مجلة معرفة السنن والآثار العلمية

مجلة معرفة السنن والآثار العلمية (http://www.al-sunan.org/vb/index.php)
-   الأحاديث الصحيحة فقهها وشرحها (http://www.al-sunan.org/vb/forumdisplay.php?f=25)
-   -   [متجدد] تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ المجلد الثالث ] (http://www.al-sunan.org/vb/showthread.php?t=10596)

ام عادل السلفية 12-05-2015 07:16PM

تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ المجلد الثالث ]
 
بسم الله الرحمن الرحيم





تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام


للعلامة : احمد النجمي
-رحمه الله -




【 كتاب الصيام 】



الصيام في اللغة الإمساك ويعرف بأنه إمساك المسلم العاقل أو المسلمة العاقلة الخالية من الحيض والنفاس عن الطعام والشراب
والشهوة الجنسية من طلوع الفجر الثاني إلى غروب الشمس بنية التعبد هذا أحسن ما قيل في تعريفه .وإذا كان الصيام يراد به
الإمساك عن المذكورات فإن الإمساك عن أي شئ يسمى صياماً في اللغة ومن ذلك قوله تعالى في قصة مريم ( فَقُولِي
إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَانِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنسِيًّا) [مريم : 26] أي إمساكاً عن الكلام .

والصيام فرضه الله عز وجل على عباده المسلمين في السنة الثانية من الهجرة وجعله أحد أركان الإسلام


وفيه حكم كثيرة :

منها الرياضة للنفس على حبسها عن شهواتها ومحبوباتها
ومنها أن ترك الطعام والشراب والشهوة الجنسية في هذا الوقت تعبداً لله عز وجل يورث الإنسان زيادة في إيمانه وقوة
في توقيه للمحرمات وامتناعه عن الشهوات غير المباحة .



ثالثاً: أن التقليل من الطعام والشراب بالامتناع عنه في ذلك الوقت المحدد يمرن الإنسان على مراقبة ربه والخوف منه
وإجلاله سبحانه وتعالى .



رابعاً:أن من الحكم أن يتمرن على ترك الشهوات مع وجودها وحاجته إليها رغبة فيما عند الله عز وجل له أثر في قوة الإيمان وإلى
ذلك أشار بقوله( لعلكم تتقون )



خامساً:أنه إذا ذاق الجوع والعطش يفكر بالناس الذين لا يجدون ما يأكلون ولا ما يشربون فيحمله ذلك على العطف عليهم
والمواساة لهم وبالجملة فإن الصوم يحوي حكماً منها ما عرفه الناس ومنها ما لم يعرفوه .



[177] الحديث الأول

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله ﷺ (( لا تقدموا رمضان بصوم يوم أو يومين
إلا رجلاً كان يصوم صوماً فليصمه )).



موضوع الحديث :

النهي عن صيام يوم الشك



المفردات :

لا تقدموا :أي لا تستقبلوه قبل دخوله بصوم فإن الله إنما فرض صوم الشهر نفسه ولا يكون ذلك قبل دخوله .


قوله إلا رجلا كان يصوم صوماً فليصمه : يعني إذا كنت تصوم الاثنين ووافق يوم الشك يوم الاثنين فصمه أي ذلك اليوم
بنية تلك العبادة لا بنية استقبال رمضان فإنه لا شئ في ذلك .



المعنى الإجمالي :

نهى النبي ﷺ عن صيام يوم الشك وهو اليوم الذي يكون ثلاثين من شهر شعبان فيحتمل أن يكون من الشهر القادم
ويكون الشهر تسعاً وعشرين ويحتمل أن يكون من الشهر الماضي ويكون الشهر ثلاثين فلذلك نهى عن صومه لعدم التحقق لكونه
من رمضان أم لا ؟



فقه الحديث :

أولاً : يؤخذ من الحديث أنه لا يجوز صيام يوم الشك بنية الاستقبال لرمضان وهل يحمل ذلك على الكراهة أو على التحريم
هذا محل نظر وخلاف بين أهل العلم والقول بأنه محرم هذا هو الأقرب للصواب



ثانياً: يؤخذ من هذا الحديث أن من صام يوم الشك على مقتضى عادة كان يعملها فإنه لا يكون داخلا في النهي لقوله إلا
رجلا كان يصوم صوماً فليصمه .



ثالثاً: إذا دخلت في صيام يوم الشك بنية عادة كنت تعتادها ثم تبين أن ذلك اليوم من رمضان فعليك أن تمضي في
صومك وأن تقضي ذلك اليوم لأنك دخلت فيه بغير نية رمضان وبالله التوفيق.



--------


التصفية والتربية


TarbiaTasfia@



تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ


تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ]

[ المجلد الثالث ]



رابط تحميل الكتاب :

http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf









ام عادل السلفية 13-05-2015 11:35PM

بسم الله الرحمن الرحيم





تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام


للعلامة : احمد النجمي
-رحمه الله-




[178] الحديث الثاني :

عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما قال : سمعت رسول الله ﷺ يقول :
(( إذا رأيتموه فصوموا وإذا رأيتموه فأفطروا فإن غـم عليكم فاقـدروا له))



موضوع الحديث:

ما يوجب صيام رمضان وما يوجب الفطر منه وما هو الحكم في حالة الاشتباه


المفردات :

إذا رأيتموه : الضمير يعود إلى الهلال وواو الجماعة لجميع المسلمين .
قوله فصوموا : هذا جواب الشرط وجزاؤه وهو إذا ومثل ذلك وإذا رأيتموه فأفطروا فإن غم عليكم :
أي بأن حال بينكم وبين رؤيته قتر أو سحاب فاقدروا له أي كملوا العدة ثلاثين .



المعنى الإجمالي :

أمر النبي ﷺ أمته بأن يصوموا لرؤية الهلال وبان يفطروا لرؤيته وهذا الخطاب لجميع
الأمة فإذا رآه واحدٌ لزم الصوم على الجميع إذا كان الرائي مسلماً وإن رآه اثنان فأكثر عند دخول
شوال وخروج رمضان لزم الفطر وإظهار العيد كما دلت على ذلك الأدلة .



فقه الحديث

أولاً: يؤخذ من هذا الحديث تعليق الحكم بالرؤية والمقصود بالرؤية هي الرؤية العادية لكل فرد من
أفراد الأمة ولهذا جاء في الحديث عن النبي ﷺ أنه قال( إنا أمّة أميّة لا نكتب ولا نحسب
الشهر هكذا وهكذا ...ألخ )

فقوله إنا أمّة أميّة يدل على نفي ما ذكره بعضهم من الاعتماد على النجوم أو على المنازل أو ما أشبه ذلك


ثانياً : يؤخذ من قوله إذا رأيتموه أن الاعتماد على الرؤية البصرية فلا يعتمد على الميكروسكوب (المنظار
الفلكي ) ولا على الرؤية الدقيقة التي تكون بصناعة ما فالخطاب للامة أجمع وما كان معروفاً في ذلك
الزمن أنه طريق للرؤية فهو المعتمد للحكم الشرعي .



ثالثاً : يؤخذ من قوله فصوموا الذي هو جواب الشرط أن الرؤية التي يلزم بها الصوم هي الرؤية البصرية العادية
وقد اختلف أهل العلم فيما يلزم بها الصوم من الشهادة فجاء في الحديث عن ابن عباس قال جاء
أعرابي إلى النبي ﷺ فقال إني رأيت الهلال ( قال أتشهد أن لا إله إلا الله أتشهد أن محمداً رسول الله
قال نعم قال يا بلال أذن في الناس أن يصوموا غداً ) كما أنه قد ورد أنه لخروج الشهر يلزم شهادة اثنين

أما عدالة الشهود في دخول رمضان أو دخول شوال فيكفي في ذلك كونه مسلماً


رابعاً: قوله وإذا رأيتموه فافطروا إذا رأيتم هلال شوال فافطروا ويؤخذ من هذا
انه يترتب الفطر على الرؤية أو إكمال العدة .



خامساً : يتردد المفهوم من قوله صوموا وافطروا بين أن يكون الخطاب لجميع الأمة فتكفيهم
رؤية واحدة أو لكل قوم رؤيتهم وعلى هذا فقد اختلف أهل العلم هل تلزم الرؤية إذا وجدت جميع
المسلمين أو لا يلزم إلا أهل البلد ومن حولهم ؟ فمن أهل العلم من قال تلزمهم جميعاً واستدلوا
بأن الناس في زمن النبي ﷺ وخلفاؤه الراشدين ما كان معروفاً أن لكل قوم رؤيتهم بل الظاهر
أنها تلزمهم رؤية واحدة.



قلت: وعلى هذا القول ملاحظة
أولا: لأن عدم النقل لا يدل على عدم الوقوع فالناس في ذلك الزمن لا يتواصلون إلا على وسائل
النقل القديمة وهذه الوسائل تجعل أهل كل بلد منقطعين عن الآخرين فلهم رؤيتهم وصومهم وفطرهم
ومما يدل على ذلك قصة كريب حين هلّ عليه الهلال وهو في دمشق ثم قدم المدينة في آخر الشهر
واخبر ابن عباس أنهم رأوا الهلال ليلة الجمعة فقال ابن عباس أما نحن فقد رأيناه ليلة السبت فلا نزال نصوم
حتى نراه أو نكمل العدة ثلاثين ) وبهذا يتبين أنهم لم تكن الرؤية تحكمهم جميعاً .



ثانياً : أنه لم يكن في ذلك الوقت وسيلة إعلام توصل الخبر إلى الجميع عند وجود الرؤية ومن أجل هذا نقول
أن الأرجح أن الناس في ذلك الوقت يكون أهل كل بلد يعملون برؤيتهم أو إكمال العدة بالصوم والفطر
والذي يظهر لي في هذه المسالة وفي هذا الزمن الذي قد تبين فيه واتضح وضوحاً لا مزيد عليه أن البلدان
مختلفة باختلاف مطالعها وعلى هذا فانه لو رئي الهلال في مشرق الأرض لزم من بعده من باب أولى فمثلا
لو رئي الهلال في باكستان لزم من بعد هذه الدولة من الدول الأخرى التي يأتي وقت مغيب الشمس فيها
بعد باكستان تلزمهم جميعاً لأنه إذا تقدمت الشمس على القمر في الباكستان مثلا لزم أن تتقدم عليه أكثر فيما
بعدها وكذلك لو وجدت الرؤية في السعودية مثلا فإنه يلزم الصوم على من بعدها ولا يلزم على من قبلها فمثلا
إذا ثبتت الرؤية في السعودية كما قلنا مثلا لزم السودان ومصر ومن بعدهم من دول إفريقيا وأوربا التي يأتي
مغيب الشمس فيها بعد السعودية ولا يلزم من قبلها كالباكستان وأفغانستان والعراق وما أشبه ذلك .


لأنه قد علم الآن بأن ما بعد كل بلد أي ما كان بعدها إلى جهة المغرب فإن الغروب يكون فيه بعد البلد
الذي قبله من جهة الشرق وهذا أمر أصبح معروفاً لا يتمارى به اثنان لأنه أصبح من المحسوس وهذا
هو القول الفصل في هذه المسألة وبالله التوفيق .




--------


التصفية والتربية


TarbiaTasfia@



تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ


تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ]

[ المجلد الثالث ]



رابط تحميل الكتاب :

http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf






ام عادل السلفية 15-05-2015 12:28AM

بسم الله الرحمن الرحيم





تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام


للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله-





[179] الحديث الثالث:

عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال قال رسول الله
ﷺ ((تسحروا فإن في السحور بركة )).



موضوع الحديث :

فضيلة السحور



المفردات :

قوله تسحروا : هذا أمر والفاء في فإن في السحور بركة تعليلية والسحور يأتي بفتح السين المشددة ويكون اسماً
للطعام الذي يتسحر به ويأتي بضم السين فيكون اسماً للفعل والتلازم بينهما حاصل .

بركة: خبر إن والبركة قد تكون حسية وقد تكون معنوية ولعلها هنا شاملة للجميع


المعنى الإجمالي :

أمر النبي ﷺ في هذا الحديث بالتسحر والتسحر هو الأكل في وقت السحر لأن في طعام هذا الوقت
لآكله فيه بركة من حيث مخالفة أهل الكتاب ومن حيث العمل بالسنة ومن القوة الحاصلة للبدن ومن حيث
أن المتسحر لا تتوق نفسه إلى الطعام ومن فوائد السحور الاستيقاظ في وقت الإجابة الذي ينزل فيه ربنا إلى السماء
الدنيا فيقول هل من سائل فأعطيه هل من مستغفر فاغفر له ومن فوائده أيضاً صلاة من الملائكة على المتسحرين الذين
يعملون بهذه السنة .



فقه الحديث :

أولاً: يؤخذ من هذا الحديث استحباب السحور للصائم وقد يجب على من يتأثر بعدم السحور وإنما قيل
بالاستحباب لأن النبي ﷺ واصل بأصحابه وقد أباح في الوصال بقوله ( ومن كان مواصلا فليواصل إلى السحر ).

وذلك وجبة الإفطار وجعل وجبة السحور هي الوجبة التي يتقوى بها الصائم .


ثانياً: إنما قلت بأن السحور يجب على من يتأثر بتركه لأنه من المعلوم أن بدن الإنسان لا يقوم إلا على الطعام
والشراب فإذا ترك وجبة السحر قد يتأثر بعض الناس وبعضهم لا يتأثر لوجود قوة بدنية تغنيه ويتبين من هذا أن
أمر النبي ﷺ هو أمر بما فيه صلاح البدن وصلاح الدين والعقل .



ثالثاً: يؤخذ من هذا أيضاً بأن الإنسان إذا قام للسحور ربما صلى وربما تصدق على بعض المحاويج الذين يعلمهم
وهذا من بركة السحور بل وربما قرأ شيئاً من القرآن ومن أعظم الفوائد فيه الاستيقاظ لصلاة الفجر ولهذا أمر
بتأخير السحور حتى لا ينام بعده فتفوت عليه صلاة الفجر .



--------

التصفية والتربية


TarbiaTasfia@



تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ


تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ]

[ المجلد الثالث ]



رابط تحميل الكتاب :

http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf









ام عادل السلفية 15-05-2015 03:29PM

بسم الله الرحمن الرحيم



تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام


للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -




[180] الحديث الرابع :

عن أنس بن مالك عن زيد بن ثابت رضي الله عنه قال تسحرنا مع رسول الله ﷺ ثم قام إلى الصلاة
قال أنس قلت لزيد كم كان بين الأذان والسحور قال قدر خمسين آية .



موضوع الحديث :

ما هو المقدار الذي يكون بين السحور والأذان



المفردات :

قوله كم كان بين الأذان والسحور : أي المدة التي يمكن أن تكون بينهما .
قال قدر خمسين
آية : أي قدر قرآئتها وقدر هنا مرفوع على أنه خبر مبتدأ محذوف تقديره هو قدر أو يكون خبراً لكان المقدرة
فيكون منصوباً ولا بد أن يكون هناك مقدر قبل خمسين أي قدر قراءة خمسين آية .



المعنى الإجمالي

أخبر أنس بن مالك عن زيد بن ثابت أنه تسحر مع النبي ﷺ في بيته وأنه كان بين انتهائه من السحور
والأذان قدر قراءة خمسين آية وسبق أن قلت أن الصحابة رضوان الله عليهم كانوا لانسجامهم مع القرآن
يقدرون بقراءة آيات والظاهر أن هذا التقدير يكون من الآيات الوسط التي هي بين مفرطة الطول كما في آخر
سورة البقرة وأول سورة المائدة ومفرطة القصر كما في سورة الشعراء والصافات والواقعة وما أشبه ذلك .



فقه الحديث :

أولاً : يؤخذ من هذا الحديث استحباب تأخير السحور وتقريبه من الفجر لأنه إذا أخر كانت منفعة
البدن منه أعظم وكان نفعه له في اليوم أكثر .



ثانياً : أن التأخير يحصل به إقامة صلاة الفجر وإن كثيراً من الناس في هذا الزمن يبيتون في لعب
ولهو وفي آخر الليل قبل الفجر بساعة أو أكثر يتسحرون ثم ينامون فيضيعون صلاة الفجر ثم إن تقدم
السحور يجعل المنفعة به أقل فصلوات الله وسلامه على نبينا محمد الذي ما ترك خيراً إلا دلنا عليه ولا
شراً إلا حذرنا منه .




--------

التصفية والتربية


TarbiaTasfia@


تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ]

[ المجلد الثالث ]


رابط تحميل الكتاب :

http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf








ام عادل السلفية 17-05-2015 01:12AM

بسم الله الرحمن الرحيم




تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام


للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -





[181] الحديث الخامس :

عن عائشة وأم سلمة رضي الله عنهما أن رسول الله ﷺ كان يدركه الفجر وهو جنب من أهله ثم يغتسل
ويصوم


موضوع الحديث :

أن من أصبح جنباً أغتسل وصام ولا يؤثر ذلك في صومه



المفردات :

كان يدركه الفجر : يعني يطلع عليه الفجر وهو جنب من أهله أي من جماع أهله ثم يغتسل ويصوم


المعنى الإجمالي :

تخبر عائشة وأم سلمة رضي الله عنهما أن رسول الله ﷺ كان يطلع عليه الفجر وهو جنب من جماع
أهله ثم يغتسل ويصوم



فقه الحديث :

أولاً : حصل خلاف في هذه المسالة في عهد الصحابة رضوان الله عليهم وذلك أن أبا هريرة كان يفتي
بأن من أدركه الفجر وهو جنب فلا صوم له ثم إن مروان لما كان أميراً على المدينة أرسل إلى عائشة وأم سلمة
رضي الله عنهما يسألهما فقالتا إن رسول الله ﷺ كان يدركه الفجر وهو جنب من أهله ثم يغتسل ويصوم
فلما أخبر أبو هريرة رضي الله عنه بما قالتا رجع عن قوله ذلك وذكر أنه حدثه به الفضل بن العباس أو أسامة
بن زيد ثم صار الإجماع على ذلك أي على ما أفاد هذا الحديث وهو أي هذا الحديث حديث عائشة وأم سلمة
يترجح على حديث أبي هريرة بعدة مرجحات أولها :أنه روي هذا الحديث من طرق متعددة في الصحاح والسنن
والمسانيد والمعاجم بلفظ واحد بخلاف حديث أبي هريرة .



ثانيها :أن الأمور الداخلية التي تتعلق بعلاقة النبي ﷺ بزوجاته مقدم فيها
خبر زوجاته لأنهن أعلم بذلك من غيرهن لملابستهن لتلك الأمور من رسول
الله ﷺ .



ثالثها :لأن ما حدثتا به يشهد به القرآن الكريم حيث يقول الله عز وجل (أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ
هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُن) إلى قوله ( فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ
لَكُمْ الْخَيْطُ الأَْبْيَضُ مِنْ الْخَيْطِ الأسْوَدِ مِنْ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ) [البقرة : 187] وفي هذا إباحة
للجماع إلى آخر لحظة من الليل فإن من لازم ذلك أن التطهر لا يتم إلا بعد طلوع الفجر ومن هنا يتبين أن هذا
شاهد ومؤيد لحديث عائشة وأم سلمة رضي الله عنهما أن من أصبح جنباً اغتسل وصام وهذا ما يسمى
بدلالة الإشارة عند الأصوليين وقد ذكر جماعة من أهل العلم الإجماع على ذلك فيما بعد .


ثانياً : ويؤخذ من قولها جنباً من أهله رفع شك وهو أنه ربما قيل لعله كانت جنابته تلك من احتلام فرفعتا
الشك بأن ذلك من جماع أهله ويؤخذ هذا أيضاً من مسألة أخرى وهو أن الاحتلام من تلاعب الشيطان
وليس له سبيل على الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم .



ثالثاً :وقد اختلف العلماء أيضاً في الحائض تطهر قبل الفجر وتترك التطهر حتى تصبح فجمهورهم على
وجوب تمام الصوم عليها وإجزاءه عنها سواء تركته عمداً أو سهوا وشذ محمد بن مسلمة فقال لا يجزئها وعليها
القضاء والكفارة وهذا كله في المفرطة المتوانية فأما التي رأت الطهر فبادرت فطلع عليها الفجر قبل تمامه فقد قال
مالك هذه كمن طلع عليها وهي حائض يومها يوم فطر أهـ. من العدة قلت: الصحيح أنها إذا رأت علامة الطهر
قبل طلوع الفجر فهي بمنزلة المجامع قبل الفجر إن طلع الفجر ولم يتم طهورها فالحق أنها تتطهر وتصوم أما
إذا كانت لم تر علامة الطهر إلا بعد طلوع الفجر فهذه يومها يوم فطر كالحائض

. وبالله التوفيق



--------

التصفية والتربية


TarbiaTasfia@


تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ]

[ المجلد الثالث ]


رابط تحميل الكتاب :

http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf








ام عادل السلفية 17-05-2015 04:17PM

بسم الله الرحمن الرحيم





تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام


للعلامة : احمد النجمي
-رحمه الله.-





[182] الحديث السادس :

عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي ﷺ (( قال من نسي وهو صائم فأكل أو شرب فليتم صومه فإنما
أطعمه الله وسقاه )).



موضوع الحديث :

الأكل والشرب ناسياً وأنه لا يبطل الصوم



المفردات :

فأكل أو شرب :أو هنا للتنويع ويحتمل أن تكون عاطفة وقد ورد الحديث باللفظين .
فليتم صومه :هذا أمر من الشارع ﷺ وهو رحمة من الله بالمكلفين أشار إلى ذلك بقوله فإنما أطعمه الله
وسقاه أي ساق إليه رزقاً لم يكن في حسبانه .



المعنى الإجمالي

المعنى الإجمالي للحديث هو أن النبي ﷺ أخبر أن من نسي وهو صائم فأكل أو شرب أو جمعهما فأكل
وشرب وهو صائم فليتم صومه ولا يعتقد بطلانه فإنما أطعمه الله بذلك الأكل وسقاه بذلك الشراب فما فعله
الإنسان ناسياً من غير نية فهو لا يقدح في الصوم ولا يؤثر فيه



فقه الحديث :

أولاً:يؤخذ من هذا الحديث دليل على أن أكل الناسي وشربه إذا أكل وشرب وهو ناسياً لصومه فإن أكله وشربه
لا يؤثر على صومه ولا يبطله ولا يفسده وإلى مقتضى الحديث ذهب أبو حنيفة والشافعي وأحمد وذهب مالك
إلى إيجاب القضاء قال ابن دقيق العيد وهو القياس فإن الصوم قد فاته ركنه وهو من باب المأمورات والقاعدة
تقتضي أن النسيان لا يؤثر في طلب المأمورات وعمدة من لم يوجب القضاء هذا الحديث وما في معناه أو ما يقاربه
فإنه أمر بالإتمام وسمي الذي يتم صوماً وظاهره حمله على الحقيقة الشرعية أ هـ .


قلت : هذا هو الحق وإذا كان الإمساك هو الركن الأعظم من الصوم ولكن خرقه الصائم على سبيل النسيان
فإن خرقه للامساك لا يعد خرقاً للصوم فالقواعد التي يبنى عليها الفقه مستقاة من النصوص الشرعية والنص هنا قد أمر
بإتمام الصوم إذا فهو قاعدة مستقلة لا يقاس على الصلاة في ترك ركن من أركانها بل إن هذه قاعدة مستقلة
وتلك قاعدة مستقلة ولا يجوز أن نترك النص ونعود إلى القياس بل الواجب أن نعمل بكل نص في محله إذا كان الدليل
قد دل على أن الأكل والشرب ناسياً لا يؤثر في الصوم فذلك بشرط ألا يبتلع شيئاً بعد تذكره فإن ابتلع شيئاً
بعد تذكره بطل صومه ووجب عليه القضاء .



ثانياً : هل للجماع من الناسي حكم الأكل والشرب كما دل عليه الحديث هذا محل نظر وخلاف وذلك لأن الأكل
والشرب يختلف على الجماع فيمكن أن يتصور فيه النسيان أما الجماع فتصور النسيان فيه أبعد لأنه يستلزم أموراً قد
لا يتصور معها النسيان كالتستر والبعد عن أعين الناس وإغلاق الأبواب وكون العملية مشتركة بين اثنين فإن نسي
أحدهما ذكّره الآخر وما أشبه ذلك من الأمور التي لا يتصور معها النسيان لذلك فقد أشار الشارح رحمه الله تعالى
بقوله ومدار الكل على قصور حالة المجامع ناسياً عن حالة الأكل ناسياً فيما يتعلق بالعذر والنسيان قلت:وهذا هو
الصواب وإليه ذهب الجمهور مع أن الجماع يوجب الكفارة والأكل والشرب لا يوجب الكفارة على الأصح .
وبالله التوفيق




--------

التصفية والتربية


TarbiaTasfia@


تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ]

[ المجلد الثالث ]


رابط تحميل الكتاب :

http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf








ام عادل السلفية 18-05-2015 05:32PM

بسم الله الرحمن الرحيم





تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام


للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -




[183] الحديث السابع :

من كتاب الصيام عن أبي هريرة رضي الله عنه قال بينما نحن جلوس عند النبي ﷺ إذ جاءه رجل
فقال يا رسول الله هلكت قال مالك ؟ قال: وقعت على إمرأتي وأنا صائم -وفي رواية : أصبت أهلي في
رمضان - فقال رسول الله ﷺ. هل تجد رقبة تعتقـها ؟ قال : لا قال : فهل تستطيع أن تصوم شهرين
متتابعين ؟ قال : لا قال : فهل تجد إطعام ستين مسكينا ؟ قال : لا قال : فمكث النبي ﷺ فبينما
نحن على ذلك أتى النبي ﷺ بعرق فيه تمر- والعرق : المكتل - قال : أين السائل ؟ قال : أنا قال :
خذ هذا فتصدق به فقال الرجل :على أفقر مني يا رسول الله ؟ فوالله ما بين لابتيها - يريد الحرتين- أهل
بيت أفقر من أهل بيتي فضحك رسول الله ﷺ حتى بدت أنيابه ثم قال : (( أطعمه أهلك )).



موضوع الحديث :

كفارة الجماع في نهار رمضان



المفردات :

الحرة: أرض تركبها حجارة سود
بينما : ظرف زمان يلازمه الاظافة إلى جملة اسمية غالباً وتلتقي بإذا تارة وبإذ أخرى اللتين للمفاجأة فإذا لم
تلحقهما ما فلا تلتقي بواحدة منها قاله الصنعاني في العدة قوله إذ جاءه رجل :إذ هي الفجائية التي تكون للمفاجأة .

هلكت وفي رواية احترقت والمراد أنه وقع في ذنب يوجب له الهلكة والاحتراق .
قوله قال مالك : استفهام قال وقعت على امرأتي ( وأنا صائم ) جملة حالية أي حال كوني صائم وفي رواية أصبت
أهلي في رمضان .



هل تجد رقبة : الرقبة هنا مطلقة وتعم الذكر والأنثى والصغير والكبير والسليم والناقص إلا أن السنة دلت على
أن الرقبة الكافرة لا تجزئ وكذلك الرقبة غير الصحيحة .

قوله شهرين متتابعين : متتابعين وصف للشهرين أي لا يكون بينهما انقطاع اختياري
قوله بعرق : العرق هو المكتل .
قوله خذ هذا فتصدق به : هذا أمر لكن قال الرجل على أفقر مني يا رسول الله فوالله ما بين لابتيها ...إلى آخر الحديث .
أفقر : اسم تفضيل من الفقر والمعنى أكثر فقراً.
قوله فضحك رسول الله : الفاء هنا سببية وكأنه بسبب التعجب من حاله حتى بدت أنيابه وحتى للغاية ثم قال
أطعمه أهلك .

قوله الحرة : أرض تركبها حجارة سود هذا تفسير للحرة وهي واحدة حرتين .


المعنى الإجمالي :

وقع هذا الصحابي على امرأته وهو صائم فتوقع الهلكة لنفسه وأهله فجاء إلى النبي ﷺ يشكو حاله فسأله
هل تستطيع أن تعتق رقبة فقال لا فقال أتستطيع أن تصوم شهرين قال لا فقال أتستطيع أن تطعم ستين مسكينا
قال لا فمكث الرجل عند النبي ﷺ منتظراً جوابه فجاء رجل بعرق فيه تمر والظاهر أنه من الصدقة فقال خذ
هذا فتصدق به فقال على أفقر مني أو من أهل بيتي فوا الله ما بين لابتيها أهل بيت أفقر من أهل بيتي فعند
ذلك ضحك رسول الله ﷺ متعجباً من حاله ثم قال أطعمه أهلك .



فقه الحديث

يؤخذ من هذا الحديث عدة مسائل :
المسألة الأولى : أن من أرتكب معصية لا حدّ فيها وجاء مستفتياً أنه لا يعاقب لأن النبي _ لم يعاقبه
مع اعترافه بالمعصية .


المسألة الثانية : أن المعاقبة فيما لم يكن حداً تكون تعزيراً والتعزير استصلاح ولا استصلاح مع الصلاح بمعنى
أن إظهار الندم دال على صلاح المستفتي فلا داعي للاستصلاح


المسألة الثالثة: أنه لو عوقب لكانت المعاقبة سبباً في ترك أناس للاستفتاء
وهذه مفسدة عظيمة يجب دفعها .


المسألة الرابعة : جمهور الأمة على إيجاب الكفارة على من جامع عامداً في نهار رمضان وقد نقل عن
بعض السلف أنها لا تجب وهو قول شاذ ولا يعول عليه .



المسألة الخامسة : اختلفوا في جماع الناسي هل يقتضي الكفارة أم لا ؟ قال ابن دقيق العيد ولأصحاب
مالك قولان ويحتج من يوجبها أن النبي _ لم يسأل هذا السائل هل فعل ذلك عامداً أو ناسياً هكذا
قال ابن دقيق العيد . وأقول : الظاهر من حال هذا المستفتي ومن فحوى سؤاله أنه فعل ذلك عامداً لأنه
صدر سؤاله فقوله هلكت أو احترقت ولا يكون كذلك إلا إذا كان قد فعل ذلك عمداً .
الأمر الثاني : أن حالة النسيان بالنسبة إلى الجماع فيها بعد لكونها تقع بين شخصين إذا نسي أحدهما
ذكره الآخر ولكونها تحتاج إلى ستر وبعد عن أنظار الناس وما أشبه ذلك.



المسألة السادسة: الظاهر من قول الرسول ﷺ هل تجد رقبة تعتقها ؟ قال لا قال فهل تستطيع أن تصوم
شهرين متتابعين ؟ قال لا قال فهل تجد إطعام ستين مسكيناً ؟ قال لا أن هذا الترتيب واجب وانه لا يجوز
الانتقال من الأمر الأول إلى الثاني إلا بعد العجز عن الأول وهذا أي القول بالترتيب هو مذهب الشافعي
وأحمد وجمهور الفقهاء وذهب مالك إلى أن هذه الخصال على التخيير لا على الترتيب وهذه مخالفة
للنص قال ابن العربي لأن النبي ﷺ نقله من أمر بعد عدمه إلى أمر آخر وليس هذا شأن التخيير وللاختلاف
في ذلك دليل آخر وهي الرواية قد وردت بالتخيير وبعدمه فرجح القائلون بالترتيب روايته لأن الرواية به
أكثر فإن الذين رووا الترتيب عن الزهري ثلاثون نفساً قلت : وإذا كانت قد وردت رواية مطلقة فهي تحمل
على المقيدة وذلك تمشياً على قول الجمهور القائلين بحمل المطلق على المقيد وهذا هو الحق إن شاء الله .



المسألة السابعة : قول النبي ﷺ هل تجد رقبة تعتقها يدل على أن الواجب
الأول في هذه الكفارة هو عتق الرقبة .



المسألة الثامنة : أنه يشترط في الرقبة المعتقة شروطاً
أولها : أن يكون سبب الملك سبب شرعي صحيح .

وثانيها : أن تكون الرقبة المعتقة سليمة من العيوب المخلة .
وثالثها :أنه يشترط الإيمان في الرقبة المعتقة عند الجمهور وذهبت الحنفية إلى عدم إعتبار شرط الإيمان
وتمسكوا بإطلاقات في بعض النصوص جاءت مقيدة في غيرها ومن ذلك قوله هنا هل تجد رقبة ؟ وقالوا إن
اسم الرقبة يقع على الرقبة المؤمنة والكافرة على حد سواء جرياً على أصل الحنفية وهو العمل بالمطلق وتقديمه
على المقيد وقول الجمهور هو الحق إن شاء الله لقول النبي ﷺ لذلك الرجل(أعتقها فإنها مؤمنة )



المسألة التاسعة : قوله فهل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين قال لا ويتنين من هذا أن الانتقال من
الصوم إلى الإطعام لا يكون إلا عند العجز عن الصوم .


المسالة العاشرة :يؤخذ من هذا أنه يؤخذ بقول المستفتي في نفي الاستطاعة وكذلك يجب على المفتي
أن يراجعه حتى يتبين ما إذا كان السبب عنده سبباً شرعياً أم لا لأن المفارقات بين زمن الصحابة
وزماننا عظيماً في الالتزام بالصدق وغير ذلك .



المسألة الحادية عشرة :قد ورد في بعض روايات هذا الحديث فهل أوقعني في ذلك إلا الصيام أو قال وهل
أوتيت إلا من الصوم قال الصنعاني فاقتضى ذلك عدم الاستطاعة بسبب شدة الشبق وهو عدم الصبر عن
الجماع في الصوم فنشأ لأصحاب الشافعي نظر في أن هذا هل يكون عذراً مرخصاً للانتقال إلى الإطعام



قلت : الظاهر من الحديث أن النبي ﷺ قد قبل عذره بذلك واعتبره مبيحاً لانتقاله من الصوم إلى الإطعام .
ويقاس على ذلك من لا يستطيع الصيام لبعض الأمور التي يترتب عليها عدم استطاعة أو مشقة شديدة
كأن يكون كاسباً على أهله وإذا ترك الكسب وجلس للصوم أضّر بأهله ولا يمكنه الجمع بينهما .



المسالة الثانية عشرة :قوله فهل تجد إطعام ستين مسكيناً يدل على وجوب إطعام هذا العدد وهل يجب
العدد أو يجب طعام ستين مسكيناً وقد ذهبت الحنفية إلى إطعام الستين مسكيناً مؤول بأن المراد
إطعام طعام ستين مسكيناً وكأن الحنفية رجعوا في ذلك إلى أمر معقول وهو أنه قد يتعذر وجود ستين
مسكيناً فأدى ذلك إلى أن الواجب هو الكمية المقدرة وليس عدد المساكين .


قلت : وأنا أقول أن قول الحنفية هنا وجيه لا لقياسهم العقلي ولكن لأن النبي ﷺ أعطى ذلك المستفتي
جميع الكفارة وعدد أهل بيته في أغلب الأحوال لا يزيدون على العشرة ولم يستفصل عن عددهم فدل
على أن الواجب هو الكمية لا عدد المساكين علماً بأن تلك الكمية التي هي خمسة عشر صاعاً لو صرفت
إلى عشرة كفتهم ستة أيام أو إلى خمسة كفتهم اثني عشر يوماً وهكذا فدل على أن المقصود الكمية التي
تكفي لإطعام هذا العدد وليس العدد



المسالة الثالثة عشرة :عندما أجاز النبي ﷺ لذلك الرجل أن يطعم أهله بطعام الكفارة هل كان ذلك
منه إلغاء للكفارة عن ذلك الرجل أو أنها باقية في ذمته لذلك قال ابن دقيق العيد قوله عليه السلام أطعمه
أهلك تباينت المذاهب فيه فمن قائل يقول هو دليل على إسقاط الكفارة عنه بسبب الإعسار المقارن كما
تسقط صدقة الفطر بالإعسار المقارن لاستهلال الهلال قال وهذا قول الشافعي ومن قائل يقول لا
تسقط الكفارة بالإعسار المقارن وهو مالك والصحيح مذهب الشافعي أهـ .



وعلى هذا فهل تبقى في ذمته أو تسقط عنه بالكلية قولان والذي يظهر لي أن القول بسقوطها بالكلية هو
الحق لأنها لو بقيت في ذمته لبين له النبي ﷺ ذلك وتأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز
كما قالوا فدل على أنها تسقط عنه .



المسألة الرابعة عشرة :هل يجوز للمكفر أن يأكل كفارته إذا كان حاله كحال ذلك الرجل وقد إدعى قوم
خصوصيتة بذلك الرجل وهذه الدعوى لا دليل عليها لعدم الدليل وادعى آخرون بأن ذلك منسوخ وهذا
القول أيضاً ضعيف لعدم ما يدل على النسخ فيتبين بأنه إذا كان المكفر هو أشد أهل تلك الحاضرة فقراً
كما قال ذلك الرجـل ( ما بين لابتيها أهل بيت أفقر من أهل بيتي) جاز له أكل كفارته .



المسألة الخامسة عشرة: أن المسلم إذا عجز عن الكفارة أو غيرها من الواجبات فإنها تلزم في بيت
مال المسلمين لقول النبي ﷺ (… أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم فمن توفى من المؤمنين فترك دينا
فعلى قضاؤه ومن ترك مالا فلورثته ) وفي رواية (… ومن ترك دينـاً أو ضياعاً فإلىّ وعلىّ )



المسألة السادسة عشرة : جمهور الأمة على وجوب القضاء على من أفسد صومه بالجماع وذهب بعضهم
إلى عدم وجوبه لسكوته عليه الصلاة والسلام وعدم إخباره لذلك المستفتي بأن عليه القضاء والخلاف في ذلك
جار بين أهل العلم وذهب بعضهم إلى أنه إن كفّر بالصيام أجزأه عن القضاء قال الصنعاني : أقول هذا الوجه
قاله الأوزاعي وقد روي أنه ذكر في حديث عمرو بن شعيب الذي أخرجه أحمد وفيه (وأمره أن يصوم
يوماً مكانه ) وفيه الحجاج بن أرطأة وفيه كلام معروف قال في الفتح وقد ورد الأمر بالقضاء في هذا الحديث
في رواية أبي أويس وعبد الجبار وهشام بن سعد كلهم عن الزهري نفسه بغير هذه الزيادة وحديث الليث عن
الزهري في الصحيحين بدونها . والكلام في هذا يتوقف على صحة الدليل فينظر .



المسألة السابعة العشرة : اختلفوا في وجوب الكفارة على المرأة إذا مكّنت طائعة فوطئها الزوج هل تجب
عليها الكفارة أم لا ؟ قال ابن دقيق العيد وللشافعي قولان أحدهما الوجوب وهو مذهب مالك وأبي حنيفة
وأصح الروايتين عند أصحاب أحمد والثاني عدم الوجوب عليها واختصاص الزوج بلزوم الكفارة وهو المنصور
عند أصحاب الشافعي من قوليه . قلت : القول بعدم الوجوب على المرأة هو الأقرب لأن هذه العملية وهي
عملية الجماع أمر مشترك بين الرجل والمرأة والمتعة حاصلة لهما إلا أن الشرع جعل الزوج مسؤولاً عن كل
ما يتعلق بذلك فأوجب عليه المهر والنفقة والكسوة والمسكن وما إلى ذلك وهذا فيما يظهر لي أنه يلتحق
بتلك الواجبات إلا أن تكون المرأة هي المتسببة في الجماع فحينئذ تلحقها الكفارة والذي يدل عليه عدم
سؤال النبي ﷺ لذلك المستفتي هل طاوعته امرأته أم لا .



المسألة الثامنة عشرة : إيجاب التتابع في الصيام أي صيام الشهرين وللفقهاء كلام فيما إذا انتقض التتابع بأمر
قهري هل ينتقض التتابع بذلك ؟ أما الاختياري فمجمع عليه أنه ينقض التتابع ويجب عليه العود من جديد
والظاهر أن القول الصحيح انه ما كان قهرياً كمرض شديد أو جاء العيد ووجب عليه الفطر فيه أن ذلك
لا ينقض التتابع . وبــالله الـتــوفيق .



المسألة التاسعة عشرة : إذا تكرر الجماع في أيام متعددة قبل التكفير فهل يكفي في ذلك كفارة واحدة
أو تجب الكفارة بعدد الأيام ؟ والقول الصحيح أنها تجب بعدد الأيام لأن كل يوم له حرمة مستقلة أما إذا
تعدد الجماع في يوم واحد عدة مرات فلا تلزم فيه إلا كفارة واحدة .وبالله التوفيق




--------

التصفية والتربية


TarbiaTasfia@


تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ]

[ المجلد الثالث ]


رابط تحميل الكتاب :

http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf












ام عادل السلفية 19-05-2015 05:22PM

بسم الله الرحمن الرحيم




تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام


للعلامة : احمد النجمي
-رحمه الله -




باب الصوم في السفر


من رحمة الله عز وجل بعباده أنه أذن لهم بالفطر في المرض والسفر وقال جل من قائل(أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ
كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ) [البقرة 184 ] أي فصيام عدة من أيام أخر غير
رمضان وهذا يدل على سماحة الإسلام ويسره

قال تعالى(وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ) [الحج : 78 ]
وقال تعالى(فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا
اسْـتَطَعْتُمْ) [التغابن : 16]وعلى هذا فإن الفطر في السفر رخصة من الله لعباده ينبغي لهم أن يتمتعوا
بها وقد اختلف أهل العلم في حكم الفطر هل هو واجب أو مستحب وفي حكم الصيام هل هو صحيح
أو غير صحيح وسيأتي ذلك في مواضعه مبيناً إن شاء الله .



[184] الحديث الأول :

عن عائشة رضي الله عنها أن حمزة بن عمرو الأسلمي قال للنبي _ : أصوم في السفر؟- وكان كثير الصيام-
فقال : (( إن شئت فصم وإن شئت فأفطر)).



موضوع الحديث :

الصوم في السفر



المفردات :

أأصوم في السفر :الهمزة الأولى للاستفهام الطلبي .
قوله وكان كثير الصيام : جملة اعتراضية .
قوله إن شئت فصم وإن شئت فافطر : شرط وجوابه يستفاد منهما التخيير .


المعنى الإجمالي :

سأل حمزة بن عمرو الأسلمي رسول الله _ عن الصيام في السفر فخيره بين الصيام والفطر


فقه الحديث :

قال ابن دقيق العيد في الحديث دليل على التخيير بين الصوم والفطر في السفر وليس فيه تصريح بأنه
صوم رمضان ونقل الصنعاني في العدة عن الحافظ ابن حجر أنه قال بعد كلام الشارح وهو كما قال
بالنسبة إلى سياق حديث الباب لكن في رواية مراوح التي ذكرها مسلم عَنْ حَمْزَةَ بْنِ عَمْرٍو الأَسْلَمِيِّ رَضِي
اللَّه عَنْه أَنَّهُ قَالَ : ( يَا رَسُولَ اللَّهِ أَجِدُ بِي قُوَّةً عَلَى الصِّيَامِ فِي السَّفَرِ فَهَلْ عَلَيَّ جُنَاحٌ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ
_ هِيَ رُخْصَةٌ مِنَ اللَّهِ فَمَنْ أَخَذَ بِهَا فَحَسَنٌ وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يَصُومَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ )



وهذا يشعر بأنه سأل عن صيام الفريضة وذلك أن الرخصة إنما تطلق في مقابل ما هو واجب وأصرح من ذلك
ما أخرجه أبو داود والحاكم من طريق مُحَمَّدِ بْنِ حَمْزَةَ الْأَسْلَمِيَّ يَذْكُرُ أَنَّ أَبَاهُ أَخْبَرَهُ عَنْ جَدِّهِ قَالَ قُلْتُ
يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي صَاحِبُ ظَهْرٍ أُعَالِجُهُ أُسَافِرُ عَلَيْهِ وَأَكْرِيهِ وَإِنَّهُ رُبَّمَا صَادَفَنِي هَذَا الشَّهْرُ يَعْنِي رَمَضَانَ وَأَنَا
أَجِدُ الْقُوَّةَ وَأَنَا شَابٌّ وَأَجِدُ بِأَنْ أَصُومَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَهْوَنَ عَلَيَّ مِنْ أَنْ أُؤَخِّرَهُ فَيَكُونُ دَيْنًا أَفَأَصُومُ يَا رَسُولَ
اللَّهِ أَعْظَمُ لأَجْرِي أَوْ أُفْطِرُ قَالَ أَيُّ ذَلِكَ شِئْتَ يَا حَمْزَةُ ) أهـ .



قلت : ومن هذا يتبين أن الصوم في السفر رخصة من الله فمن أخذ بالرخصة أصاب ومن صام جاز له ذلك
واعتبر صيامه مؤدياً للواجب عليه وبالله التوفيق .



--------

التصفية والتربية


TarbiaTasfia@


تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ]

[ المجلد الثالث ]


رابط تحميل الكتاب :

http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf










ام عادل السلفية 20-05-2015 07:18PM

بسم الله الرحمن الرحيم




تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام


للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -




[185] الحديث الثاني :

عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : كنا نسافر مع النبي ﷺ فلم يعب الصائم على المفطر
ولا المفطر على الصائم .



موضوع الحديث:

حكم الصوم في السفر



المفردات

قوله كنا نسافر : هذه الجملة تدل على الاستمرار على ذلك وكثرة وقوعه .
قوله مع النبي ﷺ :
بيان لما قد يتوهم أن رسول الله ﷺ لم يعلم ذلك أو لم يكن في زمنه .



قوله فلم يعب الصائم على المفطر ولا المفطر على الصائم: لم نافية للفعل يعب أي لم يعب هذا
على هذا ولا هذا على ذاك.



المعنى الإجمالي

يخبر أنس بن مالك رضي الله عنه أنهم كانوا يسافرون مع النبي ﷺ في رمضان فمنهم من يصوم
في حال سفره ومنهم من يفطر ولم يعب أحد منهم على أحد أي ولا عاب ذلك رسول الله ﷺ.



فقه الحديث :

يؤخذ من هذا الحديث دليل على جواز صوم رمضان في السفر قال ابن دقيق العيد من حيث أنه
جعل الصوم في السفر بعرض كونه يعاب على عدمه أي بجانب كونه يعاب على عدمه .

قال الصنعاني أقول يشير بالجواز إلى خلاف بين الصحابة فقال جماعة لا يجوز وإن صام رمضان
في السفر قضاه في الحضر فعن محرز بن أبي هريرة قال صمت رمضان في السفر فامرني أبو هريرة
أن أعيد في أهلي وعن عمرو بن دينار قال سمعت رجلاً من بني تميم يحدث عن أبيه أنه صام رمضان في
السفر فأمره عمر أن يقضيه قال وعن مولى بني هاشم عن ابن عباس من صام رمضان في السفر لا يجزيه
رواه أبو إسحاق الشالنجي ذكره ابن تيمية في شرح العمدة كتاب فقه الحنابلة.



قلت : ما ذكر عن بعض الصحابة إن صح عنهم فهو اجتهاد منهم يعارضه الصحيح الصريح من قول
النبي ﷺ وإذنه وتقريره وهذا هو الأرجح إن شاء الله تعالى .

ويؤخذ منه أنه إذا جاز ذلك في رمضان جاز في غير رمضان من صيام النافلة وبالله التوفيق .



--------



تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ]

[ المجلد الثالث ]


رابط تحميل الكتاب :

http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf










ام عادل السلفية 21-05-2015 10:05PM

بسم الله الرحمن الرحيم




تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام


للعلامة : احمد النجمي
-رحمه الله-





[186] الحديث الثالث:

عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال خرجنا مع رسول الله ﷺ في شهر رمضان في حر شديد حتى
إن كان أحدنا ليضع يده على رأسه من شدة الحر وما فينا صائم إلا رسول الله ﷺ وعبدالله بن رواحة .



موضوع الحديث :

الصوم في السفر أي صوم رمضان في السفر



المفردات :

قوله في شهر رمضان هذه الجملة أو شبه الجملة بيان أن ذلك وقع في رمضان حتى لا يتوهم خلاف ذلك
قوله في حر شديد :أي في زمن حر شديد وجملة حتى إن كان أحدنا ليضع يده على رأسه من شدة الحر
حتى للغاية وفيها إيذان بشدة الحر كثيراً

قوله وما فينا صائم وما هنا نافية بمعنى ليس أي ليس فينا أحد صائم إلا رسول الله ﷺ وعبدالله بن رواحة.


المعنى الإجمالي :

يخبر أبو الدرداء رضي الله عنه أنهم خرجوا في سفر في شهر رمضان وكان ذلك في حر شديد حتى إنه
من شدة الحر ليضع الرجل يده على رأسه ليقي رأسه بيده من شدة الحر وما فيهم صائم إلا رسول الله
ﷺ وعبدالله بن رواحة .



فقه الحديث :

يؤخذ من الحديث جواز صوم رمضان في السفر وفي هذا الحديث أن النبي ﷺ صام في رمضان في
السفر فاجتمع منه فعل الصوم كما في هذا الحديث وإجازته له كما في حديث حمزة الأسلمي حيث قال
إن شئت فصم وتقريره عليه كما في حديث أنس فلم يعب الصائم على المفطر ولا المفطر على الصائم
فتبين من هذا أن الصوم جائز ولكن تقييده بالقدرة وعدم المشقة هذا هو الأولى للحديث الآتي (..َ لَيْسَ
مِنَ الْبِرِّ الصَّوْمُ فِي السَّفَرِ )


وقد ذهب إلى جواز الصيام في السفر الجمهور وخالف في ذلك الظاهرية كما خالفوا في الإتمام وقالوا أن
من صلى تماماً في السفر بطلت صلاته وهنا قالوا بأن صيام رمضان في السفر لا يصح وخالفهم عامة أهل
العلم والقول بالجواز مقيداً بالقدرة وعدم المشقة هذا هو الحق إن شاء الله إلا أن الفطر أفضل كما أن القصر
أفضل أخذاً برخصة الله عز وجل

وفي حديث يعلى بن أمية (.. صدقة تصدق الله بها عليكم فاقبلوا صدقته ..) وبالله التوفيق .


ملحوظة :

اختلف في رمضان المذكور في هذا الحديث إذ أنه لم يعرف أن النبي ﷺ سافر في رمضان إلا مرتين مرة
في غزوة بدر ومرة في غزوة الفتح وذكر عبد الله بن رواحة في هذا الحديث يعينها لغزوة بدر ذلك لأن غزوة
الفتح كانت بعد استشهاد عبدالله بن رواحة حيث قتل في غزوة مؤته وهي قبل الفتح اتفاقا وبالله التوفيق .




--------




تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ]

[ المجلد الثالث ]


رابط تحميل الكتاب :

http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf








ام عادل السلفية 22-05-2015 02:04PM

بسم الله الرحمن الرحيم





تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام


للعلامة : احمد النجمي
-رحمه الله-




[187] الحديث الرابع:

عن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما قال : كان رسول الله ﷺ. في سفر فرأى زحاماً ورجلاً قد ظلل
عليه فقال : ما هذا ؟ قالوا : صائم قال : (( ليس من البر الصوم في السفر)).

وفي لفظ لمسلم : ((عليكم برخصة الله التي رخص لكم )).


موضوع الحديث :

حكم الصوم في السفر



المفردات :

فرأى زحاماً :أي أناساً قد اجتمعوا في مكان فتزاحموا فيه .
قوله ورجلاً قد ظلل عليه : أي جعل عليه شيئاً من الظل بثوب أو نحوه لفرط المشقة عليه من حرارة الشمس
وكثرة العطش

فقال : الضمير يعود إلى رسول الله _ ما هذا استفهام عن الزحام الذي حصل قالوا صائم :أي صائم شق عليه
الصيام فسقط

قال ليس من البر الصيام في السفر وفي لفظ لمسلم عليكم برخصة الله التي رخص لكم أي الفطر في السفر


المعنى الإجمالي :

يروي جابر بن عبدالله أنهم كانوا في سفر فرأى النبي ﷺ زحاماً ورجلاً قد ظلل عليه فسأل عنه فأخبر
بأنه صائم قد سقط من شدة الصيام عليه فقال رسول الله ﷺ ليس من البر الصيام في السفر وأنه قال
عليكم برخصة الله التي رخص لكم أي فخذوها واغتنموها .



فقه الحديث :

يؤخذ من هذا الحديث
أولاً : جواز الصيام في السفر لإقرار النبي ﷺ عليه

ثانياً: يؤخذ منه أن الصيام في السفر يكون له حكم الكراهة إذا شق على صاحبه مشقة لا تبلغ به إلى
حد الخطر ويشعر بهذا قوله ليس من البر الصيام في السفر .



ثالثاً : يؤخذ من هذا الحديث بطريقة المفهوم أنه إذا بلغت المشقة بالصائم في السفر حد الخطورة فانه يحرم عليه
الاستمرار في الصوم ويجب عليه وجوباً أن يفطر .



رابعاً :يؤخذ من قوله عليكم برخصة الله التي رخص لكم أن الفطر في السفر يستحب لأن كلمة عليكم
إغراء بالرخصة وإن الأخذ بها واغتنامها أفضل من الصوم فهي تيسير من الله ورحمة بعباده وأن الأخذ برخص الله
التي شرعها أفضل من الأخذ بالعزيمة لأن من أخذ بالعزيمة وترك الرخصة كأنه قد ردّ يسر الله ورحمته وقال
لا حاجة لي فيه وفي ذلك ما فيه وقد قال تعالى (هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ
أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ ) [الحج : 78 ] أما تعريف الرخصة فقد عرفت أنها ما أبيح للعذر مع بقاء الحكم فمثلاً
الفطر في السفر رخصة والصيام عزيمة فالعزيمة باقية وهو وجوب الصوم على من لم يكن مسافراً وأبيح الفطر للمسافر
رحمة من الله بعباده وتيسيراً عليهم وبالله التوفيق .





--------



تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ]

[ المجلد الثالث ]


رابط تحميل الكتاب :

http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf








ام عادل السلفية 23-05-2015 09:34PM

بسم الله الرحمن الرحيم



تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام


للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -




[188] الحديث الخامس :

عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : كنا مع النبي ﷺ في السفر فمنا الصائم ومنا المفطر قال :
فنزلنا منزلاً في يوم حار وأكثرنا ظلا صاحب الكساء ومنا من يتقي الشمس بيده قال : فسقط الصّوّام وقام
المفطرون فضربوا الأبنية وسقوا الركاب فقال رسول الله صلى : (( ذهب المفطرون اليوم بالأجر )) .



موضوع الحديث :

الصيام في السفر



المفردات :

قوله وأكثرنا ظلاً صاحب الكساء : المراد بالكساء هنا الثياب وما في معناها من البسط وغيرها التي يستظل
بها عند الحاجة وتتخذ فراشاً في الليل

قوله ومنا من يتقي الشمس بيده : أي يجعل يده على رأسه لعدم وجود الثياب معه
فسقط الصّوام : السقوط عبارة عن عدم الاستطاعة لمزاولة أعمالهم
قوله وقام المفطرون وضربوا الأبنية :
الأبنية هي ما يجعله المسافر خباء ليتقي به حرارة الشمس وسقوا الركاب أي الإبل وما في معناها فقال رسول الله
_ ( ذهب المفطرون اليوم بالأجر ) أي حازوه اكثر من الصوام بقيامهم بخدمة الصوام



المعنى الإجمالي :

شرع الله الرخص في الأحكام التي يترتب عليها مشقة رحمة بعباده فمن أخذ بهذه الرخص حاز الفضيلة لأنه
أخذ بالأحكام الشرعية كل حكم في موضعه ولما كان أصحاب رسول الله _ يصاحبونه في السفر وشدة
رغبتهم في العبادة تحملهم على الصوم فيه وقد يؤدي بهم ذلك إلى المشقة فبين لهم النبي ﷺ. بأن
المفطرين الذين يقومون بخدمة الصوام يحوزون الأجر أكثر وهذا فيه الحث على الأخذ بالرخص .



فقه الحديث :

أولاً : تقدم في الحديث قبله أن الصوم في السفر له أحكام فإن كان شاقاً على صاحبه مشقة تمنعه عن
مزاولة أعماله بالكلية ولا تعرضه للخطورة فهو جائز مع الكراهة أما إن بلغت المشقة بالصائم في السفر إلى
حد الخطورة على نفسه فانه يجب عليه حينئذ أن يفطر وإلا فإنه يعد قد قتل نفسه ويبقى معنا فيما إذا كان
الصيام غير شاق على المسافر كالمسافر في الطائرة أو السيارة مع وجود المكيف فهذا يكون الحكم
فيه بالأفضلية هل الأفضل الصوم أو الفطر فإن كان يشق عليه التأخير أكثر من مشقة الصيام استوى الصوم
والفطر وإن كان لا يشق عليه التأخير كان الفطر أفضل أخذا بالرخص



ثانياً :يؤخذ من هذا الحديث أن خدمة النفس أفضل من العبادات التطوعية لقوله ذهب المفطرون اليوم بالأجر
لا سيما والخدمة في السفر لها قيمة عظيمة وقد كان بعض أصحاب رسول الله ﷺ وأظنه أبو أيوب
الأنصاري كان إذا صحب رفقة في السفر شرط عليهم أن يخدمهم وقد جاء في الحديث ( سيد القوم خادمهم )



ثالثاً :يؤخذ من هذا الحديث ما كان عليه أصحاب النبي ﷺ. من الفقر والحاجة والتقلل من الدنيا
وحب العبادة . وبالله التوفيق.



ملحوظة :

باعتبار أنّا قد تعرضنا لحكم الصوم في السفر وبينا أحكامه فانه يبقى معنا موضوع واحد وهو متى يجب
الفطر على الصائم في السفر ؟ والجواب يجب عليه الفطر في حالتين أما إحداهما فهي عند تعرضه
للخطورة كما قد مضى وأما الحالة الثانية فإنه يجب على من سافر للجهاد يجب عليه أن يفطر إذا دنا لقاء
العدو وقد صح عن النبي ﷺ كما في حديث جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِي اللَّه عَنْهمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ
خَرَجَ عَامَ الْفَتْحِ إِلَى مَكَّةَ فِي رَمَضَانَ فَصَامَ حَتَّى بَلَغَ كُرَاعَ الْغَمِيمِ فَصَامَ النَّاسُ ثُمَّ دَعَا بِقَدَحٍ مِنْ مَاءٍ فَرَفَعَهُ
حَتَّى نَظَرَ النَّاسُ إِلَيْهِ ثُمَّ شَرِبَ فَقِيلَ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ إِنَّ بَعْضَ النَّاسِ قَدْ صَامَ فَقَالَ أُولَئِكَ الْعُصَاةُ أُولَئِكَ الْعُصَاةُ )
فهذه هي الحالة الثانية.



--------



تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ]

[ المجلد الثالث ]


رابط تحميل الكتاب :

http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf








ام عادل السلفية 24-05-2015 09:34PM

بسم الله الرحمن الرحيم




تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام


للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -





[189] الحديث السادس:

عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان يكون علىّ الصوم من رمضان فما أستطيع أن أقضي إلا في شعبان .



موضوع الحديث :

قضاء الفائت من رمضان وأن وقته موسع



المفردات :

قولها يكون علىّ الصوم من رمضان : أي ديناً لما يفوت بعذر الحيض
قولها فما أستطيع : ما نافية
وأن وما دخلت عليه في تأويل مصدر مفعول لم أستطع أي فما أستطيع قضائه إلا في شعبان.

إلا : استثنائية


المعنى الإجمالي :

تخبر عائشة رضي الله عنها أنه يكون عليها الصوم أي قضائه فما تستطيع القضاء إلا في شعبان من أجل
اشتغالها بالنبي ﷺ.



فقه الحديث :

يؤخذ من هذا الحديث مسائل
أولاً : أن القضاء وقته موسع لأن النبي ﷺ كان يعلم تأخير عائشة فيقرها عليه وذلك دليل على أن القضاء
لا يتضايق وقته إلا إذا قرب رمضان



ثانياً :يؤخذ منه أن ما كان موسعاً قبل شعبان فانه يكون مضيقاً فيه وبالأخص إذا لم يبق من شعبان إلا قدر
عدة الفائت



ثالثاً :إذا أخر المكلف إلى أن يدخل رمضان آخر بدون عذر ومع وجود الاستطاعة فانه في هذه الحالة
يأثم وهل عليه إطعام إذا قضى بعد رمضان الثاني هذا محل خلاف بين أهل العلم فمنهم من أوجب الإطعام
أخذاً بفتاوى لبعض الصحابة في الموضوع ومنهم من قال لا يصح فيه شئ ولا يلزم المكلف شئ في ذلك .


قلت : أن التهاون والتفريط مع وجود الاستطاعة حتى يدخل رمضان آخر يكون موجباً فيما نظن ولعل الذين
أفتوا بالإطعام نظروا من هذا الناحية ليكون هذا الإطعام ساداً للنقص الذي حصل بالتأخير والله تعالى أعلم


رابعاً : يؤخذ من الحديث أن المرأة يجب عليها أن تستأذن زوجها في القضاء إذا كان وقته ما زال موسعاً نظراً
إلى أن عائشة كانت تؤخر الصوم من أجل الشغل برسول الله ﷺ وبالله التوفيق .




--------



تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ]

[ المجلد الثالث ]


رابط تحميل الكتاب :

http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf







ام عادل السلفية 25-05-2015 07:43PM

بسم الله الرحمن الرحيم





تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام


للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -




[190] الحديث السابع :

عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله ﷺ قال : (( من مات وعليه صيام صام عنه وليه )).

وأخرجه أبو داود وقال هذا في النذر وهو قول أحمد بن حنبل رحمه الله


موضوع الحديث :

النيابة في الصوم



المفردات :

من مات : من: من أدوات العموم .
قوله وعليه صيام :أي صيام واجب
صام عنه وليه: أي قضى عنه ثم ذكر مؤلف العمدة أنه أخرجه أبو داود وقال هذا في النذر
وهو قول أحمد بن حنبل



المعنى الإجمالي :

تخبر عائشة رضي الله عنها أن النبي ﷺ. أمر أن يصوم الولي عن الذي عليه شئ من رمضان أو
كفارة أو نذر لأنه يعمه الواجب



فقه الحديث :

يؤخذ من هذا الحديث أن من مات وعليه صوم واجب لزم وليه أن يصوم عنه قال الحافظ وإلى ذلك
ذهب أصحاب الحديث وعلق الشافعي القول في القديم على صحة الحديث كما نقله البيهقي عنه في
المعرفة وهو قول أبي ثور وجماعة من محدثي الشافعية وقال البيهقي في الخلافيات هذه المسالة ثابتة
ولا أعلم بين أهل الحديث خلافاً في صحتها فوجب العمل بها .



قلت : وإذا كان الحديث قد ثبت فليس هناك عذر لأحد من المسلمين عن الأخذ به وقد ذهب الجمهور
إلى أن الواجب الإطعام وعللوا ذلك بأن الصوم عبادة بدنية فلا تدخلها النيابة كالصلاة وذهب الإمام أحمد
بن حنبل إلى تخصيص الحديث بالنذر دون غيره وهو يوافق سائر الفقهاء في الإطعام عما فات من رمضان
إلا أن الحديث عام في هذه المسألة فيدخل فيه كل صوم واجب لإشعار كلمة عليه بالوجوب فيدخل
في ذلك الفائت من رمضان والكفارة والنذر وهذا القول هو الذي ينبغي الأخذ به فإن تعذر صوم الولي رُجِعَ إلى
الإطعام وللفقهاء في هذه المسالة كلام كثير وأخذ ورد والصحيح في نظري هو ما دونته هاهنا أما قول الفقهاء
بأن الصوم عبادة بدنية فلا تدخلها النيابة فهذا كان ينبغي أن يقال لو أن القائل لهذا القول هو من ليس
بمعصوم أما إذا كان قائل هذا هو المشرع فكيف نتجرأ أن نقول أن الصوم عبادة بدنية إلا أن يكون هذا سوء
أدب مع رسول الله ﷺ ولا شك أنه كذلك فليس لأحد مع قوله قول ولا مع سنته رأي . وبالله التوفيق



ملحوظة:

أولاً: الولي المذكور في الحديث هو الوارث على القول الأصح أي من يباشر الإرث من الميت لأنه هو
المقدم في الميراث فكذلك يقدم في الالتزام وأداء ما وجب على المورث فإن وجد ابن أو أخ والابن بالغ عاقل
ليس عنده ما يمنع من قيامه بالأداء أدى عن وليه وهكذا يقال عند تزاحم الأولياء يقدم المباشر للإرث
فإن كان المباشر للإرث جماعة وتشاحوا أقرع بينهم أو وزع الصوم عليهم إذا كان كثيراً فإن وزع عليهم الصوم
لزم أن يصوم كل واحد منهم تلو الآخر لأن القضاء يحكي الأداء أي كما أنه لا يمكن لو كان حياً أن يصوم
يومين فكذلك لا يمكن أن يصوم يعني في يوم عن الولي الهالك في يوم واحد اثنان فأكثر



ثانياً : الصوم الذي يجب قضاءه هو الذي يفوت بالمرض ثم يصح هذا المريض بعد رمضان فلا يقضيه حتى
يموت أما إن استمر به المرض في رمضان وبعد رمضان ولم يقلع عنه حتى مات ففي هذه الحالة لا يلزم
على الولي قضاء . وبالله التوفيق.




--------



تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ]

[ المجلد الثالث ]


رابط تحميل الكتاب :

http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf










ام عادل السلفية 27-05-2015 03:06AM

بسم الله الرحمن الرحيم




تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام



للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -




[191] الحديث الثامن:

عن عبدالله بن عباس رضي الله عنهما قال : جاء رجل إلى النبي ﷺ فقال : يا رسول الله إن أمي ماتت وعليها
صوم شهر أفأقضيه عنـها ؟ قال : لو كان على أمك دين أكنت قاضيه عنها ؟ قال : نعم قال: ((فدين الله
أحق أن يقضى )).


وفي رواية جاءت امرأة إلى رسول الله ﷺ فقالت : يا رسول الله إن أمي ماتت وعليها صوم نذر أفأصوم عنها ؟
فقال : (( أرأيت لو كان على أمك دين فقضيتيه أكان ذلك يؤدي عنها ))؟ فقالت : نعم قال : (( فصومي عن أمك )).



موضوع الحديث :

قضاء الصوم الواجب عن الميت



المفردات :

قوله إن أمي ماتت وعليها صوم شهر :الجملة في قوله وعليها صوم شهر حالية لأن الواو واو الحال فكأنه قال
والحال أنها عليها صوم شهر .

قوله أفأقضيه عنها الهمزة هنا للاستفهام الطلبي فقال النبي ﷺ لو كان على أمك دين أكنت قاضيه عنها
قال نعم قال فدين الله أحق أن يقضى وفي رواية المرأة أن الميتة عليها صوم نذر قالت إن أمي ماتت وعليها
صوم نذر أفاصوم عنها والاستفهام هنا كذلك طلبي فقال أرأيت لو كان على أمك دين أكنت قاضيته أو فقضيتيه
أكان ذلك يؤدي عنها فقالت نعم قال فصومي عن أمك .



المعنى الإجمالي

هو أن النبي ﷺ سئل من قبل رجل أو امرأة أن أم السائل ماتت وعليها صوم شهر وفي الرواية الأخرى
نذر فقال النبي ﷺ أرأيت لو كان على أمك دين فقضيتيه يؤدي ذلك عنها وكانت النتيجة أنه أمر السائل بقضاء
ما وجب على أمه قياساً لحق الله على حق الآدمي .



فقه الحديث :

يؤخذ من هذا الحديث
أولاً :أنه يجب على ولي الميت الذي مات وعليه صوم لله رب العالمين أنه يلزم الولي
قضاءه كما يلزمه قضاء الدين الذي وجب للمخلوقين .



ثانياً: اختلف أهل العلم في هذا هل يلزم الولي قضاء الصوم أو يلزمه الإطعام فذهب الجمهور إلى أنه لا يلزم
الولي القضاء ولكن يجب عليه أن يطعم عن كل يوم مسكيناً كما هو المعلوم في حق الشيخ الكبير والعجوز
الكبيرة اللذان لا يستطيعان الصوم أنه يطعم عنهما فكذلك يطعم عن الميت وذهب الإمام أحمد إلى تقييد ذلك
بالنذر وأنه يلزم الولي القضاء إذا كان الصوم نذراً ولا يلزمه إذا كان قضاء للفريضة أو كان كفارة أما الشافعي
فقد علق القول بالحديث على صحته ولما صح أخذ به أصحابه وقالوا أنه يلزم الولي قضاء كل صوم واجب
واستدل على ذلك بأن ترك الإستفصال في قضايا الأحوال مع وجود الاحتمال ينزل منزلة العموم في المقال وهذا
القول هو الصحيح في نظري لأن التقييد بالنذر لا يلزم منه منع غيره وكون النبي _ قد قال للسائل أرأيت لو
كان على أمك دين فقضيته أكان يؤدي عنها قال نعم قال فدين الله أحق أن يقضى ولم يستفصل هل كان ذلك
الصوم من رمضان أو كان نذراً أو كان كفارة فعدم استفصاله ﷺ عن نوعية الوجوب مع استدلاله بأن دين
المخلوقين إذا قضاه الولي يقضي وأن النتيجة أنه أمر السائل بالقضاء من غير أن يسأله عن نوعية الوجوب
فدل على أنه يلزم الولي قضاء كل صوم واجب لأن الشارع لم يستفصل هل كان نذراً أو غير نذر وهل كان ذلك
الواجب من رمضان أو كان كفارة وهذا معنى قوله في هذه القاعدة أن عدم الاستفصال في قضايا الأحوال
مع وجود الاحتمال ينزل منزلة العموم في المقال ومثل ذلك عدم استفصاله ﷺ للسائل الذي وقع على امرأته
في رمضان هل هي كانت مطاوعة أم لا إذ لو سأل لكان في ذلك دليل على أن الكفارة للصوم تلزم المرأة إذا
كانت مطاوعة أما كونه لم يسال هذا السؤال فانه يدل على التعميم في هذا الحكم وأن الكفارة واقعة عن الاثنين
لأن العملية لا تتم إلا بالاشتراك بينهما وكانت النتيجة أن ما كان كذلك من القضايا ينزل منه عدم الاستفصال
منزلة العموم ولهذا يتضح على أن قول الشافعي رحمه الله أو بالأحرى قول الشافعية وهو العمل بهذا الحديث
وأن من مات وعليه صيام يقضي عنه وليه سواء كان الصوم من رمضان أو كفارة أو نذر وبالله التوفيق.





--------



تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ]

[ المجلد الثالث ]


رابط تحميل الكتاب :

http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf







ام عادل السلفية 28-05-2015 01:57AM

بسم الله الرحمن الرحيم




تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام


للعلامة : احمد النجمي
-رحمه الله -




[192] الحديث التاسع :

عن سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ قال : (( لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر)) .



موضوع الحديث :

أفضلية تعجيل الفطر



المفردات :

لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر: الخيرية هنا متعلقة بتعجيل الفطر أي ما داموا متصفين بتعجيل الفطر


المعنى الإجمالي :

يخبر النبي ﷺ في هذا الحديث أن المحافظة على هذه السنة وهي تعجيل الفطر بعد تيقن الغروب هي السبب
في خيرية من فعل ذلك من هذه الأمة وهو تمسكهم بالسنة التي ترك النبي ﷺ عليها أمته وأمرهم
بالمحافظة عليها .



فقه الحديث :

أولاً : يؤخذ منه أفضلية تعجيل الفطر على تأخيره .

ثانياً :يؤخذ منه أن تأخير الفطر سواء كان التأخير إلى أن يظهر النجم أو إلى السحر أنه خلاف الأفضل إلا إذا
كان التأخير بنية المواصلة المأذون فيها .


ثالثاً :فيه رد على الشيعة في قولهم بأن الفطر ينبغي أن يؤخر إلى أن تظهر النجوم .

رابعاً :يؤخذ منه أن المواصلة إلى السحر التي قال فيها النبي ﷺ ( فمن كان منكم مواصلاً فليواصل
إلى السحر) أنها خلاف الأفضل وأن الأفضل للمسلم الفطر عند الغروب والتسحر في وقت السحر ليبقى
الإنسان محتفظاً بقوته الجسمية والعقلية لكي يؤدي دوره في هذه الحياة ويكون نشيطاً في أداء جميع
الوظائف المتعلقة به .





--------


التصفية والتربية

TarbiaTasfia@


تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ]

[ المجلد الثالث ]


رابط تحميل الكتاب :

http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf








ام عادل السلفية 28-05-2015 09:08PM

بسم الله الرحمن الرحيم





تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام


للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -





[193] الحديث العاشر :

عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : قال رسول ﷺ ((إذا أقبل الليل من هاهنا وأدبر النهار من هاهنا
[وغربت الشمس ] فقد أفطر الصائم )).



موضوع الحديث :

ما يكون الإنسان به مفطراً أو ما يجوز به الفطر



المفردات

إذا أقبل الليل من هاهنا :إذا حرف شرط غير جازم وجملة أقبل الليل من هاهنا فعل الشرط وأدبر النهار
معطوف عليه

قوله فقد أفطر الصائم أي قد حل له الفطر بدخول وقته أو قد أفطر حكماً وان لم يفطر شرعاً وهو
جواب الشرط .



المعنى الإجمالي

علق النبي ﷺ فطر الصائم على إقبال الليل وإدبار النهار وذلك يكون بمغيب الشمس أما لو وقعت الظلمة
لسبب يندر وقوعه فإنه لا يكون مفطراً بذلك



فقه الحديث :

أخذ من هذا الحديث أن الفطر للصائم يكون بإقبال الليل وإدبار النهار وغروب الشمس وذلك موافق لقوله تعالى
(.. ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ .. ) [البقرة : 187 ] وعلى هذا فإن رواية وغربت الشمس تكون مقيدة للإقبال
والإدبار بالغروب


فلو حصل ما يشبه الليل من الظلمة بتراكم سحاب أو وجود ريح أو ما أشبه ذلك ففي هذه
الحالة لا ينبغي للصائم الإفطار إلا بعد أن يتيقن الغروب وفي وقتنا الحاضر فقد منّ الله على الناس بالساعات
التي تضبط الوقت ويعرف بها حقيقة الأوقات وقد ذهب قوم إلى أن قوله وقد أفطر الصائم أنه يفطر حكماً ولو
لم يفطر فعلاً إلا أن هذا القول يضعف بأن النبي _ واصل ونهى عن الوصال فلما أبى أصحابه إلا أن يواصلوا
واصل بهم يومين كالمنكل بهم ثم رأوا الهلال فلو كان من غربت عليه الشمس أفطر حكماً لما كان للوصال معنى


ومن هذا يتبين ضعف هذا القول لذلك فقد ذهب الجمهور إلى أن الفطر لا يكون إلا بالفعل ومثل ذلك
قول ابن عباس (أن من طاف بالبيت فقد حل) يعني أن من كان قارناً أو مفرداً وطاف بالبيت وسعى بين الصفا
والمروة فإنه يعتبر قد حل من إحرامه وإن لم يحل فعلاً وهذا خلاف ما جرى عليه الجمهور الذين يعتبرون الحل
بالحلق والتقصير بعد كمال الطواف والسعي فهذه المسألة شبيه بتلك ومذهب الجمهور في المسألتين هو الصحيح
إن شاء الله


لأن النبي ﷺ أمر من طاف وسعى ولم يسق الهدي بالتحلل فلو كان مجرد الطواف والسعي
لمن لم يسق الهدي حلاً لأخبرهم به النبي ﷺ وقد اتضح ضعف قول من قال أن غروب الشمس يكون
مُفَطِّراً للصائم ولو لم يفطر وبالله التوفيق




--------



تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ]

[ المجلد الثالث ]


رابط تحميل الكتاب :

http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf








ام عادل السلفية 30-05-2015 06:09PM

بسم الله الرحمن الرحيم




تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام


للعلامة : احمد النجمي
-رحمه الله -






[194] الحديث الحادي عشر:


عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال : نهى رسول الله ﷺ عن الوصال قالوا : إنك تواصل ؟ قال :
(( إني لست كهيئتكم إني أطعم وأسقى)).

ورواه أبو هريرة وعائشة وانس بن مالك .
ولمسلم عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه (( فأيكم أراد أن يواصل فليواصل إلى السحر )).

موضوع الحديث :

النهي عن الوصال



المفردات :

الوصال لغة : مأخوذ من الوصل وهو الوصل بين شيئين ولما كان الصوم مشروعاً بالنهار فإذا صام الليل
الذي يفصل بين اليومين مع صيام اليوم الثاني فقد واصل الصيام



قوله قالوا إنك تواصل : أي قال الصحابة لما نهاهم النبي ﷺ عن الوصال قالوا إنك تواصل قال إني لست
كهيئتكم إني أطعم وأسقى فاخبر النبي ﷺ. بالعلة الفارقة بينه وبينهم .



قوله فأيكم أراد أن يواصل فليواصل إلى السحر : هذا أمر من الشارع ﷺ أي إذا أراد أحد منكم الوصال
فله أن يواصل إلى السحر ولا يكون في ذلك عاصياً ولا داخلا في النهي .



المعنى الإجمالي :

نهى النبي ﷺ أصحابه عن الوصال رحمة بهم وإشفاقاً عليهم ولكن الصحابة لمحبتهم للفضل وحرصهم
على ما يقرب من الله رغبوا في الوصال تأسياً بالنبي ﷺ في كونه يواصل وقالوا إنك تواصل فأخبرهم بأنه له
مطعم يطعمه وساق يسقيه بما يعوضه عن الطعام والشراب ولكن من أراد منكم الوصال فله أن يواصل إلى السحر



فقه الحديث

يؤخذ من هذا النهي كراهة الوصال وقد اختلف أهل العلم في ذلك فنقل عن بعضهم التحريم ونقل عن بعضهم
الكراهة وفرق بعض أهل العلم بين من شق عليه ومن لم يشق عليه فجعلوه مع المشقة حراماً ومع عدم المشقة
مكروهاً ولعل هذا هو الأقرب ولما كان العبد مكلفاً بأوامر ونواهي يجب عليه أن يؤديها فإن الوصال يترتب عليه
ضعف الجسم عن أداء هذه الواجبات بل أن مواصلة الصوم يترتب عليه هذا الضعف الشديد الذي يمنعه أداء تلك
الواجبات أو الإخلال بها فلذلك كره .



ومما يدل على ذلك أن النبي ﷺ لما بلغه عن عبدالله بن عمرو أنه يقوم الليل ويصوم النهار ذهب إليه وسأله
عن صحة ما بلغه فقال نعم فقال له النبي ﷺ لا تفعل إنك إذا فعلت نفهت النفس وهجمت العين وإن
لزوجك عليك حقاً ولزورك عليك حقاً ولنفسك عليك حقاً فأعط كل ذي حق حقه ) ومعلوم أن الوصال أشد
من مواصلة الصوم مع الإفطار في الليل والأكل والشرب فيه وعلى هذا فإن نهي النبي ﷺ عن الوصال نهي
لهم عما يشق عليهم ويعنتهم فأداء الحقوق الزوجية وأداء الحقوق الأسرية وأداء الحقوق التي تلزم بالجوار وغيرها
كلها مترتبة على اكتمال القوة الجسمية والعقلية معاً فإذا أجهد الإنسان نفسه في جانب وكانت قوته محدودة
أخل بالجوانب الأخرى فكان الشارع حكيماً في نهيه وليس ببعيد عنا ما حصل لأبي الأسلت أو أبي أنس قيس بن
أبي صرمة حين كان من نام بعد المغرب حرم عليه الطعام وأنه لما رجع من مزرعته قال لامرأته هل عندك من
طعام قالت ألتمس فذهبت تعد له الطعام ورجعت وإذا به قد نام فقالت لك الخيبة حرم عليك فواصل صومه وفي
اليوم الثاني عند انتصاف النهار واشتداد الحر أغمي عليه وإذا كان الأمر كذلك فإن رحمة الله بنا خير مما
نريده لأنفسنا فإذا صام الإنسان إلى المغرب فإذا غربت الشمس أفطر فأكل وشرب أخذ قوته بتغذية جسمه
ثم أعاد الأكل والشرب عند السحر وحينئذ يكون قد تقوى بأخذ الزاد في هذه المحطات ويكون العبد قد أتى بهذه
العبادة وأدّى الواجبات الأخرى من غير إخلال بها ولا نقص فيها أما ما يروى عن عبدالله بن الزبير والإمام أحمد بن حنبل
أنهم واصلوا سبعة أيام أو ثمانية أو أكثر فهذه حالات نادرة بالنسبة لأناس قد يكون أن أجسامهم تتحمل ذلك


وأما الأنبياء فشأنهم في ذلك غير شأننا لأن لهم قوة على العبادة أكثر منا وأن الله يعينهم بما أعطاهم من كمال القوى
الجسمية والعقلية وعلى ذلك يحمل قوله إني أبيت عند ربي لي طاعم يطعمني وساق يسقيني فلو كان الطعام طعاما
عادياً أو شراباً عادياً لما كان للوصال معنى ولهذا قال النبي ﷺ (إني لست كهيئتكم إني أطعم وأسقى)
وفي رواية ( أبيت يطعمني ربي ويسقيني)ويذكر عن موسى عليه السلام أنه صام شهراً فلما قرب الميعاد تناول شيئاً
من حشائش الأرض حتى لا يناجي ربه ورائحة فمه كريهة فأمره ربه أن يعود وأن يواصل عشرة أيام ثم يأتي وقال
يا موسى أما تعلم أن رائحة فم الصائم عندي أطيب من المسك ، وإن كانت القصة اسرائيلية إلا أن الآية ربما تدل
عليها حيث يقول تعالى (وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً) [الأعراف : 142 ]


فهل يستطيع أحد من البشر أن يصوم ثلاثين يوماً مواصلة إلا أن يجعل الله فيه ما يعينه على ذلك بإعطائه قوة جسمية
وعقليه وإلى هذا أشار بقوله ﷺ إني أطعم وأسقى والذي يتلخص لنا من هذا أن الوصال مكروه وتزيد
الكراهة شدة في حق من لا يحتمل الوصال أو كان يشق عليه أكثر وأن الوصال إلى السحر جائز من غير
كراهة وإنما قلنا هذا مع وجود النهي لأن النبي _ واصل بأصحابه يومين بعد النهي فكان فعله صارفاً للنهي
من التحريم إلى الكراهة .

وبالله التوفيق .





--------


التصفية والتربية

TarbiaTasfia@


تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ]

[ المجلد الثالث ]


رابط تحميل الكتاب :

http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf










ام عادل السلفية 30-05-2015 06:22PM

بسم الله الرحمن الرحيم




تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام


للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -





باب أفضــل الصيـام وغيره



[195] الحديث الأول :

عن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: أخبر رسول الله ﷺ أني أقول :والله لأصومن النهار
ولأقومن الليل ما عشت فقال رسول الله ﷺ : (( أنت الذي قلت ذلك ؟ )) فقلت له: قد قلته بأبي أنت وأمي
قال : (( فانك لا تستطيع ذلك فصم وأفطر وقم ونم وصم من الشهر ثلاثة أيام فإن الحسنة بعشر أمثالها وذلك
مثل صيام الدهر)) قلت : إني لأطيق أفضل من

ذلك قال : (( فصم يوماً وأفطر يومين )) قلت : أطيق أفضل من ذلك قال : ((فصم يوماً وأفطر يوماً فذلك
مثل صيام داود وهو أفضل الصيام)) فقلت: إني أطيق أفضل من ذلك قال : ((لا أفضل من ذلك )).

وفي رواية قال : ((لا صوم فوق صوم أخي داود - شطر الدهر - صم يوماً وأفطر يوماً))


موضوع الحديث :

أفضل الصيام وهل الأفضل هو كثرة العمل أو إصابة السنة



المفردات :

قوله أخبر رسول الله صلى أني أقول ...الخ المخبر لرسول الله صلى هو أبو عبدالله وهو عمرو بن العاص رضي الله عنهما .
قوله والله لأصومن النهار ولأقومن الليل هذا قسم يؤكد به على نفسه صيام النهار وقيام الليل ما عاش فهذا يكون كالنذر .
قوله أنت الذي قلت ذلك : هذا خطاب من رسول الله صلى لعبدالله بن عمرو .
قوله قد قلته : هذا إعتراف من عبدالله بن عمرو بما بلغ النبي صلى .
قوله بأبي أنت وأمي : أي أفديك بأبي وأمي
قوله فانك لا تستطيع ذلك : أي لا تستطيع الوفاء به .
فصم وأفطر : الفاء لعلها تعليلية أي فمن أجل عدم الاستطاعة على ما ألتزمت به صم وأفطر
قوله فإن الحسنة بعشر أمثالها : الفاء هنا تعليلية وذلك مثل صيام الدهر أي بدون تضعيف قلت فإني أطيق أفضل
من ذلك أي أتحمله وأقدر عليه .

قوله وهو أفضل الصيام : يدل على تفضيله على غيره
فقلت إني أطيق أفضل من ذلك : قال لا أفضل من ذلك نفي للأفضلية وأكده بقوله لا صوم فوق صوم أخي داود أي
لا صوم أفضل .


المعنى الإجمالي :

أخبر النبي ﷺ بأن عبدالله بن عمرو ألزم نفسه بقيام الليل وصيام النهار ما عاش فذهب إليه وقبل أن ينهاه قرره
بما قال فأقر وبعد أن أقر وجهه إلى ما هو أفضل لأنه إنما فعل ذلك طلباً للأفضل .


فقه الحديث :

المسالة الأولى : يؤخذ من هذا الحديث النهي عن صيام الدهر وقد اختلف فيه أهل العلم فمنعته الظاهرية أي
قالت بتحريمه للأحاديث الواردة في ذلك كقوله ﷺ ( لا صام من صام الأبد ) أو (من صام الأبد فلا صام
ولا أفطر) وقال بجوازه مالك والشافعي والمسألة فيها خلاف وأخذ ورد بين الفريقين وكل يحتج على قوله بحجج
ربما كانت مقنعة في نظره والذي ظهر لي : بعد قراءة أقوالهم وأدلتهم أن صوم الدهر منهي عنه وما نهى عنه متردد
بين الكراهة والتحريم فقول النبي ﷺ لما سئل عن صيام الدهر قال لا صام ولا أفطر أو ما صام ولا أفطر
وقول النبي ﷺ لعبدالله بن عمرو لما حصلت بينهما المراجعة والمحاورة إلى صيام يوم وإفطار يوم فقال عبدالله
بن عمرو وأطيق أفضل من ذلك فقال له النبي ﷺ لا أفضل من ذلك ومن هنا يقال هل الأفضلية معتبرة بكثرة
الصوم أو معتبرة بإصابة الحق ومتابعة الشارع ﷺ الذي وصفه الله بقـوله تعـالى(لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنفُسِكُمْ
عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ) [التوبة : 128] والحق أن الأفضلية هي في متابعة النبي
ﷺ ليست بكثرة العمل ولا شك أن الشارع حكيم في إيراده وإصداره وأمره ونهيه وأن الخير هو فيما أمر به
ودل عليه وإن التشديد على النفس في فضائل العبادات منهي عنه في الشرع ففي الحديث ( المنبت لا سيراً قطع
ولا ظهراً أبقى) ‏


ولما جاء النبي ﷺ إلى بيت عائشة ووجد عندها امرأة فقال من هذه قالت فلانه تذكر من صلاتها قال
( مه عليكم بما تطيقون فوالله لا يمل الله حتى تملوا …) وبهذا يتبين أن الأفضلية ليست في كثرة العمل
ولكن في إصابة السنة والله تعالى أعلم وقد تبين من ما ذكرت أن الشارع حكيم في النهي عن صوم الدهر وأن
من صام الدهر استفرغ قوته في جانب واحد وأخل بالجوانب الأخرى وقد قال النبي ﷺ لعبدالله بن عمرو
( فإنك لا تستطيع ذلك ...) وذلك أن من قام الليل وصام النهار لا بد له من سهر الليل كله ويحتاج إلى جزء
كبير من النهار ينام فيه وبذلك ستتعطل مصالح الشخص والله قد جعل النهار للمعاش والليل للراحة فإن فعل ذلك
شخص تتوفر له الراحة بسبب الغنى فانه لا يستطيع الآخرون على فعله وأحب الدين إلى الله أيسره وأفضل العمل
ما دوم عليه وإن قل . ثم إن هذا الغنى المخدوم لو أراد أن يفعل ذلك فانه سيخل بالسنن فيجعل الليل يقظة
والنهار نوماً وانقطاعاً . وستأتي عليه أزمنة يحتاج فيها إلى الشغل في النهار ولو كان جهاداً في سبيل الله فقول
النبي ﷺ ( فإنك لا تستطيع ذلك) إخبار عن المشقة الحاصلة على من فعل ذلك مشقة ليست بهينة ودين الله
الذي أوحاه إلى رسله هو ما جمع فيه العبد بين عبادة ربه وحظوظ نفسه وذلك يحصل بثلاثة أيام من الشهر وقيام
جزء من الليل وقد أنكر النبي ﷺ على الرهط الذين قال بعضهم إني أصوم فلا أفطر وقال بعضهم إني أصلي
فلا أنام وقال بعضهم إني لا أتزوج النساء أو لا أنام على فراش أو لا آكل اللحم فلما بلغه ﷺ قام في أصحابه
خطيباً فقال ما بال أقوام يتنزهون عن العمل أعمله فوالله إني لأتقاكم لله وأخشاكم له وإني لأصلي وأنام وأصوم
وأفطر وأتزوج النساء وفي رواية وأنام على الفراش وفي رواية وآكل اللحم ومن رغب عن سنتي فليس مني وبهذا يتبين
على أن الأفضلية هي بمتابعة هديه ﷺ. والتأسي بسنته وليست بكثرة العمل هذا هو القول الفصل فيما أرى
في هذه المسالة التي اختلفت فيها أنظار العلماء وكثر فيها الأخذ والرد وأرجو أن ذلك هو الصواب لما يحتف به
من الأدلة وبالله التوفيق




المسألة الثانية : قال ابن دقيق العيد كره جماعة قيام كل الليل لرد النبي ﷺ. ذلك على من أراده وأقول
إن النبي ﷺ رد ذلك على عبدالله بن عمرو في هذا الحديث وما في معناه وأيضاً إن رده على الرهط الذين قال
أحدهم إنه يصلي فلا ينام وقال بعضهم أنه يصوم فلا يفطر ..الحديث فقام النبي ﷺ خطيباً فحمد الله وأثنى
عليه فقال (ما بال أقوام قالوا كذا وكذا لكني أصلي وأنام وأصوم وأفطر وأتزوج النساء فمن رغب عن سنتي فليس مني) .


وفي حديث عائشـة قــالت ( دخل علىّ النبي ﷺ وعندي امرأة فقال من هذه قلت فلانه وسميت في بعض
الروايات الحولاء بنت تويت تذكر من صلاتها فقال النبي ﷺ مه عليـكـم بما تطيقون فوالله لا يمل الله حتى تملوا )


وفي قصة سلمان مع أبي الدرداء إلى غير ذلك كل هذا يدل على أن التشديد على النفس زيادة على اللازم أنه لا
ينبغي للمسلم وكما تقدم أن العبد مطالب بواجبات أخرى فلنفسه عليه حق الراحة ولعياله عليه حق طلب الرزق
ولزوجته عليه حق المعاشرة ولزواره عليه حق الانبساط والجلوس معهم وكل هذه الحقوق لا يستطيع الإنسان على
أدائها إذا أخذ نفسه في العبادة بالشدة المتناهية التي تقطعه عما يجب عليه ولهذا قال النبي ﷺ لعبدالله بن
عمرو( إنك إذا فعلت ذلك نفهت النفس وهجمـت العين ) وإن الله سبحانه وتعالى عاب الرهبانية على أهل الكتاب
فلا ينبغي للمسلمين أن يكونوا كذلك وقد تبين أن أخذ الإنسان نفسه بشيء من الجد حيث يجمع بين قيام جزء
من الليل لا يمنعه عن الوظائف الأخرى وبين أداء ما يجب عليه هذا هو الحق إن شاء الله وبالله التوفيق.



المسألة الثالثة :قوله إنك لا تستطيع ذلك يطلق عدم الاستطاعة بالنسبة إلى الشاق على الفاعل في قوله وعليها
ذكر الاحتمال في قوله ( وَلاَ تُحَمِّلْنَا مَا لاَ طَاقَةَ لَنَا بِهِ ) [البقرة : 83] فحمله بعضهم على المستحيل حتى أخذ
منه جواز تكليف المحال وحمله بعضهم على ما يشق وهو الأقرب أهـ .


قلت : إن نفي الاستطاعة هنا إما أن يقصد به المحال الذي لا يتصور وقوعه كتكليف الإنسان بأن يطير في
الهواء بدون آلة تحمله والأمر الثاني التكليف بما يشق فأما التكليف بالمحال مطلقاً فالظاهر أنه لا يجوز في
الشرع لأن الله أرحم بعباده من أن يكلفهم بالمحال وأما الثاني فإن الله عز وجل قد استجاب لأصحاب نبيه لما
حصل منهم من الإيمان فأنزل الرحمـة في قوله ( لاَ يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلا وُسْعَهَا) [البقرة :



قوله ( لاَ يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلا وُسْعَهَا) [البقرة : 83 ]ومن هنا يتبين أن الله عز وجل رحم أمة محمد ﷺ
فلم يكلفهم بما يشق عليهم مشقة تؤثر في حياتهم فمثلاً التكليف بما فيه مشقة أو عدم استطاعة تارة تكون
عدم الاستطاعة ذاتية كتكليف المريض أن يصلي قائماً وتارة تكون عدم الاستطاعة مالية فلم يكلف الله الفقير
بالحج عند العجز عن أدائه لعدم وجود المال الذي يستطيع به الأداء وتارة تكون عدم الاستطاعة لوجود المعارض
الذي تحصل به المشقة الكبيرة على العبد وهذا أي ما هو مقصود هنا وهو قيام الليل كله منع لوجود المشقة
فيه وعدم الاستطاعة عليه باعتبار أن الله سبحانه وتعالى جعل الناس مختلفين فهذا يحتاج إلى كسب وهذا يحتاج
إلى النوم في الليل ليتقوى به فمن أجل ذلك أنكر النبي ﷺ على من كلف نفسه بهذه المشقة التي قد
عوفي منها ويكفي فيها قيام جزء من الليل ولو قليلاً وصيام جزء من الزمن وليس هناك أفضل مما أرشد إليه
بصيام ثلاثة أيام وقيام ما لا يمنع العبد عن متطلباته الأخرى وبالله التوفيق



المسألة الرابعة:يؤخذ منه استحباب صيام ثلاثة أيام من كل شهر .

المسألة الخامسة :في قوله إن الحسنة بعشر أمثالها وذلك مثل صيام الدهر هذا متأول على التضعيف وهو تضعيف
الحسنة بعشر أمثالها وهو أن التضعيف في حق أمة محمد ﷺ فيحصل للإنسان ثواب صيام الدهر من
دون أن يكلف نفسه بما يشق عليها



المسالة السادسة :أن من ترك رخصة النبي ﷺ فلا بد أن يندم فهذا عبدالله بن عمرو مع إصراره على الإكثار
من الصلاة والصيام وعدم قبوله للرخصة التي عرضها له النبي ﷺ فإنه قد ندم على ذلك حين كبرت سنه
وضعف جسمه فينبغي للمسلم أن يقبل رخصة الله عز وجل التي جعلها لعباده
وبالله التوفيق





--------



تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ]

[ المجلد الثالث ]


رابط تحميل الكتاب :

http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf








ام عادل السلفية 01-06-2015 12:25AM

بسم الله الرحمن الرحيم




تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام


للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -





[196] الحديث الثاني :

عن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال : قال رسول الله _ : ((إن أحب الصيام إلى الله صيام داود
وأحب الصلاة إلى الله صلاة داود كان ينام نصف الليل ويقوم ثلثه وينام سدسه وكان يصوم يوماً ويفطر يوما )).



موضوع الحديث :

أفضلية الصيام



المفردات

إن أحب الصيام إلى الله صيام داود :جملة إن أحب الصيام إلى الله جملة خبرية مؤكدة بإن وخبرها صيام داود
وهو خبر إن وأحب الصلاة إلى الله صلاة داود كذلك جملة خبرية مؤكدة بإن لأنها معطوفة على التي قبلها .


قوله كان يقوم نصف الليل هل المراد به نصف الليل كله أو ما بعد العشاء لأن ما قبل العشاء لا يعد محلاً للقيام
فلا يحسب منه وإذا كان الأمر كذلك فإن الإعتبار في النصف والثلث والسدس إنما هو لما كان بعد العشاء

قوله وكان يصوم يوما ويفطر يوما بمعنى أنه يصوم نصف الدهر


المعنى الإجمالي

أخبر النبي ﷺ في هذا الحديث عن أحب الصيام إلى الله وأحب القيام إليه فجعل أحب الصيام إلى الله صيام
يوم وإفطار يوم وأحب القيام إلى الله قيام ثلث الليل بعد نوم نصفه ونوم سدسه بعد قيامه .



فقه الحديث :

أولاً: يؤخذ من هذا الحديث أن أحب الصيام إلى الله صيام داود وهو صيام نصف الدهر بأن يصوم يوماً ويفطر يوماً .


ثانياً : وأخبر النبي ﷺ أن أفضل القيام قيام ثلث الليل وهو أن ينام نصفه ويقوم ثلثه وينام سدسه .


ثالثاً : أن الأفضلية معتبرة بخبر الشارع لا بكثرة العمل على الأصح إذ أن الفضيلة حكم شرعي لا طريق
إلى الوصول إليه بالعقل أما كثرة العمل مع مخالفة السنة فهي لا تعد فضيلة على الأصح والله سبحانه وتعالى قد
أخبر عن قوم أنهم يتعبون أنفسهم في العمل ومع ذلك يكونون يوم القيامة من أهل النار قال تعالى (هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ
الْغَاشِيَةِ _ وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ _ عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ _ تَصْلَى نَارًا حَامِيَةً _ تُسْقَى مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ ) [الغاشية : 1-5 ]


فإن قيل إن هذه الآيات نزلت في أقوام يعملون على غير شرع قلنا إن من يريد أن يصل إلى معرفة الفضيلة بعقله له
من هذه الآيات نصيب إذ أنه قد حصل منه شئ من الخطأ وعلى هذا فإن الواجب علينا أن نسلم الأفضلية للشرع
سواء كانت هذه الأفضلية في الكمية أو الكيفية هذا ما يظهر لي من هذا النص والله تعالى أعلم وقد أشار
إلى ذلك ابن دقيق العيد في قوله والكلام فيه كالكلام في الصوم من تفويض مقادير المصالح والمفاسد إلى
صاحب الشرع قال الصنعاني بعد نقله أقول هذا حسن جداً فإنه إذا نص الشارع على أفضلية شيء فليس
لنا أن نعارضه بالرأي بأن في غيره مصلحة أو أنه أكثر أجراً لزيادة المشقة أهـ .



رابعاً : يؤخذ من كونه ينام سدس الليل الأخير أنه يكون أبعد عن الرياء وأنشط للعبد حتى يستقبل صلاة الفجر
والأذكار بعدها بنشاط قلت : وهذا استنباط حسن والله أعلم




--------


تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ]

[ المجلد الثالث ]


رابط تحميل الكتاب :

http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf








ام عادل السلفية 03-06-2015 01:32AM

بسم الله الرحمن الرحيم





تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام


للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -





[197] الحديث الثالث:

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : أوصاني خليلي ﷺ بثلاث :صيام ثلاثة أيام من كل شهر وركعتي الضحى وأن
أوتر قبل أن أنام



موضوع الحديث:

أفضلية صيام ثلاثة أيام من كل شهر .



المفردات :

أوصاني : الوصية هي كلام جميل يحث به الموصي من أوصاه على شيء ما والوصية مأخوذة من الوصي وهو
الوصل إذ أن الموصي وصل حياته بموته لأنه أمر الموصى إليه بأن يعمل بتلك الوصية بعد الموت فهو من وصيت
الحبل بمعنى وصلته لأنه أراد بهذه الوصية وصل حياته بموته

قوله خليلي : أوضح صاحب الحاشية أن الخلة المرادة هنا من جانب واحد لأن النبي ﷺ قد تنصل من
كل خلة للمخلوقين لتكون خلته خالصة لربه فقال (لو كنت متخذا من أمتي خليلاً لاتخذت أبا بكر خليلاً ولكن
أخي وصاحبي) .



قوله صيام ثلاثة أيام من كل شهر : هذا حث على أقل ما يمكن ومثله ركعتي الضحى والوتر قبل النوم


المعنى الإجمالي :

أخبر أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي ﷺ أوصاه بثلاث خصال وهي صيام ثلاثة أيام من كل شهر وركعتي الضحى
والوتر قبل النوم .



فقه الحديث :

أولاً : يؤخذ من هذا الحديث مشروعية صيام ثلاثة أيام من كل شهر وهو مخير بين أن يجعلها في الأيام البيض وبين
أن يصوم الثلاثة الأيام أحياناً مبتدأً بالأربعاء ثم الخميس ثم الجمعة أو مبتدأً بالأحد ثم الاثنين ثم الثلاثاء والكل
قد ورد وبين أن يصومها على حسب ما يتهيأ له كل ذلك جائز .



ثانياً: قوله وركعتي الضحى الخلاف في مشروعية سبحة الضحى كثير فاخرج البخاري عن عائشة رضي الله عنها
أن النبي ﷺ ما كان يسبح الضحى قالت وإني لأسبحها فنفي عائشة رضي الله عنها هذا قد يدل على عدم
الاستحباب ، وأمر النبي ﷺ بها في هذا الحديث يدل على الشرعية أما نفي عائشة رضي الله عنها فيمكن أن
يحمل على أن النبي ﷺ ما كان يسبحها في البيت بل كان يخرج إلى أصحابه في المسجد فيسبحها فيه
وعائشة لا تعلم وبهذا تجتمع الأدلة ومما يدل على مشروعيتها قوله ﷺ في الحديث ( صلاة الأوابين حين ترمض الفصال ) .



أما كم تشرع فالأقل ركعتين كما في هذا الحديث وأكثرها ثمان استدلالاً بصلاة النبي ﷺ حين قدم مكة
ونزل في بيت أم هانئ فصلى ثمان ركعات ومن قال أكثرها اثنتي عشر ركعة فقد اعتمد على أحاديث ضعيفة .



ثالثاً : يؤخذ من قوله وأن أوتر قبل أن أنام استحباب الوتر قبل النوم ولكنه محمول على حالة خاصة وهو أن
يكون العبد ممن لا يستطيع القيام آخر الليل فالمستحب له أن يوتر قبل النوم أما إن كان ممن يثق من نفسه بالقيام
فالأفضل له التأخير لأن الله سبحانه وتعالى قد أثنى على الذين يقومون الليل في آيات كثيرة كما في قوله تعالى
(تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنْ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُون ) [السجدة : 16 ] وكما
في قوله تعالى ( كَانُوا قَلِيلاً مِنْ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ ) [الذاريات : 17] إلى غير ذلك وبالله التوفيق .



--------


تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ]

[ المجلد الثالث ]


رابط تحميل الكتاب :

http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf










ام عادل السلفية 03-06-2015 01:39AM

بسم الله الرحمن الرحيم




تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام


للعلامة : احمد النجمي
-رحمه الله -




[198] الحديث الرابع :

عن محمد بن عباد بن جعفر قال : سألت جابر بن عبدالله أنهى النبي ﷺ عن صوم يوم الجمعة ؟ قال : نعم .

وزاد مسلم : ورب الكعبة .


موضوع الحديث:

النهي عن صوم يوم الجمعة



المفردات :

قوله أنهى النبي ﷺ : هذا استفهام طلبي عن صوم يوم الجمعة قال نعم أي نهى عن صومه وزاد مسلم ورب
الكعبة وهذا اليمين تأكيد أكد به ما سئل عنه



المعنى الإجمالي :

لما كان يوم الجمعة يوم عيد للمسلمين نهى الشارع عن تخصيصه بصيام أو قيام إلا أن يصوم يوماً معه قبله أو بعده .


فقه الحديث :

أولاً: يؤخذ منه كراهة تخصيص يوم الجمعة بصيام وجواز صومه إذا صام معه يوماً قبله أو بعده .


ثانياً : ليس هناك ما يدعو إلى البحث عن علة النهي فيما أرى بل يجب على المكلف الامتثال وقبول ما جاء به
الشارع بدون بحث عن العلل لأنّا نؤمن أن الشارع مبلغ عن الله عز وجل وإذا علمنا أن هذه الأوامر والنواهي هي
من الله إبتداء ومن رسوله تبليغاً وأداءً فإن الواجب علينا امتثال ما ورد سواء عرفنا علة ذلك أو لم نعرفها فما
على المكلف إلا الامتثال والإيمان بأن الشارع لا ينهى إلا عن ما فيه شر ولا يأمر إلا بما فيه خير للمكلفين
وكفى بذلك إيماناً ووقوفاً مع النصوص .



ثالثاً :ذهب الجمهور إلى كراهة تخصيص يوم الجمعة بالصيام وليلة الجمعة بالقيام وإن اختلفوا في العلة وممن
حكي عنه هذا المذهب من الصحابة علي بن أبي طالب وأبو هريرة وسلمان الفارسي وأبو ذر رضي الله عنهم أجمعين .

قال الصنعاني في العدة بعد نقل كلام ابن المنذر ولا مخالف لهم من الصحابة وذهب الجمهور إلى أن النهي
للتنزيه وعن مالك وأبي حنيفة أنه لا يكره صومه ولعل هذين الإمامين لم يبلغهما النص في النهي عن ذلك
أو بلغهما وكانا متأولين إلا أننا نقطع ببطلان ما ذهبا إليه لمخالفته للنصوص والله تعالى أعلم .



رابعاً :إذا وافق يوم الجمعة يوماً ندب الشارع إلى صومه كيوم عرفة ويوم عاشوراء فإنه حينئذٍ يكون صومه
جائزاً بلا كراهة بل مستحباً لأنه إذا صامه المكلف لسبب من هذه الأسباب انتفى التخصيص الذي هو منهي
عنه وبانتفائه تنتفي الكراهة سواءً قلنا هي كراهة تحريم أو تنزيه والله تعالى أعلم .



--------


تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ]

[ المجلد الثالث ]


رابط تحميل الكتاب :

http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf










ام عادل السلفية 04-06-2015 12:40AM

بسم الله الرحمن الرحيم




تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام


للعلامة : احمد النجمي
-رحمه الله -





[199] الحديث الخامس :

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال :سمعت رسول الله ﷺ يقول : لا يصومن أحدكم يوم الجمعة إلا
أن يصوم يوماً قبله أو يوماً بعده .



موضوع الحديث :

النهي عن تخصيص الجمعة بصيام .



المفردات :

لا يصومن : لا ناهية ويصومن فعل النهي في محل جزم مبني على الفتح لاتصاله بنون التوكيد الثقيلة وأحدكم
فاعل يصومن ويوم الجمعة مفعول .

إلا أن يصوم يوماً قبله أو يوماً بعده : الاستثناء هنا هو استثناء من النهي وبه يتخصص النهي بما إذا أفرد يوم
الجمعة وقد تقدم الكلام على معنى هذا الحديث في الحديث السابق قبله وبالله التوفيق




--------


تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ]

[ المجلد الثالث ]


رابط تحميل الكتاب :

http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf










ام عادل السلفية 05-06-2015 12:51AM

بسم الله الرحمن الرحيم




تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام


للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -






[200] الحديث السادس :

عن أبي عبيد مولى ابن أزهر - واسمه سعد بن عبيد- قال : شهدت العيد مع عمر بن الخطاب رضي الله
عنه فقال : هذان يومان نهى رسول الله ﷺ عن صيامهما : يوم فطركم من صيامكم واليوم الآخر : تأكلون
من نسككم .



موضوع الحديث:

النهي عن صيام يومي العيدين عيد الفطر وعيد الأضحى



المفردات :

شهدت العيد مع عمر بن الخطاب : أي حضرت والقائل هو أبو عبيد سعد بن عبيد فقال الضمير يعود إلى عمر
بن الخطاب رضي الله عنه .

هذان يومان نهى رسول الله ﷺ عن صيامهما : هذان تثنية الإشارة ورفع على الابتداء واليومان مضافان إليه
وجملة نهى رسول الله ﷺ عن صيامهما خبر للمبتدأ

يوم فطركم : بدل من اليومين من صيامكم واليوم الآخر تأكلون فيه من نسككم والمقصود بالأول يوم عيد
الفطر وبالثاني يوم عيد الأضحى .



المعنى الإجمالي :

جعل الله عز وجل للمسلمين يومين هما عيدان للمسلمين وكل منهما مرتبط بشعيرة دينية فيوم عيد الفطر مرتبط
بتمام الصيام فكان الواجب على المسلم أن يفطر هذا اليوم شكراً لله عز وجل على تمام نعمة الصوم وإظهاراً لنعمة
الفطر التي أمر الله بها بعد الصوم قال تعالى ( وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ)
[الذاريات : 17] وأما اليوم الثاني فهو يوم عيد الأضحى وهو مرتبط بشعيرة الحج فمتى أفاض الناس من عرفات
إلى مزدلفة في ليلة العاشر ثم انتقلوا من مزدلفة إلى منى كان هذا اليوم يوم عيد شكراً لله على تمام أغلب مناسك
الحج وأفضلها وهو يوم عرفة فوجب على المسلم إفطار هذين اليومين وحرم عليه صومهما .



فقه الحديث :

أولاً : يؤخذ من هذا الحديث تحريم صوم العيدين والجمهور يقولون بتحريم صوم هذين اليومين حتى ولو كان
نذراً تعلق موجبه في ذلك اليوم كمن نذر أن يصوم يوم قدوم زيد أو صبيحة يوم قدوم زيد فقدم زيد في ليلة العيد
فالجمهور يقولون وجب النذر ويصوم يوماً بدل يوم العيد وأبو حنيفة يرى صيام يومي العيد إذا خصهما بالنذر وقوله
هذا مصادم للنصوص لذلك فإنه يجب علينا أن نعتقد بطلان هذا القول وأن نعتقد تحريم صوم العيد ومتى وجب
بالنذر انتقل الصوم من يوم العيد إلى يوم آخر وكان المكلف بذلك مؤدياً وبالله التوفيق .



ثانياً : قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه هذان يومان نهى رسول الله ﷺ عن صيامهما يؤخذ من هذا أن العيدين
يوما أكل وشرب وفرح فلا يكون فيهما صيام ويؤخذ منه أن الأعياد في الإسلام المتعلقة بالسنة هما الفطر
والأضحى لا غير وأن ما ابتدعه الناس من أعياد فهي أعياد باطلة لا يجوز للمسلم التجاوب معها بل الواجب
على المسلم أن يخصص الأعياد بهذين اليومين فقط مهما انتحل لها من مسميات كعيد النصر وعيد
الثورة ...إلخ

ما يقال فهذه كلها أعياد باطلة وقد سبق أن أمليت عليكم شيئاً من منظومة صيحة حق .
وهو قول الناظم :

أعيادنا ثلاثة فاثنـــان * لسنة فطر وأضحى الثاني

وثالث يعتاد أسبوعياً *خصيصة في ديننــــا تهيا
إلخ ما كتب هناك فليرجع إليه من شاء عند الحاجة وبالله التوفيق.


ثالثاً : إّذا دخل يوم العيد في صيام كفارة ككفارة الظهار أو الجماع في نهار رمضان أو قتل الخطأ فالأظهر من أقوال
العلماء أنه يجب على المُكفِر فطر يوم العيد ويبدأ من بعده ولا يعد فطره للعيد إخلالاً بالتتابع نظراً لأنه
خارج عن إرادة المُكفِر هذا هو القول الحق إن شاء الله في هذه المسألة وبالله التوفيق .




--------


تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ]

[ المجلد الثالث ]


رابط تحميل الكتاب :

http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf










ام عادل السلفية 06-06-2015 01:12AM

بسم الله الرحمن الرحيم





تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام


للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -




[201] الحديث السابع :

عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : نهى رسول الله ﷺ عن صوم يومين الفطر والنحر وعن الصماء
وأن يحتبي الرجل في الثوب الواحد وعن الصلاة بعد الصبح والعصر .أخرجه مسلم بتمامه وأخرج البخاري
الصوم فقط



موضوع الحديث:

موضوعه يدخل في باب الصوم من ناحية النهي عن صوم عيد الفطر وعيد النحر ويدخل في كتاب الصلاة
والتستر لها وفي الآداب وفي النهي عن الصلاة بعد الصبح والعصر .



المفردات :

الصماء :هي لبسة تشمل جميع الجسم فلا يظهر منه شئ . والصماء المنهي عنها أن يشتمل بثوب واحد يغطي
به جميع جسده وفي هذه الحالة تكون يديه من داخل الثوب فإما أن يفضي بيده إلى عورته وهو في الصلاة
وإما أنه يحتاج إلى رفع اليدين في الصلاة فتنكشف عورته إذا رفع يديه .

والإحتباء هو أن يجلس الرجل على مقعدته وينصب ساقيه ويجمع بينهما بثوب واحد والنهي عن الاحتباء بالثوب
الواحد فقط من أجل أنه يفضي بفرجه إلى السماء .



المعنى الإجمالي :

نهى النبي ﷺ عن هذه الأربعة الأشياء لما في ذلك من المصلحة والأدب والتعامل الصحيح مع الله ثم مع خلقه .


فقه الحديث :

أولاً:يؤخذ من هذا الحديث تحريم صوم يومي العيدين وقد تقدم الكلام على ذلك .


ثانياً :يؤخذ منه النهي عن اشتمال الصماء وقد سبق بيان الصماء وأنه التغطي بثوب واحد لجميع الجسم وأن النهي
فيه من أجل أنه ثوب واحد وإذا كانت اليدين من داخله فلا يؤمن أن تفضي إلى فرجه والأمر الثاني أنه إذا أراد أن
يرفع يديه انكشفت عورته إذاً فالنهي فيما إذا كان الاشتمال بثوب واحد فقط .



ثالثاً:النهي عن الإحتباء وقد تقدم تفسيره والعلة في النهي خشية أن يفضي بفرجه إلى السماء


رابعاً :النهي عن الصلاة بعد الصبح والعصر لأنهما وقت كراهة فينهى عن الصلاة فيهما وقد تقدم الكلام على
هذه المسألة في الجزء الأول بما أغنى عن إعادته هنا .




--------


تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ]

[ المجلد الثالث ]


رابط تحميل الكتاب :

http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf








ام عادل السلفية 07-06-2015 01:51AM

بسم الله الرحمن الرحيم





تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام


للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -




[202] الحديث الثامن:

عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : قال رسول الله ﷺ : ((من صام يوماً في سبيل الله بعد الله
وجهه عن النار سبعين خريفاً )).



موضوع الحديث:

فضيلة صوم التطوع



المفردات :

قوله في سبيل الله : يحتمل أن المراد به صيام يوم تطوعاً أي ليس بواجب مع الإخلاص ، ويحتمل أن المراد به
أن يكون في الغزو للكفار وهو الذي يطلق عليه في سبيل الله لكن يظهر أن هذه الفضيلة إن كان المراد بها
في سبيل الله أي الجهاد فإنه يكون مقيداً بما لم يدن القتال لأن النبي ﷺ عزم على المجاهدين حين اقترب من
العدو أن يفطروا .



المعنى الإجمالي :

فيه فضيلة لصيام التطوع إذا كان في الجهاد في سبيل الله .


فقه الحديث :

أولاً: يؤخذ منه فضيلة الصيام تطوعاً إذا كان في الغزو أي في غزو الكفار .

ثانياً :يؤخذ منه أن العمل الذي يراد به وجه الله يكون له فضل عظيم وتأثير كبير فالمباعدة بين وجه الصائم
وبين النار مسافة سبعين خريفاً هذا فضل عظيم وثواب كبير .




--------


تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ]

[ المجلد الثالث ]


رابط تحميل الكتاب :

http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf







َ



ام عادل السلفية 07-06-2015 10:03PM

بسم الله الرحمن الرحيم




تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام

للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله-


بـــــاب ليــلة القـــدر

سميت ليلة القدر بهذا الاسم إما لأن تلك الليلة لها قدر وفضل ، وإما لأن مقادير أعمال العباد تقدر فيها ، وإما لأن من أحيا ليلها
وصام نهارها صار ذا قدر عند الله وإما من التضييق لأن الملائكة في تلك الليلة تنزل إلى الأرض حتى تملأ الأرض ويحتمل أنها سميت
بذلك ملاحظة لهذه الأمور كلها .

[203] الحديث الأول :


عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما أن رجالاً من أصحاب النبي ﷺ أُ روا ليلة القدر في المنام في السبع الأواخر من رمضان فقال
النبي ﷺ : ( أرى رؤياكم قد تواطأت في السبع الأواخر فمن كان منكم متحريها فليتحرها في السبع الأواخر).

موضوع الحديث:

تعيين ليلة القدر

المفردات :

قوله أن رجالاً من أصحاب النبي ﷺ أُروا ليلة القدر: أي في النوم وذلك يدل على اعتنائهم بها وتعظيمهم لها وكثرة ارتباط عقولهم
بذلك .
في السبع الأواخر : أي في السبع الأواخر من العشر فقال النبي ﷺ أرى رؤياكم قد تواطأت في السبع الأواخر ومعنى قد تواطأت
توافقت .
فمن كان منكم متحريها : التحري هو طلب الشيء بالنظر فيما يرجو به إصابة الحق.

المعنى الإجمالي :

كان أصحاب رسول الله ﷺ مرتبطون بالقرآن ومرتبطون بالقضايا الإسلامية ارتباطاً كلياً حتى تصير تلك القضايا جزءاً من حياتهم
يتفكرون فيها في يقظتهم ويتراءونها في منامهم لا كما هو الحال في أهل زماننا في بعدهم عن القضايا الإيمانية وارتباطهم بالحياة الدنيا
وملاذها وشهواتها لذلك فإن النبي ﷺ لما رأى رؤياهم قد توافقت على السبع الأواخر قال لهم من كان منكم متحريها
فليتحرها في السبع الأواخر أما تفسير الرؤيا فهو أن الله سبحانه وتعالى يصور في قلب النائم تصورات يخلقها فيه بقدرة وحكمة لا
نعلمها فهي الرؤيا التي يراها في النوم وقد اتضح من النصوص أنها تنقسم إلى ثلاثة أقسام هي :-
1- رؤيا من الله بواسطة الملك وهي المحمودة
والممدوحة .

2- وحلم من الشيطان يصوره الشيطان .
3- وسوسة في اليقظة تجري على القلب في المنام .
فهذه أنواع الرؤيا وقد جاء في الحديث ( أن النبوة ستة وأربعون جزءاً وأن الرؤيا الصالحة منها )

وفي الحديث أيضاً ذهبت النبوة ولم يبق إلا المبشرات وهي الرؤيا الصالحة يراها المؤمن أو تُرى له .

فقه الحديث :

أولاً:يؤخذ من هذا الحديث أن السبع الأواخر من العشر الأخيرة من رمضان هي أرجى ما يكون لليلة
القدر وقد ورد ما يدل على أنها تتحرى في العشر الأواخر وفي الوتر منها وهذا أخص إذ أن السبع الأواخر تبدأ من ليلة أربع وعشرين لكن
إذا قلنا أنها تتحرى في الوتر فهل الوتر معتبر بما مضى أو بما بقي فإن كان الوتر معتبراً بما مضى فإن ليالي رجاءها إحدى وعشرين وثلاث
وعشرين وخمس وعشرين وسبع وعشرين وتسع وعشرين .


وإن قلنا أنها تعتبر بما بقي فإن ليلة اثنين وعشرين تاسعة تبقى وليلة أربع وعشرين سابعة تبقى وست وعشرين خامسة تبقى وثمان وعشرين
ثالثة تبقى .
والخلاف في ليلة القدر هل هي في رمضان أو في الحول كاملاً وإذا قلنا أنها في رمضان فهل لها ليلة معينة أو أنها تنتقل في ليالي العشر
وقد ذهب الجمهور إلى أنها في رمضان واختلفوا في مضنتها فمنهم من قال هي ليلة سبعة عشر التي في صبيحتها وقعت موقعة بدر ومنهم
من قال هي ليلة إحدى وعشرين ومنهم من قال هي ليلة ثلاث وعشرين ومنهم من قال هي ليلة خمس وعشرين ومنهم من قال هي ليلة
سبع وعشرين . وقد كان أبي بن كعب يقول أنها ليلة سبع وعشرين وعن ابن مسعود أن من قام الحول أصاب ليلة القدر وقد ذكر
الحافظ ابن حجر الأقوال فيها وأوصلها إلى فوق الأربعين ثم اختلفوا هل هي معينة كما أشرنا في الخلاف سابقاً أو أنها تنتقل في ليالي رمضان
وقد مال بعض أهل العلم إلى كونها تنتقل جمعاً للأدلة . والحديث في ذلك مختلف في التنصيص على بعض الليالي ولهذا رأى
بعض هؤلاء أنها تنتقل في السبع الأواخر أو في العشر الأواخر جمعاً بين الأدلة .


والقول الصحيح فيما يظهر أنها ليلة بعينها إذ لو كانت تنتقل لما كان لقول النبي ﷺ (أُريت هذه الليلة ثم أُنسيتها وقد رأيتني أسجد
في ماء وطين في صبيحتها فالتمسوها في العشر الأواخر والتمسوها في كل وتر ) أي ما كان لقوله أُريت هذه الليلة ثم أُنسيتها فائدة لو
كانت متنقلة وعلى هذا فالصحيح أنها معينة وأنها في رمضان وأنها في العشر الأواخر بل في السبع الأواخر هذا ما تقتضيه الأدلة .
وبـــالله التوفيـــق .


--------


تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ]

[ المجلد الثالث ]


رابط تحميل الكتاب :


http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf









.

ام عادل السلفية 09-06-2015 08:09PM

بسم الله الرحمن الرحيم




تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام

للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -




[204] الحديث الثاني :

عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله ﷺ قال : ((تحروا ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر )) .


أقول هذا الحديث شرحه وموضوعه قد دخل في شرح الحديث قبله إلا أن هذا الحديث أعم وذلك الحديث
أخص والأخص مقدم على الأعم ولقائل أن يقول قد كان النبي ﷺ يعتكف في العشر الوسطى من رمضان طلباً
ليلة القدر وقد كان ﷺ يحسبها في العشر الأوسط لعله تفقهاً من قوله تعالى (… يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ
وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ..) [الأنفال : 41 ]


والتقاء الجمعين كان في يوم سبعة عشر من رمضان ثم إن الله عز وجل أخبره بأنها في العشر الأواخر بما أري
من تواطئ رؤيا أصحابه فأمر بتحريها في العشر الأواخر ثم أمر بتحريها في السبع الأواخر.




والعمل على الأخص لأن النبي ﷺ لم يخبر بها عيناً أو أنه قد أخبر بها مؤخراً ثم أُنسيها لحكمة أرادها الله
ولهذا قال في الحديث السابق أرى رؤياكم قد تواطأت على السبع الأواخر فمن كان متحرياً لها فليتحرها
في السبع الأواخر .



--------


تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ]

[ المجلد الثالث ]

رابط تحميل الكتاب :


ام عادل السلفية 09-06-2015 08:19PM

بسم الله الرحمن الرحيم






تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام

للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -




[205] الحديث الثالث:

عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ كان يعتكف في العشر الأوسط من رمضان فاعتكف عاماً
حتى إذا كانت ليلة إحدى وعشرين – وهي الليلة التي يخرج من صبيحتها من اعتكافه – قال : من اعتكف معي
فليعتكف في العشر الأواخر فقد أريت هذه الليلة ثم أنسيتها وقد رأيتني أسجد في ماء وطين من صبيحتها
فالتمسوها في العشر الأواخر والتمسوها في كل وتر . فمطرت السماء تلك الليلة وكان المسجد على عريش فوكف
المسجد فأبصرت عيناي رسول الله ﷺ وعلى جبهته أثر الماء والطين من صبح إحدى وعشرين .



موضوع الحديث :

طلب ليلة القدر وأنها تطلب في العشر الأواخر وفي الوتر منها


المفردات :

الاعتكاف : الاحتباس قال الله تعالى (وَالْهَدْيَ مَعْكُوفًا أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ) أي محبوساً وفي الشرع هو لزوم المسجد
للعبادة على وجه خاص .
قوله كان يعتكف : كان تدل على الاستمرار على ذلك عدة أعوام .
العشر الأوسط : كان الأولى أن يقول
الوسطى والأوسط وصف للعشر بمجموعه ومجيئه بلسان الصحابة يدل على جواز ذلك في اللغة فهم أهلها والقرآن
نزل بلغتهم


فالتمسوها :أي اطلبوها في العشر الأواخر التي يتم بها الشهر .
قوله والتمسوها في كل وتر : الوتر هو ضد الشفع وهو ما لا ينقسم على اثنين إلا بالكسر .
قوله فوكف المسجد : أي قطر الماء من سقفه يقال وكف الدمع إذا نزل .
قوله على جبهته : الجبهة هي أعلى الوجه وفي رواية وأرنبته وهي طرف الأنف الأعلى .
قوله أثر الماء والطين : أي مختلطاً مع بعضه .


المعنى الإجمالي:

يخبر أبو سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ كان يعتكف العشر الأوسط من رمضان طلباً لليلة القدر
وأنه اعتكف ذات مرة فلما كاد أن يخرج خطبهم وأخبرهم بأنه أتاه خبر من الله عز وجل بأن الذي تطلب أمامك
فاستمر في الاعتكاف فاعتكف العشر الأواخر وأمر بالتماس ليلة القدر في العشر الأواخر بل في كل وتر منها وأنه
قال إنه اعلم بتلك الليلة ثم أنسيها وأنه أري في رؤياه ورؤا الأنبياء حق أنه يسجد في صبيحتها في ماء وطين
وأنه في ليلة إحدى وعشرين نزل المطر ووكف المسجد فصلى النبي ﷺ وسجد بين الماء والطين يقول أبو سعيد
فلقد رأيت أثر الطين على أرنبته .


فقه الحديث :

أولاً: يؤخذ من الحديث مشروعية الاعتكاف .


ثانياً : يؤخذ منه تأكده في رمضان لمواظبة النبي ﷺ عليه .


ثالثاً :يؤخذ منه أن النبي ﷺ كان يعتكف في العشر الوسطى من رمضان وكأنه كان يظن أن ليلة القدر فيها
أخذاً من قوله تعالى (… يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ..) والمراد به يوم بدر
فكأن النبي ﷺ فهم من هذه الآية أن يوم بدر وقع في صبيحتها وكان في يوم 17 من رمضان .



رابعاً : يؤخذ منه أنه لما أراد أن يخرج من اعتكافه بتمام العشر الوسطى أتي فقيل له ما تطلب أمامك يعني ليلة القدر .

خامساً : أنه قال لأصحابه ( من اعتكف معي يعني في العشر الوسطى فليعتكف معي يعني في العشر
الأواخر ) والمقصود فليواصل .



سادساً : يؤخذ من قوله فلقد أريت هذه الليلة ثم أنسيتها أن المصلحة الدينية في نسيانها ليجتهد الناس في طلبها
فيكثروا من العبادة والأجر على قدر النصب .


سابعاً :يؤخذ من قوله ( ولقد رأيتني أسجد من صبيحتها في ماء وطين ) استدل به من رأى أنها ليلة إحدى
وعشرين .


ثامناً : يؤخذ من قوله ( فالتمسوها في العشر الأواخر ) أن ليلة القدر في العشر الأواخر ويؤخذ منه بطلان
القول بأنها في غيرها .


تاسعاً : يؤخذ من قوله والتمسوها في الوتر منها أنه تخصيص بعد تخصيص أي أن ليلة القدر في العشر الأواخر خاصة
وفي الوتر من العشر الأواخر خاصة وهي ليلة إحدى وعشرين وثلاث وعشرين وخمس وعشرين وسبع وعشرين
وتسع وعشرين .



عاشراً : قال بعض أهل العلم الوتر يعتبر بما مضى فيكون ليلة إحدى وعشرين وثلاث وعشرين وخمس وعشرين
وسبع وعشرين وتسع وعشرين وهذا هو المتبادر إلى الذهن من كل الوتر ويعتبر بما بقي فيقال ليلة اثنتين وعشرين لأنها
تاسعة تبقى وليلة أربع وعشرين لأنها سابعة تبقى وليلة ست وعشرين لأنها خامسة تبقى وليلة ثمان وعشرين لأنها
ثالثة تبقى وأقول أنه لو كان الأمر على ذلك ما كان لقوله ﷺ والتمسوها في الوتر منها فائدة إذ أن الوتر ضد
الشفع والذي هو ضد الشفع واحد وثلاثة وخمسة …إلخ .

أما ما زعمه هذا القائل فهو يقع على الذي يعتبر شفعاً لأن العبرة بما مضى لا بما بقي . وبالله التوفيق .




--------



تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ


تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ



تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ]


[ المجلد الثالث ]


رابط تحميل الكتاب :



ام عادل السلفية 12-06-2015 07:55AM

بسم الله الرحمن الرحيم






تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام

للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -



بــاب الاعتـكـاف

[206] الحديث الأول :

عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله ﷺ كان يعتكف في العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه الله عز وجل
ثم اعتكف أزواجه من بعده .
وفي لفظ كان رسول الله ﷺ يعتكف في كل رمضان فإذا صلى الغداة جاء مكانه الذي اعتكف فيه


موضوع الحديث :

الاعتكاف


المفردات :

الاعتكاف : هو الاحتباس واللزوم للشيء فمن الاحتباس قول الله تعالى ( وَالْهَدْيَ مَعْكُوفًا أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ)
[الفتح : 25 ] أي محبوساً ومن اللزوم قول الله تعالى عن بني إسرائيل (قَالُوا لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ عَاكِفِينَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنَا
مُوسَى ) [طه : 91 ] وفي هذه الآية إخبار منهم بأنهم سيلازمون عبادة العجل إلى أن يرجع إليهم موسى
عليه السلام .


أما معنى الاعتكاف شرعاً : فهو لزوم المسجد بقصد العبادة فيه .
قولها حتى توفاه الله عز وجل : أي حتى مات .
ثم اعتكف أزواجه بعده : أي بعد موته .
قولها فإذا صلى الغداة جاء مكانه الذي اعتكف فيه : التعبير باعتكف هنا يدل على أنه كان بعد صلاة الغداة
يدخل معتكفه لينفرد فيه لأن لفظ الماضي دال على ذلك .


المعنى الإجمالي. :

تخبر عائشة رضي الله عنها أن النبي ﷺ كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان إلتماساً لليلة القدر واجتهاداً في
العبادة وأنه لازم ذلك حتى توفاه الله تعالى وأن أزواجه لازمن ذلك أيضاً بعد وفاته وأنه كان إذا صلى الفجر جاء
مكانه الذي اعتكف وانفرد فيه للعبادة .


فقه الحديث :

أولاً: يؤخذ منه مشروعية الاعتكاف في الجملة وهو أمر متفق عليه لكن اختلفوا من ذلك في مسائل :

المسألة الأولى :
اختلفوا هل من شرط الاعتكاف أن يكون في المسجد الذي تصلى فيه الجمعة والجماعة أم ليس من شرطه
ذلك فذهب الجمهور إلى أن من شرط الاعتكاف أن يكون في مسجد لكن خصصه جماعة قليلة بمساجد
الأنبياء الثلاثة وهي مسجد مكة ومسجد المدينة ومسجد بيت المقدس وخالفهم الجمهور فقالوا بجوازه في
كل مسجد تصلى فيه الجمعة والجماعة واشترط بعضهم أن يكون في مسجد فيه جمعة وأجاز بعضهم الاعتكاف
في مسجد جماعة وأجاز قوم للمرأة أن تعتكف في مسجد بيتها وهذا القول ضعيف والذي يترجح لي أنه إن
دخل في اعتكاف الرجل الجمعة وجب في مسجد تقام فيه الجمعة وإن لم تدخل الجمعة في اعتكافه
جاز في مسجد جماعة .


المسألة الثانية : اختلفوا في جواز الاعتكاف للمرأة فذهب قوم إلى جوازه إذا أمنت الفتنة وذهب قوم إلى جوازه
بشرط أن تكون المرأة مع زوجها ولكن هذا القول يرده ما ورد في الرواية الثانية من قولها ثم اعتكف أزواجه
بعده والذي يترجح لي أن المرأة تمنع من الاعتكاف في المسجد وحدها إلا أن يكون معها محرم وبشرط ألا
تضيق على الرجال المصلين
في المسجد لأن المرأة مأمورة بالاحتجاب وعدم التبرج واعتكافها في المسجد وحدها أو مع محرمها
أو زوجها مع الإضرار بالرجال المصلين في المسجد ومضايقتهم أن ذلك يختلف عما أمرت به ويعرضها للفتنة .


أما زوجات النبي ﷺ فلمكانتهن في المجتمع الذي كن فيه انتفت الفتنة في حقهن لأنهن كلهن أمهات للمؤمنين
والشرط الثالث أن تكون متسترة حتى لا يؤدي ذلك إلى افتتانها أو الافتتان بها .


المسألة الثالثة: اختلف أهل العلم هل من شرط الاعتكاف أن يتقدمه صوم أو يكون معه صوم فذهب قوم إلى
أنه لا يصح الاعتكاف إلا بالصوم وذهب قوم إلى أنه ليس من شرط الاعتكاف الصوم بدليل أن عمر
بن الخطاب رضي الله عنه نذر أن يعتكف ليلة في المسجد الحرام فسأل النبي ﷺ فأمره أن يوفي بنذره والليل
ليس محلاً للصوم فدل على أنه لا يشترط له الصوم .


المسألة الرابعة:اختلفوا في جواز قطع الاعتكاف إذا أراد قطعه بعد أن يدخل فيه فالجمهور أجازوه من دون إيجاب
للقضاء وذهب جماعة إلى أنه يجوز بنية القضاء بدليل أن النبي ﷺ قطع اعتكافه بعد أن بدأ فيه ثم اعتكف
العشر الأول من شوال. إلا أنه يعكر عليه كون النبي ﷺ قضى اعتكاف العشر الذي تركه والله أعلم .



المسألة الخامسة : اختلف أهل العلم أيضاً في دخول المعتكف متى يكون فذهب الجمهور إلى أن من أراد
أن يعتكف العشر يجب عليه أن يدخل معتكفه قبل غروب الشمس من يوم العشرين لأن الليالي هي سابقة للأيام
ومحسوبة منها وبذلك أخذ فقهاء الفتوى وذهب قوم إلى أن المعتكف يدخل معتكفه بعد صلاة الفجر من يوم
إحدى وعشرين كما في رواية عائشة فإذا صلى الغداة جاء مكانه الذي اعتكف فيه إلا أن التعبير باعتكف
الذي هو صيغة الماضي يدل على تأويل من قال أن المراد أنه يدخل معتكفه الذي اعتكف فيه لينفرد به فهذه
العبارة لا تدل على أن دخوله هذا هو الدخول الأول في الاعتكاف وفرق بعضهم بين من نوى شهراً وبين من
نوى يوماً والاحتمال وارد وبالله التوفيق.


المسألة السادسة :اختلف أهل العلم هل يجوز للمعتكف أن يعود المريض ويتبع الجنازة أم لا يجوز والظاهر
عدم الجواز لهذه الأشياء إلا إذا اشترط المعتكف ذلك أما إذا لم يشترط فإن ذلك لا يجوز له بدليل قول عائشة
رضي الله عنها وكان لا يدخل البيت إلا لحاجة الإنسان وقولها إني لأدخل البيت والمريض فيه وأنا معتكفه
فلا أسأل عنه إلا وأنا مارة .



المسألة السابعة :قال الله تعالى ( وَلاَ تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ ) [البقرة : 187] وقد اختلف أهل العلم
في المباشرة المقصودة في الآية هل هي الجماع فقط أو أنه يلتحق بالجماع غيره من أنواع التلذذ والظاهر أن الآية
شاملة للجماع ومقدماته وقد ذكر بعض أهل العلم أن المسلمين كانوا في أول الإسلام الواحد منهم يذهب إلى بيته
وهو معتكف فإذا لقي امرأته جامعها فنهاهم الله عز وجل عن ذلك وأخبر أن المباشرة تحرم بالاعتكاف بأي لون
من ألوانها أي سواء كان جماعاً أو قبلة أوضمة وما إلى ذلك .


ثانياً : ويؤخذ من حديث عائشة رضي الله عنها هذا أي من قولها كان يعتكف في العشر الأواخر أن هذا الأمر
تكرر من النبي ﷺ حتى صار عادة مستمرة ولهذا قالت حتى توفاه الله عز وجل .


ثالثاً : ويؤخذ من قولها أيضاً ثم اعتكف أزواجه من بعده جواز الاعتكاف للنساء وقد تقدم الكلام على ذلك
بما يغني عن إعادته .


رابعاً : يؤخذ من قولها في العشر الأواخر من رمضان أن الاعتكاف في رمضان سنة مؤكدة وفي غير رمضان
سنة مستحبة وبالله التوفيق .



--------



تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ


تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ



تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ]


[ المجلد الثالث ]


رابط تحميل الكتاب :












.

ام عادل السلفية 12-06-2015 08:03AM

بسم الله الرحمن الرحيم





تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام

للعلامة : احمد النجمي
-رحمه الله-




[207] الحديث الثاني :

عن عائشة رضي الله عنها أنها كانت ترجل النبي ﷺ وهي حائض وهو معتكف في المسجد وهي في حجرتها
يناولها رأسه .
وفي رواية وكان لا يدخل البيت إلا لحاجة الإنسان .
وفي رواية : أن عائشة رضي الله عنها قالت إن كنت لأدخل البيت للحاجة والمريض فيه فما أسأل عنه إلا
وأنا مارة .


موضوع الحديث :

أن الاعتكاف لا يبطل بخروج بعض البدن


المفردات :

ترجل : الترجيل تسريح الشعر والتسريح يكون باليد أحياناً ويكون بالمشط أحياناً أخرى .
وهي حائض : الواو واو الحال وجملة وهي حائض جملة حالية أي والحال أنها في الحيض وكذلك وهو معتكف
أيضاً الجملة حالية
قوله وهي في حجرتها :أي في المكان المحتجر لها وهو دارها لكونه يجاور المسجد
قوله يناولها رأسه : معناه أن النبي ﷺ يدلي إليها رأسه من الطاقة حتى ترجله أو تغسله أو تسرحه .
وقولها في الرواية الأخرى وكان لا يدخل البيت : أي في حال اعتكافه .
إلا لحاجة الإنسان : مستثنى وهو كناية عن المخرج للتبرز .
قولها إن كنت لأدخل البيت للحاجة : المقصود بالحاجة هنا ما كني عنه أولا .
والمريض فيه : الجملة حالية أي والحال أن المريض فيه .
فما أسال عنه : ما هنا نافية والجملة تساوي فلا أسأل عنه إلا وأنا مارة .


المعنى الإجمالي :

تخبر عائشة رضي الله عنها أنها كانت تخدم رسول الله ﷺ وهي حائض فترجل رأسه بحيث أنه يخرج رأسه إليها
فترجله وهو في المسجد وهي في دارها لأنه ممنوع عليه الخروج من المسجد بالاعتكاف وممنوع عليها الدخول
للمسجد بالحيض وتخبر أيضاً بأن النبي ﷺ حينما يكون معتكفاً لا يدخل البيت إلا لحاجة الإنسان وهو
التبرز وأنها كانت تمر لحاجتها فلا تسال عن المريض إلا وهي مارة بمعنى أنها لا تتشاغل بالدخول عليه والزيارة
له وبالله التوفيق.


فقه الحديث :

أولاً:يؤخذ من هذا الحديث أن المعتكف لا يبطل اعتكافه بخروج بعض بدنه .
ثانياً :قيس عليه ما إذا كان العبد قد نذر ألا يدخل مكاناً ما فأدخل فيه بعض بدنه أنه لا يترتب عليه حنث ولا تجب
عليه كفارة .
ثالثاً :أن الاعتكاف موجب لعدم الخروج من المسجد وأنه خروج بعضه لا يترتب عليه ما يترتب على خروج جميعه .

رابعاً :يؤخذ منه سنية اتخاذ الشعر للمسلم لكنه بشرط ألا يكون ذلك تشبهاً بغير المسلمين بل اتباعاً لسنة رسول الله ﷺ.



خامساً :فإن قيل كيف يعرف ذلك نقول يعرف بالقرائن فإذا ربى الإنسان شعراً وفرق من الوسط وأعفى لحيته وقص
شاربه عرفنا أنه يريد السنة ومن أهل السنة والعكس بالعكس.
سادساً :يؤخذ من هذا الحديث أن من اتخذ شعراً ينبغي له أن يكرمه بالترجيل والدهن وما إلى ذلك .

سابعاً : يؤخذ من قولها وهي حائض جواز استخدام النساء في الحيض وأنه لا يمنع ذلك على المسلمين كما منع
على بني إسرائيل .
ثامناً:يؤخذ من قولها وكان لا يدخل البيت إلا لحاجة الإنسان أنه يجوز خروج المعتكف من المسجد لقضاء حاجته
في بيته وإن كان بعيداً عن المسجد .
تاسعاً : يؤخذ من هذا الاستثناء الحصر وأنه لا يجوز للمعتكف أن يذهب إلى البيت للأكل والشرب بل يؤتى به إليه .

عاشراً :يؤخذ من قولها إلا لحاجة الإنسان أنه يجوز خروج المعتكف لما دعت إليه الضرورة من الحاجات التي لا تصح
فيها الاستنابة أو ما أشبه ذلك .




الحادي عشر :إذا كان هذا في زمن النبي ﷺ لعدم وجود مراحيض داخل حوائط المساجد أما الآن فبوجود هذه
المراحيض ينتفي كون قضاء الحاجة لا يمكن أن يتمكن منها الإنسان إلا في بيته فإنه سيتمكن من قضاء الحاجة في
مرحاض المسجد وعلى هذا فلا يجوز له الخروج إلى بيته .
الثاني عشر : في قولها إن كنت لأدخل البيت للحاجة والمريض فيه فلا أسأل عنه إلا وأنا مارة يؤخذ من ذلك
عدم مشروعية عيادة المريض للمعتكف ويقال أيضاً هذا في تشييع الجنائز إلا إذا اشترط كما تقدم وهذا رأي ابن
تيمية رحمه الله تعالى قياساً على الاشتراط في الإحرام وبالله التوفيق .




--------




تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ


تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ]

[ المجلد الثالث ]


رابط تحميل الكتاب :










.

ام عادل السلفية 13-06-2015 06:30AM

بسم الله الرحمن الرحيم





تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام

للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -




[208] الحديث الثالث:

عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : قلت يا رسول الله إني كنت نذرت في الجاهلية : أن أعتكف ليلة –
وفي رواية : يوماً – في المسجد الحرام؟ قال : (فأوف بنذرك).
ولم يذكر بعض الرواة ( يوماً) ولا ( ليلة) .


موضوع الحديث :

هل يشترط للاعتكاف صوم أم لا


المفردات :

إني كنت نذرت في الجاهلية :المراد بالجاهلية ما قبل الإسلام وعلى هذا فإن نذر عمر بن الخطاب رضي الله
عنه هذا كان قبل إسلامه .
أن أعتكف ليلة : قد مرّ معنا الاعتكاف ليلة : أي في ليلة وفي رواية يوماً : أي في يوم في المسجد الحرام :
المسجد الحرام ظرف مكان للاعتكاف واليوم أو الليلة ظرف زمان فيه .
قال فأوف بنذرك : المقصود أوف بمنذورك والنذر يطلق ويراد به المنذور .


المعنى الإجمالي :

استفتى عمر بن الخطاب رضي الله عنه النبي ﷺ لأنه كان نذر اعتكاف ليلة في المسجد الحرام في زمن الجاهلية
وأنه أمره النبي ﷺ أن يوف بنذره .


فقه الحديث

يؤخذ من الحديث مسائل
أولاً : صحة النذر من الكافر إذ أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه نذر هذا النذر في الجاهلية ولم يوف به فسأل
النبي ﷺ فأمره النبي ﷺ أن يوفيَ بنذره وعلى هذا فيؤخذ من هذا الحديث صحة النذر من الكافر وهذا
محل خلاف .


ثانياً :وهذه المسألة تنبني على مسألة أخرى أصولية وهو هل أن الكفار مخاطبون بفروع الشريعة كما هم
مخاطبون بأصولها في هذه المسألة خلاف أيضاً والراجح أنهم مخاطبون بالفروع والأصول لأن الله أخبر عن الكافرين
أنهم يسألون مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ) [المدثر : 42 - 43 ] الآيات وإطعام المسكين يعد
من الفروع لا من الأصول وكذلك الصلاة على رأي من لا يرى تركها كفراً .


ثالثاً : إذا صح النذر من الكافر فهل يجب عليه الوفاء به وهل يصح منه الوفاء بالنذر الجواب لا يصح منه الوفاء
به ما دام كافراً ويصح بعد الإسلام كما هو الحال في قصة عمر بن الخطاب رضي الله عنه .


رابعاً : الرواية المشهورة ( أن أعتكف ليلة ) وورد في رواية لمسلم يوماً ومن أجل الرواية الأولى استدل بالحديث على
أن الصيام ليس شرطاً في الاعتكاف وقد اختلف الأئمة في هذه المسألة فذهب الشافعي وأحمد إلى أن الصيام ليس
بشرط في الاعتكاف مستدلين على ذلك بأن النبي ﷺ قضى الاعتكاف في شوال ولم يرد أنه صام تلك الأيام التي
قضى فيها الاعتكاف وفي حديث ابن عباس الذي رواه الحاكم في الاعتكاف ( قال ليس على المعتكف
صيام إلا أن يجعله على نفسه ) .


خامساً :وقال مالك وأبو حنيفة يشترط للاعتكاف الصيام واستدل لهذا المذهب بحديث (اعتكف وصم يوماً )
وهو حديث ضعيف لأن في سنده عبدالله بن بديل بن ورقاء ويقال له ابن بديل بن بشر الخزاعي ويقال الليثي
صدوق يخطئ من الثامنة .

وبحديث ( لا اعتكاف إلا بصيام ) وهو حديث ضعيف أيضاً لأن في سنده سفيان بن حسين بن حسن أبو
محمد أو أبو الحسن ثقة في غير الزهري باتفاقهم من السابعة مات بالري مع المهدي وقيل في أول خلافة الرشيد
روى له مسلم والأربعة أهـ.تقريب رقم 2437 .


قلت : وإذا كان ثقة في غير الزهري فإنه في حديثه عن الزهري ضعف قال الحافظ باتفاق وحديثه هذا عن الزهري
وعلى هذا فإن هذا الحديث ضعيف أيضاً أما حديث ابن عباس السابق فسنده على شرط مسلم كما قال الحاكم
ووافقه الذهبي وعلى هذا فإنه لا يشترط للاعتكاف صيام على القول الصحيح


سادساً : يؤخذ من قول النبي ﷺ لعمر بن الخطاب رضي الله عنه ( أوف بنذرك ) وجوب الوفاء بالنذر حتى ولو
كان قد حصل من كافر في حال كفره فإنه يجب عليه الوفاء بعد الإسلام وتقاس على ذلك القرب بل وفي ذلك
حديث وهو حديث حكيم بن حزام أنه قال ( يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ أَشْيَاءَ كُنْتُ أَتَحَنَّثُ بِهَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ مِنْ صَدَقَةٍ أَوْ
عَتَاقَةٍ وَصِلَةِ رَحِمٍ فَهَلْ فِيهَا مِنْ أَجْرٍ فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ أَسْلَمْتَ عَلَى مَا سَلَفَ مِنْ خَيْر) فإن قيل هذا في طاعات قدمها
في حال كفره أما هذه المسألة فهي طاعة التزم فعلها في حال كفره وأسلم قبل الإتيان بها وأقول : إن قول النبي
ﷺ لعمر بن الخطاب أوف بنذرك يدل على إنفاذ ما التزم به في حال كفره لكنه لو أنفذه في حال كفره لم يصح
منه لأن من شرط الصحة الإسلام وكذلك القبول .


سابعاً : اختلف أهل العلم في جواز الاعتكاف أقل من يوم كامل ومن ليلة كاملة فأجازه بعضهم بالنية لأنه إذا جلس
في المسجد ونوى اعتكاف ساعة اعتبر ذلك عباده
وخالف في ذلك آخرون ومنعوه والقول الأول فيما أرى هو الأصح لأن ما شرع أصله بيوم أو أكثر فلا مانع من
شرعيته بأقل من يوم وبالله التوفيق .





--------



تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ



تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ



تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ]


[ المجلد الثالث ]



رابط تحميل الكتاب :












.

ام عادل السلفية 28-07-2015 09:32PM

بسم الله الرحمن الرحيم





تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام

للعلامة : احمد النجمي
-رحمه الله -


بسم الله الرحمن الرحيم


بــــاب الجمعـــة

الجمعة بضم الجيم والميم على الأشهر وبه قرأ الجمهور وقرئ بإسكان الميم وهذا اليوم كانت العرب تسميه يوم العروبة فصار في الإسلام اسمه يوم الجمعة فالجمعة اسم إسلامي له وفيه من الفضائل قول النبي -صلى الله عليه وسلم- : ( خير يوم طلعت عليه الشمس يوم الجمعة فيه خلق آدم وفيه اهبط من الجنة وفيه ساعة لا يوافقها عبد مسلم يصلي يسأل الله شيئاً إلا أعطاه )
وقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه فيه تقوم الساعة وأنه هو اليوم الذي كتب على من قبلنا من أهل الكتاب فأضلهم الله عنه وهدانا إليه فالناس لنا فيه تبع اليهود غداً والنصارى بعد غد فنحن الآخرون السابقون يوم القيامة .

[133] الحديث الأول :

عن سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه قال رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قام فكبر وكبر الناس وراءه وهو على المنبر ثم رفع فنزل القهقرى حتى سجد في أصل المنبر ثم عاد حتى فرغ من آخر صلاته ثم أقبل على الناس فقال ((أيها الناس إنما صنعت هذا لتأتموا بي ولتعلموا صلاتي )) .

وفي لفظ : صلى عليها ثم كبر عليها ثم ركع وهو عليها فنزل القهقرى

موضوع الحديث :
مشروعية اتخاذ المنبر الذي يقف عليه الخطيب يوم الجمعة

المفردات :
قام : أي وقف
فكبر : أي تكبيرة الإحرام
ثم رفع : أي من الركوع
فنزل القهقرى : يعني يمشي على وراء
حتى سجد في أصل المنبر : يعني أنه مشى إلى الوراء حتى تمكن من السجود في أصل المنبر
ثم أقبل على الناس :أي بوجهه
فقال إنما صنعت هذا : يعني الصلاة على المنبر لتأتموا بي ولتعلموا صلاتي

المعنى الإجمالي :
كان النبي -صلى الله عليه وسلم- حينما بنى مسجده إذا خطب استند إلى جذع فخطب وهو مستند عليه فأرسلت إليه امرأة من الأنصار كان لها غلام نجار فأرسلت إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- تقول هل تحب أن آمر غلامي يصنع لك أعواداً تقف عليها حين تكلم الناس قال نعم فصنع له ذلك الغلام منبراً من طرفاء الغابة مكوناً من ثلاث درجات فلما أتي به ووضع في المسجد وقف النبي -صلى الله عليه وسلم- عليه وكبر تكبيرة الإحرام وهو عليه وقرأ وهو عليه وركع وهو عليه ورفع وهو عليه ثم نزل القهقرى يمشي إلى الوراء حتى نزل عن المنبر وتمكن من السجود فسجد ثم قام فرقى على المنبر وصنع كذلك حتى تمت صلاته ثم أقبل على الناس فقال إنما صنعت هذا لتأتموا بي ولتعلموا صلاتي .

فقه الحديث :
أولاً: يؤخذ من الحديث جواز وقوف الإمام على مكان أرفع من مكان المأموم وعارضه ما رواه أبو داود أن حذيفة رضي الله عنه أمّ الناس بالمدائن على دكان والمراد بالدكان – الدكة التي تجعل للجلوس عليها – فأخذ أبو مسعود بقميصه فجبذه فلما فرغ من صلاته قال ألم تعلم أنهم كانوا ينهون عن ذلك قال بلى قد ذكرت حين مددتني )
وروي عن عمار قصة قريبة من ذلك وفي سندها مجهول .
وأخرج الدار قطني من حديث ابن مسعود ( نهى رسول الله ﷺ أن يقوم الإمام فوق والناس خلفه أسفل منه ) والجمع بين هذه الأحاديث وحديث سهل بن سعد ممكن بحمل النهي على الكراهة وحمل حديث سهل بن سعد على جواز ذلك إن كان لحاجة وعلى الكراهة حمل النهي بعض الفقهاء وفهم مالك وأصحاب الرأي وهو المشهور عند الحنابلة أفاد ذلك في المغني .


وحكاه ابن دقيق العيد عن المالكية وذكر أنهم زادوا أنه إن قصد التكبر بطلت صلاته . ونقل الصنعاني في العدة عن الهادوية أنهم قالوا بعدم جواز ارتفاع الإمام على المأموم بما فوق القامة لا دونها وأجاز ذلك الشافعي للتعليم وعن أحمد ما يدل على أنه لا يكره لحديث سهل بن سعد رضي الله عنه وقيد بعضهم الكراهة بما إذا قصد التكبر والله أعلم .


ثانياً :فيه دليل على جواز العمل اليسير في الصلاة لكن فيه إشكال على من حد العمل الكثير بثلاث خطوات فإن منبر النبي -صلى الله عليه وسلم- كان ثلاث درجات والصلاة كانت على العليا منها ومن ضرورة ذلك أن يقع ما أوقعه من الفعل على الأرض بعد ثلاث خطوات والذي يعتذر به عن هذا أن يدّعى عدم التوالي بين الخطوات فإن التوالي شرط في الإبطال أهـ .


هذا كلام ابن دقيق العيد في شرح عمدة الأحكام . وقال الصنعاني في العدة أقول لأنه ينزل من الدرجة العليا إلى الثانية ومن الثانية إلى الثالثة ثم منها إلى الأرض فلا بد من خطوة في الأرض يتباعد بها عن آخر درجة ليتسع سجوده فأقلها أربع . انتهى

قلت : من المعلوم أن الخطوات إلى وراء غير واسعة إذاً فلا بد من خمس خطوات لكي يتمكن من السجود بعد أن ينزل ولا بد أن تكون هذه الخطوات متوالية لأنها في الاعتدال بين الركوع والسجود وهو وقت يسير وبهذا تعلم أن التحديد بثلاث خطوات للإبطال تحديد لا دليل عليه لا سيما وقد صح عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه (فتح الباب ) وهذا يحتاج إلى أنه يمشي إلى الباب خطوات ويرجع بخطوات وصح أنه ( حمل الصبية وهو يصلي ) فكان يحملها إذا قام ويضعها على الأرض إذا ركع وسجد وهذا يحتاج إلى حركات وأنه ( أمر بقتل الحية والعقرب في الصلاة ) وهذا لا تنظبط فيه الحركات ومن ذلك إخبار النبي -صلى الله عليه وسلم- بأن شيطاناً اعترضه في صلاته وأن الله أمكنه منه قال (فذعته حتى وجدت برد لعابه على يدي ) ومن ذلك ما رواه البخاري في كتاب الكسوف من حديث أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها قالت ( أتيت عائشة رضي الله عنها زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- حين خسفت الشمس فإذا الناس قيام يصلون وإذا هي قائمة تصلي فقلت ما للناس ؟ فأشارت بيدها إلى السماء وقالت سبحان الله فقلت آية ؟ قالت نعم - يعني : بالإشارة - فقمت حتى تجلاني الغشي فجعلت أصب فوق رأسي الماء ) وكل هذه وغيرها أدلة أن العمل الذي يكون في الصلاة لحاجة لا يبطل الصلاة وإنما يبطلها العبث الذي يكون من الإنسان لغير حاجة ويمكن أن يقال أن التحديد بثلاث في الإبطال لما كان من الحركات لغير حاجة وهذا يحصل كثيراً من بعض المصلين فتجده يكبر ثم يهيئ غترته أو يحرك ساعته أو ما أشبه ذلك من الحركات التي تحصل عبثاً لغير حاجة وقد عدّ الحنابلة من مبطلات الصلاة العبث الكثير نسأل الله الهداية للجميع


ثالثاً :قال ابن دقيق العيد وفيه دليل على جواز إقامة الصلاة أو الجماعة لغرض التعليم . قلت :في هذا نظر لأن الظاهر أن النبي _ إنما صلى الفرض وفعل ذلك فيه ليعلمهم

فتكون الصلاة قد أقيمت لشيئين : أولهما وهو الأهم أداء الفرض .
وثانيهما التعليم وليس التعليم فقط .


رابعاً : وفيه مشروعية اتخاذ المنبر للجمعة وغيرها إذا أراد أن يكلم الناس
ليشرف عليهم ويراهم جميعاً ويرونه

خامساً :وفيه أنه ثلاث درجات

سادساً:وفيه أنه من طرفاء الغابة وهذا يؤخذ من مجموع ألفاظ الحديث ‏.


--------


تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ


تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ]


[ المجلد الثالث ]



رابط تحميل الكتاب :










.

ام عادل السلفية 29-07-2015 06:56PM

بسم الله الرحمن الرحيم






تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام

للعلامة : احمد النجمي
-رحمه الله-



[134] الحديث الثاني :
عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم - قال : (من جاء منكم الجمعة فليغتسل ) .


موضوع الحديث :
الأمر بالغسل للجمعة على من يأتيها .


المفردات :
من : اسم شرط جازم
جاء : فعل ماضي وهو في محل جزم فعل الشرط وفاعله ضمير فيه يعود على من وجملة فليغتسل جواب الشرط وجزاءه والفاء رابطة بين الفعل والجواب .


المعنى الإجمالي :
كان الصحابة رضوان الله عليهم في أول الإسلام يعانون من الفقر والحاجة يلبسون الصوف ويخدمون أنفسهم فيأتون إلى الجمعة عليهم الغبار وفيهم العرق وكان المسجد ضيقاً فيزيد عليهم العرق في المسجد ويؤذي بعضهم بعضاً بالروائح الكريهة لذلك فقد أمرهم النبي -صلى الله عليه وسلم - الذي بعث بدين الحق والطهر وأنزل الله عليه (وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ ) [المدثر آية 4] فأمرهم بالغسل للجمعة والتنظف لها وأن يصيب الرجل من طيب بيته حتى يكون على أكمل حال وأحسن هيئة نظراً لأن الجمعة عيد المسلمين لذلك فقد قال للهم الرسول -صلى الله عليه وسلم - (من جاء منكم الجمعة فليغتسل ) .


فقه الحديث :
أولاً: يؤخذ من هذا الحديث أن الغسل مشروع لكل من أتى الجمعة سواء كان من أهل وجوبها أم لا وذلك أن من الشرطية تفيد العموم فهي تعم الذكر والأنثى والبالغ وغير البالغ وقد ورد في ذلك حديث عند ابن خزيمة في صحيحه بوب عليه بقوله باب أمر النساء بالغسل لشهود الجمعة أورده من طريق زيد بن حباب حدثني عثمان بن واقد العمري حدثني نافع عن ابن عمر قال : قال رسول الله _ ( من أتى الجمعة من الرجال والنساء فليغتسل ومن لم يأتها فليس عليه غسل من الرجال والنساء ) رقم الحديث 1752 قال المحقق إسناده صحيح وأشار الحافظ في الفتح 2/358 إلى رواية ابن خزيمة هذه وقال ففي رواية عثمان بن واقد عن نافع عند أبي عوانة وابن خزيمة وابن حبان في صحيحهم.


قلت: في إسناده ضعف .أنظر الضعيفة رقم 3958 قلت : قال الحافظ بعد سياق هذه الرواية ورجاله ثقات لكن قال البزار أخشى أن يكون عثمان بن واقد وهم فيه وعثمان بن واقد صدوق ربما وهم قاله في التقريب .


وأقول إن ما ورد في هذا اللفظ صريحاً قد أفاده لفظ العموم المتفق عليه من جاء منكم الجمعة فليغتسل . وهذا يدل على ما دل عليه ذلك الحديث ويكون مؤيداً له وبالله التوفيق .


ثانياً :اختلف أهل العلم في هذا الأمر هل هو للوجوب أو للندب فذهب أهل الظاهر إلى وجوب الغسل يوم الجمعة متمسكين بظاهر هذا الحديث وبقوله -صلى الله عليه وسلم - في حديث أبي سعيد المتفق عليه ( غسل الجمعة واجب على كل محتلم ) وحكاه ابن حزم عن عمر وجمع من الصحابة .وذهب جمهور العلماء من السلف والخلف وفقهاء الأمصار إلى أنه سنة مؤكدة . أهـ من العدة للصنعاني .


وقال ابن عبد البر في التمهيد 10/79 (أجمع المسلمون قديماً وحديثاً على أن غسل الجمعة ليس بفرض واجب وفي ذلك ما يكفي ويغني عن الإكثار ولا يجوز على الأمة بأسرها جهل معنى السنة ومعنى الكتاب وهذا مفهوم عند ذوي الألباب إلا أن العلماء مع إجماعهم على أن غسل الجمعة ليس بفرض واجب اختلفوا فيه هل هو مسنون للأمة أم هو استحباب وفضل أو كان لعلة فارتفعت وليس بفرض ، فذهب مالك والثوري وجماعة من أهل العلم إلى أنه سنة مؤكدة لأنها قد عمل بها رسول الله -صلى الله عليه وسلم - والخلفاء بعده والمسلمون فاستحبوها وندبوا إليها وهذا سبيل السنن المذكروة فمن حجة من ذهب إلى هذا المذهب حديث أبي هريرة رضي الله عنه (من أغتسل يوم الجمعة غسل الجنابة ثم راح فكأنما قرب بدنة ..إلخ الحديث ) أهـ .عزاه المحقق للتمهيد إلى ابن أبي شيبة وعبد الرزاق في المصنف .


قلت : وقع في بعض روايات الصحيحين غسل الجنابة وهذه الرواية وقعت للبخاري في باب فضل الجمعة بلفظ (من أغتسل يوم الجمعة غسل الجنابة ثم راح فكأنما قرب بدنة ) والظاهر أن وجه الاستدلال من هذا الحديث أن النبي ﷺ رتب عليه فضلاً ومن لم يفعل ذلك حرم الفضل فقط ولم يرتب عليه إثماً في تركه .


ومما يستدل به على عدم الوجوب ما رواه البخاري ومسلم وغيرهما من إنكار عمر رضي الله عنه على عثمان رضي الله عنه التأخر فقال ( إني شغلت فلم انقلب إلى أهلي حتى سمعت التأذين فلم أزد على أن توضأت فقال عمر والوضوء أيضاً وقد علمت أن النبي -صلى الله عليه وسلم - كان يأمر بالغسل ) أما وجه الدلالة منه فالذي يظهر أن عمر رضي الله عنه إنما احتج على عثمان رضي الله عنه في ترك سنة مع أنه من السابقين ولم يحتج عليه في ترك فرض
قال النووي : وفيه إشارة إلى أنه إنما ترك الغسل لأنه يستحب فرأى اشتغاله بقصد الجمعة أولى من أن يجلس للغسل بعد النداء ولهذا لم يأمره عمر رضي الله عنه بالرجوع للغسل .
وقال أيضاً واحتج الجمهور بأحاديث صحيحة منها حديث الرجل الذي دخل وعمر يخطب وقد ترك الغسل وقد ذكره مسلم وهذا الرجل هو عثمان بن عفان ووجه الدلالة أن عثمان فعله وأقره عمر وحاضروا الجمعة وهم أهل الحل والعقد ولو كان واجباً لما تركه ولألزموه أهـ
يعني لألزموه بالرجوع للاغتسال ومن هذا يتبين للناظر أن غسل الجمعة ليس فرضاً ولا شرطاً في صحة الجمعة وإنما هو سنة يثاب من فعلها ولا يعاقب من تركها و بالله التوفيق .




--------



تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ


تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ

تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ]


[ المجلد الثالث ]

رابط تحميل الكتاب :











.

ام عادل السلفية 30-07-2015 11:14PM

بسم الله الرحمن الرحيم







تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام

للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -



[135] الحديث الثالث:
عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال : جاء رجل والنبي ﷺ يخطب الناس يوم الجمعة فقال :
(صليت يا فلان ؟ ) قال : لا قال : ( قم فاركع ركعتين ) .وفي رواية ( فصل ركعتين )


موضوع الحديث :
التحية في وقت الخطبة


المفردات :
جاء رجل : هو سليك الغطفاني
صليت يا فلان : استفهام بحذف الأداة أي أداة الاستفهام
قال لا : جواب الاستفهام يعني أنه لم يصل حين دخوله المسجد
قال قم فاركع ركعتين : أمر وقد ورد في بعض ألفاظه وتجوز فيهما


المعنى الإجمالي :
أمر النبي ﷺ من دخل يوم الجمعة والإمام يخطب أن يركع ركعتين قبل أن يجلس وأن يتجوز فيهما
بمعنى أن يخففهما


فقه الحديث :
أولاً : يؤخذ من الحديث أن من دخل يوم الجمعة والإمام يخطب فإنه يلزمه أن يصلي ركعتين قبل أن يجلس
وهذا هو قول الشافعي وأحمد وأكثر أصحاب الحديث لهذا الحديث وغيره مما هو أصرح منه وهو قوله ﷺ
( إذا جاء أحدكم المسجد يوم الجمعة والإمام يخطب فليركع ركعتين وليتجوز فيهما ) وذهب مالك
وأبو حنيفة إلى عدم جواز ركوع تحية المسجد لمن دخل والإمام يخطب وتأولوا هذه الأحاديث الصريحة
الصحيحة بتأويلات متعسفة :
أولها :أن النبي ﷺ لما أمر سليكاً سكت عن خطبته حتى قضى سليك صلاته وردّ هذا بأن الدار قطني ضعف
هذا الحديث فليس فيه حجة حتى ترد به الأحاديث الصحيحة .

الثاني : أن النبي ﷺ لما تشاغل بمخاطبة سليك سقط فرض الاستماع عنه يعني عن سليك وردّ بأن ذلك
انقضى حين انقضت مخاطبة النبي ﷺ ورجع إلى خطبته وتشـاغل سليك بامتثال ما أمر به النبي ﷺ


الثالث: أن هذه القصة قبل شروعه في الخطبة وردّ بأن ذلك ليس بصحيح بل قد دخل والنبي ﷺ قائم يخطب .


الرابع :أن ذلك كان قبل تحريم الكلام في الصلاة وهذا مردود أيضاً بأن الكلام في الصلاة حرم قديماً
بل قد قال بعضهم أن تحريم الكلام في الصلاة نزل بمكة .


الخامس : أن النبي ﷺ لما أمر سليكاً بالركوع إنما فعل ذلك ليري الناس بذّته فيتصدقوا عليه لأنه كان رجلاً
فقيراً وقد رد أيضاً والمهم أن الحافظ ابن حجر أوصل الاعتذارات عن العمل بهذا الحديث في الفتح إلى
عشرة كلها واهية وإنما حمل على مثل هذه الاعتذارات التعصب المذهبي وتقديم أقوال الشيوخ والأئمة
على النصوص التي جاءت عن المعصوم ﷺ والحق ما أيده الدليل وهو المذهب الأول .
ومن هنا تعلم أن التعصب للمذاهب داء عضال نسأل الله العافية منه وأقصد بذلك من يرد الدليل ويعتذر عن
العمل به لأنه خالف رأي إمامه وبالله التوفيق .


ثانياً:يؤخذ من الحديث أن الخطبة لا تمنع أداء التحية فقد أمر النبي ﷺ سليكاً بأداء التحية وهو يخطب .


ثالثاً : يؤخذ من هذا الحديث وما في معناه أن تحية المسجد واجبة لأن النبي ﷺ أمر بها أمراً إلزامياً في حال
أداء الخطبة .


رابعاً :يؤخذ منه أنه يجب فعل تحية المسجد ولو في الأوقات المنهي عن الصلاة فيها

خامساً :يؤخذ منه أن التحية لا تفوت بالجلوس ولكن يكون فعلها قبل الجلوس أداءً وبعده قضاء

سادساً : يؤخذ منه أنه يجوز للخطيب أن يكلم بعض المأمومين ويكلمونه

سابعاً : يؤخذ منه أن المأموم يجوز له أن يكلم الإمام ومن ذلك حديث أنس رضي الله عنه قال ( دخل
رجل والنبي ﷺ قائم يخطب فقال يا رسول الله هلكت الأموال وجاع العيال فادع الله أن يسقينا … الحديث )



--------




تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ



تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ]



[ المجلد الثالث ]


رابط تحميل الكتاب :













.

ام عادل السلفية 01-08-2015 12:14AM

بسم الله الرحمن الرحيم





تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام

للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -

[136] الحديث الرابع:
عن جابر رضي الله عنه قال : كان رسول الله ﷺ يخطب خطبتين وهو قائم يفصل بينهما بجلوس .

موضوع الحديث :
القيام في الخطبة والجلوس بين الخطبتين


المفردات : ‏
وهو قائم : الواو واو الحال والجملة بعده حالية
قوله يفصل بينهما بجلوس : أي يفصل بين الخطبتين بجلوس


المعنى الإجمالي :
أن النبي ﷺ كان يخطب خطبتين يعظ الناس فيهما ويذكرهم ويرغبهم فيما عند الله ويرهبهم مما
عنده يفصل بين الخطبتين بجلوس أي بقعدة خفيفة بين الخطبتين .

فقه الحديث : ‏
أولاً: أن هذا الحديث ليس من شرط المؤلف وهو أنه يخرج في هذا الكتاب ما اتفق عليه البخاري
ومسلم وهذا الحديث أخرجه مسلم وأصحاب السنن عن جابر وهو ابن سمرة قال في المنتقى أخرجه الجماعة
ما عدا البخاري والترمذي وقال ابن دقيق العيد في إحكام الأحكام وهذا اللفظ الذي ذكره المصنف لم
أقف عليه بهذه الصيغة في الصحيحين فمن أراد تصحيحه فعليه إبرازه وقال الصنعاني في العدة قلت :
وهذا اللفظ الذي أتى به المصنف هو لفظ الشافعي والنسائي والدار قطني كذا قال الحلبي في شرحه .

وقال الزركشي لفظ النسائي كان رسول الله _ يخطب خطبتين قائماً وكان يفصل بينهما بجلوس
أهـ العدة شرح العمدة 3/128 .

ثانياً: يؤخذ من الحديث أن الخطبتين واجبتان وبه قال جمهور الفقهاء وقال الصنعاني في العدة قوله
عند الجمهور أقول إشارة إلى ما نقل عن الحسن البصري والظاهري أي داود الظاهري أن الجمعة تصح
بلا خطبة وحكي عن مالك .. وقال أبو حنيفة تجزيء خطبة واحدة .

وقال الجمهور إنهما شرط لصحة الصلاة . أهـ من العدة 3/128
وقد نازع في ذلك بعض الفقهاء فقال ليس هناك ما يدل على الوجوب إلا مجرد الفعل ومجرد الفعل
لا يدل على الوجوب فضلاً عن الشرطية . قال ابن دقيق العيد فإن استدل بفعل الرسول صلى لهما مع
قوله ( صلوا كما رأيتموني أصلي ) ففي ذلك نظر يتوقف على أن يكون إقامة الخطبتين داخلاً تحت كيفية
الصلاة فإنه إن لم يكن كذلك كان استدلالاً بمجرد الفعل .

وقال الصنعاني وأقول ومجرده لا يدل على الإيجاب كما عرف في الأصول وقال الحلبي بعد أن نقل
كلام الشارح إن مجرد الفعل هنا كاف لأنه لم ينقل إنه صلى صلاها بلا خطبة ولو كان جائزاً لفعله ولو مرة ‏
واحدة لبيان الجواز على أنه بيان لمجمل الكتاب العزيز أهـ.

قال الصنعاني يريد به قوله تعالى ( فاسعوا إلى ذكر الله ) فإنه أمر بالسعي إلى ذكره وهو مجمل بينه فعله
ﷺ بالخطبتين والصلاة قلت : إن مواظبته صلى على الخطبتين منذ فرضت الجمعة إلى أن مات دال على
أن تلك هي صفة الجمعة التي لا تصح بدونها .

ثالثاً: يؤخذ من هذا الحديث أن الخطيب يخطب قائماً واستدل على ذلك بفعله صلى وبقوله تعالى
_وَتَرَكُوكَ قَائِمًا _[الجمعة آية 11] وترجم البخاري بقوله باب الخطبة قائماً قال في الفتح قال ابن المنذر
عليه عمل أهل العلم من علماء الأمصار ونقل عن أبي حنيفة أن القيام في الخطبة سنة وليس بواجب
وعن مالك أنه واجب فإن تركه أساء وصحت صلاته. وعند الباقين أن القيام للخطبة شرط للقادر كالصلاة
فإنه ما خطب رسول الله صلى إلا قائماً . وقد أخرج ابن أبي شيبة عن طاووس قال : (خطب رسول
الله صلى قائماً وأبو بكر وعمر وعثمان وأول من جلس على المنبر معاوية ) وبحديث كعب بن عجرة :
( أنه دخل المسجد وعبد الرحمن بن الحكم يخطب قاعداً فأنكر عليه وتلا قوله تعالى (وَتَرَكُوكَ قَائِمًا) وفي
رواية ابن خزيمة ( ما رأيت كاليوم قط إماماً يؤم المسلمين يخطب وهو جالس يقول ذلك مرتين )

قلت : الذي يظهر من هذا البحث أن القيام في الخطبة واجب فإن تركه أساء وأثم وصحت صلاته لأن
ذلك فعل في عهد الصحابة والصحابة متوافرون وذلك على عهد معاوية فلو كانت الصلاة باطلة لنقل
ذلك عنهم .

أما الجلوس فقد ورد واشتهر أن أول من فعله معاوية وقيل مروان والظاهر أن أول من فعله بالشام معاوية
وأول من فعله بالمدينة مروان تأسياً بمعاوية.
وقد ذكر أن معاوية لما كثر شحم بطنه لم يستطع القيام فخطب جالساً وتأسى به عماله وكانت سنة في بني
أمية لم تتغير إلا عندما قامت دولة العباسيين .

أما القعدة بين الخطبتين فقال ابن دقيق العيد وفي الحديث دليل على الجلوس بين الخطبتين ولا
خلاف فيه وقد قيل بركنيته وهو منقول عن أصحاب الشافعي .قال الصنعاني أقول نقلوا عن الشافعي أن
القعود بين الخطبتين ركن لأنه لم ينقل عنه ﷺ والخلفاء الأربعة بعده خلافه . قال وخالفه الجمهور في القعود
بينهما يعني الخطبتين فقالوا إنه سنة وبه قال الهادوية .


أما مقداره فقالت الشافعية يطمئن فيه بمقدار سورة الإخلاص أما من قال تجزيء السكتة قائماً عن
القعود فليس لهم دليل إلا القياس على السكتة بعد القراءة .
وبالله التوفيق .



--------





تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ


تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ]


[ المجلد الثالث ]


رابط تحميل الكتاب :













.

ام عادل السلفية 01-08-2015 07:31PM

بسم الله الرحمن الرحيم





تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام

للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -



[137] الحديث الخامس :
عن أبي هريرة رضي الله عنه : أن النبي ﷺ قال : ( إذا قلت لصاحبك : أنصت – يوم الجمعة والإمام يخطب – فقد لغوت )

موضوع الحديث :
منع الكلام في وقت الخطبة


المفردات :
قوله فقد لغوت : يقال لغا يلغو من باب دخل يدخل ونصر ينصر ولغي يلغى من باب أثم يأثم
ويمكن أن يقال لغا يلغي من باب رمى يرمي .
ويأتي لمعنيين يأتي لغا بمعنى سكت ويأتي لغا بمعنى تكلم ومجرى الكلام يقرر المعنى المقصود والظاهر
أن معنى لغوت معناه تكلمت وحينئذ تكون قد أبطلت جمعتك ويمكن أن يقال معنى لغوت يعني
أبطلت جمعتك لكن الأول أشهر لأن الخطاب للمصلين ولو كان المقصود منه إبطال جمعتك لكان أن
يقول فقد لغت جمعتك أي سقطت
. ويطلق اللغو على الكلام الذي لا خير فيه قال تعالى _ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا_ [الفرقان آية 72]


المعنى الإجمالي : ‏
للخطبة احترام في وقتها وتفريغ الذهني للاستماع لها لذلك قال النبي ﷺ من قال لأخيه أنصت يوم
الجمعة والإمام يخطب فقد لغا ومن لغا فلا جمعة له .


فقه الحديث : ‏
قال الزين بن المنير اتفقت أقوال المفسرين على أن اللغو ما لا يحسن من الكلام وقال النضر بن
شميل معنى لغوت خليت من الأجر وقيل بطلت فضيلة جمعتك ولعل الأقرب هذا من قول من قال صارت
جمعتك ظهراً .

لكن ورد حديث عند أبي داود وابن خزيمة من حديث عبدالله بن عمر مرفوعاً ( ومن لغا وتخطى رقاب الناس
كانت له ظهراً ) قال ابن وهب أحد رواته معناه أجزأت عنه الصلاة وحرم فضيلة الجمعة .
ولأحمد والبزار من حديث ابن عباس مرفوعاً ( من تكلم يوم الجمعة والإمام يخطب فهو كالحمار يحمل
أسفاراً والذي يقول له أنصت ليس له جمعة ) قال وله شاهد قوي في جامع حماد بن سلمة عن ابن عمر
موقوفاً.قال العلماء لا جمعة كاملة للإجماع على إسقاط فرض الوقت عنه أهـ.

ويؤخذ من الحديث وجوب الإنصات في الخطبة وقد حدده الشافعي بالأربعين وفيما عداهم قولان
أي أن الشافعي لا يرى وجوب الإنصات إلا إذا بلغ الحاضرون أربعين وهذا مبني على أن الجمعة لا تصح
إلا بهذا العدد . والقول بعدم صحة جمعة من دون هذا العدد قول لا ينبني على دليل إلا (حديث كعب
بن مالك وأنهم كانوا في أول جمعة جمعوها نحو أربعين) وهذا لا يفيد إبطال جمعة من دون هذا العدد
والقول أن الجمعة تنعقد بما أطلق عليه اسم الجماعة وهم( ثلاثة والإمام)
وسائر الأقوال لا تنبني على دليل صريح صحيح فمالك يرى أنها تنعقد باثني عشر والشافعي وأحمد يريان
أنها تنعقد بأربعين وأبو حنيفة يرى رأياً غير رأيهم ولكن هذه الأقوال لا تنبني على دليل يمنع ما دونها
والصحيح من أقوال أهل العلم هو ما ذكرته قبل قليل وعلى هذا فإن الإنصات واجب في كل عدد
تنعقد به الجمعة وهل الكلام حرام أو مكروه في هذا خلاف والقول الصحيح هو القول بالتحريم ومن أجاز
الكلام في الخطبة فإنه قد أساء وخالف الأدلة علماً بأن ابن عبد البر ذكر الاتفاق على وجوب الإنصات
على من حضر الجمعة إذا سمعها واختلفوا فيمن لم يسمع الخطبة لبعد أو صمم وهل يجوز له أن يذكر الله
أو يقرأ هذا محل خلاف ونظر والذي يظهر لي عدم الجواز ولو كان ذاكراً لأن من كان ذاكراً فقد تكلم
ومن تكلم فقد لغا كما في الحديث . واختلفوا في أربعة أشياء رد السلام وتشميت العاطس والصلاة
على النبي ﷺ إذا ذكر والتأمين على الدعاء .


وقد علمت أن النبي ﷺ أخبر أن من قال لأخيه أنصت يوم الجمعة والإمام يخطب أن جمعته لاغية
فإذا كان قد مُنع الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فغيره من باب أولى .
وقد استدل أصحاب مالك
بهذا الحديث على منع تحية المسجد في حال الخطبة ولا دليل لهم في ذلك فقد تقدم أن النبي ﷺ أمر بها
في حال الخطبة وليس للعقول ولا الأقيسة دخل في الأحكام الشرعية لأنها مأخوذة عمن عصمه الله
من الخطأ وأخبر أنه لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى ومعلوم أن من قال بالمنع فقد قال برأيه
وخالف الدليل الصحيح الصريح أو تابع من قال برأيه وجعل قوله مقدماً على ما صح عن المعصوم ﷺ.
وقد مضى معنا أن النبي ﷺ قال لسليك قم فاركع ركعتين وأوجز فيهما وإذا جاء نهر الله بطل نهر معقل
كما يقال .
وبالله التوفيق .


--------



تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ


تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ]


[ المجلد الثالث ]


رابط تحميل الكتاب :















.

ام عادل السلفية 03-08-2015 12:55AM

بسم الله الرحمن الرحيم





تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام

للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله-



[138]الحديث السادس :
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسـول الله ﷺ قال :(من اغتسل يوم الجمعة [ غسل الجنابة ] ثم راح في
الساعة الأولى فكأنما قرب بدنة ومن راح في الساعة الثانية فكأنما قرب بقرة ومن راح في الساعة الثالثة
فكأنما قرب كبشاً أقرن ومن راح في الساعة الرابعة فكأنما قرب دجاجة ومن راح في الساعة الخامسة فكأنما
قرب بيضة فإذا خرج الإمام حضرت الملائكة يستمعون الذكر )


موضوع الحديث :
فضيلة التبكير إلى الجمعة


المفردات :
راح : هو الذهاب في وقت الرواح وهو بعد الزوال وقد يطلق ويراد به مجرد الذهاب ؟
بدنة : هي الواحدة من الإبل
بقرة : هي الواحدة من البقر أي كأنما أهداها لتنحر في مكة
كبشاً أقرن : أي له قرون والدجاجة والبيضة معروفة
قرب : معناها إما أن يكون المقصود منه اهدي أو تصدق
حضرت الملائكة : يعني لتسمع خطبة الإمام والمراد بالذكر الخطبة
أما الساعة فسيأتي البحث فيها .


المعنى الإجمالي :
أخبر النبي ﷺ عن تفاوت الناس في السعي إلى الجمعة بحسب التبكير وأخبر أن كل قوم اشتركوا في ساعة
فلهم الفضل المذكور وأن هذه الساعات تنتهي بجلوس الإمام على المنبر وأن الملائكة الموكلون بكتابة
الناس على حسب حالهم في التقدم والتأخر يطوون صحفهم إذا خرج الإمام .


فقه الحديث :
أولاً :يؤخذ من هذا الحديث تأكيد الغسل يوم الجمعة وأن هذه الفضيلة لا تنال إلا بذلك لقوله من اغتسل
يوم الجمعة ثم راح ..إلخ .
قال الصنعاني في العدة أقول وقع في بعض طرقه في الصحيحين زيادة بلفظ غسل الجنابة وهو نعت لمصدر
محذوف أي غسلاً كغسل الجنابة ويؤيده ما وقع في بعض طرقه عند عبد الرزاق فاغتسل أحدكم كما يغتسل للجنابة .


ثانياً:يؤخذ من قوله يوم الجمعة أي من اغتسل يوم الجمعة ثم راح أن الغسل شرع للرواح إلى الجمعة ولم يشرع
لليوم خلافاً للظاهرية القائلين بأن الغسل شرع لليوم لا للصلاة وعندهم لو اغتسل بعد صلاة الجمعة جاز
ويرد قولهم ما رواه البخاري في باب وقت الجمعة إذا زالت الشمس من حديث عمرة عن عائشة بلفظ
(كان الناس مهنة أنفسهم وكانوا إذا راحوا إلى الجمعة راحوا في هيئتهم فقيل لهم لو اغتسلتم) فدل هذا على أن
الاغتسال لصلاة الجمعة لا ليوم الجمعة .


ثالثاً: يؤخذ منه استحباب التبكير للجمعة وأن فيه فضل عظيم .


رابعاً :اختلف في التبكير ما هو هل هو الذهاب من أول وقت الرواح إلى الجمعة أو هو الذهاب
من بعد طلوع الشمس وفي هذا خلاف مبني على الخلاف في الساعات .


خامساً :اختلف في الساعات ما هي هل هي الساعات التوقيتية التي ينقسم فيها اليوم إلى اثنتي عشرة ساعة
أو هي أجزاء زمانية ينقسم فيها وقت الرواح إلى خمس ساعات .ذهب إلى الأول الظاهرية وذهب إلى الثاني
الجمهور فالظاهرية يقولون التبكير يكون من أول النهار والجمهور يقولون التبكير يكون من أول وقت
الرواح ومذهب الجمهور هو الأصح .


سادساً : يرد على الظاهرية في قولهم هذا بأمور :-


أولها :أن كلمة راح لا تستعمل إلا في وقت الرواح أو ما هو قريب منه فلو كان التبكير من طلوع الشمس
لقال غدا ولم يقل راح .


ثانيها: أن أصحاب النبي ﷺ كانوا يذهبون لأعمالهم في أول النهار ثم يأتون إلى الجمعة وقد علاهم العرق
والغبار والدليل على ذلك ما رواه البخاري في باب وقت الجمعة إذا زالت الشمس من حديث عمرة عن
عائشة بلفظ ( كان الناس مهنة أنفسهم وكانوا إذا راحوا إلى الجمعة راحوا في هيئتهم فقيل لهم لو اغتسلتم).
ومعنى مهنة أنفسهم أي يباشرون أشغالهم بأنفسهم ليس لهم خدم .


ثالثها :أن الله عز وجل أمر بالسعي بعد النداء والنداء لا يكون إلا بعد الزوال .


رابعها:أنه ورد في حديث سعيد بن المسيب عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي ﷺ قال ( إِذَا كَانَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ
وَقَفَتِ الْمَلائِكَةُ عَلَى بَابِ الْمَسْجِدِ يَكْتُبُونَ الأَوَّلَ فَالأَوَّلَ وَمَثَلُ الْمُهَجِّرِ كَمَثَلِ الَّذِي يُهْدِي بَدَنَةً .... الحديث )
والمهجر هو الذاهب في الهاجرة والهاجرة هي نصف النهار .


خامسها :أنا لو اعتبرنا الساعات أنها هي الساعات التوقيتية لكان الإمام يخرج بعد الساعة الخامسة وهذا
يكون فيه تقدم على وقت الجمعة بساعة لأن الزوال لا يكون إلا بعد الساعة السادسة التي هي نصف النهار .


سادسها : أن كلمة التبكير لا يراد منها هنا الذهاب في البكور وإنما يراد منه التقدم في أول وقت الرواح
وبناء على هذه الأدلة فالقول الأرجح أن المراد بالساعات أجزاء زمانية قليلة تبدأ من أول وقت الرواح حتى
يجلس الإمام على المنبر وهذا هو قول الجمهور وقد تبين أن قول الظاهرية قول ضعيف ترده الأدلة .


سابعاً : يؤخذ من الحديث أن وقت الجمعة هو وقت الزوال لهذه الأدلة الصحيحة راح ، والمهجر، وما أشبه
ذلك لأن هذه الكلمات لا تقال غالباً إلا في وقت الزوال وما يقاربه وعلى هذا فهذه الأحاديث ترد قول
من قال أن وقت الجمعة يجوز قبل الزوال اعتماداً على (حديث عبدالله بن سيدان) وهو حديث متكلم فيه
فلا يقاوم هذه الأحاديث الصحيحة ومما يؤيد هذا المأخذ أن صلاة الجمعة هي بدل من صلاة الظهر
وصلاة الظهر لا تجوز إلا بعد الزوال بالنصوص الشرعية والإجماع .


ثامناً :يؤخذ منه فضيلة المبكر وأنه كمن أهدى بدنة ثم ما بعده على الترتيب .

تاسعاً :يؤخذ منه أن المشتركين في كل ساعة ثوابهم سواء حسب ظاهر الحديث فكل من جاء في
الساعة الأولى كأنما قرب بدنة ومن جاء في الساعة الثانية كأنما قرب بقرة ……….إلخ الحديث .

عاشراً :أن هذه الساعات تنتهي بجلوس الإمام على المنبر لقوله فإذا خرج الإمام حضرت الملائكة يستمعون
الذكر .

الحادي عشر: أن الملائكة يستمعون الذكر بعد أن يطووا صحفهم .

الثاني عشر : أن من جاء بعد جلوس الإمام على المنبر فلا فضل له .

الثالث عشر: أن البيضة تقرب وتكتب في العمل إذا كانت في سبيل خير وأنه لا يستهان بشيء من أعمال الخير
والشر كيف لا وقد قال الله تعالى _ فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ _ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ
_ [الزلزلة 7-8]





--------



تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ


تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ]


[ المجلد الثالث ]


رابط تحميل الكتاب :















.

ام عادل السلفية 04-08-2015 12:41AM

بسم الله الرحمن الرحيم







تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام

للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -



[139] الحديث السابع :
عن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه – وكان من أصحاب الشجرة قال : كنا نصلي مع رسول الله ﷺ صلاة
الجمعة ثم ننصرف وليس للحيطان ظل نستظل به .
وفي لفظ : كنا نجمع مع رسول الله ﷺ إذا زالت الشمس ثم نرجع فنتتبع الفيء .


موضوع الحديث :
وقت الجمعة


المفردات :
قوله وكان من أصحاب الشجرة :هي شجرة الحديبية التي بايع النبي ﷺ أصحابه تحتها وقد بايع النبي ﷺ
في ذلك اليوم ثلاث مرات في أول المبايعة وأوسطها وآخرها وكان شجاعاً فاضلاً صالحاً رامياً وكان يسبق
الفرس جرياً ويقال إنه هو الذي كلمه الذئب فروي أنه قال رأيت الذئب أخذ ظبياً فطلبته حتى أنتزعته منه فقال
ويحك مالك ومالي عمدت إلى رزق رزقنيه الله ليس من مالك فمالك تنتزعه مني قال فقلت يا عباد الله إن
هذا لعجب ذئب يتكلم فقال
الذئب أعجب من هذا أن النبي ﷺ في أصول النخل يدعوكم إلى عبادة الله فتأبون إلا عبادة الأوثان قال فلحقت برسول
الله ﷺ فأسلمت وغزا سلمة مع النبي ﷺ سبع غزوات وتوفي سنة 74هـ بالمدينة
ثم ننصرف : أي نعود من الصلاة .

وليس للحيطان ظل نستظل به : أي ليس لها ظل كاف للاستظلال به
قوله إذا زالت الشمس : إذا ظرف
لفعل نجمع أي نجمع مع رسول الله ﷺ حين تزول الشمس وهو شبه صريح أن الجمعة تصلى بعد الزوال وهو الراجح .


الفيء :هو الظل الذي يكون بعد الزوال وليس كل ظل فيء وإنما يقال للظل الذي بعد الزوال فيءٌ لأنه فاء
بمعنى رجع والفيء الرجوع قاله ابن قتيبة في أول كتاب أدب الكاتب وقال والعامة يذهبون إلى أن الظل والفيء
بمعنى واحد وليس كذلك بل الظل يكون غدوة وعشية في أول النهار وآخره . أهـ من العدة للصنعاني
ومفهوم كلام ابن قتيبة أن الفيء خاص بالظل الذي بعد الزوال .


المعنى الإجمالي :
يخبر سلمة بن الأكوع رضي الله عنه أنهم كانوا يصلون الجمعة مع النبي ﷺ إذا زالت الشمس ثم يعودون إلى
بيوتهم وليس للحيطان ظل يكفي للاستظلال به .


فقه الحديث :
يؤخذ من هذا الحديث أن وقت الجمعة هو وقت الظهر أي بعد الزوال وإلى ذلك ذهب جمهور أهل العلم .
وادعى ابن العربي الإجماع على أن وقتها بعد الزوال إلا ما نقل عن أحمد بن حنبل أنه إن صلاها قبل الزوال
أجزأته ، قال الحافظ ابن حجر قد نقله أي صحة وقوعها قبل الزوال ابن قدامه وغيره عن جماعة من السلف .

قلت : ذكر ابن قدامة في المغني أنه قد روي فعلها قبل الزوال عن ابن مسعود ومعاوية وجابر وعن
مجاهد وعطاء أن كل عيد في أول النهار وعدوا الجمعة من الأعياد وليس هذا أي كونها عيداً بمبيح لأدائها
قبل الزوال فالراجح أن وقتها وقت الظهر لأمور :-
أولاً : أنها بدل من الظهر فلا يصح أن تصلى إلا في وقت الظهر وهو بعد الزوال بإجماع المسلمين .


ثانياً : أن حديث سلمة بن الأكوع في الصحيحين وهو الحديث الذي نحن بصدد شرحه الآن يدل على أن
النبي ﷺ كان يفعلها عند الزوال لقوله كنا نجمع مع رسول الله ﷺ إذا زالت الشمس ثم نرجع فنتتبع
الفيء فهذه الرواية صحيحة وصريحة أن وقت الجمعة بعد الزوال وإذا تعارض هذا مع غيره رجح عليه لصحته
وصراحته .


ثالثاً: أما قوله وليس للحيطان ظل نستظل به فهذا النفي متوجه على القدر الكافي للاستظلال وليس
متوجهاً على مجرد الظل إذا علم هذا فإن الفيء الذي يكفي للاستظلال إنما يكون بعد وقت الزوال وليس
بعد الزوال مباشرة .


رابعاً : أن هذا الحديث يدل على أن النبي ﷺ كان يسرع بها بعد الزوال مباشرة ومما يدل على ذلك
حديث سهل بن سعد رضي الله عنه قال (ما كنا نقيل ولا نتغدى إلا بعد الجمعة ) وحديث جابر رضي الله عنه
قال (كنا نصلي مع رسول الله ﷺ ثم نرجع فنريح نواضحنا ) .


خامساً: ومما يدل على أن الجمعة بعد الزوال ما رواه مالك في الموطأ وهو أثر( أن طنفسة كانت لعقيل
بن أبي طالب توضع عند جدار المسجد فإذا غشيها الظل خرج عمر رضي الله عنه فصلى الجمعة ) ،
وهذا معناه أن الطنفسة كانت توضع إلى جانب جدار المسجد الغربي من الجهة الشرقية فإذا أمتد عليها
الظل خرج عمر بل هذا الأثر يدل على أن عمر كان يتأخر بعد الزوال قليلاً ولعله من أجل أن يجتمع الناس فإن
الناس كثروا في المدينة في زمنه .


سادساً :أن القاعدة الأصولية أنه إذا تعارض نصان فإما أن يكونا متكافئين في الصحة فيجمع بينهما وإن لم
يكونا متكافئين رجح أحدهما على الآخر أي يرجح الصحيح على الضعيف أو المنطوق على المفهوم
أو النص على الظاهر والآثار الواردة في تقديم الجمعة قبل الزوال كلها آثار عمن دون النبي ﷺ فلا تتعارض مع الثابت
عنه صلوات الله وسلامه عليه ومع ذلك ففيها ضعف أو في بعضها ورواية الصحيحين مقدمة على
غيرها لصحتها وصراحتها . وبالله التــوفيــق .





--------



تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ


تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ

تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ]


[ المجلد الثالث ]


رابط تحميل الكتاب :

















.

ام عادل السلفية 05-08-2015 01:47AM

بسم الله الرحمن الرحيم




تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام

للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله- ‏



[140] الحديث الثامن :
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : كان النبي ﷺ يقرأ في صلاة الفجر يوم الجمعة ( آلم تنزيل ) السجدة
و ( هل أتى على الإنسان ) .


موضوع الحديث :
ما يقرأ به في صلاة الفجر يوم الجمعة .


المفردات :
آلم تنزيل السجدة : اسم للسورة ويقال لها سورة الجمعة
وهل أتى على الإنسان : يقال لها سورة الإنسان


المعنى الإجمالي :
شرع الله عز وجل على لسان رسوله ﷺ قراءة هاتين السورتين في صلاة الفجر من يوم الجمعة لأن فيهما ذكر
خلق آدم وذكر يوم القيامة والجنة والنار فناسب قراءتهما في هذا اليوم تذكيراً لما قد وقع فيه من خلق آدم وبما
سيقع فيه من بعث الأجساد والقيام للجزاء


فقه الحديث :
يؤخذ من هذا الحديث استحباب قراءة هاتين السورتين في صبح يوم الجمعة وكره مالك قراءة السجدة في
صلاة الفرض خشية التخليط على المأمومين وخص بعض أصحابه الكراهة في صلاة السر أي التي تسر
فيها القراءة قال ابن دقيق العيد فعلى هذا لا يكون مخالفاً لمقتضى هذا الحديث ، وفي المواظبة على ذلك
دائماً وهو أنه ربما أدى الجهال إلى اعتقاد أن ذلك فرض في هذه الصلاة وفي مذهب مالك حسم مادة
هذه الذريعة .


قلت : ترك السنة المأثورة عن النبي ﷺ من أجل احتمالات قد تقع وقد لا تقع لا يجوز بل يجب علينا أن
نعمل بالسنة وأن نعلم الجهال ما خفي عليهم
وبالله التوفيق .




--------




تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ]


[ المجلد الثالث ]

رابط تحميل الكتاب :




التصفية والتربية
TarbiaTasfia@















.


Powered by vBulletin®, Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd

 


Security team