بني أو على بني فلان فإن انقرضوا فإن وقفي يكون على الفقراء


تاسعاً : ذهب الجمهور من أهل العلم وهم الذين قالوا بصحة الوقف أنه لا يجوز بيعه أبداً وذهب أبو حنيفة إلى جواز بيعه لأنه لم يطلع على حديث عمر هذا ونقل الصنعاني عن أبي يوسف صاحب أبي حنيفة أنه كان يجيز بيع الوقف تبعاً لأبي حنيفة فلما بلغه حديث عمر هذا قال هذا لا يسع أحداً خلافه ولو بلغ أبا حنيفة لقال به ورجع عن رأيه .


عاشراً : اختلف الفقهاء في جواز بيع الوقف إذا تعطلت منافعه أوضعفت فذهب مالك والشافعي إلى عدم جواز بيعه ولو تعطلت منافعه أو ضعفت وذهب أحمد بن حنبل في رواية عنه إلى جواز بيعه إذا تعطلت منافعه أو ضعفت بشرط أن ينقله إلى مكان أحسن من الأول .


الحادي عشر : الوقف حكم إسلامي ولم يعرف عن أهل الجاهلية أنهم حبسوا نقل ذلك الصنعاني عن الشافعي فقال قال الشافعي ولم يحبس أهل الجاهلية فيما علمت دوراً ولا أرضاً وإنما حبس أهل الإسلام


وأقول إن أهل الجاهلية لم يكونوا يؤمنون بالبعث بعد الموت فيحبسوا من أجل الثواب فلذلك لم يعرف عنهم التحبيس


الثاني عشر : لا بد من الشرط في الناظر على الوقف أن يكون أميناً ولا يجوز أن يولى عليها أي على الأوقاف من لا ثقه فيه ولا أمانة عنده وقد كان عمر رضي الله عنه جعل وقفه إلى حفصة زوج النبي _ ثم صار بعدها إلى عبدالله بن عمر رضي الله عنهما


الثالث عشر : أنه ينبغي أن يوضع للناظر على الوقف والناظر على مال اليتيم أن يوضع له شيء من قبل القاضي بحيث يساوي أجرة يومه أو نفقة يومه وقد يختلف ذلك باختلاف كثرة الأوقاف وقلتها


الرابع عشر : ينبغي أن يكون الناظر على مال اليتيم عنده شيء من التفقه في دين الله وإن لم يكن كذلك ذهب إلى العلماء وسألهم عن بعض التصرفات التي ربما تخفى على بعض الناس


الخامس عشر: هل يقال أن استحقاقه لما يغنيه من الوقف أو مال اليتيم يكون ذلك بشرط حاجته له وعدم غناه أم أنه يجوز له أن يأخذه ولو كان غنياً والله سبحانه وتعالى يقول (وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ ) [ النساء : 6 ]


السادس عشر : ينبغي أن يحترز الناظر على الوقف من أن يدخل عليه شيء منه غير ما يجب له في قيامه عليه أو يعطيه لمن لا يستحقه فلا بد أن يعرف مواقع الاستحقاق فيه لقوله غير متأثل مالاً
وبالله التوفيق .




--------


تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 4 ]

[ المجلد الرابع ]

رابط تحميل الكتاب :

http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam4.pdf








ام عادل السلفية 06-12-2015 08:22PM

بسم الله الرحمن الرحيم




تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام


للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -



[280]الحديث السادس :

عن عمر رضي الله عنه قال حملت على فرس في سبيل الله فأضاعه الذي كان عنده فأردت أن أشتريه فظننت أنه يبيعه برخص فسألت النبي ﷺ فقال لا تشتره ولا تعد في صدقتك وإن أعطاكه بدرهم فإن العائد في هبته كالعائد في قيئه
وفي لفظ فإن الذي يعود في صدقته كالكلب يعود في قيئه .


موضوع الحديث :
النهي عن شراء ما تصدق به العبد



المفردات
حملت على فرس في سبيل الله : الظاهر أن معنى حملت أي تصدقت بذلك الفرس على شخص معين ليحمل عليه في سبيل الله بأن يجاهد عليه والمراد بسبيل الله هنا جهاد الكفار
قوله فأضاعه : أي أهمله الذي كان عنده فلم يعتن به حتى ضعف
قوله فأردت أن أشتريه : أي أن عمر رضي الله عنه أراد شراءه ليكرمه حتى تعود له قوته .
فظننت أنه يبيعه برخص : أي بقيمة قليلة
فسألت النبي ﷺ فقال لا تشتره ولا تعد في صدقتك وإن أعطاكه بدرهم وظاهر النهي هنا نهي تحريم لقوله ﷺ ولو أعطاكه بدرهم فإن العائد في هبته أي الراجع فيها والنادم عليها كالعائد في قيئه أي شبيه بمن يأكل قيئه ولا يفعل ذلك إلا الكلب


المعنى الإجمالي
حمل عمر بن الخطاب رضي الله عنه على فرس في سبيل الله بأن أعطى شخصاً ملكه إياه ليجاهد عليه في سبيل الله فأهمله المعطى وضعف الفرس فأراد عمر شراءه ظناً منه أنه يبيعه برخص فسأل النبي _ فنهاه عن شراءه وقال فإن العائد في هبته كالعائد في قيئه


فقه الحديث
يؤخذ من هذا الحديث عدة مسائل
أولاً : في قوله حملت على فرس في سبيل الله يؤخذ من هذا جواز إعطاء الشخص فرساً يجاهد عليه في سبيل الله ويكون هذا الغرض هو المقصود من إعطائه وتمليكه إياه وهذا هو القول الراجح لأنه لو كان أوقفه لم يجز بيعه


ثانياً : لعل بعض الفقهاء رأى أن الحمل في سبيل الله إيقاف لذلك الفرس على الجهاد ولكن هذا القول يتنافى مع كونه أراد أن يبيعه ولو كان وقفاً لم يجز بيعه


ثالثاً : لو قلنا أنه وقف لأخذ من ذلك جواز تحبيس المنقولات أو وقف الحيوان فأما تحبيس المنقولات فقد دل عليه حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِي اللَّه عَنْه قَالَ قال رسول الله (وَأَمَّا خَالِدٌ فَإِنَّكُمْ تَظْلِمُونَ خَالِدًا قَدِ احْتَبَسَ أَدْرَاعَهُ وَأَعْتُدَهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ) وهذا ظاهر في تحبيس آلات الحرب


رابعاً : أخذ من قوله ﷺ لعمر لما سأله قال لا تشتره ولا تعد في صدقتك أنه لا يجوز للمتصدق أن يشتري صدقته لأن من تصدق بها عليه سيراعيه في شرائها ببعض قيمتها مكافئة له على إعطائه إياها وربما كان ذلك عوداً في بعضها .


خامساً : هل النهي في قوله لا تشتره ولا تعد في صدقتك نهي تحريم أو نهي تـنـزيه وكراهة والظاهر أنه نهي تحريم لأنه اقترن بشيئين يدلان على التحريم الأول قوله وإن أعطاكه بدرهم والثاني قوله فإن العائد في هبته كالعائد في قيئه


سادساً : يؤخذ من هذا تحريم العود في الهبة وإلى ذلك ذهب الجمهور فقالوا إن الواهب لا يجوز له أن يعود في هبته بل هي محرمة عليه وذهب أبو حنيفة إلى جواز العود في الهبة للأجنبي وهذا خلاف ما نصت عليه الأدلة


سابعاً : يقيد عدم جواز العود في الهبة بما إذا كان قد قبضها أما إذا كان قبل القبض فإنه يجوز


ثامناً : يستثنى من ذلك الوالد بما وهبه لولده لحديث ابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ ( قَالَ لا يَحِلُّ لِرَجُلٍ أَنْ يُعْطِيَ عَطِيَّةً أَوْ يَهَبَ هِبَةً فَيَرْجِعَ فِيهَا إِلا الْوَالِدَ فِيمَا يُعْطِي وَلَدَهُ وَمَثَلُ الَّذِي يُعْطِي الْعَطِيَّةَ ثُمَّ يَرْجِعُ فِيهَا كَمَثَلِ الْكَلْبِ يَأْكُلُ فَإِذَا شَبِعَ قَاءَ ثُمَّ عَادَ فِي قَيْئِهِ )


تاسعاً : التشبيه بالكلب مقصود به التنفير وقد حصل التشبيه من ناحيتين من ناحية تشبيه الراجع بالكلب تنفيراً له عن ذلك وتشبيه المرجوع فيه بالقيء وهو أيضاً مقصود للتنفير وهذا يدل على أن النهي هنا للتحريم وليس للكراهة وقد أجاز أبو حنيفة رجوع الأجنبي في الهبة ومنع من رجوع الوالد في هبته لولده قال ابن دقيق العيد عكس مذهب الشافعي . وأقول بل هو عكس النصوص الثابتة عن النبي ﷺ .


