مجلة معرفة السنن والآثار العلمية

مجلة معرفة السنن والآثار العلمية (http://www.al-sunan.org/vb/index.php)
-   الأحاديث الصحيحة فقهها وشرحها (http://www.al-sunan.org/vb/forumdisplay.php?f=25)
-   -   [متجدد] تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ المجلد الخامس ] (http://www.al-sunan.org/vb/showthread.php?t=10751)

ام عادل السلفية 27-05-2016 12:39AM

بسم الله الرحمن الرحيم





تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام

للعلامة : احمد النجمي
-رحمه الله -


الحديث التاسع عشر :
عن أبي موسى رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ سئل عن الرجل يقاتل شجاعة ويقاتل حمية ويقاتل رياءً أي ذلك في سبيل الله ؟ قال من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله عز وجل



موضوع الحديث :
بيان المجاهد في سبيل الله بأنه من لا يكون مدفوعاً بحمية عصبية أو لم يكن مريداً بقتاله عرض الدنيا ولا إظهار شجاعة وإنما يكون في سبيل الله من قاتل لإعلاء كلمة الله



المفردات
سئل عن الرجل يقاتل شجاعة قال ابن الملقن الشجاعة ضد الجبن وهي شدة القلب عند البأس
ويقاتل حمية : الحمية هي الأنفة وهي إما أن تكون حمية لعصبية جاهلية أو حمية لحزب أو مذهب كل هذا يدخل في الحمية
قوله ويقاتل رياءً : الرياء هو أن يظهر القصد الحسن وأنه يريد الآخرة وهو لا يريد إلا الدنيا كقوله ﷺ ( تعس عبد الدينار وعبد الدرهم وعبد الخميصة تعس وانتكس وإذا شيك فلا انتقش ) أي الذي يريد بعمله الدنيا من غير قصد لإعلاء كلمة الله ونصرة دينه فقال رسول الله ﷺ ( من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله)
فهذا حكم فصل لأن كل مقصد لا يكون كذلك فإن صاحبه لا يكون في سبيل الله .


المعنى الإجمالي
أخبر النبي ﷺ حين سئل عمّن يقاتل شجاعة أو حمية أو رياءً أو ليرى مكانه أي ذلك في سبيل الله فقال صلوات الله وسلامه عليه من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله عز وجل أي من كان قاصداً بقتاله نصرة الدين وإعلاء كلمته على كل كلمة غيرها وإظهار أحكامه وإعزاز أهله فهو في سبيل الله .


فقه الحديث
أولاً : يؤخذ من هذا الحديث أن من قاتل لمقصد من هذه المقاصد بأن يكون قاصداً إظهار شجاعته أو قاتل حمية لقبيلته وعصبيته أو لمنهجه وحزبه أو لمذهبه أو أظهر القصد الحسن بأنه يقاتل من أجل إعلاء كلمة الله وهو في الباطن بخلاف ذلك فكل هؤلاء قتالهم لم يكن في سبيل الله


ثانياً : إنما يكون في سبيل الله من قاتل لإعلاء كلمة الله وقصد نصرة دين الله وإعزاز المؤمنين المتبعين لمنهج الله لتعلوا كلمة الله على المآذن دعوة للصلاة ولتعلوا سلطة الحق على سلطة الباطل وتنشر أحكام الله بين عباد الله فذلك الذي يقاتل في سبيل الله ولهذا جاء في حديث ابن مسعود قوله (ورب قتيل بين الصفين الله أعلم بنيته )


ثالثاً : الظاهر أن من قتل في الحرب بين المسلمين والكفار فإنه يعتبر شهيداً بظاهر هذه النية ولكن الشهادة الحقيقية هي تكون لمن قاتل لتكون كلمة الله هي العليا


وقلت في أرجوزة صيحة حق وأسأل الله أن يكون ذلك لوجهه


ثم الشهيد يا أخي من قتلا​
في نصر دين الله جلا وعلا


ولم يكن يدفعه حب الثنا ​
ولا اكتساب مغنم في ذي الدنا


ولم يكن منفعلاً بالغضب. ​
لنصرة الباطل بالتعصب


إلى قبيل مذهب أو وطن​
بل مخلصاً لذي الثنا والمنن


وجاد بالنفس من أجل المعتقد​
عوضه الله حياة للأبد


في جنة الفردوس بين الحور​
على الحجال في ذرا القصور


رابعاً : ومن هذا نأخذ أن الإخلاص لله عز وجل هو الموجب لرضاه دون غيره وقد روى أبو داود في سننه عن يعلى بن منية قال آذن رسول الله ﷺ بالغزو وأنا شيخ كبير ليس لي خادم فالتمست أجيرا يكفيني وأجري له سهمه فوجدت رجلا فلما دنا الرحيل أتاني فقال ما أدري ما السهمان وما يبلغ سهمي فسم لي شيئا كان السهم أو لم يكن فسميت له ثلاثة دنانير فلما حضرت غنيمته أردت أن أجري له سهمه فذكرت الدنانير فجئت النبي ﷺ فذكرت له أمره فقال ما أجد له في غزوته هذه في الدنيا والآخرة إلا دنانيره التي سمى ) نعوذ بالله من سوء المقصد وسوء الخاتمة ونسأل الله جل وعلا أن يمنحنا إيماناً ويقيناً وعملاً صالحاً نفوز به في الدار الآخرة . وبالله التوفيق .


--------


تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 5 ]

[ المجلد الخامس ]

http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam5.pdf

الرابط المباشر لتحميل الكتاب :

http://subulsalam.com/play.php?catsmktba=9384















ام عادل السلفية 27-05-2016 12:44AM

بسم الله الرحمن الرحيم





تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام


للعلامة : احمد النجمي
-رحمه الله -



باب العتق
تعريف العتق قال ابن الملقن هو في الشرع إزالة ملك عن آدمي لا إلى مالك تقرباً إلى الله تعالى .


وأقول : الأولى في التعريف به : إزالة المالك المختار الذي يصح تصرفه مُلكه عن آدمي تقرباً إلى الله عز وجل ورغبة في ثواب العتق ذلك لأن المعتَق يتخلص من المَلكة التي تجعل تصرفه في يد غيره والإسلام يرغب في عتق المسلم ويجعله سبباً في العتق من النار لمن اعتق ذلك المعَتق وقد جاء في الحديث الذي رواه أبو هريرة عن النبي ﷺ قال من أعتق رقبة مسلمة أعتق الله بكل عضو منه عضوا من النار حتى فرجه بفرجه )


والإسلام يرغب في العتق ويحث عليه وبالأخص إذا كان المُعتق مسلماً ومن أجل ترغيبه في العتق فإنه يجعل عتق الحصة في العبد موجباً لعتق الجميع إذا كان المعتِق موسراً كما في حديث عبدالله بن عمر رضي الله عنهما



الحديث الأول :
عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله ﷺ قال من أعتق شركاً له في عبد فكان له مال يبلغ ثمن العبد قُوِّم عليه قيمة عدل فأعطى شركاءه حصصهم وعتق عليه العبد وإلا فقد عتق منه ما عتق .

قال المحقق رواه البخاري برقم 2521 ومسلم برقم 1501


موضوع الحديث :
عتق الحصة في العبد وأنه يسري العتق في الجميع إذا كان المعتِق غنياً وعليه لشركائه حصصهم



المفردات
من أعتق شركاً له في عبد : أي شراكة له فيه بأن حرر نصيبه مبتغياً بذلك وجه الله
فكان له مال … إلخ : الفاء هنا فاء السببية أي بسبب عتقه يعتق عليه الجميع إذا كان له مال ويُقوَّم عليه قيمة عدل حصص الباقين فيعطي شركاءه أنصبائهم ويُعتق عليه العبد كله
قوله وإلا : أي إن لم يكن كذلك بأن كان المعتِق فقيراً فإن عتقه لا يسري إلى أنصباء الغير ويبقى العبد مملوكاً بقدر حصص الآخرين


المعنى الإجمالي
أنه إذا كان العبد مشتركاً بين جماعة أو على الأقل بين اثنين فأعتق أحدهما نصيبه وكان غنياً بحيث يستطيع دفع ثمن الحصص المشاركة قوِّم عليه حصص الشركاء وعتق العبد جميعه في نصيبه ولم يبق للشركاء إلا قيمة حصصهم


فقه الحديث
أولاً : قوله من أعتق من هنا اسم شرط جازم وهي من أدوات العموم يدخل فيها جميع المُعتِقين سواء كانوا ذكوراً أو إناثاً وسواء كان المعتِق مريضاً أو غير مريض وسواء كان المعتِق فقيراً أو غنياً .


ثانياً : يؤخذ من الحديث أن المعتِق إذا كان غنياً بأن كان له مال يبلغ ثمن العبد فإنه تقوَّم عليه حصص الشركاء ويعطيهم حصصهم ويُعتَق العبد من نصيبه ويكون ولائه له


ثالثاً : يدل هذا أنه لا بد من تدخل الحاكم الشرعي في المسألة بأن يدعو رجلين من ذوي الخبرة والعدالة فيقوموا حصص الشركاء


رابعاً : بعد تقويم حصص الشركاء لم يبق لهم إلا دفع قيمها والعبد مُعتق بالعتق الأول


خامساً : إذا أُعتق العبد في مال المعتق الأول وكان ولاءه له فيلتحق به فيكون ملحقاً به كلحوق النسب لأن الولاية أي ولاية العتق في نظر الإسلام لا تباع ولا توهب بخلاف ما كان عليه أهل الجاهلية


سادساً : إذا مات هذا العبد المعتَق ولم يكن له وارث فإن ميراثه لمعتِقه وإن كان له وارث صاحب فرض كزوجة أو أم ورث الباقي بعد الفروض


سابعاً : إن قَتل خطئاً فإن مولاه وعصبته يؤدون الدية عنه لقول النبي ﷺ كما في حديث ابن عمر قال قال رسول الله ﷺ ( الولاء لحمة كلحمة النسب لا يباع ولا يوهب )


ثامناً : إذا كان المعتِق فقيراً أو لا يتحمل ماله قيمة حصص الشركاء فإنه يعتبر قد عُتِق من العبد ما عُتِق وتبقى أنصباء الشركاء تحت الرق .


تاسعاً : لو كان المعتِق مالكاً للثلث يعني لثلث العبد كان للعبد يوم من كل ثلاثة أيام ويومان لأصحاب الحصص يشغلونه في أعمالهم


عاشراً : إن مات قبل أن يُحرر جميعه ورث منه مُعتِقه بقدر عتقه


الحادي عشر : وهذا القول إذا لم نقل بالاستسعاء أما إن قلنا بالاستسعاء فإنه يُقوم نصيب الآخرين ويستسعى فيه


الثاني عشر : سيأتي تعريف الاستسعاء في حديث أبي هريرة رضي الله عنه والكلام عليه هل يصح مرفوعاً أو أنه من قول قتادة وهذا السبب الذي جعل أكثر أهل العلم لم يقولوا به وبالله التوفيق .


الثالث عشر: تعريف العبد : العبد هو الذي يسترق في قتال بين المسلمين والكفار أو يشترى بحيث لا يعلم المشتري عدم ملك البائعين له فإن علم ذلك فهل يجب عليه أن يحرره أم لا ؟
النبي ﷺ ملك زيد بن حارثة بالهبة وملكته زوجته بالهبة من ابن أخيها ثم بعد ذلك أعتقه وكان ولاءه منسوباً إليه بصريح القرآن الكريم ( وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ ….. الآية ) [ الأحزاب : 37 ]
علماً بأن زيد بن حارثة كان من قصته أنه ذهب مع أمه وهو غلام من بلد أبيه إلى بلد أمه وفي أثناء الطريق لقيهم جماعة من قطاع الطرق فأخذوا زيداً من أمه واشتراه حكيم بن حزام كما اشترى مجموعة من الغلمان الأرقاء وكان يبيع ويشتري طبيعة تجار أهل مكة فلما قدم جاءت عمته خديجة بنت خويلد تزوره وتهنئه بسلامة الوصول فقال حكيم بن حزام يا عمة إذ هو ابن أخيها قال لها يا عمة انظري هؤلاء الغلمان فخذي واحداً منهم يخدمك وكان قد ذخر الله لزيد بن حارثة ما ذخر فاختارته خديجة وذهبت به وبقي معها هي وزوجها ثم وهبت ملكه لزوجها نبي الله محمد ﷺ ثم جاء أبوه وعمه حين سمعا أن ابنهما في مكة فجاءا يسألان عن محمد بن عبدالله بن عبدالمطلب فوصلا إليه وقالا له إن لنا ابناً فقد وبلغنا أنه عندك ونحن الآن جئنا لفدائه فاطلب ما تريد من المال فقال النبي ﷺ أو غير ذلك قالوا وما هو قال أن أرسل إليه فإن اختاركم فهو لكم بدون فداء فأرسل إليه فجاء فقال من هذا فقال أبي ومن هذا فقال عمي فقال إنهما قالا لي كذا وكذا فقلت لهما كذا وكذا الكلام الذي دار بينهم وبينه فقال لا أريد أن أذهب معهما قالا عجباً تفضل الناس على أبيك وأهلك قال لقد عرفت من هذا الرجل ما يجعلني لا أختار عليه أحداً فعند ذلك أشهد النبي ﷺ الحاضرين على نفسه أن زيداً ابنه يرثه . فالله أكبر
وعلى هذا نقول الأملاك التي كانت في الجاهلية وأقرت على ما هي عليه هل أن الملك الذي لا يدري الإنسان أصله يعتبر نافذاً أم أنه لا يعتبر نافذاً ؟


لأن الفرق بين ما كان قبل الإسلام وما كان بعده حاصل فقد قال النبي ﷺ ( ألا إن دماء الجاهلية موضوعة تحت قدمي هاتين وأول دم أضعه دم فلان بن ربيعة وأن ربا الجاهلية موضوع تحت قدمي هاتين وأول ربار أضعه ربا العباس بن عبدالمطلب .


وقد جاء الإسلام على ولاء وأشياء كانت معروفة مشهورة في الجاهلية فأقرها على ما كانت عليه فهل يقاس على ذلك ما كان في هذا الوقت يقال عنه رق ونحن لا ندري ما أصله أم أن المسألة فيها نظر ؟
ولا يظهر لي في ذلك ما أستطيع أن أفرق به بين الحالتين والله تعالى أعلم .


--------


تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 5 ]

[ المجلد الخامس ]

http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam5.pdf

الرابط المباشر لتحميل الكتاب :

http://subulsalam.com/play.php?catsmktba=9384












ام عادل السلفية 30-05-2016 01:18AM

بسم الله الرحمن الرحيم




تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام


للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -



الحديث الثاني :
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي ﷺ قال من أعتق شقصاً من مملوك فعليه خلاصه كله في ماله فإن لم يكن له مال قوم المملوك قيمة عدل ثم استسعي العبد غير مشقوق عليه .



موضوع الحديث :
أن من أعتق شقصاً من عبد له فيه شراكة ولم يكن له مال يدفع منه شراكة الشركاء فإنه يقوم المملوك قيمة عدل ثم يُستسعى غير مشقوق عليه



المفردات
شقصاً : قسطاً أو نصيباً أوحصة
قوله فعليه خلاصه : أي فعليه خلاصه من الرق بالسراية إذا كان له مال يتحمل ذلك
قوله فعليه خلاصه : أي تحريره وفكه من الرق بالكلية فإن لم يكن له مال قوم المملوك
معنى قوم : أي ثمن
ثمن عدل : أي وسط بين التفريط والإفراط والغلو والتساهل
قوله ثم استسعي العبد : بمعنى أنه يشتري نفسه بقيمة مقسطة في كل شهر كذا أو في كل عام كذا يعني كالمكاتبة
قوله غير مشقوق عليه : أي غير مضيق عليه بل يشتغل ويؤدي على حسب استطاعته


المعنى الإجمالي
أن من أعتق نصيباً له في مملوك فإن العتق يكون في الرقبة كاملة بوضع السراية الشرعية التي قررها الشارع ﷺ هذا إذا كان له مال أي للمعتق مال يتحمل ذلك أما إذا لم يكن له مال أو له مال لا يتحمل ذلك أو يترتب عليه إضرار به فإنه في هذه الحالة يخير العبد بين أمرين إن أراد أن يبقي نفسه في الملك بقدر الحصة التي بقيت فيكون مبعضاً أي بعضه رقيق وبعضه معتق فإنه يجوز له في هذه الحالة أن يبقى مملوكاً مبعضاً وإن رغب أن يتحرر فإنه يقوم المملوك قيمة عدل ويستسعى فيما بقي فإذا أكمل السعاية تم تحرره


فقه الحديث
في هذا الحديث اختلاف بين المحدثين فمنهم من رأى أن الحديث المرفوع هو قوله ( من أعتق شقصاً من مملوك فعليه خلاصه كله في ماله إن كان له مال )
ويجعلون زيادة الاستسعاء وهي قوله ( وإن لم يكن له مال قوم المملوك قيمة عدل ثم استسعي غير مشقوق عليه ) فيجعلون الاستسعاء مدرجاً في الحديث من قول قتادة ومنهم من يرى أن الحديث كله مرفوع إلى النبي e بما فيه الاستسعاء وبذلك جزم صاحبا الصحيح البخاري ومسلم ورجحه الحافظ ابن حجر وجماعة بناءً على تصحيح البخاري لرواية الاستسعاء


فقد روى البخاري هذا الحديث من طريق جرير بن حازم سمعت قتادة قال حدثني النضر بن أنس بن مالك عن بشير بن نهيك عن أبي هريرة قال قال النبي ﷺ ( من أعتق شقيصاً له من عبد ) رقم الحديث 2526 . ورواه من طريق سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن النضر بن أنس عن بشير بن نهيك عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي ﷺ قال ( من أعتق نصيباً أو شقيصاً في مملوك فخلاصه عليه في ماله إن كان له مال وإلا قوم عليه فاستسعي به غير مشقوق عليه )


قال البخاري تابعه الحجاج بن حجاج وأبان ( قلت : هو ابن يزيد العطار ) وموسى بن خلف عن قتادة اختصرع شعبة . إلى هنا رواية البخاري
وقوله فيكون من روى الاستسعاء عن قتادة خمسة
1- جرير بن حازم في باب من أعتق نصيباً له في عبد وليس له مال استسعي غير مشقوق عليه برقم 2526
2- سعيد بن أبي عروبة رقم الحديث 2527
3- حجاج بن حجاج
4- أبان بن يزيد العطار
5- موسى بن خلف
كلهم عن قتادة برواية الاستسعاء


قلت : وقد ذهب جماعة إلى أن الاستسعاء ليس من كلام النبي ﷺ وإنما هو مدرج من قول قتادة صرح بذلك الإسماعيلي وابن المنذر والدارقطني والخطابي والحاكم في علوم الحديث والبيهقي والخطيب في الفصل والوصل ذكر ذلك الحافظ في الفتح وأطال ثم قال وأبى ذلك آخرون وصاحبا الصحيح
( قلت : يعني البخاري ومسلم ). فصححا كون الجميع مرفوعاً وهو الذي رجحه ابن دقيق العيد وجماعة لأن سعيد بن أبي عروبة أعرف بحديث قتادة لكثرة ملازمته له أهـ
وقال أيضاً والذي يظهر أن الحديثين صحيحان مرفوعان لعمل صاحبي الصحيح وقال ابن المواق والإنصاف ألا نوهم الجماعة بقول واحد مع احتمال أن يكون سمع قتادة يفتي به فليس بين تحديثه به مره وفتياه أخرى منافاة أهـ . من فتح الباري ج 5 ص156 وص157 وص158 طبعة محب الدين الخطيب .


قلت : وبهذا يتبين أن الاستسعاء صحيح مرفوعاً إلى النبي ﷺ وإن كان قد سمع من كلام قتادة وفتياه فإنه لا منافاة بينهما كما سبق .


ويؤخذ من الحديث عدة مسائل
أولاً : أن من أعتق شقصاً له في عبد لزمه خلاصه كما تقدم من حديث ابن عمر


ثانياً : يكون العبد معتقاً عليه إذا كان له مال يمكنه من أن يؤدي باقي قيمة العبد من غير مشقة عليه


ثالثاً : إذا كان له مال قليل بحيث أنه لو حمّل بباقي القيمة يشق ذلك عليه لم يُلزم بذلك لأنا لا نزيل المشقة بمشقة


رابعاً : فإن لم يكن له مال يتسع لعتق الجميع عليه فإنه في هذه الحالة يكون للعبد الخيار بين أن يبقى في ملك صاحب الشقص الباقي وبين أن يستسعى فيه


خامساً : إذا رغب في الاستسعاء فإنه ينبغي تدخل السلطة القضائية فيختار القاضي شخصين عدلين عارفين بالقيم ثم يستسعى في باقي القيمة على حسب ما يكون مريحاً له وغير شاق عليه


سادساً : أنه إذا استسعى فإن ولاءه يكون موزعاً بين أصحاب الأشقاص


سابعاً : إذا اختار البقاء تحت رق صاحب الشقص فإن كان الشقص نصفاً كان له يوم ولصاحب الشقص يوم وإن كان ثلثا كان له يومان ولصاحب الشقص يوم وهكذا


ثامناً : أن هذا هو القول الصحيح وهو الجمع بين الحديثين وأن ذلك يعود إلى رغبة المملوك قياساً على الكتابة لقوله سبحانه وتعالى { وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً وَآتُوهُم مِّن مَّالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ }[النور : 33] فالكتابة ينبغي أن تكون على رغبة المملوك والاستجابة تستحب للسيد إذا علم في العبد خيراً أي علم فيه صلاحاً وأنه سيقوم بالكسب لنفسه إن استقل . وبالله التوفيق



--------


تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 5 ]

[ المجلد الخامس ]

http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam5.pdf

الرابط المباشر لتحميل الكتاب :

http://subulsalam.com/play.php?catsmktba=9384










ام عادل السلفية 30-05-2016 01:27AM

بسم الله الرحمن الرحيم




تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام
الأخير
للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -





الحديث الثالث في المدبر :
عن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما قال دبر رجل من الأنصار غلاماً له

وفي لفظ بلغ النبي ﷺ أن رجلاً من أصحابه أعتق غلاماً له عن دبر ولم يكن له مال غيره فباعه رسول الله ﷺ بثمانمائة درهم ثم أرسل ثمنه إليه


موضوع الحديث :
التدبير وحكم بيع المدبر



المفردات
قال ابن الملقن : اسم العبد المدبر يعقوب القبطي والسيد أبو مذكور والذي اشتراه نعيم بن عبدالله النحام
غلاماً : الغلام هو المملوك ويقال للصغير من الرجال
قوله عن دبر : أي أعتقه بعد موته أي بعد إدباره عن الدنيا ولهذا يقال لمن علق عتقه على الموت يقال له مدبر
قوله فباعه رسول الله ﷺ يدل أن ذلك كان من الرسول الله ﷺ نظراً في مصلحة المذكور


المعنى الإجمالي
معنى هذا الحديث الإجمالي أن رجلاً من أصحابه e أعتق غلاماً له بعد موته أي علق عتقه على موت سيده ولكن لما لم يكن له مال غيره ولعله كان بحاجة إلى ثمنه باعه e ثم أرسل ثمنه إليه .


فقه الحديث
أولاً : يؤخذ من الحديث جواز التدبير بأن يقول الشخص هذا الغلام بعد موتي يكون معتقاً أو حراً لوجه الله فمن دبر مملوكه بأن أعتقه بعد موته كان عمله ذلك جائزاً


ثانياً: ذكر ابن الملقن أن التدبير مجمع عليه وأنه يصح فقال وهو إجماع


ثالثاً : ذكر أيضاً ابن الملقن أن مذهب الشافعي ومالك والجمهور أنه يحسب عتقه من الثلث وخالف الليث وزفر فقالا هو من رأس المال .


رابعاً : يؤخذ من الحديث جواز بيع المدبر قبل موت سيده إذا تبين أن مصلحة سيده في بيعه سواء كان ذلك لدين عليه أو في حاجته للنفقة ما لم يمت سيده فإن مات سيده فقد أصبح حراً لأن عتقه معلق على موت سيده
وذكر ابن الملقن أن ممن ذهب إلى بيعه قبل موت سيده وجوزه عائشة رضي الله عنها وطاوس وعطاء والحسن ومجاهد وأحمد وإسحاق وأبو ثور وداود


قال ابن الملقن رحمه الله وكما يجوز بيعه تجوز هبته والوصية به وغيرهما من التصرفات المزيلة للملك


وأقول : في قول ابن الملقن هذا نظر لأن هبته والوصية به بعد عتقه يعد تصرفاً مناقضاً للتصرف الأول الذي هو التدبير فلذلك لا يجوز وإنما باعه النبي e من أجل حاجة سيده إليه إما لقضاء دين أو نفقة وهذا هو القول الصحيح في نظري وهو يوافق الرواية الثانية عن الإمام أحمد في قوله وعن أحمد روايتان إحداهما كمذهبنا يعني أنه كما يجوز بيعه تجوز هبته والوصية به والأخرى أن له بيعه للدين فقط .
وبمنع بيع المدبر قال جمهور العلماء والسلف من الحجازيين والشاميين والكوفيين ومنهم أبو حنيفة ومالك وتأولوا معه على أنه عليه الصلاة والسلام إنما باعه في دين كان على سيده كما رواه النسائي والدارقطني وروي أنه باعه وقضى عنه دينه ودفع الفضل إليه


قلت: وهذا القول هو الذي تطمئن إليه النفس


خامساً : يؤخذ من الحديث نظر الإمام في مصالح رعيته وأمره إياهم بما فيه الرفق بهم وإبطال ما يضر من تصرفاتهم التي يمكن فسخها .


وصلى الله على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه والحمد لله رب العالمين وإني لأحمد الله عز وجل على إتمام شرح هذا الكتاب علماً بأني كتبت الجزء الأول في عام 1383هـ أي قبل إحدى وأربعين سنة
فله الحمد على ذلك وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وكان الفراغ منه في يوم الاثنين الموافق الثالث عشر من شهر ذي القعدة من العام ألف وأربعمائة وأربع وعشرين للهجرة النبوية .



--------

تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 5 ]

[ المجلد الخامس ]

http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam5.pdf

الرابط المباشر لتحميل الكتاب :

http://subulsalam.com/play.php?catsmktba=9384


التصفية والتربية

TarbiaTasfia@










Powered by vBulletin®, Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd