المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : تحريم الكبر والإعجاب


محبة السلف
14-11-2007, 09:47PM
§¤°~®~°¤§تحريم الكبر والإعجاب:§¤°~®~°¤§

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له...
وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون.
أما بعد:
فقد ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله:" إنه أوحي إلي أن تواضعوا؛ حتى لا يفخر أحد على أحد، ولا يبغي أحد على أحد".
وقد كان عليه الصلاة والسلام على خلق عظيم، كما قال تعالى عنه:[وإنك لعلى خلق عظيم]
ولذلك فقد تضمن كتاب الله الكريم وسنة المصطفى صلى الله عليه وسلم النهي عن كل خلق ذميم.
وإن من الخصال الذميمة التي نهى الشرع عنها، وبين سوء عاقبة من يتخلق بها في الدنيا والآخرة: الكبر والإعجاب.

فقد أخبرنا الله عز وجل في كتابه الكريم عن سوء عاقبة المتكبرين المتجبرين؛ ليأخذ المسلم العبرة والعظة، فيتجنب تلك الأوصاف التي اتصف بها المتكبرون، فنالهم بسبب ذلك عقاب الله وبطشه.
لأن القرآن الكريم نزل لهداية البشرية كلها، لايختص بفئة دون أخرى؛ بل كل مسلم مكلف من ذكر وأنثى مخاطب به، ومكلف بالعمل به، لافرق في ذلك بين الرجال والنساء، والعالم والمتعلم، وإن مما قصه الله على عباده عن بيان عاقبة المتكبرين؛ ليأخذوا العبرة منه: قصة قارون، الذي أعطاه الله من الأموال الطائلة التي تنوء العصبة من القوم بحمل مفاتيحها.
فلم يشكر الله على ذلك، ولم يعترف بإحسانه إليه؛ بل بغى على قومه وتكبر عليهم، وأنكر نعمة ربه، وادعى أنه أعطي ذاك المال لعلم الله بأنه يستحقه، ولمحبته له، فهو يقول إنما أعطيته لعلم الله في أني أهل له.
وقد نبه أهل الخير والصلاح إلى أن هذه النعم يجب عليه أن يشكر المنعم بها عليه، فيحسن إلى الآخرين كما أحسن الله إليه، وأن يستعمل هذا المال الجزيل في طاعة الله، والتقرب إليه بأنواع القربات التي يحصل له بها الثواب في الدار الآخرة.
وأن له أن يأخذ نصيبه من الدنيا مما أباح الله فيها من المآكل والمشارب والملابس والمساكن وغيرها، دون إسراف وتبذير، وألا يستعمل ماوهبه الله له في الفساد في الأرض، والإساءة إلى الخلق؛ لأن الله لا يحب المفسدين؛ ولكنه لم يصغ لنصيحة، ولم يتعظ بموعظة.
يقول الله تعالى في ذلك:[إن قارون كان من قوم موسى فبغى عليهم وءاتيناه من الكنوز ما لإن مفاتحه لتنوأ بالعصبة أولي القوة إذ قال له قومه لاتفرح إن الله لايحب الفرحين (76)وابتغ فيما ءاتاك الله الدار الأخرة ولاتنس نصيبك من الدنيا وأحسن كما أحسن الله إليك ولاتبغ الفساد في الأرض إن الله لايحب المفسدين]
يقول الإمام ابن كثير: وقوله:[ إذ قال له قومه لا تفرح إن الله لا يحب الفرحين]
أي :وعظه فيما هو فيه صالحوا قومه، فقالوا على سبيل النصح والإرشاد: لاتفرح بما أنت فيه من الأموال[إن الله لايحب الفرحين].

قال ابن عباس: يعني المرحين. وقال مجاهد: يعني الأشرين البطرين، الذين لا يشكرون الله على ما أعطاهم.
ولذلك حكى الله رد قارون على هؤلاء الناصحين له فقال:[قال إنما أوتيته على علم عندي]
وقد أورد ابن كثير أقوال المفسرين لمعنى الآية، ثم قال:
والصحيح منها قول من قال: [إنما أوتيته على علم عندي] إن الله إنما أعطاني هذا المال لعلمه بأني أستحقه ولمحبته لي. قال: ولهذا قال الله تعالى رادا عليه فيما ادعاه من اعتناء الله به فيما أعطاه من المال: [أولم يعلم أن الله قد أهلك من قبله من القرون من هو أشد منه قوة وأكثر جمعا].
أي : قد كان من هو أكثر منه مالا، وما كان ذلك عن محبة منا له، وقد أهلكهم الله مع ذلك بكفرهم وعدم شكرهم.
ولهذا قال:[ولا يسئل عن ذنوبهم المجرمون]، أي: لكثرة ذنوبهم.
أيها القرئ الكريم،إن هذه الآيات من كتاب الله تبين لك على أن كثرة المال ومتاع الحياة الدنيا لاتدل على ميزان الفضل والتقوى بين الناس، ولا أن وجود المال الكثير عند شخص دليل على أن الله يحبه وراض عنه، ولذلك أعطاه ذاك المال والبنون وزينة الحياة الدنيا؛لأن الدنيا ومافيها لاتزن عند الله جناح بعوضة، فإنه يعطيها للمؤمن والكافر...

من كتاب:

الوصايا في الكتاب والسنة
المجموعة السابعة
للشيخ: علي بن محمد بن ناصر الفقيهي

يتبع بإذن الله

محبة السلف
15-11-2007, 12:17AM
...تابع...

ولهذا لما قال إبراهيم عليه السلام كما حكى الله عنه:[وإذ قال إبراهيم رب اجعل هذا بلدا ءامنا وارزق أهله من الثمرات من ءامن منهم بالله واليوم الأخر].

قال الله تعالى:[ ومن كفر فأمتعه قليلا ثم أضطره إلى عذاب النار وبئس المصير].

فإبراهيم عليه السلام قصر طلب الرزق على المؤمنين، ولكن الدنيا ومتاعها لاقيمة له عند الله، ولهذا قال:[ومن كفر] أي: يرزقه الله ويمتعه في هذه الحياة الدنيا وهي قليلة بالنسبة لحياة الآخرة الدائمة، ولا يعرفها إلا من آتاه الله علما وبصيرة يدرك بها أن الحياة الدنيا وزينتها لايفرح بها ويطمئن إليها إلا الكافر والجاهل،يبين الله تعالى ذلك بقصة قارون هذا فيقول:[ فخرج على قومه في زينته قال الذين يريدون الحياة الدنيا ياليت لنا مثل ماأوتي قارون إنه لذو حظ عظيم(79)وقال الذين أوتوا العلم ويلكم ثواب الله خير لمن آمن وعمل صالحا ولايلقاها إلا الصابرون]

فالله تعالى يخبر عن قارون أنه خرج ذات يوم على قومه في زينة عظيمة، وتجمل باهر: من مراكب وملابس عليه وعلى خدمه وحشمه، فلما رآه من يريد الحياة ويميل إلى زخرفها وزينتها وبهرجها تمنوا لو كان لهم مثل ما أوتي قارون من حطام هذه الدنيا.

ولكن أهل العلم والمعرفة الذين يعلمون أن الدنيا لا قيمة لها عند الله،وأن الحياة الباقية هي التي يجب أن يستعد لها المؤمن، واستعداده لها لا يكون بمثل عمل قارون الذي طغى على قومه، وتكبر عليهم، ولم يشكر المنعم عليه، وإنما ذلك بالعمل الصالح، ولهذا قالوا لهم:[ويلكم ثواب الله خير لمن ءامن وعمل صالحا]. مما تشاهدونه مع قارون الذي ظهر على قومه لابسا ثوب الكبرياء، فإن المتكبر لاقيمة له عند الله، ومن نازع الله في ذلك عذبه الله عز وجل.

ففي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:" قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"قال الله عز وجل: العز إزاري، والكبرياء ردائي فمن ينازعني عذبته"
وهكذا حكم الله على قارون حينما خرج متكبرا منازعا لله في هذه الصفة التي لاتكون إلا لله الواحد القهار.

قال تعالى:[فخسفنا به وبداره الأرض فما كان له من فئة ينصرونه من دون الله وماكان من المنتصرين].
لما ذكر تعالى اختيال قارون في زينته، وفخره على قومه وبغيه عليهم، عقب ذلك ببيان ماجازاه به على ذلك بأنه خسف به وبداره الأرض، ففي الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال:" بينما رجل يمشي في حلة تعجبه نفسه، مرجل رأسه، يختال في مشيته، إذ خسف الله به، فهو يتجلجل في الأرض إلى يوم القيامة".

أيها القارئ الكريم: إن هذه الآيات والأحاديث توصيك وتحذرك من صفة الكبر والإعجاب بالنفس، وتبين لك عاقبة ذلك.

من كتاب:
الوصايا في ضوء الكتاب والسنة
المجموعة السابعة
للشيخ:
علي بن محمد بن ناصر الفقيهي

إخوتي...لإن من صفات المؤمنين الإنابة والإخبات والتواضع وعدم الكبر. ومن استقرأ حياة نبي هذه الأمة يجد فيها القدوة والأسوة، ومن تتبع حياة السلف الصالح رأى ذلك واضحا جليا...
وكان من دعائه صلى الله عليه وسلم:" اللهم أحيني مسكينا، وأمتني مسكينا، واحشرني في زمرة المساكين"

يقول ابن الأثير: أراد به التواضع والإخبات، وأن لايكون من الجبارين المتكبرين.-مدارج السالكين ص:344-

قيل: التواضع: هو خفض الجناح ولين الجانب
وقيل: التواضع أن لا ترى لنفسك قيمة فمن رأى لنفسه قيمة فليس له في التواضع نصيب.

فالحذر الحذر إخوتي من هذا الداء فوالله قل أهل التواضع في زماننا....
بل البعض يأخذه العجب والتيه على عباد الله لدنيا أو علم أو جاه...وكلها منح وعطايا من الله عز وجل..ومثلما أعطاها إياه فهو سبحانه قادر على أن يسلبها منه في طرفة عين...

من اتقى الله تعالى تواضع له، ومن تكبر كان فاقدا لتقواه، ركيكا في دينه، مشتغلا بدنياه، فالمتكبر وضيع وإن رأى نفسه مرتفعا على الخلق، والمتواضع وإن رؤي وضيعا فهو رفيع القدر:
تواضع تكن كالنجــــــــــم لاح لناظر / على صفحات الماء وهو رفيع
ولا تك كالدخان يعلوا بنفســــــــــــه / إلى طبقات الجو وهو وضيـــع
ومن استشعر التواضع وعاشه كره الكبر وبواعثه- من كتاب التواضع والخمول لابن أبي الدنيا-

هذا حديث الصادق الصدوق الذي لاينطق عن الهوى صلى الله عليه وسلم فلنجعله على رؤوسنا وأمام أعيننا
قال :"مازاد الله عبدا بعفو إلا عزا، وما تواضع أحد لله إلا رفعه الله" رواه مسلم.

رزقنا الله التواضع وأعاذنا من الكبر ومن مساوئ الأخلاق.

أم محمود
14-01-2010, 11:42AM
بارك الله فيكِ اختنا الفاضلة محبة السلف .. نمتنى تواجدك معنا من جديد في هذه المجلة المفيدة
نسال الله ان ينفعك الله بما علمك وتنفعين غيرك مما علمك الله .. اللهم آمين