عاشراً : يؤخذ من الحديث أن من شك في أمر يجب عليه أن يرجع إلى من يعلمون الشرع فيسألهم عن ذلك كما رجع عمر إلى النبي ﷺ وأنه لا ينبغي للمسلم أن يتصرف في أمر لا يعلمه حتى يسأل عن حكمه


الحادي عشر: كل ما تقدم في الهبة التي يقصد بها الثواب من الله فإن كان مقصود الواهب أو المهدي الثواب من المهدى إليه فإنه يترتب على ذلك أمور هي :-
الأول : أنه لا ينبغي فعل ذلك لحملة العلم ومن يقتدى بهم لقوله سبحانه وتعالى (وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ ) [ المدثر : 6 ] .
الثاني : أن الواهب أو المهدي يستحق الثواب عنها فإن لم يحصل له الثواب جاز له الرجوع في هبته أو قيمتها وقد جاء عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه أَنَّ أَعْرَابِيًّا وَهَبَ لِلنَّبِيِّ ﷺ هِبَةً فَأَثَابَهُ عَلَيْهَا قَالَ رضيت قَالَ لا قَالَ فَزَادَهُ قَالَ رضيت قَالَ لا قَالَ فَزَادَهُ قَالَ رضيت قَالَ نَعَمْ ) فدل أن إرضاءه شرط .


الثالث : أنه ينبغي للمهدي إليه إذا عرف أن المهدي أو الواهب إنما أهدى أو وهب للثواب فإنه يجب عليه ألا يتصرف في تلك الهبة حتى يرضى الواهب


الرابع : ويترتب على ذلك جواز المنع من قبول الهدية أو الهبة إذا كانت للثواب وليس عند العبد ما يثيب به عليها وقد جاء في الحديث عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عن النبي ﷺ أنه قال ( وَلَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ لا أَقْبَلَ هَدِيَّةً إِلا مِنْ قُرَشِيٍّ أَوْ أَنْصَارِيٍّ أَوْ ثَقَفِيٍّ أَوْ دَوْسِيٍّ )


النوع الثالث : من الهدية أو الهبة أن تكون الهبة من الموظف لرئيسه فهذه الهدية أو الهبة سماها الشارع غلول وقد جاء في الحديث عَنْ أَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ ( هَدَايَا الْعُمَّالِ غُلُولٌ ) لأن من أهداها أو وهبها إنما يقصد بذلك محاباة الرئيس له بأن يتغاضى عنه في الغياب أو يتغاضى عنه فيما إذا حصل منه إخلال بالعمل


النوع الرابع : نوع فيه خداع وكذب وهو أن يجعل لزوجته صكاً على الدار من أجل أن يستخرج به قرضاً من بنك التسليف فهذا إن جاء بلفظ الهبة فهو باطل لما يحتوي عليه من الكذب ولا يجوز أن يؤخذ إن مات المورث الواهب بمثل هذا الصك المكذوب


النوع الخامس : هبة ثواب العمل للمتوفى وهذا أيضاً لا يجوز سواء كان قراءة قرآن أو غير ذلك لا يجوز منه إلا ما خصه الدليل لأن الله سبحانه وتعالى يقول (وَأَنْ لَيْسَ لِلإِنْسَانِ إِلا مَا سَعَى ) [ النجم : 39 ] وفي الحديث عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ ( إِذَا مَاتَ الإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلا مِنْ ثَلاثَةٍ إِلا مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ ) ومن جهة أخرى فإن الذي وهب الثواب لم يملكه حتى يهبه وإنما يهب العبد ما يملكه والثواب أمر مخفي لا يدرى هل العامل استحقه أم لا ؟ وهذه المسألة قد بسطتها في رسالة سئلت فيها عن إهداء القرآن للميت

وبالله التوفيق .



--------


تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 4 ]

[ المجلد الرابع ]

رابط تحميل الكتاب :

http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam4.pdf








ام عادل السلفية 09-12-2015 09:02PM

بسم الله الرحمن الرحيم




تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام


للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -




[281]الحديث السابع :
عن النعمان بن بشير رضي الله عنهما قال تصدق عليّ أبي ببعض ماله فقالت أمي عمرة بنت رواحة لا أرضى حتى تُشهد رسول الله ﷺ فانطلق أبي إلى رسول الله ﷺ ليشهده على صدقتي فقال له رسول الله ﷺ أفعلت هذا بولدك كلهم ؟ قال لا قال اتقوا الله واعدلوا في أولادكم فرجع أبي فرد تلك الصدقة .

وفي لفظ فلا تشهدني إذاً فإني لا أشهد على جور
وفي لفظ فأشهد على هذا غيري


موضوع الحديث :
النهي عن تخصيص بعض الأولاد بالعطية



المفردات
قوله تصدق علي أبي ببعض ماله : أقول لفظ الصدقة هنا فيه تسامح في التعبير وإلا فإن المراد أنه وهبه موهبة بدليل قوله في بعض ألفاظ الحديث ( سألت أمي أبي بعض الموهبة لي من ماله فالتوى بها سنة …..) الحديث إذا فلفظ الصدقة فيه تسامح في التعبير بحيث أن الصدقة لا يراد عليها ثواب دنيوي والهبة كذلك فأشبهت الصدقة الهبة فعبر بها عنها
قوله فالتوى بها سنة : أي مطلها وتأخر عن إنفاذ ما طلبته منه
قوله ببعض ماله : قد ورد في بعض ألفاظ الحديث أنه وهبه مملوكاً .

وفي رواية حديقة

فقالت أمي عمرة بنت رواحة : أقول هي أخت عبدالله بن رواحة الصحابي المشهور
قولها لا أرضى … إلخ : أي أنها كانت تريد أن تثبت عطية ولدها أكثر بإشهاد رسول الله ﷺ على ذلك
قال فانطلق أبي : أبوه هو بشير بن سعد الأنصاري الذي قال للنبي ﷺ ( قد علمنا كيف نسلم عليك فكيف نصلي عليك إذا نحن صلينا عليك في صلاتنا ) فقال له رسول الله ﷺ مستفهماً أفعلت هذا بولدك كلهم يعني هل أعطيتهم جميعاً قال لا قال فاتقوا الله واعدلوا بين أولادكم
قوله اتقوا الله أي اتقوا سخطه بإقامة العدل في أولادكم
اعدلوا : العدل ضد الجور
قال فرجع أبي فرد تلك الصدقة : بمعنى أنه لم ينفذها
قوله فلا تشهدني إذاً فإني لا أشهد على جور : امتناع النبي ﷺ من الشهادة على هذا دال على تحريم ما فعل ومثل ذلك قوله أشهد على هذا غيري


المعنى الإجمالي
يخبر النعمان بن بشير بن سعد رضي الله عنهما أن أمه عمرة بنت رواحة طلبت من أبيه أن يهب لابنها هبة ذلك لأن بشير بن سعد كان له أولاد كبار غير النعمان من غير عمرة فخشيت عمرة على ولدها ما تخشاه الأم على الولد وطلبت من زوجها أن يهب له هبة حتى لو مات أبوه وهو قاصر تنفعه تلك الهبة فالتوى بها أي ماطلها سنة ثم وافقها على هذا الطلب متأثراً بإلحاحها فوهب للنعمان هبة خصه بها دون سائر ولده فأرادت أن تشد هبة ولدها وتقويها بإشهاد رسول الله ﷺ وأراد الله أن يشرع بذلك شرعاً يمنع مثل هذه الموهبة فذهب أبوه إلى النبي ﷺ طالباً أن يشهد على ذلك فقال له هل نحلت كل ولدك هكذا قال لا قال اذهب فأشهد على هذا غيري فإني لا أشهد على جور .


فقه الحديث
أولاً : يؤخذ من هذا الحديث تحريم التفضيل بين الأولاد بأن يعطي بعضهم دون بعض ومما يدل على أن النهي هنا للتحريم تسمية النبي ﷺ ذلك جوراً في قوله فإني لا أشهد على جور


ثانياً : يؤخذ منه وجوب العدل بين الأولاد بالتسوية بينهم في الهبات والحكمة فيه أن التفضيل يؤدي إلى الإيحاش بأن يستوحش بعضهم من بعض فيؤدي ذلك إلى التباغض والتخاصم والتقاطع وكم قد رأينا من مثل ذلك ما أدى إلى التخاصم بين الأولاد وقطيعة بعضهم لبعض


ثالثاً : قد أمر النبي ﷺ بالتسوية بين الأولاد في العطية لكن اختلفوا هل التسوية بأن يجعل الذكر والأنثى سواء أو التسوية أن يعطي الذكر حظين والأنثى حظاً واحداً كالميراث ؟ فذهب بعضهم إلى أن التسوية والعدل أن يعطي للذكر حظين وللأنثى حظاً واحداً وإلى ذلك ذهب محمد بن الحسن وأحمد وإسحاق وبعض الشافعية والمالكية معللين ومحتجين بأن ذلك هو حظ الأنثى لو بقيت هذه العطية إلى ما بعد موت المورث وذهب غيرهم إلى أن التسوية أن يعطي الذكر والأنثى سواء ولربما دل على صحة القول الأول ما أخرجه سعيد بن منصور والبيهقي بإسناد حسن من حديث ابن عباس رضي الله عنهما مرفوعاً ( سووا بين أولادكم في العطية فلو كنت مفضلاً أحداً لفضلت النساء ) ونفهم من هذا الحديث أن النبي ﷺ قال هذا لو كنت مفضلاً أحداً عمّا قرره الله لهن لفضلت النساء فهذا يدل على أن التسوية تكون كالميراث


رابعاً : وما دمنا قد تعرضنا لذلك أي بأن التسوية تكون على ما قرره الله في الميراث فينبغي أن نشير إلى العلة التي جعل الله بها حظ الأنثى نصف حظ الرجل فإن أنصار المرأة الذين هم في الحقيقة أعدائها يدعون بأنها ظلمت وهم كذابون في ذلك إنما يريدون أن يتزلفوا إليها ليدفعوا بها إلى ما حرم الله عز وجل عليها من الاختلاط بالرجال ومشاركتهم فيما يخصهم من السياسة والتجارة وغير ذلك


وأقول : قرر العلماء أن الله عز وجل حين أعطى للمرأة نصف ما للرجل أنه إنما فعل ذلك لأن الغالب في النساء أنها تكون مزوجة ومكفية فيكون مالها موفراً ومال الرجل يتعرض للنقص والذهاب فهو الذي يدفع المهر وهو الذي يؤمن لها السكن وهو الذي يؤمن لها الكسوة وهو الذي يؤمن لها النفقة وهو الذي يشارك في الجهاد في سبيل الله وهو الذي يستقبل الضيفان وقد تبين من ذلك بأن إعطاء الله لها النصف مما يعطى الرجل أنه عدل في حقها بل أن حظها سيكون موفراً وحظ الرجل هو الذي يتعرض للذهاب والنقصان فبتأمل هذه الأمور يُلقم دعاة تسوية المرأة بالرجل حجراً في أفواههم لأنهم لا يريدون بذلك إلا إتلافها وضياعها


خامساً : قال ابن دقيق العيد واختلف الفقهاء في التفضيل هل هو محرم أو مكروه فذهب بعضهم إلى أنه محرم لتسمية النبي ﷺ إياه جوراً وأمره بالرجوع فيه إلى أن قال ومذهب الشافعي ومالك أن هذا التفضيل مكروه لا غير .


وأقول : إن القول بتحريم التفضيل هو القول الصحيح الذي لا يجوز العدول عنه لأمور :-
الأول : تسمية النبي ﷺ له جوراً والجور محرم لا شك فيه
الثاني : امتناع النبي ﷺ عن الشهادة عليه
الثالث : قوله أتحب أن يكونوا لك في البر سواء قال نعم وهذا يدل على أنه كما أنه يجب أن يكونوا له في البر سواء فكذلك يجب عليه أن يسوي بينهم في الهبة
الرابع : قوله حين سأله أفعلت هذا بولدك كلهم قال لا قال اتقوا الله واعدلوا في أولادكم فدل على أن ترك العدل خلاف التقوى إذاً فالقول الصحيح أن التفضيل حرام لما ذكر ولما يؤدي إليه من القطيعة بين الأولاد فالمفضل عليه يشعر بأن أباه قد عمل في حقه شيئاً محرماً واقترف في ذلك ظلماً ومأثماً بكونه أعطى فلاناً ولم يعطني
وبالله التوفيق .



--------


تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 4 ]

[ المجلد الرابع ]

رابط تحميل الكتاب :

http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam4.pdf







ام عادل السلفية 11-12-2015 09:08PM

بسم الله الرحمن الرحيم




تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام


للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -




[282]الحديث الثامن :
عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما أن النبي ﷺ عامل أهل خيبر بشطر ما يخرج منها من ثمر أو زرع



موضوع الحديث:
جواز المزارعة والمساقاة بجزء من الثمرة في الزرع وبجزء من ثمرة الأشجار التي عليها المساقاة



المفردات
قوله عامل أهل خيبر : أي اتفق معهم على أن يعملوا في أرض خيبر بإصلاحها وزراعتها على شطر ما يخرج منها من ثمر أو زرع
الشطر :هو النصف
الثمر : هو ثمر النخل غالباً


المعنى الإجمالي
أباح الله عز وجل لعباده أن يتعاونوا على البر والتقوى وينتفع بعضهم من بعض فهذا يكون عنده أراضي وليس عنده قدرة على زرعها فيعطي من ليس عنده أراضي ليزرعها على شطر ما خرج منها أو على حسب ما يتفقان عليه


فقه الحديث
يؤخذ من هذا الحديث جواز المزارعة بأن يكون لأحدهما أرض ويعطي من لا أرض له حتى يصلحها ويهيئها للزرع ثم يزرعها على بعض ما يخرج منها سواء كان المتفق عليه هو شطر الخارج أو ثلثه أو ربعه أو غير ذلك بحسب ما يتفقان عليه وقد اختلف أهل العلم في جواز هذه المعاملة فبعضهم أجازها وبعضهم منعها فذهب بعضهم إلى جواز هذه المعاملة وممن ذهب إلى ذلك وهو كراء الأرض بجزء مما يخرج منها مالك والثوري والليث بن سعد وأحمد والشافعي وجميع الفقهاء المحدثين وأهل الظاهر وجماهير العلماء كما قاله النووي في شرح مسلم والحافظ في فتح الباري وبه قال الجمهور أهـ من العدة للصنعاني بتصرف



وذهب آخرون إلى عدم جواز هذه المعاملة وقرروا منعها وحكموا ببطلانها وممن ذهب إلى ذلك أبو حنيفة وزفر بل قرر أبو حنيفة وزفر أن المزارعة والمساقاة فاسدتان سواء جمعهما في عقد أو فرقهما ولو عقدتا فسختا زاعمين بأن هذه معاملة باطلة لأنها على أجر مجهول وذهب قوم إلى جواز المساقاة دون المزارعة أما المزارعة فإنها تجوز تبعاً للمساقاة على البياض المتخلل بين شجر النخل ثم اختلفوا فيما تجوز عليه المساقاة فقال داود تجوز على النخل خاصة وقال الشافعي تجوز على النخل والعنب وقال مالك تجوز على جميع الأشجار والمقصود به الأشجار التي لها ثمر كالزيتون والتفاح والبرتقال وغير ذلك


وأقول : إن القول بجواز إيجار الأرض بشطر ما يخرج منها من زرع والمساقاة على النخل وغيره ببعض ما يخرج منها من ثمر على حسب الاتفاق أن ذلك جائز للأدلة الصحيحة الصريحة أما ما ورد من النهي عن المخابرة والمزابنة فإنما المقصود به شيئان



الأول : أن يشتري الثمر على رؤوس الشجر بثمر من جنسه يابساً
والثاني : أن يعين أماكن الزرع ويجعل لنفسه شيئاً وللعامل شيئاً كما في حديث رافع بن خديج أما ما عدا ذلك وهو كونه يزرع الأرض على بعض ما يخرج منها فإن ذلك جائز للأدلة الصحيحة الصريحة وما اعتذر به الحنفيون عن الحديث فهو اعتذار في غير محله وكم لأصحاب أبي حنيفة من شطحات في التأويل وتعسفات لإبطال الدليل ومحاولات لتقديم رأي الإمام على قول رسول الله ﷺ الإمام الحق بالقال والقيل وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على التعصب الممقوت واعتذارهم عن الحديث حديث عبدالله ابن عمر هذا بأن اليهود كانوا مملوكين للنبي ﷺ أقول هذا زعم باطل تخالفه الأدلة التي لا مطعن فيها ولا مرد لها كحديث القسامة وإرسال النبي ﷺ عبدالله بن رواحة كي يخرص عليهم وحديث عبدالله بن عمر هذا هذه كلها أدلة واضحة تنفي ما قالوا وتدل على أن قولهم هذا إنما يحملهم عليه التعصب فإنا لله وإنا إليه راجعون والخلاصة أنه يجوز أن تؤجر الأرض بالذهب والفضة ويكون الأجر معلوماً من حين الاتفاق وتؤجر ببعض ما يخرج منها بأن يكون جزءاً شائعاً في الثمرة كالنصف أو الثلث أو الربع أو غير ذلك وكتاب الله وسنة رسول الله ﷺ شاهدة بذلك وبالله التوفيق .


