تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : [متجدد] تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ المجلد الخامس ]


ام عادل السلفية
05-02-2016, 05:37PM
بسم الله الرحمن الرحيم



تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام

للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -



كتاب القصاص


القصاص : بكسر القاف هو المماثلة مأخوذ من القص وهو القطع ومن اقتصاص الأثر وهو تتبعه كما قاله الواحدي لأن المقتص يتبع جناية الجاني فيأخذ مثلها كما قال الله تعالى (وَالْجُـرُوحَ قِصَاصٌ ) [المائدة : 45 ] أورد فيه


[331]الحديث الأول :
عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال : قال رسول الله ﷺ ( لا يحل دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله إلا بإحدى ثلاث: الثيب الزاني والنفس بالنفس والتارك لدينه المفارق للجماعة ) .


موضوع الحديث :
عصمة دم المسلم إلا بهذه الثلاث المذكورة في الحديث


المفردات
قوله لا يحل دم امرئ مسلم : يعني ليس هناك سبب يبيح دمه إلا هذه إلا بواحدة من هذه الثلاث .
قوله دم امرئ : هذا عموم
قوله مسلم : يخصص ذلك العموم أي امرئ متصف بالإسلام
قوله يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله : هذا بيان لعقيدة المسلم وأنه لا يكون مسلماً إلا أن يشهد لله بوحدانية الأولوهية وأنه هو المستحق لجميع العبادة وأن يشهد لرسول الله ﷺ بالرسالة فمن فقد واحدة منهما لم يكن مسلماً وإن ادعى ذلك
قوله إلا بإحدى ثلاث : أي واحدة من الثلاث المذكورة
الثيب : هو من وطأ في نكاح صحيح والمرأة الثيب هي من وطئت في نكاح صحيح أيضاً
الزاني : يعني إذا زنى وهو ثيب فإنه يباح قتله على الكيفية الواردة في عقوبة الزاني المحصن وهو الرجم بالحجارة حتى يموت
قوله والنفس بالنفس : يعني أنه من قتل نفساً معصومة قتل بها
والتارك لدينه : المقصود به المرتد
المفارق للجماعة : أي جماعة المسلمين فإنه من لازم الردة مفارقة الجماعة


المعنى الإجمالي
أخبر النبي ﷺ بأن كل مسلم معصوم الدم لا يحل إزهاق روحه بأي سبب من الأسباب غير هذه الثلاثة وهو من زنى وهو ثيب فإنه يرجم بالحجارة حتى يموت ومن قتل نفساً بغير نفس فإنه يقتل بها ومن ارتد عن دين الإسلام وفارق جماعة المسلمين فإنه يباح قتله لهذا السبب .


فقه الحديث
أولاً : يؤخذ من الحديث أن المسلم لا يكون مسلماً إلا أن يشهد لله بوحدانية الأولوهية وأن يشهد لرسول الله ﷺ و بالرسالة العامة لجميع البشر


ثانياً : أن من شهد أن لا إله إلا الله ولكنه خالف تلك الشهادة بدعوته لغير الله عز وجل واعتقاد القدرة فيه على جلب النفع ودفع الضر الذي لا يقدر أحد غير الله عز وجل على جلبه أو دفعه من اعتقد هذا الاعتقاد ولو تشهد بهذه الشهادة فهو مشرك شركاً أكبر يحرج به من الإسلام وما أكثر من هم على هذه الوتيرة ممن يدعون الإسلام فتجد كثيراً ممن يزعمون أنهم مسلمون يدعون الأموات ويعتقدون فيهم القدرة على ما لا يقدر عليه إلا الله من إنجاب الولد وإنزال المطر ورفع العاهة وغير ذلك من الاعتقادات التي هي معروفة عنهم ومثل هؤلاء يبين لهم أن هذا الاعتقاد كفر فمن أصر على ذلك فإنه يكون كافراً حلال الدم والمال


ثالثاً: مقتضى شهادة أن محمداً رسول الله أن يعتقد العبد أن الله أرسل محمداً بالحق وأنزل عليه الكتاب وشرع له الشريعة وأنه لا يسع أحداً من الناس أن يخرج عنها وهذا هو مقتضى عقيدة الإسلام وهو حقيقة الإسلام فلا يكون الإنسان مسلماً على الحقيقة إلا بأن يعتقد هذا الاعتقاد .


رابعاً : من اعتقد هذا الاعتقاد عصم دمه وماله فلا يحل إزهاق روحه إلا بواحدة من الثلاث المذكورة في الحديث


خامساً : الأولى من هذه الثلاث أن يزني وهو ثيب ويثبت عليه ذلك باعترافه أو بالبينة فإنه يرجم حتى يموت


سادساً : أن قتل الثيب الزاني يكون بالرجم فمن قتل الزاني بالسيف فإنه قد جانب الحق وبعد عن الصواب إذاً فلا بد أن نعتقد الكيفية بالقتل مع اعتقاد الإباحة لدمه


سابعاً : يؤخذ من قوله والنفس بالنفس أن من قتل مسلماً قتل به قصاصاً إذا وجدت العمدية بأن يقتله عامداً


ثامناً :يستثنى من الصفة ما إذا قتل بشيء محرم فإن الموافقة في الصفة لا تجوز كما لو قتل الجاني شخصاً باللواط فيه حتى مات وما أشبه ذلك فإن المماثلة حينئذ لا تجوز


تاسعاً : يؤخذ من قوله والتارك لدينه المفارق للجماعة أن من ترك الدين بأن ارتد عنه فإنه يقتل لحديث ابْنَ عَبَّاسٍ رضي الله عنه قال : قَالَ النَّبِيُّ ﷺ ( مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ)


عاشراً : اختلف أهل العلم في المرأة المرتدة هل تقتل كالرجل أو لا تقتل ؟ والصواب أنها تقتل للحديث الذي سبق ذكره حيث من هي من أدوات العموم فتعم الذكر والأنثى .


الحادي عشر: أن من كان كافراً أصلاً كاليهودي والنصراني ثم دخل في الإسلام ثم أراد الرجوع عن الإسلام إلى دينه قتل وفي ذلك ما ورد في صحيح البخاري ومسلم وغيرهما أن رسول الله ﷺ أرسل أَبَا مُوسَى إلى الْيَمَنِ ثُمَّ أَتْبَعَهُ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ فَلَمَّا قَدِمَ عَلَيْهِ قَالَ انْزِلْ وَأَلْقَى لَهُ وِسَادَةً وَإِذَا رَجُلٌ عِنْدَهُ مُوثَقٌ قَالَ مَا هَذَا قَالَ هَذَا كَانَ يَهُودِيًّا فَأَسْلَمَ ثُمَّ رَاجَعَ دِينَهُ دِينَ السَّوْءِ فَتَهَوَّدَ قَالَ لا أَجْلِسُ حَتَّى يُقْتَلَ قَضَاءُ اللَّهِ وَرَسُولِهِ …)


الثاني عشر: اختلفوا في تارك الصلاة هل هو كافر أم لا ؟ فمن قال هو كافر أوجب قتله كفراً إذا أصر على ما هو عليه ولم يتب . وذهب قوم إلى أن تارك الصلاة ليس بكافر وهؤلاء اختلفوا في حده فذهب مالك والشافعي إلى أنه يقتل حداً بعد الاستتابة وذهب أبو حنيفة إلى أنه لا يقتل ولكن يعزر وقال أحمد بن حنبل في الرواية المشهورة عنه تارك الصلاة كافر يستتاب فإن تاب وإلا قتل كفراً وهو الذي نعتقد بأنه هو الصواب لقوله تعالى ( فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ ) [التوبة : 5 ] ولقوله ﷺ كما في حديث جَابِر رضي الله عنه قال سَمِعْتُ النَّبِيَّ ﷺ يَقُولُ ( إِنَّ بَيْنَ الرَّجُلِ وَبَيْنَ الشِّرْكِ وَالْكُفْرِ تَرْكَ الصَّلاةِ ) ولحديث عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّه ﷺ ( الْعَهْدُ الَّذِي بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ الصَّلاةُ فَمَنْ تَرَكَهَا فَقَدْ كَفَرَ ) ولحديث عبد الله بن شقيق العقيلي قال ( كان أصحاب محمد ﷺ لا يرون شيئا من الأعمال تركه كفر غير الصلاة )


وأقول : إن هذه الأحاديث صالحة للاستدلال بها على أن تارك الصلاة كافر إذاً فهو داخل في قوله والتارك لدينه المفارق للجماعة أما حديث عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّe أَنَّهُ ذَكَرَ الصَّلاةَ يَوْمًا فَقَالَ مَنْ حَافَظَ عَلَيْهَا كَانَتْ لَهُ نُورًا وَبُرْهَانًا وَنَجَاةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمَنْ لَمْ يُحَافِظْ عَلَيْهَا لَمْ يَكُنْ لَهُ نُورٌ وَلا بُرْهَانٌ وَلا نَجَاةٌ وَكَانَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَعَ قَارُونَ وَفِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَأُبَيِّ بْنِ خَلَفٍ ) والحديث الآخر عن عُبَـادَةُ بن الصامت رضي الله عنه قال سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ خَمْسُ صَلَوَاتٍ كَتَبَهُنَّ اللَّهُ عَلَى الْعِبَادِ مَنْ جَاءَ بِهِنَّ لَمْ يُضَيِّعْ مِنْهُنَّ شَيْئًا اسْتِخْفَافًا بِحَقِّهِنَّ كَانَ لَهُ عِنْدَ اللَّهِ عَهْدٌ أَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ وَمَنْ لَمْ يَأْتِ بِهِنَّ فَلَيْسَ لَهُ عِنْدَ اللَّهِ عَهْدٌ إِنْ شَاءَ عَذَّبَهُ وَإِنْ شَـاءَ أَدْخَلَهُ الْجَنَّةَ )


وأقول : إن من ألفاظ هذا الحديث ( فَمَنْ جَاءَ بِهِنَّ لَمْ يَنْتَقِصْ مِنْهُنَّ شَيْئًا ) فهذا الحديث وأمثاله فيمن انتقص من حقهن شيئاً أما التارك لها بالكلية فهو كافر على الأصح وقد ذهب إلى ذلك كثير من المحققين ممن عاصرناهم منهم الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله والشيخ محمد بن صالح بن عثيمين رحمه الله وهذا ما نعتقد أنه الصواب وبالله التوفيق .


الثالث عشر : قد ورد عن النبي ﷺ أنه أباح دم الصائل والله سبحانه وتعالى أباح قتل المحارب إذا قتل والحكم فيه إلى إمام المسلمين فهذه الأحاديث لا تنافي بينها وبين هذا الحديث لأن إباحة القتل فيها لأسباب ترتبت عليها وبالله التوفيق .



--------

تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ


تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 5 ]

[ المجلد الخامس ]

http://subulsalam.com/site/kutub/AhmedNajmi/08TassisAhkam5.pdf



الرابط المباشر لتحميل الكتاب :

http://subulsalam.com/play.php?catsmktba=9384

التصفية والتربية

TarbiaTasfia@

ام عادل السلفية
08-02-2016, 03:34PM
بسم الله الرحمن الرحيم



تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام

للعلامة : احمد النجمي
-رحمه الله-



الحديث الثاني :
عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال : قال رسول الله ﷺ أول ما يقضى بين الناس يوم القيامة في الدماء )


موضوع الحديث :
الدماء وأهميتها وأنها أول ما يقضى فيه يوم القيامة


المفردات
يقضى : يحكم
في الدماء : أي في إراقتها وإزهاق الأرواح بها


المعنى الإجمالي
يخبر عبدالله بن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ قال أول ما يقضى بين الناس يوم القيامة في الدماء وهو دال على أهمية الدماء والمراد به القتل وسفك الدم بغير حق وأن أول ما يقضى فيه يوم القيامة هي الدماء


فقه الحديث
قد ثبت عن النبي ﷺ أن الناس يلتمسون من يشفع لهم في فصل القضاء فيذهبون إلى آدم فيأبى ثم يذهبون إلى نوح ثم إبراهيم ثم موسى ثم عيسى وكل منهم يقول لست لها فإذا أتوا إلى النبي ﷺ قال أنا لها وقد ذكر صلوات الله وسلامه عليه أنه يذهب فيستأذن علىربه فيؤذن له فيسجد بين يدي ربه قدر جمعة ثم يقال له يا محمد أرفع رأسك وقل يسمع واشفع تشفع فيقول النبي ﷺ رب أمتي رب أمتي فيأمر الله عز وجل بفصل القضاء فتكون أمة محمد هي أول أمة يقضى بينها ولهذا يقول علي بن أبي طالب أنا أول من يجثوا بين يدي الله عز وجل للخصومة يوم القيامة وذلك لأنه كان أحد الثلاثة المسلمين الذين بارزوا يوم بدر وفيهم نزل قول الله عز وجل ( هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ ) [الحج : 19 ]


فأمة محمد ﷺ هي أول من يقضى بينها وأول ما يقضى بينهم في الدماء وأول دماء أريقت في سبيل الله هي دماء المبارزين في بدر والثلاثة المقابلين لهم دمائهم أريقت في سبيل الطاغوت إذاً فأول ما يقضى بين الناس في الدماء وفيما يتعلق بالحقوق بينهم وأول ما يحاسب به العبد الصلاة وهذا الحساب يتعلق بين العبد وبين ربه فلا تنافي إذاً وبالله التوفيق .



--------

تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ


تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 5 ]

[ المجلد الخامس ]

http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam5.pdf (http://subulsalam.com/site/kutub/AhmedNajmi/08TassisAhkam5.pdf)



الرابط المباشر لتحميل الكتاب :

http://subulsalam.com/play.php?catsmktba=9384

ام عادل السلفية
08-02-2016, 03:40PM
بسم الله الرحمن الرحيم




تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام

للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -



الحديث الثالث :
عن سهل بن حثمة قال أنطلق عبدالله بن سهل ومحيصة بن مسعود إلى خيبر وهي يومئذ صلح فتفرقا فأتى محيصة إلى عبدالله بن سهل – وهو يتشحط في دمه قتيلاً – فدفنه ثم أتى المدينة فانطلق عبدالرحمن بن سهل ومحيصة وحويصة ابنا مسعود إلى النبيeفذهب عبدالرحمن يتكلم فقال كبر كبر وهو أحدث القوم فسكت فتكلما فقال : أتحلفون وتستحقون قاتلكم أو صاحبكم ؟ قالوا وكيف نحلف ولم نشهد ولم نر ؟ قال فتبرئكم يهود بخمسين يميناً فقالوا كيف نأخذ بأيمان قوم كفار ؟ فعقله النبي e من عنده) وفي حديث حماد بن زيد فقال رسول الله e يقسم خمسون منكم على رجل منهم فيدفع برمته قالوا : أمر لم نشهده كيف نحلف ؟ قال فتبرئكم يهود بأيمان خمسين منهم قالوا يا رسول الله قوم كفار .
وفي حديث سعيد بن عبيد فكره رسول الله أن يبطل دمه فوداه بمائة من إبل الصدقة

موضوع الحديث :
القسامة

المفردات
انطلق : ذهب
محيصة وحويصة : ورد بالفتح والتشديد وورد بإسكان الياء حويصة ومحيصة ولكن التشديد أشهر
يتشحط في دمه : أي يضطرب فيه قتيلاً
فذهب عبد الرحمن يتكلم فقال النبي e كبر كبر : بمعنى يتكلم الأكبر
أتحلفون وتستحقون دم قاتلكم أو صاحبكم : استفهام طلبي
قالوا كيف نحلف ولم نشهد ولم نر : أي أن هذا لا يمكن
قوله فتبرئكم يهود : أي تبرأ من دم صاحبكم بخمسين يميناً أي يحلفون خمسين يميناً أنهم ما قتلوا وما علموا قالوا كيف بأيمان قوم كفار
فعقله : أي ساق ديته من عنده . وفي حديث حماد بن زيد يقسم خمسون منكم على رجل منهم فيدفع برمته : المراد بالرمة الحبل الذي يربط له الأسير أو الجاني
قالوا أمر لم نشهده : أي لم نحضره
وتبرئكم يهود بأيمان خمسين منهم قالوا يا رسول الله قوم كفار
وفي حديث سعيد بن عبيد فكره رسول الله e أن يبطل دمه بمعنى يهدر فوداه : أي ساق ديته

المعنى الإجمالي
ذهب رجلان من الأنصار إلى خيبر وهي يومئذ صلح فتفرقا ثم أتى أحدهما إلى الآخر فوجده قتيلاً فواراه ثم رجع إلى المدينة وأخبر النبي e بخبره مدعين على اليهود أنهم قتلوه فقال النبي e يحلف خمسون منكم على رجل منهم فيدفع برمته أي يدفع إليكم لتقتلوه بصاحبكم فأبوا أن يحلفوا قال فتحلف لكم يهود خمسين يميناً تبرئكم بها من دم صاحبكم فأبوا أن يقبلوا أيمانهم لأنهم قوم كفار .

فقه الحديث
أولاً : يؤخذ من الحديث مشروعية القسامة في الدماء وذهب إلى القول بها جمهور الفقهاء والمحدثين على اختلاف بينهم في التفاصيل .والقول بالقسامة هو الحق لهذا الحديث لكن تجب القسامة بشرط اللوث
ثانياً : اللوث هو الشيء الذي تشتد به التهمة فيكون قرينة على صدق دعوى المدعي وقد حصروا اللوث في سبع صور منها :
إذا وجد المقتول في محلة أو قرية بينه وبين أهلها عداوة ظاهرة ووصف بعضهم القرية أن تكون صغيرة واشترط ألا يكون معهم ساكن من غيرهم الثانية : أن يوجد رجل حول المقتول متلطخاً بالدماء وذكروا تمام الصور


ثالثاً : قول النبي e لعبد الرحمن بن سهل كبر كبر يؤخذ منه أن الكلام يكون للأكبر سناً لكن إذا كان الأصغر أفقه أو أقدر على الكلام فإنه حينئذ يجوز له لأن الأمر أمر ندب لا إيجاب
رابعاً : يؤخذ من قول النبي e أتخلفون وتستحقون دم قاتلكم أو قال دم صاحبكم يؤخذ منه أن القسامة يبدأ فيها بالمدعين
خامساً : أن الحلف في القسامة يكون خمسين يميناً لقوله أتحلفون أو قال يحلف خمسون منكم على رجل منهم


سادساً : إذا كان المدعون أقل من الخمسين وزعت عليهم الأيمان بحسب عددهم ومتى انكسرت جبر النقص فإن كانوا خمسة حلف كل واحد منهم عشرة أيمان وإن كانوا عشرة حلف كل واحد منهم خمسة أيمان
سابعاً : أن هذه الأيمان تكون على المدعين من عصبة المقتول وقرابته
ثامناً : أن القسامة إنما تكون على شخص معين لقوله تحلفون خمسين يميناً على رجل منهم ويدفع إليكم برمته


تاسعاً : متى حلفوا على شخص معين سلم إليهم ليقتصوا به على القول الصحيح لقوله فيدفع إليكم برمته أي بالحبل الذي هو موثق به لتقتلوه
عاشراً : قال الشافعي إذا حلفوا على جماعة جاز واستحقوا بذلك الدية فقط
الحادي عشر : الأصح أن الأيمان الخمسين توزع على الوارثين ويجبر النقص إذا حصل الانكسار


الثاني عشر: أن المدعين إذا كانوا أكثر من خمسين حلف خمسون منهم فقط
الثالث عشر: جريان القسامة في قتل الحر فهل يلحق به العبد قولان للشافعي
الرابع عشر: جريان القسامة في النفس الكاملة فهل تجري القسامة في الأطراف والجراح مذهب مالك لا ومذهب الشافعي قولان


الخامس عشر : جواز الحكم على الغائب إذا تعذر إحضاره وسماع الدعوى في الدماء مع غياب المدعي عليه
السادس عشر: جواز اليمين للظن الراجح إن لم يوجد ما يوجب القطع به
السابع عشر: إن الحكم بين المسلم والكافر يكون بحكم الإسلام


الثامن عشر : نظر الإمام في المصالح العامة والاهتمام بإصلاح ذات البين
التاسع عشر: جواز دفع الدية لأولياء المقتول من بيت مال المسلمين
العشرون : كراهة إبطال دم المسلم وذهابه هدراً بدون مقابل لقوله فكره أن يبطل دمه


الحادي والعشرون : جواز دفع الدية لمن جهل قاتله من إبل الصدقة
الثاني والعشرون : أن الدية تكون من الإبل وهي الأصل فيها
الثالث والعشرون : أن المدعين إذا نكلوا عن اليمين نقلت على المدعى عليهم


الرابع والعشرون : أن المدعى عليهم في القسامة إذا حلفوا على البراءة برئوا من الدم لقوله فتبرئكم يهود
الخامس والعشرون : أن هذه القصة هي أول قسامة وقعت في الإسلام
السادس والعشرون : أنه إذا نكل واحد من المدعى عليهم عن اليمين دفع قسطه من الدية وهي بعيران وبالله التوفيق .



--------

تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ


تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 5 ]

[ المجلد الخامس ]

http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam5.pdf (http://subulsalam.com/site/kutub/AhmedNajmi/08TassisAhkam5.pdf)



الرابط المباشر لتحميل الكتاب :

http://subulsalam.com/play.php?catsmktba=9384

ام عادل السلفية
11-02-2016, 06:43PM
بسم الله الرحمن الرحيم




تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام

للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -


الحديث الرابع :
عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن جارية وجد رأسها مرضوضاً بين حجرين فقيل من فعل هذا بك ؟ فلان ؟ فلان ؟ حتى ذكر يهودي فأومأت برأسها فأخذ اليهودي فاعترف فأمر النبي ﷺ أن يرض رأسه بين حجرين )


ولمسلم والنسائي عن أنس : أن يهودياً قتل جارية على أوضاح فأقاده رسول الله ﷺ .


موضوع الحديث :
القصاص بالمثل



المفردات
مرضوضاً : الرض هو الكسر بأن يجعل حجر تحته ويضرب بحجر من فوقه
أن يرض رأسه بين حجرين :أي يفعل به كما فعل هو بالجارية
أوضاح : الأوضاح هي نوع من الحلي الورق أي الفضة وتجعل فوق المرفق من المرأة وسميت أوضاحاً لبياضها ولمعانها


المعنى الإجمالي
يخبر أنس بن مالك رضي الله عنه أن جارية من الأنصار رضَّرأسها يهودي بحجر فأدركوها وبها رمق فسئلت من فعل بك هذا ؟ فلان ؟ فلان ؟ أشارت برأسها أن لا . فلان ؟ أشارت برأسها أن لا . فلان ؟ أشارت برأسها نعم . فأخذ ذلك اليهودي وسئل فاعترف


فقه الحديث
يؤخذ من هذا الحديث مسائل


أولاً : قتل الرجل بالمرأة ، قال ابن الملقن وهو إجماع ممن يعتد به


ثانياً : قتل الذمي بالمسلم فاليهودي ذمي والجارية مسلمة


ثالثاً : يؤخذ منه قتل الكبير بالصغير فالجارية هي الصغيرة من الإناث مثل الغلام من الذكور فإذا بلغت قيل امرأة أو فتاة أو شابة


رابعاً : يؤخذ منه جواز التوسط إلى معرفة القاتل بتعداد الأشخاص المتهمين إذا كان يعرفهم فإذا قال نعم أو أشار إشارة يفهم منها بأنه هو الجاني أخذ بذلك واستجوب


خامساً : إذا قال المجني عليه نعم فلا يقضى على الجاني بذلك ولكن يستجوب ويشدد عليه فإن اعترف قص به


سادساً : يؤخذ من الحديث الاكتفاء بالإشارة حيث أن الجارية أشارت برأسها أن نعم وكان ذلك كافياً عن القول


سابعاً : مشروعية المماثلة في القصاص فإن قتل بمحدد قتل بمثله وإن قتل بمثقل قتل بمثله وخالفت الحنفية فمنعت القتل بمثقل واستدلوا بحديث النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ e قَالَ ( لا قَوَدَ إِلا بِالسَّيْفِ ) وهذا الحديث فيه ضعف


ثامناً : يشهد لهذا الحديث قول الله عز وجل (وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ ) [ النحل : 126 ]


تاسعاً : أن القصاص مشروع في الجنايات المتعمدة سواء كان في القتل أو ما دون القتل إلا إذا كانت الجناية دون القتل ولا تنضبط فيها المماثلة فإنه حينئذ يرجع إلى الأرش والأرش هو دية الجناية من المال


عاشراً : يستثنى من المماثلة ما إذا كان القتل حصل بمحرم كالقتل بالسحر والقتل باللواط والقتل بإلقائه في النار لأنه جاء في الحديث( لا يُعَذِّبُ بِالنَّارِ إِلا رَبُّ النَّارِ ) (وَإِنَّ النَّارَ لا يُعَذِّبُ بِهَا إِلا اللَّهُ )


--------

تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 5 ]

[ المجلد الخامس ]

http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam5.pdf (http://subulsalam.com/site/kutub/AhmedNajmi/08TassisAhkam5.pdf)

الرابط المباشر لتحميل الكتاب :

http://subulsalam.com/play.php?catsmktba=9384

ام عادل السلفية
11-02-2016, 06:47PM
بسم الله الرحمن الرحيم




تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام

للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -


الحديث الخامس :
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال لما فتح الله على رسوله ﷺ مكة قتلت هذيل رجلاً من بني ليث بقتيل كان لهم في الجاهلية . فقام النبي ﷺ فقال إن الله تعالى قد حبس عن مكة الفيل وسلط عليها رسوله والمؤمنين وإنها لم تحل لأحد كان قبلي ولا تحل لأحد بعدي وإنما أحلت لي ساعة من نهار وإنها ساعتي هذه حرام لا يعضد شجرها ولا يختلى خلاها ولا يعضد شوكها ولا تلتقط ساقطتها إلا لمنشد . ومن قتل له قتيل فهو بخير النظرين إما أن يقتل وإما أن يدي فقام رجل من أهل اليمن يقال له أبو شاه فقال يا رسول الله اكتبوا لي فقال رسول الله ﷺ اكتبوا لأبي شاه ثم قام العباس فقال يا رسول الله إلا الإذخر فإنا نجعله في بيوتنا وقبورنا فقال رسول الله ﷺ إلا الإذخر .


موضوع الحديث :
تحريم مكة


المفردات
لما فتح الله تعالى على رسوله مكة : الفتح سنة ثمان
قتلت هذيل : المراد بهذيل قبيلة
وبنو ليث : هم بنو بكر بن عبد مناة
القتل : أسند لهذيل وهي القبيلة ولكن الفاعل هو رجل منهم والظاهر أن القاتل هو رجل من خزاعة
قال ابن الملقن : روى ابن إسحاق أن فراش بني أمية من خزاعة قتل ابن الأدلع الليثي بقتيل قتل في الجاهلية فقال ﷺ يا معشر خزاعة ارفعوا أيديكم عن القتل
فقام النبي ﷺ : أي قام خطيباً
فقال إن الله تعالى قد حبس عن مكة الفيل وسلط عليها رسوله والمؤمنين
حبس : منع والفيل هو الذي أتي به لهدم الكعبة
فسلط عليها رسوله : أي أباحها لهم بحيث أباح القتل فيها
قوله إنها لم تحل لأحد كان قبلي ولا تحل لأحد بعدي : إخبار باستمرار حرمتها سابقاً ولاحقاً وأن الله أباحها لرسوله ﷺ ساعة من نهار فقط
قوله لا يعضد شجرها : أي لا يقطع
ولا يختلى خلاها : المراد بالخلاء هو العلف فلا يجوز أخذه ولكن ما أكلته الدواب بأفواهها فلا شيء فيه
قوله ولا يعضد شوكها : أي لا يقطع الشجر الذي فيه الشوك كالسلام والسمر والسدر وما إلى ذلك
قوله ولا تلتقط ساقطتها : أي الضالة التي سقطت من نقود أو غيرها إلا لمنشد يعني أنها لا تحل له مع طول الزمن
ومن قتل له قتيل فهو بخير النظرين : أي يخير الخيرتين إما أن يقتل وإما أن يدي أي هو بالخيار بين القصاص وأخذ الدية
فقام رجل من أهل اليمن فقال اكتبوا لي يا رسول الله فقال رسول الله ﷺ اكتبوا لأبي شاه والمرادبه كتابة خطبة النبي ﷺ
ثم قام العباس وقال يا رسول الله إلا الإذخر فإنا نجعله في بيوتنا وقبورنا فقال رسول الله إلا الإذخر
الإذخر :نوع من الحشائش له رائحة طيبة أما جعله في البيوت فهو أن يوضع فوق الأسرى (الخشب) ويجعل فوقه الطين وأما جعله في القبور فهو بأن يجعل على الفجوات أو الفوارق التي تكون بين اللبن بحيث يوضع عليه الطين الذي يمنع تسلل التراب إلى اللحد


المعنى الإجمالي
يخبر أبو هريرة رضي الله عنه أنه لما فتحت مكة قتل رجل من خزاعة رجلاً من هذيل بقتيل لهم كان في الجاهلية وأن النبي ﷺ قام فخطب بما ذكر في الحديث حيث بين حرمة مكة وأنها كانت ولا زالت محرمة وأن الله حبس عنها أهل الفيل وأباحها لنبيه ﷺ ساعة من نهار وليس المراد بالساعة هي الساعة المحدودة ولكن المراد وقتاً من نهار يوم الفتح إذ أنها أبيحت لرسول الله ﷺ من صبيحة ذلك اليوم إلى العصر وأخبر أن حرمتها عادت بعد ذلك كما هي لا يعضد شوكها ولا يختلى خلاها ولا تحل ساقطتها إلا لمنشد


فقه الحديث
أولاً : إنكار النبي ﷺ على من قتل بعد الفتح مبادرة لحكم الإسلام


ثانياً : أن ذلك مما أوجب قيام النبي ﷺ بالخطبة المذكورة في الحديث


ثالثاً : يؤخذ منه مشروعية الخطبة للأمر يحدث


رابعاً : يؤخذ منه أن حرمة مكة لم تكن مستجدة ولكنها قديمة بقدم الزمن


خامساً : يؤخذ منه تخصيص النبي ﷺ بالإذن له فيها وذلك في يوم الفتح


سادساً : أن حرمتها بعد ذلك اليوم عادت كما كانت من قبل


سابعاً : إخبار النبي ﷺ عن حرمة الحرم المكي وكيفية تلك الحرمة


ثامناً : بين تلك الحرمة بقوله لا يعضد شجرها ولا يختلى خلاها ولا يعضد شوكها لأن أشجارها محرمة لا يجوز قطعها ولا إبعادها


تاسعاً : أن من قطع شجرة فعليه في ذلك جزاء والخلاف في الجزاء بأي شيء يكون ؟ وقد ذهب بعض الفقهاء أن في الشجرة الكبيرة بقرة والمتوسطة شاة وفي الغصن صدقة


عاشراً : ولا تلتقط ساقطتها إلا لمنشد فهذه خصيصة اختص بها الحرم المكي فمن وجد لقطة في غيرها عرف بها سنة ثم تملكها لكن لقطتها لا تملك مدى الدهر والعلة في ذلك أنها مجتمع الناس فلا يجوز تملك لقطتها


الحادي عشر: يؤخذ من قوله ( ومن قتل له قتيل فهو بخير النظرين ) يؤخذ منه أن ولي القاتل له أن يختار القصاص وأن يعفو على الدية وأن يعفو بدون مقابل لكن المذكور هنا ( إما أن يقتل وإما أن يدي )


الثاني عشر : هل يجوز العفو على الدية بدون إذن الجاني ؟ قال بعض أهل العلم لا والجمهور على خلافه لأن الحق في ذلك لأولياء الدم


الثالث عشر :قوله فقام رجل من أهل اليمن يقال له أبو شاه فقال يا رسول الله اكتبوا لي يؤخذ منه مشروعية كتابة غير القرآن إذا احتيج إلى ذلك والمسالة فيها خلاف والحق ما جرى عليه أهل الإسلام من زمن النبي ﷺ إلى الآن .


الرابع عشر: قوله ثم قام العباس يؤخذ منه استثناء الإذخر من الشجر المكي وأنه يجوز أخذه سواء كان أخضراً أو يابساً


الخامس عشر : يؤخذ منه جواز الاستثناء بعد انقضاء أو تمام الكلام وفيه خلاف بين أهل أصول الفقه ، وبالله التوفيق .


--------

تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 5 ]

[ المجلد الخامس ]

http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam5.pdf (http://subulsalam.com/site/kutub/AhmedNajmi/08TassisAhkam5.pdf)

الرابط المباشر لتحميل الكتاب :

http://subulsalam.com/play.php?catsmktba=9384

ام عادل السلفية
11-02-2016, 06:51PM
بسم الله الرحمن الرحيم




تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام

للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -



الحديث السادس :
عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنهاستشار الناس في إملاص المرأة فقال المغيرة بن شعبة شهدت النبي ﷺ قضى فيه بغرة عبد أو أمة فقال لتأتين بمن يشهد معك فشهد معه محمد بن مسلمة
إملاص المرأة : أن تلقي جنينها ميتاً


موضوع الحديث :
ما هو الواجب في الجنين إذا سقط بجناية


المفردات
إملاص المرأة: هو إسقاط جنينها إذا حصل ذلك بجناية قال ابن الملقن الإملاص بكسر الهمزة وهو جنين المرأة يقال أملصت به أو أزلقت به أو أسهلت به وذلك إذا خرج قبل تمامه وقال المغيرة بن شعبة شهدت النبي e قضى فيه بغرة عبد أو أمة
قوله عبد أو أمة : تفسير للغرة وهو بدل منها أو عطف بيان عليها


المعنى الإجمالي
استشار عمر بن الخطاب رضي الله عنه الناس في الجنين إذا سقط بجناية فأخبره المغيرة بن شعبة أن النبي e حكم فيه بغرة


فقه الحديث
يؤخذ من الحديث عدة مسائل
أولاً : أن الإمام إذا أشكلت عليه مسألة استشار فيها أهل العلم وقد كان الأئمة في ذلك الزمن يتولون الحكم في المسائل أما الآن فإن الحكم يسند إلى القضاة وإذا وجب على الحاكم نفسه أن يستشير أهل العلم في القضايا المستعصية فإنه من باب أولى يشرع لغيره أن يستشيروا فيها


ثانياً : أن العلم الخاص قد يخفى على بعض الأكابر فيتعلمونه ممن دونهم


ثالثاً : فيه رد على من يزعم من المقلدة أن إمامه قد حفظ كل الأحاديث ولو كان ذلك الحديث صحيحاً لما تركه وهذا زعم باطل


رابعاً : أن دية الجنين غرة والغرة عبد أو أمة والأصل في الغرة البياض في الوجه ويطلق على كل شيء له قيمة عالية


خامساً : القول الصحيح أنه لا يشترط في الغرة أن تكون بيضاء بل يجوز أي لون كان لها


سادساً : قال ابن الملقن شرط الغرة التمييز لأن من لا يميز لا استقلال له والسلامة من عيب المبيع


سابعاً : اتفقوا على أن دية الجنين هي ما ذكر سواء كان ذكراً أو أنثى فإن لم يكن وجود للغرة ففيه عٌشر دية أمه ونصف عٌشر دية أبيه فإذا كانت الدية مائة ألف للذكر وخمسون ألفاً في الأنثى فدية الجنين هي عٌشر دية أمه وهي خمسة آلاف ريال .


ثامناً : هذا كله إذا انفصل الجنين ميتاً أما إن انفصل حياً ثم مات فإنها تجب فيه كمال الدية فإن كان ذكراً وجب فيه مائة بعير وإن كانت أنثى فخمسون قال وهذا مجمع عليه


تاسعاً : تعرف حياته بالحركة والعطاس والرضاع والاستهلال يعني البكاء وفي بعض ذلك خلاف


عاشراً : متى وجدت الغرة فهي على العاقلة ليست على الجاني .
وأقول : إن هذا كذلك إذا كان خطئاً أما إذا كانت الجناية عمداً فهي على الجاني


الحادي عشر: يلزم الجاني الكفارة التي أوجبها الله عز وجل في قتل الخطأ


الثاني عشر : هذا الحكم إذا كانت الأم حرة فإن كانت الأم أمة وجب عٌشر قيمتها


الثالث عشر: تمسك بقول عمر هذا من يرى أن الرواية يشترط فيها العدد كالشهادة والقول الصحيح أن ذلك لا يشترط في الرواية وقد انفرد برواية بعض السنن صحابي أو صحابية فأخذ ووجب العمل به وبالله التوفيق .


--------

تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 5 ]

[ المجلد الخامس ]

http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam5.pdf (http://subulsalam.com/site/kutub/AhmedNajmi/08TassisAhkam5.pdf)

الرابط المباشر لتحميل الكتاب :

http://subulsalam.com/play.php?catsmktba=9384

ام عادل السلفية
19-02-2016, 01:03AM
بسم الله الرحمن الرحيم




تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام

للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -




الحديث السابع :
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: اقتتلت امرأتان من هذيل فرمت إحداهما الأخرى بحجر فقتلتها وما في بطنها فاختصوا إلى رسول الله ﷺ فقضى رسول الله ﷺ أن دية جنينها غرة عبد أو وليده وقضى بدية المرأة على عاقلتها ، وورثها ولدها ومن معهم ، فقام حمل بن النابغة الهذلي فقال: يارسول الله ، كيف أغرم من لا شرب ولا أكل ولا نطق ولا استهل ؟ فمثل ذلك يطل. فقال رسول الله ﷺ : (( إنما هو من إخوان الكهان )) من أجل سجعه الذي سجع.
الكلام عليه من وجوه: أحدها الضاربة من المرأتين ؛ يقال أنها أم عفيف بنت مسروح واسم المضروبة مليكة بنت عويم . كتاب الإعلام لابن الملقن ج9 ص107/108


موضوع الحديث:
الخطأ شبه العمد وما يوجبه


المفردات
امرأتان من هذيل :أي من قبيلة هذيل وهذيل قبيلة من قبائل العرب منازلهم حوالي مكة وبنوا لحيان فرع منهم
قوله فرمت إحداهما الأخرى بحجر :لعل الحجر كان صغيراً فلذلك عد هذا من الخطأ شبه العمد
قوله فقتلتها وما في بطنها : أي قتلتها بالرميه التي رمتها بها
وما في بطنها : ما موصولة بمعنى الذي أي وقتلت الذي في بطنها والمقصود به الجنين
فاختصموا إلى رسول الله : أي تحاكموا عنده
فقضى رسول الله أن دية جنينها غرة وفسرت الغرة بأنها عبد أو وليدة أي ذكراً أو أنثى والوليدة هي الجارية المملوكة
وقضى بدية المرأة : أي حكم بدية المرأة على عاقلتها وورثها ولدها ومن معهم
فقام حمل بن النابغة : معنى قام هنا أي تكلم قاصداً إبطال حكم النبي ﷺ
فقال يا رسول الله كيف أغرم من لا شرب ولا أكل ولا نطق ولا استهل : أي كيف أغرم جنايته أو بمعنى أصح أتحمل أرشه مع أنه لم يشرب ولم يأكل ولم ينطق ولم يستهل بالبكاء أي لم يكن هناك علامة من علامات الحياة عليه
فمثل ذلك يطل : أي يهدر وفي رواية بطل من الإبطال الذي هو الترك
فقال رسول الله ﷺ إنما هو من إخوان الكهان وفي رواية أسجع كسجع الكهان
والسجع : هو الكلام المقفى على حرف واحد وعلى وتيرة واحدة


المعنى الإجمالي
المعنى الإجمالي لهذا الحديث هو أن امرأتان كانتا ضرتين فاقتتلتا فرمت إحداهما الأخرى بحجر وفي رواية ضربتها بعمود فسطاط فقتلتها وما في بطنها والفسطاط هو الخيمة


فقه الحديث
أولاً :يؤخذ من هذا الحديث أن الجنايات والخصام فيها يرفع إلى الحكام لغرض الفصل فيها بين المتخاصمين سواء كان المتخاصمان أفراداً أو جماعات


ثانياً : يؤخذ من هذا الحديث أن في الجنين غرة عبد أو أمة وقد مضى في الحديث السابق حكم الغرة


ثالثاً : أنه إذا لم يوجد العبد أو الأمة فإنه في هذه الحالة فيه عشر دية أمه إن كانت حرة وعشر قيمتها إن كانت أمة


رابعاً : قوله فقضى رسول الله ﷺ أي حكم والحكم هو ما سبق ذكره


خامساً : يؤخذ من قوله وقضى بدية المرأة على عاقلتها أن جناية الخطأ شبه العمد حكمه حكم الخطأ في التنجيم بأن تكون الدية منجمة على ثلاث سنوات أي مقسطة


سادساً : بهذا قال الجمهور فقسموا الجنايات إلى ثلاثة أقسام عمد وشبه عمد وخطأ وأبى مالك ذلك وقال إن الجنايات تنقسم إلى قسمين عمد وخطأ فقط ودليل من قال أن هناك قسم ثالث وهو خطأ شبه العمد دليلهم هذا الحديث


سابعاً : ربما قيل أن في بعض الروايات أنها ضربتها بعمود فسطاط وفي بعضها رمتها بحجر فكيف يقال خطأ شبه عمد والجواب أن الحجر لعله كان خفيفاً لا يظن أنه يقتل وكذلك عمود الفسطاط وهو يكون ضخماً ولكنه يكون خفيفاً وإنما يقتل ما كان ثقيل الوزن


ثامناً : أن شبه العمد عرفوه بأن يقصد الجاني الجناية بآلة ليست بقاتلة في العادة فإذا ضرب رجل رجلاً آخر بعصى خفيفة أو حجر صغير فذلك من الخطأ شبه العمد


تاسعاً : أن الخطأ شبه العمد ديته مغلظة كالعمد إلا أنه لا يجب فيه القصاص وديته مغلظة منها أربعون خلفة في بطونها أولادها


عاشراً : أنها مع ذلك تكون منجمة كالخطأ


الحادي عشر: أنها تكون على العاقلة والعاقلة هم عصبة الجاني المتعصبون بأنفسهم


الثاني عشر :أن أولاد المرأة الجانية لم يدخلوا في عاقلتها لأن أباهم أجنبي عن أمهم ولهذا قال فورثها بنيها وجعل ديتها على عاقلتها أما إذا كان أبوهم من القرابة فأولادها من عاقلتها على القول الأصح .


الثالث عشر: أن السجع مذموم وكذلك بليغ الكلام الذي يراد به إبطال الحق لأن النبي ﷺ ذم حمل بن النابغة من أجل سجعه الذي أراد أن يبطل به حكم رسول الله e فإذا كان السجع مقصوداً به إبطال الحكم الشرعي فهو يكون مذموماً


الرابع عشر: قد ورد السجع في كتاب الله وفي سنة رسول الله ﷺ فكيف نجمع بين تلك النصوص وبين ذم النبي ﷺ للسجع هنا ؟ والجواب إن كان السجع قد جاء غير متكلف ولم يقصد به صاحبه إبطال الحكم الشرعي ففي هذه الحالة نقول إنه جائز وبالله التوفيق



--------

تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 5 ]

[ المجلد الخامس ]

http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam5.pdf (http://subulsalam.com/site/kutub/AhmedNajmi/08TassisAhkam5.pdf)

الرابط المباشر لتحميل الكتاب :

http://subulsalam.com/play.php?catsmktba=9384

ام عادل السلفية
19-02-2016, 01:08AM
بسم الله الرحمن الرحيم




تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام

للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -




الحديث الثامن :
عن عمران بن حصين رضي الله عنهما أن رجلاً عض يد رجل فنزع يده من فمه فوقعت ثنيتاه فاختصموا إلى رسول الله ﷺ فقال يعض أحدكم أخاه كما يعض الفحل لا دية لك


موضوع الحديث :
أن من جنى عليه جناية فأراد التخلص منها فترتب على تخليصه جناية أخرى فإن ذلك هدر


المفردات
عض يد رجل : أي أكله بأسنانه ويقال قضمه
فنزع يده من فمه : أي أخرجها من فمه بقوة
فوقعت ثنيتاه : الثنيتان هما أوسط الأسنان
فاختصموا إلى رسول الله ﷺ فقال يعض أحدكم أخاه أي يقضمه ويأكله بأسنانه
قوله كما يعض الفحل :المراد بالفحل ذكر الإبل
لا دية لك : أي لا ارش لك


المعنى الإجمالي
يروي عمران بن حصين رضي الله عنه أن رجلين تقاتلا هما يعلى بن أمية أو أجيره ورجل آخر فعض أحدهما صاحبه عضة أوجعته فنزع يده من فيه ليتخلص من عضته فسقطت ثنيتاه


فقه الحديث
أولاً : يؤخذ من هذا الحديث أن من جنيت عليه جناية فأراد أن يتخلص منها فترتب على تخليصه جناية في الجاني فإن الجناية المترتبة على ذلك تكون هدراً أي لا أرش فيها


ثانياً : يؤخذ منه تحريم العض من المسلم لأخيه


ثالثاً : يؤخذ منه التنفير من ذلك حيث قال يعض أحدكم أخاه كما يعض الفحل


رابعاً : أن الجنايات ترفع إلى الحكام للفصل فيها


خامساً : قرر الفقهاء أن التخلص يكون بالأسهل فالأسهل ومعلوم أن المجني عليه في تلك الحالة يكون معذوراً لأن حالة المضاربة حالة تكون مرتبكة في حق الجاني والمجني عليه والقول بقصر التخلص على ما حصل في تلك الحادثة أولى أما إطلاق التخلص بأي نوع من أنواع الأذية التي ربما أدت إلى قتله فهذا قول في غير محله



--------

تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 5 ]

[ المجلد الخامس ]

http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam5.pdf (http://subulsalam.com/site/kutub/AhmedNajmi/08TassisAhkam5.pdf)

الرابط المباشر لتحميل الكتاب :

http://subulsalam.com/play.php?catsmktba=9384

ام عادل السلفية
19-02-2016, 01:13AM
بسم الله الرحمن الرحيم




تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام

للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -


الحديث التاسع :
عن الحسن بن أبي الحسن البصري رحمه الله تعالى قال حدثنا جندب في هذا المسجد وما نسينا منه حديثاً وما نخشى أن يكون جندب كذب على رسول الله ﷺ فقال قال رسول الله ﷺ كان فيمن كان قبلكم رجل به جرح فجزع فأخذ سكيناً فحز بها يده فما رقأ الدم حتى مات قال الله عز وجل عبدي بادرني بنفسه فحرمت عليه الجنة


موضوع الحديث :
الوعيد لمن قتل نفسه

المفردات
حدثنا جندب : المراد بجندب هو جندب بن عبدالله بن سفيان البجلي ثم العلقي بفتحتين ثم قاف أبو عبدالله وربما نسب إلى جده له صحبة مات بعد الستين
قوله في هذا المسجد : أراد به الحسن التأكيد بذكر المكان لكي يعلم أنه متأكد من حديثه
قوله وما نسينا منه حديثاً : وهذا تأكيد آخر
قوله وما نخشى أن يكون جندب كذب على رسول الله ﷺ : أي لا نخاف كذبه على رسول الله ﷺ ونحن نعلم عدالته وأمانته وصدقه
قال قال رسول الله ﷺ كان فيمكن كان قبلكم رجل به جرح : الجرح هو المكان المجروح
فأخذ سكيناً فحز بها يده : أي قطع أكحل يده
فما رقأ الدم : أي ما وقف الدم حتى مات
قال الله عز وجل عبدي بادرني بنفسه : أي سابقني بنفسه
فحرمت عليه الجنة : أي حرمته من دخول جنة المؤمنين العالية


المعنى الإجمالي
كان رجل فيمن كان قبلنا أصابه جرح فتضرر منه ولم يصبر فأخذ السكين وقطع أكحل يده فاستمر به جريان الدم حتى مات قال الله عز وجل عبدي بادرني بنفسه فحرمت عليه الجنة وهذا كله مما أخبر به النبي ﷺ من علم الغيب


فقه الحديث
أولاً : يؤخذ من هذا الحديث تحريم قتل الإنسان نفسه وأن ذلك موجب لغضب الله عز وجل عليه


ثانياً : فيه دليل على أن العبد لا يملك نفسه بل أن نفسه مملوكة لربه جل وعلا


ثالثاً : قوله بادرني بنفسه يعني أنه تضجر وتسبب في قتل نفسه إذ أن المبادرة معناها المسابقة ومفهوم ذلك أن للعبد أجلان أجل هو الذي حصل بقتله لنفسه والأجل الثاني لو لم يفعل


رابعاً : أن الله سبحانه وتعالى يكتب للعبد أجلين أجل لو قتل نفسه وأجل لو لم يفعل أجل لو وصل رحمه وأجل لو لم يفعل وقد علم الله عز وجل بم تكون النهاية للعبد هل تكون بقتله لنفسه أو تكون بالموت العادي وهل يكون العبد واصلاً فيطول عمره أو قاطعاً فيقصر وعلى هذا يتخرج .


خامساً : قوله فحرمت عليه الجنة يحمل على أمرين إما أن يكون المعنى حرمت عليه أن يدخلها مع الداخلين الأولين أو يكون المعنى حرمت عليه جنة بعينها وهي جنة المتقين الصابرين


سادساً : أهل العلم من أهل السنة والجماعة قرروا أن كل ذنب وإن كبر فهو معرض للغفران غير الشرك الأكبر والكفر إذاً فقوله حرمت عليه الجنة يتخرج على التأويل الذي سبق ذكره


سابعاً : قلنا أن العبد لا يملك نفسه وأن النفس مملوكة لله عز وجل ويؤخذ من هذا الحديث أنه لا يجوز أن يتبرع الشخص بشيء من أعضائه لأنه لا يملك ذلك العضو الذي تبرع به بل الله عز وجل هو الذي يملكه والمسألة فيها خلاف وكثير من أهل العصر أجازوا التبرع لكن الأظهر عدم جوازه


ثامناً : يؤخذ من هذا الحديث أن العمليات الانتحارية والتي تسمى عند قوم استشهادية أنها لا تجوز و لا مبرر لها لأمور


الأمر الأول : أنه مقطوع بقتل المنفذ وأنه سيكون هو أول مقتول فيها


الأمر الثاني : أن هذه العمليات تٌعمل في فلسطين وتلك البلاد يختلط فيها المسلمون مع الكافرين فإذا نفذت العملية ربما استهدفت المسلمين أو بعضهم مع أنه لا يجوز تنفيذها في الكفار المستأمنين وفي الحديث الصحيح عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَنْ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ مَنْ قَتَلَ مُعَاهَدًا لَمْ يَرِحْ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ وَإِنَّ رِيحَهَا تُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ أَرْبَعِينَ عَامًا )


الأمر الثالث : أن تلك العمليات تفتك بالمنفذ ومن حوله وقد يكون من حول المنفذ في وقت تفجيره نساء وأطفال


الأمر الرابع : أن الكفار الموجودين في تلك البلاد لو كانوا متميزين فإنه لا يجوز قتل نسائهم ولا أطفالهم


الأمر الخامس : وإذا كان الأمر كذلك فإن المسلم إذا فعل ذلك يخاطر بنفسه ويحرمها الخير الكثير والأجر الوفير عند الله سبحانه وتعالى بسبب جزعه وقلة صبره فلهذه الأمور يظهر لي عدم جواز العمليات الانتحارية


الأمر السادس : يستثنى من هذا ما إذا كان المسلمون والكفار في حالة حرب والكفار متميزين فإنه يجوز أن يخوض الفارس الشجاع غمار الكفار لكن بغير هذه الطريقة الانتحارية بل بالطرق الحربية المعروفة والمألوفة فإن قتل كان شهيداً وإن سلم كان في ذلك حميداً وبالله التوفيق .


--------

تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 5 ]

[ المجلد الخامس ]

http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam5.pdf (http://subulsalam.com/site/kutub/AhmedNajmi/08TassisAhkam5.pdf)

الرابط المباشر لتحميل الكتاب :

http://subulsalam.com/play.php?catsmktba=9384

ام عادل السلفية
27-02-2016, 02:28PM
بسم الله الرحمن الرحيم



تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام

للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -



كتاب الحدود :

تعريف الحدود : الحدود جمع حد والحد هو المانع الذي يفصل بين شيئين وسميت الحدود حدوداً لأنها تمنع من مواقعة ما جعلت عقوبة على فعله فالسارق إذا علم أنه ستقطع يده ترك السرقه والزاني إذا علم أنه يرجم ويجلد ويغرب سنة ترك الزنا وهكذا وتطلق الحدود على محارم الله عز وجل وقد جاء في الحديث ( لا يضرب فوق عشرة أسواط إلا في حد من حدود الله )

الحديث الأول :
عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال قدم ناس من عكل أو عرينة فاجتووا المدينة فأمر لهم رسول الله ﷺ بلقاح وأمرهم أن يشربوا من أبوالها وألبانها فانطلقوا فلما صحوا قتلوا راعي النبي ﷺ واستاقوا النعم فجاء الخبر في أول النهار فبعث في آثارهم فلما ارتفع النهار جيء بهم فأمر بهم فقطعت أيديهم وأرجلهم من خلاف وسمرت أعينهم وتركوا في الحرة يستسقون فلا يسقون. قال أبو قلابة فهؤلاء سرقوا وقتلوا وكفروا بعد إيمانهم وحاربوا الله ورسوله )


موضوع الحديث :
حد المحاربين


المفردات
قدم ناس من عكل أو عرينة : أقول عكل اسم قبيلة وعرينة اسم قبيلة أيضاً
اجتووا المدينة : أي استوخموها واستوبأوا جوها ولم يطيقوه فأمر لهم النبي ﷺ بلقاح
اللقاح : هي الإبل ذات اللبن وأمرهم أن يشربوا من أبوالها وألبانها هذه الجملة فيها طب نبوي فالشرب من أبوال الإبل وألبانها بأن يأخذ قليلاً من البول ويحلب عليه لبناً ويشربه هذا أحسن دواء لداء البطن
فانطلقوا : أي ذهبوا في الإبل آخذين ما أمر لهم به فلما صحوا أي عادت إليهم صحتهم قتلوا راعي النبي ﷺ واستاقوا النعم أي أخذوها
والنعم : اسم جنس للإبل غالباً وللأربعة الأنواع إذا اجتمعت إلا أن الغنم وحده لا يطلق عليه نعم إذا كان وحده هكذا قال أهل اللغة
قوله فبعث في آثارهم : أي أرسل ورائهم خيلاً ورجالاً فأمر بهم الآمر هو النبي ﷺ
فقطعت أيديهم وأرجلهم من خلاف : أي لأنهم حاربوا الله ورسوله وارتدوا عن الإسلام
قوله سمرت أعينهم : أي كحلوا بالمسامير المحماة حتى سالت أعينهم جزاءً لهم على ما فعلوه بالراعي
وتركوا في الحرة : الحرة هي أرض مرتفعة تعلوها حجارة سوداء
يستسقون : أي يطلبون السقيا من الماء فلا يسقون
فوله فهؤلاء سرقوا وقتلوا وكفروا بعد إيمانهم وحاربوا الله ورسوله : هذا من كلام أبو قلابة والراوي هو أنس بن مالك رضي الله عنه .


المعنى الإجمالي
جاء نفر من قبيلة عكل أو عرينة فأسلموا وبايعوا النبي ﷺ ثم إنهم استوخموا المدينة بحيث أن جوها لم يناسبهم فمرضوا فأمر لهم النبي ﷺ بإبل ذات لبن يقال أنها خمسة عشر وأمرهم أن يشربوا من ألبانها وأبوالها ففعلوا فلما صحوا قتلوا الراعي وسمروا عينيه وجعلوا الشوك في لسانه ثم استاقوا الإبل فأرسل النبي ﷺ في آثارهم فأتى بهم وأمر بهم فقطعت أيديهم وأرجلهم من خلاف وتركوا من دون حسم وسمر أعينهم وتركوا في الحرة يستسقون فلا يسقون حتى ماتوا ونزلت في شأنهم الآية التي في سورة المائدة وهي قوله تعالى ( إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ ) [ المائدة : 33 ]


فقه الحديث
يؤخذ من هذا الحديث عدة مسائل
أولاً : قدوم القبائل على الإمام لبعض الشئون فهؤلاء قدموا فأسلموا ثم ارتدوا


ثانياً : يؤخذ من هذا أنه ينبغي للإمام أن ينظر في مصالح هؤلاء القادمين ويأمر لهم بما يناسب حالهم وصلاح أبدانهم


ثالثاً : طهارة بول ما يؤكل لحمه وهو مذهب مالك وأحمد وقول ابن خزيمة والروياني من الشافعية لكن اشترط المالكيون للحكم بعدم نجاسة أبوالها بأن لا تكون مما يستعمل النجاسة قالوا فإن كانت تستعمل النجاسة فنجسه على المشهور


وأقول : المعروف عن الإبل أنها لا تستعمل النجاسة لكن قد يوجد في البقر أن بعضها تأكل العذرة اليابسة فهذا الشرط يمكن أن يكون في البقر دون الإبل علماً بأن طواف النبي ﷺ على البعير دال على طهارة بوله وروثه وصلاة النبي ﷺ في مرابض الغنم دال على طهارة روثها ولهذا فالقول الصحيح أن أبوال الإبل وأرواثها وكذلك البقر ما لم تكن جلالة وكذلك الغنم كلها طاهرة وقد ذهب الحنفية وجمهور الشافعية إلى أن بول وروث الإبل وكذلك البقر والغنم نجس واعتذروا عن هذا الحديث ونحوه أن ذلك جائز في التداوي


رابعاً :قال ابن الملقن يؤخذ منه ثبوت أحكام المحاربة في الصحراء واختلف العلماء في ثبوت أحكامها في الأمصار فنفاه أبو حنيفة وأثبته مالك والشافعي قال ووافق بعض المالكية الحنفية


وأقول : إن الآية مطلقة فلا تقيد بالصحاري دون المدن وكذلك الحديث


خامساً : يؤخذ منه مشروعية المثلة في القصاص والنهي عن المثلة محمول على ما إذا لم تكن على سبيل المكافأة أما إن كانت على سبيل المكافأة فهي جائزة وتقدم أن النبي ﷺ رضخ رأس اليهودي الذي رضخ رأس جارية ليأخذ أوضاحها فالأحاديث في النهي عن المثلة تؤخذ على غير المكافأة أما إذا كان القاتل مثل بالمقتول فإنه يجوز أن يمثل به لقـوله تعالى (وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ [ النحل : 126]


سادساً : أنه إذا فعل الإمام بالمحاربين وأهل الفساد شيئاً من العقوبات المنفرة فإن ذلك لا يعد من عدم الرحمة بل هو يعد رحمة من أجل أن يرتدع من يهوون الفساد عن فسادهم


سابعاً : جاءت عقوبة المحاربين في هذا الحديث على وفق ما ورد في الآية {إِنَّمَا جَزَاء الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَاداً أَن يُقَتَّلُواْ أَوْ يُصَلَّبُواْ أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْاْ مِنَ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ }[ المائدة : 33 ]


ثامناً : أن أو في هذه الآية الأصح فيها أنها للتخيير ومعنى ذلك أن يختار الإمام ما يراه مناسباً لحالهم وما يكون به ردع لأمثالهم وقال بعض أهل العلم أن أو في الآية هي للتقسيم فعقوبة من قتل القتل وعقوبة من أخاف الآمنين قطع الأيدي والأرجل إذا هو جمع بين أخذ المال والإخافة وهكذا .


