المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أفعال النبي صلى الله عليه وسلم تنقسم إلى: .....


أبو حمزة مأمون
16-10-2009, 05:54PM
قال الشوكاني في إرشاد الفحول:

البحث الرابع : في أفعاله صلى الله عليه وسلم

اعلم أن أفعاله صلى الله عليه وسلم تنقسم إلى سبعة أقسام :

الأول : ما كان من هواجس النفس والحركات البشرية ، كتصرف الأعضاء وحركات الجسد ، فهذا القسم لا يتعلق به أمر باتباع ، ولا نهي عن مخالفة ، وليس فيه أسوة ، ولكنه يفيد أن مثل ذلك مباح .

[ ص: 139 ] القسم الثاني : ما لا يتعلق بالعبادات ووضح فيه أمر الجبلة ، كالقيام والقعود ونحوهما ، فليس فيه تأس ، ولا به اقتداء ، ولكنه يدل على الإباحة عند الجمهور .

ونقل القاضي أبو بكر الباقلاني (http://islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=12604)عن قوم أنه مندوب ، وكذا حكاه الغزالي (http://islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=14847)في المنخول ، وقد كان عبد الله بن عمر رضي الله عنه يتتبع مثل هذا ويقتدي به ، كما هو معروف عنه منقول في كتب السنة المطهرة .

القسم الثالث : ما احتمل أن يخرج عن الجبلة إلى التشريع بمواظبته عليه على وجه معروف وهيئة مخصوصة ، كالأكل والشرب واللبس والنوم ، فهذا القسم دون ما ظهر فيه أمر القربة ، وفوق ما ظهر فيه أمر الجبلة ، على فرض أنه لم يثبت فيه إلا مجرد الفعل ، وأما إذا وقع منه صلى الله عليه وسلم الإرشاد إلى بعض الهيئات ، كما ورد عنه الإرشاد إلى هيئة من هيئات الأكل والشرب واللبس والنوم ، فهذا خارج عن هذا القسم داخل فيما سيأتي .

وفي هذا القسم قولان للشافعي (http://islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=13790)ومن معه ، هل يرجع فيه إلى الأصل ، وهو عدم التشريع ، أو إلى الظاهر ، وهو التشريع ، والراجح الثاني . وقد حكاه الأستاذ أبو إسحاق عن أكثر المحدثين فيكون مندوبا .

القسم الرابع : ما علم اختصاصه به صلى الله عليه وسلم كالوصال والزيادة على أربع ، فهو خاص به لا يشاركه فيه غيره ، وتوقف إمام الحرمين (http://islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=12441)في أنه هل يمنع التأسي به أم لا ؟ وقال : ليس عندنا نقل لفظي أو معنوي في أن الصحابة كانوا يقتدون به صلى الله عليه وآله وسلم في هذا النوع ، ولم يتحقق عندنا ما يقتضي ذلك ، فهذا محل التوقف .

وفرق الشيخ أبو شامة المقدسي في كتابه في الأفعال بين المباح والواجب ، فقال : ليس لأحد الاقتداء به فيما هو مباح له كالزيادة على الأربع ويستحب الاقتداء به في [ ص: 140 ] الواجب عليه كالضحى والوتر ، وكذا فيما هو محرم عليه كأكل ذي الرائحة الكريهة ، وطلاق من تكره صحبته .

والحق أنه لا يقتدى به فيما صرح لنا بأنه خاص به كائنا ما كان إلا بشرع يخصنا ، فإذا قال مثلا : هذا واجب علي مندوب لكم . كان فعلنا لذلك الفعل لكونه أرشدنا إلى كونه مندوبا لنا ، لا لكونه واجبا عليه ، وإن قال : هذا مباح لي أو حلال لي ، ولم يزد على ذلك ، لم يكن لنا أن نقول : هو مباح لنا ، أو حلال لنا ، وذلك كالوصال فليس لنا أن نواصل .

هذا على فرض عدم ورود ما يدل على كراهة الوصال لنا ، أما لو ورد ما يدل على ذلك ، كما ثبت أنه صلى الله عليه وآله وسلم واصل أياما تنكيلا لمن لم ينته عن الوصال ، فهذا لا يجوز لنا فعله بهذا الدليل الذي ورد عنه ، ولا يعتبر باقتداء من اقتدى به فيه كابن الزبير ، وأما لو قال : هذا حرام علي وحدي ، ولم يقل : حلال لكم ، فلا بأس بالتنزه عن فعل ذلك الشيء ، أما لو قال : حرام علي ، حلال لكم ، فلا يشرع التنزه عن فعل ذلك الشيء ، فليس في ترك الحلال ورع .

القسم الخامس : ما أبهمه صلى الله عليه وآله وسلم ; لانتظار الوحي كعدم تعيين نوع الحج مثلا ، فقيل : يقتدى به في ذلك ، وقيل : لا .

قال إمام الحرمين (http://islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=12441)في النهاية : وهذا عندي هفوة ظاهرة ، فإن إبهام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم محمول على انتظار الوحي قطعا ، فلا مساغ للاقتداء به من هذه الجهة .

القسم السادس : ما يفعله مع غيره عقوبة له كالتصرف في أملاك غيره عقوبة له ، فاختلفوا هل يقتدى به فيه أم لا ؟ فقيل : يجوز ، وقيل : لا يجوز ، وقيل : هو بالإجماع موقوف على معرفة السبب ، وهذا هو الحق ، فإن وضح لنا السبب الذي فعله لأجله كان لنا أن نفعل مثل فعله عند وجود مثل ذلك السبب ، وإن لم يظهر السبب لم يجز ، وأما إذا فعله بين شخصين متداعيين ، فهو جار مجرى القضاء ، فتعين علينا القضاء بما قضى به .

القسم السابع : الفعل المجرد عما سبق . فإن ورد بيانا كقوله صلى الله عليه وآله وسلم [ ص: 141 ] صلوا كما رأيتموني أصلي (http://islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=36&idto=36&bk_no=100&ID=44#docu)و خذوا عني مناسككم (http://islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=36&idto=36&bk_no=100&ID=44#docu)وكالقطع من الكوع بيانا لآية السرقة ، فلا خلاف أنه دليل في حقنا وواجب علينا ، وإن ورد بيانا لمجمل كان حكمه حكم ذلك المجمل من وجوب وندب ، كأفعال الحج وأفعال العمرة وصلاة الفرض وصلاة الكسوف ، وإن لم يكن كذلك ، بل ورد ابتداء ، فإن علمت صفته في حقه من وجوب أو ندب أو إباحة ، فاختلفوا في ذلك على أقوال :

الأول : أن أمته مثله في ذلك الفعل ، إلا أن يدل عليه اختصاصه به ، وهذا هو الحق .

والثاني : أن أمته مثله في العبادات دون غيرها .

والثالث : الوقف .

والرابع : لا يكون شرعا لنا إلا بدليل .

وإن لم تعلم صفته في حقه ، وظهر فيه قصد القربة فاختلف فيه على أقوال :

الأول : أنه للوجوب ، وبه قال جماعة من المعتزلة ، وابن سريج وأبو سعيد الإصطخري (http://islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=13785) [ ص: 142 ] وابن خيران (http://islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=13131) وابن أبي هريرة (http://islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=12535) . واستدلوا على ذلك بالقرآن والإجماع والمعقول : أما القرآن فبقوله : وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا (http://islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=36&idto=36&bk_no=100&ID=44#docu)وقوله قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني (http://islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=36&idto=36&bk_no=100&ID=44#docu)وقوله فليحذر الذين يخالفون عن أمره (http://islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=36&idto=36&bk_no=100&ID=44#docu)وقوله لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر (http://islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=36&idto=36&bk_no=100&ID=44#docu)وقوله أطيعوا الله وأطيعوا الرسول (http://islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=36&idto=36&bk_no=100&ID=44#docu) .

وأما الإجماع : فلكون الصحابة كانوا يقتدون بأفعاله ، وكانوا يرجعون إلى رواية من يروي لهم شيئا منها في مسائل كثيرة منها : أنهم اختلفوا في الغسل من التقاء الختانين فقالت عائشة : فعلته أنا ورسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، فرجعوا إلى ذلك وأجمعوا عليه .

وأما المعقول : فلكون الاحتياط يقتضي حمل الشيء على أعظم مراتبه .

وأجيب عن الآية الأولى بمنع تناول قوله : وما آتاكم الرسول (http://islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=36&idto=36&bk_no=100&ID=44#docu)للأفعال بوجهين :

الأول : أن قوله وما نهاكم عنه فانتهوا (http://islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=36&idto=36&bk_no=100&ID=44#docu)يدل على أنه أراد بقوله ما آتاكم (http://islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=36&idto=36&bk_no=100&ID=44#docu)ما أمركم .

الثاني : أن الإتيان إنما يأتي في القول .

والجواب عن الآية الثانية : أن المراد بالمتابعة فعل مثل ما فعله ، فلا يلزم وجوب فعل كل ما فعله ما لم يعلم أن فعله على وجه الوجوب ، والمفروض خلافه .

والجواب عن الآية الثالثة : أن لفظ الأمر حقيقة في القول بالإجماع ولا نسلم أنه [ ص: 143 ] يطلق على الفعل ، على أن الضمير في ( أمره ) يجوز أن يكون راجعا إلى الله سبحانه ; لأنه أقرب المذكورين .

والجواب عن الآية الرابعة : أن التأسي هو الإتيان بمثل فعل الغير في الصورة والصفة ، حتى لو فعل صلى الله عليه وآله وسلم شيئا على طريق التطوع ، وفعلناه على طريق الوجوب ، لم نكن متأسين به ، فلا يلزم وجوب ما فعله إلا إذا دل دليل آخر على وجوبه ، فلو فعلنا الفعل الذي فعله مجردا عن دليل الوجوب ، معتقدين أنه واجب علينا لكان ذلك قادحا في التأسي .

والجواب عن الآية الخامسة : أن الطاعة هي الإتيان بالمأمور أو بالمراد على اختلاف المذهبين ، فلا يدل ذلك على وجوب أفعاله صلى الله عليه وآله وسلم .

وأما الجواب عن دعوى إجماع الصحابة ، فهم لم يجمعوا على كل فعل يبلغهم ، بل أجمعوا على الاقتداء بالأفعال على صفتها التي هي ثابتة لها من وجوب أو ندب أو نحوهما ، والوجوب في تلك الصورة المذكورة مأخوذ من الأدلة الدالة على وجوب الغسل من الجنابة .

وأما الجواب عن المعقول : فالاحتياط إنما يصار إليه إذا خلا عن الغرر قطعا ، وهاهنا ليس كذلك ; لاحتمال أن يكون ذلك الفعل حراما على الأمة ، وإذا احتمل لم يكن المصير إلى الوجوب احتياطا .

القول الثاني : أنه للندب ، وقد حكاه الجويني في البرهان عن الشافعي (http://islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=13790)، فقال : وفي كلام الشافعي (http://islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=13790)ما يدل عليه ، وقال الرازي في المحصول : إن هذا القول نسب إلى الشافعي (http://islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=13790)، وذكر الزركشي في البحر أنه حكاه عن القفال وأبي حامد المروزي واستدلوا بالقرآن ، والإجماع ، والمعقول .

[ ص: 144 ] أما القرآن فقوله : لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة (http://islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=36&idto=36&bk_no=100&ID=44#docu)ولو كان التأسي واجبا لقال : عليكم ، فلما قال : لكم ، دل على عدم الوجوب ، ولما أثبت الأسوة دل على رجحان جانب الفعل على الترك ، وإن يكن مباحا .

وأما الإجماع : فهو أنا رأينا أهل الأعصار متطابقين على الاقتداء بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم ، وذلك يدل على انعقاد الإجماع على أنه يفيد الندب ; لأنه أقل ما يفيده جانب الرجحان . وأما المعقول : فهو أن فعله إما أن يكون راجحا على العدم ، أو مساويا له ، أو دونه ، والأول متعين ; لأن الثاني والثالث مستلزمان أن يكون فعله عبثا ، وهو باطل ، وإذا تعين أنه راجح على العدم ، فالراجح على العدم قد يكون واجبا وقد يكون مندوبا ، والمتيقن هو الندب .

وأجيب عن الآية : بأن التأسي هو إيقاع الفعل على الوجه الذي أوقعه عليه ، فلو فعله واجبا ، أو مباحا ، وفعلناه مندوبا لما حصل التأسي .

وأجيب عن الإجماع : بأنا لا نسلم أنهم استدلوا بمجرد الفعل ; لاحتمال أنهم وجدوا مع الفعل قرائن أخر .

وأجيب عن المعقول : بأنا لا نسلم أن فعل المباح عبث ; لأن العبث هو الخالي عن الغرض ، فإذا حصل في المباح منفعة ناجزة لم يكن عبثا بل من حيث حصول النفع به خرج عن العبث ، ثم حصول الغرض في التأسي بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم ، ومتابعة أفعاله بين ، فلا يعد من أقسام العبث .

القول الثالث : أنه للإباحة ، قال الرازي في المحصول : وهو قول مالك ولم يحك الجويني قول الإباحة هاهنا ; لأن قصد القربة لا يجامع استواء الطرفين ، لكن حكاه غيره كما قدمنا عن الرازي ، وكذلك حكاه ابن السمعاني والآمدي (http://islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=14552)وابن الحاجب حملا على أقل الأحوال .

واحتج من قال بالإباحة : بأنه قد ثبت أن فعله صلى الله عليه وآله وسلم لا يجوز أن يكون صادرا على وجه يقتضي الإثم ; لعصمته ، فثبت أنه لا بد أن يكون إما مباحا أو مندوبا أو [ ص: 145 ] واجبا ، وهذه الأقسام الثلاثة مشتركة في رفع الحرج عن الفعل ، فأما رجحان الفعل فلم يثبت على وجوده دليل ، فثبت بهذا أنه لا حرج في فعله ، كما أنه لا رجحان في فعله ، فكان مباحا وهو المتيقن ، فوجب التوقف عنده وعدم مجاوزته إلى ما ليس بمتيقن .

ويجاب عنه : بأن محل النزاع - كما عرفت - هو كون ذلك الفعل قد ظهر فيه قصد القربة ، وظهورها ينافي مجرد الإباحة ، وإلا لزم أن لا يكون لظهورها معنى يعتد به .

القول الرابع : الوقف . قال الرازي في المحصول : وهو قول الصيرفي وأكثر المعتزلة وهو المختار انتهى . وحكاه الشيخ أبو إسحاق عن أكثر أصحاب الشافعي (http://islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=13790)، وحكاه أيضا عن الدقاق واختاره القاضي أبو الطيب الطبري (http://islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=11872)، وحكاه في اللمع عن الصيرفي وأكثر المتكلمين .

وعندي أنه لا معنى للوقف في الفعل الذي قد ظهر فيه قصد القربة فإن قصد القربة يخرجه عن الإباحة إلى ما فوقها ، والمتيقن مما هو فوقها الندب .

وأما إذا لم يظهر فيه قصد القربة ، بل كان مجردا مطلقا ، فقد اختلفوا فيه بالنسبة إلينا على أقوال :

الأول : أنه واجب علينا ، وقد روي هذا عن ابن سريج قال الجويني : وهو كذلك في النقل عنه ، وهو أجل قدرا من ذلك ، ولكن حكاه ابن الصباغ عن الإصطخري وابن خيران (http://islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=13131) وابن أبي هريرة (http://islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=12535) والطبري (http://islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=16935)وأكثر متأخري الشافعية .

وقال سليم الرازي (http://islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=16026)إنه ظاهر مذهب الشافعي (http://islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=13790)، واستدلوا بنحو ما استدل به القائلون بالوجوب مع ظهور قصد القربة .

[ ص: 146 ] ويجاب عنهم : بما أجيب به عن أولئك ، بل الجواب عن هؤلاء بتلك الأجوبة أظهر ; لعدم ظهور قصد القربة في هذا الفعل ، وقد اختار هذا القول أبو الحسين بن القطان (http://islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=12855)والرازي في المعالم . قال القرافي : وهو الذي نقله أئمة المالكية في كتبهم الأصولية والفروعية ، ونقله القاضي أبو بكر عن أكثر أهل العراق .

القول الثاني : أنه مندوب . قال الزركشي في البحر وهو قول أكثر الحنفية والمعتزلة ، ونقله القاضي وابن الصباغ عن الصيرفي والقفال الكبير (http://islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=15022) . قال الروياني : هو قول الأكثرين ، وقال ابن القشيري في كلام الشافعي (http://islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=13790)ما يدل عليه .

قلت : هو الحق ; لأن فعله صلى الله عليه وآله وسلم ، وإن لم يظهر فيه قصد القربة ، فهو لا بد أن يكون لقربة ، وأقل ما يتقرب به هو المندوب ، ولا دليل يدل على زيادة على الندب ، فوجب القول به ، ولا يجوز القول بأنه يفيد الإباحة ، فإن إباحة الشيء [ ص: 147 ] بمعنى استواء طرفيه موجودة قبل ورود الشرع به ، فالقول بها إهمال للفعل الصادر منه صلى الله عليه وآله وسلم ، فهو تفريط ، كما أن حمل فعله المجرد على الوجوب إفراط ، والحق بين المقصر والمغالي .

القول الثالث : أنه مباح ، نقله الدبوسي في التقويم عن أبي بكر الرازي ، وقال : إنه الصحيح واختاره الجويني في البرهان ، وهو الراجح عند الحنابلة ، ويجاب عنه بما ذكرناه قريبا .

القول الرابع : الوقف حتى يقوم دليل ، نقله ابن السمعاني عن أكثر الأشعرية ، قال : واختاره الدقاق وأبو القاسم بن كج (http://islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=13459)قال الزركشي : وبه قال جمهور أصحابنا ، وقال ابن فورك (http://islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=13428) : إنه الصحيح ، وكذا صححه القاضي أبو الطيب (http://islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=11872)في شرح الكفاية ، واستدلوا بأنه لما كان محتملا للوجوب والندب والإباحة مع احتمال أن يكون من خصائصه كان التوقف متعينا ، ويجاب عنهم بمنع احتماله للإباحة لما قدمنا ، ومنع احتمال الخصوصية ; لأن أفعاله كلها محمولة على التشريع ، ما لم يدل دليل على الاختصاص ، وحينئذ فلا وجه للتوقف ، والعجب من اختيار مثل الغزالي (http://islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=14847)والرازي له .