ويؤخذ من الحديث جواز التعامل مع أهل الكتاب سواء كانوا يهود أو نصارى في الزراعة أو غيرها وأن ذلك لا يكون من التولي للكفار والذي حرمه الله بقوله ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ قَدْ يَئِسُوا مِنَ الآخِرَةِ كَمَا يَئِسَ الْكُفَّارُ مِنْ أَصْحَابِ الْقُبُورِ ) [ الممتحنة : 13]



--------


تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 4 ]

[ المجلد الرابع ]

رابط تحميل الكتاب :


http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam4.pdf


التصفية والتربية

TarbiaTasfia@






.

ام عادل السلفية 14-12-2015 08:19PM

بسم الله الرحمن الرحيم





تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام


للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -




[283]الحديث التاسع :
عن رافع بن خديج قال كنا أكثر الأنصار حقلاً وكنا نكري الأرض على أن لنا هذه ولهم هذه ربما أخرجت هذه ولم تخرج هذه فنهانا عن ذلك فأما بالورق فلم ينهنا
ـ ولمسلم عن حنظلة بن قيس قال سألت رافع بن خديج عن كراء الأرض بالذهب والورق فقال لا بأس به إنما كان الناس يؤاجرون على عهد رسول الله ﷺ بما على الماذيانات وأقبال الجداول وأشياء من الزرع فيهلك هذا ويسلم هذا ولم يكن للناس كراء إلا هذا ولذلك زجر عنه فأما شيء معلوم مضمون فلا بأس به .
الماذيانات الأنهار الكبار والجدول النهر الصغير


موضوع الحديث :
حول كراء الأرض للزراعة ما يجوز منه وما لا يجوز



المفردات
كنا أكثر الأنصار حقلاً : المراد بالحقل هو الزرع أو الأرض الصالحة له
وكنا نكري الأرض : بمعنى نؤجرها على من يصلحها بشيء من غلتها
على أن لنا هذه ولهم هذه : معنى ذلك أن أصحاب الحقول يشترطون شيئاً لأنفسهم وشيئاً لمن يزارع معهم
قوله ربما أخرجت هذه ولم تخرج هذه : بمعنى أن في ذلك مخاطرة ومغامرة لأنه قد يصلح هذا ويفسد ذاك وقد يفسد هذا ويصلح ذاك
قوله فأما بالورق : يعني بالدراهم فلم ينهنا
فالحديث الثاني يسجل هذا المعنى بصورة أوضح حيث بين أن كراء الأرض بالذهب والورق لم ينه عنه النبي ﷺ وإنما نهى عن مؤاجرة الأرض بشيء من ثمر الزرع حيث يشترط صاحب المال شيئاً معلوماً لقوله إنما كان الناس يؤاجرون على عهد رسول الله ﷺ بما على الماذيانات والمقصود بالماذيانات مجاري الماء جمع ماذيانة وهو ما يسمى عندنا بالمسرب الذي يجري فيه الماء فربما أثمرت هذه وتخلفت هذه فيحصل الغبن لأحدهما وقد بين ذلك بقوله فيهلك هذا ويسلم هذا ولذلك زجر عنه
قال فأما شيء معلوم مضمون فلا بأس به


المعنى الإجمالي
شرع الله ضامن للمصلحة ودافع للمفسدة يبيح ما تضمن المصلحة ويمنع ما يؤدي إلى المفسدة ولما كان اشتراط مجاري الماء وأقبال الجداول وما أشبه ذلك فيه غبن على المزارع الأجير وقد يكون فيه غبن على الآخر لذلك نهى النبي ﷺ وأباح ذلك بالذهب والفضة وبجزء شائع في الثمرة كالنصف والثلث والربع ومنعه بشيء معلوم كيلاً من جنسه أو غير جنسه لأن هذه هي المزابنة والمخابرة المنهي عنها


فقه الحديث
وردت في كراء الأرض أحاديث كثيرة جداً بعضها نهى فيه النبي ﷺ عن كراء الأرض بالكلية وبعضها يفيد جواز كرائها بالذهب والفضة وبعضها يجيز كرائها ببعض ما يخرج منها على أن يكون جزءاً شائعاً في الثمرة معلوم المقدار بالنسبة لما تخرجه الأرض

وقد حملت هذه الأحاديث على ثلاثة أحوال :-

الحال الأول : أن النبي ﷺ كان في أول الإسلام وبعد أن هاجر وكان المهاجرون بحاجة إلى الإعانة والعطف عليهم فلما قدم النبي ﷺ المدينة والأنصار أصحاب الأراضي يكرونها فنهاهم عن ذلك وأمرهم أمراً لا عزيمة فيه بأن يمنحوها إخوانهم فعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما قَالَ كَانَ لِرِجَالٍ فُضُولُ أَرَضِينَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ _ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ _ مَنْ كَانَتْ لَهُ فَضْلُ أَرْضٍ فَلْيَزْرَعْهَا أَوْ لِيَمْنَحْهَا أَخَاهُ فَإِنْ أَبَى فَلْيُمْسِكْ أَرْضَهُ ) وبذلك جزم ابن عباس رضي الله عنهما وذلك حثاً منه صلوات الله وسلامه عليه على التعاطف والتباذل


الحالة الثانية : نهي النبي ﷺ عن كراء الأرض على شيء معلوم من الزرع بحيث يشترط صاحب الأرض أن يكون له هذا المكان وللآخر ذلك المكان فيصلح هذا ويخيب هذا فنهى عن ذلك لأنه شيء مجهول


الحالة الثالثة :النهي عن كراء الأرض بطعام من جنس ما يزرع فيها بأن يكون ذلك الطعام معلوماً مضموناً وكذلك لو كان الطعام من غير جنس ما يزرع فيها فإنه يؤدي إلى بيع شيء مجهول بمعلوم وحاضر بغائب أما إذا كانت المزارعة على سبيل الكراء بالذهب والفضة وبالسنة بأن يكون له في السنة كذا فهذا جائز لا شيء فيه وكذلك لو أجرها بشيء غير الذهب والفضة ولم يكن مكيلاً حتى ولو كان من غير جنسه لأنه يؤدي إلى بيع جنس بغير جنسه أحدهما حاضر والآخر نسيئة وذلك نوع من أنواع الربا وأما إذا كان الشيء المشترط للأجير أو لصاحب الأرض معلوماً شائعاً في الثمر كالنصف والثلث والربع فهذا جائز على القول الصحيح ويشهد له الحديث السابق وهو حديث عبدالله بن عمر رضي الله عنه أن النبي _ عامل أهل خيبر بشطر ما يخرج منها من ثمر أو زرع ) وقد اختلفت مذاهب الناس في هذه المعاملة على أقوال حكاها الصنعاني في العدة


فالأول :هو قول طاووس والحسن البصري لا يجوز بحال سواء أكراها بطعام أو ذهب أو ورق أو جزء من زرعها لإطلاق أحاديث النهي عن كراء الأرض


الثاني : قول أبي حنيفة والشافعي وكثير يجوز إجارتها بالذهب والفضة والطعام والثياب وسائر الأشياء سواء كان من جنس ما يزرع فيها أم لا ولا يجوز إجارتها بجزء مما يخرج منها كالثلث والربع وهي المخابرة .


الثالث : قول ربيعة يجوز في الذهب والفضة فقط ومثله قال مالك وبغير النقدين إلا الطعام .


الرابع:قول أحمد وأبي يوسف ومحمد بن الحسن وجماعة من المالكية وآخرين يجوز إجارتها بكل شيء وبالثلث والربع وتقدم أنه الذي اختاره النووي وكذلك الخطابي وغيرهم .


وأقول : هناك اختلاف في مذهب أبي حنيفة خلاصته أنه منع المزارعة والمساقات بجزء مما تخرجه الأرض ولو كان معلوماً شائعاً في الثمرة وهذا مصادم للنصوص وأجازه فيما سوى ذلك فليعلم هذا وبالله التوفيق .




