المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : دعاء قنوت النازلة البدعي والسني وهل يزيد على شهر


ماهر بن ظافر القحطاني
17-03-2012, 10:58AM
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله وحده والصلاة والسلام على من لانبي بعده أما بعد
فدعاء القنوت للنازلة عبادة لاتعقل بالرأي ولا القياس بل يشترط لصحتها العمل بقوله تعالى في سورة الكهف فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا
قال الفضيل رحمه الله في تفسير العمل الصالح انه الخالص الصواب وذلك لاشك مقبول من الموحد الذي يقول لاإله إلا الله ويعر ف معناها وهو لامعبود بحق فتصرف العبادة له خالصة إلا الله وليس معناها لارب لاخالق لامدبر إلا الله لأن معناها لو كان كذلك لما قاتل كفار مكة رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنهم يؤمنون بالربوبية اجمالا فيقولون كما قال الله عنهم ولئن سألتهم من خلق السموات والأرض ليقولن الله
فيؤمن بشروطها كاليقين والانقياد والعلم وغيرها مما ذكره أهل العلم فمن كان كذلك واخلص في العمل بأن جعله لله سبحانه وتابع النبي صلى الله عليه وسلم في الصفة والزمان والمكان والسبب والهيئة والعدد فإن العمل يقبل منه وإلا رد عليه ولم ينفعه بل يضره لأن البدعة وأهلها في النار قال تعالى قل ءآلله أذن لكم أم على الله تفترون
وروى مسلم في صحيحه عن عائشة ر ضي الله عنها أنه قالت من أحدث في أمرنا هذا ماليس منه فهو رد وروى أحمد في مسنده عن العرباض بن سارية مرفوعا عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وفي حديث عند النسائي وكل ضلالة في النار
فدعاء القنوت عبادة لابد في شروط قبولها من هذه الشروط التوحيد الاخلاص المتابعة
وبحثنا في هذه الرسالة المختصرة في مايتعلق بعبادة بدعاء قنوت النازلة في المتابعة
ماهي السنة في دعاء القنوت ومن يفرضه رأي امام المسجد أو حاكم البلد الأمير وما هي مدته وصفته وسببه
والتحذير مما أحدث في وخولفت فيه السنة ولايكبت البدعة ويطفئها في مهدها مثل انكارها ونشر مايضادها من السنة
فأقول وبالله التوفيق مستعينا به سبحانه :
إعلم أن دعاء قنوت النازلة إنما هو كما هو معلوم دعاء والدعاء هو العبادة كما جاء في الحديث الدعاء هو العبادة
وإنها ماأحدثت بدعة إلا مات مكانها من السنة مثلها فاللهم سلم سلم
فالسنة في قنوت النازلة أن نذكرها في مسائل :
الأولى : أن يكون دعاء القنوت في نازلة اعتداء الاعداء على اهل الاسلام بالقتل أو الأسر أو التمثيل ونحو ذلك ولاتكون للطاعون والقحط وتاخر المطر وغلاء المعيشة فمن قنت لأجل ذلك فقد ابتدع
فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان لايقنت إلا إذا دعا لقوم أو دعا على قوم
وقد أصيبوا في عهد عمر بالقحط فلم يقنتوا وفي عهد الصحابة بعده طاعون عمواس فلم يقنتوا في الصلوات 0

الثانية : أن يكون على الأصح بإذن الامام لأنه أمر عام بالمسلمين فيشترط فيه اذن الامام كالخروج للغزو ونحو ذلك ويدل على ذلك كون النبي صلى الله عليه وسلم لما قنت في المسجد النبوي لم يتابعه على قنوته أئمة المساجد الذين حول المدينةكمسجد بن زريق
مع حرصهم على التاسي به فلو عرفوا أه باجتهاد كل امام مسجد لقلدوه واتبعوه وتاسوا به
ولكن لما لم ينقل عنهم ذلك علم أنه باذن ولي الامر فانه لم ياذن لهم ولو اذن لفعلوا
الثالثة : أن يدعوا في مايتعلق بالنازلة ولايزيدوا بأدعية لشباب المسلمين في كل مكان والنجاة من عذاب القبر ونحو ذلك فلو كان في الزيادة خير لما قصر رسول الله صلى الله عليه وسلم فليقتصر في الدعاء على النازلة لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يزد في الدعاء عليها

بل دعى على الظالم الباغي والذين قتلوا القراء ودعا للمستضعفين بالنجاة ولم يزد
كما في صحيح البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اللَّهُمَّ أَنْجِ عَيَّاشَ بْنَ أَبِي رَبِيعَةَ اللَّهُمَّ أَنْجِ سَلَمَةَ بْنَ هِشَامٍ اللَّهُمَّ أَنْجِ الْوَلِيدَ بْنَ الْوَلِيدِ اللَّهُمَّ أَنْجِ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ اللَّهُمَّ اشْدُدْ وَطْأَتَكَ عَلَى مُضَرَ اللَّهُمَّ اجْعَلْهَا سِنِينَ كَسِنِي يُوسُفَ
فلم يزد مايزيده اليوم أكثر أئمة المساجد بأدعية لاتعلق لها بالنازلة

رابعا : أن تكون مدته بحسب العارض فتارة شهر وتارة أكثر إلا إذا كان الاحتلال لبلاد المسلمين مستديما طويلا فلا وأما لطاري فلابأس ولو شهرا أو أكثر حتى تزول العلة ويستتب الامن على اخواننا فليس التحديد بشهر في الحديث شيء هو من الثوابت بل لزوال العلة وهي رجوع الاسرى
فإذا زال السبب ترك القنوت .فقد خرج مسلم عن أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه : " أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَنَتَ بَعْدَ الرَّكْعَةِ فِي صَلَاةٍ شَهْرًا إِذَا قَالَ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ يَقُولُ فِي قُنُوتِهِ اللَّهُمَّ أَنْجِ الْوَلِيدَ بْنَ الْوَلِيدِ اللَّهُمَّ نَجِّ سَلَمَةَ بْنَ هِشَامٍ اللَّهُمَّ نَجِّ عَيَّاشَ بْنَ أَبِي رَبِيعَةَ اللَّهُمَّ نَجِّ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اللَّهُمَّ اشْدُدْ وَطْأَتَكَ عَلَى مُضَرَ اللَّهُمَّ اجْعَلْهَا عَلَيْهِمْ سِنِينَ كَسِنِي يُوسُفَ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ ثُمَّ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تَرَكَ الدُّعَاءَ بَعْدُ فَقُلْتُ أُرَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ تَرَكَ الدُّعَاءَ لَهُمْ قَالَ فَقِيلَ وَمَا تُرَاهُمْ قَدْ قَدِمُوا 0

قال ابن القيم : " إنما قنت عند النوازل للدعاء لقوم ، وللدعاء على آخرين ، ثم تركه لما قدم من دعا لهم ، وتخلصوا من الأسر ، وأسلم من دعا عليهم و جاؤوا تائبين ، فكان قنوته لعارض ، فلما زال ترك القنوت ". (زاد المعاد 1/272 ) .

خامسا : لابأس أن يقنت في الصلوات كلها أو يقتصر على الجهرية أو الفجر وهو أكثر قنوت النبي صلى الله عليه وسلم
فروى الإمام أحمد باسناد صحيح

خرج البخاري عَنِ ابْنِ عَازِبٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَنَتَ فِي الْفَجْرِ

وخرج البخاري حَدَّثَنِي عَبْدُ الْأَعْلَى بْنُ حَمَّادٍ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رِعْلًا وَذَكْوَانَ وَعُصَيَّةَ وَبَنِي لَحْيَانَ اسْتَمَدُّوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى عَدُوٍّ فَأَمَدَّهُمْ بِسَبْعِينَ مِنْ الْأَنْصَارِ كُنَّا نُسَمِّيهِمْ الْقُرَّاءَ فِي زَمَانِهِمْ كَانُوا يَحْتَطِبُونَ بِالنَّهَارِ وَيُصَلُّونَ بِاللَّيْلِ حَتَّى كَانُوا بِبِئْرِ مَعُونَةَ قَتَلُوهُمْ وَغَدَرُوا بِهِمْ فَبَلَغَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَنَتَ شَهْرًا يَدْعُو فِي الصُّبْحِ عَلَى أَحْيَاءٍ مِنْ أَحْيَاءِ الْعَرَبِ رِعْلٍ وَذَكْوَانَ وَعُصَيَّةَ وَبَنِي لَحْيَانَ قَالَ أَنَسٌ فَقَرَأْنَا فِيهِمْ قُرْآنًا ثُمَّ إِنَّ ذَلِكَ رُفِعَ بَلِّغُوا عَنَّا قَوْمَنَا أَنَّا لَقِينَا رَبَّنَا فَرَضِيَ عَنَّا وَأَرْضَانَا وَعَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ حَدَّثَهُ أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَنَتَ شَهْرًا فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ يَدْعُو عَلَى أَحْيَاءٍ مِنْ أَحْيَاءِ الْعَرَبِ عَلَى رِعْلٍ وَذَكْوَانَ وَعُصَيَّةَ وَبَنِي لِحْيَانَ زَادَ خَلِيفَةُ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ حَدَّثَنَا أَنَسٌ أَنَّ أُولَئِكَ السَّبْعِينَ مِنْ الْأَنْصَارِ قُتِلُوا بِبِئْرِ مَعُونَةَ قُرْآنًا كِتَابًا نَحْوَهُ


وروى البخاري في صحيحه عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ لَأُقَرِّبَنَّ صَلَاةَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقْنُتُ فِي الرَّكْعَةِ الْآخِرَةِ مِنْ صَلَاةِ الظُّهْرِ وَصَلَاةِ الْعِشَاءِ وَصَلَاةِ الصُّبْحِ بَعْدَ مَا يَقُولُ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ فَيَدْعُو لِلْمُؤْمِنِينَ وَيَلْعَنُ الْكُفَّارَ

وفي صحيح مسلم عن أبي سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ وَاللَّهِ لَأُقَرِّبَنَّ بِكُمْ صَلَاةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ يَقْنُتُ فِي الظُّهْرِ وَالْعِشَاءِ الْآخِرَةِ وَصَلَاةِ الصُّبْحِ وَيَدْعُو لِلْمُؤْمِنِينَ وَيَلْعَنُ الْكُفَّارَ
وخرج بعض أهل السنن رواية في العصر والمغرب

فخرج أبوداود بسند حسن عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَنَتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَهْرًا مُتَتَابِعًا فِي الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ وَالْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ وَصَلَاةِ الصُّبْحِ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ إِذَا قَالَ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ مِنْ الرَّكْعَةِ الْآخِرَةِ يَدْعُو عَلَى أَحْيَاءٍ مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ عَلَى رِعْلٍ وَذَكْوَانَ وَعُصَيَّةَ وَيُؤَمِّنُ مَنْ خَلْفَهُ

وفي صحيح البخاري عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ كَانَ الْقُنُوتُ فِي الْمَغْرِبِ وَالْفَجْرِ




سادسا : إنما هو بعد الركوع على ماخرج البخاري عن عَاصِمٌ الْأَحْوَلُ قَالَ سَأَلْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ الْقُنُوتِ فِي الصَّلَاةِ فَقَالَ نَعَمْ فَقُلْتُ كَانَ قَبْلَ الرُّكُوعِ أَوْ بَعْدَهُ قَالَ قَبْلَهُ قُلْتُ فَإِنَّ فُلَانًا أَخْبَرَنِي عَنْكَ أَنَّكَ قُلْتَ بَعْدَهُ قَالَ كَذَبَ إِنَّمَا قَنَتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ الرُّكُوعِ شَهْرًا أَنَّهُ كَانَ بَعَثَ نَاسًا يُقَالُ لَهُمْ الْقُرَّاءُ وَهُمْ سَبْعُونَ رَجُلًا إِلَى نَاسٍ مِنْ الْمُشْرِكِينَ وَبَيْنَهُمْ وَبَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَهْدٌ قِبَلَهُمْ فَظَهَرَ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ كَانَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَهْدٌ فَقَنَتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ الرُّكُوعِ شَهْرًا يَدْعُو عَلَيْهِمْ


سابعا : أن لايرتل فيه ولايتغنى بل دعاءا سمحا بالجوامع كما يدعو الامام في سجوده من دون الناس و يتعلق دعاءه بالنازلة دون طول فإنه لم يكن يطيل فيه صلى الله عليه وسلم ولايرتله ولايزيد عن ما تتعلق به النازلة يسيرا ليس بالطويل الملحن المشقق المحمس كما يقول بعض الائمة للمساجد هداه الله

ويدل على ذلك مارواه البخاري من طريق إِسْمَعِيلُ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ مُحَمَّدٍ قَالَ قُلْتُ لِأَنَسٍ هَلْ قَنَتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ قَالَ نَعَمْ بَعْدَ الرُّكُوعِ يَسِيرًا