![]() |
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ المجلد الخامس ]
بسم الله الرحمن الرحيم تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي - رحمه الله - كتاب القصاص القصاص : بكسر القاف هو المماثلة مأخوذ من القص وهو القطع ومن اقتصاص الأثر وهو تتبعه كما قاله الواحدي لأن المقتص يتبع جناية الجاني فيأخذ مثلها كما قال الله تعالى (وَالْجُـرُوحَ قِصَاصٌ ) [المائدة : 45 ] أورد فيه [331]الحديث الأول : عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال : قال رسول الله ﷺ ( لا يحل دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله إلا بإحدى ثلاث: الثيب الزاني والنفس بالنفس والتارك لدينه المفارق للجماعة ) . موضوع الحديث : عصمة دم المسلم إلا بهذه الثلاث المذكورة في الحديث المفردات قوله لا يحل دم امرئ مسلم : يعني ليس هناك سبب يبيح دمه إلا هذه إلا بواحدة من هذه الثلاث . قوله دم امرئ : هذا عموم قوله مسلم : يخصص ذلك العموم أي امرئ متصف بالإسلام قوله يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله : هذا بيان لعقيدة المسلم وأنه لا يكون مسلماً إلا أن يشهد لله بوحدانية الأولوهية وأنه هو المستحق لجميع العبادة وأن يشهد لرسول الله ﷺ بالرسالة فمن فقد واحدة منهما لم يكن مسلماً وإن ادعى ذلك قوله إلا بإحدى ثلاث : أي واحدة من الثلاث المذكورة الثيب : هو من وطأ في نكاح صحيح والمرأة الثيب هي من وطئت في نكاح صحيح أيضاً الزاني : يعني إذا زنى وهو ثيب فإنه يباح قتله على الكيفية الواردة في عقوبة الزاني المحصن وهو الرجم بالحجارة حتى يموت قوله والنفس بالنفس : يعني أنه من قتل نفساً معصومة قتل بها والتارك لدينه : المقصود به المرتد المفارق للجماعة : أي جماعة المسلمين فإنه من لازم الردة مفارقة الجماعة المعنى الإجمالي أخبر النبي ﷺ بأن كل مسلم معصوم الدم لا يحل إزهاق روحه بأي سبب من الأسباب غير هذه الثلاثة وهو من زنى وهو ثيب فإنه يرجم بالحجارة حتى يموت ومن قتل نفساً بغير نفس فإنه يقتل بها ومن ارتد عن دين الإسلام وفارق جماعة المسلمين فإنه يباح قتله لهذا السبب . فقه الحديث أولاً : يؤخذ من الحديث أن المسلم لا يكون مسلماً إلا أن يشهد لله بوحدانية الأولوهية وأن يشهد لرسول الله ﷺ و بالرسالة العامة لجميع البشر ثانياً : أن من شهد أن لا إله إلا الله ولكنه خالف تلك الشهادة بدعوته لغير الله عز وجل واعتقاد القدرة فيه على جلب النفع ودفع الضر الذي لا يقدر أحد غير الله عز وجل على جلبه أو دفعه من اعتقد هذا الاعتقاد ولو تشهد بهذه الشهادة فهو مشرك شركاً أكبر يحرج به من الإسلام وما أكثر من هم على هذه الوتيرة ممن يدعون الإسلام فتجد كثيراً ممن يزعمون أنهم مسلمون يدعون الأموات ويعتقدون فيهم القدرة على ما لا يقدر عليه إلا الله من إنجاب الولد وإنزال المطر ورفع العاهة وغير ذلك من الاعتقادات التي هي معروفة عنهم ومثل هؤلاء يبين لهم أن هذا الاعتقاد كفر فمن أصر على ذلك فإنه يكون كافراً حلال الدم والمال ثالثاً: مقتضى شهادة أن محمداً رسول الله أن يعتقد العبد أن الله أرسل محمداً بالحق وأنزل عليه الكتاب وشرع له الشريعة وأنه لا يسع أحداً من الناس أن يخرج عنها وهذا هو مقتضى عقيدة الإسلام وهو حقيقة الإسلام فلا يكون الإنسان مسلماً على الحقيقة إلا بأن يعتقد هذا الاعتقاد . رابعاً : من اعتقد هذا الاعتقاد عصم دمه وماله فلا يحل إزهاق روحه إلا بواحدة من الثلاث المذكورة في الحديث خامساً : الأولى من هذه الثلاث أن يزني وهو ثيب ويثبت عليه ذلك باعترافه أو بالبينة فإنه يرجم حتى يموت سادساً : أن قتل الثيب الزاني يكون بالرجم فمن قتل الزاني بالسيف فإنه قد جانب الحق وبعد عن الصواب إذاً فلا بد أن نعتقد الكيفية بالقتل مع اعتقاد الإباحة لدمه سابعاً : يؤخذ من قوله والنفس بالنفس أن من قتل مسلماً قتل به قصاصاً إذا وجدت العمدية بأن يقتله عامداً ثامناً :يستثنى من الصفة ما إذا قتل بشيء محرم فإن الموافقة في الصفة لا تجوز كما لو قتل الجاني شخصاً باللواط فيه حتى مات وما أشبه ذلك فإن المماثلة حينئذ لا تجوز تاسعاً : يؤخذ من قوله والتارك لدينه المفارق للجماعة أن من ترك الدين بأن ارتد عنه فإنه يقتل لحديث ابْنَ عَبَّاسٍ رضي الله عنه قال : قَالَ النَّبِيُّ ﷺ ( مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ) عاشراً : اختلف أهل العلم في المرأة المرتدة هل تقتل كالرجل أو لا تقتل ؟ والصواب أنها تقتل للحديث الذي سبق ذكره حيث من هي من أدوات العموم فتعم الذكر والأنثى . الحادي عشر: أن من كان كافراً أصلاً كاليهودي والنصراني ثم دخل في الإسلام ثم أراد الرجوع عن الإسلام إلى دينه قتل وفي ذلك ما ورد في صحيح البخاري ومسلم وغيرهما أن رسول الله ﷺ أرسل أَبَا مُوسَى إلى الْيَمَنِ ثُمَّ أَتْبَعَهُ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ فَلَمَّا قَدِمَ عَلَيْهِ قَالَ انْزِلْ وَأَلْقَى لَهُ وِسَادَةً وَإِذَا رَجُلٌ عِنْدَهُ مُوثَقٌ قَالَ مَا هَذَا قَالَ هَذَا كَانَ يَهُودِيًّا فَأَسْلَمَ ثُمَّ رَاجَعَ دِينَهُ دِينَ السَّوْءِ فَتَهَوَّدَ قَالَ لا أَجْلِسُ حَتَّى يُقْتَلَ قَضَاءُ اللَّهِ وَرَسُولِهِ …) الثاني عشر: اختلفوا في تارك الصلاة هل هو كافر أم لا ؟ فمن قال هو كافر أوجب قتله كفراً إذا أصر على ما هو عليه ولم يتب . وذهب قوم إلى أن تارك الصلاة ليس بكافر وهؤلاء اختلفوا في حده فذهب مالك والشافعي إلى أنه يقتل حداً بعد الاستتابة وذهب أبو حنيفة إلى أنه لا يقتل ولكن يعزر وقال أحمد بن حنبل في الرواية المشهورة عنه تارك الصلاة كافر يستتاب فإن تاب وإلا قتل كفراً وهو الذي نعتقد بأنه هو الصواب لقوله تعالى ( فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ ) [التوبة : 5 ] ولقوله ﷺ كما في حديث جَابِر رضي الله عنه قال سَمِعْتُ النَّبِيَّ ﷺ يَقُولُ ( إِنَّ بَيْنَ الرَّجُلِ وَبَيْنَ الشِّرْكِ وَالْكُفْرِ تَرْكَ الصَّلاةِ ) ولحديث عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّه ﷺ ( الْعَهْدُ الَّذِي بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ الصَّلاةُ فَمَنْ تَرَكَهَا فَقَدْ كَفَرَ ) ولحديث عبد الله بن شقيق العقيلي قال ( كان أصحاب محمد ﷺ لا يرون شيئا من الأعمال تركه كفر غير الصلاة ) وأقول : إن هذه الأحاديث صالحة للاستدلال بها على أن تارك الصلاة كافر إذاً فهو داخل في قوله والتارك لدينه المفارق للجماعة أما حديث عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّe أَنَّهُ ذَكَرَ الصَّلاةَ يَوْمًا فَقَالَ مَنْ حَافَظَ عَلَيْهَا كَانَتْ لَهُ نُورًا وَبُرْهَانًا وَنَجَاةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمَنْ لَمْ يُحَافِظْ عَلَيْهَا لَمْ يَكُنْ لَهُ نُورٌ وَلا بُرْهَانٌ وَلا نَجَاةٌ وَكَانَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَعَ قَارُونَ وَفِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَأُبَيِّ بْنِ خَلَفٍ ) والحديث الآخر عن عُبَـادَةُ بن الصامت رضي الله عنه قال سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ خَمْسُ صَلَوَاتٍ كَتَبَهُنَّ اللَّهُ عَلَى الْعِبَادِ مَنْ جَاءَ بِهِنَّ لَمْ يُضَيِّعْ مِنْهُنَّ شَيْئًا اسْتِخْفَافًا بِحَقِّهِنَّ كَانَ لَهُ عِنْدَ اللَّهِ عَهْدٌ أَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ وَمَنْ لَمْ يَأْتِ بِهِنَّ فَلَيْسَ لَهُ عِنْدَ اللَّهِ عَهْدٌ إِنْ شَاءَ عَذَّبَهُ وَإِنْ شَـاءَ أَدْخَلَهُ الْجَنَّةَ ) وأقول : إن من ألفاظ هذا الحديث ( فَمَنْ جَاءَ بِهِنَّ لَمْ يَنْتَقِصْ مِنْهُنَّ شَيْئًا ) فهذا الحديث وأمثاله فيمن انتقص من حقهن شيئاً أما التارك لها بالكلية فهو كافر على الأصح وقد ذهب إلى ذلك كثير من المحققين ممن عاصرناهم منهم الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله والشيخ محمد بن صالح بن عثيمين رحمه الله وهذا ما نعتقد أنه الصواب وبالله التوفيق . الثالث عشر : قد ورد عن النبي ﷺ أنه أباح دم الصائل والله سبحانه وتعالى أباح قتل المحارب إذا قتل والحكم فيه إلى إمام المسلمين فهذه الأحاديث لا تنافي بينها وبين هذا الحديث لأن إباحة القتل فيها لأسباب ترتبت عليها وبالله التوفيق . -------- تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 5 ] [ المجلد الخامس ] http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam5.pdf الرابط المباشر لتحميل الكتاب : http://subulsalam.com/play.php?catsmktba=9384 التصفية والتربية TarbiaTasfia@ |
بسم الله الرحمن الرحيم تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي -رحمه الله- الحديث الثاني : عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال : قال رسول الله ﷺ أول ما يقضى بين الناس يوم القيامة في الدماء ) موضوع الحديث : الدماء وأهميتها وأنها أول ما يقضى فيه يوم القيامة المفردات يقضى : يحكم في الدماء : أي في إراقتها وإزهاق الأرواح بها المعنى الإجمالي يخبر عبدالله بن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ قال أول ما يقضى بين الناس يوم القيامة في الدماء وهو دال على أهمية الدماء والمراد به القتل وسفك الدم بغير حق وأن أول ما يقضى فيه يوم القيامة هي الدماء فقه الحديث قد ثبت عن النبي ﷺ أن الناس يلتمسون من يشفع لهم في فصل القضاء فيذهبون إلى آدم فيأبى ثم يذهبون إلى نوح ثم إبراهيم ثم موسى ثم عيسى وكل منهم يقول لست لها فإذا أتوا إلى النبي ﷺ قال أنا لها وقد ذكر صلوات الله وسلامه عليه أنه يذهب فيستأذن علىربه فيؤذن له فيسجد بين يدي ربه قدر جمعة ثم يقال له يا محمد أرفع رأسك وقل يسمع واشفع تشفع فيقول النبي ﷺ رب أمتي رب أمتي فيأمر الله عز وجل بفصل القضاء فتكون أمة محمد هي أول أمة يقضى بينها ولهذا يقول علي بن أبي طالب أنا أول من يجثوا بين يدي الله عز وجل للخصومة يوم القيامة وذلك لأنه كان أحد الثلاثة المسلمين الذين بارزوا يوم بدر وفيهم نزل قول الله عز وجل ( هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ ) [الحج : 19 ] فأمة محمد ﷺ هي أول من يقضى بينها وأول ما يقضى بينهم في الدماء وأول دماء أريقت في سبيل الله هي دماء المبارزين في بدر والثلاثة المقابلين لهم دمائهم أريقت في سبيل الطاغوت إذاً فأول ما يقضى بين الناس في الدماء وفيما يتعلق بالحقوق بينهم وأول ما يحاسب به العبد الصلاة وهذا الحساب يتعلق بين العبد وبين ربه فلا تنافي إذاً وبالله التوفيق . -------- تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 5 ] [ المجلد الخامس ] http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam5.pdf الرابط المباشر لتحميل الكتاب : http://subulsalam.com/play.php?catsmktba=9384 |
بسم الله الرحمن الرحيم تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي - رحمه الله - الحديث الثالث : عن سهل بن حثمة قال أنطلق عبدالله بن سهل ومحيصة بن مسعود إلى خيبر وهي يومئذ صلح فتفرقا فأتى محيصة إلى عبدالله بن سهل – وهو يتشحط في دمه قتيلاً – فدفنه ثم أتى المدينة فانطلق عبدالرحمن بن سهل ومحيصة وحويصة ابنا مسعود إلى النبيeفذهب عبدالرحمن يتكلم فقال كبر كبر وهو أحدث القوم فسكت فتكلما فقال : أتحلفون وتستحقون قاتلكم أو صاحبكم ؟ قالوا وكيف نحلف ولم نشهد ولم نر ؟ قال فتبرئكم يهود بخمسين يميناً فقالوا كيف نأخذ بأيمان قوم كفار ؟ فعقله النبي e من عنده) وفي حديث حماد بن زيد فقال رسول الله e يقسم خمسون منكم على رجل منهم فيدفع برمته قالوا : أمر لم نشهده كيف نحلف ؟ قال فتبرئكم يهود بأيمان خمسين منهم قالوا يا رسول الله قوم كفار . وفي حديث سعيد بن عبيد فكره رسول الله أن يبطل دمه فوداه بمائة من إبل الصدقة موضوع الحديث : القسامة المفردات انطلق : ذهب محيصة وحويصة : ورد بالفتح والتشديد وورد بإسكان الياء حويصة ومحيصة ولكن التشديد أشهر يتشحط في دمه : أي يضطرب فيه قتيلاً فذهب عبد الرحمن يتكلم فقال النبي e كبر كبر : بمعنى يتكلم الأكبر أتحلفون وتستحقون دم قاتلكم أو صاحبكم : استفهام طلبي قالوا كيف نحلف ولم نشهد ولم نر : أي أن هذا لا يمكن قوله فتبرئكم يهود : أي تبرأ من دم صاحبكم بخمسين يميناً أي يحلفون خمسين يميناً أنهم ما قتلوا وما علموا قالوا كيف بأيمان قوم كفار فعقله : أي ساق ديته من عنده . وفي حديث حماد بن زيد يقسم خمسون منكم على رجل منهم فيدفع برمته : المراد بالرمة الحبل الذي يربط له الأسير أو الجاني قالوا أمر لم نشهده : أي لم نحضره وتبرئكم يهود بأيمان خمسين منهم قالوا يا رسول الله قوم كفار وفي حديث سعيد بن عبيد فكره رسول الله e أن يبطل دمه بمعنى يهدر فوداه : أي ساق ديته المعنى الإجمالي ذهب رجلان من الأنصار إلى خيبر وهي يومئذ صلح فتفرقا ثم أتى أحدهما إلى الآخر فوجده قتيلاً فواراه ثم رجع إلى المدينة وأخبر النبي e بخبره مدعين على اليهود أنهم قتلوه فقال النبي e يحلف خمسون منكم على رجل منهم فيدفع برمته أي يدفع إليكم لتقتلوه بصاحبكم فأبوا أن يحلفوا قال فتحلف لكم يهود خمسين يميناً تبرئكم بها من دم صاحبكم فأبوا أن يقبلوا أيمانهم لأنهم قوم كفار . فقه الحديث أولاً : يؤخذ من الحديث مشروعية القسامة في الدماء وذهب إلى القول بها جمهور الفقهاء والمحدثين على اختلاف بينهم في التفاصيل .والقول بالقسامة هو الحق لهذا الحديث لكن تجب القسامة بشرط اللوث ثانياً : اللوث هو الشيء الذي تشتد به التهمة فيكون قرينة على صدق دعوى المدعي وقد حصروا اللوث في سبع صور منها : إذا وجد المقتول في محلة أو قرية بينه وبين أهلها عداوة ظاهرة ووصف بعضهم القرية أن تكون صغيرة واشترط ألا يكون معهم ساكن من غيرهم الثانية : أن يوجد رجل حول المقتول متلطخاً بالدماء وذكروا تمام الصور ثالثاً : قول النبي e لعبد الرحمن بن سهل كبر كبر يؤخذ منه أن الكلام يكون للأكبر سناً لكن إذا كان الأصغر أفقه أو أقدر على الكلام فإنه حينئذ يجوز له لأن الأمر أمر ندب لا إيجاب رابعاً : يؤخذ من قول النبي e أتخلفون وتستحقون دم قاتلكم أو قال دم صاحبكم يؤخذ منه أن القسامة يبدأ فيها بالمدعين خامساً : أن الحلف في القسامة يكون خمسين يميناً لقوله أتحلفون أو قال يحلف خمسون منكم على رجل منهم سادساً : إذا كان المدعون أقل من الخمسين وزعت عليهم الأيمان بحسب عددهم ومتى انكسرت جبر النقص فإن كانوا خمسة حلف كل واحد منهم عشرة أيمان وإن كانوا عشرة حلف كل واحد منهم خمسة أيمان سابعاً : أن هذه الأيمان تكون على المدعين من عصبة المقتول وقرابته ثامناً : أن القسامة إنما تكون على شخص معين لقوله تحلفون خمسين يميناً على رجل منهم ويدفع إليكم برمته تاسعاً : متى حلفوا على شخص معين سلم إليهم ليقتصوا به على القول الصحيح لقوله فيدفع إليكم برمته أي بالحبل الذي هو موثق به لتقتلوه عاشراً : قال الشافعي إذا حلفوا على جماعة جاز واستحقوا بذلك الدية فقط الحادي عشر : الأصح أن الأيمان الخمسين توزع على الوارثين ويجبر النقص إذا حصل الانكسار الثاني عشر: أن المدعين إذا كانوا أكثر من خمسين حلف خمسون منهم فقط الثالث عشر: جريان القسامة في قتل الحر فهل يلحق به العبد قولان للشافعي الرابع عشر: جريان القسامة في النفس الكاملة فهل تجري القسامة في الأطراف والجراح مذهب مالك لا ومذهب الشافعي قولان الخامس عشر : جواز الحكم على الغائب إذا تعذر إحضاره وسماع الدعوى في الدماء مع غياب المدعي عليه السادس عشر: جواز اليمين للظن الراجح إن لم يوجد ما يوجب القطع به السابع عشر: إن الحكم بين المسلم والكافر يكون بحكم الإسلام الثامن عشر : نظر الإمام في المصالح العامة والاهتمام بإصلاح ذات البين التاسع عشر: جواز دفع الدية لأولياء المقتول من بيت مال المسلمين العشرون : كراهة إبطال دم المسلم وذهابه هدراً بدون مقابل لقوله فكره أن يبطل دمه الحادي والعشرون : جواز دفع الدية لمن جهل قاتله من إبل الصدقة الثاني والعشرون : أن الدية تكون من الإبل وهي الأصل فيها الثالث والعشرون : أن المدعين إذا نكلوا عن اليمين نقلت على المدعى عليهم الرابع والعشرون : أن المدعى عليهم في القسامة إذا حلفوا على البراءة برئوا من الدم لقوله فتبرئكم يهود الخامس والعشرون : أن هذه القصة هي أول قسامة وقعت في الإسلام السادس والعشرون : أنه إذا نكل واحد من المدعى عليهم عن اليمين دفع قسطه من الدية وهي بعيران وبالله التوفيق . -------- تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 5 ] [ المجلد الخامس ] http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam5.pdf الرابط المباشر لتحميل الكتاب : http://subulsalam.com/play.php?catsmktba=9384 |
بسم الله الرحمن الرحيم تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي - رحمه الله - الحديث الرابع : عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن جارية وجد رأسها مرضوضاً بين حجرين فقيل من فعل هذا بك ؟ فلان ؟ فلان ؟ حتى ذكر يهودي فأومأت برأسها فأخذ اليهودي فاعترف فأمر النبي ﷺ أن يرض رأسه بين حجرين ) ولمسلم والنسائي عن أنس : أن يهودياً قتل جارية على أوضاح فأقاده رسول الله ﷺ . موضوع الحديث : القصاص بالمثل المفردات مرضوضاً : الرض هو الكسر بأن يجعل حجر تحته ويضرب بحجر من فوقه أن يرض رأسه بين حجرين :أي يفعل به كما فعل هو بالجارية أوضاح : الأوضاح هي نوع من الحلي الورق أي الفضة وتجعل فوق المرفق من المرأة وسميت أوضاحاً لبياضها ولمعانها المعنى الإجمالي يخبر أنس بن مالك رضي الله عنه أن جارية من الأنصار رضَّرأسها يهودي بحجر فأدركوها وبها رمق فسئلت من فعل بك هذا ؟ فلان ؟ فلان ؟ أشارت برأسها أن لا . فلان ؟ أشارت برأسها أن لا . فلان ؟ أشارت برأسها نعم . فأخذ ذلك اليهودي وسئل فاعترف فقه الحديث يؤخذ من هذا الحديث مسائل أولاً : قتل الرجل بالمرأة ، قال ابن الملقن وهو إجماع ممن يعتد به ثانياً : قتل الذمي بالمسلم فاليهودي ذمي والجارية مسلمة ثالثاً : يؤخذ منه قتل الكبير بالصغير فالجارية هي الصغيرة من الإناث مثل الغلام من الذكور فإذا بلغت قيل امرأة أو فتاة أو شابة رابعاً : يؤخذ منه جواز التوسط إلى معرفة القاتل بتعداد الأشخاص المتهمين إذا كان يعرفهم فإذا قال نعم أو أشار إشارة يفهم منها بأنه هو الجاني أخذ بذلك واستجوب خامساً : إذا قال المجني عليه نعم فلا يقضى على الجاني بذلك ولكن يستجوب ويشدد عليه فإن اعترف قص به سادساً : يؤخذ من الحديث الاكتفاء بالإشارة حيث أن الجارية أشارت برأسها أن نعم وكان ذلك كافياً عن القول سابعاً : مشروعية المماثلة في القصاص فإن قتل بمحدد قتل بمثله وإن قتل بمثقل قتل بمثله وخالفت الحنفية فمنعت القتل بمثقل واستدلوا بحديث النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ e قَالَ ( لا قَوَدَ إِلا بِالسَّيْفِ ) وهذا الحديث فيه ضعف ثامناً : يشهد لهذا الحديث قول الله عز وجل (وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ ) [ النحل : 126 ] تاسعاً : أن القصاص مشروع في الجنايات المتعمدة سواء كان في القتل أو ما دون القتل إلا إذا كانت الجناية دون القتل ولا تنضبط فيها المماثلة فإنه حينئذ يرجع إلى الأرش والأرش هو دية الجناية من المال عاشراً : يستثنى من المماثلة ما إذا كان القتل حصل بمحرم كالقتل بالسحر والقتل باللواط والقتل بإلقائه في النار لأنه جاء في الحديث( لا يُعَذِّبُ بِالنَّارِ إِلا رَبُّ النَّارِ ) (وَإِنَّ النَّارَ لا يُعَذِّبُ بِهَا إِلا اللَّهُ ) -------- تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 5 ] [ المجلد الخامس ] http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam5.pdf الرابط المباشر لتحميل الكتاب : http://subulsalam.com/play.php?catsmktba=9384 |
بسم الله الرحمن الرحيم تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي - رحمه الله - الحديث الخامس : عن أبي هريرة رضي الله عنه قال لما فتح الله على رسوله ﷺ مكة قتلت هذيل رجلاً من بني ليث بقتيل كان لهم في الجاهلية . فقام النبي ﷺ فقال إن الله تعالى قد حبس عن مكة الفيل وسلط عليها رسوله والمؤمنين وإنها لم تحل لأحد كان قبلي ولا تحل لأحد بعدي وإنما أحلت لي ساعة من نهار وإنها ساعتي هذه حرام لا يعضد شجرها ولا يختلى خلاها ولا يعضد شوكها ولا تلتقط ساقطتها إلا لمنشد . ومن قتل له قتيل فهو بخير النظرين إما أن يقتل وإما أن يدي فقام رجل من أهل اليمن يقال له أبو شاه فقال يا رسول الله اكتبوا لي فقال رسول الله ﷺ اكتبوا لأبي شاه ثم قام العباس فقال يا رسول الله إلا الإذخر فإنا نجعله في بيوتنا وقبورنا فقال رسول الله ﷺ إلا الإذخر . موضوع الحديث : تحريم مكة المفردات لما فتح الله تعالى على رسوله مكة : الفتح سنة ثمان قتلت هذيل : المراد بهذيل قبيلة وبنو ليث : هم بنو بكر بن عبد مناة القتل : أسند لهذيل وهي القبيلة ولكن الفاعل هو رجل منهم والظاهر أن القاتل هو رجل من خزاعة قال ابن الملقن : روى ابن إسحاق أن فراش بني أمية من خزاعة قتل ابن الأدلع الليثي بقتيل قتل في الجاهلية فقال ﷺ يا معشر خزاعة ارفعوا أيديكم عن القتل فقام النبي ﷺ : أي قام خطيباً فقال إن الله تعالى قد حبس عن مكة الفيل وسلط عليها رسوله والمؤمنين حبس : منع والفيل هو الذي أتي به لهدم الكعبة فسلط عليها رسوله : أي أباحها لهم بحيث أباح القتل فيها قوله إنها لم تحل لأحد كان قبلي ولا تحل لأحد بعدي : إخبار باستمرار حرمتها سابقاً ولاحقاً وأن الله أباحها لرسوله ﷺ ساعة من نهار فقط قوله لا يعضد شجرها : أي لا يقطع ولا يختلى خلاها : المراد بالخلاء هو العلف فلا يجوز أخذه ولكن ما أكلته الدواب بأفواهها فلا شيء فيه قوله ولا يعضد شوكها : أي لا يقطع الشجر الذي فيه الشوك كالسلام والسمر والسدر وما إلى ذلك قوله ولا تلتقط ساقطتها : أي الضالة التي سقطت من نقود أو غيرها إلا لمنشد يعني أنها لا تحل له مع طول الزمن ومن قتل له قتيل فهو بخير النظرين : أي يخير الخيرتين إما أن يقتل وإما أن يدي أي هو بالخيار بين القصاص وأخذ الدية فقام رجل من أهل اليمن فقال اكتبوا لي يا رسول الله فقال رسول الله ﷺ اكتبوا لأبي شاه والمرادبه كتابة خطبة النبي ﷺ ثم قام العباس وقال يا رسول الله إلا الإذخر فإنا نجعله في بيوتنا وقبورنا فقال رسول الله إلا الإذخر الإذخر :نوع من الحشائش له رائحة طيبة أما جعله في البيوت فهو أن يوضع فوق الأسرى (الخشب) ويجعل فوقه الطين وأما جعله في القبور فهو بأن يجعل على الفجوات أو الفوارق التي تكون بين اللبن بحيث يوضع عليه الطين الذي يمنع تسلل التراب إلى اللحد المعنى الإجمالي يخبر أبو هريرة رضي الله عنه أنه لما فتحت مكة قتل رجل من خزاعة رجلاً من هذيل بقتيل لهم كان في الجاهلية وأن النبي ﷺ قام فخطب بما ذكر في الحديث حيث بين حرمة مكة وأنها كانت ولا زالت محرمة وأن الله حبس عنها أهل الفيل وأباحها لنبيه ﷺ ساعة من نهار وليس المراد بالساعة هي الساعة المحدودة ولكن المراد وقتاً من نهار يوم الفتح إذ أنها أبيحت لرسول الله ﷺ من صبيحة ذلك اليوم إلى العصر وأخبر أن حرمتها عادت بعد ذلك كما هي لا يعضد شوكها ولا يختلى خلاها ولا تحل ساقطتها إلا لمنشد فقه الحديث أولاً : إنكار النبي ﷺ على من قتل بعد الفتح مبادرة لحكم الإسلام ثانياً : أن ذلك مما أوجب قيام النبي ﷺ بالخطبة المذكورة في الحديث ثالثاً : يؤخذ منه مشروعية الخطبة للأمر يحدث رابعاً : يؤخذ منه أن حرمة مكة لم تكن مستجدة ولكنها قديمة بقدم الزمن خامساً : يؤخذ منه تخصيص النبي ﷺ بالإذن له فيها وذلك في يوم الفتح سادساً : أن حرمتها بعد ذلك اليوم عادت كما كانت من قبل سابعاً : إخبار النبي ﷺ عن حرمة الحرم المكي وكيفية تلك الحرمة ثامناً : بين تلك الحرمة بقوله لا يعضد شجرها ولا يختلى خلاها ولا يعضد شوكها لأن أشجارها محرمة لا يجوز قطعها ولا إبعادها تاسعاً : أن من قطع شجرة فعليه في ذلك جزاء والخلاف في الجزاء بأي شيء يكون ؟ وقد ذهب بعض الفقهاء أن في الشجرة الكبيرة بقرة والمتوسطة شاة وفي الغصن صدقة عاشراً : ولا تلتقط ساقطتها إلا لمنشد فهذه خصيصة اختص بها الحرم المكي فمن وجد لقطة في غيرها عرف بها سنة ثم تملكها لكن لقطتها لا تملك مدى الدهر والعلة في ذلك أنها مجتمع الناس فلا يجوز تملك لقطتها الحادي عشر: يؤخذ من قوله ( ومن قتل له قتيل فهو بخير النظرين ) يؤخذ منه أن ولي القاتل له أن يختار القصاص وأن يعفو على الدية وأن يعفو بدون مقابل لكن المذكور هنا ( إما أن يقتل وإما أن يدي ) الثاني عشر : هل يجوز العفو على الدية بدون إذن الجاني ؟ قال بعض أهل العلم لا والجمهور على خلافه لأن الحق في ذلك لأولياء الدم الثالث عشر :قوله فقام رجل من أهل اليمن يقال له أبو شاه فقال يا رسول الله اكتبوا لي يؤخذ منه مشروعية كتابة غير القرآن إذا احتيج إلى ذلك والمسالة فيها خلاف والحق ما جرى عليه أهل الإسلام من زمن النبي ﷺ إلى الآن . الرابع عشر: قوله ثم قام العباس يؤخذ منه استثناء الإذخر من الشجر المكي وأنه يجوز أخذه سواء كان أخضراً أو يابساً الخامس عشر : يؤخذ منه جواز الاستثناء بعد انقضاء أو تمام الكلام وفيه خلاف بين أهل أصول الفقه ، وبالله التوفيق . -------- تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 5 ] [ المجلد الخامس ] http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam5.pdf الرابط المباشر لتحميل الكتاب : http://subulsalam.com/play.php?catsmktba=9384 |