--------


تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 4 ]

[ المجلد الرابع ]

رابط تحميل الكتاب :


http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam4.pdf







ام عادل السلفية 14-12-2015 08:58PM

بسم الله الرحمن الرحيم




تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام


للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -




[284]الحديث العاشر :
عن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما قال قضى رسول الله ﷺ بالعمرى لمن وهبت له .
وفي لفظ من أعمر عمرى له ولعقبه فإنها للذي أعطيها لا ترجع إلى الذي أعطاها لأنه أعطى عطاءً وقعت فيه المواريث
وقال جابر ( إنما العمرى التي أجازها رسول الله ﷺ أن يقول هي لك ولعقبك فأما إذا قال هي لك ما عشت فإنها ترجع إلى صاحبها )
وفي لفظ مسلم ( أمسكوا عليكم أموالكم ولا تفسدوها فإنه من أعمر عمرى فهي للذي أعمرها حياً وميتاً ولعقبه )


موضوع الحديث :
العمرى والرقبى وحكمهما



المفردات
العمرى : مشتقة من العمر وهي إباحة المنافع للمعمر مدة عمره
والرقبى : هي أن يعطيه حتى يموت الأسبق منهما فيظل كل منهما يراقب موت الآخر
العمرى : هي العطية مدة العمر كما قلنا
قوله ولعقبه : أي ورثته
قوله التي أجازها رسول الله ﷺ : أي جعلها نافذة لمن أعطيها
قوله هي لك ما عشت : أي ما بقيت حياً
قوله ولا تفسدوها : أي بالهبات التي تفوت عليكم أموالكم


المعنى الإجمالي
يخبر جابر بن عبدالله رضي الله عنهما أن رسول الله ﷺ قضى بالعمرى لمن وهبت له أي حكم بها لمن وهبت له وهذا اللفظ يحتمل أنه مقيد وأن قضاء النبي ﷺ نافذ بالقيد بأن يقول هي لك مدة حياتك ولعقبك ويحتمل أن كل عمرى فإنها تكون لمن أعمرها ولورثته وسيأتي التفصيل في فقه الحديث


فقه الحديث
أولاً : أن لفظ العمرى والرقبى يدخل فيه حالات ثلاث


الحالة الأولى : أن يقول له هذه الدار أو القطعة الزراعية أو ما أشبه ذلك لك عمرك ولعقبك من بعدك وهذه الصيغة متفق على أنها تكون لمن أعمرها ولا تعود إلى المعمر


الحالة الثانية : أن يقول له هي لك ما عشت فإن مت رجعت إليّ وهذه الأظهر فيها أنها تمليك للمنافع في مدة محدودة تنتهي بموت المعمر واشتراطه رجوعها يجعلها عارية تعود إلى صاحبها إن مات المعمر


الحالة الثالثة : حالة الإطلاق وهذه الحالة هي التي فيها الإشكال هل تكون إلى صاحبها أو أنها تكون للمعمر ولعقبه مثل الأولى وهو أن يقول هذه الدار لك ما عشت ولا يشترط الرجوع ولا يجعلها نافذة للعقب والذي يتبين أن الحكم في الصيغة الأولى أنها تكون للمعمر ولعقبه لما جاء من التقييد عن الراوي نفسه وهو جابر بن عبدالله رضي الله عنهما ولأن قوله فإنها للذي أعطيها لا ترجع إلى الذي أعطاها لأنه أعطى عطاءً وقعت فيه المواريث وكذلك في الرواية الثالثة إنما العمرى التي أجازها رسول الله ﷺ أن يقول هي لك ولعقبك فتبين من هذا أن النافذة هي ما قيدت بقوله هي لك ولعقبك وقوله لأنه أعطى عطاءً وقعت فيه المواريث أي أن هذا المعمر قال هي لك ولعقبك فكأن الرجوع في هذه الهبة محرم لأنها هبة صريحة لم تقتصر على المعمر ولكن تعدته إلى عقبه وهي داخلة تحت قوله ﷺ كما في حديث ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ قَالَ ( الْعَائِدُ فِي هِبَتِهِ كَالْكَلْبِ يَقِيءُ ثُمَّ يَعُودُ فِي قَيْئِهِ )


أما الحكم في الحالة الثانية وهي أن يقول هي لك ما عشت فإن مت رجعت إليَّ وأعني بذلك اشتراط المعمر رجوع هذه العمرى إلى صاحبها والأظهر أن هذه عارية موقتة بموت المعمر وأنها ترجع إلى صاحبها متى مات المعمر سواء كان المعمر حياً أو قد توفي فتعود إلى ورثته فهذه كما قلت عارية وهو القول الصحيح .


الحالة الثالثة : أن يقول هي لك ما عشت ولا يشترط الرجوع ولا يدخل فيها كون العطية مستمرة للعقب فهذه فيها خلاف وقد ذكر الصنعاني في العدة بأن عدم رجوع هذه المطلقة إلى واهبها هو مذهب الشافعي في الجديد والجمهور وقال في القديم العقد باطل من أصله والذي يظهر لي أنها ترجع إلى المعمر
أولاً لعدم الشرط فيها وعدم الشرط دال على عدم الاستمرار للعقب .


وثانياً : أن أموال الغير الأصل فيها التحريم قال الله عز وجل ( يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم ) وقال ﷺ في خطبته يوم النحر ( ألا إن دماؤكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا ألا هل بلغت … ) .


وثالثاً : أن التي أنفذها رسول الله ﷺ كما أخبر بذلك الراوي هي ما كانت مقيدة بالعقب وما لم يكن كذلك فالأولى بقاءها لصاحبها لأنه ليس هناك قرينة تدل على نفاذ هذه الهبة كما دلت عليه في الحالة الأولى رابعاً : أن الملك متيقن للمعمر وإعطائه المنفعة للغير لا ينقل ملك الرقبة عن أصلها بل تبقى الرقبة في ملكه حتى ينقلها ناقل صحيح .




--------


تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 4 ]

[ المجلد الرابع ]

رابط تحميل الكتاب :


http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam4.pdf






ام عادل السلفية 16-12-2015 07:19PM

بسم الله الرحمن الرحيم




تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام


للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -



[285]الحديث الحادي عشر :
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ قال لا يمنعن جار جاره أن يغرز خشبة في جداره ثم يقول أبو هريرة مالي أراكم عنها معرضين ؟ والله لأرمين بها بين أكتافكم



موضوع الحديث
حكم غرز الجار خشبه في جدار جاره وأنه يجب على الجار أن يأذن لجاره



المفردات
لا يمنعن جار جاره أن يغرز خشبةً أو خشبه في جداره :أن وما دخلت عليه في تأويل المصدر مجرور بمن مقدرة أي لا يمنعن جار جاره من غرز خشبه في جداره


المعنى الإجمالي
أن النبي ﷺ أمر الجار أن يتعاون مع جاره ويأذن له بغرز خشبه في جداره


فقه الحديث
يؤخذ من هذا الحديث أن الواجب على الجار أن يأذن لجاره في غرز خشبه وأن ذلك من حقوق الجار على جاره لكن يبقى معنا شيء آخر وهو أنه إذا غرز الجار خشبه في جدار جاره صار خطراً على جدار الجار الآذن فإنه في هذه الحالة ينبغي له أن يدعم خشبه باسطوان يجعله تحت الخشبة دفعاً للضرر عن جاره لأن الشرع أمر بذلك لينتفع الجار صاحب الخشبة أو الخشب وإذا كان انتفاعه يجلب ضرراً على أخيه
فإنه في هذه الحالة يجب عليه أن يدعم خشبه بأسطوانٍ حتى لا يكون انتفاعه جالباً للضرر على أخيه
وبالله التوفيق



--------


تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 4 ]

[ المجلد الرابع ]

رابط تحميل الكتاب :


http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam4.pdf








ام عادل السلفية 17-12-2015 01:40AM

بسم الله الرحمن الرحيم




تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام


للعلامة : احمد النجمي
-رحمه الله -



[286]الحديث الثاني عشر :
عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله ﷺ قال من ظلم قيد شبر من الأرض طوقه من سبع أرضين .



موضوع الحديث :
الترهيب من الظلم في الأرض



المفردات :
من ظلم : الظلم هو أخذ مال الغير إما لنفسه أو لشخص آخر وتعريفه هو وضع الشيء في غير موضعه حتى أن العبادة لغير الله عز وجل وهي الشرك به سميت ظلماً لأنها وضعت في غير موضعها ومن ذلك قوله عز وجل حكاية عن لقمان عليه السلام ( يا بني لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم )

قيد شبر : أي قدر شبر أو مساحة شبر والشبر ما بين طرف الإبهام وطرف الخنصر من اليد الواحدة إذا وضعت مبسوطة والقيد بالكسر أي بكسر القاف وإسكان الباء المثناة بعدها دال وهو القدر

طوقه : أي حُمِّله يوم القيامة من سبع أرضين

المعنى الإجمالي

أخبر النبي _ أن من أخذ شبراً من الأرض ظلماً حُمَّل به يوم القيامة وطوقه وكلفه أي كلف حمله من سبع أرضين

فقه الحديث

أولاً : يؤخذ من قوله من ظلم أن هذه العقوبة لا تكون إلا على من ظلم متعمداً أما من حصل له هذا الشيء عن خطأ ظناً منه أن هذا ماله أو تابعاً لماله فنرجوا أن لا يكون كذلك


ثانياً : يؤخذ من قوله قيد شبر أي قدر شبر وهو أدنى مقدار في مساحات الأرض ويمكن أن يكون الفوت الذي هو طول القدم بمقدار الشبر أو قريباً منه أما الذراع فذراع كل واحد شبرين بيده ثم الباع وهو المسافة بين طرف اليد اليمنى واليد اليسرى إذا مدهما الرجل والناس يتعاملون ويتخاطبون بهذه المقادير سواء كان في ذرعة الأرض أو ذرعة الأشياء المذروعة من الثياب وغيرها هذا هو المعروف في الأزمنة المتقدمة والآن التعامل أصبح بالمتر والمهم أن النبي ﷺ ذكر أدنى ما كان معروفاً في تلك الأزمنة محذراً من الوقوع في ظلم الأرض ومرهباً من ذلك
ثالثاً : اختلف في معنى طوقه على أقوال ذكرها الأمير الصنعاني في العدة وهي
أولها : أن تكون طوقاً في عنقه كالغل قلت وهذا التأويل مأخوذ من لفظ طوقه لذلك فلعله هو الأقرب


ثانيها : أنه يلزمه إثم ذلك كلزوم الطوق وهذا التأويل فيه بعد لأن النبي ضلى أشار أنه يطوق بالأرض نفسها لا بإثمها
ثالثها : يحمل مثله من سبع أرضين رابعها : يعاقب بالخسف إلى سبع أرضين فتكون كل أرض في تلك الحالة طوقاً في عنقه خامسها : يكلف نقل ما ظلم منها يوم القيامة إلى المحشر


وأقول : نؤمن بأن الله عز وجل يعاقب من فعل ذلك بتطويقه الأرض التي غصبها كيف شاء الله وعلى أي وجه شاء فهو القادر على ذلك


رابعاً: يؤخذ من هذا الحديث أن من ملك وجه الأرض ملك ما تحتها وما فوقها فإذا كان في الأرض معدناً فملك ذلك المعدن تابعاً لمالك الأرض


خامساً : يؤخذ منه أن السبع الأرضين متصل بعضها ببعض وليست كالسموات منفصلة


سادساً : يؤخذ منه أنها لو كانت منفصلة لما كلف وطوق بها من سبع أرضين أما قوله سبحانه وتعالى (اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الأَرْضِ مِثْلَهُنَّ … ) [ الطلاق : 12] فالمراد بالمثلية في هذه الآية المماثلة في العدد وهذه من الأمور الغيبية التي لا يعلمها إلا الله عز وجل وعلى العبد أن يقف عند حدود علمه وعقله ولا يتجاوز ذلك
وبالله التوفيق



--------


تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 4 ]

[ المجلد الرابع ]

رابط تحميل الكتاب :


http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam4.pdf






ام عادل السلفية 17-12-2015 11:26PM

بسم الله الرحمن الرحيم



تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام


للعلامة : احمد النجمي
-رحمه الله -



"باب اللقطة"

[287]الحديث الأول:

عن زيد بن خالد الجهني رضي الله عنه قال ( سئل رسول الله ﷺ عن لقطة الذهب أو الورق ؟ فقال :اعرف وكاءها وعفاصها ثم عرِّفها سنة . فإن لم تعرف فاستنفقها ولتكن وديعة عندك فإن جاء طالبها يوماً من الدهر فأّدها إليه

وسأله عن ضالة الإبل ؟ فقال : مالك ولها ؟ دعها فإن معها حذاءها وسقاءها ترد الماء وتأكل الشجر حتى يجدها ربها
وسأله عن الشاة ؟ فقال خذها : فإنما هي لك أو لأخيك أو الذئب ).


موضوع الحديث :
أحكام اللقطات والضوال



المفردات
اللقطة : هي ما يلتقط مما له قيمة كالذهب والفضة وغيرهما مما يلتقط باليد
قوله اعرف وكاءها : الوكاء هو ما توكى به وهو الرباط الذي يكون على فمها
عفاصها : العفاص هو الوعاء الذي تجعل فيه النفقة ثم يربط عليها والأمر بمعرفة ذلك ليكون وسيلة إلى معرفة هذه اللقطة إذا عرفها الملتقط
عرفها سنة : بأن تقول من له ضالة ولا ينبغي أن تشير إلى بعض صفاتها بل تقول من له ضالة ولا تذكر شيئاً آخر ربما تذرع به مدعيها فلبَّس عليك الأمر
قوله عرفها سنة : السنة إما أن تكون بالأشهر وإما أن تكون بالفصول فالفصول أربعة والأشهر اثني عشر
استنفقها : بمعنى أنك أنفقها بعد كمال الحول في حاجاتك وشئونك واحتفظ بوسائل التعريف لقوله ولتكن وديعة عندك
قوله ما لك ولها : يعني اتركها وقد أوضح ذلك بقوله دعها فإن معها حذاءها وسقاءها يعني أنها مستغنية عمّن يحفظها فهي تمتنع بنفسها وتتحمل العطش وتأكل الشجر
فوله حتى يجدها ربها : أي صاحبها
وقال في الشاة إنما هي لك أو لأخيك أو للذئب وهذا حث على إلتقاطها


المعنى الإجمالي
أمر النبي ﷺ الملتقط للذهب والورق وما في معناهما أن يعرف وكاء اللقطة وعفاصها ثم يرفعها ويعرفها سنة فمتى وجد من عرفها أداها إليه أما ضالة الإبل فإنه قد نهاه عن إيوائها إليه وأما الشاة فإنه أمره بأخذها وقال هي لك أو لأخيك أو للذئب


فقه الحديث
أولاً : يؤخذ من هذا الحديث وجوب معرفة صفة اللقطة وما يتعلق بها من وكاء ووعاء وعدد وأمثال ذلك ويظهر من قوله اعرف وكاءها وعفاصها أن الأمر هنا أمر إيجاب للاهتمام بها ومعرفة ما يتعلق بها


ثانياً : أنه يجب عليه أن يعرفها سنة كاملة


ثالثاً : التعريف يكون في المجامع وأن يكون عاماً حتى لا يدل على بعض صفاتها


رابعاً : قوله فإن لم تعرف فاستنفقها أي إن لم يعرفها أحد فهي لك وقد قال في بعض ألفاظ الحديث وَإِلا فَهُوَ مَالُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ


خامساً : أنه إن مضت المدة فإنها لم تكن ملكاً له وإنما هي وديعة عنده متى وجد صاحبها أعطاه إياها لقوله فإن جاء طالبها يوماً من الدهر فأدها إليه


سادساً : وقد نهاه عن إلتقاط ضالة الإبل لما لها من الاستغناء عن الناس لقوله فإن معها حذائها وسقائها ترد الماء وتأكل الشجر


سابعاً: قوله حتى يجدها ربها أي صاحبها ومالكها فإن ذلك أقرب إلى وجوده إياها أما إن دخلت في إبل الغير فإنها لا تعرف إلا بالدلالة عليها


ثامناً : وقد سأله عن ضالة الغنم فأمره بأخذها لأن أخذها قد يكون أصون لها حيث قال إنما هي لك أو لأخيك أو للذئب وليس هذا مقصود به تملكه لها وإنما المقصود حفظها وصونها فإذا أخذها إنسان ممن يخشون الله ويتقونه فإن ذلك أقرب إلى معرفتها ورجوعها إلى صاحبها أما لو تركت فأكلها الذئب فإنه يترتب على ذلك تفويت المصلحة على الملتقط وصاحب الضالة الأساسي


تاسعاً : يخرج عما ذكرنا من تملك اللقطة لقطة الحرم فإنها لا تحل لملتقطها لقول النبي ﷺ في الحرم المكي (وَلا تَحِلُّ سَاقِطَتُهَا إِلا لِمُنْشِدٍ ) فإن لم يجد من يعرف هذه اللقطة فعليه أن يقدمها للمحكمة الشرعية وبالله التوفيق


--------


تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 4 ]

[ المجلد الرابع ]

رابط تحميل الكتاب :

http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam4.pdf








ام عادل السلفية 20-12-2015 01:09AM

بسم الله الرحمن الرحيم




تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام


للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -



"باب الوصايا"
[288]الحديث الأول :
عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله ﷺ قال ما حق امريء مسلم له شيء يوصي فيه يبيت ليلتين إلا ووصيته مكتوبة عنده )

زاد مسلم : قال ابن عمر ما مرت ليلة منذ سمعت رسول الله ﷺ يقول ذلك إلا وعندي وصيتي ) .




موضوع الحديث :
الأمر بالوصية والمبادرة بها خوفاً من دهوم الأجل قبل قضاء الحقوق



المفردات
الوصايا : جمع وصية والوصية هي إلتزام بحق للغير لينفذ بعد الموت أو بحق عليه ليقضى بعد الموت إن فاجأه وهي مأخوذة من الوصي وهو الوصل لأن الموصي وصل حياته بموته بكونه أمر بشيء من التصرف ينفذ عند موته وانقطاع تصرفه
ما حق امريء مسلم له شيء يوصي به : أي ليس من حقه التساهل في الوصية وعدم الإسراع بها
قوله له شيء يوصي فيه إما أن يكون واجباً كدين عليه أو مندوباً والمندوب ما رغب الشرع في فعله فيأمر بفعله أو يريد أن يتبرع بشيء لله عز وجل أو لأحد من الناس أو يعترف بشيء من الحقوق


المعنى الإجمالي
حث النبي ﷺ على كتابة الوصية ليكون فيها تلافي ما هو له أو عليه وما يريد أن يوصي به


فقه الحديث
أولاً : يؤخذ من الحديث المبادرة بمشروعية الوصية وهل هي واجبة أو مندوبة في هذا خلاف بين العلماء وذكر ابن عبد البر أن الجمهور يقولون بعدم الوجوب قال الصنعاني في العدة ونسب ابن عبدالبر عدم الإيجاب إلى الإجماع سوى من شذ كما قال واستدل لعدم الوجوب بأنه لو لم يوصي لوجبت قسمة تركته بين ورثته بالإجماع فلو كانت الوصية واجبة لأخرج من ماله سهم ينوب عن الوصية .


وأقول : إن صيغة ما ورد عن النبي ﷺ لا تشجع على القول بالوجوب أما الآية التي في سورة النساء فهي منسوخة بآيات المواريث


ثانياً : الوصية تنقسم إلى قسمين واجبة وهي الوصية بالحقوق التي عليه ومستحبة وهي الوصية بما يكون منه ثواب له بعد موته


ثالثاً : يؤخذ من قول ابن عمر رضي الله عنه ما مرت عليّ ليلة منذ سمعت رسول الله ﷺ إلا وعندي وصيتي يؤخذ من هذا منزلة الصحابة في المسارعة إلى أوامر الله ورسوله ﷺ وعدم التباطئ في ذلك كما يفعل أهل هذا الزمان


رابعاً : سمح بالليلتين والثلاث من أجل أن الإنسان قد يعذر فيهما أما ما عدا ذلك فتسقط الأعذار فيه والله أعلم


خامساً : ينبغي أن تجدد الوصية وبالأخص إذا كان فيها ديون وقضى بعضها وبقي بعض واستجد شيء وذهب شيء وفي هذه الحالة لا بد من التجديد فنسأل الله الكريم أن يعفو عنا ويغفر لنا ولسائر المسلمين
وبالله التوفيق .




--------


تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 4 ]

[ المجلد الرابع ]

رابط تحميل الكتاب :

http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam4.pdf










ام عادل السلفية 20-12-2015 01:18AM

بسم الله الرحمن الرحيم






تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام


للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -


[289]الحديث الثاني :
عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال جاءني رسول الله ﷺ يعودني عام حجة الوداع من وجع اشتد بي فقلت يا رسول الله قد بلغ بي من الوجع ما ترى وأنا ذو مال ولا يرثني إلا ابنة أفأتصدق بثلثي مالي قال لا قلت فالشطر يا رسول الله قال لا قلت فالثلث قال الثلث والثلث كثير إنك أن تذر ورثتك أغنياء خير من أن تذرهم عالة يتكففون الناس وإنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا أجرت بها حتى ما تجعل في فيّ امرأتك قال قلت يا رسول الله أخلف بعد أصحابي قال إنك لن تخلف فتعمل عملاً تبتغي به وجه الله إلا ازددت به درجة ورفعة .ولعلك أن تخلف حتى ينتفع بك أقوام ويضر بك آخرون اللهم امض لأصحابي هجرتهم ولا تردهم على أعقابهم لكن البائس سعد بن خولة يرثي له رسول الله _ أن مات بمكة ) .



موضوع الحديث :
الوصية بكم تكون وما هو المطلوب في حق الورثة



المفردات
يعودني : المقصود هنا العيادة من المرض وهي زيارة المريض
عام حجة الوداع : هذا هو المشهور وقد ورد أنه في عام الفتح
من وجع : المراد بالوجع المرض
اشتد بي : من الشدة وهي ضد الخفة
قوله ولا يرثني إلا ابنة : أي ابنة واحدة
أفأتصدق بثلثي مالي : استفهام وكانت الإجابة لا
قلت فالشطر : أي النصف قال لا
قلت فالثلث : قال الثلث والثلث كثير ، المقصود بالكثرة أي كثرة الموصى به وفيه إشارة إلى الغض من الثلث وأنه أفضل
إنك أن تذر : ورد بفتح الهمزة وكسرها ومعنى أن في حال الفتح تعريفية ومعنى إن بالكسر شرطية
قوله أغنياء : أي تتركهم وعندهم غناً يغنيهم عن تكفف الناس أولى من أن تحوجهم على التكفف
خير : هو جواب الشرط على رأي مالك بتقدير فهو خير أما معنى التعريف فهو ضمير للمبتدأ المنسبك من المصدر أي تركك ورثتك أغنياء خير
من أن تذرهم : تتركهم
عالة : فقراء
يتكففون الناس : يطلبونهم بأكفهم
قوله وإنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله : أي تريد بها وجه الله
إلا أجرت عليها : أي كتب لك بها أجر
حتى : للغاية في القلة أي حتى الذي تجعله في فيء امرأتك من الطعام
قلت يا رسول الله أخلف بعد أصحابي :أي أتأخر عنهم إذا ارتحلوا عن مكة التي هي بلدي الذي هاجرت منه
قال إنك لن تخلف فتعمل عملاً تبتغي به وجه الله : أي تريد به وجه الله
إلا ازددت به درجة ورفعة : المقصود به رفع الدرجات في الجنة بكثرة الثواب
ولعلك أن تخلف : لعل للترجي والضمير اسمها
حتى ينتفع بك أقوام ويضر بك آخرون : والمراد به انتفاع المؤمنين بسعد وما وهبه الله على يديه من الفتوح والغنائم ويضر بك آخرون المقصود به ما يحصل على المشركين من القتل والسبي والهزائم
قوله اللهم امض لأصحابي هجرتهم ولا تردهم على أعقابهم : دعاء من النبي ﷺ لأصحابه
قوله ولكن البائس سعد بن خولة : البائس هو الذي وقع عليه البأس وهو الفقر والحاجة والمسكنة يرثي له رسول الله ﷺ أن مات بمكة


المعنى الإجمالي
زار النبي ﷺ سعد بن أبي وقاص في مرض أصابه وهو بمكة فقام سعد يسأله عن الوصية لأنه لم يكن له في ذلك الحين إلا ابنة واحدة فأراد أن يوصي بثلثي ماله فنهاه النبي ﷺ ثم أراد أن يوصي بالشطر فنهاه ﷺ ثم استأذنه في الثلث فقال صلى الثلث والثلث كثير ولكون سعد من المهاجرين خاف أن يخلف بعد أصحابه فيكون في ذلك انتقاص من أجر هجرته فدار بينه وبين النبي الكريم صلى الحوار الذي ذكر في هذا الحديث.


فقه الحديث
يؤخذ من هذا الحديث عدة مسائل
أولاً : قوله جاءني رسول الله ﷺ يعودني يؤخذ منه مشروعية العيادة للمريض وهذه المسألة تذكر في كتاب الجنائز وفي كتب الأدب


ثانياً : قوله في عام حجة الوداع هذا هو المشهور كما قال الصنعاني رحمه الله في العدة ويظهر أن الصنعاني رحمه الله أخذ من فتح الباري فقال قال الحافظ في الفتح ج5 ص363 على قوله في كتاب الوصايا يعودني وأنا بمكة زاد الزهري في روايته ( في حجة الوداع من وجع اشتد بي ) وله في الهجرة ( من وجع اشفيت منه على الموت ) واتفق أصحاب الزهري على أن ذلك كان في حجة الوداع إلا ابن عيينة فقال في فتح مكة أخرجه الترمذي وغيره من طريقه واتفق الحفاظ على أنه وهم فيه وقد أخرجه البخاري في الفرائض من طريقه فقال بمكة ولم يذكر الفتح قال وقد وجدت لابن عيينة مستنداً فيه وذلك فيما أخرجه أحمد والبزار والطبراني والبخاري في التأريخ وابن سعد من حديث عمرو بن القاري أن رسول الله صلى قدم فخلف سعداً مريضاً حيث خرج إلى حنين فلما قدم من الجعرانة معتمراً دخل عليه وهو مغلوب فقال يا رسول الله (إن لي مالاً وإني أورث كلالة أفأوصي بمالي …... الحديث ) وفيه ( قلت يا رسول الله أميت أنا بالدار التي خرجت منها مهاجراً …. الحديث ) قال ويمكن الجمع بين الروايتين بأن يكون ذلك وقع له مرتين مرة عام الفتح ومرة عام حجة الوداع ففي الأولى لم يكن له وارث من الأولاد أصلاً وفي الثانية كانت له ابنة فقط .


ثالثاً : يؤخذ من قوله من وجع اشتد بي أنه يجوز ذكر اشتداد الوجع إن لم يكن من باب الشكوى بل كان القصد منه حصول دعوة أو إرشاد إلى علاج أو ما أشبه ذلك


رابعاً : يؤخذ من قوله وأنا ذو مال ولا يرثني إلا ابنة أن الوصية ينظر فيها الموصي إلى من يبقى بعده فإن كان المال كثيراً والوارث واحد أمكن أن يوصي بشيء من المال صدقة لله عز وجل


خامساً : يؤخذ من قوله أفأتصدق بثلثي مالي قال لا يؤخذ منه تحريم التصدق بالثلثين ومثل ذلك الشطر لقول النبي ﷺ فيهما لا


سادساً : يؤخذ من قوله فالثلث قال الثلث والثلث كثير يؤخذ منه جواز الوصية بالثلث


سابعاً : يؤخذ من قوله والثلث كثير إرشاد إلى الوصية بما هو أقل من الثلث


ثامناً : قد استطرد مالك رحمه الله في قوله والثلث كثير في مسائل عدة فمثلاً عنده مسح الرأس يجزئ منه الثلث وعنده تقصير الرأس عند التحلل من الإحرام يجزئ منه الثلث وهكذا


تاسعاً : ورد في الرواية كثير وورد في بعضها شك كثير أو كبير وهل المقصود منه أنه يترتب عليه أجر كثير أو كبير وأن التصدق بالثلث هو الأكمل وأن المراد كثير أجره أو أن المراد كثير غير قليل ورجح الشافعي هذا الأخير وأخذ منه ابن عباس رضي الله عنهما أنه ينبغي الغض من الثلث إلى الربع


عاشراً : يؤخذ من قوله إنك إن تذر ورثتك أغنياء ورد فيه روايتان رواية بفتح الهمزة من أن على التقليل ورواية بكسر الهمزة من إن على أنها شرطية وأنكر بعضهم رواية الكسر وهي ثابتة واختلف في خير هل يكون جواباً للشرط فزعم بعضهم أنه يصلح جواباً ورجح مالك ذلك على تقدير فهو خير


الحادي عشر : يؤخذ من قوله إنك إن تذر ورثتك أغنياء خير من أن تذرهم عالة يتكففون الناس أن طلب الغنى للورثة مستحباً شرعاً بحيث أن ذلك يعزهم ويغنيهم عن سؤال الناس وأن ذلك خير من التصدق


الثاني عشر: يؤخذ من قوله خير من أن تذرهم عالة يؤخذ من ذلك أن ترك الورثة عالة يتكففون الناس أمر محذور ومذموم


الثالث عشر : يؤخذ من قوله وإنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا أجرت بها حتى ما تجعل في فئ امرأتك يؤخذ من هذه الجملة أن الأجر يتوقف على النية وليس كل إنفاق يؤجر صاحبه ما لم يكن مبتغياً به وجه الله والدار الآخرة


الرابع عشر : هل يكتفى بنية واحدة أم لا بد من التجدد بحيث أنه يكون في كل نفقة مبتغياً بها وجه الله الأظهر في نظري أن النية الواحدة يكتفى بها في المستقبل إن لم يعدل عنها
الخامس عشر : يؤخذ من هذا أيضاً أن المباحات تتحول للمؤمن طاعات بإخلاص النية فهو إذا اكتسب المال ليعف ويعف من تحت يده كان المباح في ذلك صدقة وقربة فإن أكل للتقوي على الطاعة كان أكله قربة وإن جامع امرأته ليستعف بها ويعفها كان ذلك قربة وهكذا


السادس عشر : يؤخذ من قوله إلا ازددت بها درجة ورفعة أن الطاعات يرتفع بها العبد في الدرجات وهو لا يشعر ومثل ذلك قوله ( ما من عبد يسجد لله سجدة إلا رفعه بها درجة ) وهذا في الإنفاق وهكذا في جميع الطاعات


السابع عشر : في قوله ولعلك أن تخلف حتى ينتفع بك أقوام ويضر بك آخرون في هذا تعريض لأن قول سعد أخلف بعد أصحابي يقصد التأخر عنهم وعن مزاحمتهم بالأكتاف والأقدام وتسابقهم في نصرة دين الله عز وجل لكن قول النبي ﷺ ولعلك أن تخلف قصد به طول العمر وكذلك حصل حيث كان آخر العشرة المبشرين بالجنة موتاً


الثامن عشر : يؤخذ من هذا معجزة للنبي ﷺ فقد فتح الله على يد سعد بلداناً كثيرة من جهة العراق وهو الذي افتتح المدائن ودخل إيوان كسرى وأرسل كنوزه إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه


التاسع عشر : قوله حتى ينتفع أقوام المراد بالانتفاع ما أجرى الله على يديه من الفتوح والانتصارات وما حازوه من الغنائم على يديه وبقيادته وكل هذا فضل من الله جعله على يدي سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه لقوة إيمانه وقوة شكيمته


العشرون : قوله ويضر بك آخرون يريد به ما حصل من الإضرار على الكفار من النكسات والانتصارات المتوالية عليهم وأخذ بلادهم وطرد أصحاب السلطان منها وتحويلها غنيمة للمسلمين حتى خرج كسرى يزدجرد في سنة ثلاثين (30) من مملكته وقتل .


الحادي والعشرون : دعاء النبي ﷺ لأصحابه بأن يمضي الله لهم هجرتهم ولا يردهم على أعقابهم


الثاني والعشرون : توجعه على سعد بن خولة لموته بمكة حين قال لكن البائس سعد بن خولة يرثي له رسول الله ﷺ أن مات بمكة وحرم الخير الكثير الذي يجعله الله عز وجل للمهاجر بأن يجعل له من بلده إلى مهاجره في الجنة


الثالث والعشرون : وهي الخاتمة نرجوا من الله عز وجل لسعد بن خولة الذي قدر الله له أن يموت بمكة نرجوا له الخير من الله وإن كان قد يكون أنه يصير أقل درجة من غيره والله سبحانه وتعالى قد وعد أنه لا يضيع عمل عامل وما توجع رسول الله ﷺ على سعد بن خولة خوفاً عليه من النار ولكن يرثي له والله أعلم هبوط الدرجة وهذا كله من علم الغيب الذي لا يعلمه إلا الله عز وجل والله سبحانه وتعالى أعلم فنسأل الله أن يغفر لنا إن كنا قد حصل لنا سوء فهم أو خطأ فيما نقول فإنا لم نقصد من وراء ذلك إلا الخير إن شاء الله
وبالله التوفيق .




--------


تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 4 ]

[ المجلد الرابع ]

رابط تحميل الكتاب :

http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam4.pdf








ام عادل السلفية 22-12-2015 05:21PM

بسم الله الرحمن الرحيم



تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام


للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -



[290]الحديث الثالث :
عن عبدالله بن عباس رضي الله عنهما قال ( لو أن الناس غضوا من الثلث إلى الربع فإن رسول الله قال الثلث والثلث كثير ) .


موضوع الحديث :
استحباب الغض أو النقص من الثلث وهو رأي ابن عباس رضي الله عنهما



المفردات
قد مضت في الحديث السابق


المعنى الإجمالي
استنبط عبدالله بن عباس رضي الله عنهما من لفظ كثير أن الوصية ينبغي أن تكون أقل من الثلث حتى نخرج عما استكثره النبي _


فقه الحديث
أولاً : يؤخذ من هذا الحديث أن الأفضل في
الوصية أن تكون بالربع أو أقل لأن النبي _ استكثر الثلث


ثانياً : أن في هذا دليل على أن الأولى مراعاة مصلحة الورثة أكثر من مراعاة مصلحة الموصى له


ثالثاً : يؤخذ منه أيضاً استخدام لو فيما لم يكن فيه استدراك على القدر وبالله التوفيق .


--------


تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 4 ]

[ المجلد الرابع ]

رابط تحميل الكتاب :

http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam4.pdf








Powered by vBulletin®, Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd

 


Security team