المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : [تفسير] الحج أشهر معلومات ( للسعدي وابن عثيمين رحمهما الله )


أبو عبد الله بشار
22-09-2010, 06:13AM
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصّلاة والسّلام على رسول الله أمّا بعد :

فهذه الآن أشهر الحج التي قال الله تعالى فيها :

( الحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الحَجِّ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِى الأَلْبَابِ ) البقرة (197) .

قال العلامة السعدي رحمه الله في تفسير هذه الآية :
يخبر تعالى أن (الحَجَّ ) واقعٌ في ( أشهر معلومات ) عند المخاطبين ، مشهورات ، بحيث لا تحتاج إلى تخصيص ، كما احتاج الصيام إلى تعيين شهره ، وكما بين تعالى أوقات الصلوات الخمس.

وأما الحج فقد كان مِن مِّلَّة إبراهيم، التي لم تزل مستمرة في ذريته معروفة بينهم.
والمراد بالأشهر المعلومات عند جمهور العلماء : شوال ، وذو القعدة ، وعشر من ذي الحجة ،
فهي التي يقع فيها الإحرام بالحج .
( فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ ) أي : أحرم به، لأن الشروع فيه يصيّره فرضا ، ولو كان نفلا .
واستدل بهذه الآية الشافعي ومن تابعه ، على أنه لا يجوز الإحرام بالحج قبل أشهره ، قلت لو قيل: إن فيها دلالة لقول الجمهور، بصحة الإحرام بالحج قبل أشهره لكان قريباً ، فإن قوله:
( فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الحَجَّ ) دليل على أن الفرض قد يقع في الأشهر المذكورة وقد لا يقع فيها ، وإلا لم يقيّده.
وقوله: ( فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ )
أي : يجب أن تعظّموا الإحرام بالحج ، وخصوصا الواقع في أشهره ، وتصونوه عن كل ما يفسده أو ينقصه ، من الرفث وهو الجماع ومقدماته الفعلية والقولية ، خصوصاً عند النساء بحضرتهن .
والفسوق : وهو جميع المعاصي ، ومنها محظورات الإحرام.
والجدال : وهو المماراة والمنازعة والمخاصمة ، لكونها تثير الشر ، وتوقع العداوة .
والمقصود من الحج، الذل والانكسار لله ، والتقرب إليه بما أمكن من القُربات، والتنـزُّه عن مقارفة السيئات ، فإنه بذلك يكون مبرورا والمبرور ليس له جزاء إلا الجنة ، وهذه الأشياء وإن كانت ممنوعة في كل مكان وزمان ، فإنها يتغلَّظ المنع عنها في الحج .
واعلم أنه لا يتمّ التقرب إلى الله بترك المعاصي حتى يفعل الأوامر، ولهذا قال تعالى :
( وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ )
أتى بـ "من " للتنصيص على العموم ، فكل خير وقربة وعبادة ، داخلٌ في ذلك ، أي : فإن الله به عليم ، وهذا يتضمن غاية الحثِّ على أفعال الخير ، وخصوصا في تلك البقاع الشريفة والحرمات المنيفة ، فإنه ينبغي تدارك ما أمكن تداركه فيها ، من صلاة ، وصيام ، وصدقة ، وطواف ، وإحسان قولي وفعلي .
ثم أمر تعالى بالتزود لهذا السفر المبارك ، فإن التزود فيه الاستغناء عن المخلوقين ، والكف عن أموالهم ، سؤالا واستشرافا ، وفي الإكثار منه نفع وإعانة للمسافرين ، وزيادة قربة لربِّ العالمين ، وهذا الزاد المراد منه إقامة البنية بُلْغَةً ومتاعاً .
وأما الزاد الحقيقي المستمر نفعه لصاحبه ، في دنياه ، وأخراه ، فهو زاد التقوى الذي هو زاد إلى دار القرار ، وهو الموصل لأكمل لذة ، وأجلِّ نعيم دائم أبدا ، ومن ترك هذا الزاد، فهو المنقطع به الذي هو عرضة لكل شر ، وممنوع من الوصول إلى دار المتقين . فهذا مدح للتقوى .
ثم أمر بها أولي الألباب فقال: ( وَاتَّقُونِ يَا أُولِى الألْبَابِ) أي: يا أهل العقول الرزينة ، اتقوا ربكم الذي تَقْوَاه أعظم ما تؤمر به العقول ، وتركها دليل على الجهل ، وفساد الرأي . انتهى كلام السعدي رحمه الله .

ــــــــــــــــــــــ
وقال الشيخ محمد صالح بن عثيمين في كتاب مناسك الحج والعمرة بعد أن ذكر الآية وهي قوله تعالى :
( الحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الحَجِّ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِى الأَلْبَابِ ) البقرة (197) .
المواقيت نوعان : زمانية ومكانية.
فالزمانية للحج خاصة ، أما العمرة فليس لها زمن معين وهي ثلاثةٌ شوال وذو القعدة وذو الحجة.
وأما المكانية فهي خمسة، وقّتها رسول الله صلى الله عليه وسلّم ففي الصحيحين من حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال : ( وقّت رسول الله صلى الله عليه وسلّم لأهل المدينة ذا الحُليفة، ولأهل الشام الجُحفة، ولأهل نجد قَرن المنازل، ولأهل اليمن يَلَملَم، فهنّ لهنّ ولمن أتى عليهنّ من غير أهلهنّ لمن كان يريد الحج والعمرة، فمن كان دونهنّ فمَهِلُّه من أهلِه، وكذلك حتى أهل مكة يُهلُّون منها ). انتهى كلامه رحمه الله .
*********
وقال رحمه الله في كتاب المنهج لمريد الحج والعمرة بعد أن ذكر الآية :
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: إنما جعل الطواف بالبيت والصفا والمروة ورمي الجمار لإقامة ذكر الله.
فينبغي للعبد أن يقوم بشعائر الحج على سبيل التعظيم والإجلال والمحبة والخضوع لله رب العالمين، فيؤديها بسكينةٍ ووقارٍ واتباعٍ لرسول الله صلى الله عليه وسلم.
وينبغي أن يشغل هذه المشاعر العظيمة بالذكر والتكبير والتسبيح والتحميد والاستغفار، لأنه في عبادةٍ من حين أن يشرع في الإحرام حتى يحل منه، فليس الحج نزهة للهو واللعب يتمتع به الإنسان كما شاء من غير حد كما يشاهد بعض الناس يستصحب من آلات اللهو والغناء ما يصده عن ذكر الله ويوقعه في معصية الله، وترى بعض الناس يفرط في اللعب والضحك والاستهزاء بالخلق وغير ذلك من الأعمال المنكرة كأنما شرع الحج للمرح واللعب . ويجب على الحاج وغيره أن يحافظ على ما أوجبه الله عليه من الصلاة جماعةً في أوقاتها، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
وينبغي أن يحرص على نفع المسلمين والإحسان إليهم بالإرشاد والمعونة عند الحاجة، وأن يرحم ضعيفهم خصوصاً في مواضع الرحمة كمواضع الزحام ونحوها، فإن رحمة الخلق جالبة لرحمة الخالق، وإنما يرحمُ الله من عباده الرحماء.
ويتجنب الرفث والفسوق والعصيان والجدال لغير نصرة الحق أما الجدال من أجل نصرة الحق فهذا واجب في موضعه. ويتجنب الاعتداء على الخلق وإيذاءهم، فيتجنب الغيبة والنميمة والسب والشتم والضرب والنظر إلى النساء الأجانب ، فإن هذا حرام في الإحرام وخارج الإحرام ، فيتأكد تحريمه حال الإحرام.
وليتجنب ما يحدثه كثير من الناس من الكلام الذي لا يليق بالمشاعر كقول بعضهم إذا رمى الجمرات رمينا الشيطان ، وربما شتم المشعر أو ضربه بنعل ونحوه مما ينافي الخضوع والعبادة ويناقض المقصود برمي الجمار وهو إقامة ذكر الله عز وجل . انتهى كلامه رحمه الله وجعل منزلته في علّيين .

فنسأل الله أن يفقِّهنا في دينه وأن يرحمنا ويغفر لنا أجمعين إنّه ولي ذلك والقادر عليه وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين

والله أعلم وصلّى الله وسلّم على نبيّنا محمد

ماهر بن ظافر القحطاني
26-10-2010, 01:55AM
أخطأ الشيخ رحمه الله وعظم أجره في جعل ذو الحجة كاملا من أشهر الحج
فقد ذكر البخاري في صحيحه عن ابن عمر أن أشهر الحج شوال وذو القعدة وعشر من ذي الحجة ولامخالف له من الصحابة
فالخلاف المتأخر لايلتفت إليه
وفائدة ذلك أن فرض الحج والاحرام به إذا كان قبلها كما لو أحرم به في رمضان فيجب أن يقلبه إلى عمرة فإنه لايعتد به وكذا لو أحرم به بعد طلوع فجر العاشر من ذي الحجة يوم النحر فلايعتد به
فالنبي صلى الله عليه وسلم أن الصحابة إذا قالوا قولا لم يخالف فينبغي الاعتداد به في قوله (( من كان على مثل ماأنا عليه وأصحابي )) في معر الاخبار عن الفرقة الناجية