![]() |
بسم الله الرحمن الرحيم تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي -رحمه الله - باب الفرائض الفرائض جمع فريضة والفرض لغة : القطع وشرعاً : نصيب مقدر لوارث خاص والفروض ستة وهي نصف وربع وثمن وثلث وثلثان وسدس فالربع للزوجات أو الزوجة من زوجهن إن لم يكن له ولد أو ولد ولد سواء كانوا ذكوراً أو إناثاً وللزوج من زوجته إن كان لها ولد . والثمن فرض الزوجات أو الزوجة من زوجها إن كان له بنين أو أبناء بنين أو بنات أو بنات ابن وإن نزلن والنصف فرض خمسة البنت وبنت الابن والأخت الشقيقة والأخت لأب والزوج يرث من زوجته النصف إن لم يكن لها أولاد منه أو من غيره والثلثان فرض البنات وبنات الابن والأخوات الشقائق والأخوات لأب والثلث فرض الأم من ولدها أو بنتها إن لم يكن للميت ولد أو ولد ولد لا ذكراً ولا أنثى ولم يكن معه جمع إخوة وفرض الأخوة لأم إن لم يكن للميت أولاد ولا أولاد أولاد لا ذكوراً ولا إناثاً ولم يكن له أب ولا جد بشرط أن يكونوا اثنين فأكثر والسدس فرض سبعة وهم الأب والجد مع الذكور وأولادهم والأم كذلك إن كان هناك أولاد أو أولاد أولاد والجدة مطلقاً والأخ لأم وبنت الابن مع البنت والأخت لأب مع الأخت الشقيقة هذه هي الفروض وهؤلاء هم أصحابها وقد أورد مؤلف العمدة حديث ابن عباس رضي الله عنهما مرفوعاً وهو [291]الحديث الأول : عن عبدالله بن عباس رضي الله عنهما عن النبي ﷺ قال ( ألحقوا الفرائض بأهلها فما بقي فهو لأولى رجل ذكر ) وفي رواية ( أقسموا المال بين أهل الفرائض على كتاب الله فما تركت الفرائض فلأولى رجل ذكر ) موضوع الحديث : أن البداءة في التقسيم تكون بالفرائض وأن العاصب لا يأخذ إلا ما بقي بعدها المفردات قوله ألحقوا الفرائض بأهلها : أي أعطوهم إياها قوله فما بقي : أي ما زاد بعد أهل الفروض فهو لأولى رجل ذكر : أي لأحق الرجال المرتبطين بالميت في النسب وهو الأقرب إليه المعنى الإجمالي أمر الشارع ﷺ بأن تلحق الفرائض بأهلها كلٌ يُعطى فريضته التي أعطاه الله إياها بشرطها فما بقي فهو للمعصب والمعصبون هم الذكور المرتبطون بالميت في النسب وبعدهم أهل الولاء والمولى الذي يعصب هو المنعم على عتيقه بالعتق فإذا مات العتيق ولم يكن له ورثة من النسب ورثه مولاه وهو المنعم عليه بالعتق . فقه الحديث يستفاد من هذا الحديث أولاً : وجوب إلحاق الفرائض بأهلها على ما في كتاب الله وسنة رسول الله ﷺ ثانياً :إذا بقي شيء بعد الفرائض أخذه العصبة المتعصبون بأنفسهم والعصبة المتعصبون بأنفسهم لا يكونون إلا من الذكور أما النساء فلا تعصب منهن بنفسها إلا المعتقة ولهذا قال الشارح ابن دقيق العيد رحمه الله والحديث يقتضي اشتراط الذكورة في العصبة المستحق للباقي قلت : لا يخرج عن ذلك الوصف إلا المعتقة فإنها تعصب بنفسها على من أعتقته إذا لم يكن له وارث من النسب وبالله التوفيق . ثالثاً : العصبة المتعصبون بأنفسهم هم الأولاد الذكور وأولاد الابن والأب والجد والأخوة الأشقاء والأخوة لأب وأبناء الأخوة الأشقاء وأبناء الأخوة لأب والأعمام الأشقاء أو الأعمام لأب وبنو الأعمام الأشقاء وبنو الأعمام لأب . -------- تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ. تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 4 ] [ المجلد الرابع ] رابط تحميل الكتاب : http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam4.pdf |
بسم الله الرحمن الرحيم تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي -رحمه الله - [292]الحديث الثاني : عن أسامة بن زيد رضي الله عنهما قال قلت يا رسول الله أتنزل غداً في دارك بمكة ؟ قال وهل ترك لنا عقيل من رباع ؟ ثم قال : لا يرث الكافر المسلم ولا المسلم الكافر . موضوع الحديث: عدم التوارث بين الكافر والمسلم المفردات من رباع : جمع ربع وهو الدار ثم قال لا يرث الكافر المسلم ولا المسلم الكافر : الكافر هو من حكم عليه بالكفر بسبب جحود حتى ولو كان مع استيقان القلب أو بسبب إنكار وتكذيب كمن ردوا رسالة رسولهم إنكاراً لها وتكذيباً لمن جاء بها وما يلحق بذلك من أنواع الكفر لقوله تعالى (وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا ) [ النمل : 14 ] المعنى الإجمالي سأل أسامة بن زيد رضي الله عنهما رسول الله ﷺ حينما كانوا قادمين إلى مكة اليوم الذي قبل يوم فتح مكة أتنـزل غداً بدارك بمكة فقال النبي _ وكان هذا الاستفهام استفهام إنكار على أسامة بمعنى أن عقيلاً قد باع كل دورهم التي خلفوها في مكة فقه الحديث يؤخذ من هذا الحديث : أولاً : جواز بيع دور مكة لأن النبي ﷺ أقر بيع عقيل ولم يكن عقيل قد باع ما يملك بالوراثة فقط فقد باع دور النبي _ وهو لا يرثه وإنما ورث دور أبي طالب وهذه المسألة أي مسألة بيع دور مكة فيها خلاف كثير وهي مبسوطة في المطولات . ثانياً : هل ترك بيع عقيل على حاله وعدم الإنكار له يعد من باب أن النبي _ أقر عقود الجاهلية التي قد مضت ولم يبطلها إلا أنه أبطل الربا بقوله ( وإن أول رباً أضعه ربا العباس بن عبدالمطلب ) ثالثاً: ويتولد عن ذلك أن وضع النبي _ للربا لم يكن إبطالاً للصفقة من أصلها وإنما كان إبطالاً لما زاد على رأس المال . رابعاً : قوله لا يرث الكافر المسلم ولا المسلم الكافر يدل على عموم هذا الحديث على أنه لا يرث مسلم كافراً ولا كافر مسلماً فأما كون الكافر لا يرث المسلم فهذا إجماع في القديم والحديث وأما إرث المسلم الكافر فقد صار فيه خلاف في أول الأمر ثم بعد ذلك حصل الإجماع على ما جاء في الحديث خامساً : هل يتوارث أصحاب الملل الكفرية المختلفة أم لا ؟ هذا محل نظر وخلاف بين أهل العلم فقد جاء في ذلك حديث (عَنْ جَابِرٍ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ لا يَتَوَارَثُ أَهْلُ مِلَّتَيْنِ ) وقد قيل أن الكفر ملة واحدة والمسألة بحاجة إلى النظر في الأدلة وترجيح ما يترجح بالدليل وبالله التوفيق . -------- تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ. تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 4 ] [ المجلد الرابع ] رابط تحميل الكتاب : http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam4.pdf |
بسم الله الرحمن الرحيم تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي - رحمه الله - [293]الحديث الثالث : عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما أن النبي ﷺ نهى عن بيع الولاء وهبته ) موضوع الحديث : النهي عن بيع الولاء وهبته المفردات الولاء : صلة بين المعتِق والمعتَق قامت بهما فلا تقبل الانتقال عمن وصف بها لا ببيع كما كان يفعله أهل الجاهلية ولا بهبة كما كانوا يفعلونه أيضاً . المعنى الإجمالي كان أهل الجاهلية يبيع الرجل ولاءه من فلان أو يهب ولاءه لغيره فلما جاء الإسلام نهى النبي ﷺ عن ذلك وأخبر أن هذا الوصف لا ينتقل ببيع ولا هبة بل هو ثابت فيمن قام به . فقه الحديث يؤخذ من هذا الحديث أولاً : أن الولاء وصف قام بالمعتِق والمعتَق فالمعتِق هو المولى الأعلى والمعتِق هو المولى الأسفل وأن هذا الوصف لا ينتقل عمن قام به لا ببيع ولا هبة ثانياً : يؤخذ من هذا الحديث أنه لو حصل بيع الولاء أو هبته فإنه باطل وعقد مثل ذلك عقد لا يصح حتى وإن تولى المولى الأسفل غير مواليه فإنه مزجور من الشارع وملعون منه بفعله ذلك وقد جاء في الحديث (وَمَنِ ادَّعَى إِلَى غَيْرِ أَبِيهِ أَوِ انْتَمَى إِلَى غَيْرِ مَوَالِيهِ فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ لا يَقْبَلُ اللَّهُ مِنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ صَرْفًا وَلا عَدْلا ) . -------- تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ. تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 4 ] [ المجلد الرابع ] رابط تحميل الكتاب : http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam4.pdf |
بسم الله الرحمن الرحيم تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي - رحمه الله - [294]الحديث الرابع : عن عائشة رضي الله عنها قالت كانت في بريرة ثلاث سنن خيرت على زوجها حين عتقت وأهدي لها لحم فدخل على رسول الله ﷺ والبرمة على النار فدعا بطعام فأتي بخبز وأدم من أدم البيت فقال ألم أر البرمة على النار فيها لحم ؟ قالوا بلى يا رسول الله ذلك لحم تصدق به على بريرة فكرهنا أن نطعمك منه فقال هو عليها صدقة وهو منها لنا هدية وقال النبي ﷺ فيها إنما الولاء لمن أعتق . موضوع الحديث : أن الولاء لمن أعتق بعد دفع الثمن المفردات قولها كانت في بريرة ثلاث سنن : السنن جمع سنة وهي الشرع الذي يشرعه الله عز وجل ويجعله سنة تتبع قولها خيرت على زوجها : يعني أن النبي _ خيرها في البقاء تحته وعدمه فاختارت عدم البقاء تحته لأنه عبد وهي أصبحت حرة قولها حين عتقت : أي حين وقع عليها العتق بإعتاق عائشة رضي الله عنها لها البرمة : إناء من خزف يطبخ فيه اللحم قولها فدعا بطعام : أي طلب الإتيان به فأتي بخبز وأدم من أدم البيت : الأدم هو يؤتدم به على الطعام قوله ألم أر البرمة : استفهام تقريري فيها لحم : هذا دليل على طلبه لحم ذلك لحم تصدق به على بريرة فكرهنا أن نطعمك منه : أي لعلمي أن النبي ﷺ لا يأكل الصدقة هو عليها صدقة وهو منها لنا هدية : الصدقة هو ما يعطيه العبد لطلب الثواب من الله أما الهدية فهي قد تكون مقصود بها التآلف أو مقصود بها الثواب من الله أو مقصود بها المكافأة قوله إنما الولاء لمن أعتق : الولاء المعتق على من اعتقه إرثه منه إذا لم يكن له وارث من النسب وارتباطه به ارتباطاً شرعياً لا يفصله شيء المعنى الإجمالي أخبرت عائشة رضي الله عنها أن في بريرة ثلاث سنن السنة الأولى كونها خيرت في البقاء مع زوجها أو الخروج من عصمته لكونه مملوك وهي حرة والسنة الثانية : هي في قوله ﷺ هو عليها صدقة ولنا منها هدية وهو أن ما تصدق به على المسكين فأهداه إلى صديقه جازت للغني أن يأكل من الصدقة المهداة من الفقير فقه الحديث أولاً : قول عائشة رضي الله عنها كانت في بريرة ثلاث سنن أي ثلاثة أحكام شرعية هذا إجمال اتبعته بالتفصيل ثانياً : يؤخذ من قولها خيرت على زوجها أي خيرت فيه لكونه عبد وهي حرة ثالثاً: ذهب إلى مقتضى هذا الحديث الجمهور من أهل العلم وهو أن الأمة إذا اعتقت وهي تحت عبد كان لها الخيار بين البقاء تحته وعدمه رابعاً : هذا القول بناءً على أن زوج بريرة كان عبداً وهو الراجح وقد جاء عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أَنَّ زَوْجَ بَرِيرَةَ كَانَ عَبْدًا يُقَالُ لَهُ مُغِيثٌ كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَيْهِ يَطُوفُ خَلْفَهَا يَبْكِي وَدُمُوعُهُ تَسِيلُ عَلَى لِحْيَتِهِ فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ لِعبَّاسٍ يَا عَبَّاسُ أَلا تَعْجَبُ مِنْ حُبِّ مُغِيثٍ بَرِيرَةَ وَمِنْ بُغْضِ بَرِيرَةَ مُغِيثًا فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ لَوْ رَاجَعْتِهِ قَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ تَأْمُرُنِي قَالَ إِنَّمَا أَنَا أَشْفَعُ قَالَتْ لا حَاجَةَ لِي فِيهِ ) خامساً : ذهب أبو حنيفة إلى وجوب التخيير سواء كان الزوج الذي عتقت تحته حراً أو عبداً وعلل التخيير بكونها لم يكن لها خيار حين النكاح وعندما عتقت ملكت نفسها فوجب أن تخير فجعل علة التخيير كونها ملكت نفسها سادساً : وهذه المسالة من مسائل الخلاف بين الحنفية والأئمة الثلاثة ولها نظائر كثيرة سابعاً: السنة الثانية أنه أهدي لها لحم من الصدقة والنبي ﷺ محرم عليه أكل الصدقة فلما دخل وطلب الطعام أتي بخبز وأدم من أدم البيت فقال ألم أر البرمة على النار قالوا بلى ولكن ذلك لحم تصدق به على بريرة فقال النبي ﷺ هو عليها صدقة ولنا منها هدية فيؤخذ منه أنه إذا تصدق على الفقير فأهدى من تلك الصدقة إلى الغني كان ذلك جائزاً ثامناً : أخذ منه على أن أزواج النبي ﷺ ليسوا من آله الذين تحرم عليهم الصدقة وذلك باستنباط وهو أن بريرة جاءت باللحم إلى عائشة رضي الله عنها لأنهم أهل بيت فدل على أنه يجوز لعائشة أن تأكل من تلك الصدقة بخلاف النبي ﷺ تاسعاً : يؤخذ منه جواز تناول طعام الصديق تأولاً برضاه وطيب نفسه لقوله وهو لنا منها هدية قبل أن يسألها عن ذلك عاشراً : أن الشيء قد يأخذ حكماً آخر بنية المتأول إذ كان النبي ﷺ اعتبره هدية فصار له حكم الهدية وإن لم تتكلم بذلك الحادي عشر : أن كراهيتهم لإطعام النبي ﷺ لما يعلمونه عنه ﷺ أنه يكره ذلك ويمنع منه الثاني عشر : أنه ينبغي للعالم أن يبين الحكم المسوغ إذا كان هناك تسويغ يبيح الممنوع فإنه يجب على العالم أن يظهره حتى يتبين بذلك الحكم هو عليها صدقة وهو لنا منها هدية الثالث عشر : أن الهدية جائزة للنبي ﷺ وأهل بيته وممنوع عليهم الصدقة المفروضة باتفاق وفي الصدقة التطوعية خلاف الرابع عشر : إنكاره على من اشترط الولاء لنفسه مع اقتضاء الثمن فقال ﷺ (فَإِنَّ الْوَلاءَ لِمَنْ أَعْطَى الْوَرِقَ ) الخامس عشر : الولاء ارتباط شرعي بين المعتِق والمعتَق ولذا كان حكمه أنه لا يباع ولا يوهب ولا ينتقل عن المعتِق بحال السادس عشر : يؤخذ من قوله وإنما الولاء لمن أعتق أنه لا يرث أحد خارج النسب إلا بالولاء وذلك حصر في المعتِق وورثته وهم العصبة المتعصبون بأنفسهم . وبالله التوفيق -------- تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ. تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 4 ] [ المجلد الرابع ] رابط تحميل الكتاب : http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam4.pdf |
بسم الله الرحمن الرحيم تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي -رحمه الله - كتاب النكاح النكاح في اللغة : هو الضم والتداخل وفي الشرع يطلق على معنيين ، المعنى الأول : أنه يطلق على العقد الذي به ترتبط المرأة بالرجل وتكون داخلة في عصمته دخولاً معنوياً كدخول الشيء في الشيء دخولاً حسياً . والمعنى الثاني : أنه يطلق على الوطء الذي هو إدخال الفرج في الفرج على جهة التلذذ المباح وقضاء الوطر وطلب الولد فالمعنيين متلازمان لكن مختلف في المعنى الحقيقي هل هو الوطء أو العقد فمن نظر إلى كون العقد سبيلاً إلى الوطء وطريقاً إليه قال هو حقيقة في العقد ومن نظر إلى أن الوطء هو غاية ما يقصد من النكاح وكل ما يحصل من الأسباب المؤثرة فيه كالخطبة والعقد والمهر وما إلى ذلك هي وسائل والوطء هو المقصود قال إنه حقيقة في الوطء ومجاز في العقد أما حكمه فهو المشروعية والاستحباب ويزيد الاستحباب إلى أن يبلغ السنة المؤكدة . لا غنى للجنسين عنه فالرجل لا يتم حاله ولا تطيب له الحياة إلا بالزوجة الصالحة والمرأة أيضاً لا تطمئن ولا تطيب لها الحياة إلا بالزوج الصالح . وقد ذهب قوم إلى الوجوب ولكن الوجوب عند الجمهور لا يكون إلا على من خاف على نفسه من الوقوع في الزنا وذلك أن النكاح أمر مطلوب كما تقدم أورد فيه -------- تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ. تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 4 ] [ المجلد الرابع ] رابط تحميل الكتاب : http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam4.pdf |
بسم الله الرحمن الرحيم تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي -رحمه الله - [295]الحديث الأول : عن عبدالله بن مسعود قال : قال لنا رسول الله ﷺ يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء . موضوع الحديث : الحث على النكاح المفردات معشر : المعشر هم قوم يجمعهم وصف واحد والشباب : هم الذين يجمعهم هنا وصف واحد ويطلق على من بلغ إلى أن يصل إلى الأربعين على القول الأصح وقيل إلى ثلاث وثلاثين وهو منتهى الشباب الباءة : المراد بها النكاح أو تكاليفه أو استطاعته استطاعة ذاتيه . ولا شك أن الشارع ﷺ أمر الشباب بالتزوج إذا كانوا قادرين على مؤن الزواج قدرة ذاتية ومالية . قوله فليتزوج : هذا أمر والأمر يقتضي الوجوب وعلى هذا فقد ذهب الجمهور إلى أن الأمر هنا أمر إرشاد لا أمر إيجاب وجعلوا النكاح سنة في حق الرجل القادر عليه فإن خشي بتركه الزنا فعله وجوباً قوله ومن لم يستطع : يعم النفي هنا الاستطاعة المالية والاستطاعة الذاتية قوله فعليه بالصوم :أي ليكثر منه فإنه له وجاء : الفاء تعليلية والمقصود أنه يخفف من وطئة الرغبة الجامحة فيه التي ربما أدت بالعبد إلى الوقوع فيما حرم الله المعنى الإجمالي يحث النبي ﷺ الذين عندهم القدرة الذاتية والقدرة المالية يحثهم على فعل الزواج ومن لم يستطع ذلك فليكثر من الصوم وليلزم الاستعفاف وليسأل ربه عز وجل أن يعصمه من الوقوع في طائلة الزنا . فقه الحديث أولاً : يؤخذ من هذا الحديث استحباب النكاح لمن له قدرة عليه ليكون ذلك عوناً له على تجنب الزنا والوقوع فيما حرم الله عز وجل سواء كان ذلك بالنظر أو السمع أو ما أشبه ذلك ثانياً: اختلف أهل العلم في حكم النكاح هل هو واجب أو سنة مؤكدة والقول بالوجوب على من خاف على نفسه الوقوع فيما حرم الله لعله هو الأقرب ثالثاً : خص النبي ﷺ بهذا الخطاب معشر الشباب الذين هم مظنة قوة الشهوة التي ربما حملت الشاب أو الشابة على الوقوع فيما حرم الله سبحانه وتعالى . رابعاً : جعل النبي ﷺ علاج العزوبة لمن لم يستطع مؤن النكاح الإكثار من الصوم وهذا العلاج علاج نبوي عظيم حيث أن الصوم يخفف قوة الشهوة ويحمل العبد على طاعة الله سبحانه وتعالى فيغرس فيه خليقة التقوى التي يتغلب بها على نزعات النفس ونزغات الشيطان لقلة الطعام والشراب ويكثر للعبد الحسنات التي يتقرب بها إلى الله فما أحسنه من علاج وأحكمه خامساً : إرشاد النبي ﷺ إلى الزواج لمن له عليه استطاعة إرشاد إلى أسباب الخير واستقرار النفس فإن الرجل إذا تزوج حصل عنده الاستقرار النفسي وتم بينهما التعاون أي بين الزوجين التعاون على المصالح التي يستعينون بها على أداء الواجبات فالرجل يكون مكفي في بيته بالزوجة التي تعمل له ما يصلحه من طعام وشراب وتنظيف للبيت وتهيئته للمنافع والمرأة تكون مكفية بزوجها في تحصيل الرزق وفي ذلك من الخير ما الله به عليم ولا يفوتني في هذه المناسبة أن ألفت النظر إلى المؤتمر الإجرامي الذي عقده اليهود والنصارى يقصدون به محاربة التزوج المبكر ويشجعون فيه على العزوبة ويقررون فيه التشجيع على المدارس المختلطة ودراسة التثقيف الجنسي حسب قولهم وقرروا فيه فتح مستشفيات بقيم رخيصة يتعاون المستشفى مع المجرمين على الإجهاض فحسبنا الله عليهم وأعاذ الله المسلمين من شرورهم ، إنهم دعاة إلى الشر وإلى انتشار الفواحش فعليهم لعائن الله وبالجملة فإن الواجب على المسلمين في مقابل ذلك أن يشجعوا على الزواج المبكر بتخفيف مؤنة الزواج وتيسير أسبابه امتثالاً لأمر نبيهم ﷺ كما في حديث مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ قَالَ ( تَزَوَّجُوا الْوَدُودَ الْوَلُودَ فَإِنِّي مُكَاثِرٌ بِكُمْ الأُمَمَ ) وبالله التوفيق -------- تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ. تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 4 ] [ المجلد الرابع ] رابط تحميل الكتاب : http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam4.pdf |
بسم الله الرحمن الرحيم تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي - رحمه الله - [296]الحديث الثاني : عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن نفراً من أصحاب النبي ﷺ سألوا أزواج النبي ﷺ عن عمله في السر ؟ فقال بعضهم لا أتزوج النساء وقال بعضهم لا آكل اللحم وقال بعضهم لا أنام على فراش فبلغ ذلك النبي ﷺ فحمد الله وأثنى عليه وقال : ما بال أقوام قالوا كذا ؟ ولكني أصلي وأنام وأصوم وأفطر وأتزوج النساء فمن رغب عن سنتي فليس مني ) . موضوع الحديث : الإنكار على من دعوا إلى الرهبنة بنوع من التأويل وإخبار النبي ﷺ أن من رغب عن سنته التي هي التوسط بين الترهبن والجفاء من رغب عنها فإنه قد سلك طريقاً غير طريقه واتبع سنة غير سنته المفردات أزواج النبي ﷺ : هن زوجاته عن عمله في السر : أي العمل الذي يعمله في بيته قال بعضهم لا أتزوج النساء : تفضيلاً للعبادة على اللذة المشروعة وقال بعضهم لا آكل اللحم منعاً للنفس عن بعض شهواتها وقال بعضهم لا أنام على فراش يعني تجافياً عن الرفاهية فبلغ ذلك النبي ﷺ : أي أخبر به فحمد الله وأثنى عليه : أي قام خطيباً فبدأ بحمد الله والثناء على الله بما يستحق وقال ما بال أقوام : هذه عبارة تقال في إنكار ما قصد به الستر على من عمله قالوا كذا : يعني ما تقدم لكني أصلي وأنام : أي أقوم بحق ربي وأعطي نفسي حظها من الراحة ومع ذلك أصوم وأفطر وأتزوج النساء قوله فمن رغب عن سنتي : الرغبة عن الشيء تركه والرغبة فيه محبته وفعله والرغبة عن السنة ترك لها وزهد فيها قوله فليس مني : يعني ليس على طريقتي في اتباع التوسط في العبادة بين الجفاء والغلو المعنى الإجمالي شريعة الله وسط بين الغلو والجفاء والانهماك في العبادة والغفلة واللهو فهي تضع الأمور مواضعها عبادة لله وطاعة له مع إعطاء النفس حظوظها من المباحات المعينة على استمرار العبادة وقد قال النبي ﷺ ( اكلفوا من الأعمال ما تطيقون فان الله لا يمل حتى تملوا ) وفي الحديث الآخر ( فإن المنبت لا سفرا قطع ولا ظهرا أبقى ) وبذلك يكون العبد قد أدى عبادة الله ولم يحرم نفسه حظوظها من الراحة والتلذذ المباح فقه الحديث أولاً : أن شريعة الله وسط بين الغلو والجفاء وفي ذلك قوله تعالى (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمّةً وَسَطاً ) [ البقرة : 143 ] ثانياً : الوسطية بينة في شرائع الله ما بين الرهبنة والغلو وما بين التساهل في حقوق الله والجفاء عنها ثم إن مذهب أهل السنة والجماعة وسط في باب الأسماء والصفات بين التعطيل والتشبيه وفي باب القدر وسط بين القائلين بالجبر والنافين للقدر وهكذا يتبين عند التأمل أن شريعة الله وسط في كل شيء ثالثاً : أن السنة التي قررها الله عز وجل لنبيه ﷺ وقررها النبي ﷺ لأمته أن تؤدى حقوق الله فرضاً ونفلاً وأن يعطي نفسه حظوظها من التلذذ المباح في المآكل والمشارب والمناكح والنوم واليقظة وأخذ النفس بحق ربها من دون تشديد عليها ولا تغليب لشهواتها حتى تلهو بها عن حقوق الله عز وجل رابعاً : في هذا الحديث تفضيل للتلذذ بالمباحات التي تتطلبها النفس على نوافل العبادات التي ربما تؤدي بالعبد إلى الانقطاع والضعف في الأخير ولهذا جاء في الحديث ( فإن لكل عابد شرة ولكل شرة فترة فإما إلى سنة وإما إلى بدعة فمن كانت فترته إلى سنة فقد اهتدي ومن كانت فترته إلى غير ذلك فقد هلك )وقد قال ﷺ لعبدالله بن عمرو (قم ونم وصم وأفطر ) فهذا هو الحق الذي ينبغي للمسلم أن يعمل به ويتخذه نبراساً في حياته إذا وجد من نفسه ضعفاً عن العمل شدها إليه وأخذها به حتى تذل وتلين وإذا وجد من نفسه ميلاً إلى كثرة العبادة فليحد من غلوائها وقد تمنى عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما أن لو كان أطاع رسول الله ﷺ في التخفيف عن نفسه من كثرة العبادة خامساً : أن فضل السنة أعلى وأفضل من نوافل العبادات ولو أنه رئي أن العمل فيها قليل فمتابعة السنة خير من كل عمل يخرج عنها وبالله التوفيق . -------- تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ. تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 4 ] [ المجلد الرابع ] رابط تحميل الكتاب : http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam4.pdf التصفية والتربية TarbiaTasfia@ |
بسم الله الرحمن الرحيم تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي - رحمه الله - [297]الحديث الثالث : عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال رد رسول الله ﷺ على عثمان بن مظعون التبتل ولو أذن له لاختصينا . موضوع الحديث : كراهة ترك النكاح زهداً فيه واتباعاً للرهبنة التي سلكها بعض أهل الكتاب المفردات التبتل : هو ترك النكاح من أجل الانقطاع للعبادة وقد ذم الله عز وجل أهل الكتاب على ذلك قوله ومنه قيل لمريم عليها السلام البتول لا نقطاعها عن الزواج للعبادة وأقول إن مريم كانت نذرتها أمها لذلك وكان جائزاً في شرعهم مثل هذا أما شريعة محمد ﷺ فليس فيها ذلك وقوله قيل لفاطمة البتول إما لانقطاعها عن الأزواج غير علي وأقول هذا لا ينبغي وليس لها امتياز في هذا بل كل من تزوجت برجل واحد وماتت عنده فهي كذلك . أو لانقطاعها عن نضرائها في الحسن والشرف : أقول الحسن لا يكون سبباً للمحمدة ولكن لشرفها في نسبتها إلى أبيها صلوات الله وسلامه عليه وعليها قوله ولو أذن له لاختصينا : أي لو أذن النبي ﷺ لعثمان بن مضعون في ذلك لاختصينا رغبة في الانقطاع للعبادة المعنى الإجمالي كان من أصحاب النبي ﷺ رجال لهم نهم في العبادة ورغبة فيها ظنوا أن التزوج مشغلة عن العبادة والجهاد في سبيل الله وبناءً على ذلك رغبوا في الانقطاع للعبادة وترك الاشتغال بالمباحات فمنعهم النبي ﷺ وأخبرهم أن اتباع سنته ﷺ خير من التبتل والرهبنة فقه الحديث أولاً : يؤخذ من هذا الحديث ذم التبتل وقد ذكر الله التبتل على سبيل المدح وأمر به في سورة المزمل حيث قال لنبيه ﷺ ( يَأَيّهَا الْمُزّمّلُ قُمِ الْلّيْلَ إِلاّ قَلِيلاً …. إلى أن قال وَاذْكُرِ اسْمَ رَبّكَ وَتَبَتّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلاً )[ المزمل: (1-8) ] فهل هناك معارضة بين ما أمر به القرآن الكريم وبين التبتل الذي نهي عنه في السنة وأقول : الجواب لا معارضة إذ أن التبتل الذي أمر الله به هو الانقطاع إلى الله بالقلب من الدنيا وعلائقها في أوقات العبادة عند أداء الفرائض في إقامة الصلاة المفروضة وقيام الليل انقطاعاً مؤقتاً حتى يتم عبادته وربما قيل أن التبتل المراد في الآية هو الانقطاع عن الدنيا مع مباشرتها فيكون بقلبه منقطعاً عنها غير مبال بها بل هو مقبل على الله عز وجل يستعملها فيما أمر الله ويجتنبها ويبتعد عنها إذا هي جاءت بنقص من دين أما التبتل المنهي عنه فهو ترك التزوج والانقطاع للعبادة كما كان يفعله الرهبان هذا هو القول الحق فيما أرى فشريعة محمد ﷺ جاءت لتعطي النفس حظوظها باعتدال حتى يتم التوازن في أعمال العبد إذ أن الرهبنة التي كان يفعلها أهل الكتاب مذمومة لأن أصحابها تركوا المباحات وشددوا على أنفسهم تشديداً لم يأمرهم الله به وبالله التوفيق ثانياً : يؤخذ منه تحريم الاختصاء وعدم جوازه وكذلك أيضاً ما يؤدي إلى مثل حالة المختصي بالمعالجة كالإبر التي تقطع حركة الرجل ومنعه من معاشرة النساء ثالثاً: أن التبتل من التنطع الذي ذمه الله عز وجل ونهى عنه رابعاً : وفي مقابل ذلك أمر النبي ﷺ بالتزوج وحصول الأولاد وتكثيرهم ليكثر من يعبد الله وحده وتكثر أمة محمد ﷺ لقوله ﷺ ( تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر الأنبياء يوم القيامة). خامساً : إن الاختصاء خروج عن السنن الكونية التي أرادها الله من عباده وسلوك لمسالك المنحرفين المشددين على أنفسهم بغير حق وبالله التوفيق سادساً : ومن ذلك بعض ما يعمله بعض أصحاب التصوف من ترك الطعام اللذيذ أو ترك بعض الشهوات التي يحتاج إليها العبد ويروى أن رجلاً اسمه فرقد السبخي دخل على الحسن البصري وهو يأكل طعاماً لذيذاً يقال له الفالوذج فقال له هلم فقال لا آكله ولا أحب من يأكله فقال الحسن لعاب النحل بلباب البر مع سمن البقر هل يعيبه مسلم وقد جاء عن النبي ﷺ أنه كان يحب الحلوى والعسل وقال ﷺ ( إنما حبب إلي من دنياكم النساء والطيب وجعلت قرة عيني في الصلاة ) وكان سفيان الثوري يحمل معه الفالوذج إذا خرج في سفر واللحم المشوي ويقول إن الدابة إذا أحسن إليها عملت وإن البدن كالمطية لا بد لها من علف يعني وكذلك البدن لا بد من الاهتمام به وبالله التوفيق -------- تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ. تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 4 ] [ المجلد الرابع ] رابط تحميل الكتاب : http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam4.pdf |
بسم الله الرحمن الرحيم تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي -رحمه الله - [298]الحديث الرابع : عن أم حبيبة بنت أبي سفيان رضي الله عنها أنها قالت يا رسول الله انكح أختي بنت أبي سفيان فقال أو تحبين ذلك فقلت نعم لست لك بمخلية وأحب من شاركني في خير أختي فقال النبي ﷺ إن ذلك لا يحل لي قلت فإنا نحدث أنك تريد أن تنكح بنت أبي سلمة قال بنت أم سلمة قلت نعم فقال لو أنها لم تكن ربيبتي في حجري ما حلت لي إنها لابنة أخي من الرضاعة أرضعتني وأبا سلمة ثويبة فلا تعرضن علي بناتكن ولا أخواتكن . قال عروة وثويبة مولاة لأبي لهب كان أبو لهب أعتقها فأرضعت النبي ﷺ فلما مات أبو لهب أريه بعض أهله بشر حيبة قال له ماذا لقيت قال أبو لهب لم ألق بعدكم خيراً غير أني سقيت في هذه بعتاقتي ثويبة . موضوع الحديث : تحريم الجمع بين الأخوات وتحريم الربائب وبنات الأخ من الرضاع المفردات تقول أم حبيبة أنها قالت لرسول الله ﷺ يا رسول الله أنكح أختي بنت أبي سفيان قال أو تحبين ذلك : استغرب النبي ﷺ هذا الطلب لأن من عادة النساء أن المرأة لا ترضى أن ينكح زوجها ضرة لها حتى ولو كانت قريبة قولها لست لك بمخلية : أي لست بمنفردة بك ولا متروكة من ضرة وإذا كان كذلك فأحب من شاركني في الخير أختي قوله إن ذلك لا يحل لي : يعني لتحريم الجمع بين الأخوات قولها إنا نحدث أنك تريد أن تنكح بنت أبي سلمة قال بنت أم سلمة : وهذا استفهام قالت نعم قال إنها لو لم تكن ربيبتي : الربيبة بنت الزوجة والربيب ابنها في حجري : هذا شرط آخر مقتض لعدم الحلية وهو كونها ربيبة وأمها زوجة مدخول بها وكونها مرباة في حجر زوج أمها ما حلت لي : أي لو لم تكن كذلك ما حلت لي إنها لابنة أخي من الرضاعة : ومعنى ذلك أن سبب التحريم في حقها أمران الأمر الأول : كونها ربيبة في حجره والأمر الثاني : كونها بنت أخيه من الرضاع قوله أرضعتني وأبا سلمة ثويبة : ثويبة جارية لأبي لهب أرضعت النبي ﷺ وأرضعت أبا سلمة بن عبد الأسد زوج أم سلمة السابق وأرضعت حمزة بن عبدالمطلب ولكن أبا لهب اعتقها من أجل رضاعها لابن أخيه وهو النبي ﷺ قوله فلا تعرضن عليّ بناتكن ولا أخواتكن : هذا نهي لهن عن عرض بناتهن وأخواتهن عليه صلوات الله وسلامه عليه . أما ما في الإلحاق من أن العباس رأى أخاه أبا لهب بشر حيبة فقال له ماذا لقيت فقال أبو لهب لم ألق بعدكم خيراً غير أني سقيت في هذه بعتاقتي ثويبة والإشارة إلى النقرة الكائنة بين الإبهام والسبابة يعني أنه سقي في تلك النقرة الصغيرة بسبب عتقه لثويبة برضاع النبي ﷺ ولكن لكونه عاداه بعد أن بعث كان ذلك سبباً في حرمانه من كل خير بشر حيبة : حالة المعنى الإجمالي تروي أم حبيبة رضي الله عنها بأنها عرضت على النبي ﷺ أختاً لها كي ينكحها فاستغرب النبي ﷺ ذلك فأخبرته بأنهن يحدثن أن النبي ﷺ يريد أن يتزوج بنت زوجته درة بنت أبي سلمة فأخبر النبي ﷺ بأنها لو لم تكن ربيبته ما حلت له لأنها بنت أخيه من الرضاع وقد استفيد من الحديث الأحكام الآتية فقه الحديث أولاً : يؤخذ من هذا الحديث نصح أم حبيبة برغبتها أن تدخل أختها معها في الخير الذي حازته بزواج النبي ﷺ بها ثانياً : يؤخذ من قولها وأحب من شاركني في خير أختي يؤخذ من هذه العبارة أن أزواج النبي ﷺ ما كن يعتبرن زواجهن من رسول الله نكاحاً مجرداً ولكنهن يعتبرن أن نكاح النبي ﷺ لهن خير ساقه الله إليهن . ثالثاً : يؤخذ من قول النبي ﷺ إن ذلك لا يحل لي تحريم الجمع بين الأختين الذي دلت عليه الآية في قوله تعالى ( وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الأُخْتَيْنِ إِلا مَا قَدْ سَلَفَ) [ النساء : 23] رابعاً : يؤخذ من هذا أن أم حبيبة كانت تعتقد أن النبي ﷺ له خصائص في النكاح منها الجمع بين أكثر من أربع ومنها النكاح بالهبة فظنت أن الجمع بين الأخوات يحل له قياساً على ما علمت من زيادة العدد والنكاح بالهبة وهذا هو القول المعتمد فما كانت أم حبيبة تجهل تحريم الجمع بين الأخوات ولا تجهل تحريم نكاح الربيبة والقول الآخر أن ذلك حصل قبل أن تنزل آية النساء في المحرمات وأن أم حبيبة كانت تجهل ذلك وقائل هذا لو تأمل الحديث لكان فيه ما يدل على أن ذلك كان معلوماً عند أم حبيبة وعند غيرها ولكنها ظنت أن ذلك من خصوصياته خامساً : يؤخذ من قولها إنا نحدث أنك تريد أن تنكح بنت أبي سلمة قال بنت أم سلمة قالت نعم قال إنها لو لم تكن ربيبتي في حجري … إلخ يؤخذ من هذه الجملة وهو المأخذ الخامس أن الربيبة محرمة إذا كانت من زوجة مدخول بها ومتربية في حجر زوج أمها سادساً : اختلف أهل العلم هل لهذا الشرط مفهوم مخالفة أم ليس له مفهوم مخالفة فذهب جمهور المحدثين والفقهاء أن اشتراط تربيتها في الحجر اشتراط لا مفهوم له بل إنه خرج مخرج الغالب فحرموا الربيبة سواء كانت مرباة في حجر زوج أمها أم لا إذا كانت الأم مدخول بها وذهب بعض الصحابة وأهل الظاهر إلى الأخذ بهذا القيد فقالوا أن الربيبة التي لم تكن مرباة في حجر زوج أمها تحل لزوج أمها بعد موت الأم أو مفارقتها بالطلاق واستدلوا على ذلك بما أخرجه عبدالرزاق عن مالك ابن أوس ابن الحدثان قال كان عندي امرأة قد ولدت لي فماتت فوجدت عليها فلقيت علي بن أبي طالب رضي الله عنه فقال مالك فأخبرته فقال ألها ابنة من غيرك قلت نعم قال كانت في حجرك قلت لا هي في الطائف قال فانكحها قلت فأين قوله تعالى وربائبكم قال إنها لم تكن في حجرك ) قال الصنعاني ورواية إبراهيم بن عبيد ابن رفاعة معروف ثقة تابعي وأبوه وجده صحابيان فلا التفات إلى من يزعم أنه غير معروف وكذا صح عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه أفتى من سأله أن يتزوج بنت ربيبته كانت تحته جدتها ولم تكن البنت في حجره أخرجه أبو عبيد إلا أن الجمهور لم يقولوا بذلك وقالوا أن اشتراط الحجر خرج مخرج الغالب وهذا المذهب أسلم وبالله التوفيق سابعاً : في قوله لو لم تكن ربيبتي في حجري ما حلت لي إنها لابنة أخي من الرضاع فيؤخذ من هذا أن بنت الأخ من الرضاع إذا كان الرضاع محرماً أنها تكون محرمة على عمها من الرضاع وإن أرضعتهما أجنبية كما هو الحال في ثويبة ثامناً : أنه اجتمع في بنت أم سلمة سببان للتحريم أحدهما كونها ربيبة والثاني كونها بنت أخيه من الرضاع تاسعاً : أن الجمع بين الأختين متفق على تحريمه في النكاح ومختلف في تحريمه بملك اليمين والجمهور يرون التحريم وحكي عن عثمان بن عفان رضي الله عنه أنه يجوز الجمع بينهن بملك اليمين وبذلك أخذ الظاهرية والجمهور يقولون بتحريم الجمع بينهما في النكاح لا في الملك لأن الملك يراد لغير النكاح فإن وطئ إحداهما حرمت عليه الأخرى حتى يعمل سبباً يحرم الأولى عليه عاشراً : يؤخذ منه أن الجمع بين الأختين محرم سواء كان ذلك الجمع في وقت واحد أو نكح الأولى ثم نكح الثانية فإن نكح الأولى ثم نكح الثانية بطل نكاح الثانية وإن نكحهما معاً بطل النكاحان وبالله التوفيق. -------- تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ. تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 4 ] [ المجلد الرابع ] رابط تحميل الكتاب : http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam4.pdf |
بسم الله الرحمن الرحيم تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي - رحمه الله - [299]الحديث الخامس : عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ لا يجمع بين المرأة وعمتها ولا بين المرأة وخالتها . موضوع الحديث : تحريم الجمع بين المرأة وعمتها والمرأة وخالتها وعكسه لازم أي بين المرأة وابنة أخيها والمرأة وابنة أختها وأنه لا تنكح الصغرى على الكبرى ولا الكبرى على الصغرى المفردات العمة : هي أخت الأب والخالة هي أخت الأم المعنى الإجمالي نهى النبي ﷺ أن يجمع بين المرأة وعمتها ولا بين المرأة وخالتها لأن ذلك موجب للقطيعة بين ذوات الأرحام فقه الحديث أولاً : يؤخذ من هذا الحديث تحريم الجمع بين المرأة وعمتها أو المرأة وخالتها أو المرأة وابنة أخيها أو المرأة وابنة أختها لا تنكح هذه على هذه ولا هذه على هذه قال ابن دقيق العيد جمهور الأمة على تحريم هذا الجمع أيضاً وهو مما أخذ من السنة وإن كان إطلاق الكتاب يقتضي الإباحة يعني قول الله عز وجل ( والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم كتاب الله عليكم وأحل لكم ما وراء ذلكم ) قال إلا أن الأئمة من علماء الأمصار خصوا ذلك العموم بهذا الحديث وهو دليل على جواز تخصيص عموم الكتاب بخبر الواحد أهـ . وقال الصنعاني في تعليقه جمهور الأمة على تحريم هذا الجمع أيضاً أقول كما أن جمهورهم على تحريم الجمع بين الأختين قال ابن المنذر لست أعلم في ذلك خلافاً اليوم وإنما قال بالجواز فرقة من الخوارج واتفق أهل العلم على القول به ولا اعتبار بخلاف من خالفه أهـ . أقول في ذلك إيهام لأن قوله واتفق أهل العلم على القول به يقصد على القول بتحريم الجمع بين من ذكر وفي عطفه على قول الخوارج إيهام لأن المراد به قول الخوارج وكان الأولى أن يقول واتفق أهل العلم على القول بتحريم الجمع بين من ورد في الحديث بالنهي عن الجمع بينهن ثم قال الصنعاني رحمه الله ونقل الإجماع ابن عبدالبر وابن حزم والقرطبي والنووي أي نقلوا الإجماع على تحريم الجمع بين المرأة وعمتها والمرأة وخالتها إلا أنه استثنى ابن حزم عثمان البتي وهو أحد الفقهاء القدماء من أهل البصرة . وأقول : القول بالتحريم الوارد في الحديث هو الحق ولا عبرة بخلاف من خالفه كما قال الصنعاني ومن زعم أن خبر الآحاد لا يخصص الكتاب وإنما خصص الآية الإجماع فزعمه من أبطل الباطل إذ أن الإجماع استند على هذا الحديث وما في معناه فالإجماع إنما وقع على القول بما جاءت به السنة وليس هذا الحديث هو الوحيد في الموضوع بل ذكر الصنعاني عن الحافظ بأنه ورد من طريق ثلاثة عشر نفر من الصحابة ثانياً : يقال في الجمع بين المرأة وعمتها والمرأة و خالتها كما قيل في الجمع بين الأختين بأنه إن تزوجهما في عقد واحد بطل العقد وإن تزوج إحداهما بعد الأخرى فالعقد على الأولى صحيح وعلى الأخيرة باطل سواء كانت الأولى هي الصغرى أو الكبرى وبالله التوفيق -------- تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ. تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 4 ] [ المجلد الرابع ] رابط تحميل الكتاب : http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam4.pdf |
بسم الله الرحمن الرحيم تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي - رحمه الله - [300]الحديث السادس : عن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ ( إن أحق الشروط أن توفوا به ما استحللتم به الفروج ) موضوع الحديث : الأمر بالإيفاء بالشروط التي تستحل بها الفروج المفردات قوله إن أحق الشروط أن توفوا به : كأنه قال إن أحق الشروط بالوفاء هي الشروط التي تستحلون بها الفروج جملة ما استحللتم به الفروج : في محل رفع خبر إن أي هي الشروط التي استحللتم بها الفروج المعنى الإجمالي تدل هذه العبارة على أن الشروط يجب الوفاء بها ولكن أشدها وجوباً أن يوفى به ما استحلت به الفروج فقه الحديث أولاً : يؤخذ من هذا الحديث أن الشروط التي اتفق عليها عند العقد يجب الوفاء بها لقوله تعالى (يَا أَيّهَا الّذِينَ آمَنُواْ أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ ) [ المائدة : 1] ثانياً : يدل على أن الشروط مختلفة منها ما هو واجب ومنها ما هو أو جب ومنها ما هو شديد ومنها ما هو أشد ولكن الأوجب منها والأشد فيها ما استحلت به الفروج ثالثاً : اختلف أهل العلم في الشروط التي يجب الوفاء بها علماً أن الحديث الذي ورد في الشروط عامة وهو قوله ﷺ (وَالْمُسْلِمُونَ عَلَى شُرُوطِهِمْ إِلا شَرْطًا حَرَّمَ حَلالاً أَوْ أَحَلَّ حَرَامًا) معنى هذا الحديث أن الشرط الذي يحل حراماً أو يحرم حلالاً لا يجوز الوفاء به ومن أجل ذلك فقد حصل الخلاف في بعض الشروط فلو اشترطت المرأة على الرجل ألا يتزوج عليها فهذا الشرط حرم حلالاً وكذلك لا يتسرى عليها ولو شرط الرجل على المرأة أن تنفق على نفسها فهذا الشرط أيضاً أبطل واجباً وإذا شرطت المرأة على الرجل أن يطلق ضرتها التي هي زوجته قبلها فهل يلزمه ذلك هذا محل نظر وخلاف مع أن النبي ﷺ قال ( ولا تسال المرأة طلاق أختها لتكفأ ما في إناءها ) وسؤالها طلاق أختها اشتراط فالخلاف في مثل هذه الشروط التي تحرم حلالاً أو تحل حراماً أو تمنع واجباً هل المقصود بالحديث مثل ذلك وأنه إن شرطت عليه أن لا يتزوج عليها وجب عليه الوفاء وإن شرط على المرأة أن لا ينفق عليها لم يلزم لها النفقة مع أن الله سبحانه وتعالى يقول (وَإِن كُنّ أُوْلاَتِ حَمْلٍ فَأَنفِقُواْ عَلَيْهِنّ حَتّىَ يَضَعْنَ حَمْلَهُنّ ) [ الطلاق : 6 ] والنبي ﷺ يقول ( إنما النفقة والسكنى للمرأة إذا كان لزوجها عليها الرجعة ) إلى غير ذلك من الأدلة فمن نظر إلى أن صاحب الحق إذا وافق على هذا الشرط فقد أسقط حقه قال بالوفاء بهذه الشروط ومن نظر إلى أن هذه الشروط قد تحل حراماً أو تحرم حلالاً أو تسقط واجباً أو تبيح محظوراً قال بأن هذه الشروط لا يلزم الوفاء بها ومن أجل ذلك فقد وقع الخلاف بين أهل العلم في بعض هذه الشروط أما ما اقتضاه العقد من الإمساك بالمعروف أو التسريح بالإحسان أو وجوب النفقة والمسكن والكسوة فهذه لا تأثير للشرط فيها إذ أنها مشروطة بمقتضى العقد كما أمر الله عز وجل ورسوله ﷺ بذلك ويلتحق بذلك شرط المرأة على الرجل أن لا ينتقل بها من دارها أو محلتها وهذا الشرط قد رأى بعض أهل العلم من الصحابة وغيرهم وجوب الوفاء به لأن المشروط عليه قد اسقط حقه بقبول هذا الشرط وبالله التوفيق . -------- تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ. تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 4 ] [ المجلد الرابع ] رابط تحميل الكتاب : http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam4.pdf |
بسم الله الرحمن الرحيم تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي - رحمه الله - [301]الحديث السابع : عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى نهى عن الشغار ، والشغار أن يزوج الرجل ابنته على أن يزوجه الآخر ابنته وليس بينهما صداق . موضوع الحديث : النهي عن النكاح الذي يكون مشروطاً بنكاح آخر المفردات الشغار : مأخوذ من شغر الكلب برجله إذا رفعها ليبول وقيل من شغر المكان إذا خلى وشغرت الوظيفة إذا خلت ممن يشغلها والمعنى يدور حول الخلو والرفع إما أن يكون لا ارفع لك عن موليتي إلا بأن ترفع لي عن موليتك وإما أن يكون من الخلو ومعنى ذلك أن يخلو هذا النكاح عن الصداق هكذا فسره أهل العلم لكن اختلف في هذا التفسير هل هو من الصحابي أو من التابعي وهو نافع أو ممن دون ذلك وهو مالك المعنى الإجمالي نهى النبي ﷺ عن نكاح الشغار لما فيه من المخالفة وما يترتب عليه من المفاسد فقه الحديث أولاً : يؤخذ من الحديث تحريم الشغار في النكاح وذلك بأن يكون كل واحد من النكاحين مشروط بالآخر وهل العلة في النهي الاشتراط أو عدم وجود الصداق هذا محل خلاف ونظر والذي يترجح لي في هذه المسألة أن النهي مترتب على وجود الاشتراط إذا اشترط أحد النكاحين بالآخر وقد رأينا وعرفنا من هذا القبيل الشيء الكثير فإنه إذا حصل هذا الشرط ودب الفساد بين إحدى الأسرتين دب إلى الأسرة الأخرى وكل منهما يقول كيف تبقى ابنتي تحت فلان وابنته قد خرجت مني أو تمردت عليّ فيجبرون المرأة في الأسرة الصالحة على أن تمتنع من زوجها وهذا هو السبب في النهي ، أما عدم وجود الصداق فيمكن أن يحكم بصحة النكاح وللمرأة صداق المثل كالمولية وبهذا يتبين أن العلة في النهي هي الاشتراط . ثانياً : هل يصح عقد النكاح الذي وقع في الشغار القول الصحيح أن عقد النكاح المبني على الشغار عقد باطل لا يصح أما انتقاد الصنعاني رحمه الله للمعنى الأول وهو أن يقول لا أرفع لك عن موليتي إلا بأن ترفع لي عن موليتك فهذا انتقاد في غير محله فيما أرى وليس معنى ذلك التفسير المكروه وهو رفع الرِجل ولكن المقصود بالرفع المراد به فتح الباب أي لا أفتح لك باب النكاح لابنتي إلا بأن تفتح لي باب النكاح لابنتك وهو راجع إلى الاشتراط وإن قلنا العلة فيه الخلو فإما أن يكون المقصود الخلو من المهر وإما أن يكون المقصود الخلو من الاشتراط المعوق وهذا هو الأقرب إلا في صورة واحدة وهو أن يجعل بضع هذه مهراً لبضع تلك فإذا كان الأمر هكذا فإنه هو الشغار بغير خلاف وبالله التوفيق . -------- تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ. تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 4 ] [ المجلد الرابع ] رابط تحميل الكتاب : http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam4.pdf |
بسم الله الرحمن الرحيم تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي -رحمه الله - [302]الحديث الثامن : عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن النبي ﷺ نهى عن نكاح المتعة يوم خيبر وعن لحوم الحمر الأهلية . موضوع الحديث : تحريم نكاح المتعة المفردات نكاح المتعة : نكاح مؤقت بزمن يتفق عليه الناكح والمنكوحة فقط وهو حرام يوم خيبر : أي يوم فتح خيبر قوله وعن لحوم الحمر الأهلية : أي ونهى كذلك عن لحوم الحمر الأهلية والحمر الأهلية هي الإنسية بخلاف الحمر الوحشية فإنها مباحة والإنسية هي الآنسة تأنس إلى الناس ولا تنفر منهم المعنى الإجمالي يخبر علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن النبي ﷺ نهى عن نكاح المتعة الذي هو نكاح إلى أجل وعن أكل لحوم الحمر الأهلية فقه الحديث أولاً : يؤخذ من هذا الحديث تحريم نكاح المتعة وسمي هذا النكاح نكاح متعة لأنه نكاح لا يقصد به العلاقة المستديمة ولا الاستيلاد بل مقصود صاحبه التمتع فقط وهذا النكاح كان مباحاً في أول الإسلام فقد فعله الصحابة بإذن من النبي ﷺ ثم حرم في موقعة خيبر ثم أبيح يوم فتح مكة ثم حرم إلى يوم القيامة ثانياً : حصل خلاف بين أهل العلم في وقت تحريم نكاح المتعة والأقرب أن التحريم المؤبد حصل بعد فتح مكة لحديث الربيع بن سبرة عن أبيه في صحيح مسلم ثالثاً : اتفق أهل العلم على تحريم نكاح المتعة فقد كان في عصر الصحابة خلاف في بقاء حكمها واشتهر القول بإباحتها عن ابن عباس رضي الله عنه وجماعة ولكن ابن عباس رضي الله عنه رجع بعد ذلك رابعاً : نكاح المتعة هو أن يتزوج المرأة إلى أجل معلوم وأن يكون بين الرجل والمرأة فقط دون سواهما وقد أبدلنا الله عز وجل عن ذلك بالنكاح الصحيح الذي يشترط فيه الولي وشاهدان وإعلان النكاح بالدف والغناء خامساً : بقيت الرافضة تقول بنكاح المتعة وقولهم باطل مخالف لما ثبت عن النبي ﷺ وعن أصحابه رضوان الله عليهم سادساً : وقع الإجماع بعد ذلك على تحريم نكاح المتعة وأنه محرم إلى يوم القيامة سابعاً : اختلف أهل العلم فيمن عقد على امرأة وأسر في نفسه أنه يطلقها بعد مدة معينة فبعضهم أجاز ذلك والجمهور على منعه لأنه يوافق المتعة في كونه عاقداً في نفسه أنه يطلق بعد مدة معينة إلا أن الإثم ينحصر فيمن نوى هذه النية ولم يطلع عليها أحداً لا المرأة المنكوحة ولا أوليائها وبالله التوفيق . -------- تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ. تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 4 ] [ المجلد الرابع ] رابط تحميل الكتاب : http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam4.pdf |
بسم الله الرحمن الرحيم تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي - رحمه الله - [303]الحديث التاسع : عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ قال لا تنكح الأيم حتى تستأمر ولا تنكح البكر حتى تستأذن قالوا يا رسول الله فكيف إذنها قال أن تسكت . موضوع الحديث : شرط نكاح الأيم وشرط نكاح البكر وأن الأيم لا بد وأن تستأمر أما البكر فإذنها صماتها المفردات الأيم : تطلق ويراد بها الثيب التي قد تزوجت زوجاً دخل بها ثم فارقها أو مات عنها وتطلق ويراد بها من لا زوج لها وقد تطلق هذه الكلمة على الرجل الذي لا زوجة له قوله تستأمر : أي يطلب أمرها ومعنى ذلك أنه لا يكفي السكوت كما في البكر قوله والبكر : المراد به من لم توطأ بنكاح قوله تستأذن : أي يطلب إذنها قولهم فكيف إذنها : استفهام عن صفته قوله أن تسكت : يعني أن أذنها سكوتها المعنى الإجمالي الله أكبر ما أعدل شرائع الإسلام وأجملها فهاهو رسول الله ﷺ ينهى أن تنكح الأيم حتى تستأمر ولا البكر حتى تستأذن لأن إنكاحها بغير رضاها مصادرة لحريتها وهي التي ستعيش مع الزوج فلا بد من تصريحها بالأمر أما البكر فتستأذن وإذنها صماتها فقه الحديث أولاً : يؤخذ من قوله ( لا تنكح الأيم حتى تستأمر ) أن النكاح لا بد أن يكون بإشراف الولي والولي شرط في صحة النكاح للأدلة الآتية أولاً : قول الله سبحانه وتعالى ( فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ ) [ النساء : 25 ] ثانياً : نهى الله عز وجل للأولياء عن العضل حيث يقول سبحانه وتعالى (وَإِذَا طَلّقْتُمُ النّسَآءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنّ فَلاَ تَعْضُلُوهُنّ أَن يَنكِحْنَ أَزْوَاجَهُنّ إِذَا تَرَاضَوْاْ بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ ذَلِكَ يُوعَظُ بِهِ مَن كَانَ مِنكُمْ يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الاَخِرِ ذَلِكُمْ أَزْكَىَلَكُمْ وَأَطْهَرُ وَاللّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ ) [ البقرة : 232 ] فالأمر بأن يكون النكاح بإذن أهلهن سواء كن حرائر أو إماء ونهى الأولياء عن العضل دليل واضح على اشتراط الولي وفي الحديث ( لا نكاح إلا بولي) وهذا الحديث وإن كان فيه كلام إلا أن له شواهد تبلغه إلى درجة الصحة أو الحسن ثانياً : يؤخذ من قوله ( لا تنكح الأيم حتى تستأمر ) بأن النكاح ليس في يدها وإنما هو بيد وليها وإلى اشتراط الولي ذهب الجمهور وخالف في ذلك الحنفية قال ابن عبدالبر روى معقل بن يسار قال كانت لي أخت تخطب إلي فأتاني ابن عم لي فأنكحتها إياه ثم طلقها طلاقاً رجعة ثم تركها حتى انقضت عدتها فلما خطبت أتاني يخطبها فقلت والله لا أنكحتكها أبداً قال ففي نزلت ( وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن ) قال فكفرت عن يميني وأنكحتها إياه ثم ذكر رواية البخاري فقال قال البخاري وأخبرنا أبو معمر حدثنا عبدالوارث حدثنا يونس عن الحسن أن أخت معقل بن يسار طلقها زوجها فتركها حتى انقضت عدتها ثم خطبها فأبى معقل فنزلت هذه الآية ( فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن ) قال البخاري وقال إبراهيم عن يونس عن الحسن حدثني معقل بن يسار قال أبو عمر هذا أصح شيء وأوضحه في أن للولي حقاً في الإنكاح ولا نكاح إلا به لأنه لولا ذلك ما نهي عن العضل ولا استغني عنه قال أبو عمر وقد صرح الكتاب والسنة ( أن لا نكاح إلا بولي ) فلا معنى لما خالفهما ألا ترى أن الولي نهي عن العضل وقد أمر بخلاف العضل وهو التزويج قال أبو عمر في اتفاقهم على أن للولي فسخ نكاح وليته إذا تزوجت غير كفء بغير إذنه دليل على أن له حقاً في الإنكاح بالكفء وغير الكفء قال ولا خلاف بين أبي حنيفة وأصحابه أنه إذا أذن لها وليها فعقدت النكاح لنفسها جاز وقال الأوزاعي إذا ولت أمرها رجلاً فزوجها كفؤاً فالنكاح جائز وليس للولي أن يفرق بينهما أهـ من كتاب التمهيد ج 19 ص 9089 وأقول إن هذه الأدلة صريحة في اشتراط الولي وهي تدل على أن نكاح المرأة بغير إذن وليها باطل للأدلة التي سبق ذكرها ولحديث ( لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل ) قلت : الأدلة الواردة في الكتاب والسنة أن المرأة لا يجوز لها أن تزوج نفسها لحديث عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ ( أَيُّمَا امْرَأَةٍ نَكَحَتْ بِغَيْرِ إِذْنِ وَلِيِّهَا فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ فَإِنْ دَخَلَ بِهَا فَلَهَا الْمَهْرُ بِمَا اسْتَحَلَّ مِنْ فَرْجِهَا فَإِنِ اشْتَجَرُوا فَالسُّلْطَانُ وَلِيُّ مَنْ لا وَلِيَّ لَه ُ) وكل ذلك يدل على بطلان مذهب أبي حنيفة الذي يبيح للمرأة أن تزوج نفسها أولاً : لأن المرأة لا ولاية لها على نفسها ولا على غيرها ثانياً : أن الفارق بين المال والبضع واضح فهي قد تنساق للشهوة وتبذل بضعها لمن لا يكون كفؤاً ولأنها ناقصة عقل ودين فقد ربط الله الولاية بالرجال ليكون في ذلك حاجز عن التصرف الغوغائي وقد سمعت في شريط لعبد الحميد كشك رحمه الله والظاهر أنه يرد فيه على الحنفية مذهبهم الشنيع قال كان شاب معه شلة شباب مفسدين في مصر وهو ابن فقيه حنفي فقال هذا الشاب لشلته إذا أراد أحدكم أن يبيت مع امرأة فليعطها شيئاً وتقول زوجتك نفسي فإذا فارقها طلقها والذي أريد الاستشهاد عليه أن هذا الشاب قد جعل مذهب الحنفية وسيلة للعبث بأعراض النساء وذريعة إلى الإفساد في الأرض وفيما ذكر كفاية وبالله التوفيق . ثالثاً : يؤخذ من هذا الحديث أن الأيم تستأمر بمعنى أنها تصرح بالأمر بإنكاحها من الشخص الذي تريده ولا يقبل منها إلا ذلك رابعاً: أن الثيب لا تجبر خامساً : أن البكر تستأذن أي يؤخذ إذنها في النكاح فإن سكتت فذلك إذن لهذا الحديث وإن ضحكت فذلك إذن أيضاً وإن بكت فهل يكون ذلك إذن أم لا ؟ علماً بأن بعض الناس قد يبكي من الفرح ومما يدل على ذلك ما جاء عن عائشة رضي الله عنها قالت بينا نحن في بيتنا إذا نحن برسول الله صلى حين قام قائم الظهيرة ولم يكن رسول الله ﷺ يخطئه أن يأتي بيت أبي بكر رضي الله تعالى عنه أول النهار أو من آخره فلما رآه أبو بكر قال ما جاء رسول الله ﷺ في هذه الساعة إلا لأمر قال فدخل البيت قال فقال رسول الله ﷺ أخرج من عندك فقال ليس عليك عين إنما هن بناتي فقال قد أذن لي في الخروج قلت فالصحبة يا رسول الله قال نعم الصحبة فلقد رأيت أبا بكر يبكي من الفرح …) . سادساً : أن للأب خاصة أن يزوج ابنته الصغيرة بدون إذن منها وقد حكى الاتفاق على ذلك وفي البالغة خلاف والصواب أن البالغة تستأذن ولو كان المزوج أباها وذلك لما روت عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّ فَتَاةً دَخَلَتْ عَلَيْهَا فَقَالَتْ إِنَّ أَبِي زَوَّجَنِي ابْنَ أَخِيهِ لِيَرْفَعَ بِي خَسِيسَتَهُ وَأَنَا كَارِهَةٌ قَالَتْ اجْلِسِي حَتَّى يَأْتِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرَتْهُ فَأَرْسَلَ إِلَى أَبِيهَا فَدَعَاهُ فَجَعَلَ الأَمْرَ إِلَيْهَا فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ أَجَزْتُ مَا صَنَعَ أَبِي وَلَكِنْ أَرَدْتُ أَنْ أَعْلَمَ أَلِلنِّسَاءِ مِنْ الْأَمْرِ شَيْءٌ ) . وبالله التوفيق -------- تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ. تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 4 ] [ المجلد الرابع ] رابط تحميل الكتاب : http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam4.pdf |
بسم الله الرحمن الرحيم تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي - رحمه الله - [304]الحديث العاشر : عن عائشة رضي الله عنها قالت جاءت امرأة رفاعة القرظي إلى النبي ﷺ فقالت :كنت عند رفاعة القرظي فطلقني فبت طلاقي فتزوجت بعده عبدالرحمن بن الزبير وإنما معه مثل هدبة الثوب فتبسم رسول الله ﷺ وقال أتريدين أن ترجعي إلى رفاعة ؟ لا ، حتى تذوقي عسيلته ويذق عسيلتك قالت ـ وأبو بكر عنده ـ وخالد بن سعيد بالباب ينتظر أن يؤذن له ، فنادى : يا أبا بكر ، ألا تسمع إلى هذه ما تجهر به عند رسول الله ﷺ . موضوع الحديث : أن من طلق زوجته طلاقاً بائناً بينونة كبرى ثم تزوجت برجل آخر أنها لا تحل للأول إن فارقها الثاني بغير تبييت نية تحليل إلا بعد جماع يشعر بلذته الرجل والمرأة وهل يُشترط فيه الانتشار والإنزال هذا محل نظر المفردات رفاعة القرظي : نسبة إلى بني قريظة ومطلقته اسمها تميمة بنت وهب بمثناة مضمومة مصغرة أي تُميمة ورفاعة هو ابن سموئل وعبدالرحمن بن الزبير أبوه الزبير بن باطا وكل الثلاثة من بقايا بني قريظة الذين أسلموا أو الذين كانوا وقت قتل آبائهم وأمهاتهم دون الحلم وللزبير بن باطا قصة مع ثابت بن قيس بن شماس ذكرها أصحاب المغازي والسير وهو أنه كان قد أسر ثابت بن قيس في حروب بينهم وبين بني قريظة والأنصار في الجاهلية وحلق رأسه ومنّ عليه فلما نزلوا على حكم سعد بن معاذ وحكم عليهم بالقتل أي جميع البالغين أراد ثابت أن يرد يده فذهب إليه وقال له أطلب من رسول الله ﷺ دمك فوافق ولكنه قال كيف أبقى بدون عيال فطلب ثابت من رسول الله ﷺ أن يمّن عليه بأولاده ففعل وأخيراً قال كيف يعيش رجل في الحجاز بدون مال فطلب ثابت من رسول الله ﷺ أن يمّن عليه بماله ففعل النبي صلى وأخيراً قال لثابت ما هي إلا قبلة ناضح حتى ألحق الأحبة فطلب منه أن يضرب عنقه ففعل قولها طلقني فبت طلاقي : البتُّ معناه الطلاق المبين بينونة كبرى فلا تحل له بعدها حتى تنكح زوجاً غيره قولها وإنما معه مثل هدبة الثوب : شبهت ما معه بهدبة الثوب إما في الرقة والرخاوة وإما في الصغر أتريدين أن ترجعي إلى رفاعة ؟ لا : أي لا يتم لك ذلك حتى تذوقي عسيلة زوجك الجديد ويذوق عسيلتك والعُسيلة تصغير عسلة وهو كناية عن لذة الجماع وأبو بكر عنده : أي جالس عند النبي ﷺ حين قالت له ذلك وخالد بن سعيد بالباب : هو خالد بن سعيد بن العاص بالباب : أي ينتظر أن يُؤذن له فنادى يا أبا بكر ألا تسمع إلى هذه ما تجهر به عند رسول الله ﷺ وكأنه يريد من أبي بكر أن ينتهرها ولكن أبا بكر لزم الأدب عند رسول الله ﷺ فلا يمكنه أن يتقدم بين يديه بشيء المعنى الإجمالي تقول عائشة رضي الله عنها جاءت امرأة رفاعة القرظي إلى النبي ﷺ فقالت كنت عند رفاعة القرظي فطلقني فبت طلاقي وأخبرت أنها تزوجت بعده بعبدالرحمن بن الزبير وإنما معه مثل هدبة الثوب تعريضاً بأنها تريد أن تخرج منه وتعود إلى زوجها الأول رفاعة فتبسم النبي ﷺ وعرف أنها تريد أن ترجع إلى زوجها الأول فقال لها لا حتى تذوقي عسيلة زوجك الجديد ويذوق عسيلتك كناية عن شرطية وجود لذة الجماع في حل الزواج الثاني وعلى هذا فيحمل قوله تعالى ( حتى تنكح زوجاً غيره ) على أن المراد بالنكاح هنا الذي هو لذة الجماع وبالله التوفيق فقه الحديث أولاً: يؤخذ من هذا الحديث أن طلاق البته موجب لتحريم الزوجة المطلقة على زوجها المطلق وبينونتها منه بينونة كبرى لا تحل له بعدها حتى تنكح زوجاً غيره ثانياً : ذكر الصنعاني في العدة لطلاق البتة احتمالات وهي إرسالها أي الطلقات دفعة واحدة كقول القائل أنت طالق ثلاثاً أو مفرقة بأن يكرر أنت طالق عدة مرات تصل إلى ثلاث أو يقول لها هي طالق البتة أو طلاق البينونة بأن يقول أنت طالق طلاق البتة أو أنت بائن وهذا كله عند من يرى وقوع هذه الألفاظ مبينة لمن طلقها وهم الجمهور وذهب بعض أهل العلم إلى أن ذلك لا يكفي بل لا بد أن تكون الطلقات مفرقة كل طلقة تتبعها رجعة وفي الثالثة تكون البينونة وهذا مذهب بعض أهل العلم وممن ذهب إلى ذلك الظاهرية وابن تيميه وتلميذه ابن القيم الجوزية وحكاه الصنعاني عن الهادوية ومسالة الطلاق فيها خلاف طويل ونزاع كثير سيأتي بعضه في كتاب الطلاق ثالثاً : يؤخذ من قولها فتزوجت بعده بعبدالرحمن بن الزبير أنها أتت شاكية من عبدالرحمن وراغبة في الرجوع إلى زوجها الأول رابعاً : يدل على ذلك قولها وإنما معه مثل هدبة الثوب خامساً : قوله فتبسم رسول الله ﷺ أي متعجباً من صنيعها سادساً : قوله لها أتريدين أن ترجعي إلى رفاعة يؤخذ منه أن الظن الذي تسنده قرائن يؤخذ به سابعاً : قوله لها لا حتى تذوقي عسيلته ويذوق عسيلتك أفتاها بعدم جواز رجوعها إلى رفاعة على نقيض قصدها ثامناً : يؤخذ من قوله لا حتى تذوقي عسيلته أن تحليل الزوج الثاني للزوج الأول إنما يكون بالجماع الذي تصحبه اللذة وهل يشترط الانتشار والإنزال هذا محل نظر تاسعاً : يؤخذ من هذه الفتوى أن قوله سبحانه وتعالى ( حتى تنكح زوجاً غيره ) ليس مجرد النكاح الذي هو العقد ولكن لا بد أن يصحبه الدخول بها وهو الجماع عاشراً : يؤخذ من مجموع الحديث أن النبي ﷺ أفتاها بنقيض قصدها حيث أنها ظنت أن مجرد زواجها من عبدالرحمن سيكون مبيحاً لزوجها الأول وهي قد اعترفت بأنه لم يصل منها إلى كبير شيء فأفتاها بنقيض قصدها الحادي عشر : هذا هو مذهب الجمهور على مقتضى هذا الحديث وشذ رجلان من السلف رحمهما الله فذهب سعيد بن المسيب إلى أن مطلق العقد يكفي لحل المبتوتة للزوج الأول وخالف في ذلك الإجماع وذهب الحسن البصري رحمه الله إلى أنها لا تحل إلا بجماع يكون فيه إنزال وشذ بذلك عن رأي الجمهور أما جمهور الفقهاء فهم يشترطون الجماع ولو لم يصحبه إنزال بل إن الحل يترتب على إدخال الحشفة في الفرج الذي قال النووي أنه يترتب عليه مائة حكم الثاني عشر : أن من احتال حيلة يقصد بها استعجال الشيء المحرم المشروط بشرط أنه يعاقب بحرمانه من ذلك مؤقتاً حتى يتحقق الشرط وبالله التوفيق . -------- تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ. تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 4 ] [ المجلد الرابع ] رابط تحميل الكتاب : http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam4.pdf |
بسم الله الرحمن الرحيم تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي -رحمه الله - [305]الحديث الحادي عشر: عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال من السنة إذا تزوج البكر على الثيب أقام عندها سبعاً وقسم وإذا تزوج الثيب أقام عندها ثلاثاً ثم قسم ) قال أبو قلابة ولو شئت لقلت إن أنساً رفعه إلى النبي ﷺ . موضوع الحديث : ما يلزم للمرأة المستجدة من إقامة الزوج عندها سواء كانت بكراً أو ثيباً المفردات قوله من السنة : أي من سنة النبي ﷺ وطريقته البكر : هي التي لم تتزوج أي لم توطأ بنكاح صحيح الثيب : هي من قد تزوجت أي وطئت بنكاح صحيح أقام عندها سبعاً : أي سبع ليال وقسم : أي بينها وبين ضرتها أو ضراتها وإذا تزوج الثيب أقام عندها ثلاثاً ثم قسم المعنى الإجمالي يحكي أبو قلابة أن من السنة التي جرى عليها الشرع وعمل بها في زمن النبوة وبعده أنه إذا تزوج البكر أقام عندها سبعاً أي سبع ليال وقسم وإذا تزوج الثيب أقام عندها ثلاثاً ثم قسم والخلاصة أن حق البكر الجديدة سبعة أيام وحق الثيب الجديدة ثلاثة أيام فقه الحديث أولاً : يؤخذ من هذا الحديث أن قول الصحابي من السنة كذا له حكم الرفع لأن السنة في عصر النبوة وبعدها هي سنة النبي ﷺ. ثانياً أن من تزوج البكر وعنده امرأة قبلها وجب لها عليه أي يعطيها سبع ليال ولسنا مكلفين أن نعرف العلة فتحتمل أن تكون الإيناس ويحتمل أن يكون هذا حق لها من غير تعليل ثالثاً : إذا تزوج امرأة ثيباً على امرأة قبلها أقام عندها ثلاثة أيام ثم قسم رابعاً : ما هو الفرق بين البكر والثيب حتى جعل الشارع للبكر سبعاً وللثيب ثلاثاً ؟ الفرق أن البكر غالباً تكون حديثة السن منكمشة قليلة الانسجام فجعل لها الشارع سبعاً ليتم إيناسها أما الثيب فإنها قد عرفت الأزواج وجربت الأمور فلذلك أعطيت ثلاثاً فقط خامساً: إذا رضيت الثيب في أن يسبع لها سقط حقها في الثلاث ووجب على الزوج أن يقضي لضرتها ما أقام عندها وهذا هو الاحتمال الأظهر لحديث أم سلمة عند مسلم أن رَسُولَ اللَّهِ ﷺ لَمَّا تَزَوَّجَ أُمَّ سَلَمَةَ أَقَامَ عِنْدَهَا ثَلاثًا وَقَالَ إِنَّهُ لَيْسَ بِكِ عَلَى أَهْلِكِ هَوَانٌ إِنْ شِئْتِ سَبَّعْتُ لَكِ وَإِنْ سَبَّعْتُ لَكِ سَبَّعْتُ لِنِسَائِي) وفي هذا دليل على أنه يقضي السبع كلها لضرتها إن اختارت التسبيع وفي الحديث دليل على أن قول من قال يقضي لها الأربع الزائدة أن قوله ضعيف . سادساً : هل يرتبط هذا الحق بما إذا كان له زوجة أخرى أو أنه يجب عليه وإن لم يكن له زوجة هذا محل نظر والأظهر أن ذلك لا يكون واجباً عليه إذا لم يكن له زوجة قبلها وهو بالطبيعة في هذه الحال سيأوي إليها وليس له حق أن يصرف مالها من حق عليه في الوطء والإيناس يصرفه إلى شيء آخر قد يدخل في قسم المباحات سابعاً : إذا أراد أن يتخلى في بعض الليالي للعبادة فهل يلزم بشيء معين هذا محل نظر ويذكرنا هذا البحث بالقصة التي حدثت مع عمر بن الخطاب رضي الله عنه لما أتته امرأة فشكرت عنده زوجها وقالت هو من خير أهل الدنيا يقوم الليل ويصوم النهار ثم أدركها الحياء فقال جزاك الله خيرا فقد أحسنت الثناء فلما ولت قال كعب بن سور يا أمير المؤمنين لقد أبلغت في الشكوى إليك فقال وما اشتكت قال زوجها قال علي بهما فقال لكعب اقض بينهما قال أقضي وأنت شاهد قال إنك قد فطنت إلى ما لم أفطن له قال إن الله تعالى يقول فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع صم ثلاثة أيام وأفطر عندها يوما وقم ثلاث ليال وبت عندها ليلة فقال عمر هذا أعجب إلي من الأول فبعثه قاضيا لأهل البصرة وفي المسالة كلام أكثر من هذا وهو أنه قال إن الذي شغله عنها ما يجد من حلاوة تلاوة آل حم وأمثالها وبالله التوفيق ثامناً: هل الواجب في القسم المبيت أو الواجب الوطء قال أهل العلم إن الواجب هو المبيت أما الوطء فإنه يتعلق بارتياح القلب لذلك فإنه تلزم فيه المساواة بل يقال أنه لو جاء إلى هذه المرأة ولم يكن مرتاحاً لها لم يلزمه في هذا المبيت الجماع وأتى إلى تلك المرأة وكان مرتاحاً لها فإنه ليس عليه حرج أن يجامع في ليلة هذه ولا يجامع في ليلة تلك تاسعاً : ومما أذكره أن شيخنا حافظ بن أحمد الحكمي رحمه الله تعالى قال إذا كانت إحدى الضرتين مريضة فلا يجوز لك في ليلتها أن تجامع ضرتها حتى ولو بت عندها أي حتى ولو بت عند صاحبة الليلة . -------- تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ. تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 4 ] [ المجلد الرابع ] رابط تحميل الكتاب : http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam4.pdf |
بسم الله الرحمن الرحيم تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي - رحمه الله - [306]الحديث الثاني عشر : عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله ﷺ لو أن أحدكم إذا أراد أن يأتي أهله قال بسم الله اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا . فإنه إن يقدر بينهما ولد في ذلك لم يضره الشيطان أبداً ) . موضوع الحديث : الاستعاذة عند إرادة الجماع المفردات قوله أراد أن يأتي أهله : المراد بالإتيان هنا الجماع فهو كناية قوله إن يقدر بينهما ولد : يعني من تلك المواقعة قوله لم يضره الشيطان : أي لم يضره بخبل ولا مس لعله هكذا المعنى الإجمالي أخبر النبي _ أن من دعا بهذا الدعاء عند إرادة الجماع فإن الله يحمي الولد الكائن من تلك المواقعة يحميه من ضرر الشيطان فقه الحديث أولاً : يؤخذ من هذا الحديث مشروعية هذا الدعاء عند الجماع ثانياً : يؤخذ من قوله إذا أراد أن يأتي أهله معنى هذا أن يقول هذا قبل التلبس بالجماع ثالثاً :أن من فائدة هذا الذكر عند الجماع أن الله يحمي الولد الذي يكون من تلك المواقعة يحميه من ضرر الشيطان وليس معنى ذلك أنه يعصمه فإن العصمة إنما هي للأنبياء وبالله التوفيق رابعاً : جواز استخدام لو عند الحاجة -------- تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ. تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 4 ] [ المجلد الرابع ] رابط تحميل الكتاب : http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam4.pdf |
بسم الله الرحمن الرحيم تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي - رحمه الله - [307]الحديث الثالث عشر: عن عقبة بن عامر رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ قال إياكم والدخول على النساء فقال رجل من الأنصار يا رسول الله أرأيت الحمو قال الحمو الموت . ولمسلم عن أبي الطاهر عن ابن وهب قال سمعت الليث يقول الحمو أخو الزوج وما أشبهه من أقارب الزوج وابن العم ونحوه . موضوع الحديث : النهي عن الدخول على النساء لما فيه من الخطورة على الدين والخلق المفردات الحمو : ضبط بضبطين ضبط بالهمزة وبه صرح القرطبي كما في العدة للصنعاني ورسمه بالحاء والميم بعدها واو عليها همزة . الضبط الثاني وهو الذي حكاه الصنعاني عن الخطابي وأبي عبيد الهروي وابن الأثير وغيرهما قال الحافظ ابن حجر وهو الذي ثبت عندنا في رواية البخاري الحمو على زنة دلو أما من ناحية معنى الحمو فهم أقارب الزوج كأبيه وأخيه وعمه وابن عمه والمعنى أقارب الزوج والأختان أقارب الزوجة كأبيها وأخيها وما أشبه ذلك واسم الأصهار يقع على الجميع قال تعالى ( وَهُوَ الّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَآءِ بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً وَصِهْراً وَكَانَ رَبّكَ قَدِيراً )[ الفرقان : 54 ] المعنى الإجمالي حذر النبي ﷺ من الدخول على النساء الأجنبيات فسأله بعضهم عن الحمو وهو اسم جنس لأقارب الزوج فقال النبي ﷺ الحمو الموت فقه الحديث أولاً : يؤخذ من هذا الحديث تحريم دخول أقارب الزوج على زوجته وذلك أن الناس يتساهلون في هذا الأمر عادة وقد استشكل هذا الجواب وهو قول النبي ﷺ الحمو الموت هل المراد به المنع أو الإباحة وعلى هذا فلا بد من التفصيل فإن كان القصد من هذه الكلمة إباحة الدخول وتحقق وجوده فإنه يحمل على أبي الزوج الذي هو محرم لزوجة ابنه أما إن كان المقصود به الزجر والمنع والنهي عن الدخول فهو محمول على أقارب الزوج الذين ليسوا بمحارم ويكون قول النبي ﷺ (الحمو الموت ) مقصود به أنه الخطر منه متحقق كتحقق الموت وهذا هو الأقرب لتأويل الحديث لأن النبي ﷺ إنما قصد بهذا النهي الزجر عن الدخول على النساء والخلوة بهن لما يترتب على ذلك من الفواحش وشيوع المنكرات وانتشارها في المجتمعات الإسلامية فكأنه جعل خطر الحمو كخطر الموت وتحقق وجوده الخطر كتحقق وجود الموت وبالله التوفيق ثانياً : نهي النبي ﷺ عن الدخول على النساء متضمن ومستلزم لنهيه أيضاً المرأة أن تكشف محاسنها أمام رجل من أقارب زوجها والله سبحانه وتعالى قد حذر من ذلك كما في سورة النور حيث يقول تعالى ( قُلْ لّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضّواْ مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُواْ فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَىَ لَهُمْ إِنّ اللّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ_ وَقُل لّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنّ) [ النور : 30 ، 31 ] وقد تضمنت هاتين الآيتين النهي عن نظر الرجل إلى المرأة والمرأة إلى الرجل حتى ولو كان في غير خلوة لأن ذلك مما يسبب انتشار الفواحش وللنفوس دخائل يعلمها الله سبحانه وتعالى فما حرم الله النظر إلى غير المحارم إلا لما يعلمه في ضمن ذلك من الريبة والتذرع إلى المحرمات والله هو أعلم بالعباد من أنفسهم وكم من امرأة عفيفة صارت ضحية للشيطان بسبب نظرة والناس دائماً يحاولون التغطية على الحقائق ولكن الله سبحانه وتعالى عليم بالنفوس وما فيها فينبغي عدم الاغترار بما يشيعه كثير من الناس من استبعاد وقوع الفاحشة في مثل هذه الملابسات والله تعالى يقول (وَلَوْلاَ فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَا مِنكُمْ مّنْ أَحَدٍ أَبَداً وَلـَكِنّ اللّهَ يُزَكّي مَن يَشَآءُ وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ) [ النور : 21 ] -------- تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ. تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 4 ] [ المجلد الرابع ] رابط تحميل الكتاب : http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam4.pdf |
بسم الله الرحمن الرحيم تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي - رحمه الله - "باب الصداق" [308]الحديث الأول: عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ أعتق صفية وجعل عتقها صداقها . موضوع الحديث : جعل العتق صداقاً المفردات صفية بنت حيي بن أخطب اليهودي النضيري نسبهم في هارون بن عمران والدليل على ذلك قوله ﷺ لصفيه حين كانت إحدى نسائه تساميها وتفخر عليها حيث قال ( إنك لابنة نبي وإن عمك لنبي وإنك لتحت نبي ففيم تفخر عليك ثم قال اتقي الله يا حفصة ) . قوله اعتقها وجعل عتقها صداقها : أي جعل العتق صداقاً والعتق منفعة للمرأة فهي منفعة عظيمة حيث تنقلها من الرق إلى الحرية . المعنى الإجمالي كون النبي ﷺ اعتق صفية وجعل عتقها صداقها هذا كلام مجمل يؤدي إلى معرفة الحكم وبيان الواقعة فقه الحديث أولاً : يؤخذ من الحديث جواز عتق الأمة وجعل عتقها صداقاً لها وقد نازع في ذلك كثير من الفقهاء وقالوا أنه يتنافى مع القياس حيث زعموا أنه تم النكاح وهي في الرق فهذا ليس بصحيح لتنافي الرق مع جواز التصرف الذي يبنى عليه العقد وإن قلنا بعده لم يصح لأن الرق قد زال عنها لذلك ذهب مالك والشافعي وأبو حنيفة إلى أنه لا يجوز جعل العتق صداقاً وحملوا الحديث على أنه من خصوصيات النبي ﷺ وذهب أحمد إلى جواز ذلك وهو الصحيح لموافقته الدليل أولاً : فإن قولهم بالقياس قول باطل لأنه لا قياس مع النص ثانياً : أن النبي ﷺ أعتق صفية وجعل عتقها صداقها وهذا تشريع منه ﷺ ولم يرد عنه ما يدل على الخصوصية لأن الأصل في الأحكام التشريع ثالثاً : أن العاقد عليها هو الذي يملك رقبتها فكما أنه يجوز له العقد عليها بيعاً للغير أو تزويجاً لها منه فكيف يصح عقده عليها بيعاً للغير أو تزويجاً له ولا يصح عقده عليها لنفسه رابعاً : أن العتق منفعة وقد أجاز الشرع جعل المهر منفعة كما في حديث سهل بن سعد في قصة الواهبة التي وهبت نفسها للنبي ﷺ فلم يردها ثم زوجها من رجل آخر بتعليم شيء من القرآن ومن هذه الأوجه ظهر ضعف قول القائلين بأنه لا يجوز له العقد عليها ولكن يصح العقد عليها بمهر أرجو أن الحق في هذا هو ما ذهب إليه الإمام أحمد وهو ما أيدناه بهذه الكلمات والحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله وبالله التوفيق -------- تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ. تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 4 ] [ المجلد الرابع ] رابط تحميل الكتاب : http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam4.pdf |
بسم الله الرحمن الرحيم تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي - رحمه الله - [309]الحديث الثاني : عن سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ جاءته امرأة فقالت إني وهبت نفسي لك فقامت طويلاً فقال رجل يا رسول الله زوجنيها إن لم يكن لك بها حاجة فقال : هل عندك من شيء تصدقها ؟ فقال : ما عندي إلا إزاري هذا فقال رسول الله ﷺ إزارك إن أعطيتها جلست ولا إزار لك فالتمس شيئاً قال ما أجد قال التمس ولو خاتماً من حديد فالتمس فلم يجد شيئاً فقال رسول الله ﷺ هل معك شيء من القرآن ؟ قال نعم قال رسول الله زوجتكها بما معك من القرآن ). موضوع الحديث : جعل المنفعة صداقاً وأن تعليم القرآن من أعظم المنافع المفردات جاءته امرأة : نقل الصنعاني عن الحافظ بن حجر أنه قال لم نقف على اسمها وكذلك الرجل الذي طلب التزوج بها . قوله إن لم يكن لك بها حاجة : هذا قيد في الطلب فقالت إني وهبت نفسي لك : النكاح بالهبة مخصوص بالنبي ﷺ دون غيره لقوله سبحانه وتعالى (وَامْرَأَةً مّؤْمِنَةً إِن وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنّبِيّ إِنْ أَرَادَ النّبِيّ أَن يَسْتَنكِحَهَا خَالِصَةً لّكَ مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ .. ) [ الأحزاب : 50 ] فهذا يدل على الخصوصية هل عندك من شيء تصدقها إياه : دليل أن الصداق أمر لا بد منه في النكاح فقال ما عندي إلا إزاري هذا فقال رسول الله ﷺ إزارك : الظاهر أن قوله إزارك استفهام إنكاري يعني كيف يمكن أن تعطيها إزارك وأنت لا إزار لك غيره وهو معنى قوله إن أعطيتها جلست ولا إزار لك قوله فالتمس شيئاً : تأكيد حيث أمره مرةً أخرى بالالتماس قوله ما أجد : هذا اعتذار من الرجل قوله التمس ولو خاتماً من حديد : أي ولو كان الملتمس خاتماً من حديد قال فالتمس فلم يحد شيئاً فقال رسول الله e هل معك شيء من القرآن : يعني تحفظه قال نعم فقال رسول e زوجتكها بما معك من القرآن . المعنى الإجمالي يخبر سهل بن سعد رضي الله عنه أن امرأة جاءت إلى النبي ﷺ فقالت إنها وهبت نفسها له ثم أنها قامت طويلاً والنبي ﷺ جالس فقام رجل من القوم فقال زوجنيها إن لم يكن لك بها حاجة فطلب منه أن يصدقها شيئاً ولكن الرجل كان فقيراً مدقعاً فلم يجد حتى ولو خاتماً من حديد فقال له النبي ﷺ هل معك شيء من القرآن قال نعم فقال زوجتكها بما معك من القرآن فقه الحديث أولاً : يؤخذ من هذا الحديث جواز عرض المرأة نفسها على الرجل الفاضل ثانياً : كون المرأة تعرض نفسها على الرجل الفاضل ليس معنى ذلك أنه يتزوجها بالهبة لأن الزواج بالهبة من خصوصيات النبي ﷺ وعلى هذا فيلزم لها مهر المثل ثالثاً: يؤخذ منه حسن خلق النبي ﷺ حيث وقفت المرأة طويلاً فلم يرد أن يكدر خاطرها بقوله لا أريدك حتى يسر الله ذلك الرجل الذي طلب إنكاحها إياه رابعاً: يؤخذ من قول الرجل لرسول الله ﷺ زوجنيها إن لم يكن لك بها حاجة جواز مثل هذه العبارة في طلب النكاح خامساً: حسن الأدب مع النبي ﷺ من ذلك الصحابي حيث قال إن لم يكن لك بها حاجة سادساً : يؤخذ من قوله هل عندك من شيء تصدقها أن الصداق مطلوب في النكاح ولا يصح النكاح بدونه سابعاً: يؤخذ من قوله ما عندي إلا إزاري هذا ما كان عليه أصحاب النبي ﷺ من الفقر ثامناً: إنكار النبي ﷺ بقوله إزارك كأن هذا الاستفهام استفهام إنكار أي كيف تصدقها إزارك وأنت لا إزار لك تاسعاً:يؤخذ من قوله التمس ولو خاتماً من حديد أن خاتم الحديد يجوز أن يجعل صداقاً إذا كان له قيمة عاشراً : اختلف الفقهاء فيما يجوز أن يعتبر صداقاً وهل لذلك حد أم أنه ليس له حد إلا أن قول الله سبحانه وتعالى (أَن تَبْتَغُواْ بِأَمْوَالِكُمْ مّحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ ) [ النساء : 24 ] ومعنى ذلك تطلبون بأموالكم إذا فكل ما يسمى مالاً يجوز أن يكون صداقاً وكذلك قول الله سبحانه وتعالى (وَمَن لّمْ يَسْتَطِعْ مِنكُمْ طَوْلاً أَن يَنكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ ) [ النساء : 25] والطول هنا المال الذي يستطيع أن يتزوج به ومن أجل ذلك فقد اختلف الفقهاء فيما يجوز أن يكون صداقاً فذهب مالك إلى أن اقله ثلاثة دراهم وهو المقدار الذي تقطع فيه اليد وذهب أبو حنيفة إلى أن أقله عشرة دراهم وذهب الشافعي ومن معه إلى أن كل ما يسمى مالاً ويمكن الانتفاع به يجوز أن يكون صداقاً ويُستدل لذلك بحديث المرأة الفزارية التي تزوجت على نعلين ) إلا أن فيه ضعف وهناك أحاديث أخر في هذا غير أن مفهوم الآيتين دال على أن ما لم يسم مالاً لا يكون صداقاً والمسألة من معترك الأنظار والذي يميل إليه القلب هو ما ذهب إليه مالك وهو الثلاثة الدراهم التي تقطع فيها اليد لأن ذلك يسمى مالاً . الحادي عشر :يؤخذ من قوله ﷺ هل معك شيء من القرآن قال نعم فقال زوجتكها بما معك من القرآن يؤخذ منه النكاح على تعليم شيء من القرآن وأقله عشرون آية فقد قال بذلك بعض أهل العلم ومنعه الأكثرون إلا أنه لا حجة لهم في المنع لأن المشرع وهو رسول الله ﷺ وليست الشريعة تؤخذ من العقول ولكنها تؤخذ عن محمد رسول الله ﷺ الثاني عشر : إذا جاز النكاح على المنفعة المتراضى عليها قلت أو كثرت فإنه يجوز على تعليم القرآن وتعليم القرآن أعظم منفعة والأصل في النكاح على المنفعة قصة موسى مع صاحب مدين حين قال له ( إِنّيَ أُرِيدُ أَنْ أُنكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيّ هَاتَيْنِ عَلَىَ أَن تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ) [ القصص : 27 ] الآية وهذا دليل واضح على جعل المنفعة صداقاً ومن ذلك تعليم القرآن وأجاز بعض أهل العلم النكاح على تعليم باب من العربية إلى غير ذلك وإذا كانت أم سليم قد تزوجت أبا طلحة على إسلامه واعتبرت إسلامه مهراً لها فإن كل منفعة تنتفع بها المرأة من عتق أو تعليم أو غير ذلك فإنه يجوز التزويج عليه على القول الأصح وبالله التوفيق -------- تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ. تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 4 ] [ المجلد الرابع ] رابط تحميل الكتاب : http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam4.pdf |
بسم الله الرحمن الرحيم تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي -رحمه الله - [310]الحديث الثالث : عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ رأى عبدالرحمن بن عوف وعليه ردع زعفران فقال النبي ﷺ مهيم فقال يا رسول الله تزوجت امرأة فقال ما أصدقتها ؟ قال وزن نواة من ذهب قال فبارك الله لك أولم ولو بشاة . موضوع الحديث : الأمر بالوليمة المفردات ردع : أقول الردع والردغ هو الشيء يكون له أثر في الثوب وكأنه هنا المراد به أثر صفرة لأنه منهي عن لبس الثوب المعصفر للرجل ولكن الذي يظهر أن النبي ﷺ عرف أنه لم يقصد لبس ماهو مزعفر أو معصفر وإنما كان ذلك من تقارب ثيابه مع ثياب زوجته والزعفران : نبات معروف قوله مهيم : أي ما شأنك وما خبرك وكأن النبي ﷺ عرف أنه تزوج بوجود ذلك الأثر في ردائه قوله ما أصدقتها : أي كم أصدقتها أو أي شيء أصدقتها فقال وزن نواة من ذهب : اختلف في النواة هل هي وزن معروف أو أنه ما يساوي خمسة دراهم أو ما يساوي وزنها والذي يظهر والله أعلم أن النواة ثمن أوقية من الذهب سميت هذه الكمية من الوزن نواة كما سموا نصف الأوقية نشاً وهو بالذهبي ثلاثة دنانير ونصف أو أربعة دنانير إلا ربع أي ما يقارب هذا المعنى الإجمالي رأى النبي ﷺ على ثوب عبدالرحمن بن عوف شيئاً من لون الزعفران ففهم أنه تزوج فسأله عن ذلك فأخبره أنه تزوج امرأة من الأنصار وساق إليها وزن نواة من الذهب فقه الحديث أولاً : يؤخذ من هذا الحديث أن هذا المقدار يصلح أن يكون مهراً ووزن خمسة دراهم يعد أربعة عشر جراماً وينقص من الجرام الخامس عشر خمسة عشر بالمائة ثانياً: أن المهر في ذلك الزمان كان يسيراً ثالثاً: ينبغي للناس اليوم أن يتأسوا بالنبي ﷺ وأصحابه في قلة المهر ليتيسر النكاح للشباب رابعاً : أن تيسير المهور تسهيل للنكاح الحلال وإبعاد للشباب عن مواطن الريبة والفواحش خامساً: يؤخذ من قول النبي ﷺ بارك الله لك مشروعية الدعاء للمتزوج بالبركة وقد ورد أيضاً أن يكون الدعاء له ولزوجته كما ورد ذلك عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي ﷺ كان إذا رفأ الإنسان ( هنأه ودعا له ) إذا تزوج قال: " بارك الله لك وبارك عليك ، وجمع بينكما في خير ) . سادساً :يؤخذ من قوله أولم مشروعية الوليمة وأنها واجبة لهذا الأمر وهذا مذهب الإمام مالك رحمه الله وذهب الجمهور إلى أن الوليمة سنة مستحبة سابعاً :الوليمة هي الطعام المتخذ لأجل العرس ثامناً : أنه ينبغي أن تكون الوليمة بعد الدخول وقد اختلف أهل العلم في وقتها فقال بعضهم بعد العقد وقال بعضهم بعد الدخول وأقول : إن الأشهر أنها تكون بعد الدخول تاسعاً: المرجح أنها تكون بعد الدخول وهذا ما جرى عليه عمل كثير من المسلمين والأئمة عاشراً: قوله أولم ولو بشاة يراد بلو هنا أنها للتقليل الحادي عشر : أنه مهما يكن فإن الوليمة لا تتجاوز الكبشين أو الثلاثة في عرف الأقدمين الثاني عشر :أن ما يفعله الناس اليوم من الإسراف في الولائم أمر لا يقره الشرع بل هو يعتبر من الباطل الذي يأثم العبد عليه إذ أن بعضهم تصل الذبائح عندهم إلى فوق الأربعين وهذا لا شك أنه بذخ لا ينبغي فعله من المسلم المتبع لأوامر الله عز وجل وبالله التوفيق -------- تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ. تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 4 ] [ المجلد الرابع ] رابط تحميل الكتاب : http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam4.pdf |
بسم الله الرحمن الرحيم تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي -رحمه الله - "كتاب الطلاق" الطلاق في اللغة هو الإطلاق وفي الشرع هو حل عقدة النكاح المبرم وهو يعتبر إطلاق لها وحلاً لتلك العقدة [311]الحديث الأول: عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما أنه طلق امرأته وهي حائض فذكر ذلك عمر لرسول الله ﷺ فتغيظ منه رسول الله ﷺ ثم قال ليراجعها ثم يمسكها حتى تطهر ثم تحيض فتطهر فإن بدا له أن يطلقها فليطلقها قبل أن يمسها فتلك العدة كما أمر الله عز وجل . وفي لفظ ( حتى تحيض حيضة مستقبلة سوى حيضتها التي طلقها بها وفي لفظ فحسبت من طلاقها وراجعها عبدالله كما أمره رسول الله ﷺ . موضوع الحديث: الطلاق في الحيض المفردات قوله فتغيظ منه : أي غضب قوله ليراجعها : هذا أمر ثم يمسكها حتى تطهر : أمر آخر ثم تحيض فتطهر : أمر ثالث مترتب على ما قبله فإن بدا له أن يطلقها : أي أحب أن يطلقها أو ظهرت له المصلحة في طلاقها فليطلقها : هذا أمر أيضاً قبل أن يمسها : أي قبل أن يجامعها قوله فتلك العدة : الإشارة إلى قوله سبحانه وتعالى (فَطَلّقُوهُنّ لِعِدّتِهِنّ ) [ الطلاق : 1] والمعنى لاستقبال عدتهن قوله حيضة مستقبلة : أي غير الحيضة التي طلقها فيها قوله وفي لفظ فحسبت من طلاقها : أي لم تلغ كما زعمه بعض أهل العلم بل حسبت عليه من طلاقها : أي من الثلاث التي منحه الله إياها المعنى الإجمالي طلق عبدالله بن عمر رضي الله عنه زوجته وهي حائض في حال الحيض قبل أن تغتسل منه فلما بلغ النبي ﷺ غضب من ذلك وأمره أن يراجعها بإعادتها إلى عصمته ثم يمهلها حتى تطهر ثم يمسكها في ذلك الطهر بدون جماع حتى تحيض حيضة أخرى فإذا حاضت حيضة أخرى طلقها إن شاء بعد الطهر من الحيض . فقه الحديث أولاً : يؤخذ من هذا الحديث تحريم الطلاق في الحيض وهل يقع أو لا يقع ؟ في هذا خلاف بين أهل العلم فذهب الجمهور إلى وقوع الطلاق وأن المطلق آثم وذهب ابن تيمية وابن القيم وجماعة من العلماء معهم وأهل الظاهر إلى أن الطلاق في الحيض غير واقع بالكلية وأن زوجته ما زالت في عصمته واستدلوا لذلك بأن هذا الطلاق طلاق بدعي فقد أخبر النبي ﷺ بأن كل محدث مردود وكونه مردود فمعناه أنه لا يقع فيه شيئاً مستدلين بحديث عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ ( مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رَدٌّ ) . ثانياً : أنهم قدحوا في الروايات التي دلت على احتساب تلك الطلقة أما الجمهور فإنهم استدلوا بالروايات التي دلت على احتساب تلك الطلقة من طلاقها وقد تتبع الشيخ الألباني رحمه الله الروايات التي دلت على احتساب تلك الطلقة والروايات التي دلت على عدم احتسابها في كتابه إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل وظهر من تلك الروايات أن الروايات التي دلت على احتسابها أكثر ورواتها أحفظ وقد رجحت ذلك أي مذهب الجمهور في تعليقي على هذا الحديث في سبل السلام وهو الذي تطمئن إليه النفس لأمور ثلاثة : الأول : أن الروايات التي دلت على احتساب تلك الطلقة أكثر وثانياً : أن رواتها أحفظ وثالثاً : أن الأمر بالمراجعة دال على أن الطلاق الأول وقع . ثالثاً: يؤخذ من هذا الحديث أن الطلاق ينقسم إلى سني وبدعي فالطلاق السني هو أن يكون في طهر لم يجامع فيه أو حاملاً مستبين حملها وأن يوقع الطلاق واحدة أما الطلاق البدعي فهو إيقاع الطلاق في الحيض أو في طهر جامع فيه أو جمع الثلاث في مجلس واحد رابعاً : أن تغيظ النبي ﷺ على ابن عمر دال على أن إيقاع الطلاق في الحيض معصية لله موجبة لغضبه ولو لم تكن موجبة لغضبه ما تغيظ النبي ﷺ منها خامساً : قد تكلم العلماء على العلة التي من أجلها نهى النبي ﷺ عن إيقاع الطلاق بعد خروج المرأة من الحيضة الأولى فمنهم من قال أن الحكمة في ذلك تطويل العدة لعله يرغب فيها فيمسكها ومنهم من قال لئلا تصير الرجعة لغرض الطلاق ومنهم من قال إن ذلك عقوبة له ومهما يكن فإن النبي _ قد نهى ذلك المطلق عن إيقاع الطلاق في الطهر الذي بعد تلك الحيضة حتى يأتي طهر بعد حيضة أخرى وعلى هذا فإن حكم الطهر الذي بعد الحيضة الأولى كحكمها لا يجوز إيقاع الطلاق فيه سادساً: الحكمة في هذا النهي حتى لا تطول العدة على المرأة سابعاً: يؤخذ منه أن الطلاق البدعي معصية والمعصية لا يرضاها الله عز وجل ثامناً : قال أهل الأصول أن الأمر بالأمر بالشيء أمر به فأمر النبي ﷺ لعمر رضي الله عنه أن يأمر عبدالله بن عمر برجعتها يعتبر أمراً بذلك الأمر تاسعاً : دل الحديث على أن المراد بالأقراء الحيض وقد ذهب مالك والشافعي إلى أن المراد الأطهار وذهب أبو حنيفة إلى أن المراد بها الحيض والقول أن المراد بالأقراء الحيض هو ما دل عليه هذا الحديث لأنه لو كانت الأقراء الأطهار ما كان عبدالله بن عمر متعدياً وعاصياً وبالله التوفيق . -------- تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ. تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 4 ] [ المجلد الرابع ] رابط تحميل الكتاب : http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam4.pdf التصفية والتربية TarbiaTasfia@ |
بسم الله الرحمن الرحيم تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي -رحمه الله - [312]الحديث الثاني : عن فاطمة بنت قيس ( أن أبا عمرو بن حفص طلقها البتة وهو غائب ـ وفي رواية : طلقها ثلاثاً ـ فأرسل إليها وكيله بشعير فسخطته فقال : والله مالك علينا من شيء فجاءت رسول الله ﷺ فذكرت ذلك له فقال ليس لك عليه نفقة ـ وفي لفظ : ولا سكنى فأمرها أن تعتد في بيت أم شريك ثم قال تلك امرأة يغشاها أصحابي اعتدي عند ابن أم مكتوم فإنه رجل أعمى تضعين ثيابك فإذا حللت فآذنيني قالت فلما حللت ذكرت له أن معاوية بن أبي سفيان وأبا جهم خطباني فقال رسول الله ﷺ أما أبو جهم فلا يضع عصاه عن عاتقه وأما معاوية فصعلوك لا مال له انكحي أسامة بن زيد فكرهته ثم قال انكحي أسامة بن زيد فنكحته فجعل الله فيه خيراً واغتبطت به . موضوع الحديث : هل للمطلقة البائن سكنى ونفقة أم لا ؟ المفردات فاطمة بنت قيس : من بني محارب بن فهر بن مالك وهي أخت الضحاك بن قيس الذي ولي العراق ليزيد بن معاوية وهو من صغار الصحابة وهي أسن منه وكانت من المهاجرات الأول وكان لها عقل وجمال قوله أن أبا عمرو بن حفص طلقها ألبتة : أقول أبو عمرو بن حفص بن المغيرة بن عبدالله بن عمر ابن مخزوم زوج فاطمة بنت قيس قيل اسمه عبدالحميد وقيل أحمد ويقال فيه أبو حفص بن عمرو مات باليمن في أواخر حياة النبي ﷺ على الصحيح وقيل عاش إلى خلافة عمر وهو وهم وصاحب القصة الذي قال لفاطمة بنت قيس ليس لك علينا شيء هو عياش بن أبي ربيعة وهو ابن عم أبي عمرو . قوله ألبتة : تطلق البتة ويراد بها الطلاق البائن بينونة كبرى وهي صفة للطلاق المبين إما أن تكون هي الطلقة الثالثة وإما أن يكون جمع الطلاق الثلاث مرة واحدة واعتبر ذلك مبيناً لها من زوجها على رأي الجمهور رجح الصنعاني رحمه الله الرواية التي فيها أنه خرج مع علي إلى اليمن فبعث إليها بتطليقة ثالثة بقيت لها وقال وهذا هو الصحيح قوله فأرسل إليها وكيله بشعير : على إعراب وكيله بالرفع أنه فاعل أرسل فسخطته : أي غضبت منه قال والله مالك علينا من شيء : أي ليست لك نفقة واجبة علينا في الشرع فجاءت إلى رسول الله ﷺ : أي جاءت إليه فاطمة بنت قيس لتسأله عن الحكم في هذه المسألة فقال ليس لك عليه نفقة وفي لفظ ولا سكنى أي القائل هو رسول الله _ فأمرها أي أمر فاطمة بنت قيس أن تعتد في بيت أم شريك ثم قال تلك امرأة يغشاها أصحابي أي يدخلون عليها في منزلها لكونها تحسن إليهم قوله اعتدي عند ابن أم مكتوم فإنه رجل أعمى تضعين ثيابك : أي فلا يراك فإذا حللت فآذنيني : أي إذا انتهيت من عدتك فلا تصنعي شيئاً حتى تخبريني قالت فلما حللت ذكرت له أن معاوية بن أبي سفيان وأبا جهم خطباني بمعنى أنهما أرسلا إليها ولم تقطع مع واحد منهما فقال رسول الله ﷺ أما أبو جهم فلا يضع عصاه عن عاتقه يعني أنه يضرب النساء وأما معاوية فصعلوك معنى صعلوك فقير ثم فسره بقوله لا مال له ثم أمرها أن تنكح أسامة بن زيد فكرهته لعلها كرهته أولاً لكونه مولى وهي قرشية وهذه نعرة كانت متأصلة عند العرب ثم أمرها مرة أخرى بقوله أنكحي أسامة بن زيد فنكحته أي تزوجت به فجعل الله فيه خيراً كثيراً قالت واغتبطت به بمعنى أن النساء غبطنها به المعنى الإجمالي في هذه القصة أن فاطمة بنت قيس القرشية الفهرية طلقها زوجها أبو عمرو بن حفص وهو منطلق إلى اليمن وأن وكيله أرسل لها شعيراً يكون نفقة فتسخطته أي أنفت من أخذه فقال والله مالك علينا من شيء فعند ذلك ذهبت إلى النبي ﷺ مستفتيه فأخبرها بأنه ليس لها على مطلقها سكنى وأمرها أن تعتد في بيت أم شريك ولكن لكون أم شريك يغشى منزلها بعض أصحاب النبي ﷺ لذلك عدل عن كونها تعتد عندها ثم أمرها أن تعتد في بيت ابن أم مكتوم لكون ابن أم مكتوم عامري وهي عامرية ومن ناحية أخرى تضع ثيابها فلا يراها ثم أمرها أن تؤذنه عندما تحل للأزواج ولما حلت أخبرته بأنها خطبت من قبل أبي جهم ومعاوية فلم يشر عليها بنكاح أحد منهما وإنما أشار عليها بأن تنكح أسامة بن زيد فنكحت أسامة بن زيد واغتبطت به وفي حديثها مسائل هي من معترك الخلاف بين الفقهاء فقه الحديث أولاً : قولها أن أبا عمرو بن حفص طلقها ألبتة اختلف أهل العلم في البتة هذه هل كان طلاقه بلفظ البتة أو كان طلاقه ثلاثاً في موضع واحد فاعتبرت بتة أو كان طلاقه متفرقاً وكانت الطلقة الأخيرة منها هي التي أرسلها إليها وهو غائب بمعنى أنه أرسل إليها التطليقة الثالثة ثانياً: أن المرجح من هذه الروايات أنه أرسل إليها التطليقة الثالثة فاعتبرت هي المبينة لها منه ولذلك سمتها البتة ثالثاً : تمسك الجمهور برواية أنه طلقها البتة بأنه جمع الطلاق فيها وعدوا ذلك من الأدلة على أن من جمع الطلاق في مجلس واحد بأن بلغ طلاقه ثلاثاً أن طلاقه ذلك يكون مبيناً لزوجته من عصمته إلا أن هذا المفهوم يعارضه حديث ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه قَالَ كَانَ الطَّلاقُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَأَبِي بَكْرٍ وَسَنَتَيْنِ مِنْ خِلافَةِ عُمَرَ طَلاقُ الثَّلاثِ وَاحِدَةً فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ إِنَّ النَّاسَ قَدْ اسْتَعْجَلُوا فِي أَمْرٍ قَدْ كَانَتْ لَهُمْ فِيهِ أَنَاةٌ فَلَوْ أَمْضَيْنَاهُ عَلَيْهِمْ فَأَمْضَاهُ عَلَيْهِمْ ثم إن عمر رضي الله عنه جمع الصحابة واستشارهم في ذلك بقوله (إني أرى الناس قد استعجلوا في أمر كان لهم فيه أناة فأرى أن نمضيه عليهم فأمضاه عليهم ) ويستفاد من هذا الحديث أن من جمع الطلاق الثلاث في مجلس واحد أن طلاقه يعتبر واحدة وقد ذهب الجمهور إلى ما قرره أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه فاعتبروا الثلاث ثلاثاً سواء كانت بلفظ واحد وصفه بثلاث أو ثلاث لفظات متتالية وعلى هذا جرى أصحاب الفتوى في عهد عمر رضي الله عنه ومن بعده وفي عهد التابعين واتباع الأتباع ولم يخالف أحد منهم هذا الرأي رغم أن الحديث صريح في أن الثلاث كانت واحدة على عهد النبي ﷺ وكفى بذلك دليلاً لأنه هو المشرع صلوات الله وسلامه عليه وكل قول خلاف قوله فهو مردود وكل رأي خلاف سنته فهو مفند ورأى عمر رضي الله عنه في امضاءه ما تسارعوا إليه رأي في مقابلة النص وإنما كان عقوبة منه لهم في تسارعهم إلى ذلك أي إلى جمع الثلاث في مجلس واحد والمسالة من معترك الأنظار ومواطن الخلاف قديماً وحديثاً وقد ذهب أهل الظاهر إلى أن طلاق الثلاث إذا كان في مجلس واحد سواء كان بألفاظ متتالية كأن يقول لزوجته هي مطلقة مطلقة مطلقة أو بلفظ واحد وصفه بثلاث كأن يقول لزوجته هي طالق بالثلاث فإنهم يعتبرون ذلك واحدة قال به أهل الظاهر قديماً وأحيا هذا القول ونشره وأفتى به ابن تيمية أحمد بن عبدالحليم ابن عبدالسلام الحراني في أواخر القرن السادس وأوائل القرن السابع وأوذي بسبب هذا القول كثيراً وتبعه على ذلك تلميذه ابن القيم رحمه الله وأوذي هو الآخر بعد موت شيخه بسبب هذه الفتوى علماً بأنها هي الحق الذي ترك رسول الله _ عليه أمته ولشيخ الإسلام وتلميذه فتاوى كثيرة في هذا الباب حيث قرر كل منهما رحمهما الله في غير ما موطن أنه لا يعرف عن النبي ﷺ أنه أمضى الثلاث وجعلها ثلاثاً ولكن العكس هو المعروف عن النبي ﷺ وقد تبع شيخ الإسلام ابن تيمية جماعة من العلماء في هذا القول إلا أن بعض المتأخرين علق القول به على النية ومنهم شيخنا سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله وقال به الصنعاني والشوكاني والألباني ومحمد بن صالح العثيمين رحمهم الله جميعاً وهذا هو القول الصحيح فيما أرى وعلى هذا فمن جمع الطلاق في مجلس واحد استحلف فإن كان أراد بذلك الثلاث فهي ثلاث وإن كان أراد به واحدة فهي واحدة وإن جرى منه ذلك في حال غضب لم يتبين فيه نيته كان ذلك الطلاق واحدة وبالله التوفيق رابعاً : يؤخذ من قوله ﷺ لفاطمة بنت قيس ليس لك عليه نفقة وفي رواية ولا سكنى أن المبتوتة التي طلقت طلاقاً لا رجعة فيه ليس لها على مطلقها سكنى ولا نفقة ولأهل العلم في هذه المسألة قديماً وحديثاً ثلاثة أقوال : القول الأول : أن لها السكنى والنفقة وبه قال أبو حنيفة وورد عن عُمَرُ رضي الله عنه أنه أنكر حديثها وقال : ( لا نَتْرُكُ كِتَابَ اللَّهِ وَسُنَّةَ نَبِيِّنَا ﷺ لِقَوْلِ امْرَأَةٍ لا نَدْرِي لَعَلَّهَا حَفِظَتْ أَوْ نَسِيَتْ . القول الثاني : وعليه جمهور أهل المذاهب وهم الشافعية والمالكية أن لها السكنى دون النفقة القول الثالث : قال به الإمام أحمد رحمه الله وهو قول كثير من المحدثين المتحررين عن التمذهب أنه ليس للمبتوتة سكنى ولا نفقة إلا إن كانت ذات حمل فإن ينفق عليها من أجل الحمل وهذا هو القول الصحيح بأن المطلقة طلاقاً بائناً ليس لها سكنى ولا نفقة وأن السكنى والنفقة إنما تكون للمطلقة الرجعية التي يملك المطلق الرجعة عليها لأن النبي ﷺ أمر فاطمة بنت قيس أن تعتد في بيت أم شريك ثم عدل عن ذلك وأمرها أن تعتد في بيت ابن أم مكتوم فلو كانت السكنى لها ما عدل النبي ﷺ عن ذلك والأعذار التي يراد بها إبطال النص يجب أن ترفض وحاشاه ﷺ أن يحكم أو يفتي بغير الحق فإنه يترتب على سكناها في بيت ابن أم مكتوم مضايقة له ولأهله ولو كانت تجب لها السكنى ما عدل النبي ﷺ عن ذلك إلى مضايقة ذلك الرجل الأعمى . أما قوله سبحانه وتعالى ( أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ ) [ الطلاق : 6 ] فهذا خاص بالرجعيات خامساً : أن الطلاق في غيبة المرأة واقع باتفاق أهل العلم سادساً : يؤخذ من قوله تلك امرأة يغشاها أصحابي المقصود به أن أم شريك كانت امرأة تحسن إلى أصحاب النبي ﷺ فكانوا يزورونها ويؤخذ من هذا زيارة الرجال للمرأة الكبيرة إذا لم يكن هناك خلوة ولا تهمة سابعاً: يؤخذ من قوله اعتدي عند ابن أم مكتوم فإنه رجل أعمى تضعين ثيابك فلا يراك يؤخذ من هذا مراعاة أخف الضررين فإن اعتدادها عند أم شريك يعرضها لأنظار الرجال وهي امرأة جميلة وفي مقتبل عمرها ولا يمكنها الاحتياط إلا بمشقة عظيمة فلذلك عدل ﷺ عن أمرها بالاعتداد في بيت أم شريك إلى الاعتداد في بيت ابن أم مكتوم مراعاة لأخف الضررين وأدنى المشقتين . ثامناً: يؤخذ من قوله فإذا حللت فآذنيني أن المطلقة طلاقاً بائناً يجوز التعريض لها في العدة فإن في ذلك تعريض لها بأن للنبي ﷺ فيها غرضاً . تاسعاً : يؤخذ من قولها فلما حللت ذكرت له أن معاوية بن أبي سفيان وأبا جهم خطباني يؤخذ من ذلك أن الخطبة على الخطبة جائزة ما لم يقبل أحد الخاطبين فإن قبل أحد الخاطبين حرم على الآخرين أن يخطبوا على خطبته أما إن خطب هذا وخطب هذا ولم يقبل أحد منهم فإن ذلك جائز لهذا الحديث عاشراً : يؤخذ من قوله ﷺ أما أبو جهم فلا يضع عصاه عن عاتقه وأما معاوية فصعلوك لا مال له أنكحي أسامة بن زيد يؤخذ من هذا جواز الغيبة إن كانت نصيحة للمنصوح ومثل هذا يعتبر من الأمور الستة التي تجوز فيها الغيبة الحادي عشر : يؤخذ مما قاله النبي ﷺ لأبي جهم ومعاوية أنه يجوز القدح من أجل النصيحة كما تقدم الثاني عشر : أنه لا يلزم ذكر المحاسن أي محاسن المقدوح فيه خلافاً لمن قال ذلك من أصحاب الحزبيات وهم الذين يقولون بالموازنة بين الحسنات والسيئات ولا أعرف أن أحداً قال بذلك من أهل العلم فيما سبق الثالث عشر : أنه إذا جاز الطعن في أبي جهم ومعاوية من أجل نصيحة فاطمة بنت قيس فإنه يجوز الطعن في كل مبتدع ابتدع بدعة إذا نصح فأبى أن يقبل النصيحة فإنه يجوز الطعن فيه والتحذير منه ولأهل العلم وبالأخص علماء الجرح والتعديل من المحدثين لهم في ذلك أقوال كثيرة تدل على جواز ذلك بل وجوبه حتى لا يغتر الناس بذلك المبتدع الرابع عشر : يؤخذ من قوله أنكحي أسامة بن زيد فكرهته ثم قال أنكحي أسامة بن زيد فنكحته يؤخذ من ذلك أنه يجوز إنكاح القرشية من المولى ومثل ذلك إنكاح النبي ﷺ لابيه زيد بن حارثة من زينب بنت جحش ونزل في ذلك قول الله عز وجل ( وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ .. ) [الأحزاب:37] الخامس عشر : يؤخذ من قوله أنكحي أسامة بن زيد مرة ثانية تأكيد للأمر الأول أنه يجوز إرغام المرأة على من يكون نكاحه لها فيه المصلحة السادس عشر : يؤخذ من هذا أن النبي ﷺ قضى بهذا الحكم على نعرات الجاهلية والعصبيات القومية تقريراً لقوله تعالى (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ) [ الحجرات : 13 ] السابع عشر : يؤخذ من قوله فنكحته فجعل الله فيه خير واغتبطت به أن الخير كله في طاعة الله ورسوله ﷺ وإن رأى الإنسان أن في ذلك غضاضة عليه فإنما ذلك من إيهام الشيطان ونزغه الثامن عشر: يؤخذ من هذا أن اللون غير مؤثر في منع النكاح وقد ورد في الحديث الذي يرويه أَبِو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إِذَا أَتَاكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ خُلُقَهُ وَدِينَهُ فَزَوِّجُوهُ إِلاَّ تَفْعَلُوا تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ وَفَسَادٌ عَرِيضٌ ) وما كرهته فاطمة بنت قيس في نكاح أسامة بن زيد إلا لأنه مولى ولأن أسامة كان أسود اللون التاسع عشر : أن الحاكم الشرعي هو ولي من لا ولي لها وقد جاء في الحديث عن النبي ﷺ أنه قال ( أَيُّمَا امْرَأَةٍ نَكَحَتْ بِغَيْرِ إِذْنِ وَلِيِّهَا فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ فَإِنْ دَخَلَ بِهَا فَلَهَا الْمَهْرُ بِمَا اسْتَحَلَّ مِنْ فَرْجِهَا فَإِنِ اشْتَجَرُوا فَالسُّلْطَانُ وَلِيُّ مَنْ لا وَلِيَّ لَه ُ) . وبالله التوفيق . -------- تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ. تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 4 ] [ المجلد الرابع ] رابط تحميل الكتاب : http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam4.pdf |
بسم الله الرحمن الرحيم تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي - رحمه الله - "باب العدة" العدة مصدر عددت الشيء أعده عدة وهي اسم للمدة التي تنتظرها المفارقة لزوجها بموت أو طلاق . [313]الحديث الأول : عن سبيعة الأسلمية أنها كانت تحت سعد بن خولة ـ وهو من بني عامر بن لؤي وكان ممن شهد بدراً ـ فتوفي عنها في حجة الوداع وهي حامل فلم تنشب أن وضعت حملها بعد وفاته فلما تعلّت من نفاسها تجملت للخطاب فدخل عليها أبو السنابل ابن بعكك ـ رجل من بني عبد الدار ـ فقال لها مالي أراك متجملة ؟ لعلك ترجين للنكاح والله ما أنت بناكح حتى يمر عليك أربعة أشهر وعشراً قالت سبيعة فلما قال لي ذلك جمعت عليّ ثيابي حين أمسيت فأتيت رسول الله ﷺ فسألته عن ذلك ؟ فأفتاني بأني قد حللت حين وضعت حملي وأمرني بالتزوج إن بدا لي . موضوع الحديث : عدة الحامل المتوفى عنها زوجها المفردات سعد بن خولة : صحابي بدري توفي في حجة الوداع قلت وهو الذي قال عنه النبي ﷺ في حديث سعد بن أبي وقاص لكن البائس سعد بن خولة يرثي له رسول الله ﷺ أن مات بمكة وقد كان مهاجراً قول فلم تنشب أن وضعت : أي فلم تلبث بعد موته إلا يسيراً حتى وضعت حملها بعد وفاته فلما تعلت من نفاسها : أي طهرت منه قوله تجملت للخطاب : أي أخذت زينتها وهذا يدل على أن عندها علم بأن عدتها قد انقضت بوضع حملها بعد موت زوجها . قوله فدخل عليها أبو السنابل بن بعكك : رجل من بني عبدالدار أبو السنابل :جمع سنبلة ابن بعكك بفتح الباء وإسكان العين وفتح الكاف الأولى مشهور بكنيته واختلف في اسمه على أقوال ذكر الشارح ابن دقيق العيد بعضها فقال لها مالي أراك متجملة لعلك ترجين النكاح والله ما أنت بناكح حتى يمر عليك أربعة أشهر وعشر : فقد توعدها بمنعها من النكاح حتى تمر عليها عدة المتوفى عنها زوجها ولم يعلم أن ذلك في غير الحامل وأن الحامل تنقضي عدتها بوضع حملها ولعله يستنبط من هذا أنها كانت أفقه منه . قولها جمعت عليّ ثيابي حين أمسيت …ألخ ما ذكرت وأفادت هذه الجملة وهو قولها فأفتاني بأني قد حللت حين وضعت حملي ذلك على أن الحامل تنتهي عدتها بوضع حملها المعنى الإجمالي توفى سعد بن خولة في حجة الوداع ورثاه النبي ﷺ بأن توفي بالبلد الذي هاجر منها وهي مكة وأن زوجته سبيعة الأسلمية عندما طهرت من نفاسها تجملت للخطاب فاعترض عليها أبو السنابل بن بعكك وتوعدها بالمنع من النكاح إلا بعد أن تكمل عدتها أربعة أشهر وعشر وبسبب ذلك ذهبت سبيعة إلى النبي ﷺ فأخبرته بحالها وما جرى لها فأفتاها بأنها قد حلت بوضع حملها فكان لذلك حديثهاً حكماً قاطعاً في المتوفى عنها زوجها وهي حامل . فقه الحديث أولاً : يؤخذ من هذا الحديث أن الحامل متى وضعت حملها فإنها قد انقضت عدتها حتى ولو كان بعد موت زوجها بزمن يسير فقد جاء في هذه المسالة خلاف في أول الأمر فأثر عن علي بن أبي طالب وابن عباس رضي الله عنهما أنها تعتد بأبعد الأجلين ولكن قولهما هذا قد تركاه لحديث سبيعة وقد انعقد الإجماع بعد ذلك أي بعد الاطلاع على حديث سبيعة أن الحامل تنقضي عدتها بوضع الحمل ويؤيد ذلك ما قاله ابن مسعود رضي الله عنه أن آية النساء الصغرى نزلت بعد آية النساء الكبرى أي أن سورة الطلاق نزلت متأخرة عن سورة البقرة لذلك فقد قضى بآيتها على آية البقرة وآية البقرة هي قوله تعالى ( وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا ) الآية 234 من سورة البقرة وأما آية الطلاق فهي قول الله تعالى في سورة الطلاق (وَأُولاتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ ) وهي بعض آية من آية أربعة من سورة الطلاق لذلك فقد كان الحكم في الحامل لآية الطلاق وأنها تنتهي عدتها بوضع الحمل وما ذكره الشارح رحمه الله تعالى وكذلك المعلق من أن بعض أهل العلم قال لا تنقضي عدتها إلا بالطهر من النفاس فهذا قول ضعيف والله سبحانه وتعالى قد علق انقضاء العدد في الحوامل بوضع الحمل لا بالطهر من النفاس ثانياً : هل الذي يتعلق به انقضاء العدة هو وضع الحمل الكامل أم أنه إذا خرج الجنين فإنه يعتبر منهياً للعدة سواء كان كاملاً أو ناقصاً وسواء فيه خلقة الإنسان بينة أو خفيه يعرفها النساء هذا هو القول الصحيح لأن المهم العلم بخلو الرحم مما كان يشغله إلا أنه إذا كان الحمل أكثر من واحد فلا تنقضي عدتها إلا بوضع الجميع وأغرب ما سمعت في هذا الأمر أن امرأة وضعت إنساناً لا أدري ذكراً أم أنثى وبقيت أربعة أشهر ووضعت أنثى هذا سمعته سماعاً مؤكداً من أناس لا أشك في ثقتهم والمهم أنه لا تنقضي العدة إلا بوضع الآخر وقد علمت أيضاً أن امرأة وضعت توأمين بينهما يوم وليلة فتعجبت منها جارتها فوقع لها بعد ذلك ما وقع للمتعجب منها وهذا الأخير الذي قلته وقع في قريتي وإحداهن من قرابتي إلا أن هذا حصل في زمن متقدم والمهم أنه لا يبرأ الرحم إلا بخروج جميع الأجنة التي فيه ولو تباعد ما بينهما وبالله التوفيق ثالثاً : أنه يجوز أن يعقد عليها بعد وضع الحمل حتى ولو كان بعد موت زوجها بزمن يسير إلا أنه لا يقربها إلا بعد أن تطهر . رابعاً : أن من توفى عنها زوجها وهي غير حامل فإن عدتها تتعين بأربعة أشهر وعشر ولا تخرج من عدتها إلا بتمام هذه العدة لقوله سبحانه تعالى ( والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجاً يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشراً ) [ البقرة : 234 ] وأما حكم الإحداد على غير الزوج فسيأتي في حديث زينب بنت أم سلمة الذي بعد هذا ويأتي فيه أيضاً حكم الإحداد وأنه واجب وليس بشرط فإن تزينت وهي في عدتها لم تبطل العدة ولكنها تأثم والعدة تمضي بمضي زمنها . خامساً : إذا كان الزوج في غيبة وتوفي ولم تعلم به زوجته إلا بعد أن مضت العدة أو مضى بعضها فإن كانت العدة قد مضت لم يلزمها قضاءها وإن كان قد انقضى بعضها وجب عليها أن تكمل الباقي فلو فرضنا أن الزوج توفي في بلد بعيد ولم تعلم الزوجة بوفاته إلا بعد مضي شهرين فإنه يجب عليها أن تكمل العدة شهرين وعشرة أيام ولا يجب عليها أن تبدأ من أولها سادساً : يؤخذ من هذا الحديث أن المعتدة لها أن تخرج لطلب الفتوى أو غيرها من الأمور التي تهمها . -------- تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ. تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 4 ] [ المجلد الرابع ] رابط تحميل الكتاب : http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam4.pdf |
بسم الله الرحمن الرحيم تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي - رحمه الله - [314]الحديث الثاني : عن زينب بنت أم سلمة رضي الله عنها قالت ( توفي حميم لأم حبيبة فدعت بصفرة فمسحت بذراعيها فقالت : إنما أصنع هذا لأني سمعت رسول الله ﷺ يقول : لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد على ميت فوق ثلاث إلا على زوج : أربعة أشهر وعشراً . الحميم : القرابة موضوع الحديث : إحداد المتوفى عنها المفردات حميم لأم حبيبة : الحميم هو القرابة وقد تعين هذا الحميم بأنه أبوها أبو سفيان والرواية في ذلك في الصحيحين فدعت بصفرة : المراد بذلك طيب فيه صفرة لا يحل لامرأة : نكرة تعم كل امرأة تؤمن بالله وباليوم الآخر : أي حال كونها تؤمن بالله واليوم الآخر فالجملة حالية أن تحد : أن وما دخلت عليها في تأويل مصدر تأويله إحداداً فوق ثلاث . تحد : بضم أوله وكسر ثانيه ( أحد) ويجوز فتح أوله وضم ثانيه أو كسره من (حَد) يقال : أحدت المرأة على زوجها وحدت : إذا حزنت عليه ولبست ثياب الحزن وتركت الزينة . على ميت فوق ثلاث : أي أكثر من ثلاثة أيام إلا على زوج أربعة أشهر وعشراً . المعنى الإجمالي يتضمن هذا الحديث تحريم الإحداد فوق ثلاثة أيام إلا على الزوج فإنه يجب الإحداد عليه أربعة أشهر وعشراً لآية البقرة الآية 234 وهي قول الله تعالى (وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا ) فقه الحديث أولاً :يؤخذ من هذا الحديث أنه يجوز الاحداد ثلاثة أيام على غير الزوج ثانياً: يؤخذ تحريم الإحداد فوق ثلاث إلا على زوج أربعة أشهر وعشراً ثالثاً: يؤخذ منه أن الحديث الذي ورد في الأب وأنه يجوز الإحداد عليه سبعة أيام أن هذا الحديث ضعيف رابعاً: يؤخذ منه مشروعية الإحداد على الزوج مدة أربعة أشهر وعشراً وهل يجب أو لا يجب هذا محل نظر والقول بوجوبه هو الراجح وهو الذي ذهب إليه الجمهور وإن كان لفظ الحديث لا يقتضي الوجوب ولكن يقتضي الإباحة لأن قوله لا يحل لامرأة ..ألخ الحديث واستثنى منه إلا على زوج فيكون استثناء الزوج بمعنى أنه يحل ولكن تطابق السلف على فعله كابراً عن كابر يدل على أنه واجب وربما أن للوجوب أدلة أخرى . خامساً : إنما حددت هذه المدة التي هي أربعة أشهر وعشر لأنها هي المدة التي يتخلق فيها الجنين فلعل الجنين يخفى فإذا نفخ فيه الروح تحرك ونفخ الروح لا يحصل إلا بعد كمال مائة وعشرين يوماً على النطفة في الرحم لحديث عَبْدُ اللَّهِ بن مسعود رضي الله قال حَدَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَهُوَ الصَّادِقُ الْمَصْدُوقُ قَالَ ( إِنَّ أَحَدَكُمْ يُجْمَعُ خَلْقُهُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا نطفة ثُمَّ يَكُونُ عَلَقَةً مِثْلَ ذَلِكَ ثُمَّ يَكُونُ مُضْغَةً مِثْلَ ذَلِكَ ثُمَّ يَبْعَثُ إليه الملك … ) سادساً : أن هذه العدة في حق من لم تكن حاملاً أما من كانت حاملاً فعدتها بوضع الحمل كما سبق ولو وضعت بعد وفاة زوجها بلحظة سابعاً : الإحداد ترك الزينة والزينة تشمل كل ما يرغب في النظر إلى المرأة والرغبة فيها فيدخل في ذلك الطيب والكحل والحناء ولبس الحلي ولبس اللباس الجديد وفي الكحل عند الحاجة خلاف سيأتي في الحديث الذي بعد هذا وبالله التوفيق . -------- تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ. تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 4 ] [ المجلد الرابع ] رابط تحميل الكتاب : http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam4.pdf |
بسم الله الرحمن الرحيم تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي - رحمه الله - [315]الحديث الثالث : عن أم عطية رضي الله عنها أن رسول الله ﷺ قال ( لا تحد امرأة على ميت فوق ثلاث إلا على زوج أربعة أشهر وعشراً ولا تلبس ثوباً مصبوغاً إلا ثوب عصب ولا تكتحل ولا تمس طيباً إلا إذا طهرت نبذةً من قسط أو أظفار . العصب ثياب من اليمن فيها بياض وسواد موضوع الحديث : بيان عدة المتوفى عنها وهي غير حامل المفردات لا تحد : لا ناهية أو نافية فإن كانت نافية فالمضارع مرفوع وإن كانت ناهية فالمضارع في محل جزم وامرأة فاعل تحد والإحداد هو ترك الزينة الذي أوجبه الله على المرأة المتوفى عنها زوجها وأباحه ثلاثة أيام فيما سوى ذلك يقال أحدت تُحد ويقال حدت تَحد ويقال امرأة حاد ولا يقال حادة وتعقب الحافظ ابن حجر من قال ذلك وقال إنه ثبت في صحيح البخاري فوق ثلاث : أي أكثر من ثلاث قوله لا تلبس ثوباً مصبوغاً : المراد به المصبوغ بالزينة والمراد به الجديد الذي باقياً فيه رونقه ولمعانه ولا يدخل في ذلك الثوب البالي المنكسر قوله إلا ثوب عصب : هو نوع من الثياب اليمنية قوله ولا تكتحل : أي لا تستعمل الكحل ولا تمس طيباً : كذلك فيه تحريم الطيب على المرأة الحاد إلا إذا طهرت : أي بعد الحيض نبذة : أي فلها أن تأخذ نبذة من قسط أو أظفار وهما نوعان من أنواع الطيب الذي يتبخر به المعنى الإجمالي تخبر أم عطية رضي الله عنها أن رسول الله ﷺ نهى أن تحد امرأة على ميت فوق ثلاث أي سواء كان الميت ابنها أو أخاها أو أباها إلا على زوج أربعة أشهر وعشراً أي فعليها أن تحد عليه هذه المدة إذا مات وهي غير حامل ونهى أيضاً عن أن تلبس ثوباً مصبوغاً واستثنى من ذلك ثوب العصب ونهاها أن تكتحل وأن تمس طيباً إلا أنه رخص لها إذا طهرت من الحيض أن تتبخر بنبذة من قسط أو أظفار لإزالة الرائحة الكريهة التي تبقى بعد الحيض فقه الحديث أولاً : يؤخذ من هذا الحديث تحريم الإحداد على غير الزوج فوق ثلاث ثانياً : جوازه أو وجوبه على من مات عنها زوجها وهي غير حامل مدة أربعة أشهر وعشراً ثالثاً: أن هذا الحكم مستفاد من آية البقرة رقم 234 وهي قوله تعالى (وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا ) رابعاً : إنما حددت هذه المدة لأن المرأة قد تكون في مبادئ الحمل فلا يعرف نظافة رحمها إلا بعد مضي هذه المدة فيتبين إن كان فيه جنين أم لا ؟ خامساً : سبق أن قلنا أن هذه المدة هي التي يتخلق فيها الجنين وينفخ فيه الروح كما في حديث عبدالله بن مسعود رضي الله عنه . سادساً : يؤخذ من هذا الحديث منع المرأة الحاد من لبس الثياب المصبغة التي صبغت للزينة سابعاً :استثني من ذلك ثوب العصب وهي ثياب يؤتى بها من اليمن فيها بياض وسواد ثامناً : يؤخذ من مفهوم هذا الحديث أن المرأة الحاد ممنوعة من لبس ثياب الجمال والاتفاق حاصل على تحريم لبسها بما صبغ بالورس والزعفران وفيما عدا ذلك خلاف وقد أجاز الشافعي ومالك أجازا لها لبس الثوب الأسود لأنه لا يتخذ للزينة . قال ابن المنذر : أجمع العلماء على أنه لا يجوز للمحادة لبس الثياب المعصفرة والمصبغة إلا ما صبغ بسواد فرخص فيه عروة بن الزبير ومالك والشافعي وكرهه الزهري أي لكونه مصبوغاً ومن أجازه اجاب بأنه غير مراد للزينة . قال ابن الملقن : يؤخذ منه استثناء ثوب العصب وهو مذهب الزهري وكرهه عروة والشافعي وأجاز مالك غليظه والأصح عند أصحابنا تحريمه مطلقاً والحديث حجة عليهم تاسعاً: قال ابن المنذر ورخص جميع العلماء في الثياب البيض ومنع بعض متأخري المالكية جيد البيض والسواد الذي يتزين به عاشراً : يؤخذ منه تحريم الاكتحال على المرأة المحد وفي حديث أم سلمة في الموطأ الأذن فيه ليلاً ومسحه نهاراً وحمله العلماء على أنها كانت محتاجة إليه وسيأتي مزيد بيان في حديث أم سلمة الحادي عشر : يؤخذ منه تحريم الطيب على المحدة بجميع أنواعه الثاني عشر: أنه يستثنى من ذلك عند التطهر من الحيض أن تتبخر بقسط أو أظفار . -------- تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ. تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 4 ] [ المجلد الرابع ] رابط تحميل الكتاب : http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam4.pdf |
بسم الله الرحمن الرحيم تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي - رحمه الله - [316]الحديث الرابع : عن أم سلمة رضي الله عنها قالت ( جاءت امرأة إلى رسول الله ﷺ فقالت يا رسول الله إن ابنتي توفي عنها زوجها وقد اشتكت عينها أفنكحلها ؟ فقال رسول الله ﷺ لا مرتين أو ثلاثاً ثم قال إنما هي أربعة أشهر وعشر وقد كانت إحداكن في الجاهلية ترمى بالبعرة على رأس الحول فقالت زينب كانت المرأة إذا توفي عنها زوجها دخلت حفشاً ولبست شر ثيابها ولم تمس طيباً ولا شيئاً حتى تمر بها سنة ثم تؤتى بدابة حمار أو طير أو شاة فتفتض به فقلما تفتض بشيء إلا مات ثم تخرج فتعطي بعرة فترمي بها ثم تراجع بعد ما شاءت من طيب وغيره ) موضوع الحديث : عدة المتوفى عنها زوجها اشتكت عينها : بضم النون من عينها على أن العين فاعلة الشكوى والوجه الثاني أن تكون منصوبة أي اشتكت عينها وعلى هذا يكون فاعل الشكوى ضمير يعود على المرأة . أفنكحلها : استفهام طلبي قوله فقال رسول الله ﷺ لا مرتين أو ثلاثاً كل ذلك يقول لا قوله ثم قال إنما هي أربعة أشهر وعشر وقد كانت إحداكن في الجاهلية ترمي بالبعرة على رأس الحول قال في كتاب الإعلام لابن الملقن هذه السائلة هي عاتكة بنت نعيم أخت عبدالله بن نعيم العدوي قال وزوجها هو المغيرة المخزومي كذا رأيته في موطأ عبدالله بن وهب ثم قال إنما هي أربعة أشهر وعشر أي أن هذه المدة قد خففت عنكن بدل ما كانت المرأة تجلس سنة وفي هذا إشارة إلى نسخ الاعتداد بالحول إلى الاعتداد بالأربعة الأشهر والعشر قوله فقالت زينب كانت المرأة إذا توفي عنها زوجها دخلت حفشاً : هو البيت الصغير المتواضع قوله ولم تمس طيباً ولا شيئاً وفي رواية ولا ماء حتى تمر عليها سنة ثم تؤتى بدابة حمار أو شاة أو طير فتفتض به ثم تراجع بعد ذلك ما شاءت هذا القول من زينب بنت أم سلمة تخبر به عما كان يعمله النساء في الجاهلية والظاهر أن الذي أقره الإسلام هو الاعتداد بالحول دون ما كن يفعلنه من ترك النظافة حتى تنتن المرأة بأن تكون لها رائحة كريهة وقيل معنى تفتض به أي تتمسح به والمهم أن الله عز وجل أراح النساء المسلمات من العناء الذي كانت تعانيه نساء الجاهلية وقد تقدم الكلام على الإحداد وما يجوز فيه وما يمنع وأن الخلاف في الكحل إذا احتيج إليه هل يجوز بالليل ويمنع بالنهار أو لا يجوز بالكلية أو يجوز فيما لم يكن فيه طيب ويمنع منه ما كان مطيباً هذا محل نظر وخلاف . -------- تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ. تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 4 ] [ المجلد الرابع ] رابط تحميل الكتاب : http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam4.pdf |
بسم الله الرحمن الرحيم تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي -رحمه الله - "كتاب اللعان" اللعان والملاعنة والتلاعن هو ما أمر الله به بين الرجل وامرأته إذا اتهمها الزوج بالزنا ولم تكن له بينة فإنه في هذه الحالة يلاعنها كما أمر الله وسمي لعاناً من باب التغليب وإلا فاللعن هو في حق الرجل لا في حق المرأة. [317] أورد فيه حديث عبدالله بن عمر رضي الله عنهما ( أن فلان بن فلان قال : يا رسول الله أرأيت أن لو وجد أحدنا امرأته على فاحشة كيف يصنع ؟ إن تكلم تكلم بأمر عظيم وإن سكت سكت على مثل ذلك قال فسكت النبي ﷺ فلم يجبه فلما كان بعد ذلك أتاه فقال إن الذي سألتك عنه قد ابتليت به فأنزل الله عز وجل هؤلاء الآيات من سورة النور (النور 6-9 : والذين يرمون أزواجهم ) فتلاهن عليه ووعظه وذكره وأخبره أن عذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة فقال لا والذي بعثك بالحق ما كذبت عليها ثم دعاها فوعظها وأخبرها أن عذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة فقالت لا والذي بعثك بالحق إنه لكاذب فبدأ بالرجل فشهد أربع شهادات بالله إنه لمن الصادقين والخامسة أن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين ثم ثنى بالمرأة فشهدت أربع شهادات بالله إنه لمن الكاذبين والخامسة أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين ثم فرق بينهما ثم قال إن الله يعلم أن أحدكما كاذب فهل منكما تائب ؟ ثلاثاً . ) وفي لفظ لا سبيل لك عليها قال يا رسول الله مالي ؟ قال لا مال لك إن كنت صدقت عليها فهو بما استحللت من فرجها وإن كنت كذبت فهو أبعد لك منها . موضوع الحديث : اللعان المفردات قوله إن فلان بن فلان : كنى عنه ستراً عليه أرأيت أن لو وجد أحدنا امرأته على فاحشة : الظاهر أن أن هي المخففة من الثقيلة واسمها ضمير الشأن وتقديره أنه أي الشأن لو وجد أحدنا امرأته … الحديث قوله على فاحشة :المراد به فاحشة الزنا كيف يصنع : هذا استفهام عن الأمر الذي يصنعه من ابتلي بذلك قوله إن تكلم تكلم بأمر عظيم وإن سكت سكت على مثل ذلك : ذا فيه بيان وتوضيح للمشكلة أي أنه في كلا الحالتين يقع في ورطة قوله فسكت النبي ﷺ فلم يجبه وذلك أن النبي ﷺ كان إذا سئل عن مثل هذه المسائل لا يجيب بشيء حتى يأتيه الوحي فلما كان بعد ذلك أتى : أي أن السائل رجع إلى النبي ﷺ فقال إن الذي سألتك عنه قد ابتليت به فأنزل الله عز وجل هؤلاء الآيات من سورة النور ( والذين يرمون أزواجهم … فتلاهن عليه ووعظه الوعظ : هو التذكير بعواقب الأمور وبيان خطر المعاصي وأخبره أن عذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة أي أخف من عذاب الآخرة فقال لا والذي بعثك بالحق ما كذبت عليها أي أكد صدقه ثم دعاها فوعظها وأخبرها أن عذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة فقالت لا والذي بعثك بالحق إنه لكاذب فبدأ بالرجل فشهد أربع شهادات بالله إنه لمن الصادقين والخامسة أن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين واللعنة هي الإبعاد من رحمة الله ثم ثنى بالمرأة أي جعلها هي الثانية فشهدت أربع شهادات بالله إنه لمن الكاذبين والخامسة أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين والغضب : أشد من اللعن والعياذ بالله وكلاهما عظيم ثم قال إن الله يعلم أن أحدكما كاذب : أي في نفس الأمر وإن لم يتبين ذلك قوله فهل منكما تائب : دعوة إلى التوبة قوله لا سبيل لك عليها : أي قد انتهت رابطة الزوجية بينك وبينها ووجب التفريق بينكما قوله بما استحللت من فرجها : أي في حال وطئك السابق المعنى الإجمالي يخبر عبدالله بن عمر رضي الله عنهما أن رجلاً من الصحابة أتى النبي ﷺ يسأله عن الحكم فيما إذا وجد الرجل امرأته على فاحشة وأن النبي ﷺ سكت عنه فلم يجبه عن ذلك ثم أنه عاد إليه وأخبره بأنه قد ابتلي بالأمر الذي سأل عنه فعند ذلك نزلت آيات الملاعنة من سورة النور فلاعن رسول الله ﷺ بينهما كما هو موضح في الحديث الشريف وكما سيأتي بيانه فقه الحديث أولاً : قوله إن فلان بن فلان يؤخذ منه استحباب الستر على المسلم الذي ابتلي بشيء من القاذورات فعبدالله بن عمر رضي الله عنهما يعرف اسمه ولكن كنى عنه بفلان بن فلان ستراً عليه ثانياً : يؤخذ منه جواز السؤال عن الأمر المتوقع قبل وقوعه ثالثاً : أن ذلك جائز فيما إذا كان الإنسان قد ابتلي بشيء من الأسباب التي تدخل عليه الشك في زوجته وأن ذلك السبب هو المبيح للسؤال . رابعاً: يؤخذ من قوله إن تكلم تكلم بأمر عظيم وإن سكت سكت عن مثل ذلك بيان فضاعة المسألة وغلظها خامساً : يؤخذ من قوله فسكت النبي ﷺ فلم يجبه فيه السكوت عن الإجابة في الشيء الذي لا يعلم الإنسان حكمه سادساً: أن سكوت النبي ﷺ انتظاراً للجواب من الله تعالى سابعاً : يؤخذ من قوله إن الذي سألتك عنه قد ابتليت به بأنه قد وقع فيما كان يتوقع ووجد امرأته على الفاحشة ثامناً : يؤخذ منه أن قصة هذا الرجل هي سبب نزول الآيات التي في سورة النور وهل هو هلال بن أمية أو عويمر العجلاني لا يترتب على تعيينه كبير فائدة تاسعاً :يؤخذ من قوله فتلاهن عليه ووعظه وذكره يؤخذ منه وعظ المتلاعنين وتذكيرهما عاشراً : يؤخذ منه البداءة بالرجل لأن مبدأ الأمر من عنده وهو اتهامه لزوجته الحادي عشر: يؤخذ منه أن الرجل إذا دعي إلى التراجع فأصر فإنه يجب عليه أن يأتي بالشهادات التي أمر الله بها الثاني عشر : يؤخذ منه أنه لا بد من تكرير الشهادات ولا يكفي أن يقول أشهد بالله أربع شهادات الثالث عشر :يؤخذ منه أن الرجل يلعن نفسه بأن يقول لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين الرابع عشر :أنه إذا تم لعان الرجل ثنى الحاكم الشرعي بالمرأة الخامس عشر : أن الحاكم الشرعي يعظها قبل إيقاع الشهادات منها ويذكرها ويقول لها إن عذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة السادس عشر :فإن أصرت أمرها أن تشهد على زوجها أربع شهادات إنه لمن الكاذبين السابع عشر : أنها تختم ذلك بقولها والخامسة أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين الثامن عشر: إذا تم اللعان بينهما فرق بينهما وهل التفريق يكون بتمام اللعان أو يكون بتفريق الحاكم ذهب إلى الأول الأئمة الثلاثة والجمهور وذهب إلى الثاني أبو حنيفة وأصحابه التاسع عشر :يسن أن يقال لهما الله يعلم أن أحدكما كاذب فهل منكما تائب كما فعل النبي ﷺ العشرون :أن فراقهما لا يحتاج إلى طلاق على القول الصحيح الحادي والعشرون : أنه لا مهر للرجل عليها فإن كان صادقاً عليها فالمهر بما استحل من فرجها وإن كان كاذباً عليها فهو أبعد له منها . الثاني والعشرون : أنه لا يسقط عن الزوج حد الفرية إلا بتمام اللعان أو اعتراف المرأة . هذه هي المسائل المأخوذة من هذا الحديث ويبقى مسالة الانتفاء من ولدها سيأتي في الحديث القادم إن شاء الله تعالى وبالله التوفيق . -------- تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ. تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 4 ] [ المجلد الرابع ] رابط تحميل الكتاب : http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam4.pdf |
بسم الله الرحمن الرحيم تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي - رحمه الله - [318]الحديث الثاني : عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما أن رجلاً رمى امرأته وانتفى من ولدها في زمن رسول الله ﷺ فأمرهما رسول الله ﷺ فتلاعنا كما قال الله تعالى ثم قضى بالولد للمرأة وفرق بين المتلاعنين . موضوع الحديث : اللعان والانتفاء من الولد المفردات قوله أن رجلاً : يحتمل أنه هلال بن أمية الواقفي المذكور في الحديث الأول إذ أن في بعض ألفاظ ذلك الحديث أنه رماها أي زوجته بشريك بن سحماء وأن النبي ﷺ قال انظروا فإن أتت به كذا فهو للنعت السيء وإن أتت به كذا فهو لهلال بن أمية فأتت به على النعت السيء فجاء في الحديث لولا اللعان لكان لي ولها شأن فمن هذا يؤخذ أن الرجل المذكور هو الذي سبق ذكره في الحديث الأول وكنى عنه هنا قوله وانتفى من ولدها :يعني أنه ليس له فأمرهما رسول الله ﷺ فتلاعنا : تسمية ما يحصل بين الرجل وامرأته ملاعنة تسمية أغلبية أي أنه غُلب اللعن مع أنه في حق الرجل دعاء باللعن وفي حق المرأة دعاء بالغضب المعنى الإجمالي يخبر عبدالله بن عمر رضي الله عنهما أن رجلاً رمى امرأته بالزنا وانتفى من ولدها أي أنه تبرأ منه وقال إنه ليس له فأمرهما رسول الله ﷺ أي أمر الزوجين بالتلاعن على مقتضى كتاب الله عز وجل . فقه الحديث أولاً : يؤخذ من هذا الحديث أن الرجل إذا رمى امرأته بالزنا وقال إنه وجدها على الفاحشة مع رجل آخر فإنه إما يأتي ببينة على ذلك وإلا فإنه يشرع بينهما التلاعن وقد ذكر التلاعن في الحديث الأول وذكرنا هناك ما يقتضيه المقام من الفوائد التي تؤخذ من ذلك الحديث ثانياً : يؤخذ من هذا الحديث أن الرجل إذا رمى امرأته بالزنا وادّعى بأن ابنها ليس له فإنه لا بد أن يلاعنها عليه بأن يشهد أربع شهادات بالله إن هذا الولد ليس له وأن عليه لعنة الله إن كان من الكاذبين وهي تشهد أربع شهادات بالله أن ذلك الولد له والخامسة أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين ثالثاً : أنه إذا تم بينهما التلاعن على نفي الولد انتفى الولد من أبيه والتحق بأمه بحيث ينفصل من أبيه الذي نفاه انفصالاً كاملاً رابعاً : أنه يرث أمه وترثه إن لم يكن له وارث غيرها خامساً : يؤخذ من قول الشارح وقد ترددوا فيما لو كانت بنتاً هل يحل للملاعن تزوجها وقد ذكر الصنعاني في الحاشية بأن بعض الفقهاء قال بأنه يحل له نكاحها وهو قول شاذ لبعض الشافعية قال والأصح قول الجمهور أنها تحرم لأنها ربيبة بالجملة وأقول :إنما ذكره الصنعاني هو الصواب في هذه الصورة لأنها بنت زوجة مدخول بها فهي تحرم من هذه الناحية سادساً : الخلاف مشهور بين أهل العلم في بنت الزنا هل يحل للزاني تزوجها إذا علم أنها بنته وخلقت من مائه لأنها ليست بنتاً شرعية ؟ ذهب الشافعي إلى هذا فيما نقل عنه وأنكر عليه هذا القول والجمهور يقولون بأنه إذا عرف أنها بنته وخلقت من مائه فإنه لا يحل له تزوجها وهذا هو القول الصواب لو ما يكون إلا من باب اتقاء الشبهات سابعاً: يؤخذ من قوله وفرق بين المتلاعنين ربما يؤخذ من ذلك دليل لأبي حنيفة رحمه الله حيث زعم أن اللعان لا يوجب فرقة وإنما تكون الفرقة بتفريق الحاكم والقول الصحيح أن اللعان هو الموجب للفرقة وأنه لا تتم الفرقة إلا بتمام اللعان هذا وعلى هذا فإن تفريق النبي ﷺ بينهما يعد إخبار بالحكم وبيان له وبالله التوفيق . -------- تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ. تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 4 ] [ المجلد الرابع ] رابط تحميل الكتاب : http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam4.pdf |
بسم لله الرحمن الرحيم تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي -رحمه الله- [319]الحديث الثالث : عن أبي هريرة رضي الله عنه قال جاء رجل من بني فزارة إلى النبي ﷺ فقال إن امرأتي ولدت غلاماً أسود فقال النبي ﷺ هل لك إبل ؟ قال نعم قال فما ألوانها ؟ قال حمر قال فهل يكون فيها من أورق قال إن فيها لورقا قال فأنى أتاها ذلك ؟ قال عسى أن يكون نزعه عرق قال : وهذا عسى أن يكون نزعه عرق . موضوع الحديث : التعريض بنفي الولد المفردات جاء رجل من بني فزارة : قال ابن الملقن في كتاب الإعلام بفوائد عمدة الأحكام اسم هذا الرجل ضمضم بن قتادة ذكره عبدالغني في غوامضه قال وفيه وُلِدَ مولود أسود من امرأة من بني عجل ومنه أيضاً وفِدَ عجائز من بني عجل فأخبرن أنه كان للمرأة جدة سوداء بني فزارة : قبيلة من العرب غلاماً اسود : أي أسود اللون هل لك من إبل قال نعم قال فما ألوانها قال حمر قال هل فيها من أورق : أقول أورق هو الجمل أو البعير الذي يكون فيه غبرة وسواد وهو ما يسمى في لغتنا أشعل قال إن فيها لورقاً :يعني أن هذا الوصف موجود فيها بكثرة . قوله فأنى أتاها ذلك : أي أن النبي ﷺ قال له كيف أتاها ذلك حيث أتى مخالف لألوانها قال عسى أن يكون نزعه عرق : يعني أن يكون معه في أصوله شيء على هذا الوصف فأشبهه قال وهذا عسى أن يكون نزعه عرق والعرق : هو الأصل في النسب المعنى الإجمالي أراد رجل من بني فزارة كان قد ولدت امرأته غلاماً أسود فأنكره وهمّ بنفيه فأتى النبي ﷺ مستفتياً فجرى بينهما الحوار الذي ذكر في الحديث فاقتنع الرجل وذهب مقتنعاً بأن ذلك لا يوجب شبهة وهذا من حكمة الشارع الحكيم ﷺ . فقه الحديث أولاً : يؤخذ من هذا الحديث أن التعريض بنفي الولد لا يكون نفياً صريحاً إذا كان بصيغة محتملة وأنه لا يوجب حداً ولا تعزيراً ثانياً : يؤخذ من الحديث أيضاً أن مخالفة الولد لأبيه في اللون لا يوجب نفياً له لأن الله سبحان وتعالى قد أخبر في كتابه بأنه يركب صورة الولد على ما يشاء من الصور لقوله تعالى ( يَا أَيُّهَا الإِنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيم ِ(6) الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَك َ(7) فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَكَ ) [ الانفطار: (6- 8) ] وقد ورد أن الله عز وجل إذا أراد خلق الإنسان في بطن أمه ركبه في أي صورة شاء مما يكون له عرق نسب يوصله إليه وقد جاء في الحديث أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَلامٍ بَلَغَهُ مَقْدَمُ النَّبِيِّ ﷺ الْمَدِينَةَ فَأَتَاهُ يَسْأَلُهُ عَنْ أَشْيَاءَ فَقَالَ إِنِّي سَائِلُكَ عَنْ ثَلاثٍ لا يَعْلَمُهُنَّ إِلا نَبِيٌّ ) .. ومنها ( وَمَا بَالُ الْوَلَدِ يَنْزِعُ إِلَى أَبِيهِ أَوْ إِلَى أُمِّهِ ) … فقال له النبي ﷺ وَأَمَّا الْوَلَدُ فَإِذَا سَبَقَ مَاءُ الرَّجُلِ مَاءَ الْمَرْأَةِ نَزَعَ الْوَلَدَ وَإِذَا سَبَقَ مَاءُ الْمَرْأَةِ مَاءَ الرَّجُلِ نَزَعَتْ الْوَلَدَ …… إلخ الحديث ). ثالثاً : يؤخذ منه حكمة النبي ﷺ في الإقناع وكيف حاور الرجل حتى أقنعه رابعاً : يؤخذ منه أن اختلاف اللون لا يوجب نفياً خامساً: يؤخذ منه دليل لمن قال بالقياس وذلك أنه شبه شيئاً يشئ فدل على صحة القياس أي قياس الشبه ومن تراجم البخاري على هذا الحديث باب من شبه أصلاً معلوماً بأصل مبين -------- تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ. تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 4 ] [ المجلد الرابع ] رابط تحميل الكتاب : http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam4.pdf |
بسم الله الرحمن الرحيم تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي - رحمه الله - [320]الحديث الرابع : عن عائشة رضي الله عنها قالت اختصم سعد بن أبي وقاص وعبد بن زمعة في غلام فقال سعد : يا رسول الله هذا ابن أخي عتبة بن أبي وقاص عهد إليّ أنه ابنه انظر إلى شبهه وقال عبد بن زمعة هذا أخي يا رسول الله ولد على فراش أبي من وليدته فنظر رسول الله ﷺ إلى شبهه فرأى شبهاً بيناً بعتبة فقال : هو لك يا عبد بن زمعة الولد للفراش وللعاهر الحجر واحتجبي منه يا سودة فلم ير سودة قط . موضوع الحديث : الحكم في الولد المتنازع عليه أنه للفراش أما العاهر فليس له إلا الخيبة المفردات اختصم سعد بن أبي وقاص : سعد بن أبي وقاص بن وهيب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب الزهري أبو إسحاق أحد العشرة المشهود لهم بالجنة وهو أول من رمى بسهم في سبيل الله وهو الذي قال له النبي ﷺ هذا خالي فليرني امرؤ خاله أمّره عمر بن الخطاب رضي الله عنهما على فتوح العراق فوقعت في امرته موقعة القادسية وغيرها من المواقع وهو الذي فتح المدائن عاصمة كسرى توفى سنة 55 وهو آخر العشرة وفاتاً . عبد بن زمعة : قرشي عامري وزمعة بفتح الميم وإسكانها وهو الأكثر كان عبداً قرشياً سيداً من سادات الصحابة وهو أخو سودة أم المؤمنين رضي الله عنها لأبيها . عتبة بن أبي وقاص : هو أخو سعد بن أبي وقاص لأبيه اختصم : الخصومة هي التشاجر وأن يدعي كل واحد من الخصمين شيئاً . قوله عهد إليّ أنه ابنه : أي أن سعداً ذكر أن أخاه عتبة عهد إليه بأن ذلك الولد المتنازع فيه هو ابنه أي من السفاح والزنا وقد كان أهل الجاهلية يتخذون الولائد أي الجواري والمملوكات ويفتحون لهن محلات للدعارة من أجل أن يكسبوا من ورائهن مالاً حتى جاء الإسلام ونهى عن ذلك بقوله ( وَلا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا لِتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَنْ يُكْرِهُّنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِنْ بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَحِيمٌ) [ النور : 33 ] فكان من طريقتهم أن هذه الأمة إذا أتاها رجال عدة في طهر واحد فحملت يجمعون لها بعد الولادة ويؤتى بالقائف فيلحقه بمن رأى أنه أشبه به فلما جاء الإسلام منع ذلك عند ذلك أوصى عتبة أخاه سعداً أن ابن وليدة زمعة هو ابنه لذلك اختصما فيه . قوله الولد للفراش : إخبار بالحكم الشرعي وأن الولد ملحق بالفراش سواء كان صاحب الفراش زوجاً أو سيداً قوله وللعاهر الحجر : فُسر بتفسيرين فُسرَ بأن المراد الزاني له الرجم وفُسرَ بأنه له الخيبة وفي رواية له الأثلب والأثلب هو الحجر . المعنى الإجمالي اختصم عبد بن زمعة وسعد بن أبي وقاص في ابن وليدة زمعة وهو المسمى عبدالرحمن اختصما فيه بعد الفتح حيث طالب سعد بن أبي وقاص باستلحاقه لأنه ابن أخيه عتبة وأبى ذلك عبد بن زمعة وقال هو أخي ولد على فراش أبي من وليدته فحكم النبي ﷺ بأن الولد للفراش وللعاهر الحجر . فقه الحديث أولاً : يؤخذ من هذا الحديث جواز تسمية عبد بدون إضافة وقد كان أحد العلماء ينكر ذلك وأنكر اسم عبده ولكن هذا الحديث دليل على أن إنكاره لهذه التسمية إنكار في غير محله . ثانياً : كان الاختصام بين سعد بن أبي وقاص وعبد بن زمعة في غلام ولد من وليدة زمعة فأدلى كل منهما بحجته فسعد بن أبي وقاص ادّعى بأن أخاه أوصى إليه أن ابن وليدة زمعة هو ابنه وادّعى عبد بن زمعة بأنه أخاه ولد على فراش أبيه من وليدته . ثالثاً: يؤخذ منه أن النبي ﷺ حكم في هذا الولد بحكمين متعارضين فحكم بأن الولد للفراش فألحقه بزمعة لأنه ولد من وليدته على فراشه وقال هو لك يا عبد بن زمعة الولد للفراش وهذا الحكم حكم شرعي ثابت إلى يوم القيامة وللعاهر الحجر والمراد بالعاهر الزاني رابعاً :اختلف الأئمة في الحكم بالقيافة هل هو ممكن الآن أو ليس بممكن فحكم بعضهم بإمكانه في الإماء دون الحرائر وهذا قول مالك ومنع ذلك بعضهم خامساً : نقل ابن الملقن عن ابن عبد البر أنه قال في الحديث إشكال فإن الأمة مجتمعة على أن أحداً لا يدعي على أحد إلا بتوكيل ولم يذكر في هذا الحديث توكيل عتبة لأخيه سعد في دعواه ولا توكيل زمعة لابنه عبد بن زمعة في دعواه سادساً : والجواب على هذا القول أن سعداً وعبد بن زمعة كل منهما قد ادّعى عن ميت بالولاية وذلك جائز في حكم الشرع لإقرار النبي ﷺ على ذلك سابعاً : متى تكون الزوجة فراشاً وبأي شيء تكون فالجمهور على أن المرأة لا تكون فراشاً لزوجها بمجرد العقد يتبعه ولدها إلا مع إمكان الوطء والاتصال بينهما وادّعى أبو حنيفة أن الزوجة تكون فراشاً لزوجها بمجرد العقد ولو لم يمكن الاتصال بينهما وهذا القول ضعيف . ثامناً : يؤخذ من هذا الحديث أنه يجوز إعمال الحكم في أمرين متعارضين وبيان ذلك أن النبي ﷺ جعل الولد للفراش وأعمل الشبه فأمر سودة أن تحتجب من ذلك الولد لأن ظاهر الشبه بأنه ليس بأخ لها فأمرها بالاحتجاب منه من باب الاحتياط وإن كان الظاهر أنه أخاها من النسب . تاسعاً : إلحاق ابن الأمة بسيدها يتوقف على اعترافه بوطئها فإن لم يعترف بوطئها ألحق به ليكون عبداً له تابعاً لأمه في العبودية عاشراً : ومن أجل ذلك اُختلف في قول النبي ﷺ هو لك يا عبد بن زمعة هل المراد هو لك أخ أو أن المراد هو لك عبد في كونه مدعياً على الورثة وأن الولد يكون مملوكاً تابعاً لأمه . الحادي عشر : على التقدير الأول يكون فيه دلالة لقول الشافعي وموافقيه في استلحاق النسب وأنه يجوز أن يستلحق الوارث نسباً لمورثه ويشترط أن يمكن كون المستلحق ولداً للميت الثاني عشر : أنه لا يكون الاستلحاق إلا إذا كان المالك قد اعترف بوطء الأمة فإن لم يعترف بوطئها فإنه لا يلحقه أحد منهم الثالث عشر : أن الشبه لا يوجب إلحاقاً ولا نفياً إذا عارض ما هو أقوى منه كما تقدم في الحديث الذي قبل هذا الرابع عشر :يؤخذ منه أن حكم الحاكم بالظاهر لا يحل الشيء في الباطن وذلك أن النبي ﷺ ألحق الولد بالفراش وأمر سودة أن تحتجب منه وهي أخته على مقتضى الإلحاق . -------- تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ. تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 4 ] [ المجلد الرابع ] رابط تحميل الكتاب : http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam4.pdf |
بسم الله الرحمن الرحيم تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي - رحمه الله- [321]الحديث الخامس : عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت إن رسول الله ﷺ دخل عليّ مسروراً تبرق أسارير وجهه فقال ألم ترى أن مجززاً نظر آنفاً إلى زيد بن حارثة وأسامة بن زيد فقال إن بعض هذه الأقدام لمن بعض . وفي لفظ كان مجززاً قائفاً . موضوع الحديث : الاستدلال بالقيافة من قائف معروف فيما يؤيد الأصل الشرعي أو يلحق الولد الناشئ عن وطء محترم بأحد الواطئين المفردات التعريف بالأسماء الواردة فيه زيد بن حارثة الكلبي أخذه قطاع الطرق من أمه واسترقوه وهو يافع فاشتراه حكيم بن حزام وقدم به إلى مكة وكانت قريش يرحلون إلى الشام وإلى اليمن في رحلتي الشتاء والصيف ولما قدم حكيم بن حزام أتته عمته خديجة بنت خويلد مهنئة له بالوصول وكان قد اشترى غلماناً ليتجر فيهم فقال لها خذي غلاماً من هؤلاء الغلمان ليخدمك فأخذت زيد بن حارثة ثم بعد ذلك وهبته لزوجها النبي ﷺ فكان يدعى زيد بن محمد فجاء أبوه وعمه لما سمعوا به ليفادوه فسألوا عن النبي ﷺ فوجدوه في المسجد فقالوا له أنت محمد بن عبدالله بن عبدالمطلب قال نعم فقالوا إن لنا ابناً ظل منا وسمعنا أنه عندك وقد جئنا لفداءه فاطلب الذي تريد من الفداء نعطك إياه فقال النبي ﷺ أو خير من ذلك قالوا ما هو قال أدعوه الآن فإن أراد أن يذهب معكم فهو لكم بدون فداء قالوا رضينا فأرسل النبي ﷺ إليه فجاء فقال له من هؤلاء قال هذا أبي وهذا عمي فقال له النبي ﷺ إن أباك وعمك قالا لي كذا وقلت لهما كذا فإن شئت أن تذهب معهم فاذهب معهم بدون فداء قال لا أريد أن أذهب معهم فقالوا له تفضل الناس على أبيك وأهلك قال نعم لقد عرفت من هذا الرجل ما يجعلني لا أختار عليه أحداً ومن حينها قال النبي ﷺ لمن حضروا المجلس أشهدوا أن زيداً ابني يرثني وأرثه أو كما قال ﷺ فدعي من يومها زيد بن محمد فأعتقه النبي ﷺ وزوجه بمولاته أم أيمن بركة الحبشية وكانت حبشية سوداء فولدت له أسامة بن زيد فكان أسامه بن زيد حب النبي ﷺ وابن حبه خرج أسامة بن زيد أسود مع أن أباه كان أبيض فكانت قريش تطعن في نسبه ولما جاء مجزز ورأى زيد بن حارثة وابنه أسامة بن زيد وقد غطيا رؤوسهما ووجوههما ببرد وأقدامهما بادية مع أن أقدام زيد بيضاء وأقدام أسامة بن زيد سوداء فلما نظر إليها قال إن هذه الأقدام بعضها من بعض فلذلك دخل النبي ﷺ على عائشة مسروراً تبرق أسارير وجهه إذ كان في قول مجزز رد على المشركين الذين يطعنون في نسبه مجزز : بضم الميم وفتح الجيم وكسر الزاي الأولى على زنة مفعل ابن الأعور ابن جعدة ابن معاذ ينتهي نسبه إلى بني مدلج قبيلة من قبائل بني كنانة قيل سمي مجززاً لأنه كان يجز نواصي أسرى الحرب أو لحاهم ويتركهم وكانت بني مدلج مشهورة بالقيافة . المعنى الإجمالي دخل النبي ﷺ على زوجته عائشة مسروراً تبرق أسارير وجهه فتعجبت من الأمر الذي سر له فأخبرها أن مجززاً مر بزيد بن حارثة وأسامة بن زيد وهما متغطيان ببرد وأقدامهما بادية فقال إن هذه الأقدام بعضها لمن بعض وفي ضمن ذلك إقرار للقيافة والعمل بها فقه الحديث يؤخذ من الحديث جواز العمل بالقيافة لإقرار النبي ﷺ لمجزز عليها وفرحه بها وقد ذهب إلى العمل بالقيافة في الشرع الإسلامي الشافعي وفقهاء الحجاز وجماهير العلماء ونفى العمل بها أبو حنيفة وأصحابه والثوري وإسحاق وهناك قول ثالث يفرق بين الإماء والحرائر وهو أنه يعمل به في الإماء و لا يعمل به في الحرائر وهذا هو قول مالك في مشهور مذهبه وعنه رواية كالقول الأول ولا تشرع القيافة إلا في وطء محترم فإذا وطء رجلان امرأة كل منهما وطئه محترم كالبائع والمشتري يطئان الجارية المبيعة في طهر قبل الاستبراء فتأتي بولد لستة أشهر فصاعداً من وطء الثاني ولدون أربع سنين من وطء الأول فإذا كان مثل ذلك فإنه يدعى له القائف فيلحقه بأحد الواطئين وهل يشترط في القيافة العدد كالشهادة أو أنه يكفي قائف واحد لأن النبي ﷺ اعتبر قول مجزز وسر به لكونه أيد الأصل بحيث كان في هذه القيافة دليل على صحة نسب أسامة بن زيد لأبيه . -------- تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ. تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 4 ] [ المجلد الرابع ] رابط تحميل الكتاب : http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam4.pdf |
بسم الله الرحمن الرحيم تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي -رحمه الله - [322]الحديث السادس: عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال ذكر العزل لرسول الله ﷺ فقال ولم يفعل ذلك أحدكم ولم يقل فلا يفعل ذلك أحدكم فإنه ليست نفس مخلوقة إلا الله خالقها موضوع الحديث : حكم العزل هل هو مباح بلا كراهة أو أنه مكروه أو أنه محرم المفردات قوله ولم يفعل ذلك أحدكم : استفهام إنكاري ولم يقل فلا يفعل ذلك أحدكم أي لم يكن ذلك منه نهياً فإنه لو كان نهياً لأخذ منه التحريم قوله فإنه ليست نفس مخلوقة : أي قدر الله خلقها في الأزل إلا الله خالقها يعني أن ما قدر في الأزل وكتب في اللوح المحفوظ فإنه لابد من وقوعه . المعنى الإجمالي يخبر أبو سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه أنه ذكر العزل لرسول الله ﷺ فكأنه أنكر ذلك بقوله ولم يفعل ذلك أحدكم وهذه الصيغة تدل على أن الحذر لا ينفع مع القدر وأنه وإن عزل فإن الله تبارك وتعالى سيحقق ما كتب في اللوح المحفوظ ولهذا قال فإنه ليست نفس مخلوقة أي قدر خلقها إلا الله خالقها وبناء على ذلك فإنه لا ينفع الحذر مع القدر فقه الحديث يؤخذ من هذا الحديث جواز العزل وأن الإنسان إذا جامع زوجته أو سريته وعزل عنها فإن ذلك لا يمنع وقوع شيء قد كتبه الله بل أن ما كتب سيقع رغم أنفه ولهذا فقد اختلف الفقهاء في حكم العزل أي اختلفوا في إباحته أو مع الكراهة أو عدم إباحته فالجمهور ذهبوا إلى كراهيته كراهة تنــزيه جمعاً بين الأحاديث ونقل ابن عبدالبر الإجماع على أنه لا يشرع عن الزوجة الحرة إلا بإذنها لأن الجماع من حقها ولها المطالبة به . أما الأمة فقالوا أنه يجوز له أن يعزل عنها إذا كان المجامع سيدها .أما إذا كانت الأمة زوجة فإنه لا يجوز العزل عنها إلا بإذنها وإذن سيدها أما إذنها فلأن لها الحق في الجماع وأما إذن سيدها فإن السيد له الحق في الولد . إذا فالأمة إذا كانت زوجة فإنه يشترط إذنها وإنما يكون بغير إذنها لو كانت مملوكة للواطئ وقد عورض هذا الحديث بأن النبي _ سئل عن العزل فقال هو الوأد الخفي أخرجه مسلم وبحديث آخر أن اليهود كانت تقول إن العزل هو الموئودة الصغرى فسئل رسول الله _ عن ذلك فقال كذبت اليهود لو أراد الله خلقه لم يستطع رده أخرجه الترمذي والنسائي وصححاه ومن أجل اختلاف هذه الأحاديث فقد اختلف الفقهاء في حكم العزل والمشهور عند جماهيرهم أنه مكروه كراهة تنــزيه لا كراهة تحريم وأنه لا يجوز فعله إلا بإذن الزوجة الحرة وبإذن من سيد الزوجة الأمة (( المملوكة )) وقال بعضهم إن الزوجة الأمة لها الحق في الوطء ولها المطالبة به وقد ذهب ابن حزم في المحلى إلى عدم جواز العزل . ولكن الحديث الآتي دال على جوازه . -------- تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ. تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 4 ] [ المجلد الرابع ] رابط تحميل الكتاب : http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam4.pdf |
بسم الله الرحمن الرحيم تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي -رحمه الله- [323]وهو حديث جابر بن عبدالله رضي الله عنهما قال كنا نعزل والقرآن ينـزل لو كان شيئاً ينهى عنه لنهانا عنه القرآن . وقد ورد في صحيح مسلم أن رجلاً أتى النبي ﷺ فقال إن لي أمة وأنا أطوف عليها وأخاف أن تحمل فقال له رسول الله ﷺ لا عليك ألا تفعل فإنه سيأتيها ما قدر لها فمكث وقتاً ثم جاء إلى النبي ﷺ فقال يا رسول الله إن الأمة التي قلت لك قد حبلت فقال قد قلت لك إنه سيأتيها ما قدر لها ) وجملة هذه الأحاديث تفيد أن العزل مكروه كراهة تنــزيه وأنه لا يجوز أن يفعل مع الزوجة الحرة إلا بإذنها ولامع الزوجة الأمة إلا بإذن سيدها وبالله التوفيق . -------- تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ. تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 4 ] [ المجلد الرابع ] رابط تحميل الكتاب : http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam4.pdf |
بسم الله الرحمن الرحيم تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي -رحمه الله - [324]الحديث الثامن : عن أبي ذر رضي الله عنه أنه سمع رسول الله ﷺ يقول ليس من رجل ادعى لغير أبيه وهو يعلمه إلا كفر ومن ادعى ما ليس له فليس منا وليتبوأ مقعده من النار ومن دعا رجلاً بالكفر أو قال عدوّ الله وليس كذلك إلا حار عليه . كذا عند مسلم وللبخاري نحوه . موضوع الحديث : النهي عن الانتفاء من النسب وادعاء المسلم ما ليس له وأن يرمي رجلاً بالكفر من دون ما يوجبه المفردات قوله إلا كفر : الكفر في أصل اللغة الستر يقال كفرت الريح الآثار أي سترتها وهو ينقسم إلى قسمين كفر دون كفر وهو ما لا يخرج من الملة ومن ذلك الانتفاء من النسب كما في هذا الحديث وكفر يخرج من الملة وسنأتي على ذلك مفصلاً قوله ومن ادعى ما ليس له فليس منا : أي ليس منا في هذا الوصف أو هذا العمل قوله فليتبوأ مقعده من النار : التبوأ هو طول الإقامة في المكان يقال تبوأ مكاناً أي اختاره مكاناً لإقامته الطويلة فكأن قال ليختر له مكاناً من النار فهو لا بد أن يقع فيها قوله ومن دعى رجلاً بالكفر :أي سماه كافراً كفراً مخرجاً من الملة أو قال له عدو الله وليس كذلك إلا حار عليه معنى حار عليه يعني رجع عليه . المعنى الإجمالي يخبر أبو ذر رضي الله تعالى عنه أنه سمع رسول الله ﷺ يقول هذه الخصال الثلاث ليس من رجل ادعى لغير أبيه وهو يعلمه إلا كفر وأن من ادعى ما ليس له فليس من النبي ﷺ وأنه سيتبوأ مقعده من النار وأن من دعى رجلاً بالكفر وليس كذلك فإن قوله سيرجع عليه فقه الحديث أولاً : يؤخذ من هذا الحديث أن الانتفاء من النسب كبيرة من الكبائر العظام فمتى قال الرجل أنه ليس ابن فلان فإنه قد وقع في هذا المأزق ثانياً : أنه لا يكون كذلك إلا إذا ادعى لغير أبيه بأن نسب نفسه إلى غير أبيه الحقيقي وهو يعلم ذلك فإنه يكون قد كفر هذه النعمة ثالثاً : يؤخذ من قوله إلا كفر أن ذلك يكون من الكفر دون الكفر ومعلوم أن انتماء الإنسان إلى أبيه وأسرته وعشيرته نعمة من الله عز وجل خص بها بني آدم حيث يقول جل من قائل (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ[ الحجرات : 13] فمتى كان للعبد أب معروف وأسرة معروفة وعشيرة معروفة كما قال (وَفَصِيلَتِهِ الَّتِي تُؤْوِيهِ وَمَنْ فِي الأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ يُنْجِيهِ ) [ المعارج : 3،4] فمتى أنكر هذا وجحد هذه النعمة فإنه حينئذ قد كفر بها أي جحدها وليس المراد بذلك أنه من الكفر المخرج من الملة وقد ورد هذا في كثير من النصوص الشرعية مثل قوله ﷺ ( سِبَابُ الْمُسْلِمِ فُسُوقٌ وَقِتَالُهُ كُفْرٌ ) ومثل قوله ﷺ ( هَلْ تَدْرُونَ مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ - الليلة - قَالُوا اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ أَصْبَحَ مِنْ عِبَادِي مُؤْمِنٌ بِي وَكَافِرٌ فَأَمَّا مَنْ قَالَ مُطِرْنَا بِفَضْلِ اللَّهِ وَرَحْمَتِهِ فَذَلِكَ مُؤْمِنٌ بِي وَكَافِرٌ بِالْكَوْكَبِ وَأَمَّا مَنْ قَالَ – مطرنا - بِنَوْءِ كَذَا وَكَذَا فَذَلِكَ كَافِرٌ بِي وَمُؤْمِنٌ بِالْكَوْكَبِ ) وكذلك قوله كما في حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله ﷺ اثنتان في الناس هما بهم كفر الطعن في النسب والنياحة على الميت ) وعلى هذا فيمكن أن نقول أن الكفر ينقسم إلى قسمين كفر أصغر وكفر أكبر فالكفر الأصغر هو الذي لا يخرج من الملة مثل ما سبق أن مثلنا له . والكفر الأكبر هو المخرج من الملة كالشرك بالله عز وجل وإنكار البعث بعد الموت أو إنكار نبوة محمد ﷺ فهذا وأمثاله موجب للكفر المخرج من الملة والذي يحبط عمل صاحبه ويكون به كافراً مرتداً ولزاماً انظر نواقض الإسلام العشرة للشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله لتكون على بينة من أمرك . وبالله التوفيق رابعاً : قال الصنعاني رحمه الله نقلاً عن ابن الأثير الكفر على أربعة أنحاء : كفر إنكار بأن لا يعرف الله تعالى ولا يعترف به قلت : وهو كفر الملحدين في هذا الزمان الذين لا يعترفون بوجود الله عز وجل . ثانياً : كفر جحود ككفر إبليس لعنه الله يعرف الله تعالى بقلبه ولا يقر بلسانه قال الصنعاني قلت في هذا تأمل فإن إبليس مقر بالله (قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي ) [ الحجر 39] فهو معترف بربوبية ربه وإنما كفر بتكبره على الله تعالى وعدم امتثاله لأمره جل وعلا فصار كافراً بذلك قال الله عنه (وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ ) [ ص : 74 ] وأقر على نفسه حين قال (إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِي مِنْ قَبْلُ ) [ إبراهيم : 22] ثالثاً : كفر عناد وهو أن يعرف بقلبه ويعترف بلسان ولا يدين به حسداً وبغضاً ككفرأبي جهل وأضرابه . قال الصنعاني قلت ولعل كفر إبليس من هذا أما كفر أبي جهل ونحوه فهو لإنكاره نبوة محمد _ ألا تراهم يقولون ( اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ ) [ الأنفال : 32] ومنه كفر بعض اليهود فإنهم قالوا { نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ }[النساء : 150 ] قال الله فيهم { أُوْلَـئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقّاً }[النساء : 151 ] قال الصنعاني رحمه الله ولا يخفى أن هذا القسم خارج عن الأربعة الأنحاء ثم قال ابن الأثير وكفر نفاق وهو أن يعترف بلسانه ولا يعتقد بقلبه . قلت : وهناك أقسام أخرى لم يذكرها ككفر الاستهزاء بالدين وغير ذلك مما هو مذكور في نواقض الإسلام العشرة . خامساً :يؤخذ من قوله ومن ادعى ما ليس فله فليس منا وليتبوأ مقعد من النار وأقول : إن هذا لا بد أن يقيد بالعلم أن يكون المدعي ما ليس له عالماً بأن هذا الشيء المدعى ليس له ولكنه تجرأ عليه واستهان بالوعيد في ذلك . سادساً : يخرج عن هذا من ادعى بالوكالة وهو ما يسمى بالمسخر كما ذكر ذلك الصنعاني في العدة فإذا ادعى أن هذا الشيء لموكله فإنه لا يدخل في هذا الوعيد سابعاً : قوله فليس منا مصروف عن ظاهره إذ أنه لو أجريناه على ظاهره لخرج المدعى ما ليس له من الإسلام ولكن يؤل قوله فليس منا بأنه ليس من النبي ﷺ في هذه الخصلة ولا يخرج من الإسلام من أجل ذلك . ثامناً : قوله فليتبوأ مقعده من النار هذا فيه وعيد مؤكد لأن حقوق الآخرين مبنية على المشاحة لذلك فإنه يكون مستحقاً للعذاب إلا أن يشاء الله عز وجل العفو عنه . تاسعاً : يؤخذ من قوله ومن دعى رجلاً بالكفر أو قال عدو الله وليس كذلك إلا حار عليه يؤخذ منه تحريم الحكم بالكفر المخرج من الملة إلا بدليل واضح كالشرك بالله أو جحد يوم القيامة أو جحد الجنة أو النار أو هما معاً أو إنكار أمر مجمع عليه كإنكاره فرضية الصلاة أو إنكاره فرضية الزكاة أو إنكار صوم رمضان أو استحلال محرم مجمع عليه كاستحلال الزنا أو الربا أو السرقة إلى غير ذلك من استحلال المحرمات أو السخرية من الشرع . عاشراً :يؤخذ من قوله إلا حار عليه أن من حكم على شخص من المسلمين بالكفر بغير دليل يوجبه فإنه يرجع على القائل لأن معنى حار رجع عليه . وفي المقابل هل يكون من أنكر كفر كافر ولم يحكم عليه بالكفر كاليهودي والنصراني والوثني وغير ذلك هل يكون من لم يكفر هؤلاء كافر ؟ الجواب نعم لأنه كذب الله عز وجل في خبره عنهم بأنهم كفار وقد أخبر الله عز وجل عن اليهود والنصارى أنهم كفار فقال الله عز وجل ( لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلاثَةٍ …) [ المائدة : 73 ] وقال تعالى (لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ) [ المائدة : 78] وقال عز وجل (وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ ) إلى أن قال ( وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا ) [ المائدة : 64] إلى غير ذلك من الآيات فمن تحاشا أن يحكم عليهم بالكفر فهو كافر بهذه الايات التي أنزلها الله عز وجل فيهم وبالله التوفيق -------- تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ. تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 4 ] [ المجلد الرابع ] رابط تحميل الكتاب : http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam4.pdf |
بسم الله الرحمن الرحيم تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي -رحمه الله- كتاب الرضاع الرضاع بكسر الراء على المشهور وحكى الصنعاني الفتح وهي مص الرضيع لثدي أمه أو من ترضعه وسيأتي بيان الرضاعة المحرمة والاختلاف فيها أي في شروط التحريم ، أورد فيه حديث ابن عباس وهو [325]الحديث الأول : عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله ﷺ في بنت حمزة ( لا تحل لي يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب وهي ابنة أخي من الرضاعة ) موضوع الحديث : الرضاع وأنه يحرم به ما يحرم من النسب المعنى الإجمالي عندما قدم النبي ﷺ إلى مكة في عمرة القضية أو في عمرة القضاء فعند خروجهم من مكة لحقتهم بنت حمزة بن عبدالمطلب وهي تنادي يا عم يا عم فاختصم فيها علي بن أبي طالب وجعفر بن أبي طالب وزيد بن حارثة رضي الله عنهم فقال زيد بن حارثة ابنة أخي وقد كان النبي ﷺ آخى بينه وبين حمزة وقال علي بن أبي طالب ابنة عمي وقال جعفر بن أبي طالب ابنة عمي وخالتها تحتي فحكم بها النبي ﷺ لخالتها وهي زوجة جعفر بن أبي طالب وقال إنما الخالة بمنزلة الأم ولما قيل للنبي ﷺ إنا نحدث أنك تريد أن تنكح بنت حمزة قال النبي ﷺ إنها لا تحل لي يحرم من الرضاعة ما يحرم من النسب وهي ابنة أخي من الرضاعة أرضعتني وحمزة ثويبة مولاة أبي لهب . فقه الحديث أولاً : يؤخذ من الحديث ومن قوله يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب قال وهي ابنة أخي من الرضاع ذهب الجمهور إلى أنه يشترط للرضاع المحرم شرطان : الشرط الأول : أن يكون الرضاع خمس رضعات وثانياً : أن يكون في الحولين لكن اختلفوا في الرضعة ما هي ؟ فقال قوم الرضعة المصة وقال قوم أن يقبل على الثدي بنفسه ويتركه بنفسه وقال قوم أن الرضعة بالنسبة للرضيع بمنزلة الوجبة للكبير وهذا القول هو الأولى في نظري بأن يرضع الطفل حتى يشبع لأنها يترتب عليها تحريم وقد قال النبي ﷺ كما في حديث أُمَّ الْفَضْلِ أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ ﷺ قَالَ لا تُحَرِّمُ الرَّضْعَةُ أَوْ الرَّضْعَتَانِ أَوْ الْمَصَّةُ أَوْ الْمَصَّتَانِ وعَنْ أُمِّ الْفَضْلِ أيضاً قَالَتْ دَخَلَ أَعْرَابِيٌّ عَلَى نَبِيِّ اللَّهِ ﷺ وَهُوَ فِي بَيْتِي فَقَالَ يَا نَبِيَّ اللَّهِ إِنِّي كَانَتْ لِي امْرَأَةٌ فَتَزَوَّجْتُ عَلَيْهَا أُخْرَى فَزَعَمَتْ امْرَأَتِي الأُولَى أَنَّهَا أَرْضَعَتْ امْرَأَتِي الْحُدْثَى رَضْعَةً أَوْ رَضْعَتَيْنِ فَقَالَ نَبِيُّ اللَّهِ ﷺ لا تُحَرِّمُ الإِمْلاجَةُ وَالإِمْلاجَتَانِ ) وعن ابْنَ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ لا يُحَرِّمُ مِنْ الرَّضَاعِ إِلا مَا أَنْبَتَ اللَّحْمَ وَأَنْشَزَ الْعَظْمَ ) ورواه مرفوعاً بمعناه أيضاً عند أبي داود (وَقَالَ أَنْشَزَ الْعَظْمَ) ولا يمكن أن ينبت اللحم وينشز العظم إلا بما يكون بمنزلة الوجبة وهو يتصور في كل ساعتين إذ أن الطفل معدته تهضم اللبن الذي فيها في خلال ساعتين وعلى هذا فيتصور أن تكون الخمس الرضعات في يوم أو في يوم وليلة . ثانياً : وقع الخلاف في رضاع الكبير الذي تجاوز الحولين بكثير هل تكون رضاعته محرمة أم ليست بمحرمة وقد ورد في ذلك حديث سهلة بنت سُهَيْلٍ عن النَّبِيَّ ﷺ قَالَتْ إِنَّ سَالِمًا قَدْ بَلَغَ مَا يَبْلُغُ الرِّجَالُ وَعَقَلَ مَا عَقَلُوا وَإِنَّهُ يَدْخُلُ عَلَيْنَا وَإِنِّي أَظُنُّ أَنَّ فِي نَفْسِ أَبِي حُذَيْفَةَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا فَقَالَ لَهَا النَّبِيُّ ﷺ أَرْضِعِيهِ تَحْرُمِي عَلَيْهِ وَيَذْهَبْ الَّذِي فِي نَفْسِ أَبِي حُذَيْفَةَ فَرَجَعَتْ فَقَالَتْ إِنِّي قَدْ أَرْضَعْتُهُ فَذَهَبَ الَّذِي فِي نَفْسِ أَبِي حُذَيْفَةَ ) وفي رواية فَقَالَ لَهَا النَّبِيُّ ﷺ أَرْضِعِيهِ فَأَرْضَعَتْهُ خَمْسَ رَضَعَاتٍ ) وقد اختلف أهل العلم في هذه الرضاعة هل هي خاصة بسهلة وسالم أم هي عامة في كل من احتاج إلى ذلك أو هي عامة بدون قيد فذهب قوم إلى أن رضاعة الكبير لا تؤثر التحريم وأن قصة سهلة بنت سهيل وسالماً مولى أبي حذيفة محمولة على الخصوصية فلا يقاس عليها غيرها وإلى ذلك ذهب أزواج النبي ﷺ ما عدا عائشة رضي الله عنهن وذهب قوم إلى أن رضاع الكبير محرم سواء كان لحاجة أو لغير حاجة وذهب ابن تيمية وأناس معه إلى أن رضاعة الكبير لا تحرم إلا عند الحاجة فإذا كان هناك حاجة أثرت التحريم وإلا فلا فهذا قول وسط بين القولين ثالثاً : اختلفوا في لبن الرضاعة هل يشترط فيه أن يكون ناشئاً عن حمل ووطء وولادة أم لا ؟ فذهب الحنابلة إلى هذا الشرط واشترطوا في اللبن الذي ترضع به المرأة أن يكون ناشئاً عن وطء وحمل وذهب الجمهور إلى عدم التفريق فلو أرضعت المرأة الكبيرة أو المرأة التي لم تتزوج طفلاً رضاعاً محرماً هل يترتب عليه تحريم أم لا ؟ وقد ترجح لي بعد البحث والتأمل مذهب الجمهور وقررت حين كنت أدرس الفقه في المرحلة الثانوية عدم التفريق بين اللبن الناشئ عن حمل وولادة واللبن الذي لا يكون كذلك حيث أن عناصر اللبن واحدة وماهيته واحدة وذلك يقتضي أن المرأة العجوز التي تقدمت عن سن الولادة تقدماً كبيراً والمرأة التي لم تتزوج أن رضاعهما ينشأ عنه التحريم حيث أن عناصر اللبن واحدة وقد سمعت في هذين اليومين القريبين أسئلة قدمت لطبيب من الأطباء الاستشاريين في غذاء الأطفال حيث سألته امرأة طبيبة وأنا أسمع هل هناك فرق بين لبن امرأة جسيمة وامرأة ضعيفة البنية ؟ فقال لا فاللبن واحد بل إن لبن المرأة الجسيمة والنحيفة واحد وقد يكون لبن النحيفة أقوى أما العناصر فهي واحدة أو كلاماً نحو هذا ويعلم الله أني فرحت بهذه الإفادة لأنه تبين لي منها أني أصبت في اختياري هذا والحمد لله وعلى هذا فأقول إنه لا فرق بين لبن نشأ عن حمل وولادة ولبن لم ينشأ عن شيء من ذلك إلا أن هناك ملاحظة وهي ما نشأ عن حمل وولادة ينسب فيه الولد إلى صاحب اللبن فيكون أباً له أما الذي بدون حمل ولا ولادة فلا يكون الزوج الأول أباً للرضيع إذا حصل اللبن بعد فترة من زمن الحمل والولادة رابعاً : اختلفوا في الرضعات المحرمة فذهب قوم إلى أن الرضاع المحرم رضعة واحدة أخذاً من قوله تعالى (وَأُمَّهَاتُكُمُ اللاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ ) [ النساء : 23] وذهب قوم إلى أن الرضعات المحرمة هي ثلاث مستدلين بقوله ﷺ (لا تُحَرِّمُ الرَّضْعَةُ أَوْ الرَّضْعَتَانِ أَوْ الْمَصَّةُ أَوْ الْمَصَّتَانِ ) فأخذوا بمفهوم هذا الحديث وجعلوا الرضاع المحرم ثلاث رضعات وذهب الشافعي وأحمد وجمهرة المحدثين إلى أن الرضاع المحرم هو خمس رضعات مستدلين بحديث عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّهَا قَالَتْ كَانَ فِيمَا أُنْزِلَ مِنْ الْقُرْآنِ عَشْرُ رَضَعَاتٍ مَعْلُومَاتٍ يُحَرِّمْنَ ثُمَّ نُسِخْنَ بِخَمْسٍ مَعْلُومَاتٍ فَتُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَهُنَّ فِيمَا يُقْرَأُ مِنْ الْقُرْآنِ ) فهذا الحديث فيه أن العشر الرضعات نسخت تلاوة وحكماً بعد أن كانت فيها آية تتلى وأنها نسخت بخمس رضعات والخمس أيضاً نسخت تلاوة لا حكماً وهذا نص في أن الرضاع المحرم خمس رضعات وهو نص صريح وصحيح بخلاف المذهبين الأولين فإنهما بنيا على مفهومات . خامساً : يؤخذ من هذا الحديث أن بنت الأخ من الرضاعة وبنت الأخت من الرضاعة أنهن يحرمن لقول النبي ﷺ في ابنة حمزة لا تحل لي يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب وهي ابنة أخي من الرضاعة ) وقوله ﷺ في زينب بنت أبي سلمة أنها لو لم تكن ربيبتي في حجري ما حلت لي إنها لابنة أخي من الرضاعة أرضعتني وأبا سلمة ثويبة ) . وبالله التوفيق . ملحوظة : قال ابن الملقن في كتابة الإعلام بفوائد عمدة الأحكام ثم اعلم أن الأمة مجتمعة على أنه لا يترتب على الرضاع أحكام الأمومة من كل وجه فلا توارث ولا نفقة ولا عتق بالملك ولا عقل (( ولا الولاية في النكاح )) ولا ترد شهادته له ولا يسقط عنها القصاص بقتله وإنما تترتب عليه الحرمة والمحرمية فقط . -------- تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ. تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 4 ] [ المجلد الرابع ] رابط تحميل الكتاب : http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam4.pdf التصفية والتربية TarbiaTasfia@ |
بسم الله الرحمن الرحيم تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي -رحمه الله- [326]الحديث الثاني : عن عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله ﷺ ( إن الرضاعة تحرم ما يحرم من الولادة ) موضوع الحديث : أن الرضاعة تنشر الحرمة كما أنها تنتشر بالنسب فقه الحديث أولاً : يؤخذ من هذا الحديث أن الرضاعة تنشر الحرمة كما تنتشر الحرمة بالنسب وذلك أن الرضيع إذا تغذى بلبن المرضعة خمس مرات وكان ذلك في الحولين أي في الزمن الذي لا يكون للرضيع غذاء غير اللبن فإذا تغذى من لبنها خمس مرات فإنها تكون أمه من الرضاعة لأن شيئاً من جسمه نما على شيء من جسمها فترتب على ذلك المحرمية بينهما . ثانياً : أن الرضاعة المحرمة هي ما كانت في الحولين وهل يتسامح في شيء من الزيادة على الحولين . فبعضهم تسامح في شهرين أو ثلاثة وبعضهم قال إلى ستة أشهر ولعل الأقوى أن الحولين هما الوقت الذي تنتشر فيه حرمة الرضاعة والتسامح يكون في شيء قليل بعدها لقوله تعالى ( وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ ) [ البقرة 233 ] ثالثاً : سبق أن بينا الاختلاف في رضاع الكبير بدليله فلا داعي لإعادته رابعاً : يؤخذ من عموم هذا أن الرضاعة تنتشر من قبل الأب الذي هو صاحب اللبن كما تنتشر من قبل الأم إلا أن اللبن الذي لا يحصل عن حمل وولادة إما لتقدم سن المرضعة وبعدها عن زمن الحمل والولادة وإما لأن المرضعة لم تتزوج أصلاً خامساً : اختلفوا في لبن الفحل فذهب الجمهور إلى أنه ينشر الحرمة واستدلوا على ذلك بحديث عائشة الآتي وهو الحديث الثالث وحديث عائشة أيضاً في صحيح البخاري ولفظه عن عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا زَوْجَ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ كَانَ عِنْدَهَا وَأَنَّهَا سَمِعَتْ صَوْتَ رَجُلٍ يَسْتَأْذِنُ فِي بَيْتِ حَفْصَةَ قَالَتْ عَائِشَةُ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا رَجُلٌ يَسْتَأْذِنُ فِي بَيْتِكَ قَالَتْ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أُرَاهُ فُلانًا لِعَمِّ حَفْصَةَ مِنْ الرَّضَاعَةِ فَقَالَتْ عَائِشَةُ لَوْ كَانَ فُلانٌ حَيًّا لِعَمِّهَا مِنْ الرَّضَاعَةِ دَخَلَ عَلَيَّ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ نَعَمْ إِنَّ الرَّضَاعَةَ تُحَرِّمُ مَا يَحْرُمُ مِنْ الْوِلادَةِ ) . -------- تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ. تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 4 ] [ المجلد الرابع ] رابط تحميل الكتاب : http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam4.pdf |
بسم الله الرحمن الرحيم تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي - رحمه الله - [327]الحديث الثالث في ترتيب كتاب الإعلام بفوائد عمدة الأحكام : عنها قالت ( إن أفلح ـ أخا أبي القعيس ـ أستأذن عليّ بعدما أنزل الحجاب ؟ فقلت : والله لا آذن له حتى أستأذن النبي ﷺ فإن أخا أبي القعيس ليس هو أرضعني ولكن أرضعتني امرأة أبي القعيس فدخل عليّ رسول الله ﷺ فقلت يا رسول الله إن الرجل ليس هو أرضعني ولكن أرضعتني امرأته فقال ائذني له فإنه عمك تربت يمينك ) قال عروة فبذلك كانت عائشة تقول حرموا من الرضاعة ما يحرم من النسب وفي لفظ ( أستأذن عليّ أفلح فلم آذن له فقال أتحتجبين مني وأنا عمك ؟ فقلت كيف ذلك قال أرضعتك امرأة أخي بلبن أخي قالت فسألت رسول الله ﷺ فقال صدق أفلح ائذني له تربت يمينك ) موضوع الحديث : التحريم في الرضاع بلبن الفحل المفردات أفلح : بالفاء وكنيته أبو الجعد الأشعري واسمه وائل بن أفلح كما قاله الدارقطني ، وأبو عمر ذكر ابن الملقن في الإعلام الخلاف في كون أفلح هل هو أبو القعيس أو هو أخو أبي القعيس وقد ورد في بعض الروايات أفلح بن أبي القعيس قال وأصحها ثانيها أي أصحها أفلح أخو أبي القعيس قوله ائذني له فإنه عمك تربت يمينك : قوله تربت يمينك بمعنى افتقرت وهذ هو أصح الأقوال ولكن العرب يدعون على الشخص ولا يريدون وقوع الدعاء به كقوله ثكلتك أمك وما أشبه ذلك . المعنى الإجمالي المعنى الإجمالي لهذا الحديث هو أن أفلح أخا أبي القعيس استأذن على عائشة رضي الله عنها بعدما أنزل الحجاب فأبت أن تأذن له حتى تستأذن زوجها رسول الله ﷺ فلما جاء رسول الله ﷺ إليها سألته وأخبرته بما قال أفلح وبما قالت هي وأنها قالت إنما أرضعتني المرأة ولم يرضعن الرجل فقال النبي ﷺ ائذني له فإنه عمك تربت يمينك . فقه الحديث أولاً :يؤخذ من هذا الحديث أن الواجب على كل أحد أن يستأذن في الدخول حتى ولو كانت صاحبة البيت محرمة عليه أي من محارمه في النسب أو الرضاع ثانياً : أن المرأة لا ينبغي أن تأذن في بيت الرجل الذي هو زوجها إلا بعد أن تستأذنه في ذلك ثالثاً : أن عائشة رضي الله عنها عللت عدم إذنها بأنها ترى عدم وقوع التحريم وذلك بأن اللبن انفصل من المرأة وليس من الرجل لقولها فإن أبا القعيس ليس هو أرضعني وإنما أرضعتني امرأته . رابعاً : قد رد عليها النبي ﷺ هذا المفهوم وبين لها أن التحريم بالرضاع إنما كان بسبب الحمل وأن صاحب اللبن تنتشر من قبله الحرمة وصدق قول أفلح أرضعتك امرأة أخي بلبن أخي فقال النبي ﷺ صدق أفلح ولم يعتبر معارضتها شيئاً يذكر . خامساً : يؤخذ منه التحريم بلبن الفحل وأنه تنتشر من قبله الحرمة فيعتبر صاحب اللبن أباً وأخوه عماً وأخته عمةً وأبوه جداً وأمه جدةً وبهذا قال الجمهور وخالف في ذلك عدد قليل من أهل العلم هم أهل الظاهر وابن علية وابن بنت الشافعي وعامتهم قد قبلوا هذا الحديث وحديث حفصة الذي تقدم سادساً : قال ابن الملقن في كتابه الإعلام بفوائد عمدة الأحكام أن من ادعى رضاعاً وصدقه الرضيع ثبت حكم الرضاع بينهما ولا يحتاج إلى إقامة بينة . وأقول : إن هذا يحتاج إلى بينة ، وقبول النبي ﷺ ليس فيه دلالة أن الرضاع من ادعاه قبل منه والأصل أن كل الأمور تنبني على البينة والاعتراف . سابعاً : أما قوله قلت لعله لم يستفصلها لأنها راوية لحديث (كَانَ فِيمَا أُنْزِلَ مِنْ الْقُرْآنِ عَشْرُ رَضَعَاتٍ مَعْلُومَاتٍ يُحَرِّمْنَ ثُمَّ نُسِخْنَ بِخَمْسٍ مَعْلُومَاتٍ فَتُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَهُنَّ فِيمَا يُقْرَأُ مِنْ الْقُرْآنِ ) وأقول :إن هذا الاستنتاج غير صحيح بل الظاهر أنه قد علم بهذا الرضاع وأنه ثابت لأن علاقة النبي ﷺ بأبي بكر وعلاقة أبي بكر بالنبي ﷺ ثابتة قبل ولادتها وقد كان النبي ﷺ لا يخطئه أن يأتي إلى بيت أبي بكر كل يوم صباحاً ومساءً أو في أحدهما ) فلا بد أن علمه بالرضاع قد حصل . ثامناً : يؤخذ منه جواز الدعاء الذي لم يقصد معناه كقوله هنا تربت يمينك وقوله ﷺ لمعاذ ( ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ يَا مُعَاذُ ) تاسعاً: أن من اشتبه عليه أمر ينبغي له أن يسأل أهل العلم حتى يبينوا له صحة ما هو صحيح فيعمل به عاشراً : فيه جواز ابتدار المستفتي المفتي بالتعليل قبل سماع الفتوى ولعله هو السبب في الدعوة التي دعا بها النبي ﷺ تربت يمينك . الحادي عشر: أن من قال قولاً وافق الحق ينبغي أن يصدق سواء كان قوله مبنياً على علم سابق أو غير ذلك لقوله ﷺ صدق أفلح . الثاني عشر :فيه جواز التسمية بأفلح وأن النهي الوارد في ذلك للكراهة لا للتحريم وبالله التوفيق . -------- تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ. تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 4 ] [ المجلد الرابع ] رابط تحميل الكتاب : http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam4.pdf |
بسم الله الرحمن الرحيم تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي - رحمه الله - [328]الحديث الرابع : وعنها أي عائشة رضي الله عنها قالت دخل عليّ رسول الله ﷺ وعندي رجل فقال يا عائشة من هذا ؟ قلت : أخي من الرضاعة فقال يا عائشة انظرن من إخوانكن ؟ فإنما الرضاعة من المجاعة ) موضوع الحديث : أنه ليس مطلق الرضاع يكون محرماً المفردات انظرن من إخوانكن : أي نظر فحص وتأمل هل الرضاع الذي حصل كان محرماً أم لا ؟ قوله فإنما الرضاعة من المجاعة :يعني إنما الرضاعة المعتبرة والتي يترتب عليها الحرمة هي الرضاعة التي تسد المجاعة وهي ما تكون في الحولين المعنى الإجمالي تخبر عائشة رضي الله عنها أن النبي ﷺ دخل عليها وعندها رجل فقال يا عائشة من هذا فقالت أخي من الرضاعة فقال يا عائشة انظرن من إخوانكن فإنما الرضاعة من المجاعة . فقه الحديث أولاً : يؤخذ من هذا الحديث أن عائشة رضي الله عنها أخبرت بذلك واثقة من أن المؤمنين لا يتطرق إليهم الشك فيها حيث أن الله قد برأها من فوق سبع سموات بل من فوق عرشه فلا يتطرق إليها الشك حيث أنزل براءتها في آيات من أول سورة النور وأن الذين تحملهم الريبة والشك أن يكونوا شاكين في حصانتها التي شهد لها بها القرآن إنما هم مارقون عن الحق مكذبون بالقرآن فسيلقون جزاءهم عند الله تعالى ثانياً :أن النبي ﷺ كره ذلك وتمعر وجهه وغضب فأخبرته أنه أخاها من الرضاعة ثالثاً : أن رسول الله ﷺ صدقها في ذلك ولكنه أرشدها إلى الحق الذي تثبت به الرضاعة فقال لها انظرن من إخوانكن فإنما الرضاعة من المجاعة يعني أن الرضاعة المحرمة ما كانت تسد جوعة الرضيع في حين أنه كان دون الحولين . رابعاً : يؤخذ من هذا الحديث أن الرضاعة المحرمة هي التي تكون قبل الفطام ولذلك فقد قال ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه ( لا رِضَاعَ إِلا مَا شَدَّ الْعَظْمَ وَأَنْبَتَ اللَّحْمَ ) وذلك ما يكون في الحولين خامساً : قد ورد في رضاع الكبير حديث سهلة بنت سهيل وقد تقدم الكلام عليه وأن في اعتباره ثلاثة مذاهب مذهب يرى أنه محرم مطلقاً وآخر يعتبره غير محرم مطلقاً وثالث يعتبره محرم إذا كان لحاجة وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله وهو الحق فيما أرى سادساً : أن الرضاع المحرم هو ما كان في الحولين وقد جاء في حديث رواه الدارقطني بلفظ ( لا رضاع إلا ما كان في الحولين ) ثم قال لم يسنده عن ابن عيينة غير الهيثم بن جميل وهو ثقة حافظ وخالف ابن القطان فأعله بالراوي عن الهيثم وهو أبو الوليد بن برد الأنطاكي وقال لا يعرف وقوله هذا غريب فقد روى عن جماعة ورووا عنه جماعة .وقال النسائي في كناه صالح وفي جامع الترمذي من حديث فاطمة بنت المنذر عن أم سلمة قالت قال رسول الله ﷺ ( لا يحرم من الرضاع إلا ما فتق الأمعاء في الثدي وكان قبل الفطام ) ثم قال هذا حديث حسن صحيح وعزاه ابن حزم إلى النسائي وأعله بالانقطاع بين فاطمة بنت المنذر وأم سلمة . أهـ قلت : في ذلك نظر فإن ابن الملقن قال قلت: إدراكها ممكن لا جرم وخرجه ابن حبان في صحيحه . والرضاع يثبت بوصول اللبن إلى بطن الرضيع سواء كان بطريقة المص للثدي أو كون المرضعة حلبت لبناً من ثديها وشربته به أو سعطته به فالجمهور اشترطوا وصول اللبن إلى بطن الرضيع بأي وسيلة وإنما خالف في ذلك داود الظاهري وقال إن الرضاع لا يكون محرماً إلا إذا إلتقم الرضيع الثدي ومصه وقد سبق الكلام على أحكام الرضاع في الأحاديث الماضية وبالله التوفيق . -------- تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ. تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 4 ] [ المجلد الرابع ] رابط تحميل الكتاب : http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam4.pdf |
بسم الله الرحمن الرحيم تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي - رحمه الله - [330]الحديث السادس : عن البراء بن عازب رضي الله عنه قال خرج رسول الله ﷺ ـ يعني من مكة ـ فتبعتهم ابنة حمزة تنادي يا عم يا عم فتناولها علي فأخذها بيده وقال لفاطمة دونك ابنة عمك فاحتملتها فاختصم فيها علي وجعفر وزيد فقال عليّ أنا أحق بها وهي ابنة عمي وقال جعفر ابنة عمي وخالتها تحتي وقال زيد ابنة أخي فقضى بها رسول الله ﷺ لخالتها وقال الخالة بمنزلة الأم وقال لعلي أنت مني وأنا منك وقال لجعفر أشبهت خلقي وخلقي وقال لزيد أنت أخونا ومولانا )) . موضوع الحديث: تحريم ابنة الأخ من الرضاع المفردات قوله خرج رسول الله ﷺ : يعني من مكة والمقصود أن ذلك في عمرة القضاء فتناولها علي فأخذ بيدها أي رفعها إلى فاطمة دونك ابنة عمك : أي أمسكيها فاختصم فيها علي وزيد وجعفر كل واحد يريد أن تكون حضانتها إليه وأدلى كل واحد منهم بما لديه من حجة فقضى بها : أي النبي ﷺ لخالتها وخالتها أسماء بنت عميس خالتها تحتي :بمعنى أنها زوجته الخالة بمنزلة الأم : أي في الحضانة والشفقة والرحمة بالمحضون لا في الإرث قوله لعلي رضي الله عنه أنت مني : أي بالقرابة والنسب والصهر والمحبة وقال لجعفر : أشبهت خَلقي وخُلقي : الخلق هو ما يرى من خلقه الإنسان والخُلق المقصود به الخصال الحميدة أو الذميمة في الإنسان أنت أخونا ومولانا : أي أخونا في الإسلام ومولانا ولاية عتق المعنى الإجمالي لما ذهب النبي ﷺ لعمرة القضاء في السنة السابعة فلما أراد الخروج من مكة تبعتهم ابنة حمزة تنادي يا عم يا عم وحينئذ اختصم علي وجعفر وزيد كل منهم يريد ضمها إليه أما علي فلكونه ابن عمها وأما جعفر فلكونه أيضاً ابن عمها وخالتها تحته . وأما زيد بن حارثة فلأن النبي ﷺ آخى بينه وبين حمزة عند قدومه المدينة والشاهد من الحديث أن النبي ﷺ قال إنها ابنة أخيه من الرضاعة فقه الحديث أولاً : أن ابنة حمزة كانت عند أمها وأنها تبعت أهلها عند خروجهم لتنضم إليهم ثانياً : أن من لا يستقل بنفسه تجب على قرابته الحضانة سواء كان ذكراً أو أنثى ثالثاً : أن هذه الفتاة قد اختصم ثلاثة كل منهم يريد ضمها إليه وكل منهم أدلى بوجه القرابة التي يطالب بها رابعاً : أن الحضانة يقدم فيها النساء خامساً : أن النبي ﷺ قضى بها لخالتها وقال إنما الخالة بمنزلة الأم سادساً : أن الخالة مقدمة على غيرها في الحضانة لما لها من الشفقة والرحمة سابعاً : أن قوله إنما الخالة بمنزلة الأم ليس على إطلاقه في كل شيء بل يكون ذلك في الشفقة والرحمة والعطف على المحضون ثامناً : أن النبي ﷺ قد طيب قلب كل واحد منهم فقال لعلي أنت مني وأنا منك وقال لجعفر أشبهت خلقي وخلقي وقال لزيد أنت أخونا ومولانا تاسعاً : أن المفتي والداعية ينبغي له أن يطيب نفوس المستفتين وكذلك المعلم بالمتعلمين وكذلك الداعية بالمدعوين والله تعالى يقول ( فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ) [ آل عمران : 159] . عاشراً : أن بيت القصيد في الحديث هو ما يستدل عليه أن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال للنبي ﷺ ( ألا تنكح ابنة حمزة فقال النبي ﷺ إنها لا تحل لي فهي ابنة أخي من الرضاعة ) الحادي عشر: أنه يحرم من الرضاعة ما يحرم من النسب فكما أن ابنة الأخ من النسب تحرم على عمها فكذلك ابنة الأخ من الرضاعة تحرم على عمها وبالله التوفيق . وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم . -------- تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ. تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 4 ] [ المجلد الرابع ] رابط تحميل الكتاب : http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam4.pdf |
Powered by vBulletin®, Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd