المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : متي تعتد الحامل التي أسقطت جنينها قبل اكتماله وولادته وتوفي عنها زوجها أوطلقها


ماهر بن ظافر القحطاني
18-01-2010, 09:13AM
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله رب العالمين على نعمه التترى التي لاتعد ولا تحصى ولاتحد ولاتستقصى أما بعد

فإن عموم قول الله تعالى وأولات الاحمال أجلهن أن يضعن حملهن يقتضي أن المرأة متى ماانقطع
عنها الحيض وحملت جنينا ثم وضعته مكتملا أو غير مكتمل تبينت فيه خطوط انسان أو لم تتبين
فإنها تبتدأ عدتها منذ وضع حملها سقطا كان أو جنينا مكتملا حيا أو ميتا دما كان أو مضغة وهو قول الحسن البصري من أئمة التابعين رحمه الله ورواية عن الامام أحمد إذا كان مضغة لحم لاخطوط فيها لانسان فانها تعتد بذلك
ولكن تفقه بعض العلماء في صفة السقط فاشترطوا أن يتبن فيه خلق انسان حتى يحكم ببدأ العدة
وماأدري ماوجهه ولعل وجهه أنه لاتسمى ذات حمل حتى تحمل مايطلق عليه وصف البشر أو تخطيطه وشبه صفته وخطوطه فما كان دون ذلك وكان قطعة لحم أودم فلاتسمى ذات حمل ووجاهة هذا
لو علمنا أن اللغة تدل عليه أو وجد حقيقة شرعية تقيد بهذا فالله اعلم

فقال صاحب المغني رحمه الله بن قدامة المقدسي

( 9 / 82 ) :

والحمل الذي تنقضي به العدة ما تبين فيه شيء من خلق الإنسان فإن وضعت مضغة لا يتبين فيها شيء من ذلك فذكر ثقات من النساء أنه مبتدأ خلق آدمي فهل تنقضي به العدة ؟

على روايتين

وجملة ذلك أن المرأة إذا ألقت بعد فرقة زوجها شيئا لم تخل من خمسة أحوال :

أحدهما :

أن تضع ما بان فيه خلق آدمي من الرأس واليد والرجل فتنقضي به العدة بغير خلاف بينهم .

قال ابن المنذر :

أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم أن عدة المرأة تنقضي بالسقط إذا علم أنه ولد .

وممن نحفظ عنه ذلك الحسن و ابن سيرين و شريح و الشعبي و النخعي و الزهري و الثوري و مالك و الشافعي و أحمد و إسحاق

قال الأثرم : قلت لأبي عبدالله إذا نكس في الخلق الرابع يعني تنقضي به العدة فقال : إذا نكس في الخلق الرابع فليس فيه اختلاف ولكن إذا تبين خلقه هذا أدل وذلك لأنه إذا بان فيه شيء من خلق الادمي علم أنه حمل فيدخل في عموم قوله تعالى : { وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن }

الحال الثاني :

ألقت نطفة او دما لا تدري هل هو ما يخلق منه آدمي أو لا فهذا لا يتعلق به شيء من الأحكام لأنه لم يثبت أنه ولد بالمشاهدة ولا بالبينة .

الحال الثالث :

ألقت مضغة لم تبن فيها الخلقة فشهد ثقات من القوابل أن فيه صورة خفية بأن بها أنها خلقة آدمي فهذا في حكم الحال الأول .

الحال الرابع :

ألقت مضغة لا صورة فيها فشهد ثقات من القوابل أنه مبتدأ خلق آدمي فاختلفت الرواية عن أحمد فنقل منها أبو طالب أن عدتها لا تنقضي به ولا تصير به أم ولد لأنه لم يبن فيه خلق آدمي أشبه الدم وقد ذكر هذا قولا لـ لشافعي وهو اختيار أبي بكر ونقل الأثرم عن أحمد أن عدتها لا تنقضي به ولكن تصير أم ولد لأنه مشكوك في كونه ولدا فلم يحكم بانقضاء العدة المتيقنة بأمر مشكوك فيه لم يجز الأمة الوالدة له مع الشك في رقها فيثبت كونها أم ولد احتياطا ولا تنقضي العدة احتياطا ونقل حنبل أنها تصير أم ولد ولم يذكر العدة فقال بعض أصحابنا هذا تنقضي به العدة وهو قول الحسن وظاهر مذهب الشافعي لأنهم شهدوا بأنه خلقة آدمي أشبه ما لو تصور قال شيخنا : والصحيح أن هذا ليس براوية في العدة لأنه لم يذكرها ولم يتعرض لها .

الحال الخامس :

أن تضع مضغة لا صورة فيها ولم تشهد القوابل بأنها مبتدأ خلق آدمي فلا تنقضي به العدة ولا تصير به الأمة أم ولد لأنه لم يثبت كونه ولدا ببينة ولا مشاهدة فأشبه العلقة ولا تنقضي العدة بوضع ما قبل المضغة بحال سواء كان نطفة أو علقة وسواء قيل إنه بدء خلق آدمي أو لم يقل نص عليه احمد فقال : أما إذا كان علقة فليس بشيء إنما هو دم لا تنقضي بها عدة ولا تعتق بها أمة ولا نعلم في هذا مخالفا إلا الحسن فإنه قال : إذا علم أنها حمل انقضت به العدة وفي الغرة والأول أصح وعليه الجمهور .

أقول فيكون نطفة في الأربعين الأولى ثم علقة وهي قطعة دم في الأربعين الثانية ثم مضغة قطعة لحم في الأربعين الثالثة وفيها يتبين خلق الانسان ويسمى حينئذ حملا كما قال بعض العلماء اذا اسقط قضت عدتها وفي الاربعين الأولى والثانية انما هو قطعة دم لايترتب عليه احكام العدة

روى البخاري في صحيحه عن عبداللهِ بن مسعود حَدَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ الصَّادِقُ الْمَصْدُوقُ قَالَ إِنَّ أَحَدَكُمْ يُجْمَعُ خَلْقُهُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا ثُمَّ يَكُونُ عَلَقَةً مِثْلَ ذَلِكَ ثُمَّ يَكُونُ مُضْغَةً مِثْلَ ذَلِكَ ثُمَّ يَبْعَثُ اللَّهُ مَلَكًا فَيُؤْمَرُ بِأَرْبَعِ كَلِمَاتٍ وَيُقَالُ لَهُ اكْتُبْ عَمَلَهُ وَرِزْقَهُ وَأَجَلَهُ وَشَقِيٌّ أَوْ سَعِيدٌ ثُمَّ يُنْفَخُ فِيهِ الرُّوحُ فَإِنَّ الرَّجُلَ مِنْكُمْ لَيَعْمَلُ حَتَّى مَا يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجَنَّةِ إِلَّا ذِرَاعٌ فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ كِتَابُهُ فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ وَيَعْمَلُ حَتَّى مَا يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّارِ إِلَّا ذِرَاعٌ فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الْكِتَابُ فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ

وقد رجح من المعاصرين العلامة بن عثيمين أنه إذا تبين في المضغة خطوط انسان وهي رواية عن احمد والاخرى لايشترط ذلك في المضغة لعموم الآية ولعله الأشبه واما في الاربعين الأولى فلايترتب حكم انقضاء العدة لأنه دم كما قيل إلا أن الحسن البصري فيقول بالعموم الذي جاء في الآية ولم يفرق فيها في الحمل بين ماتبين فيه خلق انسان ومالم يتبين وما كان علقة أو لحما خلافا للجمهور كما تقدم
وهو قوله وأولات الاحمال أجلهن أن يضعن حملهن وفيه وجاهة أخذا بالعموم وهو الأصل ولاأعلم وجها لغويا أو شرعيا لمن فرق في الحمل والحمدلله رب العالمين


__________________