![]() |
بسم الله الرحمن الرحيم تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي - رحمه الله - الحديث الثاني : عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال أنفجنا أرنباً بمر الظهران فسعى القوم فلغبوا وأدركتها فأخذتها فأتيت أبا طلحة فذبحها وبعث إلى رسول الله ﷺ بوركها وفخذيها فقبله ) (لغبوا ) أعيوا موضوع الحديث : حل الأرنب وجواز أكلها المفردات أنفجنا : أي أثاروا أرنباً : الأرنب حيوان معروف سريع الجري وهو نوع من أنواع الصيد يجوز أخذه وتربيته ويذبح فيؤكل سعى القوم : السعي هو الجري فلغبوا بمعنى تعبوا وأعيوا أدركتها : لحقتها فأخذتها : مسكتها فأتيت أبا طلحة : أبو طلحة اسمه زيد بن سهل أحد النقباء ليلة العقبة وأحد فضلاء الأنصار وهو زوج أم سليم التي هي أم أنس بن مالك رضي الله عنهم بوركها : الورك هو ملتقى الظهر مع مربط الرجل وفخذيها : أي فخذي الأرنب والفخذ في أعلى الرجل مر الظهران : هو موضع قريب من مكة ولعله ما يسمى الآن بالجموم أو قريباً منه المعنى الإجمالي كان النبي ﷺ وأصحابه في سفر ولعلهم قد نزلوا في ذلك المكان الذي هو مر الظهران فلقد نزل في هذا الموضع رسول الله ﷺ بأصحابه في عام الفتح فأثاروا أرنباً وهو معنى أنفجنا أي أثرنا فسعى القوم بعدها ليأخذوها قال فلغبوا وأدركتها وكان أنس بن مالك في ذلك الوقت في ريعان شبابه فأخذها وذهب بها إلى زوج أمه فذبحها وأهدى منها إلى رسول الله ﷺ فقبلها ولعله قد أكل منها كما أشار إلى ذلك ابن الملقن في الرواية التي حكاها فقه الحديث أولاً : يؤخذ من هذا الحديث جواز أكل الأرنب وأنها نوع من أنواع الصيد يؤكل لحمها ثانياً : يؤخذ منه أن الصيد لمن أدركه وإن سعى وراءه عدد فلم يدركوه فإنه يكون لمن أدركه ويملك لحمه بالتذكية وهو الذبح ويملكه بالأخذ ويحل لحمه بالتذكية ثالثاً : أن هذا الحيوان يجوز اقتنائه وتربيته رابعاً : حكيت كراهة لحمه عن بعض السلف وزعموا أن الأرنب تحيض ولا دليل على ذلك إلا ما حكاه ابن حجر في الفتح رحمه الله حيث قال من حديث أخرجه النسائي من طريق موسى بن طلحة عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: ( جاء أعرابي إلى النبي ﷺ بأرنب قد شواها فوضعها بين يديه فأمسك رسول الله e فلم يأكل وأمر القوم أن يأكلوا ) ورجاله ثقات إلا أنه اختلف فيه على موسى بن طلحة اختلافاً كثيراً) أهـ وأقول : وأخرجه أيضاً عبدالرزاق 4/516 وابن أبي شيبة 8/247 والبيهقي 9/321 إلى أن قال واحتج بحديث خُزَيْمَةَ بْنِ جَزْءٍ قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا تَقُولُ فِي الأَرْنَبِ قَالَ لا آكُلُهُ وَلا أُحَرِّمُهُ قُلْتُ فَإِنِّي آكُلُ مِمَّا لَمْ تُحَرِّمْ وَلِمَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ نُبِّئْتُ أَنَّهَا تَدْمَى ) وسنده ضعيف أقول : أخرجه ابن أبي شيبة وابن ماجة من طريق محمد بن إسحاقوهو مدلس وقد عنعن عن عبدالكريم بن أبي المخارق وهو ضعيف قال ولو صح لم يكن فيه دلالة على الكراهة كما سيأتي تقريره في الباب الذي بعده قال وله شاهد عن عبدالله بن عمرو بلفظ (جِيءَ بِهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَأَنَا جَالِسٌ فَلَمْ يَأْكُلْهَا وَلَمْ يَنْهَ عَنْ أَكْلِهَا وَزَعَمَ أَنَّهَا تَحِيضُ ) أخرجه أبو داود وله شاهد عن عمر عند إسحاق بن راهوية في مسنده وحكى الرافعي عن أبي حنيفة أنه حرمها وغلطه النووي في النقل عن أبي حنيفة ) أهـ وأقول : أولاً أن هذه الأحاديث التي ذكرت فيها ضعف وحديث أنس بن مالك في الصحيحين ثانياً : أن القاعدة الاصطلاحية أنه إذا تعارض حديثان فإن أمكن الجمع بينهما جمع بينهما وإن لم يمكن فيجب الرجوع إلى الترجيح ولا شك أن حديث الصحيحين أرجح وهذه الأحاديث التي ذكرت فيها ضعف وربما إن بلغ بعضها إلى درجة المقبول ولكنه لا يصل إلى درجة ما رواه صاحبا الصحيح بل ما رواه أحدهما ثالثاً : أنه لو صح أن النبي ﷺ قال لا آكله ولا أحرمه فإن ذلك لا يدل على تحريمه أو كراهته علماً بأنه قد ثبت في رواية البخاري أن النبي ﷺ أكل منها وبالله التوفيق خامساً : يؤخذ منه جواز هدية الصيد لمن ملكه سواء كان حياً أو هدية لحمه بعد الذكاة وبالله التوفيق . -------- تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 5 ] [ المجلد الخامس ] http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam5.pdf الرابط المباشر لتحميل الكتاب : http://subulsalam.com/play.php?catsmktba=9384 |
بسم الله الرحمن الرحيم تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي -رحمه الله - الحديث الثالث : عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما قالت نحرنا فرساً على عهد رسول الله ﷺ فأكلناه . وفي رواية ونحن بالمدينة موضوع الحديث : حل أكل لحم الخيل المفردات نحرنا : النحر يكون لما لا يذبح من الأنعام كالإبل وما يقدر ابن آدم على ذبحه فهو يذبح ولعل الفرس مما لا يستطاع ذبحه فينحر ونحر ما يجوز ذبحه وذبح ما يجوز نحره كل ذلك جائز ويعتبر ذكاة إلا أنه مخالفة للسنة فرساً : الفرس يقال للأنثى والذكر كما يقال على عهد رسول الله ﷺ : أي في زمنه قولها فأكلناه : بينت علة النحر ليدل ذلك على جواز أكله وفي رواية ونحن بالمدينة يعني أنهم فعلوا ذلك بعد الهجرة المعنى الإجمالي تخبر أسماء بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنهما أنهم نحروا فرساً على عهد رسول الله ﷺ وأكلوه هم وأهل بيت رسول الله ﷺ وفي ذلك دلالة على جواز أكل لحوم الخيل ولا يتوهم أحد منع أكلها لاقترانها مع الحمير والبغال في الآية وهي قوله تعالى (وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لا تَعْلَمُونَ ) [ النحل : 8 ] فقه الحديث يؤخذ من الحديث جواز أكل لحوم الخيل قال ابن الملقن وفي ذلك ثلاثة مذاهب أحدها جوازها من غير كراهة وهو مذهب الشافعي وأحمد وجمهور العلماء سلفاً وخلفاً وبه قال جماعة من الصحابة والتابعين وجماهير الفقهاء والمحدثين منهم عبدالله بن الزبير وأنس بن مالك وفضالة بن عبيد وأسماء بنت أبي بكر ومن التابعين سويد بن غفلة وعلقمة والأسود وعطاء وشريح وسعيد بن جبير والحسن البصري وإبراهيم النخعي وحماد بن ابي سليمان وإسحاق وأبي يوسف ومحمد وداود وغيرهم المذهب الثاني : حله مع الكراهة وهو قول ابن عباس والحكم بن عتيبة وبعض اصحاب أبي حنيفة المذهب الثالث : أنه حرام وهو الصحيح عند أصحابه كما نقله عنه الشيخ تقي الدين قلت يعني بذلك ابن دقيق العيد يعني نقل تحريمه عن أبي حنيفة وعنه يأثم ولا يسمى حراماً وعليها اقتصر النووي في شرحه في حكايتها عنه وعند المالكية ثلاثة أقوال الكراهة والتحريم والإباحة قال الفاكهي والظاهر فيها وهو المشهور الكراهة والصحيح عند المحققين منهم التحريم وأقول : معنى ذلك عند المحققين من المالكية واقتصر النووي في شرحه والقرطبي في النقل عن مالك على الكراهة فقط ومن قال بكراهة أكله أو تحريمها استدل بحديث رواه صالح بن يحيى بن المقدام بن معدي كرب عن جده المقدام عن خالد بن الوليد أنه عليه الصلاة والسلام ( نهى عن أكل لحوم الخيل والبغال والحمير وكل ذي ناب من السباع ) أهـ وفي بعض رواياتهم أن ذلك يوم خيبر ) رواه أحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجه وأقول : قد قدح في هذا الحديث بأن صالح بن يحيى وأبوه غير معروفين وأن خالد بن الوليد لم يسلم إلا بعد فتح خيبر مع أن حديث أسماء في الصحيحين وحديث جابر بن عبدالله الآتي في الصحيحين أيضاً وفيه أن النبي ﷺ ( نهى عن لحوم الحمر الأهلية وأذن في لحوم الخيل ) ولمسلم وحده قال ( أكلنا زمن خيبر الخيل وحمر الوحش ونهى رسول الله ﷺ عن الحمار الأهلي ) فالاستدلال بهذين الحديثين الصحيحين على جواز أكل لحوم الخيل استدلال صحيح في محله ولا تعارض هذين الحديثين الصحيحين بحديث ضعيف علماً بأن في رواية أسماء أنهم أكلوا لحم ذلك الفرس هم وأهل بيت رسول الله ﷺ والله سبحانه وتعالى لا يقر صحابة رسوله ﷺ على شيئ محرم بل قال جل من قائل (وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْمًا بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ مَا يَتَّقُونَ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ) [ التوبة : 115 ] مع أن الدلالة واضحة من حديث أسماء أن النبي ﷺ علم ذلك وأقره وما أكل في بيته ﷺ فالمظنون أنه يأكل منه ومنع النبي ﷺ من أكل لحوم الحمر الأهلية ونهيه عنها وكفئه لقدور طبخها وهي تغلي وترميلها بالتراب وإقراره لأكل لحوم الخيل وحمر الوحش بالإذن فيها كل ذلك يدل دلالة واضحة على حل أكل لحوم الخيل وبالله التوفيق . -------- تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 5 ] [ المجلد الخامس ] http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam5.pdf الرابط المباشر لتحميل الكتاب : http://subulsalam.com/play.php?catsmktba=9384 |
بسم الله الرحمن الرحيم تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي -رحمه الله - الحديث الرابع : عن جابر بن عبدالله رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ نهى عن لحوم الحمر الأهلية وأذن في لحوم الخيل ولمسلم وحده قال : أكلنا زمن خيبر الخيل وحمر الوحش ونهى رسول الله ﷺ عن الحمار الأهلي . موضوع الحديث: إباحة أكل لحوم الخيل والحمر الوحشية وتحريم الحمار الأهلي المفردات لحوم الحمر الأهلية : المقصودبها الحمر الأنسية والأهلية والإنسية بمعنى أنها آنسة وليست بمتوحشة قوله وأذن في لحوم الخيل : أي في أكلها وهذا الحديث دليل على إباحة لحوم الخيل وكذلك حمر الوحش وحمر الوحش هي حمر متوحشة أباح النبي e أكلها وأكلها هو بنفسه وقبل الهدية بها واعتذر من المهدي بأنه كان محرماً وصيد البر لا يحل له المعنى الإجمالي يخبر راوي الحديث جابر بن عبدالله رضي الله عنه أن النبي ﷺ نهى عن لحوم الحمر الأهلية أي نهى عن أكلها وأنه أباح وأذن في لحوم الخيل والحمار الوحشي فقه الحديث أولاً : يؤخذ من هذا الحديث تحريم لحوم الحمر الأهلية وسيأتي من حديث عبدالله بن أبي أوفى رضي الله عنه أن النبي ﷺ أمر بكفأ القدور وهي تغلي بلحمها وتحريم لحوم الحمر الأهلية مجمع عليه إلا من شذ ثانياً : ورد حديث عَنْ غَالِبِ بْنِ أَبْجَرَ قَالَ أَصَابَتْنَا سَنَةٌ فَلَمْ يَكُنْ فِي مَالِي شَيْءٌ أُطْعِمُ أَهْلِي إِلا شَيْءٌ مِنْ حُمُرٍ وَقَدْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ حَرَّمَ لُحُومَ الْحُمُرِ الأَهْلِيَّةِ فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ ﷺ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَصَابَتْنَا السَّنَةُ وَلَمْ يَكُنْ فِي مَالِي مَا أُطْعِمُ أَهْلِي إِلا سِمَانُ الْحُمُرِ وَإِنَّكَ حَرَّمْتَ لُحُومَ الْحُمُرِ الأَهْلِيَّةِ فَقَالَ أَطْعِمْ أَهْلَكَ مِنْ سَمِينِ حُمُرِكَ فَإِنَّمَا حَرَّمْتُهَا مِنْ أَجْلِ جَوَّالِ الْقَرْيَةِ يَعْنِي الْجَلالَةَ ) وهذا الحديث ضعيف قد ضعفه أهل العلم إذ حكى ابن الملقن عن البيهقي أنه قال هذا الحديث مختلف في إسناده ومثله لا تعارض به الأحاديث الصحيحة بتحريم لحوم الحمر الأهلية وقال عبدالحق هذا الحديث ليس بمتصل الإسناد إلا من حديث عبدالله بن عامر بن لويم وهو غير معروف وعبدالرحمن بن بشر وهو مجهول وقال ابن الملقن المذكور في وصفه ضعيف باتفاق الحفاظ لما في إسناده من الاضطراب وشدة الاختلاف وأقول : مثل هذا الحديث لا تعارض به الأحاديث الصحيحة الواردة في الصحيحين وغيرهما وعلى تقدير صحة الحديث أي حديث ابن أبجر فإنه يحمل على أن تلك السنة المجدبة كان فيها حالة اضطرارية تبيح أكل لحوم الحمر الأهلية بسبب الضرورة كما تباح الميتة للمضطر أيضاً وهذا تنـزلاً على فرضية بلوغ حديث غالب بن أبجر إلى درجة الاحتجاج ولكن القول بضعفه واضطرابه وعدم صحته هو القول الراجح عند أهل الحديث . ثالثاً : ما هي العلة التي من أجلها حرمت لحوم الحمر الأهلية ؟ الجواب : ادعى بعض أهل العلم أن العلة في ذلك أنها للركوب والحمل فلو سلط عليها الأكل لنفدت فلذلك حرمت والقول الصحيح أنها أنما حرمت لنجاستها لأن النبي ﷺ أخبر أنها نجسة ففي صحيح ابن خزيمة أن النبي ﷺ قال لبعض الصحابة أبغني أحجاراً أستنفض بها فأتاه بحجرين وروثة حمار فرمى الروثة وقال إنها ركس . رابعاً : يؤخذ من الحديث جواز أكل لحوم الخيل كما أفاده حديث أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما وتقدم بأن الجمهور قالوا بجواز أكل لحوم الخيل وأن أبا حنيفة حرمها أو كرهها والقول بالإباحة هو صريح هذه الأحاديث الصحيحة المتفق عليها خامساً : يؤخذ من الحديث جواز أكل لحوم الحمر الوحشية وقد أكل النبي ﷺ منها في عام الحديبية حين لحقه أبو قتادة بشيء من لحم حمار الوحش الذي اصطاده وأكل لحم حمر الوحش متفق عليه لا خلاف في ذلك وبالله التوفيق . -------- تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 5 ] [ المجلد الخامس ] http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam5.pdf الرابط المباشر لتحميل الكتاب : http://subulsalam.com/play.php?catsmktba=9384 |
بسم الله الرحمن الرحيم تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي - رحمه الله - الحديث الخامس : عن عبدالله بن أبي أوفى رضي الله عنه قال أصابتنا مجاعة ليالي خيبر فلما كان يوم خيبر وقعنا في الحمر الأهلية فانتحرناها فلما غلت بها القدور نادى منادي رسول الله ﷺ أن اكفؤ القدور وربما قال ولا تأكلوا من لحوم الحمر شيئاً . موضوع الحديث : تحريم لحوم الحمر الأهلية المفردات أصابتنا مجاعة : أي جوع ليالي خيبر : أي وقت القتال فيها وانتظار فتحها فلما كان يوم خيبر : أي بعد أن فتحت وقعنا في الحمر الأهلية أي أصبنا منها فانتحرناها بمعنى أنهم ذكوها فلما غلت بها القدور : بمعنى أنها كادت أن تنضج نادى منادي رسول الله ﷺ أن أكفؤ القدور : الكفأ هو القلب وإراقة ما فيها وربما قال ولا تأكلوا من لحوم الحمر شيئاً . المعنى الإجمالي يخبر عبدالله بن أبي أوفى بأنهم حصلت لهم مجاعة في ليالي موقعةخيبر ولما فتحت انتحروا من حمرها وأخذوا من لحمها وطبخوه ولما طبخوه أمرهم النبي ﷺ بكفئ القدور وعدم الأكل من ذلك اللحم فقه الحديث تقدم الكلام عن لحوم الحمر الأهلية وأنها محرمة وتقدم بحث ذلك في الحديث الرابع والذي قبله بما أغنى عن إعادته هنا ومثل ذلك حديث أبي ثعلبة الخشني رضي الله عنه قال حرم رسول الله لحوم الحمر الأهلية وهذا من الأحاديث الصريحة الدالة على تحريم أكلها وفقه الحديث كما تقدم في الأحاديث قبله وأن التعليل بكونها مركوبة أو بكونها جلالة كل ذلك تعليل غير صحيح بل هو من تفقه بعض الصحابة والعلة قد نص عليها الحديث حين أمر أبا طلحة أن ينادي إن الله ورسوله ينهيانكم عن لحوم الحمر الأهلية فإنها رجس وبالله التوفيق . -------- تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 5 ] [ المجلد الخامس ] http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam5.pdf الرابط المباشر لتحميل الكتاب : http://subulsalam.com/play.php?catsmktba=9384 |
بسم الله الرحمن الرحيم تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي - رحمه الله - الحديث السادس : عن عبدالله بن عباس رضي الله عنه قال دخلت أنا وخالد بن الوليد مع رسول الله ﷺ بيت ميمونة فأتي بضب محنوذ فأهوى إليه رسول الله ﷺ بيده فقال بعض النسوة اللآتي في بيت ميمونة أخبروا رسول الله ﷺ بما يريد أن يأكل فرفع رسول الله ﷺ يده فلم يأكل فقلت أحرام هو يا رسول الله ؟ قال لا ولكنه لم يكن بأرض قومي فأجدني أعافه . قال خالد فاجتررته فأكلته والنبي ﷺ ينظر قال رضي الله عنه: المحنوذ المشوي بالرضف وهي الحجارة المحماة موضوع الحديث : حكم أكل الضب المفردات فأتي بضب : الضب دابة من دواب الأرض وهو حيوان بري قال ابن الملقن يشبه الجرذون لكنه كبير القد يعني أكبر جثة من الجرذون والضب هذا هو الذي ورد فيه الحديث عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ لَتَتَّبِعُنَّ سَنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ شِبْرًا بِشِبْرٍ وَذِرَاعًا بِذِرَاعٍ حَتَّى لَوْ دَخَلُوا فِي جُحْرِ ضَبٍّ لاتَّبَعْتُمُوهُمْ قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ آلْيَهُودَ وَالنَّصَارَى قَالَ فَمَنْ ) يقال أن حفرة الضب متعرجة يحفرها تارة كذا وتارة كذا فلذلك ضرب به المثل أما قوله محنوذ : فالمحنوذ هو المشوي سواء كان على رضف أو غير ذلك فكل مشوي يقال محنوذ فأهوى إليه رسول الله ﷺ : أي مد يده إليه ليأكل منه فقلت أحرام هو : استفهام طلبي قال لا ولكنه لم يكن بأرض قومي فأجدني أعافه . من عجائب الضب يقولون أنه إذا أراد من اصطاده أن يذبحه يضع يده على حلقه ولحمه ينقز من القدر ومن أجل ذلك يضعون عليه شيئاً ثقيلاً المعنى الإجمالي جاءت أم حفيد بنت الحارث وهي هزيلة بنت الحارث جاءت إلى أختها ميمونة زائرة لها ومعها شيء من الهدايا وكان من ضمن الهدايا ضب وقد حضر ذلك الغداء أبناء أخوات ميمونة فخالد بن الوليد هو ابن أختها ميمونة خالته وعبدالله بن عباس والفضل بن عباس هي خالتهما أيضاً ولما وضع الغداء ومد النبي ﷺ يده إلى اللحم ليأكل منه قالت نسوة ممن في البيت أخبروا رسول الله ﷺ بما يريد أن يأكل فقيل له إنه لحم ضب فحبس يده فقال له خالد أحرام هو يا رسول الله قال لا ولكنه لم يكن بأرض قومي فأجدني أعافه . قال خالد فاجتررته فأكلته والنبي ﷺ ينظر فقه الحديث أولاً : يؤخذ من هذا الحديث حل أكل الضب وأنه ليس بحرام بل هو حلال وما تركه النبي ﷺ إلا تقذراً ثانياً : يؤخذ من هذا الحديث أن ما تركه الشارع ﷺ تقذراً فهو ليس بحرام ثالثاً : قد ورد في ذلك حديث عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ شِبْلٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ نَهَى عَنْ أَكْلِ لَحْمِ الضَّبِّ وهو حديث ضعيف ولا يصح أن يكون معارضاً لهذا الحديث الصحيح وضعفه ابن الجوزي في علله وقال البيهقي تفرد به إسماعيل بن عياش وليس بحجة عن الشاميين وتعقبه ابن الملقن بأن إسماعيل بن عياش حديثه عن الشاميين حجة وقد حدث في هذا عن ضمضم وضمضم حمصي وتعقب ابن حزم في ادعائه أن رجال سنده ضعفاء والمهم أن النبي ﷺ كرهه هو نفسه تقذراً وأخبر بحله في هذا الحديث الصحيح المتفق عليه المشهور شهرة عظيمة . إذاً فهذا الحديث شاذ الذي ادعى فيه أن النبي ﷺ نهى عن الضب إلا أن يكون قال قبل أن يعلم حكمه وقبل أن يوحى إليه فيه ثم استقر حكم الضب على الجواز من غير كراهة فكون النبي ﷺ ظن أنه من الممسوخات وخاف أن يكون مما توالد منها وبعد أن أعلمه الله عز وجل أن كل أمة مسخت لم يبق لها عقب ومن هنا فقد كان بذلك الأمن مما كان يحذر رابعاً : ورد حديث في المعجم الصغير للطبراني عن جابر بن سمرة رضي الله عنه سئل رسول الله ﷺ عن الضب ( فقال أمة مسخت ) وهذا مما يستأنس به أن النهي الذي حصل قبل ذلك عن أكل لحم الضب حيث كان النبي ﷺ يعتقد أنه من بقايا المسخ فلما أعلمه الله عز وجل بأن الأمم الممسوخة لم يبق لها عقب وأن كل أمة مسخت لا تبقى أكثر من ثلاثة أيام بعد المسخ زال ما كان يحذر كما سبق خامساً : جواز دخول أقارب الزوجة بيتها وتبسطهم فيه إذا علموا أن الزوج لا يكره ذلك سادساً : الأكل في بيت الصديق والقريب الذي لا يكره ذلك والله سبحانه وتعالى يقول في آية سورة النور ( أَوْ صَدِيقِكُمْ ) [ النور : 61 ] -------- تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 5 ] [ المجلد الخامس ] http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam5.pdf الرابط المباشر لتحميل الكتاب : http://subulsalam.com/play.php?catsmktba=9384 |
بسم الله الرحمن الرحيم تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي - رحمه الله - الحديث الثامن : عن عبدالله بن أبي أوفى رضي الله عنه قال غزونا مع رسول الله ﷺ سبع غزوات نأكل الجراد . موضوع الحديث : جواز أكل الجراد المفردات الجراد طائر من الطيور وقد يسلطه الله عز وجل أحياناً فيأكل غلال الناس لأنه إذا تسلط يأكل الثمر ويأكل ورق الشجر حتى يظل الزرع ليس فيه ورقة إلا الأعمدة وصغاره يقال لها الدّبا المعنى الإجمالي هو أن الله سبحانه وتعالى رزق أصحاب رسول الله ﷺ بسبع غزوات يمدهم بالجراد لعدم وجود القوت عندهم كما أمدهم بالعنبر الذي خرج من البحر فأكلوا منه أكثر من عشرين يوماً ولم يتعفن حتى سمنوا على لحمه فقه الحديث أولاً : يؤخذ من هذا الحديث جواز أكل الجراد وهو إجماع ثانياً : أنه لا تشترط له الذكاة سواء مات باصطياد مسلم أو كافر أو مات حتف أنفه والدليل على ذلك ما جاء في الحديث عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ أُحِلَّتْ لَكُمْ مَيْتَتَانِ وَدَمَانِ فَأَمَّا الْمَيْتَتَانِ فَالْحُوتُ وَالْجَرَادُ وَأَمَّا الدَّمَانِ فَالْكَبِدُ وَالطِّحَالُ) وهذا الحديث على ضعف سنده إلا أن معناه مجمع عليه وبالله التوفيق . -------- تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 5 ] [ المجلد الخامس ] http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam5.pdf الرابط المباشر لتحميل الكتاب : http://subulsalam.com/play.php?catsmktba=9384 |
بسم الله الرحمن الرحيم تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي - رحمه الله - الحديث التاسع : من باب الأطعمة عن زهدم بن مضرب الجرمي قال كنا عند أبي موسى الأشعري فدعا بمائدة وعليها لحم دجاج فدخل رجل من بني تيم الله أحمر شبيه بالموالي فقال هلم فتلكأ فقال له هلم فإني رأيت رسول الله ﷺ يأكل منه موضوع الحديث : حل لحم الدجاج المفردات قال كنا عند أبي موسى الأشعري : أبو موسى هو عبدالله بن قيس الأشعري تقدمت ترجمته فدعا بمائدة : المائدة هي السفرة التي يؤكل عليها الطعام وعليها لحم دجاج : لحم الدجاج معروف وهو من الحيوانات الإنسية يربى في البيوت إلا أنه من طبيعته أنه يأكل العذرة فلذلك كرهه بعض الناس . وقد ورد في الشرع النهي عن أكل لحم الجلالة أي التي تأكل الجلة وهي العذرة وقد ورد عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما أنه إذا أراد أكل الجلالة حبسها ثلاثاً ) فدخل رجل من بني تيم الله : اسم عائلة أحمر شبيه بالموالي فقال هلم : أي قال أبو موسى للرجل المذكور هلم أي تعال فكل معنا فتلكأ : التلكؤ هو التردد في الكلام والفعل فقال له هلم فإني رأيت رسول الله ﷺ يأكل منه أي يأكل من الدجاج المعنى الإجمالي أبو موسى الأشعري أرسله عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى الكوفة وبقي بها أميراً ومعلماً ومعه عبدالله بن مسعود يروي زهدم بن مضرب الجرمي أنه كان هو وقوم معه عند أبي موسى فدعا بمائدة فجيء بها إليهم وعليها لحم دجاج فدخل رجل من بني تيم الله أحمر اللون شبيه بالموالي يعني الأعاجم فقال له هلم يعني إلى الغداء فتلكأ وأبى أن يأتي ثم قال إني رأيته يأكل شيئاً فقذرته فحلفت ألا آكله فقال له أبو موسى إني رأيت رسول الله يأكل منه ثم حدثه بقصته هو وأصحابه حين أتوا إلى رسول الله ﷺ يريدون أن يحملهم وأن النبي ﷺ حلف ألا يحملهم ثم بعد ذلك دعاهم وحملهم وقال ( إني والله لا أحلف على يمين فأرى غيرها خيراً منها إلا كفرت عن يمني وأتيت الذي هو خير ) فقه الحديث أولاً : يؤخذ من هذا الحديث جواز أكل لحم الدجاج علماً بأن الدجاج في كل مكان يأكل العذرة ثانياً : إذا كان قد ثبت عن النبي ﷺ أنه نهى عن أكل لحم الجلالة فكيف نجمع بين هذا وبين أكل لحم الدجاج مع العلم أنه أي الدجاج يأكل العذرة ؟ والجواب:أنه قد ورد عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما أنه كان إذا أراد أكل لحم الدجاج حبسه يوماً أو يومين حتى يذهب ما في بطنه ثم يأكله . وعلى هذا فإن جواز أكل لحم الدجاج مع أنه يأكل الجلة هذا من التيسير بشرطه وقد وصف الله سبحانه وتعالى نبيه ﷺ أنه يحل لأمته الطيبات ويحرم عليهم الخبائث وعلى هذا فإن الدجاج من الطيبات التي أحلها الله فإن كان الدجاج محبوساً ومعلوفاً كفينا أمره وإن كان متروكاً يذهب ويجيء ففي هذه الحالة إذا أراد صاحبه أن يذبح منه حبس التي يريد أن يذبحها. -------- تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 5 ] [ المجلد الخامس ] http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam5.pdf الرابط المباشر لتحميل الكتاب : http://subulsalam.com/play.php?catsmktba=9384 |
بسم الله الرحمن الرحيم تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي - رحمه الله - الحديث العاشر : عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي ﷺ قال إذا أكل أحدكم طعاماً فلا يمسح يده حتى يلعقها أو يلعقها موضوع الحديث : لعق الأصابع بعد الأكل المفردات يلعقها : أي يلحسهابلسانه ويُلعقها : يعطي غيره ممن لا يتقذر منه فيأمره بلعقها المعنى الإجمالي أمر النبي ﷺ من أكل طعاماً ألا يمسح يده أو يغسلها حتى يلعقها أو يلعقها لأنه لا يدري في أي طعامه البركة ومن أجل ذلك أمر النبي ﷺ بلعق الأصابع فلعل البركة فيما علق بها من الطعام فقه الحديث أولاً : يؤخذ من حديث ابن عباس رضي الله عنهما استحباب لعق الأصابع بعد الأكل وقبل الغسل ثانياً : العلة في ذلك أن العبد لا يدري في أي طعامه البركة ثالثاً : أن اللعق ليس بمستقذر ولا مستقبح وإن زعم ذلك الذين فسدت عقولهم وتغيرت طباعهم فالنبي ﷺ لا يأمر بمستقبح ولا مستنكر وإنما يأمر بالحق رابعاً : يؤخذ من قوله أو يُلعقها أي يعطي غيره من أهل بيته منزوجة أو خادم أو ولد أو بنت أو ما أشبه ذلك خامساً : أطلق اليد على الأصابع واللعق يكون للأصابع وراحة الكف التي تباشر الطعام وقد استنبط ابن الملقن رحمه الله من الأمر باللعق للأصابع أنه يجوز الأكل بها جميعاً سادساً : جواز مسح اليد بعد الأكل وحيث أن المسح لا يزيل بقايا الطعام جميعاً فقد استحب الغسل بعده وبالله التوفيق . -------- تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 5 ] [ المجلد الخامس ] http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam5.pdf الرابط المباشر لتحميل الكتاب : http://subulsalam.com/play.php?catsmktba=9384 |
بسم الله الرحمن الرحيم تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي - رحمه الله - باب الصيد الصيد مصدر صاد يصيد صيداً والمقصود به الحيوانات المتوحشة التي لا يمكن للإنسان التمتع بلحمها إلا بقتلها إما برمي حجارة فيدركه فيذكيه أو برمي المعراض كما في حديث عدي بن حاتم وهي تنقسم إلى قسمين :- ما كان من نوع الطيور ما يعتبر منها من الطيبات لطيب لحمه دون ما يصيد بمخلبه كالصقر من الطيور أو نابه من السباع وقد حرم الشارع أكل هذه الأنواع فقد ورد عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَنْ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنْ السِّبَاعِ وَعَنْ كُلِّ ذِي مِخْلَبٍ مِنْ الطَّيْرِ) كذلك ما كان يأكل القاذورات أو كريه الرائحة كالذي يسمى عندنا بالعكاش وقول الله تعالى ( الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ ) [ المائدة : 5 ] فكل طيب من الطير والصيد فهو حلال إلا ما وصفنا سابقاً ويستثنى مما يأكل القاذورات كالجيف وما أشبه ذلك يستثنى من ذلك الضبع ويحرم ما عداه كالنسر والرخم والغراب والحدأة وما أشبهها من الطيور وما كان مفترساً من الطيور وهو الصقر وما في معناه من الطيور المفترسة وكذلك من الحيوانات المتوحشة أو المفترسة كالسبع والفهد والنمر والذئب وما أشبه ذلك الحديث الأول : عن أبي ثعلبة الخشني رضي الله عنه قال أتيت رسول الله ﷺ فقلت يا رسول الله إنا بأرض قوم أهل كتاب أفنأكل في آنيتهم ؟ وفي أرض صيد أصيد بقوسي وبكلبي الذي ليس بمعلم وبكلبي المعلم فما يصلح لي قال أما ما ذكرت يعني من آنية أهل الكتاب فإن وجدتم غيرها فلا تأكلوا فيها وإن لم تجدوا فاغسلوها وكلوا فيها وما صدت بقوسك فذكرت اسم الله عليه فكل وما صدت بكلبك المعلم فذكرت اسم الله عليه فكل وما صدت بكلبك غير المعلم فأدركت ذكاته فكل . موضوع الحديث : فيه مسائل متشعبة فمنها الأكل في آنية أهل الكتاب ومنها الصيد بالقوس والكلب المعلم وغير المعلم المفردات إنا بأرض قوم أهل كتاب : المراد بهم اليهود والنصارى أفنأكل من آنيتهم : استفهام طلبي يراد منه بيان الحكم وفي أرض صيد : المراد به الحيوانات المتوحشة قوله بكلبك المعلم : المعلم هو ما عُلم آداب الاصطياد قوله أما ما ذكرت : أما هنا تفصيلية قوله فإن وجدتم غيرها فلا تأكلوا فيها : إنّ هنا شرطية ويترتب على هذا الشرط أنه لا يجوز الأكل فيها إلا إذا لم توجد آنية غيرها قوله وإن لم تجدوا غيرها فاغسلوها وكلوا فيها وما صدت بقوسك وذكرت اسم الله عليه فكل : المقصود بالصيد بالقوس أن يخرق ويسيل الدم وما صدت بكلبك غير المعلم وأدركت ذكاته فكل المعنى الإجمالي سأل أبو ثعلبة رضي الله عنه النبي ﷺ عن مسائل تتعلق بآنية الكفار وبالصيد كما سيأتي فأجابه النبي ﷺ كما في الحديث فقه الحديث الأول : سؤال العبد عما يشكل عليه في دينه الثاني : جمع المسائل والسؤال عنها دفعة واحدة ثالثاً : سأل أبو ثعلبة النبي ﷺ عن الأكل في آنية أهل الكتاب فأجابه النبي ﷺ بقوله فإن وجدتم غيرها فلا تأكلوا فيها فيؤخذ منه تحريم الأكل في آنية أهل الكتاب إن وجدنا غيرها رابعاً : أنا إذا لم نجد غيرها فإنه يجب علينا أن نغسلها ونأكل فيها خامساً :هذا الحكم يتعلق بآنية أهل الكتاب التي يطبخون فيها الخنزير والميتة ويشربون فيها الخمر سادساً : قد دلت أدلة على أن أواني الماء وما أشبهها مما يكون مخصصاً للحلال فإنه يجوز الأكل والشرب فيه بدليل استسقاء النبي ﷺ وأصحابه من مزادتي المشركة وبدليل توضأ عمر من جرة نصرانية سابعاً : قول النبي ﷺ وما صدت بقوسك فذكرت اسم الله عليه فكل المراد بالقوس الذي يكون به النبل والنبل غالباً يخرق الصيد ويقتله فما أسال الدم في أي عضو منه فإنه يعتبر ذكاة له إذا ذكر اسم الله عليه ثامناً : القول الصحيح في الصيد أنه لا يحل إذا نسي الصائد أن يذكر اسم الله على القوس إذا أرسلها أو على الكلب إذا أرسله تاسعاً : يؤخذ من قوله وما صدت بكلبك المعلم وذكرت اسم الله عليه فكل يؤخذ منه أنه لايحل إلا ما صاده الكلب المعلم بشرط أن يكون قد ذكر اسم الله عليه فإن نسي أن يذكر اسم الله عليه حين أرسله لم تحل أخيذته لأن التسمية شرط في الصيد دون الذكاة على القول الأصح عاشراً : ما هي شروط الكلب المعلم الذي يعتبر معلماً تحل أخيذته أي يحل ما صاده ؟ الجواب : أولاً : المعلم هو الذي إذا أرسله استرسل وإذا زجره انزجر ثانياً : ألا يأكل مما صاده لأنه إذا أكل منه فإنما يكون قد أمسك على نفسه لا على صاحبه ثالثاً : أن يكون قد جرح الصيد إما بمخلبه أو بنابه فأسال منه الدم الحادي عشر: أنه لا يحل مما صاده الكلب المعلم إلا بالشروط الثلاثة المتقدمة فإن لم يكن جرحه فإنه في هذه الحالة إما أن يدرك الصائد ذكاته فيذكيه فيحل أولا يدرك ذكاته فلا يحل الثاني عشر :اختلف أهل العلم فيما إذا أكل الكلب من فريسته وهو معلم هل يحل الصيد ؟ اختلفت في هذا المسألة الأحاديث فلذلك اختلف أهل العلم فيها فمنهم من أجاز ما صاده ولو أكل منه إذا كان معلماً ومنهم من منع وهذه المسألة تحتاج إلى تحرير الثالث عشر :أنه إذا كان الكلب غير معلم فإنه لا يحل صيده إلا أن يدركه صاحبه حياً فيذكيه لقوله ﷺ وما صدت بكلبك غير المعلم وأدركت ذكاته فكل ) فيؤخذ منه أن ما لم تدرك ذكاته لا يؤكل . الرابع عشر: لم يذكر في هذا الحديث المعراض وقد ذكر في حديثعَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ قَالَ سَأَلْتُ النَّبِيَّ ﷺ قُلْتُ أُرْسِلُ كِلابِي الْمُعَلَّمَةَ قَالَ إِذَا أَرْسَلْتَ كِلابَكَ الْمُعَلَّمَةَ وَذَكَرْتَ اسْمَ اللَّهِ فَأَمْسَكْنَ فَكُلْ وَإِذَا رَمَيْتَ بِالْمِعْرَاضِ فَخَزَقَ فَكُلْ ) الخامس عشر :أن ما صاده الصائد بالمعراض أو غيره فقتله بثقله ولم ينهر منه الدم فإنه حينئذ لا يحل أكله . السادس عشر : يؤخذ مما تقدم أن الصيد لا يحل إلا بشروط كما سبق بيانه فإن كان قد صيد بكلب معلم أو بسهم وذكر اسم الله عليه وأنهر الدم فهو حلال وإن كان قد صيد بكلب غير معلم أو قتل بشيء ثقيل أو نسي الصائد أن يسمي عليه ولم ينهر دماً فإنه في هذه الحالة لا يحل السابع عشر :فرق بين تذكية الحيوانات الأهلية كالأنعام وبين الصيد أن التسمية في الصيد شرط وفي الذكاة واجبة وليست بشرط لحديث عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ رضي الله عنها أَنَّ قَوْمًا قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ قَوْمًا يَأْتُونَا بِلَحْمٍ لا نَدْرِي ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ أَمْ لا قَالَ سَمُّوا أَنْتُمْ وَكُلُوا وَكَانُوا حَدِيثَ عَهْدٍ بِالْكُفْرِ وبالله التوفيق . -------- تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 5 ] [ المجلد الخامس ] http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam5.pdf الرابط المباشر لتحميل الكتاب : http://subulsalam.com/play.php?catsmktba=9384 |
بسم الله الرحمن الرحيم تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي -رحمه الله - الحديث الثاني : عن همام بن الحارث عن عدي بن حاتم رضي الله عنه قال قلت يا رسول الله إني أرسل الكلاب المعلمة فيمسكن عليّ وأذكر اسم الله فقال إذا أرسلت كلبك المعلم وذكرت اسم الله فكل ما أمسك عليك قلت وإن قتلن قال وإن قتلن ما لم يشركها كلب ليس منها قلت فإني أرمي بالمعراض الصيد فأصيب قال إذا رميت بالمعراض فخرق فكله وإن أصابه بعرضه فلا تأكله وحديث الشعبي عن عدي نحوه وفيه إلا أن يأكل الكلب فإن أكل فلا تأكل فإني أخاف أن يكون إنما أمسك على نفسه وإن خالطها كلاب من غيرها فلا تأكل فإنما سميت على كلبك ولم تسم على غيره . وفيه إذا أرسلت كلبك المكلب فاذكر اسم الله عليه فإن أمسك عليك فأدركته حياً فاذبحه وإن أدركته قد قتل ولم يأكل منه فكله فإن أخذ الكلب ذكاته وفيه أيضاً إذا رميت بسهمك فاذكر اسم الله عليه وفيه وإن غاب عنك يوماً أو يومين وفي رواية اليومين والثلاثة فلم تجد فيه إلا أثر سهمك فكل إن شئت فإن وجدته غريقاً في الماء فلا تأكل فإنك لا تدري الماء قتله أو سهمك . موضوع الحديث : ما يحل من أخذ الصيد بالكلب المكلب وما يحرم وما يحل مما يرمى بالمعراض والسهم وما يحرم المفردات الكلاب المعلمة : هي التي علمت لاصطياد الصيد ويفرق الكلب المعلم بأنه يسترسل إذا أرسل وقيل هو الذي يستشلي إذا أشلي وينـزجر إذا زجر ولا يأكل من فريسته فيمسكن عليّ : أي يمسكن على الصيد واذكر اسم الله : ليس معنى واذكر اسم الله مرتباً على الإمساك ولكنه يذكر اسم الله عليه إذا أرسل فقال إذا أرسلت كلبك المعلم وذكرت اسم الله فكل ما أمسك عليك : أي ويعرف ذلك بالعلامات السابقة قلت وإن قتلن قال وإن قتلن ما لم يشركها كلب ليس منها قوله أرمي بالمعراض : المراد بالمعراض الظاهر أنه عود فيه زجكالحربة قال إذا رميت بالمعراض فخزق : معنى خزق هو بمعنى حديث أبي ثعلبة الخشني فخرق بمعنى أنه دخل في جسم الصيد وأسال منه الدم فكله وإن أصابه بعرضه فلا تأكله : بمعنى أنه وقيذ والموقوذة حرام كما في أول سورة المائدة قوله كلبك المكلب : أي المعلم فاذكر اسم الله عليه فإن أمسك عليك فأدركته حياً فاذبحه وإن أدركته قد قتل ولم يأكل منه فكله فإن أخذ الكلب ذكاة له وكذلك قال في السهم إذا رميت بسهمك فاذكر اسم الله عليه وفيه وإن غاب عنك يوماً أو يومين وفي رواية اليومين والثلاثة فلم تجد فيه إلا أثر سهمك فكل إن شئت فإن وجدته غريقاً في الماء فلا تأكل فإنك : الفاء هنا تعليلية لا تدري الماء قتله أو سهمك . المعنى الإجمالي سأل عدي بن حاتم رسول الله ﷺ عن الاصطياد بالكلاب المعلمة فقال له كل مما أمسكن عليك إذا ذكرت اسم الله عليها عند الإرسال ما لم تجد معها كلب آخر فإن وجدت معها كلب آخر فلا تأكل فإنك إنما سميت على كلبك ولم تسم على كلب غيرك وكذلك إذا رميت بالمعراض وخزق أي دخل في الصيد وأسال منه الدم فكله وإن أصابه بعرضه فلا تأكل فإنه إذا أرسل كلبه ولحق الصيد قبل أن تقتله الكلاب فإنه يجب عليه أن يذكيه حينئذ إذا كان حياً ولو شاركه كلب آخر ، وسأله عن الرمي بالسهم إذا ذكر اسم الله عليه فأمره أن يأكل مما أصابفإن غاب عنه يوم أو يومان ولم يجد فيه إلا أثر سهمه فإنه يجوز له الأكل منه فإن وجده غريقاً في الماء فلا يأكل فإنه لا يدري الماء قتله أم سهمه فقه الحديث أولاً : يؤخذ منه اشتراط التسمية على الصيد كما تقدم في حديث أبي ثعلبة والتسمية على الصيد شرط في حله أما في الذكاة لبهيمة الأنعام فهي فيها واحبة وليست بشرط فلو نسيها في الذكاة أو الذبيحة فالذبيحة حلال . ثانياً كل ما يكون سبباً في اصطياد الصيد فلا بد من التسمية عليه فإن كان كلب سمي عليه حين يرسله وإن كان سهماً سمى عليه حين يرمي به ثالثاً : يؤخذ منه أن ما صيد بالكلاب المعلمة فإنه يؤكل لقوله سبحانه وتعالى (مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ ) [ المائدة : 4 ] وهنا قال فإن أرسلت كلبك المعلم وذكرت اسم الله فكل ما أمسك عليك رابعاً : أنه إذا وجد الصيد حياً وجب عليه أن يذكيه خامساً : فإن قصر في التذكية حتى مات الصيد فإنه يحرم أكله سادساً : إذا شارك الكلب المعلم كلب آخر فوجد الصيد مقتولاً لم يجز لصاحب الكلب المعلم أن يأكل من الصيد لأنه إنما سمى على كلبه ولم يسم على كلب غيره سابعاً : أنه إن أكل منه أي إن أكل الكلب من الفريسة لم يجز الأكل مما صاد لأنه ربما أنه أمسك على نفسه ولم يمسك على صاحبه ثامناً : اختلفت الرواية في الكلب إذا أكل من الصيد ففي بعضها نهى عن الأكل مما أمسك إذا أكل منه وفي بعضها جواز الأكل مما أكل خشية أن يكون إنما صاد لنفسه ولم يصد لصاحبه ومن أجل ذلك فقد اختلف أهل العلم في ذلك فبعضهم أجاز وبعضهم منع وقد ذكر ابن الملقن الذين قالوا بالمنع نقلاً عن النووي في شرحه لمسلم قال ومنهم ابن عباس وأبو هريرة وعطاء وسعيد بن جبير والحسن البصري والشعبي والنخعي وعكرمة وقتادة وأبو حنيفة وأصحابه وأحمد وإسحاق وأبو ثور وابن المنذر وداود وبه قال الشافعي في أصح قوليه محتجين بحديث عدي هذا وبقوله تعالى (فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ ) وهذا لم يمسك علينا وإنما أمسك على نفسه قال وقال سعد بن أبي وقاص وسلمان الفارسي وابن عمر ومالك يحل وهو قول ضعيف للشافعي وفي سنن ابي داود من حديثأَبِي ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِيِّ رضي الله عنه قال قال رسول الله ﷺ ( إِذَا أَرْسَلْتَ كَلْبَكَ وَذَكَرْتَ اسْمَ اللَّهِ فَكُلْ وَإِنْ أَكَلَ مِنْهُ ) لم يضعفه أبو داود وأما ابن حزم فضعفه ونقل المحقق عن ابن حجر في الفتح أنه قال أخرجه أبو داود ولا بأس بسنده وحملوا حديث عدي على كراهة التنـزيه قال وربما علل بأن عدياً كان من المياسر فخير له الحمل على الأولى بخلاف أبي ثعلبة قلت : أحكام الله عز وجل لا تختلف باختلاف الأشخاص وحالتهم المادية تاسعاً : ذكر ابن الملقن عن إمام الحرمين أنه قال وددت لو فصل مفصل بين أن يكف زماناً ثم يأكل وبين أن يأكل بنفس الأخذ لكن لم يتعرضوا له وأقول : في هذا تنبيه على أمر مهم وهو أن يكون الكلب جائعاً فيمسك عن الأكل زمناً فإذا لم يأت أحد للصيد أكل منه بسبب جوعه وفي هذا نظر إذا كان الأكل بسبب تأخر صاحبه عنه عاشراً : أن حكم الجوارح من الطير كحكم الكلاب إذا أكلت مما صادته فالأصح جمع القولين بالكلب والطير سواء الحادي عشر : قوله وأصيد بالمعراض أو قال وأرمي بالمعراض فقال له النبي ﷺ إذا رميت بالمعراض فخزق فكل وإن أصاب بعرضه فلا تأكل يعني أنه إذا خرق وأسال الدم حل الصيد أما إذا قتله بثقله فهو موقوذ فلا يحل وقد قال الله عز وجل (وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ) يعني أن هذه كلها محرمات . الثاني عشر : إذا كان الصائد يصطاد بسهم فيرمي فإنه إذا ذكر اسم الله عليه حل ما رماه به لقوله وإذا رميت بسهمك فاذكر اسم الله عليه الثالث عشر:إنه إذا غاب عنه يوم أو يومين ولم يجد فيه إلا أثر سهمه فإنه يجوز له أكله قلت : يجوز له أكله ما لم يتعفن فإن تعفن فإنه يكون قد تسمم فلا يجوز أكله ومعلوم أن طبيعة الإنسان تأباه الرابع عشر:أنه إذا رمى الصيد بالسهم وغاب عنه ثم وجده غريقاً في ماء فلا يجوز له أكله لأنه لا يدري أقتله سهمه أو قتله الماء الخامس عشر : يجب أن يعلم أن التذكية تكون بسيلان الدم من المذكاة سواء كانت بالسهم إذا كان في الصيد أو بإمساك الكلب وجرحه له أو بجرح الطير من الجوارح وما لم يجرح وييخرج دمه فإنه لا يجوز أكله -------- تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 5 ] [ المجلد الخامس ] http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam5.pdf الرابط المباشر لتحميل الكتاب : http://subulsalam.com/play.php?catsmktba=9384 |
بسم الله الرحمن الرحيم تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي - رحمه الله - الحديث الثالث : عن سالم بن عبدالله بن عمر عن أبيه رضي الله عنهم قال سمعت رسول الله ﷺ يقول ( من اقتنى كلباً إلا كلب صيد أو ماشية فإنه ينقص من أجره كل يوم قيراطان قال سالم وكان أبو هريرة يقول أو كلب حرث وكان صاحب حرث موضوع الحديث : حكم اقتناء الكلب المفردات من اقتنى كلباً : الاقتناء هو الاتخاذ والاكتساب إلا كلب صيد : المقصود به الكلب المعلم الذي يصطاد به أو ماشية بأن يكون صاحبه صاحب غنم ويريد باقتنائه أن يحمي غنمه وورد في رواية أبي هريرة أو كلب حرث والمراد بكلب الحرث : هو الذي يقصد به حماية الحرث أي الزرع المعنى الإجمالي يخبر النبي ﷺ أن من اقتنى كلباً لا لشيء من المقاصد الشرعية الصحيحة بأن يكون اقتناه ليصيد به الصيد أو اقتناه ليحمي له الماشية أو اقتناه ليحمي له الزرع فمن اقتناه لشيء من هذه الثلاثة نجا من الإثم ونقصان العمل ومن اقتناه لغير هذه المقاصد فإنه ينقص من أجره كل يوم قيراط القيراط مقدار من ثواب العمل يعلمه الله عز وجل وقد ورد ذكر القيراط في اتباع الجنازة وقد ورد أنه إن تبعها إلى أن تدفن رجع بقيراطين من الأجر وإن تبعها حتى يصلى عليها رجع بقيراط من الأجر وقال في بعض الروايات أن القيراط مثل جبل أحد والمهم أنه مقدار يعلمه الله عز وجل ولا نعلمه وبالله التوفيق فقه الحديث أولاً : يؤخذ من الحديث كراهة اقتناء الكلب لغير هذه المقاصد ثانياً : سبق أن قلنا أن القيراط مقدار من الثواب يعلمه الله عز وجل ثالثاً : قيل أن القيراطين أحدهما من الفرض والآخر من النفل وقيل أن أحدهما من عمل الليل والآخر من عمل النهار رابعاً : أن اقتناء الكلاب لغير المقاصد المذكورة في الحديث يعرض المقتني في التساهل بالنجاسة وكثيراً ما يلامس الكلاب أصحابها والعياذ بالله خامساً : هل العلة في النقص ما يحصل منها من ترويع المارين الذين ليس لهم مقاصد سيئة أو غير ذلك نترك الأمر في ذلك إلى الله عز وجل سادساً : يؤخذ من الحديث أن اقتناء الكلب ممنوع وقد رخص فيه لمن قصد الاصطياد به أو حماية الماشية أو الزرع سابعاً : يقاس على الثلاثة الخصال المذكورة في الحديث جواز الاقتناء لأهل البادية الذين يسكنون في البوادي ويتخذون الكلاب لحماية بيوتهم قال ابن الملقن هل يقاس على الصيد والزرع والماشية غرض حراسة الدروب ونحوها فيه وجهان لأصحابنا أحدهما: يقتصر بالرخصة على ما ورد قلت : وقد قال أهل الأصول الرخص لا يقاس عليها والثاني : أن هذه الرخصة وهي الحاجة إلى الحماية يتعدى بها ولهذا قال العلماء الرخصة إذا عرفت عمت وإذا وقعت عمت فعمومها يكون في حكمها ومعناها ومحل الخلاف في حفظ الدروب في غير أهل البوادي وسكان الخيام في الفلوات فأما هؤلاء فيجوز لهم اقتنائه حول بيوتهم قطعاً لتحرسهم من الطراق والوحش وعزى هذا إلى العجلي وقال وحكاه الروياني في بحره وبالله التوفيق . -------- تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 5 ] [ المجلد الخامس ] http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam5.pdf الرابط المباشر لتحميل الكتاب : http://subulsalam.com/play.php?catsmktba=9384 |
بسم الله الرحمن الرحيم تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي - رحمه الله - الحديث الرابع : عن رافع بن خديج الأنصاري رضي الله عنه لعلها تقدمت ترجمته قال كنا مع النبي ﷺ بذي الحليفة من تهامة فأصاب الناس جوع فأصابوا إبلاً وغنماً وكان النبي ﷺ في أخريات القوم فعجلوا وذبحوا ونصبوا القدور فأمر النبي ﷺ بالقدور فأكفئت ثم قسم فعدل عشرة من الغنم ببعير فند منها بعير فطلبوه فأعياهم وكان في القوم خيل يسيرة فأهوى رجل منهم بسهم فحبسه الله تعالى فقال ( إن لهذه البهائم أوابد كأوابد الوحش فما غلبكم منها فاصنعوا به هكذا قال قلت يا رسول الله إنا لاقوا العدو غداً وليس معنا مدى أفنذبح بالقصب ؟ قال ما أنهر الدم وذكر اسم الله عليه فكلوا ليس السن والظفر وسأحدثكم عن ذلك أما السن فعظم وأما الظفر فمدى الحبشة . موضوع الحديث : الذكاة المفردات قوله بذي الحليفة : ذكر الشارح ابن الملقن على أن هذا مكان من تهامة بين جادة وذات عرق وليست المُهل الذي بقرب من المدينة نص على ذلك أهل العلم منهم الحازمي في المؤتلف والمختلف من أسماء الأماكن فأصاب الناس جوع : الناس مفعول لأصاب وجوع فاعل وأصابوا إبلاً وغنماً : الإبل اسم جنس ولا واحد له من لفظه وغنماً اسم جنس أيضاً في أخريات القوم : أي في مؤخرهم وقد ورد أن أمير السرية أو أمير الغزو يكون في أول الجيش إذا غزى وفي مؤخرهم إذا قفل وهذا يدل على ما ذكر قوله فعجلوا وذبحوا ونصبوا القدور : أي أنهم ذبحوا من تلك المواشي ولم ينتظروا القسمة فأمر النبي ﷺ بالقدور فأكفئت : أي أكفأ اللحم والمرق ثم قسم فعدل عشرة من الغنم ببعير : معنى عدل أي جعل البعير عدل عشر شياة قوله فندّ منها بعير : أي فرّ وهرب وامتنع أن يُمسك فطلبوه فأعياهم : أي أنهم طلبوا البعير ليأخذوه فأعياهم بنفوره قوله وكان في القوم خيل يسيرة : تعليل لعدم قدرتهم على أخذه فأهوى رجل : أي رماه رجل منهم بسهم فحبسه الله تعالى : أي أمسكه بذلك السهم بإذن الله تعالى فقال النبي ﷺ إن لهذه البهائم أوابد : يعني أن بعضها ينفر نفور الوحش والأوابد : جمع آبدة والآبدة هي النافرة من الوحش يقال أَبَدَيَأبِد أُبُوداً كنفر ينفر نفوراً قوله فما غلبكم منها فاصنعوا به هكذا : أي ما غلبكم ولم تقدروا عليه فاصنعوا به هكذا : أي ارموه كما ترموا الصيد قلت يا رسول الله إنا لاقوا العدو غداً : أي سنلقى العدو غداً ولربما أن نغنم منهم وليست معنا مُدى والمدى جمع مدية وهي الشفرة أو السكين الذي يُذبح به أفنذبح بالقصب : المراد بالقصب الليطة التي تكون على القصب وهي ما تسمى حلالة بلغتنا الدارجة قال ما أنهر الدم : أي أساله بجريان كثير كجريان النهر وذكر اسم الله عليه فكلوا : أي ما جمع هذين الأمرين إنهار الدم وذكر اسم الله عليه فلكم أن تأكلوا لقوله سبحانه وتعالى ( فَكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ ) [الأنعام : 118 ] قوله ليس السن والظفر : ليس هنا استثنائية بمعنى إلا السن والظفر قوله وسأحدثكم عن ذلك : أي عن سبب منع التذكية بالسن والظفر أما السن فعظم وأما الظفر فمدى الحبشة المعنى الإجمالي يخبر رافع بن خديج رضي الله عنه أنهم كانوا في غزوة من الغزوات مع النبي ﷺ بمكان يقال له ذي الحليفة وأنهم أصابوا نعماً كثيرة فذبحوا من تلك النعم قبل قسمته ولم ينتظروا القسمة وكان النبي ﷺ متأخراً فأتى إليهم وقد نصبوا القدور فعمد إلى القدور فكفئها ورملها أي حشاها بالتراب وقال إن النهبة ليست بأحل من الميتة ثم قسم فعدل البعير بعشر من الغنم وحينئذ ذبح كل منهم مما أصاب أي من نصيبه الخاص به فند بعير أي فر ولم يقدروا عليه لقلة الخيل ورماه رجل بسهم فحبسه الله فقال النبي ﷺ إن لهذه البهائم أوابد كأبوابد الوحش فما ند عليكم منها فاصنعوا به هكذا فقه الحديث أولاً : يؤخذ من الحديث تحريم التصرف في الأموال المشتركة كالغنيمة وغيرها بغير إذن من أصحاب الحقوق أو الإمام ثانياً : فيه فضيلة للصحابة رضوان الله تعالى عليهم حيث كانوا يكونون في الغزوات يصيبهم الجوع والحاجة فيصبرون ثالثاً : يؤخذ من قوله فأصابوا إبلاً وغنماً أن الله سبحانه وتعالى كان يمنح أصحاب رسوله ﷺ رزقاً يزيل به ما عليهم من الشدة وفي هذه الغزوة قد أصابوا إبلاً وغنماً رابعاً : أن القوم عجلوا وذبحوا ونصبوا القدور ضانين إباحة النبي ﷺ لذلك . -------- تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 5 ] [ المجلد الخامس ] http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam5.pdf الرابط المباشر لتحميل الكتاب : http://subulsalam.com/play.php?catsmktba=9384 |
بسم الله الرحمن الرحيم تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي - رحمه الله - تابع للدرس السابق : خامساً : أن النبي ﷺ غضب عليهم فأكفأ قدورهم بما فيها من اللحم والمرق ورملها أي حشاها بالرمل وهو التراب ليكون ذلك أبلغ في الزجر سادساً : أن النبي ﷺ قال ليست النهبة بأحل من الميتة مشيراً إلى أن ما فعلوه يعتبر نهبة لأنهم ذبحوا من شيء مشترك قبل قسمته سابعاً : يؤخذ منه عقوبة الأمير لرعيته إذا حصلت منهم مخالفة ثامناً : أن النبي ﷺ قسم بعد ذلك فعدل عشراً من الغنم ببعير وهذا فيه مخالفة لما ثبت عن النبي ﷺ أن البعير يعدل سبع شياة في الأضاحي والهدي فأما أن يكون الغنم الذي أصابوه صغاراً وتكون هذه القصة مخصوصة بذلك فتعتبر واقعة عين وأما أن يكون التقدير الذي في الهدي والأضاحي يختلف عن التقدير في القسمة تاسعاً : قوله فند منها بعير أي فر فطلبوه فأعياهم أي لم يقدروا عليه فرماه رجل بسهم فحبسه الله تعالى وفي هذا دليل على أن ما توحش من البهائم تكون ذكاته كذكاة الصيد فيذكى بالعقر قال ابن الملقن وممن قال بجواز عقر الناد علي وابن مسعود وابن عمر وابن عباس يعني من الصحابة وطاووس وعطاء بن أبي رباح والحسن البصري والشعبي والأسود بن يزيد من التابعين والحكم بن عيينة وحماد لعله ابن زيد والنخعي إبراهيم والثوري أي سفيان الثوري وأبو حنيفة هؤلاء من اتباع الأتباع وأحمد بن حنبل وإسحاق بن راهوية وابو ثور والمزني وداود والجمهور أي هؤلاء كلهم قالوا أن ما ندّ من البهائم يكون حكمه كحكم الصيد في الذكاة وقال سعيد بن المسيب وربيعة الرأي والليث بن سعد ومالك لا يحل إلا بذكاته في حلقه كغيره قال وحديث رافع حجة عليهم . أهـ بتصرف عاشراً : يؤخذ من قوله فاصنعوا به هكذا أن ما ندّ من البهائم يرمى فإن أدرك قبل الموت ذكي أما إذا مات من ذلك وكان الرامي قد سمى الله عليه ورماه بما يسيل الدم وينهره فهو يعتبر مذكى الحادي عشر :كما أن ما ندّ من البهائم تكون ذكاته ذكاة صيد فكذلك ما قدر عليه من الصيد قبل أن يموت فهو يذكى كتذكية البهائم الثاني عشر : قوله قلت يا رسول الله إنا لاقوا العدو غداً وليس معنا مُدى أي ليس معنا سكاكين أفنذبح بالقصب وقد ورد بالحجارة أو ما أشبه ذلك فقال النبي ﷺ ( ما أنهر الدم وذكر اسم الله عليه فكلوا ) يؤخذ من هذا أن في ذكاة البهائم شرطين الشرط الأول : أن يذكى بما يسيل الدم وينهره الشرط الثاني : أن يذكر اسم الله عليه فما توفرت فيه هذان الشرطان فهو مذكى الثالث عشر : أن ليطة القصب والحاد من الحجارة والزجاج يختلف في إنهار الدم باختلاف الحيوان الذي يذكى به فما كان جلده أقوى لا ينهر دمه إلا السكين أو السيف أما القصب فيجوز أن يذكى به أولاد الغنم الصغار والطيور أو ما أشبه ذلك فقول النبي ﷺ ما أنهر الدم أي ما أساله بكثرة حكم عام فصلوات الله وسلامه على من أوتى جوامع الكلم الرابع عشر: سبق أن قلت أن المتوحش إذا كان مقدوراً عليه لا بد أن يذكى كذكاة الحيوانات الآنسه ونضرب لذلك مثلاً ليتضح فمن كان عنده مجموعة من الأرانب وأراد أن يذبح منها للأكل فلا يجوز أن يذكيها كذكاة الصيد ما دام قادراً عليها بل يجب عليه أن يذكيها ذكاة الحيوانات الآنسة بأن يأخذ الأرنب ويذبحها من الحلق الخامس عشر : ما هي الذكاة المشروعة في الحيوان الآنس كالغنم والبقر وما أشبه ذلك تكون الذكاة بقطع المري والحلقوم لأن قطعهما يسيل به الدم وفي حق الإبل طعنها في اللبة وهو ما يسمى بالنحر السادس عشر : هل التسمية مشروطة في الحيوان الذي يذكى ويذبح أو أنها واجبة فإن تركت نسياناً صحت الذبيحة وقد اختلف أهلم العلم في هذا وما ذهب إليه الإمام أحمد رحمه الله من أن الذكاة في حق البهائم الآنسة بذكر اسم الله عليه ولكن التسمية في ذلك ليست بشرط وإنما تكون شرطاً في الصيد السابع عشر : قوله هنا وذكر اسم الله عليه يظهر منه أنه شرط في ذكاة الحيوان الآنس فما هو الدليل الذي صرفه عن الشرطية إلى الوجوب ؟ الجواب : تقدم لنا حديث في ذلك وهو أن النبي e قيل له إِنَّ قَوْمًا يَأْتُونَا بِلَحْمٍ لا نَدْرِي ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ أَمْ لا قَالَ سَمُّوا أَنْتُمْ وَكُلُوا ) فكان هذا الحديث صارفاً لهذا النص من الشرطية إلى الوجوب ويستقر الأمر في ذلك أن التسمية في الذكاة واجبة وليست بشرط فإن تركت نسياناً جازت المذكاة الثامن عشر : قوله ليس السن والظفر هذا استثناء من قوله ما أنهر الدم أي إلا السن والظفر قال وسأحدثكم عن ذلك أما السن فعظم ويؤخذ منه أن العظام لا يجوز الذبح بها لأنها طعام الجن كما أنه لا يجوز الاستنجاء والاستجمار بها التاسع عشر : قوله وأما الظفر فمدى الحبشة أي سكاكين الحبشة وأنتم منهيون عن التشبه بالكفار فابتعدوا عن ذلك . العشرون : أن النبي ﷺ بيّـن لأمته كل ما يشكل عليهم ولم يبق على أمته شيء مشكل وقد قال ﷺ تركتكم على البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك ) إلا أن علم ذلك يختلف باختلاف الناس فالحمد لله الذي علمنا ما لم نكن نعلم ذلك فضل الله علينا وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم . -------- تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 5 ] [ المجلد الخامس ] http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam5.pdf الرابط المباشر لتحميل الكتاب : http://subulsalam.com/play.php?catsmktba=9384 |
بسم الله الرحمن الرحيم تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي - رحمه الله - باب الأضاحي الأضاحي جمع أضحية ويقال جمع ضحية وقد يقال أن جمع الأضحية أضاحي وجمع الضحية ضحايا قيل سميت الضحية باسم زمن فعلها والأصل في مشروعيتها ما ذكره الله عز وجل عن نببيه وخليله إبراهيم عليه السلام أنه أتى إلى ابنه إسماعيل بمكة وهو غلام وقال له يا بني ( إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ ) [ الصافات : 102 ]ولا عجب من هذا الجواب إذ أن إسماعيل هو أيضاً من أنبياء الله ويعلم أن رؤيا الأنبياء حق فأجاب بالموافقة بل إلتمس من أبيه إنفاذ الأمر الرباني (قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ ) فذهب به إلى حيث أمره جبريل فاعترضه الشيطان يقول أتذبح ابنك على رؤيا فرماه بحجر وانتقل إلى مكان آخر فقال له مثل ذلك فرماه بحجر وانتقل إلى المكان الثالث فاعترضه فرماه بحجر ولم ينتقل وعزم على إنفاذ الأمر فجاءه جبريل بالفداء كبش من الجنة قال الله عز وجل ( وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ) [ الصافات : 107] فكانت سنة وشرعها الله عز وجل لأمة محمد ﷺ أورد فيه حديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال ضحى النبي ﷺ بكبشين أملحين أقرنين ذبحهما بيده وسمى وكبر ووضع رجله على صفاحهما والأملح : الأغبر وهو الذي فيه سواد وبياض . موضوع الحديث : الأضحية واختيارها وأفضلية الجيد منها المفردات ضحى : أي ذبحهما ضحايا بكبشين : هما الذكور من الضأن يقال له كبش ويقال له خروف أملحين : تفسير الملوحة بأنها بياض اللون أو بياض يخلطه سواد بأن يكون السواد يحيط بالعينين والفم والركب وشيء من البطن أقرنين :يعني أنهما كبار قد بدت لهما قرون ذبحهما بيده : أي باشر الذبح بيده وسمى وكبر : أي قال بسم الله والله أكبر ووضع رجله على صفاحهما : جمع صفحة وهو جانب العنق المعنى الإجمالي يخبر أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي ﷺ ضحى بكبشين أي جعلهما ضحيتين موصوفين بملوحة اللون وأن لهما قرنان وأنه ذبحهما بيده ولم يستنب أحداً في الذبح وسمى وكبر على الذبح ووضع رجله على صفاحهما فقه الحديث أولاً : يؤخذ من الحديث مشروعية الأضحية ولا خلاف أنها من شرائع الدين وهي سنة مؤكدة قال ابن الملقن على الكفاية قال وهو مذهب الشافعي وأصحابه وبه قال أحمد وأبو يوسف ومحمد قلت هو محمد بن الحسن وقال أبو حنيفة هي واجبة على المقيمين من أهل الأمصار ويعتبر في وجوبها النصاب وأقول : أولاً : أن الأضحية سنة مؤكدة على الموسر دون المعسر وهو الذي تدل عليه الأدلة الثاني : اختلف أهل العلم في الأفضل من الأنعام هل هو الإبل أو البقر أو الغنم ولا شك أن الواحدة من الإبل المعتبرة في الهدي والأضحية تكفي عن سبعة وكذلك البقر ثالثاً : أن الأفضل في الأضحية هو الغنم لأن النبي ﷺ ضحى بكبشين كما في الحديث وأنه مرة كان عنده غنم فأمر أحد أصحابه وهو عقبة بن عامر أن يقسمها بين صحابته وبقي منها تيس عتود فقال له النبي ﷺ ضح به أنت كما جاء ذلك في حديث عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ أَعْطَاهُ غَنَمًا يَقْسِمُهَا عَلَى صَحَابَتِهِ ضَحَايَا فَبَقِيَ عَتُودٌ فَذَكَرَهُ لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَقَالَ ضَحِّ بِهِ أَنْتَ ) رابعاً : السن المعتبرة في الأضاحي هي الثني ويعتبر الثني في الإبل والبقر والمعز دون الضأن ويجزئ في الضأن الجذع إذا كان ضخماً ولا يجزئ الجذع في غير الضأن خامساً : أن الذكر أفضل من الأنثى في جميع بهيمة الأنعام بالنسبة للأضحية والهدي سادساً : ينبغي مراعاة اللون كما جاء في الحديث كبشين أملحين والملوحة هي البياض واختلف أهل اللغة هل المراد بها البياض المحض أو البياض الذي يخلطه سواد قليل حول العينين والفم والأزماع والركبتين سابعاً : وقد حث العلماء على ما يكون لحمه أفضل وتكلموا في اللون أن له تأثير في نكهة اللحم وذوقه والظاهر أن التأثير في نكهة اللحم وذوقه هو الخصاء أو الوجاء وقد ورد في بعض الأحاديث أن النبي ﷺ (ضحى بكبشين موجوئين ) ومما هو مجرب ومعروف بلا خلاف أن لحم المخصي أفضل من لحم الموجوء والفحيل ولحم الموجوء أفضل من لحم الفحيل ثامناً : الخصي هو الذي سلبت خصيتيه بمعنى قطعت وهو صغير والموجوء هو الذي رضت عروق خصيتيه وهو صغير تاسعاً : أنه يشترط في الأضحية سلامتها من العيوب وقد نص على أربعة أنها من العيوب التي تمنع التضحية بالدابة التي اتصفت بها وهي العوراء البين عورها والعرجاء التي لا تطيق المشي مع الصحاح والمريضة البين مرضها والعجفاء التي لا تنقي من الكبر أو ما أشبه ذلك ) وجعلوا كسر القرن وقطع الأذن عيباً يمنع التضحية بما وقعت فيه وقدروا ذلك بأن يكون أكثر من النصف ) عاشراً : الخرّاج ليس بعيب لأنه من خارج اللحم وتحت الجلد فقط فليس له تأثير في اللحم الحادي عشر : أن من له أربع زوجات فله أن يضحي بأضحية واحدة لأن الأضحية تكفي عن الرجل وأهل بيته الثاني عشر: أنه يستحب للمضحي أن يتولى ذبح أضحيته بنفسه الثالث عشر :أن يسمي على ذبحها لأن الله أمر بذلك والنبي ﷺ أمر بذلك الرابع عشر: يستحب أن يصرع الأضحية أو الهدي على جنبها الأيسر ويضع رجله على صفحتها اليمنى ويكون معه من يمسك برجليها إن أمكن ويمسك السكين باليمين ويسمي ويكبر عند الذبح الخامس عشر : أن يستقبل بها القبلة عند الذبح وهذا من السنن . السادس عشر :قد تقدم لنا في باب الصيد أن التسمية واجبة في المذكى وليست بشرط فيه فإذا تركها المذكي نسياناً فإن المذكى حلال لقول النبي ﷺ حين سئل (أَنَّ قَوْمًا قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ قَوْمًا يَأْتُونَا بِلَحْمٍ لا نَدْرِي ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ أَمْ لا قَالَ سَمُّوا أَنْتُمْ وَكُلُوا ) السابع عشر : السنة في الأضحية أن يأكل منها ويتصدق ويهدي فلو لم يتصدق هل تجزئ عنه هذا محل خلاف الثامن عشر:لا تجزئ الأضحية إلا إذا ذبحت يوم النحر بعد الصلاة فإن ذبحت قبل الصلاة بطلت كما في (حديث البراء بن عازب وقصة خاله بردة بن نيار ) التاسع عشر : أن وقت الذبح هو النهار دون الليل على الأصح في يوم العيد واليومين بعده وعند الشافعي اليوم الثالث عشر يعتبره من وقت الذبح العشرون : أن المضحي منهي أن يأخذ من شعره أو أظفاره إذا دخلت العشر أي عشر ذي الحجة وهل النهي للتحريم أو للتنـزيه في هذا خلاف بين أهل العلم وهل يدخل في ذلك الزوجة والأولاد أم يختص برب البيت في هذا خلاف أيضاً وبالله التوفيق . -------- تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 5 ] [ المجلد الخامس ] http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam5.pdf الرابط المباشر لتحميل الكتاب : http://subulsalam.com/play.php?catsmktba=9384 |
بسم الله الرحمن الرحيم تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي - رحمه الله - كتاب الأشربة الأشربة جمع شراب ويقصد به هنا الأشربة المحرمة وما عدا ذلك فهو مباح والأشربة المباحة ثلاثة : 1- الماء 2- واللبن 3- والعسل وما اعتصر من الفواكة ولم يكن فيه مظنة الإسكار فهو مباح حلال أما الاربع وهو النبيذ وما بلغ إلى حد التخمر سواء كان معتصراً أو نبيذاً فما بلغ إلى حد التخمر وجب تركه وحرم شربه والعلة في تحريم الخمر أنها تذهب العقل وتفسد الأخلاق وتستنـزف المال وقد أشار القرآن إلى العلة في تحريمها حيث يقول تعالى ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ _ إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ اللّهِ وَعَنِ الصَّلاَةِ فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ ) [ المائدة : 90 و91 ] ولقد كان تعلق العرب بالخمر شديداً فلذلك تدرج الله معهم في تحريمه . فأول ما جاء التعريض به في قوله سبحانه وتعالى ( يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِن نَّفْعِهِمَا )[البقرة : 219 ] فالتعريض من الله سبحانه وتعالى بالخمر والميسر بأن إثمهما أرجح من نفعهما ترجيح لجانب التحريم ثم بعد ذلك حرمت الخمر في أوقات الصلاة وقربها وأبيح للناس شربها إذا كان في وقت بعيد عن الصلاة لقوله سبحانه وتعالى ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقْرَبُواْ الصَّلاَةَ وَأَنتُمْ سُكَارَى حَتَّىَ تَعْلَمُواْ مَا تَقُولُونَ)[النساء : 43 ] وكان لذلك سبب وهو أن بعض الصحابة اجتمعوا في بيت أحدهم وجاء لهم بخمر فشربوا ثم قاموا يصلون فقرأ إمامهم (قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ لا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ وَنَحْنُ نَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ ) المرحلة الثالثة وهي النهائية وهو أن الله سبحانه وتعالى أنزل تحريمها حين شرب حمزة فقام إلى شارفين لعلي بن أبي طالب فجب أسنمتهما ولما ذهب علي رضي الله عنه إلى النبي ﷺ شاكياً جاء النبي ﷺ إلى حمزة وهو ثمل (يعني سكران) فرفع بصره إليه وقال ما أنتم إلا عبيد لأبي أورد فيه ثلاثة أحاديث الحديث الأول : عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما أن عمر قال على منبر رسول الله ﷺ أما بعد أيها الناس إنه نزل تحريم الخمر وهي من خمسة من العنب والتمر والعسل والحنطة والشعير ، والخمر : ما خامر العقل ثلاث وددت أن رسول الله ﷺ كان عهد إلينا فيهن عهداً ننتهي إليه :الجد والكلالة وأبواب من أبواب الربا . موضوع الحديث : تحريم الخمر المفردات الخمر : مأخوذ من التخمير وهي التغطية ولكون الخمر يغطي العقل فيذهب الإحساس من الإنسان ويظل مثل البهيمة لا يشعر بشيء ولا يميز بين الأشياء فمن أجل ذلك حرم الله الخمر لأنها تغطي العقل وتذهب بإحساسه فيقع منه الفحش في القول والفعل لغياب العقل عنه وقد ذكروا أن قوماً من أهل الجاهلية تركوا الخمر في الجاهلية فلم يشربوها لمواقف حصلت لهم فذكر عن قيس بن عاصم المنقري أنه شرب الخمر فلما صحى فإذا ابنته تشتكي إليه أنه غمز عجيزتها فترك شربها وهو مشرك ومرّ أبو بكر في الجاهلية بسكران يرفع العذرة إلى فيه فحرم على نفسه الخمر في الجاهلية وكم قد سمع الناس أن بعض الناس يسكرون فيقع على أخته أو بنته أو أمه أو ما أشبه ذلك . قال وهي من خمسة ثم ذكر الخمسة وهي العنب والتمر والعسل والحنطة والشعير ثم قال والخمر ما خامر العقل أي غطاه كما سبق ثلاث : أي ثلاث مسائل وددت : تمنيت أن رسول الله ﷺ عهد إلينا فيهن عهداً ننتهي إليه ثم ذكر هذه الثلاث المسائل وهي الجد والكلالة وأبواب من أبواب الربا قوله الجد : أي ميراث الجد والكلالة : الكلالة على القول الأصح هو كل ميت لا ولد له ولا والد أي إذا انعدم الأصل والفرع فهو كلالة . الأصل هو الأب والجد والفرع هو الابن وابن الابن قوله وأبواب من أبواب الربا : أي الظاهر أنه مسائل في الربا المعنى الإجمالي خطب عمر بن الخطاب رضي الله عنه في مسجد رسول الله ﷺ وعلى منبره . هذه الخطبة قرر فيها رضي الله عنه أن الخمر ما خامر العقل وفي هذه الخطبة دليل للجمهور على أن الخمر لا يختص بالعنب كما قالت الحنفية وقد ذكر عمر رضي الله عنه في خطبته أن ثلاث مسائل فيها إشكال عندهم تمنى أن لو كان عهد النبي ﷺ في هذه الثلاث المسائل عهداً إلى أمته ينتهون إليه فيها والحمد لله أن الأمر في هذه الثلاث المسائل قد وضح عند الجمهور وبالله التوفيق . فقه الحديث أولاً : يؤخذ من هذا الحديث مشروعية الخطبة على المنبر لبيان الأمور المشتبهة ثانياً : مشروعية أما بعد في الخطبة ثالثاً : مخاطبة الناس بما يجب بيانه لهم رابعاً : أخبر عمر رضي الله عنه أنه نزل تحريم الخمر وهي من خمسة أشياء أي المستعمل في المدينة من الخمسة الأشياء وهي العنب والتمر والعسل والحنطة والشعير ويؤخذ من هذا أن الخمر ليس مقصوراً على ما اتخذ من العنب كما قرر ذلك أبو حنيفة في مذهبه والحق أن الخمر كل ما خامر العقل وبلغ إلى حد الإسكار وقال ابن الملقن ج10ص196 وقال أبو حنيفة إنما يحرم عصير ثمرات النخل والعنب قال :فسلاقة العنب يحرم قليلهاوكثيرها إلا أن يطبخ حتى ينقص ثلثاها . قال : وأما نقيع التمر والزبيب فيحل إلى أن قال والنـيء منه حرام ولكن لا يحد شاربه هذا كلامه مالم يشرب ويسكر فإن سكر فهو حرام بالإجماع . أهـ نقلاً عن ابن الملقن وبالجملة فإن مذهب أبا حنيفة فيه تساهل كثير في شرب النبيذ والقول الحق ما ذهب إليه الجمهور لقول عمر والخمر ما خامر العقل وللحديث الآخر الصحيح ( كل مسكر خمر وكل خمر حرام ) أخرجه مسلم من طريق عمرو ولحديث عائشة الآتي رقم 408 سئل رسول الله عن البتع فقال كل شراب أسكر فهو حرام والبتع هو نبيذ العسل . خامساً : أن كل ما بلغ إلى حد الإسكار سواء كان معتصراً أو نبيذاًوسواء كان من العنب أو من غيره فهو حرام . سادساً : أشار الله عز وجل في كتابه إلى العلة في تحريم الخمر بقوله سبحانه وتعالى (إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنْصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ ) والميسر هو ما يسمى بالقمار وهو أن تجرى لعبة بعينها على شيء يأخذه الغالب من اللاعبين فهذا هو الميسر وهو يفضي بصاحبه إلى الإفلاس والعياذ بالله وغضب الله عليه فوق ذلك قوله والأنصاب المراد بها الأصنام والأزلام هو أن يكتب الشخص ثلاث ورقات في إحداها إفعل وفي الثانية لا تفعل وفي الثالثة أعد ثم يخلط بينها ولا يكون فيها شيء يميزه عن الآخر ثم يضعها ويأخذ واحداً منها من غير قصد لشيء منها فإن خرج افعل فعل وإن خرج لا تفعل ترك وإن خرج أعد أعاد وهكذا هذه هي الأزلام وقد أخبر الله عز وجل بأن هذه رجس التي هي الخمر والميسر والأنصاب والأزلام بأنها رجس كلها وأنها من وسائل الشيطان التي يحاول بها إيقاع العداوة والبغضاء بين المسلمين فلذلك دعا الله عباده إلى الانتهاء عنها سابعاً : حكى ابن الملقن في كتابه الإعلام والذي نحن بصدد قراءته عن ابن دقيق العيد في كتاب له سماه وهج الخمر في تحريم الخمر وذكر أنه يستفاد من الآية وهي قول الله سبحانه وتعالى (إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ ..) أن في هذه الآية والتي بعدها عشرة أدلة على التحريم ولم يذكرها وقد حاولت تفهم هذه العشرة الأدلة بقدر الإمكان فأقول: 1- نداء الله المؤمنين باسم الإيمان المقتضي للامتناع عما حرم عليهم 2- حصر الخمر وما ذكر معه في أنها رجس من عمل الشيطان 3- وصفها بالرجسية وهي النجاسة 4- وصفها بأنها من عمل الشيطان 5- الأمر باجتناب هذه الأمور المتصفة بالرجس 6- رجاء الفلاح باجتنابها 7- اقتران الخمر بالأنصاب وهي الأصنام وعبادتها شرك دليل على شدة قبحه 8- أن هذه الأمور المذكورة طريق لتسلط الشيطان على العبد واستيلاءه عليه لقوله ( إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ ) إرادة الشيطان وقصده إيقاع العداوة والبغضاء بين المسلمين 9- الصد عن ذكر الله عموماً وعن الصلاة خصوصاً ومن هنا نعلم أن الشيطان عدو لنا يريد كيدنا ومضرتنا لذلك ختم الله الآية بقوله ( فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ)ويجب أن نقول نحن كما قال الصحابة انتهينا ثامناً :في ذلك التنبيه على شرف العقل وفضله تاسعاً : أن الشرع الشريف يحرم على المسلم كل ما فيه ضرر عليه في عقله لأن العقل من الضرورات الخمس المأمور بحفظها عاشراً : أن المعتبر في الأحكام الشرعية مفاهيم الصحابة ولغاتهم فإن القرآن نزل بلغتهم الحادي عشر : فيه استعمال القياس وإلحاق الشيء بنضيره الثاني عشر : فيه جواز إحداث الاسم للشيء من طريق الاشتقاق أي لقوله والخمر ما خامر العقل الثالث عشر : لقد استجدت في زمننا مخدرات أشد ضرراً من الخمر وأكثر فتكاً بالمجتمعات فلذلك فقد ارتأت الدولة حفظها الله أي دولتنا السعودية أن عقوبة مهرب تلك المخدرات ومن أنواعها الحشيش والهيروين أرتأت دولتنا السعودية حفظها الله أن تهريبها وإيصالها للمجتمع عقوبته القتل لأن ذلك نوع من المحاربة وإفساد المجتمعات ونشر الفساد فيها وهذه مبادرة موفقة من الدولة حفظها الله وبالله تعالى التوفيق . -------- تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 5 ] [ المجلد الخامس ] http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam5.pdf الرابط المباشر لتحميل الكتاب : http://subulsalam.com/play.php?catsmktba=9384 |
بسم الله الرحمن الرحيم تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي -رحمه الله - الحديث الثاني : عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله ﷺ سئل عن البتع ؟ فقال كل شراب أسكر فهو حرام قال المؤلف رحمه الله البتع نبيذ العسل موضوع الحديث : تعليق التحريم على الإسكار فما لم يكن مسكراً فهو ليس بحرام ولذلك فإن النبي ﷺ كان ينبذ له إذا كان صائماً في أول النهار ويشربه في آخره المفردات قال ابن الملقن البتع بباء موحدة مكسورة ثم تاء مثناه فوق ساكنة وبفتحها أيضاً حكاه الجوهري ثم عين مهملة وهو نبيذ العسل كما قال المصنف أهـ قلت : النبيذ اسم لما ينبذ في الماء وكان الأولون ينبذون في الماء شيئاً من الفواكهة ثم يأخذونه ويشربونه في آخر النهار فإذا كان نبيذ اليوم أو قبل أن يتم له يوم وليلة فهو مباح فإذا زاد عن اليوم والليلة وبدأ ينش أي يغلي ويرتفع حَرُم . المعنى الإجمالي تخبر عائشة رضي الله عنها أن النبي e سئل عن البتع وهو نبيذ العسل فقال كل شراب أسكر فهو حرام وفي هذا تعليق للتحريم بالإسكار وهذا حكم حاسم بأن كل ما أسكر فهو حرام ويجب على من شربه عامداً حد الخمر وهو أربعين جلدة أو ثمانين جلدة فقه الحديث أولاً : قد تقدم في الحديث قبله إلا أن هذا فيه تعليق الحرمة على الإسكار فكل مسكر حرام ويجب على من تناوله حد الخمر ولو كان القدر الذي أخذه لا يسكر للحديث الذي روته عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ وَمَا أَسْكَرَ مِنْهُ الْفَرْقُ فَمِلْءُ الْكَفِّ مِنْهُ حَرَامٌ ) والفرق إناء يسع ثلاثة آصع بصاع النبي ﷺ حوالي سبعة كيلو والصاع النبوي خمسة أرطال وثلث إذاً فالفرق ستة عشر رطلاً فملأ الكف منه حرام فقول النبي ﷺ ( كل شراب أسكر فهو حرام) دليل على أن الحرمة تتناول قليله وكثيره ويدخل في ذلك أن من تناول شيئاً قليلاً وثبت عليه باعترافه أو بالبينة فإنه يجب عليه أن يحد ثانياً :يؤخذ منه أن خلط الخمر بشيء من المأكولات من أجل وجود النكهة فيها حرام وقد ورد إليّ سؤال من بعض البلدان العربية أن بعض المطاعم تخلط طعامها بالخمر من أجل وجود النكهة فيه كما يزعمون وهذا حرام يجب أن يتنبه له المسلمون ويبتعدوا عنه فلعل الإنسان يموت وفي بطنه طعام أو إدام مما خلط بالخمر فيستحق الوعيد الذي جاء عن النبي ﷺ حق على الله أن مات بشربها أن يسقيه من طينة الخبال عصارة أهل النار عصارة الخبال هو ما يتحلل من جروح أهل النار وقروجهم من الصديد والدم والدمع والأشياء الخبيثة بعد جمع الملائكة لها واسقاءها شارب الخمر ملحوظة : لم يأت المؤلف في هذا الباب بشيء عن حد الخمر والذي ثبت عن النبي ﷺ أنه ضرب في الخمر أربعين وضرب أبو بكر أربعين فلما كثر وقوع الناس في الخمر في زمن عمر استشار الصحابة فأشار عليه علي بن أبي طالب وفي رواية عبدالرحمن بن عوف بالضرب ثمانين لأنه حد الفرية والسكران إذا سكر هذى وإذا هذى افترى فضرب عمر رضي الله عنه حد الفرية وقد اختلف أهل العلم في حد الخمر فذهب مالك وأبو حنيفة والثوري إلى أن حد الخمر ثمانين عملاً بما جرى عليه الأمر في عهد عمر ورأوا أن ذلك إجماعاً من الصحابة وذهب الشافعي إلى أن حد الخمر أربعين وعن الإمام أحمد روايتان كالمذهبين والمشهور في مذهبه أن الحد ثمانين وقالوا أن أحمد بن حنبل رأى أن الحد الأصلي أربعين والأربعين الأخرى تعزيراً فذكر ابن قدامة في المغني أن الحد لا يكون إلا على من شربه مختاراً عالماً بأنه سكر فإن شربه مكرهاً أو جاهلاً به غير عالم به أنه خمر مسكر أو متأولاً فلا حد عليه وبالله التوفيق . -------- تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 5 ] [ المجلد الخامس ] http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam5.pdf الرابط المباشر لتحميل الكتاب : http://subulsalam.com/play.php?catsmktba=9384 |
بسم الله الرحمن الرحيم تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي - رحمه الله - الحديث الثالث : عن عبدالله بن عباس رضي الله عنهما قال بلغ عمر رضي الله عنه أن فلاناً باع خمراً فقال قاتل الله فلاناً ألم يعلم أن رسول الله ﷺ قال ( قاتل الله اليهود حرمت عليهم الشحوم فجملوها فباعوها ) جملوها : أذابوها موضوع الحديث : تحريم الحيل التي تفضي إلى أكل الحرام المفردات بلغ عمر أن فلاناً باع خمراً : المراد به هنا سمرة بن جندب رضي الله عنه قوله قاتل الله فلاناً : يعبر عن المقاتلة بالمحاربة ولا يدعى على أحد بهذا إلا لارتكابه شيء يعتبر جرماً مع أن العرب كانوا يطلقون الدعاء بمقاتلة الله للمدعو عليه من غير قصد لوقوع ذلك مثل قولهم تربت يداه وثكلتك أمك يعني فقدتك أمك قوله حرمت عليهم الشحوم : يعني أن بني إسرائيل كانت الشحوم محرمة عليهم قوله فجملوها : أي أذابوها ثم باعوها فأكلوا ثمنها المعنى الإجمالي لما بلغ عمر رضي الله عنه أن أحد أصحاب رسول الله e باع خمراً فغضب لذلك ودعا عليه بقوله قاتل الله فلاناً ألم يعلم أن رسول الله قال قاتل الله اليهود .. ) الحديث اعتذار سمرة بن جندب صحابي غزا مع النبي ﷺ وقاتل معه وغزا في زمن الخلفاء الراشدين وكان أميراً على البصرة لعمر وكان هناك من أهل الكتاب من تجب عليهم الجزية فالظاهر أنه من باب الملاطفة وعدم المشقة عليهم أنه قبل منهم الخمر وباعها عليهم لأنهم على الكفر والكفر أعظم ذنب ظناً منه أن ذلك يجوز وكان في ذلك متأولاً فلما نهاه عمر رضي الله عنه ترك ذلك فقه الحديث يؤخذ من هذا الحديث أولاً : أن الشحوم كانت محرمة على اليهود وقد ذكر الله ذلك في القرآن ثانياً : أن الله لما حرم عليهم الشحوم جملوها أي أذابوها وجمعوها ثم أكلوا ثمنها ثالثاً : أن عملهم مذموم لأنهم تحايلوا على أكل الحرام رابعاً : قول عمر رضي الله عنه قاتل الله فلاناً يدل أنه قاس بيع الخمر على بيع الشحوم وأخذ من تحريم بيع ما حرم أكله لأنه إذا باعه أكل ثمنه خامساً : فيه استعمال القياس حيث قاس عمر بيع الخمر المحرمة على بيع الشحوم المحرمة سادساً : أن عمر رضي الله عنه دعا على من خالف ذلك القياس وهذا يدل على تأكيد استعمال القياس سابعاً : فيه جواز الدعاء على المسلم إذا فعل ما يوجب الغضب عليه من الله ثامناً : في الحديث تحريم التحايل على أكل الحرام أو ثمنه كما فعلت ذلك اليهود فجملوا الشحوم وأكلوا ثمنها واستعملوا صيد السمك في يوم السبت بحفر حفائر يبقى فيها وهذه كلها من الحيل المحرمة وبالله التوفيق. -------- تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 5 ] [ المجلد الخامس ] http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam5.pdf الرابط المباشر لتحميل الكتاب : http://subulsalam.com/play.php?catsmktba=9384 |
بسم الله الرحمن الرحيم تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي -رحمه الله - ( كتاب اللباس ) اللباس ما يتخذ ستراً للعورة وجمالاً للإنسان ودفعاً للحر والبرد وقد امتن الله على العباد بذلك في قوله ( يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاساً يُوَارِي سَوْءَاتِكُمْ وَرِيشاً وَلِبَاسُ التَّقْوَىَ ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ ) [الأعراف : 26] وهذا امتنان من الله عز وجل على بني آدم فيما هيئه لهم من اللباس وقد كان اللباس فيما سبق يتخذ من شعر الأنعام وأوبارها ثم أن الناس استعملوه من القطن ومن الحرير ومن المختلط منهما ومن اللباس ما يتخذ من مشتقات البترول وكل ذلك نعم من الله امتن الله بها على بني آدم في ستر عوراتهم وما يكتسبون به الجمال وما يدفعون به سورة الحر والبرد فلله الحمد على ذلك وهذا الباب فيه بيان ما يحل لبسه وما يحرم الحديث الأول : عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال قال رسول الله ﷺ لا تلبسوا الحرير فإنه من لبسه في الدنيا لم يلبسه في الآخرة موضوع الحديث : تحريم لبس الحرير وأنه من لبسه في الدنيا حرم منه في الجنة ولو دخلها المفردات الحرير : قال عنه ابن الملقن اسم جنس واحدته حريرة ويقال له الدمقسي والسيراء والستراء وهو مأخوذ من دود القز وهناك نوع من القطن يسمى الكتان لين إلا أنه لا يحرم وحديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه وجد حلة من استبرق بالسوق فأخذها فأتى بها رسول الله ﷺ فقال يا رسول الله ابتع هذه فتجمل بها للعيد والوفد فقال رسول الله ﷺ إنما هذه لباس من لا خلاق له أو إنما يلبس هذه من لا خلاق له فلبث عمر ما شاء الله ثم أرسل إليه رسول الله ﷺ بجبة ديباج فأقبل بها حتى جاء رسول الله ﷺ فقال يا رسول الله قلت إنما هذه لباس من لا خلاق له ثم أرسلت إلى بهذه فقال رسول الله ﷺ إنما أرسلتها إليك لتبيعها وتصيب بها حاجتك ) قوله من لبسه في الدنيا : أي مختاراً ولم يكن مضطراً إلى ذلك لم يلبسه في الآخرة : أي أن الله سبحانه وتعالى يمنعه لبس الحرير وإن دخل الجنة المعنى الإجمالي في هذا الحديث نهي عن لبس الحرير للرجال وأن عقوبة لابسه أنه لا يلبسه في الآخرة فقه الحديث أولاً : يؤخذ من هذا الحديث تحريم لبس الحرير على الرجال لأن النبي ﷺ عندما أهدي له حرير فأعطى علياً قطعة منه فلبس منها شيئاً وجاء إلى النبي ﷺ فقال له النبي ﷺ إني لم أعطكها لتلبسها وإنما أعطيتكها لتلبسها نسائك قال فقطعتها خمراً بين الفواطم وهن رضي الله عنهن فاطمة بنت أسد وهي أمه وزوجته فاطمة بنت محمد وبنت عمه فاطمة بنت حمزة وكذلك حصل لأسامة وعمر بن الخطاب رضي الله عنهم ثانياً : الإجماع قائم على أن الحرير يجوز لبسه للنساء وخالف في ذلك عبدالله بن الزبير ولكنه انعقد الإجماع بعده على حله للنساء . ثالثاً : يحرم الثوب الذي غالبه حرير سواء كان الحرير لحمته أم سداه رابعاً : يجوز العلم من الحرير بشرط ألا يتجاوز أربع أصابع من كل جانب أصبعين خامساً : هذه العقوبة نؤمن بأنها واقعة على من لبس الحرير وأنه سيحرم من لباسه في الجنة ولو دخلها سادساً : يجوز لبس الحرير للتداوي وقد لبسه عبدالرحمن بن عوف وعثمان بن عفان لحكة كانت بهما سابعاً : كما يحرم لباس الحرير فكذلك يحرم افتراشه والافتراش يسمى لباساً وقد جاء في صحيح البخاري من حديث حُذَيْفَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ نَهَانَا النَّبِيُّ ﷺ أَنْ نَشْرَبَ فِي آنِيَةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَأَنْ نَأْكُلَ فِيهَا وَعَنْ لُبْسِ الْحَرِيرِ وَالدِّيبَاجِ وَأَنْ نَجْلِسَ عَلَيْهِ وقد جاء في حديث أنس أنه لما دخل عليهم النبي ﷺ قال فأخذت فراشاً لنا قد اسود من طول ما لبس والمقصود بالفراش هنا الخصفة وبالله التوفيق . -------- تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 5 ] [ المجلد الخامس ] http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam5.pdf الرابط المباشر لتحميل الكتاب : http://subulsalam.com/play.php?catsmktba=9384 |
بسم الله الرحمن الرحيم تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي - رحمه الله - الحديث الثاني : عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال سمعت رسول الله ﷺ يقول لا تلبسوا الحرير ولا الديباج ولا تشربوا في آنية الذهب والفضة ولا تأكلوا في صحافهما فإنها لهم في الدنيا ولكم في الآخرة . موضوع الحديث : تحريم لباس الحرير والديباج والشرب أو الأكل في آنية الذهب والفضة المفردات الحرير : سبق بيانه وهو المأخوذ من دود القز ويسمى الإبريسم وهو محرم لبسه على الرجال قوله ولا الديباج : الديباج نوع من الحرير وهو ما غلظ وثخن من ثياب الحرير وذكره بعد الحرير وإن كان نوعاً منه من باب ذكر الخاص بعد العام الثالث الصحاف : بكسر الصاد جمع صحفة بفتحها وهي دون القصعة قال الجوهري قال الكسائي أعظم القصاع الجفنة ثم القصعة تليها تشبع العشرة ثم الصحفة تشبع الخمسة ثم المئكلة تشبع الرجلين والثلاثة ثم الصحيفة تشبع الرجل قوله فإنها لهم : أي للكفار في الدنيا ولكم في الآخرة : أي إنها لهم باستعمالهم إياها وإلا فالحقيقة ليست مباحة لهم وأما الآخرةفما لهم فيها من نصيب أما المسلمون فلهم في الجنة الحرير والذهب وما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر المعنى الإجمالي نهى النبي ﷺ أمته عن لباس الحرير والديباج وعن الشرب في آنية الذهب والفضة والأكل في صحافهما فإنها لهم أي للكفار باستعمالهم إياها وعدم تقيدهم بالأوامر والنواهي الواردة من الله ورسوله ولكم في الآخرة أي مختصون بها وتأخذونها بدون انقطاع أما الدنيا فهي منقطعة فقه الحديث أولاً : يؤخذ من الحديث تحريم لباس الحرير المأخوذ من دود القز وقد تقدم الكلام عليه في الدرس السابق وأن الحرير بالإجماع محرم على ذكور أمة محمد e ومباح لنساءها وفي ذلك أحاديث منها عَنْ أَبِي مُوسَى أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَحَلَّ لإِنَاثِ أُمَّتِي الْحَرِيرَ وَالذَّهَبَ وَحَرَّمَهُ عَلَى ذُكُورِهَا وقد أثر عن عبدالله بن الزبير أنه قال بتحريمه على النساء ولكن يقال أنه رجع بعد ذلك وانعقد الإجماع بعده على حله للنساء وتحريمه على الذكور فقط أما الديباج فهو نوع من الحرير وهو غليظ وهو محرم على الذكور كتحريم الحرير ومباح للإناث وقد قال بعض أهل العلم بجواز لبسه في الحرب قالوا لأنه يكافح السلاح وهذه العلة فيها نظر لكن الحرير ومشتقاته يجوز لبسه للتداوي حيث أنه يتداوى به للحكة وقد ورد عن عثمان بن عفان وعبدالرحمن بن عوف أنهما أصابتهما الحكة فأجاز لهما النبي ﷺ لبس الحرير ثانياً : يؤخذ منه تحريم الشرب في آنية الذهب والفضة والأكل في صحافهما أي أن الآنية المتخذة سواء متخذة للشرب كالأكواس أو متخذة للأكل كالصحاف فإنه يحرم الأكل والشرب فيها على الرجال والنساء إذ أن إباحة ذلك للنساء إنما هو اللبس لأن النساء من شأنهن التزين والتجمل فأبيح لهن ذلك أما الأكل والشرب فإنه يحرم على الرجال والنساء والغلمان أي حتى الغلمان غير المكلفين لا يجوز لأولياءهم أن يمكنوهم من الشرب في آنية الذهب والفضة ولا يمكنوهم من الأكل في صحافهما ثالثاً : قوله إنها لهم في الدنيا ليس المراد أنها مباحة لهم ولكن المراد أنهم إن أكلوا وشربوا فيها فإن ذلك لا يتعدى الدنيا إذ أن الآخرة ليس للكفار فيها نصيب رابعاً : هل العلة في النهي عن الأكل والشرب في آنية الذهب والفضة هو التباهي أوالعلة لأنها النقدان ويحتاج الناس إليهما فإذا أبيح استعمالها آنية كان في ذلك إشغالاً لهذه المادتين عما خلقت له وهو الانتفاع بهما في الدنيا خامساً : فيه إشارة بالأكل والشرب إلى غيرهما مما هو دونهما فإذا كان يحرم أن يتخذ الرجل كأساً من ذهب للشرب أو إناءً للأكل من فضة فكذلك يحرم من باب أولى أن يتخذ منه ما دون ذلك كالبزابيز التي هي للماء أو ما أشبه ذلك من الاستعمالات وبالله التوفيق ملحوظة : الحرير الصناعي وهو ما يتخذ من مشتقات البترول لا يحرم لبسه وإن كان فيه ليونة ونعومة تشبه نعومة الحرير : أولاً : لأنه من أصل مباح وثانياً : أن طبيعته تختلف عن طبيعة الحرير الطبيعي لأن الحرير الطبيعي فيه ليونة ونعومة وهو بطبيعته بارد في وقت الحر ودافئ في وقت الشتاء فهذه الطبيعة يختلف بها عن طبيعة الحرير الصناعي الذي يشتد حره في وقت الحر ويشتد برودة في وقت البرد ملحوظة ثانية : وهو أنه يجوز اتخاذ السن أو الأنف من الذهب إذا احتاج الرجل إليهما أو إلى أحدهما لحديث عَرْفَجَةَ بْنِ أَسْعَدَ قَالَ أُصِيبَ أَنْفِي يَوْمَ الْكُلابِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَاتَّخَذْتُ أَنْفًا مِنْ وَرِقٍ فَأَنْتَنَ عَلَيَّ فَأَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أَنْ أَتَّخِذَ أَنْفًا مِنْ ذَهَبٍ وقد أخذ من هذا الحديث جواز اتخاذ الرجل السن أو الأنف إذا احتاج إليها وبالله التوفيق . ملحوظة ثالثة : قد ورد في كتب الفقه للحنابلة جواز اتخاذ القبيعة للسيف من الذهب أو الفضة وكذلك المقبض أو ما أشبه ذلك وأثر عن بعض الصحابة أنه كان لبعضهم سيف قبيعته من فضة والمهم أن السلاح يجوز تحليته بالذهب أو الفضة وبالله التوفيق . -------- تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 5 ] [ المجلد الخامس ] http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam5.pdf الرابط المباشر لتحميل الكتاب : http://subulsalam.com/play.php?catsmktba=9384 |
بسم الله الرحمن الرحيم تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي - رحمه الله - الحديث الثالث : عن البراء بن عازب رضي الله عنه قال ما رأيت من ذي لمة سوداء في حلة حمراء أحسن من رسول الله ﷺ له شعر يضرب منكبيه بعيد ما بين المنكبين ليس بالقصير ولا بالطويل . موضوع الحديث : وصف حليته صلوات الله وسلامه عليه المفردات من ذي لمة : اللمة هو الشعر الذي يكاد يلم بالمنكبين قال أهل اللغة وهو دون الجمة سميت اللمة لإلمامها بالمنكبين يعني تقارب المنكبين سوداء : وصف للمة أي وصف لشعر رأسه في حلة : الحلة هي إزار ورداء من البرود اليمنية حمراء : أي وصفها بالحمرة قوله أحسن من رسول الله e : يعني يقول ما رأيت من ذي لمة سوداءفي حلة حمراء أحسن من رسول الله ﷺ هذا نعت عظيم للنبي ﷺ نعت لخلقته أما خلقه فيكفيه ما قال الله فيه (وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ ) [ القلم : 4 ] منكبه : المنكب هو مجمع اليد مع الجنب وهو رأس الكتف قوله بعيد ما بين المنكبين : يعني أن صدره كان واسعاً وهذا يكون دليلاً على القوة قوله ليس بالقصير ولا بالطويل : يعني أنه وسط بين الطول والقصر المعنى الإجمالي وصف البراء بن عازب رضي الله عنه نبي الله صلوات الله وسلامه عليه في هذا الحديث وصفاً يدل على حسنه وجماله وأنه كان جميل منظره يضاف ذلك إلى جميل مخبره صلوات الله وسلامه عليه الذي قال فيه ربه سبحانه وتعالى ( وإنك لعلى خلق عظيم ) فقه الحديث أولاً : يؤخذ من هذا الحديث مشروعية اتخاذ اللمة وهو الشعر بأن يترك الإنسان شعره حتى يطول ويلم بالمنكب يعني يكاد يصل إليه ثانياً : كان كعادة العرب له شعر طويل يؤخذ منه أن النبي ﷺ توفي قبل أن يشيب وأن شعره كان أسود وقد جاء ذلك في بعض الأحاديث ( فعَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ كَانَ شَيْبُ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ نَحْوَ عِشْرِينَ شَعَرَةً ) ثالثاً : يؤخذ من قوله في حلة حمراء مشروعية لبس الحلة والحلة إزار ورداء من البرود اليمنية وهو كما نقول مصنف ولحاف رابعاً : وصف الحلة بأنها حمراء دليل على جواز لبس الأحمر وفي ذلك معارضة لأحاديث النهي عن لبس الأحمر لأنه قد ورد في النهي عن لبس الأحمر أحاديث لكن فيها ضعف فمن أهل العلم من ضعفها أي الأحاديث التي فيها النهي وقال بجواز لبس الأحمر من غير تحريم ولا كراهة وإلى ذلك مال الألباني رحمه الله ومن أهل العلم من جمع بين الأحاديث الواردة في النهي عن لبس الأحمر لأنه رأى أنها بمجموعها تصل إلى درجة الصحة وهؤلاء جمعوا بين هذه الأحاديث وبين حديث البراء بن عازب بأن حملوا النهي على ما كان أحمر صرفاً وحملوا الجواز على ما كان مخططاً بحمرة مع خطوط غيرها وهذا هو الأقرب في رأي . خامساً : قوله أحسن من رسول الله ﷺ أي لم أر أحداً أحسن من رسول الله ﷺ بهذا الجمال الذي شرحته سادساً : قوله له شعر يضرب منكبه أي له شعر طويل يصل إلى منكبيه علماً بأن بعض أصحاب النبي ﷺ قد وصفه بأن له شعر يبلغ شحمة الأذن وكانه عليه الصلوات والسلام يقصر شعره أحياناً ويتركه يطول أحياناً وهذا دليل على الجواز سابعاً : يؤخذ من قوله بعيد ما بين المنكبين أنه ﷺ كان عريض الصدر وقد وصف صلوات الله وسلامه عليه بأنه كان عظيم المشاش أو عظيم الكتد والمشاش هو رؤوس العظام والكتد مجتمع الكتفين ثامناً : يؤخذ من قوله ليس بالقصير ولا بالطويل أنه رجل بين الرجلين أي لا يوصف بطول ولا قصر بل هو بين الطول والقصر ملحوظة: تعرض الشارح ابن الملقن رحمه الله تعالى للسدل والفرق وقال وجاء عنه أنه سدل وأنه فرق وهو آخر الأمرين منه حتى جعله بعضهم نسخاً فعلى هذا لا يجوز السدل واتخاذ اللمة ويحتمل أن يكون فرق ليرى الجواز أو للندب ولذلك اختلف السلف فيه والصحيح جوازهما واختيار الفرق أهـ أقول : هذا القول فيه نظر والقول الصحيح أن النبي ﷺ سدل في أول أمره تأسياً بأهل الكتاب فلما هاجر إلى المدينة ونهاه الله عز وجل عن التأسي بأهل الكتاب أخذ الفرق الذي هو عادة العرب والفرق يكون في وسط الرأس من أوله إلى ما بين القرنين أما ما يعمله بعض الناس الآن من الفرق من الجانب الأيسر في الرأس فهذا مذموم ومنهي عنه واذكر أنني قلت في صيحة حق وفرق رأس جانباً في الأيسر تدعي بموضة سبيل المفتري وعلى هذا فإن الواجب على أمة محمد رجالاً ونساءاً أن يفرقوا في الوسط ولا منافاة بين الفرق في الوسط واللمة بل يفرق في وسط الرأس ويكون له لمة أو جمة وبالله التوفيق . ملحوظة أخرى : قال ابن الملقن رحمه الله كان من معجزاته ﷺ أنه لا يمشي معه أحد من الناس ينسب إلى الطول إلا طاله يعني أن النبي ﷺ إذا مشى مع إنسان طويل يكون في طوله فإذا فارقه عاد إلى حاله وأقول : هذا الكلام غير صحيح ولو كان كذلك لاشتهر هذا الأمر والنبي ﷺ كل من وصفه يقول بأنه ﷺ ليس بالطويل البائن ولا القصير ربعة بينهما وبالله التوفيق -------- تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 5 ] [ المجلد الخامس ] http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam5.pdf الرابط المباشر لتحميل الكتاب : http://subulsalam.com/play.php?catsmktba=9384 |
بسم الله الرحمن الرحيم تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي - رحمه الله - الحديث الرابع : عن البراء بن عازب أيضاً قال أمرنا رسول الله ﷺ بسبع ونهانا عن سبع أمرنا بعيادة المريض واتباع الجنازة وتشميت العاطس وإبرار القسم أو المقسم ونصر المظلوم وإجابة الداعي وإفشاء السلام ونهانا عن خواتيم أو تختم الذهب وعن شرب بالفضة وعن المياثر وعن القسي ولبس الحرير والاستبرق والديباج . موضوع الحديث : ذكر أحكام من الأوامر والنواهي المفردات أمرنا رسول الله ﷺ بسبع ونهانا عن سبع : أي أمرنا بسبع خصال ونهانا عن سبع خصال ثم شرع يوضحها أمرنا بعيادة المريض : وعيادة المريض زيارته والاطمئنان عليه ومساعدته إن كان يحتاج إلى مساعدة لأن هذا مما يقوي الروابط بين المسلمين قوله واتباع الجنازة : اتباع الجنازة أي الخروج معها من بيتها إلى المسجد والصلاة عليها ثم اتباعها إلى أن تدفن والمراد بالجنازة الميت على السرير وقيل أن الجنازة تكون بالفتح والكسر فالمراد بالكسر السرير الذي عليه الميت إذا كان على السرير محمولاً والمراد بالفتح الميت حين يكون على السرير بعد الموت كما قد تقدم تشميت العاطس : الدعاء له بالرحمة بأن يرده الله إلى سمته أو أن يثبت شوامته والعطاس معروف وهو احتقان الهواء في الرأس ثم خروجه مع صوت إبرار القسم أو المقسم : والحقيقة أن تنفيذ ما أقسم عليه المقسم في قسمه إذا كان طاعة لله أو مباحاً مستحب كما سيأتي فمن أبررت قسمه فأنت حينئذ أبررته وهو المقسم أي نفذت مراده ليكون براً في قسمه ولا يحنث فيه نصر المظلوم بما يقدر عليه الشخص من النصر إما بالكلمة أو بغيرها من نصح الظالم وأداء الشهادة إذا كان له شهادة عندك . إجابة الداعي : أي بأن أخاك المسلم إذا دعاك فيستحب لك إجابته ما لم يكن هناك مانع من الإجابة هذه السبع المطلوب فعلها وتبادلها بين الناس وأما المنهيات فأولها : التختم بالذهب فقد نهى النبي e عن التختم بالذهب وهذا النهي خاص بالرجال دون النساء وعن شرب بالفضة : هذا عام في الرجال والنساء لأن الشرب في آنية الذهب والفضة حرمان منها في الآخرة قد جاء في الحديث ما سيأتي ذكره عند الحكم أما قوله وعن المياثر والقسي ولبس الحرير والاستبرق والديباج فهذه ايضاً النهي فيها خاص بالرجال والمياثر : جمع ميثرة وهو بساط يوضع عليه لباس لين ليكون وطيئاً للجلوس عليه . المعنى الإجمالي أمر النبي ﷺ أمته بسبع خصال وهي المذكورة في حديث البراء ونهاهم عن سبع خصال أيضاً وهذا الحديث من أجمع الأحاديث للأوامر والنواهي وبالله التوفيق . فقه الحديث أولاً : يؤخذ من قوله أمرنا رسول الله e هل الأمر هنا أمر إيجاب أو أمر استحباب والقول بأن الأصل في الأوامر الوجوب إلا ما وجد له صارف هذا هو الصواب وما لم يوجد له صارف من حديث النبي ﷺ وأجمع على عدم وجوبه صرف من الوجوب إلى الاستحباب بالإجماع ثانياً : قوله أمرنا بعيادة المريض بالذهاب إليه والعود عليه لحاجة المريض إلى ذلك أما من حيث الحكم فهو يختلف باختلاف الناس فالقرابة الذين لا يستغني عنهم المريض يجب عليهم ذلك وجوباً متحتماً ومن عداهم فإن الأمر يكون في ذلك للاستحباب والله تعالى أعلم ثالثاً : كذلك اتباع الجنازة فإن الواجب على المسلمين أن يتبعوا جنازة أخيهم المسلم حتى تدفن وقد ورد في الحديث عن النبي ﷺ أن من اتبع الجنازة حتى تدفن كان له من الأجر قيراطان كل قيراط مثل أحد ومن اتبعها حتى يصلى عليها كان له قيراط ولعل الوجوب يكون في حق من يتم بهم الدفن ومن عداهم يكون في حقه مستحباً . رابعاً : تشميت العاطس هو الدعاء له بأن يعيد الله شوامته إلى سمتها خامساً : ثبت في الأحاديث أن التشميت لا يشرع إلا في حالة أن يحمد الله العاطس فإذا حمد الله شمت بأن يدعو له السامع بقوله يرحمك الله وقد أثر عَنْ أَبِي بُرْدَةَ رضي الله عنه قَالَ دَخَلْتُ عَلَى أَبِي مُوسَى وَهُوَ فِي بَيْتِ بِنْتِ الْفَضْلِ بْنِ عَبَّاسٍ فَعَطَسْتُ فَلَمْ يُشَمِّتْنِي وَعَطَسَتْ فَشَمَّتَهَا فَرَجَعْتُ إِلَى أُمِّي فَأَخْبَرْتُهَا فَلَمَّا جَاءَهَا قَالَتْ عَطَسَ عِنْدَكَ ابْنِي فَلَمْ تُشَمِّتْهُ وَعَطَسَتْ فَشَمَّتَّهَا فَقَالَ إِنَّ ابْنَكِ عَطَسَ فَلَمْ يَحْمَدْ اللَّهَ فَلَمْ أُشَمِّتْهُ وَعَطَسَتْ فَحَمِدَتْ اللَّهَ فَشَمَّتُّهَا سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ إِذَا عَطَسَ أَحَدُكُمْ فَحَمِدَ اللَّهَ فَشَمِّتُوهُ فَإِنْ لَمْ يَحْمَدْ اللَّهَ فَلا تُشَمِّتُوهُ ) سادساً : قوله وإبرار القسم المقصود بإبرار القسم أو المقسم أي إبرار الآلية بأن تجنبه الحنث إن كنت تقدر على ذلك ولا شك أن إبرار القسم هو إبرار للمقسم ويستفاد من هذا الأمر استحباب إبرار القسم أو المقسم إلا أن يكون هناك مانع من الإبرار ففي هذه الحالة يعذر الشخص المقسم عليه سابعاً : قوله ونصر المظلوم أي يجب على المسلمين أن ينصروا المظلوم إذا عرفوا أنه مظلوم ونصره بفعل ما يقدر عليه العبد فإن كان له عندك شهادة أديتها وإن كنت تقدر على أن تعينه بكلمة أو بشيئ أو رأي أو ما أشبه ذلك وجب عليك أن تفعل وإن قصرت فإنك تكون مخاطباً ومسئولاً أمام الله عز وجل ثامناً : قوله إجابة الداعي وقد جاء في الحديث عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( حق المسلم على المسلم ست . قيل: ما هن يا رسول الله ؟ قال: إذا لقيته فسلم عليه ، وإذا دعاك فأجبه ، وإذا استنصحك فانصح له ، وإذا عطس فحمد الله فشمته ، وإذا مرض فعده ، وإذا مات فاتبعه ) وسواء كانت الدعوة لطعام أو لشيء مباح تقدر عليه وهي غالباً في الطعام أكثر لكن هناك موانع فإذا كان الداعي مبتدعاً فلا تلزم إجابة دعوته وإذا كان الداعي في ماله شبهة لأنه يأكل الربا أو يأخذ الرشوة أو ما أشبه ذلك كذلك أيضاً إذا كانت الدعوة إلى وليمة عرس وكان في هذا العرس منكر لا يقدر المدعو على إنكاره جاز له التخلف أو كانت الدعوة يكون فيها إحراج وتأخير على الإنسان كما يحصل الآن في ولائم الزواج والتي قد تكون في القصور بحيث أنها تتأخر إلى الساعة الثانية عشر أو الحادية عشرة والنصف أو ما أشبه ذلك فيظهر أن هذا عذر قد يفوت عليه بعض المنافع الدينية والدنوية تاسعاً : قوله وإفشاء السلام نشره بأن لا يبخل به على أحد فتسلم عليه وترده إذا بدأك هو بالسلام وترفع صوتك لأن رفع الصوت هنا مطلوب والإفشاء معناه الإكثار والنشر ولهذا جاء في كلام عمر بنعبدالعزيز وكتابته إلى الزهري افشوا حديث رسول الله ﷺ وتفشوا العلم وتكتبوه فإني أخاف من دروس العلم وضياعه ومعنى تفشوا تنشروا وتكثروا من دراسته وذكره ملحوظة : أذكر أنني قرأت في العلامات الصغرى لقرب الساعة في حديث أن من علامات قرب الساعة أن يكون السلام معرفة واستغربت هذا ولكن تبين لي عندما ذهبت إلى إحدى المدن بأنه لا يرد سلامك إلا من يعرفك ولا يسلم عليك إلا من يعرفك فقد كنت أرفع صوتي بالسلام وفي الغالب أن كثيراً من الناس لا ينتبه لذلك وكأن هذه العلامة أصبحت واقعة وبالله التوفيق . قوله ونهانا عن سبع ثم ذكرها عاشراً : أما المناهي فقد ابتدأها بقوله ونهانا عن خواتيم أو تختم الذهب الخاتم هو ما يلبس في الأصابع وهو مشروع للرجال والنساء أما النساء فتختمهن للتزين وأما الرجال فتختمهم أسوة بالنبي eوقد يكون الخاتم عليه اسم صاحبه فيؤخذ منه مشروعية التختم بما عليه اسم صاحبه . الحادي عشر : أن التختم جائز بالفضة وبشترط أن لا يكون أكثر من مثقال والمثقال أربعة جرامات وربع قال هذا معروف في كتب التقارير الثاني عشر : يشرع للرجل التختم في الخنصر من اليد اليمنى واليسرى ورحج الحافظ في الفتح رواية اليمنى وأما المرأة فيشرع لها التختم فيما عدا السبابة والإبهام فتفرق هي على الرجل في التختم بالوسطى الثالث عشر: النهي عن التختم بالذهب خاص بالرجال أما النساء فيحل لهن ذلك على الأرجح وقد كتبت إجابة على سؤال تعتبر تلك الإجابة رسالة ورجحت جواز التحلي بالذهب للنساء مع كراهة الإسراف في ذلك وطبعت تلك الرسالة ضمن فتح الرب الودود في الفتاوى والرسائل والردود . الرابع عشر :قوله وعن شرب بالفضة وهذا عام في الرجال والنساء وقد قال النبي e الذي يشرب في آنية الذهب والفضة إنما يجرجر في بطنه نار جهنم نسأل الله العفو العافية وقد تقدم الحديث لا تشربوا في آنية الذهب والفضة ولا تأكلوا في صحافهما فإنها لهم في الدنيا ولكم في الآخرة الخامس عشر: تحريم المياثر الحرير على الرجال سواء كانت على رحل البعير أو سرج الفرس أو ما أشبه ذلك لأن افتراش الحرير محرم على الرجال كما هو محرم لبسه أما إن كان في غير الحرير فليست بحرام والميثرة هي وطاء يوضع على رحل البعير أو سرج الفرس وقد ورد النهي عن المياثر الحمر السادس عشر : تحريم استعمال القسي وهو نوع من الحرير والنهي هنا للتحريم خلافاً لمن قال أن استعمال القسي مكروه كراهة تنـزيه السابع عشر : يؤخذ من قوله والاستبرقhttp://www.al-sunan.org/vb/ramdan-ryad/editor/color.gif تحريم الاستبرق وهو نوع من الحرير أيضاً الثامن عشر : قوله ولبس الحرير والاستبرق والديباج يؤخذ منه تحريم الديباج والديباج نوع من الحرير أيضاً فالحرير يعم القسي والاستبرق والديباج وهو محرم على الرجال دون النساء بجميع أنواعه وقد تقدم أن عبدالله بن الزبير كان يرى تحريم الحرير على النساء ولكن من بعده انعقد الإجماع على جواز لبسه للنساء من غير كراهة فائدة : يحرم على الرجال لبس الحرير الطبيعي أما الصناعي فيجوز لأن الحرير الطبيعي من طبيعته أنه بارد في الصيف دافئ في الشتاء أما الحرير الصناعي فهو عكس ذلك فإنه بارد في الشتاء حار في الصيف . -------- تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 5 ] [ المجلد الخامس ] http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam5.pdf الرابط المباشر لتحميل الكتاب : http://subulsalam.com/play.php?catsmktba=9384 |
بسم الله الرحمن الرحيم تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي - رحمه الله - الحديث الخامس : عن عبدالله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما أن رسول الله ﷺ اصطنع خاتماً من ذهب فكان يجعل فصه في باطن كفه إذا لبسه فصنع الناس كذلك ثم إنه جلس على المنبر فنـزعه فقال إني كنت ألبس هذا الخاتم واجعل فصه من داخل فرمى به ثم قال والله لا ألبسه أبداً فنبذ الناس خواتيمهم وفي لفظ جعله في يده اليمنى . موضوع الحديث : الخاتم المفردات فصه : الفص هو ما يجعل في الخاتم وهو إما أن يكون شيء من الأحجار التي هي اللآلئ والزبرجد أو ما يكون مصنوعاً على شكلها من أحمر وأخضر وغيرهما وقد يجعل فص الخاتم من فضة ويكتب عليه الاسم قوله فصنع الناس كذلك : أي تأسوا به الناس وقد قيل أن الذي كان يلبسه النبي e ليس بذهب ولكنه من فضة مطلي عليه ذهب وقد كان النبي e اتخذ هذا الخاتم لأنه حين يكاتب الملوك قيل له أنهم لا يقرأون إلا كتاباً مختوماً فاتخذ الخاتم أولاً من فضة مطلي عليه ذهب وقيل ملوي عليه الذهب وكيف ما كان فنبذ النبي ﷺ له يعد نسخاً كما سيأتي قوله والله لا ألبسه أبداً :يعني خاتم الذهب فنبذ الناس خواتيمهم : أي تركوها تأسياً به وهذا القول هو الذي تطمأن إليه النفس لأن خاتم الورق قد بقي مع النبي ﷺ إلى أن مات وسواء قلنا أن الخاتم كان من ذهب كله أو من ورق مطلي عليه ذهب وهذا هو الذي يوافق عموم الأدلة التي تدل على تحريم التختم بالذهب للرجال قوله فنبذ الناس خواتيمهم : أي طرحوها وتركوها والخاتم يجمع على خواتيم وخواتم قوله وفي لفظ جعله في يده اليمنى : أي في خنصره قال الحافظ في الفتح ج10 ص 327 بعد أن ذكر اختلاف الروايات في اليمين واليسار ثم قال ابن أبي حاتم سألت أبا زرعة عن اختلاف الأحاديث في ذلك فقال لا يثبت هذا ولا هذا ولكن في يمينه أكثر إلى أن قال ويترجح التختم في اليمين مطلقاً لأن اليسار آلة الاستنجاء فيهان الخاتم إذا كان في اليمين عن أن تصيبه النجاسة . قلت وبالأخص إذا كان فيه اسم من أسماء الله تعالى كعبدالله أو عبد الرحمن . المعنى الإجمالي حديث عبدالله بن عمر أن النبي ﷺ اصطنع خاتماً من ذهب ولبسه مدة ثم نزعه وهو على المنبر ليراه الناس فتأسوا به فنزع الناس خواتيمهم أي تركوها فقه الحديث يؤخذ من الحديث أولاً : أن خواتم الذهب محرمة على الرجال لأن النبي ﷺ اصطنع خاتماً من ذهب في أول أمره سواء كان من الذهب الصرف أي الخالص أو كان من الفضة مطلي عليه بالذهب فقد رماه النبي ﷺ وحلف أن لا يلبسه وهذا يعد نسخاً للأمر الأول أما إن قلنا أن الخاتم الأول من الفضة كما جاء في بعض الروايات وأن النبي ﷺ طرحه ثم لبسه لحاجته إلى ذلك فإنه يكون فيه نسخاً للتختم على سبيل الزينة والإباحة للتختم بالفضة إذا دعت الحاجة ثانياً : قد علم أن النبي ﷺ كان يلبس خاتماً من ورق مكتوب فيه محمد رسول الله ثلاثة أسطر الأول محمد والثاني رسول والثالث لفظ الجلالة وأنه بقي معه إلى أن مات ثم لبسه أبو بكر إلى أن مات ثم لبسه عمر إلى أن مات ثم لبسه عثمان رضي الله عنهم جميعاً وقيل أنه بعد ست سنوات سقط في بئر أريس ونزحت البئر بحثاً عنه فلم يظفروا به والمهم أن استمرار النبي ﷺ على لبسه دال على جواز لبس الخاتم والأحاديث في ذلك ثابتة ثالثاً : قد تقدم أنه يجوز للرجال لبس خاتم الفضة بشرط أن لا يزيد على مثقال رابعاً : أن النبي ﷺ أقر كثير من الناس على التختم بالفضة وهو دليل على الإباحة . خامساً : يؤخذ منه أنه يجوز لبسه في الخنصر والبنصر وقد ورد في ذلك حديث عَنْ عَلِيٍّ ابن أبي طالب رضي الله عنه قَالَ نَهَانِي يَعْنِي النَّبِيَّ ﷺ أَنْ أَجْعَلَ خَاتَمِي فِي هَذِهِ أَوْ الَّتِي تَلِيهَا ) وفي رواية ( فَأَوْمَأَ إِلَى الْوُسْطَى وَالَّتِي تَلِيهَا) وفي الترمذي (وَأَشَارَ إِلَى السَّبَّابَةِ وَالْوُسْطَى ) والبنصر مفهوم مخالفة سادساً : في قوله جعله في يده اليمنى وأقول قد ورد أن النبي ﷺ تختم في الخنصر من اليد اليمنى ومن اليد اليسرى وأكثر الروايات تثبت اليمنى كما تقدم وقد عقد أبو داود كتاباً في سننه سماه كتاب الخاتم أورد فيه سبعة أبواب فليراجع وليراجع باب الخاتم من الزينة في جامع الأصول ج4 ص705 وبالله التوفيق . ملحوظة : أما النساء فقد تقدم أنه يحل لهن التختم بالذهب والتحلي به على أي طريقة كانت وهو القول الأصح من أقوال العلماء ولشيخنا الألباني رحمه الله رأي في ذلك وهو أن المحلق لا يجوز للنساء وأهل العلم جميعاً إلا من قلده يخالفونه في ذلك ولا شك أن الألباني عالم جليل صاحب سنة وله جهود كبيرة في تمييز صحيح الحديث من ضعيفه ولكنه غير معصوم في اجتهاده كغيره من الناس وبالله التوفيق . -------- تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 5 ] [ المجلد الخامس ] http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam5.pdf الرابط المباشر لتحميل الكتاب : http://subulsalam.com/play.php?catsmktba=9384 |
بسم الله الرحمن الرحيم تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي - رحمه الله - الحديث السادس : عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ نهى عن لبوس الحرير إلا هكذا ورفع لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أصبعيه السبابة والوسطى ولمسلم نهى نبي الله ﷺ عن لبس الحرير إلا موضع أصبعين أو ثلاث أو أربع . موضوع الحديث : مقدار ما يجوز من الحرير للرجال المفردات نهى عن لبوس الحرير : أي عن لبسه إلا هكذا : استثناء فرفع أصبعيه : المراد بالأصبعين السبابة والوسطى وفي الرواية الثانية إلا موضع أصبعين أو ثلاث أو أربع المعنى الإجمالي أن رسول الله ﷺ أخبر عن نهي الله سبحانه وتعالى للذكور من عباده عن لبس الحرير إلا ما استثنى والمستثنى في الحديث المتفق عليه أصبعين وفي رواية مسلم أو ثلاث أو أربع فقه الحديث أولاً : يؤخذ من الحديث تحريم لبس الحرير على الذكور من أمة محمد ﷺ إلا ما استثنى ثانياً : تخصيص النهي بالرجال يدل عليه ما جاء عن النبي ﷺ ( أنه أخذ في إحدى يديه ذهباً وفي الأخرى حريراً ثم قال ألا إن هذين حلال لإناث أمتي ومحرم على ذكورها ) ثالثاً :إنما أبيح الذهب والحرير للنساء لأنهن بحاجة إلى التجمل وهذين النوعين مما يجمل النساء والله سبحانه وتعالى هو خالق الذكور والإناث ويعلم حاجة كل منهما وقد وصف الله سبحانه الإناث بقوله ( أَوَمَن يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ) [ الزخرف : 18 ] فالمرأة بحاجة إلى التحلي والتجمل لذلك أباح الله لها التحلي بالذهب وأباح لها لبس الحرير أيضاً وحرمه على الرجال ذلك لأن الحرير فيه نعومة والرجال بحاجة إلى الخشونة والقوة ونهوا عن الليونة ولهذا ورد من كلام عمر بن الخطاب رضي الله عنه (اخشوشنوا واخشوشبوا ) رابعاً : أبيح للرجال العلم في الثوب من الحرير بشرط أن لا يزيد على أربع أصابع فإن كان العلم من ناحية أصبعين جاز أما إذا كان أكثر من ذلك فإنه لا يجوز لبسه للرجال خامساً : قال ابن الملقن يدخل في الإباحة العلم في الثوب والعمامة وعن مالك رواية تمنعه وهو قول ابن عمر وأقول : إذا كان العلم في الإزار أو الرداء فذلك ظاهر فيه الجواز أما العمامة فلا أدري على أن الإباحة في الأثواب المستعملة كثيراً والمستعمل كثيراً هو الإزار والرداء علماً بأنه لو كان في الإزار والرداء ما يزيد على أربع أصابع فإنه يمنع هذا هو الظاهر وبالله التوفيق. -------- تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 5 ] [ المجلد الخامس ] http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam5.pdf الرابط المباشر لتحميل الكتاب : http://subulsalam.com/play.php?catsmktba=9384 |
بسم الله الرحمن الرحيم تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي - رحمه الله - الحديث الأول : عن عبدالله بن أبي أوفى رضي الله عنهما أن رسول الله ﷺ في بعض أيامه التي لقي فيها العدو انتظر حتى إذا زالت الشمس قام فيهم فقال أيها الناس لا تتمنوا لقاء العدو واسألوا الله العافية فإذا لقيتموهم فاصبروا واعلموا أن الجنة تحت ظلال السيوف . ثم قال النبي ﷺ اللهم منـزل الكتاب ومجري السحاب وهازم الأحزاب اهزمهم وانصرنا عليهم . موضوع الحديث : فضل الجهاد في سبيل الله والنهي عن تمني لقاء العدو والأمر بالصبر عند لقائه المفردات قوله بعض أيامه : أي حروبه والحرب يسمى يوماً وإن استغرق أياماً كما يقال يوم بعاث ويوم صفين وما أشبه ذلك انتظر : أي تأخر إلى ما بعد الزوال قام فيهم : أي خطيباً وقال يا أيها الناس : أي قال في خطبته يا أيها الناس لا تتمنوا لقاء العدو : نهي عن تمني لقاء العدو واسألوا الله العافية : أمر بسؤال العافية من الله والمقصود بذلك السلامة قوله فإذا لقيتموهم فاصبروا : أي إذا ابتليتم بلقاء العدو فاصبروا أي اصبروا على مرارة الحرب وما يكون فيها من الموت أو الجراح سواء كان غالباً أو مغلوباً فإن كان غالباً لزمه الصبر عن البطر والإعجاب بالنفس وإن كان مغلوباً صبر على ما حصل له قوله واعلموا : هذا تنبيه على فضل الجهاد أن الجنة تحت ظلال السيوف : أي لأن الجنة متسببة عنها وبريق السيوف من أعظم الأسباب فيها إذا بني ذلك على قصد نشر الدين وإعلائه وكان الجهاد على الطريقة الشرعية ثم دعا النبي e بتنـزّل النصر بقوله ( اللهم منزل الكتاب أي كما أنزلته فانصره ومجري السحاب أي بقدرتك الكاملة التي أجرت السحاب وأنزلت منه المطر نسألك بكل ذلك أن تنصرنا على عدوك وعدونا وهازم الأحزاب : المقصود بالأحزاب كل من عادى الرسل واتباعهم قال تعالى (كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَالأَحْزَابُ مِن بَعْدِهِمْ وَهَمَّتْ كُلُّ أُمَّةٍ بِرَسُولِهِمْ لِيَأْخُذُوهُ وَجَادَلُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ فَأَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كَانَ عِقَابِ ) [ غافر : 5 ] أي كما هزمت الأحزاب المتقدمين في الزمن اهزم هؤلاء الأحزاب الذين تحزبوا وتعاونوا وتناصروا على دحض الحق بالباطل كما كبتَّ الذين من قبلهم اكبت هؤلاء وانصرنا عليهم المعنى الإجمالي يخبر عبدالله بن أبي أوفى الصحابي رضي الله عنه أن النبي ﷺ لقي العدو في بعض أيامه فانتظر ولم يبدأ بالقتال إلا بعد أن زالت الشمس ولما زالت الشمس قام فيهم و لا بد أن يكون ذلك بعد الصلاة قام فيهم خطيباً فنهاهم عن تمني لقاء العدو لما فيه من الإعجاب بالنفس وأن يسأل الله العافية ثم قال فإذا لقيتموهم فاصبروا أي إن حقق الله ذلك وابتليتم بلقاء العدو فاصبروا عند ذلك واتركوا الجزع واعلموا أن لكم إحدى الحسنيين أما أن يُضفركم الله بعدوكم وتكون لكم الغلبة ويجمع الله لكم بين قهر العدو في الدنيا والثواب في الآخرة وإما أن تُغلبوا بعد أن بذلتم المجهود في الجهاد فيكون لكم الثواب الأخروي أما قوله واعلموا أن الجنة تحت ظلال السيوف فيجب علينا أن نؤمن به كما هو ثم دعا رسول الله ﷺ ربه بشرعه المنزل وقدرته الكاملة أن ينصر المسلمين على عدوهم وبالله التوفيق فقه الحديث أولاً : أن المشروع للمسلمين الذي شرعه لهم نبيهم ﷺ أنهم إما أن يبدأوا القتال من الصباح وإن لم يبدأوا من الصباح أخروا القتال إلى بعد صلاة الظهر وزوال الشمس وهبوب الرياح ثانياً : قيل أن التأخير إلى بعد الزوال لأمرين الأمر الأول أن يصلي المسلمون ويدعو لجيوشهم بالنصر وكذلك المجاهدون يؤدون فريضة الله عز وجل ويكون ذلك سبباً في النصر على العدو الأمر الثاني : أنه بعد الزوال تهب الرياح ويبرد الجو ويكون في ذلك عون للمسلمين على عدوهم ثالثاً : مشروعية الخطبة من قائد الجيش قبل البدأ بالقتال ليلخص لهم أهدافه ويأمرهم بالصبر وينهاهم عما لا ينبغي رابعاً : النهي عن تمني لقاء العدو لأن فيه الإعجاب بالنفس والله عز وجل قال (لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنكُمْ شَيْئاً وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُم مُّدْبِرِينَ ) [ التوبة : 25] وذلك بسبب قول بعضهم لن نغلب اليوم من قلة ثم أخبر أنه نصر نبيه بعد تلك الجولة بقوله ( ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنْزَلَ جُنُوداً لَمْ تَرَوْهَا وَعَذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ) [ التوبة:26 ] خامساً : ويتضمن النهي عن تمني لقاء العدو يتضمن النهي عن الإعجاب بالنفس والتباهي بالقوة وأن يكل العبد أمره إلى مولاه جلت قدرته وعز سلطانه فكم قد نصر أهل الحق وهم رسله وأتباعهم وهم قلة مستضعفون فنصرهم على أهل القوة المادية ونتذكر إغراق الله لقوم نوح ونصر إبراهيم على قومه حين ألقوه في النار وخرج منها بعد أن خمدت مرفوع الرأس منتصراً على قومه وكيف كان فرعون وقومه متيقنين في أنفسهم النصر على بني إسرائيل بكثرتهم وقلة بني إسرائيل فأمر الله البحر فانفتح لبني إسرائيل طرقاً حتى خرجوا ودخل فرعون وقومه فابتلعهم وأهلكهم فكم لله من عجائب في خلقه فكما فعل بأولئك فهو قادر على نصر المؤمنين من عدوهم سادساً : الأمر بالصبر عند اللقاء ومعنى ذلك النهي عن الجزع الذي يؤدي إلى الانهزام والفشل بل يجب على المؤمنين أن يصبروا وينبغي لهم أن يواصلوا ما بدأوه من قتال العدو سواء كان قتالاً فعلياً أو قتال مخاصمة وطرح وأخذ ورد وبيان للحق ودحض للباطل كما يكون بمجادلة أهل الأحزاب والمبتدعة وما أشبه ذلك فإن هذا من الجهاد نسأل الله القوة عليه والصبر فيه سابعاً : في قوله واعلموا أن الجنة تحت ظلال السيوف إخبار بحقيقة يعلمها الله وعلينا أن نؤمن بها فإنها حقيقة وليست مجازاً كما يقوله بعض من كتب في هذا الأمر فالجهاد هو سبب دخول الجنة ثامناً : ثم قال النبي ﷺ داعياً اللهم منـزل الكتاب ومجري السحاب وهازم الأحزاب اهزمهم وانصرنا عليهم وفي ضمن ذلك المسألة وهو أن المشروع لأصحاب الحق وأهله أن يدعوا الله عز وجل وأن يتضرعوا بين يديه راجين نصره وثوابه وإعزاز الشرع وأهله وهزيمة الباطل وأصحابه تاسعاً : يؤخذ من قوله منزل الكتاب التوسل إلى الله عز وجل أن ينصر كتابه الذي أنزله لكونه منـزله وهو يملك نواصي العباد ويملك ما ملكوا فهو قادر عليهم قادر على إذلال من ناوئ كتابه وكذب رسله عاشراً : قوله مجري السحاب توسل إليه سبحانه وتعالى بأسباب الرزق وهو إجراء السحاب وإنزال المطر وإنبات النبات الذي فيه رزق بني آدم والبهائم الحادي عشر : التوسل أيضاً بهزيمة للأحزاب الذين تحزبوا ضد رسله وكتبه يريدون أن يدحضوا الحق بالباطل فهزمهم ونصره عليهم وهذه الثلاثة الأمور وهي نصر الشرائع وبسط الرزق للعباد وهزم الأحزاب الذين تحزبوا ضد رسله واتباع رسله في كل زمان ومكان توسل إلى الله بقدرته العظيمة التي فعلت هذا كله فقال إهزمهم وانصرنا عليهم وبالله التوفيق . -------- تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 5 ] [ المجلد الخامس ] http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam5.pdf الرابط المباشر لتحميل الكتاب : http://subulsalam.com/play.php?catsmktba=9384 |
بسم الله الرحمن الرحيم تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي - رحمه الله - الحديث الثاني : عن سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنهما تقدمت ترجمته في كتاب الجمعة أن رسول الله ﷺ قال رباط يوم في سبيل الله خير من الدنيا وما عليها وموضع سوط أحدكم في الجنة خير من الدنيا وما عليها والروحة يروحها العبد في سبيل الله أو الغدوة خيرمن الدنيا وما فيها . قال الرباط مراقبة العدو في الثغور المتاخمة لبلاد المسلمين . موضوع الحديث : الموازنة بين الفاني والباقي وأن الفاني قليل وإن كثر والباقي كثير وإن رأوه قليلاً المفردات الرباط : هو المقام في حدود العدو من أجل ذلك وقد قال الله عز وجل ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ) [ آل عمران : 200 ] وقال النبي ﷺ ( أَلا أَدُلُّكُمْ عَلَى مَا يَمْحُو اللَّهُ بِهِ الْخَطَايَا وَيَرْفَعُ بِهِ الدَّرَجَاتِ قَالُوا بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ إِسْبَاغُ الْوُضُوءِ عَلَى الْمَكَارِهِ وَكَثْرَةُ الْخُطَا إِلَى الْمَسَاجِدِ وَانْتِظَارُ الصَّلاةِ بَعْدَ الصَّلاةِ فَذَلِكُمْ الرِّبَاطُ وعلى هذا فيكون الرباط هو المثابرة على العمل والدأب فيه وهو إسباغ الوضوء على المكاره وكثرة الخطا إلى الصلاة لأدائها وانتظار الصلاة . قوله خير من الدنيا وما عليها : أي أن المقام في حدود العدو من الكفار رصداً لحركات العدو وحراسته لمن يكونون حوله وقريباً منه رباط يوم بهذه النية خيرمن الدنيا وما عليها والدنيا هي كل ما قصد به الانتفاع من الأمور المادية من ذهب وفضة وحرث وزراعة وغير ذلك قوله وموضع سوط أحدكم في الجنة خيرمن الدنيا وما عليها : أي أن هذا المقدار خير من الدنيا وما عليها ومعلوم تفضيل موضع السوط في الجنة على الدنيا بأكملها . قوله والروحة يروحها العبد في سبيل الله أقول الروحة هي الذهاب من بعد الظهر في عمل الخير كمن يذهب لطلب علم أو لتعليم قوم وإرشادهم أو لقتال كفار أو لأي أمر فيهصلاح للدين فهذه الروحة أو الغدوة إن غدا من أول النهار إلى وسطه خير من الدنيا كلها وما فيها المعنى الإجمالي يخبر النبي ﷺ بأن مقام يوم في الرباط أو غدوة في سبيل الله وموضع سوط أحدنا في الجنة كل ذلك خير من الدنيا وما عليها ذلك لأن الجنة باقية والدنيا فانية وقليل الباقي خير من كثير الفاني فقه الحديث أولاً : فضيلة الرباط في سبيل الله وأن رباط يوم في سبيل الله خير من الدنيا وما عليها ثانياً : يؤخذ من قوله وموضع سوط أحدكم في الجنة خير من الدنيا وما عليها أن موضع السوط مع قلته والدنيا كلها مع كثرتها يفضل عليها موضع السوط لأن الدنيا وما فيها من متاع كلها فانية من نساء وبنين وزروع وحرث وذهب وفضة وقصور وغير ذلك كل هذه إذا وضعت بالمفاضلة فموضع السوط خير منها ثالثاً : يؤخذ من قوله والروحة يروحها العبد أو الغدوة خير من الدنيا وما فيها فالروحة في طلب العلم أو في تعليمه في إرشاد الضال وتبصير الجاهل وغير ذلك كل هذا غدوة يذهب لها الإنسان أو روحة والغدوة هي ما قبل الزوال والروحة التي بعده إلى المغرب كل ذلك يعني أن ثواب الغدوة أو الروحة خير من الدنيا كلها وما عليها بكل ما فيها كما قلنا رابعاً : أن العمل الذي يترتب عليه الثواب يشترط فيه أن يكون خالصاً لله وصواباً على ما شرعه رسول الله ﷺ فإذا كان خالصاً لله وصواباً على ما شرعه رسول الله ﷺ فلنعلم أن ثوابه مضمون خامساً : الذي نظنه ونعتقده أن أعمال أهل البدع لا يترتب عليها هذا الثواب العظيم فينبغي أن يعلم الفرق بين ما جمع الشرطين وهو ما كان خالصاً وصواباً على ما شرعه رسوله ﷺ وما كان مخلطاً فالظاهر أن المخلط أي العمل المخلوط بالبدعة أنه مردود وغير مقبول حسب ما فهم من النصوص الشرعية وبالله التوفيق . سادساً : أن النبي ﷺ أخبر أن رباط يوم في سبيل الله يترتب عليه ذلك الثواب العظيم الذي يفضل الدنيا وما فيها سابعاً : يؤخذ منه أن رباط يوم يسمى رباط ثامناً : التنبيه على عظم فضل ما أعد للمجاهد وإن قل عمله تاسعاً : فيه الحث على الغزو والجهاد في سبيل الله سواء كان لتعلم أو لتعليم وغير ذلك عاشراً : فيه التنبيه على حقارة الدنيا وما فيها وعلى فنائها وبقاء الآخرة وبالله التوفيق -------- تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 5 ] [ المجلد الخامس ] http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam5.pdf الرابط المباشر لتحميل الكتاب : http://subulsalam.com/play.php?catsmktba=9384 |
بسم الله الرحمن الرحيم تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي - رحمه الله - الحديث الثالث : عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي ﷺ قال انتدب الله . ولمسلم : تضمن الله لمن خرج في سبيله لا يخرجه إلا جهاد في سبيلي وإيمان بي وتصديق برسولي فهو عليّ ضامن أن أدخله الجنة أو أرجعه إلى مسكنه الذي خرج منه نائلاً ما نال من أجر أو غنيمة ولمسلم : مثل المجاهد في سبيل الله والله أعلم بمن يجاهد في سبيله كمثل الصائم القائم وتوكل الله للمجاهد في سبيله إن توفاه أن يدخله الجنة أو يرجعه سالماً مع أجر أو غنيمة موضوع الحديث : فضيلة الجهاد في سبيل الله وأنه يعدل ثواب الصائم القائم الذي لا يفتر من صيام وقيام المفردات قوله تضمن الله وفي رواية تكفل الله وفي رواية توكل الله وفي رواية انتدب الله وكلها بمعنى واحد وهو تحقيق الموعود وما ضمن فيه رب العالمين فهو واقع لا محالة ونحن على ذلك من الشاهدين لأنه تكفل فيه القادر الذي لا يعجزه شيء والواجد الذي لا يعدم والغني الذي عطاءه كلام وعذابه كلام قوله لمن خرج في سبيله : والضمير في قوله في سبيله يعود إلى اللهتعالى بمعنى أنه مخلص لله مؤمن به مصدق بموعوده قال لا يخرجه إلا جهاد في سبيلي وإيمان بي : أي تصديق بي يعني بالله وتصديق برسولي فهو علي ضامن : معنى ضامن كتامر ولابن أي ذا تمر ولبن والمعنى أن الله ضامن له وضامن بمعنى مضمون كعيشة راضية أي مرضية أن أدخله الجنة : يعني إن قتل أدخلته الجنة وإن لم يقتل فإني أرجعه إلى مسكنه الذي خرج منه نائلاً ما نال أي نائلاً الثواب الذي رصد له من أجر وغنيمة ومعنى ذلك أنه لا بد أن ينال الثواب مع الغنيمة إن جمعت له أو الثواب إن لم تحصل له غنيمة فهو في كلا الأحوال رابح وفائز قال ولمسلم مثل المجاهد في سبيل الله ..إلخ قال ابن الملقن هذه الرواية ليست في صحيح مسلم وإنما هي في صحيح البخاري وهذا لفظه وقال هذه الزيادة التي عزاها المصنف إلى مسلم ليست فيه وإنما هي في البخاري بطولها في باب أفضل الناس مؤمن مجاهد بنفسه وماله في سبيل الله ) فكان ينبغي أن يقول وللبخاري بدل ولمسلم أهـ قوله مثل المجاهد في سبيل الله والله أعلم بمن يجاهد في سبيله كمثل الصائم القائم : يعني أن أجره كأجر الصائم القائم الذي لا يفتر من صيام ولا قيام من الفتور وهو الضعف والانقطاع قال وفي مسلم من حديث آخر عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قيل يا رسول الله ما يعدل الجهاد في سبيل الله قال لا تستطيعونه فأعادوا عليه مرتين أو ثلاثا كل ذلك يقول لا تستطيعونه ثم قال مثل المجاهد في سبيل الله كمثل الصائم القائم القانت بآيات الله لا يفتر من صلاة ولا صيام حتى يرجع المجاهد في سبيل الله ) المعنى الإجمالي في هذا الحديث ضمان من الله لمن خرج في سبيله لا يخرجه إلا جهاد في سبيله ..إلخ ومعنى ذلك أنه يكون مؤمناً مخلصاً أنه ضامنعلى الله في واحد من ثلاثة أو اثنتين منها فإن قتل فهو ضامن على الله أن يدخله الجنة وإن بقي فقد تضمن الله أن يرجعه إلى مسكنه بما ناله من أجر أو غنيمة أي من أجر بدون غنيمة أو يجمع الله له بين الغنيمة والأجر أما الرواية الثانية التي عزاها صاحب العمدة إلى مسلم واستدل عليه ابن الملقن وفيها أن فضيلة الجهاد في سبيل الله أي التي تقوم مقام الجهاد أمر لا يستطيعه البشر وذلك كالآتي أن يكون بدلاً من الخروج يدخل في مصلاه فيواصل الصلاة والصيام والقيام ولهذا قال ﷺ لا تستطيعونه فقه الحديث أولاً : يؤخذ من الحديث الأول قوله انتدب الله يؤخذ منه فضيلة المجاهد في سبيل الله وأنها فضيلة عظيمة وكذلك في الرواية الأخرى نسأل الله أن يبلغنا من فضله ما يكون له هو أهل وإن كنا لسنا بأهل ثانياً : معنى تضمن وانتدب وتكفل أنه قطع وعداً على نفسه بأن يكون كفيلاً لمن خرج في سبيله بالأمور الثلاثة المذكورة في الحديث 1- وهي دخول الجنة إن قتل وكذلك إن مات 2- إحرازه للثواب إن بقي وهو إما ثواب كامل لمن لم يحصل على غنيمة 3- أو ثواب مع غنيمة لمن حصل عليها في الدنيا ثالثاً : يؤخذ من قوله مثل المجاهد في سبيل الله أن ثواب المجاهد كثواب الصائم الذي لا يفطر والقائم الذي لا يفتر أي الذي لا يفتر عن الصلاة وفي هذا من الفضل ما لا يستطاع وصفه رابعاً : يؤخذ من قوله والله أعلم بمن يجاهد في سبيله أن الجهاد لا بد أن يكون جهاداً شرعياً بشروطه خامساً : وأن يكون المجاهد مخلصاً لله عز وجل لا يريد من رواء ذلك عرضاً دنيوياً ولا شيئاً من مقاصد الدنيا الزائلة وبالله التوفيق . سادساً : ومن شروطه أن يكون تحت راية إمام مسلم -------- تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 5 ] [ المجلد الخامس ] http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam5.pdf الرابط المباشر لتحميل الكتاب : http://subulsalam.com/play.php?catsmktba=9384 |
بسم الله الرحمن الرحيم تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي - رحمه الله - الحديث الرابع : وعنه رضي الله عنه قال قال رسول الله ﷺ ما من مكلوم يكلم في سبيل الله إلا جاء يوم القيامة وكلمه يدمى اللون لون الدم والريح ريح المسك . موضوع الحديث : فضل من جرح في سبيل الله عز وجل المفردات مكلوم : بمعنى مجروح يكلم : بمعنى يجرح في سبيل الله : أي كانت نيته خالصةً لله وبذل نفسه لإعلاء كلمة الله إلا جاء يوم القيامة وكلمه يدمى : أي وجرحه يثعب منه الدم ويسيل كهيئته حين جرح اللون لون الدم والريح ريح المسك : أي أن اللون أحمر ولكن الريح ريح المسك وليس بريح دم المعنى الإجمالي يخبر النبي ﷺ أنه ما من مكلوم يكلم في سبيل الله بأن كان مخلصاً باذلاً نفسه لربه طائعاً راجياً من الله ثوابه وخائفاً من عقابه إلا جاء يوم القيامة وكلمه يدمى كهيئته يوم جرح اللون لون الدم والريح ريح المسك فقه الحديث أولاً : فضيلة من يكلم في سبيل الله وأن رائحة دمه تنتشر في الموقف فيشمها الناس جميعاً كأنها رائحة مسك ثانياً : أنه يشترط لذلك أن يكون في سبيل الله وما معنى في سبيل الله ؟ أي يكون مخلصاً لله في العمل الذي أوجب جرحه وأن يكون عمله صواباً على ما شرعه رسول الله ﷺ فإن كانت النية مدخولة أو العمل غير صواب على الوجهة الشرعية فإنه لا يكون كلمه كذلك ولهذا جاء في الحديث الذي مضى أن النبي ﷺ قال ( والله أعلم بمن يجاهد في سبيله ) ثالثاً : يعلم من هذا أن الذين يقتلون أنفسهم فيما يسمونه بالعمليات الاستشهادية وهي ليست استشهادية وإنما هي انتحارية وكذلك الخوارج الذين يفسدون في الأرض بإزهاق الأرواح وسفك الدماء وإتلاف الأموال على غير بصيرة ولا هدى فإن عملهم باطل وهو موجب لغضب الله لا موجب لرضى الله كما زعموا ولهذا فليتقوا الله في أنفسهم وليتق الله الذين يفتونهم بجواز ما عملوا من الإفساد رابعاً : قوله إلا جاء يوم القيامة وكلمه يدمى أي ينـزل منه الدم كهيئته يوم جرح خامساً : قوله اللون لون الدم والريح ريح المسك يؤخذ منه أن الله سبح يكون مكروهاً عند الناس يكون عند الله عز وجل طيباً كرائحة المسك ) سادساً : ما هو السبب في تغير الدم تغير رائحته وإن كان لونه لونه السبب في ذلك طيب النية وحسنها وامتثال الأمر وبذل النفس في سبيل الله كما يقول عز من قائل (وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلّهِ فَإِنِ انتَهَواْ فَلاَ عُدْوَانَ إِلاَّ عَلَى الظَّالِمِينَ ) [ البقرة : 193 ] فإذا كانت النية لإعلاء كلمة الله أظهر الله حسنها يوم القيامة لأهل الموقف والمشهد سابعاً : أن تلك الرائحة الجميلة الحسنة يستدل بها من شمها على حسن عمل صاحبها وطيب نيته وإخلاصه لله رب العالمين نسأل الله جل شأنه أن يجعلنا من المخلصين وأن يثبتنا على الحق حتى نلقاه ثامناً : ادعى بعض الجماعات أن الذين قتلوا منهم كانت تنبعث من قبورهم رائحة المسك وهذه الدعوى يجب أن نعرضها على واقع السلف فهل ادعى في قبر أحد منهم أنه كان ترابه كرائحة المسك لا يصح هذا عن أحد أبداً وإن الذين قالوا هذا القول قولهم باطل لأن قتالهم وإن كانوا في سبيل الله ليسوا بأفضل من أصحاب رسول الله ﷺ فقد دفن النبي ﷺ وأصحابه سبعين رجلاً ولم يوجد في حديث واحد أنه انبعث من قبر أحد منهم رائحة المسك وإنما هذه مبالغة نسأل الله أن يسامح من كتبها وأن يوفقنا للحق إنه جواد كريم وصلى الله على نبينا محمد تاسعاً : أما ما ورد في هذا الحديث فهو يوم القيامة وليس في الدنيا . -------- تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 5 ] [ المجلد الخامس ] http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam5.pdf الرابط المباشر لتحميل الكتاب : http://subulsalam.com/play.php?catsmktba=9384 |
بسم الله الرحمن الرحيم تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي - رحمه الله - الحديث الخامس : عن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه قال قال رسول الله ﷺ غدوة في سبيل الله أو روحة خير مما طلعت عليه الشمس أو غربت . قال ابن الملقن هذا الحديث من أفراد مسلم والكلام على الغدوة والروحة قد مر في الأحاديث القريبة الماضية فالغدوة هي الخروج من الغدو ما بين صلاة الصبح إلى الزوال والروحة هي الخروج في الرواح ما بين الزوال إلى غروب الشمس ويستفاد من الحديث أن تلك الغدوة أو الروحة التي يعملها العبد في سبيل الله بأن يكون مخلصاً لله وعمله موافقاً لما شرع الله أي أن تلك الغدوة أو الروحة خير مما طلعت عليه الشمس أو غربت وهذا تفضيل لتلك الغدوة أو الروحة على جميع متاع الدنيا من أموال وقصور ومزارع وغير ذلك من متاع الدنيا ونسائها أن تلك الغدوة أو الروحة خير مما طلعت عليه الشمس وغربت أي من مشرقها إلى مغربها فسبحان من لا يحصر فضله ولا يعلم مداه إلا هو وهذا فيه فضيلة للأعمال الخيرية جميعاً سواء كان ذلك بجهاد السنان أو البيان وقد سبق لنا أن بينا أن الخروج لطلب العلم أو تعليمه أو للجهاد الفعلي في سبيل الله بين المسلمين والكفار كل ذلك في سبيل الله وأن الغدوة أو الروحة فيه خير من الدنيا وما عليها وبالله التوفيق . -------- تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 5 ] [ المجلد الخامس ] http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam5.pdf الرابط المباشر لتحميل الكتاب : http://subulsalam.com/play.php?catsmktba=9384 |
بسم الله الرحمن الرحيم تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي - رحمه الله - الحديث السادس : عن أنس رضي الله عنه قال قال رسول الله ﷺ غدوة في سبيل الله أو روحة خير من الدنيا وما فيها هذا الحديث متفق عليه أخرجه البخاري وأخرجه مسلم والكلام عليه كالكلام على سابقه فلا داعي للإعادة . وبالله التوفيق . الحديث السابع : عن أبي قتادة الأنصاري رضي الله عنه قال خرجنا مع النبي ﷺ إلى حنين – وذكر قصة – فقال رسول الله ﷺ من قتل قتيلاً عليه بينة فله سلبه قالها ثلاثاً موضوع الحديث : أن السلب للقاتل وسيأتي الكلام على هذه المسالة المفردات قوله خرجنا مع النبي ﷺ إلى حنين : حنين موضع شرق عرفة وقد ذكره الله عز وجل في قوله (وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا ) [التوبة : 25] قوله وذكر قصة : القصة هي ( عَنْ أَبِي قَتَادَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ عَامَ حُنَيْنٍ فَلَمَّا الْتَقَيْنَا كَانَتْ لِلْمُسْلِمِينَ جَوْلَةٌ فَرَأَيْتُ رَجُلاً مِنْ الْمُشْرِكِينَ عَلا رَجُلاً مِنْ الْمُسْلِمِينَ فَاسْتَدَرْتُ حَتَّى أَتَيْتُهُ مِنْ وَرَائِهِ حَتَّى ضَرَبْتُهُ بِالسَّيْفِ عَلَى حَبْلِ عَاتِقِهِ فَأَقْبَلَ عَلَيَّ فَضَمَّنِي ضَمَّةً وَجَدْتُ مِنْهَا رِيحَ الْمَوْتِ ثُمَّ أَدْرَكَهُ الْمَوْتُ فَأَرْسَلَنِي فَلَحِقْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ فَقُلْتُ مَا بَالُ النَّاسِ قَالَ أَمْرُ اللَّهِ ثُمَّ إِنَّ النَّاسَ رَجَعُوا وَجَلَسَ النَّبِيُّ ﷺ فَقَالَ مَنْ قَتَلَ قَتِيلاً لَهُ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ فَلَهُ سَلَبُهُ فَقُمْتُ فَقُلْتُ مَنْ يَشْهَدُ لِي ثُمَّ جَلَسْتُ ثُمَّ قَالَ مَنْ قَتَلَ قَتِيلاً لَهُ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ فَلَهُ سَلَبُهُ فَقُمْتُ فَقُلْتُ مَنْ يَشْهَدُ لِي ثُمَّ جَلَسْتُ ثُمَّ قَالَ الثَّالِثَةَ مِثْلَهُ فَقُمْتُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مَا لَكَ يَا أَبَا قَتَادَةَ فَاقْتَصَصْتُ عَلَيْهِ الْقِصَّةَ فَقَالَ رَجُلٌ صَدَقَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَسَلَبُهُ عِنْدِي فَأَرْضِهِ عَنِّي فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لاهَا اللَّهِ إِذًا لا يَعْمِدُ إِلَى أَسَدٍ مِنْ أُسْدِ اللَّهِ يُقَاتِلُ عَنْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ﷺ يُعْطِيكَ سَلَبَهُ فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ صَدَقَ فَأَعْطَاهُ فَبِعْتُ الدِّرْعَ فَابْتَعْتُ بِهِ مَخْرَفًا فِي بَنِي سَلِمَةَ فَإِنَّهُ لأَوَّلُ مَالٍ تَأَثَّلْتُهُ فِي الإِسْلامِ). قوله عليه بينة : المراد بالبينة ما يتبين به الأمر وقد اختلف أهل العلم هل يعتبر ترك ذلك الرجل يعتبر بينة فبعضهم قال نعم وبعضهم قال لا لأنه لم يطلب منه شاهد آخر ولم يحلفه والقول بأن الشاهد الواحد يكفي في مثل هذا ويعتبر في نظري هو الأصح . قوله سلبه : السلب هو ما قتل القتيل وهو عليه من آلات الحرب وغيرها المعنى الإجمالي المعنى الإجمالي في هذا الحديث أن النبي ﷺ قال يوم حنين من قتل قتيلاً له عليه بينة فله سلبه وأن أبا قتادة قتل رجلاً وقال لمن حوله إني قتلت رجلاً فأقسم على من عرف ذلك أن يشهد لي قالها ثلاثاً وفي الثالثة قال رجل من المسلمين … إلخ -------- تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 5 ] [ المجلد الخامس ] http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam5.pdf الرابط المباشر لتحميل الكتاب : http://subulsalam.com/play.php?catsmktba=9384 |
بسم الله الرحمن الرحيم تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي - رحمه الله - الحديث الثامن : عن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه قال أتى النبي ﷺ عين من المشركين – وهو في سفر – فجلس عند أصحابه يتحدث ثم انفتل فقال النبي ﷺ اطلبوه واقتلوه فقتلته فنفلني سلبه . وفي رواية فقال : من قتل الرجل فقالوا بن الأكوع فقال له سلبه أجمع موضوع الحديث : السلب كما سبق المفردات العين : هو الجاسوس الذي يريد اكتشاف أخبار المسلمين ليدل العدو على ذلك وهو في سفر: المراد به موقعة حنين قوله فجلس عند أصحابه : الضمير يعود إلى النبي ﷺ والضمير في جلس ويتحدث المستتر يعود على الجاسوس قوله ثم انفتل : أي تحرك وخرج بسرعة فقال النبي ﷺ اطلبوه واقتلوه : أي اطلبوه حتى تلحقوه وتقتلوه قال فقتلته فنفلني سلبه قوله فقال ابن الأكوع : يعني سلمة فقال له سلبه أجمع : هكذا ورد بالسجع المعنى الإجمالي لحديث سلمة أن عيناً من المشركين والعين هو الجاسوس الذي يريد أن يخبر بما عليه العدو لأصحابه فإذا رأى رقة وضعفاً أخبرهم والجاسوس على المسلمين يشرع قتله . فقه الحديثين يؤخذ من الحديثين : أولاً : أن السلب للقاتل سواء شرطه الإمام أو لم يشرطه وهو حكم شرعي لقول النبي ﷺ ( من قتل قتيلاً فله سلبه ) وقالها بعد انقضاء القتال وذلك يدل على أن هذا الحكم حكماً جارياً في الإسلام ومما يدل على ذلك قول أَبُي بَكْرٍ الصِّدِّيقُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لاهَا اللَّهِ إِذًا لا يَعْمِدُ إِلَى أَسَدٍ مِنْ أُسْدِ اللَّهِ يُقَاتِلُ عَنْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ﷺ يُعْطِيكَ سَلَبَهُ فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ صَدَقَ فَأَعْطَاهُ إياه فدل ذلك على أن هذا كان حكماً معلوماً في الإسلام لأن أبا بكر ما تكلم إلا عن شيء يعلمه شرعاً مستقراً سواء كان قاله قائد الجيش أو لم يقله وسواء قاله قبل القتال أو بعده كل ذلك يستحق به السلب قال ابن الملقن واختلف فيه العلماء على قولين أحدهما أنه يستحقه سواء قال أمير الجيش قبل ذلك من قتل قتيلاً فله سلبه أو لم يقل ذلك وبه قال الشافعي والأوزاعي والليث والثوري وأبو ثور وأحمد وإسحاق وابن جرير وغيرهم قالوا هذا الحديث فتوى منه ﷺ وإخبار عن حكم الشرع فلا يتوقف على قول أحد والقول الثاني أنه لا يستحق القاتل ذلك لمجرد القتل وإنما هو لجميع الغانمين كسائر الغنيمة إلا أن يقول قبل القتال من قتل قتيلاً فله سلبه وبه قال مالك وأبو حنيفة ومن تابعهما وحملوا الحديث على هذا وجعلوا هذا إطلاقاً من النبي ﷺ وليس بفتوى وإخبار عنه قال واستضعف هذا فإنه صرح في هذا الحديث الصحيح بأنه عليه الصلاة والسلام قال هذا بعد الفراغ من القتال واجتماع الغنائم . وقال الشيخ تقي الدين هذا يتعلق بقاعدة وهي أن تصرفات الشارع في أمثال هذا إذا ترددت بين التشريع والحكم الذي يتصرف فيه ولاة الأمور هل يحمل على الأول أو الثاني والأغلب حمله على الأول قلت :وقد تقدم الترجيح بأن النبي ﷺ قال ذلك بعد انتهاء القتال وأن أبا بكر حين أنكر على ذلك الرجل حين طلب أن يرضي القاتل عن السلب وقرره النبي ﷺ على ذلك فقال أعطه سلبه إلا أنه قد تحصل حالات يستكثر فيها السلب فيرى أمير الجيش أن إعطاء السلب مع كثرته فيه ضرر على المجاهدين ونقص من غنيمتهم كما في حديث عوف بن مالك الأشجعي رضي الله عنه أو كان المطالب قد أساء الأدب مع الأمير فيستحق أن يمنع ذلك السلب بسبب سوء أدبه . ثانياً : ما هو السلب ؟ والجواب : السلب هو ما كان يحمله المقتول أو يلبسه وقت القتل وهو كالسيف والترس والقوس والسهام وما أشبه ذلك من لأمة الحرب سواء كانت في ذلك الزمن أو في زمننا هذا وكذلك ما كان لابساً له من لباس ودرع وخوذة واختلفوا في الدابة هل تلحق بالسلب أم لا ؟ وقد ذكر هنا ابن الملقن أن الإمام أحمد لم يجعل الدابة من السلب وقال في مسائل الخرقي والدابة وما عليها من آلتها من السلب وقال في المغني وجملته أن السلب ما كان القتيل لابساً له من ثياب وعمامة وقلنسوة ومنطقة ودرع ومغفر وبيضة وتاج وأسورة .. إلخ ما ذكر وقال في المغني أيضاً واختلفت الرواية عن أحمد في الدابة فنقل عنه أنها ليست من السلب وهو اختيار أبي بكر لأن السلب ما كان على يديه والمهم أن عن أحمد روايتان في الدابة إحداها أنها تدخل في السلب والرواية الثانية أنها لا تدخل (المغني الجزء الثالث عشر ص72) ثالثاً : أنه لا يستحق السلب إلا بشروط أربعة : أحدها : أن يكون المقتول من المقاتلة فأما إن قتل امرأة أو صبياً أو شيخاً فانياً أو ضعيفاً مهيناً ونحوهم ممن لا يقاتل لم يستحق سلبه الثاني : أن يكون المقتول فيه منعة غير مثخن بالجراح فإن كان مثخناً بالجراح فليس لقاتله شيء من سلبه . الثالث : أن يقتله أو يثخنه حتى يكون في حكم المقتول الرابع : أن يغرر بنفسه في قتله أي يخاطر بنفسه لأنه يحتمل أن يكون قاتلاً أو مقتولاً وقد ذكر ابن الملقن فوائد أحدها : الجلوس عند أصحابه لإيناسهم بالحديث وتعلم العلم في الأسفار ووقت الحاجة إلى ذلك قال وفي صحيح مسلم أن ذلك كان وقت التضحي لقوله(بينما نحن نتضحى إذ جاءه رجل…) وأقول:قوله فجلس مع أصحابه يتحدث الضمير في هذا يعود إلى العين من المشركين لا إلى النبي ﷺ وكأن المؤلف فهم من قوله فجلس عند أصحابه يتحدث أن الضمير يعود إلى النبي ﷺ وليس كذلك ثانيها : الأمر بطلب الجاسوس الكافر الحربي وقتله والإجماع قائم على ذلك لما في ذلك من كشف لعورات المسلمين ، واختلف العلماء في الجاسوس المعاهد والذمي هل ينتقض عهده إذا علم منه التجسس على المسلمين ويقتل ؟ أحدها : يصير ناقضاً للعهد بذلك فإن رأى الإمام استرقاقه أرقه ويجوز قتله ثانيهما : لا ينتقض عهده بذلك وبه قال جمهور العلماء . قالت الشافعية إلا أن يكون قد شرط عليهم انتقاض العهد بذلك وأقول : إن القول أن العهد ينتقض بذلك هذا هو الصحيح وفي كتاب عمر بن الخطاب رضي الله عنه بالأمان لأهل الذمة ما يشهد لذلك . أما الجاسوس المسلم فقال الشافعي والأوزاعي وأبو حنيفة وبعض المالكية والجمهور يعزره الإمام بما يراه من ضرب وحبس ونحوهما ولا يجوز قتله وقال مالك يجتهد فيه الإمام ثالثها ورابعها: أن القاتل يستحق السلب وأنه لا يخمس خامسها : يؤخذ منه سؤال الإمام عمن فعل فعلاً جميلاً ليثنى عليه به ويعطيه ما يستحقه سادسها : جواز مجانسة الكلام لقوله قال ابن الأكوع قال له سلبه أجمع إذا لم يكن فيه تكلف سابعها : مبادرة الرعية إلى امتثال أمر إمامهم ما لم يكن معصية فإنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق ثامنها : قال ابن الملقن فيه جواز تنفيل جميع ما أخذته السرية لأن سلبه كان جملة ما غنموه ثم قال ولا يخلوا ما ذكره من نظر وأقول : إنه يؤخذ من هذا أنه إذا أمر قائد الجيش بقتل الجاسوس فانتدب لذلك جماعة وكان الذي قتله واحداً منهم فإن السلب لمن قتل دون غيره وبالله التوفيق . -------- تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 5 ] [ المجلد الخامس ] http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam5.pdf الرابط المباشر لتحميل الكتاب : http://subulsalam.com/play.php?catsmktba=9384 |
بسم الله الرحمن الرحيم تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي - رحمه الله - الحديث التاسع : عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما قال بعث رسول الله ﷺ سرية إلى نجد فخرجت فيها فأصبنا إبلاً وغنماً فبلغت سهماننا اثني عشر بعيراً ونفلنا رسول الله ﷺ بعيراً بعيراً . موضوع الحديث : النفل المعطى للسرايا المفردات السرية : عند أهل السير الذين كتبوا عن سيرة النبي ﷺ كل جيش لم يخرج فيه النبي ﷺ والغزوة ما خرج فيها ، والسرية على العموم هي جيش قليل يرسلهم الإمام لغرض خاص وقد تكون مقتطعة من الجيش الكبير وقد تكون مرسلة من الإمام كما بينا قبل نجد : عرف الشارح نجداً بقوله ونجد ما بين جرش إلى سواد الكوفة وحده مما يلي المغرب الحجاز وعن يسار الكعبة اليمن ونجد كلها من أعمال اليمامة سهماننا : جمع سهم اثني عشر بعيراً : أي أصاب كل واحد من أفراد السرية اثني عشر بعيراً قوله ونفلنا رسول الله e : التنفيل هو ما يعطى من قبل الإمام تشجيعاً على عمل عمله المجاهد المعنى الإجمالي يخبر عبدالله بن عمر رضي الله عنهما أن النبي e بعثهم في سرية إلى نجد فأصابوا غنائم كثيرة من إبل وغنم فنال كل واحد منهم اثني عشر بعيراً . فقه الحديث أولاً : السرايا تنقسم إلى قسمين : سرية مستقلة يرسلها الإمام لغرض خاص وسرية مقتطعة من الجيش الكبير ثانياً : السرية المستقلة حكمها حكم الجيش المستقل ما غنموه فهو لهم يؤخذ منه الخمس ويوزع الباقي على الغانمين أما السرية المقتطعة من الجيش فهذه تعطى شيئاً بعد الخمس والباقي يكون غنيمة للجيش لأن الجيش يكون ردءاً للسرية وقوة لها وقد ورد عن النبي ﷺ أنه كان ينفل الربع بعد الخمس في بدء الغزو وينفل الثلث بعد الخمس عند القفول فإذا كان في أول الغزو يرسل السرية ويقول لهم لكم الربع بعد الخمس وإذا كان عند القفول والناس سائمين من الحرب ومن الأسفار ويحبون الرجوع إلى أوطانهم ففي هذه الحالة ينفل الثلث بعد الخمس ثالثاً : وعلى هذا فإن قول من قال أن للإمام أن ينفل الكل هذا قول ضعيف بل ينفل كما ورد لأن التنفيل للترغيب في تحصيل مصالح القتال . رابعاً : يؤخذ من الحديث دليل على وجوب توزيع الغنيمة بينالغانمين لقوله فبلغت سهماننا اثني عشر بعيراً . خامساً : الغنيمة تجمع بكل ما فيها من ذهب وفضة وثياب وأعيان أخرى حتى الخيط والمخيط يجب أداؤها جميعاً ولا يجوز لأحد من الجيش أن يغل شيئاً سادساً : من غل شيئاً من الغنيمة ثم أتى به فالظاهر أن الإمام يرده إذا كان شيئاً يسيراً لأنه قد جاء في بعض الأحاديث أن النبي ﷺ نهى عن الغلول وأخبر بتحريمه فجاء بعضهم بخيط ومخيط فأبى أن يقبله منهم ﷺ وفي هذا نظر يحتاج إلى تحرير سابعاً : بعد جمع الغنيمة يخرج الخمس الذي فرضه الله في قوله ( وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ….. الآية ) [ الأنفال : 41 ] ثم يقسم الأربعة الأخماس على الغانمين ثامناً : إذا كانت هناك سرية اقتطعت من الجيش خمست غنيمتها أي يخرج منها الخمس ثم يخرج ما نفلهم الإمام سواء كان الربع أو الثلث ويبقى ما بقي فيدخل في الغنيمة المشتركة بين الجيش جميعاً تاسعاً : يكون ما نفله الإمام إلى السرية المقتطعة خاصاً بهم مع أن لهم سهمانهم مع سائر الجيش عاشراً : للإمام أن ينفل من الخمس أو من خمس الخمس ما يكون فيه ترغيب وتحفيز لمن صنع شيئاً نافعاً للجيش لقوله ( ونفلنا رسول الله ﷺ بعيراً بعيراً ) الحادي عشر : قال ابن الملقن ناقلاً عن ابن عبدالبر في الاستذكار النفل على ثلاثة أوجه : أحدها : أن يريد الإمام تفضيل بعض الجيش لقتاله وبلائه فينفلهم من الخمس واستحب بعضهم أن يكون من خمس الخمس ثانيها : أن يبعث الإمام سرية من العسكر فينفلها ما غنمت دون المعسكر فحقه أن يخمس ما غنمت ثم يعطي السرية ما بقي بعد الخمس ما شاء أو لا يزيد على الثلث لأنه أقصى ما روي في النفل عنه عليه الصلاة والسلام وأقول : القول الأخير هو الصحيح ثالثها : أن يحرض الإمام أهل المعسكر على القتال قبل لقاء العدو وينفل من شاء منهم أو جميعهم مما يفتح الله عليه الربع أو الثلث . قال وكره مالك هذا لخبث النية لسببه وأجازه بعض السلف وأقول : إذا كان النبي ﷺ قد أذن بذلك وهو الشارع فلا نمنع شيئاً أذن فيه ولكن نوصي بإخلاص النية لله وينوي العبد أن ما أعطيهعوناً له على طاعة الله وهو الأصح فيما أرى والله تعالى أعلم . -------- تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 5 ] [ المجلد الخامس ] http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam5.pdf الرابط المباشر لتحميل الكتاب : http://subulsalam.com/play.php?catsmktba=9384 |
بسم الله الرحمن الرحيم تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي - رحمه الله - الحديث العاشر: عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما عن النبي ﷺ قال إذا جمع الله الأولين والآخرين يُرفع لكل غادر لواء فيقال هذه غدرة فلان بن فلان ) موضوع الحديث : تحريم الغدر وبيان جزائه وعقوبته يوم القيامة المفردات الغدر في اللغة : عدم الوفاء بالعهد يقال غدر يغدر غدراً وغَدر يغدُر غدراً إذا خاس بالعهد ولم يف به واللواء بالمد : هو الراية وهي خرقة توضع في خشبة طويلة وكانت في الزمن السابق وفي طريقة القتال بالسيوف والرماح التي كانت في الزمن القديم كان كل قوم يجعلون لهم لواء لكي يعرفوه ويأووا إليه قال الله عز وجل (( وَلَهُ الْجَوَارِ الْمُنشَآتُ فِي الْبَحْرِ كَالأَعْلامِ ) [ الرحمن : 24 ] قال ابن الملقن : والسود هي الراية العظيمة لا يمسكها إلا صاحب الجيش أو صاحب دعوة الجيش ويكون الناس تبعاً له وأصل رفع اللواء الشهرة والعلامة ولما كان الغادر قد اختفى بغدره حتى وقع عند ذلك أظهر الله غدر الغادر في موقف القيامة ليشتهر به وجاء في بعض الروايات قوله (لكل غادر لواء يوم القيامة يعرف به عند أسته ) أي في دبره خلفه لأن الغدر كان تصرف من الخلف أي من دون علم المغدور به المعنى الإجمالي لما كان الغادر خائن وغدره به ضرر على الغير عمله في الخفاء ليضر بالمغدور به جعل الله للغادر لواء يعرف به أنه غادر فقه الحديث أولاً : يؤخذ من هذا الحديث تحريم الغدر وأنه من أشد المحرمات حرمة ولهذا مدح الله الموفين بالعهود وأثنى عليهم بذلك بقوله في سورة الرعد (الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللّهِ وَلاَ يِنقُضُونَ الْمِيثَاقَ ) [ الرعد : 20 ] وذم الغادرين بقوله (وَالَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ اللّهِ مِن بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ أُوْلَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ ) ولما كان الحامل على الغدر غالباً هو حب المال والاستعلاء قال بعد ذلك (اللّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقَدِرُ وَفَرِحُواْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ إِلاَّ مَتَاعٌ ) [ الرعد : 25 ، 26 ] ثانياً : من الغدر ما ينطوي عليه أصحاب الحزبيات ويعدون له من الخروج المفاجئ على الدولة المسلمة كما حصل من التفجيرات التي حصلت في الرياض عدة مرات وإخافتهم للآمنين وخيانتهم للدولة بإعدادهم للخروج عليها وإخافتهم للشعب ومحاربتهم لله ورسوله وكذلك الاغتيالات وقد كثرت في زمننا هذا كل هذا من الغدر الذي حرمه الله عز وجل وأصحابه ينالهم هذا الوعيد لأنهم تخفوا بأعمالهم ولم يعلم بها أحد حتى ظهرت ولذلك عوقب الغادر بنشر غدرته على مسامع أهل الموقف وأبصارهم . وقلت في هذا المعنى في صيحة حق لكل غادر لواء ينصب بغدره عند استه ويشجب يقال ذي غدرته ويذكر باسمه الذي به يشتهر -------- تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 5 ] [ المجلد الخامس ] http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam5.pdf الرابط المباشر لتحميل الكتاب : http://subulsalam.com/play.php?catsmktba=9384 |
بسم الله الرحمن الرحيم تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي - رحمه الله - الحديث الحادي عشر : وعنه رضي الله عنه أن امرأة وجدت في بعض مغازي النبي ﷺ مقتولة فأنكر النبي ﷺ قتل النساء والصبيان موضوع الحديث : أن قتل النساء والصبيان لا يجوز المفردات النساء : هن الإناث من بني آدم والصبيان : هم الصغار دون الحنث المعنى الإجمالي إنكار النبي ﷺ قتل النساء والصبيان يدل على تحريم قتلهم وقوله في بعض الأحاديث الواردة في هذا المعنى ( ما كانت هذه لتقاتل ) تنبيه على علة النهي عن قتل النساء لأن الغالب فيهن عدم المقاتلة وإن كان في بعضهن شر وشجاعة لكن الحكم علق على الأغلب فقه الحديث أولاً : يؤخذ من الحديث تحريم قتل النساء لكن اختلفوا فيمن تقاتل هل يباح قتلها إذا قاتلت رأى بعضهم ذلك ومنع بعضهم ذلك وهذا هو الأظهر فإذا قاتلت ينبغي أسرها وعدم قتلها ثانياً : إن قَتلت قُتلت قصاصاً وإن ارتدت قتلت على الردة بأن تستتاب فإن تابت وإلا قتلت لعموم حديث ابن عباس قال قال رسول الله ﷺ ( من بدل دينه فاقتلوه ) ويكون هذا خارجاً عن عموم النهي عن قتل النساء ثالثاً : إن حصل بيات للمشركين وقتل أحد من النساء والصبيان من غير قصد فإنه يرجى ألا عقوبة في ذلك رابعاً : إذا تترس العدو بالنساء والصبيان من المسلمين فهل يقتلون هذا محل نظر . -------- تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 5 ] [ المجلد الخامس ] http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam5.pdf الرابط المباشر لتحميل الكتاب : http://subulsalam.com/play.php?catsmktba=9384 |
بسم الله الرحمن الرحيم تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي -رحمه الله - الحديث الثاني عشر : عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن عبدالرحمن بن عوف والزبير بن العوام شكيا القمل إلى رسول الله ﷺ في غزاة لهما فرخص لهما في قميص الحرير فرأيته عليهما موضوع الحديث : ترخيص النبي ﷺ في لبس الحرير لدفع القمل المفردات شكيا وشكوى : يجوز أن يكون بالياء فيقال شكيت وأن يكون بالواو فيقال شكوت القمل : معروف وهو دابة تكون في ملابس الإنسان وقد تكون في الرأس فتتكاثر وتؤذي من تكون فيه في غزاة : أي في غزوة فرخص لهما في قميص الحرير ورأيته عليهما المعنى الإجمالي من يسر الدين الإسلامي أنه يرخص في الشيء المحرم لعلة توجب الترخيص وقد رخص الشارع ﷺ للزبير وعبدالرحمن في لبس قمص الحرير لكونه يدفع القمل بما جعل الله سبحانه وتعالى فيه الطبيعة المنافية لذلك وكذلك فيه دواء للحكة فقه الحديث أولاً : يؤخذ من الحديث جواز لبس الحرير لدفع القمل أو لدفع الحكة ويلتحق بذلك ما وصف الأطباء أن لبس الحرير ينفع فيه فيخففه أو يزيله من الأمراض الجلدية ثانياً : أن الرخصة لا تتوقف على الغزو بل الرخصة عند وجود العلة المقتضية لذلك وبالله التوفيق . -------- تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 5 ] [ المجلد الخامس ] http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam5.pdf الرابط المباشر لتحميل الكتاب : http://subulsalam.com/play.php?catsmktba=9384 |
بسم الله الرحمن الرحيم تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي - رحمه الله - الحديث الثالث عشر : عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال كانت أموال بني النضير مما أفاء الله على رسوله ﷺ مما لم يوجف المسلمون عليه بخيل ولا ركاب وكانت لرسول الله ﷺ خالصة فكان رسول الله يعزل نفقة أهله سنة ثم يجعل ما بقي في الكراع والسلاح عدة في سبيل الله عز وجل . موضوع الحديث : حكم الفيء المفردات بني النضير : قبيلة من اليهود ينتسبون إلى هارون أخي موسى عليهما الصلاة والسلام ولما حصل بين بعض أزواج النبي ﷺ ما يحصل بين الضرات افتخرت إحداهن على صفية بنت حيي فقال لها رسول الله ﷺ ( أَلا قُلْتِ فَكَيْفَ تَكُونَانِ خَيْرًا مِنِّي وَزَوْجِي مُحَمَّدٌ وَأَبِي هَارُونُ وَعَمِّي مُوسَى ) هذا الحديث فيه ضعف لكن له شاهد من حديث أنس رضي الله عنه وقد سبق أن أمليته في الجزء الرابع وأن المفتخرة هي حفصة رضي الله عنها كان رئيس بني النضير حيي بن أخطب والد صفية بنت حيي وقصة غدرهم بالعهد الذي بينهم وبين النبي ﷺ ثابتة مشهورة حين ذهب يستعينهم في دية الرجلين اللذين قتلهما عمرو بن أمية الضمري فهموا بقتله وأرسلوا من يسقط عليه رحا وهو الذي يطحنون عليه من فوق فأخبره الله عز وجل بواسطة الوحي وخرج من بينهم كأنه يريد قضاء حاجة وذهب إلى المدينة ولما طال الجلوس على أصحابه خرجوا يبحثون عنه فوجدوا رجلاً جاءياً من المدينة فسألوه فأخبرهم أنه وجد النبي ﷺ داخلاً المدينة ثم غزاهم بعد ذلك فألقى الله في قلوبهم الرعب فصالحهم رسول الله ﷺ على أن لهم ما حملت الإبل غير اللئمة أي غير عدة الحرب فكانت فيئاً لرسول الله ﷺ وأنزل الله في ذلك سورة الحشر وفيها (وَمَا أَفَاء اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلا رِكَابٍ وَلَكِنَّ اللَّهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلَى مَن يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) الآية والتي بعدها وبعد ذلك كان حيي هو المحرض لبني قريظة على الغدر ووعدهم أنه يكون مصيره مصيرهم فغدرت بنو قريظة في السنة الخامسة عند مجيء الأحزاب فلما ارتحلت الأحزاب أمر النبي ﷺ بغزو بني قريظة فغزاهم وحاصرهم بضعة وعشرين يوماً ثم نزلوا على حكم سعد بن معاذ فحكم فيهم أن تقتل مقاتلتهم وأن تسبى ذراريهم وأن تغنم أموالهم فقال النبي ﷺ لقد حكمت فيهم بحكم الله من فوق سبع سموات فقتلت مقاتلتهم ومعهم حيي بن أخطب وفي السنة السابعة غزا النبي ﷺ أهل خيبر وغنم أرض خيبر وكانت صفية بنت حيي في السبي فأعتقها وتزوجها. الإيجاف : هو الإسراع في الشيء وعند الحرب يسرع الناس فنفي الإيجاف عن أموال بني النضير أنها جاءت للمسلمين من غير كد ولا تعب فجعلها الله لرسوله ﷺ فكان يعزل منها نفقة أهله سنة ثم يجعل ما بقي في الكراع والسلاح عدة في سبيل الله والمراد بالكراع : الخيل والإبل التي يحمل عليها في سبيل الله المعنى الإجمالي لما قدم النبي ﷺ المدينة عقد عهداً مع اليهود ولكنهم غدروا بالعهد فسلط الله عليهم رسوله ﷺ فنفى من نفى وقتل من قتل وكانت ديارهم وأموالهم فيئاً لله ورسوله فسبحان من بيده الأمور وإليه المصير وله الحكم في الأولى والأخرى فقه الحديث يؤخذ من هذا الحديث أولاً : ما أكرم الله به نبيه ﷺ حيث أعزه وأداله على جميع مناوئيه وبالأخص اليهود الذين كانوا مساكنين له بالمدينة حيث ظهر الغدر منهم قبيلة تلو الأخرى وأغنم الله نبيه ديارهم وأموالهم فكانت لنبيه ﷺ . ثانياً : أن حكم أموال الفيء كانت خاصة به في حياته يضع تلك الأموال حيث أراه الله من المصالح فكان يعزل نفقة أهله سنة ويضع ما بقي في الخيل والكراع كما قال أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه ثالثاً : قال الله عز وجل (مَّا أَفَاء اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الأَغْنِيَاء مِنكُمْ ) [ الحشر : 7 ] فكان صلوات الله وسلامه عليه يتصرف فيها في حياته أما بعد موته اختلف أهل العلم في مصارف الفيء فقيل جميعه للمصالح ولا يخمس وهو قول أبي حنيفة وأحمد وقيل أن الأخماس الأربعة للمرتزقة وهم الأجناد المرصدون للجهاد وخمس الخمس لمصالح المسلمين وبني هاشم والمطلب واليتامى والمساكين وابن السبيل وهذا مذهب الشافعي والأكثرون على أن لا يخمس حتى عدّ القول بتخميسه من أفراد الشافعي أهـ . من كتاب الإعلام لابن الملقن رابعاً :يؤخذ منه جواز الإدخار للنفس والعيال قوت سنة وأن ذلك غير قادح في التوكل خامساً : يؤخذ منه مراقبة الله تعالى في الأموال أخذاً وعطاءً وصرفاً ومنعاً لأنها مسئولية في أيد العباد والله سبحانه سائلهم عنها سادساً : البداءة بالإنفاق على العيال والتوسعة عليهم سابعاً : إعداد اللأمة والاستعداد بالسلاح وهذا مما يخاطب به ولاة الأمور امتثالاً لقوله تعالى (وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللّهِ وَعَدُوَّكُمْ) [ الأنفال : 60 ] ثامناً : الاستعداد للغزو بما يلزم له من العدة وأن ذلك لا ينافي التوكل قال ابن الملقن خلافاً لبعض من حكي عنه أنه كان إذا خرج لا يعلق ماءه ويرى أن إعلاقه ليس من التوكل معنى ذلك أنه لا يحمل ماءاً ويرى أن حمله ليس من التوكل . تاسعاً : أقول في رد هذا الزعم الذي جاء به بعض الصوفية مما يرد به على هذا الزعم أن النبي ﷺ كان يدخر قوت أهله سنة ومنها أنه كان يتجهز هو وأصحابه للغزو ويأخذون الأزواد التي تغنيهم في غزوهم حتى أنه لما نفدت أزواد القوم في غزوة تبوك والقوم كثيرون يبلغون ثلاثين الفاً فأشار بعضهم بنحر الإبل ثم جاء عمر رضي الله عنه إلى النبي ﷺ فأشار عليه أن تجمع له أزواد القوم وأن يدعو فيها بالبركة ثم يأخذون منها ففعل فبارك الله لهم بدعوة النبي ﷺ حتى ملئوا أوعيتهم وكان النبي ﷺ وأصحابه يلبسون الدروع ويتخذون الدّرق ويجعل كل واحد منهم على رأسه المغفر وكل ذلك لا ينافي التوكل وما هذا إلا من رعونة الصوفية وقد رد النبي ﷺ على المغالين في قوله ( ما بال أقوام قالوا كذا ولكني أصلي وأنام وأصوم وأفطر وأتزوج النساء فمن رغب عن سنتي فليس مني ) فصلوات الله وسلامه عليه وتباً لمن يخالف سنته وبالله التوفيق -------- تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 5 ] [ المجلد الخامس ] http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam5.pdf الرابط المباشر لتحميل الكتاب : http://subulsalam.com/play.php?catsmktba=9384 |
بسم الله الرحمن الرحيم تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي - رحمه الله - الحديث الرابع عشر: عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما قال أجرى النبي ﷺ ما ضمر من الحفياء إلى ثنية الوداع وأجرى ما لم يضمر من الثنية إلى مسجد بني زريق قال ابن عمر وكنت فيمن أجرى قال سفيان من الحفياء إلى ثنية الوداع خمسة أميال أو سبعة ومن ثنية الوداع إلى مسجد بني زريق ميل . موضوع الحديث : حكم المسابقة بين الخيل المفردات معنى أجرى : سابق ما أضمر : التضمير هو أن يعلف الفرس أربعين يوماً حتى يسمن فإذا سمن قلل له قوته وإذا قربت المسابقة يدخل في بيت ويوضع عليه جلّ وهو ما يوضع تحت السّرج من الأشياء التي تقيه ويغلق عليه في البيت حتى يعرق فإذا خرج وجف من العرق خف لحمه وجرى جرياً أكثر من غير المضمر قوله من الحفياء : الحفياء موضع إلى ثنية الوداع : الثنية هي الطريق في الجبل وسميت ثنية الوداع لأن أهل المدينة كانوا يخرجون مع المسافر إليها ويودعونه من عندها مسجد بني زريق : إضافة تخصيص وتمييز لا إضافة ملك . المعنى الإجمالي يخبر عبدالله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله e سابق بين الخيل وجعل أمد الخيل المضمرة أبعد من الخيل التي لم تضمر وقد قدر من الحفياء إلى ثنية الوداع بخمسة أميال أو ستة في حديث سفيان وبستة أو سبعة في حديث موسى بن عقبة والكل سائغ في التقدير أما مالم يضمر فجعل غايتها ميل واحد فقه الحديث أولاً : يؤخذ من الحديث جواز المسابقة بين الخيل قال الحافظ ابن حجر في شرح الحديث من فتح الباري ج6 ص72 طبعة محب الدين الخطيب وفي الحديث مشروعية المسابقة وأنه ليس من العبث بل من الرياضة المحمودة الموصلة إلى تحصيل المقاصد في الغزو والانتفاع بها عند الحاجة ثانياً : أما من ناحية الحكم فهي دائرة بين الاستحباب والإباحة ثالثاً : وقد أجمع العلماء على جواز المسابقة بغير عوض سواء كانت على الخيل أو غيرها من الدواب وعلى الأقدام وكذا الترامي بالسهام رابعاً : فيه جواز التضمير للخيل من أجل المسابقة خامساً : فيه مشروعية الإعلان بالابتداء والانتهاء سادساً : المشروع أن الخيل المضمرة يكون أمدها أبعد سابعاً : واتفقوا على جواز المسابقة بعوض بشرط أن يكون من غير المتسابقين يعني أن يكون السبق وهي الجائزة التي يأخذها السابق من بيت مال المسلمين كالإمام حيث لا يكون مع الإمام فرس وجوَز الجمهور أن يكون من أحد الجانبين من المتسابقين وكذا إذا كان معهما ثالث محلل بشرط ألا يخرج من عنده شيئاً ليخرج العقد عن صورة القمار ثامناً : يشترط في المسابقة بالخيل كونها مركوبة لا مجرد إرسال الفرسين من غير راكب تاسعاً : لا تجوز المسابقة على عوض إلا في الثلاثة التي نص عليها الحديث وهو قول الرسول الله ﷺ كما في حديث أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ ( لا سَبَقَ إِلا فِي خُفٍّ أَوْ فِي حَافِرٍ أَوْ نَصْلٍ ) عاشراً : فيه جواز معاملة البهائم عند الحاجة بما يكون تعذيباً لها في غير الحاجة كالإجاعة والإجراء الحادي عشر : مشروعية تفضيل الخيل المضمرة في الغاية وجعل جوائزها أكثر وعبارة الحافظ وفيه تنـزيل الخلق منازلهم لأنه ﷺ غاير بين منـزلة المضمر وغير المضمر . الثاني عشر: يؤخذ من هذا أن المسابقة على عوض لا تجوز في غير الثلاثة ومن هنا نأخذ منع العوض في المسابقات الرياضية أما المسابقة بغير عوض فهي جائزة في أشياء كثيرة كما تقدم وبالله التوفيق . ملحوظة : وربما يقال أنه يجوز إعطاء الجوائز لحفظ القرآن والمسابقة لحفظ المتون وما أشبه ذلك ليكون حافزاً على العلم وبالله التوفيق . -------- تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 5 ] [ المجلد الخامس ] http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam5.pdf الرابط المباشر لتحميل الكتاب : http://subulsalam.com/play.php?catsmktba=9384 |
بسم الله الرحمن الرحيم تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي - رحمه الله - الحديث الخامس عشر : عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما قال عرضت على النبي ﷺ يوم أحد وأنا ابن أربع عشرة سنة فلم يجزني وعرضت عليه يوم الخندق وأنا ابن خمس عشرة فأجازني . موضوع الحديث : السن الذي يعتبر به الغلام بالغاً المفردات عرضت : أي استعرضني النبي ﷺ وأنا راغب في الغزو فلم يجزني يوم أحد لأني لم أكمل خمس عشرة وأجازني يوم الخندق لأني أكملت خمس عشرة المعنى الإجمالي أن كمال خمس عشرة فاصل بين من يعد في العيال وبين من يعتبر من الرجال المطيقين للقتال . فقه الحديث يؤخذ منه أولاً : مشروعية استعراض الإمام للجيش ثانياً : يؤخذ منه استبعاد من لم يكن مطيقاً ثالثاً : يؤخذ منه أن الخامسة عشرة هي بدأ التكليف في حق الرجال والنساء وهذا هو الأصح وإلى ذلك ذهب الشافعي وأحمد أي أن البلوغ بالسن يحدد بكمال الخامسة عشرة وحكاه ابن الملقن عن الأوزاعي وابن وهب وقد ذهب مالك إلى أن البلوغ يكون بسبع عشرة وقول آخر أنه يكون بثمان عشرة قال ابن الملقن وهو المشهور عند المالكية . وفرق أبو حنيفة بين الغلام والجارية فقال بثمان عشرة للغلام وسبع عشرة للجارية رابعاً : والبلوغ يعرف بأمور فيعرف في الجارية بالحبل والحيض وقد قالت عائشة رضي الله عنها (إذا بلغت الجارية تسع سنين فهي امرأة ) خامساً : ما يكون علامة للذكر والأنثى وهو نبات الشعر الخشن حول الفرج وهذه العلامة استعملها النبي ﷺ في المراهقين من بني قريظة حين حكم سعد بن معاذ بقتل مقاتلتهم فأمر النبي ﷺ بالكشف عن المراهقين فمن وجد منهم أنبت قتله ومن وجد لم ينبت تركه وفي هذا دليل على أن نبات الشعر الخشن حول الفرج من علامات البلوغ وهناك علامة أخرى وهي الاحتلام وخروج المني من القبل سواء كان ذكراً أو أنثى سادساً : تبين من هذا أن علامات البلوغ ثلاث إما كمال خمس عشرة أو الاحتلام أو نبات الشعر الخشن حول الفرج وتزيد المرأة على ذلك بالحيض والحمل . وقد قال الشافعي رحمه الله أنه وجد امرأة في اليمن صارت جدة وهي ابنة إحدى وعشرين سنة وتقرير ذلك أنها بلغت لتسع فحملت في العاشرة ووضعت بنتاً وأن ابنتها بلغت لتسع وحملت في العاشرة من عمرها وكانت بعد العاشرة أماً وأمها جدة . سابعاً : يترتب على هذا أن من كان ابن خمس عشرة سنة يكون له سهم في المقاتلة وأن من ترك الصلاة بعد خمس عشرة استتيب فإن تاب وإلا قتل وأن المرأة تؤمر بالحجاب فيما يظهر من بعد التسع لقول عائشة ( إذا بلغت الجارية تسع سنين فهي امرأة ) أو لقول الشافعي أنه وجد جدة وهي بنت إحدى وعشرين سنة وبالله التوفيق -------- تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 5 ] [ المجلد الخامس ] http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam5.pdf الرابط المباشر لتحميل الكتاب : http://subulsalam.com/play.php?catsmktba=9384 |
بسم الله الرحمن الرحيم تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي -رحمه الله - الحديث السادس عشر : عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما أن النبي ﷺ قسم في النفل للفرس سهمين وللراجل سهماً . موضوع الحديث : ما يقسم للرجل والفرس المفردات النفل : المراد به الغنيمة وقد جاء في كتاب الله ( يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَنفَالِ قُلِ الأَنفَالُ لِلّهِ وَالرَّسُولِ) [ الأنفال : 1] قوله للفرس سهمين : أي دون فارسه وهو صاحبه الذي يركبه وذلك أن كلفة الفرس كثيرة ونفعه في الحرب أكثر لذلك قسم له النبي ﷺ سهمين ولصاحبه سهم واحد قوله وللراجل سهماً : المراد بالراجل الماشي وكل من له فرس يقسم له ولفرسه المعنى الإجمالي يخبر عبدالله بن عمر رضي الله عنه أن النبي ﷺ قسم في النفل للفرس سهمين وللرجل سهماً ذلك بأن غناء الفرس في الحرب أكثر من غناء الرجل وحده بدون فرس وقد أشار إلى ذلك القرآن الكريم حيث يقول الله عز وجل ( فَالْمُغِيرَاتِ صُبْحاً _ فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعاً _ فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعاً ) [العاديات : 3- 5] في هذا تنويه بالخيل وإشارة إلى غنائها في الحرب وقد قال النبي ﷺ (الخيل في نواصيها الخير إلى يوم القيامة ) فقه الحديث أولاً : يؤخذ من هذا الحديث أن القسم في الغنائم يكون للراجل سهم وللفرس سهمين فمن كان فارساً قسم له ثلاثة أسهم سهم له وسهمين لفرسه ومن كان راجلاً قسم له سهم واحد وإلى ذلك ذهب الجمهور . قال ابن الملقن : اختلف العلماء في سهم الفارس والراجل من الغنيمة فقال الجمهور يكون للرجل سهم واحد وللفارس ثلاثة أسهم سهمان بسبب فرسه وسهم بسبب نفسه وممن قال هذا ابن عباس ومجاهد والحسن وابن سيرين وعمر بن عبدالعزيز ومالك والأوزاعي والثوري والليث والشافعي وأبو يوسف ومحمد أي محمد بن الحسن وأحمد وإسحاق وأبو عبيد وابن جرير وآخرون وقال أبو حنيفة للفارس سهمان فقط سهم له وسهم لفرسه وحكي عنه أنه قال لا أفضل بهيمة على مسلم ولم يقل بقوله هذا أحد وحجة الجمهور هذا الحديث على رواية الكتاب . قلت : وقول الجمهور هو الحق أما قول أبي حنيفة لا أفضل بهيمة على مسلم فقول مردود ولا يلزم من إعطائها سهمين التفضيل لها ولكن لمؤونتها وكلفتها وغنائها . وبالله التوفيق -------- تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 5 ] [ المجلد الخامس ] http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam5.pdf الرابط المباشر لتحميل الكتاب : http://subulsalam.com/play.php?catsmktba=9384 |
بسم الله الرحمن الرحيم تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي -رحمه الله - الحديث السابع عشر : وعنه رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ كان ينفل بعض من يبعث في السرايا لأنفسهم خاصة سوى قسم عامة الجيش . موضوع الحديث : قضية النفل للسرايا المقتطعة من الجيش المفردات تقدم الكلام على النفل إلا أنه يشمل هذا أي يشمل اسم الغنيمة ويشمل ما أعطاه قائد الجيش تشجيعاً لمن عمل عملاً غامر بنفسه فيه قوله بعض من يبعث من السرايا : ذلك لأنه كان يذهب بالجيش العام فإذا وصل إلى مكان يكون هو المقصود بعث السرايا فينتدب عدداً يرسلهم في جهة اليمين مثلاً وينتدب عدداً ويرسلهم في جهة اليسار مثلاً وهكذا في الجهات الأربع إما أن يسمي لهم أماكن خاصة وإما أن يرسلهم بدون تسمية والسرية : هي القطعة من الجيش يكون عددهم قليل يذهبون إلى مكان ما وفي سيرة الرسول ﷺ السرية هي التي لم يذهب فيها الرسول ﷺ والغزوة ما ذهب فيها وقد جاء في الحديث عن ابن عباس عن النبي ﷺ قال: ( خير الصحابة أربعة ، وخير السرايا أربعمائة ، وخير الجيوش أربعة آلاف ، ولن يغلب اثنا عشر ألفا من قلة ) المعنى الإجمالي يخبر عبدالله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله ﷺ كان ينفل بعض من يبعث في السرايا لأنفسهم خاصة أي يعطيهم نسبةً مما غنموا خاصة بهم دون سائر الجيش وذلك تشجيعاً وحفزاً لهم على الجهاد فقه الحديث يؤخذ من الحديث جواز تنفيل قائد الجيش للسرايا الذين يبعثهم حين ينتدبهم من الجيش ليرسلهم إلى أماكن يغزونها وما غنموه منها أخرج منه الخمس ثم يخرج منه النفل ثم يوزع الباقي على عامة الجيش وأصحاب السرية منهم ومثال ذلك أن يأتي الجيش إلى مكان ما يتمركز فيه ثم بعد أن يأخذ الأخبار عن الجهات التي حوله يرسل سرايا يقتطعها من عامة الجيش وينتدب مثلاً خمسين رجلاً أو ستين أو ثمانين يقول لهم اذهبوا إلى مكان كذا فاقتلوا في المشركين وأثخنوا وما غنمتم فلكم منه الربع بعد الخمس أو الثلث بعد الخمس وغالباً أن النبي ﷺ كان ينفل الربع في البداءة والثلث في الرجعة لأن الجيش في البداءة يكون نشيطاً وفي الرجعة يكون متعباً فلذلك ينفلهم الثلث بعد الخمس إذا كانوا في الرجعة وينفلهم الربع بعد الخمس إذا كانوا في البداءة دليل ذلك ما روى أبو داود من طريق زياد بن جارية عن حبيب بن مسلمة قال شهدت النبي ﷺ نفل الربع في البداءة والثلث في الرجعة ) رواه أبو داود برقم 2750 وابن ماجه برقم 2853 قال وروي في حديث حبيب هذا أنه عليه الصلاة والسلام كان ينفل بعد إخراج الخمس ثانياً : قلنا أن التنفيل يكون في البداءة بالربع وعند الرجعة بالثلث ثالثاً : أن هذا التنفيل يكون بعد الخمس أي بعد أن يخرج خمس الغنيمة وقيل أن النفل يكون قبل التخميس فلعل القول الأول أقرب للصواب رابعاً : للحديث تعلق بمسائل الإخلاص في الأعمال فهل ما يجعله قائد الجيش من الحوافز يؤثر في الإخلاص أم لا ؟ ولا شك أن النبي ﷺ قال ( من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو سبيل الله ) على أن الذي ينبغي للإمام أو القائد أن يحثهم على صلاح النية وألا يكون عملهم متعلقاً به عرضاً زائلاً ولا شك أن الأمر يحتاج إلى مجاهدة وكذلك في سائر الأعمال والله سبحانه وتعالى يقول ( فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً ) [ الكهف : 110 ] خامساً : أن ما أريد به الإعانة على عمل من أعمال الخير لا يكون منافياً للإخلاص وإنما يتنافى مع الإخلاص ما كان القصد فيه ممحضاً للدنيا سادساً : أن الوسائل لا تؤثر على أصل المقاصد فإذا كانت المقاصد أصلها لله فلا تؤثر عليها الوسائل سواء كان ذلك في جهاد أو في طلب علم أو غير ذلك من أعمال الخير سابعاً : أن النفل لا يتجاوز به الثلث لحديث حبيب بن مسلمة الماضي وهو قول مكحول والأوزاعي وبالله التوفيق . -------- تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 5 ] [ المجلد الخامس ] http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam5.pdf الرابط المباشر لتحميل الكتاب : http://subulsalam.com/play.php?catsmktba=9384 |
بسم الله الرحمن الرحيم تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي -رحمه الله - الحديث الثامن عشر : عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه عن النبي ﷺ قال من حمل علينا السلاح فليس منا موضوع الحديث : التغليظ في حمل السلاح على المسلمين وأنه ليس من مقتضيات الإيمان المفردات قوله من حمل علينا السلاح : المقصود به من حمل السلاح لقتال المسلمين أو لإرهاربهم إما متأثراً بمنهج تكفيري أو منتصراً لدعوة عصبية أو حزبية أو منقاداً لأمر يجعله قاصداً قتل أخيه أما إن حمل السلاح بأمر إمامه لقتال الخارجين عليه أو المناوئين له بدون حق فهذا لا يكون حاملاً للسلاح على المسلمين وإنما هو حامل له من أجلهم المعنى الإجمالي تحريم حمل السلاح بقصد الإيقاع بمسلم بغير حق فإن حمله قاصداً به الدفع عن نفسه ممن قصده بسوء كدفع الصائل ودفع من يريد أخذ ماله أو انتهاك حرمه فهذا مباح ولا يدخل في الحديث فقه الحديث أولاً : يؤخذ من الحديث تحريم حمل السلاح على المسلمين لقتالهم وتغليظ ذلك بهذا الوعيد الذي جعله ليس من المسلمين في عمله هذا ثانياً : يؤخذ منه حرمة دم المسلم والله سبحانه وتعالى يقول ( وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمِّداً فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً ) [ النساء : 93] ثالثاً : ومن أجل تحريم دم المسلم وتغليظ الوقوع فيه نهى الشارع عن تعاطى السيف مسلولاً وأمر من دخل المسجد أو مشى في الزحام ومعه نبال أي سهام أو نصال أمره أن يأخذ بنصالها حتى لا يخدش مسلماً ومنع الإشارة بالحديد أو السلاح نحو المسلم مخافة أن ينـزع الشيطان في يده وكل هذا دليل على احترام دم المسلم ونهى عن تعاطى الأسباب الحاملة على أذاه لكرامته عند الله . رابعاً : قوله من حمل علينا السلاح فليس منا أي ليس على مُثلنا ولا على طريقتنا ولا مهتدياً بهدينا أو أنه ليس منا في هذه الخصلة كقوله ( ومن غشنا فليس منا ) وكقوله (: ( ليس منا من ضرب الخدود وشق الجيوب ودعا بدعوى الجاهلية ). خامساً : أن ذلك لا يقتضي تكفيره لأن الله سبحانه وتعالى يقول ( وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِن فَاءتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ _ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ) [الحجرات: 9،10 ] فجعل المتقاتلين إخوة فدل هذا أن فعل الكبائر لا يوجب الحكم بالكفر على فاعلها سادساً : إنما يحكم بالكفر على من استحل محرماً مجمعاً على تحريمه فمن استحل الفرج الحرام أو استحل الدم الحرام أو المال الحرام كاستحلال الزنا واستحلال قتل المسلمين واستحلال أخذ أموالهم فهذا يكفر بالاستحلال لا بالفعل سابعاً : قال بعض أهل العلم الأفضل بقاء مثل هذه الأحاديث بدون تأويل لها لأن ذلك أبلغ في الزجر وأقول : إذا كان في السامعين من ينهج المنهج التكفيري ويستحل دماء المسلمين ويخاف منه أن يستغل هذا الحديث وأمثاله لمذهبه التكفيري فيجب أن نتأول الحديث ونبين بأنه لا يقصد به التكفير وإنما يقصد به الزجر وأن فاعل ذلك لا يخرج به من الإسلام باتفاق السلف قاطبة أما الخوارج والمعتزلة فهم أصحاب بدع ولا يجوز أن نأخذ بأقوالهم وبالله التوفيق -------- تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 5 ] [ المجلد الخامس ] http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam5.pdf الرابط المباشر لتحميل الكتاب : http://subulsalam.com/play.php?catsmktba=9384 |
Powered by vBulletin®, Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd