المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : إلى صاحبة الأيادي البيضاء


مشاركة سابقة
27-02-2010, 09:31AM
الحمد لله رب العالمين ، و الصلاة و السلام على نبينا محمد و على آله و صحبه أجمعين .. أما بعد :
فصاحبة اليد البيضاء امرأة .. ليست كالنساء ..
آثرت شغف العيش على رغده .. و اختارت طريق التعب و العناء ، و سبيل النصب و الشقاء ..
تارة تمسح عبرة ، و أخرى تمحو مرارة و حسرة ..
إنها ذات العطف الكبير ، و القلب الرحيم ..
تراها بين المرضى ..
طبيبة .. تقدم - بإذن الله العلاج الناجح ..
أو ممرضة .. تعين مرضاها على دائهم الواجع ..
و تراها في المختبر و الصيدلية ترعى مصالح المرضى ، و تسعى في حاجات ذوي البلوى ..
موفقة أينما هلت .. مباركة أينما حلت ..
أختاه .. هذه وصايا نابعة من قلب مشفق و لسان ناصح ، يرجو لك السعادة في الدنيا و الآخرة ، أرعي لها سمعك ، و افتحي لها قلبك .. أسأل الله تعالى أن يرزقك محبة منه تقر بها عينك ..
الأولى : تقوى الله و مراقبته :
فهي جماع كل خير ، و منبع كل فضل .. و هي وصية الله للأولين و الآخرين ، و طريق النجاة يوم الدين ، قال تعالى : { وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ } [ النساء:131] .
و لما سئل رسول الله صلى الله عليه و سلم : ما أكثر ما يدخل الناس الجنة ؟ ، قال : ( تقوى الله و حسن الخلق ) رواه أحمد و الترمذي و ابن ماجة .
و تقوى الله : أن يجعل العبد بينه و بين عذاب الله وقاية ، و ذلك بإتباع أوامره و اجتناب نواهيه ، قال تعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ } [آل عمران:102] .
الثانية : تحقيق غاية الخلق :
فالله جل و علا خلقك و أوجدك لهدف جليل و غاية سامية : { وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ } [الذاريات:56] .
فلا تنسك متاعب الدنيا و همومها ، و زينتها و غرورها ، هدفك الأساس و غايتك العظمى .. فأنت مسلمة قبل أن تكوني موظفة .
فاحرصي - رعاك الله - على تعلم أمور دينك ، و ابذلي جهدك و وقتك لرضى ربك و إنقاذ نفسك .. و تداركي عمرك قبل فواته ، و أجلك قبل نفاذه ، فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ( اغتنم خمساً قبل خمس ، حياتك قبل موتك ، و صحتك قبل سقمك ، و فراغك قبل شغلك ، و شبابك قبل هرمك ، و غناك قبل فقرك ) رواه الحاكم و البيهقي في الشعب .
بل لتكن همتك علياء ، و عزيمتك شاهقة بارتفاع هامات السماء .. و ليكن الوصول إلى رضا ربك هدفاً لا مناص من تحقيقه ، و غاية لا سبيل للركون عنها ، و ليكن ميزانك للأمور ، و ترتيبك للأولويات موافقاً لتعاليم دينك ..فحق الله تعالى مقدم على حق كل أحد فانتبه يا رعاك الله .
الثالثة : التفكر في نعم الله و شكرها :
فأنت تتقلبين بين مكروب فقدَ صحته ، أو محزون أهمه أمر مصيبته .. و أنت سالمة معافاة ، أنعم الله عليك بنعم جليلة ، حيث أسبغ عليك لباس الصحة و العافية و السلامة من البلاء ، و قبل ذلك اختيارك لأن تكوني من حملة دينه .
نعم .. إنها النعمة العظمى ، فكم ممن ترينهم قد ضل دربه ، و أضل طريقه ، و صدق الله : { يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لَا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ } . [ الحجرات:17] . فلله تعالى الحمد و المنة .
الرابعة : حسن النية و احتساب الأجر :
قال صلى الله عليه و سلم : ( إنما الإعمال بالنيات ) متفق عليه .
فالعمل متى أحسن العبد فيه النية أُجر عليه - بإذن الله - و إن كان ظاهره عملاً دنيوياً و من احتساب الأجر في عملك ..
تخفيف الألم عن المرضى و تفريج كربهم و مواساة المنكوبين ..
و منه أيضاً : احتساب أجر عيادة المرضى ، و هو مما غفلت عنه كثير من الأخوات ..
عن ثوبان رضي الله عنه ، أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : ( من عاد مريضاً لم يزل في خرفة الجنة ) ، قيل : يا رسول الله ، و ما خرفة الجنة ؟ قال : ( جناها ) رواه مسلم .
الخامسة : الإخلاص في العمل و إتقانه :
و هو من سمات المؤمنين الصادقين الذين وهبوا دنياهم لأخراهم ، و الذين استشعروا مراقبة الله لهم و إطلاعه على أعمالهم .. و لذلك يحسن بك - حفظك الله - إتقان عملك ، و الحرص على أدائه على أكمل وجه ..
السادسة : الدعوة إلى الله :
الوظيفة العظمى و المهمة الكبرى .. وظيفة الأنبياء و الرسل عليهم الصلاة و السلام .. هداية الناس و إرادة الخير لهم .. و ليكن لك حظ وافر و نصيب كبير منها .
السابعة : الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر :
فهو واجب على كل مسلم و مسلمة بقدر طاقته و حسب حاله و قدرته ، و لا يختص بفئة كما يظن البعض ، قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ( من رأى منكم منكراً فلغيره بيده ، فإن لم يستطع فبلسانه ، فإن لم يستطع فبقلبه ، و ذلك أضعف الإيمان ) رواه أبو داود و النسائي و الترمذي .
الثامنة : الالتزام بالحجاب الشرعي ، و غض البصر ، و العفاف :
إن الإلتزام بالحجاب طاعة لله و امتثالاً لأمره حين قال : { يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا }[الأحزاب:59].
و حجابك الشرعي من أعظم القربات ، فهو عزك و حصنك ، و وقايةٌ لك من تطفل المتطفلين و جرأة العاصين .
و احرصي - وفقك الله لطاعته - على غض بصرك عمّا حرم الله ، و مجاهدة نفسك على ذلك ، قال تعالى : { وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا } [النور:31]
و لئن يصبر المرء على مرارة الحرمان طاعة لله ، خير له من أن ينزلق وراء لذة عابرة تهوي به في النار .
التاسعة : الحذر من التبرج و الخلوة و الإختلاط :
تجنبي - رعاك الله - الإختلاط بالرجال و الخلوة بهم لقوله صلى الله عليه و سلم : ( لا يخلون رجل بامرأة إلا مع ذي محرم ) متفق عليه .
و إياك و الخضوع بالقول أو المزاح و الضحك معهم لقوله تعالى : { فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا } [الأحزاب:32].
و احذري من التبرج و إظهار الزينة أو التطيب عند المرور بالرجال ففي الحديث : ( أيما امرأة استعطرت ثم خرجت فمرت على القوم ليجدوا ريحها فهي زانية ) رواه أحمد .
ثم لا تكوني ممن يعتذرون بالواقع و ينساقون وراءه ، بل كوني ممن يصنعون الواقع و يصيغونه ..
العاشرة : الدعاء :
الأصل في عمل المرأة القيام بشئون بيتها و القرار فيه : { وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ } [الأحزاب:33]. و حين تتقربين إلى الله عز و جل بعملك عليك لا تنسي أنك في مكان تصوب لك فيه من السهام ، وتنحدر عليك الفتن من كل جانب ، فالزمي جانب الدعاء و احرصي عليه و تمسكي بقول الله تعالى و قول رسوله صلى الله عليه و سلم و احذري أن تردي قولهما و أنت لا تشعري ..
و لا تنسي أختي دعاء نبي الأمة و خير من وطأت قدمه الثرى يدعو ربه الثبات على هذا الدين : ( اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك ) رواه الترمذي ، و كان من دعائه صلى الله عليه و سلم : ( اللهم إني أسألك الهدى و التقى و العفاف و الغنى ) رواه مسلم .
الحادية عشر : التوبة و الإستغفار :
اجعليها شعارك في كل حين ، و على كل حال .. فهي وصية النبي صلى الله عليه و سلم لك ، فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله عليه و سلم قال : ( يا معشر النساء تصدقن و أكثرن الإستغفار ، فإني رأيتكن أكثر أهل النار ...) الحديث رواه مسلم .
و أخيراً .. سدد الله خطاك ، و بارك مسعاك ، و رزقك السعادة في دينك و دنياك ..

أم محمود
27-02-2010, 04:48PM
نصائح لا توزن حتى بالذهب ولا الألماس
نعم .. هذه هي درر نفيسة من أخت كريمة .. شكرا لك أختي على هذه الجواهر التي تقدمينها
لنا ولكل الاخوات والزاائرات لمجلتنا الحبيبة .. سائلين المولى عزوجل ان ترقى اكثر واكثر - هيه المجلة - لتعم الفائدة لما فيه من خير ومواظبة اخواننا واخواتنا وشيخنا الفاضل الشيخ ماهر .. فكلنا نعمل كيد واحدة لرفعة هذه الامة عن طريق شعاع ينير للمسلمين البصيرة بعون الله ورعايته
بوركتي أخيتي الفاضلة على هذه الكلمات مرة اخرى.