المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : نصيحة ودية للشباب السلفي


أبو عبد الرحمن محمد السلفي
20-09-2010, 02:13AM
إنّ الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيّئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضلّ له ، ومن يضلل فلا هادي له.

وأشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.

يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً [ النساء: 1 ]

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً الأحزاب: 70، 71] ألا وإنّ أصدق الكلام كلام الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكلّ محدثة بدعة، وكلّ بدعة ضلالة، وكلّ ضلالة في النار.

أمّا بعد :

قال الله تعالى : وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ تَفَرَّقُواْ وَاخْتَلَفُواْ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُوْلَـئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ [ آل عمران: 105] وقال جلّ ذكره : " وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُواْ إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ " [الأنفال:46 ] وقال سبحانه : " إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُون " [الحجرات:10]

وقال النبيّ صلّى الله عليه وسلّم :" إنّ الله يرضى لكم ثلاثا ويسخط لكم ثلاثا ، يرضى لكم أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئا وأن تعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرّقوا وأن تُنَاصِحُوا من ولاّه الله أمركم ، ويسخط لكم ثلاثا قيل وقال وكثرة السؤال وإضاعة المال " [ رواه مسلم :1715 ] وقال صلّى الله عليه وسلّم : " إيّاكم والظن ، فإنّ الظنّ أكذب الحديث ،ولا تحسّسوا ،ولا تجسّسوا، ولا تنافسوا، ولا تحاسدوا، ولا تباغضوا، ولا تدابروا؛ وكونوا عباد الله إخوانا كما أمركم ، المسلم أخو المسلم ،لا يظلمه ولا يخذله ولا يحقره ، التقوى ها هنا، التقوى ها هنا ـ ويشير إلى صدره ـ بحسب امرئ من الشرّ أن يحقر أخاه المسلم، كلّ المسلم على المسلم حرام : دمه وعرضه وماله ، إنّ الله لا ينظر إلى أجسادكم ولا إلى صوركم وأعمالكم ولكن ينظر إلى قلوبكم "وفي رواية " لا تحاسدوا ،ولا تباغضوا ، ولا تحسّسوا ، ولا تجسّسوا ، ولا تناجشوا ،وكونوا عباد الله إخوانا " [ رواه مسلم: 2563 و 2564 و البخاري : 6064 و 6065 ].

فمن مُنطَلق هذه الآيات البيّنات والأحاديث النبويّة الشريفة أقدّم هذه النصيحة لكلّ السلفيّين بأوربا عامة ، ولإخوتي السلفيّين بمدينة مرسيليا خاصة فأوصيكم ونفسي بتقوى الله في السرّ والعلن فإنّه من اتّقى الله وقاه ، ومن خافه جزاه ، ومن شكره زاده . وعليكم بالتآلف والتحابب والتآخي في الله ، والإقبال على العلم النافع والعمل الصالح والتعاون على البرّ والتقوى ، والجدّ في نشر الدعوة السلفية وإبراز جمالها عقيدة ومنهاجا وأخلاقا .

اخوتاه أتركوا أسباب الاختلاف والفرقة فوالله إنّهما لداء خطير وشرّ مستطير ، وأذكّر نفسي وإيّاكم بما مرّ بنا من فِتَن ومِحَن كادت تعصف بالدعوة السلفية من أصلها لولا فضل الله علينا ورحمته فلقد قيّض الله تعالى من أهل العلم والبصيرة من تصدّى لهذه الفتن والمحن ومن هؤلاء العلماء الأجلاّء ناصر السنة وقامع البدعة حامل لواء الجرح والتعديل العلاّمة الشيخ ربيع بن هادي المدخلي حفظه الله وسدّد على درب الحق خطاه . فقد قام بجهود عظيمة تـُذكـَر فتـُشكـَر فما فـَتِئَ يقدّم تلكم النصائح التربوية الغالية ، والتوجيهات السديدة الهادفة ، لأمّة الإسلام عامة وللشباب السلفي خاصة ، و من تلكم النصائح الغالية الّتي كان لها أثرها البالغ في نفوسنا وصداها في وجداننا فاخترقت الحواجز لتستقرّ في سويداء القلوب، والّتي تحمل بين طيّاتها معاني الصدق، والإخلاص ، والمحبّة ، فهي جديرة بأن تُكتـَبَ بماء الذهب قال حفظه الله تعالى في محاضرة قيّمة بعنوان " الحثّ على المودة والائتلاف والتحذير من الفرقة والاختلاف " : " أنبهكم يا أخوة إلى أمرين :ـ

1 ـ التآخي بين أهل السنة جميعا ـ فيا أيّها السلفيون بثوا في ما بينكم روح المودة والأخوة وحققوا ما نبَّهَنا إليه رسول الله عليه الصلاة والسلام ، بأن المؤمنين ( كالبنيان يشد بعضه بعضا ، وأّنهم كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر) ،- كونوا هكذا يا أخوة -، ابتعدوا عن عوامل الفرقة فإنها والله شر خطير وداء وبيل.

2- اجتنبوا الأسباب التي تؤدي إلى الإحن والبغضاء، والفرقة ،والتنافر . ابتعدوا عن هذه الأشياء ، لأنها سادت هذه الأيام على أيدي أناس يعلم الله حالهم ومقاصدهم، سادت وكثرت ومزّقت الشباب في هذا البلد سواء في الجامعة أو غيرها - أوفي سائر أقطار الدنيا-. فاحرصوا على الأخوّة، وإذا حصل بينكم شيء من النفرة ، فتناسوا الماضي، وأخرجوا صفحات بيضاء جديدة الآن ..... ـ إلى أن يقول حفظه الله تعالى - وأنا أقول للإخوان:

الّذي يقصّر ما ينبغي أن نسقطه أو نهلكه ،الذي يخطئ منا لا نهلكه ـ بارك الله فيكم ـ، ولكن نعالجه باللطف والحكمة، ونوجه له المحبة والمودة ،وسائر الأخلاق الصالحة ، مع الدعوة الصحيحة حتى يؤوب ، وإن بقي فيه ضعف فلا نستعجل عليه وإلاّ والله ما يبقى أحد ما يبقى أحد!!! ." ثم يقول : "وأنا أعرف أنكم لستم معصومين، وليس العلماء بمعصومين -قد نخطئ -، اللهم إلا إذا دخل في رفض أو في اعتزال ، أو في تجهّم ،أو في تحزّب ، من الحزبيات الموجودة، فإنّ هذا هو المنبوذ .

أمّا السلفي : الّذي يوالي السلفيين ويحب المنهج السلفي ـ بارك الله فيكم ـ ويكره الأحزاب ويكره البدع وأهلها وغير ذلك من علامات المنهج السلفي ، ثم يضعف في بعض النقاط،فإنّ هذا نترفّق به ولا نتركه ولكن ننصحه ،وننشله، ونصبر عليه ونعالجه، ـ بارك الله فيكم ـ أما من أخطأ هلك !
فعلى هذا فلن يبقى أحد ‍! "

ورغم هذه النصائح المتكررة من شيخنا ربيع حفظه الله تعالى ومن غيره من أهل العلم تظهر للأسف الشديد من حين لآخر فتن تعكّر صفو هذه الدعوة المباركة، وتشوّه جمالها وتذهب برونقها ، وتشلّ من حركة سيرها وانتشارها، وذلك للأسباب التالية:

1- أغراض شخصية وحظوظ نفسية دفعت بأصحابها إلى التنابز والتنافر، والتدابر، فمزّقت شملهم ، وزرعت البغضاء في صدورهم، والانتقام من بعضهم البعض بأيّ طريقة كانت ولو بالكذب والافتراء.

2- نُزُول إلى ساحة الدعوة من ليس من أهلها لا علما ولا فهما وإنّما هو التعالم وحبّ الظهور وقد قيل " حب الظهور يقصم الظهور ".

3- اندساس بعض الحزبيّين وما يسمّى بالحدّادية في أوساط السلفيين فبثّوا سمومهم، وشُبَههم، وتطاولوا على العلماء وطلبة العلم بالإفك والبهتان ، ورميهم بما ليس فيهم، وإلصاق التهم بهم، وصوّبوا سهامهم خاصة إلى العلاّمة محدّث الشام ناصر الدين الألباني رحمه الله تعالى ، والعلاّمة ربيع ابن هادي المدخلي حفظه الله تعالى، فاتهموهم بالإرجاء، وما إلى ذلك من الأوصاف الفاجرة والتّهم الباطلة . وما قصد هؤلاء إلاّ إسقاط المنهج السلفي وإقامة الأباطيل، والضلالات على أنقاضه ، هذه هي طريقة أهل البدع والأهواء، فمن أسلحتهم أن يبدؤوا بإسقاط العلماء، بل هذه طريقة يهودية ماسونية.

إذا أردتَ إسقاط فكرة فأسقط علماءها أو شخصيّاتها ! فالّذي يكره هذا المنهج يتكلّم في علمائه ، والّذي يبغض هذا المنهج ويريد إسقاطه يسير في هذا الطريق ، والحمد لله ، فقد تصدّى لهم أسد السنّة العلاّمة الشيخ ربيع حفظه الله تعالى، فدكّ حصونهم وزلزل عروشهم، بالحجج القاطعة، والبراهين الساطعة، من كتاب الله وسنّة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكان بحقّ حفظه الله تعالى سيفا مسلولا على المخالفين ، وشجاً في حلوق أهل الأهواء المبتدعين، فجزاه الله خير الجزاء وأجزل له المثوبة في الدارين .

4- الغلوّ في أشخاص لا يتجاوزوا أن يكونوا من طلبة العلم ، فقد غلوا فيهم غلوّا شديدا، حتى وصـفوا أحدهم بأوصاف لا يوصف بها إلاّ الأنبياء ، بل لا يوصف بها إلاّ ربّ السماء جلّ وعلا .

اخوتاه لا نجاة لنا ، ولا مخرج لنا من هذه الفتن والمحن إلاّ بالعود الحميد إلى دين الله جلّ وعلا ، فلا يجمع الناس إلاّ هذا الدين كما قال مالك بن أنس رحمه الله تعالى ( لا يصلح آخر هذه الأمة إلاّ بما صلح به أوّلها ) فلا يجمع القلوب ، و يوحّد الكلمة إلاّ العقيدة الصحيحة الّتي جاء بها محمّد صلّى الله عليه وسلم .

ولا يجمع القلوب ، ويؤلّف بين الناس إلاّ الإيمان بالله ورسوله ، هذا هو الّذي يجمع بين الناس ، ولهذا اجتمع المسلمون على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وصاروا أمّة واحدة ، وصارت لهم هيبة في الأرض ، وانتشر دين الله في المشارق والمغارب بسبب اجتماع الكلمة ووحدة الصف .

فيجب علينا الانتباه لهذا، وإذا حصل بيننا اختلاف فلنبادر إلى تسويته ، وإلى التفاهم فيما بيننا ، وأن يرجع المخطئ إلى الصواب ، ولا يكابر (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً ) [ النساء: 59] فقد أمر سبحانه وتعالى في هذه الآية العظيمة بطاعته وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم وأولي الأمر ، وأمر عند التنازع بالردّ إليه سبحانه وإلى رسوله صلى الله عليه وسلم ، والردّ إليه سبحانه هو الرد إلى كتابه الكريم ، والردّ إلى رسوله صلى الله عليه وسلم هو الردّ إليه في حياته بأن يُرجَع إليه صلى الله عليه وسلم ، وإلى سنته بعد وفاته ، وسنته صلى الله عليه وسلم يعرفها العلماء ، فيُردّ إلى العلماء الّذين يعرفون سنة الرسول صلى الله عليه وسلم ، وأخبر عزّ وجلّ أنّ هذا الردّ خير للعباد في دنياهم وأخراهم ، وأحسن تأويلا في العاقبة ، وبهذا يُعلم أنّ الواجب على جميع أهل الإسلام أن يعتصموا بكتاب الله جميعا وبسنّة رسوله صلى الله عليه وسلم ، في كلّ أمورهم ، وأن يردّوا ما تنازعوا فيه إليهما ، وأن ذلك خيرا لهم وأحسن تأويلا في العاجل والآجل .

أسأل الله جلّ وعلا أن يوفّقنا وإيّاكم لما يحبّه ويرضى ، وأن يردّنا إلى دينه ردّا جميلا ، وأن يؤلّف بين قلوبنا ، وأن يجمع كلمتنا على الحق ، وأن يثبّتنا على الإيمان ، ويختم لنا به ، ويعصمنا من الأهواء المختلفة ، والآراء المتفرّقة ، والمذاهب الرديّة مثل المشبّهة، والمعتزلة ، والجبرية ، والقدريّة وغيرهم من الّذين خالفوا السنة والجماعة ، وحالفوا الضلالة ونحن منهم بَرآء ، وهم عندنا ضُلاّل وأردياء ، وبالله العصمة والتوفيق و صلى الله وسلم على نبيّنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .



كتبه محبّكم في الله
أبو عبد الحليم محمّد عبد الهادي
إمام مسجد السنّة بمرسيليا
فرنسا.

أبو عبد الله بشار
20-09-2010, 03:44AM
رحم الله شيخنا الألباني وجعل منزلته في علّيّين

وحفظ شيخنا أبا محمد ربيع وسدّد خطاه ونفعنا بعلمه

وجزى الله خيرا أبا عبد الحليم محمد عبد الهادي على هذا الكلام الطيّب

وبارك الله فيك يا أبا عبد الرحمن محمد وجزاك خيرا على هذا الجهد الطيّبِ

أبو عبد الرحمن محمد السلفي
20-09-2010, 07:50AM
اللهم آمين وإياك أخي الفاضل
وفيك بارك الرحمن أخي