بسم الله الرحمن الرحيم تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي - رحمه الله - الحديث السادس : عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنهاستشار الناس في إملاص المرأة فقال المغيرة بن شعبة شهدت النبي ﷺ قضى فيه بغرة عبد أو أمة فقال لتأتين بمن يشهد معك فشهد معه محمد بن مسلمة إملاص المرأة : أن تلقي جنينها ميتاً موضوع الحديث : ما هو الواجب في الجنين إذا سقط بجناية المفردات إملاص المرأة: هو إسقاط جنينها إذا حصل ذلك بجناية قال ابن الملقن الإملاص بكسر الهمزة وهو جنين المرأة يقال أملصت به أو أزلقت به أو أسهلت به وذلك إذا خرج قبل تمامه وقال المغيرة بن شعبة شهدت النبي e قضى فيه بغرة عبد أو أمة قوله عبد أو أمة : تفسير للغرة وهو بدل منها أو عطف بيان عليها المعنى الإجمالي استشار عمر بن الخطاب رضي الله عنه الناس في الجنين إذا سقط بجناية فأخبره المغيرة بن شعبة أن النبي e حكم فيه بغرة فقه الحديث يؤخذ من الحديث عدة مسائل أولاً : أن الإمام إذا أشكلت عليه مسألة استشار فيها أهل العلم وقد كان الأئمة في ذلك الزمن يتولون الحكم في المسائل أما الآن فإن الحكم يسند إلى القضاة وإذا وجب على الحاكم نفسه أن يستشير أهل العلم في القضايا المستعصية فإنه من باب أولى يشرع لغيره أن يستشيروا فيها ثانياً : أن العلم الخاص قد يخفى على بعض الأكابر فيتعلمونه ممن دونهم ثالثاً : فيه رد على من يزعم من المقلدة أن إمامه قد حفظ كل الأحاديث ولو كان ذلك الحديث صحيحاً لما تركه وهذا زعم باطل رابعاً : أن دية الجنين غرة والغرة عبد أو أمة والأصل في الغرة البياض في الوجه ويطلق على كل شيء له قيمة عالية خامساً : القول الصحيح أنه لا يشترط في الغرة أن تكون بيضاء بل يجوز أي لون كان لها سادساً : قال ابن الملقن شرط الغرة التمييز لأن من لا يميز لا استقلال له والسلامة من عيب المبيع سابعاً : اتفقوا على أن دية الجنين هي ما ذكر سواء كان ذكراً أو أنثى فإن لم يكن وجود للغرة ففيه عٌشر دية أمه ونصف عٌشر دية أبيه فإذا كانت الدية مائة ألف للذكر وخمسون ألفاً في الأنثى فدية الجنين هي عٌشر دية أمه وهي خمسة آلاف ريال . ثامناً : هذا كله إذا انفصل الجنين ميتاً أما إن انفصل حياً ثم مات فإنها تجب فيه كمال الدية فإن كان ذكراً وجب فيه مائة بعير وإن كانت أنثى فخمسون قال وهذا مجمع عليه تاسعاً : تعرف حياته بالحركة والعطاس والرضاع والاستهلال يعني البكاء وفي بعض ذلك خلاف عاشراً : متى وجدت الغرة فهي على العاقلة ليست على الجاني . وأقول : إن هذا كذلك إذا كان خطئاً أما إذا كانت الجناية عمداً فهي على الجاني الحادي عشر: يلزم الجاني الكفارة التي أوجبها الله عز وجل في قتل الخطأ الثاني عشر : هذا الحكم إذا كانت الأم حرة فإن كانت الأم أمة وجب عٌشر قيمتها الثالث عشر: تمسك بقول عمر هذا من يرى أن الرواية يشترط فيها العدد كالشهادة والقول الصحيح أن ذلك لا يشترط في الرواية وقد انفرد برواية بعض السنن صحابي أو صحابية فأخذ ووجب العمل به وبالله التوفيق . -------- تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 5 ] [ المجلد الخامس ] http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam5.pdf الرابط المباشر لتحميل الكتاب : http://subulsalam.com/play.php?catsmktba=9384 |
بسم الله الرحمن الرحيم تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي - رحمه الله - الحديث السابع : عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: اقتتلت امرأتان من هذيل فرمت إحداهما الأخرى بحجر فقتلتها وما في بطنها فاختصوا إلى رسول الله ﷺ فقضى رسول الله ﷺ أن دية جنينها غرة عبد أو وليده وقضى بدية المرأة على عاقلتها ، وورثها ولدها ومن معهم ، فقام حمل بن النابغة الهذلي فقال: يارسول الله ، كيف أغرم من لا شرب ولا أكل ولا نطق ولا استهل ؟ فمثل ذلك يطل. فقال رسول الله ﷺ : (( إنما هو من إخوان الكهان )) من أجل سجعه الذي سجع. الكلام عليه من وجوه: أحدها الضاربة من المرأتين ؛ يقال أنها أم عفيف بنت مسروح واسم المضروبة مليكة بنت عويم . كتاب الإعلام لابن الملقن ج9 ص107/108 موضوع الحديث: الخطأ شبه العمد وما يوجبه المفردات امرأتان من هذيل :أي من قبيلة هذيل وهذيل قبيلة من قبائل العرب منازلهم حوالي مكة وبنوا لحيان فرع منهم قوله فرمت إحداهما الأخرى بحجر :لعل الحجر كان صغيراً فلذلك عد هذا من الخطأ شبه العمد قوله فقتلتها وما في بطنها : أي قتلتها بالرميه التي رمتها بها وما في بطنها : ما موصولة بمعنى الذي أي وقتلت الذي في بطنها والمقصود به الجنين فاختصموا إلى رسول الله : أي تحاكموا عنده فقضى رسول الله أن دية جنينها غرة وفسرت الغرة بأنها عبد أو وليدة أي ذكراً أو أنثى والوليدة هي الجارية المملوكة وقضى بدية المرأة : أي حكم بدية المرأة على عاقلتها وورثها ولدها ومن معهم فقام حمل بن النابغة : معنى قام هنا أي تكلم قاصداً إبطال حكم النبي ﷺ فقال يا رسول الله كيف أغرم من لا شرب ولا أكل ولا نطق ولا استهل : أي كيف أغرم جنايته أو بمعنى أصح أتحمل أرشه مع أنه لم يشرب ولم يأكل ولم ينطق ولم يستهل بالبكاء أي لم يكن هناك علامة من علامات الحياة عليه فمثل ذلك يطل : أي يهدر وفي رواية بطل من الإبطال الذي هو الترك فقال رسول الله ﷺ إنما هو من إخوان الكهان وفي رواية أسجع كسجع الكهان والسجع : هو الكلام المقفى على حرف واحد وعلى وتيرة واحدة المعنى الإجمالي المعنى الإجمالي لهذا الحديث هو أن امرأتان كانتا ضرتين فاقتتلتا فرمت إحداهما الأخرى بحجر وفي رواية ضربتها بعمود فسطاط فقتلتها وما في بطنها والفسطاط هو الخيمة فقه الحديث أولاً :يؤخذ من هذا الحديث أن الجنايات والخصام فيها يرفع إلى الحكام لغرض الفصل فيها بين المتخاصمين سواء كان المتخاصمان أفراداً أو جماعات ثانياً : يؤخذ من هذا الحديث أن في الجنين غرة عبد أو أمة وقد مضى في الحديث السابق حكم الغرة ثالثاً : أنه إذا لم يوجد العبد أو الأمة فإنه في هذه الحالة فيه عشر دية أمه إن كانت حرة وعشر قيمتها إن كانت أمة رابعاً : قوله فقضى رسول الله ﷺ أي حكم والحكم هو ما سبق ذكره خامساً : يؤخذ من قوله وقضى بدية المرأة على عاقلتها أن جناية الخطأ شبه العمد حكمه حكم الخطأ في التنجيم بأن تكون الدية منجمة على ثلاث سنوات أي مقسطة سادساً : بهذا قال الجمهور فقسموا الجنايات إلى ثلاثة أقسام عمد وشبه عمد وخطأ وأبى مالك ذلك وقال إن الجنايات تنقسم إلى قسمين عمد وخطأ فقط ودليل من قال أن هناك قسم ثالث وهو خطأ شبه العمد دليلهم هذا الحديث سابعاً : ربما قيل أن في بعض الروايات أنها ضربتها بعمود فسطاط وفي بعضها رمتها بحجر فكيف يقال خطأ شبه عمد والجواب أن الحجر لعله كان خفيفاً لا يظن أنه يقتل وكذلك عمود الفسطاط وهو يكون ضخماً ولكنه يكون خفيفاً وإنما يقتل ما كان ثقيل الوزن ثامناً : أن شبه العمد عرفوه بأن يقصد الجاني الجناية بآلة ليست بقاتلة في العادة فإذا ضرب رجل رجلاً آخر بعصى خفيفة أو حجر صغير فذلك من الخطأ شبه العمد تاسعاً : أن الخطأ شبه العمد ديته مغلظة كالعمد إلا أنه لا يجب فيه القصاص وديته مغلظة منها أربعون خلفة في بطونها أولادها عاشراً : أنها مع ذلك تكون منجمة كالخطأ الحادي عشر: أنها تكون على العاقلة والعاقلة هم عصبة الجاني المتعصبون بأنفسهم الثاني عشر :أن أولاد المرأة الجانية لم يدخلوا في عاقلتها لأن أباهم أجنبي عن أمهم ولهذا قال فورثها بنيها وجعل ديتها على عاقلتها أما إذا كان أبوهم من القرابة فأولادها من عاقلتها على القول الأصح . الثالث عشر: أن السجع مذموم وكذلك بليغ الكلام الذي يراد به إبطال الحق لأن النبي ﷺ ذم حمل بن النابغة من أجل سجعه الذي أراد أن يبطل به حكم رسول الله e فإذا كان السجع مقصوداً به إبطال الحكم الشرعي فهو يكون مذموماً الرابع عشر: قد ورد السجع في كتاب الله وفي سنة رسول الله ﷺ فكيف نجمع بين تلك النصوص وبين ذم النبي ﷺ للسجع هنا ؟ والجواب إن كان السجع قد جاء غير متكلف ولم يقصد به صاحبه إبطال الحكم الشرعي ففي هذه الحالة نقول إنه جائز وبالله التوفيق -------- تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 5 ] [ المجلد الخامس ] http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam5.pdf الرابط المباشر لتحميل الكتاب : http://subulsalam.com/play.php?catsmktba=9384 |
بسم الله الرحمن الرحيم تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي - رحمه الله - الحديث الثامن : عن عمران بن حصين رضي الله عنهما أن رجلاً عض يد رجل فنزع يده من فمه فوقعت ثنيتاه فاختصموا إلى رسول الله ﷺ فقال يعض أحدكم أخاه كما يعض الفحل لا دية لك موضوع الحديث : أن من جنى عليه جناية فأراد التخلص منها فترتب على تخليصه جناية أخرى فإن ذلك هدر المفردات عض يد رجل : أي أكله بأسنانه ويقال قضمه فنزع يده من فمه : أي أخرجها من فمه بقوة فوقعت ثنيتاه : الثنيتان هما أوسط الأسنان فاختصموا إلى رسول الله ﷺ فقال يعض أحدكم أخاه أي يقضمه ويأكله بأسنانه قوله كما يعض الفحل :المراد بالفحل ذكر الإبل لا دية لك : أي لا ارش لك المعنى الإجمالي يروي عمران بن حصين رضي الله عنه أن رجلين تقاتلا هما يعلى بن أمية أو أجيره ورجل آخر فعض أحدهما صاحبه عضة أوجعته فنزع يده من فيه ليتخلص من عضته فسقطت ثنيتاه فقه الحديث أولاً : يؤخذ من هذا الحديث أن من جنيت عليه جناية فأراد أن يتخلص منها فترتب على تخليصه جناية في الجاني فإن الجناية المترتبة على ذلك تكون هدراً أي لا أرش فيها ثانياً : يؤخذ منه تحريم العض من المسلم لأخيه ثالثاً : يؤخذ منه التنفير من ذلك حيث قال يعض أحدكم أخاه كما يعض الفحل رابعاً : أن الجنايات ترفع إلى الحكام للفصل فيها خامساً : قرر الفقهاء أن التخلص يكون بالأسهل فالأسهل ومعلوم أن المجني عليه في تلك الحالة يكون معذوراً لأن حالة المضاربة حالة تكون مرتبكة في حق الجاني والمجني عليه والقول بقصر التخلص على ما حصل في تلك الحادثة أولى أما إطلاق التخلص بأي نوع من أنواع الأذية التي ربما أدت إلى قتله فهذا قول في غير محله -------- تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 5 ] [ المجلد الخامس ] http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam5.pdf الرابط المباشر لتحميل الكتاب : http://subulsalam.com/play.php?catsmktba=9384 |
بسم الله الرحمن الرحيم تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي - رحمه الله - الحديث التاسع : عن الحسن بن أبي الحسن البصري رحمه الله تعالى قال حدثنا جندب في هذا المسجد وما نسينا منه حديثاً وما نخشى أن يكون جندب كذب على رسول الله ﷺ فقال قال رسول الله ﷺ كان فيمن كان قبلكم رجل به جرح فجزع فأخذ سكيناً فحز بها يده فما رقأ الدم حتى مات قال الله عز وجل عبدي بادرني بنفسه فحرمت عليه الجنة موضوع الحديث : الوعيد لمن قتل نفسه المفردات حدثنا جندب : المراد بجندب هو جندب بن عبدالله بن سفيان البجلي ثم العلقي بفتحتين ثم قاف أبو عبدالله وربما نسب إلى جده له صحبة مات بعد الستين قوله في هذا المسجد : أراد به الحسن التأكيد بذكر المكان لكي يعلم أنه متأكد من حديثه قوله وما نسينا منه حديثاً : وهذا تأكيد آخر قوله وما نخشى أن يكون جندب كذب على رسول الله ﷺ : أي لا نخاف كذبه على رسول الله ﷺ ونحن نعلم عدالته وأمانته وصدقه قال قال رسول الله ﷺ كان فيمكن كان قبلكم رجل به جرح : الجرح هو المكان المجروح فأخذ سكيناً فحز بها يده : أي قطع أكحل يده فما رقأ الدم : أي ما وقف الدم حتى مات قال الله عز وجل عبدي بادرني بنفسه : أي سابقني بنفسه فحرمت عليه الجنة : أي حرمته من دخول جنة المؤمنين العالية المعنى الإجمالي كان رجل فيمن كان قبلنا أصابه جرح فتضرر منه ولم يصبر فأخذ السكين وقطع أكحل يده فاستمر به جريان الدم حتى مات قال الله عز وجل عبدي بادرني بنفسه فحرمت عليه الجنة وهذا كله مما أخبر به النبي ﷺ من علم الغيب فقه الحديث أولاً : يؤخذ من هذا الحديث تحريم قتل الإنسان نفسه وأن ذلك موجب لغضب الله عز وجل عليه ثانياً : فيه دليل على أن العبد لا يملك نفسه بل أن نفسه مملوكة لربه جل وعلا ثالثاً : قوله بادرني بنفسه يعني أنه تضجر وتسبب في قتل نفسه إذ أن المبادرة معناها المسابقة ومفهوم ذلك أن للعبد أجلان أجل هو الذي حصل بقتله لنفسه والأجل الثاني لو لم يفعل رابعاً : أن الله سبحانه وتعالى يكتب للعبد أجلين أجل لو قتل نفسه وأجل لو لم يفعل أجل لو وصل رحمه وأجل لو لم يفعل وقد علم الله عز وجل بم تكون النهاية للعبد هل تكون بقتله لنفسه أو تكون بالموت العادي وهل يكون العبد واصلاً فيطول عمره أو قاطعاً فيقصر وعلى هذا يتخرج . خامساً : قوله فحرمت عليه الجنة يحمل على أمرين إما أن يكون المعنى حرمت عليه أن يدخلها مع الداخلين الأولين أو يكون المعنى حرمت عليه جنة بعينها وهي جنة المتقين الصابرين سادساً : أهل العلم من أهل السنة والجماعة قرروا أن كل ذنب وإن كبر فهو معرض للغفران غير الشرك الأكبر والكفر إذاً فقوله حرمت عليه الجنة يتخرج على التأويل الذي سبق ذكره سابعاً : قلنا أن العبد لا يملك نفسه وأن النفس مملوكة لله عز وجل ويؤخذ من هذا الحديث أنه لا يجوز أن يتبرع الشخص بشيء من أعضائه لأنه لا يملك ذلك العضو الذي تبرع به بل الله عز وجل هو الذي يملكه والمسألة فيها خلاف وكثير من أهل العصر أجازوا التبرع لكن الأظهر عدم جوازه ثامناً : يؤخذ من هذا الحديث أن العمليات الانتحارية والتي تسمى عند قوم استشهادية أنها لا تجوز و لا مبرر لها لأمور الأمر الأول : أنه مقطوع بقتل المنفذ وأنه سيكون هو أول مقتول فيها الأمر الثاني : أن هذه العمليات تٌعمل في فلسطين وتلك البلاد يختلط فيها المسلمون مع الكافرين فإذا نفذت العملية ربما استهدفت المسلمين أو بعضهم مع أنه لا يجوز تنفيذها في الكفار المستأمنين وفي الحديث الصحيح عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَنْ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ مَنْ قَتَلَ مُعَاهَدًا لَمْ يَرِحْ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ وَإِنَّ رِيحَهَا تُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ أَرْبَعِينَ عَامًا ) الأمر الثالث : أن تلك العمليات تفتك بالمنفذ ومن حوله وقد يكون من حول المنفذ في وقت تفجيره نساء وأطفال الأمر الرابع : أن الكفار الموجودين في تلك البلاد لو كانوا متميزين فإنه لا يجوز قتل نسائهم ولا أطفالهم الأمر الخامس : وإذا كان الأمر كذلك فإن المسلم إذا فعل ذلك يخاطر بنفسه ويحرمها الخير الكثير والأجر الوفير عند الله سبحانه وتعالى بسبب جزعه وقلة صبره فلهذه الأمور يظهر لي عدم جواز العمليات الانتحارية الأمر السادس : يستثنى من هذا ما إذا كان المسلمون والكفار في حالة حرب والكفار متميزين فإنه يجوز أن يخوض الفارس الشجاع غمار الكفار لكن بغير هذه الطريقة الانتحارية بل بالطرق الحربية المعروفة والمألوفة فإن قتل كان شهيداً وإن سلم كان في ذلك حميداً وبالله التوفيق . -------- تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 5 ] [ المجلد الخامس ] http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam5.pdf الرابط المباشر لتحميل الكتاب : http://subulsalam.com/play.php?catsmktba=9384 |
بسم الله الرحمن الرحيم تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي - رحمه الله - كتاب الحدود : تعريف الحدود : الحدود جمع حد والحد هو المانع الذي يفصل بين شيئين وسميت الحدود حدوداً لأنها تمنع من مواقعة ما جعلت عقوبة على فعله فالسارق إذا علم أنه ستقطع يده ترك السرقه والزاني إذا علم أنه يرجم ويجلد ويغرب سنة ترك الزنا وهكذا وتطلق الحدود على محارم الله عز وجل وقد جاء في الحديث ( لا يضرب فوق عشرة أسواط إلا في حد من حدود الله ) الحديث الأول : عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال قدم ناس من عكل أو عرينة فاجتووا المدينة فأمر لهم رسول الله ﷺ بلقاح وأمرهم أن يشربوا من أبوالها وألبانها فانطلقوا فلما صحوا قتلوا راعي النبي ﷺ واستاقوا النعم فجاء الخبر في أول النهار فبعث في آثارهم فلما ارتفع النهار جيء بهم فأمر بهم فقطعت أيديهم وأرجلهم من خلاف وسمرت أعينهم وتركوا في الحرة يستسقون فلا يسقون. قال أبو قلابة فهؤلاء سرقوا وقتلوا وكفروا بعد إيمانهم وحاربوا الله ورسوله ) موضوع الحديث : حد المحاربين المفردات قدم ناس من عكل أو عرينة : أقول عكل اسم قبيلة وعرينة اسم قبيلة أيضاً اجتووا المدينة : أي استوخموها واستوبأوا جوها ولم يطيقوه فأمر لهم النبي ﷺ بلقاح اللقاح : هي الإبل ذات اللبن وأمرهم أن يشربوا من أبوالها وألبانها هذه الجملة فيها طب نبوي فالشرب من أبوال الإبل وألبانها بأن يأخذ قليلاً من البول ويحلب عليه لبناً ويشربه هذا أحسن دواء لداء البطن فانطلقوا : أي ذهبوا في الإبل آخذين ما أمر لهم به فلما صحوا أي عادت إليهم صحتهم قتلوا راعي النبي ﷺ واستاقوا النعم أي أخذوها والنعم : اسم جنس للإبل غالباً وللأربعة الأنواع إذا اجتمعت إلا أن الغنم وحده لا يطلق عليه نعم إذا كان وحده هكذا قال أهل اللغة قوله فبعث في آثارهم : أي أرسل ورائهم خيلاً ورجالاً فأمر بهم الآمر هو النبي ﷺ فقطعت أيديهم وأرجلهم من خلاف : أي لأنهم حاربوا الله ورسوله وارتدوا عن الإسلام قوله سمرت أعينهم : أي كحلوا بالمسامير المحماة حتى سالت أعينهم جزاءً لهم على ما فعلوه بالراعي وتركوا في الحرة : الحرة هي أرض مرتفعة تعلوها حجارة سوداء يستسقون : أي يطلبون السقيا من الماء فلا يسقون فوله فهؤلاء سرقوا وقتلوا وكفروا بعد إيمانهم وحاربوا الله ورسوله : هذا من كلام أبو قلابة والراوي هو أنس بن مالك رضي الله عنه . المعنى الإجمالي جاء نفر من قبيلة عكل أو عرينة فأسلموا وبايعوا النبي ﷺ ثم إنهم استوخموا المدينة بحيث أن جوها لم يناسبهم فمرضوا فأمر لهم النبي ﷺ بإبل ذات لبن يقال أنها خمسة عشر وأمرهم أن يشربوا من ألبانها وأبوالها ففعلوا فلما صحوا قتلوا الراعي وسمروا عينيه وجعلوا الشوك في لسانه ثم استاقوا الإبل فأرسل النبي ﷺ في آثارهم فأتى بهم وأمر بهم فقطعت أيديهم وأرجلهم من خلاف وتركوا من دون حسم وسمر أعينهم وتركوا في الحرة يستسقون فلا يسقون حتى ماتوا ونزلت في شأنهم الآية التي في سورة المائدة وهي قوله تعالى ( إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ ) [ المائدة : 33 ] فقه الحديث يؤخذ من هذا الحديث عدة مسائل أولاً : قدوم القبائل على الإمام لبعض الشئون فهؤلاء قدموا فأسلموا ثم ارتدوا ثانياً : يؤخذ من هذا أنه ينبغي للإمام أن ينظر في مصالح هؤلاء القادمين ويأمر لهم بما يناسب حالهم وصلاح أبدانهم ثالثاً : طهارة بول ما يؤكل لحمه وهو مذهب مالك وأحمد وقول ابن خزيمة والروياني من الشافعية لكن اشترط المالكيون للحكم بعدم نجاسة أبوالها بأن لا تكون مما يستعمل النجاسة قالوا فإن كانت تستعمل النجاسة فنجسه على المشهور وأقول : المعروف عن الإبل أنها لا تستعمل النجاسة لكن قد يوجد في البقر أن بعضها تأكل العذرة اليابسة فهذا الشرط يمكن أن يكون في البقر دون الإبل علماً بأن طواف النبي ﷺ على البعير دال على طهارة بوله وروثه وصلاة النبي ﷺ في مرابض الغنم دال على طهارة روثها ولهذا فالقول الصحيح أن أبوال الإبل وأرواثها وكذلك البقر ما لم تكن جلالة وكذلك الغنم كلها طاهرة وقد ذهب الحنفية وجمهور الشافعية إلى أن بول وروث الإبل وكذلك البقر والغنم نجس واعتذروا عن هذا الحديث ونحوه أن ذلك جائز في التداوي رابعاً :قال ابن الملقن يؤخذ منه ثبوت أحكام المحاربة في الصحراء واختلف العلماء في ثبوت أحكامها في الأمصار فنفاه أبو حنيفة وأثبته مالك والشافعي قال ووافق بعض المالكية الحنفية وأقول : إن الآية مطلقة فلا تقيد بالصحاري دون المدن وكذلك الحديث خامساً : يؤخذ منه مشروعية المثلة في القصاص والنهي عن المثلة محمول على ما إذا لم تكن على سبيل المكافأة أما إن كانت على سبيل المكافأة فهي جائزة وتقدم أن النبي ﷺ رضخ رأس اليهودي الذي رضخ رأس جارية ليأخذ أوضاحها فالأحاديث في النهي عن المثلة تؤخذ على غير المكافأة أما إذا كان القاتل مثل بالمقتول فإنه يجوز أن يمثل به لقـوله تعالى (وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ [ النحل : 126] سادساً : أنه إذا فعل الإمام بالمحاربين وأهل الفساد شيئاً من العقوبات المنفرة فإن ذلك لا يعد من عدم الرحمة بل هو يعد رحمة من أجل أن يرتدع من يهوون الفساد عن فسادهم سابعاً : جاءت عقوبة المحاربين في هذا الحديث على وفق ما ورد في الآية {إِنَّمَا جَزَاء الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَاداً أَن يُقَتَّلُواْ أَوْ يُصَلَّبُواْ أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْاْ مِنَ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ }[ المائدة : 33 ] ثامناً : أن أو في هذه الآية الأصح فيها أنها للتخيير ومعنى ذلك أن يختار الإمام ما يراه مناسباً لحالهم وما يكون به ردع لأمثالهم وقال بعض أهل العلم أن أو في الآية هي للتقسيم فعقوبة من قتل القتل وعقوبة من أخاف الآمنين قطع الأيدي والأرجل إذا هو جمع بين أخذ المال والإخافة وهكذا . تاسعاً : يؤخذ منه أن المرتد بالحرابة يقتل بدون استتابة فلا يستتاب عاشراً : يؤخذ منه قتل الجماعة بالواحد إذ المأثور أنهم كانوا ثمانية وهم قتلوا الراعي وهو واحد الحادي عشر : قتل الجماعة بواحد سواء قتلوه غيلة أو حرابة وبه قال الشافعي ومالك وجماعة وخالف في ذلك أبو حنيفة . الثاني عشر: أن من حصلت منهم الحرابة فلا بد أن يثبت عليهم إما باعتراف أو ببينة أما الذين في الحديث فالحكم ثابت عليهم لقتلهم الراعي وأخذهم الإبل الثالث عشر: مناسبة نوع العقوبة لنوع الذنب فهؤلاء سقاهم النبي ﷺ بأمره لهم بالإبل أن يشربوا لبنها فلما قتلوا الراعي وأخذوا الإبل أمر بهم بعد قطع أيديهم وأرجلهم أن يلقوا في الحرة يستسقون فلا يسقون جزاءً لهم على ذنبهم وهكذا كل من كفر الإحسان يعاقبه الله على ذلك عقوبة يكون بها عبرة لغيره وبالله التوفيق -------- تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 5 ] [ المجلد الخامس ] http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam5.pdf الرابط المباشر لتحميل الكتاب : http://subulsalam.com/play.php?catsmktba=9384 |
بسم الله الرحمن الرحيم تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي - رحمه الله - الحديث الثاني : عن عبيد الله بن عبدالله بن عتبة بن مسعود عن أبي هريرة رضي الله عنه وزيد بن خالد الجهني رضي الله عنهما أنهما قالا إن رجلاً من الأعراب أتى رسول الله ﷺ فقال يا رسول الله أنشدك الله إلا قضيت بيننا بكتاب الله فقال الخصم الآخر وهو أفقه منه نعم فاقض بيننا بكتاب الله وائذن لي فقال رسول ﷺ قل قال إن ابني كان عسيفا على هذا فزنى بامرأته وإني أخبرت أن على ابني الرجم فافتديت منه بمائة شاة ووليده فسألت أهل العلم فأخبروني أن على ابني جلد مائة وتغريب عام وأن على امرأة هذا الرجم فقال رسول الله ﷺ والذي نفسي بيده لأقضين بينكما بكتاب الله الوليدة والغنم رد عليك وعلى ابنك جلد مائة وتغريب عام واغد يا انيس لرجل من أسلم الى امرأة هذا إن اعترفت فارجمها قال فغدا عليها فاعترفت فأمر بها رسول الله ﷺ فرجمت . العسيف : الأجير موضوع الحديث : حد الزنا في حق البكر والثيب المفردات الأعراب : جمع أعرابي وهم أهل البادية لأن فقههم قليل أنشدك الله : أي أسألك به رافعاً نشيدي أي صوتي إلا قضيت بيننا : أي حكمت بيننا بكتاب الله أي بما شرع الله عز وجل فقال الخصم الآخر وهو أفقه منه قوله وهو أفقه مأخوذ من قرينة الحال إذ أن استئذانه سبره للقضية دال على فقهه قوله قل أي أن رسول الله ﷺ أمره أن يتكلم بعد الاستئذان قوله إن ابني كان عسيفاً على هذا : أي أجيراً وسمي الأجير عسيفاً لأنه يعسف أي يجبر على العمل الذي استؤجر فيه قوله فزنا بامرأته : الفاء هنا فاء السببيه أي أنه بالتقارب الحاصل بين العسيف وامرأة الرجل أدى ذلك إلى زناه بها قوله وإني أخبرت أن على ابني الرجم فافتديت منه بمائة شاة ووليدة : الوليدة هي الأمة وسيأتي الكلام في هذا الافتداء وحكمه فسألت أهل العلم المراد بهم الذين قرأوا القرآن وجالسوا الرسول ﷺ وعرفوا الأحكام الشرعية قال الله تعالى عن المنافقين ( حَتَّى إِذَا خَرَجُوا مِنْ عِنْدِكَ قَالُوا لِلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مَاذَا قَالَ آنِفًا ) [ محمد : 16 ] قوله تغريب عام بأن يغرب الزاني إلى بلد يكون فيها غريباً قوله والذي نفسي بيده : هذا قسم من النبي ﷺ لأقضين بينكما بكتاب الله وصف جزم رسول الله ﷺ بأنه هو كتاب الله قوله الوليدة والغنم رد عليك : أي مردودة عليك وعلى ابنك جلد مائة : أي بأن يجلد مائة جلدة وتغريب عام : أي سنة واغد يا أنيس : اغد بمعنى اذهب في الغدو إلى امرأة هذا فإن اعترفت فارجمها ومعنى اعترفت أقرت فارجمها أي الرجم الشرعي أي حتى تموت فغدا عليها فاعترفت فأمر بها رسول الله ﷺ فرجمت المعنى الإجمالي أن رجلاً كان أجيراً عند آخر فزنا بامرأته ولعل ذلك قد اشتهر وسمع بالاشاعات التي لا تكون وافيه بمعرفة الحكم بل إنما سمع بطرف الخبر أن على كل زان الرجم فافتدى من زوج المرأة بمائة شاة ووليدة ولعله سأل من هم أخص بالأحكام الشرعية من أهل العلم فاخبروه أن الرجم على المرأة لكونها محصنة وأن ابنه ليس عليه رجم وإنما عليه الجلد والتغريب فمن أجل ذلك ذهب والد الزاني إلى النبي ﷺ وبدأ زوج المرأة المزني بها فطلب من النبي ﷺ الحكم بينهما بكتاب الله ثم طلب الآخر وهو والد الزاني وأدى القصة إلى النبي ﷺ فقال النبي ﷺ والذي نفسي بيده لأقضين بينكما بكتاب الله فأخبره أن المائة شاة والوليدة مردودة على صاحبها وأن على ابنه جلد مائة وتغريب عام وأمر أنيساً أن يذهب إلى المرأة المزني بها فيسألها عن صحة ما قذفت به فسألها فاعترفت فأمر النبي ﷺ برجمها التعريف بالراوي : عبيدالله بن عبدالله بن عتبة بن مسعود قال ابن الملقن هو أبو عبدالله الهذلي المدني التابعي الفقيه الأعمى روى عن أبيه وعائشة وغيرهما واتفقوا على توثيقه وأمانته وجلالته وكثرة علمه وفقهه وحديثه وصلاحه وقال في التقريب عبيد الله بن عبدالله المدني ثقة فقيه ثبت من الثالثة مات سنة ثمان وتسعين روى له الجماعة قلت : هو ابن ابن أخي عبدالله بن مسعود فجده عتبه بن مسعود وهو أخو عبدالله بن مسعود فقه الحديث يؤخذ من هذا الحديث عدة مسائل أولاً : جواز النّشد بالله أي السؤال به لقوله أنشدك الله كقول أسألك بالله إلا قضيت بيننا بكتاب الله ثانياً : أن القضاء بكتاب الله هو المطلب المفضل لكل مسلم ثالثاً : هل المراد بكتاب الله القرآن الكريم أو المراد به الأحكام الشرعية التي أنزلها الله على رسوله وامتن عليه بذلك في قوله (ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا ) [الجاثية : 18 ] والظاهر أن المراد بذلك الشرع المأخوذ من الكتاب والسنة رابعاً : يؤخذ من قوله فقال الخصم الآخر وهو أفقه أن الحكم بالقرائن مأخوذ به ومتفق عليه لا كما يدافع به الحزبيون عن الحزبيات والمتحزبين ويزعمون أن ذلك تدخل في السرائر خامساً : إذا كان قد قال الراوي وهو أفقه أخذاً بالقرائن فما هي القرينة التي أخذ منها ذلك والجواب أن القرينة هي في تأدبه مع النبي ﷺ بطلب الإذن في الكلام وبيانه للقضية بياناً شافياً سادساً : أن رسول الله قد أمره أن يقول فيدعي أويبين فيفصح عن الحقيقة سابعاً : فيه فضل الصحابة وإن كانوا ممن فيهم جفاء حيث أن الذي قال الحقيقة التي أقر له بها خصمه ولو كان قد كذب في قوله لما أقر له الخصم ثامناً : قال الرجل في دعواه أو في بيانه إن ابني كان عسيفاً على هذا فزنا بامرأته يؤخذ منه جواز إيجار الإنسان نفسه وأن ذلك يجوز له شرعاً تاسعاً : قوله فزنا بامرأته الفاء للسببية بسبب ذلك زنا بامرأة من هو عسيف عنده فيؤخذ من هذا أن الإختلاط موجب لحدوث مثل هذا المنكر عاشراً : أن الواجب على المسلمين أن الرجل إذا استأجر أجيراً ما فإن الواجب على صاحب البيت أن لا يتيح للأجير الفرصة في الاختلاط في النساء ومن مشكلات العصر وجود السائقين في البيوت وعند كثير من الناس الذين يتساهلون في التحصن أو التحصين من مثل هذه الأمور فإنه ينتج عن ذلك قضايا يندى لها الجبين الحادي عشر : يؤخذ من قوله وأن على ابني الرجم أن الأخبار الشرعية قد تتناقل بنوع من القصور وإذا كان هذا قد حدث في زمن النبي ﷺ فما بالك بزمن غيره ومعنى ذلك أن هذا الخبر دل على أن الرجم على كل زان وليس بصحيح وإنما الرجم على الزاني المحصن الثاني عشر :يؤخذ من قوله فافتديت منه بمائة شاة ووليدة وهذا ما يقال له عند كثير من الناس ما يسمى بالعيب فيؤخذ فيه مقابل مالي وقد تبين من هذا أن هذا المقابل غير صحيح الثالث عشر : يؤخذ من قول النبي ﷺ الوليدة والغنم رد عليك أنما أخذ بمثل هذا السبب فإنه يكون باطلاً لأمرين : الأول : أنه يراد منه إسقاط الحد الشرعي وهذا لا يجوز الثاني : أنه قد عوض زوج المرأة عن العرض بالمال والتعويض عن العرض بالمال غير جائز في الشرع وإنما تؤخذ الأعراض والاعتداء عليها بالحدود الموضوعة لذلك الرابع عشر: قوله فسألت أهل العلم وأخبروني أنه في كل مجتمع قد يوجد أهل علم وقد يكون هذا العلم علم على الحقيقة أو علم يخالف كتاب الله وسنته وأنما قلت هذا لأن في المجتمعات الإسلامية اليوم أناس يدعى لهم أنهم أهل علم وليسوا كذلك . الخامس عشر : وبناء على ما سبق فإن قوله وسألت أهل العلم أن المراد بأهل العلم في زمن النبي ﷺ هم أهل العلم بكتاب الله وسنة رسوله ﷺ ولهذا قال القائل العلـــم قال الله قال رسوله قال الصحابة هم أولوا العرفان ما العلم نصبك للخلاف سفاهة بين الرسول وبين قول فلان السادس عشر : لكون أهل العلم قد أخبروه بأنه ليس على ابنه رجم فلذلك كأنه يعرض بالرجوع فيما بذل والله أعلم بذلك السابع عشر : يؤخذ من قول النبي ﷺ والذي نفسي بيده لأقضين بينكما بكتاب الله الحلف على الأمر الذي يعتقده العبد في نفسه واثقاً منه والنبي ﷺ حلف أن قضاءه هذا هو قضاء بكتاب الله عز وجل الثامن عشر : يؤخذ من قوله الوليدة والغنم رد عليك أن ما أخذ في مقابل الحدود من المال فهو باطل فيكون محرماً على باذله بذله ومحرم على آخذه أخذه التاسع عشر : يؤخذ من قوله وعلى ابنك جلد مائة وتغريب عام يؤخذ منه جلد البكر مائة جلدة في موضع واحد العشرون : أن الجلد لا بد أن يكون فيه إيلام وإيجاع لأن الله تعالى قال (وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ) [ النور : 2 ] الحادي والعشرون : يؤخذ من هذا الحديث وغيره أن من حد الزاني وتكملة الحد تغريب عام بأن يغرب في بلد بعيد عن بلده وقد أخذ بهذا الجمهور وخالف في ذلك أبو حنيفة وقوله باطل مردود الثاني والعشرون : قد استشكل تغريب المرأة الزانية بأنه قد يؤدي إلى الوقوع في زنا آخر وإن غرب معها وليها كانت العقوبة على الولي بغير ذنب الثالث والعشرون : أن الله لا يشرع شرعاً إلا ويكون حقاً وعدلاً وأن تغريب المرأة الزانية مع وليها قد يكون سببه التساهل في حفظ النساء عن التعرض لما يجلب العار والإثم الرابع والعشرون : يصح أن يكون التغريب في سجن يقع في بلد بعيد عن بلد المرأة الزانية الخامس والعشرون : أن هذا لا يكون إلا إذا كان السجن محصناً فيكون المشرفين على السجن أهل أمانة وعدالة السادس والعشرون : يؤخذ من قوله واغد يا أنيس لرجل من أسلم إلى امرأة هذا فإن اعترفت فارجمها جواز النيابة في الحد فيما يثبته وفي إقامته السابع والعشرون : أن النبي ﷺ كان يرسل لكل قوم رجلاً منهم حيث الحمية عند العرب تجعل ذلك غير مقبول إذا كان من قبيلة أخرى وهذا من السياسة الشرعية حيث أن الناس غالباً يخضعون لرؤسائهم وذوي السيادة فيهم الثامن والعشرون : يؤخذ من قوله فإن اعترفت فارجمها أن الاعتراف فيه مرة واحدة وبهذا قال جماهير أهل العلم وقال بعضهم أن الاعتراف لا بد أن يكون أربع مرات وهذا قول الحنفية والحنابلة التاسع والعشرون : أن الزاني المحصن كما في هذه المرأة وكما في ماعز والغامدية وكما في اليهوديين يرجم ولا يجلد أما حديث عبادة بن الصامت البكر بالبكر جلد مائة وتغريب عام والثيب بالثيب جلد مائة والرجم فهذا قد اخذ به علي بن أبي طالب رضي الله عنه فقد جلد شراحة يوم الخميس ورجمها يوم الجمعة وأخذ به بعض أهل العلم والقول الصحيح أن ذلك منسوخ حيث أن النبي ﷺ رجم ولم يجلد وبالله التوفيق . -------- تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 5 ] [ المجلد الخامس ] http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam5.pdf الرابط المباشر لتحميل الكتاب : http://subulsalam.com/play.php?catsmktba=9384 |
بسم الله الرحمن الرحيم تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي - رحمه الله - الحديث الثالث : وعنه أي عبيدالله بن عبدالله رحمه الله أي زيد بن خالد الجهني وأبو هريرة رضي الله عنهما قالا سئل رسول الله ﷺ عن الأمة إذا زنت ولم تحصن قال إذا زنت فاجلدوها ثم إن زنت فاجلدوها ثم إن زنت فاجلدوها ثم بيعوها ولو بضفير قال ابن شهاب ولا أدري أبعد الثالثة أو الرابعة والضفير الحبل موضوع الحديث : إقامة الحد على الأمة إذا زنت من قبل سيدها المفردات قوله ولم تحصن : الإحصان يطلق على أمور الأمر الأول : التزويج الأمر الثاني الحرية الأمر الثالث العفة والمراد به هنا الحرية قوله إذا زنت فاجلدوها : المراد بهذا الجلد جلد الحد ثم إن زنت فاجلدوها ثم بيعوها ولو بضفير قوله بضفير: الضفير هو الحبل وقد فسر بالرواية الثانية في قوله ولو بحبل من شعر المعنى الإجمالي أَمَرَ النبيُ ﷺ سَيد الأمة إذا زنت وتبين زناها أن يجلدها نصف جلد الحرة والتنصيف يقتضي أن تجلد الأمة خمسين جلدة وهذا الأمر خاص بأسياد العبيد والإماء فإن لم تتب وعاودت الزنا وجب بيعها ولو بقيمة دنيئة كحبل من شعر فقه الحديث يؤخذ من الحديث عدة مسائل أولاً : أن إقامة الحد على الأمة إذا زنت وكذلك العبد إذا زنى إقامة الحد عليه يكون من قبل سيده وإلى ذلك ذهب الجمهور ومنعت ذلك الحنفية والقول الأول هو الأصح ثانياً : أن إقامة الحدود على الأحرار واجب على ولي الأمر إذا تبين موجب الحد بإقرار أو ببينة ثالثاً : أن الزنا عيب في الرقيق يرد به ويضع من قيمته لقوله في الثالثة فبيعوها ولو بحبل من شعر رابعاً : أن من عاود الزنا بعد ما أقيم عليه الحد فإنه يعاود عليه الحد مرة أخرى لقوله ( إن زنت فاجلدوها فإن زنت فاجلدوها ) وهذا دليل على أن معاودة الزنا موجب لمعاودة الحد خامساً : قوله إذا زنت ولم تحصن المراد لم تتحرر والله أعلم لأنها إذا زنت بعد التحرر وعاودت الزنا بعد إحصانها بالتزويج وجب رجمها سادساً : يؤخذ منه وجوب الإخبار بالعيب لأن قوله ولو بضفير يدل على أن الواجب على البائع أن يخبر بعيبها وإذا أخبر بعيبها تدنت قيمتها سابعاً : يؤخذ منه أن إقامة الحد لازمة سواء كانا مزوجين أو غير مزوجين ثامناً : أن قوله تعالى ( فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ ) [ النساء : 25] أن المراد بالمحصنات في الآية المحررات والمقصود به الجلد لأن الرجم لا يتنصف فقوله ( فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ ) إحالة على الحد الذي يتنصف وهو الجلد تاسعاً : يؤخذ منه أن المملوك لا يرجم عاشراً : يؤخذ منه أن المملوك لا يغرب لأن في تغريبه تضييع لحق سيده . -------- تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 5 ] [ المجلد الخامس ] http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam5.pdf الرابط المباشر لتحميل الكتاب : http://subulsalam.com/play.php?catsmktba=9384 |
بسم الله الرحمن الرحيم تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي -رحمه الله - الحديث الرابع : عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال أتى رجل من المسلمين رسول الله ﷺ وهو في المسجد فناداه فقال يا رسول الله إني زنيت فأعرض عنه فتنحى تلقاء وجهه فقال : يا رسول الله إني زنيت فأعرض عنه حتى ثنى ذلك عليه أربع مرات فلما شهد على نفسه أربع شهادات دعاه رسول الله ﷺ فقال أبك جنون ؟ قال : لا قال فهل أحصنت قال نعم فقال رسول الله ﷺ اذهبوا به فارجموه . قال ابن شهاب : فأخبرني أبو سلمة بن عبدالرحمن أنه سمع جابر بن عبدالله يقول : كنت فيمن رجمه فرجمناه بالمصلى فلما أذلقته الحجارة هرب فأدركناه بالحرة فرجمناه الرجل هو ماعز بن مالك . ورى قصته جابر بن سمرة وعبدالله بن عباس وأبو سعيد الخدري وبريدة بن الحصيب الأسلمي . موضوع الحديث : الاعتراف بالزنا المفردات قوله فناداه : أي رفع صوته بقوله يا رسول الله إني زنيت فأعرض عنه : أي أن رسول الله ﷺ تحول عنه إلى جهة أخرى قوله فتنحى : أي تحول ليقابل النبي ﷺ فقال يا رسول الله إني زنيت قوله حتى ثنى ذلك أربع مرات : أي كرر الاعتراف أربع مرات قوله فلما شهد على نفسه أربع شهادات دعاه : أي طلب منه الدنو فدنى فقال أبك جنون قال لا وإنما سأله هل به جنون لأن المجنون لا يؤخذ بكلامه قوله قال فهل أحصنت : أي هل تزوجت قال نعم فقال رسول الله ﷺ اذهبوا به فارجموه قوله قال ابن شهاب فاخبرني أبو سلمة أنه سمع جابر بن عبدالله يقول كنت فيمن رجمه فرجمناه بالمصلى : المراد بالمصلى هو المكان الذي يصلى فيه العيد والاستسقاء وما أشبه ذلك قوله فلما أذلقته الحجارة هرب : معنى أذلقته أوجعته قوله فأدركناه بالحرة : الحرة هي أرض مرتفعة تعلوها حجارة سود المعنى الإجمالي جاء رجل من المسلمين إلى النبي ﷺ فناداه مقراً على نفسه ومعترفاً عليها بقوله إني زنيت فأعرض عنه النبي ﷺ تمكيناً له أن يتراجع إن أراد ولكنه كان كلما تحول النبي ﷺ إلى جهة تحول هو إليها فلما رأى منه النبي ﷺ الإصرار سأله أبك جنون قال لا وسأل الحاضرين أفي عقله شيء قالوا لا فأمر أن يُشم فمه ويستنكه فشم ولم يوجد به رائحة خمر فاستثبته النبي ﷺ بقوله أدخل ذاك منك في ذاك منها قال نعم فعلت بها حراماً ما يفعله الرجل بامرأته حلالاً فعند ذلك أمر به فرجم وفي قصته عدة مسائل سنأتي عليها إن شاء الله تعالى . فقه الحديث أولاً : يؤخذ من هذا الحديث الإقرار بالزنا عند الإمام ثانياً : أن الإمام إذا أتاه من هو مقر على نفسه بما يوجب الحد ينبغي أن يعرض عنه لكي يعطيه الفرصة في التراجع كما فعل النبي ﷺ حيث أعرض عنه ثلاث مرات وفي الرابعة كلمه ثالثاً : أن الحدود إذا بلغت الإمام وجب تنفيذها ولا يجوز إهمالها بعد ذلك رابعاً : جواز النداء للحاكم أو للأمير أو للعالم بأعلى نعوته وأفضلها والجهر بذلك عند إتيان ما يوجب فقد نادى هذا الرجل رسول الله ﷺ بأعلى صوته قائلاً يا رسول الله إني زنيت خامساً : يؤخذ منه أن إقرار المجنون باطل لكونه لا يرجع إلى عقل يمنعه من الاعتراف بما يوجب عليه الضرر سادساً : أنه ينبغي للإمام أو القاضي أن يعرض للمقر بالرجوع فقد قال النبي ﷺ لعلك لمست لعلك قبّلت سابعاً :اختلف أهل العلم في الإقرار هل يكفي فيه مرة واحدة أو لا بد أن يقرّ أربع مرات فذهب أبو حنيفة وأحمد إلى أنه لا بد في الإقرار بالزنا من أن يقر أربع مرات وذهب مالك والشافعي وكثير من أهل الحديث إلى أن الإقرار بالزنا يثبت بمرة واحدة أولاً : لأن ترديد النبي ﷺ لماعز لم يكن من أجل تعدد الإقرار ولكن للاستثبات ولكونه شك في عقله . ثانياً :أن النبي ﷺ قال في امرأة صاحب العسيف واغد يا أنيس على امرأة هذا فإن اعترفت فارجمها ولم يجعل لذلك عدداً لا يعتبر الإقرار إلا به . ثالثاً : أن النبي ﷺ اعتبر إقرار الغامدية أو الجهنية بدون عدد حتى قالت له أتريد أن ترددني كما رددت ماعزاً . ثامناً : أن شارب الخمر لا يعتبر بإقراره ولا بكلامه لأن النبي ﷺ أمر أن يستنكه ماعز فاستنكهوه ولما لم يجدوا فيه رائحة خمر اعتبر إقراره . تاسعاً : جواز تفويض الإمام الرجم إلى غيره لقوله ﷺ اذهبوا به فارجموه عاشراً : يؤخذ منه أن المرجوم لا يحفر له وقد اختلف أهل العلم في هذه المسالة اختلافاً كثيراً فذهب مالك وأحمد وأبو حنيفة في رواية عنه وأبو يوسف وأبو داود إلى أنه يحفر لهم فقال بعضهم يحفر لمن رجم بالبينة لا لمن رجم بالإقرار وقال بعضهم يحفر للمرأة ولا يحفر للرجل وفي هذا الحديث بالذات أن ماعزاً لما أذلقته الحجارة هرب فلو كان حفر له لم يهرب وقد ورد في رواية أنهم حفروا له ولعل راويها وهم وكذلك في قصة اليهوديين أن الرجل كان يجنأ على المرأة وذلك دليل على أنه لم يحفر لهما الحادي عشر : أن الزاني المحصن إذا شرعوا في رجمه وهرب ترك لقول النبي ﷺ ( هلا تركتموه يتوب فيتوب الله عليه ) وممن قال بتركه الشافعي وأحمد وقال مالك لا يترك . الثاني عشر : أن المحصن يرجم ولا يجلد وقد سبق أن قلنا أن حديث عبادة بن الصامت منسوخ وإن كان قد ذهب بعض أهل العلم إلى العمل به الثالث عشر : أن المصلى أي المكان الذي يصلى فيه العيد ليس له حكم المسجد لأنه لو كان له حكم المسجد ما رجموه فيه علماً بأنه قد ثبت النهي عن إقامة الحدود في المسجد وبالله التوفيق. -------- تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 5 ] [ المجلد الخامس ] http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam5.pdf الرابط المباشر لتحميل الكتاب : http://subulsalam.com/play.php?catsmktba=9384 |
بسم الله الرحمن الرحيم تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي -رحمه الله - الحديث الخامس : عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما أنه قال إن اليهود جاؤوا إلى رسول الله ﷺ فذكروا له أن امرأة منهم ورجلاً زنيا فقال لهم رسول الله ﷺ ما ترون في التوراة في شأن الرجم فقالوا نفضحهم ويجلدون فقال عبدالله بن سلام كذبتم إن فيها آية الرجم فأتوا بالتوراة فنشروها فوضع أحدهم يده على آية الرجم فقرأ ما قبلها وما بعدها فقال له عبدالله بن سلام ارفع يدك فرفع يده فإذا فيها آية الرجم فقال صدقت يا محمد فأمر بهما النبي ﷺ فرجما قال فرأيت الرجل يجنأ على المرأة يقيها الحجارة . الذي وضع يده على آية الرجم هو عبدالله بن صوريا موضوع الحديث : الحكم في الحد علىأهل الكتاب إذا تحاكموا إلينا المفردات قوله ما ترون في التوراة في شأن الرجم :أي ما تقرؤون فيها أي في حكم الرجم قالوا نفضحهم الفضح معناه : أنهم يطلون وجه الزاني والزانية بالقار ويحملونهما على حمار عري ويصاح عليهما ويوبخا بما فعلا والسبب في ذلك فيما ذكر أن رجم الزاني المحصن كان في كتابهم وكانوا يقيمونه ولما زنا قريب لملك من ملوكهم في ذلك الزمن تركوا الرجم فلما رأوا أنهم يقيمونه على الضعيف ويتركونه عن الشريف عند ذلك اتفقوا على حكم يمضونه على الجميع فاتفقوا على الفضح ويجلدون فقال عبدالله بن سلام كذبتم إن فيها آية الرجم فأتوا بالتوراة فنشروها أي فتحوها على الموضع الذي فيه هذا الحكم فوضع أحدهم يده عليها وهو عبدالله بن صوريا وكان يقال عنه أنه أعلم أهل الكتاب وكان أعور فقال له عبدالله بن سلام ارفع يدك فرفع يده فإذا فيها آية الرجم فأمر بهما النبي e فرجما قال فرأيت الرجل يجنأ وفي رواية يحنأ عليها يقيها الحجارة المعنى الإجمالي عندما حصل الزنا عند اليهود بين رجل وامرأة جاؤوا إلى النبي ﷺ يريدون أن يعرضوا عليه حكمهما راجين أن يكون عنده حكم فيه رحمة بهما فسألهم النبي ﷺ عن حكم الله للزاني المحصن الذي أنزله الله في التوراة فكذبوا على النبي ﷺ زاعمين أن الحكم عندهم فضح الزانيين فكذبهم عبدالله بن سلام وحين نشروا التوراة تبين أن الحكم فيها بالرجم على الزاني المحصن فأثر عن النبي ﷺ كما في حديث البراء بن عازب رضي الله عنه أنه ﷺ قال( اللَّهُمَّ إِنِّي أَوَّلُ مَنْ أَحْيَا أَمْرَكَ إِذْ أَمَاتُوهُ ) وأمر بهما فرجما فقه الحديث يؤخذ من الحديث عدة مسائل أولاً : أن الكفار مخاطبون بفروع الشريعة كما أنهم مخاطبون بأصولها ثانياً : أن أهل الكتاب إذا تحاكموا إلينا حكمنا بينهم بحكم الله المنزل في القرآن ثالثاً : أن الله سبحانه وتعالى خير نبيه في قوله عز وجل ( فَإِنْ جَاءُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ وَإِنْ تُعْرِضْ عَنْهُمْ فَلَنْ يَضُرُّوكَ شَيْئًا ) [ المائدة : 42 ] وفي الآية الأخرى ( وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ ) [ المائدة : 49]والمهم هل النبي ﷺ مباح له أن يحكم بينهم أو يعرض عنهم أو أنه مكلف أن يحكم بينهم بما أنزل الله وهذه المسالة تحتاج إلى تحرير . رابعاً : قال ابن الملقن اختلف العلماء في أن الإسلام هل هو شرط في الإحصان أم لا ؟ أحدهما لا وهو قول الشافعي وأصحابه فإذا حكم الحاكم على الذمي المحصن رجمه وثانيهما نعم وهو قول أبي حنيفة وقال مالك لا يصح إحصانه أيضاً خامساً : وجوب إقامة حد الزنا على الكافر على مقتضى شرعنا والصحيح عند الشافعي وجوب الحكم بينهم إذا ترافعوا إلينا سادساً : صحة نكاح الكافر الكتابي لأنه لو لم يكن نكاحهم صحيحاً ما ترتب على ذلك إحصان فلم يترتب الإحصان إلا على صحة نكاح وأنكحة الكفار صحيحة بينهم سابعاً : هل ثبت زناهما ببينة أو باعتراف وإذا كان قد ثبت ببينة فكيف صحت البينة وقبلت شهادتهم وهم كفار والظاهر أن الكافر تقبل شهادته على الكافر بخلاف المسلم ثامناً : يؤخذ منه عدم الحفر للمرجوم لقوله فكان يجنأ عليها أو يحنأ عليها وكل ذلك بمعنى أنه كان ينحني عليها ليقيها وقع الحجارة يؤخذ منه علو الإسلام على سائر الأديان وبالله تعالى التوفيق . -------- تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 5 ] [ المجلد الخامس ] http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam5.pdf الرابط المباشر لتحميل الكتاب : http://subulsalam.com/play.php?catsmktba=9384 |
بسم الله الرحمن الرحيم تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي - رحمه الله - الحديث السادس : عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ قال لو أن امرءاً اطلع عليك بغير إذنك فحذفته بحصاة ففقأت عينه ما كان عليك جناح . موضوع الحديث : إهدار عين المتعدي بالنظر لو فقـأت من قبل صاحب الدار لكانت هدراً لا شيء فيها المفردات لو أن : لو حرف وجود لوجود فحذفته : الحذف بالعود والسيف وما شاكلهما وورد في رواية فخذفته بحصاة : الخذف يكون بحجر صغير يرمى بين الأصبعين أما الحجر الكبير فالرمي به لا يكون بين الأصبعين ولكن باليد وهو يقال له رجم قال تعالى عن موسى عليه السلام ( وَإِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ أَنْ تَرْجُمُونِ ) [الدخان : 20] قوله ففقأت عينه : الفقأ هو إفساد عين الناظر وتخريبها بشيء حتى تسيل ويذهب نورها ققوله ما كان عليك جناح :أي ما كان عليك إثم ولا تبعة المعنى الإجمالي لما كان البصر حاسة استطلاعية تكشف على الصورة وتنقلها إلى القلب فيتأثر بها وربما كان هذا التأثر له عواقبه الوخيمة كذلك جاء عن الشارع e ما فيه حماية للعورات المكنونة في البيوت من الاطلاع عليها بغير إذن من أهلها وهو قوله ﷺ ( لو أن امرأً اطلع عليك بغير إذنك فحذفته بحصاة ففقأت عينه ما كان عليك جناح ) أي أن الشارع أباح فقأ عين المطلع وتخريبها وجعل عينه إذا فقأت هدراً لا تضمن بقصاص ولا دية وهل يستكثر مثل هذا إذا ورد من الشارع الحكيم فربما كان النظر سبباً في وقوع الزنا الذي يترتب عليه حده المخفف أوالمغلظ أي المخفف على البكر والمغلظ على الثيب فإذا كان قد أبيح دم الزاني وأمر بقتله رمياً بالحجارة حتى يموت فإن الواجب علينا ألا نستكثر إباحة فقأ عينه إذا هو اطلع على العورات . فقه الحديث أولاً : يؤخذ من الحديث جواز فقأ عين المطلع في بيوت الناس بغير إذنهم ولقد أنكر النبي ﷺ مثل هذا التصرف كما جاء في حديث سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ اطَّلَعَ رَجُلٌ مِنْ جُحْرٍ فِي حُجَرِ النَّبِيِّ e وَمَعَ النَّبِيِّ eمِدْرًى يَحُكُّ بِهِ رَأْسَهُ فَقَالَ لَوْ أَعْلَمُ أَنَّكَ تَنْظُرُ لَطَعَنْتُ بِهِ فِي عَيْنِكَ إِنَّمَا جُعِلَ الاسْتِئْذَانُ مِنْ أَجْلِ الْبَصَرِ ) ثانياً : أن هذا الحكم جعله الشارع e حماية للعورات ومنعاً لتسرب الأبصار إليها وتنبيهاً على خطر البصر ولهذا قيل: كل الحوادث مبدأها من النظر ومعظم النار من مستصغر الشرر وعلى هذا فإني أقول أن من يعارضون هذا الحديث ويقولون لا يجوز فقأ عين المطلع فالمعصية لا تزال بمعصية أقول إن هذا القول خطأ كبير ومعارضة للشارع ورفض لحكمه فهل المعصية تقرر من قبل الشارع أو من قبل أهوائنا وعقولنا لا شك أن الشرع هو الذي يقرر بأن هذا العمل حق أوواجب أو مباح وجائز وذلك العمل إثم وحرام أو مكروه أو مباح فهذا كله يتقرر من قبل الشارع لا من قبل أهواء الناس وعقولهم وقد جاء في الحديث عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ مَنْ اطَّلَعَ فِي بَيْتِ قَوْمٍ بِغَيْرِ إِذْنِهِمْ فَفَقَئُوا عَيْنَهُ فَلا دِيَةَ لَهُ وَلا قِصَاصَ ) وعَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ اطَّلَعَ رَجُلٌ مِنْ جُحْرٍ فِي حُجَرِ النَّبِيِّ eوَمَعَ النَّبِيِّ ﷺ مِدْرًى يَحُكُّ بِهِ رَأْسَهُ فَقَالَ لَوْ أَعْلَمُ أَنَّكَ تَنْظُرُ لَطَعَنْتُ بِهِ فِي عَيْنِكَ إِنَّمَا جُعِلَ الاسْتِئْذَانُ مِنْ أَجْلِ الْبَصَرِ ) فمن زعم أن فقأ عين المعتدي يعد معصية صغيرة فإنه قد عارض حكم رسول الله ﷺ ورده وعليه أن يستغفر الله ويتوب إليه ثالثاً : أنه يجوز رميه أو طعنه قبل نهيه وإنذاره لاطلاق الحديث هكذا قال ابن الملقن رحمه الله وكلامه وجيه رابعاً : أنه لا يلتحق بالنظر غيره كالسمع لأن السمع لا ينظبط وقد تسمع الصوت من الدار وأنت مار به فهو يدخل عليك من دون أن تستطيع على منعه إلا أنه إذا تعمد السمع وتلذذ به فإنه لا ينبغي وبالأخص إذا كان صوت امرأة خامساً : من قال أنه يجوز النظر لمن له محرم في الدار يرد عليه بأنه لا يجوز له النظر ولا الدخول ما دام في الدار غير محرمه إلا إذا علم وتيقن بأنه ليس في الدار غير محرمه فإنه يجوز سادساً : إذا علم أن في الدار رجل وليس لديه حرم فلا بد من الاستئذان عليه لأنه قد يكون على حال لا يحب الاطلاع عليه فيها سابعاً : يشترط في إهدار عين الناظر أن يكون صاحب الدار قد احتاط بما يكف النظر وهو وجود ساتر وباب يمنع فإن لم يكن هناك شيء يمنع النظر فإن الواجب على الناظر أن يكف نظره فإن أطلق نظره فهل يجوز رميه ويهدر بصره بذلك ؟ الظاهر عدم إهداره لوجود التقصير من صاحب الدار ثامناً : إذا كان الناظر طفلاً فالظاهر عدم جواز فقأ عينه إلا أن يكون بالغاً أو مراهقاً أي ممن يطلعون على العورات ويعرفونها تاسعاً : ومن أجل ذلك فإن المستأذن ينبغي له أن يستأذن وهو على جانب من الباب لا يقابل فتحة الباب فيطلع على من في الدار فقد علم النبي ﷺ أصحابه أن المستأذن يكون بجانب الباب إما الأيمن وإما الأيسر . وبالله التوفيق . -------- تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 5 ] [ المجلد الخامس ] http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam5.pdf الرابط المباشر لتحميل الكتاب : http://subulsalam.com/play.php?catsmktba=9384 |
بسم الله الرحمن الرحيم تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي - رحمه الله - باب حد السرقة تقدم لنا أن الحد هو الفاصل بين شيئين وهنا يراد بالحد العقوبة التي تمنع من الوقوع في هذه الجريمة أو تلك فحد السرقة كأن يقطع الكف من اليد اليمنى التي تكون غالباً مباشرة للسرقة وقد ألقى أبو العلاء المعري شبهة في زمنه حيث قال يد بخمس مئين عسجد وديت ما بالها قطعت في ربع دينار فرد عليه عالم من علماء ذلك الزمن يقال له عبدالوهاب وهو من علماء المالكية فقال عز الأمانة أغلاها وأرخصها ذل الخيانة فافهم حكمة الباري ولهذا قالوا لما كانت أمينة كانت ثمينة ولما خانت هانت وهو كذلك فقيمة اليد خمسمائة مثقال من الذهب وهي نصف دية الرقبة فدية الرجل ألف دينار من الذهب . ودية اليد إذا قطعت خمسمائة مثقال والمثقال هو دينار أما إذا سرقت فإنها تقطع في ربع دينار وربع الدينار كان في زمن النبي ﷺ يساوي ثلاثة دراهم من الفضة والثلاثة الدراهم تساوي ريالاً إلا ربع بالنقد السعودي إذ أن أهل العلم قالوا إن الدرهم يساوي جرامين وسبعة وتسعين من الجرام الثالث ( 2.97 جم ) ولقد أخذت ريالاً سعودياً من الفضة ووزنته في زمن قديم عند باعة الذهب فوزن أحد عشر جراماً وثمانية وثمانين من المائة من الجرام الثاني عشر ( 11.88جم ) وذلك يساوي أربعة دراهم إذا قلنا أن الدرهم يزن جرامين وسبعة وتسعين من الجرام الثالث أي أنه ثلاث جرامات ينقص الثالث منها ثلاثة بالمائة . فلو ضربنا ذلك في أربعة لطلع معنا أحد عشر جراماً وثمانية وثمانين بالمائة من الجرام الثاني عشر ( 11.88جم ) أي أن الثاني عشرينقص اثني عشر بالمائة من الجرام فتبين أن الثلاثة الدراهم تساوي ريالاً إلا ربع وقد جاء في الحديث الصحيح عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ ( لَعَنَ اللَّهُ السَّارِقَ يَسْرِقُ الْبَيْضَةَ فَتُقْطَعُ يَدُهُ وَيَسْرِقُ الْحَبْلَ فَتُقْطَعُ يَدُهُ ) وقد استغرب بعض الفقهاء كيف يسرق الحبل أو البيضة فتقطع يده علماً بأن البيضة المسلوقة تباع في وقتنا الحاضر بريال واحد وأن الحبل يباع بعدة ريالات وقد ورد أنه في زمن السلف سرق سارق أترجة أي حبة أترنج تساوي ثلاثة دراهم فقطعت يده وسيأتي الكلام على كون المعتبر في نصاب السرقة هو ربع دينار من الذهب أو ثلاثة دراهم من الفضة وقد قال الشافعي بأن أصل نصاب السرقة الذهب لحديث عائشة أن النبي ﷺ قطع في ربع دينار وذهب آخرون إلى أن الأصل في نصاب السرقة الدراهم فيكون ثلاثة دراهم لحديث عبدالله بن عمر رضي الله عنهما أن النبي ﷺ قطع في مجن قيمته ثلاثة دراهم وسنبين الفرق فيما يأتي إن شاء الله تعالى . وبه قال مالك ومن معه كما سيأتي . المجن يسمى الدرقة وهو شيء من الحديد مجوف -------- تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 5 ] [ المجلد الخامس ] http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam5.pdf الرابط المباشر لتحميل الكتاب : http://subulsalam.com/play.php?catsmktba=9384 التصفية والتربية TarbiaTasfia@ |
بسم الله الرحمن الرحيم تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي - رحمه الله - باب حد السرقة : الحديث الأول : عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما أن النبي ﷺ قطع في مجن قيمته وفي لفظ ثمنه ثلاثة دراهم موضوع الحديث : نصاب السرقة المفردات قوله قطع : أي قطع يد السارق في مجن : أي بسبب مجن سرقه والمجن هو الدرقة التي كانت يستجن بها أي يتقى بها ضرب السيوف أو طعن الرماح أو السهام قوله : قيمته وفي لفظ ثمنه : القيمة والثمن يمكن أن تكون لفظان مختلفان على شيء واحد ويمكن أن يقال أن القيمة هي التي تعرف غالباً عند الناس وأما الثمن فقد يزيد عن القيمة المعروفة وقد ينقص بناء على المماكسة وعلى هذا فإن القيمة والثمن يقال أنهما يختلفان أحياناً ويتفقان في الغالب المعنى الإجمالي يخبر عبدالله بن عمر رضي الله عنهما أن النبي ﷺ قطع يد سارق في سرقة مجن قيمته ثلاثة دراهم فقه الحديث أولاً : يؤخذ من هذا الحديث الشريف أن الثلاثة الدراهم هي نصاب القطع في السرقة فلا يقطع في أقل منها وبهذا قال مالك وأحمد وإسحاق ورواية عن الشافعي ثانياً : يؤخذ منه أن الدراهم وهي الفضة هي أصل في نصاب السرقة وهذه الرواية رواية صحيحة رواها البخاري ومسلم ومالك في الموطأ وأحمد في المسند والترمذي والنسائي وأبو داود وابن ماجة وأما الأقوال في نصاب القطع في السرقة فهي ثمانية أقوال حكاها ابن الملقن في كتابه الإعلام بفوائد عمدة الأحكام في شرح هذا الحديث فكان منها القول بأن النصاب ثلاثة دراهم وسبق أن قلت أن الثلاثة الدراهم تقدر بالنقد الحالي بريال إلا ربع سعودي القول الثاني على أن نصاب القطع في السرقة ربع دينار من الذهب وهذا مقتضى حديث عائشة رضي الله عنها الآتي أن النبي ﷺ قطع في ربع دينار والرواية الموجودة هنا عن عائشة أنها سمعت رسول الله ﷺ يقول تقطع اليد في ربع دينار فصاعداً وهذا الحديث ذهب إليه الشافعي وهو قول كثير من العلماء ذكر ابن الملقن منهم عائشة وعمر بن عبدالعزيز والأوزاعي والليث بن سعد والشافعي وأبو ثور وإسحاق وقد ذهب هؤلاء إلى أن الأصل في نصاب السرقة هو الذهب وإذا قلنا بأن الأصل في نصاب السرقة هو الذهب فإن القطع يكون في ربع دينار سواء كانت قيمته ثلاثة دراهم أو أكثر فلو قلنا بهذا القول وجعلنا الذهب أساساً في نصاب السرقة فإنه لا يقطع إلا فيما قيمته ربع دينار والدينار هو مثقال وهو أربعة جرامات وثلاث وعشرين بالمائة من الجرام الخامس (4.23 جم) وقد كمل الفقهاء اثنين بالمائة ليساوي الدينار أربع جرامات وربع (4.25 ) وإذا قلنا أربع جرامات وربع فإنه يعتبر بقيمة الذهب في وقت السرقة فمثلاً الآن الجرام من الذهب يباع بخمسة وأربعين أو بأربعين ريالاً فيضاف إليها ربع الربع لو قلنا أن قيمة الجرام أربعين فيجب أن نضيف إليه ربع الربع حيث أن الدينار أربع جرامات وربع ( 4.25 ) فيكون النصاب اثنين وأربعين ونصف ريال سعودي والفرق كبير بين هذين النصابين علماً بأن قيمة الذهب ترتفع وتنخفض فتكون غير محددة بل تكون عائمة في القيم المختلفة ومن ناحية أخرى فإذا قلنا بحديث عبدالله بن عمر وهو كان في ذلك الزمن ربع دينار أي الثلاثة الدراهم ربع دينار لأن صرف الدينار في ذلك الزمن اثني عشر درهماً وما كان النبي ﷺ ليقطع في شيء أقل من النصاب الذي يجب القطع به وفيما يظهر لي والله أعلم أن تقدير النصاب بثلاثة دراهم أضبط وكون الدراهم معروفة المقدار فيكون القطع فيما قيمته ثلاثة دراهم وهي ريال إلا ربع بالنقد السعودي هذا ما تلخص لي أما القول بأن نصاب القطع في السرقة عشرة دراهم أو خمسة دراهم أو درهمين أو درهم واحد أو أربعين درهماً فكل هذه الأقوال أدلتها ضعيفة والقول بها أضعف والله تعالى أعلم . يبقى معنا الكلام من أين تقطع اليد وما هو الذي يثبت به هذا الحد فالجمهور على أن اليد تقطع من مفصل الرسغ وهو مفصل الكف مع الذراع وعلى هذا القول جرى العمل في زمن النبي ﷺ وخلفائه الراشدين وقالت الخوارج أن اليد تقطع من المنكب وقولهم هذا ضعيف وكذلك القول بأنها تقطع من المرفق . ثالثا : أنه لا يقطع إلا في الآخذ من حرز والحرز شرط عند الجمهور فالصندوق حرز للدراهم وكل شيء حرزه بحسبه والدابة إذا كانت مربوطة فحرزها رباطها والجيب حرز أيضاً وقد ورد في الحديث ( أَنَّ صَفْوَانَ بْنَ أُمَيَّةَ بْنِ خَلَفٍ قِيلَ لَهُ هَلَكَ مَنْ لَمْ يُهَاجِرْ قَالَ فَقُلْتُ لا أَصِلُ إِلَى أَهْلِي حَتَّى آتِيَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فَرَكِبْتُ رَاحِلَتِي فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ زَعَمُوا أَنَّهُ هَلَكَ مَنْ لَمْ يُهَاجِرْ قَالَ كَلا أَبَا وَهْبٍ فَارْجِعْ إِلَى أَبَاطِحِ مَكَّةَ قَالَ فَبَيْنَمَا أَنَا رَاقِدٌ إِذْ جَاءَ السَّارِقُ فَأَخَذَ ثَوْبِي مِنْ تَحْتِ رَأْسِي فَأَدْرَكْتُهُ فَأَتَيْتُ بِهِ النَّبِيَّ ﷺ فَقُلْتُ إِنَّ هَذَا سَرَقَ ثَوْبِي فَأَمَرَ بِهِ ﷺ أَنْ يُقْطَعَ قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَيْسَ هَذَا أَرَدْتُ هُوَ عَلَيْهِ صَدَقَةٌ قَالَ فَهَلا قَبْلَ أَنْ تَأْتِيَنِي بِهِ ) فنأخذ من هذا الحديث أن رداء صفوان رضي الله عنه كان وضع رأسه عليه حرزاً له ويتبين لنا أن الحرز في كل شيء بحسبه والسيارة إذا كانت مقفلة وفتحها السارق فإنه إذا أخذها ، أخذها من حرز والدابة إذا كانت مربوطة فأخذها السارق من رباطها فإنه قد أخذها من حرز وهكذا وتبين لنا أن بعض الفقهاء الذين يتشددون في الحرز أنهم مخطئون في ذلك ولعل الإنسان يكون آثماً عندما يحاول دفع الحد عن المجرم بأوهى سبب رابعاً : أن القطع في السرقة هو أن تقطع من مفصل الكف في اليد اليمنى فإن عاد فسرق قطعت رجله اليسرى من مفصل القدم . -------- تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 5 ] [ المجلد الخامس ] http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam5.pdf الرابط المباشر لتحميل الكتاب : http://subulsalam.com/play.php?catsmktba=9384 |
بسم الله الرحمن الرحيم تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي - رحمه الله - الحديث الثاني : عن عائشة رضي الله عنها والقول فيه كما سبق في حديث ابن عمر رضي الله عنه أما ثبوت الحد فهو يثبت بالاعتراف كما في حديث صفوان ابن أمية الذي شهد فيه السارق على نفسه بالسرقة أو بالبينة وبالله تعالى التوفيق . الحديث الثالث : عن عائشة رضي الله عنها أن قريشاً أهمهم شأن المخزومية التي سرقت فقالوا من يكلم فيها رسول الله ﷺ فقالوا من يجترئ عليه إلا أسامة بن زيد حب رسول الله فكلمه أسامة فقال أتشفع في حد من حدود الله ثم قام فاختطب فقال إنما أهلك الذين من قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد وأيم الله لو كانت فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها . وفي لفظ كانت امرأة تستعير المتاع وتجحده فأمر النبي ﷺ بقطع يدها موضوع الحديث : وجوب المساواة في إقامة الحدود بين الأشراف والضعفاء المفردات أن قريشاً : قريش اسم للقبيلة ويجمع اثني عشر بطناً من العشائر والأشهر أن لقب قريش اسم لبني فهر أهمهم : أشغلهم وعظم عليهم شأن المخزومية التي سرقت ذلك أن بني مخزوم كانوا من أشراف قريش في زمن الجاهلية فشغلهم أمرها لكونها سرقت وأمر النبي ﷺ بقطع يدها فرأوا أن ذلك عار يلحقهم فطلبوا من يكلم رسول الله ﷺ ضانين أن الوساطة تنفع عنده كما تنفع عند غيره من يجترئ : ومعنى يجترئ أي يستطيع أن يكلم رسول الله ﷺ إلا أسامة بن زيد وأسامة بن زيد بن حارثة هو حب رسول الله ﷺ وابن حبه لأنه ابن مولاه زيد بن حارثة الذي أشار القرآن الكريم إليه بقوله ( وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ ) [ الأحزاب : 37] وحب بمعنى محبوب وزيد بن حارثة قد ذكرنا قصته فيما مضى قوله فكلمه أسامة فقال أتشفع في حد من حدود الله : الهمزة للاستفهام الإنكاري قوله ثم قام فاختطب : أي خطب الناس مبيناً لهم عواقب هذا الصنيع وهو إقامة الحد على الضعيف وتركه عن الشريف . قوله إنما أهلك الذين من قبلكم : أي أوقع عليهم الهلاك والذم من قبل الله عز وجل أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه والمراد بالشريف من له حسب وجاه وشعبية تحميه وإذا سرق فيهم الضعيف وهو من لا حسب له ولا جاه ولا شعبية أقاموا عليه الحد : أي عملوه فيه غير مبالين بما ارتكبوا من جريمة بترك الحد عن الشريف وإقامته على الضعيف والوضيع . وأيم الله : هذا يمين على المشهور لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها : لو حرف وجود لوجود أي لو وجدت منها السرقة لوجد مني القطع ليدها المعنى الإجمالي هذا حديث عظيم من أحاديث المصطفى ﷺ يبين أن رسول الله ﷺ لا يثنيه عن تنفيذ أمر الله عز وجل على من استحقه بما عمل من السبب لا يثنيه عن ذلك شرف الفاعل ولا قرابته ولا محسوبيته فقد أقسم ﷺ أنه لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطع يدها ولا يمنعه عن ذلك كونها ابنته وهذا مقام عظيم لا يثبت فيه إلا الأولياء والأصفياء وأولوا العزم من رسل الله عز وجل فذاك إبراهيم خليل الرحمن عليه السلام حين رأى أنه يذبح ابنه عزم على التنفيذ ولم يثنه شفقة الأبوة وحنوها على الابن وبذلك أثنى الله عليه بقوله ( وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى ) [ النجم : 37 ] أي وفى ما أمر به . فقه الحديث أولاً : يؤخذ من هذا الحديث ما كان عليه أهل الجاهلية من حمية الجاهلية التي يحاولون بها الامتناع عن حدود الله لو استطاعوا ولكونهم لا يستطيعون ذلك فقد توسطوا بالشفاعة من حب رسول الله ﷺ وابن حبه في ترك القطع عنها ثانياً : أن الناس كلما كانوا ألصق بالدنيا وأنانيتها وعظمتها المزعومة كان الشيطان ينفخ فيهم ويجعلهم يمتنعون عن إقامة حدود الله لو استطاعوا ثالثاً : أنهم توسطوا بحب رسول الله وابن حبه أسامة بن زيد في ترك ما أمر الله به فغضب رسول الله ﷺ على أسامة بن زيد رغم مودته له وأنكر عليه قائلاً ( أتشفع في حد من حدود الله ) رابعاً : أحس أسامة بن زيد بالخطأ والخجل وشعر بإساءته فطلب من رسول الله ﷺ أن يستغفر له خامساً : لم يكتف رسول الله ﷺ بتأنيب أسامة بن زيد فقد قام خطيباً وأطلقها صريحة إنما أهلك الذين من قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد سادساً :ينبغي أن نتذكر حديث الزانيين اليهوديين اللذين رجمهما النبي ﷺ وأن رسول الله ﷺ سأل اليهود عن الرجم هل هو في التوراة وأن الله أمرهم به فحاولوا جحده أولاً ولما انكشف الأمر قال له بعض علمائهم بأن الذي نزل في التوراة الرجم ولكنهم كانوا إذا زنا فيهم الضعيف رجموه وإذا زنا فيهم الشريف تركوه كالحال في السرقة فعند ذلك اتفقوا على التسويد والتجبيه بدلاً عن الرجم وبدلوا أمر الله عز وجل فغضب الله عليهم سابعاً : عند ذلك أقسم النبي ﷺ بقوله أيم الله لو كانت فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها وفي هذا تأييس للذين يحاولون صرف المسئول عن إقامة حد الله عز وجل لكي يعلموا أنه لا نجاة للعباد إلا بإقامة أمر الله عز وجل (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَكَفَّرْنَا عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلأَدْخَلْنَاهُمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ مِنْهُمْ أُمَّةٌ مُقْتَصِدَةٌ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ سَاءَ مَا يَعْمَلُونَ ) [ المائدة : 65 ،66 ] ثامناً : فاطمة بنت محمد حاشاها من السرقة ولكن هذا مثل ليعلم به القوم الذين أرادوا منع رسول الله ﷺ من قطع يد المخزومية ليعلموا بذلك أن رسول الله ﷺ لا يثنيه عن تنفيذ أمر الله شيء . تاسعاً : يؤخذ منه قطع يد السارق لقول الله تعالى (وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا) [ المائدة : 38] عاشراً : لكون السارق غالباً يسرق باليمين فإنها تقطع يمينه من مفصل الكف الحادي عشر:أن هذا الحكم من الله عز وجل جزاءً لمن يستعمل يمينه في أخذ حقوق العباد أن تقطع يده اليمنى ويحرم منها ومن منفعتها الثاني عشر :لنتذكر قول الله عز وجل ( نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الأَلِيمُ ) [ الحجر : 49 ، 50 ] وقوله عز وجل ( حم تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ غَافِرِ الذَّنْبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ ذِي الطَّوْلِ لا إِلَهَ إِلا هُوَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ ) [ غافر : 1 – 3 ] فكما أن رحمته واسعة فإن عذابه أليم ولا يظلم الله أحداً ولكن الناس أنفسهم يظلمون فمن أقيم عليه الحد بسبب سرقته فلا يظن أن الله ظلمه وليعلم أن الذي حصل له إنما هو بسبب جرمه وإسائته . الثالث عشر :ينبغي أن نعلم حرمة حقوق الناس وأنها حرمة عظيمة فمن سرق مالاً تافهاً لغيره قطعت يده التي تساوي قيمتها نصف دية نفسه وجاء في الحديث (عَنْ أَبِي أُمَامَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ مَنْ اقْتَطَعَ حَقَّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ بِيَمِينِهِ فَقَدْ أَوْجَبَ اللَّهُ لَهُ النَّارَ وَحَرَّمَ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ وَإِنْ كَانَ شَيْئًا يَسِيرًا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ وَإِنْ قَضِيبًا مِنْ أَرَاكٍ ) الرابع عشر: ذهب الإمام أحمد إلى أن من يستعير المتاع ويجحده تقطع يده للرواية التي وردت في هذا الحديث وخالفه في ذلك جماهير أهل العلم واعتبروها رواية شاذة وزعموا أن القطع ليس من أجل جحد العارية ولكن من أجل وجود السرقة كما وردت بذلك روايات الخامس عشر : أن الشفاعة في الحدود بعد وصولها إلى السلطان لا تجوز لقول النبي ﷺ في قصة الذي سرق رداء صفوان بن أمية فاعترف فأمر النبي ﷺ بقطع يده فقال صفوان بن أمية دعه يا رسول الله ردائي صدقة عليه فقال رسول الله هلا كان ذلك قبل أن تأتيني به ) السادس عشر: يؤخذ منه جواز الشفاعة في الحدود وغيرها قبل أن تصل إلى السلطان فإن وصلت إليه حرم ذلك السابع عشر :مفهوم هذا أي مفهوم الحديث أن الشفاعة في غير الحدود جائزة حتى لو بلغت إلى السلطان لكن في الحدود غير جائزة إلا قبل بلوغ السلطان وأيضاً في هذه الحالة إذا كان الذي حصلت منه الجريمة معروف بالشر وبأذية المسلمين فإن الشفاعة في مثل هذا لا تجوز بحال وبالله التوفيق -------- تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 5 ] [ المجلد الخامس ] http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam5.pdf الرابط المباشر لتحميل الكتاب : http://subulsalam.com/play.php?catsmktba=9384 |
بسم الله الرحمن الرحيم تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي - رحمه الله - باب حد شارب الخمر يلاحظ على من وضع هذه الترجمة وهي قوله باب حد الخمر وهذا الكلام خطأ فإن الحد إنما هو على شربها فمن وجدت عنده خمر لم يجلد من أجل وجودها عنده إلا تعزيراً ولكن يوعظ وأن بقاءها عنده إدمان أورد فيه الحديث الأول : حديث أنس بن مالك رضي الل عنه أن النبي ﷺ أتي برجل قد شرب الخمر فجلده بجريدة نحو أربعين قال وفعله أبو بكر فلما كان عمر استشار الناس فقال عبدالرحمن بن عوف أخف الحدود ثمانون فأمر به عمر رضي الله عنه موضوع الحديث : حد شارب الخمر هل هو أربعون أو ثمانون المفردات أتي برجل : لم يعرف من هو هذا الرجل إلا أنه قد ذكر أن أَنَّ رَجُلا من الصحابة عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ ﷺ كَانَ اسْمُهُ عَبْدَ اللَّهِ وَكَانَ يُلَقَّبُ حِمَارًا وَكَانَ يُضْحِكُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ وَكَانَ النَّبِيُّ ﷺ قَدْ جَلَدَهُ فِي الشَّرَابِ فَأُتِيَ بِهِ يَوْمًا فَأَمَرَ بِهِ فَجُلِدَ فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ الْقَوْمِ اللَّهُمَّ الْعَنْهُ مَا أَكْثَرَ مَا يُؤْتَى بِهِ فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ لا تَلْعَنُوهُ فَوَاللَّهِ مَا عَلِمْتُ إلا إِنَّهُ يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ) الخمر : يسمى به كل شراب بلغ إلى حد الإسكار وقد قام عمر رضي الله عنه خطيباً فقال الخمر ما خامر العقل أهـ . وهو إما مشتق من التخمير الذي هو التغطية وذلك أنها تغطي العقل وإما مشتق من المخامرة التي هي المخالطة والقول الأول لعله هو الأقرب لكونها تغطي العقل وتمنعه من معرفة الحقائق بجريدة : الجريدة تطلق على كل عود سواء كان أخضراً أو يابساً ولعله في الأخضر أشهر وفي محيط المدينة النبوية قد يكون أن إطلاق الجريدة يراد به جريد النخل قوله نحو أربعين : هذه اللفظة تدل على أن الأربعين تقديراً لا تحديداً قوله وفعله أبو بكر : أي جرى على ما كان عليه الأمر في عهد النبي ﷺ فلما كان عمر استشار الناس : أي طلب الرأي والمشورة منهم ولعل السبب أن الناس لما حصلت لهم النعمة بطر بعضهم بها وأكثروا من شرب الخمر قوله أخف الحدود ثمانون : المراد به هنا الحدود المنصوص عليها بالضرب فحد الزنا إذا كان الزاني بكراً مائة جلدة وحد الفرية ثمانون وحد الزاني المحصن الرجم بالحجارة حتى يموت وحد السرقة قطع اليمين من مفصل الكف إذاً فحد الفرية ثمانون بنص الكتاب وأشار عبدالرحمن بن عوف باعتماده فأمر به عمر رضي الله عنه فكان سنة في الشارب المعنى الإجمالي يخبر أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي ﷺ ضرب شارب الخمر بجريدة نحو أربعين وأن أبا بكر جرى على ما كان عليه الأمر في عهد النبي ﷺ فلما كان زمن عمر رضي الله عنه وكثرت الفتوح وفاضت الأموال وكثر الوقوع في شرب الخمر ممن لم يكن عندهم من الإيمان ما يردعهم عن ذلك فاستشار عمر رضي الله عنه الصحابة أي استشارهم في الزيادة على الأربعين أو الاكتفاء بها فكأنهم رأوا الزيادة حسماً لذلك التوارد على شرب الخمر من كثير من الناس ليكون في تلك الزيادة زاجراً ورادعاً لهم . فقه الحديث أولاً : يؤخذ من هذا الحديث تحريم شرب الخمر وهو إجماع والله سبحانه وتعالى قد حرم شربها في كتابه وبين أن الشيطان حريص على إيقاع العبد فيما حرم الله عز وجل فقال تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنْصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ) [المائدة : 90 ، 91 ] ثانياً : يؤخذ من هذا الحديث وجوب الحد على شاربها سواء شرب كثيراً أو قليلاً ثالثاً :اختلف أهل العلم في حد شرب الخمر فذهب الشافعي إلى أنه أربعون وبه قال داود الظاهري وأبو ثور وقال الشافعي للإمام أن يبلغ به الثمانين إن رأى ذلك لفعل عمر رضي الله عنه وقال الجمهور أن حد شارب الخمر ثمانون جلدة وممن قال بذلك مالك وأبو حنيفة والأوزاعي والثوري وأحمد وإسحاق وابن المنذر قلت : والذي نص عليه في مذهب الإمام أحمد روايتان رواية كمذهب الشافعي أنه أربعون ورواية كمذهب الجمهور أنه ثمانون رابعاً : الجلد في حد الخمر يكون بالجريد والنعال والسياط ويجوز أن يكون بعضه بالثياب لا كله والضرب بالسوط أوجع للمضروب وأكثر ردعاً للمتربص خامساً :يؤخذ من هذا الحديث جواز مشاورة الإمام لأهل الحل والعقد من رعيته سادساً: ليس على الإمام لوم إذا تبع رأياً من الآراء المعروضة لما رأى من المصلحة في العمل به . سابعاً : قد ورد في حديث أن النبي ﷺ أمر بقتل الشارب إذا عاد للشرب في المرة الرابعة وأجمع من يعتد به على عدم العمل بهذا الحديث ورأوا أنه منسوخ لأن النبي ﷺ كان يؤتى برجل يشرب الخمر كثيراً فيجلده حتى قال بعض من حضر لعنه الله ) وفي حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال ثم أتى النبي ﷺ بسكران فأمر بضربه فمنا من يضربه بيده ومنا من يضربه بنعله ومنا من يضربه بثوبه فلما انصرف قال رجل ما له أخزاه الله فقال رسول الله ﷺ لا تكونوا عون الشيطان على أخيكم) فسماه أخاً ولم يقتله مع تكرر شربه للخمر فكان ذلك ناسخاً للحديث الذي ورد والله تعالى أعلم -------- تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 5 ] [ المجلد الخامس ] http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam5.pdf الرابط المباشر لتحميل الكتاب : http://subulsalam.com/play.php?catsmktba=9384 |
بسم الله الرحمن الرحيم تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي - رحمه الله - الحديث الثاني : عن أبي بردة بن نيار البلوي رضي الله عنه أنه سمع رسول الله ﷺ يقول ( لا يجلد فوق عشرة أسواط إلا في حد من حدود الله ) موضوع الحديث : التعزير وهل يجوزأن يبلغ به أدنى الحدود أو لا يجوز في ذلك نظر المفردات أبو بردة بن نيار لعلها تقدمت ترجمته في باب العيدين وهو خال البراء بن عازب البلوي نسبة إلى بليّ بطن من قضاعة وهو كان حليفاً للأنصار قوله لا يجلد : الجلد هو ضرب الجلد يقال جلده إذا ضرب جلده إما في تعزير أو حد فوق عشرة أسواط : يعني أكثر منها إلا في حد من حدود الله : الحد يطلق ويراد به العقوبة المقدرة شرعاً على بعض الذنوب ويطلق ويراد به محارم الله عز وجل وقد ورد في الشرع على الأمرين فمن الأول قوله تعالى ( تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَعْتَدُوهَا ) [ البقرة : 229 ] ( تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَقْرَبُوهَا )[ البقرة : 187] ومن الثاني الحدود المقدرة كحد السرقة وحد الفرية وحد الزاني البكر وما أشبه ذلك المعنى الإجمالي يخبر أبو بردة بن نيار رضي الله عنه أنه سمع رسول الله ﷺ ينهى أن يجلد المسلم فوق عشرة أسواط إلا أن يكون ذلك في حد من حدود الله عز وجل . فقه الحديث يؤخذ من هذا الحديث : أولاً : النهي عن الزيادة على عشرة أسواط في العقوبة غير المقدرة وكما قد أشرنا أن أهل العلم اختلفوا في الحد فمنهم من حمله على الحدود المقدرة ومن قال أقل الحدود حد الخمر وهو أربعون جلدة قال لا يزاد في التعزير على تسع وثلاثين جلدة وذلك أقل الحدود ومن قال أن الحد في الخمر ليس حداً مقدراً وإنما هو تأديب وتعزير ولذلك جاز الضرب فيه بالنعال والثياب ولكن أدنى الحدود حد الفرية وهو ثمانون ومن قال بذلك قال لا يزاد في التعزير على تسعة وسبعين سوطاً . وقال قوم أن أدنى الحدود عشرون وهو أن العبد يضرب نصف الحد ويضرب نصف الأربعين عشرين جلدة وإذاً فلا يزاد في التعزير على تسعة عشر جلدة ثانياً : من قال أن الحد المراد به الذنب الذي يكون فيه مخالفة لأمر الله عز وجل فهو يرى أن من عزر على كبيرة لا يزاد تعزيره على عشرة أسواط . والمسألة خلافية كما ترى والسلف مختلفون في ذلك ومن اقتنع برأي من العلماء المعتبرين الذين يجوز لهم الاجتهاد ينبغي أن يعمل عليه إلا أن مثل هذا ألصق بعمل القضاة وقد ورد أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه ثاني الخلفاء الراشدين وصاحب الاجتهادات العظيمة قد ضرب صبيغاً مائة جلد ثم مائة جلدة ثم أراد أن يضربه في المرة الثالثة فقال يا أمير المؤمنين إن كنت قاتلي فاقتلني فسيره إلى الكوفة ونهى عن مجالسته حتى حلف لأبي موسى أن ما كان يجده في رأسه قد ذهب فقال له خل بينه وبين الناس فكيف يحمل عمل عمر رضي الله عنه مع أن الرجل الذي ضربه كان ظاهر عمله عملاً لا ينكر وهو أنه كان يسأل عن المتشابة ولكن بفراسة عمر رأى أنه يريد أن يثير فتنة فضربه ذلك الضرب فكيف الجواب عن مثل هذا ؟ والحقيقة أن الجواب على مثل هذا فيه شيء من الصعوبة وسأقول بما فتح الله وأسأل الله أن يسددني في ذلك فأقول : تفرس عمر رضي الله عنه من ذلك الرجل وكأنه قد بلغه عنه أنه كان يكثر السؤال عن المتشابه فحين قال له ما الذاريات ذرواً ما الحاملات وقراً ما الجاريات يسراً ؟ فأجابه عمر رضي الله عنه ثم قال له من أنت قال أنا عبد لله صبيغ فأمر بجريد من نخل وحسر عن ذراعيه وقال وأنا عبدالله عمر فضربه ثم أمر به فترك حتى برأ ثم عاد إليه فضربه مائة جلدة ثم تركه حتى برأ ثم عاد إليه فضربه فقال إن كنت قاتلي فاقتلني فأقول إن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قد تفرس أن هذا الرجل في نفسه شك وأنه يريد أن يثير أسألة حول القرآن ورأى أن ذلك سيفتح باب فتنة فضربه ذلك الضرب وحيث أن الأمر الذي اتهمه به لم يكن واضحاً غاية الوضوح حتى يوجب قتله فضربه من أجل أن يرتدع هو وأمثاله والذي يظهر لي أن عمل ذلك الخليفة الموفق عمل موفق أيضاً أراد أن يحمي به الدين وهذا من توفيق الله لهذا الإمام هذا ما يظهر لي وأرجو أنه الحق إذاً فلا تنافي بين قوله ﷺ لا يضرب فوق عشرة أسواط إلا في حد من حدود الله وبين فعل عمر بن الخطاب رضي الله عنه لأنه رأى أن في ذالك حماية للدين فكان ذلك من حدود الله وبالله تعالى التوفيق . -------- تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 5 ] [ المجلد الخامس ] http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam5.pdf الرابط المباشر لتحميل الكتاب : http://subulsalam.com/play.php?catsmktba=9384 |
بسم الله الرحمن الرحيم تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي - رحمه الله - كتاب الأيمان : الأيمان جمع يمين والمقصود به الحلف سمي الحلف يميناً لأنهم كانوا إذا تحالفوا أخذ كل واحد منهم بيمين صاحبه وهي في الشرع تحقيق الشيء أو تأكيده بذكر اسم الله تعالى أو صفة من صفاته مثال ذلك والله إني لصادق . أما التمثيل للحلف في صفة من صفات الله كقول القائل وعزة الله إني لصادق فيما قلته . أما النذور فهي جمع نذر والنذر شرعاً أن يوجب الإنسان على نفسه شيئاً لم يجب عليه بمحض الشرع كأن يقول لله عليّ أن أصلي كل ليلة كذا ركعة تطوعاً أو أصوم في كل شهر كذا يوماً تطوعاً . الحديث الأول : عن عبدالرحمن بن سمرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله ﷺ يا عبدالرحمن بن سمرة لا تسأل الإمارة فإنك إن أعطيتها عن مسألة وكلت إليها وإن أعطيتها عن غير مسألة أعنت عليها وإذا حلفت على يمين فرأيت غيرها خيراً منها فكفر عن يمينك وائت الذي هو خير . موضوع الحديث النهي عن سؤال الإمارة وتعليل ذلك بأن من أعطيها عن مسألة وكل إليها ومن أعطيها عن غير مسألة أعين عليها والأمر بالوفاء باليمين والتكفير عنها إن كان الوفاء خيراً المفردات الإمارة : هي الولاية ولعلم الشارع أن النفوس تحرص عليها نهى عن ذلك معللاً بما تقدم معنى وكلت إليها :أي تركت ونفسك واستولى عليك الشيطان وأدخلك فيما لا يجوز ومعنى أعنت عليها : أي جعل الله لك عوناً بمعرفة وجهة الحق ولا يجعله ملتبساً عليك إذا حلفت على يمين : أي على شيء تريد فعله أو تركه فرأيت بعد ذلك أن عدم الوفاء بها خير من الوفاء بها فكفر عن يمينك أي قد جعل الله لك مخرجاً بأن تكفر عن يمينك وتأتي الذي هو خير . المعنى الإجمالي في هذا الحديث ينهى رسول الله e عن سؤال الإمارة معللاً ذلك بأن من أعطيها عن مسألة وكل إليها أي خذل وترك لرغبته في الدنيا وإيثارها على الآخرة وأن من أعطيها عن غير مسألة أعين عليها بأن يسدده ربه وأن الحلف على شيء لا يجعله الحالف مانعاً له من فعل الخير إذا رآه في غير جهة اليمين ولذلك فإن له أن يتخلص من اليمين بالتكفير ثم يأتي الذي هو خير فقه الحديث أولاً : يؤخذ من هذا الحديث كراهية سؤال الإمارة وهذا النهي يعززه ما ورد في الحديث الذي رواه أبو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ إِنَّكُمْ سَتَحْرِصُونَ عَلَى الإِمَارَةِ وَسَتَكُونُ نَدَامَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَنِعْمَ الْمُرْضِعَةُ وَبِئْسَتْ الْفَاطِمَةُ ) وكذلك ما ورد في حديث أَبُي بُرْدَةَ قَالَ قَالَ أَبُو مُوسَى أَقْبَلْتُ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ وَمَعِي رَجُلانِ مِنْ الأَشْعَرِيِّينَ أَحَدُهُمَا عَنْ يَمِينِي وَالآخَرُ عَنْ يَسَارِي فَكِلاهُمَا سَأَلَ الْعَمَلَ وَالنَّبِيُّ ﷺ يَسْتَاكُ فَقَالَ مَا تَقُولُ يَا أَبَا مُوسَى أَوْ يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ قَيْسٍ قَالَ فَقُلْتُ وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ مَا أَطْلَعَانِي عَلَى مَا فِي أَنْفُسِهِمَا وَمَا شَعَرْتُ أَنَّهُمَا يَطْلُبَانِ الْعَمَلَ قَالَ وَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى سِوَاكِهِ تَحْتَ شَفَتِهِ وَقَدْ قَلَصَتْ فَقَالَ لَنْ أَوْ لا نَسْتَعْمِلُ عَلَى عَمَلِنَا مَنْ أَرَادَهُ وَلَكِنْ اذْهَبْ أَنْتَ يَا أَبَا مُوسَى أَوْ يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ قَيْسٍ فَبَعَثَهُ عَلَى الْيَمَنِ … الحديث ) فأرسله النبي ﷺ أي أرسل أبا موسى أميراً على اليمن فدل ذلك على أن طلب الإمارة والولاية مكروهاً لما يترتب على ذلك من خذلان الله للعبد إن طلب الولاية . ثانياً : إذا علم المسئول عن شخص بأنه مستحق لتلك الولاية وأشار عليه بذلك من لا يتهم فأراد السلطان أن يوليه ذلك العمل وشعر المولى من نفسه بالكفاية ولم يكن على الساحة من هو خيراً منه ففي هذه الحالة ينبغي له أن يقبلها بعد استخارة واستشارة وعدم تسرع إلى الإجابة ويستأنس لهذا بقول يوسف عليه السلام ( اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ ) [ يوسف : 55 ] ثالثاً : أن من تولى القضاء أو الولايات الكبيرة يجب عليه أن يكثر من التضرع بين يدي الله عز وجل أن يعينه ويسدده وهو حري إن فعل ذلك أن الله عز وجل سيسدده ويعينه رابعاً : النهي عن طلب الإمارة يتجه والله أعلم إلى الولايات الكبيرة التي يكون فيها والياً على جملة أشياء والتي يكون فيها سلطة يتسلط بها الوالي أما الوظائف الصغيرة التي تطلب ويطلب القيام بها من أجل سداد ثغرة من الثغرات يحتاج إليها في العمل فهذه لا تكون من الولايات المرموقة التي نهي عن طلبها خامساً : قوله وإذا حلفت على يمين فرأيت غيرها خيراً منها فكفر عن يمينك وائت الذي هو خير يؤخذ من هذا أن من حلف على يمين أن لا يفعل كذا أو أن يفعل كذا ولكنه رأى الخير في ترك ما حلف على فعله أو فعل ما حلف على تركه فإنه يشرع له التخلص من تلك اليمين بالتكفير عنها واتيان الذي هو خير سادساً : اختلف أهل العلم هل يجوز التكفير قبل الحنث ؟ فذهب قوم إلى جوازه مطلقاً قال ابن الملقن وبه قال أربعة عشر من الصحابة وجماعات من التابعين ومالك والشافعي والأوزاعي والثوري والجمهور لكن قالوا يستحب كونها بعد الحنث واستثنى الشافعي التكفير بالصوم فقال لا يجوز قبل الحنث لأنه عبادة بدنية فلا يجوز تقديمها قبل وقتها كالصلاة وقال أبو حنيفة وأصحابه وأشهب من المالكية بعدم جواز تقديمها على الحنث مطلقاً . سابعاً : أما الأدلة فقد جاءت كما يلي : فكفر عن يمينك وائت الذي هو خير الرواية الثانية : وائت الذي هو خير وكفر عن يمينك الرواية الثالثة : فكفر عن يمينك ثم ائت الذي هو خير وهذه الرواية الأخيرة دالة على جواز تقديم التكفير على الحنث لقوله فكفر عن يمينك وائت الذي هو خير وهي دليل الجمهور وهناك مسألة أخرى في حديث أبي موسى حينما جاءوا إلى النبي ﷺ يستحملونه ولم يكن عنده شيء من الإبل فحلف ألا يحملهم لأنه لا يجد ما يحملهم عليه فجاءت إبل من إبل الصدقة فأرسل إليهم يدعوهم وأعطاهم ست قلائص غر الذرى فلما خرجوا من عنده قال أبو موسى لأصحابه والله لا نصيب خيراً فقد استغفلنا رسول الله عن يمينه فرجعوا وأخبروه فقال والله إني لا أحلف على يمين فأرى غيرها خيراً منها إلا كفرت عن يميني وأتيت الذي هو خير ويحتمل أنه أرسل إليهم قبل التكفير وعلى هذا فالذي يترجح عندي أن العزم على الحنث بمنزلة الحنث توضيحه أن النبي ﷺ حلف ألا يحملهم في حالة كونه لا يجد ما يحملهم عليه فلما وجد بوجود إبل الصدقة عند ذلك عزم على الحنث وأرسل إليهم فحملهم وهذا هو القول الصواب في نظري ثامناً : ما معنى الحنث ؟ الحنث هو وقوع خلاف ما حلف عليه أي مخالفة جهة اليمين فحينما حلف ألا يحملهم وأرسل إليهم فحملهم ولعله قد كفر قبل أن يرسل إليهم ومن هنا نقول أن الحنث هو مخالفة اليمين ومعنى الحنث الإثم فإنه إذا خالف يمينه من غير أن يكفر أثم والخروج من الإثم بالتكفير عن اليمين تاسعاً : ما هي كفارة اليمين ؟ كفارة اليمين أربعة أمور ثلاثة منها مرتبة وهي المذكورة في قوله تعالى ( وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ ) فبدأ الله عز وجل بالأسهل وهو إطعام عشرة مساكين ثم أتبعه بما هو أعلى وأصعب وهو كسوة المساكين العشرة ثم أتبعه بعتق الرقبة ثم قال ( فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ ) [ المائدة : 89 ] فجعل الصيام مرتباً بعد الثلاثة ويكفر به عند عدم وجود الثلاث المذكورة وبالله التوفيق . -------- تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 5 ] [ المجلد الخامس ] http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam5.pdf الرابط المباشر لتحميل الكتاب : http://subulsalam.com/play.php?catsmktba=9384 |
بسم الله الرحمن الرحيم تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي - رحمه الله - الحديث الثاني : عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال قال رسول الله ﷺ إني والله إن شاء الله لا أحلف على يمين فأرى غيرها خيراً منها إلا أتيت الذي هو خير وتحللتها موضوع الحديث: أفضلية تكفير اليمين والرجوع عن الاستمرار فيها المفردات قوله لا أحلف على يمين المقصود بالحلف هو اليمين وإنما أراد لا أحلف على شيء يميناً فأرى غيرها خيراً منها إلا أتيت الذي هو خير قوله خيراً منها : أي خيراً من الاستمرار فيها بحيث أعزم على تحنيث نفسي وتحللي من اليمين لكي آتي الذي هو خير المعنى الإجمالي أن النبي ﷺ أخبر عن نفسه بأنه إذا حلف على يمين ثم بعد ذلك رأى أن الخير في عدم الاستمرار عليها تركها بترك ما حلف عليه وكفرها وأتى الذي هو خير فقه الحديث أولاً : أن هذا الحديث قد ورد على سبب كما تقدم في شرح الحديث قبل هذا وهو أن أبا موسى الأشعري رضي الله عنه أتى إلى النبي ﷺ هو وجماعة معه يستحملونه أي يطلبون منه أن يحملهم فقال والله لا أحملكم ولا أجد ما أحملكم عليه فذهبوا وبعد أن ذهبوا أرسل في أثرهم حين أتته إبل الصدقة فأعطاهم ست قلانص أو خمس ذكر في صفتها أنها غر الذرى والذرى جمع ذروة وهي سنام البعير فحملهم عليها قال أبو موسى فلما خرجنا من عند النبي ﷺ قلت لأصحابي والله لا نصيب خيراً فقد استغفلنا رسول الله يمينه فرجعنا إلى النبي ﷺ فقلنا يا رسول الله إنا جئناك أولاً فحلفت ألا تحملنا ثم أرسلت في أثرنا وحملتنا فلما خرجنا قلت لأصحابي والله لا نفلح وقد استغفلنا رسول الله يمينه فرجعنا إليك أو كما قال أبو موسى فقال رسول الله ﷺ الحديث الموجود هنا ( إني والله إن شاء الله لا أحلف على يمين … ) الحديث ثانياً : يؤخذ منه أن الحلف على الشيء لا يعتبر شيئاً مانعاً لا يجوز خلافه بل يجوز أن تعزم على الحنث فتحنث نفسك وتأتي الذي هو خير ثم تتحلل يمينك أو تكفر يمينك ثم تأتي الذي هو خير ثالثاً : يؤخذ منه جواز التأكيد بقوله إن شاء الله بعد اليمين إذا كان للتبرك وإنه في هذه الحالة لا يرفع حكم اليمين ويجوز الاستثناء باليمين بقصد إبطال حكمها ولكن بشرط أن يكون الاستثناء متصلاً وسيأتي بحث الاستثناء في الحديث بعده رابعاً : أنه يجوز التحلل من اليمين بعمل الكفارة لقوله وتحللتها وقد خالف في ذلك بعض أهل العلم في هذه المسألة أي في جواز الحنث قبل التكفير وبذلك قال أبو حنيفة أي قال بعدم جواز الحنث قبل التكفير والقول الأول أصح لورود الحديث بذلك وقد قلنا أن القول الصحيح جواز الحنث قبل تحلل اليمين بالكفارة فهو إذا عزم على ذلك وبقيت الكفارة فحينئذ يجب عليه أن يؤديها وقد ترجم البخاري على باب الكفارة قبل الحنث وبعده وبالله التوفيق. -------- تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 5 ] [ المجلد الخامس ] http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam5.pdf الرابط المباشر لتحميل الكتاب : http://subulsalam.com/play.php?catsmktba=9384 |
بسم الله الرحمن الرحيم تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي - رحمه الله - الحديث الثالث : عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : قال رسول الله ﷺ إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم وفي رواية لمسلم من كان حالفاً فليحلف بالله أو ليصمت وفي رواية قال عمر والله ما حلفت بها منذ سمعت رسول الله ﷺ ذاكراً ولا آثراً . يعني ما ما حلفت حاكياً عن غيري أنه حلف بها موضوع الحديث : تحريم الحلف بغير الله كالآباء وغيرهم المفردات من كان حالفاً فليحلف بالله أو ليصمت : يعني ليسكت قوله ذاكراً ولا آثراً : أي ما حلفت بغير الله متعمداً ولا حاكياً ذلك عن غيري المعنى الإجمالي سمع رسول الله ﷺ عمر بن الخطاب رضي الله عنه وهو يحلف بأبيه فقال ورأس أبي فناداهم النبي ﷺ رافعاً صوته إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم فقه الحديث أولاً : يؤخذ من الحديث تحريم الحلف بغير الله عز وجل وأنه لا يجوز لأحد أن يحلف بغير الله وهل النهي هنا يقتضي التحريم أو الكراهة ؟ صرح بعض القدماء بالكراهة أي كراهة التنـزيه والقول الصحيح أن ذلك محرم ويؤخذ التحريم من كونه ﷺ أخبر أن الله نهى عن ذلك ولا ينهى الله عز وجل عن شيء نهياً معزوماً عليه إلا وهو محرم ثانياً : ومما يستفاد منه تأكيد التحريم أن النبي ﷺ ناداهم رافعاً صوته بقوله يا أيها الناس إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم فمن كان حالفاً فليحلف بالله أو ليصمت ثالثاً : يؤخذ منه أن الحلف بالمخلوق تعظيم له ولا ينبغي أن يعظم مع الله عز وجل أحد رابعاً : بلغني أن أقواماً من الناس يتجرئون على الحلف بالله ولا يتجرئون على الحلف بغيره فإذا أتهم أحدهم بشيء وطلب منه يمين البراءة حلف على ذلك بالله وإذا قيل له احلف بالولي الفلاني أبى وتلعثم ورفض الحلف به وهذا كفر يخرج من الملة لأن من عظم غير الله كتعظيم الله أو أكثر من ذلك فإن عمله هذا يخرجه من الملة خامساً : الحلف بغير الله يعتبر من الشرك الأصغر الذي لا يخرج من الإسلام بدليل أن المسلمين كانوا في أول الإسلام يحلفون بالكعبة ويحلفون بالنبي ﷺ ويحلفون بآبائهم ثم أن الله حرم عليهم ذلك فلو كان الحلف بغير الله يعد من الشرك الأكبر المخرج من الإسلام لم يفعله المسلمون في أول إسلامهم وذلك دليل أنه من الشرك الأصغر وفي الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله ﷺ إن الله جل ذكره أذن لي أن أحدث عن ديك قد مرقت رجلاه الأرض وعنقه مثني تحت العرش وهو يقول سبحانك ما أعظمك ربنا فيرد عليه ما علم ذلك من حلف بي كاذبا ) سادساً : لا تنافي بين كونه من الشرك الأصغر وبين جعل بعض أنواعه شركاً أكبر مخرجاً من الملة فإنما حكم على ذلك النوع بأنه شرك أكبر مخرج من الملة لأن الحالف عظم فيه المخلوق أكثر من تعظيمه لله عز وجل سابعاً : يؤخذ من قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه فما حلفت بها بعد ذلك ذاكراً ولا آثراً وذلك يدل على أن الصحابة رضوان الله عليهم كانوا وقافين عند الأوامر والنواهي ممتثلين لها فعلاً وتركاً وذلك دليل على عمق إيمانهم رضي الله عنهم ولعنة الله على من سبهم وتنقصهم وبالله التوفيق . -------- تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 5 ] [ المجلد الخامس ] http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam5.pdf الرابط المباشر لتحميل الكتاب : http://subulsalam.com/play.php?catsmktba=9384 |
بسم الله الرحمن الرحيم تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي - رحمه الله - الحديث الرابع : عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي ﷺ قال قال سليمان بن داود عليهما السلام لأطوفن الليلة على سبعين امرأة تلد كل امرأة منهن غلاماً يقاتل في سبيل الله فقيل له قل إن شاء الله فلم يقل فلم تلد منهن إلا امرأة واحدة نصف إنسان قال فقال رسول الله ﷺ لو قال إن شاء الله لم يحنث وكان ذلك دركاً لحاجته ) قوله قيل له قل إن شاء الله يعني قال له الملك موضوع الحديث : الاستثناء في اليمين المفردات سليمان بن داود عليهما السلام هو نبي وأبوه نبي وكان بعد موسى بحوالي ألف سنة وقبل عيسى بحوالي تسع مائة سنة أما ترجمة سليمان فمن أرادها مبسوطة وكذلك ترجمة أبيه ففي كتاب البداية والنهاية لابن كثير رحمه الله ترجمة لكل منهما قوله لأطوفن : اللام لام قسم أي والله لأطوفن قوله سبعين امرأة وفي رواية تسعين امرأة وفي رواية ستين امرأة كل هذه الروايات صحيحة قوله تلد كل امرأة منهن غلاماً يقاتل في سبيل الله : هذا إخبار عما يعتقده ذلك النبي إذ يعتقد ويقصد بالزواج ومجامعة النساء تكثير الأولاد ليجاهدوا أهل الكفر الذين كانوا في ذلك الزمن فقيل له قل إن شاء الله : هذا تذكير من الملك لنبي الله سليمان فلم يقل : يعني أنه نسي وقد أنساه الله عز وجل ليتم فيه القدر فطاف بهن : أي جامعهن فلم تلد منهن إلا امرأة واحدة نصف إنسان فقال رسول الله ﷺ لو قال إن شاء الله لم يحنث وكان ذلك دركاً لحاجته قوله دركاً لحاجته : أي كان سبباً في إدراكها المعنى الإجمالي المعنى الإجمالي لهذا الحديث هو أن سليمان عليه السلام قال لجليسه إما أن يكون الملك وإما أن يكون وزيراً له لأطوفن الليلة على سبعين امرأة أخبر أنه سيجامعهن جميعاً تلد كل امرأة منهن غلاماً يقاتل في سبيل الله فقيل له قل إن شاء الله أي أن جليسه ذلك ذكره بالاستثناء فلم يقل فطاف بهن أي دار عليهن جميعاً وجامعهن كلهن فلم تلد منهن إلا امرأة واحدة نصف إنسان أو شق إنسان وقد أخبر النبي ﷺ أنه لو قال إن شاء الله لما حنث في يمينه ولكان ذلك سبباً لإدراك حاجته . فقه الحديث أولاً : يؤخذ من هذا الحديث عمل المباح لغرض ديني إذ أن سليمان عليه السلام قصد بدورانه على هذه العدة من النساء قصد بذلك أنه يكون سبباً في وجود الولد أو في وجود الأولاد الذين يجاهدون في سبيل الله وتكثيرهم ثانياً : يؤخذ منه ما كان عليه الأنبياء من علو المقاصد إذ أن سليمان عليه السلام لم يرد وجود الأولاد من أجل الدنيا وإنما أراد ذلك من أجل الجهاد في سبيل الله ثالثاً : أنه يجوز للمسلم التحدث بمثل هذا الذي يكون فيه إجمال إذا كان لحاجة أما بدون حاجة فإنه لا يجوز وقد قال النبي ﷺ كما في حديث أَسْمَاءُ بِنْتُ يَزِيدَ أَنَّهَا كَانَتْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَالرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ قُعُودٌ عِنْدَهُ فَقَالَ لَعَلَّ رَجُلا يَقُولُ مَا يَفْعَلُ بِأَهْلِهِ وَلَعَلَّ امْرَأَةً تُخْبِرُ بِمَا فَعَلَتْ مَعَ زَوْجِهَا فَأَرَمَّ الْقَوْمُ فَقُلْتُ إِي وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهُنَّ لَيَقُلْنَ وَإِنَّهُمْ لَيَفْعَلُونَ قَالَ فَلا تَفْعَلُوا فَإِنَّمَا ذَلِكَ مِثْلُ الشَّيْطَانِ لَقِيَ شَيْطَانَةً فِي طَرِيقٍ فَغَشِيَهَا وَالنَّاسُ يَنْظُرُونَ ) رابعاً : يؤخذ من هذا الحديث أن المسلم إذا أراد أمراً ولو كان الأمر خيراً فإنه ينبغي له أن يقول إن شاء الله أولاً تأدباً مع الله وأن كل شيء لا يتم إلا بمشيئته والله سبحانه وتعالى قد قال في كتابه مؤدباً نبيه ﷺ ( وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا إِلا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ ) [ الكهف : 23 – 24 ] وثانياً : إن الاستثناء سبب في إدراك الحاجة التي يريدها لأن النبي ﷺ قال لو قال إن شاء الله لم يحنث وكان ذلك دركاً لحاجته خامساً : اختلف أهل العلم في الاستثناء بعد اليمين وبعد الطلاق وبعد العتق هل يجوز ويرفع حكم ما سبقه في كل ذلك أم أنه لا يرفع إلا حكم اليمين فقط ؟ قال ابن الملقن في شرح العمدة أما إذا استثنى في الطلاق والعتق وغير ذلك سوى اليمين بالله فقال أنت طالق إن شاء الله أو أنت حر إن شاء الله أو أنت عليّ كظهر أمي إن شاء الله وما أشبه ذلك فمذهب الشافعي والكوفيين وأبي ثور صحة الاستثناء في جميع ذلك كما أجمعوا عليها في اليمين بالله فلا يحنث في طلاق ولا عتق ولا ينعقد ظهاره ولا نذره ولا إقراره ولا غير ذلك مما يتصل به قول إن شاء الله وقال مالك والأوزاعي لا يصح الاستثناء في شيء من هذا إلا باليمين بالله تعالى ، وقال الحسن يصح فيها وفي العتق والطلاق خاصة وقال الشيخ تقي الدين فرق مالك بين الطلاق واليمين بالله تعالى وإيقاعه الطلاق بخلاف اليمين بالله لأن الطلاق حكم قد شاءه الله تعالى مشكل جداً ) أهـ سادساً : القول الصحيح في الاستثناء أنه يشترط فيه أن يكون متصلاً بالكلام إلا إذا طال الفصل أو أخذ في كلامٍ غيره ثم بعد ذلك استثنى فإنه لا يتم الاستثناء بهذه الصفة وينعقد الاستثناء إذا كان متصلاً بالكلام بدون فاصل دليله أن النبي ﷺ لما ذكر لا يُخْتَلَى خَلاهَا وَلا يُعْضَدُ شَجَرُهَا وَلا يُنَفَّرُ صَيْدُهَا وَلا تُلْتَقَطُ لُقَطَتُهَا إِلا لِمُعَرِّفٍ فقَالَ الْعَبَّاسُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِلا الإِذْخِرَ لِصَاغَتِنَا وَقُبُورِنَا فَقَالَ إِلا الإِذْخِرَ ) سابعاً : يؤخذ منه أن الأنبياء والرسل منحهم الله طاقة بشرية عالية وفي هذا الحديث أن النبي ﷺ أخبر أن سليمان عليه السلام طاف على سبعين امرأة أو تسعين امرأة في تلك الليلة والنبي ﷺ طاف على نسائه التسع ليلة بات بذي الحليفة وفي هذا دليل على أن الأنبياء منحهم الله عز وجل طاقة قوية في الجماع ثامناً : يؤخذ منه التأدب باستعمال الألفاظ التي لا يكون فيها بشاعة فقد قال سليمان ( لأطوفن الليلة ولم يقل لأجامعن فكان في استعماله بهذا اللفظ تعبير حسن وبالله التوفيق -------- تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 5 ] [ المجلد الخامس ] http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam5.pdf الرابط المباشر لتحميل الكتاب : http://subulsalam.com/play.php?catsmktba=9384 |
بسم الله الرحمن الرحيم تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي -رحمه الله - الحديث الخامس : عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال : قال رسول الله ﷺ ( من حلف على يمينٍ صبرٍ يقتطع بها مال امرئ مسلم هو فيها فاجر لقي الله وهو عليه غضبان ونزلت ( إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلاً ) إلى آخر الآية موضوع الحديث : اليمين الغموس التي يقتطع بها مال المسلم المفردات من : اسم شرط جملة حلف : فعل الشرط على يمين : المقصود هنا المحلوف عليه على يمينٍ صبر : كلمة صبر أي مصبورة بمعنى أنه حبس نفسه عليها أي على فعلها ورد بالتنوين على يمين صبرٍ وورد بالإظافة على يمينِ صبر وسميت صبراً لأنه تجرأ عليها وأطاع الشيطان وعصى الله فيها قوله يقتطع بها : هذه صفة لليمين يقتطع بها مال امرئ مسلم قوله هو فيها فاجر : صفة أخرى لليمين أي أنه كاذب فيها لقي الله : هذا الفعل هو جواب الشرط وجزاءه لقي الله وهو عليه غضبان : الواو واو الحال والجملة بعده حالية وهو أي الحال أن الله عليه غضبان وهذه اليمين هي ما تسمى باليمين الغموس قوله ونزلت إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمناً قليلاً إلى آخر الآية المعنى الإجمالي اليمين الفاجرة هي اليمين على دعوى كاذبة يدعيها مسلم على مسلم قل نصيبه من الله وخفت بضاعته من الإيمان فرغب في الدنيا وزهد في الآخرة وحلف على شيء لهذا مالي أو حقي وليس ماله ولا حقه فإنه متوعد بهذا الوعيد وهو قول الله عز وجل ( إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلاً أُولَئِكَ لا خَلاقَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ وَلا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ) حتى ولو كان المحلوف عليه شيئاً يسيراً فقد جاء في الحديث أيضاً ( عَنْ أَبِي أُمَامَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ مَنْ اقْتَطَعَ حَقَّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ بِيَمِينِهِ فَقَدْ أَوْجَبَ اللَّهُ لَهُ النَّارَ وَحَرَّمَ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ وَإِنْ كَانَ شَيْئًا يَسِيرًا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ وَإِنْ كان قَضِيبًا مِنْ أَرَاكٍ ) فقه الحديث يؤخذ من الحديث أولاً : تحريم اليمين الغموس وهي اليمين على دعوى كاذبة يدعيها العبد في مال غيره ثانياً : هذه اليمين عظيمة لأنها موجبة لغضب الله عز وجل ومعنى عظيمة أي فضيعة آثارها على العبد سيئة عواقبها عليه كريهة ونسأل الله العفو والعافية ثالثاً : إنما كان ذلك لأن حرمة مال المسلم عظيمة وأخذها بغير حق جريمة رابعاً : اختلف أهل العلم في تكفير اليمين الغموس هل تكفر أو لا تكفر والقول الصحيح أنها لا تكفر لأن تكفير اليمين إنما يتعلق بيمين يحلف على شيء مستقبل والله لأفعلن كذا أو والله لا أفعل كذا فإذا رأى الحالف أن البر في ترك هذه اليمين وما تقتضيه كفر عنها وأتى الذي هو خير أما اليمين الغموس فهي يمين على شيء مضى بأن يحلف بأن هذا مالي فيدعيه له وهو ليس له سواء كانت سلعة أو داراً أو عقاراً حتى ولو كان سوطاً فإنه يستحق هذا الوعيد وقد اختلف الأئمة في جواز تكفير اليمين الغموس أو عدم جواز ذلك فالشافعي أجاز تكفيرها والثلاثة منعوا ذلك وهم مالك وأحمد وأبو حنيفة وقول الثلاثة هنا هو الحق خامساً : يؤخذ من قوله يقتطع بها مال امرئ مسلم التشنيع على الحالف حيث أنه لا يجوز أن يقتطع مال أخيه المسلم بغير حق وإذا كان لا يجوز له أخذ مال الكافر بغير حق فإن أخذ مال المسلم أشد سادسا : وإذا كان في ذلك دليل على حرمة مال المسلم فإنه من باب أولى دليل على حرمة دمه وعرضه إلا ما قصد به بيان حق أو دفع باطل سابعا : الوعيد في هذه الاية وعيد شديد (إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلاً ) المراد بالثمن القليل الدنيا بأسرها فإذا استبدلت الثمن القليل بأن تحلف بالله عز وجل فاجراً عليه فإنك حينئذ قد غبنت أشد الغبن واقرأ كامل الآية واسمع ماذا يقول ربك عز وجل ( أُولَئِكَ لا خَلاقَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ وَلا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ) [ آل عمران : 77 ] وعيد ترتعد له المفاصل وتختلج له الأعضاء ممن يخاف الله عز وجل نسأل الله أن يجعلنا ممن يخافه ثامنا : قال ابن الملقن هذه الآية يدخل فيها الكفر فما دونه من جحد حقوق ونحوها وكل أحد يأخذ من وعيدها على قدر جريمته وهذا كلام جيد حسن مهما كانت الحقوق التي جحدها العبد تاسعا : أن حكم الحاكم إذا حكم لك بمال غيرك بناءً على اليمين فإن هذا الحكم لا يبيح لك مال الغير والأمر يبقى على حقيقته أي أن ما أخذته باليمين الكاذبة فهو حرام عليك أخذه وبذلك قال الشافعي ومالك وأحمد والجمهور خلافاً لأبي حنيفة أما قول أبي حنيفة بأن ما حكم به الحاكم يباح أخذه للمحكوم له فهذا قول ضعيف لا يلتفت إليه وقد قال النبي ﷺ ( إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ وَإِنَّكُمْ تَخْتَصِمُونَ إِلَيَّ وَلَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَنْ يَكُونَ أَلْحَنَ بِحُجَّتِهِ مِنْ بَعْضٍ وَأَقْضِيَ لَهُ عَلَى نَحْوِ مَا أَسْمَعُ فَمَنْ قَضَيْتُ لَهُ مِنْ حَقِّ أَخِيهِ شَيْئًا فَلا يَأْخُذْ فَإِنَّمَا أَقْطَعُ لَهُ قِطْعَةً مِنْ النَّارِ ) وبالله تعالى التوفيق . -------- تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 5 ] [ المجلد الخامس ] http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam5.pdf الرابط المباشر لتحميل الكتاب : http://subulsalam.com/play.php?catsmktba=9384 |
بسم الله الرحمن الرحيم تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي -رحمه الله - الحديث السادس : عن الأشعث بن قيس الكندي رضي الله عنه قال : كان بيني وبين رجل خصومة في بئر فاختصمنا إلى رسول الله ﷺ فقال رسول الله ﷺ شاهداك أو يمينه . قلت إذاً يحلف ولا يبالي فقال رسول الله ﷺ من حلف على يمين صبر يقتطع بها مال امرئ مسلم هو فيها فاجر لقي الله عز وجل وهو عليه غضبان موضوع الحديث : اليمين الغموس المفردات خصومة في بئر : أي بسببها قوله شاهداك أو يمينه : شاهداك خبر لمبتدأ محذوف تقديره المطلوب أو المعتبر شاهداك أو يمينه قلت إذاً يحلف : أي إذا كان الأمر هكذا فسيحلف لعدم المبالاة قوله ولا يبالي : يعني أنه لا يبالي ما الإثم في ذلك فقال رسول الله ﷺ من حلف على يمين صبر يقتطع بها مال امرئ مسلم هو فيها فاجر لقي الله عز وجل وهو عليه غضبان من : اسم شرط جازم وحلف فعل الشرط على يمين صبر : أي يمين مصبورة ومعنى مصبورة أي يحبس نفسه على حلفها يقتطع بها مال امرئ مسلم : هذه صفة ثانية لليمين هو فيها فاجر : صفة ثالثة لقي الله عز وجل وهو عليه غضبان :هذا جواب الشرط وجزائه المعنى الإجمالي هذا الحديث تضمن قصة وهو أن الأشعث بن قيس تشاجر مع خصم له في بئر واحتكما إلى رسول الله ﷺ فقال رسول الله ﷺ شاهداك أو يمينه فظن الأشعث أن خصمه يحلف ولا يبالي فأخبر رسول الله ﷺ فقال رسول الله ﷺ من حلف على يمين صبر .. إلخ الحديث فقه الحديث بعض فقه هذا الحديث قد تقدم في الحديث قبله وهنا سأذكر ما لم يذكر هناك واختص بذكره هذا الحديث فأقول : أولاً : يؤخذ من قوله شاهداك أو يمينه حصر أسباب الحكم في شيئين أحدهما : أن تأتي أنت أيها المدعي بشاهدين عدلين يشهدان لك بصحة ما ادعيت وثانيهما : أن تعجز عن إقامة البينة فيحلف المدعى عليه على نفي ما ادعيت ثانياً : يؤخذ من الحديث أن المدعي إذا أثبت دعواه ببينة استحق الحكم ويلتحق بذلك أنه يشترط في البينة أن تكون عادلة وأن تكون الشهادة على مقتضى الادعاء وأن يؤتى على كل شاهد بشاهدي عدل يشهدان بعدالة كل واحد منهم فإذا حصل ذلك استحق المدعي الحكم له بما ادعاه . ثالثاً : إذا انعدمت البينة فله على الخصم اليمين على نفي دعوى المدعي وبذلك يحكم بالسلعة المدعى فيها للمدعي عليه إذا حلف رابعاً : ظاهر هذا الحديث أن هذه هي طريقة الحكم لا غير ولكن ورد عن النبي ﷺ الحكم بشهادة واحد ويمين المدعي وقد أخذ بهذا جمهور أهل العلم وأبى أبو حنيفة فلم يقل بذلك الحديث خامساً : تدل فدلكة القصة أن من ادعى شيئاً أي شيء كان فعليه أن يثبت دعواه وإن لم يثبت بالبينة فعلى المدعى عليه يمين البراءة ولا يختص ذلك بالأموال بل يدخل في ذلك الدعاوي في الأعراض فمن ادعى على شخص أنه رماه في عرضه وأنكر المدعى عليه فعلى المدعي إحضار بينة بذلك فإن عجز فعلى المدعى عليه اليمين أنه لم يفعل ذلك سادساً : أنه إذا حلف على النفي كاذباً وقد وقع منه استحق هذا الوعيد ولا تختص المسألة بالدعوي المالية وبالله التوفيق . -------- تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 5 ] [ المجلد الخامس ] http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam5.pdf الرابط المباشر لتحميل الكتاب : http://subulsalam.com/play.php?catsmktba=9384 |
بسم الله الرحمن الرحيم تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي -رحمه الله - الحديث السابع : عن ثابت بن الضحاك الأنصاري رضي الله عنه أنه بايع رسول الله ﷺ تحت الشجرة وأن رسول الله ﷺ قال من حلف على يمين بملة غير الإسلام كاذباً متعمداً فهو كما قال ومن قتل نفسه بشيء عذب به يوم القيامة وليس على رجل نذر فيما لا يملك وفي رواية ولعن المؤمن كقتله وفي رواية ومن ادعى دعوى كاذبة ليتكثر بها لم يزده الله عز وجل إلا قلة موضوع الحديث : جمع الحديث مجموعة من المناهي رهب منها ليزجر عن الوقوع فيها المفردات قوله بايع رسول الله ﷺ تحت الشجرة : المقصود بها شجرة الحديبية قوله من حلف على يمين : الظاهر أن المقصود من حلف يميناً لأن الحلف هو اليمين وسبق أن الحلف سمي يميناً لأنهم كانوا إذا تحالفوا مد كل واحد منهم يمينه قوله بملة غير الإسلام : يقصد بها الملل المنسوخة كاليهودية والنصرانية لأن هذه الملل قد نسخت وبقي أقوام متشبثين بها قوله كاذباً متعمداً : وصفان منصوبان على الحال أي حال كونه كاذباً متعمداً قوله فهو كما قال : أي من حلف بملة غير الإسلام بأن قال إن فعل كذا فهو يهودي أو قال إن لم يفعل كذا فهو نصراني قوله فهو كما قال : يعني أنه إذا حنث في يمينه تلك فإنه يكون كما ألتزم على نفسه والظاهر من الحديث أنه يخرج من الإسلام ويكون متصفاً بالملة التي حلف بها والعياذ بالله . قوله ومن قتل نفسه بشيء عذب به يوم القيامة : أي أنه سيعذب به يوم القيامة وظاهر هذا الحديث السكوت عن البرزخ والظاهر أن العذاب متصل عليه وقد قال النبي ﷺ كما في حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ مَنْ تَرَدَّى مِنْ جَبَلٍ فَقَتَلَ نَفْسَهُ فَهُوَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ يَتَرَدَّى فِيهِ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا وَمَنْ تَحَسَّى سُمًّا فَقَتَلَ نَفْسَهُ فَسُمُّهُ فِي يَدِهِ يَتَحَسَّاهُ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا وَمَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِحَدِيدَةٍ فَحَدِيدَتُهُ فِي يَدِهِ يَجَأُ بِهَا فِي بَطْنِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا وقوله وليس على رجل نذر فيما لا يملك : أي أنه لا تلزمه كفارة إذا حنث لأنه لا يملك ما نذر به وفي رواية لعن المؤمن كقتله أي لعن المؤمن شديد كشدة القتل قوله ومن ادعى دعوى كاذبة ليتكثر بها لم يزده الله بها إلا قلة : أي أن الله سبحانه وتعالى يعامله بنقيض قصده فهو حين يكذب ليتكثر أي ليكثر ماله يعاقب بالقلة كما جاء في الحديث المذكور سابقاً ( مَا أَحَدٌ أَكْثَرَ مِنْ الرِّبَا إِلا كَانَ عَاقِبَةُ أَمْرِهِ إِلَى قِلَّةٍ ) لأنه أراد أن يتكثر بالحرام المعنى الإجمالي ذكر النبي ﷺ في هذا الحديث عدة مناهي ليزجر الناس عن الوقوع فيها فمنها الحلف بملة غير الإسلام ومنها أن من قتل نفسه بشيء عذب به وأن من نذر في مال غيره فإن نذره يبطل ولا تلزمه كفارة وأن لعن المؤمن في عظمه وفضاعته كقتله وأن من ادعى دعوى كاذبة ليتكثر بها عاقبه الله عز وجل بالفقر والقلة نسأل الله العافية فقه الحديث يؤخذ من هذا الحديث عدة مسائل أولاً : تحريم الحلف بملة غير الإسلام كأن يقول الشخص إن لم يفعل كذا فهو يهودي أو إن فعل كذا فهو نصراني فيؤخذ منه تحريم الحلف بملة غير الإسلام ثانياً : ظاهر الحديث أنه إذا فعل ذلك كاذباً متعمداً وحنث في حلفه ذلك فهو كما قال أي أن الله عز وجل يلزمه ما ألزم نفسه به ثالثاً : أن من قتل نفسه بشيء عذب به وقد ورد في الحديث تفسيراً لهذا بأن من قتل نفسه بحديدة فحديدته في يده يتوجأ بها في نار جهنم خالداً مخلداً ومن تحسى سماً فسمه في يده يتحساه خالداً مخلداً إلى غير ذلك رابعاً : يؤخذ من هذه الجملة في هذا الحديث أن نفس الإنسان ليست له وإنما هي ملك لله عز وجل فلا يجوز له أن يتبرع بعضو من أعضاء نفسه لأنه لا يملكها ولذلك فإنه عوقب على قتله لنفسه خامساً : أن من نذر نذراً في مال غيره فإن نذره ذلك يكون باطلاً فلو نذر زيد أن يعتق عبد عمرو فإنه لا يجوز له تنفيذ ذلك وهل تجب عليه الكفارة أم لا ؟ الظاهر أنه لا تجب عليه الكفارة والدليل على ذلك حديث قصة المرأة التي أسرت من ( الأَنْصَارِ وَأُصِيبَتْ الْعَضْبَاءُ فَكَانَتْ الْمَرْأَةُ فِي الْوَثَاقِ وَكَانَ الْقَوْمُ يُرِيحُونَ نَعَمَهُمْ بَيْنَ يَدَيْ بُيُوتِهِمْ فَانْفَلَتَتْ ذَاتَ لَيْلَةٍ مِنْ الْوَثَاقِ فَأَتَتْ الإِبِلَ فَجَعَلَتْ إِذَا دَنَتْ مِنْ الْبَعِيرِ رَغَا فَتَتْرُكُهُ حَتَّى تَنْتَهِيَ إِلَى الْعَضْبَاءِ فَلَمْ تَرْغُ قَالَ وَنَاقَةٌ مُنَوَّقَةٌ فَقَعَدَتْ فِي عَجُزِهَا ثُمَّ زَجَرَتْهَا فَانْطَلَقَتْ وَنَذِرُوا بِهَا فَطَلَبُوهَا فَأَعْجَزَتْهُمْ قَالَ وَنَذَرَتْ لِلَّهِ إِنْ نَجَّاهَا اللَّهُ عَلَيْهَا لَتَنْحَرَنَّهَا فَلَمَّا قَدِمَتْ الْمَدِينَةَ رَآهَا النَّاسُ فَقَالُوا الْعَضْبَاءُ نَاقَةُ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَقَالَتْ إِنَّهَا نَذَرَتْ إِنْ نَجَّاهَا اللَّهُ عَلَيْهَا لَتَنْحَرَنَّهَا فَأَتَوْا رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فَذَكَرُوا ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ سُبْحَانَ اللَّهِ بِئْسَمَا جَزَتْهَا نَذَرَتْ لِلَّهِ إِنْ نَجَّاهَا اللَّهُ عَلَيْهَا لَتَنْحَرَنَّهَا لا وَفَاءَ لِنَذْرٍ فِي مَعْصِيَةٍ وَلا فِيمَا لا يَمْلِكُ الْعَبْدُ وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ حُجْرٍ لا نَذْرَ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ ) ولم يأمرها بكفارة فدل ذلك على أنه ليس على الناذر كفارة سادساً : يؤخذ من قوله ولعن المؤمن كقتله تحريم لعن المؤمن لأن اللعن طرد من رحمة الله ولا يجوز أن يُدعى على المؤمن بالطرد من رحمة الله عز وجل سابعاً :شبة النبي ﷺ لعن المؤمن بقتله وكأن التشبيه هذا تشبيه في الفضاعة والقبح فكما أن قتل المؤمن فضيع في غاية الفضاعة ويستحق فاعله الوعيدات الخمسة المذكورة في الآية وهو قول الله تعالى (وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا) [ النساء : 93 ] ثامناً : أن هذا الذنب وهو اللعن ذنب عظيم كما أن قتل المؤمن عظيم فلعنه عظيم أيضاً تاسعاً : يؤخذ من قوله ومن ادعى دعوى كاذبة ليتكثر بها أي ليكثر ماله بها لم يزده الله عز وجل إلا قلة عاشراً : يؤخذ من هذه الفقرة من الحديث يؤخذ منها أن الجزاء من جنس العمل وقد يعاقب الله عز وجل بالنقيض فكما أن هذا ادعى دعوى كاذبة ليتكثر بها عوقب بالقلة وقد جاء في الحديث عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ ( مَا أَحَدٌ أَكْثَرَ مِنْ الرِّبَا إِلا كَانَ عَاقِبَةُ أَمْرِهِ إِلَى قِلَّةٍ ) -------- تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 5 ] [ المجلد الخامس ] http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam5.pdf الرابط المباشر لتحميل الكتاب : http://subulsalam.com/play.php?catsmktba=9384 |
بسم الله الرحمن الرحيم تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي -رحمه الله - باب النذور النذور جمع نذر يقال نذرت أُنذر أو أَنذر بكسر الذال وضمها قلت والكسر أشهر قال وهو لغة : الوعد بخير أو شر وشرعاً : وعد بخير دون شر قال الماوردي : قال عليه الصلاة والسلام ( لا نذر في معصية الله ) وقال الرافعي هو إلتزام شيء وعبارة غيرهما أنه إلتزام قربة غير لازمة بأصل الشرع وزاد بعضهم مقصودة قلت : ومعنى مقصودة أي متعبد بها وأقول : إن الخلط بين نذرت وأنذرت خلط لا ينبغي فإن معنى نذرت أي إلتزمت طاعة لم تكن لازمة عليّ بمحض الشرع ولكن إلتزمتها على نفسي طائعاً مختاراً أما أنذرت فالإنذار معناه التخويف والتهديد من قادر بشر وقد أخبر الله سبحانه وتعالى أنه أرسل الرسل مبشرين ومنذرين أي ينذروا قومهم بالعذاب إن هم عصوا فقال تعالى (وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ ) [ التوبة : 122 ]فالإنذار من النذارة وهي التخويف والإيعاد بشر أما النذر فهو كما قلنا إلتزام العبد بطاعة لله لم تكن لازمة عليه بمحض الشرع الحديث الأول : عن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه قال قلت يا رسول الله إني كنت نذرت في الجاهلية أن أعتكف ليلة وفي رواية يوماً في المسجد الحرام ؟ قال أوف بنذرك موضوع الحديث : وجوب الوفاء بالنذر إذا كان في طاعة ولو كان من كافر فإنه يلزمه الوفاء إذا أسلم المفردات قوله إني نذرت :أي إلتزمت بهذه الطاعة وهي اعتكاف ليلة في المسجد الحرام المسجد الحرام : هو الحرم المكي قوله أوف بنذرك : هذا أمر والأمر يقتضي الوجوب وعلى هذا فمن نذر بطاعة وهي مستطاعة له وجب عليه الوفاء المعنى الإجمالي أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه نذر الإعتكاف ليلة في المسجد الحرام ثم أسلم وبقي في مكة حوالي ثماني سنوات ثم هاجر إلى المدينة وبقي أيضاً في المدينة ثمان سنوات وبعد فتح مكة سأل النبي ﷺ عن هذا النذر فأمره بالوفاء به فقه الحديث أولاً : يؤخذ من هذا الحديث أن الكافر إذا نذر بطاعة ثم أسلم ولم يوف بها وجب عليه أن يوفي بها بعد إسلامه ثانياً : أن الإعتكاف طاعة لله فمن نذر به وجب عليه أن يفي ثالثاً : أُخذ منه أن الصوم ليس شرطاً في الإعتكاف بناءً على هذه الرواية أن أعتكف ليلة والليل لا صوم فيه رابعاً : رواية يوماً تدل أن النذر كان بيوم وليلة فتارة ذكر اليوم وتارة ذكرت الليلة خامساً : أن من نذر بشيء وجب عليه الوفاء به ولو تقادم وقت النذر فعمر بن الخطاب رضي الله عنه أمره النبي ﷺ أن يوفي بنذره بعد ستة عشر عاماً على الأقل سادساً : أن أهل العلم قد قسموا النذر إلى ثلاثة أقسام القسم الأول : أن يعلق النذر على وجود نعمة أو اندفاع نقمة كأن ينذر إن شفى الله مريضي أو ردّ ضالتي فلله عليّ كذا وهذا يلزم الوفاء به القسم الثاني : ما علق على شيء لقصد المنع أو الحث كأن يقول إن كلمت فلاناً فلله عليّ حجة أو إن دخلت بيت فلان فعبيدي عتقاء وهذا ما يسمى بنذر اللجاج والغضب وقد ذهب بعض أهل العلم في هذا إلى أنه مخير بين كفارة اليمين وبين تنفيذ ما إلتزمه القسم الثالث : ما لم يعلق على شيء وإنما قصد به صاحبه التقرب إلى الله عز وجل وهذا هو النذر المطلق والمشهور وجوب الوفاء به وهذا يسمى أيضاً نذر التبرر سابعاً : الإعتكاف طاعة وليس من جنسها واجب وإنما هي مستحبة ولا تجب إلا بالنذر كما حصل لعمر رضي الله عنه . ثامناً : أنه يشترط في وجوب الوفاء بالنذر شرطان : الشرط الأول : أن يكون المنذور طاعة الشرط الثاني : أن يكون الوفاء به مستطاعاً للناذر فإن نذر أنه يطير في الهواء بدون آلة أو يعرج إلى السماء فهذا نذر خارج عن الطاقة فلا يلزم الوفاء به وهل يجب فيه كفارة يمين كالنذر الذي يشق الوفاء به هذا محل نظر وبالله التوفيق . -------- تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 5 ] [ المجلد الخامس ] http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam5.pdf الرابط المباشر لتحميل الكتاب : http://subulsalam.com/play.php?catsmktba=9384 |
بسم الله الرحمن الرحيم تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي -رحمه الله - الحديث الثاني : عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما عن النبي ﷺ أنه نهى عن النذر وقال إنه لا يأتي بخير وإنما يستخرج به من البخيل موضوع الحديث : كراهة النذر وأنه لا يجلب خيراً على الناذر وإنما يستخرج به من البخيل المفردات نهى عن النذر : النذر قد تقدم الكلام عليه قوله إنه لا يأتي بخير : بمعنى أن الناذر إذا اعتقد أن الله عز وجل لا يعطيه الشيء الذي طلبه منه إلا بمقابلة النذر فهذا ظن سوء بالله عز وجل لا ينبغي للعبد أن يظنه معنى يستخرج : أي يؤخذ به من البخيل أي الذي لا يعطي شيئاً إلا بمقابل المعنى الإجمالي نهى النبي ﷺ عن النذر لما فيه من تعريض للإنسان نفسه لتثبيط الشيطان له عن الوفاء به حتى يأثم فقه الحديث أولاً: يؤخذ من هذا الحديث كراهة النذر وليس المقصود به كل نذر ولكن المقصود به النذر الذي يكون على سبيل المقابلة إن فعل الله بي كذا فلله عليّ كذا وإن صرف الله عني كذا فلله عليّ كذا ثانياً : لا يعرف في الشريعة طاعة منهي عنها نهى تنزيه إلا النذر وقد استشكل كيف يكون النذر واجب الوفاء به وهو في نفس الوقت مكروه ثالثاً : إنما جاءت الكراهة في حالة أن يكون العبد معتقداً أن الله لا يعطيه إلا بشيء يبذله هو وهذا ظن يعتبر من ظن السوء الذي حرمه الله عز وجل ونهى عنه وأنّب عليه المنافقين فقال تعالى ( وَظَنَنْتُمْ ظَنَّ السَّوْءِ ) [ الفتح : 12 ] فنعم الله متوالية والعبد مأمور أن يسأل الله عز وجل فالله سبحانه وتعالى سيعطيه ما سأل إن علم له الخير فيه رابعاً : إنما نهي عن النذر لأن الناذر يتعرض لتثبيط الشيطان له وبالأخص إذا التزم التزاماً مالياً لأن النفوس شحيحة في الأموال إلا من وفقه الله عز وجل وجعل الدنيا هينة في عينه خامساً : يؤخذ منه ذم البخيل والبخلاء سادساً : يؤخذ منه أن من التزم بالشرع فليس ببخيل وبالله التوفيق . -------- تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 5 ] [ المجلد الخامس ] http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam5.pdf الرابط المباشر لتحميل الكتاب : http://subulsalam.com/play.php?catsmktba=9384 |
بسم الله الرحمن الرحيم تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي -رحمه الله - الحديث الثالث : عن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال نذرت أختي أن تمشي إلى بيت الله الحرام حافية فأمرتني أن استفتي لها رسول الله ﷺ فاستفتيته فقال لتمش ولتركب موضوع الحديث : نذر ما يشق على الناذر المفردات قوله حافية : أي بدون نعلين فأمرتني : هذا أمر التماس أن استفتي لها رسول الله ﷺ : أي أطلب منه بيان الحكم في نذرها هذا . وبيان الحكم يقال له فتوى قوله فاستفتيته : أي تنفيذاً لرغبتها فقال لتمش ولتركب : أي لتمش ما أطاقت المشي بمعنى أنها تمشي في بعض الطريق ولتركب إذا شق عليها المشي المعنى الإجمالي من طبيعة الإنسان أنه يندفع أحياناً فيوجب على نفسه ما يشق عليه ويحسب أن ذلك قربة وقد بين النبي ﷺ أن مثل هذه الالتزامات التي يشق فيها العبد على نفسه ليست بمطلوبة في شرع الله وعبادته وإنما المطلوب في الشرع والعبادة الاعتدال فيها وعدم المشقة على النفس لكي تستمر العبادة وقد أنكر النبي ﷺ على من وجده يقاد بزمام وهو يطوف فعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ رَأَى رَجُلاً يَطُوفُ بِالْكَعْبَةِ بِزِمَامٍ أَوْ غَيْرِهِ فَقَطَعَهُ ) ولما وجد رجلاً يهادى بين ابنيه وأخبروه أنه نذر أن يمشي إلى بيت الله الحرام فقال مروه فليركب إن الله لغني عن تعذيب هذا نفسه كما في حديث أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ رَأَى شَيْخًا يُهَادَى بَيْنَ ابْنَيْهِ قَالَ مَا بَالُ هَذَا قَالُوا نَذَرَ أَنْ يَمْشِيَ قَالَ إِنَّ اللَّهَ عَنْ تَعْذِيبِ هَذَا نَفْسَهُ لَغَنِيٌّ وَأَمَرَهُ أَنْ يَرْكَبَ وقصة هذه المرأة كذلك إلا أن النبي ﷺ كأنه رأى أن أخت عقبة بن عامر تطيق شيئاً من المشي فأمرها أن تمشي ما أطاقت وتركب ما عدا ذلك وبالله التوفيق فقه الحديث أولاً : يؤخذ من الحديث أن من نذر اتيان بيت الله الحرام وجب عليه الوفاء لأن اتيانه طاعة وقد جاء عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا عَنْ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ ( مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللَّهَ فَلْيُطِعْهُ وَمَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْصِيَهُ فَلا يَعْصِهِ ) وهل يلتحق بذلك مسجد النبي ﷺ والمسجد الأقصى الجواب نعم لأن النبي ﷺ قَالَ (لا تُشَدُّ الرِّحَالُ إِلا إِلَى ثَلاثَةِ مَسَاجِدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَمَسْجِدِ الرَّسُولِ e وَمَسْجِدِ الأَقْصَى ) ثانياً : يؤخذ من هذا الحديث ومن الحديث الآخر الذي ذكرناه أن من نذر أن يصلي في مسجد غير هذه الثلاثة أو يأتي بلداً غير البلد الحرام فإنه لا يلزمه ذلك النذر حتى ولو كان ذلك المكان له شيء من التقديس كوادي طوى ومسجد الخليل وما أشبه ذلك وقد أنكر أبو هريرة رضي الله عنه على من ذهب إلى وادي طوى ثالثاً : من نذر شيئاً يشق على نفسه به كنذر أخت عقبة إذ ورد أنها نذرت أن تحج حاسرة وحافية وقد أنكر النبي ﷺ عليها وأمرها أن تمشي وتركب وأن تلبس وكذلك عندما كان النَّبِيُّ ﷺ يَخْطُبُ إِذَا هُوَ بِرَجُلٍ قَائِمٍ فَسَأَلَ عَنْهُ فَقَالُوا أَبُو إِسْرَائِيلَ نَذَرَ أَنْ يَقُومَ وَلا يَقْعُدَ وَلا يَسْتَظِلَّ وَلا يَتَكَلَّمَ وَيَصُومَ فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ مُرْهُ فَلْيَتَكَلَّمْ وَلْيَسْتَظِلَّ وَلْيَقْعُدْ وَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ ) وما سبق أن أشرنا إليه في الذي وجد يهادى في الطريق والذي رآه يقاد بزمام وأن النبي ﷺ قال إن الله لغني عن تعذيب هذا نفسه رابعاً : أن من نذر شيئاً يشق عليه وهو قادر على بعضه فإنه يشرع له تركه وعليه كفارة يمين وفي الحج عليه هدي خامساً : أن الحفاء تعذيب للنفس فهو ملحق بما يشق على الإنسان وأنه يجوز له أن يكفر عن النذر أو يتركه بالكلية ويجوز له أن ينفذ ما يستطيع عليه ويكفر عن الباقي سادساً : قول بعض الفقهاء أنه إذا مشى يسيراً وجب عليه أن يرجع مرة أخرى ليمش بقدر ما ركب ويركب بقدر ما مشى هذا القول فيه نظر أولاً : لأنه مصادم لما ورد عن النبي ﷺ فالرسول ﷺ لم يقر شيئاً يشق على الناذر وثانياً : قد تكون بلد المسلم بعيدة كأن تكون من خارج الجزيرة العربية فلا يمكنه الرجوع والقول الصحيح أن مثل هذا النذر لا يكلف به الإنسان والله أعلم سابعاً : أن من نذر معصية فإنه يحرم عليه الوفاء بالمعصية والقول الصحيح أنه لا تجب الكفارة عن ذلك النذر ونذر أخت عقبة دخل فيه شيء من المعصية فهي نذرت أن تمشي حاسرة أي بدون ثياب وناشرة شعرها وهذا يحرم على المرأة أن تفعله ولذلك فإنه لا يجوز تنفيذه ولا يجب على الناذر كفارة عنه لحديث عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ قال ( لا نَذْرَ لابْنِ آدَمَ فِيمَا لا يَمْلِكُ وَلا فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى ) -------- تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 5 ] [ المجلد الخامس ] http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam5.pdf الرابط المباشر لتحميل الكتاب : http://subulsalam.com/play.php?catsmktba=9384 |
بسم الله الرحمن الرحيم تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي - رحمه الله- الحديث الرابع : عن عبدالله بن عباس رضي الله عنهما أنه قال استفتى سعد بن عبادة رسول الله ﷺ عن نذر كان على أمه توفيت قبل أن تقضيه فقال رسول الله ﷺ فاقضه عنها ) موضوع الحديث : قضاء الولي عن وليه ما كان عليه من نذر أو غيره المفردات قوله عن نذر : كان على أمه توفيت قبل أن تقضيه قوله قبل أن تقضيه : الضمير يعود على النذر قوله فقال رسول الله ﷺ فاقضه عنها : أي أمره النبي ﷺ أن يقضي ذلك النذر عنها المعنى الإجمالي توفيت أم سعد ولم تقض نذراً عليها فأمر النبي ﷺ ابنها سعد بن عبادة أن يقضيه عنها فقه الحديث أولاً : يؤخذ منه قضاء ما على ولي الميت من الحقوق سواء كانت لازمة بالشرع أو التزم بها لله عز وجل كالنذر ثانياً : هل يلزم الولي قضاء الواجب المالي إن كان فقيراً أم لا ؟ أما قضاء الواجب فيكون من تركته أي من ميراثه ثالثاً : هل يلزمه القضاء بدون مطالبة أم لا بد من المطالبة ؟ قال الشافعي بالأول وقال أبو حنيفة ومالك لا يقضى إلا بالمطالبة رابعاً : يؤخذ منه استفتاء الأعلم ما أمكن خامساً : من بر الوالدين قضاء الديون عنهما والإحسان إلى أهل ودهما بعد موتهما وبالله التوفيق . -------- تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 5 ] [ المجلد الخامس ] http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam5.pdf الرابط المباشر لتحميل الكتاب : http://subulsalam.com/play.php?catsmktba=9384 |
بسم الله الرحمن الرحيم تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي -رحمه الله- الحديث الخامس : عن كعب بن مالك رضي الله عنه قال قلت يا رسول الله إن من توبتي أن أنخلع من مالي صدقة إلى الله وإلى رسوله فقال رسول الله ﷺ أمسك عليك بعض مالك فهو خير لك موضوع الحديث : حكم النذر والتصدق بجميع المال المفردات قوله إن من توبتي : أي من شكر توبة الله عليّ أن أنخلع من مالي : يعني أخرج منه صدقة إلى الله وإلى رسوله ﷺ فقال رسول الله ﷺ أمسك عليك بعض مالك فهو خير لك فأمره بإمساك بعض المال وإنفاق بعضه المعنى الإجمالي تخلف كعب بن مالك عن غزوة تبوك ولما قدم النبي ﷺ وجاء إليه المعذرون فكر كعب أن الكذب عاقبته وخيمة فأتى إلى النبي ﷺ واعترف بالصدق فأرجأ النبي ﷺ أمره هو والاثنين اللذين معه وهما هلال بن أمية الواقفي ومرارة بن الربيع وبعد خمسين ليلة تاب الله عليه فلما بشر كعب بن مالك بالتوبة أتى إلى النبي ﷺ فقال إن من توبة الله عليّ أن أنخلع من مالي صدقة لله ولرسوله فأمره النبي ﷺ بإمساك بعض المال فقه الحديث أولاً : يؤخذ من الحديث كراهية التصدق بجميع المال ويبقى ذلك المتصدق ينظر إلى أكف الناس ثانياً : أن الشريعة الإسلامية وسط بين الإسراف في المادية والتخلي عن الأسباب التي تجعل الإنسان غنياً لقوله ( أمسك عليك بعض مالك ) أي أمسك بعضه وتصدق منه ثالثاً : فيه استحباب الصدقة شكراً لله عند تجدد النعم وانصراف النقم رابعاً : يؤخذ منه أن الصدقة لها أثر في محو الخطايا وصرف الملمات خامساً : أن التقرب إلى الله تعالى بمتابعة رسوله تعتبر أفضل الأعمال سادساً: أن إمساك ما يحتاج إليه من المال أولى من إخراجه لقول النبي ﷺ ( إِنَّكَ إنْ تَذَرَ وَرَثَتَكَ أَغْنِيَاءَ خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَذَرَهُمْ عَالَةً يَتَكَفَّفُونَ النَّاسَ ) سابعاً : اختلف أهل العلم في جواز الصدقة بالمال كله فأجاز ذلك بعضهم محتجاً أن أبا بكر رضي الله عنه أتى إلى النبي ﷺ بجميع ماله عند تجهيز جيش العسرة ومنع ذلك بعضهم مستدلاً بهذا الحديث ( أمسك عليك بعض مالك ) وفرق بعضهم بين حالة من يستطيع الصبر ومن لا يستطيعه والله تعالى أعلم -------- تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 5 ] [ المجلد الخامس ] http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam5.pdf الرابط المباشر لتحميل الكتاب : http://subulsalam.com/play.php?catsmktba=9384 |
بسم الله الرحمن الرحيم تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي - رحمه الله- باب القضاء القضاء بالمد الولاية : أي ولاية الأحكام الشرعية وجمعه أقضية يقالقضاء وأقضيه كغطاء وأغطية المثال هنا ليس بملائم لما مثل عليه لأن القضاء بفتح فاء الفعل وغطاء بكسر فاء الفعل أما الجمع فهي مستوية أقضية وأغطية وهو في الأصل اسم لإحكام الشيء والفراغ منه ويكون أيضاً بمعنى حكم وأوجب وبمعنى قدر وبمعنى إتمام الشيء وأدائه هذه كلها ترد لها أدلة من اللغة والقرآن الحديث الأول : عن عائشة رضي الله عنها قالت قال رسول الله ﷺ من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد وفي لفظ من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد موضوع الحديث : منع المحدثات والحكم بإبطالها إذا خالفت الشرع الإسلامي المفردات من أحدث في أمرنا : كلمة أحدث تطلق ويراد بها الابتداع في الدين والإحداث في الدين هو أن يخترع أحد المكلفين شيئاً على سبيل التعبد لم يكن له شاهد في الشرع وقول النبي ﷺ في أمرنا : يعني في ديننا وكذلك قوله ليس عليه أمرنا المقصود به الشرع الذي جاء به نبينا محمد ﷺ قوله ما ليس منه : أي ما لم يكن له شاهد لا من خصوص ولا من عموم ولا نص ولا مفهوم قوله فهو رد : أي مردود على صاحبه المعنى الإجمالي أن كل من ابتدع بدعة أو اخترع شيئاً يقصد به التعبد ولم يكن له أساس في الشرع فإنه مردود عليه وكذلك قوله من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد لأن الإحداث تارة يكون بالقول الذي يقصد به صاحبه تشريع شيء ليس من الشرع وتارة يكون في الفعل فقه الحديث أولاً : أن هذا الحديث من الأحاديث العامة التي يدخل فيها أشياء كثيرة وتشمل أموراً ليس لها حصر وقد قيل أن هذا أحد الأحاديث الثلاثة التي تعتبر أسساً وأصولاً في الدين وهي هذا الحديث وحديث ( إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ ) وحديث (دَعْ مَا يَرِيبُكَ إِلَى مَا لا يَرِيبُكَ ) وبعضهم أضاف إليها حديثاً رابعاً وهو حديث النعمان بن بشير (إِنَّ الْحَلالَ بَيِّنٌ وَإِنَّ الْحَرَامَ بَيِّنٌ ) ثانياً : المراد بالإحداث الابتداع في الدين لأن الله سبحانه وتعالى أخبر عن الدين أنه قد كمل فقال جل من قائل ( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِينًاً ) [ المائدة : 3 ] فمن أدخل بدعة في الدين فإنه يعد مستدركاً على المشرع زاعماً بلسان حاله إن لم يكن بلسان مقاله أن الدين ناقص ثالثاً :يؤخذ من هذا الحديث أن المحدثات التي تتعلق بالدنيا ومصالحها لا تمدح ولا تذم ما دامت فيها مصلحة للإنسان ومن ذلك المخترعات التي ظهرت في هذا العصر فما كان منها فيه منفعة محضة بدون ضرر كالسيارات والطائرات والقطارات وما أشبه ذلك وكذلك المخترعات الحربية التي ينتفع بها المسلمون ويجاهدون بها أعداء الله عز وجل فهي جائزة رابعاً : يعد من هذا القبيل تلقيح النخل وما أشبه ذلك من الأسباب التي توفر على بني الإنسان كثيراً من الرزق وربما يكون تركها فيه نقص في الغلال وما أشبه ذلك خامساً : يؤخذ منه كما سبقت الإشارة أن كل بدعة مردودة لقول النبي ﷺ كما في حديث العرباض بن سارية ( فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلالَةٌ ) وكما ورد أن الرسول ﷺ كان يَقُولُ فِي خُطْبَتِهِ ( إِنَّ أَصْدَقَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ وَأَحْسَنَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ وَشَرُّ الأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا وَكُلُّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ وَكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلالَةٌ وَكُلُّ ضَلالَةٍ فِي النَّارِ ) فيحكم على كل بدعة ليس لها شاهد من الشرع أنها باطلة ومذمومة هي ومخترعها سادساً : يؤخذ من قوله فهو رد أن جميع البدع يحكم عليها بالفساد للنهي الوارد في هذا الحديث وغيره سابعاً : أن حكم الحاكم لا يكون معتبراً إلا إذا كان على محض الشرع فإن خالف ذلك بطل وأن الحكم بما خالفه لا يسوغ لا سيما وقد قال النبي ﷺ ( إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ وَإِنَّكُمْ تَخْتَصِمُونَ إِلَيَّ وَلَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَنْ يَكُونَ أَلْحَنَ بِحُجَّتِهِ مِنْ بَعْضٍ وَأَقْضِيَ لَهُ عَلَى نَحْوِ مَا أَسْمَعُ فَمَنْ قَضَيْتُ لَهُ مِنْ حَقِّ أَخِيهِ شَيْئًا فَلا يَأْخُذْ فَإِنَّمَا أَقْطَعُ لَهُ قِطْعَةً مِنْ النَّارِ ) وفي رواية عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ سَمِعَ جَلَبَةَ خَصْمٍ بِبَابِ حُجْرَتِهِ فَخَرَجَ إِلَيْهِمْ فَقَالَ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ وَإِنَّهُ يَأْتِينِي الْخَصْمُ فَلَعَلَّ بَعْضَهُمْ أَنْ يَكُونَ أَبْلَغَ مِنْ بَعْضٍ فَأَحْسِبُ أَنَّهُ صَادِقٌ فَأَقْضِي لَهُ فَمَنْ قَضَيْتُ لَهُ بِحَقِّ مُسْلِمٍ فَإِنَّمَا هِيَ قِطْعَةٌ مِنْ النَّارِ فَلْيَحْمِلْهَا أَوْ يَذَرْهَا ) ثامناً : أن المرجع في التمييز بين المحدثات والمشروعات هم العلماء الذين مارسوا الشرع أزمنة طويلة وكانوا في غالب أحوالهم على الاستقامة تاسعاً : يلزم من ذلك البيان ورد ما اشتبه وأن أهل العلم الذين يميزون بين هذه الأمور لهم أن يتكلموا فيمن أتى بحدث ويبينوه وليس ذ لك من الغيبة كما يدعيه بعض أهل العصر ممن يريدون أن يبرروا الإتجاهات الحزبية وبالله التوفيق . -------- تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 5 ] [ المجلد الخامس ] http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam5.pdf الرابط المباشر لتحميل الكتاب : http://subulsalam.com/play.php?catsmktba=9384 |
بسم الله الرحمن الرحيم تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي - رحمه الله- الحديث الثاني: عن عائشة رضي الله عنها قالت دخلت هند بنت عتبة امرأة أبي سفيان على رسول الله ﷺ فقالت يا رسول الله إن أبا سفيان رجل شحيح لا يعطيني من النفقة ما يكفيني ويكفي بنيّ إلا ما أخذت من ماله بغير علمه فهل عليّ في ذلك من جناح فقال رسول الله ﷺ خذي من ماله بالمعروف ما يكفيك ويكفي بنيك ) موضوع الحديث : استفتاء من هند بنت عتبة في أخذ ما يتمم نفقة بنيها من غير علم زوجها أولاً : ذكر التراجم الواردة في الحديث فهند بنت عتبة بن ربيعه بن عبد شمس أخت أبي حذيفة بن عتبة وأبوها الذي بارز يوم بدر هو وأخوه وابنه وكان رجلاً مسناً وشريفاً في قريش حتى فسر قول الله عز وجل ( وَقَالُوا لَوْلا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ ) [ الزخرف : 31 ] قالوا هو عتبة بن ربيعه من قريش وعروة بن مسعود الثقفي من ثقيف حضرت أحداً مع زوجها وكانت تحرض على قتل المسلمين فلما قتل حمزة رضي الله عنه بقرت بطنه وأخذت قطعة من كبده فلاكتها ثم لفظتها وكان حمزة رضي الله عنه هو الذي بارز يوم بدر عمها شيبة بن ربيعه فقتله واختلفا عبيدة بن الحارث بن عبدالمطلب وعتبة بن ربيعه ضربتين فمال حمزة رضي الله عنه على أبيها عتبة فأجهز عليه لكنها أسلمت يوم الفتح بعد زوجها بيوم وذهبت في اليوم الثاني إلى النبي ﷺ فبايعته وقد جاء عن عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ إِنَّ هِنْدَ بِنْتَ عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ قَالَتْ : يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا كَانَ مِمَّا عَلَى ظَهْرِ الأَرْضِ أَهْلُ أَخْبَاءٍ أَوْ خِبَاءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ أَنْ يَذِلُّوا مِنْ أَهْلِ أَخْبَائِكَ أَوْ خِبَائِكَ شَكَّ يَحْيَى ثُمَّ مَا أَصْبَحَ الْيَوْمَ أَهْلُ أَخْبَاءٍ أَوْ خِبَاءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ يَعِزُّوا مِنْ أَهْلِ أَخْبَائِكَ أَوْ خِبَائِكَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَأَيْضًا وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ قَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أَبَا سُفْيَانَ رَجُلٌ مِسِّيكٌ فَهَلْ عَلَيَّ حَرَجٌ أَنْ أُطْعِمَ مِنْ الَّذِي لَهُ قَالَ لا إِلا بِالْمَعْرُوف وبايعت رسول الله ﷺ مع النساء المبايعات توفيت في السنة الرابعة عشرة في اليوم الذي توفي فيه أبو قحافة والد أبي بكر الصديق رضي الله عنه أما قول ابن الملقن رحمه الله عندما ذكر هند قال وهند هذه أم معاوية لها ذكر ونفس وابقة وأقول : إن هذه الكلمة كلمة عظيمة وفضيعة من ابن الملقن إذ أن الذي حصل منها كان في حال الكفر وقد أخبر النبي ﷺ أن الإسلام يجب ما قبله إذاً فلا يجوز أن نقول في صحابية أسلمت وبايعت وحسن إسلامها مثل هذا القول لأن الصحابة رضي الله عنهم لهم حق الصحبة وهو حق عظيم لا يصل إليه أحد لما ورد عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ النَّبِيُّ ﷺ لا تَسُبُّوا أَصْحَابِي فَلَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ أَنْفَقَ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا مَا بَلَغَ مُدَّ أَحَدِهِمْ وَلا نَصِيفَهُ )وإن الواجب التأدب مع أصحاب رسول الله وأن نرى لهم الفضل على غيرهم وبالله التوفيق . أما أبو سفيان فهو صخر بن حرب بن أميه بن عبد شمس بن عبد مناف والد معاوية ويزيد بن أبي سفيان وحنظلة الذي قتل يوم بدر كان من أشراف قريش في الجاهلية وأفضلهم ومن التجار وكانت له راية الرؤساء المعروفة بالعقاب أسلم يوم الفتح وأعطاه النبي ﷺ من غنائم هوازن مائة من الإبل وأربعين أوقية من الفضة تقوم عن أربعة آلاف من الدراهم وأعطى ابنيه على خمسين من الإبل يتألفهم على الإسلام توفي أبو سفيان رضي الله عنه في سنة اثنتين وثلاثين وقيل إحدى وثلاثين وقيل ثلاث وثلاثين المفردات إن أبا سفيان رجل شحيح : الشح والبخل متقاربان والظاهر أن الشح أعم من البخل لأن البخل يكون في المال وشح النفس منع البذل أو قلته سواء كان في المال أو غيره قولها فهل عليّ : أي فهل عليّ من جناح في ذلك أن آخذ من ماله بغير علمه فقال رسول ﷺ ( خذي من ماله بالمعروف ما يكفيك ويكفي بنيك ) المعنى الإجمالي أسلمت هند بنت عتبة بن ربيعه بن عبد شمس صبيحة يوم الفتح وكانت قبلها شديدة الحرب على الإسلام وأهله وذهبت فبايعت النبي ﷺ واستفتته بما ورد في هذا الحديث وذلك أنها تأخذ من مال زوجها أبي سفيان بغير علمه فأفتاها بجواز ذلك إذا أخذت قدر الكفاية بالمعروف فقه الحديث أولاً : اختلف أهل العلم في هذه القصة هل هي استفتاء أو طلب حكم فمنهم من رأى أنها طلب حكم وأخذ منه جواز الحكم على الغائب إذا تعذر حضوره إلى مجلس الحكم وأخذ منه مسألة الظفر ومنهم من قال أنه استفتاء فمن رأى أنه استفتاء قال بجواز ذكر الإنسان بما يكره إذا كان في الاستفتاء والقول بأنه استفتاء هو الأقرب لقولها أن أبا سفيان رجل شحيح إلى أن قالت فهل عليّ في ذلك من جناح إذا أخذت من ماله بغير علمه . ومما يؤيد أنه استفتاء أنه أفتاها بقوله ( خذي من ماله بالمعروف ما يكفيك ويكفي بنيك ) ولو كانت المسألة طلب حكم لكان النبي ﷺ قد طلب حضوره وسأله هل يعترف بما ادعت عليه زوجته أم لا ؟ فهذه القرآئن أو هذه الأمور تبين أن المسألة مسألة استفتاء لا مسألة طلب حكم ثانياً : وجوب نفقة الزوجة على زوجها قال وهو إجماع قلت هذا الإجماع يستند على الأدلة المعروفة في ذلك لقول النبي ﷺ ( أَلا وَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا فَإِنَّمَا هُنَّ عَوَانٍ عِنْدَكُمْ لَيْسَ تَمْلِكُونَ مِنْهُنَّ شَيْئًا غَيْرَ ذَلِكَ إِلا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ فَإِنْ فَعَلْنَ فَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ ضَرْبًا غَيْرَ مُبَرِّحٍ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً أَلا إِنَّ لَكُمْ عَلَى نِسَائِكُمْ حَقًّا وَلِنِسَائِكُمْ عَلَيْكُمْ حَقًّا فَأَمَّا حَقُّكُمْ عَلَى نِسَائِكُمْ فَلا يُوطِئْنَ فُرُشَكُمْ مَنْ تَكْرَهُونَ وَلا يَأْذَنَّ فِي بُيُوتِكُمْ لِمَنْ تَكْرَهُونَ أَلا وَحَقُّهُنَّ عَلَيْكُمْ أَنْ تُحْسِنُوا إِلَيْهِنَّ فِي كِسْوَتِهِنَّ وَطَعَامِهِنَّ ) ثالثاً : أن نفقة المرأة تقدر بحال الزوج على الصحيح وإلى ذلك ذهب الشافعي رحمه الله وذهب مالك وأبو حنيفة أن الاعتبار في النفقة بحال المرأة وذهب أحمد بن حنبل أن الاعتبار بحالهما والقول الصحيح هو القول الأول لقول الله عز وجل ( لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلا مَا آتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا ) [ الطلاق : 7 ] رابعاً :وجوب نفقة الأولاد الصغار على والدهم لقول الله عز وجل ( وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ) [ البقرة : 233 ] فقوله (وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ ) دليل على أن نفقة الأبناء على الأب أو من ينوب عنه خامساً : أن هذه النفقة مقدرة بالكفاية لقول النبي ﷺ ( خذي من ماله بالمعروف ما يكفيك ويكفي بنيك ) سادساً : إذا كان للرجل زوجتان إحداهن لها أولاد كثير والثانية لها أولاد قليل فكل واحدة منهن لها نفقتها بقدر ما عندها من البنين ولعل بعض الناس يظن المساواة مع اختلاف عدد الأولاد وهذا كلام باطل سابعاً : أن نفقة الأولاد تجب إلى أن يبلغوا فإذا بلغوا فإنه لا تلزم على الأب نفقتهم إلا من باب الإحسان إلا أنه يستثنى من ذلك النساء غير المزوجات والزَمناء وذوي العاهات من الأولاد الذين عندهم عاهات تمنعهم من الكسب فإنه تجب نفقتهم ثامناً :فيه جواز سماع كلام الأجنبية عند الاستفتاء وعند التحاكم لأن ذلك ضرورة تاسعاً : يؤخذ منه جواز ذكر الإنسان بما يكره إذا كان للاستفتاء أو للشكوى والله سبحانه وتعالى يقول (لا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلا مَنْ ظُلِمَ وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا عَلِيمًا ) [ النساء : 148 ] وأن ما كان من هذا القبيل لا يعد من الغيبة عاشراً :إذا كان لا يعد من الغيبة من أجل حق المستفتي أو الشاكي فإنه من باب أولى ألا يكون من الغيبة إذا كان ذلك في بيان حق الله فمن ابتدع بدعة أو أحدث حدثاً وجب أن يذكر ببدعته أو حدثه ليعلم الناس حاله وقد قال النبي ﷺ لما ذكر الْمَدِينَةُ وأنها حَرَمٌ مَا بَيْنَ عَيْرٍ إِلَى ثَوْرٍ قال ( فَمَنْ أَحْدَثَ فِيهَا حَدَثًا أَوْ آوَى مُحْدِثًا فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ لا يُقْبَلُ مِنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ صَرْفٌ وَلا عَدْلٌ ) الحادي عشر : استدل بهذا الحديث على مسألة الظفر وهو أن يكون للرجل حق عند أحد من الناس ولم يصل إلى حقه فتمكن من بعض ماله قالوا فله أن يأخذ بقدر حقه من غير رجوع إلى من عليه الدين قال ابن الملقن وهذا مذهب الشافعي وأصحابه وتسمى هذه المسألة مسألة الظفر ومنع ذلك أبو حنيفة ومالك كما حكاه النووي في شرح مسلم الثاني عشر : قال ابن الملقن يجوز الأخذ من الجنس ومن غيره كما هو ظاهر الإطلاق والأصح عند أصحابنا أنه لا يأخذ من غير الجنس إلا إذا تعذر الجنس أي جنس المال الذي له عند الرجل الثالث عشر : جواز إطلاق الفتوى من غير تقييد بثبوت كما أطلقه النبي ﷺ الرابع عشر: جواز اعتماد العرف في الأمور التي ليس لها تحديد شرعي لقوله ( خذي من ماله بالمعروف ما يكفيك ويكفي بنيك ) الخامس عشر :جواز خروج المرأة المزوجة من بيتها لحاجتها من محاكمة واستفتاء وغيره إذا أذن لها زوجها أو علمت رضاه هكذا قال ابن الملقن والذي ذكره ابن كثير في ترجمتها أنها استأذنت زوجها في الخروج السادس عشر: أن ما يذكر في الاستفتاء من عيب أو أذية للغير وكذلك في المحاكمة أنه لا يوجب تعزيراً ولا يكون ذلك من الممنوع كما تقدم السابع عشر:جواز القضاء على الغائب قال ابن الملقن كذا استدل به جماعة من أصحابنا وترجم عليه البخاري في صحيحه وفيه قولان لأهل العلم وأقول : تقدم أن رجحت أن المسألة مسألة استفتاء لا طلب حكم كما بينت الأدلة على ذلك من الحديث الثامن عشر :أن للمرأة ولاية على ولدها من حيث أن صرف المال على المحجور عليه أن يملكه نفقته لمدة معينة وفي حديث عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو إِذْ جَاءَهُ قَهْرَمَانٌ لَهُ فَدَخَلَ فَقَالَ أَعْطَيْتَ الرَّقِيقَ قُوتَهُمْ قَالَ لا قَالَ فَانْطَلِقْ فَأَعْطِهِمْ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ كَفَى بِالْمَرْءِ إِثْمًا أَنْ يَحْبِسَ عَمَّنْ يَمْلِكُ قُوتَهُ ) التاسع عشر : أن القول قول الزوجة في قبض النفقة أو عدمها العشرون : أن المرأة لا يجوز لها أن تأخذ من مال زوجها شيئاً إلا بإذنه وإن قل هكذا قال ابن الملقن قلت : وقد سأل النساء النبي ﷺ في الإنفاق من مال أزواجهن فأفتاهن رسول الله ﷺ بأن لهن الرطب أي الطعام الناضج ) ولا يجوز للمرأة أن تأخذ غير هذا إلا بإذن زوجها الحادي والعشرون :أن مال الغير محضور على الغير لا يجوز التصرف فيه إلا بإذن صاحبه أو بأمر شرعي وهذه القاعدة أيدتها أدلة لا نطيل بذكرها منها قول النبي ﷺ كما في حديث أَبِي أُمَامَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ مَنْ اقْتَطَعَ حَقَّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ بِيَمِينِهِ فَقَدْ أَوْجَبَ اللَّهُ لَهُ النَّارَ وَحَرَّمَ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ وَإِنْ كَانَ شَيْئًا يَسِيرًا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ وَإِنْ قَضِيبًا مِنْ أَرَاكٍ ) فما أصعب الموقف بين يدي الله عز وجل على من يأخذ أموال الناس بغير حق نسأل الله أن يجعلنا من الوقافين عند الحدود وألا يجعلنا من المتجرئين على حقوق الغير وبالله تعالى التوفيق . -------- تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 5 ] [ المجلد الخامس ] http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam5.pdf الرابط المباشر لتحميل الكتاب : http://subulsalam.com/play.php?catsmktba=9384 |
بسم الله الرحمن الرحيم تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي - رحمه الله - الحديث الثالث : عن أم سلمة رضي الله عنها أن رسول الله ﷺ سمع جلبة خصم بباب حجرته فخرج إليهم فقال ألا إنما أنا بشر وإنما يأتيني الخصم فلعل بعضكم أن يكون أبلغ من بعض فأحسب أنه صادق فأقضي له فمن قضيت له بحق مسلم فإنما هي قطعة من النار فليحملها أو يذرها موضوع الحديث : إخبار النبي ﷺ عن نفسه بأنه بشر كسائر البشر وأنه يقضي على نحو مما يسمع وأن قضاءه لا يحل شيئاً محرماً بل إن المال الحرام يبقى حراماً ولا يحله حكم الحاكم لقوله ( فإنما هي قطعة من النار فليحملها أو يذرها ) المفردات جلبة : هي اختلاط الأصوات ومثله لجبة بأن ترتفع أصوات مختلطة لا يتبين منها شيء جلبة خصم : أي أصوات خصوم يتنازعون عند باب حجرته : أي حجرة أم سلمة رضي الله عنها فلعل بعضكم أن يكون أبلغ من بعض : مثل قوله ألحن بحجته من بعض وهذا أمر ملموس فالناس يتفاوتون في إقامة الحجة ومعنى أبلغ : أكثر بلاغة فأحسب : أي فأظن وأعتقد أنه صادق فأقضي له بناءً على ذلك الحسبان فمن قضيت له بحق مسلم فإنما هي قطعة من النار فليحملها أو يذرها : أي أن ذلك الحق الذي أخذه من مال أخيه ببلاغته إنما هي قطعة من النار فليحملها : أمر تهديد أو يذرها : أمر إباحة المعنى الإجمالي سمع النبي ﷺ خصومة قوم عند باب حجرته فخرج إليهم وقال لهم إنما أنا بشر وإنما أقضي على نحو مما أسمع ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته أي أقوى حجة وأكثر بلاغة فأقضي له فمن قضيت له بحق أخيه فإنما اقتطع له قطعة من النار فليحملها إن شاء فإنه متى حملها حمل النار أو ليذرها إن شاء فهو خير أن يترك ما ليس له فيه حق فقه الحديث أولاً : يؤخذ من هذا الحديث جواز التقاضي والتخاصم في المسجد فإنه قد ورد أن كَعْبٍ بن مالك رضي الله عنه تَقَاضَى عبدالله بن أَبِي حَدْرَدٍ دَيْنًا كَانَ لَهُ عَلَيْهِ فِي الْمَسْجِدِ فَارْتَفَعَتْ أَصْوَاتُهُمَا حَتَّى سَمِعَهَا رَسُولُ اللَّهِ e وَهُوَ فِي بَيْتِهِ فَخَرَجَ إِلَيْهِمَا …) الحديث ولا شك أن بيوت الله ينبغي أن تصان عن الخصومات ثانياً : قوله ألا إنما أنا بشر في هذا تقرير من النبي ﷺ لبشريته تبعاً لما قضاه الله عز وجل وأمر به في قوله (قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ ) [ فصلت : 6 و الكهف : 110 ] ثالثاً : يؤخذ من هذا براءة النبي ﷺ مما يدعيه له بعض أصحاب البدع من صوفية وبريلوية وغيرهم من اعتقادات في رسول الله ﷺ تتجاوز به إلى مقامات الألوهية وهذا افتراء عليه ﷺ فهو بريء من كل من كذب عليه أو أعطاه شيئاً من حق ربه سبحانه وتعالى رابعاً : في هذا تقرير وهو قوله إنما أنا بشر تقرير بأنه لا يعلم الغيب وأنه بشر كغيره من البشر لا يحكم إلا بالظاهر خامساً : يؤخذ من قوله وإنما يأتيني الخصم دليل على أن المتخاصمين كل منهما يريد أن يجعل الحجة له وقد يتغلب أحدهما إما بكونه محق ومعه البينة وإما لكونه أشد بلاغة من خصمه فيجعل ببلاغته الحق باطلاً والباطل حقاً والصدق كذباً والكذب صدقاً سادساً : يؤخذ من قوله ولعل بعضكم أن يكون أبلغ من بعض فأحسب أنه صادق فأقضي له أن حكم النبي ﷺ كحكم غيره من البشر يقضي بما سمع من الحجج والأمور الشرعية وذلك شيء غير مبيح لمال الغير لقوله ( فمن قضيت له بحق مسلم فإنما هي قطعة من النار ) سابعاً : يؤخذ من هذا أن حكم النبي ﷺ كحكم غيره لا يحل حراماً ولا يحرم حلالاً بل تبقى الأحكام الحقيقية كما هي فمن جاء بشاهدي زور بأنه قضى دائنه المبلغ المحدد فحكم القاضي بأنه قد برئت ذمته من ذلك الدين فإن ذمته لم تبرأ بذلك الحكم وإذا أتى الرجل بشاهدين يشهدان أن فلاناً تزوج فلانة وأشهدنا على ذلك فحكم القاضي بشهادتهما وحكم بأنها زوجته لم يبح له وطئها بذلك الحكم بل هو يعتبر كلما وطئها وطئها بالزنا والعياذ بالله وهذا مذهب الجمهور وخالف في ذلك أبو حنيفة فزعم أن حكم القاضي يبيح الفروج دون الأموال وكل ذلك حرام لا يباح منه شيء بشهادة الزور بل أن ذلك يبقى حراماً كما هو في الأصل حرام ثامناً : يؤخذ من قوله فإنما هي قطعة من النار أن الحكم لا يبيح ما حكم به القاضي ولو كان مستنداً إلى البينة واليمين وأن مال الغير حرام على الغير وقد قال النبي ﷺ كما جاء في الحديث عَنْ مُطَرِّفِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الشِّخِّيرِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ ضَالَّةُ الْمُسْلِمِ حَرَقُ النَّارِ ) وهي ضالة فكيف إذا أخذ ذلك المال بحكم احتال فيه فإنه يكون أشد تحريماً وعلى من يخاف الله أن يمتنع عن أخذه تاسعاً : في قوله فليحملها أو يذرها قوله فليحملها إن شاء هذا الأمر أمر تهديد كقوله سبحانه وتعالى (اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ) [ فصلت : 40 ] عاشراً : أن الحاكم لا يجوز له أن يحكم بعلمه بل يجب عليه أن يحكم بالإجراءات الشرعية التي تبيح الحكم في الظاهر حتى ولو علم هو بنفسه شيئاً خلاف ما يحكم به فإنه يجب عليه أن يحكم بالإجراءات ويترك علمه ومن هنا قال الفقهاء أن الواجب على القاضي ألا يحكم بعلمه الحادي عشر : يؤخذ منه موعظة القاضي للخصوم الثاني عشر: يؤخذ منه العمل بالظن وبناء الحكم عليه حيث قال أنه صادق وهو أمر مجمع عليه بالنسبة للحاكم والمفتي وبالله التوفيق . -------- تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 5 ] [ المجلد الخامس ] http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam5.pdf الرابط المباشر لتحميل الكتاب : http://subulsalam.com/play.php?catsmktba=9384 |
بسم الله الرحمن الرحيم تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي - رحمه الله - الحديث الرابع : عن عبدالرحمن بن أبي بكرة رضي الله عنهما قال كتب أبي أو كتبت له إلى ابنه عبيد الله بن أبي بكرة وهو قاض بسجستان أن لا تحكم بين اثنين وأنت غضبان فإني سمعت رسول الله ﷺ يقول لا يحكم أحد بين اثنين وهو غضبان وفي رواية لا يقضين حاكم بين اثنين وهو غضبان موضوع الحديث : النهي عن الحكم في حالة الغضب المفردات قوله بسجستان : هذه بلاد معروفة تسمى الآن أفغانستان وعاصمتها كابل ألا تحكم بين اثنين وأنت غضبان : أي أن والده ينهاه عن الحكم بين الناس في حالة الغضب قال فإني سمعت رسول الله : الفاء تعليلية أي من أجل هذا الدليل لا تحكم في حالة الغضب سمعت رسول الله ﷺ يقول ( لا يحكم أحد بين اثنين وهو غضبان ) الواو واو الحال والجملة بعده حالية أي والحال هو غضبان المعنى الإجمالي نهى الشارع الحكيم ﷺ أن يحكم الحاكم بين الناس وهو غضبان ذلك لأن الغضب يؤثر على التوازن الشخصي للإنسان فلذلك لا يؤمن أن يحيف قاصداً أو يخطأ الصواب في حال غضبه فيكون ذلك ظلماً على المحكوم عليه وحسرة على الحاكم وإثماً عليه فقه الحديث أولاً : يؤخذ من هذا الحديث المنع من القضاء في حالة الغضب وذلك لما يحصل للإنسان فيه من التشويش الموجب لاختلال النظر وعدم حصوله على الوجه المطلوب وعداه الفقهاء بالعلة الجامعة إلى كل حال يخرج الحاكم بها عن السداد واستقامة الحال فألحقوا به الهم الذي يجلب للنفس الضجر وألحقوا به الجوع الشديد والفرح المفرط ومدافعته للحدث والتوقان إلى الطعام والمرض المؤلم والحر المزعج والبرد المنكي والنعاس الغالب ونحو ذلك قال ابن الملقن رحمه الله وهو قياس مظنة على مظنون فإن كل واحد من هذه الأمور مشوش للذهن حامل على الخلط وكأن الغضب إنما خص لشدة استيلائه على النفس وصعوبة مقاومته ثانياً : ظاهر الحديث أنه لا فرق بين أن يكون الغضب لله تعالى أو لغيره ثالثاً : أن النبي ﷺ معصوم من الخطأ فلا يقال أنه داخل في النهي مع سائر المكلفين لأن حاله لا تقاس بحال غيره وقد جاء في حديث عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ كُنْتُ أَكْتُبُ كُلَّ شَيْءٍ أَسْمَعُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ أُرِيدُ حِفْظَهُ فَنَهَتْنِي قُرَيْشٌ وَقَالُوا أَتَكْتُبُ كُلَّ شَيْءٍ تَسْمَعُهُ وَرَسُولُ اللَّهِ ﷺ بَشَرٌ يَتَكَلَّمُ فِي الْغَضَبِ وَالرِّضَا فَأَمْسَكْتُ عَنْ الْكِتَابِ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَأَوْمَأَ بِأُصْبُعِهِ إِلَى فِيهِ فَقَالَ اكْتُبْ فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا يَخْرُجُ مِنْهُ إِلا حَقٌّ ) رابعاً : يؤخذ من الحديث العمل بالكتابة وأنها كالسماع من الشيخ في وجوب العمل . أما إذا كان في الرواية فمنع الرواية بها قوم إذا كانت مجردة عن الإجازة قال ابن الملقن رحمه الله والصحيح المشهور بين أهل العلم الجواز لكن يقول في الرواية بالكتابة كتب إليّ فلان خامساً : أبو بكرة هذا هو الصحابي المشهور نزل في بكرة أيام حصار الطائف من القصر الذي كانت ثقيف محاصرة فيه وسمي أبو بكرة وأبوه مولى للحارث بن كلدة ونال العز والشرف بالإسلام والهجرة وهو أخو زياد بن أبيه -------- تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 5 ] [ المجلد الخامس ] http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam5.pdf الرابط المباشر لتحميل الكتاب : http://subulsalam.com/play.php?catsmktba=9384 |
بسم الله الرحمن الرحيم تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي - رحمه الله - الحديث الخامس : عن أبي بكرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله ﷺ ألا أنبئكم بأكبر الكبائر ثلاثاً ( أي قالها ثلاث مرات )قلنا بلى يا رسول الله قال الإشراك بالله وعقوق الوالدين وكان متكئاً فجلس فقال ألا وقول الزور وشهادة الزور فما زال يكررها حتى قلنا ليته سكت . موضوع الحديث : الإخبار بأكبر الكبائر المفردات ألا أنبئكم بأكبر الكبائر:أي ألا أخبركم بأكبر الكبائر ثم أورد ما ذكر فذكر الثلاث المعاصي التي هي الإشراك بالله وعقوق الوالدين وشهادة الزور أما الإشراك بالله فقد فسره النبي ﷺ بقوله أن تجعل لله نداً وهو خلقك ومعلوم أن الشرك ينقسم إلى قسمين شرك أكبر يخرج المسلم من الإسلام وشرك أصغر لا يخرج العبد من الإسلام أما عقوق الوالدين وهو مشتق من العق وهو قطع الأرض وشقها وعقوق الوالدين قطيعتهما بعمل الإساءة إليهما حتى يجعلهما يبكيان قوله وكان متكئاً فجلس : أي أنه اهتم بذكر شهادة الزور وقول الزور فجلس فقال ألا وقول الزور وقول الزور يشمل كل زور فمن ألحق بمسلم ضرراً بقول كأن رماه بفرية اختلقها وزورها عليه ليهينه بها ويسيء سمعته فهو من هذا القبيل بل أن من شهد زوراً على فلان بأن عنده مال لفلان قدره كذا وكذا أخف وطئة من أن يلحق به عيباً وعاراً والله حسيب من يفعل ذلك من أصحاب الحزبيات وسيقف الجميع بين يدي من لا تخفى عليه خافية . المعنى الإجمالي أن رسول الله ﷺ بحكم وظيفته التي وضعه بها ربه وهو بيان الأحكام الشرعية قال لأصحابه ألا أنبئكم أي أخبركم بأكبر الكبائر فذكر هذه الثلاث التي هي الإشراك بالله وهو اعتداء على مقام الألوهية وأخذ لحقه سبحانه وتعالى وإعطاءه لمن لا يستحقه من المخلوقين العاجزين وعقوق الوالدين فضيع لأنه مكافئة للإحسان بالإساءة وشهادة الزور عامة لكل قول مزور ومكذوب يراد به انتقاص من وقع عليه بأخذ من ماله أو اعتداء على عرضه فقه الحديث أولاً : يؤخذ من هذا الحديث إبلاغ الأحكام الشرعية بطريقة العرض ألا أنبئكم ثانياً : أن المعاصي تنقسم إلى ثلاثة أقسام كبائر وأكبر كبائر ومعاصي دون ذلك ثالثاً : تعريف الكبائر هي كل ذنب اتبع صاحبه بلعن أو توعد بالنار أو بغضب الملك الجبار أو رتب عليه حد من الحدود الدنيوية رابعاً : أما أكبر الكبائر فلا تعلم إلا من طريق الشرع وهذه الثلاث منها خامساً : أولها الإشراك بالله وهذه الكبيرة هي أكبر من كل الكبائر وفاعلها يخرج من الإسلام إن كان الشرك أكبر سادساً : الشرك الأكبر الذي يخرج من الإسلام هو أن يعطي الإنسان حق الألوهية لغير الله جل وعلا فيعتقد فيه القدرة على ما لا يقدر عليه إلا الله كإنزال المطر وإعطاء الولد والنصر على العدو وأن يعتقد فيه سلطاناً غيبياً يطلع به على المغيبات سابعاً : أما الشرك الأصغر فهو لا يخرج من الإسلام كالرياء العارض في العمل والحلف بغير الله إذا لم يقصد تعظيم المخلوق تعظيماً يساوي تعظيم الله عز وجل أو يزيد عليه وإسناد النعم إلى غير الله كقولهم لولا الكلب لأتانا اللصوص وما أشبه ذلك فهذا الشرك الأصغر لا يخرج من الإسلام ولا يوجب الخلود في النار وقد قيل إنه داخل في الوعيد بعدم المغفرة نعوذ بالله من ذلك ثامناً : عقوق الوالدين الذي يوجب لهما البكاء والحزن الشديد لكون ابنهما قابل إحسانهما بالإساءة وهذا الذنب أعظم الذنوب بعد الشرك تاسعاً : قوله وكان متكئاً فجلس دليل على الاهتمام بالخصلة الأخيرة لأن الدواعي إليها كثيرة فقد يحمل على شهادة الزور بغض المشهود عليه أو حب المشهود له أو أخذ الرشوة على ذلك عاشراً : وقول الزور يتفاوت فمن بهت مسلماً في عرضه بما يريد أن يشينه به أو يسيء به سمعته فإن ذنبه عظيم وحسابه شديد والله سبحانه وتعالى يقول (وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا ) [ الأحزاب : 58 ]وقد جاء في الحديث عَنْ سَهْلِ بْنِ مُعَاذِ بْنِ أَنَسٍ الْجُهَنِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ مَنْ حَمَى مُؤْمِنًا مِنْ مُنَافِقٍ أُرَاهُ قَالَ بَعَثَ اللَّهُ مَلَكًا يَحْمِي لَحْمَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ نَارِ جَهَنَّمَ وَمَنْ رَمَى مُسْلِمًا بِشَيْءٍ يُرِيدُ شَيْنَهُ بِهِ حَبَسَهُ اللَّهُ عَلَى جِسْرِ جَهَنَّمَ حَتَّى يَخْرُجَ مِمَّا قَالَ ) الحادي عشر : تنفير النبي ﷺ عن شهادة الزور وقول الزور بكونه كررها حتى قالوا ليته سكت وبالله التوفيق . -------- تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 5 ] [ المجلد الخامس ] http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam5.pdf الرابط المباشر لتحميل الكتاب : http://subulsalam.com/play.php?catsmktba=9384 |
بسم الله الرحمن الرحيم تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي - رحمه الله - الحديث السادس : عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله ﷺ قال لو يعطى الناس بدعواهم لادعى ناس دماء رجال وأموالهم ولكن اليمين على المدعى عليه . موضوع الحديث : الدعاوي والبينات من كتاب القضاء المفردات لو يعطى الناس بدعواهم بدون قيود لادعى أناس دماء رجال وأموالهم ولكن اليمين على المدعى عليه المدعي :هو المطالب وعرفه الفقهاء بأن المدعي هو من لو ترك لم يتابع أما المدعى عليه فهو بضد ذلك وهو من إذا ترك لم يترك وقد يقال في المدعي عليه هو من بيده السلعة المدعى فيها وقد يعرف بأنه المتهم المعنى الإجمالي أخبر النبي ﷺ بأنه لو يعطى الناس بدعواهم بدون بينة ولا يمين لادعى أقوام دماء رجال وأموالهم ولكن الشريعة جاءت من عند العليم الخبير فجعل الله عز وجل لها حدوداً وموازين لتؤدى الحقوق إلى أصحابها ويمنع المعتدون عن الدعاوي الكاذبة بما يترقبهم وينتظرهم عند العجز من التعزير والإفلاس وبالله التوفيق فقه الحديث أولاً : يؤخذ من هذا الحديث أن الناس لا يستوون في التورع وعدمه ففي الناس من يمنعه إيمانه ومن الناس من يمنعه حياؤه وفي الناس من لا يمنعه حياء ولا إيمان وهو الشخص الذي لا يبالي وقول النبي ﷺ هذا دليل على أن من الناس من يحب ابتزاز أموال الناس والادعاء عليهم ولذلك جعلت لهم الشريعة رادعاً وهو تكليف المدعي بالبينة والمدعى عليه باليمين ثانياً : أن المدعي تلزمه البينة وغالباً تكون الدعوى في شيء تحت يد المدعى عليه فتخالف الواقع فمن أجل ذلك كلف المدعي بالبينة على صدق دعواه ثالثاً : إذا عجز المدعي عن البينة وجب على المدعى عليه أن يحلف يمين البراءة من تلك الدعوى حتى تبرأ ساحته رابعاً : قال ابن الملقن إنما جعلت البينة على المدعي لأنها حجة قوية تؤكد الدعوى وتقويها حيث أن المدعى فيه غالباً يكون بيد المدعى عليه فكلف المدعي بالبينة وهي الحجة القوية فمن توفرت له هذه الحجة أخذ الحق المدعى فيه بها ومن لم تتوفر له فلا يلزم له بعد ذلك إلا اليمين وهذا التقسيم استنتاج عقلي إلا أن هذا الاستنتاج العقلي يبين صحة الشرع وأنه يضع الأمور في مواضعها وإلا فالحقيقة أن الشرع كاف في توزيع هذه الأمور ووضع كل شيء في موضعه فالحمد لله الذي علمنا ما لم نكن نعلم خامساً : يستثنى من قاعدة الدعاوي والبينات القسامة فإنه يبدأ فيها بالمدعي فيجعل عليه اليمين وقد قال النبي ﷺ للأنصار حين ادعوا دم عبدالله بن سهل على يهود خيبر تحلفون خمسين يميناً على رجل منهم فيدفع إليكم برمته سادساً : ويستثنى من هذه القاعدة قاعدة البينة على المدعي واليمين على من أنكر . ما صح به الحديث وهو أنه إذا كان للمدعي شاهد واحد فإنه إذا لم يجد الشاهد الآخر الذي يكمل النصاب يحلف على مقتضى ما شهد به الشاهد فيكون مكملاً لدعواه وبالشاهد واليمين أخذ الأئمة الثلاثة مالك والشافعي وأحمد ومنع القضاء بذلك أبو حنيفة والحنفية محجوجون بما ثبت عن النبي ﷺ من اعتبار يمين المدعي مكملاً لنصاب الشهادة عند عدم وجودها وبالله التوفيق . -------- تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 5 ] [ المجلد الخامس ] http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam5.pdf الرابط المباشر لتحميل الكتاب : http://subulsalam.com/play.php?catsmktba=9384 |
بسم الله الرحمن الرحيم تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي - رحمه الله - كتاب الأطعمة الأطعمة جمع طعام وهو ما يتغذى به الإنسان من مأكولات ومشروبات ولكن يطلق الطعام على المأكول غالباً علماً بأن المشروبات التي فيها تغذية للجسم تشترك مع المأكولات في كونها مغذية والإنسان بحاجة إلى ما يغذي جسمه وقد أمر الله عباده أن يأكلوا مما في الأرض حلالاً طيباً وحرم الله عز وجل على المسلمين أكل المحرمات وتوعد على ذلك بالوعيدات الرادعة كما يقول سبحانه وتعالى ( الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لا يَقُومُونَ إِلا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ) [ البقرة : 275 ] وقال ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ) [ آل عمران : 130] وقال (إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا ) [ النساء : 10 ] وحرم على المؤمنين أن يأكل بعضهم أموال بعض بالباطل فقال (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا ) [ النساء : 29،30 ] إلى غير ذلك من النصوص القرآنية والنصوص النبوية وأمر بأخذ الحلال البين وترك المشتبة استبراءً للدين والعرض ورتب على أكل الحلال قبول العمل واستجابة الدعاء فقال ﷺ لسعد بن أبي وقاص لما طلب منه أن يكون مستجاب الدعاء ( يا سعد أطب مطعمك تكن مستجاب الدعوة … الحديث ) وقال ﷺ كما في حديث عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إِنَّ اللَّهَ قَسَمَ بَيْنَكُمْ أَخْلاقَكُمْ كَمَا قَسَمَ بَيْنَكُمْ أَرْزَاقَكُمْ وَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يُعْطِي الدُّنْيَا مَنْ يُحِبُّ وَمَنْ لا يُحِبُّ وَلا يُعْطِي الدِّينَ إِلا لِمَنْ أَحَبَّ فَمَنْ أَعْطَاهُ اللَّهُ الدِّينَ فَقَدْ أَحَبَّهُ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لا يُسْلِمُ عَبْدٌ حَتَّى يَسْلَمَ قَلْبُهُ وَلِسَانُهُ وَلا يُؤْمِنُ حَتَّى يَأْمَنَ جَارُهُ بَوَائِقَهُ قَالُوا وَمَا بَوَائِقُهُ يَا نَبِيَّ اللَّهِ قَالَ غَشْمُهُ وَظُلْمُهُ وَلا يَكْسِبُ عَبْدٌ مَالاً مِنْ حَرَامٍ فَيُنْفِقَ مِنْهُ فَيُبَارَكَ لَهُ فِيهِ وَلا يَتَصَدَّقُ بِهِ فَيُقْبَلَ مِنْهُ وَلا يَتْرُكُ خَلْفَ ظَهْرِهِ إِلا كَانَ زَادَهُ إِلَى النَّارِ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لا يَمْحُو السَّيِّئَ بِالسَّيِّئِ وَلَكِنْ يَمْحُو السَّيِّئَ بِالْحَسَنِ إِنَّ الْخَبِيثَ لا يَمْحُو الْخَبِيث ) ذكر فيه عشرة أحاديث -------- تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 5 ] [ المجلد الخامس ] http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam5.pdf الرابط المباشر لتحميل الكتاب : http://subulsalam.com/play.php?catsmktba=9384 |
بسم الله الرحمن الرحيم تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي - رحمه الله - الحديث الأول : عن النعمان بن بشير رضي الله عنه قال سمعت النبي ﷺ يقول وأشار النعمان بأصبعيه إلى أذنيه إن الحلال بين والحرام بين وبينهما مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس فمن اتقى الشبهات استبرأ لدينه وعرضه ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يرتع فيه ألا وإن لكل ملك حمى ألا وإن حمى الله محارمه ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب . موضوع الحديث : اتقاء الشبهات استبراء للدين والعرض المفردات إن الحلال بين : أي واضح والحرام بين : أي واضح وكل منهما يتضح بصفته وماهيته ففي الحلال البين أنواع المآكل من البر والذرة والأرز واللحم المذكى والأسماك والفواكه والخضروات وغير ذلك . ومن الحرام البين الربا والمال المأخوذ بالسرقة والغش وغير ذلك من المأكولات المحرمة والمشروبات المحرمة كالخمر والمخدرات بجميع أنواعها وما أشبه ذلك والمال المأخوذ بالظلم وأكل أموال الأوقاف وأكل أموال اليتامى وأكل مال المسلم بغير حق والزنا وما إلى ذلك من المحرمات قوله وبينهما مشتبهات وفي رواية وبينهما أمور مشتبهات وهذه المشتبهات يخفى حكمها إلا على أهل العلم المتعمقين فيه والممارسين لأحكام الشريعة ولهذا قال لا يعلمهن كثير من الناس يعني أن أكثر الناس تخفى عليهم أما أهل العلم فإنهم بالنظر والقياس يلحقون هذا المشتبه بأحد الحكمين إما أن يكون أشبه بالحلال فيلحقونه به أو أشبه بالحرام فيلحقونه به ولهذا قال فمن اتقى الشبهات أي ابتعد عنها ولم يقربها حماية لدينه وحماية لعرضه فإنه حينئذ قد استبرأ أي طلب البراءة لدينه وعرضه قوله ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام : أي أن من تجرأ على الشبهات بمعنى أنه تجرأ على الأمور المشتبهة فوقع فيها وأفتى نفسه بحلها فإنه يقع في الحرام ولا بد لأن من المعلوم من حال الناس أن من تجرأ على الأمور المشتبهة فإن الشيطان يستدرجه حتى يستهين بالحرام الواضح فيقع فيه وقد ضرب النبي ﷺ مثلاً بقوله كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يرتع فيه ومعلوم أن صاحب الماشية الذي يرعى فربما يقول إن المرعى الذي في الفلاة قد أكلت منه مواشي الناس ولكن الذي حول الزرع وقريب منه الرعي فيه أسلم وأحسن لأن المرعى الذي فيه لم تقع فيه المواشي فيرعى قريباً من الزرع فإذا رعى قريباً من الزرع دخلت بعض مواشيه على الزرع فأكلت منه وهكذا ضرب النبي ﷺ هذا المثل ثم قال ألا وإن لكل ملك حمى : كان الملوك في الزمن الأول لهم خيل يقاتل عليها ولهم إبل يحمل عليها ولا بد لهم من أماكن تكون محمية لخيلهم وإبلهم وماترك هذا إلا حين استغنى الملوك والرؤساء بالمصنوعات كالسيارات والطيارات والدبابات والمصفحاتثم قال ﷺ وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب هذه المضغة لصغرها أي لصغر حجمها فإنها هي التي تصرف الجسد والجوارح فإن كانت صالحة بأن كانت عامرة بالإيمان معمورة بالتقوى ظهرت الأعمال وحركات الجسد صالحة لأن القلب الصالح هو الأمير لها والمدبر فيها وإن كانت بخلاف ذلك بأن كانت مشحونة بالهوى والشهوات وأمور الباطل انعكست على الجسد وجوارحه فأفسدته بأوامرها السيئة المبنية على الشهوات والشبهات نسأل الله أن يصلح قلوبنا وأعمالنا إنه جواد كريم المعنى الإجمالي مدار هذا الحديث على ثلاثة أمور :- حلال بين واضح وحرام بين واضح وأمور مشتبهة تخفى على معظم الناس فلا يدرون هل هي من الحلال أم من الحرام ولهذا فإن النبي ﷺ يحذر من الأمور المشتبهة أن يستهان بها أو يتجرأ عليها بلا علم وأن الواجب على من لم يكن عنده علم ألا يقدم على أي شي من هذه المشتبهات حتى يسأل أهل العلم عن حكمها فإن أفتوه وبقي مع ذلك في نفسه شيء من الخوف والشك فليتجنب تلك الشبهات وليبتعد عنها لقوله عليه الصلاة والسلام ( وَالإِثْمُ مَا حَاكَ فِي الْقَلْبِ وَتَرَدَّدَ فِي الصَّدْرِ وَإِنْ أَفْتَاكَ النَّاسُ قَالَ سُفْيَانُ وَأَفْتَوْكَ ) ولقد أخبر عليه الصلاة والسلام أن في الجسد مضغة ينبني عليها صلاح الجسد وفساده فإن صلحت فسيكون الجسد كله صالحاً لأنها تملي عليه الصلاح وإن فسدت كان الجسد كله فاسداً لأنها تملي عليه العصيان فليدع العبد ربه بأن يصلح قلبه حتى يكون صالحاً فلا يأمر صاحبه إلا بخير فقه الحديث أولاً : يؤخذ من هذا الحديث أن الدين ينقسم إلى ثلاثة أقسام حلال واضح بين وحرام واضح بين والقسم الثالث أمور مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس فيهن شبه بالحلال وشبه بالحرام ثانياً : في ضمن ذلك حث للمسلم على أخذ الحلال واجتناب الحرام والله تعالى يقول {يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُواْ مِمَّا فِي الأَرْضِ حَلاَلاً طَيِّباً وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ }[ البقرة : 168 ] ففي هذا أمر بأخذ الحلال الواضح واجتناب الحرام الواضح والإمساك عن الشبهات حتى يعلم العبد من أي شيء هي ثالثاً : أمر الله للعباد بأكل الحلال أمر إباحة فمن امتنع عن أكل الحلال تديناً عد معتدياً وقد علمنا ما جرى للرهط الثلاثة الذين جاءوا إلى بيوت النبي ﷺ يسألون عن عبادته حيث روى البخاري في صحيحه عن أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال جَاءَ ثَلاثَةُ رَهْطٍ إِلَى بُيُوتِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ ﷺ يَسْأَلُونَ عَنْ عِبَادَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمَّا أُخْبِرُوا كَأَنَّهُمْ تَقَالُّوهَا فَقَالُوا وَأَيْنَ نَحْنُ مِنْ النَّبِيِّ ﷺ قَدْ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ قَالَ أَحَدُهُمْ أَمَّا أَنَا فَإِنِّي أُصَلِّي اللَّيْلَ أَبَدًا وَقَالَ آخَرُ أَنَا أَصُومُ الدَّهْرَ وَلا أُفْطِرُ وَقَالَ آخَرُ أَنَا أَعْتَزِلُ النِّسَاءَ فَلا أَتَزَوَّجُ أَبَدًا ) وفي رواية ( وَقَالَ بَعْضُهُمْ لا آكُلُ اللَّحْمَ وَقَالَ بَعْضُهُمْ لا أَنَامُ عَلَى فِرَاشٍ ) فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَقَالَ أَنْتُمْ الَّذِينَ قُلْتُمْ كَذَا وَكَذَا أَمَا وَاللَّهِ إِنِّي لأَخْشَاكُمْ لِلَّهِ وَأَتْقَاكُمْ لَهُ لَكِنِّي أَصُومُ وَأُفْطِرُ وَأُصَلِّي وَأَرْقُدُ وَأَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي) فليس من الدين ترك الحلال تديناً كما أنه ليس من الدين التجرؤ على محارم الله سبحانه وتعالى . رابعاً : أخبر النبي ﷺ أن هناك أموراً مشتبهات والناس أمام هذه المشتبهات ينقسمون إلى قسمين أما علماء فإنهم يجب عليهم أن يدرسوا هذه المشتبهات ويلحقوها بما يرون أنها به أشبه وإليه أقرب سواء كان من الحلال أو من الحرام يحكمون عليها بعد الدراسة بعيداً عن المؤثرات ليكون الحكم لهم ولغيرهم من الناس الصنف الثاني العوام وطلبة العلم المبتدئين الذين لا يمكنهم إلحاق هذه المشتبهات بأحد النوعين الحلال أو الحرام فهؤلاء يجب عليهم التوقف وعدم الإقدام على هذه المشتبهات إلا بفتوى من أهل العلم وإن اختلفت الفتوى فيجب أن يعودوا إلى الفتوى التي تكون أقرب إلى كتاب الله وسنة رسول الله ﷺ من خلال الأدلة المسبورة في الفتوى خامساً : يؤخذ من هذا أن في ترك الأمور المشتبهة حماية للدين والعرض وفي ذلك يكون التارك للمشتبه أقرب للسلامة سادساً : مثل النبي ﷺ للمشتبهات بمن رعى حول الحمى فإنه من قارب الحمى وقع فيه ولا بد سابعاً : هناك علاقة في قوله كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يقع فيه وبين قوله ألا إن في الجسد مضغة وهذه العلاقة هي أن التحرز مما اشتبه أمره يعود إلى تقوى القلوب وصلاحها وتأثرهابالإيمان فإن كان القلب صالحاً متأثراً بالإيمان كان أزكى وأبعد عن الشبهات وإن كان تأثره بالإيمان ضعيف وسماعه للنصوص الشرعية قليل كان أكثر جرأة على تلك الشبهات أو بالمعنى الأصح المتشابهات ثامناً : أخبر النبي ﷺ أن الجسد كله يقوم على القلب صلاحاً وفساداً مع أن القلب مضغة أي قطعة من اللحم صغيرة ولكنه هو المحرك والمؤثر في الجسد تاسعاً : اختلف الناس قديماً وحديثاً هل العقل في القلب أو في الدماغ فبعضهم قالوا في الدماغ وبعضهم قالوا في القلب ولكل منهم أدلة والصحيح أن العقل فيهما جميعاً وأن بين القلب والدماغ ارتباط قوي ولا يصح العقل إلا إذا كان القلب والدماغ صحيحان فإذا حصل التأثير على الدماغ انعكس أثره على القلب وإذا حصل التأثر على القلب انعكس أثره على الدماغ ولا يصح العقل إلا بصحتهما وبالله التوفيق . -------- تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 5 ] [ المجلد الخامس ] http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam5.pdf الرابط المباشر لتحميل الكتاب : http://subulsalam.com/play.php?catsmktba=9384 |
Powered by vBulletin®, Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd