![]() |
بسم الله الرحمن الرحيم تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي - رحمه الله - بــاب العـيـديـن العيدين تثنية عيد والعيد هو ما عاد وتكرر فإما أن يعود عليك وإما أن تعود عليه والأعياد الزمانية تعود على الناس كعيد الفطر وعيد الأضحى والجمعة أما الأعياد المكانية فالناس يعودون عليها وهي في الإسلام الأماكن المقدسة كالمسجد الحرام ومنى وعرفة ومزدلفة ورمي الجمار وما أشبه ذلك هذه تعد أعياد مكانية يعود عليها الناس وهي في نفس الوقت أعياد زمانية تعود وتتكرر يعني أن تلك العبادات لا تصح إلا في تلك الأماكن وفي الأزمنة المحددة لها إلا العمرة والطواف بالبيت فهي مكانية فقط وتصح في جميع الأزمة بدون استثناء . [141] الحديث الأول: عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما قال : كان النبي ﷺ وأبو بكر وعمر يصلون العيدين قبل الخطبة . موضوع الحديث: تقديم الصلاة في العيدين قبل الخطبة المفردات كان: فعل ماضي ناقص يدل على الاستمرار وجملة يصلون خبر كان أما اسمها فهو لفظ النبي _ وأبو بكر وعمر . المعنى الإجمالي كان النبي ﷺ يصلي العيدين وكل نافلة تشرع فيها الجماعة كالخسوف والكسوف وصلاة الاستسقاء يصليها قبل الخطبة وقد كانت الجمعة في أول الإسلام كذلك . فقه الحديث أولاً :سبب مشروعية العيدين أن النبي _ قدم المدينة ولأهلها يومان يظهرون فيهما الزينة فأبدلهما الله من تلك اليومين بيومين خير منهما وهما عيد الفطر وعيد الأضحى شرع الله لعباده أن يظهروا فيهما الزينة وأن يذكروه ويكبروه على ما أتم عليهم من النعم ففي الفطر صلاة العيد تشرع شكراً لله على ما أتمه على عباده وأعانهم عليه من إتمام شهر رمضان بصيامه وقيامه وأما عيد الأضحى فقد شرع شكراً لله على ما أتمه على عباده من نعمة الحج والعبادة في عشر ذي الحجة ولهذا قال بعضهم أعيادنا ثــلاثة فاثنــان في سنة فطر وأضحى الثاني وثالث يعتاد أسبـــوعياً خصيصة في ديننـا تهـيــأ فضيلة خص بها نبـيـنا كم أمة عنها أضلت قبـلنــا ولم تكن أعياد لهو وطرب وصرف أوقات بغير مكتسب ثانياً :حكمها أما حكم صلاة العيدين فقد اختلف فيه الفقهاء فذهب الجمهور إلى أنها سنة مؤكدة وذهب بعض أهل العلم إلى أنها فرض عين وممن ذهب إلى وجوبها عيناً أبو حنيفة والأوزاعي والليث ورواية عن مالك .وعن بعض الشافعية أنها فرض كفاية وهو مذهب أحمد ولعل القول بأنها فرض عين أو واجب عيني هو الأقرب لأن النبي ﷺ ( أمر بإخراج الحيض إلى المصلى ) وذلك يدل على أهمية هذه الشعيرة وعناية الإسلام بها . ثالثاً: يؤخذ منه أن صلاة العيدين مشروعة قبل الخطبة والدليل على ذلك استفاضة النقل بأن النبي ﷺ كان يفعلها قبل الخطبة ومن ذلك هذا الحديث . رابعاً : حصل في عهد بني أمية تقديم الخطبة على الصلاة وأنكر عليهم ذلك فلم يرجعوا فقيل أن أول من فعل ذلك معاوية وقيل مروان بن الحكم وقيل زياد في العراق وقيل عثمان بن عفان في أخر عمره لما رأى كثيراً من الناس يأتون بعد الصلاة . والمهم أن هذه السنة تركت زمناً ثم أعيدت في دولة بني العباس والسبب في ذلك أنّ بني أمية جعلوا في صميم الخطبة سب من لا يستحق السب فكان الناس يتركون الخطبة ويذهبون كراهية أن يسمعوا ما يذكر فيها من السب لبعض أفاضل الصحابة ومن أجل ذلك قدموا الخطبة على الصلاة وخالفوا هذه السنة . -------- تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ] [ المجلد الثالث ] رابط تحميل الكتاب : . |
بسم الله الرحمن الرحيم تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي - رحمه الله - [142] الحديث الثاني: عن البراء بن عازب رضي الله عنه قال : خطبنا النبي ﷺ يوم الأضحى بعد الصلاة فقال : ( من صلى صلاتنا ونسك نسكنا فقد أصاب النسك ومن نسك قبل الصلاة فلا نسك له ) قال أبو بردة بن نيار – خال البراء بن عازب – يا رسول الله إني نسكت شاتي قبل الصلاة وعرفت أن اليوم يوم أكل وشرب وأحببت أن تكون شاتي أول ما يذبح في بيتي فذبحت شاتي وتغديت قبل أن آتي الصلاة فقال : (شاتك شاة لحم ) قال : يا رسول الله فإن عندنا عناقاً هي أحب إليّ من شاتين أفتجزي عنّي ؟ قال نعم ولن تجزي عن أحد بعدك ) موضوع الحديث: أن الصلاة قبل الخطبة وأن الذبح لا يصح إلا بعد الصلاة المفردات : يوم الأضحى : المراد به يوم عيد الأضحى ونسك نسكنا : المراد بالنسك هنا الذبيحة التي يتقرب بها إلى الله عز وجل قال تعالى_ قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ _ لا شَرِيكَ لَهُ _ [الأنعام آية 162 – 163] فقرن النسك بالصلاة أي أن المسلم لا يذبح لغير الله كما يفعل المشركون ولا يصلي لغيره ولا يطلب من غيره جلب نفع ولا دفع ضر بل ذلك كله يجعله لله وعلى هذا فلا يدخل فيه ما ذبح للحم أو للبيع ويدخل فيه ما ذبح لإكرام الضيف إحياءً لسنة الضيافة وما أشبه ذلك . قوله فقد أصاب النسك : أي قد أصاب النسك الصحيح قوله فلا نسك له : أي لا ضحية له قوله فذبحت شاتي وتغديت قبل أن آتي الصلاة : يدل هذا اللفظ على أن الأكل الواقع في البكور يسمى غداء لأن هذا الوقت يسمى غدواً كقوله تعالى _ بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ _[ الأعراف : 205 - النور : 36] (ولتسمية صلاة الصبح صلاة الغداة قوله ﷺ شاتك شاة لحم : أي لا شاة نسك . قوله فإن عندنا عناقاً :العناق الأنثى من ولد المعز إذا قويت ولم تبلغ الحول . قوله أفتجزي عني : استفهام طلبي قال النبي ﷺ نعم ولن تجزئ عن أحد بعدك : يعني أنها خصيصة لأبي بردة يعني هذه الرخصة المعنى الإجمالي : تضمن هذا الحديث أن النبي ﷺ صلى بأصحابه عيد الأضحى ثم خطبهم معلنا في خطبته أن من صلى صلاة النبي _ ونسك نسكه فقد أصاب النسك أي فإن ضحيته مجزئة ومقبولة ومن نسك قبل الصلاة أي ذبح قبل الصلاة فلا نسك له وفيه أن النبي ﷺ اعتبر العناق مجزأة عن أبي بردة خصيصة له وأنها لا تجزي عن أحد بعده . فقه الحديث : أولاً: يؤخذ من هذا الحديث مشروعية الخطبة للعيدين ولا خلاف في مشروعيتها فيما أعلم لكن اختلفوا في موضعها والصحيح أنها بعد الصلاة وما فعل في زمن بني أمية لم يكن مبنياً على اجتهاد فقهي وإنما كان مبنياً على هوى فإن كان من فعله صحابي فله من السابقة ما يغفر الله له به ذلك ونحن نعتقد فضل الصحابة وأنهم ليسوا معصومين وإن كان من غيرهم فنسأل الله أن يتجاوز عنا وعنه ولكنه خالف السنة والأدلة على كون الخطبة في العيدين وما شابهها من السنن التي تشرع لها الجماعة بعد الصلاة الأدلة على ذلك متوافرة ومتواترة وإن لم تكن متواترة فهي مستفيضة ومن الأدلة على ذلك حديث ابن عمر السابق وحديث البراء هذا . فقوله خطبنا النبي ﷺ يوم الأضحى بعد الصلاة دليل على ذلك . ثانياً :يؤخذ من هذا الحديث أن من نسك قبل الصلاة أي صلاة العيد فلا نسك له . وقد اختلف أهل العلم هل المراد صلاة المرء نفسه أي المضحي أو صلاة الإمام قال ابن دقيق العيد قوله من نسك قبل الصلاة فلا نسك له يقتضي أن ما ذبح قبل الصلاة لا يقع مجزياً عن الأضحية ولا شك أن الظاهر من اللفظ أن المراد قبل فعل الصلاة فإن إطلاق لفظ الصلاة وإرادة وقتها خلاف الظاهر ومذهب الشافعي اعتبار وقت الصلاة فإذا مضى ذلك دخل وقت الأضحية . قال الصنعاني على قوله ومذهب الشافعي اعتبار وقت الصلاة أقول - يعني الصنعاني – وقال الشافعي وداود وابن المنذر وآخرون يدخل وقتها إذا طلعت الشمس ومضى قدر صلاة العيد وخطبتين فإذا ذبح بعد هذا الوقت أجزأه سواء صلى مع الإمام أم لا وسواء كان من أهل الأمصار أم من أهل القرى والبوادي والمسافرين وسواء ذبح الإمام ضحيته أم لا والعجب أنه لم يذكر دليلاً للشافعية على هذا الاختيار المخالف لظــاهر حديث البراء وحديث جابر أهـ . قال ابن دقيق العيد ومذهب غيره اعتبار فعل الصلاة والخطبتين وقد ذكرنا أنه الظاهر أهـ قلت :من اختار أن قوله وصلى صلاتنا أن المراد بالصلاة هنا فعل المضحي للصلاة قبل أن يضحي من قال بهذا القول فقد جعل صلاة العيد شرطاً في صحة الأضحية من المضحي لأنهم علقوا صحة الأضحية بفعله لصلاة العيد وقد يكون ممن لا تجب عليه صلاة العيد وقد يكون ممن تجب عليه فقصر فيها فهذا القول هو خلاف الظاهر لأن النبي ﷺ قال من صلى صلاتنا ونسك نسكنا فقد أصاب النسك فدل هذا على أن صلاة المضحي ليست شرطاً في صحة أضحيته ولكن مضي وقت الصلاة هو الشرط لصحتها وعلى هذا فمذهب الشافعي عندي وجيه . ثالثاً : يؤخذ من قوله شاتك شاة لحم دليل على إبطال كونها نسكاً وأن المأمورات إذا وقعت على خلاف مقتضى الأمر لم يعذر فيها بالجهل ومثلوا لذلك بحديث ( المسيء في صلاته) حيث أمره النبي ﷺ بإعادتها وكذلك هنا من نحر قبل وقت النحر فنحره باطل غير مجزئ قال ابن دقيق العيد وقد فرقوا في ذلك بين المأمورات والمنهيات فعذروا في المنهيات بالنسيان والجهل واستدلوا على ذلك ( بحديث معاوية بن الحكم حين تكلم في الصلاة فلم يأمره النبي ﷺ بالإعادة) ومثل ذلك أيضاً حديث يعلى بن أمية في (الرجل الذي جاء يسأل عن العمرة وقد لبس جبة وتضمخ بالطيب حيث أمره النبي ﷺ بخلع الجبة وغسل الخلوق ولم يأمره بدم فيما مضى قالوا هذا الفرق بينهما لأن المقصود من المأمورات إقامة مصالحها وذلك لا يحصل إلا بفعلها أما المنهيات فهي مزجور عنها بسبب مفاسدها امتحاناً للمكلف بالانكفاف عنها وذلك إنما يكون بالتعمد لارتكابها ومع النسيان والجهل لم يكن قاصداً مخالفة النهي فعذر فيه بالجهل والنسيان . رابعاً : قوله ولن تجزئ عن أحد بعدك قال ابن دقيق العيد ولن تجزئ أي أن ذلك بفتح التاء بمعنى تقضي يقال جزى عن كذا أي قضى حكاه الصنعاني عن الجوهري وقال بنو تميم يقولون أجزأت عنك شاة بالهمز أهـ . ويجوز أن يكون بضم التاء أي تجزي من أجزأ يجزي قال الزمخشري في أساس البلاغة بنو تميم يقولون البدنة تجزئ عن سبعة وأهل الحجاز يقولون تجزي وبهما قرئ ( لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً ) وقال النووي الرواية بالفتح في جميع الطرق وجوز ابن الأثير وابن بري وغيرهما الوجهين . قوله ولن تجزي عن أحد بعدك فيه تخصيص لأبي بردة في التضحية بالجذعة من المعز وعلى هذا فلا يقاس عليه غيره . وبالله التوفيق . -------- تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ] [ المجلد الثالث ] رابط تحميل الكتاب : . |
بسم الله الرحمن الرحيم تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي - رحمه الله - [143]الحديث الثالث: عن جندب بن عبدالله البجلي رضي الله عنه قال : صلى النبي ﷺ يوم النحر ثم خطب ثم ذبح وقال : ( من ذبح قبل أن يصلي فليذبح أخرى مكانها ومن لم يذبح فليذبح باسم الله ) موضوع الحديث : أن من ذبح قبل الصلاة فإن نسكه باطل وشاته تكون شاة لحم كما في حديث البراء والظاهر أن هذا الحديث يعلق صحة فعل الذبح على فعل الصلاة قبله وهذا قد يكون متعيناً في حق من تجب عليه صلاة العيد أما من لم تجب عليه لسفر أو يكون من أهل البادية فالظاهر أن ذلك يتعلق بفعل الإمام والكلام عن هذه المسألة قد تقدم في الحديث الذي قبل هذا فلا داعي لإعادته مرة أخرى . قد يستدل بصيغة الأمر في قوله فليذبح من يرى أن الأضحية واجبة كالحنفية وقد يقال أنها تتعين بالتعيين سواء كان التعيين بشراء أو بالتنصيص عليها أو غير ذلك وعلى هذا فلا يتمحض الأمر هنا بأنه دال على الوجوب وبالله التوفيق . -------- تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ] [ المجلد الثالث ] رابط تحميل الكتاب : . |
بسم الله الرحمن الرحيم تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي - رحمه الله - [144]الحديث الرابع : عن جابر رضي الله عنه قال : شهدت مع النبي ﷺ يوم العيد فبدأ بالصلاة قبل الخطبة بلا أذان ولا إقامة ثم قام متوكئاً على بلال فأمر بتقوى الله تعالى وحث على طاعته ووعظ الناس وذكرهم ثم مضى حتى أتى النساء فوعظهن وذكرهن وقال : يا معشر النساء تصدقن فإنكن أكثر حطب جهنم فقامت امرأة من سطة النساء سفعاء الخدين فقالت لم يا رسول الله ؟ فقال : لأنكن تكثرن الشكاة وتكفرن العشير قال : فجعلن يتصدقن من حليهن يلقين في ثوب بلال من أقراطهن وخواتيمهن . موضوع الحديث : الصلاة قبل الخطبة المفردات قوله شهدت مع النبي ﷺ يوم العيد قال الصنعاني حذف مفعوله أي الصلاة وصرحت به رواية مسلم بلفظ شهدت الصلاة والمراد بالشهود الحضور والعيد عيد الفطر قوله فبدأ : من البداءة وهو الابتداء في الشيء وتقديمه على غيره متوكئاً : أي مستنداً ومتحاملاً على بلال أي معتمداً عليه قوله وحث : أي حرض وترك مفعوله ليعم قاله الصنعاني ثم مضى : أي مشى حتى أتى النساء قوله فوعظهن :الوعظ هو النصح والتذكير فقامت امرأة قال الصنعاني يختلج في خاطري أنها أسماء بنت يزيد بن السكن المعروفة بخطيبة النساء لأنها روت أصل القصة في حديث آخر أخرجه الطبراني والبيهقي أنها قالت فناديته وكنت جريئة لم يا رسول الله قال لأنكن ….الخ قوله تكثرن الشكاة : أي الشكاية أصلها شكوت فقلبت واوها ألفاً قوله من حليهن :هو ما تتحلى به المرأة من الذهب أو الفضة أو غيرهما قوله من أقراطهن : جمع قرط وهو ما يجعل في الأذن وخواتيمهن : هي ما يجعل في الأصابع المعنى الإجمالي : يخبر جابر بن عبدالله رضي الله عنهما أنه حضر مع النبي ﷺ صلاة العيد فبدأ بالصلاة قبل الخطبة وصلى العيد بلا أذان ولا إقامة وأنه قام للخطبة أي ودخلها متوكئاً على بلال فأمر بتقوى الله وحث على طاعته ووعظ الناس وذكرهم ثم مضى إلى النساء فوعظهن وذكرهن وقال يا معشر النساء تصدقن فإنكن أكثر حطب جهنم فقامت امرأة من سطة النساء أي من وسط النساء سعفاء الخدين والسفع هو اللون المخالف للون الوجه فقالت لم يا رسول الله قال لأنكن تكثرن الشكاة وتكفرن العشير فجعلن يتصدقن من حليهن فقه الحديث : يؤخذ من الحديث مسائل : المسالة الأولى :أن السنة في صلاة العيدين أن يبدأ فيها بالصلاة قبل الخطبتين وقد تقدم بحث هذه المسألة بما فيه الكفاية . المسألة الثانية : أن صلاة العيدين وكذلك جميع الصلوات النوافل التي تشرع فيها الجماعة لا يشرع لها أذان ولا إقامة قال ابن دقيق العيد أما عدم الأذان والإقامة لصلاة العيد فمتفق عليه وكان سببه تخصيص الفرائض بالأذان تمييز لها بذلك وإظهاراً لشرفها المسألة الثالثة : تخصيص النساء بالموعظة دون الرجال إذا أمنت الفتنة المسألة الرابعة :إخباره ﷺ أن النساء حطب جهنم أي أكثر أهل النار المسألة الخامسة :في قوله فقامت امرأة من سطة النساء يحتمل أنه من الوسط المكاني أي وسط ذلك المكان ويحتمل أن المراد بالوسط الخيار ويحتمل أن المراد الوسط السن أي ليست كبيرة و لا صغيرة ولا شابة ولا عجوزاً والمهم أن الوسط يحمل على معاني متعددة . المسألة السادسة : في قوله سعفاء الخدين والسفع هو لون فيه سواد والأسفع والسفعاء من أصاب خده لون يخالف لونه الأصلي وقد استدل بهذه الفقرة من هذا الحديث بعض العلماء على أنه لا يجب ستر الوجه وعضدوا هذا المأخذ للحديث الذي في الحج حين كان (الفضل رديفاً للنبي ﷺ ( فجاءت امرأة تسأل النبي ﷺ فجعل الفضل ينظر إليها وتنظر إليه وقد ذهب الجمهور إلى أن ستر الوجه واجب مستدلين بقوله تعالى (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا) [الأحزاب : 59 ] ومعنى يدنين عليهن من جلابيبهن أي من الإدناء وهو الاستتار وهو الإرخاء بتغطية الوجه بفضل الخمار وبحديث عائشة في الحج (وأنهن كن إذا قابلن الركبان يسدلن خمرهن على وجوههن. ) والذي يظهر لي أن هذا هو القول الحق وفي المسألة خلاف مذكور في كتب الحجاب فليراجع . المسالة السابعة :قوله تصدقن فإني رأيتكن أكثر حطب جهنم هذا إخبار عن مغيب وهو وحي من الله إلى رسوله قال تعالى (وَمَا يَنْطِقُ عَنْ الْهَوَى _ إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى) [النجم : 3-4] وعلى هذا فيجب علينا تصديق ذلك ولما سألت تلك المرأة عن السبب في كونهن أكثر حطب جهنم قال لأنكن تكثرن الشكاة وتكفرن العشير فجعل هذين السببين موجبان لدخول النار وهو كثرة التشكي لأحوالهن وما يعانين في بيوتهن وهذا أمر ملموس في النساء فكونهن يشتكين حالهن يكون في هذه الشكوى تسخط لقضاء الله وقدره وعدم الرضا بما يقضيه الله عز وجل لذلك كان موجباً لسخط الله سبحانه وتعالى . المسألة الثامنة: قوله تكفرن العشير المراد به الزوج وليس يراد بالكفر الكفر المقابل للإسلام ولكن المراد به كفر الجحود وهو كفر دون كفر وبالله التوفيق. المسألة التاسعة :أن الصدقة تخفف وقع العذاب إن حصل وقد ترفعه وأنها سبب في إرضاء الله عز وجل المسألة العاشرة :يؤخذ منه أن للمرأة أن تتصدق من حليها بما لا يضر الزوج أو يخل بالعشرة لها وقد عارض هذا حديث ورد فيه أنه ليس للمرأة أن تتصدق من مالها إلا بإذن زوجها ولكن ترك العمل بذلك الحديث وعمل بهذا لأن لكل عبد راشد التصرف في ماله وبالله التوفيق . ملحوظة : قال ابن دقيق العيد في حاشية العمدة اختلف العلماء في جواز تصدق المرأة من مالها بغير إذن زوجها فقال الجمهور يجوز ولا يتوقف على مقدار معين من ثلث أو غيره واستدلوا بهذا الحديث قالوا فإنه ﷺ لم يسألهن هل أستأذن أزواجهن أم لا وهل هو خارج من الثلث أم لا ولو اختلف الحكم بذلك لسأل وقال مالك لا يجوز الزيادة على ثلث مالها إلا برضاء زوجها والشارح المحقق أشار إلى أنه لا دليل في الحديث على شئ من ذلك ووجه ما قاله أن الذي في الحديث الأمر بمطلق الصدقة والذي وقع به الامتثال إلقاء القرط والخاتم ومعلوم أنه ليس مال المتصدقة كله أهـ قلت : ولم يعلم هل هو الثلث أو أقل أو أكثر ولو كان الأمر يتوقف على التصدق بالثلث لأخبر الشارع _ بذلك وعدم الإخبار من الشارع دليل على عدم التقييد بالثلث . والله الموفق . -------- تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ] [ المجلد الثالث ] رابط تحميل الكتاب : . |
بسم الله الرحمن الرحيم تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي - رحمه الله - [145] الحديث الخامس : عن أم عطية - نسيبه الأنصارية – رضي الله عنها قالت :أمرنا – تعني النبي ﷺ - أن نخرج في العيدين العواتق وذوات الخدور وأمر الحيض أن يعتزلن مصلى المسلمين وفي لفظ : كنا نؤمر أن نخرج يوم العيد حتى نخرج البكر من خدرها وحتى نخرج الحيض فيكبرن بتكبيرهم ويدعون بدعائهم يرجون بركة ذلك اليوم وطهرته . موضوع الحديث : مشروعية خروج النساء لصلاة العيد حتى تخرج الحيض والعواتق وذوات الخدور . المفردات : العواتق : جمع عاتق وهي الجارية حين تدرك أي تقارب البلوغ فيعتقها أهلها من الخدمة خارج المنزل قال ابن دريد هي التي قاربت البلوغ وقال غيره هي ما بين أن تبلغ إلى أن تعنس ما لم تتزوج . ذوات الخدور : أي صاحبات الخدور والخدور جمع خدر وهو الستر الذي يكون في ناحية البيت تجلس فيه البكر .قلت: هذا كان يعمله الناس حين كانت البيوت ضيقة وليس لأهل البيت إلا بيت واحد يجعلون على سرير البكر ستراً حتى لا يشاهدها من حضر إلى البيت . وأمر الحيض أن يعتزلن المصلى : أي يكن على جانب فلا يكن مع المصليات . الحيض : جمع حائض وهي التي تكون في وقت نوبة الحيض . قولها فيكبرن بتكبيرهم : أي الحيض يكبرن بتكبير المصلين ويدعون بدعائهم يرجون بركة ذلك اليوم والبركة هنا المراد بها زيادة الأجر فيه والله تعالى أعلم المعنى الإجمالي : تخبر أم عطية رضي الله عنها أن النبي ﷺ كان يأمر النساء بالخروج إلى مصلى العيد حتى الحيض والعواتق وذوات الخدور يأمرهن بالخروج لذلك على أن يعتزل الحيض المصلى فقه الحديث : يؤخذ من الحديث مشروعية إخراج النساء لصلاة العيد وفي ذلك خلاف بين أهل العلم هل هذه السنة ينبغي استمرارها والعمل عليها أم أن ذلك يكون متوقفاً على أمن الفتنة ومتى لم تؤمن فإن بقائهن في بيوتهن أولى فذهب جماعة إلى أن الخروج حق عليهن وممن ذهب إلى ذلك أم عطية راوية الحديث وذهب جماعة منهم عروة بن الزبير والقاسم بن محمد ويحيى بن سعيد ورواية عن ابن عمر إلى منعهن وقال به الثوري ومالك وأبو يوسف . واختلف فيه قول أبي حنيفة تارة بالجواز وتارة بالمنع وقيد المنع مالك وأبو يوسف بالشابة دون غيرها وقال الشافعي أحب شهود العجائز دون ذوات الهيئات وأنا في الأعياد أشد استحباباً لخروجهن . وأجاب المانع عن الحديث بأن المفسدة كانت مأمونة في ذلك الزمان دون اليوم وأنكر الصنعاني على من قال بأن المفسدة كانت مأمونة في ذلك الزمان فقال هذا غير صحيح إذ كل زمان فيه صالحون وغيرهم وقد وقع في عصر النبوة ما وقع في غيره من ارتكاب فاحشة الزنا والسرقة وغيرهما نعم لا تخرج المرأة إلى الصلاة في ثياب زينة ولا متطيبة متعطرة بل تخرج متبذلة لورود النهي عن ذلك أهـ نقلا عن حاشية الصنعاني بتصرف. قلت: أمن المفسدة في زمان النبي ﷺ وخلفائه الراشدين كان أكثر والاطمئنان إلى أهل ذلك الزمان كان أعظم ولو نسبت المفاسد التي وقعت في زمن النبي ﷺ إلى ما يقع في زمننا لكانت تساوي نسبة ضئيلة جداً فالذين اعترفوا بالزنا بعد أن قارفوه لا يتعدون أصابع اليد الواحدة وكذلك السرقة وذلك في عشر سنين ولو حصر ما يقع من المناكر في زماننا في شهر واحد لزاد على ما وقع في زمن النبي ﷺ وهي العشر السنوات كلها فالقول بأن الفتنة كانت مأمونة في ذلك الزمان قول صحيح فنقول إن ما حصل في ذلك الزمان كان نادراً والنادر لا حكم له والمهم أن أمن الفتنة لا بد أن يكون من الجانبين من جانب النساء فلا يتعدين الشرع في لباسهن ولا في تعاطيهن ما يثير الشهوة كالطيب وما شابهه وأن يتسترن التستر الكامل وأن يجتنبن أماكن كثرة الرجال ومن ناحية الذكور أن يغضوا أبصارهم وألا يتعرضوا للنساء ولا يحبوا الكشف عنهن أو النظر إليهن ولا شك أن ذلك كان متوفراً في زمن النبي صلأى وخلفائه الراشدين من حيث وفرة الإيمان وجدته ومن حيث قلة الكماليات في ذلك العهد أما الآن فقد ضعف الإيمان وكثرت المغريات وكثر المال وحصل من النساء ومن الشباب من الخروج عن الأعراف الشرعية والآداب الإسلامية ما الله به عليم لذلك فإني أرى أن القول بمنع خروجهن في هذا الزمان لهذه العلل هو الأولى فإن وجد في بعض الأماكن توفر الأسباب التي تؤمن معها الفتنة فينبغي لهم أن يعملوا بهذا الحديث والله أعلم . ويؤخذ من الحديث أي من قوله ويعتزل الحيض المصلى يؤخذ منه أن الحيض لا يجوز لهن المكوث في المساجد وأن مصلى العيد يختلف عن المساجد التي يصلى فيها كل يوم وليلة خمس مرات لأن النبي _ أجاز للحيض أن يجلسن في مصلى العيد لكنهن يتميزن عن المصليات والله تعالى أعلم . .-------- تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ. تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ] [ المجلد الثالث ] رابط تحميل الكتاب : . |
بسم الله الرحمن الرحيم تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي - رحمه الله - بـاب صـلاة الكسوف الكسوف لغة : التغير إلى سواد ومنه كسف وجهه وكسفت حاله وكسفت الشمس اسودت وذهب شعاعها ويستعمل قاصراً ومتعدياً وكذلك الخسوف بالخاء المعجمة وهو النقصان قاله الأصمعي أهـ من العدة للصنعاني ويطلق الكسوف والخسوف على كل من الشمس والقمر على القول الأصح وقد وردت بذلك النصوص الشرعية في الكتاب والسنة ومن زعم أن الكسوف يختص بالشمس والخسوف بالقمر أو العكس فإن زعمه هذا لا دليل عليه ويذكر أهل الهيئة أن كسوف الشمس والقمر هي الحيلولة بينهما بالأرض وأن ذلك باعتبار أن القمر يحجب عن الشمس التي يستقي ضوءه من نورها وأن الشمس عندما تنكسف تحول الأرض بينها وبين القمر وهذا كلام فيه نظر فلا نصدقه جميعاً ولا نكذبه جميعاً . فالعلوم الفلكية خاضعة للتجربة وقد تكون صواباً وقد تكون خطأ والعلم عند الله في ذلك ولا شك أن للكسوف والخسوف فوائد من أهمها : إيقاظ أهل الغفلة وتخويف العباد بتغيير هذين الكوكبين العظيمين وأن الله أقدر على غيرهما فالذي حول حالهما من النور إلى الظلمة قادر على أن يحول حال الناس من الرخاء إلى الشدة ومن العافية إلى العذاب والعكس ففي ذلك إيقاظ لأصحاب العقول لعلهم أن ينيبوا ويرتدعوا عن كثير من الأعمال التي تغضب الله عز وجل وقد أشار النبي ﷺ إلى ذلك في الحديث الثاني بقوله إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله يخوف الله بهما عباده وأنهما لا ينكسفان لموت أحد من الناس فإذا رأيتم منها شيئاً فصلوا وادعوا حتى ينكشف ما بكم . قال الصنعاني ذكر ابن حبان في أول كتاب النفقات أن الشمس كسفت في عهد النبي ﷺ مرتين مرة في السنة السادسة ومرة في السنة العاشرة قلت : في ثبوت كسوفها قبل العاشرة نظر فإن الأحاديث المشهورة تدل على أن الكسوف يوم مات إبراهيم عليه السلام أول كسوف وقع في حياته ﷺ قال وأن القمر خسف في جمادى الآخرة من السنة الخامسة فجعلت اليهود تضرب بالطياس ويرمون بالشهب ويقولون سحر القمر … إلخ ما قال وقد أورد في الباب أحاديث . [146] الحديث الأول : عن عائشة رضي الله عنها أن الشمس خسفت على عهد رسول الله ﷺ فبعث منادياً ينادي : الصلاة جامعة فاجتمعوا وتقدم فكبر وصلى أربع ركعات في ركعتين وأربع سجدات . موضوع الحديث: النداء لصلاة الكسوف بلفظ الصلاة جامعة المفردات : الصلاة جامعة يجوز نصبهما على أن الأول منصوب على الإغراء أي احضروا الصلاة والثاني على الحال أي حال كونها جامعة ورفعهما على أنهما مبتدأ وخبر أي الصلاة ذات جماعة. المعنى الإجمالي : تخبر عائشة رضي الله عنها أن الشمس خسفت على عهد النبي ﷺ ولكونها تأتي مفاجئة أرسل النبي ﷺ منادياً يدعو الناس إلى حضورها بقوله الصلاة جامعة وأنهم حضروا وصلى بهم ركعتين في كل ركعة قيامان وركوعان وسجدتان فقه الحديث : أولاً: ذكر ابن دقيق العيد الخلاف في الخسوف والكسوف وإطلاقهما على الشمس والقمر وهل يختص أحدهما بأحد اللفظين أو يطلقان جميعاً عليهما . قلت: قد تقدم أن الأصح إطلاقهما أي اللفظين على الشمس والقمر لأن ذلك ورد في أحاديث تارة بتسميته خسوفاً وتارة بتسميته كسوفاً والذين أطلقوه هم من العرب الذين يعتبر كلامهم لغة . وعلى هذا فإن الصحيح إن شاء الله جواز إطلاق اللفظين على الشمس والقمر وبالله التوفيق. ثانياً :يؤخذ من قوله فبعث منادياً ينادي : أن السنة في الكسوف والخسوف سواء كان في الشمس أو القمر أن ينادى لهما وقد يقول قائل لِمَ لَم يشرع الأذان ولا هذا النداء للعيدين ولا لصلاة الاستسقاء وشرع للكسوف والخسوف فقط ؟ والجواب : أن الكسوف والخسوف يأتيان مفاجأة فلذلك أمرنا بالنداء لهما أما العيد والاستسقاء فإنهما يأتيان على موعد فلا يحتاجان إلى نداء . ثالثاً : أن النداء للكسوف بلفظ الصلاة جامعة وهذا اللفظ يعتبر إعلاماً بحضور الصلاة للكسوف وهو في مقام الأذان بالنسبة للفرائض . رابعاً : الأصح في إعراب الصلاة جامعة وجهان :- الوجه الأول : أن تكون الصلاة منصوبة على الإغراء وجامعة منصوب على الحال أي احضروا الصلاة حال كونها جامعة . الوجه الثاني : أن تكون جملة الصلاة جامعة مبتدأ وخبر فالصلاة مبتدأ وجامعة خبر وذكر الصنعاني وجهاً ثالثاً وهو أن تكون الصلاة منصوبة على الإغراء كما تقدم وجامعة خبر لمبتدأ مقدر والتقدير احضروا الصلاة فهي جامعة والكل جائز فيما أرى خامساً : يؤخذ من قوله فاجتمعوا : امتثال الصحابة وتركهم لأعمالهم وذهابهم إلى المسجد استجابة للنداء ورغبة فيما يقرب من الله وذلك دال على فضيلتهم حتى الصغار الذين كانوا يلعبون كما في حديث سمرة بن جندب أنه كان ينتضل وبعد ذلك ذهب لصلاة الكسوف . سادساً :ذكر ابن دقيق العيد أن صلاة الكسوف سنة مؤكدة بالاتفاق وتعقبه الصنعاني فقال ونقل النووي في شرح مسلم الإجماع على أنها سنة وفيه نظر وقد صرح أبو عوانة في صحيحه بأنها واجبة وفي صلاة التطوع من الحاوي الكبير للماوردي وجه أنها فرض كفاية وبه جزم الخفاف أهـ العدة للصنعاني جـ3/178/179/180 . قلت: القول بأنها سنة مؤكدة بالاتفاق ونقل الإجماع من النووي على ذلك يدل على أنهما لم يعتبرا خلاف المخالف خارقاً للإجماع لا سيما وهو واحد وقد جاء في وقت متأخر بعد انعقاد الإجماع والله أعلم . سابعاً : التفريق في الحكم بين كسوف الشمس وخسوف القمر كما هو قول في مذهب مالك وأصحابه تفريق بلا فارق وإذا كان السبب قد ورد في الشمس فإن الحكم يشملهما أي الشمس والقمر بجامع التغير وإلى هذا ذهب الجمهور والله أعلم . ثامناً : قول ابن دقيق العيد سنتها الاجتماع للحديث المذكور وفائدة هذا هل تسن في الانفراد أو لا تسن محل نظر والذي يظهر من قوله ﷺ فإذا رأيتم شيئاً من ذلك فصلوا وادعوا أنه خطاب للجميع فمن كان بإمكانهم الاجتماع سن لهم ذلك ومن لم يكن بإمكانهم الاجتماع كأن يكون شخص في مكان منفرد فالظاهر أنه يعمل بما أمره به النبي ﷺ إلا أن أئمة المذاهب قد ذهب أكثرهم إلى مشروعية الجماعة في صلاة الكسوف وهم الشافعي ومالك وأحمد وجمهور العلماء . وقال أبو حنيفة وطائفة تفعل فرادى وظاهر هذا القول أنها لا تشرع فيها الجماعة بالكلية وهو قول يناقض الدليل ويخالفه والحق ما ذهب إليه الثلاثة لموافقته الأدلة . والله الموفق . تاسعاً : قوله وقد اختلفت الأحاديث في كيفيتها واختلف العلماء في ذلك فالذي اختاره مالك والشافعي رحمهما الله ما دل عليه حديث عائشة وابن عباس رضي الله عنهما من أنها ركعتان في كل ركعة قيامان وركوعان وسجودان . قال الصنعاني أقول واختار أحمد والليث وأبو ثور وجمهور علماء الحجاز وغيرهم أي أن صلاة الكسوف ركعتان في كل ركعة ركوعان وهذا بناء على أن الأحاديث الصحيحة الواردة في هذا الباب متفقة على ذلك وإن خالفت بعض الأحاديث هذا فقد ذهب البيهقي وابن عبد البر إلى أن الصحيح من هذه الأحاديث هو رواية ركعتان في كل ركعة ر كوعان وما عدا ذلك فهو معلل وضعيف على أن بعض أهل العلم قد ذهب إلى مشروعية الزيادة على ركوعين في كل ركعة . أما الحنفية فقد ذهبوا إلى أن صلاة الكسوف تصلى صلاة عادية وإنّ تعدد الركوع لا يشرع فيها بل زعم بعض أهل هذا المذهب إلى أن النبي ﷺ ما كان يركع بل كان يرفع رأسه لينظر هل انجلت الشمس أم لا ؟ قال ابن دقيق العيد واعتذروا عن الحديث أي حديث عائشة وما في معناه بأن النبي ﷺ كان يرفع رأسه ليختبر حال الشمس هل انجلت أم لا فلما لم يرها انجلت ركع . قال الصنعاني على قوله فلما لم يرها انجلت ركع أي استمر في ركوعه قلت : أي الصنعاني والذي في كتاب معاني الآثار للطحاوي من الأعذار أن النبي ﷺ كان يصلي ركعتين ويسلم ويسأل كما روى ذلك النعمان بن بشير وهذا مردود وإنما هي اعتذارات واهية بل سخيفة يريد أصحابها من وراء ذلك رد النصوص والقول بمذهب الإمام كأن الله أرسل إليهم أبا حنيفة ولم يرسل محمداً ﷺ وهذا أمر يؤسف له أن يصدر من قوم يبحثون العلم وينظرون فيه وعند الله الملتقى. والحق ما ذهب إليه الجمهور أن صلاة الكسوف ركعتان في كل ركعة ركوعان وقيامان وسجدتان وأنه يسن فيها تطويل القراءة وأن تكون القراءة الأولى أطول من التي تليها والتي تليها أطول من التي تليها وهكذا ….. إلخ فإذا رفع من الركوع الأول سن له أن يقرا الفاتحة في القيام الثاني ذكر ذلك الحافظ ابن حجر في الفتح وذكر الإجماع عليه وبالله التوفيق . .-------- تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ. تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ] [ المجلد الثالث ] رابط تحميل الكتاب : . |
بسم الله الرحمن الرحيم تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي -رحمه الله- [147] الحديث الثاني : عن أبي مسعود – عقبة بن عمرو الأنصاري البدري ـ رضي الله عنه قال : قال رسول الله ﷺ : ( إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله يخوف الله بهما عباده وإنهما لا ينكسفان لموت أحد من الناس فإذا رأيتم منها شيئاً فصلوا وادعوا حتى ينكشف ما بكم . موضوع الحديث : الكسوف وما ذا يجب على من رآه المفردات : قوله وإنهما لا ينكسفان : قد تقدم معنى الكسوف والانكساف وفي هذا اللفظ إطلاق لاسم الكسوف عليهما معاً قوله فإذا رأيتم منها شيئاً فصلوا : قوله فصلوا جواب الشرط وجزاءه والشرط هو إذا ورأيتم فعل الشرط وجوابه فصلوا قوله حتى ينكشف ما بكم : أي حتى يزول أمر الآية التي نزلت بكم وما هنا موصولة بمعنى الذي . المعنى الإجمالي : يخبر النبي ﷺ في هذا الحديث أن الشمس والقمر آيتان من آيات الله يخوف الله بهما عباده أي يجعل فيهما من التغير من النور إلى الظلمة ومن البياض إلى السواد ما يكون فيه تخويف للعباد وقد أرشد النبي ﷺ إلى ما يكون فيه استرضاء لله من فعل الصلاة والدعاء والتضرع إلى الله والخوف منه وبالله التوفيق . فقه الحديث : أولاً :يؤخذ من هذا الحديث أن الشمس والقمر لا ينخسفان أو لا ينكسفان لموت أحد من الناس فانتفى بهذه الجملة أمران : الأمر الأول أنه لا علاقة بين إنكساف الشمس والقمر وبين موت أو حياة العظماء كما زعمته الجاهلية الأمر الثاني أن الانكساف ليس إليهما ولا يفعلانه هما أي الشمس والقمر وإنما يفعله الله بهما وفي نفي الأمرين نفي لما كان أهل الجاهلية يتوهمونه ويظنونه والله تعالى أعلم ثانياً :يؤخذ من قوله آيتان من آيات الله يخوف الله بهما عباده أن الانكساف الحاصل من الشمس تارة والقمر تارة أخرى إنما يفعله الله من أجل أن يخوف الله بهما عباده وليس كما يظن أهل الجاهلية ثالثاً :يؤخذ من قوله فإذا رأيتم منها شيئاً فصلوا وادعوا الأمر بالصلاة والدعاء والتضرع عند وجود هذه الآية . رابعاً :قوله فصلوا أمر من الشارع يوضحه فعله ﷺ وذلك أن هذا الأمر يكون امتثاله بإقامة صلاة على الهيئة المخصوصة التي وردت عنه في هذه المناسبة فيكون من العام المراد به الخصوص وهي الصلاة ذات الركوعات التي جاءت عن النبي ﷺ في مثل هذه المناسبة خامساً :وعلى هذا فلا يكون فيه دليل للحنفية القائلين بأن الصلاة المأمور بها هي مطلق الصلاة سادساً :يؤخذ من قوله حتى ينكشف ما بكم أن الأمر بالصلاة الطارئة لطروء هذا الحدث تنتهي بانكشاف الكاسف منهما سواء كان هو الشمس أو القمر سابعاً :إذا علم انكشاف الكسوف وهو في الصلاة أتمها خفيفة على الصفة المشروعة في صلاة الكسوف . .-------- تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ. تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ] [ المجلد الثالث ] رابط تحميل الكتاب : . |
بسم الله الرحمن الرحيم تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي -رحمه الله - [148] الحديث الثالث : عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت : خسفت الشمس على عهد رسول الله ﷺ فصلى رسول الله ﷺ بالناس فأطال القيام ثم ركع فأطال الركوع ثم قام فأطال القيام – وهو دون القيام الأول – ثم ركع فأطال الركوع – وهو دون الركوع الأول ثم سجد فأطال السجود ثم فعل في الركعة الأخرى مثل ما فعل في الركعة الأولى ثم انصرف وقد تجلت الشمس فخطب الناس فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا يخسفان لموت أحد ولا لحياته فإذا رأيتم ذلك فادعوا الله وكبروا وصلوا وتصدقوا ثم قال : يا أمة محمد والله ما من أحد أغير من الله أن يزني عبده أو تزني أمته يا أمة محمد والله لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلاً ولبكيتم كثيراً). وفي لفظ فاستكمل أربع ركعات وأربع سجدات . موضوع الحديث : صفة صلاة الكسوف المفردات على عهد رسول الله : أي في زمنه قوله فأطال القيام وهو دون القيام الأول وكذلك فأطال الركوع وهو دون الركوع الأول هل المراد بالأول أي الأول في الركعة الأولى أو الذي قبل الموصوف والظاهر أن عائشة تقصد أن كل ركن يكون أقل من الذي قبله فالقيام الثاني من الركعة الأولى أقل من القيام الأول فيهما والقيام الأول من الركعة الثانية أقل من القيام الثاني من الركعة الأولى وهكذا . ومعنى قوله انصرف أي سلم تجلت الشمس : أي رجعت إلى عادتها قوله فحمد الله وأثنى عليه : المراد بالثناء المدح الجميل والله هو المستحق للمدح والثناء لما له من الكمالات ولما اسبغه على عباده من النعم قوله والله ما من أحد أغير من الله : يعني أكثر غيرة من الله على محارمه قوله أن يزني عبده أو تزني أمته : الزنا هو الاتصال الجنسي بين الذكر والأنثى بغير حل . المعنى الإجمالي وصفت عائشة رضي الله عنها صلاة النبي _ حين كسفت الشمس بأن النبي _ صلاها بقيامين وقرائتين وركوعين وأن كل ركن أقل من الركن الذي قبله وأن النبي خطب الناس بعد نهاية الصلاة وأنه أمرهم عند تغير هذه الآيات أن يفزعوا إلى الدعاء والصلاة والتكبير والتصدق . فقه الحديث أولاً: يؤخذ من حديث عائشة رضي الله عنها مشروعية تطويل الصلاة في الكسوف ثانياً : يؤخذ منه مشروعية تطويل القيام وتطويل الركوع بعده ثم تطويل القيام الثاني وهو دون القيام الأول ثم تطويل الركوع الثاني وهو دون الركوع الأول ثالثاً : ويؤخذ منه رد على من زعم أن صلاة الكسوف هي مثل سائر الصلوات كالحنفية رابعاً : ويؤخذ منه أن الاعتدال بعد الركوع الثاني وبين السجود لا يطول لأن عائشة رضي الله عنها قالت سجد فأطال السجود وكذلك بين السجدة الأولى والثانية ولعله لم يكن فيه زيادة على ما كان يفعله _ في صلاة الفريضة وقد علم من صلاة النبي _ أنه كان يجعل الأركان قريبة من بعضها إلا القيام للقراءة والتشهد وقد يجعلها سواء أو قريبة من السواء إذا قصر القراءة ولم يطولها ويؤخذ من قولها ثم فعل في الركعة الأخرى مثل ما فعل في الركعة الأولى أي أنه صلاها بقيامين وقراءتين وركوعين وسجودين . خامساً :يؤخذ من حديثها أيضاً مشروعية الخطبة للكسوف خطبة يذكر الخطيب فيها الناس بآيات الله عز وجل وقد اختلف في مشروعيتها .فذكر بعض أهل العلم أن خطبة النبي ﷺ إنما كانت لأعلامهم بأن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا ينخسفان لموت أحد ولا لحياته فكان المقصود منها استئصال الاعتقاد الجاهلي الذي كانوا يعتقدونه والحق إن شاء الله مشروعية الخطبة للكسوف خطبة يذكر فيها الناس بربهم ويحذرهم مغبة المعاصي وهذا هو قول الجمهور . سادساً :و يؤخذ منه من قوله فإذا رأيتم ذلك فادعوا الله وكبروا وصلوا أنه يشرع عند الكسوف الدعاء والتكبير والصلاة والتصدق . سابعاً : ويؤخذ منه أيضاً أن تغير هذه الآيات وانطماسها وذهاب ضوءها يجعله الله عز وجل تخويفاً لعباده يخوفهم به فإن تغير هذه الآيات دليل على قدرة الله عز وجل على تغير الحال الذي يكون فيه العبد إذا عصى الله عز وجل من عافية إلى ابتلاء ومن نعمة إلى عذاب ومن سرور إلى حزن ومن ضحك إلى بكاء فليتدارك العبد نفسه وليذكر الله ربه يذكره في حال العافية حتى يستجيب له عند البلاء ويعفو عنه عند النقم والعذاب ثم قال يا أمة محمد والله ما من أحد أغير من الله أن يزني عبده أو تزني أمته الزنا واحد من الآثام الكبيرة التي توجب غضب الله وقد ذكر بعض أهل العلم المناسبة بين ذكر الزنا والكسوف وأن المناسبة بينهما أن الكسوف يذهب معه ضوء هذه الآية وتذهب منفعتها ويكون العبد في حالة تخوف من الله عز وجل بمفارقة نورها لها بالكسوف وأن الزنا يفارق العبد فيه إيمانه كما تفارق الشمس ضوءها والقمر ضوءه كما جاء في الحديث لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن وجاء أنه يفارقه إيمانه فيكون فوقه كالظلة . سبق أن بينا أن الركوع الثاني يقرأ فيه بالفاتحة وسورة أو سور ولكن يجعل القيام الثاني أقل من القيام الأول . .-------- تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ. تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ] [ المجلد الثالث ] رابط تحميل الكتاب : http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf . |
بسم الله الرحمن الرحيم تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي - رحمه الله - [149] الحديث الرابع : عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال خسفت الشمس على زمان رسول الله ﷺ فقام فزعاً يخشى أن تكون الساعة حتى أتى المسجد فقام فصلى بأطول قيام وركوع وسجود ما رأيته يفعله في صلاته قط ثم قال : إن هذه الآيات التي يرسلها الله عز وجل لا تكون لموت أحد ولا لحياته ولكن الله يرسلها يخوف بها عباده فإذا رأيتم منها شيئاً فافزعوا إلى ذكر الله ودعائه واستغفاره . موضــوع الحـديث : كسوف الشمس وما ينبغي أن يفعله فيه المكلف تأسياً برسول الله ﷺ المفردات فقام فزعاً :أي خائفاً يخشى أن تكون الساعة : أي يخاف أن تكون الساعة حضرت قوله إن هذه الآيات التي يرسلها الله عز وجل : إشارة إلى الكسوف والخسوف وما في معناها وكم لله من آية قد ظهرت في هذا الزمان ولكن من لا يعقلون يربطون تلك الآيات بأسباب طبيعية ويغفلون عن الحكمة التي يريدها الله منها فتارة بالأعاصير وتارة بالفيضانات وتارة بالزلازل وتارة بالبراكين وتارة بالحروب وكل ذلك عقوبات من الله عز وجل وآيات يريها عباده ليتعظوا فليس ببعيد عن الذاكرة البركان الذي ذكر في الفلبين وأنه كان يرمي بالشرر إلى خمسين كيلو في الجو إلى غير ذلك مما هو معلوم لمن تتبع الأخبار في هذه الأزمنة قوله فافزعوا إلى ذكر الله ودعاءه هذا التعبير يدل على أن القيام إلى الذكر يكون بخوف ووجل وخشوع . المعنى الإجمالي في هذا الحديث أخبر أبو موسى الأشعري رضي الله عنه بأن النبي ﷺ لما انخسفت الشمس في زمنه قام فزعاً يخشى أن تكون الساعة وأنه صلاها بأطول قيام وركوع وسجود رآه أبو موسى وأنه خطبهم بما ذكر في هذا الحديث وغيره فقه الحديث فقه الحديث قد تقدم في الأحاديث المتقدمة ولا حاجة إلى إعادته وكل الأحكام التي تتعلق بصلاة الكسوف قد وضحناها فيما سبق ولا داعي لأعادتها . قال ابن دقيق العيد في قوله فافزعوا إلى ذكر الله ودعاءه إشارة إلى المبادرة إلى ما أمر به الشارع وتنبيهاً إلى الالتجاء إلى الله عند المخاوف بالدعاء والاستغفار وإشارة إلى أن الذنوب سبب للبلايا والعقوبات العاجلة وأن الاستغفار والتوبة سبب لمحو الذنوب وإزالتها ويرجى من وراء ذلك زوال المخاوف . وقد ذكر في التأريخ أن أهل المدينة لما خرجت النار من حول المدينة التي جاء الحديث بها تخرج نار بالحجاز تضيء لها أعناق الإبل ببصرى وبصرى بلد قريب من دمشق وأن أهل المدينة اجتمعوا وعطلوا الأعمال ودخلوا المسجد أي مسجد النبي _ فجعلوا يذكرون الله ويدعون ويبكون لكن تلك الآية قد دامت قريباً من شهر وهي ظهرت في عام 556هـ وكانت تذيب الصخور ولا تحرق الشجر والله تعالى أعلم . .-------- تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ. تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ] [ المجلد الثالث ] رابط تحميل الكتاب : http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf . |
بسم الله الرحمن الرحيم تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي - رحمه الله - بـاب الاستسقــاء الاستسقاء في اللغة : طلب سقيا الماء من الغير للنفس أو للغير وشرعاً : طلبه من الله تعالى عند حصول الجدب على هيئة مخصوصة . [150] الحديث الأول : عن عبدالله بن زيد بن عاصم المازني رضي الله عنه قال : خرج النبي ﷺ يستسقي فتوجه إلى القبلة يدعو وحول رداءه ثم صلى ركعتين جهر فيهما بالقراءة . وفي لفظ إلى المصلى . موضوع الحديث: الاستسقاء وما ينبغي أن يفعله فيه الإمام والناس وكيف تصلى صلاته المفردات يستسقي : يطلب السقيا من الله تعالى فتوجه إلى القبلة يدعو: أي استقبلها وجعل يدعو قوله وحول رداءه :الرداء هو ما يجعله الرجل على كتفيه وتحويله قلبه ليكون الظهر بطناً والبطن ظهراً واليمين شمالاً والشمال يميناً قوله ثم صلى ركعتين : مجيئه بثم التي عطف بها الصلاة على الدعاء والتحويل دليل على جواز الدعاء والتحويل قبل الصلاة وإن كان المشهور خلافه قوله جهر فيهما بالقراءة : بمعنى أنه أسمعهم القراءة ولم يسرها المعنى الإجمالي يبتلي الله عز وجل عباده بأنواع من الابتلاء من أجل أن يدعوه وأن يذكروه وإن الابتلاء بالقحط وعدم نزول المطر موجب لأن يتوجه الناس إلى ربهم ويدعونه لكشف ما بهم ويطلبون منه أن يسقيهم الماء الذي يعيشون عليه هم وأنعامهم وكذلك فعل النبي ﷺ حين أجدبت المدينة وما حولها فخرج يستسقي وتوجه إلى القبلة يدعو وحوّل رداءه تفاؤلاً بتحويل الحال ثم صلى ركعتين جهر فيهما بالقراءة فقه الحديث أولاً: يؤخذ من هذا الحديث دليل على استحباب الصلاة للاستسقاء وهو مذهب جمهور الفقهاء وعند أبي حنيفة لا يصلى للاستسقاء ولكن يدعو وخالفه أصحابه فوافقوا الجماعة قال الطحاوي في معاني الآثار بعد أن ساق أحاديث استسقاءه ﷺ بالدعاء ما لفظه ذهب قوم إلى أن سنة الاستسقاء هي الابتهال إلى الله عز وجل والتضرع إليه كما في هذه الآثار وليس في ذلك صلاة وممن ذهب إلى ذلك أبو حنيفة وخالفه في ذلك آخرون منهم أبو يوسف فقال بل السنة في الاستسقاء أن يخرج الإمام بالناس إلى المصلى ويصلي بهم هنالك ركعتين يجهر فيهما بالقراءة ثم يخطب ويحول رداءه فيجعل أعلاه أسفله وأسفله أعلاه ثانياً :ويؤخذ من هذا الحديث أن السنة في الاستسقاء البروز إلى المصلى كما فعل النبي ﷺ وقد علمت أن أبا حنيفة لا يرى الصلاة ولا الخروج لها علماً بأن الأحاديث الصحيحة دالة على ذلك وقد استدل لمذهب أبي حنيفة بأن النبي ﷺ استسقى في خطبة الجمعة ولم يخرج ويرد الجمهور على قائل هذا القول بأن استسقاء النبي ﷺ في خطبة الجمعة وقع مرة ووقع مرة أخرى أو مرات أن النبي ﷺ وعد الناس بالخروج لصلاة الاستسقاء فخرج لها وصلى بالناس . ونفي أبو حنيفة لا يدل على أن الصلاة خلاف السنة بل السنة ثابتة وإن جهلها أبو حنيفة بنقل العدل عن العدل فإذا كان أبو حنيفة قد نفى شيئاً ثبت عن النبي ﷺ من طرق متعددة وبألفاظ صريحة وأسانيد صحيحة أنترك سنة النبي ﷺ لرأي فلان وفلان لا والله فالحق أحق أن يتبع وما كلفنا الله باتباع أحد غير محمد رسول الله ﷺ . ثالثاً : يؤخذ من هذا الحديث استحباب تحويل الرداء وخالف أبو حنيفة في ذلك كما قد سبق وقيل أن سبب التحويل التفاؤل بتغير الحال وقال من احتج لأبي حنيفة إنما قلب رداءه ليكون أثبت على عاتقه عند رفع اليدين في الدعاء أو عرف من طريق الوحي تغير الحال عند تغيير رداءه . وأقول هذه محاماة عن المذهب ورد للدليل وإن هذا لأمر يؤسف له أن يصدر من عالم يريد اتباع شريعة محمد ﷺ فإذا به يتحايل لإبطالها والأخذ بأقوال الرجال نسأل الله أن يرزقنا ثباتاً على الحق وأخذاً به ورفضاً لما سواه وبالله التوفيق . رابعاً : تحويل الرداء هو أن يقلبه الإمام فيجعل اليمين شمالاً والشمال يميناً والبطن ظهراً والظهر بطناً وقد قيل في علة ذلك أنه تفاؤل بتحويل الحال ونقول إن من حق المكلف بل الواجب عليه المتابعة لنبي الهدى ﷺ وقائد الأمة إلى ربها صلوات ربي وسلامه عليه من حقنا نحن المكلفين أو من الحق علينا بالأحرى أن نتبع ما جاء عن النبي ﷺ عرفنا علته أو لم نعرفها فأنت عبد مأمور بالاتباع وربك يقول (اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَلِيلاً مَا تَذَكَّرُونَ) [الأعراف : 3 ] ويقول لنبيه ﷺ ( قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمْ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُـورٌ رَحِيـمٌ) [آل عمران : 31] خامساً : يؤخذ منه مشروعية الدعاء في الاستسقاء وظاهر هذا الحديث أنه يدعو قبل الصلاة وقد ورد في غير هذا الحديث أن الدعاء بعد الصلاة وعلى هذا فنأخذ من هذا الحديث جواز الدعاء قبل الصلاة وبعدها بل وفي أثناء الخطبة فقد علم من خطبة النبي ﷺ في الاستسقاء أنه قال فيها اللهم اسقنا غيثاً مغيثاً هنيئاً مريئاً سحاً غدقاً عاجلاً غير رائث …ألخ ما ذكر وعلى هذا فالاستسقاء كله مقصود للدعاء سواء قبل الصلاة أوفي أثنائها أو في حال الخطبة أو بعد الصلاة كل ذلك جائز إن شاء الله سادساً :يؤخذ من هذا الحديث أن السنة في دعاء الاستسقاء أن يستقبل القبلة وقد ورد في حديث أنس (أن النبي ﷺ دعا وهو في خطبته مستدبراً للقبلة) فدل على أن هذا الاستحباب إنما يكون إذا جعل للاستسقاء صلاة خاصة فالمستحب أن يستقبل القبلة في حال الدعاء . سابعاً : يؤخذ من قوله ثم صلى ركعتين جهر فيهما بالقراءة أن السنة أن يصلي للاستسقاء ركعتين كما تقدم وإلى ذلك ذهب الجمهور خلافاً لأبي حنيفة وأخذاً بالدليل ثامناً : لم يذكر هنا كيف تكون صلاة الركعتين وقد ذكر في حديث ابن عباس أنها كصلاة العيد ولذلك فقد رأى جماعة من أهل العلم أنها تصلى كصلاة العيد بالتكبير في أول كل ركعة وأن يبدأ الخطبة بالتكبير كما يفعل في صلاة العيد . وذهب آخرون إلى أنها تصلى ركعتين بدون تكبير فيها . تاسعاً : قوله جهر فيهما بالقراءة دليل على أن صلاة الاستسقاء يستحب الجهر فيها بالقراءة كسائر الصلوات المسنونة التي تشرع لها الجماعة كالعيدين وغيرها أما ما لم تشرع فيه الجماعة من صلوات النهار فالسنة فيها الإسرار . عاشراً : لم تذكر الخطبة هنا وقد ذكرت الخطبة في غير هذا الحديث وعلى هذا فالقول بسنيتها هو الحق إن شاء الله وقد ذهب إلى ذلك الجمهور . الحادي عشر : أن صلاة الاستسقاء يجوز أن تصلى قبل الخطبة والدعاء أو بعد الخطبة والدعاء أما صلاة العيدين وصلاة الكسوف فيبدأ فيها بالصلاة ولما اختلفت الروايات في صلاة الاستسقاء جاز أن تكون قبل الخطبة أو بعدها هذا والله أعلم . الثاني عشر : يؤخذ من هذا الحديث أيضاً أن التحويل يكون وهو مستقبلاً القبلة مستدبراً للمأمومين ويدعو بعد التحويل سراً ولكن إلى الآن لم أر الدليل على هذا . الثالث عشر : يسن الخروج لصلاة الاستسقاء في ثياب المهنة ولا يتزين لها كما يتزين للعيد ويخرج متبذلاً خاشعاً ذاكراً داعياً هذه هي السنة في صفة الخروج لصلاة الاستسقاء ويكون ذلك بعد طلوع الشمس لقوله في بعض الروايات خرج حين بدأت حاجب الشمس .-------- تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ. تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ] [ المجلد الثالث ] رابط تحميل الكتاب : http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf . |
بسم الله الرحمن الرحيم تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي -رحمه الله - [151] الحديث الثاني: عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رجلاً دخل المسجد يوم الجمعة من باب كان نحو دار القضاء ورسول الله ﷺ قائم يخطب فاستقبل رسول الله ﷺ قائماً ثم قال : يا رسول الله هلكت الأموال وانقطعت السبل فادع الله يغثنا قال : فرفع رسول الله ﷺ يديه ثم قال : اللهم أغثنا اللهم أغثنا قال أنس : فلا والله ما نرى في السماء من سحاب ولا قزعة وما بيننا وبين سلع من بيت ولا دار قال : فطلعت من ورائه سحابة مثل الترس فلما توسطت السماء انتشرت ثم أمطرت قال : فلا والله ما رأينا الشمس سبتاً قال : ثم دخل رجل من ذلك الباب في الجمعة المقبلة ورسول الله ﷺ قائم يخطب فاستقبله قائماً وقال يا رسول الله هلكت الأموال وانقطعت السبل فادع الله أن يمسكها عنا فرفع رسول الله ﷺ يديه ثم قال اللهم حوالينا ولا علينا اللهم على الآكام والظراب وبطون الأودية ومنابت الشجر قال فأقلعت وخرجنا نمشي في الشمس. قال شريك : فسألت أنس بن مالك أهو الرجل الأول ؟ قال لا أدري . موضوع الحديث : الاستسقاء في خطبة الجمعة المفردات أن رجلاً دخل المسجد : لم يعرف من هو قوله نحو دار القضاء : ربما تبادر إلى الفهم أنها كانت دار للقضاة الذين يقضون بين الناس والحقيقة أنها إنما سميت بذلك لأنها بيعت في قضاء دين عمر بن الخطاب الذي كتبه على نفسه وأوصى به ابنه عبدالله وابنته حفصة فكان يقال لها دار قضاء دين عمر ثم اختصروا فقالوا دار القضاء . قوله أن رجلا دخل المسجد ورسول الله قائم يخطب : الواو واو الحال والجملة بعدها حالية أي والحال أن رسول الله ﷺ كان قائماً يخطب . هلكت الأموال : المراد بها الأموال الحيوانية من المركوبات وبهيمة الأنعام قوله وانقطعت السبل : المراد بانقطاعها هنا كناية عن ضعف المركوبات وعدم استطاعتها على السير من أجل المجاعة . فادع الله يغثنا : ورد في يغثنا روايتان رواية بالجزم على أنه جواب الطلب ورواية بالرفع يغيثنا على الاستئناف بمعنى ادع الله أن يغيثنا . قوله فرفع رسول الله ﷺ يديه : الفاء هنا فاء فصيحة والله أعلم وربما قيل أنها سببيه أي بسبب ذلك رفع يديه ثم قال اللهم أغثنا مرتين معنى أغثنا أنزل علينا الغيث قوله ولا قزعة : القزعة السحابة الصغيرة أو السحاب المتقطع والمراد بذلك أن الله أنشأ سحابة في ذلك الحين فلم يخرجوا إلا في المطر . سلع : هو جبل في المدينة في الشمال الغربي منها على طريق الجامعة الإسلامية فطلعت من وراءه سحابة مثل الترس :المراد بالترس هو ما يسمى بالدرقة وهو الذي كانوا يستعملونه ليتقوا به ضرب السيوف أو رد السهام عنهم والمراد أن السحابة طلعت صغيرة ثم انتشرت وفي هذا معجزة للنبي ﷺ قوله فلا والله ما رأينا الشمس سبتاً : المراد به أسبوعاً قوله فادع الله يمسكها عنا : أي أنهم سئموا المطر وأرادوا أن يرفع عنهم لكونه كان أسبوعاً نازلاً عليهم اللهم حوالينا : أي على ما حولنا ولا علينا : يعني ارفع المطر عنا اللهم على الآكام : جمع أكمة وهو المرتفع من التراب . والظراب : جمع ظرب وهي الجبال الصغيرة المنبطحة وبطون الأودية : بطن الوادي هو ما يجري فيه الماء ومنابت الشجر : التي تنفع الناس لمواشيهم قوله فأقلعت : أي انقطع المطر فخرجنا نمشي في الشمس وهذا فيه معجزة للنبي ﷺ المعنى الإجمالي في هذا الحديث أن النبي ﷺ بينما كان يخطب أصحابه في يوم الجمعة إذ أقبل رجل فشكا إليه كثرة القحط وضعف المواشي عن السير وجوع العيال فرفع النبي ﷺ يديه ثم دعا وليس في السماء سحاب فانشأ الله سحابة وانبسطت في السماء فلم يخرجوا إلا في المطر ومكث المطر أسبوعاً وفي الجمعة التي بعدها دخل رجل من ذلك الباب فشكا إليه شدة المطر وتهدم المنازل وانقطاع السبل فدعا النبي ﷺ برفع المطر عن المدينة وإبقائه على ما حولها من بطون الأودية ومنابت الشجر فانجاب السحاب عن المدينة ثم خرجوا يمشون فقه الحديث أولاً :استدل بهذا الحديث على عدم مشروعية الصلاة للاستسقاء كما رأى ذلك أبو حنيفة وقد تقدم الكلام على ذلك وأن كون النبي ﷺ دعا في الخطبة مرة فإنه لا ينفي مشروعية الصلاة للاستسقاء مرة أخرى كما حصل ثانياً : يؤخذ منه مشروعية رفع اليدين في الدعاء . ثالثاً :يؤخذ منه أن مخاطبة الخطيب والكلام عليه جائز بخلاف أن يكلم المأموم غير الخطيب فهذا ممنوع كما جاء في هذا الحديث . رابعاً : يؤخذ منه معجزة للنبي _ حيث استجاب الله دعائه في نفس اللحظة واستمر المطر أسبوعاً كاملاً ثم في الأسبوع الثاني طلب منه الدعاء لرفع المطر عن المدينة فدعا وانجاب السحاب عن المدينة أي تحول منها إلى غيرها . خامساً : أن النبي ﷺ لم يدع بانقطاع المطر بالكلية ولكن دعا بانقطاع المطر عن المدينة وإبقائه على ما حولها فاستجاب الله دعائه في الحال أيضاً سادساً :يؤخذ من هذا الحديث رفع اليدين عند الدعاء وهل هو مشروع في كل دعاء أو خاص بدعاء الاستسقاء فيه خلاف سابعاً : الكلام على ما يتعلق بصلاة الاستسقاء قد تقدم في الحديث قبل هذا وبالله التوفيق . .-------- تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ. تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ] [ المجلد الثالث ] رابط تحميل الكتاب : http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf . |
بسم الله الرحمن الرحيم تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي - رحمه الله - كتــاب الحـــج الحج لغة : القصد وشرعاً : قصد مخصوص إلى محل مخصوص على وجه مخصوص أي قصد الكعبة والمناسك حولها لأداء فريضة الحج أو العمرة في أشهر الحج والعمرة داخلة في اسم الحج فإذا كان الحج هو القصد إلى بيت الله الحرام على وجه مخصوص بأن يتجرد من المخيط ويلبي فإن العمرة داخلة في ذلك بمعنى أن هذا الحد يشملها إلا أن الحج له زمن محدد والعمرة ليس لها زمن محدد بل كل الزمن وقت لها وقد اختلف في وقت فرضية الحج متى كانت على أقوال أرجحها عند الجمهور أنه فرض في سنة ست وقيل بعد ذلك وقد دندن الصنعاني رحمه الله على هذا الموضوع مما يدل أنه يرى أن فرضية الحج كانت متأخرة عن السنة السادسة وأقول : لا تنافي فإذا قلنا بأن الحج فرض في السنة السادسة وكانت مكة في ذلك الوقت تحت سيطرة الكفار فقد امتنع أداء الحج بعد الفرضية مباشرة لعدم تمكن النبي ﷺ من أداء الحج في ذلك الوقت وبعد فتح مكة فقد كانت العرب غيرت بالحج عما شرع الله على لسان إبراهيم عليه السلام فأراد النبي ﷺ أن يطهر البيت من عوائد المشركين فأرسل أبا بكر في السنة التاسعة أميراً على الحج وفيه إشعار بولايته بعده على سبيل الإيماء لا التنصيص ثم أرسل على بن أبي طالب رضي الله عنه لينبذ عهد من له عهد من المشركين وليمنع المشركين من حج بيت الله الحرام وليمنعهم من الطواف بالبيت عراة وكانت من عادة العرب أن الذي يؤدي عن الرئيس أو الملك أو الأمير هو أقرب الناس إليه فأرسل علي بن أبي طالب رضي الله عنه بذلك فلما تطهرت المناسك من المشركين وما أحدثوه وتهيأت الأمور حج النبي ﷺ وأنزل الله عليه بعرفات (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمْ الإِسْلامَ دِينًاْ) [المائدة : 3 ] ولم يعش بعد ذلك إلا بضعة وتسعين يوماً فقط ثم انتقل إلى جوار ربه صلوات الله وسلامه عليه والمهم أن كون فرضية الحج في سنة ست والتنفيذ في سنة عشر لا تنافي بينهما فقد تأخر التنفيذ لعدم إمكانه قبل ذلك لما يوجد من الموانع فلما أزيلت بادر ﷺ إلى الحج . وبالله التوفيق .-------- تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ. تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ] [ المجلد الثالث ] رابط تحميل الكتاب : http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf التصفية والتربية TarbiaTasfia@ . |
بسم الله الرحمن الرحيم تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي - رحمه الله - بــاب المواقيت [210] الحديث الأول : عن عبدالله بن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله ﷺ وقت لأهل المدينة ذا الحليفة ولأهل الشام الجحفة ولأهل نجد قرن المنازل ولأهل اليمن يلملم. هن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن ممن أراد الحج أوالعمرة . ومن كان دون ذلك فمن حيث أنشأ حتى أهل مكة من مكة . موضوع الحديث: المواقيت المكانية المفردات قوله وقت : أي حدد فالتوقيت هو تحديد الشيء بالوقت سواء الوقت المكاني أو الزماني والمراد هنا المواقيت المكانية بالنسبة للحج والعمرة ذا الحليفة : مكان يبعد عن المدينة ستة أميال وهو ما يشتهر باسم أبيار علي قوله الجحفة : مكان قريب من رابغ وسميت الجحفة لأن السيل إجتحف أهلها في بعض الأزمنة وهي مهيعة وأهل العلم يقولون أنها تبعد عن مكة ثلاث مراحل . قال ولأهل نجد قرن المنازل : قرن المنازل ويقال قرن الثعالب جبل ومكان معروف يشتهر اليوم بالسيل أو وادي السيل ويحاذيه وادي محرم لمن يأتي على طريق الهدى ولأهل اليمن يلملم : يلملم واد ينزل من جبال الطائف وبني سعد ويمر غرباً حتى يصب في البحر الأحمر وهل الاسم لهذا الوادي أو لجبل كان فيه في مكان يسمى بالسعدية ولقد بحثنا مع أهل تلك الجهة وسألنا فوجدناهم جميعاً يذكرون أن اسم يلملم هو اسم للوادي وليس للمكان الذي كان معروفاً من قديم الزمان ولقد كان قرر المفتي العام الشيخ عبد العزيز بن باز حفظه الله قرر بأن يحاذى المكان المذكور بما يحاذيه على خط الإسفلت المعبد وخرجت لجنة وقررت مكاناً وعمل فيه مسجد ثم بعد ذلك اقتنع الشيخ حفظه الله بأن الوادي هو الميقات وأمر أن يعمل المسجد جنوبه وفعلاً نفذ هذا وكان بين التحديد الأول والثاني ما يزيد على عشرة كيلوات ذلك لأن الوادي يتعرج بعد السعدية إلى جهة الجنوب ثم يعتدل غرباً وأهل تلك المنطقة يسمون الوادي لملم بدون ياء وأخبرنا كثير منهم أن هذا الاسم لهذا الوادي من ضلوع الطائف كما يقولون إلى البحر . قوله هن لهن : أي هذه المواقيت لأهل تلك الجهات ولقد أنكر ابن دقيق العيد رحمه الله لحوق ضمير المؤنث في لهن وقال الأصل أن يقال هن لهم أي لأهل تلك الجهات قال وقد ورد ذلك في بعض الروايات قلت: وللرواية المشهورة محمل صحيح وهو أن يقال هن ضمير للمواقيت ولهن ضمير للجهات والمراد به أهلها قوله ولمن أتى عليهن من غير أهلهن :أي أن تلك المواقيت لا تختص بأهل تلك الجهات والنواحي فقط بل لو أتى غيرهم عليها لزمه الإحرام منها . قوله ممن أراد الحج أو العمرة : هذا تقييد للإطلاق للحج أو العمرة وأنه لا يلزم الإحرام إلا من أراد النسك . قوله ومن كان دون ذلك : أي دون المواقيت وهو ما يكون بين المواقيت وبين مكة فمن حيث أنشأ :أي فمن حيث خرج في سفره . حتى : الظاهر أنها للغاية أهل مكة : يحرمون من مكة . المعنى الإجمالي لقد يسر الله على عباده فجعل للإحرام مواقيت مكانية وهذا بالنسبة للعمرة لا حد فيه ولا تحديد بزمن أما بالنسبة للحج فهو مقيد أيضاً بالمواقيت الزمانية وهي شوال وذو القعدة وعشر من ذي الحجة وأخبر النبي ﷺ أن هذه المواقيت لأهل تلك الجهات ولمن أتى عليها من غير أهلها ممن يريد الحج والعمرة أما من كان منزله من وراء المواقيت فيما بينها وبين مكة فميقات كل منهم منزله حتى أهل مكة يحرمون من بيوتهم إذا أرادوا الحج أما إن أرادوا العمرة فهم يحرمون من الحل وبالله التوفيق . فقه الحديث أولاً : يؤخذ من هذا الحديث ومن قوله وقت أن الإحرام مرتبط بمواقيت مكانية وهذا بالنسبة للحج والعمرة معاً وهي الأماكن المذكورة ذا الحليفة والجحفة وقرن المنازل ويلملم وذات عرق لأهل العراق وهل وقتها رسول الله ﷺ أو وقتها عمر على خلاف في ذلك ينبني على صحة الحديث المرفوع أو عدم صحته . ثانياً : المواقيت الزمانية وهي مأخوذة من قوله تعالى (الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ) [البقرة : 197]وهي شوال وذو القعدة وذو الحجة أي عشر من ذي الحجة وهذا بالنسبة للحج فلا يصح الإحرام بالحج في غير هذه الأوقات ومن أحرم بالحج فيها ولم يصل إلى مكة إلا في صباح يوم النحر فإنه يتحلل بعمرة وعليه الحج من قابل كما أفتى به أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه لأبي أيوب وهبار بن الأسود ويدخل في التوقيت أوقات زمانية ومكانية وهي يوم عرفة وليلة مزدلفة وأيام منى . ثالثاً : من مر على هذه المواقيت من غير أهلها وهو يقصد الحج أو العمرة لزمه أن يحرم من الميقات الذي مر عليه لقول النبي ﷺ هن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن . رابعاً : من تجاوز الميقات بدون إحرام وهو يريد الحج أوالعمرة فإنه يلزمه واحد من أمرين 1- إما أن يعود إلى الميقات 2- أو يحرم من مكانه وعليه دم . وللأئمة خلاف في هذه المسألة وهذا هو الراجح من أقوالهم الذي تؤيده الأدلة خامساً : يؤخذ من قوله ممن أراد الحج أو العمرة أن من أتى إلى مكة ولم يرد حجاً ولا عمرة فإنه لا يلزمه الإحرام وقد اختلف السلف في الحطابين والحشاشين والفكاهين الذين يدخلون إلى الحرم يومياً من خارجه يأتون ببضائع يبيعونها ثم يعودون إلى منازلهم والقول الصحيح أنه لا يلزمهم إحرام لأنهم لم يقصدوا الحج ولا العمرة وقد علق الشارع ﷺ وجوب الإحرام بإرادة الحج والعمرة . سادساً : يؤخذ من قوله ومن كان دون ذلك فمن حيث أنشأ أن من كان بين المواقيت وبين مكة أن ميقاته منزله هذا إذا كان خارج الحرم سابعاً : يؤخذ من قوله حتى أهل مكة من مكة أن من كان داخل الحرم فميقاته للحج من منزله أما للعمرة فأهل الحرم يحرمون لها من الحل كما أمر النبي ﷺ عائشة حيث قال لأخيها عبد الرحمن أخرج بأختك إلى الحل ودعها تحرم من هناك بعمرة . ثامناً : اختلف أهل العلم في أهل مكة بالنسبة للعمرة هل يحرمون لها من بيوتهم أو من الحل فالجمهور على أنه يجب عليهم أن يحرموا للعمرة من الحل كما سبق بيانه وخالف في ذلك بعض أهل العلم واستدلوا بحديث ابن عباس هذا في قوله حتى أهل مكة من مكة وجعلوه عاماً للحج والعمرة والجمهور يجعلون ذلك للحج أما بالنسبة للعمرة فيجعلون الإحرام لها من الحل ليجمعوا بين الحل والحرم وبالله التوفيق . .-------- تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ. تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ] [ المجلد الثالث ] رابط تحميل الكتاب : http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf . |
بسم الله الرحمن الرحيم تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي -رحمه الله- [211] الحديث الثاني : عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله ﷺ قال : يهل أهل المدينة من ذي الحليفة وأهل الشام من الجحفة وأهل نجد من قرن قال: وبلغني أن رسول الله ﷺ قال ويهل أهل اليمن من يلملم . موضوع الحديث: المواقيت المكانية المفردات قوله يهل أهل المدينة من ذي الحليفة : يهل هنا جملة خبرية عطف عليها ما بعدها أي ويهل أهل الشام من الجحفة ويهل أهل نجد من قرن المنازل ويهل أهل اليمن من يلملم والتعبير بالجملة الخبرية فيما يراد منه الأمر وارد في القرآن كثيراً فمن ذلك قول الله تعالى (وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ) [البقرة : 233] فقوله يرضعن خبر يراد به الأمر أي يجب عليهن أن يرضعن أولادهن وكقوله تعالى (الزَّانِي لا يَنكِحُ إلا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لاَ يَنكِحُهَا إِلاَّ زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ) [النور : 3 ] فقوله لا ينكحها إلا زان أو مشرك خبر يراد به الأمر ولهذا قال الجمهور أن الزاني المحدود لا يجوز أن ينكح العفيفة والزانية المحدودة لا يجوز أن ينكحها العفيف ومنازعة من نازع في هذا كما كتب عنه الصنعاني منازعة في غير محلها ومعنى يهل يلبي بالحج أو العمرة . أما ذي الحليفة والجحفة وقرن المنازل ويلملم فقد تقدم الكلام على هذه في حديث عبدالله بن عباس رضي الله عنهما . المعنى الإجمالي المعنى الإجمالي قد تقدم في حديث عبدالله بن عباس رضي الله عنهما أن الحكمة في وضع هذه المواقيت أنها رحمة من الله لعباده إذ لم يوجب عليهم الإحرام من بيوتهم لأن هذا تكليف بما لا يطاق لو حصل فكلفهم الله بما يطيقون . وأبعد المواقيت عن مكة ميقات ذي الحليفة وربما كان أقربها وادي السيل أو ما يسمى بقرن المنازل وأن الله من رحمته علق الإحرام بإرادة الحج والعمرة وأن من أتى على ميقات ليس ميقاته فإنه يجوز له أن يحرم منه لقوله هن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن ومن كان دون المواقيت فيحرم من مكانه . فقه الحديث قد تقدم فقه هذا الحديث في الذي قبله فلا حاجة للإعادة هنا وبالله التوفيق . .-------- تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ. تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ] [ المجلد الثالث ] رابط تحميل الكتاب : http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf . |
بسم الله الرحمن الرحيم تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي -رحمه الله - باب ما يلبس المحرم من الثياب [212] الحديث الأول : عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما أن رجلاً قال : يا رسول الله ما يلبس المحرم من الثياب ؟ قال رسول الله ﷺ لا يلبس القمص ولا العمائم ولا السراويلات ولا البرانس ولا الخفاف إلا أحد لا يجد نعلين فليلبس الخفين وليقطعهما أسفل من الكعبين ولا يلبس من الثياب شيئاً مسه زعفران أو ورس . وللبخاري ولا تنتقب المرأة ولا تلبس القفازين موضوع الحديث : ما يحرم على المحرم لبسه المفردات ما يلبس المحرم من الثياب :استفهام طلبي فأجاب النبي ﷺ بما لا يلبس المحرم لأنه محصور قوله لا يلبس : يصح أن تكون لا نافية والصيغة صيغة خبر مقصود به الأمر ويصح أن تكون لا ناهية وعلى هذا فيكون يلبس مجزوم ومثل ذلك ما عطف عليه ومثله أيضاً ولا تنتقب المرأة يصح أن تكون لا ناهية ويكون تنتقب فعل مجزوم بلا الناهية ويصح أن تكون لا نافية ويكون الفعل مرفوعاً وهو خبر مقصود به النهي . قوله القمص : جمع قميص وهو ما غطى جميع البدن ما عدا الرأس والحلق والقدمين إذا لم يكن مفرجاً من الأمام فإن كان مفرجاً من الأمام قيل له جبة إذا كانت طويلة وإذا كان قصيراً فهو قباء أو كوت أو مدرعة قوله ولا العمائم : العمائم جمع عمامة وهو ما لفّ على الرأس لفات ولم يكن مخيطاً قوله ولا السراويلات : جمع سراويل ويذكر ويؤنث لأنه اسم أعجمي إلى أن قال ومن النحويين من لا يصرفه في النكرة ويزعم أنه جمع سروال وسروالة أهـ من مختار الصحاح والسراويل هو ما غطى نصف البدن الأسفل بأن يكون له كمان فإن كان بدون أكمام قيل له فوطة . قوله برانس : جمع برنس وهو ثوب رأسه منه قوله ولا الخفاف : جمع خف وهو ما غطى الكعبين الورس والزعفران : هما نبتان لكل واحد منهما لون ورائحة لا تنتقب المرأة : النقاب هو ما غطى الوجه وهو كل ما نسج أو خيط مقصوداً به تغطية الوجه خاصة وفيه فتحات للعينين والفم والأنف . قوله ولا تلبس القفازين : القفازان تثنية قفاز وهي شراب الكفين سواء غطيت بمحشو أو بغير محشو المعنى الإجمالي سأل رجل رسول الله ﷺ عما يلبس المحرم فأجابه صلوات الله وسلامه عليه بما لا يلبس المحرم باعتبار أن الممنوع محصور والمباح غير محصور وكان في هذا الجواب غاية الإيجاز والحكمة ممن أوتي جوامع الكلم ﷺ فقه الحديث يؤخذ من هذا الحديث عدة مسائل أولاً : أنه يجوز للمفتي أن يعدل في الجواب عن السؤال المطروح ويجيب عمّا يرى فيه المصلحة إذا كان متضمناً لها أحسن من السؤال المطروح فقد سئل النبي ﷺ عما يلبس المحرم من الثياب فأجاب النبي ﷺ بما لا يلبس من الثياب ثانياً : كان عدول النبي ﷺ عن صريح السؤال إلى عكسه لأن صريح السؤال عن شيء غير محصور فأجاب بما تتضمن المصلحة للسائل وللمكلفين معاً وهو الإفادة بما لا يلبس المحرم . ثالثاً : قال ابن دقيق العيد اتفقوا على المنع من لبس ما ذكر في الحديث أي ما هو مصرح به والخلاف فيما يقاس على ذلك كما أشار إليه بقوله والفقهاء القياسيون عدّوه إلى ما رأوه في معناه رابعاً : نبه بالقميص على كل ثوب مخيط محيط بالبدن كله أو معظمه فيؤخذ منه تحريم الفنايل المنسوجة التي تغطي بعض البدن محيطةً به ولو كانت غير مخيطة إذاً فكل ما أحاط بعضو أو بالبدن أجمع أو ببعض البدن فهو محرم في حال الإحرام فكل ما أحاط بعضو أو بالبدن منسوجاً أو مخيطاً فهو ممنوع في حال الإحرام . خامساً : نبه بالعمائم على كل ما غطى الرأس سواءً كان مخيطاً أو غير مخيط أو منسوجاً أو غير منسوج فالرأس لا تجوز تغطيته لا بالكوفية ولا بالطاقية ولا بالعمامة ولا بالطربوش ولا بغير ذلك . سادساً : المقصود من النهي كل ما لبس وهي ما ذكر أما ما رفع على الرأس للحمل ولو كان ملامساً له فإنه غير ممنوع فيجوز للحاج أن يحمل متاعه (عفشه) على رأسه وما لم يلامسه مما قصد به التظليل على الرأس فهو جائز لأن النبي ﷺ خطب وأسامة بن زيد وبلال كانا يظلانه بثوب مرفوع فوق رأسه من الشمس فيؤخذ من هذا أن ما لم يلامس الرأس مما قصد به الاستظلال كالمظلة وسقف السيارة فإن ذلك جائز سابعاً : نبه بقوله والسراويلات على كل مخيط أحاط ببعض البدن فما يسمى بالدكة أو الفوطة مما هو مخيط ومحيط فإنه ممنوع في حال الإحرام . ثامناً : ويؤخذ منه منع البرانس وما في معناها من الأثواب التي يكون غطاء الرأس منها تاسعاً : يؤخذ من قوله ولا الخفاف تحريم ومنع ما غطى القدمين من الخفاف والجوارب والجراميق وغير ذلك إلا ما كان منها أسفل من الكعبين فهذا لا يكون له حكم الخف ولكن له حكم النعل . عاشراً : قوله إلا أحد لا يجد نعلين فليلبس الخفين وليقطعهما أسفل من الكعبين اختلف أهل العلم في هذه المسالة هل يجب القطع لمن لم يجد النعلين هل يجب قطع الخفين كما جاء في حديث ابن عمر أو لا يجب ذلك لأن النبي صلى لم يأمر بالقطع حين خطب الناس بعرفات بل أجاز لبس الخفين من دون قطع وعلى هذا فهل يحمل الحديث الأخير الذي كان بعرفات والذي ذكر مطلقاً يحمل على المقيد فيجب قطع الخفين لمن لم يجد نعلين أم لا ؟ بالأول قال الجمهور وبالثاني قالت الحنابلة وهي الرواية المشهورة عن الإمام أحمد لأنه رأى أن الحديث الثاني ناسخ للأول والمسألة فيها أخذ ورد وإذا نظرنا في نصوص الشريعة نجد أن بعضها ورد مقيداً وبعضها ورد مطلقاً والغالب أن المطلق محمول على المقيد إذا كان الحكم في ذلك واحد لأن الشارع إذا بيّن في موضع بقيد أو شرط وسكت عنه في الموضع الآخر فهل يحمل سكوته في الموضع الثاني على أنه نسخ للأول فيؤخذ بالأخير أو غير نسخ وقصد به الإحالة على القيد فلا يكون نسخاً والمسألة فيها خلاف واحتمال كما ترى . الحادي عشر : ويؤخذ أيضاً من الحديث أن من لم يجد إزاراً يجوز له أن يلبس السراويل بدون فدية بل بإذن من الشارع ﷺ. الثاني عشر :يؤخذ من قوله ولا يلبس من الثياب شيئاً مسه زعفران أو ورس وقد علمنا أن الزعفران والورس نبتان لهما لون ورائحة فهل المنع من أجل اللون أو من أجل الرائحة أو من أجلهما والظاهر أن ما اجتمعت فيه هاتان العلتان منع وما لم تجتمع فيه لا يمنع إلا أنه يظهر أنه قد نبه بهذين النبتين على كل ما فيه طيب والطيب متفق على تحريمه في حال الإحرام وقد اختلف أهل العلم في استدامته فأجاز الجمهور استدامة الطيب وقالت بذلك عائشة رضي الله عنها وذكرت أنها كانت تطيب رسول الله صلى لإحرامه قبل أن يحرم ولحله قبل أن يطوف بالبيت وأنها كانت ترى وبيص المسك في مفارق رأسه صلى وهو محرم ) وكره عمر رضي الله عنه وابنه استدامة الطيب وقال بعض أهل العلم بجوازه في البدن ومنعه في الثياب جمعاً بين حديث عائشة رضي الله عنها وحديث يعلى ابن أمية رضي الله عنه في قصة الرجل الذي جاء إلى النبي _ بالجعرانة يسأله ماذا يفعل في إحرامه وقد لبس جبة وتضمخ بخلوق فنزل الوحي على رسول الله صلى ولما سري عنه قال له أنزع عنك الجبة واغسل عنك الخلوق واصنع في حجك ما تصنع في عمرتك) وبهذا الحديث استدل من يرى عدم استدامة الطيب في الثياب إذا كان يظهر لونه ولكن إذا نظرنا وتأملنا في النصوص نجد أن هذا حصل بعد موقعة الفتح حين كان النبي ﷺ بالجعرانة وأن استدامة الطيب حصلت من النبي _ في حجة الوداع وقد روت بعض أزواج النبي _ ( قَالَتْ كُنَّا نَخْرُجُ مَعَ النَّبِيِّ _ إِلَى مَكَّةَ فَنُضَمِّدُ جِبَاهَنَا بِالسُّكِّ الْمُطَيَّبِ عِنْدَ الإِحْرَامِ فَإِذَا عَرِقَتْ إِحْدَانَا سَالَ عَلَى وَجْهِهَا فَيَرَاهُ النَّبِيّ ﷺ فلا يَنْهَاهَا) أما قول عائشة (بأنها كانت ترى وبيص المسك في مفارق النبي ﷺ ) فهذا في الصحيحين أو أحدهما إلا أن الحنابلة رحمهم الله رأوا أن هذا نسخاً للأمر بغسل الخلوق للبدن دون الثوب وبالله التوفيق . الثالث عشر : علماً أن نهي النبي ﷺ عن الثوب المصبوغ بالورس أو الزعفران عام في حق الرجال والنساء فلا يجوز لبسه للمرأة أيضاً لعموم النهي الرابع عشر : يؤخذ من قوله ولا تنتقب المرأة تحريم النقاب والنقاب شيء منسوج بقدر الوجه فيه فتحات للفم والعينين والمنخرين وهذا محرم في حال الإحرام لا يجوز لبسه للمرأة المحرمة ومن أجل هذا فقد قال بعض الفقهاء إن إحرام المرأة في وجهها ومنعوا من تغطية الوجه في حال الإحرام سواء كان ذلك بالنقاب أو البرقع أو بفضل الخمار وقال بعض أهل العلم من المحدثين وغيرهم أن النهي عن النقاب وما في معناه كالبرقع فهو عما هو مفصل أو منسوج بقدر الوجه أما أن تغطي المرأة وجهها بفضل خمارها فهذا لا مانع منه بل هو واجب وقد روت عائشة رضي الله عنها (فقالت كان الركبان يمرون بنا ونحن مع رسول الله ﷺ محرمات فإذا حاذوا بنا سدلت إحدانا جلبابها من رأسها على وجهها فإذا جاوزونا كشفناه ) وهذا الحديث صحيح وهو يدل على أمرين : الأمر الأول : وجوب تغطية الوجه على المرأة إذا قابلت الرجال الأجانب الأمر الثاني :أن التغطية بفضل الخمار ليس فيها مناقضة للإحرام وهذا هو القول الصحيح الذي تطمئن إليه النفس الخامس عشر : يؤخذ من قوله ولا تلبس القفازين تحريم لبس القفازين على المرأة في حال الإحرام والقفازان هما شرّاب اليدين سواءً كانت محشوة كما كان يفعل ذلك في الأزمنة السابقة أو غير محشوة كل ذلك ممنوع . السادس عشر :المنهي عنه هو اللبس المعتاد فمن ارتدى بقميص أو سراويلاً أو غير ذلك فإنه لا ينكر عليه لأن هذا اللبس لا يدخل في النهي وإنما الذي يدخل في النهي هو لبس كل شيء على عادته المعروفة السابع عشر : من انتهك شيئاً من هذه المحضورات كأن يلبس قميصاً أو عمامة أو يغطي رأسه من غير ضرورة فقد أساء ووجبت عليه الفدية لأنها إذا وجبت الفدية في حالة الضرورة فمن باب أولى أنها تجب في غير الضرورة والله تعالى يقول (فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ) [البقرة : 196 ] ولأهل العلم في هذه المسالة خلاف فيما إذا حصل ذلك عن جهل أو نسيان فمنهم من قال أن الجاهل والناسي لا تجب عليه فدية ومنهم من قال بوجوب الفدية مطلقاً ومنهم من قال بوجوب الفدية في الإتلافات كحلق الشعر ونتفه وتقليم الأظافر دون ما لم يكن فيه إتلاف كالطيب واللبس وبالله التوفيق . .-------- تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ. تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ] [ المجلد الثالث ] رابط تحميل الكتاب : http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf . |
بسم الله الرحمن الرحيم تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي - رحمه الله - [213] الحديث الثاني : عن عبدالله بن عباس رضي الله عنهما قال سمعت رسول الله ﷺ يخطب بعرفات : من لم يجد نعلين فليلبس الخفين ومن لم يجد إزاراً فليلبس السراويل للمحرم . موضوع الحديث : جواز لبس الخفين لمن لم يجد نعلين ولبس السراويل لمن لم يجد إزاراً المفردات قد تقدمت في الحديث الذي قبله المعنى الإجمالي المعنى الإجمالي لهذا الحديث فهو إباحة الشارع ﷺ لبس الخفين لمن لم يجد نعلين بغير قطع ولبس السراويل لمن لم يجد إزاراً بغير شق . فقه الحديث أولاً : قد تقدم الكلام على فقه هذا الحديث باعتبار أن الشارع ﷺ خطب بالمدينة وسئل فأجاز لبس الخفين لمن لم يجد نعلين بشرط أن يقطعهما أسفـل من الكعبيـن وخطب بعرفات فأجاز لبس الخفين لمن لم يجد نعلين بدون قطع ومن أجل ذلك فقد اختلف الفقهاء في هذه المسألة هل يعد سكوته عن القطع في الخطبة بعرفات نسخاً للحديث الأول أو يكون من باب حمل المطلق على المقيد ويعتبر من إحالة المكلفين على ما ورد في النص الآخر وقد قال الله عز وجل (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاةَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ * قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ وَاللَّهُ مَوْلاكُمْ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ ) [التحريم : 1-2] فأحال على كفارة اليمين كما أنه قد ورد تقييد الرقبة بالإيمان في قتل الخطأ ولم يقيد في آية الظهار التي في المجادلة ولا في حديث من وقع على امرأته في نهار رمضان ولكن الجمهور ذهبوا إلى حمل المطلق على المقيد فهل يكون هذا من هذا القبيل أم يكون من قبيل النسخ والمسألة فيها أخذ ورد . ثانياً :هل يسمى الخف بعد قطعه خفاً أم لا يسمى خفاً وإنما هو يكون ممن انتقلت اسميته فيقال نعل أو خف مقطوع وعلى هذا فإن الشارع ﷺ قد أمر بذلك وإذا قلنا ببقاء التسمية فإن ذلك باعتبار ما كان أو بإطلاق الخف المقيد بالقطع والذي يظهر لي أن حمل المطلق على المقيد أولى ولا يعاب من أخذ بالجانب الآخر كما تقرر في المسائل الفرعية يعني غير العقائدية أن كلاً يعمل على ما فهم ولا يعيب أحد على أحد وعلى هذا فنقول في مسألتنا هذه من اقتنع بواحد من الوجهين عمل عليه وأفتى به و لا يعيب على من اقتنع بضده وبالله التوفيق ثالثاً : أما السراويل فقد أجاز النبي لبسه ﷺ لبسه لمن لم يجد الإزار بدون قطع ولا شق والقول بذلك يقتضي الأخذ برخصة الشارع ﷺ أما من أوجب الشق فإنه قد أتى زائد عما ورد وهو يعد مخطئاً لإيجابه ما لم يوجبه الشارع ﷺ فنقول الخلاصة أن السراويل تلبس بدون شق وبالله التوفيق . .-------- تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ. تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ] [ المجلد الثالث ] رابط تحميل الكتاب : http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf . |
بسم الله الرحمن الرحيم تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي -رحمه الله - [214] الحديث الثالث : عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما أن تلبية رسول الله ﷺ لبيك اللهم لبيك ، لبيك لا شريك لك لبيك إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك قال وكان عبدالله بن عمر يزيد فيها : لبيك لبيك وسعديك والخير بيديك والرغباء إليك والعمل موضوع الحديث: التلبية في الحج المفردات لبيك :معنى التلبية الاجابة أي ألبي أمرك بالفعل ونهيك بالترك سمعاً وطاعة لجلالك وامتثالاً لأمرك وفسره قوم بالإقامة على الطاعة أخذاً من قولهم ألب بالمكان أي لزمه وأقام فيه والمعنى على هذا التفسير أنا ملازم لطاعتك مقيم عليها لا أحيد عنها ولا أتركها ولعل المعنى الأول أوضح لكونه أسرع مبادرة إلى الذهن وهو إجابة لنداء إبراهيم عليه السلام حين أكمل بناء البيت فأمره الله عز وجل أن يؤذن في الناس بالحج فقال يا رب كيف أؤذن ولا يسمعني أحد فقال له ربه عليك الأذان وعليّ البلاغ فوقف على حجر المقام وقيل على جبل أبي قبيس ونادى يا أيها الناس إن الله كتب عليكم الحج فحجوا فيقال أنهم أجابوه من أصلاب الرجال وأرحام النساء والمهم أن معنى لبيك إجابة لك بعد إجابة فالتثنية للتكرار الغير متناهي أي أجيب دعوتك كل ما دعوت . قوله لبيك لا شريك لك : هذا تقرير للتوحيد وتبرأُ وتنصل مما زاده المشركون الجاهليون بقولهم إلا شريكاً هو لك تملكه وما ملك قوله إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك : هذا فيه خلاف من أهل العلم من كسر همزة إن وتكون الجملة ابتدائية ومن أهل العلم من فتحها وتكون الجملة تعليليه فكأنه قال لأن الحمد بجميع أنواعه وأسبابه وموجباته سواء كان على الكمالات أو النعم فهو مستحق لك دون غيرك والنعمة اسم جنس كما أن الحمد اسم جنس أيضاً لك وحدك والملك ملك جميع الكون الملك المطلق والملك المقيد كله لك لا شريك لك وقد انتظمت هذه الثلاثة الألفاظ جميع أجناس الكمالات لله سبحانه وتعالى دون غيره فله الحمد المطلق وكل هذه هو مختص بها دون غيره ولهذا قال لا شريك لك . قوله لبيك وسعديك : القول في سعديك كالقول في لبيك بمعنى إني أُسعدك في أمرك ونهيك وتصديق خبرك إسعاداً بعد إسعاد ومتابعة بعد متابعة وطاعة بعد طاعة قوله والخير بيديك : أي الخير كله في يديك وهذا كقوله ( يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل ) وكقوله ( أرأيتم ما أنفق منذ خلق السماء والأرض فإنه لم يغض ما في يده ….) قوله والرغباء إليك والعمل :أي الرغبة في الثواب وفيما عندك من الخزائن في الدنيا والآخرة كلها إليك والعمل متوجه إليك ومقصود به إياك كقوله (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) [الفاتحة : 5 ] المعنى الإجمالي : أمر الله سبحانه وتعالى عباده على لسان رسوله ﷺ معلم الخير وهادي البشرية أن يقرر الحاج تلبيته بالإحرام بقوله لبيك اللهم لبيك هذه التلبية المتظمنة للتوحيد والتي تقرر العبودية لله وحده لا شريك له فقد جعلها النبي ﷺ هي الموجبة للدخول في الإحرام . فقه الحديث أولاً:يؤخذ من هذا الحديث وجوب الطاعة لله رب العالمين في كل ما أمر ونهى وهذا هو ما يقرره الحاج على نفسه بقوله لبيك اللهم لبيك ابتداءً بالتوحيد وانتهاءً بكل طاعة . ثانياً :اختلف أهل العلم في حكم التلبية فذهب قوم إلى أنها سنة من السنن لا يجب بتركها شيء نسبه الصنعاني إلى الشافعي وأحمد قلت: أولاً : المعروف عند الحنابلة أنهم يجعلون التلبية من واجبات الحج ويجب بتركها دم . ثانياً: أن التلبية واجبة يجب بتركها دم قال حكاه الماوردي عن ابن أبي هريرة من الشافعية وقال إنه وجد للشافعي نصاً يدل عليه . قال وحكاه ابن قدامة عن بعض المالكية والخطابي عن مالك وأبي حنيفة . ثالثاً :أنها واجبة لكن يقوم مقامها فعل يتعلق بالحج كالتوجه إلى الطريق وحكى ابن المنذر عن الحنفية إن كبر أو هلل أو سبح ينوي بذلك الإحرام فهو محرم . رابعاً : أنها ركن في الإحرام لا ينعقد بدونها حكاه ابن عبد البر عن المنذري وأبي حنيفة وأهل الظاهر قالوا هي نظيرة تكبيرة الإحرام في الصلاة وهو قول عطاء أخرجه سعيد بن منصور بإسناد صحيح عنه قال التلبية فرض الحج وحكاه ابن المنذر عن عطاء وطاووس وعكرمة وحكى النووي عن داود أنه لا بد من رفع الصوت قال الصنعاني وما أجود قول داود مع صحة رفعه إلى النبي ﷺ بها وقوله (الحج العج والثج ) وقوله ( لِتَأْخُذُوا مَنَاسِكَكُمْ فَإِنِّي لا أَدْرِي لَعَلِّي لا أَحُجُّ بَعْدَ حَجَّتِي هَذِهِ) قلت :الاستدلال على وجوب رفع الصوت بهذا الحديث فيه نظر لأنه يصح أن يقدر الحج الكامل العج والثج ويصح أن يقدر الحج الصحيح العج والثج ولوجود هذا الاحتمال فإنه لا يتعين المطلوب إلا إذا وجد ما يدل عليه من كلام المعصوم ﷺ علماً بأن النية للحج هي ركن أما التلفظ بالتلبية فالظاهر منه الوجوب لأول مره وبعد ذلك يكون سنة هذا ما يترجح لي والله أعلم بالصواب . .-------- تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ. تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ] [ المجلد الثالث ] رابط تحميل الكتاب : http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf . |
بسم الله الرحمن الرحيم تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي - رحمه الله - [215] الحديث الرابع : عن أبي هريرة رضي الله عنه قال :قال رسول الله ﷺ لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر مسيرة يوم وليلة إلا ومعها حرمة . وفي لفظ للبخاري لا تسافر مسيرة يوم إلا مع ذي محرم موضوع الحديث: تحريم السفر مع غير محرم وجوازه مع المحرم أو الزوج المفردات قوله لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر :لفظ امرأة نكرة يعم كل امرأة وجملة تؤمن بالله واليوم الآخر جملة مخصصة أي متصفة بالإيمان بالله واليوم الآخر والمقصود به المسلمة جملة أن تسافر : هي الجملة التي ينصب عليها النهي أي لا يحل لها السفر هذه المسافة إلا ومعها من هو حرمة عليها قوله إلا ومعها حرمة : المراد بالحرمة هنا المحرم ويدخل فيه الزوج دخول أغلبية والمحرم الذي يحل لها السفر معه هو من تحرم عليه على التأبيد بنسب أو سبب فيحل للرجل أن يسافر بأمه وأخته وبنته وبنت أخيه وبنت أخته وعمته وخالته وهؤلاء هن المحارم السبع اللاتي يحرمن بالنسب وأما السبب فهو إما نكاح أو رضاع فالبنكاح تحرم أم الزوجة وبنت الزوجة المدخول بها على التأبيد وتحرم زوجة الأب ومن له عليه ولادة من الأجداد وكذلك زوجة الابن فهؤلاء يحرمن بالنكاح فيجوز للمرأة أن تسافر مع واحد من هؤلاء ومنع الإمام مالك السفر مع ابن الزوج قال لوجود الفساد في هذه الأزمنة وأقول إن هذا الحكم سارٍ في المسلمين إلى يوم القيامة وينبغي أن ينظر في الرجل الذي يسافر بالمرأة فإن كان متهتكاً فينبغي ألا تسافر معه حتى أخته من الرضاع لأنه لا يؤمن عليها أما المسلم الظاهر العدالة والمستور الحال فيجوز ذلك والثالث سبب الرضاع بشروطه بأن تكون الرضعات خمساً فأكثر في الحولين . المعنى الإجمالي إن العليم الخبير نهى على لسان رسوله ﷺ أن تسافر المرأة المسافة المشار إليها إلا مع ذي محرم أو زوج حماية للأعراض أن تستباح وللأخلاق أن تفسد حتى يكون المجتمع مجتمعاً نظيفاً سليماً من الفساد وبالله التوفيق . فقه الحديث يؤخذ من هذا الحديث عدة مسائل أولاً :تحريم سفر المرأة بدون زوج أو محرم المسافة المحددة في الأحاديث . ثانياً :قد وردت الأحاديث بمقادير مختلفة ففي بعضها (ثلاثة أيام)وفي بعضها (يومان ) وفي بعضها (يوم وليلة) وفي بعضها (يوم) وفي بعضها (ليلة) وهذه الأحاديث التي وردت فيها المقادير منها ما هو في صحيح البخاري وفي صحيح مسلم معاً ومنها ما هو في صحيح مسلم وهي رواية اليوم المستقل ورواية الليلة المستقلة وهناك رواية عند أبي داود فيها التحديد (ببريد) ولكنها من رواية سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة وسهيل بن أبي صالح ثقة إلا أن في حفظه شيء وعلى هذا فإن أقل ما صح به الحديث صحة يطمئن إليها اليوم المستقل والليلة المستقلة . ومسافة اليوم بالسير القديم بريدين غالباً والبريدان أربعة وعشرون ميلاً وهي أربعون كيلو وهذه الروايات يعتمد عليها في هذا الباب وفي باب القصر والجمع وما يسمى سفراً ثالثاً :تبين مما سبق أنه لا يجوز لامرأة أن تسافر هذه المسافة إلا مع زوج أو ذي محرم وقد تبين لنا مما سبق من هو المحرم رابعاً :قد ذهب بعض العلماء إلى أنه يجوز للمرأة أن تحج مع رفقة من النساء الأمينات أو الرجال المأمونين ورد عليهم بأن النبي _ حينما قال له ذلك الرجل ( إِنَّ امْرَأَتِي خَرَجَتْ حَاجَّةً وَإِنِّي اكْتُتِبْتُ فِي غَزْوَةِ كَذَا وَكَذَا قَالَ انْطَلِقْ فَحُجَّ مَعَ امْرَأَتِكَ) ولم يستفصل هل معها رفقة مأمونة أم لا ؟ وفي عدم الاستفصال دليل على أن هذه الآراء مخالفة للنص وعلى طالب العلم أن يتمشى مع النص . خامساً :ربما استدل بعض أهل العلم بالحديث الذي قال فيه النبي ﷺ ( والذي نفسي بيده ليتمّنّ الله هذا الأمر حتى تخرج المرأة من الحيرة حتى تأتي هذا البيت فتطوف به لا تخاف إلا الله ) . والجواب أن هذا الحديث إخبار عن أمر يقع ولم يقصد النبي ﷺ إباحة سفر المرأة وحدها . سادساً :يؤخذ من هذا الحديث أن وجود الزوج أو المحرم تحريماً مؤبداً شرط في وجوب الحج على المرأة وأنها إذا لم تجد محرماً وكانت واجدة للنفقة فإنه لا يجوز لها أن تحج بل يجوز لها أن تستنيب من يؤدي عنها فريضة الحج في هذه الحالة وهذا القول هو القول الصحيح الذي تطمئن إليه النفس سواء كانت فتية أو كبيرة السن لعموم الحديث الوارد بالنهي ولأنه كما قيل لكل ساقطة لاقطة . سابعاً :يؤخذ من قوله لا يحل تحريم سفر المرأة بدون محرم ولو كانت مع رفقة مأمونة لأن هذه العبارة لا تتناول الكراهة وإنما تتناول التحريم . ثامناً :إنما شرع الله عز وجل هذا الحكم وأمثاله من الأحكام التي يترتب عليها نزاهة المجتمع الإسلامي حماية للمسلمين من أسباب الوقوع فيما حرم الله عز وجل . تاسعاً :ما يسمى بنكاح الجلالة أو عقد الجلالة وهو العقد الذي لا يقصد منه العقدة الزوجية كما يفعله بعض الناس إذا كانت المرأة ليس لها محرم تستدعي رجلاً وتعطيه أجرة ويعقد عليها عقد جلالة كما يقولون ثم يحج بها وإذا انتهى الحج طلقها وأقول إن هذا العقد غير صحيح ولا يترتب عليه إباحة السفر بها بل هي أجنبية منه لأن العقد باطل غير صحيح وبالله التوفيق . .-------- تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ. تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ] [ المجلد الثالث ] رابط تحميل الكتاب : http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf . |
بسم الله الرحمن الرحيم تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي -رحمه الله - بـــاب الفديــة [216] عن عبد الله بن معقل قال :جلست إلى كعب بن عجرة فسألته عن الفدية ؟ فقال : نزلت فيّ خاصة وهي لكم عامة حملت إلى رسول الله ﷺ والقمل يتناثر على وجهي فقال : ( ما كنت أُرى الوجع بلغ بك ما أرى – أو ما كنت أٌرى الجهد بلغ بك ما أرى – أتجد شاة ؟ فقلت :لا فقال ( صم ثلاثة أيام أو أطعم ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع ) وفي رواية فأمره رسول الله ﷺ أن يطعم فرقاً بين ستة أو يهدي شاة أو يصوم ثلاثة أيام ) موضوع الحديث : مشروعية الفدية لمن اضطر إلى فعل شيء من محظورات الإحرام المفردات فسألته عن الفدية فقال نزلت فيّ خاصة وهي لكم عامة يعني أن قصته التي حصلت له في غزوة الحديبية كانت هي سبب النزول وهذا يؤيد ما قاله أهل الأصول العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب لأن قوله وهي لكم عامة يدل على أن عمومات الكتاب والسنة لا تختص بمن نزلت فيه بل تكون لجميع الأمة . قوله حملت إلى رسول الله ﷺ والقمل يتناثر على وجهي : الواو واو الحال يعني أن حالته المرضية كانت كذلك حيث كان القمل يتناثر من رأسه على وجهه فقال ما كنت أٌرى بضم الهمزة وفتح الراء بمعنى أظن وأحسب ما كنت أرى الوجع أي ما كنت أظن الوجع بلغ بك ما أرى أي بلغ بك الحالة التي اراها وارى الثانية بفتح الهمزة والراء بعدها ألف مطوية وهي يعبر بها عن الرؤية البصرية والرأى أي ويعبر بها عن الرأى الجَهد :بالفتح المقصود به المشقة والجهد بالضم المقصود به الطاقة يقول العبد أعمل جُهدي أي طاقتي وتجوز الحالتين الفتح والضم وقرئ بهما في قوله تعالى ( وَالَّذِينَ لا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ) قوله أتجد شاة : الهمزة للاستفهام الطلبي قال لا قال صم ثلاثة أيام أو أطعم ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع وفي الرواية الأخيرة فأمره رسول الله _ أن يطعم فرقاً بين ستة أو يهدي شاة أو يصوم ثلاثة أيام . الفرق مكيال يسع ثلاثة آصع نبوي. المعنى الإجمالي يخبر كعب بن عجرة أنه حمل إلى النبي ﷺ وهو مريض والقمل يتناثر على وجهه فأنزل الله في قصته آية الفدية وهي قوله تعالى { فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضاً أَوْ بِهِ أَذًى مِّن رَّأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِّن صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ }[البقرة : 196 ] فقه الحديث أولاً:يؤخذ من الحديث أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب حيث قال هذا الصحابي الجليل نزلت فيّ خاصة وهي لكم عامة . ثانياً :يؤخذ من هذا الحديث أن من احتاج إلى فعل محظور كما حصل لكعب بن عجرة رضي الله عنه حيث احتاج إلى حلق رأسه فإنه يجوز له أن يستحل هذا المحظور في مقابل فدية يقوم بدفعها كما هو موضح في الآية ففدية من صيام أو صدقة أو نسك . ثالثاً : أن هذه القصة يقاس عليها كل ما في معناها فمن احتاج إلى تغطية رأسه لضرر به جاز له ذلك وفعل الفدية على حسب المستطاع ومثل ذلك من احتاج إلى لبس السروال لوجود ضرر يحصل له من المشي وهكذا يقال في سائر المحظورات رابعاً : ذكر الله عز وجل الفدية مجملة حيث قال (فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ) خامساً : بيّنت السنة الصيام والصدقة والنسك فالصوم ثلاثة أيام والصدقة إطعام ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع والنسك شاة على الأقل . سادساً :هذه الفدية مخير فيها المحرم إن شاء نسك شاة وإن شاء أطعم ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع وإن شاء صام ثلاثة أيام . سابعاً :الدليل على كونها مخيرة أنها رتبت بأو في قوله تعالى (مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ ) وهذا يدل على أن مثل ذلك لا يكون مرتباً وقد حكى بعض أهل العلم الإجماع على أن فدية المحرم إذا احتاج إلى استباحة شيء من المحظورات أنها مخيرة وليست مرتبة . ثامناً :ومما يدل على أنها مخيرة أن الله بدأ بالأقل أو الأخف كلفة وهو صوم ثلاثة أيام وذلك يدل على أنها مخيرة تاسعاً: استشكل التخيير مع قوله أتجد شاة وقد ذكر في ذلك أوجه من التأويل والأقرب أن يقال أن النبي ﷺ أراد أن يأمره بالأفضل أو يحثه عليه فلما نفى قدرته على نسك شاة أمره بأن يفعل واحداً من الاثنين التي هي الصيام أو الإطعام عاشراً :يشترط في الشاة التي تقدم في الفدية أن تكون صالحة لأن يضحى بها من حيث السن وعدم العيوب . الحادي عشر : قد وضح في الحديث مقدار الإطعام أنه لكل مسكين نصف صاع وذلك يكون ثلاثة آصع منقسمة على ستة مساكين والثلاثة آصع هي فرق . الثاني عشر : أن بعض أهل العلم أجرى هذا المقدار في كل إطعام يجب كإطعام الستين مسكيناً وكذلك العشرة مساكين فجعلوا للمسكين الواحد نصف صاع وهو كيلو ونصف عند بعض أهل العلم أما بعضهم فإنه يجعل الصاع كيلوين وربع والتقدير الأول على جعل الصاع ثلاثة كيلوات ولعل التقدير الثاني هو الأقرب إلى الصواب لأنه أدق أي أكثر دقة وذهب بعض أهل العلم وهو الصواب في نظري إلى أن هذا المقدار في الإطعام إنما يكون في فدية استباحة المحظور من محظورات الإحرام أما غيره ففيه مد واحد والمد على أكبر تقدير يكون كيلو إلا ربع لأنه قد ثبت أن النبي ﷺ أعطى ذلك الرجل الذي وقع على امرأته في رمضان مكتلاً يسع خمسة عشر صاعاً وإذا قسمنا خمسة عشر صاعاً على ستين مسكيناً يكون لكل مسكين مد وقد ورد مثل ذلك عن أربعة من الصحابة رواه مالك في الموطأ . الثالث عشر: نوعية الطعام الذي يقدم في مثل هذه الحالة هو الطعام الجيد الشائع في البلد والذي يعتبره معظم الناس قوتاً في وقت الاختيار . الرابع عشر :جعل الشارع ﷺ الصيام ثلاثة أيام بدلاً عن ثلاثة آصع فجعل اليوم بدلاً عن صاع أما في الإطعام عن صيام رمضان فإنه جعل مقدار الإطعام الذي هو بدل اليوم مداً وهذا يدل على أن هذا الأمر يرجع فيه إلى التوقيف عن الشارع .-------- تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ. تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ] [ المجلد الثالث ] رابط تحميل الكتاب : http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf . |
بسم الله الرحمن الرحيم تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي -رحمه الله- كتاب الحج باب حرمة مكة [217] الحديث الأول : عن أبي شريح خويلد بن عمرو الخزاعي العدوي رضي الله عنه أنه قال لعمرو بن سعيد بن العاص وهو يبعث البعوث إلى مكة ائذن لي أيها الأمير أن أحدثك قولاً قام به رسول الله ﷺ الغد من يوم الفتح فسمعته أذناي ووعاه قلبي وأبصرته عيناي حين تكلم به أنه حمد الله وأثنى عليه ثم قال إن مكة حرمها الله تعالى ولم يحرمها الناس فلا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يسفك بها دماً ولا يعضد بها شجرة فإن أحد ترخص بقتال رسول الله ﷺ فقولوا إن الله قد أذن لرسوله ولم يأذن لكم وإنما أذن لي ساعة من نهار وقد عادت حرمتها اليوم كحرمتها بالأمس فليبلغ الشاهد الغائب فقيل لأبي شريح : ما قال لك قال أنا أعلم بذلك منك يا ابا شريح إن الحرم لا يعيذ عاصياً ولا فاراً بدم ولا فاراً بخربة . موضوع الحديث : بيان حرمة مكة المفردات أولاً :أبو شريح صحابي أسلم قبل الفتح ولما جاء إلى النبي ﷺ وكان في الجاهلية يكنى أبا الحكم فسأله النبي ﷺ عن سبب التكنية بأبي الحكم فقال إن قومي يختلفون فأحكم بينهم فيرضون بحكمي فكنوني بأبي الحكم فقال له النبي ﷺ هل لك من أبناء قال نعم لي ثلاثة أبناء شريح وفلان وفلان فقال من أكبرهم قال شريح فقال له النبي ﷺ فأنت أبو شريح أما اسمه فقد اختلف فيه على أقوال ذكرها ابن دقيق العيد وقال إنه توفي في المدينة سنة ثمان وستين أنه قال لعمرو بن سعيد بن العاص قلت: عمرو بن سعيد بن العاص المعروف بالأشدق ولي الإمارة على المدينة لمعاوية وابنه يزيد ثم طلب الخلافة لنفسه وغلب على دمشق فتلطف به عبد الملك ثم قتله غدراً البعوث : جمع بعث وهو إرسال الجيش للقتال قوله ائذن لي أيها الأمير : طلب الإذن من الأمير بالكلام من باب التلطف قوله الغدَ من يوم الفتح : أي اليوم الثاني بعد يوم الفتح قوله فسمعته أذناي : أسند السمع إلى الأذن وإنما هو لطبلة الأذن والأذن وعاء للسمع قوله ووعاه قلبي : أي فهمه وأبصرته عيناي حين تكلم به : هذا للتأكيد أي لتأكيد السماع ومباشرته له أنه حمد الله وأثنى عليه : وهذا ما تستفتح به الخطب قوله أن يسفك بها دماً : أي يريقه بالاعتداء على صاحبه ولا يعضد بها شجرة : العضد القطع قوله وإنما أذن لي ساعة من نهار : أي وقتاً محدداً قوله وقد عادت حرمتها اليوم كحرمتها بالأمس : يعني أن الأذن للنبي ﷺ انتهى وعادت الحرمة إلى مكة بانتهائه قوله فليبلغ الشاهد الغائب : أي من حضر يبلغ من لم يحضر فقيل لأبي شريح ما قال لك : أي بعد أن قلت له ما قلت قال أنا أعلم بذلك منك : الأصل أن يكون قال أبو شريح قال عمرو أنا أعلم بذلك منك فحذف أحدهما وبقي الآخر لا يعيذ عاصياً : لا يمنعه ولا يجيره من إقامة الحد عليه لو وجب وكذلك من فرّ بدم أو فرّ بخربة قال الصنعاني أقول بخاء معجمة مفتوحة وكسر الراء وقال النووي هي بفتح الخاء المعجمة وإسكان الراء هذا هو المشهور ويقال بضم الخاء أيضاً حكاها القاضي وصاحب المطالع وآخرون وأصلها سرقة الإبل وتطلق على كل خيانة وفي صحيح البخاري أنها البلية وقال الخليل هي الفساد في الدين من الخارب وهو اللص المفسد في الأرض وقيل هي العيب أ هـ من صحيح مسلم بشرح النووي جـ9 ص 137 . المعنى الإجمالي بينما كان عمرو بن سعيد بن العاص يبعث البعوث من المدينة إلى مكة في خلافة يزيد بن معاوية لقتال ابن الزبير أتاه أبو شريح الكعبي الصحابي الجليل واستأذن بأن يحدثه ما قام به رسول الله ﷺ يوم فتح مكة أي بعد ذلك بيوم وأنه قال إن مكة حرمها الله ولم يحرمها الناس فلا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يسفك فيها دماً ولا يعضد بها شجراً فكان رد عمرو بن سعيد بن العاص عليه بأن قال أنا أعلم بذلك منك يا أبا شريح فعارض الحديث برأيه ولم يمتنع عن إرسال البعوث لقتال ابن الزبير بل استمر على ذلك . فقه الحديث يؤخذ من الحديث عدة مسائل أولاً: في قوله وهو يبعث البعوث إلى مكة يؤخذ منه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بتنبيه الغافل وتذكير الناسي وتعليم الجاهل وقد كان أبو شريح يريد أن يمنع عمرو بن سعيد أو ينهاه عن بعث البعوث لقتال ابن الزبير في الحرم . ثانياً : يؤخذ من قوله ائذن لي أيها الأمير مشروعية التلطف للأمراء والكبراء في الكلام ليكون أدعى للقبول ثالثاً : يؤخذ من قوله سمعته أذناي ووعاه قلبي …ألخ تأكيد حفظه لتلك الخطبة وما حوته من أوامر ونواهي رابعاً :يؤخذ من قوله حمد الله وأثنى عليه أن الخطبة ينبغي أن تبدأ بحمد الله والثناء عليه خامساً :يؤخذ من قوله ثم قال إن مكة حرمها الله تعالى ولم يحرمها الناس يؤخذ منه أن تحريم مكة كان أمراً من الله قضاءً منه يوم خلق السموات والأرض وأن إبراهيم عليه السلام إنما نسب إليه تحريمها لأنه كان المظهر له والمشيع له في الناس سادساً: في قوله ولم يحرمها الناس تأكيد لما قبله سابعاً :في قوله ولا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يسفك بها دماً وهذا هو المناسب لما كان يعمله عمرو بن سعيد لأن إرسال الجيش لقتال ابن الزبير في نفس الحرم يدل على استهانته لسفك الدماء في هذا البلد المحرم ثامناً :يؤخذ منه تحريم القتال في حرم مكة وقد اختلف أهل العلم فيما إذا بغى باغ وعاذ بمكة أو خرج بها أصلاً أو جاء أناس من الكفار فاحتلوها هل يجوز قتالهم أم لا ؟ فمن أهل العلم من أجاز ذلك ومنهم من منعه وقال لا يقاتلون ولكن يضيق عليهم والجمهور على جواز قتالهم إذا كانت المصلحة تقتضي ذلك تاسعاً :قوله ولا يعضد بها شجره يؤخذ منه تحريم قطع شجر الحرم وهو مجمع عليه فيما نبت بنفسه ولم يكن شوكاً واختلف فيما استنبته الآدمي فأجاز الجمهور قطعه ومنع ذلك بعض أهل العلم واختلفوا أيضاً في الشوك وسيأتي في الحديث الذي بعد هذا عاشراً : في قوله وإن أحد ترخص بقتال رسول الله ﷺ فقولوا إن الله أذن لرسوله ولم يأذن لكم فيؤخذ من هذا أنه لا يجوز الترخص قياساً على قتال النبي ﷺ الحادي عشر : يؤخذ منه أن مكة فتحت عنوة وقد ذهب إلى ذلك الجمهور وقال الشافعي إنها فتحت صلحاً وهذا خلاف ما ثبت في المغازي والسير وفي الأحاديث الصحيحة حيث قال النبي ﷺ (من دخل دار أبي سفيان فهو آمن ومن ألقى السلاح فهو آمن ومن أغلق بابه فهو آمن ) . الثاني عشر :يؤخذ من قوله وقد عادت حرمتها اليوم كحرمتها بالأمس أن حرمتها عادت بعد فتحها ذلك اليوم وكان الحكم رفع ساعات من نهار ثم عاد إليها فهي حرام إلى يوم القيامة الثالث عشر :يؤخذ من قوله فليبلغ الشاهد الغائب وجوب إبلاغ الأحكام الشرعية على من علمها وأنه يبلغ من لم يعلمها وهذا الخطاب عام في كل أحكام الشريعة . .-------- تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ. تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ] [ المجلد الثالث ] رابط تحميل الكتاب : http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf . |
بسم الله الرحمن الرحيم تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي - رحمه الله - كتاب الحج [218] الحديث الثاني : عن عبدالله بن عباس رضي الله عنهما قال :قال رسول الله ﷺ -يوم فتح مكة – (( لا هجرة ولكن جهاد ونية وإذا استنفرتم فانفروا )) وقال يوم فتح مكة : (( إن هذا البلد حرمه الله يوم خلق السموات والأرض فهو حرام بحرمة الله إلى يوم القيامة وإنه لم يحل القتال فيه لأحد قبلي ولم يحل لي إلا ساعة من نهار فهو حرام بحرمة الله إلى يوم القيامة لا يعضد شوكه ولا ينفر صيده ولا يلتقط لقطته إلا من عرفها ولا يختلى خلاه )) فقال العباس : يا رسول الله إلا الإذخر فإنه لقينهم وبيوتهم فقال إلا الإذخر . موضوع الحديث : حرمة مكة المفردات لا هجرة : أي بعد الفتح من مكة إلى المدينة لأن مكة صارت بالفتح دار إسلام كما أن المدينة دار إسلام قوله ولكن جهاد ونية : أي جهاد للكفار ونية خالصة لإعلاء كلمة الله قوله وإذا استنفرتم فانفروا : أي إذا طلب منكم النفر فانفروا وإنما يتعين بتعيين الإمام قوله إن هذا البلد حرمه الله يوم خلق السموات والأرض : بيان حرمته أنها قديمة منذ أوجد الله الكون قوله وإنه لم يحل القتال فيه لأحد قبلي : أي الحل الشرعي بالقتال فيه لم يكن لأحد قبل النبي _ ولن يكون لأحد بعده قوله لا يعضد شوكه : العضد القطع ولا ينفر صيده : أي لا يزعج صيده حتى ينفر من مكانه ولا يلتقط لقطته إلا من عرفها : التعريف هو أن يقول من له ضالة قوله ولا يختلى خلاه : أي يؤخذ العلف الذي يكون فيه والخلى هو الحشيش الأخضر قوله إلا الإذخر : الإذخر هو نوع من الحشيش له رائحة طيبة فإنه لقينهم : المراد بالقين الحداد والصواغ قوله وبيوتهم : أي أنه يوضع على السقوف فوق الخشب وتحت الطين . المعنى الإجمالي المعنى الإجمالي لحديث ابن عباس أن النبي ﷺ قام خطيباً يوم فتح مكة فقال لا هجرة أي من مكة إلى المدينة ولكن جهاد ونية وإذا استنفرتم فانفروا ثم ذكر حرمة مكة وأن ذلك منذ خلق الله السموات والأرض وأنها لم تحل لأحد قبل النبي ﷺ ولن تحل لأحد بعده وإنما أحلت له ساعة من نهار ثم عادت حرمتها ثم ذكر حرمة مكة وأن لا يعضد شوك الحرم ولا ينفر صيده ولا يلتقط لقطته إلا من عرفها ولا يؤخذ خلاه وهو العلف والحشيش واستثني من ذلك الإذخر لمصلحة أهل مكة فقه الحديث أولاً : يؤخذ من قوله لا هجرة أي بعد الفتح من مكة إلى المدينة لأن مكة صارت دار إسلام كما أن المدينة دار إسلام. ثانياً :اللام في قوله لا هجرة نافية للجنس فهي تعم كل هجرة من مكة إلى المدينة ولكن الهجرة من بلد الكفر إلى بلد الإسلام فهي مشروعة وباقية إلى قيام الساعة فمتى وجد المقتضي للهجرة شرعت إلى المكان الذي يأمن فيه المسلم على دينه وعلى نفسه ثالثاً : يؤخذ من قوله ولكن جهاد ونية أن الجهاد والنية مشروعة ومأمور بهما إلى أن يخرج الدجال وينزل عيسى بن مريم وتقوم الساعة فالجهاد ينقسم إلى قسمين جهاد باللسان والقلم أي بالكلمة والكتابة والرد على من ينالون من الدين ويدخلون فيه ما ليس منه وجهاد بالسيف وما يقوم مقامه من آلات الحرب الحديثة فالأول جهاد المنافقين والثاني جهاد الكفار فقد أمر الله بهما في قوله تعالى لنبيه _ (يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدْ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ) [التوبة : 73] رابعاً : يؤخذ من قوله ونية أمر بالإخلاص لله عز وجل في جهاد الكفار والمنافقين والأعمال من عبادات ومعاملات تمشياً بالأوامر الربانية والسنن النبوية أخذاً بها وتعاملاً على ضوئها مع الله أولاً ثم مع خلقه ثانياً . خامساً :يؤخذ من قوله ( وإذا استنفرتم فانفروا ) أمر بالنفير إذا طلب ممن يكون من أهله والذي يعين هو وليّ الأمر فإذا عين شخصاً ولم يكن لديه ما يمنع وجب عليه أن ينفر لهذا الأمر النبوي الشريف ( وإذا استنفرتم فانفروا ) وهو إحدى الحالات الثلاث التي يتعين فيها الجهاد . سادساً : يؤخذ من قوله إن هذا البلد حرمه الله ….إلخ حرمة مكة وقد تقدم الكلام عليها في الحديث السابق . سابعاً : يؤخذ من قوله وإنه لم يحل القتال فيه لأحد قبلي ولم يحل لي إلا ساعة من نهار فهو حرام بحرمة الله إلى يوم القيامة يؤخذ منه أن الله خص رسوله ﷺ بالأذن له بالقتال في الحرم المكي لإرساء دعائم العقيدة فيها وإزالة الشرك ومظاهره منها ثامناً : يؤخذ من قوله لا يعضد شوكه العضد معناه القطع وفيه النهي عن قطع شوكه وقد ذهب إلى ذلك الجمهور وقال الشافعي بجوازه لأن الشوك مؤذٍ وكل مؤذٍ يجوز إبعاده من الحرم كما يرى ذلك الشافعي رحمه الله وقول الجمهور هو الحق إن شاء الله لموافقته الدليل فلا يحل قطع شوكه ولا يعضد سائر شجره إلا ما استنبته الإنسان كما تقدم تاسعاً :يؤخذ من قوله ولا ينفر صيده تحريم تنفير صيد الحرم من حمام وغيره إلا إذا دخل بيتك ففي هذه الحالة يرى بعض أهل العلم جواز ذلك . عاشراً :يؤخذ من قوله ولا يلتقط لقطته إلا من عرفها أن لقطة الحرم محرم التقاطها إلا لمن نوى تعريفها في جميع الزمن بمعنى أنه لا يتملكها ولا يكون للتعريف وقت محدد الحادي عشر : يؤخذ من قوله ولا يختلى خلاه أنه يمنع أخذ الحشيش منه ما دام أخضر ونابت في مكانه إلا أنه يجوز إرسال المواشي فيه لتأكل منه بأفواهها أما قطعه وأخذه للبيع أو لمواشي يعلفها إياه فإن هذا لا يجوز الثاني عشر : يؤخذ من قول العباس يا رسول الله إلا الإذخر فإنه لقينهم ولبيوتهم فقال إلا الإذخر يؤخذ من هذا استثناء الإذخر والإذخر نوع من الحشيش له رائحة طيبة الثالث عشر: يؤخذ من قوله فإنه لقينهم ولبيوتهم إن هذا الاستثناء له علة وهو جعله لقينهم وهو الحداد والصواغ يضرم عليه النار ولبيوتهم وفي رواية ولقبورهم أما البيوت فقد سبق في المفردات أنهم يجعلونه على الخشب وتحت الطين وأما القبور فلكونهم يجعلونه في اللحد لسد الفراغات بين اللّبن الرابع عشر :أخذ من هذا الاستثناء قاعدة فقهية وهو أن الاستثناء يجوز ما لم يحصل بين المستثنى والمستثنى منه فارق والكلام على هذه القاعدة موجود في أصول الفقه . .-------- تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ. تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ] [ المجلد الثالث ] رابط تحميل الكتاب : http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf . |
بسم الله الرحمن الرحيم تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي -رحمه الله- باب ما يجوز قتله [219] الحديث الأول : عن عائشة رضي الله عنها : أن رسول الله ﷺ قال : (خمس من الدواب كلهن فاسق يقتلن في الحرم الغراب والحدأة والعقرب والفارة والكلب العقور ) ولمسلم ( يقتل خمس فواسق في الحل والحرم ) . موضوع الحديث : بيان ما يجوز قتله في الحل والحرم وفي حالة الإحرام من الدواب والطير المفردات قوله خمس من الدواب : جمع دابة والدابة هو ما يدب على الأرض قد تأتي في لسان الشرع عامة للطير وما سواه ومن ذلك قوله تعالى (وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأَْرْضِ إِلا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ ) [هود : 6] وقد يفرد أحياناً فيجعل نوعاً آخر مع الدواب كقوله تعالى (وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلاَّ أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ) [الأنعام : 38] ففي الآية الأولى أدخل الطير في عموم الدواب لأنه إذا سقط على الأرض دبّ عليها . قوله كلهن فاسق : الفسق لغة هو الخروج يقال فسقت الحبة إذا خرجت من قشرتها وشرعاً الخروج عن طاعة الله وطاعة رسوله ﷺ. قوله يقتلن في الحرم وفي رواية في الحل والحرم :أي يجوز قتلهن ولا يمنع قتلهن في الحرم ولا في الإحرام . قوله الغراب …إلخ:تفصيل من العدد الأول والغراب نوع من الطيور معروف والحدأة : طير يختطف بعض الأشياء قد يكون من اليد العقرب : معروفة تلدغ بمؤخرها الفأرة : نوع من الجرذان والكلب العقور: أي المتصف بالعقر قوله ولمسلم يقتلن خمس فواسق في الحل والحرم : يجوز على رواية الإضافة فتح فواسق وعلى رواية التنوين ضمها وإعراب الضم خمسُ مبتدأ وهي نكرة سوغها للابتداء الوصف بفواسق وفواسق خبر المعنى الإجمالي أخبر النبي ﷺ خبراً يتضمن الأمر أن خمساً من الدواب كلهن يتصف بالفسق لذلك فإنه يباح قتلهن في الحل والحرم والإحرام ثم بين تلك الخمس بقوله الغراب والحدأة والعقرب والفأرة والكلب العقور فقوله الغراب وما بعده هو تفصيل للعدد الأول ويعرب إعرابه فقه الحديث أولاً : يؤخذ من الحديث أن هذه الخمس يجوز قتلهن في الحل والحرم والإحرام لما اتصفنّ به من الإيذاء وإن كان الإيذاء فيهن مختلف قد يكون بعضهن أشد من بعض ثانياً : يؤخذ من قوله خمس ثم أتى بهذه الأجناس الخمسة مع أنه قد ورد في بعض الروايات إضافة الحية والحية أذيتها أشد فهل يقال أن جواز القتل مقصور على هذه الخمس أو أنه يتعدى كل واحدة منها إلى كل ما اتصف بالإيذاء مما يشبه نوع إيذائها فمن أهل العلم من قصرها على هذه الخمس فقط ومنهم من توسع فعدّا هذا الحكم إلى ما أشبهها في الإيذاء ثالثاً : قال هؤلاء إنما خصت بالذكر لينبه بها على ما في معناها وأنواع الأذى مختلف فيها فيكون ذكر كل نوع منها على جواز قتل ما فيه ذلك النوع (يعني من الأذى) فنبه بالحية والعقرب على ما يشاركهما في الأذى باللّسع كالبرغوث مثلاً عند بعضهم ونبه بالفأرة على ما أذاه بالنقب والتقريض كابن عرس ونبه بالغراب والحدأة على ما أذاه بالاختطاف كالصقر والباز ونبه بالكلب العقور على كل عاد بالعقر والافتراس بطبعه كالأسد والفهد والنمر . رابعاً :العلة في جواز قتل هذه الأشياء في الحل والحرم والتي وصف كل واحد منها بأنه فاسق اختلف فيها قول الأئمة فقال بعضهم العلة في ذلك الإيذاء وهذا القول محكي عن الإمام مالك ويذكر عن الشافعي أنه قال إنما أبيح قتلها لأنه لا يجوز أكلها وكأنه والله أعلم أخذ ذلك من حكم الصيد حيث منع قتله في الحرم وفي حالة الإحرام في غير الحرم ولكن الوصف بالفسق يدل على صحة ما ذهب إليه الإمام مالك رحم الله تعالى الجميع لأن تقديم الوصف بالفسق دال على إباحة قتلها إنما هو لذلك . خامساً : اختلف في الكلب العقور هل المراد به الكلب الإنسي المعروف إذا اتصف بالعقر وعلى هذا فيكون قتله مبني على وصف بعد وصف فوصف الكلبية لا يبيح القتل بمجرده حتى يتصف بالعقر وذهب آخرون إلى أنه نبه بهذا الوصف على كل ما اتصف بالعقر طبيعة كالسبع والنمر والفهد واستدل أهل هذا القول بأن النبي ﷺ لما دعا على عتبة بن أبي لهب بأن يسلط الله عليه كلباً من كلابه فافترسه السبع فدل على تسميته بذلك . سادساً : أخذ من قوله الكلب العقور أن من قتل ثم لجا إلى الحرم فإنه يقتل فيه ذلك لأنه ارتكب القتل عدواناً فاتصف بالفسق بعدوانه ثم هو أولى بذلك من الحيوان غير المكلف فإذا كان الحيوان غير المكلف أبيح قتله لاتصافه بالعقر فالإنسان المكلف إذا ارتكب الفسق هتك حرمة نفسه فكان أولى بهذا الحكم من الحيوان غير المكلف وهذا فقه دقيق كما قال ابن دقيق العيد وهذا ليس عندي بالهين وفيه غور فلينتبه له أهـ ومعنى فيه غور أي فيه غوص على العلل والمعاني التي توجب إلحاق شيء بشيء .-------- تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ. تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ] [ المجلد الثالث ] رابط تحميل الكتاب : http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf . |
بسم الله الرحمن الرحيم تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي -رحمه الله - باب دخول مكة وغيره [220] الحديث الأول : عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ دخل مكة عام الفتح وعلى رأسه المغفر فلما نزعه جاءه رجل فقال : ابن خطل متعلق بأستار الكعبة فقال اقتلوه . موضوع الحديث: جواز دخول مكة بغير إحرام لمن لم يرد الحج أو العمرة المفردات قوله وعلى رأسه المغفر :المغفر هو نوع من لأمة الحرب يزرد زرداً كزرد الدروع إلا أنه يوضع على الرأس والظاهر أنه هو غير الخوذة فلما نزعه أي رفعه جاءه رجل فقال : ابن خطل متعلق بأستار الكعبة فقال اقتلوه ابن خطل : قيل اسمه عبد العزى وقيل اسمه عبدالله وهو ممن أباح النبي ﷺ دمه وذلك أنه أسلم وهاجر ثم أرسله النبي ﷺ جابياً للصدقة وكان معه رجل من الأنصار وكان أخو ابن خطل قد قتل قتله رجل من الأنصار فكأنه ورّى بإسلامه خدعة وكان يكتب للنبي ﷺ فلما أرسله جابياً نام وقال للأنصاري الذي معه اصنع طعاماً فلم يصنع الأنصاري شيئاً فقتله وفرّ إلى مكة وكان يقول الشعر في هجاء النبي ﷺ فأباح النبي ﷺ دمه وكان قتله في الساعة التي أباح الله عز وجل القتال في الحرم للنبي ﷺ فيها المعنى الإجمالي أن النبي ﷺ دخل مكة يوم الفتح مقاتلاً ولم يقصد أداء النسك فدخل والمغفر على رأسه فبلغه أن ابن خطل متعلق بأستار الكعبة فأمر بقتله فقه الحديث أولاً : يؤخذ من هذا الحديث جواز دخول مكة بدون إحرام لمن له حاجة غير النسك ثانياً : يؤخذ من الحديث أن النبي ﷺ أمر بقتل ابن خطل وكان متعلقاً بأستار الكعبة لارتداده وعظيم جرمه لكونه هجا رسول الله ﷺ وكذب عليه بعد أن ارتد عن الإسلام ثالثاً : يؤخذ من هذا الحديث أن الله أباح القتال في مكة لنبيه ﷺ يوم الفتح وكان قتل ابن خطل مع كونه متعلقاً بأستار الكعبة في تلك الساعة وبالله التوفيق . .-------- تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ. تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ] [ المجلد الثالث ] رابط تحميل الكتاب : http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf . |
بسم الله الرحمن الرحيم تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي - رحمه الله - [221] الحديث الثاني : عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله ﷺ دخل مكة من كداء من الثنية العليا التي بالبطحاء وخرج من الثنية السفلى . موضوع الحديث: استحباب الدخول من كداء وهي ثنية الحجون المفردات كداء : كداء بفتح الكاف والدال وألف بعدها همزة هي ثنية الحجون المعروفة الآن التي ينزل منها السائر على مقابر مكة وكُدى عقبة أخرى بضم الكاف وفتح الدال بعدها ألف مطوية تكتب بياء وهي التي في أسفل الحرم والسنة الخروج منها وهناك موضع آخر يقال له كدي بضم الكاف وفتح الدال بعدها ياء مشددة المعنى الإجمالي في هذا الحديث أن النبي ﷺ دخل من الثنية العليا وهي ثنية الحجون التي بالفتح ولهذا قالوا افتح وادخل وضم واخرج . فقه الحديث يؤخذ من هذا الحديث استحباب الدخول من ثنية الحجون عند من يرى أن ذلك من باب التشريع والتعبد وذهب قوم إلى أن النبي ﷺ دخل من ثنية الحجون لأنها كانت أسمح لدخوله وأقرب لطريقه وعلى هذا فلا يسن الدخول منها إلا لمن جاء من طريقها أما من جاء من طريق آخر فإنه يدخل إلى الحرم من طريقه ولا يكلف بالذهاب إلى عقبة الحجون وأقول هذا هو الراجح فيما أرى وبالأخص أن خطة المرور في أيام الحج قد يكون أنها تجعل الذهاب إلى هذه العقبة صعباً فينبغي للحاج والمعتمر أن لا يكلف نفسه ذلك بل يدخل من أي طريق تيسر له الدخول منه وكان أسمح لاتجاهه وبالله التوفيق . .-------- تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ. تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ] [ المجلد الثالث ] رابط تحميل الكتاب : http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf . |
بسم الله الرحمن الرحيم تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي -رحمه الله - [222] الحديث الثالث : عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما قال دخل رسول الله ﷺ البيت وأسامة بن زيد وبلال وعثمان بن طلحة فأغلقوا عليهم الباب فلما فتحوا كنت أول من ولج فلقيت بلالاً فسألته : هل صلى فيه رسول الله ﷺ قال نعم بين العمودين اليمانيين . موضوع الحديث : الصلاة في الكعبة المفردات قوله وأسامة بن زيد وبلال وعثمان بن طلحة : هذه الأسماء مرفوعة على الفاعلية عطفاً على قوله دخل رسول الله ﷺ قوله فأغلقوا عليهم الباب : الفاء هنا عاطفة فلما فتحوا أي فتحوا الكعبة كنت أول من دخل ومن هنا موصولة فلقيت بلالاً فسألته هل صلى فيه : الضمير يعود إلى البيت أي الكعبة ، رسول الله ﷺ قال نعم بين العمودين اليمانيين . المعنى الإجمالي يخبر عبدالله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله ﷺ دخل الكعبة ومعه أسامة بن زيد وبلال وعثمان بن طلحة وأغلق عليهم الباب أي خشية أن يتتابع الناس في الدخول فلما فتحوا يقول عبدالله بن عمر كنت أول من دخل فلقيت بلالاً … إلخ يعني أن بلالاً أخبره أن رسول الله ﷺ صلى في بطن الكعبة بين العمودين اليمانيين . فقه الحديث يؤخذ من هذا الحديث عدة مسائل : أولاً: يؤخذ من هذا الحديث قبول خبر الواحد وهذا فرد من أفراد لا تحصى كما قال ابن دقيق العيد أي كلها أدلة على قبول خبر الواحد وفي ذلك رد على من رد الآحاد من الحديث ولم يقبل إلا المتواتر وقد حشد الشافعي رحمه الله الأدلة على قبول خبر الواحد في كتابه اختلاف الحديث ثانياً : يؤخذ من هذا الحديث جواز الصلاة في جوف الكعبة وقد اختلف في ذلك الأئمة فذهب مالك وأحمد بن حنبل إلى عدم جواز صلاة الفريضة في جوف الكعبة وفوقها وأجازوا ذلك في النافلة وذهب الشافعي وأبو حنيفة إلى جواز الفرض والنافلة في جوف الكعبة أو فوقها واستدلوا على ذلك بصلاة النبي ﷺ في جوف الكعبة أما النفل فقال ابن قدامة في المغني وتصح النافلة في الكعبة وعلى ظهرها لا نعلم في ذلك خلافاً وأقول إن قول الشافعي وأبي حنيفة هنا أي في هذه المسألة هو الراجح لأن النبي ﷺ صلى في جوف الكعبة والتفريق بين الفريضة والنافلة لا دليل عليه أما قول المانعين بأنه لا يكون مستقبلاً لها فهذا القول فيه نظر بل إن من استقبل جزءاً منها ولو كان في جوفها أو على ظهرها فإن صلاته صحيحة ومن كان في جوفها أو على ظهرها فإنه يعد قد استقبل جزءاً منها ثالثاً :أخبر بلال أن النبي ﷺ صلى بين العمودين اليمانيين وجعل بينه وبين الجدر الذي استقبله حوالي ثلاثة أذرع والكعبة كانت في ذلك الوقت على ستة أعمدة وهما سطران يعني ثلاثة بعد ثلاثة فالنبي ﷺ عندما دخل من الباب تقدم إلى العمودين اليمانيين من الثلاثة الأعمدة التي تقرب إلى الجدر الغربي المقابل للجدر الذي فيه الباب وصلى بين عمودين منها فجعل عموداً عن يساره وعمودين عن يمينه وثلاثة خلفه ثم صلى . انظر التفصيل في البداية والنهاية وفي فتح الباري إن شئت رابعاً : أخذ من هذا الحديث دليل على جواز الصلاة بين السواري وليس في ذلك دليل إلا للمنفرد أما صلاة الجماعة التي ورد فيها النهي أو الكراهة فإن هذه القصة لا تتناولها ذلك لأن الكراهة إنما قيل بها من أجل أن الصلاة بين السواري تقطع الصف فلذلك كره والدليل على ذلك حديث أنس بن مالك رضي الله عنه وهو حديث صحيح صححه الحاكم وكذا الحافظ في الفتح وحكى تصحيحه الصنعاني في العدة وعلى هذا فينبغي أن يقال بكراهة الصلاة بين السواري في الجماعة أما الفرادى فيجوز والأولى للمنفرد أن يصلي إلى السارية وليس بين السواري والظاهر أن ذلك يجوز بدون كراهة عند الضرورة ومع الكراهة عند عدم الضرورة أي في صلاة الجماعة وهو ما يفهم من كلام الصنعاني وابن حجر والله أعلم .-------- تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ. تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ] [ المجلد الثالث ] رابط تحميل الكتاب : http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf . |
بسم الله الرحمن الرحيم تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي - رحمه الله - [223] الحديث الرابع : عن عمر رضي الله عنه أنه جاء إلى الحجر الأسود فقبله وقال :إني لأعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع ولولا أني رأيت النبي ﷺ يقبلك ما قبلتك . موضوع الحديث: وجوب المتابعة لأمر الله وأمر رسوله ﷺ المفردات قوله إني لأعلم أنك حجر : تأكيد للعلم بذلك لا تضر ولا تنفع : أي ليس عندك ضرر ولا نفع وإنما أقبلك تأسياً برسول الله ﷺ قوله ولولا أني رأيت رسول الله ﷺ يقبلك ما قبلتك : لولا حرف امتناع لوجود أي أنه امتنع عدم تقبيله لك لوجود تقبيل رسول الله ﷺ للحجر المعنى الإجمالي يقرر عمر رضي الله عنه مبدءاً دينياً أن الأصل في الأعمال الدينية الإخلاص لله والمتابعة لرسول الله ﷺ وليس تقبيل الحجر لسر في حجريته فقه الحديث يؤخذ من هذا الحديث أن الأفعال التعبدية تقوم على أمرين : الأمر الأول الإخلاص لله تعالى امتثالاً لأمر الله تعالى كما في قوله تعالى (إِنَّ اللَّهَ هُوَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ) [ آل عمران : 51 ] وفي قوله (وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ) )[ البينة : 5] الأمر الثاني المتابعة لرسول الله ﷺ فنحن إذا قبلنا الحجر الأسود أو تطوفنا بالكعبة أو وقفنا بعرفات أو رمينا الجمرات فإنما نفعل ذلك إخلاصاً لله تعالى ومتابعة لرسوله ﷺ لا لغرض آخر كما تزعمه الديانة الوثنية إذ أن ديننا يقوم على الإخلاص والمتابعة والله الموفق .-------- تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ. تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ] [ المجلد الثالث ] رابط تحميل الكتاب : http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf . |
بسم الله الرحمن الرحيم تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي - رحمه الله - [224] الحديث الخامس : عن عبدالله بن عباس رضي الله عنهما قال لما قدم رسول الله ﷺ وأصحابه مكة فقال المشركون إنه يقدم عليكم قوم وهنتهم حمى يثرب فأمرهم النبي ﷺ أن يرملوا الأشواط الثلاثة وأن يمشوا ما بين الركنين ولم يمنعهم أن يرملوا الأشواط كلها إلا الإبقاء عليهم . موضوع الحديث : الرمل المشروع في طواف القدوم المفردات قوله لما قدم رسول الله ﷺ وأصحابه مكة فقال المشركون : الذي يظهر أن الفاء هنا فاء السببية أي بسبب ذلك قال المشركون . قوله إنه يقدم عليكم : فعل مضارع من قدم يقدم من باب فرح يفرح ومصدره قدوماً قوله وهنتهم حمى يثرب : أي أنهكتهم وأضعفتهم وقد كانت المدينة كثيرة الحمى فلما قدم المهاجرون من قريش وتأثروا بحمى يثرب دعا النبي ﷺ ربه بأن ينقل حمى المدينة إلى الجحفة (فَقَالَ اللَّهُمَّ حَبِّبْ إِلَيْنَا الْمَدِينَةَ كَحُبِّنَا مَكَّةَ أَوْ أَشَدَّ وَصَحِّحْهَا وَبَارِكْ لَنَا فِي صَاعِهَا وَمُدِّهَا وَانْقُلْ حُمَّاهَا فَاجْعَلْهَا بِالْجُحْفَةِ ) وجاء في الحديث أن النبي ﷺ قال (قَالَ رَأَيْتُ كَأَنَّ امْرَأَةً سَوْدَاءَ ثَائِرَةَ الرَّأْسِ خَرَجَتْ مِنَ الْمَدِينَةِ حَتَّى قَامَتْ بِمَهْيَعَةَ وَهِيَ الْجُحْفَةُ فَأَوَّلْتُ أَنَّ وَبَاءَ الْمَدِينَةِ نُقِلَ إِلَيْهَا ) فأمرهم النبي ﷺ أن يرملوا الأشواط الثلاثة : الرمل شدة الحركة في المشي هكذا نقل عن القاضي عياض وقال الجوهري هو الوثب الخفيف وهو ضرب من السير بين المشي السريع والسعي . أن يرملوا الأشواط الثلاثة : الذي يظهر أن التخصيص بالأشواط الثلاثة إنما كان في حجة الوداع أما الأمر الأول الذي في عمرة القضاء فقد أمرهم بالرمل ما بين ركن الحجر إلى الركن اليماني لكن في حجة الوداع أمرهم أن يرملوا الأشواط الثلاثة الأول فقط. قوله إلا الإبقاء عليهم : أي عدم التكليف أو التحريج عليهم المعنى الإجمالي لما قدم النبي ﷺ وأصحابه في عمرة القضاء قال المشركون هذه المقالة فيما بينهم وأطلع الله نبيه ﷺ على ذلك فأمرهم أن يرملوا فلما رأتهم قريش قالوا ما هؤلاء إلا كالغزلان فصارت سنة. فقه الحديث يؤخذ من هذا الحديث مشروعية الرمل في الأشواط الثلاثة الأول فإن قيل فما فائدة بقاء الرمل وقد نصر الله نبيه ﷺ وذهب العدو الذي كان يريد لهم الضعف والجواب أن الله عز وجل أبقى هذه السنة لحكمة كما أبقى سنناً وأحكاماً ذهب سبب شرعيتها وبقيت تلك الأحكام ليتذكر كل من طبق هذه الشرعية أو هذا الحكم ليتذكروا السبب الذي وجد به ويتذكروا من وقع السبب على يديه من الأنبياء وأتباعهم فمناسك الحج أبقاها الله من آثار نبيه وصفيه وخليله إبراهيم وأهل بيته فالسعي مثلاً شرع ليكون فيه ذكرى لأم إسماعيل وإسماعيل ورمي الجمار شرع ليتذكر به الناس ذلك الإمام الموحد الذي أمره الله عز وجل أمراً بواسطة الرؤيا أن يذبح ابنه الوحيد بعد ما شاخ وهو في بلد الغربة بالمهاجر بحاجة إلى الأنصار والأعوان ولكن ذلك لم يصده عن امتثال أمر ربه أولاً بتركه وأمه في ذلك الوادي وبين تلك الجبال الموحشة ففعل ذلك ثقة بربه وإيماناً بوعده وتوكلاً عليه ولما تركهما وتبعته هاجر تقول يا إبراهيم إلى من تتركنا هاهنا في هذا الوادي الذي ليس فيه أنيس ولا شئ وهو لا يجيبها ولا يلتفت إليها حتى قالت آلله أمرك بهذا قال نعم ولم يكن قلب إبراهيم من تلك القلوب الحجرية التي لا ترأف ولا ترحم ولكنه صبر منقطع النضير فلما قال لها ذلك قالت إذا لا يضيعنا وهذا غاية التوكل الذي قد يعجز عنه فحول الرجال وأراد الله أن يجعل من تلك الأسرة العظيمة الإيمان الكبيرة المعنى القوية التوكل ذكرى لعباده وكذلك لما أراد ذبح ابنه أيضاً اعترضه الشيطان وفي كل مرة يرميه بالحجر حتى يسيخ وفي المرة الثالثة لم يتحول عن مكانه بل حاول التنفيذ فصرع ابنه عازماً على التنفيذ أن يفعل ما أمره الله به من الذبح له فناداه جبريل من ورائه يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا إنا كذلك نجزي المحسنين وفديناه بذبح عظيم فما بقاء الرمل في طواف كل قدوم إلا ذكرى من هذه الذكريات التي جعلها الله عنواناً على ما قدمه الخُلَص من عباده من التضحيات في سبيله حتى كانوا مضرب المثل في التوكل والإيمان وبالله التوفيق . .-------- تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ. تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ] [ المجلد الثالث ] رابط تحميل الكتاب : http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf . |
بسم الله الرحمن الرحيم تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي -رحمه الله- [225] الحديث السادس : عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما قال رأيت رسول الله ﷺ حين يقدم مكة إذا استلم الركن الأسود أول ما يطوف يخب ثلاثة أشواط . موضوع الحديث : الرمل في الأشواط الثلاثة من طواف القدوم المفردات قوله استلم الركن الأسود : يعني به ركن الحجر أول ما يطوف : يعني عند ابتداءه يخب : الخبب هو والرمل متقاربان وهو سير سريع فوق المشي السريع ودون السعي الذي هو الجري ثلاثة أشواط : الأشواط جمع شوط والشوط هو الدورة من ركن الحجر إلى أن يعود مرة أخرى إليه أو إلى حذاءه . المعنى الإجمالي أن النبي ﷺ بدأ باستلام الحجر في طواف القدوم ثم خب في ثلاثة أشواط منه فقه الحديث أولاً: يؤخذ من هذا الحديث مشروعية استلام الحجر الأسود عند البدأ بالطواف ثانياً : يؤخذ منه أن الركن الأسود هو محل البدأ بالطواف فلا بد أن يبدأ منه وينتهى إليه ثالثاً: أنه لو قصر عنه في النهاية ولو بخطوة أو ببعض خطوة لم يصح الطواف رابعاً :يؤخذ منه مشروعية الرمل أو الخبب في الأشواط الثلاثة الأول خامساً : ومما يسن في طواف القدوم الاضطباع وهو أن يجعل وسط ردائه تحت إبطه الأيمن ويخالف بين طرفيه على منكبه الأيسر وبالله التوفيق . .-------- تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ. تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ] [ المجلد الثالث ] رابط تحميل الكتاب : http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf . |
بسم الله الرحمن الرحيم تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي -رحمه الله - [226] الحديث السابع : عن عبدالله بن عباس رضي الله عنهما قال طاف النبي ﷺ في حجة الوداع على بعير يستلم الركن بمحجن . موضوع الحديث: مشروعية الطواف راكباً على البعير المفردات حجة الوداع : هي الحجة التي حجها رسول الله ﷺ بعد الهجرة ثم توفى بعدها وسميت حجة الوداع لأن النبي ﷺ ودّع فيها الناس بقوله (لِتَأْخُذْ أُمَّتِي نُسُكَهَا فَإِنِّي لا أَدْرِي لَعَلِّي لا أَلْقَاهُمْ بَعْدَ عَامِي هَذَا). على بعير : أي راكباً على بعير يستلم الركن : المراد بالركن هنا ركن الحجر بمحجن : المحجن فسره مؤلف العمدة بأنه عصاً محنية الرأس وأقول المعروف أن المحجن عصاً محنية الرأس خلقةً وهو ما يسمى بالمشعاب لا بمحاولة ومعالجة كما يفعل بالخيزران . المعنى الإجمالي يخبر عبدالله بن عباس رضي الله عنهما أن النبي ﷺ طاف على بعير وكان إذا حاذ الركن وضع محجنه على الحجر ثم استلمه فقه الحديث يؤخذ من هذا الحديث مسائل المسألة الأولى: جواز الطواف راكباً وهذا يعني أنه فضّل الطواف راكباً لمصالح دعت إلى ذلك وإلا فالأصل أن طواف الماشي أفضل إذا عُري من تلك المصالح أولاً :أن جميع الحاضرين يرون النبي ﷺ فيثبت لهم حكم الصحبة لكونهم رأوه ثانياً: ليقتدوا به في أفعاله ثالثاً : ليسن الركوب في الطواف فلا يكون هناك حرج على من احتاج إليه . المسألة الثانية :إدخال البعير في المسجد يؤخذ منه طهارة فضلات الإبل كالبول والروث وذلك يؤخذ بطريق التأويل فيقال إدخال البعير في المسجد مع كونه لا يؤمن أن يبول فيه أويروث دال على طهارة بول البعير وروثه ولو لم يكن كذلك ما أدخل المسجد . المسألة الثالثة :لا يجوز أن نستدل بالركوب فندخل الحمار ليركبه الطائف لأن روث الحمار وبوله نجس قطعاً فقد جاء في الحديث أن النبي ﷺ (خرج إلى الخلاء ومعه أبو هريرة فقال له أبغني أحجاراً استنفض بها فأتاه بحجرين وروثة) وفي صحيح ابن خزيمة أن الروثة روثة حمار فرمى النبي ﷺ الروثة وقال إنها ركس أو رجس فدل أن فضلات الحمار رجس أي نجسة إذاً فمن أراد أن يطوف على مركب فليكن مما يؤكل لحمه كالإبل والخيل علماً بأن طهارة أبوال الإبل وأرواثها متقررة بأدلة أخرى غير هذا وهو أذن النبي ﷺ للعرنيين في الشرب من أبوالها . المسألة الرابعة :ذهب الشافعي وأبو حنيفة إلى نجاسة أبوال وأرواث ما يؤكل لحمه من بهيمة الأنعام وهما محجوجان بالأدلة الواردة على ذلك منها ما سبق ذكره ومنها صلاة النبي ﷺ في مكان الغنم أي محل مبيته الذي فيه بول الغنم وروثه المسألة الخامسة :يؤخذ من هذا الحديث جواز استلام الركن باليد أو بالعصا ويقبل الطائف ما مس الحجر من اليد أو العصا المسألة السادسة :لا يجوز تقبيل شيء من الكعبة أو غيرها غير الحجر الأسود ويشرع لمس الركن اليماني بدون تقبيل وبدون تكبير وبدون إشارة . المسألة السابعة : إنما ترك النبي ﷺ استلام الركنيين الشماليين لأنهما قد غيرا عن قواعد إبراهيم فلذلك لم يشرع لهما لمس ولا تقبيل المسألة الثامنة : لعل بعض من يريدون القدح في الدين ويقولون أن تقبيل الحجر والطواف بالكعبة من عبادة الحجارة فلم تنكرون على الذين يتطوفون بالقبور أو يتطوفون بالأصنام وأنتم واقعون في ذلك ويقال لهم كذبتم نحن لم نقبل الحجر لذاته وإنما قبلناه لأمر الله عز وجل وأمر رسوله ﷺ وقد قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه(إِنِّي أَعْلَمُ أَنَّكَ حَجَرٌ لاَ تَضُرُّ وَلاَ تَنْفَعُ وَلَوْلاَ أَنِّي رَأَيْتُ النَّبِيَّ ﷺ يُقَبِّلُكَ مَا قَبَّلْتُكَ) والطواف بالكعبة أمرنا الله به فقال تعالى (وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ ) [الحج : 2] فنحن ممتثلون لأمر الله عز وجل ولأمر رسوله ﷺ ومتابعته فلذلك فإن انتقادكم هذا في غير محله فنحن إنما نعبد الله ونؤدي هذه العبادات طاعة وتعبدا له لا لهذه الأحجار وبالله التوفيق. .-------- تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ. تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ] [ المجلد الثالث ] رابط تحميل الكتاب : http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf . |
بسم الله الرحمن الرحيم تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي -رحمه الله - [227] الحديث الثامن : عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما قال لم أرّ النبي ﷺ يستلم من البيت إلا الركنيين اليمانيين . موضوع الحديث: الإشارة إلى علة استلام الركنيين اليمانيين يعني ركن الحجر والذي يقابله. المفردات : قوله اليمانيين: وصف للركنيين لأنهما يقابلان اليمن المعنى الإجمالي : صلوات الله وسلامه على خليله إبراهيم فلقد كان قدوة للموحدين ومن أجل ذلك فقد جعل الله مآثره مناسك حتى أن الله عز وجل لم يشرع على لسان رسوله ﷺ استلام الركنيين الشماليين لأنهما قد غيرا عن قواعد إبراهيم وشرع استلام الركنيين اليمانيين لكونهما لم يغيرا فقه الحديث : قد تقدم في الباب قبله وبالله التوفيق . .-------- تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ. تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ] [ المجلد الثالث ] رابط تحميل الكتاب : http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf . |
بسم الله الرحمن الرحيم تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي -رحمه الله - بــاب التمتـع التمتع في اللغة : هو التلذذ والمقصود هنا التلذذ بالحل بعد التحلل من إحرام العمرة بالطواف والسعي وبالحلق أو التقصير ويقع أيضاً على ما يسمى تمتعاً بسقوط أحد السفرين وكلاهما حاصل للمتمتع . والتمتع شرعاً : هو الإحرام بعمرة في أشهر الحج والتحلل منها والبقاء في مكة بعد التحلل ثم الإحرام بالحج في اليوم الثامن وهو يوم التروية وقد جعل الله عز وجل بدلاً عن السفر الذي كان مفروضاً للحج بأن يعود إلى الميقات ويحرم بالحج منه جعل الله عز وجل بدلاً عن ذلك بما شرعه من الهدي وهو أن يشتري الهدي من داخل الحرم ويذبحه في يوم العيد أو أيام التشريق وأقله شاة أو سبع بدنة وأكثره بدنة فإن لم يجد الحاج الدم ولا قيمة يشتري بها شرع له أن يصوم عشرة أيام ثلاثة في الحج وسبعة إذا رجع إلى أهله وقد حصل للحاج التمتع الذي هو التلذذ بالحل من حين يحل في أشهر الحج إلى أن يحرم بالحج وقد اختلف أهل العلم فيمن خرج عن الحرم أو عن المواقيت أو رجع إلى أهله هل يعتبر قد أُلغىَ التمتع في حقه أم لا ؟ فمن أهل العلم من قال إذا خرج مسافة قصر ألغي تمتعه ومنهم من قال إذا خرج خارج المواقيت ألغي تمتعه ومنهم من قال أنه لا يلغى تمتعه إلا إذا عاد إلى أهله والذي يترجح لي : أن تمتع المتمتع باق ما لم يخرج عن المواقيت أو أحدها ذلك لأن الإحرام بالحج والعمرة يكون من المواقيت فمن خرج عن المواقيت فإن تمتعه الأول قد ألغى وعليه أن يختار له نسكاً إذا مرّ بالميقات الذي يمر عليه لقول النبي ﷺ هن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن ممن أراد الحج والعمرة ) هذا ما ظهر لي في هذه المسألة وأرجو أن ذلك هو الصواب . وبالله التوفيق .-------- تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ. تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ] [ المجلد الثالث ] رابط تحميل الكتاب : http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf . |
بسم الله الرحمن الرحيم تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي -رحمه الله- [228] الحديث الأول: عن أبي جمرة نصر بن عمران الضبعي قال سألت ابن عباس عن المتعة ؟ فأمرني بها وسألته عن الهدي فقال فيه جزور أو بقرة أو شاة أو شرك في دم قال وكان ناس كرهوها فنمت فرأيت في المنام كأن إنساناً ينادي حج مبرور ومتعة متقبلة فأتيت ابن عباس فحدثته فقال الله أكبر سنة أبي القاسم ﷺ . موضوع الحديث: تفضيل المتعة المفردات التمتع : قد سبق شرحه في المقدمة وكذلك المتعة الهدي : هو ما يهديه الحاج إلى الكعبة وينقسم إلى قسمين هدي واجب وهو ما شرع جبراناً لنقص كهدي التمتع والقران وهدي تطوع وهو ما يتطوع به الإنسان ولم يكن واجباً عليه قوله وكان ناس كرهوها :أي كرهوا التمتع بالعمرة إلى الحج لم استقر في أذهانهم من نهي عمر رضي الله عنه عن التمتع وأمره بالإفراد قوله فرأيت في المنام .. إلخ :أي أنه رأى تلك الرؤيا التي دلت على أن التمتع سنة ولهذا فإنها قد سرّت عبدالله بن عباس رضي الله عنهما المعنى الإجمالي يخبر نصر بن عمران الضبعي أنه سأل ابن عباس رضي الله عنهما عن المتعة فأمره بها ثم إنه بعد ذلك حج متمتعاً فقال أصحابه في ذلك وانتقدوه حتى وقع في نفسه شك مما صنع فتحلل من العمرة ثم نام فرأى في النوم أن إنساناً يقول له حج مبرور ومتعة متقبلة فذهب إلى ابن عباس فأخبره فسرّ ابن عباس بهذه الرؤيا وقال الله أكبر سنة أبي القاسم ﷺ ثم أمره أن يقيم عنده حتى يقاسمه ماله سروراً بهذه الرؤيا وإعجاباً بها فقه الحديث أولاً: يؤخذ من هذا الحديث مشروعية التمتع وأنه أفضل الأنساك ثانياً : يؤخذ منه الاستئناس بالرؤيا إذا وافقت الحق ثالثاً: يؤخذ من قوله جزور أو بقرة أو شاة أو شرك في دم أن الهدي أدناه شاة أو شرك في دم بأن يشترك سبعة في بدنة أو بقرة وأكمله أو وأعلاه جزور أي ناقة ويشترط في الجزور والبقرة والواحدة من المعز أن تكون مسنة بمعنى أنها تكون قد طلعت لها الثنتين الأوليين من الأسنان بعد الجذع أما الضأن فيجزيء منه الجذع والجذع هو الذي يجذع أسنانه التي ولد بها ثم يطلع بدلها الثني وهو في المعز يكون ما تمت له سنة ودخل في الثانية ومن البقر ما تم له سنتان ودخل في الثالثة ومن الإبل ما تم له أربع سنين ودخل في الخامسة أما عيوب الهدي فهي عيوب الأضحية فما أجزأ في الأضحية أجزأ في الهدي . وبالله التوفيق .-------- تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ. تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ] [ المجلد الثالث ] رابط تحميل الكتاب : http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf . |
بسم الله الرحمن الرحيم تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي - رحمه الله - [229] الحديث الثاني: عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما قال تمتع رسول الله صلى في حجة الوداع بالعمرة إلى الحج وأهدى فساق معه الهدي من ذي الحليفة وبدأ رسول الله صلى وأهل بالعمرة ثم أهل بالحج فتمتع الناس مع رسول الله ﷺ فأهل بالعمرة إلى الحج فكان من الناس من أهدى فساق الهدي من ذي الحليفة ومنهم من لم يهد فلما قدم رسول الله ﷺ قال للناس من كان منكم أهدى فإنه لا يحل من شيء حرم منه حتى يقضي حجه ومن لم يكن أهدى فليطف بالبيت وبالصفا والمروة وليقصر وليحلل ثم ليهل بالحج وليهد فمن لم يجد هدياً فليصم ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع إلى أهله فطاف رسول الله ﷺ حين قدم مكة واستلم الركن أول شيء ثم خب ثلاثة أطواف من السبع ومشى أربعة وركع حين قطع طوافه بالبيت عند المقام ركعتين ثم سلم ثم انصرف فأتى الصفا وطاف بالصفا والمروة سبعة أطواف ثم لم يحلل من شيء حرم منه حتى قضى حجه ونحر هديه يوم النحر وأفاض فطاف بالبيت ثم حل من كل شيء حرم منه وفعل مثل ما فعل رسول الله ﷺ من أهدي وساق الهدي من الناس . موضوع الحديث : بيان النسك الذي حج به الرسول ﷺ وكيف صنع ﷺ لكونه ساق الهدي المفردات قوله تمتع رسول الله صلى : المراد به التمتع اللغوي وهو كونه ﷺ أدخل العمرة على الحج فكان تمتعه بتداخل النسكين وإسقاط الإحرام من الميقات لأحدهما . قوله في حجة الوداع : سميت حجة الوداع لأن النبي ﷺ قال لعلي لا ألقاكم بعد عامي هذا وسمي هذا وداعاً . قوله فساق معه الهدي من ذي الحليفة :يعني أنه ساقه من الميقات وكان هديه ثلاث وستون بدنة قوله وبدأ رسول الله ﷺ وأهل بالعمرة ثم أهل بالحج : لعله أهل بالعمرة قبل أن يعلم أن سوقه الهدي يمنع التحلل . قوله ثم أهل بالحج : أي أدخل الحج على العمرة فصار قارناً فكان من الناس من أهدى فساق الهدي من ذي الحليفة : الحليفة تصغير حلفه وهو نوع من الشجر يقال له حلفاء قوله ومنهم من لم يهد : أي لم يسق الهدي فلما قدم رسول الله ﷺ قال للناس من كان منكم أهدى أي ساق الهدي فلا يحل من شيء حرم منه حتى يقضي حجه ومن لم يكن أهدى فليطف بالبيت وبالصفا والمروة وليقصر وليحلل . التقصير هو تقصير الشعر وهو معروف قوله وليحلل :أي ليتحلل بما ذكر ومن لم يكن أهدى : أي من لم يكن ساق الهدي فليطف بالبيت وبالصفا والمروة أي للعمرة ثم ليهل بالحج يعني في اليوم الثامن وليهد : أي ليذبح هدياً إن تيسر له . قوله واستلم الركن : المراد به ركن الحجر قوله ثم خب ثلاثة أطواف : أي رمل ومشى أربعة قوله ثم لم يحلل من شيء حرم منه حتى قضى حجه : يعني رسول الله ﷺ ومن ساق الهدي من خارج الحرم وأفاض : الإفاضة هي الطواف بالبيت بعد النزول من عرفات والمبيت بمزدلفة ورمي جمرة العقبة . المعنى الإجمالي بين عبدالله بن عمر في هذا الحديث كثيراً من مناسك الحج وركز على ما يفعله من ساق الهدي وما يفعله من لم يسقه فقه الحديث أولاً: قوله تمتع رسول الله ﷺ في حجة الوداع استدل بهذه الرواية من قال أن رسول الله _ حج متمتعاً وهذا القول ضعيف يخالف الأدلة والأدلة الصحيحة دالة على أنه حج قارناً وأن المراد بالتمتع هنا القران وهو يسمى تمتع لأن صاحبه تمتع بشيئين الأول منهما تداخل النسكين في حقه بحيث يكفي لهما عمل واحد والشيء الثاني أنه سقط عنه الإحرام من الميقات للحج فتعين حمل التمتع هنا أن المقصود به القران والله أعلم . وقد أوضح ابن القيم رحمه الله أن النبي ﷺ حج قارناً من عدة وجوه . ثانياً : اختلف أهل العلم في أفضل الأنساك فكان الأفضل هو ما تمناه ﷺ في قوله (لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما سقت الهدي ولجعلتها عمرة ) . ثالثاً : يؤخذ من قوله فساق معه الهدي من ذي الحليفة أن من ساق الهدي من الميقات أو دخل به حدود الحرم فإنه يحرم عليه التحلل بالعمرة . رابعاً : وقوله وبدأ رسول الله ﷺ وأهل بالعمرة ثم أهل بالحج يؤخذ من هذه الجملة أن النبي ﷺ بدأ فأهل بالعمرة ولعله كان قاصداً هدم ما جرى عليه الناس في الجاهلية أن العمرة لا تجوز في أشهر الحج ولكن روى مسلم في صحيحه أنهم أهلوا أولاً بالحج ثم أمرهم النبي صلى أن يجعلوها عمرة . خامساً : يؤخذ من قوله ثم أهل بالحج أن الإهلال بالحج كان متأخراً عن الإهلال بالعمرة إلا أن رواية مسلم السابقة ترد ذلك . سادساً :قوله فتمتع الناس مع رسول الله _ أي أن الناس كانوا قسمين قسم ساقوا الهدي وتأسوا برسول الله ﷺ في فعله وقسم لم يسوقوا الهدي وأطاعوا رسول الله ﷺ في قوله يوضح ذلك قوله فكان من الناس من أهدى فساق الهدي ومنهم من لم يهد . سابعاً :يؤخذ من قوله فلما قدم رسول الله ﷺ قال للناس …..ألخ الحديث أن النبي ﷺ كرر الأمر عليهم مرة بعد مرة وآخرها عند المروة يعني بالتحلل بالعمرة ثامناً :يؤخذ من قوله ومن لم يكن أهدى فليطف بالبيت وبالصفا والمروة وليقصر وليحلل يؤخذ من هذا أن التقصير نسك . تاسعاً :أمر النبي ﷺ بالتقصير في العمرة من أجل أن يبقى الحلق للحج عاشراً :يؤخذ من قوله وليقصر وليحلل يؤخذ من هذا الأمر وجوب التحلل بالعمرة لمن لم يسق الهدي ولأهل العلم في هذه المسألة خلاف كبير والجمهور على الاستحباب وقال بالوجوب بعض السلف حتى أنه أثر عن ابن عباس رضي الله عنهما (أن من طاف بالبيت فقد حل شاء أم أبى الحادي عشر : يؤخذ منه على الأقل فضيلة التمتع لمن لم يسق الهدي . الثاني عشر : أن من تحلل بالعمرة فعليه هدي ويشترط في الهدي ما يشترط في الأضحية من الإجزاء وعدمه وقد تقدم . الثالث عشر : سن الهدي وقد سبق ذكر السن المشترطة في الهدي الرابع عشر : أن من لم يجد هدياً فعليه أن يصوم ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع إلى أهله الخامس عشر : قوله في الحج فيه احتمالات هل المراد به من بعد التحلل بالعمرة ولو كان التحلل قبل هلال ذي الحجة أو أنه لا بد أن يكون الصوم بعد هلال ذي الحجة أو أنه لا بد أن يكون بعد الإحرام بالحج هذه آراء للفقهاء ولعل عدم التحديد في ذلك يدل على التوسعة والأحوط ألا يصومها إلا بعد هلال ذي الحجة . السادس عشر : أنه إن لم يتمكن من صوم الثلاثة الأيام قبل عرفة فعليه أن يصومها في أيام التشريق وقد ورد الإذن من الشارع بذلك السابع عشر : أنه إن لم يتمكن من صومها في الحج فليضمها إلى السبعة عند رجوعه إلى أهله وهل يفرق بينها وبين السبعة محل نظر وخلاف بين أهل العلم الثامن عشر :قد تقدم مشروعية الخبب والاضطباع في طواف القدوم التاسع عشر : أن من لم يتمكن من أداء ركعتي الطواف عند المقام فله أن يصليها في المسجد أو في مكة أو في الحرم كله وبقية ما ذكر في الحديث فقد سبق شرحه في أحاديث متقدمة وبالله التوفيق .-------- تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ. تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ] [ المجلد الثالث ] رابط تحميل الكتاب : http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf . |
بسم الله الرحمن الرحيم تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي -رحمه الله - [230] الحديث الثالث : عن حفصة زوج النبي ﷺ رضي الله عنها أنها قالت يا رسول الله ما شأن الناس حلوا من العمرة ولم تحل أنت من عمرتك فقال : إني لبدت رأسي وقلدت هديي فلا أحل حتى أنحر موضوع الحديث : أن من ساق الهدي لا يتحلل من نسكه إلا بعد أن يبلغ الهدي محله زماناً ومكاناً المفردات ما شأن الناس حلوا : هذه جملة استفهامية قولها ولم تحل أنت من عمرتك : يصح هكذا ويصح ولم تحلل أنت من عمرتك قال إني لبدت رأسي : التلبيد هو أن يجعل في شعر الرأس شيئاً يمنعه التجعد والانتفاش كالصمغ أو الصبر أو العسل هديي : الهدي هو ما سيق إلى الكعبة إهداءً إليها لينحر في حرم الله وهذا من أفضل القرب قوله فلا أحل : هذا تكملة الجواب أي فلا يتسنى لي ولا يمكنني التحلل حتى أنحر هديي المعنى الإجمالي سألت حفصة رضي الله عنها نبي الله _ قائلة ما شأن الناس حلوا من العمرة أي بالطواف والسعي والتقصير ولم تحل أنت من عمرتك كما أمرت الناس بذلك فأجاب ﷺ بقوله إني لبدت رأسي وقلدت هديي فلا أحل حتى أنحر وكان هذا الجواب أن عنده ﷺ ما يمنعه من التحلل وهو تلبيد الرأس وتقليد الهدي وأنه لا يمكنه التحلل إلا بعد نحر الهدي إذا بلغ محله الزماني والمكاني وحلق الرأس . فقه الحديث أولاً :يؤخذ من هذا الحديث مشروعية السؤال عما اشتبه حتى يتبين الحكم ثانياً : يؤخذ من هذا الحديث أنه إذا تعارض القول والفعل فإنه ينبغي السؤال لعل هناك شيء لا يفهمه هذا المستشكل ثالثاً : أجاب النبي ﷺ بما يزيل اللبس ويرفع الإشكال ويبين الحقيقة ظاهرة لمن أرادها وهو أن من ساق الهدي وجاء به من خارج الحرم فإنه يحرم عليه التحلل حتى ينحر الهدي وهذا هو الذي منع النبي ﷺ . رابعاً :استدل بقول حفصة رضي الله عنها ولم تحل أنت من عمرتك على أن النبي ﷺ كان قارناً ويكون المراد من قولها ولم تحل من عمرتك أي من عمرتك التي أهللت بها مع حجتك وهذا هو الصواب أما قول ابن عمر أن النبي ﷺ كان متمتعاً فالمراد به القران لأن القران يسمى تمتعاً وكذلك ما ورد عن ابن عمر رضي الله عنه في صحيح مسلم بأنه سمع النبي ﷺ يقول (لبيك حجاً ) فالمراد به إهلاله أول الأمر ويعارضه حديث أنس رضي الله عنه أنه سمع النبي ﷺ يقول ( لبيك عمرة وحجاً ) فهذا محمول على آخر الأمر والجمع بينهما أن النبي ﷺ بدأ فأحرم بحجة ثم بعد ذلك أدخل عليها العمرة فصار بذلك قارناً والأدلة على أن النبي ﷺ حج قارناً أدلة كثيرة لا تقبل التأويل وما عارضها فهو قليل ومتأول . .-------- تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ. تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ] [ المجلد الثالث ] رابط تحميل الكتاب : http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf . |
بسم الله الرحمن الرحيم تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي -رحمه الله - [231] الحديث الرابع : عن عمران بن حصين رضي الله عنه قال أنزلت آية المتعة في كتاب الله تعالى ففعلناها مع رسول الله ﷺ ولم ينزل قرآن يحرمها ولم ينه عنها حتى مات . قال رجل برأيه ما شاء . قال البخاري يقال إنه عمر . ولمسلم نزلت آية المتعة – يعني متعة الحج – وأمرنا بها مع رسول الله ﷺ ثم لم تنزل آية تنسخ آية متعة الحج ولم ينه عنها رسول الله ﷺ حتى مات . ولهما بمعناه موضوع الحديث : تقرير مشروعية التمتع في الحج المفردات قوله أنزلت آية المتعة : المراد به متعة الحج لا متعة النساء لأن متعة الحج هي التي ذكرت في القرآن الكريم في قوله تعالى ( فمن تمتع بالعمرة إلى الحج … ) [البقرة : 196] الآية قوله ففعلناها مع رسول الله ﷺ : يقرر بهذا أنهم فعلوها زمنه لينفي ما يتطرق إلى الوهم أنه كان بعد زمنه قوله ولم ينزل قرآن يحرمها : مقصوده بقاء الحكم بها حتى انقطع الوحي وكذلك قوله ولم ينه عنها حتى مات قوله فقال رجل برأيه : المقصود به عمر بن الخطاب رضي الله عنه المعنى الإجمالي يقرر عمران بن حصين رضي الله عنه أن آية المتعة في الحج نزل بها القرآن وعمل بها في حياة النبي ﷺ ولم تنسخ حتى مات وفي هذا رد على من نهى عنها . فقه الحديث : أولاً : يؤخذ من هذا الحديث مشروعية التمتع وأنه هو السنة وأن الذي ينبغي متابعة النبي ﷺ في جواز مثل ذلك ومشروعيته لأنه هو المشرع ولهذا قال ولم ينه عنها حتى مات قال رجل برأيه ما شاء ثانياً : فيه إشارة إلى أن قول المعصوم ﷺ وأمره لا يعارض به قول من ليس بمعصوم ولو كان جليل القدر وعظيم المنزلة في الإسلام كعمر بن الخطاب رضي الله عنه . وبالله التوفيق . .-------- تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ. تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ] [ المجلد الثالث ] رابط تحميل الكتاب : http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf . |
بسم الله الرحمن الرحيم تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي -رحمه الله - باب الهدي قوله باب الهدي أي باب أحكام الهدي ، والهدي هو ما يهدى إلى بيت الله الحرام قال عز وجل ( هدياً بالغ الكعبة ) ثم إن الهدي ينقسم إلى أربعة أقسام 1- هدي نذر 2- هدي واجب وجب بحكم النسك كهدي التمتع 3- هدي من أفسد حجه بالجماع يوم عرفه أو قبله 4- وهدي يعمله المهدي تطوعاً فإذا فعله وعينه بالتقليد والإشعار وجب تنفيذه ولا يجوز الرجوع عنه [232] الحديث الأول : عن عائشة رضي الله عنها قالت فتلت قلائد هدي رسول الله ﷺ ثم أشعرتها وقلدها أو قلدتها ثم بعث بها إلى البيت وأقام بالمدينة فما حرم عليه شيء كان له حلاً . موضوع الحديث : أن من أرسل هدياً لا يجب عليه ولا يشرع له أن يجتنب ما يجتنبه المحرم المفردات فتلت : الفتل هو الحبك قلائد : جمع قلادة وهو ما يقلد به الهدي من جلد أو غيره كقطعة نعل متروكة ثم أشعرتها وقلدها أو قلدتها : الإشعار هو أن يضرب بالسكين في صفحة سنام البدنة أو دربة البقرة فتقطع الجلد بحيث يجرح في السنام جرحاً ثم يسلت الدم على جنب البدنة هذا هو الإشعار وهو خاص بالبدن دون غيرها فالغنم يقلد لكن لا يشعر قول عائشة وقلدها أو قلدتها : هذا الشك لا يضر لأنه لا يترتب عليه حكم بل إن التوكيل في تقليد الهدي وإشعاره جائز ثم بعث بها إلى البيت : أي بعث بهذه المواشي إلى البيت هدياً وأقام بالمدينة : أي استقرّ بها فما حرم عليه شيء كان حلاً له المعنى الإجمالي تخبر عائشة رضي الله عنها أنها فتلت بيدها قلائد هدي النبي ﷺ وقلدتها ثم بعث بها رسول الله ﷺ إلى البيت فلم يحرم عليه شيء كان حلاً له فقه الحديث : يؤخذ من هذا الحديث عدة مسائل أولاً: جواز الاستنابة في تقليد الهدي وإشعاره وأنه لا يتحتم أن المهدي هو الذي يفعل ذلك ثانياً : تقليد الهدي بأن يوضع في عنقه قلادة حبل أو ما أشبه ذلك توضع فيه قطعة نعل متروكة أو قطعة جلد وتعلق في عنق الهدي ليعلم أنه هدي هذا هو التقليد ثالثاً : يؤخذ منه مشروعية إشعار الهدي والإشعار بأن يقطع بالسكين جلد الدابة حتى يسيل الدم على صفحة جنبها الأيمن ثم يسلته بيده أي يمسحه بيده على جنب الدابة وهو خاص بالبدن دون الغنم رابعاً : يؤخذ منه أن الإشعار سنة وإلى ذلك ذهب الجمهور وخالف في ذلك أبو حنيفة فقال بعدم استحباب الإشعار وزعم أنه مثله وقد أنكر أهل العلم على أبي حنيفة مخالفته للسنة وأثر قوله هذا عن إبراهيم النخعي خامساً :يؤخذ منه جواز بعث الهدي إلى الحرم لينحر هناك والمهدي في بلده سادساً : أن من أرسل هدياً من مكان بعيد يجوز له أن يشعره ويقلده من مكانه بخلاف ما لو كان الهدي معه فإنه ينبغي أن يكون الإشعار والتقليد في الميقات عندما يحرم المهدي كما فعل النبي ﷺ سابعاً :أن من أرسل هدياً وجلس في بيته فإنه لا يحرم عليه شيء مما يحرم على المحرم وقد كان في زمن الصحابة منهم من رأى أن من أرسل هدياً وجب عليه أن يجتنب ما يجتنبه المحرم وممن قال بهذا القول ابن عباس وابن عمر وعلي وقيس بن سعد ولكن هؤلاء كلهم رجعوا إلى رواية عائشة رضي الله عنها كما رجعوا إلى روايتها في حق الجنب يصبح صائماً فرضي الله عنها وأرضاها فكم من سنة خفيت على غيرها فبينتها ورجع الناس عن أقوالهم إلى روايتها كما حصل ذلك أيضاً في عدة الحامل المتوفى عنها زوجها أن تكون بوضع الحمل كما في قصة سبيعة الأسلمية . .-------- تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ. تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ] [ المجلد الثالث ] رابط تحميل الكتاب : http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf . |
بسم الله الرحمن الرحيم تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي - رحمه الله - [233] الحديث الثاني : عن عائشة رضي الله عنها قالت أهدى رسول ﷺ مرة غنماً موضوع الحديث: مشروعية إهداء الغنم فقه الحديث أولاً : مشروعية إهداء الغنم وقد اتفق أهل العلم أن الغنم المهدى يقلد ولا يشعر لضعفه وسائر الأحكام قد تقدمت في الحديث السابق . .-------- تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ. تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ] [ المجلد الثالث ] رابط تحميل الكتاب : http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf التصفية والتربية TarbiaTasfia@ . |
بسم الله الرحمن الرحيم تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي -رحمه الله - [234] الحديث الثالث: عن أبي هريرة رضي الله عنه أن نبي الله ﷺ رأى رجلاً يسوق بدنة فقال أركبها قال إنها بدنة قال اركبها فرأيته راكبها يساير النبي ﷺ وفي لفظ قال في الثانية أو الثالثة اركبها ويلك أو يحك . موضوع الحديث : حكم ركوب البدنة المفردات بدنة : المراد بها الناقة المهداة إلى بيت الله الحرام فقال اركبها : أي أن النبي _ أمره بركوبها قوله قال إنها بدنة : كأنه ظن أن النبي _ لم يعرف كونها بدنة قال اركبها ويحك أو يلك : كلمة ويح أو ويل كلمة تقال وفرق أهل اللغة بينهما بأن ويح كلمة ترحم لمن وقع في هلكة لا يستحقها أما ويل فإنها كلمة تقال لمن وقع في هلكة يستحقها المعنى الإجمالي يخبر أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي ﷺ رأى رجلاً يسوق بدنة فأمره بركوبها ولما راجعه قال له اركبها ويلك أو يحك فقه الحديث يؤخذ من هذا الحديث أولاً: جواز ركوب البدنة عند الحاجة وبشرط عدم الإضرار بالبدنة ثانياً : يدل على جواز ركوبها هذا الحديث ويدل على تقييد ذلك بالحاجة ما رواه مسلم عن جابر(سُئِلَ عَنْ رُكُوبِ الْهَدْيِ فَقَالَ سَمِعْتُ النَّبِيَّ _ يَقُولُ ارْكَبْهَا بِالْمَعْرُوفِ إِذَا أُلْجِئْتَ إِلَيْهَا حَتَّى تَجِدَ ظَهْرًا) فإن مفهومه أنه إذا وجد غيرها تركها ثالثاً : هل يجوز الانتفاع بما يحصل من البدنة من لبن ؟ الظاهر أنه يجوز التصدق به وإن شرب من اللبن لحاجته إليه جاز له ذلك ولا يغرم قيمته على الأصح وقال مالك لا يشرب من لبنها وإن شرب منه لم يغرم والمهم أن المسألة فيها خلاف وهذا هو الذي تطمئن إليه النفس وبالله التوفيق .-------- تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ. تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ] [ المجلد الثالث ] رابط تحميل الكتاب : http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf , |
بسم الله الرحمن الرحيم تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي - رحمه الله - [235] الحديث الرابع: عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال أمرني رسول الله ﷺ أن أقوم على بدنه وأن أتصدق بلحمها وجلودها وأجلتها وأن لا أعطي الجزار منها شيئاً وقال نحن نعطيه من عندنا موضوع الحديث: التصدق بجميع الهدي وكل ما يتصل به حتى أجلة الهدي المفردات قوله أن أقوم على بدنه : أي بأن أتوكل له في القيام على البدن والإشراف عليها على ذبحها وسلخها وتوزيع لحمها وجلودها قوله بدنه : البدن جمع بدنة وهي الناقة المهداة إلى بيت الله الحرام قوله وأن أتصدق بلحمها وجلودها وأجلتها: الأجلة جمع جل أو جل والظاهر أن الضم أشهر والجل هو ما يوضع على رحل البعير والفرس والدابة من الكساء الذي يقيها الرحل كالبرذعة وقد يوضع الكساء على الهدي ليعرف أنه هدي قوله وأن لا أعطي الجزار منها شيئاً : أي بقصد الأجرة المعنى الإجمالي يخبر علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن النبي ﷺ وكل إليه القيام على بدنه ولعل المراد بالقيام أي الإشراف على علفها وسقيها إلى يوم النحر وعلى نحرها وتوزيع لحمها وجلودها في يوم النحر ونهاه أن يعطي الجزار منها شيئاً بنية الأجرة فقه الحديث أولاً: يؤخذ من هذا الحديث جواز النيابة في ذبح الهدي والتصدق بلحمه وجلوده وكل ما يتصل به ثانياً :فيه دليل على أن لحم الهدي يتصدق به جميعاً لكن يعارضه ما ورد أن النبي ﷺ أمر بأن يؤخذ يوم النحر من كل بدنة بضعة وأن توضع في قدر وتطبخ وأنها بعد ذلك طبخت فشرب النبي ﷺ وعلي بن أبي طالب من مرقها وأكلا من لحمها وعلى هذا فيحمل ما حصل في هذا الحديث على الجواز وما أمر به النبي ﷺ على التصدق بالأكثر والخلاصة أن الأمر في قوله تعالى (فكلوا منها ) هل هو أمر إرشاد أو أمر إيجاب وهو في الإرشاد أوضح ليشكروا الله عز وجل على ما أنعم عليهم بهذه البدن وأباح لهم ذبحها والأكل منها ثالثاً : ما ذكر سابقاً هو في هدي التطوع وهدي التمتع ويمنع الأكل من بعض الهدي في جزاء الصيد أو دم الجزاء عموماً الذي يكون على ترك واجب أو فعل محظور وهدي الجماع والنذر هذه يمنع الأكل منها قال البيهقي في المعرفه جـ7 ص556 لا يؤكل من فدية العراس ولا جزاء الصيد ولا النذر رابعاً :وجوب التصدق بالجلود والأجلة الخاصة بالمهدى خامساً : تحريم إعطاء الجزار أجرته من لحمها أو جلودها وكذلك رأى بعض أهل العلم من الفقهاء أن لا يعطيه شيئاً منها فيؤدي إلى التسامح بالأجرة ومن جهة أخرى يؤدي إلى المعاوضة ببعض لحم الهدي ولو كان بغير شرط ولكن الخروج من ذلك أن يسمي للجزار أجرته قبل الذبح فإذا سمى له أجرته قبل الذبح ورضي بها فحينئذ لا محظور في التصدق عليه منها سادساً : وجوب التصدق بالأجلة وهو ما يوضع على ظهر البعير من الكساء. .-------- تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ. تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ] [ المجلد الثالث ] رابط تحميل الكتاب : http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf , |
بسم الله الرحمن الرحيم تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي -رحمه الله - [236] الحديث الخامس : عن زياد بن جبير قال رأيت ابن عمر رضي الله عنهما أتى على رجل قد أناخ بدنته فنحرها فقال ابعثها قياماً مقيدة سنة محمد ﷺ . موضوع الحديث : كيفية نحر الإبل وأنها تكون في حالة قيام المفردات ابعثها : أي قومها قياماً أي حال كونها قائمة قياماً معقولة اليد اليسرى قائمة على ثلاث وهو معنى قوله صواف . مقيدة: القيد يكون في اليدين ولعل السنة أن تكون إما معقولة أو مقيدة . قوله سنة محمد ﷺ : أي تلك سنته ﷺ . المعنى الإجمالي لقد ربى رسول الله ﷺ أصحابه على النصح بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فهذا ابن عمر يرى رجلاً خالف السنة في نحر بدنته حيث نحرها وهي باركة فأخبره بالسنة تعليماً له ولسائر المسلمين فقه الحديث يؤخذ من هذا الحديث أن السنة في نحر الإبل أن ينحرها وهي قائمة مقيدة اليدين أو معقولة اليد اليسرى واقفة على ثلاث وفسرت كلمة صواف جمع صافة أنها تكون قائمة على ثلاث على اليد اليمنى والرجلين ولعل المراد بمقيدة هو عقل اليد اليسرى أو أن المراد به مقيدة اليدين أما الحكمة في ذلك فهي أن لا ترفسه برجلها إذا كانت مطلقة وقد ذهبت الحنفية إلى أن نحرها وهي باركة جائز وليس في كونها قائمة فضل على كونها باركة إلا أن قولهم هذا مردود بالأدلة فلو كان نحرها باركة مساوِ لنحرها قائمة لما أنكر ابن عمر رضي الله عنه على ذلك الرجل . .-------- تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ. تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ] [ المجلد الثالث ] رابط تحميل الكتاب : http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf , |
Powered by vBulletin®, Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd