المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : عوامل بناء شخصية المرأة المسلمة


أم سلمة
04-07-2007, 04:44PM
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
عوامل بناء شخصية المرأة المسلمـــة *
قال الله تعالى: (يأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُواْ اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا)(1).
أحمدُ الله تعالى أنْ منَّ علينا بنعمة الإسلام فأخرجنا من الظلمات إلى النور بإذنه، وبفضله أخرج المرأة من ظلمات الجهل والجور، فأكرمها وأعلى شأنها وردَّ اعتبارها، وأنزلها المكانة التي تستحقها كإنسان له كامل الحقوق وعليه واجبات، فوصلت إلى أرقى مستويات الإكرام والاحترام ليسمو بها إلى منزلة رفيعة لم تبلغها في أي من الأمم والشرائع الأخرى.
أوصى بها أمًّا، وزوجه، وأختًا، وبنتًا، وَرَحِمًا، فخرَّجت مدرسة النبوة أمهات المؤمنين، وصحابيات ذلَّت على أيدي أزواجهن وأبنائهن وإخوانهن رقابَ الأكاسرة والجبابرة، فتحوا البلاد وقلوب العباد بفضله سبحانه عندما رفعوا راية هذا الدين، والتزموا المنهج الرباني الذي جاء به نبينا الأمين صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وثبتوا عليه وبذلوا من أجله الغالي والنفيس، فأين نحن منهم؟!!
فأين نحن من خديجة وعائشة والخنساء وأسماء وفاطمة رَضِي اللَّه عَنْهنَّ أجمعين؟!
ما واجب المرأة المسلمة حتى لا تفقد شخصيتها وحقوقها أمام الخطر الدَّاهم الزاحف نحو الأسرة المسلمة، الذي يحمل في طياته موجات الفساد والتضليل والخداع للمرأة المسلمة؟
إنهم لم يستخدموا دبابة ولا طيارة، استخدموا ما هو أشد فتكًا وأكثر خطرًا وإفسادًا، تَحايلوا بتغريب المرأة المسلمة عن دينها عن طريق وسائل الإعلام المرئية والمقروءة بتزيين التبرج والميوعة، والانشغال بالمظاهر الفارغة والقضايا الجانبية التافهة، والاستغراق بالمشاكل العائلية غير مباليات بالأخطار المحدقة حولهن، فكثُرَ الفساد والطلاق والمعاصي، حتى أصبحنا نرى هياكل نعرفها ومخابر أجنبية عنا!!
لباس الكافرات الكاسيات العاريات تلبسه المسلمات، متعطرات متشبهات بالرجال .. يتسابقن في إضاعـة الدنيا والدِّين، يُصطدن ويَصطادهن ضعاف النفوس بعد أن انسلخ الحياء، وحقَّقوا مآرب أعداء الدِّين بهدم البيت المسلم من خلال المرأة.
قال مُخططو بروتوكولات حكماء صهيون: (علينا أن نكسب المرأة ففي أي يوم مدَّت إلينا يدها ربحنا القضية).
وقال يهودي آخر: (لا تستقيم لنا حالة الشرق إلا إذا رفعت المرأة المسلمة الحجاب).
تَحلُّل، عُريّ، إباحية، اختلاط، لَهو، حفلات مموَّهة ببريق خادع يغطي نيَّات مروجيها، ورسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: (صنفان من أهل النار لم أرهما بعد، قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس، ونساء كاسيات عاريات مميلات، مائلات، رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة، لا يدخلن الجنّة ولا يجدن ريحها وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا)(2)، صدق رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقد رأينا في هذا الزمان ما لم يره، رأينا الأب والأم يسيران إلى جانب ابنتهما الكاسية العارية وكأنهما يفتخران بقلوب طُمِست، لا تَعرف معروفًا، ولا تُنكر مُنكرًا .. فيـا لغربة الإسلام !!!.
وقال أحد قادة الماسونية: (كأس وغانية تفعلان في تحطيم الأمة المحمدية أكثر مما يفعله ألف مدفع فأغرِقوها في حب المادة وحب الشهوات).
وللأســف أصبحت الثقافة في الأمة المحمدية غناءًا ومعازف وحفلاتٍ ومعاصي، نعوض بالله من غضب الجبار.
وقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (سيكون في آخر الزمان خسف ومسخ إذا ظهرت المعازف والقينات، واستُحلَّت الخمر)(3).
هل من خُدعت وحادت عن طريق الاستقامة، تقوى على حَمل الأمانة، أمانة هذا الدين؟ وهل تُخرّج لنا أبناء وبنات أمثال الرعيل الأول ومن تبعهم بإحسان؟

إنّ الشخصية لدى الإنسان ـ رجلاً كان أو امرأة ـ تتكون من عنصرين هامَّين:
1- عقلية راشدة متوقِّدة تعرف هدفها في الحياة.
2- نفسية طاهرة من كل دنس ورذيله وقبح وسوء وكل ما يشين.
وبهذا يتميز الإنسان الذي يملك شخصية متميزة كريمة فاضلة استقام سلوكه بها على المنهج الرباني والأخلاق الفاضلة، عن الإنسان الذي هدرت شخصيته لهوى متبع أو شهوة جامحة أو تقليد أعمى.

وبِمقدور أي امرأة مسلمة بناء شخصيتها بناءً إسلاميًا مراعية ما يلي:
1- الحرص على طلب العلم الشرعي وتطبيقه عقيدة وأخلاقًا وعبادات، بأن تَجعل الكتاب والسنّة مقياسًا لمفاهيمها وميولها تدور مع الحق كيفما دار ملتزمة للأمر قدر الاستطاعة مُجتنبة للنهي، وهذا يتطلب نفسًا هينة لينة سهلة قريبة وقابلة للتغيير إلى الأفضل، إن جاءها الأمر من الله تبارك وتعالى قالت: سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير، لا كما تَفعل الكثيرات حسب أهواءهن ولسان حالهنّ يقول: سمعنا وعصينا، والعياذ بالله، والله تعالى يقول: (فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ)(4).

2- التأسي بما جــاء في كتــاب الله تعالى وحديث رسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من عظات وعبر، في السير العطرة للأنبياء وزوجاتهم، ورسولنا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في أهل بيته، والصحابة الكرام والصحابيات، فإنَّهم القدوة الصالحة ولنا بهم أسوة حسنة، قال الله تعالى: (يأَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لأَزْوَاجِكَ إِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا* وَإِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الآخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا* يا نِسَاءَ النَّبِيِّ مَن يَأْتِ مِنكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا* وَمَن يَقْنُتْ مِنكُنَّ للَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صَالِحًا نُؤْتِهَـا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ وَأَعْتَدْنَا لَهَا رِزْقًا كَرِيمًا* يا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلاَ تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَّعْرُوفًا* وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلاَ تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلاَةَ وَآتِينَ الزَّكَـاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُـمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيــرًا* وَاذْكُـرْنَ مَا يُتْـلَى فِي بُيُوتِكُـنَّ مِنْ ايَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْــمَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا)(5).

من هذه الآيات الكريمة تتبيَّن لنا أمور هامة لبناء شخصية المرأة المسلمة:
أ- على المرأة المسلمة أن تكون على قدر الحدث في أمتها تعين زوجها في بيته وفي دعوته وفي تربية أبنائه، ترضى بالقضاء وتصبر على البلاء.
ب- الحض على الزهد في هذه الحياة الدنيا وترك الجري وراء شهواتها وملذاتها، عن سهل بن سعد قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (ازهد في الدنيا يحبك الله، وازهد بما في أيدي الناس يحبك الناس)(6)، وعن أنس رَضِي اللَّه عَنْه قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (ازهد في الدنيا يحبك الله، وأما الناس فانبذ إليهم هذا يحبوك)(7).
ج- التحذير من الفاحشة ـ وحاشا لأمهات المؤمنين أن يفعلنها ـ يبين الله تبارك وتعالى أن المرأة القدوة إذا اقترفت الفاحشة تكون أشد إثمًا، ووقعًا على قلوب الناس.
د- الحض على الطاعة والعمل الصالح والنظر إلى ما هو خير وأبقى.
هـ- الحض على التقوى، ومنه التأدب مع الرجال عند لقائهم ومُخاطبتهم.
و- الحض على الستر، والقرار في البيوت، والتحصُّن ضد إغراء الجاهلية في كل زمان ومكان، وهذا من تكريم الإسلام للمرأة والمحافظة عليها.
ز- الحض على تلاوة كتاب الله، وهدي رسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فإنَّهنّ من المثبّتات ... والكثير الكثير من الآيات والأحاديث لنا فيها عبر وعظات.

3- الصبر والثبات على الحق والتمسك به بقوة رغم معوقات الشهوات والشبهات، فلا تشبه بالكافرات ولا بالرجال، ولا مُخالطة لأهل المعاصي والبدع، والابتعاد عن مجالستهم، وعدم تكثير سوادهم.
قال الله تعالى: (فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ)(8).
وقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إن من ورائكم أيام الصبر ـ وفي رواية: زمان الصبرـ، للمتمسك فيهنّ يومئذ بما أنتم عليه أجر خمسين منكم، قالوا: يا نبي الله! أو منهم ؟ قال: بل منكم) وفي رواية: (للمتمسك فيه أجر خمسين شهيدًا منكم)(9).
(رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ)(10).

4- تعميق قاعدة الولاء والبراء فإنّها أوثق عرى الإيمان.
قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (أوثق عرى الإيمان الموالاة في الله والمعاداة في الله والحب في الله والبغض في الله)(11).
وقال تعالى: (وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلاَ تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلاَ تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا)(12).

5- الحرص على قضاء الوقت فيما ينفع، قال الله تعالى: (وَالْعَصْرِ * إِنَّ الإِنسَانَ لَفِى خُسْرٍ * إِلاَّ الَّذِينَ امَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْاْ بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْاْ بِالصَّبْرِ)(13).
وقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (لا تزول قدما ابن آدم يوم القيامة من عند ربه حتى يُسأل عن خمس: عن عمره فيم أفناه؟ وعن شبابه فيم أبلاه؟ وعن ماله أين اكتسبه؟ وفيم أنفقه؟ وماذا عمل فيما علم؟)(14)، وعلى هذا مدار الحياة، ثم عنه نُسأل.
فلنشغل أوقاتنا بالذكر والعبادة والعلم والتعليم، ومجالسة الصالحين وغرس مبادئ الدين في الأبناء بالحكمة والموعظة الحسنة والقدوة الصالحة ليحملوا أمانة هذا الدِّين لمن خلفهم، ما أحرانا في هذا الزمان أن نقتدي بنساء الصدر الأول للإسلام، اللاتي بَذَلْنَ أروع الأمثلة في التضحية والفداء، والثبات على الحق ليعز الإسلام والمسلمين، وليس ذلك على الله سبحانه بعزيز، وهو سبحانه القائلُ: (لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِّن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلاَ مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِّن دُونِهِ مِن وَالٍ)(15).
فالبِدارَ البِدار َ.... جنّبنا الله وإياكم كُلّ سوء.


نقلتـه: أُمُّ سَلَمَــة
غفر الله لها ولوالديها ولجميع المسلمين
19/جمادي الآخرة/1428 للهجرة النبوية



***************************************
(*) مقال للأخت الفاضلة أم عبدالله نجلاء الصالح سددها الله تعالى، نُشِرَ في مجلة (الأصالــة)، العدد (44)، السنة الثامنة، 15/شوال/1424 للهجرة النبوية.
(1) سورة النساء: 1.
(2) صحيح (حم، م) عن أبي هريرة رَضِي اللَّه عَنْه "صحيح الجامع" (3799)، "مختصر مسلم" (1388).
(3) صحيح رواه الطبراني في "الكبير" عن سهل بن سعد رَضِي اللَّه عَنْه، والترمذي عن عمران بن حصين، "صحيح الجامع" (3665)، "الروض النضير" (1004) ـ القينات: هن المغنيات.
(4) سورة النور: 63.
(5) سورة الأحزاب: 28-34.
(6) صحيح الجامع: (922).
(7) صحيح الجامع: (923).
(8) سورة الزخرف: 43.
(9) صحيح الجامع: (2234)، السلسلة الصحيحة: (494)، رواه الطبراني في "الكبير" عن عبدالله بن مسعود رَضِي اللَّه عَنْه.
(10) سورة البقرة: 250.
(11) الصحيحة: (1728)، صحيح رواه الطبراني في "الكبير" عن ابن مسعود.
(12) سورة الكهف: 28.
(13) سورة العصر: 1-3.
(14) حديث حسن رواه الترمذي عن ابن مسعود صحيح الجامع: (7299)، الصحيحة: (946).
(15) سورة الرعد: 11.

أم محمود
14-01-2010, 11:59AM
بارك الله فيكم اختنا الفاضلة أم سلمة
أحسن الله إليكِ وسدد خطاك لكل خير .. اللهم آمين