تاسعاً : يؤخذ منه أن المرتد بالحرابة يقتل بدون استتابة فلا يستتاب


عاشراً : يؤخذ منه قتل الجماعة بالواحد إذ المأثور أنهم كانوا ثمانية وهم قتلوا الراعي وهو واحد
الحادي عشر : قتل الجماعة بواحد سواء قتلوه غيلة أو حرابة وبه قال الشافعي ومالك وجماعة وخالف في ذلك أبو حنيفة .


الثاني عشر: أن من حصلت منهم الحرابة فلا بد أن يثبت عليهم إما باعتراف أو ببينة أما الذين في الحديث فالحكم ثابت عليهم لقتلهم الراعي وأخذهم الإبل


الثالث عشر: مناسبة نوع العقوبة لنوع الذنب فهؤلاء سقاهم النبي ﷺ بأمره لهم بالإبل أن يشربوا لبنها فلما قتلوا الراعي وأخذوا الإبل أمر بهم بعد قطع أيديهم وأرجلهم أن يلقوا في الحرة يستسقون فلا يسقون جزاءً لهم على ذنبهم وهكذا كل من كفر الإحسان يعاقبه الله على ذلك عقوبة يكون بها عبرة لغيره وبالله التوفيق



--------

تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 5 ]

[ المجلد الخامس ]

http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam5.pdf (http://subulsalam.com/site/kutub/AhmedNajmi/08TassisAhkam5.pdf)

الرابط المباشر لتحميل الكتاب :

http://subulsalam.com/play.php?catsmktba=9384

ام عادل السلفية
27-02-2016, 02:39PM
بسم الله الرحمن الرحيم



تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام

للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -



الحديث الثاني :
عن عبيد الله بن عبدالله بن عتبة بن مسعود عن أبي هريرة رضي الله عنه وزيد بن خالد الجهني رضي الله عنهما أنهما قالا إن رجلاً من الأعراب أتى رسول الله ﷺ فقال يا رسول الله أنشدك الله إلا قضيت بيننا بكتاب الله فقال الخصم الآخر وهو أفقه منه نعم فاقض بيننا بكتاب الله وائذن لي فقال رسول ﷺ قل قال إن ابني كان عسيفا على هذا فزنى بامرأته وإني أخبرت أن على ابني الرجم فافتديت منه بمائة شاة ووليده فسألت أهل العلم فأخبروني أن على ابني جلد مائة وتغريب عام وأن على امرأة هذا الرجم فقال رسول الله ﷺ والذي نفسي بيده لأقضين بينكما بكتاب الله الوليدة والغنم رد عليك وعلى ابنك جلد مائة وتغريب عام واغد يا انيس لرجل من أسلم الى امرأة هذا إن اعترفت فارجمها قال فغدا عليها فاعترفت فأمر بها رسول الله ﷺ فرجمت .
العسيف : الأجير


موضوع الحديث :
حد الزنا في حق البكر والثيب


المفردات
الأعراب : جمع أعرابي وهم أهل البادية لأن فقههم قليل
أنشدك الله : أي أسألك به رافعاً نشيدي أي صوتي
إلا قضيت بيننا : أي حكمت بيننا بكتاب الله أي بما شرع الله عز وجل فقال الخصم الآخر وهو أفقه منه قوله وهو أفقه مأخوذ من قرينة الحال إذ أن استئذانه سبره للقضية دال على فقهه
قوله قل أي أن رسول الله ﷺ أمره أن يتكلم بعد الاستئذان
قوله إن ابني كان عسيفاً على هذا : أي أجيراً وسمي الأجير عسيفاً لأنه يعسف أي يجبر على العمل الذي استؤجر فيه
قوله فزنا بامرأته : الفاء هنا فاء السببيه أي أنه بالتقارب الحاصل بين العسيف وامرأة الرجل أدى ذلك إلى زناه بها
قوله وإني أخبرت أن على ابني الرجم فافتديت منه بمائة شاة ووليدة : الوليدة هي الأمة وسيأتي الكلام في هذا الافتداء وحكمه
فسألت أهل العلم المراد بهم الذين قرأوا القرآن وجالسوا الرسول ﷺ وعرفوا الأحكام الشرعية قال الله تعالى عن المنافقين ( حَتَّى إِذَا خَرَجُوا مِنْ عِنْدِكَ قَالُوا لِلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مَاذَا قَالَ آنِفًا ) [ محمد : 16 ]
قوله تغريب عام بأن يغرب الزاني إلى بلد يكون فيها غريباً
قوله والذي نفسي بيده : هذا قسم من النبي ﷺ لأقضين بينكما بكتاب الله وصف جزم رسول الله ﷺ بأنه هو كتاب الله
قوله الوليدة والغنم رد عليك : أي مردودة عليك
وعلى ابنك جلد مائة : أي بأن يجلد مائة جلدة
وتغريب عام : أي سنة
واغد يا أنيس : اغد بمعنى اذهب في الغدو إلى امرأة هذا فإن اعترفت فارجمها ومعنى اعترفت أقرت
فارجمها أي الرجم الشرعي أي حتى تموت فغدا عليها فاعترفت فأمر بها رسول الله ﷺ فرجمت


المعنى الإجمالي
أن رجلاً كان أجيراً عند آخر فزنا بامرأته ولعل ذلك قد اشتهر وسمع بالاشاعات التي لا تكون وافيه بمعرفة الحكم بل إنما سمع بطرف الخبر أن على كل زان الرجم فافتدى من زوج المرأة بمائة شاة ووليدة ولعله سأل من هم أخص بالأحكام الشرعية من أهل العلم فاخبروه أن الرجم على المرأة لكونها محصنة وأن ابنه ليس عليه رجم وإنما عليه الجلد والتغريب فمن أجل ذلك ذهب والد الزاني إلى النبي ﷺ وبدأ زوج المرأة المزني بها فطلب من النبي ﷺ الحكم بينهما بكتاب الله ثم طلب الآخر وهو والد الزاني وأدى القصة إلى النبي ﷺ فقال النبي ﷺ والذي نفسي بيده لأقضين بينكما بكتاب الله فأخبره أن المائة شاة والوليدة مردودة على صاحبها وأن على ابنه جلد مائة وتغريب عام وأمر أنيساً أن يذهب إلى المرأة المزني بها فيسألها عن صحة ما قذفت به فسألها فاعترفت فأمر النبي ﷺ برجمها


التعريف بالراوي : عبيدالله بن عبدالله بن عتبة بن مسعود قال ابن الملقن هو أبو عبدالله الهذلي المدني التابعي الفقيه الأعمى روى عن أبيه وعائشة وغيرهما واتفقوا على توثيقه وأمانته وجلالته وكثرة علمه وفقهه وحديثه وصلاحه وقال في التقريب عبيد الله بن عبدالله المدني ثقة فقيه ثبت من الثالثة مات سنة ثمان وتسعين روى له الجماعة قلت : هو ابن ابن أخي عبدالله بن مسعود فجده عتبه بن مسعود وهو أخو عبدالله بن مسعود


فقه الحديث
يؤخذ من هذا الحديث عدة مسائل
أولاً : جواز النّشد بالله أي السؤال به لقوله أنشدك الله كقول أسألك بالله إلا قضيت بيننا بكتاب الله


ثانياً : أن القضاء بكتاب الله هو المطلب المفضل لكل مسلم


ثالثاً : هل المراد بكتاب الله القرآن الكريم أو المراد به الأحكام الشرعية التي أنزلها الله على رسوله وامتن عليه بذلك في قوله (ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا ) [الجاثية : 18 ] والظاهر أن المراد بذلك الشرع المأخوذ من الكتاب والسنة


رابعاً : يؤخذ من قوله فقال الخصم الآخر وهو أفقه أن الحكم بالقرائن مأخوذ به ومتفق عليه لا كما يدافع به الحزبيون عن الحزبيات والمتحزبين ويزعمون أن ذلك تدخل في السرائر


خامساً : إذا كان قد قال الراوي وهو أفقه أخذاً بالقرائن فما هي القرينة التي أخذ منها ذلك والجواب أن القرينة هي في تأدبه مع النبي ﷺ بطلب الإذن في الكلام وبيانه للقضية بياناً شافياً


سادساً : أن رسول الله قد أمره أن يقول فيدعي أويبين فيفصح عن الحقيقة


سابعاً : فيه فضل الصحابة وإن كانوا ممن فيهم جفاء حيث أن الذي قال الحقيقة التي أقر له بها خصمه ولو كان قد كذب في قوله لما أقر له الخصم


ثامناً : قال الرجل في دعواه أو في بيانه إن ابني كان عسيفاً على هذا فزنا بامرأته يؤخذ منه جواز إيجار الإنسان نفسه وأن ذلك يجوز له شرعاً


تاسعاً : قوله فزنا بامرأته الفاء للسببية بسبب ذلك زنا بامرأة من هو عسيف عنده فيؤخذ من هذا أن الإختلاط موجب لحدوث مثل هذا المنكر


عاشراً : أن الواجب على المسلمين أن الرجل إذا استأجر أجيراً ما فإن الواجب على صاحب البيت أن لا يتيح للأجير الفرصة في الاختلاط في النساء ومن مشكلات العصر وجود السائقين في البيوت وعند كثير من الناس الذين يتساهلون في التحصن أو التحصين من مثل هذه الأمور فإنه ينتج عن ذلك قضايا يندى لها الجبين


الحادي عشر : يؤخذ من قوله وأن على ابني الرجم أن الأخبار الشرعية قد تتناقل بنوع من القصور وإذا كان هذا قد حدث في زمن النبي ﷺ فما بالك بزمن غيره ومعنى ذلك أن هذا الخبر دل على أن الرجم على كل زان وليس بصحيح وإنما الرجم على الزاني المحصن


الثاني عشر :يؤخذ من قوله فافتديت منه بمائة شاة ووليدة وهذا ما يقال له عند كثير من الناس ما يسمى بالعيب فيؤخذ فيه مقابل مالي وقد تبين من هذا أن هذا المقابل غير صحيح


الثالث عشر : يؤخذ من قول النبي ﷺ الوليدة والغنم رد عليك أنما أخذ بمثل هذا السبب فإنه يكون باطلاً لأمرين :
الأول : أنه يراد منه إسقاط الحد الشرعي وهذا لا يجوز
الثاني : أنه قد عوض زوج المرأة عن العرض بالمال والتعويض عن العرض بالمال غير جائز في الشرع وإنما تؤخذ الأعراض والاعتداء عليها بالحدود الموضوعة لذلك


الرابع عشر: قوله فسألت أهل العلم وأخبروني أنه في كل مجتمع قد يوجد أهل علم وقد يكون هذا العلم علم على الحقيقة أو علم يخالف كتاب الله وسنته وأنما قلت هذا لأن في المجتمعات الإسلامية اليوم أناس يدعى لهم أنهم أهل علم وليسوا كذلك .


الخامس عشر : وبناء على ما سبق فإن قوله وسألت أهل العلم أن المراد بأهل العلم في زمن النبي ﷺ هم أهل العلم بكتاب الله وسنة رسوله ﷺ ولهذا قال القائل


العلـــم قال الله قال رسوله ​قال الصحابة هم أولوا العرفان
ما العلم نصبك للخلاف سفاهة ​بين الرسول وبين قول فلان


السادس عشر : لكون أهل العلم قد أخبروه بأنه ليس على ابنه رجم فلذلك كأنه يعرض بالرجوع فيما بذل والله أعلم بذلك


السابع عشر : يؤخذ من قول النبي ﷺ والذي نفسي بيده لأقضين بينكما بكتاب الله الحلف على الأمر الذي يعتقده العبد في نفسه واثقاً منه والنبي ﷺ حلف أن قضاءه هذا هو قضاء بكتاب الله عز وجل


الثامن عشر : يؤخذ من قوله الوليدة والغنم رد عليك أن ما أخذ في مقابل الحدود من المال فهو باطل فيكون محرماً على باذله بذله ومحرم على آخذه أخذه


التاسع عشر : يؤخذ من قوله وعلى ابنك جلد مائة
وتغريب عام يؤخذ منه جلد البكر مائة جلدة في موضع واحد


العشرون : أن الجلد لا بد أن يكون فيه إيلام وإيجاع لأن الله تعالى قال (وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ) [ النور : 2 ]


الحادي والعشرون : يؤخذ من هذا الحديث وغيره أن من حد الزاني وتكملة الحد تغريب عام بأن يغرب في بلد بعيد عن بلده وقد أخذ بهذا الجمهور وخالف في ذلك أبو حنيفة وقوله باطل مردود


الثاني والعشرون : قد استشكل تغريب المرأة الزانية بأنه قد يؤدي إلى الوقوع في زنا آخر وإن غرب معها وليها كانت العقوبة على الولي بغير ذنب


الثالث والعشرون : أن الله لا يشرع شرعاً إلا ويكون حقاً وعدلاً وأن تغريب المرأة الزانية مع وليها قد يكون سببه التساهل في حفظ النساء عن التعرض لما يجلب العار والإثم


الرابع والعشرون : يصح أن يكون التغريب في سجن يقع في بلد بعيد عن بلد المرأة الزانية


الخامس والعشرون : أن هذا لا يكون إلا إذا كان السجن محصناً فيكون المشرفين على السجن أهل أمانة وعدالة


السادس والعشرون : يؤخذ من قوله واغد يا أنيس لرجل من أسلم إلى امرأة هذا فإن اعترفت فارجمها جواز النيابة في الحد فيما يثبته وفي إقامته


السابع والعشرون : أن النبي ﷺ كان يرسل لكل قوم رجلاً منهم حيث الحمية عند العرب تجعل ذلك غير مقبول إذا كان من قبيلة أخرى وهذا من السياسة الشرعية حيث أن الناس غالباً يخضعون لرؤسائهم وذوي السيادة فيهم


الثامن والعشرون : يؤخذ من قوله فإن اعترفت فارجمها أن الاعتراف فيه مرة واحدة وبهذا قال جماهير أهل العلم وقال بعضهم أن الاعتراف لا بد أن يكون أربع مرات وهذا قول الحنفية والحنابلة


التاسع والعشرون : أن الزاني المحصن كما في هذه المرأة وكما في ماعز والغامدية وكما في اليهوديين يرجم ولا يجلد أما حديث عبادة بن الصامت البكر بالبكر جلد مائة وتغريب عام والثيب بالثيب جلد مائة والرجم فهذا قد اخذ به علي بن أبي طالب رضي الله عنه فقد جلد شراحة يوم الخميس ورجمها يوم الجمعة وأخذ به بعض أهل العلم والقول الصحيح أن ذلك منسوخ حيث أن النبي ﷺ رجم ولم يجلد وبالله التوفيق .



--------

تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 5 ]

[ المجلد الخامس ]

http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam5.pdf (http://subulsalam.com/site/kutub/AhmedNajmi/08TassisAhkam5.pdf)

الرابط المباشر لتحميل الكتاب :

http://subulsalam.com/play.php?catsmktba=9384

ام عادل السلفية
27-02-2016, 02:46PM
بسم الله الرحمن الرحيم



تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام

للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -


الحديث الثالث :
وعنه أي عبيدالله بن عبدالله رحمه الله أي زيد بن خالد الجهني وأبو هريرة رضي الله عنهما قالا سئل رسول الله ﷺ عن الأمة إذا زنت ولم تحصن قال إذا زنت فاجلدوها ثم إن زنت فاجلدوها ثم إن زنت فاجلدوها ثم بيعوها ولو بضفير
قال ابن شهاب ولا أدري أبعد الثالثة أو الرابعة والضفير الحبل


موضوع الحديث :
إقامة الحد على الأمة إذا زنت من قبل سيدها

المفردات
قوله ولم تحصن : الإحصان يطلق على أمور
الأمر الأول : التزويج الأمر الثاني الحرية
الأمر الثالث العفة والمراد به هنا الحرية
قوله إذا زنت فاجلدوها : المراد بهذا الجلد جلد الحد ثم إن زنت فاجلدوها ثم بيعوها ولو بضفير
قوله بضفير: الضفير هو الحبل وقد فسر بالرواية الثانية في قوله ولو بحبل من شعر


المعنى الإجمالي
أَمَرَ النبيُ ﷺ سَيد الأمة إذا زنت وتبين زناها أن يجلدها نصف جلد الحرة والتنصيف يقتضي أن تجلد الأمة خمسين جلدة وهذا الأمر خاص بأسياد العبيد والإماء فإن لم تتب وعاودت الزنا وجب بيعها ولو بقيمة دنيئة كحبل من شعر


فقه الحديث
يؤخذ من الحديث عدة مسائل
أولاً : أن إقامة الحد على الأمة إذا زنت وكذلك العبد إذا زنى إقامة الحد عليه يكون من قبل سيده وإلى ذلك ذهب الجمهور ومنعت ذلك الحنفية والقول الأول هو الأصح


ثانياً : أن إقامة الحدود على الأحرار واجب على ولي الأمر إذا تبين موجب الحد بإقرار أو ببينة


ثالثاً : أن الزنا عيب في الرقيق يرد به ويضع من قيمته لقوله في الثالثة فبيعوها ولو بحبل من شعر


رابعاً : أن من عاود الزنا بعد ما أقيم عليه الحد فإنه يعاود عليه الحد مرة أخرى لقوله ( إن زنت فاجلدوها فإن زنت فاجلدوها ) وهذا دليل على أن معاودة الزنا موجب لمعاودة الحد


خامساً : قوله إذا زنت ولم تحصن المراد لم تتحرر والله أعلم لأنها إذا زنت بعد التحرر وعاودت الزنا بعد إحصانها بالتزويج وجب رجمها


سادساً : يؤخذ منه وجوب الإخبار بالعيب لأن قوله ولو بضفير يدل على أن الواجب على البائع أن يخبر بعيبها وإذا أخبر بعيبها تدنت قيمتها


سابعاً : يؤخذ منه أن إقامة الحد لازمة سواء كانا مزوجين أو غير مزوجين


ثامناً : أن قوله تعالى ( فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ ) [ النساء : 25] أن المراد بالمحصنات في الآية المحررات والمقصود به الجلد لأن الرجم لا يتنصف فقوله ( فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ ) إحالة على الحد الذي يتنصف وهو الجلد


تاسعاً : يؤخذ منه أن المملوك لا يرجم


عاشراً : يؤخذ منه أن المملوك لا يغرب لأن في تغريبه تضييع لحق سيده .



--------

تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 5 ]

[ المجلد الخامس ]

http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam5.pdf (http://subulsalam.com/site/kutub/AhmedNajmi/08TassisAhkam5.pdf)

الرابط المباشر لتحميل الكتاب :

http://subulsalam.com/play.php?catsmktba=9384

ام عادل السلفية
27-02-2016, 02:55PM
بسم الله الرحمن الرحيم



تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام

للعلامة : احمد النجمي
-رحمه الله -



الحديث الرابع :
عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال أتى رجل من المسلمين رسول الله ﷺ وهو في المسجد فناداه فقال يا رسول الله إني زنيت فأعرض عنه فتنحى تلقاء وجهه فقال : يا رسول الله إني زنيت فأعرض عنه حتى ثنى ذلك عليه أربع مرات فلما شهد على نفسه أربع شهادات دعاه رسول الله ﷺ فقال أبك جنون ؟ قال : لا قال فهل أحصنت قال نعم فقال رسول الله ﷺ اذهبوا به فارجموه .


قال ابن شهاب : فأخبرني أبو سلمة بن عبدالرحمن أنه سمع جابر بن عبدالله يقول : كنت فيمن رجمه فرجمناه بالمصلى فلما أذلقته الحجارة هرب فأدركناه بالحرة فرجمناه
الرجل هو ماعز بن مالك .
ورى قصته جابر بن سمرة وعبدالله بن عباس وأبو سعيد الخدري وبريدة بن الحصيب الأسلمي .


موضوع الحديث :
الاعتراف بالزنا


المفردات
قوله فناداه : أي رفع صوته بقوله يا رسول الله إني زنيت
فأعرض عنه : أي أن رسول الله ﷺ تحول عنه إلى جهة أخرى
قوله فتنحى : أي تحول ليقابل النبي ﷺ فقال يا رسول الله إني زنيت
قوله حتى ثنى ذلك أربع مرات : أي كرر الاعتراف أربع مرات
قوله فلما شهد على نفسه أربع شهادات دعاه : أي طلب منه الدنو فدنى فقال أبك جنون قال لا وإنما سأله هل به جنون لأن المجنون لا يؤخذ بكلامه
قوله قال فهل أحصنت : أي هل تزوجت قال نعم فقال رسول الله ﷺ اذهبوا به فارجموه


قوله قال ابن شهاب فاخبرني أبو سلمة أنه سمع جابر بن عبدالله يقول كنت فيمن رجمه فرجمناه بالمصلى : المراد بالمصلى هو المكان الذي يصلى فيه العيد والاستسقاء وما أشبه ذلك
قوله فلما أذلقته الحجارة هرب : معنى أذلقته أوجعته
قوله فأدركناه بالحرة : الحرة هي أرض مرتفعة تعلوها حجارة سود


المعنى الإجمالي
جاء رجل من المسلمين إلى النبي ﷺ فناداه مقراً على نفسه ومعترفاً عليها بقوله إني زنيت فأعرض عنه النبي ﷺ تمكيناً له أن يتراجع إن أراد ولكنه كان كلما تحول النبي ﷺ إلى جهة تحول هو إليها فلما رأى منه النبي ﷺ الإصرار سأله أبك جنون قال لا وسأل الحاضرين أفي عقله شيء قالوا لا فأمر أن يُشم فمه ويستنكه فشم ولم يوجد به رائحة خمر فاستثبته النبي ﷺ بقوله أدخل ذاك منك في ذاك منها قال نعم فعلت بها حراماً ما يفعله الرجل بامرأته حلالاً فعند ذلك أمر به فرجم وفي قصته عدة مسائل سنأتي عليها إن شاء الله تعالى .


فقه الحديث
أولاً : يؤخذ من هذا الحديث الإقرار بالزنا عند الإمام


ثانياً : أن الإمام إذا أتاه من هو مقر على نفسه بما يوجب الحد ينبغي أن يعرض عنه لكي يعطيه الفرصة في التراجع كما فعل النبي ﷺ حيث أعرض عنه ثلاث مرات وفي الرابعة كلمه


ثالثاً : أن الحدود إذا بلغت الإمام وجب تنفيذها ولا يجوز إهمالها بعد ذلك


رابعاً : جواز النداء للحاكم أو للأمير أو للعالم بأعلى نعوته وأفضلها والجهر بذلك عند إتيان ما يوجب فقد نادى هذا الرجل رسول الله ﷺ بأعلى صوته قائلاً يا رسول الله إني زنيت


خامساً : يؤخذ منه أن إقرار المجنون باطل لكونه لا يرجع إلى عقل يمنعه من الاعتراف بما يوجب عليه الضرر


سادساً : أنه ينبغي للإمام أو القاضي أن يعرض للمقر بالرجوع فقد قال النبي ﷺ لعلك لمست لعلك قبّلت


سابعاً :اختلف أهل العلم في الإقرار هل يكفي فيه مرة واحدة أو لا بد أن يقرّ أربع مرات فذهب أبو حنيفة وأحمد إلى أنه لا بد في الإقرار بالزنا من أن يقر أربع مرات وذهب مالك والشافعي وكثير من أهل الحديث إلى أن الإقرار بالزنا يثبت بمرة واحدة
أولاً : لأن ترديد النبي ﷺ لماعز لم يكن من أجل تعدد الإقرار ولكن للاستثبات ولكونه شك في عقله .
ثانياً :أن النبي ﷺ قال في امرأة صاحب العسيف واغد يا أنيس على امرأة هذا فإن اعترفت فارجمها ولم يجعل لذلك عدداً لا يعتبر الإقرار إلا به .
ثالثاً : أن النبي ﷺ اعتبر إقرار الغامدية أو الجهنية بدون عدد حتى قالت له أتريد أن ترددني كما رددت ماعزاً .


ثامناً : أن شارب الخمر لا يعتبر بإقراره ولا بكلامه لأن النبي ﷺ أمر أن يستنكه ماعز فاستنكهوه ولما لم يجدوا فيه رائحة خمر اعتبر إقراره .


تاسعاً : جواز تفويض الإمام الرجم إلى غيره لقوله ﷺ اذهبوا به فارجموه


عاشراً : يؤخذ منه أن المرجوم لا يحفر له وقد اختلف أهل العلم في هذه المسالة اختلافاً كثيراً فذهب مالك وأحمد وأبو حنيفة في رواية عنه وأبو يوسف وأبو داود إلى أنه يحفر لهم فقال بعضهم يحفر لمن رجم بالبينة لا لمن رجم بالإقرار وقال بعضهم يحفر للمرأة ولا يحفر للرجل وفي هذا الحديث بالذات أن ماعزاً لما أذلقته الحجارة هرب فلو كان حفر له لم يهرب وقد ورد في رواية أنهم حفروا له ولعل راويها وهم وكذلك في قصة اليهوديين أن الرجل كان يجنأ على المرأة وذلك دليل على أنه لم يحفر لهما


الحادي عشر : أن الزاني المحصن إذا شرعوا في رجمه وهرب ترك لقول النبي ﷺ ( هلا تركتموه يتوب فيتوب الله عليه ) وممن قال بتركه الشافعي وأحمد وقال مالك لا يترك .


الثاني عشر : أن المحصن يرجم ولا يجلد وقد سبق أن قلنا أن حديث عبادة بن الصامت منسوخ وإن كان قد ذهب بعض أهل العلم إلى العمل به


الثالث عشر : أن المصلى أي المكان الذي يصلى فيه العيد ليس له حكم المسجد لأنه لو كان له حكم المسجد ما رجموه فيه علماً بأنه قد ثبت النهي عن إقامة الحدود في المسجد وبالله التوفيق.



--------

تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 5 ]

[ المجلد الخامس ]

http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam5.pdf (http://subulsalam.com/site/kutub/AhmedNajmi/08TassisAhkam5.pdf)

الرابط المباشر لتحميل الكتاب :

http://subulsalam.com/play.php?catsmktba=9384

ام عادل السلفية
27-02-2016, 02:59PM
بسم الله الرحمن الرحيم





تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام

للعلامة : احمد النجمي
-رحمه الله -


الحديث الخامس :
عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما أنه قال إن اليهود جاؤوا إلى رسول الله ﷺ فذكروا له أن امرأة منهم ورجلاً زنيا فقال لهم رسول الله ﷺ ما ترون في التوراة في شأن الرجم فقالوا نفضحهم ويجلدون فقال عبدالله بن سلام كذبتم إن فيها آية الرجم فأتوا بالتوراة فنشروها فوضع أحدهم يده على آية الرجم فقرأ ما قبلها وما بعدها فقال له عبدالله بن سلام ارفع يدك فرفع يده فإذا فيها آية الرجم فقال صدقت يا محمد فأمر بهما النبي ﷺ فرجما قال فرأيت الرجل يجنأ على المرأة يقيها الحجارة .
الذي وضع يده على آية الرجم هو عبدالله بن صوريا


موضوع الحديث :
الحكم في الحد علىأهل الكتاب إذا تحاكموا إلينا


المفردات
قوله ما ترون في التوراة في شأن الرجم :أي ما تقرؤون فيها أي في حكم الرجم
قالوا نفضحهم الفضح معناه : أنهم يطلون وجه الزاني والزانية بالقار ويحملونهما على حمار عري ويصاح عليهما ويوبخا بما فعلا والسبب في ذلك فيما ذكر أن رجم الزاني المحصن كان في كتابهم وكانوا يقيمونه ولما زنا قريب لملك من ملوكهم في ذلك الزمن تركوا الرجم فلما رأوا أنهم يقيمونه على الضعيف ويتركونه عن الشريف عند ذلك اتفقوا على حكم يمضونه على الجميع فاتفقوا على الفضح ويجلدون فقال عبدالله بن سلام كذبتم إن فيها آية الرجم فأتوا بالتوراة فنشروها أي فتحوها على الموضع الذي فيه هذا الحكم فوضع أحدهم يده عليها وهو عبدالله بن صوريا وكان يقال عنه أنه أعلم أهل الكتاب وكان أعور فقال له عبدالله بن سلام ارفع يدك فرفع يده فإذا فيها آية الرجم فأمر بهما النبي e فرجما قال فرأيت الرجل يجنأ وفي رواية يحنأ عليها يقيها الحجارة


المعنى الإجمالي
عندما حصل الزنا عند اليهود بين رجل وامرأة جاؤوا إلى النبي ﷺ يريدون أن يعرضوا عليه حكمهما راجين أن يكون عنده حكم فيه رحمة بهما فسألهم النبي ﷺ عن حكم الله للزاني المحصن الذي أنزله الله في التوراة فكذبوا على النبي ﷺ زاعمين أن الحكم عندهم فضح الزانيين فكذبهم عبدالله بن سلام وحين نشروا التوراة تبين أن الحكم فيها بالرجم على الزاني المحصن فأثر عن النبي ﷺ كما في حديث البراء بن عازب رضي الله عنه أنه ﷺ قال( اللَّهُمَّ إِنِّي أَوَّلُ مَنْ أَحْيَا أَمْرَكَ إِذْ أَمَاتُوهُ ) وأمر بهما فرجما


فقه الحديث
يؤخذ من الحديث عدة مسائل


أولاً : أن الكفار مخاطبون بفروع الشريعة كما أنهم مخاطبون بأصولها


ثانياً : أن أهل الكتاب إذا تحاكموا إلينا حكمنا بينهم بحكم الله المنزل في القرآن


ثالثاً : أن الله سبحانه وتعالى خير نبيه في قوله عز وجل ( فَإِنْ جَاءُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ وَإِنْ تُعْرِضْ عَنْهُمْ فَلَنْ يَضُرُّوكَ شَيْئًا ) [ المائدة : 42 ] وفي الآية الأخرى ( وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ ) [ المائدة : 49]والمهم هل النبي ﷺ مباح له أن يحكم بينهم أو يعرض عنهم أو أنه مكلف أن يحكم بينهم بما أنزل الله وهذه المسالة تحتاج إلى تحرير .


رابعاً : قال ابن الملقن اختلف العلماء في أن الإسلام هل هو شرط في الإحصان أم لا ؟
أحدهما لا وهو قول الشافعي وأصحابه فإذا حكم الحاكم على الذمي المحصن رجمه
وثانيهما نعم وهو قول أبي حنيفة وقال مالك لا يصح إحصانه أيضاً


خامساً : وجوب إقامة حد الزنا على الكافر على مقتضى شرعنا والصحيح عند الشافعي وجوب الحكم بينهم إذا ترافعوا إلينا


سادساً : صحة نكاح الكافر الكتابي لأنه لو لم يكن نكاحهم صحيحاً ما ترتب على ذلك إحصان فلم يترتب الإحصان إلا على صحة نكاح وأنكحة الكفار صحيحة بينهم


سابعاً : هل ثبت زناهما ببينة أو باعتراف وإذا كان قد ثبت ببينة فكيف صحت البينة وقبلت شهادتهم وهم كفار والظاهر أن الكافر تقبل شهادته على الكافر بخلاف المسلم


ثامناً : يؤخذ منه عدم الحفر للمرجوم لقوله فكان يجنأ عليها أو يحنأ عليها وكل ذلك بمعنى أنه كان ينحني عليها ليقيها وقع الحجارة
يؤخذ منه علو الإسلام على سائر الأديان وبالله تعالى التوفيق .


--------

تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 5 ]

[ المجلد الخامس ]

http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam5.pdf (http://subulsalam.com/site/kutub/AhmedNajmi/08TassisAhkam5.pdf)

الرابط المباشر لتحميل الكتاب :

http://subulsalam.com/play.php?catsmktba=9384

ام عادل السلفية
27-02-2016, 03:16PM
بسم الله الرحمن الرحيم




تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام

للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -


الحديث السادس :
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ قال لو أن امرءاً اطلع عليك بغير إذنك فحذفته بحصاة ففقأت عينه ما كان عليك جناح .


موضوع الحديث :
إهدار عين المتعدي بالنظر لو فقـأت من قبل صاحب الدار لكانت هدراً لا شيء فيها


المفردات
لو أن : لو حرف وجود لوجود
فحذفته : الحذف بالعود والسيف وما شاكلهما وورد في رواية فخذفته بحصاة : الخذف يكون بحجر صغير يرمى بين الأصبعين
أما الحجر الكبير فالرمي به لا يكون بين الأصبعين ولكن باليد وهو يقال له رجم قال تعالى عن موسى عليه السلام ( وَإِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ أَنْ تَرْجُمُونِ ) [الدخان : 20]
قوله ففقأت عينه : الفقأ هو إفساد عين الناظر وتخريبها بشيء حتى تسيل ويذهب نورها
ققوله ما كان عليك جناح :أي ما كان عليك إثم ولا تبعة


المعنى الإجمالي
لما كان البصر حاسة استطلاعية تكشف على الصورة وتنقلها إلى القلب فيتأثر بها وربما كان هذا التأثر له عواقبه الوخيمة كذلك جاء عن الشارع e ما فيه حماية للعورات المكنونة في البيوت من الاطلاع عليها بغير إذن من أهلها وهو قوله ﷺ ( لو أن امرأً اطلع عليك بغير إذنك فحذفته بحصاة ففقأت عينه ما كان عليك جناح ) أي أن الشارع أباح فقأ عين المطلع وتخريبها وجعل عينه إذا فقأت هدراً لا تضمن بقصاص ولا دية وهل يستكثر مثل هذا إذا ورد من الشارع الحكيم فربما كان النظر سبباً في وقوع الزنا الذي يترتب عليه حده المخفف أوالمغلظ أي المخفف على البكر والمغلظ على الثيب فإذا كان قد أبيح دم الزاني وأمر بقتله رمياً بالحجارة حتى يموت فإن الواجب علينا ألا نستكثر إباحة فقأ عينه إذا هو اطلع على العورات .


فقه الحديث
أولاً : يؤخذ من الحديث جواز فقأ عين المطلع في بيوت الناس بغير إذنهم ولقد أنكر النبي ﷺ مثل هذا التصرف كما جاء في حديث سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ اطَّلَعَ رَجُلٌ مِنْ جُحْرٍ فِي حُجَرِ النَّبِيِّ e وَمَعَ النَّبِيِّ eمِدْرًى يَحُكُّ بِهِ رَأْسَهُ فَقَالَ لَوْ أَعْلَمُ أَنَّكَ تَنْظُرُ لَطَعَنْتُ بِهِ فِي عَيْنِكَ إِنَّمَا جُعِلَ الاسْتِئْذَانُ مِنْ أَجْلِ الْبَصَرِ )


ثانياً : أن هذا الحكم جعله الشارع e حماية للعورات ومنعاً لتسرب الأبصار إليها وتنبيهاً على خطر البصر ولهذا قيل:
كل الحوادث مبدأها من النظر ومعظم النار من مستصغر الشرر


وعلى هذا فإني أقول أن من يعارضون هذا الحديث ويقولون لا يجوز فقأ عين المطلع فالمعصية لا تزال بمعصية أقول إن هذا القول خطأ كبير ومعارضة للشارع ورفض لحكمه فهل المعصية تقرر من قبل الشارع أو من قبل أهوائنا وعقولنا لا شك أن الشرع هو الذي يقرر بأن هذا العمل حق أوواجب أو مباح وجائز وذلك العمل إثم وحرام أو مكروه أو مباح فهذا كله يتقرر من قبل الشارع لا من قبل أهواء الناس وعقولهم وقد جاء في الحديث عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ مَنْ اطَّلَعَ فِي بَيْتِ قَوْمٍ بِغَيْرِ إِذْنِهِمْ فَفَقَئُوا عَيْنَهُ فَلا دِيَةَ لَهُ وَلا قِصَاصَ ) وعَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ اطَّلَعَ رَجُلٌ مِنْ جُحْرٍ فِي حُجَرِ النَّبِيِّ eوَمَعَ النَّبِيِّ ﷺ مِدْرًى يَحُكُّ بِهِ رَأْسَهُ فَقَالَ لَوْ أَعْلَمُ أَنَّكَ تَنْظُرُ لَطَعَنْتُ بِهِ فِي عَيْنِكَ إِنَّمَا جُعِلَ الاسْتِئْذَانُ مِنْ أَجْلِ الْبَصَرِ ) فمن زعم أن فقأ عين المعتدي يعد معصية صغيرة فإنه قد عارض حكم رسول الله ﷺ ورده وعليه أن يستغفر الله ويتوب إليه


ثالثاً : أنه يجوز رميه أو طعنه قبل نهيه وإنذاره لاطلاق الحديث هكذا قال ابن الملقن رحمه الله وكلامه وجيه


رابعاً : أنه لا يلتحق بالنظر غيره كالسمع لأن السمع لا ينظبط وقد تسمع الصوت من الدار وأنت مار به فهو يدخل عليك من دون أن تستطيع على منعه إلا أنه إذا تعمد السمع وتلذذ به فإنه لا ينبغي وبالأخص إذا كان صوت امرأة


خامساً : من قال أنه يجوز النظر لمن له محرم في الدار يرد عليه بأنه لا يجوز له النظر ولا الدخول ما دام في الدار غير محرمه إلا إذا علم وتيقن بأنه ليس في الدار غير محرمه فإنه يجوز


سادساً : إذا علم أن في الدار رجل وليس لديه حرم فلا بد من الاستئذان عليه لأنه قد يكون على حال لا يحب الاطلاع عليه فيها


سابعاً : يشترط في إهدار عين الناظر أن يكون صاحب الدار قد احتاط بما يكف النظر وهو وجود ساتر وباب يمنع فإن لم يكن هناك شيء يمنع النظر فإن الواجب على الناظر أن يكف نظره فإن أطلق نظره فهل يجوز رميه ويهدر بصره بذلك ؟ الظاهر عدم إهداره لوجود التقصير من صاحب الدار


ثامناً : إذا كان الناظر طفلاً فالظاهر عدم جواز فقأ عينه إلا أن يكون بالغاً أو مراهقاً أي ممن يطلعون على العورات ويعرفونها


تاسعاً : ومن أجل ذلك فإن المستأذن ينبغي له أن يستأذن وهو على جانب من الباب لا يقابل فتحة الباب فيطلع على من في الدار فقد علم النبي ﷺ أصحابه أن المستأذن يكون بجانب الباب إما الأيمن وإما الأيسر . وبالله التوفيق .


--------

تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 5 ]

[ المجلد الخامس ]

http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam5.pdf (http://subulsalam.com/site/kutub/AhmedNajmi/08TassisAhkam5.pdf)

الرابط المباشر لتحميل الكتاب :

http://subulsalam.com/play.php?catsmktba=9384

ام عادل السلفية
27-02-2016, 03:23PM
بسم الله الرحمن الرحيم





تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام

للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -


باب حد السرقة

تقدم لنا أن الحد هو الفاصل بين شيئين وهنا يراد بالحد العقوبة التي تمنع من الوقوع في هذه الجريمة أو تلك فحد السرقة كأن يقطع الكف من اليد اليمنى التي تكون غالباً مباشرة للسرقة وقد ألقى أبو العلاء المعري شبهة في زمنه حيث قال يد بخمس مئين عسجد وديت ما بالها قطعت في ربع دينار فرد عليه عالم من علماء ذلك الزمن يقال له عبدالوهاب وهو من علماء المالكية فقال عز الأمانة أغلاها وأرخصها ذل الخيانة فافهم حكمة الباري ولهذا قالوا لما كانت أمينة كانت ثمينة ولما خانت هانت وهو كذلك فقيمة اليد خمسمائة مثقال من الذهب وهي نصف دية الرقبة فدية الرجل ألف دينار من الذهب .


ودية اليد إذا قطعت خمسمائة مثقال والمثقال هو دينار أما إذا سرقت فإنها تقطع في ربع دينار وربع الدينار كان في زمن النبي ﷺ يساوي ثلاثة دراهم من الفضة والثلاثة الدراهم تساوي ريالاً إلا ربع بالنقد السعودي إذ أن أهل العلم قالوا إن الدرهم يساوي جرامين وسبعة وتسعين من الجرام الثالث ( 2.97 جم ) ولقد أخذت ريالاً سعودياً من الفضة ووزنته في زمن قديم عند باعة الذهب فوزن أحد عشر جراماً وثمانية وثمانين من المائة من الجرام الثاني عشر ( 11.88جم ) وذلك يساوي أربعة دراهم إذا قلنا أن الدرهم يزن جرامين وسبعة وتسعين من الجرام الثالث أي أنه ثلاث جرامات ينقص الثالث منها ثلاثة بالمائة . فلو ضربنا ذلك في أربعة لطلع معنا أحد عشر جراماً وثمانية وثمانين بالمائة من الجرام الثاني عشر ( 11.88جم ) أي أن الثاني عشرينقص اثني عشر بالمائة من الجرام فتبين أن الثلاثة الدراهم تساوي ريالاً إلا ربع وقد جاء في الحديث الصحيح عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ ( لَعَنَ اللَّهُ السَّارِقَ يَسْرِقُ الْبَيْضَةَ فَتُقْطَعُ يَدُهُ وَيَسْرِقُ الْحَبْلَ فَتُقْطَعُ يَدُهُ )


وقد استغرب بعض الفقهاء كيف يسرق الحبل أو البيضة فتقطع يده علماً بأن البيضة المسلوقة تباع في وقتنا الحاضر بريال واحد وأن الحبل يباع بعدة ريالات وقد ورد أنه في زمن السلف سرق سارق أترجة أي حبة أترنج تساوي ثلاثة دراهم فقطعت يده وسيأتي الكلام على كون المعتبر في نصاب السرقة هو ربع دينار من الذهب أو ثلاثة دراهم من الفضة وقد قال الشافعي بأن أصل نصاب السرقة الذهب لحديث عائشة أن النبي ﷺ قطع في ربع دينار وذهب آخرون إلى أن الأصل في نصاب السرقة الدراهم فيكون ثلاثة دراهم لحديث عبدالله بن عمر رضي الله عنهما أن النبي ﷺ قطع في مجن قيمته ثلاثة دراهم وسنبين الفرق فيما يأتي إن شاء الله تعالى . وبه قال مالك ومن معه كما سيأتي .


المجن يسمى الدرقة وهو شيء من الحديد مجوف


--------

تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 5 ]

[ المجلد الخامس ]

http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam5.pdf (http://subulsalam.com/site/kutub/AhmedNajmi/08TassisAhkam5.pdf)

الرابط المباشر لتحميل الكتاب :

http://subulsalam.com/play.php?catsmktba=9384


التصفية والتربية

TarbiaTasfia@

ام عادل السلفية
27-02-2016, 03:36PM
بسم الله الرحمن الرحيم





تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام

للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -


باب حد السرقة :

الحديث الأول :
عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما أن النبي ﷺ قطع في مجن قيمته وفي لفظ ثمنه ثلاثة دراهم


موضوع الحديث :
نصاب السرقة


المفردات
قوله قطع : أي قطع يد السارق
في مجن : أي بسبب مجن سرقه والمجن هو الدرقة التي كانت يستجن بها أي يتقى بها ضرب السيوف أو طعن الرماح أو السهام
قوله : قيمته وفي لفظ ثمنه : القيمة والثمن يمكن أن تكون لفظان مختلفان على شيء واحد ويمكن أن يقال أن القيمة هي التي تعرف غالباً عند الناس وأما الثمن فقد يزيد عن القيمة المعروفة وقد ينقص بناء على المماكسة وعلى هذا فإن القيمة والثمن يقال أنهما يختلفان أحياناً ويتفقان في الغالب


المعنى الإجمالي
يخبر عبدالله بن عمر رضي الله عنهما أن النبي ﷺ قطع يد سارق في سرقة مجن قيمته ثلاثة دراهم


فقه الحديث
أولاً : يؤخذ من هذا الحديث الشريف أن الثلاثة الدراهم هي نصاب القطع في السرقة فلا يقطع في أقل منها وبهذا قال مالك وأحمد وإسحاق ورواية عن الشافعي


ثانياً : يؤخذ منه أن الدراهم وهي الفضة هي أصل في نصاب السرقة وهذه الرواية رواية صحيحة رواها البخاري ومسلم ومالك في الموطأ وأحمد في المسند والترمذي والنسائي وأبو داود وابن ماجة
وأما الأقوال في نصاب القطع في السرقة فهي ثمانية أقوال حكاها ابن الملقن في كتابه الإعلام بفوائد عمدة الأحكام في شرح هذا الحديث فكان منها القول بأن النصاب ثلاثة دراهم وسبق أن قلت أن الثلاثة الدراهم تقدر بالنقد الحالي بريال إلا ربع سعودي


القول الثاني على أن نصاب القطع في السرقة ربع دينار من الذهب وهذا مقتضى حديث عائشة رضي الله عنها الآتي أن النبي ﷺ قطع في ربع دينار والرواية الموجودة هنا عن عائشة أنها سمعت رسول الله ﷺ يقول تقطع اليد في ربع دينار فصاعداً وهذا الحديث ذهب إليه الشافعي وهو قول كثير من العلماء ذكر ابن الملقن منهم عائشة وعمر بن عبدالعزيز والأوزاعي والليث بن سعد والشافعي وأبو ثور وإسحاق وقد ذهب هؤلاء إلى أن الأصل في نصاب السرقة هو الذهب وإذا قلنا بأن الأصل في نصاب السرقة هو الذهب فإن القطع يكون في ربع دينار سواء كانت قيمته ثلاثة دراهم أو أكثر فلو قلنا بهذا القول وجعلنا الذهب أساساً في نصاب السرقة فإنه لا يقطع إلا فيما قيمته ربع دينار والدينار هو مثقال وهو أربعة جرامات وثلاث وعشرين بالمائة من الجرام الخامس (4.23 جم) وقد كمل الفقهاء اثنين بالمائة ليساوي الدينار أربع جرامات وربع (4.25 ) وإذا قلنا أربع جرامات وربع فإنه يعتبر بقيمة الذهب في وقت السرقة فمثلاً الآن الجرام من الذهب يباع بخمسة وأربعين أو بأربعين ريالاً فيضاف إليها ربع الربع لو قلنا أن قيمة الجرام أربعين فيجب أن نضيف إليه ربع الربع حيث أن الدينار أربع جرامات وربع ( 4.25 ) فيكون النصاب اثنين وأربعين ونصف ريال سعودي والفرق كبير بين هذين النصابين علماً بأن قيمة الذهب ترتفع وتنخفض فتكون غير محددة بل تكون عائمة في القيم المختلفة ومن ناحية أخرى فإذا قلنا بحديث عبدالله بن عمر وهو كان في ذلك الزمن ربع دينار أي الثلاثة الدراهم ربع دينار لأن صرف الدينار في ذلك الزمن اثني عشر درهماً وما كان النبي ﷺ ليقطع في شيء أقل من النصاب الذي يجب القطع به وفيما يظهر لي والله أعلم أن تقدير النصاب بثلاثة دراهم أضبط وكون الدراهم معروفة المقدار فيكون القطع فيما قيمته ثلاثة دراهم وهي ريال إلا ربع بالنقد السعودي هذا ما تلخص لي أما القول بأن نصاب القطع في السرقة عشرة دراهم أو خمسة دراهم أو درهمين أو درهم واحد أو أربعين درهماً فكل هذه الأقوال أدلتها ضعيفة والقول بها أضعف والله تعالى أعلم .


يبقى معنا الكلام من أين تقطع اليد وما هو الذي يثبت به هذا الحد فالجمهور على أن اليد تقطع من مفصل الرسغ وهو مفصل الكف مع الذراع وعلى هذا القول جرى العمل في زمن النبي ﷺ وخلفائه الراشدين وقالت الخوارج أن اليد تقطع من المنكب وقولهم هذا ضعيف وكذلك القول بأنها تقطع من المرفق .


ثالثا : أنه لا يقطع إلا في الآخذ من حرز والحرز شرط عند الجمهور فالصندوق حرز للدراهم وكل شيء حرزه بحسبه والدابة إذا كانت مربوطة فحرزها رباطها والجيب حرز أيضاً وقد ورد في الحديث ( أَنَّ صَفْوَانَ بْنَ أُمَيَّةَ بْنِ خَلَفٍ قِيلَ لَهُ هَلَكَ مَنْ لَمْ يُهَاجِرْ قَالَ فَقُلْتُ لا أَصِلُ إِلَى أَهْلِي حَتَّى آتِيَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فَرَكِبْتُ رَاحِلَتِي فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ زَعَمُوا أَنَّهُ هَلَكَ مَنْ لَمْ يُهَاجِرْ قَالَ كَلا أَبَا وَهْبٍ فَارْجِعْ إِلَى أَبَاطِحِ مَكَّةَ قَالَ فَبَيْنَمَا أَنَا رَاقِدٌ إِذْ جَاءَ السَّارِقُ فَأَخَذَ ثَوْبِي مِنْ تَحْتِ رَأْسِي فَأَدْرَكْتُهُ فَأَتَيْتُ بِهِ النَّبِيَّ ﷺ فَقُلْتُ إِنَّ هَذَا سَرَقَ ثَوْبِي فَأَمَرَ بِهِ ﷺ أَنْ يُقْطَعَ قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَيْسَ هَذَا أَرَدْتُ هُوَ عَلَيْهِ صَدَقَةٌ قَالَ فَهَلا قَبْلَ أَنْ تَأْتِيَنِي بِهِ )
فنأخذ من هذا الحديث أن رداء صفوان رضي الله عنه كان وضع رأسه عليه حرزاً له ويتبين لنا أن الحرز في كل شيء بحسبه والسيارة إذا كانت مقفلة وفتحها السارق فإنه إذا أخذها ، أخذها من حرز والدابة إذا كانت مربوطة فأخذها السارق من رباطها فإنه قد أخذها من حرز وهكذا وتبين لنا أن بعض الفقهاء الذين يتشددون في الحرز أنهم مخطئون في ذلك ولعل الإنسان يكون آثماً عندما يحاول دفع الحد عن المجرم بأوهى سبب


رابعاً : أن القطع في السرقة هو أن تقطع من مفصل الكف في اليد اليمنى فإن عاد فسرق قطعت رجله اليسرى من مفصل القدم .


--------

تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 5 ]

[ المجلد الخامس ]

http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam5.pdf (http://subulsalam.com/site/kutub/AhmedNajmi/08TassisAhkam5.pdf)

الرابط المباشر لتحميل الكتاب :

http://subulsalam.com/play.php?catsmktba=9384

ام عادل السلفية
02-03-2016, 12:00AM
بسم الله الرحمن الرحيم





تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام

للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -


الحديث الثاني :
عن عائشة رضي الله عنها والقول فيه كما سبق في حديث ابن عمر رضي الله عنه أما ثبوت الحد فهو يثبت بالاعتراف كما في حديث صفوان ابن أمية الذي شهد فيه السارق على نفسه بالسرقة أو بالبينة وبالله تعالى التوفيق .



الحديث الثالث :
عن عائشة رضي الله عنها أن قريشاً أهمهم شأن المخزومية التي سرقت فقالوا من يكلم فيها رسول الله ﷺ فقالوا من يجترئ عليه إلا أسامة بن زيد حب رسول الله فكلمه أسامة فقال أتشفع في حد من حدود الله ثم قام فاختطب فقال إنما أهلك الذين من قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد وأيم الله لو كانت فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها .
وفي لفظ كانت امرأة تستعير المتاع وتجحده فأمر النبي ﷺ بقطع يدها


موضوع الحديث :
وجوب المساواة في إقامة الحدود بين الأشراف والضعفاء


المفردات
أن قريشاً : قريش اسم للقبيلة ويجمع اثني عشر بطناً من العشائر والأشهر أن لقب قريش اسم لبني فهر
أهمهم : أشغلهم وعظم عليهم شأن المخزومية التي سرقت ذلك أن بني مخزوم كانوا من أشراف قريش في زمن الجاهلية فشغلهم أمرها لكونها سرقت وأمر النبي ﷺ بقطع يدها فرأوا أن ذلك عار يلحقهم فطلبوا من يكلم رسول الله ﷺ ضانين أن الوساطة تنفع عنده كما تنفع عند غيره
من يجترئ : ومعنى يجترئ أي يستطيع أن يكلم رسول الله ﷺ إلا أسامة بن زيد وأسامة بن زيد بن حارثة هو حب رسول الله ﷺ وابن حبه لأنه ابن مولاه زيد بن حارثة الذي أشار القرآن الكريم إليه بقوله ( وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ ) [ الأحزاب : 37] وحب بمعنى محبوب وزيد بن حارثة قد ذكرنا قصته فيما مضى
قوله فكلمه أسامة فقال أتشفع في حد من حدود الله : الهمزة للاستفهام الإنكاري
قوله ثم قام فاختطب : أي خطب الناس مبيناً لهم عواقب هذا الصنيع وهو إقامة الحد على الضعيف وتركه عن الشريف .
قوله إنما أهلك الذين من قبلكم : أي أوقع عليهم الهلاك والذم من قبل الله عز وجل أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه والمراد بالشريف من له حسب وجاه وشعبية تحميه وإذا سرق فيهم الضعيف وهو من لا حسب له ولا جاه ولا شعبية أقاموا عليه الحد : أي عملوه فيه غير مبالين بما ارتكبوا من جريمة بترك الحد عن الشريف وإقامته على الضعيف والوضيع .
وأيم الله : هذا يمين على المشهور
لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها : لو حرف وجود لوجود أي لو وجدت منها السرقة لوجد مني القطع ليدها


المعنى الإجمالي
هذا حديث عظيم من أحاديث المصطفى ﷺ يبين أن رسول الله ﷺ لا يثنيه عن تنفيذ أمر الله عز وجل على من استحقه بما عمل من السبب لا يثنيه عن ذلك شرف الفاعل ولا قرابته ولا محسوبيته فقد أقسم ﷺ أنه لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطع يدها ولا يمنعه عن ذلك كونها ابنته وهذا مقام عظيم لا يثبت فيه إلا الأولياء والأصفياء وأولوا العزم من رسل الله عز وجل فذاك إبراهيم خليل الرحمن عليه السلام حين رأى أنه يذبح ابنه عزم على التنفيذ ولم يثنه شفقة الأبوة وحنوها على الابن وبذلك أثنى الله عليه بقوله ( وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى ) [ النجم : 37 ] أي وفى ما أمر به .


فقه الحديث
أولاً : يؤخذ من هذا الحديث ما كان عليه أهل الجاهلية من حمية الجاهلية التي يحاولون بها الامتناع عن حدود الله لو استطاعوا ولكونهم لا يستطيعون ذلك فقد توسطوا بالشفاعة من حب رسول الله ﷺ وابن حبه في ترك القطع عنها


ثانياً : أن الناس كلما كانوا ألصق بالدنيا وأنانيتها وعظمتها المزعومة كان الشيطان ينفخ فيهم ويجعلهم يمتنعون عن إقامة حدود الله لو استطاعوا


ثالثاً : أنهم توسطوا بحب رسول الله وابن حبه أسامة بن زيد في ترك ما أمر الله به فغضب رسول الله ﷺ على أسامة بن زيد رغم مودته له وأنكر عليه قائلاً ( أتشفع في حد من حدود الله )


رابعاً : أحس أسامة بن زيد بالخطأ والخجل وشعر بإساءته فطلب من رسول الله ﷺ أن يستغفر له


خامساً : لم يكتف رسول الله ﷺ بتأنيب أسامة بن زيد فقد قام خطيباً وأطلقها صريحة إنما أهلك الذين من قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد


سادساً :ينبغي أن نتذكر حديث الزانيين اليهوديين اللذين رجمهما النبي ﷺ وأن رسول الله ﷺ سأل اليهود عن الرجم هل هو في التوراة وأن الله أمرهم به فحاولوا جحده أولاً ولما انكشف الأمر قال له بعض علمائهم بأن الذي نزل في التوراة الرجم ولكنهم كانوا إذا زنا فيهم الضعيف رجموه وإذا زنا فيهم الشريف تركوه كالحال في السرقة فعند ذلك اتفقوا على التسويد والتجبيه بدلاً عن الرجم وبدلوا أمر الله عز وجل فغضب الله عليهم


سابعاً : عند ذلك أقسم النبي ﷺ بقوله أيم الله لو كانت فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها وفي هذا تأييس للذين يحاولون صرف المسئول عن إقامة حد الله عز وجل لكي يعلموا أنه لا نجاة للعباد إلا بإقامة أمر الله عز وجل (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَكَفَّرْنَا عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلأَدْخَلْنَاهُمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ مِنْهُمْ أُمَّةٌ مُقْتَصِدَةٌ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ سَاءَ مَا يَعْمَلُونَ ) [ المائدة : 65 ،66 ]


ثامناً : فاطمة بنت محمد حاشاها من السرقة ولكن هذا مثل ليعلم به القوم الذين أرادوا منع رسول الله ﷺ من قطع يد المخزومية ليعلموا بذلك أن رسول الله ﷺ لا يثنيه عن تنفيذ أمر الله شيء .


تاسعاً : يؤخذ منه قطع يد السارق لقول الله تعالى (وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا) [ المائدة : 38]


عاشراً : لكون السارق غالباً يسرق باليمين فإنها تقطع يمينه من مفصل الكف


الحادي عشر:أن هذا الحكم من الله عز وجل جزاءً لمن يستعمل يمينه في أخذ حقوق العباد أن تقطع يده اليمنى ويحرم منها ومن منفعتها


الثاني عشر :لنتذكر قول الله عز وجل ( نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الأَلِيمُ ) [ الحجر : 49 ، 50 ] وقوله عز وجل ( حم تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ غَافِرِ الذَّنْبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ ذِي الطَّوْلِ لا إِلَهَ إِلا هُوَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ ) [ غافر : 1 – 3 ]
فكما أن رحمته واسعة فإن عذابه أليم ولا يظلم الله أحداً ولكن الناس أنفسهم يظلمون فمن أقيم عليه الحد بسبب سرقته فلا يظن أن الله ظلمه وليعلم أن الذي حصل له إنما هو بسبب جرمه وإسائته .


الثالث عشر :ينبغي أن نعلم حرمة حقوق الناس وأنها حرمة عظيمة فمن سرق مالاً تافهاً لغيره قطعت يده التي تساوي قيمتها نصف دية نفسه وجاء في الحديث (عَنْ أَبِي أُمَامَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ مَنْ اقْتَطَعَ حَقَّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ بِيَمِينِهِ فَقَدْ أَوْجَبَ اللَّهُ لَهُ النَّارَ وَحَرَّمَ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ وَإِنْ كَانَ شَيْئًا يَسِيرًا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ وَإِنْ قَضِيبًا مِنْ أَرَاكٍ )


الرابع عشر: ذهب الإمام أحمد إلى أن من يستعير المتاع ويجحده تقطع يده للرواية التي وردت في هذا الحديث وخالفه في ذلك جماهير أهل العلم واعتبروها رواية شاذة وزعموا أن القطع ليس من أجل جحد العارية ولكن من أجل وجود السرقة كما وردت بذلك روايات


الخامس عشر : أن الشفاعة في الحدود بعد وصولها إلى السلطان لا تجوز لقول النبي ﷺ في قصة الذي سرق رداء صفوان بن أمية فاعترف فأمر النبي ﷺ بقطع يده فقال صفوان بن أمية دعه يا رسول الله ردائي صدقة عليه فقال رسول الله هلا كان ذلك قبل أن تأتيني به )


السادس عشر: يؤخذ منه جواز الشفاعة في الحدود وغيرها قبل أن تصل إلى السلطان فإن وصلت إليه حرم ذلك


السابع عشر :مفهوم هذا أي مفهوم الحديث أن الشفاعة في غير الحدود جائزة حتى لو بلغت إلى السلطان لكن في الحدود غير جائزة إلا قبل بلوغ السلطان وأيضاً في هذه الحالة إذا كان الذي حصلت منه الجريمة معروف بالشر وبأذية المسلمين فإن الشفاعة في مثل هذا لا تجوز بحال وبالله التوفيق


--------

تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 5 ]

[ المجلد الخامس ]

http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam5.pdf (http://subulsalam.com/site/kutub/AhmedNajmi/08TassisAhkam5.pdf)

الرابط المباشر لتحميل الكتاب :

http://subulsalam.com/play.php?catsmktba=9384

ام عادل السلفية
02-03-2016, 12:05AM
بسم الله الرحمن الرحيم





تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام

للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -


باب حد شارب الخمر

يلاحظ على من وضع هذه الترجمة وهي قوله باب حد الخمر وهذا الكلام خطأ فإن الحد إنما هو على شربها فمن وجدت عنده خمر لم يجلد من أجل وجودها عنده إلا تعزيراً ولكن يوعظ وأن بقاءها عنده إدمان


أورد فيه الحديث الأول :
حديث أنس بن مالك رضي الل عنه أن النبي ﷺ أتي برجل قد شرب الخمر فجلده بجريدة نحو أربعين قال وفعله أبو بكر فلما كان عمر استشار الناس فقال عبدالرحمن بن عوف أخف الحدود ثمانون فأمر به عمر رضي الله عنه


موضوع الحديث :
حد شارب الخمر هل هو أربعون أو ثمانون


المفردات
أتي برجل : لم يعرف من هو هذا الرجل إلا أنه قد ذكر أن أَنَّ رَجُلا من الصحابة عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ ﷺ كَانَ اسْمُهُ عَبْدَ اللَّهِ وَكَانَ يُلَقَّبُ حِمَارًا وَكَانَ يُضْحِكُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ وَكَانَ النَّبِيُّ ﷺ قَدْ جَلَدَهُ فِي الشَّرَابِ فَأُتِيَ بِهِ يَوْمًا فَأَمَرَ بِهِ فَجُلِدَ فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ الْقَوْمِ اللَّهُمَّ الْعَنْهُ مَا أَكْثَرَ مَا يُؤْتَى بِهِ فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ لا تَلْعَنُوهُ فَوَاللَّهِ مَا عَلِمْتُ إلا إِنَّهُ يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ )


الخمر : يسمى به كل شراب بلغ إلى حد الإسكار وقد قام عمر رضي الله عنه خطيباً فقال الخمر ما خامر العقل أهـ .
وهو إما مشتق من التخمير الذي هو التغطية وذلك أنها تغطي العقل وإما مشتق من المخامرة التي هي المخالطة والقول الأول لعله هو الأقرب لكونها تغطي العقل وتمنعه من معرفة الحقائق
بجريدة : الجريدة تطلق على كل عود سواء كان أخضراً أو يابساً ولعله في الأخضر أشهر وفي محيط المدينة النبوية قد يكون أن إطلاق الجريدة يراد به جريد النخل
قوله نحو أربعين : هذه اللفظة تدل على أن الأربعين تقديراً لا تحديداً
قوله وفعله أبو بكر : أي جرى على ما كان عليه الأمر في عهد النبي ﷺ فلما كان عمر استشار الناس : أي طلب الرأي والمشورة منهم ولعل السبب أن الناس لما حصلت لهم النعمة بطر بعضهم بها وأكثروا من شرب الخمر
قوله أخف الحدود ثمانون : المراد به هنا الحدود المنصوص عليها بالضرب فحد الزنا إذا كان الزاني بكراً مائة جلدة وحد الفرية ثمانون وحد الزاني المحصن الرجم بالحجارة حتى يموت وحد السرقة قطع اليمين من مفصل الكف إذاً فحد الفرية ثمانون بنص الكتاب وأشار عبدالرحمن بن عوف باعتماده فأمر به عمر رضي الله عنه فكان سنة في الشارب


المعنى الإجمالي
يخبر أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي ﷺ ضرب شارب الخمر بجريدة نحو أربعين وأن أبا بكر جرى على ما كان عليه الأمر في عهد النبي ﷺ فلما كان زمن عمر رضي الله عنه وكثرت الفتوح وفاضت الأموال وكثر الوقوع في شرب الخمر ممن لم يكن عندهم من الإيمان ما يردعهم عن ذلك فاستشار عمر رضي الله عنه الصحابة أي استشارهم في الزيادة على الأربعين أو الاكتفاء بها فكأنهم رأوا الزيادة حسماً لذلك التوارد على شرب الخمر من كثير من الناس ليكون في تلك الزيادة زاجراً ورادعاً لهم .


فقه الحديث
أولاً : يؤخذ من هذا الحديث تحريم شرب الخمر وهو إجماع والله سبحانه وتعالى قد حرم شربها في كتابه وبين أن الشيطان حريص على إيقاع العبد فيما حرم الله عز وجل فقال تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنْصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ) [المائدة : 90 ، 91 ]


ثانياً : يؤخذ من هذا الحديث وجوب الحد على شاربها سواء شرب كثيراً أو قليلاً


ثالثاً :اختلف أهل العلم في حد شرب الخمر فذهب الشافعي إلى أنه أربعون وبه قال داود الظاهري وأبو ثور وقال الشافعي للإمام أن يبلغ به الثمانين إن رأى ذلك لفعل عمر رضي الله عنه وقال الجمهور أن حد شارب الخمر ثمانون جلدة وممن قال بذلك مالك وأبو حنيفة والأوزاعي والثوري وأحمد وإسحاق وابن المنذر


قلت : والذي نص عليه في مذهب الإمام أحمد روايتان رواية كمذهب الشافعي أنه أربعون ورواية كمذهب الجمهور أنه ثمانون


رابعاً : الجلد في حد الخمر يكون بالجريد والنعال والسياط ويجوز أن يكون بعضه بالثياب لا كله والضرب بالسوط أوجع للمضروب وأكثر ردعاً للمتربص


خامساً :يؤخذ من هذا الحديث جواز مشاورة الإمام لأهل الحل والعقد من رعيته


سادساً: ليس على الإمام لوم إذا تبع رأياً من الآراء المعروضة لما رأى من المصلحة في العمل به .


سابعاً : قد ورد في حديث أن النبي ﷺ أمر بقتل الشارب إذا عاد للشرب في المرة الرابعة وأجمع من يعتد به على عدم العمل بهذا الحديث ورأوا أنه منسوخ لأن النبي ﷺ كان يؤتى برجل يشرب الخمر كثيراً فيجلده حتى قال بعض من حضر لعنه الله ) وفي حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال ثم أتى النبي ﷺ بسكران فأمر بضربه فمنا من يضربه بيده ومنا من يضربه بنعله ومنا من يضربه بثوبه فلما انصرف قال رجل ما له أخزاه الله فقال رسول الله ﷺ لا تكونوا عون الشيطان على أخيكم) فسماه أخاً ولم يقتله مع تكرر شربه للخمر فكان ذلك ناسخاً للحديث الذي ورد والله تعالى أعلم



--------

تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 5 ]

[ المجلد الخامس ]

http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam5.pdf (http://subulsalam.com/site/kutub/AhmedNajmi/08TassisAhkam5.pdf)

الرابط المباشر لتحميل الكتاب :

http://subulsalam.com/play.php?catsmktba=9384

ام عادل السلفية
02-03-2016, 12:10AM
بسم الله الرحمن الرحيم





تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام

للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -


الحديث الثاني :
عن أبي بردة بن نيار البلوي رضي الله عنه أنه سمع رسول الله ﷺ يقول ( لا يجلد فوق عشرة أسواط إلا في حد من حدود الله )


موضوع الحديث :
التعزير وهل يجوزأن يبلغ به أدنى الحدود أو لا يجوز في ذلك نظر


المفردات
أبو بردة بن نيار لعلها تقدمت ترجمته في باب العيدين وهو خال البراء بن عازب البلوي نسبة إلى بليّ بطن من قضاعة وهو كان حليفاً للأنصار
قوله لا يجلد : الجلد هو ضرب الجلد يقال جلده إذا ضرب جلده إما في تعزير أو حد
فوق عشرة أسواط : يعني أكثر منها
إلا في حد من حدود الله : الحد يطلق ويراد به العقوبة المقدرة شرعاً على بعض الذنوب ويطلق ويراد به محارم الله عز وجل وقد ورد في الشرع على الأمرين فمن الأول قوله تعالى ( تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَعْتَدُوهَا ) [ البقرة : 229 ] ( تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَقْرَبُوهَا )[ البقرة : 187] ومن الثاني الحدود المقدرة كحد السرقة وحد الفرية وحد الزاني البكر وما أشبه ذلك


المعنى الإجمالي
يخبر أبو بردة بن نيار رضي الله عنه أنه سمع رسول الله ﷺ ينهى أن يجلد المسلم فوق عشرة أسواط إلا أن يكون ذلك في حد من حدود الله عز وجل .


فقه الحديث
يؤخذ من هذا الحديث :


أولاً : النهي عن الزيادة على عشرة أسواط في العقوبة غير المقدرة وكما قد أشرنا أن أهل العلم اختلفوا في الحد فمنهم من حمله على الحدود المقدرة ومن قال أقل الحدود حد الخمر وهو أربعون جلدة قال لا يزاد في التعزير على تسع وثلاثين جلدة وذلك أقل الحدود ومن قال أن الحد في الخمر ليس حداً مقدراً وإنما هو تأديب وتعزير ولذلك جاز الضرب فيه بالنعال والثياب ولكن أدنى الحدود حد الفرية وهو ثمانون ومن قال بذلك قال لا يزاد في التعزير على تسعة وسبعين سوطاً .
وقال قوم أن أدنى الحدود عشرون وهو أن العبد يضرب نصف الحد ويضرب نصف الأربعين عشرين جلدة وإذاً فلا يزاد في التعزير على تسعة عشر جلدة


ثانياً : من قال أن الحد المراد به الذنب الذي يكون فيه مخالفة لأمر الله عز وجل فهو يرى أن من عزر على كبيرة لا يزاد تعزيره على عشرة أسواط .


والمسألة خلافية كما ترى والسلف مختلفون في ذلك ومن اقتنع برأي من العلماء المعتبرين الذين يجوز لهم الاجتهاد ينبغي أن يعمل عليه إلا أن مثل هذا ألصق بعمل القضاة وقد ورد أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه ثاني الخلفاء الراشدين وصاحب الاجتهادات العظيمة قد ضرب صبيغاً مائة جلد ثم مائة جلدة ثم أراد أن يضربه في المرة الثالثة فقال يا أمير المؤمنين إن كنت قاتلي فاقتلني فسيره إلى الكوفة ونهى عن مجالسته حتى حلف لأبي موسى أن ما كان يجده في رأسه قد ذهب فقال له خل بينه وبين الناس فكيف يحمل عمل عمر رضي الله عنه مع أن الرجل الذي ضربه كان ظاهر عمله عملاً لا ينكر وهو أنه كان يسأل عن المتشابة ولكن بفراسة عمر رأى أنه يريد أن يثير فتنة فضربه ذلك الضرب فكيف الجواب عن مثل هذا ؟
والحقيقة أن الجواب على مثل هذا فيه شيء من الصعوبة وسأقول بما فتح الله وأسأل الله أن يسددني في ذلك فأقول : تفرس عمر رضي الله عنه من ذلك الرجل وكأنه قد بلغه عنه أنه كان يكثر السؤال عن المتشابه فحين قال له ما الذاريات ذرواً ما الحاملات وقراً ما الجاريات يسراً ؟
فأجابه عمر رضي الله عنه ثم قال له من أنت قال أنا عبد لله صبيغ فأمر بجريد من نخل وحسر عن ذراعيه وقال وأنا عبدالله عمر فضربه ثم أمر به فترك حتى برأ ثم عاد إليه فضربه مائة جلدة ثم تركه حتى برأ ثم عاد إليه فضربه فقال إن كنت قاتلي فاقتلني فأقول إن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قد تفرس أن هذا الرجل في نفسه شك وأنه يريد أن يثير أسألة حول القرآن ورأى أن ذلك سيفتح باب فتنة فضربه ذلك الضرب وحيث أن الأمر الذي اتهمه به لم يكن واضحاً غاية الوضوح حتى يوجب قتله فضربه من أجل أن يرتدع هو وأمثاله والذي يظهر لي أن عمل ذلك الخليفة الموفق عمل موفق أيضاً أراد أن يحمي به الدين وهذا من توفيق الله لهذا الإمام هذا ما يظهر لي وأرجو أنه الحق إذاً فلا تنافي بين قوله ﷺ لا يضرب فوق عشرة أسواط إلا في حد من حدود الله وبين فعل عمر بن الخطاب رضي الله عنه لأنه رأى أن في ذالك حماية للدين فكان ذلك من حدود الله وبالله تعالى التوفيق .



--------

تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 5 ]

[ المجلد الخامس ]

http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam5.pdf (http://subulsalam.com/site/kutub/AhmedNajmi/08TassisAhkam5.pdf)

الرابط المباشر لتحميل الكتاب :

http://subulsalam.com/play.php?catsmktba=9384

ام عادل السلفية
05-03-2016, 02:22PM
بسم الله الرحمن الرحيم




تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام

للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -


كتاب الأيمان :

الأيمان جمع يمين والمقصود به الحلف سمي الحلف يميناً لأنهم كانوا إذا تحالفوا أخذ كل واحد منهم بيمين صاحبه وهي في الشرع تحقيق الشيء أو تأكيده بذكر اسم الله تعالى أو صفة من صفاته مثال ذلك والله إني لصادق . أما التمثيل للحلف في صفة من صفات الله كقول القائل وعزة الله إني لصادق فيما قلته .
أما النذور فهي جمع نذر والنذر شرعاً أن يوجب الإنسان على نفسه شيئاً لم يجب عليه بمحض الشرع كأن يقول لله عليّ أن أصلي كل ليلة كذا ركعة تطوعاً أو أصوم في كل شهر كذا يوماً تطوعاً .

الحديث الأول :
عن عبدالرحمن بن سمرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله ﷺ يا عبدالرحمن بن سمرة لا تسأل الإمارة فإنك إن أعطيتها عن مسألة وكلت إليها وإن أعطيتها عن غير مسألة أعنت عليها وإذا حلفت على يمين فرأيت غيرها خيراً منها فكفر عن يمينك وائت الذي هو خير .


موضوع الحديث
النهي عن سؤال الإمارة وتعليل ذلك بأن من أعطيها عن مسألة وكل إليها ومن أعطيها عن غير مسألة أعين عليها والأمر بالوفاء باليمين والتكفير عنها إن كان الوفاء خيراً


المفردات
الإمارة : هي الولاية ولعلم الشارع أن النفوس تحرص عليها نهى عن ذلك معللاً بما تقدم
معنى وكلت إليها :أي تركت ونفسك واستولى عليك الشيطان وأدخلك فيما لا يجوز
ومعنى أعنت عليها : أي جعل الله لك عوناً بمعرفة وجهة الحق ولا يجعله ملتبساً عليك
إذا حلفت على يمين : أي على شيء تريد فعله أو تركه فرأيت بعد ذلك أن عدم الوفاء بها خير من الوفاء بها فكفر عن يمينك أي قد جعل الله لك مخرجاً بأن تكفر عن يمينك وتأتي الذي هو خير .


المعنى الإجمالي
في هذا الحديث ينهى رسول الله e عن سؤال الإمارة معللاً ذلك بأن من أعطيها عن مسألة وكل إليها أي خذل وترك لرغبته في الدنيا وإيثارها على الآخرة وأن من أعطيها عن غير مسألة أعين عليها بأن يسدده ربه وأن الحلف على شيء لا يجعله الحالف مانعاً له من فعل الخير إذا رآه في غير جهة اليمين ولذلك فإن له أن يتخلص من اليمين بالتكفير ثم يأتي الذي هو خير


فقه الحديث
أولاً : يؤخذ من هذا الحديث كراهية سؤال الإمارة وهذا النهي يعززه ما ورد في الحديث الذي رواه أبو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ إِنَّكُمْ سَتَحْرِصُونَ عَلَى الإِمَارَةِ وَسَتَكُونُ نَدَامَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَنِعْمَ الْمُرْضِعَةُ وَبِئْسَتْ الْفَاطِمَةُ ) وكذلك ما ورد في حديث أَبُي بُرْدَةَ قَالَ قَالَ أَبُو مُوسَى أَقْبَلْتُ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ وَمَعِي رَجُلانِ مِنْ الأَشْعَرِيِّينَ أَحَدُهُمَا عَنْ يَمِينِي وَالآخَرُ عَنْ يَسَارِي فَكِلاهُمَا سَأَلَ الْعَمَلَ وَالنَّبِيُّ ﷺ يَسْتَاكُ فَقَالَ مَا تَقُولُ يَا أَبَا مُوسَى أَوْ يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ قَيْسٍ قَالَ فَقُلْتُ وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ مَا أَطْلَعَانِي عَلَى مَا فِي أَنْفُسِهِمَا وَمَا شَعَرْتُ أَنَّهُمَا يَطْلُبَانِ الْعَمَلَ قَالَ وَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى سِوَاكِهِ تَحْتَ شَفَتِهِ وَقَدْ قَلَصَتْ فَقَالَ لَنْ أَوْ لا نَسْتَعْمِلُ عَلَى عَمَلِنَا مَنْ أَرَادَهُ وَلَكِنْ اذْهَبْ أَنْتَ يَا أَبَا مُوسَى أَوْ يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ قَيْسٍ فَبَعَثَهُ عَلَى الْيَمَنِ … الحديث ) فأرسله النبي ﷺ أي أرسل أبا موسى أميراً على اليمن فدل ذلك على أن طلب الإمارة والولاية مكروهاً لما يترتب على ذلك من خذلان الله للعبد إن طلب الولاية .


ثانياً : إذا علم المسئول عن شخص بأنه مستحق لتلك الولاية وأشار عليه بذلك من لا يتهم فأراد السلطان أن يوليه ذلك العمل وشعر المولى من نفسه بالكفاية ولم يكن على الساحة من هو خيراً منه ففي هذه الحالة ينبغي له أن يقبلها بعد استخارة واستشارة وعدم تسرع إلى الإجابة ويستأنس لهذا بقول يوسف عليه السلام ( اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ ) [ يوسف : 55 ]


ثالثاً : أن من تولى القضاء أو الولايات الكبيرة يجب عليه أن يكثر من التضرع بين يدي الله عز وجل أن يعينه ويسدده وهو حري إن فعل ذلك أن الله عز وجل سيسدده ويعينه


رابعاً : النهي عن طلب الإمارة يتجه والله أعلم إلى الولايات الكبيرة التي يكون فيها والياً على جملة أشياء والتي يكون فيها سلطة يتسلط بها الوالي أما الوظائف الصغيرة التي تطلب ويطلب القيام بها من أجل سداد ثغرة من الثغرات يحتاج إليها في العمل فهذه لا تكون من الولايات المرموقة التي نهي عن طلبها


خامساً : قوله وإذا حلفت على يمين فرأيت غيرها خيراً منها فكفر عن يمينك وائت الذي هو خير يؤخذ من هذا أن من حلف على يمين أن لا يفعل كذا أو أن يفعل كذا ولكنه رأى الخير في ترك ما حلف على فعله أو فعل ما حلف على تركه فإنه يشرع له التخلص من تلك اليمين بالتكفير عنها واتيان الذي هو خير


سادساً : اختلف أهل العلم هل يجوز التكفير قبل الحنث ؟
فذهب قوم إلى جوازه مطلقاً قال ابن الملقن وبه قال أربعة عشر من الصحابة وجماعات من التابعين ومالك والشافعي والأوزاعي والثوري والجمهور لكن قالوا يستحب كونها بعد الحنث واستثنى الشافعي التكفير بالصوم فقال لا يجوز قبل الحنث لأنه عبادة بدنية فلا يجوز تقديمها قبل وقتها كالصلاة وقال أبو حنيفة وأصحابه وأشهب من المالكية بعدم جواز تقديمها على الحنث مطلقاً .


سابعاً : أما الأدلة فقد جاءت كما يلي :
فكفر عن يمينك وائت الذي هو خير
الرواية الثانية : وائت الذي هو خير وكفر عن يمينك
الرواية الثالثة : فكفر عن يمينك ثم ائت الذي هو خير
وهذه الرواية الأخيرة دالة على جواز تقديم التكفير على الحنث لقوله فكفر عن يمينك وائت الذي هو خير وهي دليل الجمهور وهناك مسألة أخرى في حديث أبي موسى حينما جاءوا إلى النبي ﷺ يستحملونه ولم يكن عنده شيء من الإبل فحلف ألا يحملهم لأنه لا يجد ما يحملهم عليه فجاءت إبل من إبل الصدقة فأرسل إليهم يدعوهم وأعطاهم ست قلائص غر الذرى فلما خرجوا من عنده قال أبو موسى لأصحابه والله لا نصيب خيراً فقد استغفلنا رسول الله عن يمينه فرجعوا وأخبروه فقال والله إني لا أحلف على يمين فأرى غيرها خيراً منها إلا كفرت عن يميني وأتيت الذي هو خير ويحتمل أنه أرسل إليهم قبل التكفير وعلى هذا فالذي يترجح عندي أن العزم على الحنث بمنزلة الحنث توضيحه أن النبي ﷺ حلف ألا يحملهم في حالة كونه لا يجد ما يحملهم عليه فلما وجد بوجود إبل الصدقة عند ذلك عزم على الحنث وأرسل إليهم فحملهم وهذا هو القول الصواب في نظري


ثامناً : ما معنى الحنث ؟ الحنث هو وقوع خلاف ما حلف عليه أي مخالفة جهة اليمين فحينما حلف ألا يحملهم وأرسل إليهم فحملهم ولعله قد كفر قبل أن يرسل إليهم ومن هنا نقول أن الحنث هو مخالفة اليمين ومعنى الحنث الإثم فإنه إذا خالف يمينه من غير أن يكفر أثم والخروج من الإثم بالتكفير عن اليمين


تاسعاً : ما هي كفارة اليمين ؟ كفارة اليمين أربعة أمور ثلاثة منها مرتبة وهي المذكورة في قوله تعالى ( وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ ) فبدأ الله عز وجل بالأسهل وهو إطعام عشرة مساكين ثم أتبعه بما هو أعلى وأصعب وهو كسوة المساكين العشرة ثم أتبعه بعتق الرقبة ثم قال ( فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ ) [ المائدة : 89 ] فجعل الصيام مرتباً بعد الثلاثة ويكفر به عند عدم وجود الثلاث المذكورة وبالله التوفيق .



--------

تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 5 ]

[ المجلد الخامس ]

http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam5.pdf (http://subulsalam.com/site/kutub/AhmedNajmi/08TassisAhkam5.pdf)

الرابط المباشر لتحميل الكتاب :

http://subulsalam.com/play.php?catsmktba=9384

ام عادل السلفية
06-03-2016, 01:53PM
بسم الله الرحمن الرحيم





تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام

للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -


الحديث الثاني :
عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال قال رسول الله ﷺ إني والله إن شاء الله لا أحلف على يمين فأرى غيرها خيراً منها إلا أتيت الذي هو خير وتحللتها


موضوع الحديث:
أفضلية تكفير اليمين والرجوع عن الاستمرار فيها


المفردات
قوله لا أحلف على يمين المقصود بالحلف هو اليمين وإنما أراد لا أحلف على شيء يميناً فأرى غيرها خيراً منها إلا أتيت الذي هو خير
قوله خيراً منها : أي خيراً من الاستمرار فيها بحيث أعزم على تحنيث نفسي وتحللي من اليمين لكي آتي الذي هو خير


المعنى الإجمالي
أن النبي ﷺ أخبر عن نفسه بأنه إذا حلف على يمين ثم بعد ذلك رأى أن الخير في عدم الاستمرار عليها تركها بترك ما حلف عليه وكفرها وأتى الذي هو خير


فقه الحديث
أولاً : أن هذا الحديث قد ورد على سبب كما تقدم في شرح الحديث قبل هذا وهو أن أبا موسى الأشعري رضي الله عنه أتى إلى النبي ﷺ هو وجماعة معه يستحملونه أي يطلبون منه أن يحملهم فقال والله لا أحملكم ولا أجد ما أحملكم عليه فذهبوا وبعد أن ذهبوا أرسل في أثرهم حين أتته إبل الصدقة فأعطاهم ست قلانص أو خمس ذكر في صفتها أنها غر الذرى والذرى جمع ذروة وهي سنام البعير فحملهم عليها قال أبو موسى فلما خرجنا من عند النبي ﷺ قلت لأصحابي والله لا نصيب خيراً فقد استغفلنا رسول الله يمينه فرجعنا إلى النبي ﷺ فقلنا يا رسول الله إنا جئناك أولاً فحلفت ألا تحملنا ثم أرسلت في أثرنا وحملتنا فلما خرجنا قلت لأصحابي والله لا نفلح وقد استغفلنا رسول الله يمينه فرجعنا إليك أو كما قال أبو موسى فقال رسول الله ﷺ الحديث الموجود هنا ( إني والله إن شاء الله لا أحلف على يمين … ) الحديث


ثانياً : يؤخذ منه أن الحلف على الشيء لا يعتبر شيئاً مانعاً لا يجوز خلافه بل يجوز أن تعزم على الحنث فتحنث نفسك وتأتي الذي هو خير ثم تتحلل يمينك أو تكفر يمينك ثم تأتي الذي هو خير


ثالثاً : يؤخذ منه جواز التأكيد بقوله إن شاء الله بعد اليمين إذا كان للتبرك وإنه في هذه الحالة لا يرفع حكم اليمين ويجوز الاستثناء باليمين بقصد إبطال حكمها ولكن بشرط أن يكون الاستثناء متصلاً وسيأتي بحث الاستثناء في الحديث بعده


رابعاً : أنه يجوز التحلل من اليمين بعمل الكفارة لقوله وتحللتها وقد خالف في ذلك بعض أهل العلم في هذه المسألة أي في جواز الحنث قبل التكفير وبذلك قال أبو حنيفة أي قال بعدم جواز الحنث قبل التكفير والقول الأول أصح لورود الحديث بذلك وقد قلنا أن القول الصحيح جواز الحنث قبل تحلل اليمين بالكفارة فهو إذا عزم على ذلك وبقيت الكفارة فحينئذ يجب عليه أن يؤديها وقد ترجم البخاري على باب الكفارة قبل الحنث وبعده وبالله التوفيق.



--------

تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 5 ]

[ المجلد الخامس ]

http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam5.pdf (http://subulsalam.com/site/kutub/AhmedNajmi/08TassisAhkam5.pdf)

الرابط المباشر لتحميل الكتاب :

http://subulsalam.com/play.php?catsmktba=9384

ام عادل السلفية
08-03-2016, 09:58PM
بسم الله الرحمن الرحيم





تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام

للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -


الحديث الثالث :
عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : قال رسول الله ﷺ إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم
وفي رواية لمسلم من كان حالفاً فليحلف بالله أو ليصمت
وفي رواية قال عمر والله ما حلفت بها منذ سمعت رسول الله ﷺ ذاكراً ولا آثراً . يعني ما ما حلفت حاكياً عن غيري أنه حلف بها


موضوع الحديث :
تحريم الحلف بغير الله كالآباء وغيرهم


المفردات
من كان حالفاً فليحلف بالله أو ليصمت : يعني ليسكت
قوله ذاكراً ولا آثراً : أي ما حلفت بغير الله متعمداً ولا حاكياً ذلك عن غيري


المعنى الإجمالي
سمع رسول الله ﷺ عمر بن الخطاب رضي الله عنه وهو يحلف بأبيه فقال ورأس أبي فناداهم النبي ﷺ رافعاً صوته إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم


فقه الحديث
أولاً : يؤخذ من الحديث تحريم الحلف بغير الله عز وجل وأنه لا يجوز لأحد أن يحلف بغير الله
وهل النهي هنا يقتضي التحريم أو الكراهة ؟
صرح بعض القدماء بالكراهة أي كراهة التنـزيه والقول الصحيح أن ذلك محرم ويؤخذ التحريم من كونه ﷺ أخبر أن الله نهى عن ذلك ولا ينهى الله عز وجل عن شيء نهياً معزوماً عليه إلا وهو محرم

ثانياً : ومما يستفاد منه تأكيد التحريم أن النبي ﷺ ناداهم رافعاً صوته بقوله يا أيها الناس إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم فمن كان حالفاً فليحلف بالله أو ليصمت


ثالثاً : يؤخذ منه أن الحلف بالمخلوق تعظيم له ولا ينبغي أن يعظم مع الله عز وجل أحد


رابعاً : بلغني أن أقواماً من الناس يتجرئون على الحلف بالله ولا يتجرئون على الحلف بغيره فإذا أتهم أحدهم بشيء وطلب منه يمين البراءة حلف على ذلك بالله وإذا قيل له احلف بالولي الفلاني أبى وتلعثم ورفض الحلف به وهذا كفر يخرج من الملة لأن من عظم غير الله كتعظيم الله أو أكثر من ذلك فإن عمله هذا يخرجه من الملة


خامساً : الحلف بغير الله يعتبر من الشرك الأصغر الذي لا يخرج من الإسلام بدليل أن المسلمين كانوا في أول الإسلام يحلفون بالكعبة ويحلفون بالنبي ﷺ ويحلفون بآبائهم ثم أن الله حرم عليهم ذلك فلو كان الحلف بغير الله يعد من الشرك الأكبر المخرج من الإسلام لم يفعله المسلمون في أول إسلامهم وذلك دليل أنه من الشرك الأصغر وفي الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله ﷺ إن الله جل ذكره أذن لي أن أحدث عن ديك قد مرقت رجلاه الأرض وعنقه مثني تحت العرش وهو يقول سبحانك ما أعظمك ربنا فيرد عليه ما علم ذلك من حلف بي كاذبا )


سادساً : لا تنافي بين كونه من الشرك الأصغر وبين جعل بعض أنواعه شركاً أكبر مخرجاً من الملة فإنما حكم على ذلك النوع بأنه شرك أكبر مخرج من الملة لأن الحالف عظم فيه المخلوق أكثر من تعظيمه لله عز وجل


سابعاً : يؤخذ من قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه فما حلفت بها بعد ذلك ذاكراً ولا آثراً وذلك يدل على أن الصحابة رضوان الله عليهم كانوا وقافين عند الأوامر والنواهي ممتثلين لها فعلاً وتركاً وذلك دليل على عمق إيمانهم رضي الله عنهم ولعنة الله على من سبهم وتنقصهم وبالله التوفيق .



--------

تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 5 ]

[ المجلد الخامس ]

http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam5.pdf (http://subulsalam.com/site/kutub/AhmedNajmi/08TassisAhkam5.pdf)

الرابط المباشر لتحميل الكتاب :

http://subulsalam.com/play.php?catsmktba=9384

ام عادل السلفية
13-03-2016, 07:36PM
بسم الله الرحمن الرحيم




تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام

للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -



الحديث الرابع : عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي ﷺ قال قال سليمان بن داود عليهما السلام لأطوفن الليلة على سبعين امرأة تلد كل امرأة منهن غلاماً يقاتل في سبيل الله فقيل له قل إن شاء الله فلم يقل فلم تلد منهن إلا امرأة واحدة نصف إنسان قال فقال رسول الله ﷺ لو قال إن شاء الله لم يحنث وكان ذلك دركاً لحاجته )
قوله قيل له قل إن شاء الله يعني قال له الملك


موضوع الحديث :
الاستثناء في اليمين


المفردات
سليمان بن داود عليهما السلام هو نبي وأبوه نبي وكان بعد موسى بحوالي ألف سنة وقبل عيسى بحوالي تسع مائة سنة أما ترجمة سليمان فمن أرادها مبسوطة وكذلك ترجمة أبيه ففي كتاب البداية والنهاية لابن كثير رحمه الله ترجمة لكل منهما
قوله لأطوفن : اللام لام قسم أي والله لأطوفن
قوله سبعين امرأة وفي رواية تسعين امرأة وفي رواية ستين امرأة كل هذه الروايات صحيحة
قوله تلد كل امرأة منهن غلاماً يقاتل في سبيل الله : هذا إخبار عما يعتقده ذلك النبي إذ يعتقد ويقصد بالزواج ومجامعة النساء تكثير الأولاد ليجاهدوا أهل الكفر الذين كانوا في ذلك الزمن
فقيل له قل إن شاء الله : هذا تذكير من الملك لنبي الله سليمان
فلم يقل : يعني أنه نسي وقد أنساه الله عز وجل ليتم فيه القدر
فطاف بهن : أي جامعهن
فلم تلد منهن إلا امرأة واحدة نصف إنسان فقال رسول الله ﷺ لو قال إن شاء الله لم يحنث وكان ذلك دركاً لحاجته
قوله دركاً لحاجته : أي كان سبباً في إدراكها


المعنى الإجمالي
المعنى الإجمالي لهذا الحديث هو أن سليمان عليه السلام قال لجليسه إما أن يكون الملك وإما أن يكون وزيراً له لأطوفن الليلة على سبعين امرأة أخبر أنه سيجامعهن جميعاً تلد كل امرأة منهن غلاماً يقاتل في سبيل الله فقيل له قل إن شاء الله أي أن جليسه ذلك ذكره بالاستثناء فلم يقل فطاف بهن أي دار عليهن جميعاً وجامعهن كلهن فلم تلد منهن إلا امرأة واحدة نصف إنسان أو شق إنسان وقد أخبر النبي ﷺ أنه لو قال إن شاء الله لما حنث في يمينه ولكان ذلك سبباً لإدراك حاجته .


فقه الحديث
أولاً : يؤخذ من هذا الحديث عمل المباح لغرض ديني إذ أن سليمان عليه السلام قصد بدورانه على هذه العدة من النساء قصد بذلك أنه يكون سبباً في وجود الولد أو في وجود الأولاد الذين يجاهدون في سبيل الله وتكثيرهم


ثانياً : يؤخذ منه ما كان عليه الأنبياء من علو المقاصد إذ أن سليمان عليه السلام لم يرد وجود الأولاد من أجل الدنيا وإنما أراد ذلك من أجل الجهاد في سبيل الله


ثالثاً : أنه يجوز للمسلم التحدث بمثل هذا الذي يكون فيه إجمال إذا كان لحاجة أما بدون حاجة فإنه لا يجوز وقد قال النبي ﷺ كما في حديث أَسْمَاءُ بِنْتُ يَزِيدَ أَنَّهَا كَانَتْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَالرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ قُعُودٌ عِنْدَهُ فَقَالَ لَعَلَّ رَجُلا يَقُولُ مَا يَفْعَلُ بِأَهْلِهِ وَلَعَلَّ امْرَأَةً تُخْبِرُ بِمَا فَعَلَتْ مَعَ زَوْجِهَا فَأَرَمَّ الْقَوْمُ فَقُلْتُ إِي وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهُنَّ لَيَقُلْنَ وَإِنَّهُمْ لَيَفْعَلُونَ قَالَ فَلا تَفْعَلُوا فَإِنَّمَا ذَلِكَ مِثْلُ الشَّيْطَانِ لَقِيَ شَيْطَانَةً فِي طَرِيقٍ فَغَشِيَهَا وَالنَّاسُ يَنْظُرُونَ )


رابعاً : يؤخذ من هذا الحديث أن المسلم إذا أراد أمراً ولو كان الأمر خيراً فإنه ينبغي له أن يقول إن شاء الله أولاً تأدباً مع الله وأن كل شيء لا يتم إلا بمشيئته والله سبحانه وتعالى قد قال في كتابه مؤدباً نبيه ﷺ ( وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا إِلا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ ) [ الكهف : 23 – 24 ] وثانياً : إن الاستثناء سبب في إدراك الحاجة التي يريدها لأن النبي ﷺ قال لو قال إن شاء الله لم يحنث وكان ذلك دركاً لحاجته


خامساً : اختلف أهل العلم في الاستثناء بعد اليمين وبعد الطلاق وبعد العتق هل يجوز ويرفع حكم ما سبقه في كل ذلك أم أنه لا يرفع إلا حكم اليمين فقط ؟


قال ابن الملقن في شرح العمدة أما إذا استثنى في الطلاق والعتق وغير ذلك سوى اليمين بالله فقال أنت طالق إن شاء الله أو أنت حر إن شاء الله أو أنت عليّ كظهر أمي إن شاء الله وما أشبه ذلك فمذهب الشافعي والكوفيين وأبي ثور صحة الاستثناء في جميع ذلك كما أجمعوا عليها في اليمين بالله فلا يحنث في طلاق ولا عتق ولا ينعقد ظهاره ولا نذره ولا إقراره ولا غير ذلك مما يتصل به قول إن شاء الله وقال مالك والأوزاعي لا يصح الاستثناء في شيء من هذا إلا باليمين بالله تعالى ، وقال الحسن يصح فيها وفي العتق والطلاق خاصة وقال الشيخ تقي الدين فرق مالك بين الطلاق واليمين بالله تعالى وإيقاعه الطلاق بخلاف اليمين بالله لأن الطلاق حكم قد شاءه الله تعالى مشكل جداً ) أهـ


سادساً : القول الصحيح في الاستثناء أنه يشترط فيه أن يكون متصلاً بالكلام إلا إذا طال الفصل أو أخذ في كلامٍ غيره ثم بعد ذلك استثنى فإنه لا يتم الاستثناء بهذه الصفة
وينعقد الاستثناء إذا كان متصلاً بالكلام بدون فاصل دليله أن النبي ﷺ لما ذكر لا يُخْتَلَى خَلاهَا وَلا يُعْضَدُ شَجَرُهَا وَلا يُنَفَّرُ صَيْدُهَا وَلا تُلْتَقَطُ لُقَطَتُهَا إِلا لِمُعَرِّفٍ فقَالَ الْعَبَّاسُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِلا الإِذْخِرَ لِصَاغَتِنَا وَقُبُورِنَا فَقَالَ إِلا الإِذْخِرَ )


سابعاً : يؤخذ منه أن الأنبياء والرسل منحهم الله طاقة بشرية عالية وفي هذا الحديث أن النبي ﷺ أخبر أن سليمان عليه السلام طاف على سبعين امرأة أو تسعين امرأة في تلك الليلة والنبي ﷺ طاف على نسائه التسع ليلة بات بذي الحليفة وفي هذا دليل على أن الأنبياء منحهم الله عز وجل طاقة قوية في الجماع


ثامناً : يؤخذ منه التأدب باستعمال الألفاظ التي لا يكون فيها بشاعة فقد قال سليمان ( لأطوفن الليلة ولم يقل لأجامعن فكان في استعماله بهذا اللفظ تعبير حسن
وبالله التوفيق



--------

تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 5 ]

[ المجلد الخامس ]

http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam5.pdf (http://subulsalam.com/site/kutub/AhmedNajmi/08TassisAhkam5.pdf)

الرابط المباشر لتحميل الكتاب :

http://subulsalam.com/play.php?catsmktba=9384

ام عادل السلفية
14-03-2016, 05:58PM
بسم الله الرحمن الرحيم





تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام

للعلامة : احمد النجمي
-رحمه الله -



الحديث الخامس :
عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال : قال رسول الله ﷺ ( من حلف على يمينٍ صبرٍ يقتطع بها مال امرئ مسلم هو فيها فاجر لقي الله وهو عليه غضبان ونزلت ( إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلاً ) إلى آخر الآية


موضوع الحديث :
اليمين الغموس التي يقتطع بها مال المسلم


المفردات
من : اسم شرط
جملة حلف : فعل الشرط
على يمين : المقصود هنا المحلوف عليه
على يمينٍ صبر : كلمة صبر أي مصبورة بمعنى أنه حبس نفسه عليها أي على فعلها
ورد بالتنوين على يمين صبرٍ وورد بالإظافة على يمينِ صبر وسميت صبراً لأنه تجرأ عليها وأطاع الشيطان وعصى الله فيها
قوله يقتطع بها : هذه صفة لليمين يقتطع بها مال امرئ مسلم
قوله هو فيها فاجر : صفة أخرى لليمين أي أنه كاذب فيها
لقي الله : هذا الفعل هو جواب الشرط وجزاءه
لقي الله وهو عليه غضبان : الواو واو الحال والجملة بعده حالية وهو أي الحال أن الله عليه غضبان
وهذه اليمين هي ما تسمى باليمين الغموس
قوله ونزلت إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمناً قليلاً إلى آخر الآية


المعنى الإجمالي
اليمين الفاجرة هي اليمين على دعوى كاذبة يدعيها مسلم على مسلم قل نصيبه من الله وخفت بضاعته من الإيمان فرغب في الدنيا وزهد في الآخرة وحلف على شيء لهذا مالي أو حقي وليس ماله ولا حقه فإنه متوعد بهذا الوعيد وهو قول الله عز وجل ( إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلاً أُولَئِكَ لا خَلاقَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ وَلا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ) حتى ولو كان المحلوف عليه شيئاً يسيراً فقد جاء في الحديث أيضاً ( عَنْ أَبِي أُمَامَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ مَنْ اقْتَطَعَ حَقَّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ بِيَمِينِهِ فَقَدْ أَوْجَبَ اللَّهُ لَهُ النَّارَ وَحَرَّمَ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ وَإِنْ كَانَ شَيْئًا يَسِيرًا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ وَإِنْ كان قَضِيبًا مِنْ أَرَاكٍ )


فقه الحديث
يؤخذ من الحديث
أولاً : تحريم اليمين الغموس وهي اليمين على دعوى كاذبة يدعيها العبد في مال غيره


ثانياً : هذه اليمين عظيمة لأنها موجبة لغضب الله عز وجل ومعنى عظيمة أي فضيعة آثارها على العبد سيئة عواقبها عليه كريهة ونسأل الله العفو والعافية


ثالثاً : إنما كان ذلك لأن حرمة مال المسلم عظيمة وأخذها بغير حق جريمة


رابعاً : اختلف أهل العلم في تكفير اليمين الغموس هل تكفر أو لا تكفر والقول الصحيح أنها لا تكفر لأن تكفير اليمين إنما يتعلق بيمين يحلف على شيء مستقبل والله لأفعلن كذا أو والله لا أفعل كذا فإذا رأى الحالف أن البر في ترك هذه اليمين وما تقتضيه كفر عنها وأتى الذي هو خير أما اليمين الغموس فهي يمين على شيء مضى بأن يحلف بأن هذا مالي فيدعيه له وهو ليس له سواء كانت سلعة أو داراً أو عقاراً حتى ولو كان سوطاً فإنه يستحق هذا الوعيد وقد اختلف الأئمة في جواز تكفير اليمين الغموس أو عدم جواز ذلك
فالشافعي أجاز تكفيرها والثلاثة منعوا ذلك وهم مالك وأحمد وأبو حنيفة وقول الثلاثة هنا هو الحق


خامساً : يؤخذ من قوله يقتطع بها مال امرئ مسلم التشنيع على الحالف حيث أنه لا يجوز أن يقتطع مال أخيه المسلم بغير حق وإذا كان لا يجوز له أخذ مال الكافر بغير حق فإن أخذ مال المسلم أشد


سادسا : وإذا كان في ذلك دليل على حرمة مال المسلم فإنه من باب أولى دليل على حرمة دمه وعرضه إلا ما قصد به بيان حق أو دفع باطل


سابعا : الوعيد في هذه الاية وعيد شديد (إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلاً ) المراد بالثمن القليل الدنيا بأسرها فإذا استبدلت الثمن القليل بأن تحلف بالله عز وجل فاجراً عليه فإنك حينئذ قد غبنت أشد الغبن واقرأ كامل الآية واسمع ماذا يقول ربك عز وجل ( أُولَئِكَ لا خَلاقَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ وَلا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ) [ آل عمران : 77 ] وعيد ترتعد له المفاصل وتختلج له الأعضاء ممن يخاف الله عز وجل نسأل الله أن يجعلنا ممن يخافه


ثامنا : قال ابن الملقن هذه الآية يدخل فيها الكفر فما دونه من جحد حقوق ونحوها وكل أحد يأخذ من وعيدها على قدر جريمته وهذا كلام جيد حسن مهما كانت الحقوق التي جحدها العبد


تاسعا : أن حكم الحاكم إذا حكم لك بمال غيرك بناءً على اليمين فإن هذا الحكم لا يبيح لك مال الغير والأمر يبقى على حقيقته أي أن ما أخذته باليمين الكاذبة فهو حرام عليك أخذه وبذلك قال الشافعي ومالك وأحمد والجمهور خلافاً لأبي حنيفة
أما قول أبي حنيفة بأن ما حكم به الحاكم يباح أخذه للمحكوم له فهذا قول ضعيف لا يلتفت إليه وقد قال النبي ﷺ ( إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ وَإِنَّكُمْ تَخْتَصِمُونَ إِلَيَّ وَلَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَنْ يَكُونَ أَلْحَنَ بِحُجَّتِهِ مِنْ بَعْضٍ وَأَقْضِيَ لَهُ عَلَى نَحْوِ مَا أَسْمَعُ فَمَنْ قَضَيْتُ لَهُ مِنْ حَقِّ أَخِيهِ شَيْئًا فَلا يَأْخُذْ فَإِنَّمَا أَقْطَعُ لَهُ قِطْعَةً مِنْ النَّارِ ) وبالله تعالى التوفيق .



--------

تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 5 ]

[ المجلد الخامس ]

http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam5.pdf (http://subulsalam.com/site/kutub/AhmedNajmi/08TassisAhkam5.pdf)

الرابط المباشر لتحميل الكتاب :

http://subulsalam.com/play.php?catsmktba=9384

ام عادل السلفية
14-03-2016, 06:06PM
بسم الله الرحمن الرحيم





تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام

للعلامة : احمد النجمي
-رحمه الله -



الحديث السادس :
عن الأشعث بن قيس الكندي رضي الله عنه قال : كان
بيني وبين رجل خصومة في بئر فاختصمنا إلى رسول الله ﷺ فقال رسول الله ﷺ شاهداك أو يمينه . قلت إذاً يحلف ولا يبالي فقال رسول الله ﷺ من حلف على يمين صبر يقتطع بها مال امرئ مسلم هو فيها فاجر لقي الله عز وجل وهو عليه غضبان


موضوع الحديث :
اليمين الغموس


المفردات
خصومة في بئر : أي بسببها
قوله شاهداك أو يمينه : شاهداك خبر لمبتدأ محذوف تقديره المطلوب أو المعتبر شاهداك أو يمينه
قلت إذاً يحلف : أي إذا كان الأمر هكذا فسيحلف لعدم المبالاة
قوله ولا يبالي : يعني أنه لا يبالي ما الإثم في ذلك
فقال رسول الله ﷺ من حلف على يمين صبر يقتطع بها مال امرئ مسلم هو فيها فاجر لقي الله عز وجل وهو عليه غضبان
من : اسم شرط جازم وحلف فعل الشرط
على يمين صبر : أي يمين مصبورة ومعنى مصبورة أي يحبس نفسه على حلفها
يقتطع بها مال امرئ مسلم : هذه صفة ثانية لليمين
هو فيها فاجر : صفة ثالثة
لقي الله عز وجل وهو عليه غضبان :هذا جواب الشرط وجزائه


المعنى الإجمالي
هذا الحديث تضمن قصة وهو أن الأشعث بن قيس تشاجر مع خصم له في بئر واحتكما إلى رسول الله ﷺ فقال رسول الله ﷺ شاهداك أو يمينه فظن الأشعث أن خصمه يحلف ولا يبالي فأخبر رسول الله ﷺ فقال رسول الله ﷺ من حلف على يمين صبر .. إلخ الحديث


فقه الحديث
بعض فقه هذا الحديث قد تقدم في الحديث قبله وهنا سأذكر ما لم يذكر هناك واختص بذكره هذا الحديث فأقول :
أولاً : يؤخذ من قوله شاهداك أو يمينه حصر أسباب الحكم في شيئين أحدهما : أن تأتي أنت أيها المدعي بشاهدين عدلين يشهدان لك بصحة ما ادعيت
وثانيهما : أن تعجز عن إقامة البينة فيحلف المدعى عليه على نفي ما ادعيت


ثانياً : يؤخذ من الحديث أن المدعي إذا أثبت دعواه ببينة استحق الحكم ويلتحق بذلك أنه يشترط في البينة أن تكون عادلة وأن تكون الشهادة على مقتضى الادعاء وأن يؤتى على كل شاهد بشاهدي عدل يشهدان بعدالة كل واحد منهم فإذا حصل ذلك استحق المدعي الحكم له بما ادعاه .


ثالثاً : إذا انعدمت البينة فله على الخصم اليمين على نفي دعوى المدعي وبذلك يحكم بالسلعة المدعى فيها للمدعي عليه إذا حلف


رابعاً : ظاهر هذا الحديث أن هذه هي طريقة الحكم لا غير ولكن ورد عن النبي ﷺ الحكم بشهادة واحد ويمين المدعي وقد أخذ بهذا جمهور أهل العلم وأبى أبو حنيفة فلم يقل بذلك الحديث


خامساً : تدل فدلكة القصة أن من ادعى شيئاً أي شيء كان فعليه أن يثبت دعواه وإن لم يثبت بالبينة فعلى المدعى عليه يمين البراءة ولا يختص ذلك بالأموال بل يدخل في ذلك الدعاوي في الأعراض فمن ادعى على شخص أنه رماه في عرضه وأنكر المدعى عليه فعلى المدعي إحضار بينة بذلك فإن عجز فعلى المدعى عليه اليمين أنه لم يفعل ذلك


سادساً : أنه إذا حلف على النفي كاذباً وقد وقع منه استحق هذا الوعيد ولا تختص المسألة بالدعوي المالية وبالله التوفيق .


--------

تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 5 ]

[ المجلد الخامس ]

http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam5.pdf (http://subulsalam.com/site/kutub/AhmedNajmi/08TassisAhkam5.pdf)

الرابط المباشر لتحميل الكتاب :

http://subulsalam.com/play.php?catsmktba=9384

ام عادل السلفية
17-03-2016, 01:31PM
بسم الله الرحمن الرحيم





تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام

للعلامة : احمد النجمي
-رحمه الله -


الحديث السابع :
عن ثابت بن الضحاك الأنصاري رضي الله عنه أنه بايع رسول الله ﷺ تحت الشجرة وأن رسول الله ﷺ قال من حلف على يمين بملة غير الإسلام كاذباً متعمداً فهو كما قال ومن قتل نفسه بشيء عذب به يوم القيامة وليس على رجل نذر فيما لا يملك
وفي رواية ولعن المؤمن كقتله
وفي رواية ومن ادعى دعوى كاذبة ليتكثر بها لم يزده الله عز وجل إلا قلة


موضوع الحديث :
جمع الحديث مجموعة من المناهي رهب منها ليزجر عن الوقوع فيها


المفردات
قوله بايع رسول الله ﷺ تحت الشجرة : المقصود بها شجرة الحديبية
قوله من حلف على يمين : الظاهر أن المقصود من حلف يميناً لأن الحلف هو اليمين وسبق أن الحلف سمي يميناً لأنهم كانوا إذا تحالفوا مد كل واحد منهم يمينه
قوله بملة غير الإسلام : يقصد بها الملل المنسوخة كاليهودية والنصرانية لأن هذه الملل قد نسخت وبقي أقوام متشبثين بها
قوله كاذباً متعمداً : وصفان منصوبان على الحال أي حال كونه كاذباً متعمداً
قوله فهو كما قال : أي من حلف بملة غير الإسلام بأن قال إن فعل كذا فهو يهودي أو قال إن لم يفعل كذا فهو نصراني
قوله فهو كما قال : يعني أنه إذا حنث في يمينه تلك فإنه يكون كما ألتزم على نفسه والظاهر من الحديث أنه يخرج من الإسلام ويكون متصفاً بالملة التي حلف بها والعياذ بالله .



قوله ومن قتل نفسه بشيء عذب به يوم القيامة : أي أنه سيعذب به يوم القيامة وظاهر هذا الحديث السكوت عن البرزخ والظاهر أن العذاب متصل عليه وقد قال النبي ﷺ كما في حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ مَنْ تَرَدَّى مِنْ جَبَلٍ فَقَتَلَ نَفْسَهُ فَهُوَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ يَتَرَدَّى فِيهِ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا وَمَنْ تَحَسَّى سُمًّا فَقَتَلَ نَفْسَهُ فَسُمُّهُ فِي يَدِهِ يَتَحَسَّاهُ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا وَمَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِحَدِيدَةٍ فَحَدِيدَتُهُ فِي يَدِهِ يَجَأُ بِهَا فِي بَطْنِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا
وقوله وليس على رجل نذر فيما لا يملك : أي أنه لا تلزمه كفارة إذا حنث لأنه لا يملك ما نذر به وفي رواية لعن المؤمن كقتله أي لعن المؤمن شديد كشدة القتل
قوله ومن ادعى دعوى كاذبة ليتكثر بها لم يزده الله بها إلا قلة : أي أن الله سبحانه وتعالى يعامله بنقيض قصده فهو حين يكذب ليتكثر أي ليكثر ماله يعاقب بالقلة كما جاء في الحديث المذكور سابقاً ( مَا أَحَدٌ أَكْثَرَ مِنْ الرِّبَا إِلا كَانَ عَاقِبَةُ أَمْرِهِ إِلَى قِلَّةٍ ) لأنه أراد أن يتكثر بالحرام


المعنى الإجمالي
ذكر النبي ﷺ في هذا الحديث عدة مناهي ليزجر الناس عن الوقوع فيها فمنها الحلف بملة غير الإسلام ومنها أن من قتل نفسه بشيء عذب به وأن من نذر في مال غيره فإن نذره يبطل ولا تلزمه كفارة وأن لعن المؤمن في عظمه وفضاعته كقتله وأن من ادعى دعوى كاذبة ليتكثر بها عاقبه الله عز وجل بالفقر والقلة نسأل الله العافية


فقه الحديث
يؤخذ من هذا الحديث عدة مسائل
أولاً : تحريم الحلف بملة غير الإسلام كأن يقول الشخص إن لم يفعل كذا فهو يهودي أو إن فعل كذا فهو نصراني فيؤخذ منه تحريم الحلف بملة غير الإسلام


ثانياً : ظاهر الحديث أنه إذا فعل ذلك كاذباً متعمداً وحنث في حلفه ذلك فهو كما قال أي أن الله عز وجل يلزمه ما ألزم نفسه به


ثالثاً : أن من قتل نفسه بشيء عذب به وقد ورد في الحديث تفسيراً لهذا بأن من قتل نفسه بحديدة فحديدته في يده يتوجأ بها في نار جهنم خالداً مخلداً ومن تحسى سماً فسمه في يده يتحساه خالداً مخلداً إلى غير ذلك


رابعاً : يؤخذ من هذه الجملة في هذا الحديث أن نفس الإنسان ليست له وإنما هي ملك لله عز وجل فلا يجوز له أن يتبرع بعضو من أعضاء نفسه لأنه لا يملكها ولذلك فإنه عوقب على قتله لنفسه


خامساً : أن من نذر نذراً في مال غيره فإن نذره ذلك يكون باطلاً فلو نذر زيد أن يعتق عبد عمرو فإنه لا يجوز له تنفيذ ذلك وهل تجب عليه الكفارة أم لا ؟
الظاهر أنه لا تجب عليه الكفارة والدليل على ذلك حديث قصة المرأة التي أسرت من ( الأَنْصَارِ وَأُصِيبَتْ الْعَضْبَاءُ فَكَانَتْ الْمَرْأَةُ فِي الْوَثَاقِ وَكَانَ الْقَوْمُ يُرِيحُونَ نَعَمَهُمْ بَيْنَ يَدَيْ بُيُوتِهِمْ فَانْفَلَتَتْ ذَاتَ لَيْلَةٍ مِنْ الْوَثَاقِ فَأَتَتْ الإِبِلَ فَجَعَلَتْ إِذَا دَنَتْ مِنْ الْبَعِيرِ رَغَا فَتَتْرُكُهُ حَتَّى تَنْتَهِيَ إِلَى الْعَضْبَاءِ فَلَمْ تَرْغُ قَالَ وَنَاقَةٌ مُنَوَّقَةٌ فَقَعَدَتْ فِي عَجُزِهَا ثُمَّ زَجَرَتْهَا فَانْطَلَقَتْ وَنَذِرُوا بِهَا فَطَلَبُوهَا فَأَعْجَزَتْهُمْ قَالَ وَنَذَرَتْ لِلَّهِ إِنْ نَجَّاهَا اللَّهُ عَلَيْهَا لَتَنْحَرَنَّهَا فَلَمَّا قَدِمَتْ الْمَدِينَةَ رَآهَا النَّاسُ فَقَالُوا الْعَضْبَاءُ نَاقَةُ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَقَالَتْ إِنَّهَا نَذَرَتْ إِنْ نَجَّاهَا اللَّهُ عَلَيْهَا لَتَنْحَرَنَّهَا فَأَتَوْا رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فَذَكَرُوا ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ سُبْحَانَ اللَّهِ بِئْسَمَا جَزَتْهَا نَذَرَتْ لِلَّهِ إِنْ نَجَّاهَا اللَّهُ عَلَيْهَا لَتَنْحَرَنَّهَا لا وَفَاءَ لِنَذْرٍ فِي مَعْصِيَةٍ وَلا فِيمَا لا يَمْلِكُ الْعَبْدُ وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ حُجْرٍ لا نَذْرَ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ ) ولم يأمرها بكفارة فدل ذلك على أنه ليس على الناذر كفارة


سادساً : يؤخذ من قوله ولعن المؤمن كقتله تحريم لعن المؤمن لأن اللعن طرد من رحمة الله ولا يجوز أن يُدعى على المؤمن بالطرد من رحمة الله عز وجل


سابعاً :شبة النبي ﷺ لعن المؤمن بقتله وكأن التشبيه هذا تشبيه في الفضاعة والقبح فكما أن قتل المؤمن فضيع في غاية الفضاعة ويستحق فاعله الوعيدات الخمسة المذكورة في الآية وهو قول الله تعالى (وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا) [ النساء : 93 ]


ثامناً : أن هذا الذنب وهو اللعن ذنب عظيم كما أن قتل المؤمن عظيم فلعنه عظيم أيضاً


تاسعاً : يؤخذ من قوله ومن ادعى دعوى كاذبة ليتكثر بها أي ليكثر ماله بها لم يزده الله عز وجل إلا قلة


عاشراً : يؤخذ من هذه الفقرة من الحديث يؤخذ منها أن الجزاء من جنس العمل وقد يعاقب الله عز وجل بالنقيض فكما أن هذا ادعى دعوى كاذبة ليتكثر بها عوقب بالقلة وقد جاء في الحديث عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ ( مَا أَحَدٌ أَكْثَرَ مِنْ الرِّبَا إِلا كَانَ عَاقِبَةُ أَمْرِهِ إِلَى قِلَّةٍ )



--------

تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 5 ]

[ المجلد الخامس ]

http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam5.pdf (http://subulsalam.com/site/kutub/AhmedNajmi/08TassisAhkam5.pdf)

الرابط المباشر لتحميل الكتاب :

http://subulsalam.com/play.php?catsmktba=9384

ام عادل السلفية
17-03-2016, 01:36PM
بسم الله الرحمن الرحيم





تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام

للعلامة : احمد النجمي
-رحمه الله -


باب النذور
النذور جمع نذر يقال نذرت أُنذر أو أَنذر بكسر الذال وضمها قلت والكسر أشهر
قال وهو لغة : الوعد بخير أو شر
وشرعاً : وعد بخير دون شر
قال الماوردي : قال عليه الصلاة والسلام ( لا نذر في معصية الله ) وقال الرافعي هو إلتزام شيء وعبارة غيرهما أنه إلتزام قربة غير لازمة بأصل الشرع وزاد بعضهم مقصودة
قلت : ومعنى مقصودة أي متعبد بها
وأقول : إن الخلط بين نذرت وأنذرت خلط لا ينبغي فإن معنى نذرت أي إلتزمت طاعة لم تكن لازمة عليّ بمحض الشرع ولكن إلتزمتها على نفسي طائعاً مختاراً
أما أنذرت فالإنذار معناه التخويف والتهديد من قادر بشر وقد أخبر الله سبحانه وتعالى أنه أرسل الرسل مبشرين ومنذرين أي ينذروا قومهم بالعذاب إن هم عصوا فقال تعالى (وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ ) [ التوبة : 122 ]فالإنذار من النذارة وهي التخويف والإيعاد بشر
أما النذر فهو كما قلنا إلتزام العبد بطاعة لله لم تكن لازمة عليه بمحض الشرع

الحديث الأول :
عن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه قال قلت يا رسول الله إني كنت نذرت في الجاهلية أن أعتكف ليلة وفي رواية يوماً في المسجد الحرام ؟ قال أوف بنذرك


موضوع الحديث :
وجوب الوفاء بالنذر إذا كان في طاعة ولو كان من كافر فإنه يلزمه الوفاء إذا أسلم


المفردات
قوله إني نذرت :أي إلتزمت بهذه الطاعة وهي اعتكاف ليلة في المسجد الحرام
المسجد الحرام : هو الحرم المكي
قوله أوف بنذرك : هذا أمر والأمر يقتضي الوجوب وعلى هذا فمن نذر بطاعة وهي مستطاعة له وجب عليه الوفاء


المعنى الإجمالي
أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه نذر الإعتكاف ليلة في المسجد الحرام ثم أسلم وبقي في مكة حوالي ثماني سنوات ثم هاجر إلى المدينة وبقي أيضاً في المدينة ثمان سنوات وبعد فتح مكة سأل النبي ﷺ عن هذا النذر فأمره بالوفاء به


فقه الحديث
أولاً : يؤخذ من هذا الحديث أن الكافر إذا نذر بطاعة ثم أسلم ولم يوف بها وجب عليه أن يوفي بها بعد إسلامه


ثانياً : أن الإعتكاف طاعة لله فمن نذر به وجب عليه أن يفي


ثالثاً : أُخذ منه أن الصوم ليس شرطاً في الإعتكاف بناءً على هذه الرواية أن أعتكف ليلة والليل لا صوم فيه


رابعاً : رواية يوماً تدل أن النذر كان بيوم وليلة فتارة ذكر اليوم وتارة ذكرت الليلة


خامساً : أن من نذر بشيء وجب عليه الوفاء به ولو تقادم وقت النذر فعمر بن الخطاب رضي الله عنه أمره النبي ﷺ أن يوفي بنذره بعد ستة عشر عاماً على الأقل


سادساً : أن أهل العلم قد قسموا النذر إلى ثلاثة أقسام
القسم الأول : أن يعلق النذر على وجود نعمة أو اندفاع نقمة كأن ينذر إن شفى الله مريضي أو ردّ ضالتي فلله عليّ كذا وهذا يلزم الوفاء به
القسم الثاني : ما علق على شيء لقصد المنع أو الحث كأن يقول إن كلمت فلاناً فلله عليّ حجة أو إن دخلت بيت فلان فعبيدي عتقاء وهذا ما يسمى بنذر اللجاج والغضب وقد ذهب بعض أهل العلم في هذا إلى أنه مخير بين كفارة اليمين وبين تنفيذ ما إلتزمه
القسم الثالث : ما لم يعلق على شيء وإنما قصد به صاحبه التقرب إلى الله عز وجل وهذا هو النذر المطلق والمشهور وجوب الوفاء به وهذا يسمى أيضاً نذر التبرر


سابعاً : الإعتكاف طاعة وليس من جنسها واجب وإنما هي مستحبة ولا تجب إلا بالنذر كما حصل لعمر رضي الله عنه .


ثامناً : أنه يشترط في وجوب الوفاء بالنذر شرطان :
الشرط الأول : أن يكون المنذور طاعة
الشرط الثاني : أن يكون الوفاء به مستطاعاً للناذر فإن نذر أنه يطير في الهواء بدون آلة أو يعرج إلى السماء فهذا نذر خارج عن الطاقة فلا يلزم الوفاء به وهل يجب فيه كفارة يمين كالنذر الذي يشق الوفاء به هذا محل نظر وبالله التوفيق .



--------

تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 5 ]

[ المجلد الخامس ]

http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam5.pdf (http://subulsalam.com/site/kutub/AhmedNajmi/08TassisAhkam5.pdf)

الرابط المباشر لتحميل الكتاب :

http://subulsalam.com/play.php?catsmktba=9384

ام عادل السلفية
28-03-2016, 04:02PM
بسم الله الرحمن الرحيم





تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام

للعلامة : احمد النجمي
-رحمه الله -




الحديث الثاني :
عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما عن النبي ﷺ أنه نهى عن النذر وقال إنه لا يأتي بخير وإنما يستخرج به من البخيل


موضوع الحديث :
كراهة النذر وأنه لا يجلب خيراً على الناذر وإنما يستخرج به من البخيل


المفردات
نهى عن النذر : النذر قد تقدم الكلام عليه
قوله إنه لا يأتي بخير : بمعنى أن الناذر إذا اعتقد أن الله عز وجل لا يعطيه الشيء الذي طلبه منه إلا بمقابلة النذر فهذا ظن سوء بالله عز وجل لا ينبغي للعبد أن يظنه
معنى يستخرج : أي يؤخذ به من البخيل أي الذي لا يعطي شيئاً إلا بمقابل


المعنى الإجمالي
نهى النبي ﷺ عن النذر لما فيه من تعريض للإنسان نفسه لتثبيط الشيطان له عن الوفاء به حتى يأثم


فقه الحديث
أولاً: يؤخذ من هذا الحديث كراهة النذر وليس المقصود به كل نذر ولكن المقصود به النذر الذي يكون على سبيل المقابلة إن فعل الله بي كذا فلله عليّ كذا وإن صرف الله عني كذا فلله عليّ كذا


ثانياً : لا يعرف في الشريعة طاعة منهي عنها نهى تنزيه إلا النذر وقد استشكل كيف يكون النذر واجب الوفاء به وهو في نفس الوقت مكروه


ثالثاً : إنما جاءت الكراهة في حالة أن يكون العبد معتقداً أن الله لا يعطيه إلا بشيء يبذله هو وهذا ظن يعتبر من ظن السوء الذي حرمه الله عز وجل ونهى عنه وأنّب عليه المنافقين فقال تعالى ( وَظَنَنْتُمْ ظَنَّ السَّوْءِ ) [ الفتح : 12 ] فنعم الله متوالية والعبد مأمور أن يسأل الله عز وجل فالله سبحانه وتعالى سيعطيه ما سأل إن علم له الخير فيه


رابعاً : إنما نهي عن النذر لأن الناذر يتعرض لتثبيط الشيطان له وبالأخص إذا التزم التزاماً مالياً لأن النفوس شحيحة في الأموال إلا من وفقه الله عز وجل وجعل الدنيا هينة في عينه


خامساً : يؤخذ منه ذم البخيل والبخلاء


سادساً : يؤخذ منه أن من التزم بالشرع فليس ببخيل وبالله التوفيق .



--------

تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 5 ]

[ المجلد الخامس ]

http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam5.pdf (http://subulsalam.com/site/kutub/AhmedNajmi/08TassisAhkam5.pdf)

الرابط المباشر لتحميل الكتاب :

http://subulsalam.com/play.php?catsmktba=9384

ام عادل السلفية
28-03-2016, 04:10PM
بسم الله الرحمن الرحيم






تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام

للعلامة : احمد النجمي
-رحمه الله -


الحديث الثالث :
عن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال نذرت أختي أن تمشي إلى بيت الله الحرام حافية فأمرتني أن استفتي لها رسول الله ﷺ فاستفتيته فقال لتمش ولتركب


موضوع الحديث :
نذر ما يشق على الناذر


المفردات
قوله حافية : أي بدون نعلين
فأمرتني : هذا أمر التماس
أن استفتي لها رسول الله ﷺ : أي أطلب منه بيان الحكم في نذرها هذا . وبيان الحكم يقال له فتوى
قوله فاستفتيته : أي تنفيذاً لرغبتها
فقال لتمش ولتركب : أي لتمش ما أطاقت المشي بمعنى أنها تمشي في بعض الطريق ولتركب إذا شق عليها المشي


المعنى الإجمالي
من طبيعة الإنسان أنه يندفع أحياناً فيوجب على نفسه ما يشق عليه ويحسب أن ذلك قربة وقد بين النبي ﷺ أن مثل هذه الالتزامات التي يشق فيها العبد على نفسه ليست بمطلوبة في شرع الله وعبادته وإنما المطلوب في الشرع والعبادة الاعتدال فيها وعدم المشقة على النفس لكي تستمر العبادة وقد أنكر النبي ﷺ على من وجده يقاد بزمام وهو يطوف فعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ رَأَى رَجُلاً يَطُوفُ بِالْكَعْبَةِ بِزِمَامٍ أَوْ غَيْرِهِ فَقَطَعَهُ ) ولما وجد رجلاً يهادى بين ابنيه وأخبروه أنه نذر أن يمشي إلى بيت الله الحرام فقال مروه فليركب إن الله لغني عن تعذيب هذا نفسه كما في حديث أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ رَأَى شَيْخًا يُهَادَى بَيْنَ ابْنَيْهِ قَالَ مَا بَالُ هَذَا قَالُوا نَذَرَ أَنْ يَمْشِيَ قَالَ إِنَّ اللَّهَ عَنْ تَعْذِيبِ هَذَا نَفْسَهُ لَغَنِيٌّ وَأَمَرَهُ أَنْ يَرْكَبَ وقصة هذه المرأة كذلك إلا أن النبي ﷺ كأنه رأى أن أخت عقبة بن عامر تطيق شيئاً من المشي فأمرها أن تمشي ما أطاقت وتركب ما عدا ذلك وبالله التوفيق


فقه الحديث
أولاً : يؤخذ من الحديث أن من نذر اتيان بيت الله الحرام وجب عليه الوفاء لأن اتيانه طاعة وقد جاء عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا عَنْ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ ( مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللَّهَ فَلْيُطِعْهُ وَمَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْصِيَهُ فَلا يَعْصِهِ )
وهل يلتحق بذلك مسجد النبي ﷺ والمسجد الأقصى الجواب نعم لأن النبي ﷺ قَالَ (لا تُشَدُّ الرِّحَالُ إِلا إِلَى ثَلاثَةِ مَسَاجِدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَمَسْجِدِ الرَّسُولِ e وَمَسْجِدِ الأَقْصَى )


ثانياً : يؤخذ من هذا الحديث ومن الحديث الآخر الذي ذكرناه أن من نذر أن يصلي في مسجد غير هذه الثلاثة أو يأتي بلداً غير البلد الحرام فإنه لا يلزمه ذلك النذر حتى ولو كان ذلك المكان له شيء من التقديس كوادي طوى ومسجد الخليل وما أشبه ذلك وقد أنكر أبو هريرة رضي الله عنه على من ذهب إلى وادي طوى


ثالثاً : من نذر شيئاً يشق على نفسه به كنذر أخت عقبة إذ ورد أنها نذرت أن تحج حاسرة وحافية وقد أنكر النبي ﷺ عليها وأمرها أن تمشي وتركب وأن تلبس وكذلك عندما كان النَّبِيُّ ﷺ يَخْطُبُ إِذَا هُوَ بِرَجُلٍ قَائِمٍ فَسَأَلَ عَنْهُ فَقَالُوا أَبُو إِسْرَائِيلَ نَذَرَ أَنْ يَقُومَ وَلا يَقْعُدَ وَلا يَسْتَظِلَّ وَلا يَتَكَلَّمَ وَيَصُومَ فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ مُرْهُ فَلْيَتَكَلَّمْ وَلْيَسْتَظِلَّ وَلْيَقْعُدْ وَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ ) وما سبق أن أشرنا إليه في الذي وجد يهادى في الطريق والذي رآه يقاد بزمام وأن النبي ﷺ قال إن الله لغني عن تعذيب هذا نفسه


رابعاً : أن من نذر شيئاً يشق عليه وهو قادر على بعضه فإنه يشرع له تركه وعليه كفارة يمين وفي الحج عليه هدي


خامساً : أن الحفاء تعذيب للنفس فهو ملحق بما يشق على الإنسان وأنه يجوز له أن يكفر عن النذر أو يتركه بالكلية ويجوز له أن ينفذ ما يستطيع عليه ويكفر عن الباقي


سادساً : قول بعض الفقهاء أنه إذا مشى يسيراً وجب عليه أن يرجع مرة أخرى ليمش بقدر ما ركب ويركب بقدر ما مشى هذا القول فيه نظر أولاً : لأنه مصادم لما ورد عن النبي ﷺ فالرسول ﷺ لم يقر شيئاً يشق على الناذر وثانياً : قد تكون بلد المسلم بعيدة كأن تكون من خارج الجزيرة العربية فلا يمكنه الرجوع والقول الصحيح أن مثل هذا النذر لا يكلف به الإنسان والله أعلم


سابعاً : أن من نذر معصية فإنه يحرم عليه الوفاء بالمعصية والقول الصحيح أنه لا تجب الكفارة عن ذلك النذر ونذر أخت عقبة دخل فيه شيء من المعصية فهي نذرت أن تمشي حاسرة أي بدون ثياب وناشرة شعرها وهذا يحرم على المرأة أن تفعله ولذلك فإنه لا يجوز تنفيذه ولا يجب على الناذر كفارة عنه لحديث عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ قال ( لا نَذْرَ لابْنِ آدَمَ فِيمَا لا يَمْلِكُ وَلا فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى )



--------

تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 5 ]

[ المجلد الخامس ]

http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam5.pdf (http://subulsalam.com/site/kutub/AhmedNajmi/08TassisAhkam5.pdf)

الرابط المباشر لتحميل الكتاب :

http://subulsalam.com/play.php?catsmktba=9384

ام عادل السلفية
28-03-2016, 04:16PM
بسم الله الرحمن الرحيم




تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام


للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله-


الحديث الرابع :
عن عبدالله بن عباس رضي الله عنهما أنه قال استفتى سعد بن عبادة رسول الله ﷺ عن نذر كان على أمه توفيت قبل أن تقضيه فقال رسول الله ﷺ فاقضه عنها )


موضوع الحديث :
قضاء الولي عن وليه ما كان عليه من نذر أو غيره


المفردات
قوله عن نذر : كان على أمه توفيت قبل أن تقضيه
قوله قبل أن تقضيه : الضمير يعود على النذر
قوله فقال رسول الله ﷺ فاقضه عنها : أي أمره النبي ﷺ أن يقضي ذلك النذر عنها


المعنى الإجمالي
توفيت أم سعد ولم تقض نذراً عليها فأمر النبي ﷺ ابنها سعد بن عبادة أن يقضيه عنها


فقه الحديث
أولاً : يؤخذ منه قضاء ما على ولي الميت من الحقوق سواء كانت لازمة بالشرع أو التزم بها لله عز وجل كالنذر


ثانياً : هل يلزم الولي قضاء الواجب المالي إن كان فقيراً أم لا ؟ أما قضاء الواجب فيكون من تركته أي من ميراثه


ثالثاً : هل يلزمه القضاء بدون مطالبة أم لا بد من المطالبة ؟ قال الشافعي بالأول وقال أبو حنيفة ومالك لا يقضى إلا بالمطالبة


رابعاً : يؤخذ منه استفتاء الأعلم ما أمكن


خامساً : من بر الوالدين قضاء الديون عنهما والإحسان إلى أهل ودهما بعد موتهما وبالله التوفيق .



--------

تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 5 ]

[ المجلد الخامس ]

http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam5.pdf (http://subulsalam.com/site/kutub/AhmedNajmi/08TassisAhkam5.pdf)

الرابط المباشر لتحميل الكتاب :

http://subulsalam.com/play.php?catsmktba=9384

ام عادل السلفية
28-03-2016, 04:20PM
بسم الله الرحمن الرحيم




تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام


للعلامة : احمد النجمي
-رحمه الله-


الحديث الخامس :
عن كعب بن مالك رضي الله عنه قال قلت يا رسول الله إن من توبتي أن أنخلع من مالي صدقة إلى الله وإلى رسوله فقال رسول الله ﷺ أمسك عليك بعض مالك فهو خير لك


موضوع الحديث :
حكم النذر والتصدق بجميع المال


المفردات
قوله إن من توبتي : أي من شكر توبة الله عليّ
أن أنخلع من مالي : يعني أخرج منه صدقة إلى الله وإلى رسوله ﷺ
فقال رسول الله ﷺ أمسك عليك بعض مالك فهو خير لك فأمره بإمساك بعض المال وإنفاق بعضه


المعنى الإجمالي
تخلف كعب بن مالك عن غزوة تبوك ولما قدم النبي ﷺ وجاء إليه المعذرون فكر كعب أن الكذب عاقبته وخيمة فأتى إلى النبي ﷺ واعترف بالصدق فأرجأ النبي ﷺ أمره هو والاثنين اللذين معه وهما هلال بن أمية الواقفي ومرارة بن الربيع وبعد خمسين ليلة تاب الله عليه فلما بشر كعب بن مالك بالتوبة أتى إلى النبي ﷺ فقال إن من توبة الله عليّ أن أنخلع من مالي صدقة لله ولرسوله فأمره النبي ﷺ بإمساك بعض المال

فقه الحديث
أولاً : يؤخذ من الحديث كراهية التصدق بجميع المال ويبقى ذلك المتصدق ينظر إلى أكف الناس


ثانياً : أن الشريعة الإسلامية وسط بين الإسراف في المادية والتخلي عن الأسباب التي تجعل الإنسان غنياً لقوله ( أمسك عليك بعض مالك ) أي أمسك بعضه وتصدق منه


ثالثاً : فيه استحباب الصدقة شكراً لله عند تجدد النعم وانصراف النقم


رابعاً : يؤخذ منه أن الصدقة لها أثر في محو الخطايا وصرف الملمات


خامساً : أن التقرب إلى الله تعالى بمتابعة رسوله تعتبر أفضل الأعمال


سادساً: أن إمساك ما يحتاج إليه من المال أولى من إخراجه لقول النبي ﷺ ( إِنَّكَ إنْ تَذَرَ وَرَثَتَكَ أَغْنِيَاءَ خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَذَرَهُمْ عَالَةً يَتَكَفَّفُونَ النَّاسَ )


سابعاً : اختلف أهل العلم في جواز الصدقة بالمال كله فأجاز ذلك بعضهم محتجاً أن أبا بكر رضي الله عنه أتى إلى النبي ﷺ بجميع ماله عند تجهيز جيش العسرة ومنع ذلك بعضهم مستدلاً بهذا الحديث ( أمسك عليك بعض مالك ) وفرق بعضهم بين حالة من يستطيع الصبر ومن لا يستطيعه والله تعالى أعلم



--------

تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 5 ]

[ المجلد الخامس ]

http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam5.pdf (http://subulsalam.com/site/kutub/AhmedNajmi/08TassisAhkam5.pdf)

الرابط المباشر لتحميل الكتاب :

http://subulsalam.com/play.php?catsmktba=9384

ام عادل السلفية
28-03-2016, 04:27PM
بسم الله الرحمن الرحيم




تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام

للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله-


باب القضاء
القضاء بالمد الولاية : أي ولاية الأحكام الشرعية وجمعه أقضية يقالقضاء وأقضيه كغطاء وأغطية
المثال هنا ليس بملائم لما مثل عليه لأن القضاء بفتح فاء الفعل وغطاء بكسر فاء الفعل أما الجمع فهي مستوية أقضية وأغطية
وهو في الأصل اسم لإحكام الشيء والفراغ منه ويكون أيضاً بمعنى حكم وأوجب وبمعنى قدر وبمعنى إتمام الشيء وأدائه هذه كلها ترد لها أدلة من اللغة والقرآن

الحديث الأول :
عن عائشة رضي الله عنها قالت قال رسول الله ﷺ من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد
وفي لفظ من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد


موضوع الحديث :
منع المحدثات والحكم بإبطالها إذا خالفت الشرع الإسلامي


المفردات
من أحدث في أمرنا : كلمة أحدث تطلق ويراد بها الابتداع في الدين والإحداث في الدين هو أن يخترع أحد المكلفين شيئاً على سبيل التعبد لم يكن له شاهد في الشرع
وقول النبي ﷺ في أمرنا : يعني في ديننا وكذلك قوله ليس عليه أمرنا المقصود به الشرع الذي جاء به نبينا محمد ﷺ
قوله ما ليس منه : أي ما لم يكن له شاهد لا من خصوص ولا من عموم ولا نص ولا مفهوم
قوله فهو رد : أي مردود على صاحبه


المعنى الإجمالي
أن كل من ابتدع بدعة أو اخترع شيئاً يقصد به التعبد ولم يكن له أساس في الشرع فإنه مردود عليه وكذلك قوله من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد لأن الإحداث تارة يكون بالقول الذي يقصد به صاحبه تشريع شيء ليس من الشرع وتارة يكون في الفعل


فقه الحديث
أولاً : أن هذا الحديث من الأحاديث العامة التي يدخل فيها أشياء كثيرة وتشمل أموراً ليس لها حصر وقد قيل أن هذا أحد الأحاديث الثلاثة التي تعتبر أسساً وأصولاً في الدين وهي هذا الحديث وحديث ( إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ ) وحديث (دَعْ مَا يَرِيبُكَ إِلَى مَا لا يَرِيبُكَ ) وبعضهم أضاف إليها حديثاً رابعاً وهو حديث النعمان بن بشير (إِنَّ الْحَلالَ بَيِّنٌ وَإِنَّ الْحَرَامَ بَيِّنٌ )


ثانياً : المراد بالإحداث الابتداع في الدين لأن الله سبحانه وتعالى أخبر عن الدين أنه قد كمل فقال جل من قائل ( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِينًاً ) [ المائدة : 3 ] فمن أدخل بدعة في الدين فإنه يعد مستدركاً على المشرع زاعماً بلسان حاله إن لم يكن بلسان مقاله أن الدين ناقص


ثالثاً :يؤخذ من هذا الحديث أن المحدثات التي تتعلق بالدنيا ومصالحها لا تمدح ولا تذم ما دامت فيها مصلحة للإنسان ومن ذلك المخترعات التي ظهرت في هذا العصر فما كان منها فيه منفعة محضة بدون ضرر كالسيارات والطائرات والقطارات وما أشبه ذلك وكذلك المخترعات الحربية التي ينتفع بها المسلمون ويجاهدون بها أعداء الله عز وجل فهي جائزة


رابعاً : يعد من هذا القبيل تلقيح النخل وما أشبه ذلك من الأسباب التي توفر على بني الإنسان كثيراً من الرزق وربما يكون تركها فيه نقص في الغلال وما أشبه ذلك


خامساً : يؤخذ منه كما سبقت الإشارة أن كل بدعة مردودة لقول النبي ﷺ كما في حديث العرباض بن سارية ( فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلالَةٌ ) وكما ورد أن الرسول ﷺ كان يَقُولُ فِي خُطْبَتِهِ ( إِنَّ أَصْدَقَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ وَأَحْسَنَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ وَشَرُّ الأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا وَكُلُّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ وَكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلالَةٌ وَكُلُّ ضَلالَةٍ فِي النَّارِ ) فيحكم على كل بدعة ليس لها شاهد من الشرع أنها باطلة ومذمومة هي ومخترعها


سادساً : يؤخذ من قوله فهو رد أن جميع البدع يحكم عليها بالفساد للنهي الوارد في هذا الحديث وغيره


سابعاً : أن حكم الحاكم لا يكون معتبراً إلا إذا كان على محض الشرع فإن خالف ذلك بطل وأن الحكم بما خالفه لا يسوغ لا سيما وقد قال النبي ﷺ ( إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ وَإِنَّكُمْ تَخْتَصِمُونَ إِلَيَّ وَلَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَنْ يَكُونَ أَلْحَنَ بِحُجَّتِهِ مِنْ بَعْضٍ وَأَقْضِيَ لَهُ عَلَى نَحْوِ مَا أَسْمَعُ فَمَنْ قَضَيْتُ لَهُ مِنْ حَقِّ أَخِيهِ شَيْئًا فَلا يَأْخُذْ فَإِنَّمَا أَقْطَعُ لَهُ قِطْعَةً مِنْ النَّارِ ) وفي رواية عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ سَمِعَ جَلَبَةَ خَصْمٍ بِبَابِ حُجْرَتِهِ فَخَرَجَ إِلَيْهِمْ فَقَالَ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ وَإِنَّهُ يَأْتِينِي الْخَصْمُ فَلَعَلَّ بَعْضَهُمْ أَنْ يَكُونَ أَبْلَغَ مِنْ بَعْضٍ فَأَحْسِبُ أَنَّهُ صَادِقٌ فَأَقْضِي لَهُ فَمَنْ قَضَيْتُ لَهُ بِحَقِّ مُسْلِمٍ فَإِنَّمَا هِيَ قِطْعَةٌ مِنْ النَّارِ فَلْيَحْمِلْهَا أَوْ يَذَرْهَا )


ثامناً : أن المرجع في التمييز بين المحدثات والمشروعات هم العلماء الذين مارسوا الشرع أزمنة طويلة وكانوا في غالب أحوالهم على الاستقامة


تاسعاً : يلزم من ذلك البيان ورد ما اشتبه وأن أهل العلم الذين يميزون بين هذه الأمور لهم أن يتكلموا فيمن أتى بحدث ويبينوه وليس ذ لك من الغيبة كما يدعيه بعض أهل العصر ممن يريدون أن يبرروا الإتجاهات الحزبية وبالله التوفيق .



--------

تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 5 ]

[ المجلد الخامس ]

http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam5.pdf (http://subulsalam.com/site/kutub/AhmedNajmi/08TassisAhkam5.pdf)

الرابط المباشر لتحميل الكتاب :

http://subulsalam.com/play.php?catsmktba=9384

ام عادل السلفية
31-03-2016, 01:51PM
بسم الله الرحمن الرحيم




تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام

للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله-


الحديث الثاني:
عن عائشة رضي الله عنها قالت دخلت هند بنت عتبة امرأة أبي سفيان على رسول الله ﷺ فقالت يا رسول الله إن أبا سفيان رجل شحيح لا يعطيني من النفقة ما يكفيني ويكفي بنيّ إلا ما أخذت من ماله بغير علمه فهل عليّ في ذلك من جناح فقال رسول الله ﷺ خذي من ماله بالمعروف ما يكفيك ويكفي بنيك )


موضوع الحديث :
استفتاء من هند بنت عتبة في أخذ ما يتمم نفقة بنيها من غير علم زوجها


أولاً : ذكر التراجم الواردة في الحديث
فهند بنت عتبة بن ربيعه بن عبد شمس أخت أبي حذيفة بن عتبة وأبوها الذي بارز يوم بدر هو وأخوه وابنه وكان رجلاً مسناً وشريفاً في قريش حتى فسر قول الله عز وجل ( وَقَالُوا لَوْلا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ ) [ الزخرف : 31 ] قالوا هو عتبة بن ربيعه من قريش وعروة بن مسعود الثقفي من ثقيف حضرت أحداً مع زوجها وكانت تحرض على قتل المسلمين فلما قتل حمزة رضي الله عنه بقرت بطنه وأخذت قطعة من كبده فلاكتها ثم لفظتها وكان حمزة رضي الله عنه هو الذي بارز يوم بدر عمها شيبة بن ربيعه فقتله واختلفا عبيدة بن الحارث بن عبدالمطلب وعتبة بن ربيعه ضربتين فمال حمزة رضي الله عنه على أبيها عتبة فأجهز عليه لكنها أسلمت يوم الفتح بعد زوجها بيوم وذهبت في اليوم الثاني إلى النبي ﷺ فبايعته وقد جاء عن عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ إِنَّ هِنْدَ بِنْتَ عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ قَالَتْ : يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا كَانَ مِمَّا عَلَى ظَهْرِ الأَرْضِ أَهْلُ أَخْبَاءٍ أَوْ خِبَاءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ أَنْ يَذِلُّوا مِنْ أَهْلِ أَخْبَائِكَ أَوْ خِبَائِكَ شَكَّ يَحْيَى ثُمَّ مَا أَصْبَحَ الْيَوْمَ أَهْلُ أَخْبَاءٍ أَوْ خِبَاءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ يَعِزُّوا مِنْ أَهْلِ أَخْبَائِكَ أَوْ خِبَائِكَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَأَيْضًا وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ قَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أَبَا سُفْيَانَ رَجُلٌ مِسِّيكٌ فَهَلْ عَلَيَّ حَرَجٌ أَنْ أُطْعِمَ مِنْ الَّذِي لَهُ قَالَ لا إِلا بِالْمَعْرُوف
وبايعت رسول الله ﷺ مع النساء المبايعات توفيت في السنة الرابعة عشرة في اليوم الذي توفي فيه أبو قحافة والد أبي بكر الصديق رضي الله عنه


أما قول ابن الملقن رحمه الله عندما ذكر هند قال وهند هذه أم معاوية لها ذكر ونفس وابقة


وأقول : إن هذه الكلمة كلمة عظيمة وفضيعة من ابن الملقن إذ أن الذي حصل منها كان في حال الكفر وقد أخبر النبي ﷺ أن الإسلام يجب ما قبله إذاً فلا يجوز أن نقول في صحابية أسلمت وبايعت وحسن إسلامها مثل هذا القول لأن الصحابة رضي الله عنهم لهم حق الصحبة وهو حق عظيم لا يصل إليه أحد لما ورد عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ النَّبِيُّ ﷺ لا تَسُبُّوا أَصْحَابِي فَلَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ أَنْفَقَ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا مَا بَلَغَ مُدَّ أَحَدِهِمْ وَلا نَصِيفَهُ )وإن الواجب التأدب مع أصحاب رسول الله وأن نرى لهم الفضل على غيرهم وبالله التوفيق .


أما أبو سفيان فهو صخر بن حرب بن أميه بن عبد شمس بن عبد مناف والد معاوية ويزيد بن أبي سفيان وحنظلة الذي قتل يوم بدر كان من أشراف قريش في الجاهلية وأفضلهم ومن التجار وكانت له راية الرؤساء المعروفة بالعقاب أسلم يوم الفتح وأعطاه النبي ﷺ من غنائم هوازن مائة من الإبل وأربعين أوقية من الفضة تقوم عن أربعة آلاف من الدراهم وأعطى ابنيه على خمسين من الإبل يتألفهم على الإسلام توفي أبو سفيان رضي الله عنه في سنة اثنتين وثلاثين وقيل إحدى وثلاثين وقيل ثلاث وثلاثين


المفردات
إن أبا سفيان رجل شحيح : الشح والبخل متقاربان والظاهر أن الشح أعم من البخل لأن البخل يكون في المال وشح النفس منع البذل أو قلته سواء كان في المال أو غيره
قولها فهل عليّ : أي فهل عليّ من جناح في ذلك أن آخذ من ماله بغير علمه فقال رسول ﷺ ( خذي من ماله بالمعروف ما يكفيك ويكفي بنيك )


المعنى الإجمالي
أسلمت هند بنت عتبة بن ربيعه بن عبد شمس صبيحة يوم الفتح وكانت قبلها شديدة الحرب على الإسلام وأهله وذهبت فبايعت النبي ﷺ واستفتته بما ورد في هذا الحديث وذلك أنها تأخذ من مال زوجها أبي سفيان بغير علمه فأفتاها بجواز ذلك إذا أخذت قدر الكفاية بالمعروف


فقه الحديث
أولاً : اختلف أهل العلم في هذه القصة هل هي استفتاء أو طلب حكم فمنهم من رأى أنها طلب حكم وأخذ منه جواز الحكم على الغائب إذا تعذر حضوره إلى مجلس الحكم وأخذ منه مسألة الظفر ومنهم من قال أنه استفتاء فمن رأى أنه استفتاء قال بجواز ذكر الإنسان بما يكره إذا كان في الاستفتاء والقول بأنه استفتاء هو الأقرب لقولها أن أبا سفيان رجل شحيح إلى أن قالت فهل عليّ في ذلك من جناح إذا أخذت من ماله بغير علمه . ومما يؤيد أنه استفتاء أنه أفتاها بقوله ( خذي من ماله بالمعروف ما يكفيك ويكفي بنيك ) ولو كانت المسألة طلب حكم لكان النبي ﷺ قد طلب حضوره وسأله هل يعترف بما ادعت عليه زوجته أم لا ؟ فهذه القرآئن أو هذه الأمور تبين أن المسألة مسألة استفتاء لا مسألة طلب حكم


ثانياً : وجوب نفقة الزوجة على زوجها قال وهو إجماع قلت هذا الإجماع يستند على الأدلة المعروفة في ذلك لقول النبي ﷺ ( أَلا وَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا فَإِنَّمَا هُنَّ عَوَانٍ عِنْدَكُمْ لَيْسَ تَمْلِكُونَ مِنْهُنَّ شَيْئًا غَيْرَ ذَلِكَ إِلا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ فَإِنْ فَعَلْنَ فَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ ضَرْبًا غَيْرَ مُبَرِّحٍ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً أَلا إِنَّ لَكُمْ عَلَى نِسَائِكُمْ حَقًّا وَلِنِسَائِكُمْ عَلَيْكُمْ حَقًّا فَأَمَّا حَقُّكُمْ عَلَى نِسَائِكُمْ فَلا يُوطِئْنَ فُرُشَكُمْ مَنْ تَكْرَهُونَ وَلا يَأْذَنَّ فِي بُيُوتِكُمْ لِمَنْ تَكْرَهُونَ أَلا وَحَقُّهُنَّ عَلَيْكُمْ أَنْ تُحْسِنُوا إِلَيْهِنَّ فِي كِسْوَتِهِنَّ وَطَعَامِهِنَّ )


ثالثاً : أن نفقة المرأة تقدر بحال الزوج على الصحيح وإلى ذلك ذهب الشافعي رحمه الله وذهب مالك وأبو حنيفة أن الاعتبار في النفقة بحال المرأة وذهب أحمد بن حنبل أن الاعتبار بحالهما والقول الصحيح هو القول الأول لقول الله عز وجل ( لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلا مَا آتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا ) [ الطلاق : 7 ]


رابعاً :وجوب نفقة الأولاد الصغار على والدهم لقول الله عز وجل ( وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ) [ البقرة : 233 ]
فقوله (وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ ) دليل على أن نفقة الأبناء على الأب أو من ينوب عنه


خامساً : أن هذه النفقة مقدرة بالكفاية لقول النبي ﷺ ( خذي من ماله بالمعروف ما يكفيك ويكفي بنيك )


سادساً : إذا كان للرجل زوجتان إحداهن لها أولاد كثير والثانية لها أولاد قليل فكل واحدة منهن لها نفقتها بقدر ما عندها من البنين ولعل بعض الناس يظن المساواة مع اختلاف عدد الأولاد وهذا كلام باطل


سابعاً : أن نفقة الأولاد تجب إلى أن يبلغوا فإذا بلغوا فإنه لا تلزم على الأب نفقتهم إلا من باب الإحسان إلا أنه يستثنى من ذلك النساء غير المزوجات والزَمناء وذوي العاهات من الأولاد الذين عندهم عاهات تمنعهم من الكسب فإنه تجب نفقتهم


ثامناً :فيه جواز سماع كلام الأجنبية عند الاستفتاء وعند التحاكم لأن ذلك ضرورة


تاسعاً : يؤخذ منه جواز ذكر الإنسان بما يكره إذا كان للاستفتاء أو للشكوى والله سبحانه وتعالى يقول (لا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلا مَنْ ظُلِمَ وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا عَلِيمًا ) [ النساء : 148 ] وأن ما كان من هذا القبيل لا يعد من الغيبة


عاشراً :إذا كان لا يعد من الغيبة من أجل حق المستفتي أو الشاكي فإنه من باب أولى ألا يكون من الغيبة إذا كان ذلك في بيان حق الله فمن ابتدع بدعة أو أحدث حدثاً وجب أن يذكر ببدعته أو حدثه ليعلم الناس حاله وقد قال النبي ﷺ لما ذكر الْمَدِينَةُ وأنها حَرَمٌ مَا بَيْنَ عَيْرٍ إِلَى ثَوْرٍ قال ( فَمَنْ أَحْدَثَ فِيهَا حَدَثًا أَوْ آوَى مُحْدِثًا فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ لا يُقْبَلُ مِنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ صَرْفٌ وَلا عَدْلٌ )


الحادي عشر : استدل بهذا الحديث على مسألة الظفر وهو أن يكون للرجل حق عند أحد من الناس ولم يصل إلى حقه فتمكن من بعض ماله قالوا فله أن يأخذ بقدر حقه من غير رجوع إلى من عليه الدين


قال ابن الملقن وهذا مذهب الشافعي وأصحابه وتسمى هذه المسألة مسألة الظفر ومنع ذلك أبو حنيفة ومالك كما حكاه النووي في شرح مسلم


الثاني عشر : قال ابن الملقن يجوز الأخذ من الجنس ومن غيره كما هو ظاهر الإطلاق والأصح عند أصحابنا أنه لا يأخذ من غير الجنس إلا إذا تعذر الجنس أي جنس المال الذي له عند الرجل


الثالث عشر : جواز إطلاق الفتوى من غير تقييد بثبوت كما أطلقه النبي ﷺ


الرابع عشر: جواز اعتماد العرف في الأمور التي ليس لها تحديد شرعي لقوله ( خذي من ماله بالمعروف ما يكفيك ويكفي بنيك )


الخامس عشر :جواز خروج المرأة المزوجة من بيتها لحاجتها من محاكمة واستفتاء وغيره إذا أذن لها زوجها أو علمت رضاه هكذا قال ابن الملقن والذي ذكره ابن كثير في ترجمتها أنها استأذنت زوجها في الخروج


السادس عشر: أن ما يذكر في الاستفتاء من عيب أو أذية للغير وكذلك في المحاكمة أنه لا يوجب تعزيراً ولا يكون ذلك من الممنوع كما تقدم


السابع عشر:جواز القضاء على الغائب قال ابن الملقن كذا
استدل به جماعة من أصحابنا وترجم عليه البخاري في صحيحه وفيه قولان لأهل العلم


وأقول : تقدم أن رجحت أن المسألة مسألة استفتاء لا طلب حكم كما بينت الأدلة على ذلك من الحديث


الثامن عشر :أن للمرأة ولاية على ولدها من حيث أن صرف المال على المحجور عليه أن يملكه نفقته لمدة معينة وفي حديث عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو إِذْ جَاءَهُ قَهْرَمَانٌ لَهُ فَدَخَلَ فَقَالَ أَعْطَيْتَ الرَّقِيقَ قُوتَهُمْ قَالَ لا قَالَ فَانْطَلِقْ فَأَعْطِهِمْ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ كَفَى بِالْمَرْءِ إِثْمًا أَنْ يَحْبِسَ عَمَّنْ يَمْلِكُ قُوتَهُ )


التاسع عشر : أن القول قول الزوجة في قبض النفقة أو عدمها


العشرون : أن المرأة لا يجوز لها أن تأخذ من مال زوجها شيئاً إلا بإذنه وإن قل هكذا قال ابن الملقن
قلت : وقد سأل النساء النبي ﷺ في الإنفاق من مال أزواجهن فأفتاهن رسول الله ﷺ بأن لهن الرطب أي الطعام الناضج ) ولا يجوز للمرأة أن تأخذ غير هذا إلا بإذن زوجها


الحادي والعشرون :أن مال الغير محضور على الغير لا يجوز التصرف فيه إلا بإذن صاحبه أو بأمر شرعي وهذه القاعدة أيدتها أدلة لا نطيل بذكرها منها قول النبي ﷺ كما في حديث أَبِي أُمَامَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ مَنْ اقْتَطَعَ حَقَّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ بِيَمِينِهِ فَقَدْ أَوْجَبَ اللَّهُ لَهُ النَّارَ وَحَرَّمَ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ وَإِنْ كَانَ شَيْئًا يَسِيرًا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ وَإِنْ قَضِيبًا مِنْ أَرَاكٍ )


فما أصعب الموقف بين يدي الله عز وجل على من يأخذ أموال الناس بغير حق نسأل الله أن يجعلنا من الوقافين عند الحدود وألا يجعلنا من المتجرئين على حقوق الغير وبالله تعالى التوفيق .



--------

تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 5 ]

[ المجلد الخامس ]

http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam5.pdf (http://subulsalam.com/site/kutub/AhmedNajmi/08TassisAhkam5.pdf)

الرابط المباشر لتحميل الكتاب :

http://subulsalam.com/play.php?catsmktba=9384

ام عادل السلفية
31-03-2016, 01:56PM
بسم الله الرحمن الرحيم



تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام

للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -



الحديث الثالث :
عن أم سلمة رضي الله عنها أن رسول الله ﷺ سمع جلبة خصم بباب حجرته فخرج إليهم فقال ألا إنما أنا بشر وإنما يأتيني الخصم فلعل بعضكم أن يكون أبلغ من بعض فأحسب أنه صادق فأقضي له فمن قضيت له بحق مسلم فإنما هي قطعة من النار فليحملها أو يذرها


موضوع الحديث :
إخبار النبي ﷺ عن نفسه بأنه بشر كسائر البشر وأنه يقضي على نحو مما يسمع وأن قضاءه لا يحل شيئاً محرماً بل إن المال الحرام يبقى حراماً ولا يحله حكم الحاكم لقوله ( فإنما هي قطعة من النار فليحملها أو يذرها )


المفردات
جلبة : هي اختلاط الأصوات ومثله لجبة بأن ترتفع أصوات مختلطة لا يتبين منها شيء
جلبة خصم : أي أصوات خصوم يتنازعون
عند باب حجرته : أي حجرة أم سلمة رضي الله عنها
فلعل بعضكم أن يكون أبلغ من بعض : مثل قوله ألحن بحجته من بعض وهذا أمر ملموس فالناس يتفاوتون في إقامة الحجة
ومعنى أبلغ : أكثر بلاغة
فأحسب : أي فأظن وأعتقد أنه صادق فأقضي له بناءً على ذلك الحسبان فمن قضيت له بحق مسلم فإنما هي قطعة من النار
فليحملها أو يذرها : أي أن ذلك الحق الذي أخذه من مال أخيه ببلاغته إنما هي قطعة من النار
فليحملها : أمر تهديد
أو يذرها : أمر إباحة


المعنى الإجمالي
سمع النبي ﷺ خصومة قوم عند باب حجرته فخرج إليهم وقال لهم إنما أنا بشر وإنما أقضي على نحو مما أسمع ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته أي أقوى حجة وأكثر بلاغة فأقضي له فمن قضيت له بحق أخيه فإنما اقتطع له قطعة من النار فليحملها إن شاء فإنه متى حملها حمل النار أو ليذرها إن شاء فهو خير أن يترك ما ليس له فيه حق


فقه الحديث
أولاً : يؤخذ من هذا الحديث جواز التقاضي والتخاصم في المسجد فإنه قد ورد أن كَعْبٍ بن مالك رضي الله عنه تَقَاضَى عبدالله بن أَبِي حَدْرَدٍ دَيْنًا كَانَ لَهُ عَلَيْهِ فِي الْمَسْجِدِ فَارْتَفَعَتْ أَصْوَاتُهُمَا حَتَّى سَمِعَهَا رَسُولُ اللَّهِ e وَهُوَ فِي بَيْتِهِ فَخَرَجَ إِلَيْهِمَا …) الحديث ولا شك أن بيوت الله ينبغي أن تصان عن الخصومات


ثانياً : قوله ألا إنما أنا بشر في هذا تقرير من النبي ﷺ لبشريته تبعاً لما قضاه الله عز وجل وأمر به في قوله (قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ ) [ فصلت : 6 و الكهف : 110 ]


ثالثاً : يؤخذ من هذا براءة النبي ﷺ مما يدعيه له بعض أصحاب البدع من صوفية وبريلوية وغيرهم من اعتقادات في رسول الله ﷺ تتجاوز به إلى مقامات الألوهية وهذا افتراء عليه ﷺ فهو بريء من كل من كذب عليه أو أعطاه شيئاً من حق ربه سبحانه وتعالى


رابعاً : في هذا تقرير وهو قوله إنما أنا بشر تقرير بأنه لا يعلم الغيب وأنه بشر كغيره من البشر لا يحكم إلا بالظاهر


خامساً : يؤخذ من قوله وإنما يأتيني الخصم دليل على أن المتخاصمين كل منهما يريد أن يجعل الحجة له وقد يتغلب أحدهما إما بكونه محق ومعه البينة وإما لكونه أشد بلاغة من خصمه فيجعل ببلاغته الحق باطلاً والباطل حقاً والصدق كذباً والكذب صدقاً


سادساً : يؤخذ من قوله ولعل بعضكم أن يكون أبلغ من بعض فأحسب أنه صادق فأقضي له أن حكم النبي ﷺ كحكم غيره من البشر يقضي بما سمع من الحجج والأمور الشرعية وذلك شيء غير مبيح لمال الغير لقوله ( فمن قضيت له بحق مسلم فإنما هي قطعة من النار )


سابعاً : يؤخذ من هذا أن حكم النبي ﷺ كحكم غيره لا يحل حراماً ولا يحرم حلالاً بل تبقى الأحكام الحقيقية كما هي فمن جاء بشاهدي زور بأنه قضى دائنه المبلغ المحدد فحكم القاضي بأنه قد برئت ذمته من ذلك الدين فإن ذمته لم تبرأ بذلك الحكم وإذا أتى الرجل بشاهدين يشهدان أن فلاناً تزوج فلانة وأشهدنا على ذلك فحكم القاضي بشهادتهما وحكم بأنها زوجته لم يبح له وطئها بذلك الحكم بل هو يعتبر كلما وطئها وطئها بالزنا والعياذ بالله وهذا مذهب الجمهور وخالف في ذلك أبو حنيفة فزعم أن حكم القاضي يبيح الفروج دون الأموال وكل ذلك حرام لا يباح منه شيء بشهادة الزور بل أن ذلك يبقى حراماً كما هو في الأصل حرام


ثامناً : يؤخذ من قوله فإنما هي قطعة من النار أن الحكم لا يبيح ما حكم به القاضي ولو كان مستنداً إلى البينة واليمين وأن مال الغير حرام على الغير وقد قال النبي ﷺ كما جاء في الحديث عَنْ مُطَرِّفِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الشِّخِّيرِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ ضَالَّةُ الْمُسْلِمِ حَرَقُ النَّارِ ) وهي ضالة فكيف إذا أخذ ذلك المال بحكم احتال فيه فإنه يكون أشد تحريماً وعلى من يخاف الله أن يمتنع عن أخذه
تاسعاً : في قوله فليحملها أو يذرها قوله فليحملها إن شاء هذا الأمر أمر تهديد كقوله سبحانه وتعالى (اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ) [ فصلت : 40 ]


عاشراً : أن الحاكم لا يجوز له أن يحكم بعلمه بل يجب عليه أن يحكم بالإجراءات الشرعية التي تبيح الحكم في الظاهر حتى ولو علم هو بنفسه شيئاً خلاف ما يحكم به فإنه يجب عليه أن يحكم بالإجراءات ويترك علمه ومن هنا قال الفقهاء أن الواجب على القاضي ألا يحكم بعلمه


الحادي عشر : يؤخذ منه موعظة القاضي للخصوم


الثاني عشر: يؤخذ منه العمل بالظن وبناء الحكم عليه حيث قال أنه صادق وهو أمر مجمع عليه بالنسبة للحاكم والمفتي وبالله التوفيق .



--------

تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 5 ]

[ المجلد الخامس ]

http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam5.pdf (http://subulsalam.com/site/kutub/AhmedNajmi/08TassisAhkam5.pdf)

الرابط المباشر لتحميل الكتاب :

http://subulsalam.com/play.php?catsmktba=9384

ام عادل السلفية
31-03-2016, 02:01PM
بسم الله الرحمن الرحيم




تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام

للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -


الحديث الرابع :
عن عبدالرحمن بن أبي بكرة رضي الله عنهما قال كتب أبي أو كتبت له إلى ابنه عبيد الله بن أبي بكرة وهو قاض بسجستان أن لا تحكم بين اثنين وأنت غضبان فإني سمعت رسول الله ﷺ يقول لا يحكم أحد بين اثنين وهو غضبان
وفي رواية لا يقضين حاكم بين اثنين وهو غضبان


موضوع الحديث :
النهي عن الحكم في حالة الغضب


المفردات
قوله بسجستان : هذه بلاد معروفة تسمى الآن أفغانستان وعاصمتها كابل
ألا تحكم بين اثنين وأنت غضبان : أي أن والده ينهاه عن الحكم بين الناس في حالة الغضب
قال فإني سمعت رسول الله : الفاء تعليلية أي من أجل هذا الدليل لا تحكم في حالة الغضب سمعت رسول الله ﷺ يقول ( لا يحكم أحد بين اثنين وهو غضبان ) الواو واو الحال والجملة بعده حالية أي والحال هو غضبان


المعنى الإجمالي
نهى الشارع الحكيم ﷺ أن يحكم الحاكم بين الناس وهو غضبان ذلك لأن الغضب يؤثر على التوازن الشخصي للإنسان فلذلك لا يؤمن أن يحيف قاصداً أو يخطأ الصواب في حال غضبه فيكون ذلك ظلماً على المحكوم عليه وحسرة على الحاكم وإثماً عليه


فقه الحديث
أولاً : يؤخذ من هذا الحديث المنع من القضاء في حالة الغضب وذلك لما يحصل للإنسان فيه من التشويش الموجب لاختلال النظر وعدم حصوله على الوجه المطلوب وعداه الفقهاء بالعلة الجامعة إلى كل حال يخرج الحاكم بها عن السداد واستقامة الحال فألحقوا به الهم الذي يجلب للنفس الضجر وألحقوا به الجوع الشديد والفرح المفرط ومدافعته للحدث والتوقان إلى الطعام والمرض المؤلم والحر المزعج والبرد المنكي والنعاس الغالب ونحو ذلك


قال ابن الملقن رحمه الله وهو قياس مظنة على مظنون فإن كل واحد من هذه الأمور مشوش للذهن حامل على الخلط وكأن الغضب إنما خص لشدة استيلائه على النفس وصعوبة مقاومته


ثانياً : ظاهر الحديث أنه لا فرق بين أن يكون الغضب لله تعالى أو لغيره


ثالثاً : أن النبي ﷺ معصوم من الخطأ فلا يقال أنه داخل في النهي مع سائر المكلفين لأن حاله لا تقاس بحال غيره وقد جاء في حديث عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ كُنْتُ أَكْتُبُ كُلَّ شَيْءٍ أَسْمَعُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ أُرِيدُ حِفْظَهُ فَنَهَتْنِي قُرَيْشٌ وَقَالُوا أَتَكْتُبُ كُلَّ شَيْءٍ تَسْمَعُهُ وَرَسُولُ اللَّهِ ﷺ بَشَرٌ يَتَكَلَّمُ فِي الْغَضَبِ وَالرِّضَا فَأَمْسَكْتُ عَنْ الْكِتَابِ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَأَوْمَأَ بِأُصْبُعِهِ إِلَى فِيهِ فَقَالَ اكْتُبْ فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا يَخْرُجُ مِنْهُ إِلا حَقٌّ )


رابعاً : يؤخذ من الحديث العمل بالكتابة وأنها كالسماع من الشيخ في وجوب العمل . أما إذا كان في الرواية فمنع الرواية بها قوم إذا كانت مجردة عن الإجازة


قال ابن الملقن رحمه الله والصحيح المشهور بين أهل العلم الجواز لكن يقول في الرواية بالكتابة كتب إليّ فلان


خامساً : أبو بكرة هذا هو الصحابي المشهور نزل في بكرة أيام حصار الطائف من القصر الذي كانت ثقيف محاصرة فيه وسمي أبو بكرة وأبوه مولى للحارث بن كلدة ونال العز والشرف بالإسلام والهجرة وهو أخو زياد بن أبيه



--------

تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 5 ]

[ المجلد الخامس ]

http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam5.pdf (http://subulsalam.com/site/kutub/AhmedNajmi/08TassisAhkam5.pdf)

الرابط المباشر لتحميل الكتاب :

http://subulsalam.com/play.php?catsmktba=9384

ام عادل السلفية
11-04-2016, 11:14PM
بسم الله الرحمن الرحيم





تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام

للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -


الحديث الخامس :
عن أبي بكرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله ‪ﷺ ‬ ألا أنبئكم بأكبر الكبائر ثلاثاً ( أي قالها ثلاث مرات )قلنا بلى يا رسول الله قال الإشراك بالله وعقوق الوالدين وكان متكئاً فجلس فقال ألا وقول الزور وشهادة الزور فما زال يكررها حتى قلنا ليته سكت .


موضوع الحديث :
الإخبار بأكبر الكبائر


المفردات
ألا أنبئكم بأكبر الكبائر:أي ألا أخبركم بأكبر الكبائر ثم أورد ما ذكر فذكر الثلاث المعاصي التي هي الإشراك بالله وعقوق الوالدين وشهادة الزور
أما الإشراك بالله فقد فسره النبي ‪ﷺ ‬ بقوله أن تجعل لله نداً وهو خلقك ومعلوم أن الشرك ينقسم إلى قسمين شرك أكبر يخرج المسلم من الإسلام وشرك أصغر لا يخرج العبد من الإسلام
أما عقوق الوالدين وهو مشتق من العق وهو قطع الأرض وشقها وعقوق الوالدين قطيعتهما بعمل الإساءة إليهما حتى يجعلهما يبكيان
قوله وكان متكئاً فجلس : أي أنه اهتم بذكر شهادة الزور وقول الزور فجلس فقال ألا وقول الزور وقول الزور يشمل كل زور فمن ألحق بمسلم ضرراً بقول كأن رماه بفرية اختلقها وزورها عليه ليهينه بها ويسيء سمعته فهو من هذا القبيل بل أن من شهد زوراً على فلان بأن عنده مال لفلان قدره كذا وكذا أخف وطئة من أن يلحق به عيباً وعاراً والله حسيب من يفعل ذلك من أصحاب الحزبيات وسيقف الجميع بين يدي من لا تخفى عليه خافية .


المعنى الإجمالي
أن رسول الله ‪ﷺ ‬ بحكم وظيفته التي وضعه بها ربه وهو بيان الأحكام الشرعية قال لأصحابه ألا أنبئكم أي أخبركم بأكبر الكبائر فذكر هذه الثلاث التي هي الإشراك بالله وهو اعتداء على مقام الألوهية وأخذ لحقه سبحانه وتعالى وإعطاءه لمن لا يستحقه من المخلوقين العاجزين وعقوق الوالدين فضيع لأنه مكافئة للإحسان بالإساءة وشهادة الزور عامة لكل قول مزور ومكذوب يراد به انتقاص من وقع عليه بأخذ من ماله أو اعتداء على عرضه


فقه الحديث
أولاً : يؤخذ من هذا الحديث إبلاغ الأحكام الشرعية بطريقة العرض ألا أنبئكم


ثانياً : أن المعاصي تنقسم إلى ثلاثة أقسام كبائر وأكبر كبائر ومعاصي دون ذلك


ثالثاً : تعريف الكبائر هي كل ذنب اتبع صاحبه بلعن أو توعد بالنار أو بغضب الملك الجبار أو رتب عليه حد من الحدود الدنيوية


رابعاً : أما أكبر الكبائر فلا تعلم إلا من طريق الشرع وهذه الثلاث منها


خامساً : أولها الإشراك بالله وهذه الكبيرة هي أكبر من كل الكبائر وفاعلها يخرج من الإسلام إن كان الشرك أكبر


سادساً : الشرك الأكبر الذي يخرج من الإسلام هو أن يعطي الإنسان حق الألوهية لغير الله جل وعلا فيعتقد فيه القدرة على ما لا يقدر عليه إلا الله كإنزال المطر وإعطاء الولد والنصر على العدو وأن يعتقد فيه سلطاناً غيبياً يطلع به على المغيبات


سابعاً : أما الشرك الأصغر فهو لا يخرج من الإسلام كالرياء العارض في العمل والحلف بغير الله إذا لم يقصد تعظيم المخلوق تعظيماً يساوي تعظيم الله عز وجل أو يزيد عليه وإسناد النعم إلى غير الله كقولهم لولا الكلب لأتانا اللصوص وما أشبه ذلك فهذا الشرك الأصغر لا يخرج من الإسلام ولا يوجب الخلود في النار وقد قيل إنه داخل في الوعيد بعدم المغفرة نعوذ بالله من ذلك


ثامناً : عقوق الوالدين الذي يوجب لهما البكاء والحزن الشديد لكون ابنهما قابل إحسانهما بالإساءة وهذا الذنب أعظم الذنوب بعد الشرك


تاسعاً : قوله وكان متكئاً فجلس دليل على الاهتمام بالخصلة الأخيرة لأن الدواعي إليها كثيرة فقد يحمل على شهادة الزور بغض المشهود عليه أو حب المشهود له أو أخذ الرشوة على ذلك


عاشراً : وقول الزور يتفاوت فمن بهت مسلماً في عرضه بما يريد أن يشينه به أو يسيء به سمعته فإن ذنبه عظيم وحسابه شديد والله سبحانه وتعالى يقول (وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا ) [ الأحزاب : 58 ]وقد جاء في الحديث عَنْ سَهْلِ بْنِ مُعَاذِ بْنِ أَنَسٍ الْجُهَنِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ النَّبِيِّ ‪ﷺ ‬ قَالَ مَنْ حَمَى مُؤْمِنًا مِنْ مُنَافِقٍ أُرَاهُ قَالَ بَعَثَ اللَّهُ مَلَكًا يَحْمِي لَحْمَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ نَارِ جَهَنَّمَ وَمَنْ رَمَى مُسْلِمًا بِشَيْءٍ يُرِيدُ شَيْنَهُ بِهِ حَبَسَهُ اللَّهُ عَلَى جِسْرِ جَهَنَّمَ حَتَّى يَخْرُجَ مِمَّا قَالَ )


الحادي عشر : تنفير النبي ‪ﷺ ‬ عن شهادة الزور وقول الزور بكونه كررها حتى قالوا ليته سكت وبالله التوفيق .


--------

تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 5 ]

[ المجلد الخامس ]

http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam5.pdf (http://subulsalam.com/site/kutub/AhmedNajmi/08TassisAhkam5.pdf)

الرابط المباشر لتحميل الكتاب :

http://subulsalam.com/play.php?catsmktba=9384

ام عادل السلفية
11-04-2016, 11:28PM
بسم الله الرحمن الرحيم




تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام

للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -


الحديث السادس :
عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله ﷺ قال لو يعطى الناس بدعواهم لادعى ناس دماء رجال وأموالهم ولكن اليمين على المدعى عليه .


موضوع الحديث :
الدعاوي والبينات من كتاب القضاء


المفردات
لو يعطى الناس بدعواهم بدون قيود لادعى أناس دماء رجال وأموالهم ولكن اليمين على المدعى عليه
المدعي :هو المطالب وعرفه الفقهاء بأن المدعي هو من لو ترك لم يتابع
أما المدعى عليه فهو بضد ذلك وهو من إذا ترك لم يترك وقد يقال في المدعي عليه هو من بيده السلعة المدعى فيها وقد يعرف بأنه المتهم


المعنى الإجمالي
أخبر النبي ﷺ بأنه لو يعطى الناس بدعواهم بدون بينة ولا يمين لادعى أقوام دماء رجال وأموالهم ولكن الشريعة جاءت من عند العليم الخبير فجعل الله عز وجل لها حدوداً وموازين لتؤدى الحقوق إلى أصحابها ويمنع المعتدون عن الدعاوي الكاذبة بما يترقبهم وينتظرهم عند العجز من التعزير والإفلاس وبالله التوفيق


فقه الحديث
أولاً : يؤخذ من هذا الحديث أن الناس لا يستوون في التورع وعدمه ففي الناس من يمنعه إيمانه ومن الناس من يمنعه حياؤه وفي الناس من لا يمنعه حياء ولا إيمان وهو الشخص الذي لا يبالي وقول النبي ﷺ هذا دليل على أن من الناس من يحب ابتزاز أموال الناس والادعاء عليهم ولذلك جعلت لهم الشريعة رادعاً وهو تكليف المدعي بالبينة والمدعى عليه باليمين


ثانياً : أن المدعي تلزمه البينة وغالباً تكون الدعوى في شيء تحت يد المدعى عليه فتخالف الواقع فمن أجل ذلك كلف المدعي بالبينة على صدق دعواه


ثالثاً : إذا عجز المدعي عن البينة وجب على المدعى عليه أن يحلف يمين البراءة من تلك الدعوى حتى تبرأ ساحته


رابعاً : قال ابن الملقن إنما جعلت البينة على المدعي لأنها حجة قوية تؤكد الدعوى وتقويها حيث أن المدعى فيه غالباً يكون بيد المدعى عليه فكلف المدعي بالبينة وهي الحجة القوية فمن توفرت له هذه الحجة أخذ الحق المدعى فيه بها ومن لم تتوفر له فلا يلزم له بعد ذلك إلا اليمين وهذا التقسيم استنتاج عقلي إلا أن هذا الاستنتاج العقلي يبين صحة الشرع وأنه يضع الأمور في مواضعها وإلا فالحقيقة أن الشرع كاف في توزيع هذه الأمور ووضع كل شيء في موضعه فالحمد لله الذي علمنا ما لم نكن نعلم


خامساً : يستثنى من قاعدة الدعاوي والبينات القسامة فإنه يبدأ فيها بالمدعي فيجعل عليه اليمين وقد قال النبي ﷺ للأنصار حين ادعوا دم عبدالله بن سهل على يهود خيبر تحلفون خمسين يميناً على رجل منهم فيدفع إليكم برمته


سادساً : ويستثنى من هذه القاعدة قاعدة البينة على المدعي واليمين على من أنكر . ما صح به الحديث وهو أنه إذا كان للمدعي شاهد واحد فإنه إذا لم يجد الشاهد الآخر الذي يكمل النصاب يحلف على مقتضى ما شهد به الشاهد فيكون مكملاً لدعواه وبالشاهد واليمين أخذ الأئمة الثلاثة مالك والشافعي وأحمد ومنع القضاء بذلك أبو حنيفة والحنفية محجوجون بما ثبت عن النبي ﷺ من اعتبار يمين المدعي مكملاً لنصاب الشهادة عند عدم وجودها وبالله التوفيق .



--------

تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 5 ]

[ المجلد الخامس ]

http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam5.pdf (http://subulsalam.com/site/kutub/AhmedNajmi/08TassisAhkam5.pdf)

الرابط المباشر لتحميل الكتاب :

http://subulsalam.com/play.php?catsmktba=9384

ام عادل السلفية
11-04-2016, 11:34PM
بسم الله الرحمن الرحيم




تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام

للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -



كتاب الأطعمة
الأطعمة جمع طعام وهو ما يتغذى به الإنسان من مأكولات ومشروبات ولكن يطلق الطعام على المأكول غالباً علماً بأن المشروبات التي فيها تغذية للجسم تشترك مع المأكولات في كونها مغذية والإنسان بحاجة إلى ما يغذي جسمه وقد أمر الله عباده أن يأكلوا مما في الأرض حلالاً طيباً وحرم الله عز وجل على المسلمين أكل المحرمات وتوعد على ذلك بالوعيدات الرادعة كما يقول سبحانه وتعالى ( الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لا يَقُومُونَ إِلا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ) [ البقرة : 275 ]


وقال ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ) [ آل عمران : 130]


وقال (إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا ) [ النساء : 10 ]


وحرم على المؤمنين أن يأكل بعضهم أموال بعض بالباطل فقال (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا ) [ النساء : 29،30 ]
إلى غير ذلك من النصوص القرآنية والنصوص النبوية وأمر بأخذ الحلال البين وترك المشتبة استبراءً للدين والعرض ورتب على أكل الحلال قبول العمل واستجابة الدعاء فقال ‪ﷺ ‬ لسعد بن أبي وقاص لما طلب منه أن يكون مستجاب الدعاء ( يا سعد أطب مطعمك تكن مستجاب الدعوة … الحديث )


وقال ‪ﷺ ‬ كما في حديث عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ‪ﷺ ‬ إِنَّ اللَّهَ قَسَمَ بَيْنَكُمْ أَخْلاقَكُمْ كَمَا قَسَمَ بَيْنَكُمْ أَرْزَاقَكُمْ وَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يُعْطِي الدُّنْيَا مَنْ يُحِبُّ وَمَنْ لا يُحِبُّ وَلا يُعْطِي الدِّينَ إِلا لِمَنْ أَحَبَّ فَمَنْ أَعْطَاهُ اللَّهُ الدِّينَ فَقَدْ أَحَبَّهُ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لا يُسْلِمُ عَبْدٌ حَتَّى يَسْلَمَ قَلْبُهُ وَلِسَانُهُ وَلا يُؤْمِنُ حَتَّى يَأْمَنَ جَارُهُ بَوَائِقَهُ قَالُوا وَمَا بَوَائِقُهُ يَا نَبِيَّ اللَّهِ قَالَ غَشْمُهُ وَظُلْمُهُ وَلا يَكْسِبُ عَبْدٌ مَالاً مِنْ حَرَامٍ فَيُنْفِقَ مِنْهُ فَيُبَارَكَ لَهُ فِيهِ وَلا يَتَصَدَّقُ بِهِ فَيُقْبَلَ مِنْهُ وَلا يَتْرُكُ خَلْفَ ظَهْرِهِ إِلا كَانَ زَادَهُ إِلَى النَّارِ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لا يَمْحُو السَّيِّئَ بِالسَّيِّئِ وَلَكِنْ يَمْحُو السَّيِّئَ بِالْحَسَنِ إِنَّ الْخَبِيثَ لا يَمْحُو الْخَبِيث )


ذكر فيه عشرة أحاديث



--------

تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 5 ]

[ المجلد الخامس ]

http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam5.pdf (http://subulsalam.com/site/kutub/AhmedNajmi/08TassisAhkam5.pdf)

الرابط المباشر لتحميل الكتاب :

http://subulsalam.com/play.php?catsmktba=9384

ام عادل السلفية
12-04-2016, 12:18AM
بسم الله الرحمن الرحيم




تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام

للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -


الحديث الأول :
عن النعمان بن بشير رضي الله عنه قال سمعت النبي ‪ﷺ ‬ يقول وأشار النعمان بأصبعيه إلى أذنيه إن الحلال بين والحرام بين وبينهما مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس فمن اتقى الشبهات استبرأ لدينه وعرضه ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يرتع فيه ألا وإن لكل ملك حمى ألا وإن حمى الله محارمه ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب .


موضوع الحديث :
اتقاء الشبهات استبراء للدين والعرض


المفردات
إن الحلال بين : أي واضح
والحرام بين : أي واضح وكل منهما يتضح بصفته وماهيته ففي الحلال البين أنواع المآكل من البر والذرة والأرز واللحم المذكى والأسماك والفواكه والخضروات وغير ذلك . ومن الحرام البين الربا والمال المأخوذ بالسرقة والغش وغير ذلك من المأكولات المحرمة والمشروبات المحرمة كالخمر والمخدرات بجميع أنواعها وما أشبه ذلك والمال المأخوذ بالظلم وأكل أموال الأوقاف وأكل أموال اليتامى وأكل مال المسلم بغير حق والزنا وما إلى ذلك من المحرمات
قوله وبينهما مشتبهات وفي رواية وبينهما أمور مشتبهات وهذه المشتبهات يخفى حكمها إلا على أهل العلم المتعمقين فيه والممارسين لأحكام الشريعة ولهذا قال لا يعلمهن كثير من الناس يعني أن أكثر الناس تخفى عليهم أما أهل العلم فإنهم بالنظر والقياس يلحقون هذا المشتبه بأحد الحكمين إما أن يكون أشبه بالحلال فيلحقونه به أو أشبه بالحرام فيلحقونه به ولهذا قال فمن اتقى الشبهات أي ابتعد عنها ولم يقربها حماية لدينه وحماية لعرضه فإنه حينئذ قد استبرأ أي طلب البراءة لدينه وعرضه
قوله ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام : أي أن من تجرأ على الشبهات بمعنى أنه تجرأ على الأمور المشتبهة فوقع فيها وأفتى نفسه بحلها فإنه يقع في الحرام ولا بد لأن من المعلوم من حال الناس أن من تجرأ على الأمور المشتبهة فإن الشيطان يستدرجه حتى يستهين بالحرام الواضح فيقع فيه وقد ضرب النبي ‪ﷺ ‬ مثلاً بقوله كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يرتع فيه ومعلوم أن صاحب الماشية الذي يرعى فربما يقول إن المرعى الذي في الفلاة قد أكلت منه مواشي الناس ولكن الذي حول الزرع وقريب منه الرعي فيه أسلم وأحسن لأن المرعى الذي فيه لم تقع فيه المواشي فيرعى قريباً من الزرع فإذا رعى قريباً من الزرع دخلت بعض مواشيه على الزرع فأكلت منه وهكذا ضرب النبي ‪ﷺ ‬ هذا المثل ثم قال ألا وإن لكل ملك حمى : كان الملوك في الزمن الأول لهم خيل يقاتل عليها ولهم إبل يحمل عليها ولا بد لهم من أماكن تكون محمية لخيلهم وإبلهم وماترك هذا إلا حين استغنى الملوك والرؤساء بالمصنوعات كالسيارات والطيارات والدبابات والمصفحاتثم قال ‪ﷺ ‬ وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب هذه المضغة لصغرها أي لصغر حجمها فإنها هي التي تصرف الجسد والجوارح فإن كانت صالحة بأن كانت عامرة بالإيمان معمورة بالتقوى ظهرت الأعمال وحركات الجسد صالحة لأن القلب الصالح هو الأمير لها والمدبر فيها وإن كانت بخلاف ذلك بأن كانت مشحونة بالهوى والشهوات وأمور الباطل انعكست على الجسد وجوارحه فأفسدته بأوامرها السيئة المبنية على الشهوات والشبهات نسأل الله أن يصلح قلوبنا وأعمالنا إنه جواد كريم


المعنى الإجمالي
مدار هذا الحديث على ثلاثة أمور :-
حلال بين واضح وحرام بين واضح وأمور مشتبهة تخفى على معظم الناس فلا يدرون هل هي من الحلال أم من الحرام ولهذا فإن النبي ‪ﷺ ‬ يحذر من الأمور المشتبهة أن يستهان بها أو يتجرأ عليها بلا علم وأن الواجب على من لم يكن عنده علم ألا يقدم على أي شي من هذه المشتبهات حتى يسأل أهل العلم عن حكمها فإن أفتوه وبقي مع ذلك في نفسه شيء من الخوف والشك فليتجنب تلك الشبهات وليبتعد عنها لقوله عليه الصلاة والسلام ( وَالإِثْمُ مَا حَاكَ فِي الْقَلْبِ وَتَرَدَّدَ فِي الصَّدْرِ وَإِنْ أَفْتَاكَ النَّاسُ قَالَ سُفْيَانُ وَأَفْتَوْكَ ) ولقد أخبر عليه الصلاة والسلام أن في الجسد مضغة ينبني عليها صلاح الجسد وفساده فإن صلحت فسيكون الجسد كله صالحاً لأنها تملي عليه الصلاح وإن فسدت كان الجسد كله فاسداً لأنها تملي عليه العصيان فليدع العبد ربه بأن يصلح قلبه حتى يكون صالحاً فلا يأمر صاحبه إلا بخير


فقه الحديث
أولاً : يؤخذ من هذا الحديث أن الدين ينقسم إلى ثلاثة أقسام حلال واضح بين وحرام واضح بين والقسم الثالث أمور مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس فيهن شبه بالحلال وشبه بالحرام


ثانياً : في ضمن ذلك حث للمسلم على أخذ الحلال واجتناب الحرام والله تعالى يقول {يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُواْ مِمَّا فِي الأَرْضِ حَلاَلاً طَيِّباً وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ }[ البقرة : 168 ]
ففي هذا أمر بأخذ الحلال الواضح واجتناب الحرام الواضح والإمساك عن الشبهات حتى يعلم العبد من أي شيء هي


ثالثاً : أمر الله للعباد بأكل الحلال أمر إباحة فمن امتنع عن أكل الحلال تديناً عد معتدياً وقد علمنا ما جرى للرهط الثلاثة الذين جاءوا إلى بيوت النبي ‪ﷺ‬ يسألون عن عبادته حيث روى البخاري في صحيحه عن أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال جَاءَ ثَلاثَةُ رَهْطٍ إِلَى بُيُوتِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ ‪ﷺ‬ يَسْأَلُونَ عَنْ عِبَادَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمَّا أُخْبِرُوا كَأَنَّهُمْ تَقَالُّوهَا فَقَالُوا وَأَيْنَ نَحْنُ مِنْ النَّبِيِّ ‪ﷺ ‬ قَدْ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ قَالَ أَحَدُهُمْ أَمَّا أَنَا فَإِنِّي أُصَلِّي اللَّيْلَ أَبَدًا وَقَالَ آخَرُ أَنَا أَصُومُ الدَّهْرَ وَلا أُفْطِرُ وَقَالَ آخَرُ أَنَا أَعْتَزِلُ النِّسَاءَ فَلا أَتَزَوَّجُ أَبَدًا ) وفي رواية ( وَقَالَ بَعْضُهُمْ لا آكُلُ اللَّحْمَ وَقَالَ بَعْضُهُمْ لا أَنَامُ عَلَى فِرَاشٍ ) فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ ‪ﷺ‬ فَقَالَ أَنْتُمْ الَّذِينَ قُلْتُمْ كَذَا وَكَذَا أَمَا وَاللَّهِ إِنِّي لأَخْشَاكُمْ لِلَّهِ وَأَتْقَاكُمْ لَهُ لَكِنِّي أَصُومُ وَأُفْطِرُ وَأُصَلِّي وَأَرْقُدُ وَأَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي) فليس من الدين ترك الحلال تديناً كما أنه ليس من الدين التجرؤ على محارم الله سبحانه وتعالى .


رابعاً : أخبر النبي ‪ﷺ‬ أن هناك أموراً مشتبهات والناس أمام هذه المشتبهات ينقسمون إلى قسمين أما علماء فإنهم يجب عليهم أن يدرسوا هذه المشتبهات ويلحقوها بما يرون أنها به أشبه وإليه أقرب سواء كان من الحلال أو من الحرام يحكمون عليها بعد الدراسة بعيداً عن المؤثرات ليكون الحكم لهم ولغيرهم من الناس
الصنف الثاني العوام وطلبة العلم المبتدئين الذين لا يمكنهم إلحاق هذه المشتبهات بأحد النوعين الحلال أو الحرام فهؤلاء يجب عليهم التوقف وعدم الإقدام على هذه المشتبهات إلا بفتوى من أهل العلم وإن اختلفت الفتوى فيجب أن يعودوا إلى الفتوى التي تكون أقرب إلى كتاب الله وسنة رسول الله ‪ﷺ‬ من خلال الأدلة المسبورة في الفتوى


خامساً : يؤخذ من هذا أن في ترك الأمور المشتبهة حماية للدين والعرض وفي ذلك يكون التارك للمشتبه أقرب للسلامة


سادساً : مثل النبي ‪ﷺ‬ للمشتبهات بمن رعى حول الحمى فإنه من قارب الحمى وقع فيه ولا بد


سابعاً : هناك علاقة في قوله كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يقع فيه وبين قوله ألا إن في الجسد مضغة وهذه العلاقة هي أن التحرز مما اشتبه أمره يعود إلى تقوى القلوب وصلاحها وتأثرهابالإيمان فإن كان القلب صالحاً متأثراً بالإيمان كان أزكى وأبعد عن الشبهات وإن كان تأثره بالإيمان ضعيف وسماعه للنصوص الشرعية قليل كان أكثر جرأة على تلك الشبهات أو بالمعنى الأصح المتشابهات


ثامناً : أخبر النبي ‪ﷺ‬ أن الجسد كله يقوم على القلب صلاحاً وفساداً مع أن القلب مضغة أي قطعة من اللحم صغيرة ولكنه هو المحرك والمؤثر في الجسد


تاسعاً : اختلف الناس قديماً وحديثاً هل العقل في القلب أو في الدماغ فبعضهم قالوا في الدماغ وبعضهم قالوا في القلب ولكل منهم أدلة والصحيح أن العقل فيهما جميعاً وأن بين القلب والدماغ ارتباط قوي ولا يصح العقل إلا إذا كان القلب والدماغ صحيحان فإذا حصل التأثير على الدماغ انعكس أثره على القلب وإذا حصل التأثر على القلب انعكس أثره على الدماغ ولا يصح العقل إلا بصحتهما وبالله التوفيق .



--------

تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 5 ]

[ المجلد الخامس ]

http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam5.pdf (http://subulsalam.com/site/kutub/AhmedNajmi/08TassisAhkam5.pdf)

الرابط المباشر لتحميل الكتاب :

http://subulsalam.com/play.php?catsmktba=9384

ام عادل السلفية
12-04-2016, 12:23AM
بسم الله الرحمن الرحيم



تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام

للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -

الحديث الثاني :
عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال أنفجنا أرنباً بمر الظهران فسعى القوم فلغبوا وأدركتها فأخذتها فأتيت أبا طلحة فذبحها وبعث إلى رسول الله ﷺ بوركها وفخذيها فقبله )
(لغبوا ) أعيوا


موضوع الحديث :
حل الأرنب وجواز أكلها


المفردات
أنفجنا : أي أثاروا
أرنباً : الأرنب حيوان معروف سريع الجري وهو نوع من أنواع الصيد يجوز أخذه وتربيته ويذبح فيؤكل
سعى القوم : السعي هو الجري
فلغبوا بمعنى تعبوا وأعيوا
أدركتها : لحقتها
فأخذتها : مسكتها
فأتيت أبا طلحة : أبو طلحة اسمه زيد بن سهل أحد النقباء ليلة العقبة وأحد فضلاء الأنصار وهو زوج أم سليم التي هي أم أنس بن مالك رضي الله عنهم
بوركها : الورك هو ملتقى الظهر مع مربط الرجل
وفخذيها : أي فخذي الأرنب والفخذ في أعلى الرجل
مر الظهران : هو موضع قريب من مكة ولعله ما يسمى الآن بالجموم أو قريباً منه


المعنى الإجمالي
كان النبي ﷺ وأصحابه في سفر ولعلهم قد نزلوا في ذلك المكان الذي هو مر الظهران فلقد نزل في هذا الموضع رسول الله ﷺ بأصحابه في عام الفتح فأثاروا أرنباً وهو معنى أنفجنا أي أثرنا فسعى القوم بعدها ليأخذوها قال فلغبوا وأدركتها وكان أنس بن مالك في ذلك الوقت في ريعان شبابه فأخذها وذهب بها إلى زوج أمه فذبحها وأهدى منها إلى رسول الله ﷺ فقبلها ولعله قد أكل منها كما أشار إلى ذلك ابن الملقن في الرواية التي حكاها


فقه الحديث
أولاً : يؤخذ من هذا الحديث جواز أكل الأرنب وأنها نوع من أنواع الصيد يؤكل لحمها


ثانياً : يؤخذ منه أن الصيد لمن أدركه وإن سعى وراءه عدد فلم يدركوه فإنه يكون لمن أدركه ويملك لحمه بالتذكية وهو الذبح ويملكه بالأخذ ويحل لحمه بالتذكية


ثالثاً : أن هذا الحيوان يجوز اقتنائه وتربيته


رابعاً : حكيت كراهة لحمه عن بعض السلف وزعموا أن الأرنب تحيض ولا دليل على ذلك إلا ما حكاه ابن حجر في الفتح رحمه الله حيث قال من حديث أخرجه النسائي من طريق موسى بن طلحة عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: ( جاء أعرابي إلى النبي ﷺ بأرنب قد شواها فوضعها بين يديه فأمسك رسول الله e فلم يأكل وأمر القوم أن يأكلوا ) ورجاله ثقات إلا أنه اختلف فيه على موسى بن طلحة اختلافاً كثيراً) أهـ


وأقول : وأخرجه أيضاً عبدالرزاق 4/516 وابن أبي شيبة 8/247 والبيهقي 9/321 إلى أن قال واحتج بحديث خُزَيْمَةَ بْنِ جَزْءٍ قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا تَقُولُ فِي الأَرْنَبِ قَالَ لا آكُلُهُ وَلا أُحَرِّمُهُ قُلْتُ فَإِنِّي آكُلُ مِمَّا لَمْ تُحَرِّمْ وَلِمَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ نُبِّئْتُ أَنَّهَا تَدْمَى ) وسنده ضعيف
أقول : أخرجه ابن أبي شيبة وابن ماجة من طريق محمد بن إسحاقوهو مدلس وقد عنعن عن عبدالكريم بن أبي المخارق وهو ضعيف قال ولو صح لم يكن فيه دلالة على الكراهة كما سيأتي تقريره في الباب الذي بعده قال وله شاهد عن عبدالله بن عمرو بلفظ (جِيءَ بِهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَأَنَا جَالِسٌ فَلَمْ يَأْكُلْهَا وَلَمْ يَنْهَ عَنْ أَكْلِهَا وَزَعَمَ أَنَّهَا تَحِيضُ ) أخرجه أبو داود وله شاهد عن عمر عند إسحاق بن راهوية في مسنده
وحكى الرافعي عن أبي حنيفة أنه حرمها وغلطه النووي في النقل عن أبي حنيفة ) أهـ


وأقول : أولاً أن هذه الأحاديث التي ذكرت فيها ضعف وحديث أنس بن مالك في الصحيحين


ثانياً : أن القاعدة الاصطلاحية أنه إذا تعارض حديثان فإن أمكن الجمع بينهما جمع بينهما وإن لم يمكن فيجب الرجوع إلى الترجيح ولا شك أن حديث الصحيحين أرجح وهذه الأحاديث التي ذكرت فيها ضعف وربما إن بلغ بعضها إلى درجة المقبول ولكنه لا يصل إلى درجة ما رواه صاحبا الصحيح بل ما رواه أحدهما


ثالثاً : أنه لو صح أن النبي ﷺ قال لا آكله ولا أحرمه فإن ذلك لا يدل على تحريمه أو كراهته علماً بأنه قد ثبت في رواية البخاري أن النبي ﷺ أكل منها وبالله التوفيق


خامساً : يؤخذ منه جواز هدية الصيد لمن ملكه سواء كان حياً أو هدية لحمه بعد الذكاة وبالله التوفيق .


--------

تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 5 ]

[ المجلد الخامس ]

http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam5.pdf (http://subulsalam.com/site/kutub/AhmedNajmi/08TassisAhkam5.pdf)

الرابط المباشر لتحميل الكتاب :

http://subulsalam.com/play.php?catsmktba=9384

ام عادل السلفية
24-04-2016, 01:22AM
بسم الله الرحمن الرحيم




تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام

للعلامة : احمد النجمي
-رحمه الله -


الحديث الثالث :
عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما قالت نحرنا فرساً على عهد رسول الله ﷺ فأكلناه .
وفي رواية ونحن بالمدينة


موضوع الحديث :
حل أكل لحم الخيل


المفردات
نحرنا : النحر يكون لما لا يذبح من الأنعام كالإبل وما يقدر ابن آدم على ذبحه فهو يذبح ولعل الفرس مما لا يستطاع ذبحه فينحر ونحر ما يجوز ذبحه وذبح ما يجوز نحره كل ذلك جائز ويعتبر ذكاة إلا أنه مخالفة للسنة
فرساً : الفرس يقال للأنثى والذكر كما يقال
على عهد رسول الله ﷺ : أي في زمنه
قولها فأكلناه : بينت علة النحر ليدل ذلك على جواز أكله وفي رواية ونحن بالمدينة يعني أنهم فعلوا ذلك بعد الهجرة


المعنى الإجمالي
تخبر أسماء بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنهما أنهم نحروا فرساً على عهد رسول الله ﷺ وأكلوه هم وأهل بيت رسول الله ﷺ وفي ذلك دلالة على جواز أكل لحوم الخيل ولا يتوهم أحد منع أكلها لاقترانها مع الحمير والبغال في الآية وهي قوله تعالى (وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لا تَعْلَمُونَ ) [ النحل : 8 ]


فقه الحديث
يؤخذ من الحديث جواز أكل لحوم الخيل قال ابن الملقن وفي ذلك ثلاثة مذاهب
أحدها جوازها من غير كراهة وهو مذهب الشافعي وأحمد وجمهور العلماء سلفاً وخلفاً وبه قال جماعة من الصحابة والتابعين وجماهير الفقهاء والمحدثين منهم عبدالله بن الزبير وأنس بن مالك وفضالة بن عبيد وأسماء بنت أبي بكر ومن التابعين سويد بن غفلة وعلقمة والأسود وعطاء وشريح وسعيد بن جبير والحسن البصري وإبراهيم النخعي وحماد بن ابي سليمان وإسحاق وأبي يوسف ومحمد وداود وغيرهم


المذهب الثاني : حله مع الكراهة وهو قول ابن عباس والحكم بن عتيبة وبعض اصحاب أبي حنيفة


المذهب الثالث : أنه حرام وهو الصحيح عند أصحابه كما نقله عنه الشيخ تقي الدين


قلت يعني بذلك ابن دقيق العيد يعني نقل تحريمه عن أبي حنيفة
وعنه يأثم ولا يسمى حراماً وعليها اقتصر النووي في شرحه في حكايتها عنه
وعند المالكية ثلاثة أقوال الكراهة والتحريم والإباحة قال الفاكهي والظاهر فيها وهو المشهور الكراهة والصحيح عند المحققين منهم التحريم
وأقول : معنى ذلك عند المحققين من المالكية


واقتصر النووي في شرحه والقرطبي في النقل عن مالك على الكراهة فقط ومن قال بكراهة أكله أو تحريمها استدل بحديث رواه صالح بن يحيى بن المقدام بن معدي كرب عن جده المقدام عن خالد بن الوليد أنه عليه الصلاة والسلام ( نهى عن أكل لحوم الخيل والبغال والحمير وكل ذي ناب من السباع ) أهـ
وفي بعض رواياتهم أن ذلك يوم خيبر ) رواه أحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجه


وأقول : قد قدح في هذا الحديث بأن صالح بن يحيى وأبوه غير معروفين وأن خالد بن الوليد لم يسلم إلا بعد فتح خيبر مع أن حديث أسماء في الصحيحين وحديث جابر بن عبدالله الآتي في الصحيحين أيضاً وفيه أن النبي ﷺ ( نهى عن لحوم الحمر الأهلية وأذن في لحوم الخيل ) ولمسلم وحده قال ( أكلنا زمن خيبر الخيل وحمر الوحش ونهى رسول الله ﷺ عن الحمار الأهلي ) فالاستدلال بهذين الحديثين الصحيحين على جواز أكل لحوم الخيل استدلال صحيح في محله ولا تعارض هذين الحديثين الصحيحين بحديث ضعيف علماً بأن في رواية أسماء أنهم أكلوا لحم ذلك الفرس هم وأهل بيت رسول الله ﷺ والله سبحانه وتعالى لا يقر صحابة رسوله ﷺ على شيئ محرم بل قال جل من قائل (وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْمًا بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ مَا يَتَّقُونَ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ) [ التوبة : 115 ] مع أن الدلالة واضحة من حديث أسماء أن النبي ﷺ علم ذلك وأقره وما أكل في بيته ﷺ


فالمظنون أنه يأكل منه ومنع النبي ﷺ من أكل لحوم الحمر الأهلية ونهيه عنها وكفئه لقدور طبخها وهي تغلي وترميلها بالتراب وإقراره لأكل لحوم الخيل وحمر الوحش بالإذن فيها كل ذلك يدل دلالة واضحة على حل أكل لحوم الخيل وبالله التوفيق .



--------

تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 5 ]

[ المجلد الخامس ]

http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam5.pdf (http://subulsalam.com/site/kutub/AhmedNajmi/08TassisAhkam5.pdf)

الرابط المباشر لتحميل الكتاب :

http://subulsalam.com/play.php?catsmktba=9384

ام عادل السلفية
24-04-2016, 01:28AM
بسم الله الرحمن الرحيم




تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام

للعلامة : احمد النجمي
-رحمه الله -


الحديث الرابع :
عن جابر بن عبدالله رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ نهى عن لحوم الحمر الأهلية وأذن في لحوم الخيل
ولمسلم وحده قال : أكلنا زمن خيبر الخيل وحمر الوحش ونهى رسول الله ﷺ عن الحمار الأهلي .

موضوع الحديث:
إباحة أكل لحوم الخيل والحمر الوحشية وتحريم الحمار الأهلي


المفردات
لحوم الحمر الأهلية : المقصودبها الحمر الأنسية والأهلية والإنسية بمعنى أنها آنسة وليست بمتوحشة
قوله وأذن في لحوم الخيل : أي في أكلها وهذا الحديث دليل على إباحة لحوم الخيل وكذلك حمر الوحش وحمر الوحش هي حمر متوحشة أباح النبي e أكلها وأكلها هو بنفسه وقبل الهدية بها واعتذر من المهدي بأنه كان محرماً وصيد البر لا يحل له


المعنى الإجمالي
يخبر راوي الحديث جابر بن عبدالله رضي الله عنه أن النبي ﷺ نهى عن لحوم الحمر الأهلية أي نهى عن أكلها وأنه أباح وأذن في لحوم الخيل والحمار الوحشي


فقه الحديث
أولاً : يؤخذ من هذا الحديث تحريم لحوم الحمر الأهلية وسيأتي من حديث عبدالله بن أبي أوفى رضي الله عنه أن النبي ﷺ أمر بكفأ القدور وهي تغلي بلحمها
وتحريم لحوم الحمر الأهلية مجمع عليه إلا من شذ


ثانياً : ورد حديث عَنْ غَالِبِ بْنِ أَبْجَرَ قَالَ أَصَابَتْنَا سَنَةٌ فَلَمْ يَكُنْ فِي مَالِي شَيْءٌ أُطْعِمُ أَهْلِي إِلا شَيْءٌ مِنْ حُمُرٍ وَقَدْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ حَرَّمَ لُحُومَ الْحُمُرِ الأَهْلِيَّةِ فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ ﷺ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَصَابَتْنَا السَّنَةُ وَلَمْ يَكُنْ فِي مَالِي مَا أُطْعِمُ أَهْلِي إِلا سِمَانُ الْحُمُرِ وَإِنَّكَ حَرَّمْتَ لُحُومَ الْحُمُرِ الأَهْلِيَّةِ فَقَالَ أَطْعِمْ أَهْلَكَ مِنْ سَمِينِ حُمُرِكَ فَإِنَّمَا حَرَّمْتُهَا مِنْ أَجْلِ جَوَّالِ الْقَرْيَةِ يَعْنِي الْجَلالَةَ )
وهذا الحديث ضعيف قد ضعفه أهل العلم إذ حكى ابن الملقن عن البيهقي أنه قال هذا الحديث مختلف في إسناده ومثله لا تعارض به الأحاديث الصحيحة بتحريم لحوم الحمر الأهلية


وقال عبدالحق هذا الحديث ليس بمتصل الإسناد إلا من حديث عبدالله بن عامر بن لويم وهو غير معروف وعبدالرحمن بن بشر وهو مجهول


وقال ابن الملقن المذكور في وصفه ضعيف باتفاق الحفاظ لما في إسناده من الاضطراب وشدة الاختلاف


وأقول : مثل هذا الحديث لا تعارض به الأحاديث الصحيحة الواردة في الصحيحين وغيرهما وعلى تقدير صحة الحديث أي حديث ابن أبجر فإنه يحمل على أن تلك السنة المجدبة كان فيها حالة اضطرارية تبيح أكل لحوم الحمر الأهلية بسبب الضرورة كما تباح الميتة للمضطر أيضاً وهذا تنـزلاً على فرضية بلوغ حديث غالب بن أبجر إلى درجة الاحتجاج ولكن القول بضعفه واضطرابه وعدم صحته هو القول الراجح عند أهل الحديث .


ثالثاً : ما هي العلة التي من أجلها حرمت لحوم الحمر الأهلية ؟
الجواب : ادعى بعض أهل العلم أن العلة في ذلك أنها للركوب والحمل فلو سلط عليها الأكل لنفدت فلذلك حرمت


والقول الصحيح أنها أنما حرمت لنجاستها لأن النبي ﷺ أخبر أنها نجسة ففي صحيح ابن خزيمة أن النبي ﷺ قال لبعض الصحابة أبغني أحجاراً أستنفض بها فأتاه بحجرين وروثة حمار فرمى الروثة وقال إنها ركس .


رابعاً : يؤخذ من الحديث جواز أكل لحوم الخيل كما أفاده حديث أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما وتقدم بأن الجمهور قالوا بجواز أكل لحوم الخيل وأن أبا حنيفة حرمها أو كرهها والقول بالإباحة هو صريح هذه الأحاديث الصحيحة المتفق عليها


خامساً : يؤخذ من الحديث جواز أكل لحوم الحمر الوحشية وقد أكل النبي ﷺ منها في عام الحديبية حين لحقه أبو قتادة بشيء من لحم حمار الوحش الذي اصطاده وأكل لحم حمر الوحش متفق عليه لا خلاف في ذلك وبالله التوفيق .



--------

تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 5 ]

[ المجلد الخامس ]

http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam5.pdf (http://subulsalam.com/site/kutub/AhmedNajmi/08TassisAhkam5.pdf)

الرابط المباشر لتحميل الكتاب :

http://subulsalam.com/play.php?catsmktba=9384

ام عادل السلفية
24-04-2016, 01:38AM
بسم الله الرحمن الرحيم





تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام

للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -



الحديث الخامس :
عن عبدالله بن أبي أوفى رضي الله عنه قال أصابتنا مجاعة ليالي خيبر فلما كان يوم خيبر وقعنا في الحمر الأهلية فانتحرناها فلما غلت بها القدور نادى منادي رسول الله ﷺ أن اكفؤ القدور وربما قال ولا تأكلوا من لحوم الحمر شيئاً .


موضوع الحديث :
تحريم لحوم الحمر الأهلية


المفردات
أصابتنا مجاعة : أي جوع
ليالي خيبر : أي وقت القتال فيها وانتظار فتحها
فلما كان يوم خيبر : أي بعد أن فتحت وقعنا في الحمر الأهلية أي أصبنا منها فانتحرناها بمعنى أنهم ذكوها
فلما غلت بها القدور : بمعنى أنها كادت أن تنضج نادى منادي رسول الله ﷺ أن أكفؤ القدور : الكفأ هو القلب وإراقة ما فيها وربما قال ولا تأكلوا من لحوم الحمر شيئاً .


المعنى الإجمالي
يخبر عبدالله بن أبي أوفى بأنهم حصلت لهم مجاعة في ليالي موقعةخيبر ولما فتحت انتحروا من حمرها وأخذوا من لحمها وطبخوه ولما طبخوه أمرهم النبي ﷺ بكفئ القدور وعدم الأكل من ذلك اللحم


فقه الحديث
تقدم الكلام عن لحوم الحمر الأهلية وأنها محرمة وتقدم بحث ذلك في الحديث الرابع والذي قبله بما أغنى عن إعادته هنا ومثل ذلك حديث أبي ثعلبة الخشني رضي الله عنه قال حرم رسول الله لحوم الحمر الأهلية وهذا من الأحاديث الصريحة الدالة على تحريم أكلها


وفقه الحديث كما تقدم في الأحاديث قبله وأن التعليل بكونها مركوبة أو بكونها جلالة كل ذلك تعليل غير صحيح بل هو من تفقه بعض الصحابة والعلة قد نص عليها الحديث حين أمر أبا طلحة أن ينادي إن الله ورسوله ينهيانكم عن لحوم الحمر الأهلية فإنها رجس وبالله التوفيق .


--------

تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 5 ]

[ المجلد الخامس ]

http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam5.pdf (http://subulsalam.com/site/kutub/AhmedNajmi/08TassisAhkam5.pdf)

الرابط المباشر لتحميل الكتاب :

http://subulsalam.com/play.php?catsmktba=9384

ام عادل السلفية
24-04-2016, 01:53AM
بسم الله الرحمن الرحيم




تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام

للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -



الحديث السادس :
عن عبدالله بن عباس رضي الله عنه قال دخلت أنا وخالد بن الوليد مع رسول الله ﷺ بيت ميمونة فأتي بضب محنوذ فأهوى إليه رسول الله ﷺ بيده فقال بعض النسوة اللآتي في بيت ميمونة أخبروا رسول الله ﷺ بما يريد أن يأكل فرفع رسول الله ﷺ يده فلم يأكل فقلت أحرام هو يا رسول الله ؟ قال لا ولكنه لم يكن بأرض قومي فأجدني أعافه .
قال خالد فاجتررته فأكلته والنبي ﷺ ينظر
قال رضي الله عنه: المحنوذ المشوي بالرضف وهي الحجارة المحماة


موضوع الحديث :
حكم أكل الضب

المفردات
فأتي بضب : الضب دابة من دواب الأرض وهو حيوان بري قال ابن الملقن يشبه الجرذون لكنه كبير القد يعني أكبر جثة من الجرذون
والضب هذا هو الذي ورد فيه الحديث عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ لَتَتَّبِعُنَّ سَنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ شِبْرًا بِشِبْرٍ وَذِرَاعًا بِذِرَاعٍ حَتَّى لَوْ دَخَلُوا فِي جُحْرِ ضَبٍّ لاتَّبَعْتُمُوهُمْ قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ آلْيَهُودَ وَالنَّصَارَى قَالَ فَمَنْ )
يقال أن حفرة الضب متعرجة يحفرها تارة كذا وتارة كذا فلذلك ضرب به المثل
أما قوله محنوذ : فالمحنوذ هو المشوي سواء كان على رضف أو غير ذلك فكل مشوي يقال محنوذ
فأهوى إليه رسول الله ﷺ : أي مد يده إليه ليأكل منه
فقلت أحرام هو : استفهام طلبي
قال لا ولكنه لم يكن بأرض قومي فأجدني أعافه .
من عجائب الضب يقولون أنه إذا أراد من اصطاده أن يذبحه يضع يده على حلقه ولحمه ينقز من القدر ومن أجل ذلك يضعون عليه شيئاً ثقيلاً


المعنى الإجمالي
جاءت أم حفيد بنت الحارث وهي هزيلة بنت الحارث جاءت إلى أختها ميمونة زائرة لها ومعها شيء من الهدايا وكان من ضمن الهدايا ضب وقد حضر ذلك الغداء أبناء أخوات ميمونة فخالد بن الوليد هو ابن أختها ميمونة خالته وعبدالله بن عباس والفضل بن عباس هي خالتهما أيضاً
ولما وضع الغداء ومد النبي ﷺ يده إلى اللحم ليأكل منه قالت نسوة ممن في البيت أخبروا رسول الله ﷺ بما يريد أن يأكل فقيل له إنه لحم ضب فحبس يده فقال له خالد أحرام هو يا رسول الله قال لا ولكنه لم يكن بأرض قومي فأجدني أعافه . قال خالد فاجتررته فأكلته والنبي ﷺ ينظر




فقه الحديث
أولاً : يؤخذ من هذا الحديث حل أكل الضب وأنه ليس بحرام بل هو حلال وما تركه النبي ﷺ إلا تقذراً


ثانياً : يؤخذ من هذا الحديث أن ما تركه الشارع ﷺ تقذراً فهو ليس بحرام


ثالثاً : قد ورد في ذلك حديث عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ شِبْلٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ نَهَى عَنْ أَكْلِ لَحْمِ الضَّبِّ وهو حديث ضعيف ولا يصح أن يكون معارضاً لهذا الحديث الصحيح وضعفه ابن الجوزي في علله وقال البيهقي تفرد به إسماعيل بن عياش وليس بحجة عن الشاميين وتعقبه ابن الملقن بأن إسماعيل بن عياش حديثه عن الشاميين حجة وقد حدث في هذا عن ضمضم وضمضم حمصي وتعقب ابن حزم في ادعائه أن رجال سنده ضعفاء
والمهم أن النبي ﷺ كرهه هو نفسه تقذراً وأخبر بحله في هذا الحديث الصحيح المتفق عليه المشهور شهرة عظيمة . إذاً فهذا الحديث شاذ الذي ادعى فيه أن النبي ﷺ نهى عن الضب إلا أن يكون قال قبل أن يعلم حكمه وقبل أن يوحى إليه فيه ثم استقر حكم الضب على الجواز من غير كراهة فكون النبي ﷺ ظن أنه من الممسوخات وخاف أن يكون مما توالد منها وبعد أن أعلمه الله عز وجل أن كل أمة مسخت لم يبق لها عقب ومن هنا فقد كان بذلك الأمن مما كان يحذر


رابعاً : ورد حديث في المعجم الصغير للطبراني عن جابر بن سمرة رضي الله عنه سئل رسول الله ﷺ عن الضب ( فقال أمة مسخت ) وهذا مما يستأنس به أن النهي الذي حصل قبل ذلك عن أكل لحم الضب حيث كان النبي ﷺ يعتقد أنه من بقايا المسخ فلما أعلمه الله عز وجل بأن الأمم الممسوخة لم يبق لها عقب وأن كل أمة مسخت لا تبقى أكثر من ثلاثة أيام بعد المسخ زال ما كان يحذر كما سبق


خامساً : جواز دخول أقارب الزوجة بيتها وتبسطهم فيه إذا علموا أن الزوج لا يكره ذلك


سادساً : الأكل في بيت الصديق والقريب الذي لا يكره ذلك والله سبحانه وتعالى يقول في آية سورة النور ( أَوْ صَدِيقِكُمْ ) [ النور : 61 ]



--------

تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 5 ]

[ المجلد الخامس ]

http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam5.pdf (http://subulsalam.com/site/kutub/AhmedNajmi/08TassisAhkam5.pdf)

الرابط المباشر لتحميل الكتاب :

http://subulsalam.com/play.php?catsmktba=9384

ام عادل السلفية
12-05-2016, 12:11AM
بسم الله الرحمن الرحيم



تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام

للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -



الحديث الثامن :
عن عبدالله بن أبي أوفى رضي الله عنه قال غزونا مع رسول الله ﷺ سبع غزوات نأكل الجراد .


موضوع الحديث :
جواز أكل الجراد


المفردات
الجراد طائر من الطيور وقد يسلطه الله عز وجل أحياناً فيأكل غلال الناس لأنه إذا تسلط يأكل الثمر ويأكل ورق الشجر حتى يظل الزرع ليس فيه ورقة إلا الأعمدة وصغاره يقال لها الدّبا


المعنى الإجمالي
هو أن الله سبحانه وتعالى رزق أصحاب رسول الله ﷺ بسبع غزوات يمدهم بالجراد لعدم وجود القوت عندهم كما أمدهم بالعنبر الذي خرج من البحر فأكلوا منه أكثر من عشرين يوماً ولم يتعفن حتى سمنوا على لحمه


فقه الحديث
أولاً : يؤخذ من هذا الحديث جواز أكل الجراد وهو إجماع


ثانياً : أنه لا تشترط له الذكاة سواء مات باصطياد مسلم أو كافر أو مات حتف أنفه والدليل على ذلك ما جاء في الحديث عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ أُحِلَّتْ لَكُمْ مَيْتَتَانِ وَدَمَانِ فَأَمَّا الْمَيْتَتَانِ فَالْحُوتُ وَالْجَرَادُ وَأَمَّا الدَّمَانِ فَالْكَبِدُ وَالطِّحَالُ) وهذا الحديث على ضعف سنده إلا أن معناه مجمع عليه وبالله التوفيق .



--------

تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 5 ]

[ المجلد الخامس ]

http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam5.pdf (http://subulsalam.com/site/kutub/AhmedNajmi/08TassisAhkam5.pdf)

الرابط المباشر لتحميل الكتاب :

http://subulsalam.com/play.php?catsmktba=9384

ام عادل السلفية
12-05-2016, 12:26AM
بسم الله الرحمن الرحيم



تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام

للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -



الحديث التاسع :
من باب الأطعمة عن زهدم بن مضرب الجرمي قال كنا عند أبي موسى الأشعري فدعا بمائدة وعليها لحم دجاج فدخل رجل من بني تيم الله أحمر شبيه بالموالي فقال هلم فتلكأ فقال له هلم فإني رأيت رسول الله ﷺ يأكل منه


موضوع الحديث :
حل لحم الدجاج


المفردات
قال كنا عند أبي موسى الأشعري : أبو موسى هو عبدالله بن قيس الأشعري تقدمت ترجمته
فدعا بمائدة : المائدة هي السفرة التي يؤكل عليها الطعام
وعليها لحم دجاج : لحم الدجاج معروف وهو من الحيوانات الإنسية يربى في البيوت إلا أنه من طبيعته أنه يأكل العذرة فلذلك كرهه بعض الناس .
وقد ورد في الشرع النهي عن أكل لحم الجلالة أي التي تأكل الجلة وهي العذرة وقد ورد عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما أنه إذا أراد أكل الجلالة حبسها ثلاثاً )
فدخل رجل من بني تيم الله : اسم عائلة
أحمر شبيه بالموالي فقال هلم : أي قال أبو موسى للرجل المذكور هلم أي تعال فكل معنا
فتلكأ : التلكؤ هو التردد في الكلام والفعل فقال له هلم فإني رأيت رسول الله ﷺ يأكل منه أي يأكل من الدجاج


المعنى الإجمالي
أبو موسى الأشعري أرسله عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى الكوفة وبقي بها أميراً ومعلماً ومعه عبدالله بن مسعود يروي زهدم بن مضرب الجرمي أنه كان هو وقوم معه عند أبي موسى فدعا بمائدة فجيء بها إليهم وعليها لحم دجاج فدخل رجل من بني تيم الله أحمر اللون شبيه بالموالي يعني الأعاجم فقال له هلم يعني إلى الغداء فتلكأ وأبى أن يأتي ثم قال إني رأيته يأكل شيئاً فقذرته فحلفت ألا آكله فقال له أبو موسى إني رأيت رسول الله يأكل منه ثم حدثه بقصته هو وأصحابه حين أتوا إلى رسول الله ﷺ يريدون أن يحملهم وأن النبي ﷺ حلف ألا يحملهم ثم بعد ذلك دعاهم وحملهم وقال ( إني والله لا أحلف على يمين فأرى غيرها خيراً منها إلا كفرت عن يمني وأتيت الذي هو خير )


فقه الحديث
أولاً : يؤخذ من هذا الحديث جواز أكل لحم الدجاج علماً بأن الدجاج في كل مكان يأكل العذرة


ثانياً : إذا كان قد ثبت عن النبي ﷺ أنه نهى عن أكل لحم الجلالة فكيف نجمع بين هذا وبين أكل لحم الدجاج مع العلم أنه أي الدجاج يأكل العذرة ؟
والجواب:أنه قد ورد عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما أنه كان إذا أراد أكل لحم الدجاج حبسه يوماً أو يومين حتى يذهب ما في بطنه ثم يأكله . وعلى هذا فإن جواز أكل لحم الدجاج مع أنه يأكل الجلة هذا من التيسير بشرطه وقد وصف الله سبحانه وتعالى نبيه ﷺ أنه يحل لأمته الطيبات ويحرم عليهم الخبائث وعلى هذا فإن الدجاج من الطيبات التي أحلها الله فإن كان الدجاج محبوساً ومعلوفاً كفينا أمره وإن كان متروكاً يذهب ويجيء ففي هذه الحالة إذا أراد صاحبه أن يذبح منه حبس التي يريد أن يذبحها.




--------

تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 5 ]

[ المجلد الخامس ]

http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam5.pdf (http://subulsalam.com/site/kutub/AhmedNajmi/08TassisAhkam5.pdf)

الرابط المباشر لتحميل الكتاب :

http://subulsalam.com/play.php?catsmktba=9384

ام عادل السلفية
12-05-2016, 12:36AM
بسم الله الرحمن الرحيم



تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام

للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -



الحديث العاشر :
عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي ﷺ قال إذا أكل أحدكم طعاماً فلا يمسح يده حتى يلعقها أو يلعقها


موضوع الحديث :
لعق الأصابع بعد الأكل


المفردات
يلعقها : أي يلحسهابلسانه
ويُلعقها : يعطي غيره ممن لا يتقذر منه فيأمره بلعقها


المعنى الإجمالي
أمر النبي ﷺ من أكل طعاماً ألا يمسح يده أو يغسلها حتى يلعقها أو يلعقها لأنه لا يدري في أي طعامه البركة ومن أجل ذلك أمر النبي ﷺ بلعق الأصابع فلعل البركة فيما علق بها من الطعام


فقه الحديث
أولاً : يؤخذ من حديث ابن عباس رضي الله عنهما استحباب لعق الأصابع بعد الأكل وقبل الغسل


ثانياً : العلة في ذلك أن العبد لا يدري في أي طعامه البركة


ثالثاً : أن اللعق ليس بمستقذر ولا مستقبح وإن زعم ذلك الذين فسدت عقولهم وتغيرت طباعهم فالنبي ﷺ لا يأمر بمستقبح ولا مستنكر وإنما يأمر بالحق


رابعاً : يؤخذ من قوله أو يُلعقها أي يعطي غيره من أهل بيته منزوجة أو خادم أو ولد أو بنت أو ما أشبه ذلك


خامساً : أطلق اليد على الأصابع واللعق يكون للأصابع وراحة الكف التي تباشر الطعام وقد استنبط ابن الملقن رحمه الله من الأمر باللعق للأصابع أنه يجوز الأكل بها جميعاً


سادساً : جواز مسح اليد بعد الأكل وحيث أن المسح لا يزيل بقايا الطعام جميعاً فقد استحب الغسل بعده وبالله التوفيق .



--------

تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 5 ]

[ المجلد الخامس ]

http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam5.pdf (http://subulsalam.com/site/kutub/AhmedNajmi/08TassisAhkam5.pdf)

الرابط المباشر لتحميل الكتاب :

http://subulsalam.com/play.php?catsmktba=9384

ام عادل السلفية
12-05-2016, 12:48AM
بسم الله الرحمن الرحيم





تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام

للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -

باب الصيد
الصيد مصدر صاد يصيد صيداً والمقصود به الحيوانات المتوحشة التي لا يمكن للإنسان التمتع بلحمها إلا بقتلها إما برمي حجارة فيدركه فيذكيه أو برمي المعراض كما في حديث عدي بن حاتم وهي تنقسم إلى قسمين :-
ما كان من نوع الطيور ما يعتبر منها من الطيبات لطيب لحمه دون ما يصيد بمخلبه كالصقر من الطيور أو نابه من السباع وقد حرم الشارع أكل هذه الأنواع فقد ورد عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَنْ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنْ السِّبَاعِ وَعَنْ كُلِّ ذِي مِخْلَبٍ مِنْ الطَّيْرِ)
كذلك ما كان يأكل القاذورات أو كريه الرائحة كالذي يسمى عندنا بالعكاش
وقول الله تعالى ( الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ ) [ المائدة : 5 ] فكل طيب من الطير والصيد فهو حلال إلا ما وصفنا سابقاً ويستثنى مما يأكل القاذورات كالجيف وما أشبه ذلك يستثنى من ذلك الضبع ويحرم ما عداه كالنسر والرخم والغراب والحدأة وما أشبهها من الطيور وما كان مفترساً من الطيور وهو الصقر وما في معناه من الطيور المفترسة وكذلك من الحيوانات المتوحشة أو المفترسة كالسبع والفهد والنمر والذئب وما أشبه ذلك


الحديث الأول :
عن أبي ثعلبة الخشني رضي الله عنه قال أتيت رسول الله ﷺ فقلت يا رسول الله إنا بأرض قوم أهل كتاب أفنأكل في آنيتهم ؟ وفي أرض صيد أصيد بقوسي وبكلبي الذي ليس بمعلم وبكلبي المعلم فما يصلح لي قال أما ما ذكرت يعني من آنية أهل الكتاب فإن وجدتم غيرها فلا تأكلوا فيها وإن لم تجدوا فاغسلوها وكلوا فيها وما صدت بقوسك فذكرت اسم الله عليه فكل وما صدت بكلبك المعلم فذكرت اسم الله عليه فكل وما صدت بكلبك غير المعلم فأدركت ذكاته فكل .


موضوع الحديث :
فيه مسائل متشعبة فمنها الأكل في آنية أهل الكتاب ومنها الصيد بالقوس والكلب المعلم وغير المعلم


المفردات
إنا بأرض قوم أهل كتاب : المراد بهم اليهود والنصارى
أفنأكل من آنيتهم : استفهام طلبي يراد منه بيان الحكم
وفي أرض صيد : المراد به الحيوانات المتوحشة
قوله بكلبك المعلم : المعلم هو ما عُلم آداب الاصطياد
قوله أما ما ذكرت : أما هنا تفصيلية
قوله فإن وجدتم غيرها فلا تأكلوا فيها : إنّ هنا شرطية ويترتب على هذا الشرط أنه لا يجوز الأكل فيها إلا إذا لم توجد آنية غيرها
قوله وإن لم تجدوا غيرها فاغسلوها وكلوا فيها وما صدت بقوسك وذكرت اسم الله عليه فكل : المقصود بالصيد بالقوس أن يخرق ويسيل الدم وما صدت بكلبك غير المعلم وأدركت ذكاته فكل


المعنى الإجمالي
سأل أبو ثعلبة رضي الله عنه النبي ﷺ عن مسائل تتعلق بآنية الكفار وبالصيد كما سيأتي فأجابه النبي ﷺ كما في الحديث


فقه الحديث
الأول : سؤال العبد عما يشكل عليه في دينه
الثاني : جمع المسائل والسؤال عنها دفعة واحدة
ثالثاً : سأل أبو ثعلبة النبي ﷺ عن الأكل في آنية أهل الكتاب فأجابه النبي ﷺ بقوله فإن وجدتم غيرها فلا تأكلوا فيها فيؤخذ منه تحريم الأكل في آنية أهل الكتاب إن وجدنا غيرها

رابعاً : أنا إذا لم نجد غيرها فإنه يجب علينا أن نغسلها ونأكل فيها


خامساً :هذا الحكم يتعلق بآنية أهل الكتاب التي يطبخون فيها الخنزير والميتة ويشربون فيها الخمر


سادساً : قد دلت أدلة على أن أواني الماء وما أشبهها مما يكون مخصصاً للحلال فإنه يجوز الأكل والشرب فيه بدليل استسقاء النبي ﷺ وأصحابه من مزادتي المشركة وبدليل توضأ عمر من جرة نصرانية


سابعاً : قول النبي ﷺ وما صدت بقوسك فذكرت اسم الله عليه فكل المراد بالقوس الذي يكون به النبل والنبل غالباً يخرق الصيد ويقتله فما أسال الدم في أي عضو منه فإنه يعتبر ذكاة له إذا ذكر اسم الله عليه


ثامناً : القول الصحيح في الصيد أنه لا يحل إذا نسي الصائد أن يذكر اسم الله على القوس إذا أرسلها أو على الكلب إذا أرسله


تاسعاً : يؤخذ من قوله وما صدت بكلبك المعلم وذكرت اسم الله عليه فكل يؤخذ منه أنه لايحل إلا ما صاده الكلب المعلم بشرط أن يكون قد ذكر اسم الله عليه فإن نسي أن يذكر اسم الله عليه حين أرسله لم تحل أخيذته لأن التسمية شرط في الصيد دون الذكاة على القول الأصح


عاشراً : ما هي شروط الكلب المعلم الذي يعتبر معلماً تحل أخيذته أي يحل ما صاده ؟
الجواب : أولاً : المعلم هو الذي إذا أرسله استرسل وإذا زجره انزجر
ثانياً : ألا يأكل مما صاده لأنه إذا أكل منه فإنما يكون قد أمسك على نفسه لا على صاحبه
ثالثاً : أن يكون قد جرح الصيد إما بمخلبه أو بنابه فأسال منه الدم


الحادي عشر: أنه لا يحل مما صاده الكلب المعلم إلا بالشروط الثلاثة المتقدمة فإن لم يكن جرحه فإنه في هذه الحالة إما أن يدرك الصائد ذكاته فيذكيه فيحل أولا يدرك ذكاته فلا يحل


الثاني عشر :اختلف أهل العلم فيما إذا أكل الكلب من فريسته وهو معلم هل يحل الصيد ؟ اختلفت في هذا المسألة الأحاديث فلذلك اختلف أهل العلم فيها فمنهم من أجاز ما صاده ولو أكل منه إذا كان معلماً ومنهم من منع وهذه المسألة تحتاج إلى تحرير


الثالث عشر :أنه إذا كان الكلب غير معلم فإنه لا يحل صيده إلا أن يدركه صاحبه حياً فيذكيه لقوله ﷺ وما صدت بكلبك غير المعلم وأدركت ذكاته فكل ) فيؤخذ منه أن ما لم تدرك ذكاته لا يؤكل .


الرابع عشر: لم يذكر في هذا الحديث المعراض وقد ذكر في حديثعَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ قَالَ سَأَلْتُ النَّبِيَّ ﷺ قُلْتُ أُرْسِلُ كِلابِي الْمُعَلَّمَةَ قَالَ إِذَا أَرْسَلْتَ كِلابَكَ الْمُعَلَّمَةَ وَذَكَرْتَ اسْمَ اللَّهِ فَأَمْسَكْنَ فَكُلْ وَإِذَا رَمَيْتَ بِالْمِعْرَاضِ فَخَزَقَ فَكُلْ )


الخامس عشر :أن ما صاده الصائد بالمعراض أو غيره فقتله بثقله ولم ينهر منه الدم فإنه حينئذ لا يحل أكله .


السادس عشر : يؤخذ مما تقدم أن الصيد لا يحل إلا بشروط كما سبق بيانه فإن كان قد صيد بكلب معلم أو بسهم وذكر اسم الله عليه وأنهر الدم فهو حلال وإن كان قد صيد بكلب غير معلم أو قتل بشيء ثقيل أو نسي الصائد أن يسمي عليه ولم ينهر دماً فإنه في هذه الحالة لا يحل


السابع عشر :فرق بين تذكية الحيوانات الأهلية كالأنعام وبين الصيد أن التسمية في الصيد شرط وفي الذكاة واجبة وليست بشرط لحديث عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ رضي الله عنها أَنَّ قَوْمًا قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ قَوْمًا يَأْتُونَا بِلَحْمٍ لا نَدْرِي ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ أَمْ لا قَالَ سَمُّوا أَنْتُمْ وَكُلُوا وَكَانُوا حَدِيثَ عَهْدٍ بِالْكُفْرِ وبالله التوفيق .





--------

تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 5 ]

[ المجلد الخامس ]

http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam5.pdf (http://subulsalam.com/site/kutub/AhmedNajmi/08TassisAhkam5.pdf)

الرابط المباشر لتحميل الكتاب :

http://subulsalam.com/play.php?catsmktba=9384

ام عادل السلفية
12-05-2016, 01:03AM
بسم الله الرحمن الرحيم




تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام

للعلامة : احمد النجمي
-رحمه الله -

الحديث الثاني :
عن همام بن الحارث عن عدي بن حاتم رضي الله عنه قال قلت يا رسول الله إني أرسل الكلاب المعلمة فيمسكن عليّ وأذكر اسم الله فقال إذا أرسلت كلبك المعلم وذكرت اسم الله فكل ما أمسك عليك قلت وإن قتلن قال وإن قتلن ما لم يشركها كلب ليس منها قلت فإني أرمي بالمعراض الصيد فأصيب قال إذا رميت بالمعراض فخرق فكله وإن أصابه بعرضه فلا تأكله
وحديث الشعبي عن عدي نحوه وفيه إلا أن يأكل الكلب فإن أكل فلا تأكل فإني أخاف أن يكون إنما أمسك على نفسه وإن خالطها كلاب من غيرها فلا تأكل فإنما سميت على كلبك ولم تسم على غيره .
وفيه إذا أرسلت كلبك المكلب فاذكر اسم الله عليه فإن أمسك عليك فأدركته حياً فاذبحه وإن أدركته قد قتل ولم يأكل منه فكله فإن أخذ الكلب ذكاته
وفيه أيضاً إذا رميت بسهمك فاذكر اسم الله عليه
وفيه وإن غاب عنك يوماً أو يومين
وفي رواية اليومين والثلاثة فلم تجد فيه إلا أثر سهمك فكل إن شئت فإن وجدته غريقاً في الماء فلا تأكل فإنك لا تدري الماء قتله أو سهمك .


موضوع الحديث :
ما يحل من أخذ الصيد بالكلب المكلب وما يحرم وما يحل مما يرمى بالمعراض والسهم وما يحرم


المفردات
الكلاب المعلمة : هي التي علمت لاصطياد الصيد ويفرق الكلب المعلم بأنه يسترسل إذا أرسل وقيل هو الذي يستشلي إذا أشلي وينـزجر إذا زجر ولا يأكل من فريسته
فيمسكن عليّ : أي يمسكن على الصيد
واذكر اسم الله : ليس معنى واذكر اسم الله مرتباً على الإمساك ولكنه يذكر اسم الله عليه إذا أرسل
فقال إذا أرسلت كلبك المعلم وذكرت اسم الله فكل ما أمسك عليك : أي ويعرف ذلك بالعلامات السابقة
قلت وإن قتلن قال وإن قتلن ما لم يشركها كلب ليس منها
قوله أرمي بالمعراض : المراد بالمعراض الظاهر أنه عود فيه زجكالحربة
قال إذا رميت بالمعراض فخزق : معنى خزق هو بمعنى حديث أبي ثعلبة الخشني فخرق بمعنى أنه دخل في جسم الصيد وأسال منه الدم فكله
وإن أصابه بعرضه فلا تأكله : بمعنى أنه وقيذ والموقوذة حرام كما في أول سورة المائدة
قوله كلبك المكلب : أي المعلم
فاذكر اسم الله عليه فإن أمسك عليك فأدركته حياً فاذبحه وإن أدركته قد قتل ولم يأكل منه فكله فإن أخذ الكلب ذكاة له وكذلك قال في السهم إذا رميت بسهمك فاذكر اسم الله عليه وفيه وإن غاب عنك يوماً أو يومين
وفي رواية اليومين والثلاثة فلم تجد فيه إلا أثر سهمك فكل إن شئت فإن وجدته غريقاً في الماء فلا تأكل فإنك : الفاء هنا تعليلية لا تدري الماء قتله أو سهمك .


المعنى الإجمالي
سأل عدي بن حاتم رسول الله ﷺ عن الاصطياد بالكلاب المعلمة فقال له كل مما أمسكن عليك إذا ذكرت اسم الله عليها عند الإرسال ما لم تجد معها كلب آخر فإن وجدت معها كلب آخر فلا تأكل فإنك إنما سميت على كلبك ولم تسم على كلب غيرك وكذلك إذا رميت بالمعراض وخزق أي دخل في الصيد وأسال منه الدم فكله وإن أصابه بعرضه فلا تأكل فإنه إذا أرسل كلبه ولحق الصيد قبل أن تقتله الكلاب فإنه يجب عليه أن يذكيه حينئذ إذا كان حياً ولو شاركه كلب آخر ، وسأله عن الرمي بالسهم إذا ذكر اسم الله عليه فأمره أن يأكل مما أصابفإن غاب عنه يوم أو يومان ولم يجد فيه إلا أثر سهمه فإنه يجوز له الأكل منه فإن وجده غريقاً في الماء فلا يأكل فإنه لا يدري الماء قتله أم سهمه


فقه الحديث
أولاً : يؤخذ منه اشتراط التسمية على الصيد كما تقدم في حديث أبي ثعلبة والتسمية على الصيد شرط في حله أما في الذكاة لبهيمة الأنعام فهي فيها واحبة وليست بشرط فلو نسيها في الذكاة أو الذبيحة فالذبيحة حلال .


ثانياً كل ما يكون سبباً في اصطياد الصيد فلا بد من التسمية عليه فإن كان كلب سمي عليه حين يرسله وإن كان سهماً سمى عليه حين يرمي به


ثالثاً : يؤخذ منه أن ما صيد بالكلاب المعلمة فإنه يؤكل لقوله سبحانه وتعالى (مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ ) [ المائدة : 4 ]
وهنا قال فإن أرسلت كلبك المعلم وذكرت اسم الله فكل ما أمسك عليك


رابعاً : أنه إذا وجد الصيد حياً وجب عليه أن يذكيه


خامساً : فإن قصر في التذكية حتى مات الصيد فإنه يحرم أكله


سادساً : إذا شارك الكلب المعلم كلب آخر فوجد الصيد مقتولاً لم يجز لصاحب الكلب المعلم أن يأكل من الصيد لأنه إنما سمى على كلبه ولم يسم على كلب غيره

سابعاً : أنه إن أكل منه أي إن أكل الكلب من الفريسة لم يجز الأكل مما صاد لأنه ربما أنه أمسك على نفسه ولم يمسك على صاحبه


ثامناً : اختلفت الرواية في الكلب إذا أكل من الصيد ففي بعضها نهى عن الأكل مما أمسك إذا أكل منه وفي بعضها جواز الأكل مما أكل خشية أن يكون إنما صاد لنفسه ولم يصد لصاحبه ومن أجل ذلك فقد اختلف أهل العلم في ذلك فبعضهم أجاز وبعضهم منع وقد ذكر ابن الملقن الذين قالوا بالمنع نقلاً عن النووي في شرحه لمسلم قال ومنهم ابن عباس وأبو هريرة وعطاء وسعيد بن جبير والحسن البصري والشعبي والنخعي وعكرمة وقتادة وأبو حنيفة وأصحابه وأحمد وإسحاق وأبو ثور وابن المنذر وداود وبه قال الشافعي في أصح قوليه محتجين بحديث عدي هذا وبقوله تعالى (فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ ) وهذا لم يمسك علينا وإنما أمسك على نفسه
قال وقال سعد بن أبي وقاص وسلمان الفارسي وابن عمر ومالك يحل وهو قول ضعيف للشافعي وفي سنن ابي داود من حديثأَبِي ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِيِّ رضي الله عنه قال قال رسول الله ﷺ ( إِذَا أَرْسَلْتَ كَلْبَكَ وَذَكَرْتَ اسْمَ اللَّهِ فَكُلْ وَإِنْ أَكَلَ مِنْهُ ) لم يضعفه أبو داود وأما ابن حزم فضعفه
ونقل المحقق عن ابن حجر في الفتح أنه قال أخرجه أبو داود ولا بأس بسنده وحملوا حديث عدي على كراهة التنـزيه قال وربما علل بأن عدياً كان من المياسر فخير له الحمل على الأولى بخلاف أبي ثعلبة
قلت : أحكام الله عز وجل لا تختلف باختلاف الأشخاص وحالتهم المادية


تاسعاً : ذكر ابن الملقن عن إمام الحرمين أنه قال وددت لو فصل مفصل بين أن يكف زماناً ثم يأكل وبين أن يأكل بنفس الأخذ لكن لم يتعرضوا له
وأقول : في هذا تنبيه على أمر مهم وهو أن يكون الكلب جائعاً فيمسك عن الأكل زمناً فإذا لم يأت أحد للصيد أكل منه بسبب جوعه وفي هذا نظر إذا كان الأكل بسبب تأخر صاحبه عنه


عاشراً : أن حكم الجوارح من الطير كحكم الكلاب إذا أكلت مما صادته فالأصح جمع القولين بالكلب والطير سواء


الحادي عشر : قوله وأصيد بالمعراض أو قال وأرمي بالمعراض فقال له النبي ﷺ إذا رميت بالمعراض فخزق فكل وإن أصاب بعرضه فلا تأكل يعني أنه إذا خرق وأسال الدم حل الصيد أما إذا قتله بثقله فهو موقوذ فلا يحل وقد قال الله عز وجل (وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ)
يعني أن هذه كلها محرمات .


الثاني عشر : إذا كان الصائد يصطاد بسهم فيرمي فإنه إذا ذكر اسم الله عليه حل ما رماه به لقوله وإذا رميت بسهمك فاذكر اسم الله عليه


الثالث عشر:إنه إذا غاب عنه يوم أو يومين ولم يجد فيه إلا أثر سهمه فإنه يجوز له أكله
قلت : يجوز له أكله ما لم يتعفن فإن تعفن فإنه يكون قد تسمم فلا يجوز أكله ومعلوم أن طبيعة الإنسان تأباه

الرابع عشر:أنه إذا رمى الصيد بالسهم وغاب عنه ثم وجده غريقاً في ماء فلا يجوز له أكله لأنه لا يدري أقتله سهمه أو قتله الماء


الخامس عشر : يجب أن يعلم أن التذكية تكون بسيلان الدم من المذكاة سواء كانت بالسهم إذا كان في الصيد أو بإمساك الكلب وجرحه له أو بجرح الطير من الجوارح وما لم يجرح وييخرج دمه فإنه لا يجوز أكله



--------

تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 5 ]

[ المجلد الخامس ]

http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam5.pdf (http://subulsalam.com/site/kutub/AhmedNajmi/08TassisAhkam5.pdf)

الرابط المباشر لتحميل الكتاب :

http://subulsalam.com/play.php?catsmktba=9384

ام عادل السلفية
12-05-2016, 01:25AM
بسم الله الرحمن الرحيم




تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام

للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -

الحديث الثالث :
عن سالم بن عبدالله بن عمر عن أبيه رضي الله عنهم قال سمعت رسول الله ﷺ يقول ( من اقتنى كلباً إلا كلب صيد أو ماشية فإنه ينقص من أجره كل يوم قيراطان قال سالم وكان أبو هريرة يقول أو كلب حرث وكان صاحب حرث


موضوع الحديث :
حكم اقتناء الكلب


المفردات
من اقتنى كلباً : الاقتناء هو الاتخاذ والاكتساب
إلا كلب صيد : المقصود به الكلب المعلم الذي يصطاد به أو ماشية بأن يكون صاحبه صاحب غنم ويريد باقتنائه أن يحمي غنمه وورد في رواية أبي هريرة أو كلب حرث
والمراد بكلب الحرث : هو الذي يقصد به حماية الحرث أي الزرع


المعنى الإجمالي
يخبر النبي ﷺ أن من اقتنى كلباً لا لشيء من المقاصد الشرعية الصحيحة بأن يكون اقتناه ليصيد به الصيد أو اقتناه ليحمي له الماشية أو اقتناه ليحمي له الزرع فمن اقتناه لشيء من هذه الثلاثة نجا من الإثم ونقصان العمل ومن اقتناه لغير هذه المقاصد فإنه ينقص من أجره كل يوم قيراط
القيراط مقدار من ثواب العمل يعلمه الله عز وجل وقد ورد ذكر القيراط في اتباع الجنازة وقد ورد أنه إن تبعها إلى أن تدفن رجع بقيراطين من الأجر وإن تبعها حتى يصلى عليها رجع بقيراط من الأجر وقال في بعض الروايات أن القيراط مثل جبل أحد والمهم أنه مقدار يعلمه الله عز وجل ولا نعلمه وبالله التوفيق


فقه الحديث
أولاً : يؤخذ من الحديث كراهة اقتناء الكلب لغير هذه المقاصد


ثانياً : سبق أن قلنا أن القيراط مقدار من الثواب يعلمه الله عز وجل


ثالثاً : قيل أن القيراطين أحدهما من الفرض والآخر من النفل وقيل أن أحدهما من عمل الليل والآخر من عمل النهار


رابعاً : أن اقتناء الكلاب لغير المقاصد المذكورة في الحديث يعرض المقتني في التساهل بالنجاسة وكثيراً ما يلامس الكلاب أصحابها والعياذ بالله


خامساً : هل العلة في النقص ما يحصل منها من ترويع المارين الذين ليس لهم مقاصد سيئة أو غير ذلك نترك الأمر في ذلك إلى الله عز وجل


سادساً : يؤخذ من الحديث أن اقتناء الكلب ممنوع وقد رخص فيه لمن قصد الاصطياد به أو حماية الماشية أو الزرع


سابعاً : يقاس على الثلاثة الخصال المذكورة في الحديث جواز الاقتناء لأهل البادية الذين يسكنون في البوادي ويتخذون الكلاب لحماية بيوتهم قال ابن الملقن هل يقاس على الصيد والزرع والماشية غرض حراسة الدروب ونحوها فيه وجهان لأصحابنا
أحدهما: يقتصر بالرخصة على ما ورد
قلت : وقد قال أهل الأصول الرخص لا يقاس عليها
والثاني : أن هذه الرخصة وهي الحاجة إلى الحماية يتعدى بها ولهذا قال العلماء الرخصة إذا عرفت عمت وإذا وقعت عمت فعمومها يكون في حكمها ومعناها ومحل الخلاف في حفظ الدروب في غير أهل البوادي وسكان الخيام في الفلوات فأما هؤلاء فيجوز لهم اقتنائه حول بيوتهم قطعاً لتحرسهم من الطراق والوحش وعزى هذا إلى العجلي وقال وحكاه الروياني في بحره وبالله التوفيق .



--------

تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 5 ]

[ المجلد الخامس ]

http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam5.pdf (http://subulsalam.com/site/kutub/AhmedNajmi/08TassisAhkam5.pdf)

الرابط المباشر لتحميل الكتاب :

http://subulsalam.com/play.php?catsmktba=9384

ام عادل السلفية
13-05-2016, 01:00AM
بسم الله الرحمن الرحيم



تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام

للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -


الحديث الرابع :
عن رافع بن خديج الأنصاري رضي الله عنه لعلها تقدمت ترجمته قال كنا مع النبي ﷺ بذي الحليفة من تهامة فأصاب الناس جوع فأصابوا إبلاً وغنماً وكان النبي ﷺ في أخريات القوم فعجلوا وذبحوا ونصبوا القدور فأمر النبي ﷺ بالقدور فأكفئت ثم قسم فعدل عشرة من الغنم ببعير فند منها بعير فطلبوه فأعياهم وكان في القوم خيل يسيرة فأهوى رجل منهم بسهم فحبسه الله تعالى فقال ( إن لهذه البهائم أوابد كأوابد الوحش فما غلبكم منها فاصنعوا به هكذا قال قلت يا رسول الله إنا لاقوا العدو غداً وليس معنا مدى أفنذبح بالقصب ؟ قال ما أنهر الدم وذكر اسم الله عليه فكلوا ليس السن والظفر وسأحدثكم عن ذلك أما السن فعظم وأما الظفر فمدى الحبشة .


موضوع الحديث :
الذكاة


المفردات
قوله بذي الحليفة : ذكر الشارح ابن الملقن على أن هذا مكان من تهامة بين جادة وذات عرق وليست المُهل الذي بقرب من المدينة نص على ذلك أهل العلم منهم الحازمي في المؤتلف والمختلف من أسماء الأماكن
فأصاب الناس جوع : الناس مفعول لأصاب وجوع فاعل
وأصابوا إبلاً وغنماً : الإبل اسم جنس ولا واحد له من لفظه وغنماً اسم جنس أيضاً
في أخريات القوم : أي في مؤخرهم وقد ورد أن أمير السرية أو أمير الغزو يكون في أول الجيش إذا غزى وفي مؤخرهم إذا قفل وهذا يدل على ما ذكر
قوله فعجلوا وذبحوا ونصبوا القدور : أي أنهم ذبحوا من تلك المواشي ولم ينتظروا القسمة فأمر النبي ﷺ بالقدور فأكفئت : أي أكفأ اللحم والمرق
ثم قسم فعدل عشرة من الغنم ببعير : معنى عدل أي جعل البعير عدل عشر شياة
قوله فندّ منها بعير : أي فرّ وهرب وامتنع أن يُمسك
فطلبوه فأعياهم : أي أنهم طلبوا البعير ليأخذوه فأعياهم بنفوره
قوله وكان في القوم خيل يسيرة : تعليل لعدم قدرتهم على أخذه
فأهوى رجل : أي رماه رجل منهم بسهم
فحبسه الله تعالى : أي أمسكه بذلك السهم بإذن الله تعالى
فقال النبي ﷺ إن لهذه البهائم أوابد : يعني أن بعضها ينفر نفور الوحش
والأوابد : جمع آبدة والآبدة هي النافرة من الوحش يقال أَبَدَيَأبِد أُبُوداً كنفر ينفر نفوراً
قوله فما غلبكم منها فاصنعوا به هكذا : أي ما غلبكم ولم تقدروا عليه فاصنعوا به هكذا : أي ارموه كما ترموا الصيد
قلت يا رسول الله إنا لاقوا العدو غداً : أي سنلقى العدو غداً ولربما أن نغنم منهم وليست معنا مُدى والمدى جمع مدية وهي الشفرة أو السكين الذي يُذبح به
أفنذبح بالقصب : المراد بالقصب الليطة التي تكون على القصب وهي ما تسمى حلالة بلغتنا الدارجة
قال ما أنهر الدم : أي أساله بجريان كثير كجريان النهر وذكر اسم الله عليه فكلوا : أي ما جمع هذين الأمرين إنهار الدم وذكر اسم الله عليه فلكم أن تأكلوا لقوله سبحانه وتعالى ( فَكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ ) [الأنعام : 118 ]
قوله ليس السن والظفر : ليس هنا استثنائية بمعنى إلا السن والظفر
قوله وسأحدثكم عن ذلك : أي عن سبب منع التذكية بالسن والظفر
أما السن فعظم وأما الظفر فمدى الحبشة


المعنى الإجمالي
يخبر رافع بن خديج رضي الله عنه أنهم كانوا في غزوة من الغزوات مع النبي ﷺ بمكان يقال له ذي الحليفة وأنهم أصابوا نعماً كثيرة فذبحوا من تلك النعم قبل قسمته ولم ينتظروا القسمة وكان النبي ﷺ متأخراً فأتى إليهم وقد نصبوا القدور فعمد إلى القدور فكفئها ورملها أي حشاها بالتراب وقال إن النهبة ليست بأحل من الميتة ثم قسم فعدل البعير بعشر من الغنم وحينئذ ذبح كل منهم مما أصاب أي من نصيبه الخاص به فند بعير أي فر ولم يقدروا عليه لقلة الخيل ورماه رجل بسهم فحبسه الله فقال النبي ﷺ إن لهذه البهائم أوابد كأبوابد الوحش فما ند عليكم منها فاصنعوا به هكذا


فقه الحديث
أولاً : يؤخذ من الحديث تحريم التصرف في الأموال المشتركة كالغنيمة وغيرها بغير إذن من أصحاب الحقوق أو الإمام


ثانياً : فيه فضيلة للصحابة رضوان الله تعالى عليهم حيث كانوا يكونون في الغزوات يصيبهم الجوع والحاجة فيصبرون


ثالثاً : يؤخذ من قوله فأصابوا إبلاً وغنماً أن الله سبحانه وتعالى كان يمنح أصحاب رسوله ﷺ رزقاً يزيل به ما عليهم من الشدة وفي هذه الغزوة قد أصابوا إبلاً وغنماً

رابعاً : أن القوم عجلوا وذبحوا ونصبوا القدور ضانين إباحة النبي ﷺ لذلك .



--------

تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 5 ]

[ المجلد الخامس ]

http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam5.pdf (http://subulsalam.com/site/kutub/AhmedNajmi/08TassisAhkam5.pdf)

الرابط المباشر لتحميل الكتاب :

http://subulsalam.com/play.php?catsmktba=9384

ام عادل السلفية
13-05-2016, 01:09AM
بسم الله الرحمن الرحيم




تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام

للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -

تابع للدرس السابق :


خامساً : أن النبي ﷺ غضب عليهم فأكفأ قدورهم بما فيها من اللحم والمرق ورملها أي حشاها بالرمل وهو التراب ليكون ذلك أبلغ في الزجر


سادساً : أن النبي ﷺ قال ليست النهبة بأحل من الميتة مشيراً إلى أن ما فعلوه يعتبر نهبة لأنهم ذبحوا من شيء مشترك قبل قسمته


سابعاً : يؤخذ منه عقوبة الأمير لرعيته إذا حصلت منهم مخالفة


ثامناً : أن النبي ﷺ قسم بعد ذلك فعدل عشراً من الغنم ببعير وهذا فيه مخالفة لما ثبت عن النبي ﷺ أن البعير يعدل سبع شياة في الأضاحي والهدي فأما أن يكون الغنم الذي أصابوه صغاراً وتكون هذه القصة مخصوصة بذلك فتعتبر واقعة عين وأما أن يكون التقدير الذي في الهدي والأضاحي يختلف عن التقدير في القسمة


تاسعاً : قوله فند منها بعير أي فر فطلبوه فأعياهم أي لم يقدروا عليه فرماه رجل بسهم فحبسه الله تعالى وفي هذا دليل على أن ما توحش من البهائم تكون ذكاته كذكاة الصيد فيذكى بالعقر قال ابن الملقن وممن قال بجواز عقر الناد علي وابن مسعود وابن عمر وابن عباس يعني من الصحابة وطاووس وعطاء بن أبي رباح والحسن البصري والشعبي والأسود بن يزيد من التابعين والحكم بن عيينة وحماد لعله ابن زيد والنخعي إبراهيم والثوري أي سفيان الثوري وأبو حنيفة هؤلاء من اتباع الأتباع وأحمد بن حنبل وإسحاق بن راهوية وابو ثور والمزني وداود والجمهور أي هؤلاء كلهم قالوا أن ما ندّ من البهائم يكون حكمه كحكم الصيد في الذكاة وقال سعيد بن المسيب وربيعة الرأي والليث بن سعد ومالك لا يحل إلا بذكاته في حلقه كغيره قال وحديث رافع حجة عليهم . أهـ بتصرف


عاشراً : يؤخذ من قوله فاصنعوا به هكذا أن ما ندّ من البهائم يرمى فإن أدرك قبل الموت ذكي أما إذا مات من ذلك وكان الرامي قد سمى الله عليه ورماه بما يسيل الدم وينهره فهو يعتبر مذكى


الحادي عشر :كما أن ما ندّ من البهائم تكون ذكاته ذكاة صيد فكذلك ما قدر عليه من الصيد قبل أن يموت فهو يذكى كتذكية البهائم


الثاني عشر : قوله قلت يا رسول الله إنا لاقوا العدو غداً وليس معنا مُدى أي ليس معنا سكاكين أفنذبح بالقصب وقد ورد بالحجارة أو ما أشبه ذلك فقال النبي ﷺ ( ما أنهر الدم وذكر اسم الله عليه فكلوا ) يؤخذ من هذا أن في ذكاة البهائم شرطين
الشرط الأول : أن يذكى بما يسيل الدم وينهره
الشرط الثاني : أن يذكر اسم الله عليه
فما توفرت فيه هذان الشرطان فهو مذكى


الثالث عشر : أن ليطة القصب والحاد من الحجارة والزجاج يختلف في إنهار الدم باختلاف الحيوان الذي يذكى به فما كان جلده أقوى لا ينهر دمه إلا السكين أو السيف أما القصب فيجوز أن يذكى به أولاد الغنم الصغار والطيور أو ما أشبه ذلك فقول النبي ﷺ ما أنهر الدم أي ما أساله بكثرة حكم عام فصلوات الله وسلامه على من أوتى جوامع الكلم


الرابع عشر: سبق أن قلت أن المتوحش إذا كان مقدوراً عليه لا بد أن يذكى كذكاة الحيوانات الآنسه ونضرب لذلك مثلاً ليتضح فمن كان عنده مجموعة من الأرانب وأراد أن يذبح منها للأكل فلا يجوز أن يذكيها كذكاة الصيد ما دام قادراً عليها بل يجب عليه أن يذكيها ذكاة الحيوانات الآنسة بأن يأخذ الأرنب ويذبحها من الحلق

الخامس عشر : ما هي الذكاة المشروعة في الحيوان الآنس كالغنم والبقر وما أشبه ذلك تكون الذكاة بقطع المري والحلقوم لأن قطعهما يسيل به الدم وفي حق الإبل طعنها في اللبة وهو ما يسمى بالنحر


السادس عشر : هل التسمية مشروطة في الحيوان الذي يذكى ويذبح أو أنها واجبة فإن تركت نسياناً صحت الذبيحة وقد اختلف أهلم العلم في هذا وما ذهب إليه الإمام أحمد رحمه الله من أن الذكاة في حق البهائم الآنسة بذكر اسم الله عليه ولكن التسمية في ذلك ليست بشرط وإنما تكون شرطاً في الصيد


السابع عشر : قوله هنا وذكر اسم الله عليه يظهر منه أنه شرط في ذكاة الحيوان الآنس فما هو الدليل الذي صرفه عن الشرطية إلى الوجوب ؟
الجواب : تقدم لنا حديث في ذلك وهو أن النبي e قيل له إِنَّ قَوْمًا يَأْتُونَا بِلَحْمٍ لا نَدْرِي ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ أَمْ لا قَالَ سَمُّوا أَنْتُمْ وَكُلُوا )
فكان هذا الحديث صارفاً لهذا النص من الشرطية إلى الوجوب ويستقر الأمر في ذلك أن التسمية في الذكاة واجبة وليست بشرط فإن تركت نسياناً جازت المذكاة


الثامن عشر : قوله ليس السن والظفر هذا استثناء من قوله ما أنهر الدم أي إلا السن والظفر قال وسأحدثكم عن ذلك أما السن فعظم ويؤخذ منه أن العظام لا يجوز الذبح بها لأنها طعام الجن كما أنه لا يجوز الاستنجاء والاستجمار بها


التاسع عشر : قوله وأما الظفر فمدى الحبشة أي سكاكين الحبشة وأنتم منهيون عن التشبه بالكفار فابتعدوا عن ذلك .


العشرون : أن النبي ﷺ بيّـن لأمته كل ما يشكل عليهم ولم يبق على أمته شيء مشكل وقد قال ﷺ تركتكم على البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك ) إلا أن علم ذلك يختلف باختلاف الناس فالحمد لله الذي علمنا ما لم نكن نعلم ذلك فضل الله علينا وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .



--------

تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 5 ]

[ المجلد الخامس ]

http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam5.pdf (http://subulsalam.com/site/kutub/AhmedNajmi/08TassisAhkam5.pdf)

الرابط المباشر لتحميل الكتاب :

http://subulsalam.com/play.php?catsmktba=9384

ام عادل السلفية
13-05-2016, 01:18AM
بسم الله الرحمن الرحيم




تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام

للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -



باب الأضاحي
الأضاحي جمع أضحية ويقال جمع ضحية وقد يقال أن جمع الأضحية أضاحي وجمع الضحية ضحايا
قيل سميت الضحية باسم زمن فعلها والأصل في مشروعيتها ما ذكره الله عز وجل عن نببيه وخليله إبراهيم عليه السلام أنه أتى إلى ابنه إسماعيل بمكة وهو غلام وقال له يا بني ( إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ ) [ الصافات : 102 ]ولا عجب من هذا الجواب إذ أن إسماعيل هو أيضاً من أنبياء الله ويعلم أن رؤيا الأنبياء حق فأجاب بالموافقة بل إلتمس من أبيه إنفاذ الأمر الرباني (قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ ) فذهب به إلى حيث أمره جبريل فاعترضه الشيطان يقول أتذبح ابنك على رؤيا فرماه بحجر وانتقل إلى مكان آخر فقال له مثل ذلك فرماه بحجر وانتقل إلى المكان الثالث فاعترضه فرماه بحجر ولم ينتقل وعزم على إنفاذ الأمر فجاءه جبريل بالفداء كبش من الجنة قال الله عز وجل ( وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ) [ الصافات : 107] فكانت سنة وشرعها الله عز وجل لأمة محمد ﷺ

أورد فيه حديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال ضحى النبي ﷺ بكبشين أملحين أقرنين ذبحهما بيده وسمى وكبر ووضع رجله على صفاحهما
والأملح : الأغبر وهو الذي فيه سواد وبياض .


موضوع الحديث :
الأضحية واختيارها وأفضلية الجيد منها


المفردات
ضحى : أي ذبحهما ضحايا
بكبشين : هما الذكور من الضأن يقال له كبش ويقال له خروف
أملحين : تفسير الملوحة بأنها بياض اللون أو بياض يخلطه سواد بأن يكون السواد يحيط بالعينين والفم والركب وشيء من البطن
أقرنين :يعني أنهما كبار قد بدت لهما قرون
ذبحهما بيده : أي باشر الذبح بيده
وسمى وكبر : أي قال بسم الله والله أكبر
ووضع رجله على صفاحهما : جمع صفحة وهو جانب العنق


المعنى الإجمالي
يخبر أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي ﷺ ضحى بكبشين أي جعلهما ضحيتين موصوفين بملوحة اللون وأن لهما قرنان وأنه ذبحهما بيده ولم يستنب أحداً في الذبح وسمى وكبر على الذبح ووضع رجله على صفاحهما


فقه الحديث
أولاً : يؤخذ من الحديث مشروعية الأضحية ولا خلاف أنها من شرائع الدين وهي سنة مؤكدة قال ابن الملقن على الكفاية قال وهو مذهب الشافعي وأصحابه وبه قال أحمد وأبو يوسف ومحمد قلت هو محمد بن الحسن وقال أبو حنيفة هي واجبة على المقيمين من أهل الأمصار ويعتبر في وجوبها النصاب


وأقول : أولاً : أن الأضحية سنة مؤكدة على الموسر دون المعسر وهو الذي تدل عليه الأدلة


الثاني : اختلف أهل العلم في الأفضل من الأنعام هل هو الإبل أو البقر أو الغنم ولا شك أن الواحدة من الإبل المعتبرة في الهدي والأضحية تكفي عن سبعة وكذلك البقر


ثالثاً : أن الأفضل في الأضحية هو الغنم لأن النبي ﷺ ضحى بكبشين كما في الحديث وأنه مرة كان عنده غنم فأمر أحد أصحابه وهو عقبة بن عامر أن يقسمها بين صحابته وبقي منها تيس عتود فقال له النبي ﷺ ضح به أنت كما جاء ذلك في حديث عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ أَعْطَاهُ غَنَمًا يَقْسِمُهَا عَلَى صَحَابَتِهِ ضَحَايَا فَبَقِيَ عَتُودٌ فَذَكَرَهُ لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَقَالَ ضَحِّ بِهِ أَنْتَ )


رابعاً : السن المعتبرة في الأضاحي هي الثني ويعتبر الثني في الإبل والبقر والمعز دون الضأن ويجزئ في الضأن الجذع إذا كان ضخماً ولا يجزئ الجذع في غير الضأن


خامساً : أن الذكر أفضل من الأنثى في جميع بهيمة الأنعام بالنسبة للأضحية والهدي


سادساً : ينبغي مراعاة اللون كما جاء في الحديث كبشين أملحين والملوحة هي البياض واختلف أهل اللغة هل المراد بها البياض المحض أو البياض الذي يخلطه سواد قليل حول العينين والفم والأزماع والركبتين


سابعاً : وقد حث العلماء على ما يكون لحمه أفضل وتكلموا في اللون أن له تأثير في نكهة اللحم وذوقه والظاهر أن التأثير في نكهة اللحم وذوقه هو الخصاء أو الوجاء وقد ورد في بعض الأحاديث أن النبي ﷺ (ضحى بكبشين موجوئين ) ومما هو مجرب ومعروف بلا خلاف أن لحم المخصي أفضل من لحم الموجوء والفحيل ولحم الموجوء أفضل من لحم الفحيل


ثامناً : الخصي هو الذي سلبت خصيتيه بمعنى قطعت وهو صغير والموجوء هو الذي رضت عروق خصيتيه وهو صغير


تاسعاً : أنه يشترط في الأضحية سلامتها من العيوب وقد نص على أربعة أنها من العيوب التي تمنع التضحية بالدابة التي اتصفت بها وهي
العوراء البين عورها والعرجاء التي لا تطيق المشي مع الصحاح والمريضة البين مرضها والعجفاء التي لا تنقي من الكبر أو ما أشبه ذلك ) وجعلوا كسر القرن وقطع الأذن عيباً يمنع التضحية بما وقعت فيه وقدروا ذلك بأن يكون أكثر من النصف )


عاشراً : الخرّاج ليس بعيب لأنه من خارج اللحم وتحت الجلد فقط فليس له تأثير في اللحم
الحادي عشر : أن من له أربع زوجات فله أن يضحي بأضحية واحدة لأن الأضحية تكفي عن الرجل وأهل بيته


الثاني عشر: أنه يستحب للمضحي أن يتولى ذبح أضحيته بنفسه


الثالث عشر :أن يسمي على ذبحها لأن الله أمر بذلك والنبي ﷺ أمر بذلك


الرابع عشر: يستحب أن يصرع الأضحية أو الهدي على جنبها الأيسر ويضع رجله على صفحتها اليمنى ويكون معه من يمسك برجليها إن أمكن ويمسك السكين باليمين ويسمي ويكبر عند الذبح


الخامس عشر : أن يستقبل بها القبلة عند الذبح وهذا من السنن .


السادس عشر :قد تقدم لنا في باب الصيد أن التسمية واجبة في المذكى وليست بشرط فيه فإذا تركها المذكي نسياناً فإن المذكى حلال لقول النبي ﷺ حين سئل (أَنَّ قَوْمًا قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ قَوْمًا يَأْتُونَا بِلَحْمٍ لا نَدْرِي ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ أَمْ لا قَالَ سَمُّوا أَنْتُمْ وَكُلُوا )


السابع عشر : السنة في الأضحية أن يأكل منها ويتصدق ويهدي فلو لم يتصدق هل تجزئ عنه هذا محل خلاف


الثامن عشر:لا تجزئ الأضحية إلا إذا ذبحت يوم النحر بعد الصلاة فإن ذبحت قبل الصلاة بطلت كما في (حديث البراء بن عازب وقصة خاله بردة بن نيار )


التاسع عشر : أن وقت الذبح هو النهار دون الليل على الأصح في يوم العيد واليومين بعده وعند الشافعي اليوم الثالث عشر يعتبره من وقت الذبح


العشرون : أن المضحي منهي أن يأخذ من شعره أو أظفاره إذا دخلت العشر أي عشر ذي الحجة وهل النهي للتحريم أو للتنـزيه في هذا خلاف بين أهل العلم وهل يدخل في ذلك الزوجة والأولاد أم يختص برب البيت في هذا خلاف أيضاً وبالله التوفيق .




--------

تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 5 ]

[ المجلد الخامس ]

http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam5.pdf (http://subulsalam.com/site/kutub/AhmedNajmi/08TassisAhkam5.pdf)

الرابط المباشر لتحميل الكتاب :

http://subulsalam.com/play.php?catsmktba=9384

ام عادل السلفية
13-05-2016, 01:26AM
بسم الله الرحمن الرحيم




تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام

للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -

كتاب الأشربة
الأشربة جمع شراب ويقصد به هنا الأشربة المحرمة وما عدا ذلك فهو مباح
والأشربة المباحة ثلاثة :
1- الماء 2- واللبن 3- والعسل
وما اعتصر من الفواكة ولم يكن فيه مظنة الإسكار فهو مباح حلال
أما الاربع وهو النبيذ وما بلغ إلى حد التخمر سواء كان معتصراً أو نبيذاً فما بلغ إلى حد التخمر وجب تركه وحرم شربه والعلة في تحريم الخمر أنها تذهب العقل وتفسد الأخلاق وتستنـزف المال وقد أشار القرآن إلى العلة في تحريمها حيث يقول تعالى ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ _ إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ اللّهِ وَعَنِ الصَّلاَةِ فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ ) [ المائدة : 90 و91 ] ولقد كان تعلق العرب بالخمر شديداً فلذلك تدرج الله معهم في تحريمه .


فأول ما جاء التعريض به في قوله سبحانه وتعالى ( يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِن نَّفْعِهِمَا )[البقرة : 219 ] فالتعريض من الله سبحانه وتعالى بالخمر والميسر بأن إثمهما أرجح من نفعهما ترجيح لجانب التحريم ثم بعد ذلك حرمت الخمر في أوقات الصلاة وقربها وأبيح للناس شربها إذا كان في وقت بعيد عن الصلاة لقوله سبحانه وتعالى ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقْرَبُواْ الصَّلاَةَ وَأَنتُمْ سُكَارَى حَتَّىَ تَعْلَمُواْ مَا تَقُولُونَ)[النساء : 43 ] وكان لذلك سبب وهو أن بعض الصحابة اجتمعوا في بيت أحدهم وجاء لهم بخمر فشربوا ثم قاموا يصلون فقرأ إمامهم (قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ لا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ وَنَحْنُ نَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ )


المرحلة الثالثة وهي النهائية وهو أن الله سبحانه وتعالى أنزل تحريمها حين شرب حمزة فقام إلى شارفين لعلي بن أبي طالب فجب أسنمتهما ولما ذهب علي رضي الله عنه إلى النبي ‪ﷺ ‬ شاكياً جاء النبي ‪ﷺ ‬ إلى حمزة وهو ثمل (يعني سكران) فرفع بصره إليه وقال ما أنتم إلا عبيد لأبي


أورد فيه ثلاثة أحاديث
الحديث الأول :
عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما أن عمر قال على منبر رسول الله ‪ﷺ ‬ أما بعد أيها الناس إنه نزل تحريم الخمر وهي من خمسة من العنب والتمر والعسل والحنطة والشعير ، والخمر : ما خامر العقل ثلاث وددت أن رسول الله ‪ﷺ ‬ كان عهد إلينا فيهن عهداً ننتهي إليه :الجد والكلالة وأبواب من أبواب الربا .


موضوع الحديث :
تحريم الخمر


المفردات
الخمر : مأخوذ من التخمير وهي التغطية ولكون الخمر يغطي العقل فيذهب الإحساس من الإنسان ويظل مثل البهيمة لا يشعر بشيء ولا يميز بين الأشياء فمن أجل ذلك حرم الله الخمر لأنها تغطي العقل وتذهب بإحساسه فيقع منه الفحش في القول والفعل لغياب العقل عنه وقد ذكروا أن قوماً من أهل الجاهلية تركوا الخمر في الجاهلية فلم يشربوها لمواقف حصلت لهم فذكر عن قيس بن عاصم المنقري أنه شرب الخمر فلما صحى فإذا ابنته تشتكي إليه أنه غمز عجيزتها فترك شربها وهو مشرك ومرّ أبو بكر في الجاهلية بسكران يرفع العذرة إلى فيه فحرم على نفسه الخمر في الجاهلية وكم قد سمع الناس أن بعض الناس يسكرون فيقع على أخته أو بنته أو أمه أو ما أشبه ذلك .



قال وهي من خمسة ثم ذكر الخمسة وهي العنب والتمر والعسل والحنطة والشعير ثم قال والخمر ما خامر العقل أي غطاه كما سبق
ثلاث : أي ثلاث مسائل
وددت : تمنيت
أن رسول الله ‪ﷺ ‬ عهد إلينا فيهن عهداً ننتهي إليه ثم ذكر هذه الثلاث المسائل وهي الجد والكلالة وأبواب من أبواب الربا
قوله الجد : أي ميراث الجد
والكلالة : الكلالة على القول الأصح هو كل ميت لا ولد له ولا والد أي إذا انعدم الأصل والفرع فهو كلالة . الأصل هو الأب والجد والفرع هو الابن وابن الابن
قوله وأبواب من أبواب الربا : أي الظاهر أنه مسائل في الربا


المعنى الإجمالي
خطب عمر بن الخطاب رضي الله عنه في مسجد رسول الله ‪ﷺ ‬ وعلى منبره . هذه الخطبة قرر فيها رضي الله عنه أن الخمر ما خامر العقل وفي هذه الخطبة دليل للجمهور على أن الخمر لا يختص بالعنب كما قالت الحنفية وقد ذكر عمر رضي الله عنه في خطبته أن ثلاث مسائل فيها إشكال عندهم تمنى أن لو كان عهد النبي ‪ﷺ ‬ في هذه الثلاث المسائل عهداً إلى أمته ينتهون إليه فيها والحمد لله أن الأمر في هذه الثلاث المسائل قد وضح عند الجمهور وبالله التوفيق .


فقه الحديث
أولاً : يؤخذ من هذا الحديث مشروعية الخطبة على المنبر لبيان الأمور المشتبهة


ثانياً : مشروعية أما بعد في الخطبة


ثالثاً : مخاطبة الناس بما يجب بيانه لهم


رابعاً : أخبر عمر رضي الله عنه أنه نزل تحريم الخمر وهي من خمسة أشياء أي المستعمل في المدينة من الخمسة الأشياء وهي العنب والتمر والعسل والحنطة والشعير ويؤخذ من هذا أن الخمر ليس مقصوراً على ما اتخذ من العنب كما قرر ذلك أبو حنيفة في مذهبه والحق أن الخمر كل ما خامر العقل وبلغ إلى حد الإسكار وقال ابن الملقن ج10ص196 وقال أبو حنيفة إنما يحرم عصير ثمرات النخل والعنب قال :فسلاقة العنب يحرم قليلهاوكثيرها إلا أن يطبخ حتى ينقص ثلثاها . قال : وأما نقيع التمر والزبيب فيحل إلى أن قال والنـيء منه حرام ولكن لا يحد شاربه هذا كلامه مالم يشرب ويسكر فإن سكر فهو حرام بالإجماع . أهـ نقلاً عن ابن الملقن وبالجملة فإن مذهب أبا حنيفة فيه تساهل كثير في شرب النبيذ والقول الحق ما ذهب إليه الجمهور لقول عمر والخمر ما خامر العقل وللحديث الآخر الصحيح ( كل مسكر خمر وكل خمر حرام ) أخرجه مسلم من طريق عمرو ولحديث عائشة الآتي رقم 408 سئل رسول الله عن البتع فقال كل شراب أسكر فهو حرام والبتع هو نبيذ العسل .


خامساً : أن كل ما بلغ إلى حد الإسكار سواء كان معتصراً أو نبيذاًوسواء كان من العنب أو من غيره فهو حرام .


سادساً : أشار الله عز وجل في كتابه إلى العلة في تحريم الخمر بقوله سبحانه وتعالى (إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنْصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ ) والميسر هو ما يسمى بالقمار وهو أن تجرى لعبة بعينها على شيء يأخذه الغالب من اللاعبين فهذا هو الميسر وهو يفضي بصاحبه إلى الإفلاس والعياذ بالله وغضب الله عليه فوق ذلك
قوله والأنصاب المراد بها الأصنام
والأزلام هو أن يكتب الشخص ثلاث ورقات في إحداها إفعل وفي الثانية لا تفعل وفي الثالثة أعد ثم يخلط بينها ولا يكون فيها شيء يميزه عن الآخر ثم يضعها ويأخذ واحداً منها من غير قصد لشيء منها فإن خرج افعل فعل وإن خرج لا تفعل ترك وإن خرج أعد أعاد وهكذا هذه هي الأزلام وقد أخبر الله عز وجل بأن هذه رجس التي هي الخمر والميسر والأنصاب والأزلام بأنها رجس كلها وأنها من وسائل الشيطان التي يحاول بها إيقاع العداوة والبغضاء بين المسلمين فلذلك دعا الله عباده إلى الانتهاء عنها


سابعاً : حكى ابن الملقن في كتابه الإعلام والذي نحن بصدد قراءته عن ابن دقيق العيد في كتاب له سماه وهج الخمر في تحريم الخمر وذكر أنه يستفاد من الآية وهي قول الله سبحانه وتعالى (إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ ..) أن في هذه الآية والتي بعدها عشرة أدلة على التحريم ولم يذكرها وقد حاولت تفهم هذه العشرة الأدلة بقدر الإمكان فأقول:
1- نداء الله المؤمنين باسم الإيمان المقتضي للامتناع عما حرم عليهم
‪2‬- حصر الخمر وما ذكر معه في أنها رجس من عمل الشيطان
‪3‬- وصفها بالرجسية وهي النجاسة
‪4‬- وصفها بأنها من عمل الشيطان
‪5‬- الأمر باجتناب هذه الأمور المتصفة بالرجس
‪6‬- رجاء الفلاح باجتنابها
‪7‬- اقتران الخمر بالأنصاب وهي الأصنام وعبادتها شرك دليل على شدة قبحه
‪8‬- أن هذه الأمور المذكورة طريق لتسلط الشيطان على العبد واستيلاءه عليه لقوله ( إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ ) إرادة الشيطان وقصده إيقاع العداوة والبغضاء بين المسلمين
‪9‬- الصد عن ذكر الله عموماً وعن الصلاة خصوصاً ومن هنا نعلم أن الشيطان عدو لنا يريد كيدنا ومضرتنا لذلك ختم الله الآية بقوله ( فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ)ويجب أن نقول نحن كما قال الصحابة انتهينا


ثامناً :في ذلك التنبيه على شرف العقل وفضله


تاسعاً : أن الشرع الشريف يحرم على المسلم كل ما فيه ضرر عليه في عقله لأن العقل من الضرورات الخمس المأمور بحفظها


عاشراً : أن المعتبر في الأحكام الشرعية مفاهيم الصحابة ولغاتهم فإن القرآن نزل بلغتهم


الحادي عشر : فيه استعمال القياس وإلحاق الشيء بنضيره


الثاني عشر : فيه جواز إحداث الاسم للشيء من طريق الاشتقاق أي لقوله والخمر ما خامر العقل


الثالث عشر : لقد استجدت في زمننا مخدرات أشد ضرراً من الخمر وأكثر فتكاً بالمجتمعات فلذلك فقد ارتأت الدولة حفظها الله أي دولتنا السعودية أن عقوبة مهرب تلك المخدرات ومن أنواعها الحشيش والهيروين أرتأت دولتنا السعودية حفظها الله أن تهريبها وإيصالها للمجتمع عقوبته القتل لأن ذلك نوع من المحاربة وإفساد المجتمعات ونشر الفساد فيها وهذه مبادرة موفقة من الدولة حفظها الله وبالله تعالى التوفيق .



--------

تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 5 ]

[ المجلد الخامس ]

http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam5.pdf (http://subulsalam.com/site/kutub/AhmedNajmi/08TassisAhkam5.pdf)

الرابط المباشر لتحميل الكتاب :

http://subulsalam.com/play.php?catsmktba=9384

ام عادل السلفية
13-05-2016, 01:34AM
بسم الله الرحمن الرحيم



تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام

للعلامة : احمد النجمي
-رحمه الله -



الحديث الثاني :
عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله ﷺ سئل عن البتع ؟ فقال كل شراب أسكر فهو حرام


قال المؤلف رحمه الله البتع نبيذ العسل


موضوع الحديث :
تعليق التحريم على الإسكار فما لم يكن مسكراً فهو ليس بحرام ولذلك فإن النبي ﷺ كان ينبذ له إذا كان صائماً في أول النهار ويشربه في آخره


المفردات
قال ابن الملقن البتع بباء موحدة مكسورة ثم تاء مثناه فوق ساكنة وبفتحها أيضاً حكاه الجوهري ثم عين مهملة وهو نبيذ العسل كما قال المصنف أهـ
قلت : النبيذ اسم لما ينبذ في الماء وكان الأولون ينبذون في الماء شيئاً من الفواكهة ثم يأخذونه ويشربونه في آخر النهار فإذا كان نبيذ اليوم أو قبل أن يتم له يوم وليلة فهو مباح فإذا زاد عن اليوم والليلة وبدأ ينش أي يغلي ويرتفع حَرُم .


المعنى الإجمالي
تخبر عائشة رضي الله عنها أن النبي e سئل عن البتع وهو نبيذ العسل فقال كل شراب أسكر فهو حرام وفي هذا تعليق للتحريم بالإسكار وهذا حكم حاسم بأن كل ما أسكر فهو حرام ويجب على من شربه عامداً حد الخمر وهو أربعين جلدة أو ثمانين جلدة


فقه الحديث
أولاً : قد تقدم في الحديث قبله إلا أن هذا فيه تعليق الحرمة على الإسكار فكل مسكر حرام ويجب على من تناوله حد الخمر ولو كان القدر الذي أخذه لا يسكر للحديث الذي روته عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ وَمَا أَسْكَرَ مِنْهُ الْفَرْقُ فَمِلْءُ الْكَفِّ مِنْهُ حَرَامٌ ) والفرق إناء يسع ثلاثة آصع بصاع النبي ﷺ حوالي سبعة كيلو والصاع النبوي خمسة أرطال وثلث إذاً فالفرق ستة عشر رطلاً فملأ الكف منه حرام فقول النبي ﷺ ( كل شراب أسكر فهو حرام) دليل على أن الحرمة تتناول قليله وكثيره ويدخل في ذلك أن من تناول شيئاً قليلاً وثبت عليه باعترافه أو بالبينة فإنه يجب عليه أن يحد


ثانياً :يؤخذ منه أن خلط الخمر بشيء من المأكولات من أجل وجود النكهة فيها حرام وقد ورد إليّ سؤال من بعض البلدان العربية أن بعض المطاعم تخلط طعامها بالخمر من أجل وجود النكهة فيه كما يزعمون وهذا حرام يجب أن يتنبه له المسلمون ويبتعدوا عنه فلعل الإنسان يموت وفي بطنه طعام أو إدام مما خلط بالخمر فيستحق الوعيد الذي جاء عن النبي ﷺ حق على الله أن مات بشربها أن يسقيه من طينة الخبال عصارة أهل النار
عصارة الخبال هو ما يتحلل من جروح أهل النار وقروجهم من الصديد والدم والدمع والأشياء الخبيثة بعد جمع الملائكة لها واسقاءها شارب الخمر


ملحوظة :
لم يأت المؤلف في هذا الباب بشيء عن حد الخمر والذي ثبت عن النبي ﷺ أنه ضرب في الخمر أربعين وضرب أبو بكر أربعين فلما كثر وقوع الناس في الخمر في زمن عمر استشار الصحابة فأشار عليه علي بن أبي طالب وفي رواية عبدالرحمن بن عوف بالضرب ثمانين لأنه حد الفرية والسكران إذا سكر هذى وإذا هذى افترى فضرب عمر رضي الله عنه حد الفرية وقد اختلف أهل العلم في حد الخمر فذهب مالك وأبو حنيفة والثوري إلى أن حد الخمر ثمانين عملاً بما جرى عليه الأمر في عهد عمر ورأوا أن ذلك إجماعاً من الصحابة وذهب الشافعي إلى أن حد الخمر أربعين وعن الإمام أحمد روايتان كالمذهبين والمشهور في مذهبه أن الحد ثمانين وقالوا أن أحمد بن حنبل رأى أن الحد الأصلي أربعين والأربعين الأخرى تعزيراً فذكر ابن قدامة في المغني أن الحد لا يكون إلا على من شربه مختاراً عالماً بأنه سكر فإن شربه مكرهاً أو جاهلاً به غير عالم به أنه خمر مسكر أو متأولاً فلا حد عليه وبالله التوفيق .



--------

تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 5 ]

[ المجلد الخامس ]

http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam5.pdf (http://subulsalam.com/site/kutub/AhmedNajmi/08TassisAhkam5.pdf)

الرابط المباشر لتحميل الكتاب :

http://subulsalam.com/play.php?catsmktba=9384

ام عادل السلفية
13-05-2016, 01:39AM
بسم الله الرحمن الرحيم




تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام

للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -


الحديث الثالث :
عن عبدالله بن عباس رضي الله عنهما قال بلغ عمر رضي الله عنه أن فلاناً باع خمراً فقال قاتل الله فلاناً ألم يعلم أن رسول الله ﷺ قال ( قاتل الله اليهود حرمت عليهم الشحوم فجملوها فباعوها )
جملوها : أذابوها


موضوع الحديث :
تحريم الحيل التي تفضي إلى أكل الحرام


المفردات
بلغ عمر أن فلاناً باع خمراً : المراد به هنا سمرة بن جندب رضي الله عنه
قوله قاتل الله فلاناً : يعبر عن المقاتلة بالمحاربة ولا يدعى على أحد بهذا إلا لارتكابه شيء يعتبر جرماً مع أن العرب كانوا يطلقون الدعاء بمقاتلة الله للمدعو عليه من غير قصد لوقوع ذلك مثل قولهم تربت يداه وثكلتك أمك يعني فقدتك أمك
قوله حرمت عليهم الشحوم : يعني أن بني إسرائيل كانت الشحوم محرمة عليهم
قوله فجملوها : أي أذابوها ثم باعوها فأكلوا ثمنها


المعنى الإجمالي
لما بلغ عمر رضي الله عنه أن أحد أصحاب رسول الله e باع خمراً فغضب لذلك ودعا عليه بقوله قاتل الله فلاناً ألم يعلم أن رسول الله قال قاتل الله اليهود .. ) الحديث
اعتذار
سمرة بن جندب صحابي غزا مع النبي ﷺ وقاتل معه وغزا في زمن الخلفاء الراشدين وكان أميراً على البصرة لعمر وكان هناك من أهل الكتاب من تجب عليهم الجزية فالظاهر أنه من باب الملاطفة وعدم المشقة عليهم أنه قبل منهم الخمر وباعها عليهم لأنهم على الكفر والكفر أعظم ذنب ظناً منه أن ذلك يجوز وكان في ذلك متأولاً فلما نهاه عمر رضي الله عنه ترك ذلك


فقه الحديث
يؤخذ من هذا الحديث أولاً : أن الشحوم كانت محرمة على اليهود وقد ذكر الله ذلك في القرآن


ثانياً : أن الله لما حرم عليهم الشحوم جملوها أي أذابوها وجمعوها ثم أكلوا ثمنها


ثالثاً : أن عملهم مذموم لأنهم تحايلوا على أكل الحرام


رابعاً : قول عمر رضي الله عنه قاتل الله فلاناً يدل أنه قاس بيع الخمر على بيع الشحوم وأخذ من تحريم بيع ما حرم أكله لأنه إذا باعه أكل ثمنه


خامساً : فيه استعمال القياس حيث قاس عمر بيع الخمر المحرمة على بيع الشحوم المحرمة


سادساً : أن عمر رضي الله عنه دعا على من خالف ذلك القياس وهذا يدل على تأكيد استعمال القياس


سابعاً : فيه جواز الدعاء على المسلم إذا فعل ما يوجب الغضب عليه من الله


ثامناً : في الحديث تحريم التحايل على أكل الحرام أو ثمنه كما فعلت ذلك اليهود فجملوا الشحوم وأكلوا ثمنها واستعملوا صيد السمك في يوم السبت بحفر حفائر يبقى فيها وهذه كلها من الحيل المحرمة وبالله التوفيق.



--------

تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 5 ]

[ المجلد الخامس ]

http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam5.pdf (http://subulsalam.com/site/kutub/AhmedNajmi/08TassisAhkam5.pdf)

الرابط المباشر لتحميل الكتاب :

http://subulsalam.com/play.php?catsmktba=9384

ام عادل السلفية
13-05-2016, 01:43AM
بسم الله الرحمن الرحيم




تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام

للعلامة : احمد النجمي
-رحمه الله -


( كتاب اللباس )


اللباس ما يتخذ ستراً للعورة وجمالاً للإنسان ودفعاً للحر والبرد وقد امتن الله على العباد بذلك في قوله ( يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاساً يُوَارِي سَوْءَاتِكُمْ وَرِيشاً وَلِبَاسُ التَّقْوَىَ ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ ) [الأعراف : 26]
وهذا امتنان من الله عز وجل على بني آدم فيما هيئه لهم من اللباس وقد كان اللباس فيما سبق يتخذ من شعر الأنعام وأوبارها ثم أن الناس استعملوه من القطن ومن الحرير ومن المختلط منهما ومن اللباس ما يتخذ من مشتقات البترول وكل ذلك نعم من الله امتن الله بها على بني آدم في ستر عوراتهم وما يكتسبون به الجمال وما يدفعون به سورة الحر والبرد فلله الحمد على ذلك وهذا الباب فيه بيان ما يحل لبسه وما يحرم

الحديث الأول :
عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال قال رسول الله ﷺ لا تلبسوا الحرير فإنه من لبسه في الدنيا لم يلبسه في الآخرة


موضوع الحديث :
تحريم لبس الحرير وأنه من لبسه في الدنيا حرم منه في الجنة ولو دخلها


المفردات
الحرير : قال عنه ابن الملقن اسم جنس واحدته حريرة ويقال له الدمقسي والسيراء والستراء وهو مأخوذ من دود القز وهناك نوع من القطن يسمى الكتان لين إلا أنه لا يحرم وحديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه وجد حلة من استبرق بالسوق فأخذها فأتى بها رسول الله ﷺ فقال يا رسول الله ابتع هذه فتجمل بها للعيد والوفد فقال رسول الله ﷺ إنما هذه لباس من لا خلاق له أو إنما يلبس هذه من لا خلاق له فلبث عمر ما شاء الله ثم أرسل إليه رسول الله ﷺ بجبة ديباج فأقبل بها حتى جاء رسول الله ﷺ فقال يا رسول الله قلت إنما هذه لباس من لا خلاق له ثم أرسلت إلى بهذه فقال رسول الله ﷺ إنما أرسلتها إليك لتبيعها وتصيب بها حاجتك )
قوله من لبسه في الدنيا : أي مختاراً ولم يكن مضطراً إلى ذلك
لم يلبسه في الآخرة : أي أن الله سبحانه وتعالى يمنعه لبس الحرير وإن دخل الجنة


المعنى الإجمالي
في هذا الحديث نهي عن لبس الحرير للرجال وأن عقوبة لابسه أنه لا يلبسه في الآخرة


فقه الحديث
أولاً : يؤخذ من هذا الحديث تحريم لبس الحرير على الرجال لأن النبي ﷺ عندما أهدي له حرير فأعطى علياً قطعة منه فلبس منها شيئاً وجاء إلى النبي ﷺ فقال له النبي ﷺ إني لم أعطكها لتلبسها وإنما أعطيتكها لتلبسها نسائك قال فقطعتها خمراً بين الفواطم وهن رضي الله عنهن فاطمة بنت أسد وهي أمه وزوجته فاطمة بنت محمد وبنت عمه فاطمة بنت حمزة وكذلك حصل لأسامة وعمر بن الخطاب رضي الله عنهم


ثانياً : الإجماع قائم على أن الحرير يجوز لبسه للنساء وخالف في ذلك عبدالله بن الزبير ولكنه انعقد الإجماع بعده على حله للنساء .


ثالثاً : يحرم الثوب الذي غالبه حرير سواء كان الحرير لحمته أم سداه


رابعاً : يجوز العلم من الحرير بشرط ألا يتجاوز أربع أصابع من كل جانب أصبعين


خامساً : هذه العقوبة نؤمن بأنها واقعة على من لبس الحرير وأنه سيحرم من لباسه في الجنة ولو دخلها


سادساً : يجوز لبس الحرير للتداوي وقد لبسه عبدالرحمن بن عوف وعثمان بن عفان لحكة كانت بهما


سابعاً : كما يحرم لباس الحرير فكذلك يحرم افتراشه والافتراش يسمى لباساً وقد جاء في صحيح البخاري من حديث حُذَيْفَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ نَهَانَا النَّبِيُّ ﷺ أَنْ نَشْرَبَ فِي آنِيَةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَأَنْ نَأْكُلَ فِيهَا وَعَنْ لُبْسِ الْحَرِيرِ وَالدِّيبَاجِ وَأَنْ نَجْلِسَ عَلَيْهِ وقد جاء في حديث أنس أنه لما دخل عليهم النبي ﷺ قال فأخذت فراشاً لنا قد اسود من طول ما لبس والمقصود بالفراش هنا الخصفة وبالله التوفيق .



--------

تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 5 ]

[ المجلد الخامس ]

http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam5.pdf (http://subulsalam.com/site/kutub/AhmedNajmi/08TassisAhkam5.pdf)

الرابط المباشر لتحميل الكتاب :

http://subulsalam.com/play.php?catsmktba=9384

ام عادل السلفية
13-05-2016, 01:49AM
بسم الله الرحمن الرحيم




تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام

للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -


الحديث الثاني :
عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال سمعت رسول الله ﷺ يقول لا تلبسوا الحرير ولا الديباج ولا تشربوا في آنية الذهب والفضة ولا تأكلوا في صحافهما فإنها لهم في الدنيا ولكم في الآخرة .


موضوع الحديث :
تحريم لباس الحرير والديباج والشرب أو الأكل في آنية الذهب والفضة


المفردات
الحرير : سبق بيانه وهو المأخوذ من دود القز ويسمى الإبريسم وهو محرم لبسه على الرجال
قوله ولا الديباج : الديباج نوع من الحرير وهو ما غلظ وثخن من ثياب الحرير وذكره بعد الحرير وإن كان نوعاً منه من باب ذكر الخاص بعد العام
الثالث الصحاف : بكسر الصاد جمع صحفة بفتحها وهي دون القصعة قال الجوهري قال الكسائي أعظم القصاع الجفنة ثم القصعة تليها تشبع العشرة ثم الصحفة تشبع الخمسة ثم المئكلة تشبع الرجلين والثلاثة ثم الصحيفة تشبع الرجل
قوله فإنها لهم : أي للكفار
في الدنيا ولكم في الآخرة : أي إنها لهم باستعمالهم إياها وإلا فالحقيقة ليست مباحة لهم
وأما الآخرةفما لهم فيها من نصيب أما المسلمون فلهم في الجنة الحرير والذهب وما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر


المعنى الإجمالي
نهى النبي ﷺ أمته عن لباس الحرير والديباج وعن الشرب في آنية الذهب والفضة والأكل في صحافهما فإنها لهم أي للكفار باستعمالهم إياها وعدم تقيدهم بالأوامر والنواهي الواردة من الله ورسوله ولكم في الآخرة أي مختصون بها وتأخذونها بدون انقطاع أما الدنيا فهي منقطعة


فقه الحديث
أولاً : يؤخذ من الحديث تحريم لباس الحرير المأخوذ من دود القز وقد تقدم الكلام عليه في الدرس السابق وأن الحرير بالإجماع محرم على ذكور أمة محمد e ومباح لنساءها وفي ذلك أحاديث منها عَنْ أَبِي مُوسَى أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَحَلَّ لإِنَاثِ أُمَّتِي الْحَرِيرَ وَالذَّهَبَ وَحَرَّمَهُ عَلَى ذُكُورِهَا وقد أثر عن عبدالله بن الزبير أنه قال بتحريمه على النساء ولكن يقال أنه رجع بعد ذلك وانعقد الإجماع بعده على حله للنساء وتحريمه على الذكور فقط
أما الديباج فهو نوع من الحرير وهو غليظ وهو محرم على الذكور كتحريم الحرير ومباح للإناث وقد قال بعض أهل العلم بجواز لبسه في الحرب قالوا لأنه يكافح السلاح وهذه العلة فيها نظر لكن الحرير ومشتقاته يجوز لبسه للتداوي حيث أنه يتداوى به للحكة وقد ورد عن عثمان بن عفان وعبدالرحمن بن عوف أنهما أصابتهما الحكة فأجاز لهما النبي ﷺ لبس الحرير


ثانياً : يؤخذ منه تحريم الشرب في آنية الذهب والفضة والأكل في صحافهما أي أن الآنية المتخذة سواء متخذة للشرب كالأكواس أو متخذة للأكل كالصحاف فإنه يحرم الأكل والشرب فيها على الرجال والنساء إذ أن إباحة ذلك للنساء إنما هو اللبس لأن النساء من شأنهن التزين والتجمل فأبيح لهن ذلك أما الأكل والشرب فإنه يحرم على الرجال والنساء والغلمان أي حتى الغلمان غير المكلفين لا يجوز لأولياءهم أن يمكنوهم من الشرب في آنية الذهب والفضة ولا يمكنوهم من الأكل في صحافهما


ثالثاً : قوله إنها لهم في الدنيا ليس المراد أنها مباحة لهم ولكن المراد أنهم إن أكلوا وشربوا فيها فإن ذلك لا يتعدى الدنيا إذ أن الآخرة ليس للكفار فيها نصيب


رابعاً : هل العلة في النهي عن الأكل والشرب في آنية الذهب والفضة هو التباهي أوالعلة لأنها النقدان ويحتاج الناس إليهما فإذا أبيح استعمالها آنية كان في ذلك إشغالاً لهذه المادتين عما خلقت له وهو الانتفاع بهما في الدنيا


خامساً : فيه إشارة بالأكل والشرب إلى غيرهما مما هو دونهما فإذا كان يحرم أن يتخذ الرجل كأساً من ذهب للشرب أو إناءً للأكل من فضة فكذلك يحرم من باب أولى أن يتخذ منه ما دون ذلك كالبزابيز التي هي للماء أو ما أشبه ذلك من الاستعمالات وبالله التوفيق


ملحوظة :
الحرير الصناعي وهو ما يتخذ من مشتقات البترول لا يحرم لبسه وإن كان فيه ليونة ونعومة تشبه نعومة الحرير :
أولاً : لأنه من أصل مباح
وثانياً : أن طبيعته تختلف عن طبيعة الحرير الطبيعي لأن الحرير الطبيعي فيه ليونة ونعومة وهو بطبيعته بارد في وقت الحر ودافئ في وقت الشتاء فهذه الطبيعة يختلف بها عن طبيعة الحرير الصناعي الذي يشتد حره في وقت الحر ويشتد برودة في وقت البرد


ملحوظة ثانية :
وهو أنه يجوز اتخاذ السن أو الأنف من الذهب إذا احتاج الرجل إليهما أو إلى أحدهما لحديث عَرْفَجَةَ بْنِ أَسْعَدَ قَالَ أُصِيبَ أَنْفِي يَوْمَ الْكُلابِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَاتَّخَذْتُ أَنْفًا مِنْ وَرِقٍ فَأَنْتَنَ عَلَيَّ فَأَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أَنْ أَتَّخِذَ أَنْفًا مِنْ ذَهَبٍ وقد أخذ من هذا الحديث جواز اتخاذ الرجل السن أو الأنف إذا احتاج إليها وبالله التوفيق .


ملحوظة ثالثة :
قد ورد في كتب الفقه للحنابلة جواز اتخاذ القبيعة للسيف من الذهب أو الفضة وكذلك المقبض أو ما أشبه ذلك وأثر عن بعض الصحابة أنه كان لبعضهم سيف قبيعته من فضة والمهم أن السلاح يجوز تحليته بالذهب أو الفضة وبالله التوفيق .



--------

تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 5 ]

[ المجلد الخامس ]

http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam5.pdf (http://subulsalam.com/site/kutub/AhmedNajmi/08TassisAhkam5.pdf)

الرابط المباشر لتحميل الكتاب :

http://subulsalam.com/play.php?catsmktba=9384

ام عادل السلفية
13-05-2016, 01:56AM
بسم الله الرحمن الرحيم




تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام

للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -



الحديث الثالث :
عن البراء بن عازب رضي الله عنه قال ما رأيت من ذي لمة سوداء في حلة حمراء أحسن من رسول الله ﷺ له شعر يضرب منكبيه بعيد ما بين المنكبين ليس بالقصير ولا بالطويل .


موضوع الحديث :
وصف حليته صلوات الله وسلامه عليه


المفردات
من ذي لمة : اللمة هو الشعر الذي يكاد يلم بالمنكبين قال أهل اللغة وهو دون الجمة سميت اللمة لإلمامها بالمنكبين يعني تقارب المنكبين
سوداء : وصف للمة أي وصف لشعر رأسه
في حلة : الحلة هي إزار ورداء من البرود اليمنية
حمراء : أي وصفها بالحمرة
قوله أحسن من رسول الله e : يعني يقول ما رأيت من ذي لمة سوداءفي حلة حمراء أحسن من رسول الله ﷺ هذا نعت عظيم للنبي ﷺ نعت لخلقته أما خلقه فيكفيه ما قال الله فيه (وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ ) [ القلم : 4 ]
منكبه : المنكب هو مجمع اليد مع الجنب وهو رأس الكتف
قوله بعيد ما بين المنكبين : يعني أن صدره كان واسعاً وهذا يكون دليلاً على القوة
قوله ليس بالقصير ولا بالطويل : يعني أنه وسط بين الطول والقصر


المعنى الإجمالي
وصف البراء بن عازب رضي الله عنه نبي الله صلوات الله وسلامه عليه في هذا الحديث وصفاً يدل على حسنه وجماله وأنه كان جميل منظره يضاف ذلك إلى جميل مخبره صلوات الله وسلامه عليه الذي قال فيه ربه سبحانه وتعالى ( وإنك لعلى خلق عظيم )


فقه الحديث
أولاً : يؤخذ من هذا الحديث مشروعية اتخاذ اللمة وهو الشعر بأن يترك الإنسان شعره حتى يطول ويلم بالمنكب يعني يكاد يصل إليه


ثانياً : كان كعادة العرب له شعر طويل يؤخذ منه أن النبي ﷺ توفي قبل أن يشيب وأن شعره كان أسود وقد جاء ذلك في بعض الأحاديث ( فعَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ كَانَ شَيْبُ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ نَحْوَ عِشْرِينَ شَعَرَةً )


ثالثاً : يؤخذ من قوله في حلة حمراء مشروعية لبس الحلة والحلة إزار ورداء من البرود اليمنية وهو كما نقول مصنف ولحاف


رابعاً : وصف الحلة بأنها حمراء دليل على جواز لبس الأحمر وفي ذلك معارضة لأحاديث النهي عن لبس الأحمر لأنه قد ورد في النهي عن لبس الأحمر أحاديث لكن فيها ضعف فمن أهل العلم من ضعفها أي الأحاديث التي فيها النهي وقال بجواز لبس الأحمر من غير تحريم ولا كراهة وإلى ذلك مال الألباني رحمه الله ومن أهل العلم من جمع بين الأحاديث الواردة في النهي عن لبس الأحمر لأنه رأى أنها بمجموعها تصل إلى درجة الصحة وهؤلاء جمعوا بين هذه الأحاديث وبين حديث البراء بن عازب بأن حملوا النهي على ما كان أحمر صرفاً وحملوا الجواز على ما كان مخططاً بحمرة مع خطوط غيرها وهذا هو الأقرب في رأي .


خامساً : قوله أحسن من رسول الله ﷺ أي لم أر أحداً أحسن من رسول الله ﷺ بهذا الجمال الذي شرحته


سادساً : قوله له شعر يضرب منكبه أي له شعر طويل يصل إلى منكبيه علماً بأن بعض أصحاب النبي ﷺ قد وصفه بأن له شعر يبلغ شحمة الأذن وكانه عليه الصلوات والسلام يقصر شعره أحياناً ويتركه يطول أحياناً وهذا دليل على الجواز


سابعاً : يؤخذ من قوله بعيد ما بين المنكبين أنه ﷺ كان عريض الصدر وقد وصف صلوات الله وسلامه عليه بأنه كان عظيم المشاش أو عظيم الكتد والمشاش هو رؤوس العظام والكتد مجتمع الكتفين


ثامناً : يؤخذ من قوله ليس بالقصير ولا بالطويل أنه رجل بين الرجلين أي لا يوصف بطول ولا قصر بل هو بين الطول والقصر


ملحوظة:
تعرض الشارح ابن الملقن رحمه الله تعالى للسدل والفرق وقال وجاء عنه أنه سدل وأنه فرق وهو آخر الأمرين منه حتى جعله بعضهم نسخاً فعلى هذا لا يجوز السدل واتخاذ اللمة ويحتمل أن يكون فرق ليرى الجواز أو للندب ولذلك اختلف السلف فيه والصحيح جوازهما واختيار الفرق أهـ


أقول : هذا القول فيه نظر والقول الصحيح أن النبي ﷺ سدل في أول أمره تأسياً بأهل الكتاب فلما هاجر إلى المدينة ونهاه الله عز وجل عن التأسي بأهل الكتاب أخذ الفرق الذي هو عادة العرب والفرق يكون في وسط الرأس من أوله إلى ما بين القرنين
أما ما يعمله بعض الناس الآن من الفرق من الجانب الأيسر في الرأس فهذا مذموم ومنهي عنه واذكر أنني قلت في صيحة حق


وفرق رأس جانباً في الأيسر
تدعي بموضة سبيل المفتري


وعلى هذا فإن الواجب على أمة محمد رجالاً ونساءاً أن يفرقوا في الوسط ولا منافاة بين الفرق في الوسط واللمة بل يفرق في وسط الرأس ويكون له لمة أو جمة وبالله التوفيق .


ملحوظة أخرى :
قال ابن الملقن رحمه الله كان من معجزاته ﷺ أنه لا يمشي معه أحد من الناس ينسب إلى الطول إلا طاله يعني أن النبي ﷺ إذا مشى مع إنسان طويل يكون في طوله فإذا فارقه عاد إلى حاله


وأقول : هذا الكلام غير صحيح ولو كان كذلك لاشتهر هذا الأمر والنبي ﷺ كل من وصفه يقول بأنه ﷺ ليس بالطويل البائن ولا القصير ربعة بينهما وبالله التوفيق




--------

تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 5 ]

[ المجلد الخامس ]

http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam5.pdf (http://subulsalam.com/site/kutub/AhmedNajmi/08TassisAhkam5.pdf)

الرابط المباشر لتحميل الكتاب :

http://subulsalam.com/play.php?catsmktba=9384

ام عادل السلفية
13-05-2016, 02:02AM
بسم الله الرحمن الرحيم




تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام

للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -


الحديث الرابع :
عن البراء بن عازب أيضاً قال أمرنا رسول الله ﷺ بسبع ونهانا عن سبع أمرنا بعيادة المريض واتباع الجنازة وتشميت العاطس وإبرار القسم أو المقسم ونصر المظلوم وإجابة الداعي وإفشاء السلام ونهانا عن خواتيم أو تختم الذهب وعن شرب بالفضة وعن المياثر وعن القسي ولبس الحرير والاستبرق والديباج .


موضوع الحديث :
ذكر أحكام من الأوامر والنواهي


المفردات
أمرنا رسول الله ﷺ بسبع ونهانا عن سبع : أي أمرنا بسبع خصال ونهانا عن سبع خصال ثم شرع يوضحها
أمرنا بعيادة المريض : وعيادة المريض زيارته والاطمئنان عليه ومساعدته إن كان يحتاج إلى مساعدة لأن هذا مما يقوي الروابط بين المسلمين
قوله واتباع الجنازة : اتباع الجنازة أي الخروج معها من بيتها إلى المسجد والصلاة عليها ثم اتباعها إلى أن تدفن والمراد بالجنازة الميت على السرير وقيل أن الجنازة تكون بالفتح والكسر
فالمراد بالكسر السرير الذي عليه الميت إذا كان على السرير محمولاً والمراد بالفتح الميت حين يكون على السرير بعد الموت كما قد تقدم
تشميت العاطس : الدعاء له بالرحمة بأن يرده الله إلى سمته أو أن يثبت شوامته والعطاس معروف وهو احتقان الهواء في الرأس ثم خروجه مع صوت
إبرار القسم أو المقسم : والحقيقة أن تنفيذ ما أقسم عليه المقسم في قسمه إذا كان طاعة لله أو مباحاً مستحب كما سيأتي فمن أبررت قسمه فأنت حينئذ أبررته وهو المقسم أي نفذت مراده ليكون براً في قسمه ولا يحنث فيه
نصر المظلوم بما يقدر عليه الشخص من النصر إما بالكلمة أو بغيرها من نصح الظالم وأداء الشهادة إذا كان له شهادة عندك .
إجابة الداعي : أي بأن أخاك المسلم إذا دعاك فيستحب لك إجابته ما لم يكن هناك مانع من الإجابة
هذه السبع المطلوب فعلها وتبادلها بين الناس وأما المنهيات
فأولها : التختم بالذهب فقد نهى النبي e عن التختم بالذهب وهذا النهي خاص بالرجال دون النساء
وعن شرب بالفضة : هذا عام في الرجال والنساء لأن الشرب في آنية الذهب والفضة حرمان منها في الآخرة قد جاء في الحديث ما سيأتي ذكره عند الحكم
أما قوله وعن المياثر والقسي ولبس الحرير والاستبرق والديباج فهذه ايضاً النهي فيها خاص بالرجال
والمياثر : جمع ميثرة وهو بساط يوضع عليه لباس لين ليكون وطيئاً للجلوس عليه .

المعنى الإجمالي
أمر النبي ﷺ أمته بسبع خصال وهي المذكورة في حديث البراء ونهاهم عن سبع خصال أيضاً وهذا الحديث من أجمع الأحاديث للأوامر والنواهي وبالله التوفيق .


فقه الحديث
أولاً : يؤخذ من قوله أمرنا رسول الله e هل الأمر هنا أمر إيجاب أو أمر استحباب والقول بأن الأصل في الأوامر الوجوب إلا ما وجد له صارف هذا هو الصواب وما لم يوجد له صارف من حديث النبي ﷺ وأجمع على عدم وجوبه صرف من الوجوب إلى الاستحباب بالإجماع


ثانياً : قوله أمرنا بعيادة المريض بالذهاب إليه والعود عليه لحاجة المريض إلى ذلك أما من حيث الحكم فهو يختلف باختلاف الناس فالقرابة الذين لا يستغني عنهم المريض يجب عليهم ذلك وجوباً متحتماً ومن عداهم فإن الأمر يكون في ذلك للاستحباب والله تعالى أعلم


ثالثاً : كذلك اتباع الجنازة فإن الواجب على المسلمين أن يتبعوا جنازة أخيهم المسلم حتى تدفن وقد ورد في الحديث عن النبي ﷺ أن من اتبع الجنازة حتى تدفن كان له من الأجر قيراطان كل قيراط مثل أحد ومن اتبعها حتى يصلى عليها كان له قيراط ولعل الوجوب يكون في حق من يتم بهم الدفن ومن عداهم يكون في حقه مستحباً .


رابعاً : تشميت العاطس هو الدعاء له بأن يعيد الله شوامته إلى سمتها


خامساً : ثبت في الأحاديث أن التشميت لا يشرع إلا في حالة أن يحمد الله العاطس فإذا حمد الله شمت بأن يدعو له السامع بقوله يرحمك الله وقد أثر عَنْ أَبِي بُرْدَةَ رضي الله عنه قَالَ دَخَلْتُ عَلَى أَبِي مُوسَى وَهُوَ فِي بَيْتِ بِنْتِ الْفَضْلِ بْنِ عَبَّاسٍ فَعَطَسْتُ فَلَمْ يُشَمِّتْنِي وَعَطَسَتْ فَشَمَّتَهَا فَرَجَعْتُ إِلَى أُمِّي فَأَخْبَرْتُهَا فَلَمَّا جَاءَهَا قَالَتْ عَطَسَ عِنْدَكَ ابْنِي فَلَمْ تُشَمِّتْهُ وَعَطَسَتْ فَشَمَّتَّهَا فَقَالَ إِنَّ ابْنَكِ عَطَسَ فَلَمْ يَحْمَدْ اللَّهَ فَلَمْ أُشَمِّتْهُ وَعَطَسَتْ فَحَمِدَتْ اللَّهَ فَشَمَّتُّهَا سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ إِذَا عَطَسَ أَحَدُكُمْ فَحَمِدَ اللَّهَ فَشَمِّتُوهُ فَإِنْ لَمْ يَحْمَدْ اللَّهَ فَلا تُشَمِّتُوهُ )


سادساً : قوله وإبرار القسم المقصود بإبرار القسم أو المقسم أي إبرار الآلية بأن تجنبه الحنث إن كنت تقدر على ذلك ولا شك أن إبرار القسم هو إبرار للمقسم ويستفاد من هذا الأمر استحباب إبرار القسم أو المقسم إلا أن يكون هناك مانع من الإبرار ففي هذه الحالة يعذر الشخص المقسم عليه


سابعاً : قوله ونصر المظلوم أي يجب على المسلمين أن ينصروا المظلوم إذا عرفوا أنه مظلوم ونصره بفعل ما يقدر عليه العبد فإن كان له عندك شهادة أديتها وإن كنت تقدر على أن تعينه بكلمة أو بشيئ أو رأي أو ما أشبه ذلك وجب عليك أن تفعل وإن قصرت فإنك تكون مخاطباً ومسئولاً أمام الله عز وجل


ثامناً : قوله إجابة الداعي وقد جاء في الحديث عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( حق المسلم على المسلم ست . قيل: ما هن يا رسول الله ؟ قال: إذا لقيته فسلم عليه ، وإذا دعاك فأجبه ، وإذا استنصحك فانصح له ، وإذا عطس فحمد الله فشمته ، وإذا مرض فعده ، وإذا مات فاتبعه ) وسواء كانت الدعوة لطعام أو لشيء مباح تقدر عليه وهي غالباً في الطعام أكثر لكن هناك موانع فإذا كان الداعي مبتدعاً فلا تلزم إجابة دعوته وإذا كان الداعي في ماله شبهة لأنه يأكل الربا أو يأخذ الرشوة أو ما أشبه ذلك كذلك أيضاً إذا كانت الدعوة إلى وليمة عرس وكان في هذا العرس منكر لا يقدر المدعو على إنكاره جاز له التخلف أو كانت الدعوة يكون فيها إحراج وتأخير على الإنسان كما يحصل الآن في ولائم الزواج والتي قد تكون في القصور بحيث أنها تتأخر إلى الساعة الثانية عشر أو الحادية عشرة والنصف أو ما أشبه ذلك فيظهر أن هذا عذر قد يفوت عليه بعض المنافع الدينية والدنوية


تاسعاً : قوله وإفشاء السلام نشره بأن لا يبخل به على أحد فتسلم عليه وترده إذا بدأك هو بالسلام وترفع صوتك لأن رفع الصوت هنا مطلوب والإفشاء معناه الإكثار والنشر ولهذا جاء في كلام عمر بنعبدالعزيز وكتابته إلى الزهري افشوا حديث رسول الله ﷺ وتفشوا العلم وتكتبوه فإني أخاف من دروس العلم وضياعه ومعنى تفشوا تنشروا وتكثروا من دراسته وذكره


ملحوظة :
أذكر أنني قرأت في العلامات الصغرى لقرب الساعة في حديث أن من علامات قرب الساعة أن يكون السلام معرفة واستغربت هذا ولكن تبين لي عندما ذهبت إلى إحدى المدن بأنه لا يرد سلامك إلا من يعرفك ولا يسلم عليك إلا من يعرفك فقد كنت أرفع صوتي بالسلام وفي الغالب أن كثيراً من الناس لا ينتبه لذلك وكأن هذه العلامة أصبحت واقعة وبالله التوفيق .


قوله ونهانا عن سبع ثم ذكرها


عاشراً : أما المناهي فقد ابتدأها بقوله ونهانا عن خواتيم أو تختم الذهب الخاتم هو ما يلبس في الأصابع وهو مشروع للرجال والنساء أما النساء فتختمهن للتزين وأما الرجال فتختمهم أسوة بالنبي eوقد يكون الخاتم عليه اسم صاحبه فيؤخذ منه مشروعية التختم بما عليه اسم صاحبه .


الحادي عشر : أن التختم جائز بالفضة وبشترط أن لا يكون أكثر من مثقال والمثقال أربعة جرامات وربع قال هذا معروف في كتب التقارير


الثاني عشر : يشرع للرجل التختم في الخنصر من اليد اليمنى واليسرى ورحج الحافظ في الفتح رواية اليمنى وأما المرأة فيشرع لها التختم فيما عدا السبابة والإبهام فتفرق هي على الرجل في التختم بالوسطى


الثالث عشر: النهي عن التختم بالذهب خاص بالرجال أما النساء فيحل لهن ذلك على الأرجح وقد كتبت إجابة على سؤال تعتبر تلك الإجابة رسالة ورجحت جواز التحلي بالذهب للنساء مع كراهة الإسراف في ذلك وطبعت تلك الرسالة ضمن فتح الرب الودود في الفتاوى والرسائل والردود .


الرابع عشر :قوله وعن شرب بالفضة وهذا عام في الرجال والنساء وقد قال النبي e الذي يشرب في آنية الذهب والفضة إنما يجرجر في بطنه نار جهنم نسأل الله العفو العافية وقد تقدم الحديث لا تشربوا في آنية الذهب والفضة ولا تأكلوا في صحافهما فإنها لهم في الدنيا ولكم في الآخرة


الخامس عشر: تحريم المياثر الحرير على الرجال سواء كانت على رحل البعير أو سرج الفرس أو ما أشبه ذلك لأن افتراش الحرير محرم على الرجال كما هو محرم لبسه أما إن كان في غير الحرير فليست بحرام والميثرة هي وطاء يوضع على رحل البعير أو سرج الفرس وقد ورد النهي عن المياثر الحمر


السادس عشر : تحريم استعمال القسي وهو نوع من الحرير والنهي هنا للتحريم خلافاً لمن قال أن استعمال القسي مكروه كراهة تنـزيه

السابع عشر : يؤخذ من قوله والاستبرقhttp://www.al-sunan.org/vb/ramdan-ryad/editor/color.gif تحريم الاستبرق وهو نوع من الحرير أيضاً

الثامن عشر : قوله ولبس الحرير والاستبرق والديباج يؤخذ منه تحريم الديباج والديباج نوع من الحرير أيضاً فالحرير يعم القسي والاستبرق والديباج وهو محرم على الرجال دون النساء بجميع أنواعه وقد تقدم أن عبدالله بن الزبير كان يرى تحريم الحرير على النساء ولكن من بعده انعقد الإجماع على جواز لبسه للنساء من غير كراهة


فائدة :
يحرم على الرجال لبس الحرير الطبيعي أما الصناعي فيجوز لأن الحرير الطبيعي من طبيعته أنه بارد في الصيف دافئ في الشتاء أما الحرير الصناعي فهو عكس ذلك فإنه بارد في الشتاء حار في الصيف .




--------

تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 5 ]

[ المجلد الخامس ]

http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam5.pdf (http://subulsalam.com/site/kutub/AhmedNajmi/08TassisAhkam5.pdf)

الرابط المباشر لتحميل الكتاب :

http://subulsalam.com/play.php?catsmktba=9384

ام عادل السلفية
13-05-2016, 02:23AM
بسم الله الرحمن الرحيم




تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام

للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -


الحديث الخامس :
عن عبدالله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما أن رسول الله ﷺ اصطنع خاتماً من ذهب فكان يجعل فصه في باطن كفه إذا لبسه فصنع الناس كذلك ثم إنه جلس على المنبر فنـزعه فقال إني كنت ألبس هذا الخاتم واجعل فصه من داخل فرمى به ثم قال والله لا ألبسه أبداً فنبذ الناس خواتيمهم
وفي لفظ جعله في يده اليمنى .


موضوع الحديث :
الخاتم


المفردات
فصه : الفص هو ما يجعل في الخاتم وهو إما أن يكون شيء من الأحجار التي هي اللآلئ والزبرجد أو ما يكون مصنوعاً على شكلها من أحمر وأخضر وغيرهما وقد يجعل فص الخاتم من فضة ويكتب عليه الاسم
قوله فصنع الناس كذلك : أي تأسوا به الناس
وقد قيل أن الذي كان يلبسه النبي e ليس بذهب ولكنه من فضة مطلي عليه ذهب وقد كان النبي e اتخذ هذا الخاتم لأنه حين يكاتب الملوك قيل له أنهم لا يقرأون إلا كتاباً مختوماً فاتخذ الخاتم أولاً من فضة مطلي عليه ذهب وقيل ملوي عليه الذهب وكيف ما كان فنبذ النبي ﷺ له يعد نسخاً كما سيأتي
قوله والله لا ألبسه أبداً :يعني خاتم الذهب
فنبذ الناس خواتيمهم : أي تركوها تأسياً به وهذا القول هو الذي تطمأن إليه النفس لأن خاتم الورق قد بقي مع النبي ﷺ إلى أن مات وسواء قلنا أن الخاتم كان من ذهب كله أو من ورق مطلي عليه ذهب وهذا هو الذي يوافق عموم الأدلة التي تدل على تحريم التختم بالذهب للرجال
قوله فنبذ الناس خواتيمهم : أي طرحوها وتركوها والخاتم يجمع على خواتيم وخواتم
قوله وفي لفظ جعله في يده اليمنى : أي في خنصره قال الحافظ في الفتح ج10 ص 327 بعد أن ذكر اختلاف الروايات في اليمين واليسار ثم قال ابن أبي حاتم سألت أبا زرعة عن اختلاف الأحاديث في ذلك فقال لا يثبت هذا ولا هذا ولكن في يمينه أكثر إلى أن قال ويترجح التختم في اليمين مطلقاً لأن اليسار آلة الاستنجاء فيهان الخاتم إذا كان في اليمين عن أن تصيبه النجاسة .


قلت وبالأخص إذا كان فيه اسم من أسماء الله تعالى كعبدالله أو عبد الرحمن .


المعنى الإجمالي
حديث عبدالله بن عمر أن النبي ﷺ اصطنع خاتماً من ذهب ولبسه مدة ثم نزعه وهو على المنبر ليراه الناس فتأسوا به فنزع الناس خواتيمهم أي تركوها


فقه الحديث
يؤخذ من الحديث
أولاً : أن خواتم الذهب محرمة على الرجال لأن النبي ﷺ اصطنع خاتماً من ذهب في أول أمره سواء كان من الذهب الصرف أي الخالص أو كان من الفضة مطلي عليه بالذهب فقد رماه النبي ﷺ وحلف أن لا يلبسه وهذا يعد نسخاً للأمر الأول
أما إن قلنا أن الخاتم الأول من الفضة كما جاء في بعض الروايات وأن النبي ﷺ طرحه ثم لبسه لحاجته إلى ذلك فإنه يكون فيه نسخاً للتختم على سبيل الزينة والإباحة للتختم بالفضة إذا دعت الحاجة


ثانياً : قد علم أن النبي ﷺ كان يلبس خاتماً من ورق مكتوب فيه محمد رسول الله ثلاثة أسطر الأول محمد والثاني رسول والثالث لفظ الجلالة وأنه بقي معه إلى أن مات ثم لبسه أبو بكر إلى أن مات ثم لبسه عمر إلى أن مات ثم لبسه عثمان رضي الله عنهم جميعاً وقيل أنه بعد ست سنوات سقط في بئر أريس ونزحت البئر بحثاً عنه فلم يظفروا به والمهم أن استمرار النبي ﷺ على لبسه دال على جواز لبس الخاتم والأحاديث في ذلك ثابتة


ثالثاً : قد تقدم أنه يجوز للرجال لبس خاتم الفضة بشرط أن لا يزيد على مثقال


رابعاً : أن النبي ﷺ أقر كثير من الناس على التختم بالفضة وهو دليل على الإباحة .


خامساً : يؤخذ منه أنه يجوز لبسه في الخنصر والبنصر وقد ورد في ذلك حديث عَنْ عَلِيٍّ ابن أبي طالب رضي الله عنه قَالَ نَهَانِي يَعْنِي النَّبِيَّ ﷺ أَنْ أَجْعَلَ خَاتَمِي فِي هَذِهِ أَوْ الَّتِي تَلِيهَا ) وفي رواية ( فَأَوْمَأَ إِلَى الْوُسْطَى وَالَّتِي تَلِيهَا) وفي الترمذي (وَأَشَارَ إِلَى السَّبَّابَةِ وَالْوُسْطَى ) والبنصر مفهوم مخالفة


سادساً : في قوله جعله في يده اليمنى وأقول قد ورد أن النبي ﷺ تختم في الخنصر من اليد اليمنى ومن اليد اليسرى وأكثر الروايات تثبت اليمنى كما تقدم وقد عقد أبو داود كتاباً في سننه سماه كتاب الخاتم أورد فيه سبعة أبواب فليراجع وليراجع باب الخاتم من الزينة في جامع الأصول ج4 ص705 وبالله التوفيق .


ملحوظة :
أما النساء فقد تقدم أنه يحل لهن التختم بالذهب والتحلي به على أي طريقة كانت وهو القول الأصح من أقوال العلماء ولشيخنا الألباني رحمه الله رأي في ذلك وهو أن المحلق لا يجوز للنساء وأهل العلم جميعاً إلا من قلده يخالفونه في ذلك ولا شك أن الألباني عالم جليل صاحب سنة وله جهود كبيرة في تمييز صحيح الحديث من ضعيفه ولكنه غير معصوم في اجتهاده كغيره من الناس وبالله التوفيق .




--------

تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 5 ]

[ المجلد الخامس ]

http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam5.pdf (http://subulsalam.com/site/kutub/AhmedNajmi/08TassisAhkam5.pdf)

الرابط المباشر لتحميل الكتاب :

http://subulsalam.com/play.php?catsmktba=9384

ام عادل السلفية
13-05-2016, 02:30AM
بسم الله الرحمن الرحيم




تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام

للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -



الحديث السادس :
عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ نهى عن لبوس الحرير إلا هكذا ورفع لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أصبعيه السبابة والوسطى


ولمسلم نهى نبي الله ﷺ عن لبس الحرير إلا موضع أصبعين أو ثلاث أو أربع .


موضوع الحديث :
مقدار ما يجوز من الحرير للرجال


المفردات
نهى عن لبوس الحرير : أي عن لبسه
إلا هكذا : استثناء
فرفع أصبعيه : المراد بالأصبعين السبابة والوسطى
وفي الرواية الثانية إلا موضع أصبعين أو ثلاث أو أربع


المعنى الإجمالي
أن رسول الله ﷺ أخبر عن نهي الله سبحانه وتعالى للذكور من عباده عن لبس الحرير إلا ما استثنى والمستثنى في الحديث المتفق عليه أصبعين وفي رواية مسلم أو ثلاث أو أربع

فقه الحديث
أولاً : يؤخذ من الحديث تحريم لبس الحرير على الذكور من أمة محمد ﷺ إلا ما استثنى


ثانياً : تخصيص النهي بالرجال يدل عليه ما جاء عن النبي ﷺ ( أنه أخذ في إحدى يديه ذهباً وفي الأخرى حريراً ثم قال ألا إن هذين حلال لإناث أمتي ومحرم على ذكورها )


ثالثاً :إنما أبيح الذهب والحرير للنساء لأنهن بحاجة إلى التجمل وهذين النوعين مما يجمل النساء والله سبحانه وتعالى هو خالق الذكور والإناث ويعلم حاجة كل منهما وقد وصف الله سبحانه الإناث بقوله ( أَوَمَن يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ) [ الزخرف : 18 ] فالمرأة بحاجة إلى التحلي والتجمل لذلك أباح الله لها التحلي بالذهب وأباح لها لبس الحرير أيضاً وحرمه على الرجال ذلك لأن الحرير فيه نعومة والرجال بحاجة إلى الخشونة والقوة ونهوا عن الليونة ولهذا ورد من كلام عمر بن الخطاب رضي الله عنه (اخشوشنوا واخشوشبوا )


رابعاً : أبيح للرجال العلم في الثوب من الحرير بشرط أن لا يزيد على أربع أصابع فإن كان العلم من ناحية أصبعين جاز أما إذا كان أكثر من ذلك فإنه لا يجوز لبسه للرجال

خامساً : قال ابن الملقن يدخل في الإباحة العلم في الثوب والعمامة وعن مالك رواية تمنعه وهو قول ابن عمر


وأقول : إذا كان العلم في الإزار أو الرداء فذلك ظاهر فيه الجواز أما العمامة فلا أدري على أن الإباحة في الأثواب المستعملة كثيراً والمستعمل كثيراً هو الإزار والرداء علماً بأنه لو كان في الإزار والرداء ما يزيد على أربع أصابع فإنه يمنع هذا هو الظاهر وبالله التوفيق.




--------

تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 5 ]

[ المجلد الخامس ]

http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam5.pdf (http://subulsalam.com/site/kutub/AhmedNajmi/08TassisAhkam5.pdf)

الرابط المباشر لتحميل الكتاب :

http://subulsalam.com/play.php?catsmktba=9384

ام عادل السلفية
18-05-2016, 12:40AM
بسم الله الرحمن الرحيم




تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام

للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -



الحديث الأول :
عن عبدالله بن أبي أوفى رضي الله عنهما أن رسول الله ﷺ في بعض أيامه التي لقي فيها العدو انتظر حتى إذا زالت الشمس قام فيهم فقال أيها الناس لا تتمنوا لقاء العدو واسألوا الله العافية فإذا لقيتموهم فاصبروا واعلموا أن الجنة تحت ظلال السيوف . ثم قال النبي ﷺ اللهم منـزل الكتاب ومجري السحاب وهازم الأحزاب اهزمهم وانصرنا عليهم .


موضوع الحديث :
فضل الجهاد في سبيل الله والنهي عن تمني لقاء العدو والأمر بالصبر عند لقائه


المفردات
قوله بعض أيامه : أي حروبه والحرب يسمى يوماً وإن استغرق أياماً كما يقال يوم بعاث ويوم صفين وما أشبه ذلك
انتظر : أي تأخر إلى ما بعد الزوال
قام فيهم : أي خطيباً
وقال يا أيها الناس : أي قال في خطبته يا أيها الناس لا تتمنوا لقاء العدو : نهي عن تمني لقاء العدو
واسألوا الله العافية : أمر بسؤال العافية من الله والمقصود بذلك السلامة
قوله فإذا لقيتموهم فاصبروا : أي إذا ابتليتم بلقاء العدو فاصبروا أي اصبروا على مرارة الحرب وما يكون فيها من الموت أو الجراح سواء كان غالباً أو مغلوباً
فإن كان غالباً لزمه الصبر عن البطر والإعجاب بالنفس وإن كان مغلوباً صبر على ما حصل له
قوله واعلموا : هذا تنبيه على فضل الجهاد
أن الجنة تحت ظلال السيوف : أي لأن الجنة متسببة عنها وبريق السيوف من أعظم الأسباب فيها إذا بني ذلك على قصد نشر الدين وإعلائه وكان الجهاد على الطريقة الشرعية ثم دعا النبي e بتنـزّل النصر بقوله ( اللهم منزل الكتاب أي كما أنزلته فانصره ومجري السحاب أي بقدرتك الكاملة التي أجرت السحاب وأنزلت منه المطر نسألك بكل ذلك أن تنصرنا على عدوك وعدونا وهازم الأحزاب : المقصود بالأحزاب كل من عادى الرسل واتباعهم قال تعالى (كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَالأَحْزَابُ مِن بَعْدِهِمْ وَهَمَّتْ كُلُّ أُمَّةٍ بِرَسُولِهِمْ لِيَأْخُذُوهُ وَجَادَلُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ فَأَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كَانَ عِقَابِ ) [ غافر : 5 ] أي كما هزمت الأحزاب المتقدمين في الزمن اهزم هؤلاء الأحزاب الذين تحزبوا وتعاونوا وتناصروا على دحض الحق بالباطل كما كبتَّ الذين من قبلهم اكبت هؤلاء وانصرنا عليهم


المعنى الإجمالي
يخبر عبدالله بن أبي أوفى الصحابي رضي الله عنه أن النبي ﷺ لقي العدو في بعض أيامه فانتظر ولم يبدأ بالقتال إلا بعد أن زالت الشمس ولما زالت الشمس قام فيهم و لا بد أن يكون ذلك بعد الصلاة قام فيهم خطيباً فنهاهم عن تمني لقاء العدو لما فيه من الإعجاب بالنفس وأن يسأل الله العافية ثم قال فإذا لقيتموهم فاصبروا أي إن حقق الله ذلك وابتليتم بلقاء العدو فاصبروا عند ذلك واتركوا الجزع واعلموا أن لكم إحدى الحسنيين أما أن يُضفركم الله بعدوكم وتكون لكم الغلبة ويجمع الله لكم بين قهر العدو في الدنيا والثواب في الآخرة وإما أن تُغلبوا بعد أن بذلتم المجهود في الجهاد فيكون لكم الثواب الأخروي
أما قوله واعلموا أن الجنة تحت ظلال السيوف فيجب علينا أن نؤمن به كما هو ثم دعا رسول الله ﷺ ربه بشرعه المنزل وقدرته الكاملة أن ينصر المسلمين على عدوهم وبالله التوفيق


فقه الحديث
أولاً : أن المشروع للمسلمين الذي شرعه لهم نبيهم ﷺ أنهم إما أن يبدأوا القتال من الصباح وإن لم يبدأوا من الصباح أخروا القتال إلى بعد صلاة الظهر وزوال الشمس وهبوب الرياح


ثانياً : قيل أن التأخير إلى بعد الزوال لأمرين الأمر الأول أن يصلي المسلمون ويدعو لجيوشهم بالنصر وكذلك المجاهدون يؤدون فريضة الله عز وجل ويكون ذلك سبباً في النصر على العدو
الأمر الثاني : أنه بعد الزوال تهب الرياح ويبرد الجو ويكون في ذلك عون للمسلمين على عدوهم


ثالثاً : مشروعية الخطبة من قائد الجيش قبل البدأ بالقتال ليلخص لهم أهدافه ويأمرهم بالصبر وينهاهم عما لا ينبغي


رابعاً : النهي عن تمني لقاء العدو لأن فيه الإعجاب بالنفس والله عز وجل قال (لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنكُمْ شَيْئاً وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُم مُّدْبِرِينَ ) [ التوبة : 25] وذلك بسبب قول بعضهم لن نغلب اليوم من قلة ثم أخبر أنه نصر نبيه بعد تلك الجولة بقوله ( ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنْزَلَ جُنُوداً لَمْ تَرَوْهَا وَعَذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ) [ التوبة:26 ]


خامساً : ويتضمن النهي عن تمني لقاء العدو يتضمن النهي عن الإعجاب بالنفس والتباهي بالقوة وأن يكل العبد أمره إلى مولاه جلت قدرته وعز سلطانه فكم قد نصر أهل الحق وهم رسله وأتباعهم وهم قلة مستضعفون فنصرهم على أهل القوة المادية ونتذكر إغراق الله لقوم نوح ونصر إبراهيم على قومه حين ألقوه في النار وخرج منها بعد أن خمدت مرفوع الرأس منتصراً على قومه وكيف كان فرعون وقومه متيقنين في أنفسهم النصر على بني إسرائيل بكثرتهم وقلة بني إسرائيل فأمر الله البحر فانفتح لبني إسرائيل طرقاً حتى خرجوا ودخل فرعون وقومه فابتلعهم وأهلكهم فكم لله من عجائب في خلقه فكما فعل بأولئك فهو قادر على نصر المؤمنين من عدوهم


سادساً : الأمر بالصبر عند اللقاء ومعنى ذلك النهي عن الجزع الذي يؤدي إلى الانهزام والفشل بل يجب على المؤمنين أن يصبروا وينبغي لهم أن يواصلوا ما بدأوه من قتال العدو سواء كان قتالاً فعلياً أو قتال مخاصمة وطرح وأخذ ورد وبيان للحق ودحض للباطل كما يكون بمجادلة أهل الأحزاب والمبتدعة وما أشبه ذلك فإن هذا من الجهاد نسأل الله القوة عليه والصبر فيه


سابعاً : في قوله واعلموا أن الجنة تحت ظلال السيوف إخبار بحقيقة يعلمها الله وعلينا أن نؤمن بها فإنها حقيقة وليست مجازاً كما يقوله بعض من كتب في هذا الأمر فالجهاد هو سبب دخول الجنة


ثامناً : ثم قال النبي ﷺ داعياً اللهم منـزل الكتاب ومجري السحاب وهازم الأحزاب اهزمهم وانصرنا عليهم وفي ضمن ذلك المسألة وهو أن المشروع لأصحاب الحق وأهله أن يدعوا الله عز وجل وأن يتضرعوا بين يديه راجين نصره وثوابه وإعزاز الشرع وأهله وهزيمة الباطل وأصحابه


تاسعاً : يؤخذ من قوله منزل الكتاب التوسل إلى الله عز وجل أن ينصر كتابه الذي أنزله لكونه منـزله وهو يملك نواصي العباد ويملك ما ملكوا فهو قادر عليهم قادر على إذلال من ناوئ كتابه وكذب رسله


عاشراً : قوله مجري السحاب توسل إليه سبحانه وتعالى بأسباب الرزق وهو إجراء السحاب وإنزال المطر وإنبات النبات الذي فيه رزق بني آدم والبهائم


الحادي عشر : التوسل أيضاً بهزيمة للأحزاب الذين تحزبوا ضد رسله وكتبه يريدون أن يدحضوا الحق بالباطل فهزمهم ونصره عليهم وهذه الثلاثة الأمور وهي نصر الشرائع وبسط الرزق للعباد وهزم الأحزاب الذين تحزبوا ضد رسله واتباع رسله في كل زمان ومكان توسل إلى الله بقدرته العظيمة التي فعلت هذا كله فقال إهزمهم وانصرنا عليهم وبالله التوفيق .




--------

تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 5 ]

[ المجلد الخامس ]

http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam5.pdf (http://subulsalam.com/site/kutub/AhmedNajmi/08TassisAhkam5.pdf)

الرابط المباشر لتحميل الكتاب :

http://subulsalam.com/play.php?catsmktba=9384

ام عادل السلفية
18-05-2016, 12:53AM
بسم الله الرحمن الرحيم




تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام

للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -


الحديث الثاني :
عن سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنهما تقدمت ترجمته في كتاب الجمعة أن رسول الله ﷺ قال رباط يوم في سبيل الله خير من الدنيا وما عليها وموضع سوط أحدكم في الجنة خير من الدنيا وما عليها والروحة يروحها العبد في سبيل الله أو الغدوة خيرمن الدنيا وما فيها .
قال الرباط مراقبة العدو في الثغور المتاخمة لبلاد المسلمين .


موضوع الحديث :
الموازنة بين الفاني والباقي وأن الفاني قليل وإن كثر والباقي كثير وإن رأوه قليلاً


المفردات
الرباط : هو المقام في حدود العدو
من أجل ذلك وقد قال الله عز وجل ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ) [ آل عمران : 200 ] وقال النبي ﷺ ( أَلا أَدُلُّكُمْ عَلَى مَا يَمْحُو اللَّهُ بِهِ الْخَطَايَا وَيَرْفَعُ بِهِ الدَّرَجَاتِ قَالُوا بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ إِسْبَاغُ الْوُضُوءِ عَلَى الْمَكَارِهِ وَكَثْرَةُ الْخُطَا إِلَى الْمَسَاجِدِ وَانْتِظَارُ الصَّلاةِ بَعْدَ الصَّلاةِ فَذَلِكُمْ الرِّبَاطُ وعلى هذا فيكون الرباط هو المثابرة على العمل والدأب فيه وهو إسباغ الوضوء على المكاره وكثرة الخطا إلى الصلاة لأدائها وانتظار الصلاة .
قوله خير من الدنيا وما عليها : أي أن المقام في حدود العدو من الكفار رصداً لحركات العدو وحراسته لمن يكونون حوله وقريباً منه رباط يوم بهذه النية خيرمن الدنيا وما عليها والدنيا هي كل ما قصد به الانتفاع من الأمور المادية من ذهب وفضة وحرث وزراعة وغير ذلك
قوله وموضع سوط أحدكم في الجنة خيرمن الدنيا وما عليها : أي أن هذا المقدار خير من الدنيا وما عليها ومعلوم تفضيل موضع السوط في الجنة على الدنيا بأكملها .
قوله والروحة يروحها العبد في سبيل الله
أقول الروحة هي الذهاب من بعد الظهر في عمل الخير كمن يذهب لطلب علم أو لتعليم قوم وإرشادهم أو لقتال كفار أو لأي أمر فيهصلاح للدين فهذه الروحة أو الغدوة إن غدا من أول النهار إلى وسطه خير من الدنيا كلها وما فيها


المعنى الإجمالي
يخبر النبي ﷺ بأن مقام يوم في الرباط أو غدوة في سبيل الله وموضع سوط أحدنا في الجنة كل ذلك خير من الدنيا وما عليها ذلك لأن الجنة باقية والدنيا فانية وقليل الباقي خير من كثير الفاني


فقه الحديث
أولاً : فضيلة الرباط في سبيل الله وأن رباط يوم في سبيل الله خير من الدنيا وما عليها


ثانياً : يؤخذ من قوله وموضع سوط أحدكم في الجنة خير من الدنيا وما عليها أن موضع السوط مع قلته والدنيا كلها مع كثرتها يفضل عليها موضع السوط لأن الدنيا وما فيها من متاع كلها فانية من نساء وبنين وزروع وحرث وذهب وفضة وقصور وغير ذلك كل هذه إذا وضعت بالمفاضلة فموضع السوط خير منها


ثالثاً : يؤخذ من قوله والروحة يروحها العبد أو الغدوة خير من الدنيا وما فيها فالروحة في طلب العلم أو في تعليمه في إرشاد الضال وتبصير الجاهل وغير ذلك كل هذا غدوة يذهب لها الإنسان أو روحة والغدوة هي ما قبل الزوال والروحة التي بعده إلى المغرب كل ذلك يعني أن ثواب الغدوة أو الروحة خير من الدنيا كلها وما عليها بكل ما فيها كما قلنا

رابعاً : أن العمل الذي يترتب عليه الثواب يشترط فيه أن يكون خالصاً لله وصواباً على ما شرعه رسول الله ﷺ فإذا كان خالصاً لله وصواباً على ما شرعه رسول الله ﷺ فلنعلم أن ثوابه مضمون


خامساً : الذي نظنه ونعتقده أن أعمال أهل البدع لا يترتب عليها هذا الثواب العظيم فينبغي أن يعلم الفرق بين ما جمع الشرطين وهو ما كان خالصاً وصواباً على ما شرعه رسوله ﷺ وما كان مخلطاً فالظاهر أن المخلط أي العمل المخلوط بالبدعة أنه مردود وغير مقبول حسب ما فهم من النصوص الشرعية وبالله التوفيق .


سادساً : أن النبي ﷺ أخبر أن رباط يوم في سبيل الله يترتب عليه ذلك الثواب العظيم الذي يفضل الدنيا وما فيها


سابعاً : يؤخذ منه أن رباط يوم يسمى رباط


ثامناً : التنبيه على عظم فضل ما أعد للمجاهد وإن قل عمله


تاسعاً : فيه الحث على الغزو والجهاد في سبيل الله سواء كان لتعلم أو لتعليم وغير ذلك

عاشراً : فيه التنبيه على حقارة الدنيا وما فيها وعلى فنائها وبقاء الآخرة وبالله التوفيق




--------

تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 5 ]

[ المجلد الخامس ]

http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam5.pdf (http://subulsalam.com/site/kutub/AhmedNajmi/08TassisAhkam5.pdf)

الرابط المباشر لتحميل الكتاب :

http://subulsalam.com/play.php?catsmktba=9384

ام عادل السلفية
18-05-2016, 01:00AM
بسم الله الرحمن الرحيم




تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام

للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -


الحديث الثالث :
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي ﷺ قال انتدب الله .


ولمسلم : تضمن الله لمن خرج في سبيله لا يخرجه إلا جهاد في سبيلي وإيمان بي وتصديق برسولي فهو عليّ ضامن أن أدخله الجنة أو أرجعه إلى مسكنه الذي خرج منه نائلاً ما نال من أجر أو غنيمة


ولمسلم : مثل المجاهد في سبيل الله والله أعلم بمن يجاهد في سبيله كمثل الصائم القائم وتوكل الله للمجاهد في سبيله إن توفاه أن يدخله الجنة أو يرجعه سالماً مع أجر أو غنيمة


موضوع الحديث :
فضيلة الجهاد في سبيل الله وأنه يعدل ثواب الصائم القائم الذي لا يفتر من صيام وقيام


المفردات
قوله تضمن الله وفي رواية تكفل الله وفي رواية توكل الله وفي رواية انتدب الله وكلها بمعنى واحد وهو تحقيق الموعود وما ضمن فيه رب العالمين فهو واقع لا محالة ونحن على ذلك من الشاهدين لأنه تكفل فيه القادر الذي لا يعجزه شيء والواجد الذي لا يعدم والغني الذي عطاءه كلام وعذابه كلام
قوله لمن خرج في سبيله : والضمير في قوله في سبيله يعود إلى اللهتعالى بمعنى أنه مخلص لله مؤمن به مصدق بموعوده
قال لا يخرجه إلا جهاد في سبيلي وإيمان بي : أي تصديق بي يعني بالله وتصديق برسولي
فهو علي ضامن : معنى ضامن كتامر ولابن أي ذا تمر ولبن والمعنى أن الله ضامن له
وضامن بمعنى مضمون كعيشة راضية أي مرضية أن أدخله الجنة : يعني إن قتل أدخلته الجنة وإن لم يقتل فإني أرجعه إلى مسكنه الذي خرج منه نائلاً ما نال أي نائلاً الثواب الذي رصد له من أجر وغنيمة ومعنى ذلك أنه لا بد أن ينال الثواب مع الغنيمة إن جمعت له أو الثواب إن لم تحصل له غنيمة فهو في كلا الأحوال رابح وفائز
قال ولمسلم مثل المجاهد في سبيل الله ..إلخ قال ابن الملقن هذه الرواية ليست في صحيح مسلم وإنما هي في صحيح البخاري وهذا لفظه وقال هذه الزيادة التي عزاها المصنف إلى مسلم ليست فيه وإنما هي في البخاري بطولها في باب أفضل الناس مؤمن مجاهد بنفسه وماله في سبيل الله ) فكان ينبغي أن يقول وللبخاري بدل ولمسلم أهـ
قوله مثل المجاهد في سبيل الله والله أعلم بمن يجاهد في سبيله كمثل الصائم القائم : يعني أن أجره كأجر الصائم القائم الذي لا يفتر من صيام ولا قيام من الفتور وهو الضعف والانقطاع
قال وفي مسلم من حديث آخر عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قيل يا رسول الله ما يعدل الجهاد في سبيل الله قال لا تستطيعونه فأعادوا عليه مرتين أو ثلاثا كل ذلك يقول لا تستطيعونه ثم قال مثل المجاهد في سبيل الله كمثل الصائم القائم القانت بآيات الله لا يفتر من صلاة ولا صيام حتى يرجع المجاهد في سبيل الله )


المعنى الإجمالي
في هذا الحديث ضمان من الله لمن خرج في سبيله لا يخرجه إلا جهاد في سبيله ..إلخ ومعنى ذلك أنه يكون مؤمناً مخلصاً أنه ضامنعلى الله في واحد من ثلاثة أو اثنتين منها فإن قتل فهو ضامن على الله أن يدخله الجنة وإن بقي فقد تضمن الله أن يرجعه إلى مسكنه بما ناله من أجر أو غنيمة أي من أجر بدون غنيمة أو يجمع الله له بين الغنيمة والأجر
أما الرواية الثانية التي عزاها صاحب العمدة إلى مسلم واستدل عليه ابن الملقن وفيها أن فضيلة الجهاد في سبيل الله أي التي تقوم مقام الجهاد أمر لا يستطيعه البشر وذلك كالآتي
أن يكون بدلاً من الخروج يدخل في مصلاه فيواصل الصلاة والصيام والقيام ولهذا قال ﷺ لا تستطيعونه


فقه الحديث
أولاً : يؤخذ من الحديث الأول قوله انتدب الله يؤخذ منه فضيلة المجاهد في سبيل الله وأنها فضيلة عظيمة وكذلك في الرواية الأخرى نسأل الله أن يبلغنا من فضله ما يكون له هو أهل وإن كنا لسنا بأهل


ثانياً : معنى تضمن وانتدب وتكفل أنه قطع وعداً على نفسه بأن يكون كفيلاً لمن خرج في سبيله بالأمور الثلاثة المذكورة في الحديث
1- وهي دخول الجنة إن قتل وكذلك إن مات
2- إحرازه للثواب إن بقي وهو إما ثواب كامل لمن لم يحصل على غنيمة
3- أو ثواب مع غنيمة لمن حصل عليها في الدنيا

ثالثاً : يؤخذ من قوله مثل المجاهد في سبيل الله أن ثواب المجاهد كثواب الصائم الذي لا يفطر والقائم الذي لا يفتر أي الذي لا يفتر عن الصلاة وفي هذا من الفضل ما لا يستطاع وصفه

رابعاً : يؤخذ من قوله والله أعلم بمن يجاهد في سبيله أن الجهاد لا بد أن يكون جهاداً شرعياً بشروطه

خامساً : وأن يكون المجاهد مخلصاً لله عز وجل لا يريد من رواء ذلك عرضاً دنيوياً ولا شيئاً من مقاصد الدنيا الزائلة وبالله التوفيق .

سادساً : ومن شروطه أن يكون تحت راية إمام مسلم




--------

تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 5 ]

[ المجلد الخامس ]

http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam5.pdf (http://subulsalam.com/site/kutub/AhmedNajmi/08TassisAhkam5.pdf)

الرابط المباشر لتحميل الكتاب :

http://subulsalam.com/play.php?catsmktba=9384

ام عادل السلفية
18-05-2016, 01:09AM
بسم الله الرحمن الرحيم




تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام

للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -



الحديث الرابع :
وعنه رضي الله عنه قال قال رسول الله ﷺ ما من مكلوم يكلم في سبيل الله إلا جاء يوم القيامة وكلمه يدمى اللون لون الدم والريح ريح المسك .


موضوع الحديث :
فضل من جرح في سبيل الله عز وجل


المفردات
مكلوم : بمعنى مجروح
يكلم : بمعنى يجرح
في سبيل الله : أي كانت نيته خالصةً لله وبذل نفسه لإعلاء كلمة الله
إلا جاء يوم القيامة وكلمه يدمى : أي وجرحه يثعب منه الدم ويسيل كهيئته حين جرح
اللون لون الدم والريح ريح المسك : أي أن اللون أحمر ولكن الريح ريح المسك وليس بريح دم


المعنى الإجمالي
يخبر النبي ﷺ أنه ما من مكلوم يكلم في سبيل الله بأن كان مخلصاً باذلاً نفسه لربه طائعاً راجياً من الله ثوابه وخائفاً من عقابه إلا جاء يوم القيامة وكلمه يدمى كهيئته يوم جرح اللون لون الدم والريح ريح المسك


فقه الحديث
أولاً : فضيلة من يكلم في سبيل الله وأن رائحة دمه تنتشر في الموقف فيشمها الناس جميعاً كأنها رائحة مسك


ثانياً : أنه يشترط لذلك أن يكون في سبيل الله وما معنى في سبيل الله ؟
أي يكون مخلصاً لله في العمل الذي أوجب جرحه وأن يكون عمله صواباً على ما شرعه رسول الله ﷺ فإن كانت النية مدخولة أو العمل غير صواب على الوجهة الشرعية فإنه لا يكون كلمه كذلك ولهذا جاء في الحديث الذي مضى أن النبي ﷺ قال ( والله أعلم بمن يجاهد في سبيله )


ثالثاً : يعلم من هذا أن الذين يقتلون أنفسهم فيما يسمونه بالعمليات الاستشهادية وهي ليست استشهادية وإنما هي انتحارية وكذلك الخوارج الذين يفسدون في الأرض بإزهاق الأرواح وسفك الدماء وإتلاف الأموال على غير بصيرة ولا هدى فإن عملهم باطل وهو موجب لغضب الله لا موجب لرضى الله كما زعموا ولهذا فليتقوا الله في أنفسهم وليتق الله الذين يفتونهم بجواز ما عملوا من الإفساد


رابعاً : قوله إلا جاء يوم القيامة وكلمه يدمى أي ينـزل منه الدم كهيئته يوم جرح


خامساً : قوله اللون لون الدم والريح ريح المسك يؤخذ منه أن الله سبح
يكون مكروهاً عند الناس يكون عند الله عز وجل طيباً كرائحة المسك )


سادساً : ما هو السبب في تغير الدم تغير رائحته وإن كان لونه لونه السبب في ذلك طيب النية وحسنها وامتثال الأمر وبذل النفس في سبيل الله كما يقول عز من قائل (وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلّهِ فَإِنِ انتَهَواْ فَلاَ عُدْوَانَ إِلاَّ عَلَى الظَّالِمِينَ ) [ البقرة : 193 ]
فإذا كانت النية لإعلاء كلمة الله أظهر الله حسنها يوم القيامة لأهل الموقف والمشهد


سابعاً : أن تلك الرائحة الجميلة الحسنة يستدل بها من شمها على حسن عمل صاحبها وطيب نيته وإخلاصه لله رب العالمين نسأل الله جل شأنه أن يجعلنا من المخلصين وأن يثبتنا على الحق حتى نلقاه


ثامناً : ادعى بعض الجماعات أن الذين قتلوا منهم كانت تنبعث من قبورهم رائحة المسك وهذه الدعوى يجب أن نعرضها على واقع السلف فهل ادعى في قبر أحد منهم أنه كان ترابه كرائحة المسك لا يصح هذا عن أحد أبداً وإن الذين قالوا هذا القول قولهم باطل لأن قتالهم وإن كانوا في سبيل الله ليسوا بأفضل من أصحاب رسول الله ﷺ فقد دفن النبي ﷺ وأصحابه سبعين رجلاً ولم يوجد في حديث واحد أنه انبعث من قبر أحد منهم رائحة المسك وإنما هذه مبالغة نسأل الله أن يسامح من كتبها وأن يوفقنا للحق إنه جواد كريم وصلى الله على نبينا محمد


تاسعاً : أما ما ورد في هذا الحديث فهو يوم القيامة وليس في الدنيا .



--------

تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 5 ]

[ المجلد الخامس ]

http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam5.pdf (http://subulsalam.com/site/kutub/AhmedNajmi/08TassisAhkam5.pdf)

الرابط المباشر لتحميل الكتاب :

http://subulsalam.com/play.php?catsmktba=9384

ام عادل السلفية
18-05-2016, 01:15AM
بسم الله الرحمن الرحيم





تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام

للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -


الحديث الخامس :
عن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه قال قال رسول الله ﷺ غدوة في سبيل الله أو روحة خير مما طلعت عليه الشمس أو غربت .
قال ابن الملقن هذا الحديث من أفراد مسلم


والكلام على الغدوة والروحة قد مر في الأحاديث القريبة الماضية فالغدوة هي الخروج من الغدو ما بين صلاة الصبح إلى الزوال
والروحة هي الخروج في الرواح ما بين الزوال إلى غروب الشمس


ويستفاد من الحديث
أن تلك الغدوة أو الروحة التي يعملها العبد في سبيل الله بأن يكون مخلصاً لله وعمله موافقاً لما شرع الله أي أن تلك الغدوة أو الروحة خير مما طلعت عليه الشمس أو غربت وهذا تفضيل لتلك الغدوة أو الروحة على جميع متاع الدنيا من أموال وقصور ومزارع وغير ذلك من متاع الدنيا ونسائها أن تلك الغدوة أو الروحة خير مما طلعت عليه الشمس وغربت أي من مشرقها إلى مغربها فسبحان من لا يحصر فضله ولا يعلم مداه إلا هو وهذا فيه فضيلة للأعمال الخيرية جميعاً سواء كان ذلك بجهاد السنان أو البيان وقد سبق لنا أن بينا أن الخروج لطلب العلم أو تعليمه أو للجهاد الفعلي في سبيل الله بين المسلمين والكفار كل ذلك في سبيل الله وأن الغدوة أو الروحة فيه خير من الدنيا وما عليها وبالله التوفيق .



--------

تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 5 ]

[ المجلد الخامس ]

http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam5.pdf (http://subulsalam.com/site/kutub/AhmedNajmi/08TassisAhkam5.pdf)

الرابط المباشر لتحميل الكتاب :

http://subulsalam.com/play.php?catsmktba=9384

ام عادل السلفية
18-05-2016, 01:22AM
بسم الله الرحمن الرحيم





تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام

للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -


الحديث السادس :
عن أنس رضي الله عنه قال قال رسول الله ﷺ غدوة في سبيل الله أو روحة خير من الدنيا وما فيها


هذا الحديث متفق عليه أخرجه البخاري وأخرجه مسلم والكلام عليه كالكلام على سابقه فلا داعي للإعادة . وبالله التوفيق .


الحديث السابع :
عن أبي قتادة الأنصاري رضي الله عنه قال خرجنا مع النبي ﷺ إلى حنين – وذكر قصة – فقال رسول الله ﷺ من قتل قتيلاً عليه بينة فله سلبه قالها ثلاثاً

موضوع الحديث :
أن السلب للقاتل وسيأتي الكلام على هذه المسالة

المفردات
قوله خرجنا مع النبي ﷺ إلى حنين : حنين موضع شرق عرفة وقد ذكره الله عز وجل في قوله (وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا ) [التوبة : 25]
قوله وذكر قصة : القصة هي ( عَنْ أَبِي قَتَادَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ عَامَ حُنَيْنٍ فَلَمَّا الْتَقَيْنَا كَانَتْ لِلْمُسْلِمِينَ جَوْلَةٌ فَرَأَيْتُ رَجُلاً مِنْ الْمُشْرِكِينَ عَلا رَجُلاً مِنْ الْمُسْلِمِينَ فَاسْتَدَرْتُ حَتَّى أَتَيْتُهُ مِنْ وَرَائِهِ حَتَّى ضَرَبْتُهُ بِالسَّيْفِ عَلَى حَبْلِ عَاتِقِهِ فَأَقْبَلَ عَلَيَّ فَضَمَّنِي ضَمَّةً وَجَدْتُ مِنْهَا رِيحَ الْمَوْتِ ثُمَّ أَدْرَكَهُ الْمَوْتُ فَأَرْسَلَنِي فَلَحِقْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ فَقُلْتُ مَا بَالُ النَّاسِ قَالَ أَمْرُ اللَّهِ ثُمَّ إِنَّ النَّاسَ رَجَعُوا وَجَلَسَ النَّبِيُّ ﷺ فَقَالَ مَنْ قَتَلَ قَتِيلاً لَهُ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ فَلَهُ سَلَبُهُ فَقُمْتُ فَقُلْتُ مَنْ يَشْهَدُ لِي ثُمَّ جَلَسْتُ ثُمَّ قَالَ مَنْ قَتَلَ قَتِيلاً لَهُ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ فَلَهُ سَلَبُهُ فَقُمْتُ فَقُلْتُ مَنْ يَشْهَدُ لِي ثُمَّ جَلَسْتُ ثُمَّ قَالَ الثَّالِثَةَ مِثْلَهُ فَقُمْتُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مَا لَكَ يَا أَبَا قَتَادَةَ فَاقْتَصَصْتُ عَلَيْهِ الْقِصَّةَ فَقَالَ رَجُلٌ صَدَقَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَسَلَبُهُ عِنْدِي فَأَرْضِهِ عَنِّي فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لاهَا اللَّهِ إِذًا لا يَعْمِدُ إِلَى أَسَدٍ مِنْ أُسْدِ اللَّهِ يُقَاتِلُ عَنْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ﷺ يُعْطِيكَ سَلَبَهُ فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ صَدَقَ فَأَعْطَاهُ فَبِعْتُ الدِّرْعَ فَابْتَعْتُ بِهِ مَخْرَفًا فِي بَنِي سَلِمَةَ فَإِنَّهُ لأَوَّلُ مَالٍ تَأَثَّلْتُهُ فِي الإِسْلامِ).
قوله عليه بينة : المراد بالبينة ما يتبين به الأمر وقد اختلف أهل العلم هل يعتبر ترك ذلك الرجل يعتبر بينة فبعضهم قال نعم وبعضهم قال لا لأنه لم يطلب منه شاهد آخر ولم يحلفه والقول بأن الشاهد الواحد يكفي في مثل هذا ويعتبر في نظري هو الأصح .
قوله سلبه : السلب هو ما قتل القتيل وهو عليه من آلات الحرب وغيرها


المعنى الإجمالي
المعنى الإجمالي في هذا الحديث أن النبي ﷺ قال يوم حنين من قتل قتيلاً له عليه بينة فله سلبه وأن أبا قتادة قتل رجلاً وقال لمن حوله إني قتلت رجلاً فأقسم على من عرف ذلك أن يشهد لي قالها ثلاثاً وفي الثالثة قال رجل من المسلمين … إلخ



--------

تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 5 ]

[ المجلد الخامس ]

http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam5.pdf (http://subulsalam.com/site/kutub/AhmedNajmi/08TassisAhkam5.pdf)

الرابط المباشر لتحميل الكتاب :

http://subulsalam.com/play.php?catsmktba=9384

ام عادل السلفية
18-05-2016, 01:35AM
بسم الله الرحمن الرحيم



تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام

للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -

الحديث الثامن :
عن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه قال أتى النبي ﷺ عين من المشركين – وهو في سفر – فجلس عند أصحابه يتحدث ثم انفتل فقال النبي ﷺ اطلبوه واقتلوه فقتلته فنفلني سلبه .
وفي رواية فقال : من قتل الرجل فقالوا بن الأكوع فقال له سلبه أجمع


موضوع الحديث :
السلب كما سبق

المفردات
العين : هو الجاسوس الذي يريد اكتشاف أخبار المسلمين ليدل العدو على ذلك
وهو في سفر: المراد به موقعة حنين
قوله فجلس عند أصحابه : الضمير يعود إلى النبي ﷺ والضمير في جلس ويتحدث المستتر يعود على الجاسوس
قوله ثم انفتل : أي تحرك وخرج بسرعة فقال النبي ﷺ اطلبوه واقتلوه : أي اطلبوه حتى تلحقوه وتقتلوه
قال فقتلته فنفلني سلبه
قوله فقال ابن الأكوع : يعني سلمة
فقال له سلبه أجمع : هكذا ورد بالسجع


المعنى الإجمالي
لحديث سلمة أن عيناً من المشركين والعين هو الجاسوس الذي يريد أن يخبر بما عليه العدو لأصحابه فإذا رأى رقة وضعفاً أخبرهم
والجاسوس على المسلمين يشرع قتله .


فقه الحديثين
يؤخذ من الحديثين :
أولاً : أن السلب للقاتل سواء شرطه الإمام أو لم يشرطه وهو حكم شرعي لقول النبي ﷺ ( من قتل قتيلاً فله سلبه ) وقالها بعد انقضاء القتال وذلك يدل على أن هذا الحكم حكماً جارياً في الإسلام ومما يدل على ذلك قول أَبُي بَكْرٍ الصِّدِّيقُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لاهَا اللَّهِ إِذًا لا يَعْمِدُ إِلَى أَسَدٍ مِنْ أُسْدِ اللَّهِ يُقَاتِلُ عَنْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ﷺ يُعْطِيكَ سَلَبَهُ فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ صَدَقَ فَأَعْطَاهُ إياه فدل ذلك على أن هذا كان حكماً معلوماً في الإسلام لأن أبا بكر ما تكلم إلا عن شيء يعلمه شرعاً مستقراً سواء كان قاله قائد الجيش أو لم يقله وسواء قاله قبل القتال أو بعده كل ذلك يستحق به السلب


قال ابن الملقن واختلف فيه العلماء على قولين أحدهما أنه يستحقه سواء قال أمير الجيش قبل ذلك من قتل قتيلاً فله سلبه أو لم يقل ذلك وبه قال الشافعي والأوزاعي والليث والثوري وأبو ثور وأحمد وإسحاق وابن جرير وغيرهم قالوا هذا الحديث فتوى منه ﷺ وإخبار عن حكم الشرع فلا يتوقف على قول أحد والقول الثاني أنه لا يستحق القاتل ذلك لمجرد القتل وإنما هو لجميع الغانمين كسائر الغنيمة إلا أن يقول قبل القتال من قتل قتيلاً فله سلبه وبه قال مالك وأبو حنيفة ومن تابعهما وحملوا الحديث على هذا وجعلوا هذا إطلاقاً من النبي ﷺ وليس بفتوى وإخبار عنه قال واستضعف هذا فإنه صرح في هذا الحديث الصحيح بأنه عليه الصلاة والسلام قال هذا بعد الفراغ من القتال واجتماع الغنائم .


وقال الشيخ تقي الدين هذا يتعلق بقاعدة وهي أن تصرفات الشارع في أمثال هذا إذا ترددت بين التشريع والحكم الذي يتصرف فيه ولاة الأمور هل يحمل على الأول أو الثاني والأغلب حمله على الأول


قلت :وقد تقدم الترجيح بأن النبي ﷺ قال ذلك بعد انتهاء القتال وأن أبا بكر حين أنكر على ذلك الرجل حين طلب أن يرضي القاتل عن السلب وقرره النبي ﷺ على ذلك فقال أعطه سلبه إلا أنه قد تحصل حالات يستكثر فيها السلب فيرى أمير الجيش أن إعطاء السلب مع كثرته فيه ضرر على المجاهدين ونقص من غنيمتهم كما في حديث عوف بن مالك الأشجعي رضي الله عنه أو كان المطالب قد أساء الأدب مع الأمير فيستحق أن يمنع ذلك السلب بسبب سوء أدبه .


ثانياً : ما هو السلب ؟
والجواب : السلب هو ما كان يحمله المقتول أو يلبسه وقت القتل وهو كالسيف والترس والقوس والسهام وما أشبه ذلك من لأمة الحرب سواء كانت في ذلك الزمن أو في زمننا هذا وكذلك ما كان لابساً له من لباس ودرع وخوذة واختلفوا في الدابة هل تلحق بالسلب أم لا ؟ وقد ذكر هنا ابن الملقن أن الإمام أحمد لم يجعل الدابة من السلب وقال في مسائل الخرقي والدابة وما عليها من آلتها من السلب وقال في المغني وجملته أن السلب ما كان القتيل لابساً له من ثياب وعمامة وقلنسوة ومنطقة ودرع ومغفر وبيضة وتاج وأسورة .. إلخ ما ذكر وقال في المغني أيضاً واختلفت الرواية عن أحمد في الدابة فنقل عنه أنها ليست من السلب وهو اختيار أبي بكر لأن السلب ما كان على يديه والمهم أن عن أحمد روايتان في الدابة إحداها أنها تدخل في السلب والرواية الثانية أنها لا تدخل (المغني الجزء الثالث عشر ص72)


ثالثاً : أنه لا يستحق السلب إلا بشروط أربعة :
أحدها : أن يكون المقتول من المقاتلة فأما إن قتل امرأة أو صبياً أو شيخاً فانياً أو ضعيفاً مهيناً ونحوهم ممن لا يقاتل لم يستحق سلبه
الثاني : أن يكون المقتول فيه منعة غير مثخن بالجراح فإن كان مثخناً بالجراح فليس لقاتله شيء من سلبه .


الثالث : أن يقتله أو يثخنه حتى يكون في حكم المقتول


الرابع : أن يغرر بنفسه في قتله أي يخاطر بنفسه لأنه يحتمل أن يكون قاتلاً أو مقتولاً
وقد ذكر ابن الملقن فوائد
أحدها : الجلوس عند أصحابه لإيناسهم بالحديث وتعلم العلم في الأسفار ووقت الحاجة إلى ذلك
قال وفي صحيح مسلم أن ذلك كان وقت التضحي لقوله(بينما نحن نتضحى إذ جاءه رجل…)


وأقول:قوله فجلس مع أصحابه يتحدث الضمير في هذا يعود إلى العين من المشركين لا إلى النبي ﷺ وكأن المؤلف فهم من قوله فجلس عند أصحابه يتحدث أن الضمير يعود إلى النبي ﷺ وليس كذلك


ثانيها : الأمر بطلب الجاسوس الكافر الحربي وقتله والإجماع قائم على ذلك لما في ذلك من كشف لعورات المسلمين ، واختلف العلماء في الجاسوس المعاهد والذمي هل ينتقض عهده إذا علم منه التجسس على المسلمين ويقتل ؟
أحدها : يصير ناقضاً للعهد بذلك فإن رأى الإمام استرقاقه أرقه ويجوز قتله


ثانيهما : لا ينتقض عهده بذلك وبه قال جمهور العلماء . قالت الشافعية إلا أن يكون قد شرط عليهم انتقاض العهد بذلك


وأقول : إن القول أن العهد ينتقض بذلك هذا هو الصحيح وفي كتاب عمر بن الخطاب رضي الله عنه بالأمان لأهل الذمة ما يشهد لذلك .
أما الجاسوس المسلم فقال الشافعي والأوزاعي وأبو حنيفة وبعض المالكية والجمهور يعزره الإمام بما يراه من ضرب وحبس ونحوهما ولا يجوز قتله وقال مالك يجتهد فيه الإمام


ثالثها ورابعها: أن القاتل يستحق السلب وأنه لا يخمس


خامسها : يؤخذ منه سؤال الإمام عمن فعل فعلاً جميلاً ليثنى عليه به ويعطيه ما يستحقه


سادسها : جواز مجانسة الكلام لقوله قال ابن الأكوع قال له سلبه أجمع إذا لم يكن فيه تكلف


سابعها : مبادرة الرعية إلى امتثال أمر إمامهم ما لم يكن معصية فإنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق


ثامنها : قال ابن الملقن فيه جواز تنفيل جميع ما أخذته السرية لأن سلبه كان جملة ما غنموه ثم قال ولا يخلوا ما ذكره من نظر


وأقول : إنه يؤخذ من هذا أنه إذا أمر قائد الجيش بقتل الجاسوس فانتدب لذلك جماعة وكان الذي قتله واحداً منهم فإن السلب لمن قتل دون غيره وبالله التوفيق .



--------

تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 5 ]

[ المجلد الخامس ]

http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam5.pdf (http://subulsalam.com/site/kutub/AhmedNajmi/08TassisAhkam5.pdf)

الرابط المباشر لتحميل الكتاب :

http://subulsalam.com/play.php?catsmktba=9384

ام عادل السلفية
18-05-2016, 01:51AM
بسم الله الرحمن الرحيم




تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام

للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -

الحديث التاسع :
عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما قال بعث رسول الله ﷺ سرية إلى نجد فخرجت فيها فأصبنا إبلاً وغنماً فبلغت سهماننا اثني عشر بعيراً ونفلنا رسول الله ﷺ بعيراً بعيراً .


موضوع الحديث :
النفل المعطى للسرايا



المفردات
السرية : عند أهل السير الذين كتبوا عن سيرة النبي ﷺ كل جيش لم يخرج فيه النبي ﷺ والغزوة ما خرج فيها ، والسرية على العموم هي جيش قليل يرسلهم الإمام لغرض خاص وقد تكون مقتطعة من الجيش الكبير وقد تكون مرسلة من الإمام كما بينا
قبل نجد : عرف الشارح نجداً بقوله ونجد ما بين جرش إلى سواد الكوفة وحده مما يلي المغرب الحجاز وعن يسار الكعبة اليمن ونجد كلها من أعمال اليمامة
سهماننا : جمع سهم
اثني عشر بعيراً : أي أصاب كل واحد من أفراد السرية اثني عشر بعيراً
قوله ونفلنا رسول الله e : التنفيل هو ما يعطى من قبل الإمام تشجيعاً على عمل عمله المجاهد


المعنى الإجمالي
يخبر عبدالله بن عمر رضي الله عنهما أن النبي e بعثهم في سرية إلى نجد فأصابوا غنائم كثيرة من إبل وغنم فنال كل واحد منهم اثني عشر بعيراً .


فقه الحديث
أولاً : السرايا تنقسم إلى قسمين : سرية مستقلة يرسلها الإمام لغرض خاص وسرية مقتطعة من الجيش الكبير


ثانياً : السرية المستقلة حكمها حكم الجيش المستقل ما غنموه فهو لهم يؤخذ منه الخمس ويوزع الباقي على الغانمين أما السرية المقتطعة من الجيش فهذه تعطى شيئاً بعد الخمس والباقي يكون غنيمة للجيش لأن الجيش يكون ردءاً للسرية وقوة لها وقد ورد عن النبي ﷺ أنه كان ينفل الربع بعد الخمس في بدء الغزو وينفل الثلث بعد الخمس عند القفول فإذا كان في أول الغزو يرسل السرية ويقول لهم لكم الربع بعد الخمس وإذا كان عند القفول والناس سائمين من الحرب ومن الأسفار ويحبون الرجوع إلى أوطانهم ففي هذه الحالة ينفل الثلث بعد الخمس


ثالثاً : وعلى هذا فإن قول من قال أن للإمام أن ينفل الكل هذا قول ضعيف بل ينفل كما ورد لأن التنفيل للترغيب في تحصيل مصالح القتال .


رابعاً : يؤخذ من الحديث دليل على وجوب توزيع الغنيمة بينالغانمين لقوله فبلغت سهماننا اثني عشر بعيراً .


خامساً : الغنيمة تجمع بكل ما فيها من ذهب وفضة وثياب وأعيان أخرى حتى الخيط والمخيط يجب أداؤها جميعاً ولا يجوز لأحد من الجيش أن يغل شيئاً


سادساً : من غل شيئاً من الغنيمة ثم أتى به فالظاهر أن الإمام يرده إذا كان شيئاً يسيراً لأنه قد جاء في بعض الأحاديث أن النبي ﷺ نهى عن الغلول وأخبر بتحريمه فجاء بعضهم بخيط ومخيط فأبى أن يقبله منهم ﷺ وفي هذا نظر يحتاج إلى تحرير


سابعاً : بعد جمع الغنيمة يخرج الخمس الذي فرضه الله في قوله ( وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ….. الآية ) [ الأنفال : 41 ] ثم يقسم الأربعة الأخماس على الغانمين


ثامناً : إذا كانت هناك سرية اقتطعت من الجيش خمست غنيمتها أي يخرج منها الخمس ثم يخرج ما نفلهم الإمام سواء كان الربع أو الثلث ويبقى ما بقي فيدخل في الغنيمة المشتركة بين الجيش جميعاً


تاسعاً : يكون ما نفله الإمام إلى السرية المقتطعة خاصاً بهم مع أن لهم سهمانهم مع سائر الجيش


عاشراً : للإمام أن ينفل من الخمس أو من خمس الخمس ما يكون فيه ترغيب وتحفيز لمن صنع شيئاً نافعاً للجيش لقوله ( ونفلنا رسول الله ﷺ بعيراً بعيراً )


الحادي عشر : قال ابن الملقن ناقلاً عن ابن عبدالبر في الاستذكار النفل على ثلاثة أوجه :
أحدها : أن يريد الإمام تفضيل بعض الجيش لقتاله وبلائه فينفلهم من الخمس واستحب بعضهم أن يكون من خمس الخمس


ثانيها : أن يبعث الإمام سرية من العسكر فينفلها ما غنمت دون المعسكر فحقه أن يخمس ما غنمت ثم يعطي السرية ما بقي بعد الخمس ما شاء أو لا يزيد على الثلث لأنه أقصى ما روي في النفل عنه عليه الصلاة والسلام


وأقول : القول الأخير هو الصحيح


ثالثها : أن يحرض الإمام أهل المعسكر على القتال قبل لقاء العدو وينفل من شاء منهم أو جميعهم مما يفتح الله عليه الربع أو الثلث . قال وكره مالك هذا لخبث النية لسببه وأجازه بعض السلف


وأقول : إذا كان النبي ﷺ قد أذن بذلك وهو الشارع فلا نمنع شيئاً أذن فيه ولكن نوصي بإخلاص النية لله وينوي العبد أن ما أعطيهعوناً له على طاعة الله وهو الأصح فيما أرى والله تعالى أعلم .




--------

تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 5 ]

[ المجلد الخامس ]

http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam5.pdf (http://subulsalam.com/site/kutub/AhmedNajmi/08TassisAhkam5.pdf)

الرابط المباشر لتحميل الكتاب :

http://subulsalam.com/play.php?catsmktba=9384

ام عادل السلفية
18-05-2016, 02:03AM
بسم الله الرحمن الرحيم




تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام

للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -



الحديث العاشر:
عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما عن النبي ﷺ قال إذا جمع الله الأولين والآخرين يُرفع لكل غادر لواء فيقال هذه غدرة فلان بن فلان )


موضوع الحديث :
تحريم الغدر وبيان جزائه وعقوبته يوم القيامة


المفردات
الغدر في اللغة : عدم الوفاء بالعهد يقال غدر يغدر غدراً وغَدر يغدُر غدراً إذا خاس بالعهد ولم يف به
واللواء بالمد : هو الراية وهي خرقة توضع في خشبة طويلة وكانت في الزمن السابق وفي طريقة القتال بالسيوف والرماح التي كانت في الزمن القديم كان كل قوم يجعلون لهم لواء لكي يعرفوه ويأووا إليه قال الله عز وجل (( وَلَهُ الْجَوَارِ الْمُنشَآتُ فِي الْبَحْرِ كَالأَعْلامِ ) [ الرحمن : 24 ]


قال ابن الملقن : والسود هي الراية العظيمة لا يمسكها إلا صاحب الجيش أو صاحب دعوة الجيش ويكون الناس تبعاً له وأصل رفع اللواء الشهرة والعلامة ولما كان الغادر قد اختفى بغدره حتى وقع عند ذلك أظهر الله غدر الغادر في موقف القيامة ليشتهر به وجاء في بعض الروايات قوله (لكل غادر لواء يوم القيامة يعرف به عند أسته ) أي في دبره خلفه لأن الغدر كان تصرف من الخلف أي من دون علم المغدور به


المعنى الإجمالي
لما كان الغادر خائن وغدره به ضرر على الغير عمله في الخفاء ليضر بالمغدور به جعل الله للغادر لواء يعرف به أنه غادر


فقه الحديث
أولاً : يؤخذ من هذا الحديث تحريم الغدر وأنه من أشد المحرمات حرمة ولهذا مدح الله الموفين بالعهود وأثنى عليهم بذلك بقوله في سورة الرعد (الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللّهِ وَلاَ يِنقُضُونَ الْمِيثَاقَ ) [ الرعد : 20 ] وذم الغادرين بقوله (وَالَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ اللّهِ مِن بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ أُوْلَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ ) ولما كان الحامل على الغدر غالباً هو حب المال والاستعلاء قال بعد ذلك (اللّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقَدِرُ وَفَرِحُواْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ إِلاَّ مَتَاعٌ ) [ الرعد : 25 ، 26 ]


ثانياً : من الغدر ما ينطوي عليه أصحاب الحزبيات ويعدون له من الخروج المفاجئ على الدولة المسلمة كما حصل من التفجيرات التي حصلت في الرياض عدة مرات وإخافتهم للآمنين وخيانتهم للدولة بإعدادهم للخروج عليها وإخافتهم للشعب ومحاربتهم لله ورسوله وكذلك الاغتيالات وقد كثرت في زمننا هذا كل هذا من الغدر الذي حرمه الله عز وجل وأصحابه ينالهم هذا الوعيد لأنهم تخفوا بأعمالهم ولم يعلم بها أحد حتى ظهرت ولذلك عوقب الغادر بنشر غدرته على مسامع أهل الموقف وأبصارهم .


وقلت في هذا المعنى في صيحة حق


لكل غادر لواء ينصب
بغدره عند استه ويشجب
يقال ذي غدرته ويذكر
باسمه الذي به يشتهر



--------

تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 5 ]

[ المجلد الخامس ]

http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam5.pdf (http://subulsalam.com/site/kutub/AhmedNajmi/08TassisAhkam5.pdf)

الرابط المباشر لتحميل الكتاب :

http://subulsalam.com/play.php?catsmktba=9384

ام عادل السلفية
18-05-2016, 02:20AM
بسم الله الرحمن الرحيم





تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام

للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -



الحديث الحادي عشر :
وعنه رضي الله عنه أن امرأة وجدت في بعض مغازي النبي ﷺ مقتولة فأنكر النبي ﷺ قتل النساء والصبيان


موضوع الحديث :
أن قتل النساء والصبيان لا يجوز


المفردات
النساء : هن الإناث من بني آدم
والصبيان : هم الصغار دون الحنث

المعنى الإجمالي
إنكار النبي ﷺ قتل النساء والصبيان يدل على تحريم قتلهم وقوله في بعض الأحاديث الواردة في هذا المعنى ( ما كانت هذه لتقاتل )


تنبيه على علة النهي عن قتل النساء لأن الغالب فيهن عدم المقاتلة وإن كان في بعضهن شر وشجاعة لكن الحكم علق على الأغلب

فقه الحديث
أولاً : يؤخذ من الحديث تحريم قتل النساء لكن اختلفوا فيمن تقاتل هل يباح قتلها إذا قاتلت رأى بعضهم ذلك ومنع بعضهم ذلك وهذا هو الأظهر فإذا قاتلت ينبغي أسرها وعدم قتلها


ثانياً : إن قَتلت قُتلت قصاصاً وإن ارتدت قتلت على الردة بأن تستتاب فإن تابت وإلا قتلت لعموم حديث ابن عباس قال قال رسول الله ﷺ ( من بدل دينه فاقتلوه ) ويكون هذا خارجاً عن عموم النهي عن قتل النساء


ثالثاً : إن حصل بيات للمشركين وقتل أحد من النساء والصبيان من غير قصد فإنه يرجى ألا عقوبة في ذلك


رابعاً : إذا تترس العدو بالنساء والصبيان من المسلمين فهل يقتلون هذا محل نظر .



--------

تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 5 ]

[ المجلد الخامس ]

http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam5.pdf (http://subulsalam.com/site/kutub/AhmedNajmi/08TassisAhkam5.pdf)

الرابط المباشر لتحميل الكتاب :

http://subulsalam.com/play.php?catsmktba=9384

ام عادل السلفية
22-05-2016, 01:43AM
بسم الله الرحمن الرحيم




تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام

للعلامة : احمد النجمي
-رحمه الله -



الحديث الثاني عشر :
عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن عبدالرحمن بن عوف والزبير بن العوام شكيا القمل إلى رسول الله ﷺ في غزاة لهما فرخص لهما في قميص الحرير فرأيته عليهما


موضوع الحديث :
ترخيص النبي ﷺ في لبس الحرير لدفع القمل


المفردات
شكيا وشكوى : يجوز أن يكون بالياء فيقال شكيت وأن يكون بالواو فيقال شكوت
القمل : معروف وهو دابة تكون في ملابس الإنسان وقد تكون في الرأس فتتكاثر وتؤذي من تكون فيه
في غزاة : أي في غزوة
فرخص لهما في قميص الحرير ورأيته عليهما


المعنى الإجمالي
من يسر الدين الإسلامي أنه يرخص في الشيء المحرم لعلة توجب الترخيص وقد رخص الشارع ﷺ للزبير وعبدالرحمن في لبس قمص الحرير لكونه يدفع القمل بما جعل الله سبحانه وتعالى فيه الطبيعة المنافية لذلك وكذلك فيه دواء للحكة


فقه الحديث
أولاً : يؤخذ من الحديث جواز لبس الحرير لدفع القمل أو لدفع الحكة ويلتحق بذلك ما وصف الأطباء أن لبس الحرير ينفع فيه فيخففه أو يزيله من الأمراض الجلدية


ثانياً : أن الرخصة لا تتوقف على الغزو بل الرخصة عند وجود العلة المقتضية لذلك وبالله التوفيق .



--------


تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 5 ]

[ المجلد الخامس ]

http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam5.pdf (http://subulsalam.com/site/kutub/AhmedNajmi/08TassisAhkam5.pdf)

الرابط المباشر لتحميل الكتاب :

http://subulsalam.com/play.php?catsmktba=9384

ام عادل السلفية
22-05-2016, 01:50AM
بسم الله الرحمن الرحيم



تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام

للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -



الحديث الثالث عشر :
عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال كانت أموال بني النضير مما أفاء الله على رسوله ﷺ مما لم يوجف المسلمون عليه بخيل ولا ركاب وكانت لرسول الله ﷺ خالصة فكان رسول الله يعزل نفقة أهله سنة ثم يجعل ما بقي في الكراع والسلاح عدة في سبيل الله عز وجل .


موضوع الحديث :
حكم الفيء


المفردات
بني النضير : قبيلة من اليهود ينتسبون إلى هارون أخي موسى عليهما الصلاة والسلام ولما حصل بين بعض أزواج النبي ﷺ ما يحصل بين الضرات افتخرت إحداهن على صفية بنت حيي فقال لها رسول الله ﷺ ( أَلا قُلْتِ فَكَيْفَ تَكُونَانِ خَيْرًا مِنِّي وَزَوْجِي مُحَمَّدٌ وَأَبِي هَارُونُ وَعَمِّي مُوسَى ) هذا الحديث فيه ضعف لكن له شاهد من حديث أنس رضي الله عنه وقد سبق أن أمليته في الجزء الرابع وأن المفتخرة هي حفصة رضي الله عنها كان رئيس بني النضير حيي بن أخطب والد صفية بنت حيي وقصة غدرهم بالعهد الذي بينهم وبين النبي ﷺ ثابتة مشهورة حين ذهب يستعينهم في دية الرجلين اللذين قتلهما عمرو بن أمية الضمري فهموا بقتله وأرسلوا من يسقط عليه رحا وهو الذي يطحنون عليه من فوق فأخبره الله عز وجل بواسطة الوحي وخرج من بينهم كأنه يريد قضاء حاجة وذهب إلى المدينة ولما طال الجلوس على أصحابه خرجوا يبحثون عنه فوجدوا رجلاً جاءياً من المدينة فسألوه فأخبرهم أنه وجد النبي ﷺ داخلاً المدينة ثم غزاهم بعد ذلك فألقى الله في قلوبهم الرعب فصالحهم رسول الله ﷺ على أن لهم ما حملت الإبل غير اللئمة أي غير عدة الحرب فكانت فيئاً لرسول الله ﷺ وأنزل الله في ذلك سورة الحشر وفيها (وَمَا أَفَاء اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلا رِكَابٍ وَلَكِنَّ اللَّهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلَى مَن يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) الآية والتي بعدها
وبعد ذلك كان حيي هو المحرض لبني قريظة على الغدر ووعدهم أنه يكون مصيره مصيرهم فغدرت بنو قريظة في السنة الخامسة عند مجيء الأحزاب فلما ارتحلت الأحزاب أمر النبي ﷺ بغزو بني قريظة فغزاهم وحاصرهم بضعة وعشرين يوماً ثم نزلوا على حكم سعد بن معاذ فحكم فيهم أن تقتل مقاتلتهم وأن تسبى ذراريهم وأن تغنم أموالهم فقال النبي ﷺ لقد حكمت فيهم بحكم الله من فوق سبع سموات فقتلت مقاتلتهم ومعهم حيي بن أخطب وفي السنة السابعة غزا النبي ﷺ أهل خيبر وغنم أرض خيبر وكانت صفية بنت حيي في السبي فأعتقها وتزوجها.


الإيجاف : هو الإسراع في الشيء وعند الحرب يسرع الناس فنفي الإيجاف عن أموال بني النضير أنها جاءت للمسلمين من غير كد ولا تعب فجعلها الله لرسوله ﷺ فكان يعزل منها نفقة أهله سنة ثم يجعل ما بقي في الكراع والسلاح عدة في سبيل الله
والمراد بالكراع : الخيل والإبل التي يحمل عليها في سبيل الله


المعنى الإجمالي
لما قدم النبي ﷺ المدينة عقد عهداً مع اليهود ولكنهم غدروا بالعهد فسلط الله عليهم رسوله ﷺ فنفى من نفى وقتل من قتل وكانت ديارهم وأموالهم فيئاً لله ورسوله فسبحان من بيده الأمور وإليه المصير وله الحكم في الأولى والأخرى


فقه الحديث
يؤخذ من هذا الحديث
أولاً : ما أكرم الله به نبيه ﷺ حيث أعزه وأداله على جميع مناوئيه وبالأخص اليهود الذين كانوا مساكنين له بالمدينة حيث ظهر الغدر منهم قبيلة تلو الأخرى وأغنم الله نبيه ديارهم وأموالهم فكانت لنبيه ﷺ .


ثانياً : أن حكم أموال الفيء كانت خاصة به في حياته يضع تلك الأموال حيث أراه الله من المصالح فكان يعزل نفقة أهله سنة ويضع ما بقي في الخيل والكراع كما قال أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه


ثالثاً : قال الله عز وجل (مَّا أَفَاء اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الأَغْنِيَاء مِنكُمْ ) [ الحشر : 7 ]
فكان صلوات الله وسلامه عليه يتصرف فيها في حياته أما بعد موته اختلف أهل العلم في مصارف الفيء فقيل جميعه للمصالح ولا يخمس وهو قول أبي حنيفة وأحمد وقيل أن الأخماس الأربعة للمرتزقة وهم الأجناد المرصدون للجهاد وخمس الخمس لمصالح المسلمين وبني هاشم والمطلب واليتامى والمساكين وابن السبيل وهذا مذهب الشافعي والأكثرون على أن لا يخمس حتى عدّ القول بتخميسه من أفراد الشافعي أهـ . من كتاب الإعلام لابن الملقن


رابعاً :يؤخذ منه جواز الإدخار للنفس والعيال قوت سنة وأن ذلك غير قادح في التوكل


خامساً : يؤخذ منه مراقبة الله تعالى في الأموال أخذاً وعطاءً وصرفاً ومنعاً لأنها مسئولية في أيد العباد والله سبحانه سائلهم عنها


سادساً : البداءة بالإنفاق على العيال والتوسعة عليهم


سابعاً : إعداد اللأمة والاستعداد بالسلاح وهذا مما يخاطب به ولاة الأمور امتثالاً لقوله تعالى (وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللّهِ وَعَدُوَّكُمْ) [ الأنفال : 60 ]


ثامناً : الاستعداد للغزو بما يلزم له من العدة وأن ذلك لا ينافي التوكل قال ابن الملقن خلافاً لبعض من حكي عنه أنه كان إذا خرج لا يعلق ماءه ويرى أن إعلاقه ليس من التوكل معنى ذلك أنه لا يحمل ماءاً ويرى أن حمله ليس من التوكل .


تاسعاً : أقول في رد هذا الزعم الذي جاء به بعض الصوفية مما يرد به على هذا الزعم أن النبي ﷺ كان يدخر قوت أهله سنة ومنها أنه كان يتجهز هو وأصحابه للغزو ويأخذون الأزواد التي تغنيهم في غزوهم حتى أنه لما نفدت أزواد القوم في غزوة تبوك والقوم كثيرون يبلغون ثلاثين الفاً فأشار بعضهم بنحر الإبل ثم جاء عمر رضي الله عنه إلى النبي ﷺ فأشار عليه أن تجمع له أزواد القوم وأن يدعو فيها بالبركة ثم يأخذون منها ففعل فبارك الله لهم بدعوة النبي ﷺ حتى ملئوا أوعيتهم وكان النبي ﷺ وأصحابه يلبسون الدروع ويتخذون الدّرق ويجعل كل واحد منهم على رأسه المغفر وكل ذلك لا ينافي التوكل وما هذا إلا من رعونة الصوفية وقد رد النبي ﷺ على المغالين في قوله ( ما بال أقوام قالوا كذا ولكني أصلي وأنام وأصوم وأفطر وأتزوج النساء فمن رغب عن سنتي فليس مني )
فصلوات الله وسلامه عليه وتباً لمن يخالف سنته وبالله التوفيق


--------


تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 5 ]

[ المجلد الخامس ]

http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam5.pdf (http://subulsalam.com/site/kutub/AhmedNajmi/08TassisAhkam5.pdf)

الرابط المباشر لتحميل الكتاب :

http://subulsalam.com/play.php?catsmktba=9384

ام عادل السلفية
22-05-2016, 01:54AM
بسم الله الرحمن الرحيم





تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام

للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -


الحديث الرابع عشر:
عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما قال أجرى النبي ﷺ ما ضمر من الحفياء إلى ثنية الوداع وأجرى ما لم يضمر من الثنية إلى مسجد بني زريق
قال ابن عمر وكنت فيمن أجرى


قال سفيان من الحفياء إلى ثنية الوداع خمسة أميال أو سبعة ومن ثنية الوداع إلى مسجد بني زريق ميل .


موضوع الحديث :
حكم المسابقة بين الخيل


المفردات
معنى أجرى : سابق
ما أضمر : التضمير هو أن يعلف الفرس أربعين يوماً حتى يسمن فإذا سمن قلل له قوته وإذا قربت المسابقة يدخل في بيت ويوضع عليه جلّ وهو ما يوضع تحت السّرج من الأشياء التي تقيه ويغلق عليه في البيت حتى يعرق فإذا خرج وجف من العرق خف لحمه وجرى جرياً أكثر من غير المضمر
قوله من الحفياء : الحفياء موضع
إلى ثنية الوداع : الثنية هي الطريق في الجبل وسميت ثنية الوداع لأن أهل المدينة كانوا يخرجون مع المسافر إليها ويودعونه من عندها
مسجد بني زريق : إضافة تخصيص وتمييز لا إضافة ملك .


المعنى الإجمالي
يخبر عبدالله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله e سابق بين الخيل وجعل أمد الخيل المضمرة أبعد من الخيل التي لم تضمر وقد قدر من الحفياء إلى ثنية الوداع بخمسة أميال أو ستة في حديث سفيان وبستة أو سبعة في حديث موسى بن عقبة والكل سائغ في التقدير
أما مالم يضمر فجعل غايتها ميل واحد


فقه الحديث
أولاً : يؤخذ من الحديث جواز المسابقة بين الخيل قال الحافظ ابن حجر في شرح الحديث من فتح الباري ج6 ص72 طبعة محب الدين الخطيب وفي الحديث مشروعية المسابقة وأنه ليس من العبث بل من الرياضة المحمودة الموصلة إلى تحصيل المقاصد في الغزو والانتفاع بها عند الحاجة


ثانياً : أما من ناحية الحكم فهي دائرة بين الاستحباب والإباحة


ثالثاً : وقد أجمع العلماء على جواز المسابقة بغير عوض سواء كانت على الخيل أو غيرها من الدواب وعلى الأقدام وكذا الترامي بالسهام


رابعاً : فيه جواز التضمير للخيل من أجل المسابقة


خامساً : فيه مشروعية الإعلان بالابتداء والانتهاء


سادساً : المشروع أن الخيل المضمرة يكون أمدها أبعد


سابعاً : واتفقوا على جواز المسابقة بعوض بشرط أن يكون من غير المتسابقين يعني أن يكون السبق وهي الجائزة التي يأخذها السابق من بيت مال المسلمين كالإمام حيث لا يكون مع الإمام فرس وجوَز الجمهور أن يكون من أحد الجانبين من المتسابقين وكذا إذا كان معهما ثالث محلل بشرط ألا يخرج من عنده شيئاً ليخرج العقد عن صورة القمار
ثامناً : يشترط في المسابقة بالخيل كونها مركوبة لا مجرد إرسال الفرسين من غير راكب


تاسعاً : لا تجوز المسابقة على عوض إلا في الثلاثة التي نص عليها الحديث وهو قول الرسول الله ﷺ كما في حديث أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ ( لا سَبَقَ إِلا فِي خُفٍّ أَوْ فِي حَافِرٍ أَوْ نَصْلٍ )


عاشراً : فيه جواز معاملة البهائم عند الحاجة بما يكون تعذيباً لها في غير الحاجة كالإجاعة والإجراء


الحادي عشر : مشروعية تفضيل الخيل المضمرة في الغاية وجعل جوائزها أكثر وعبارة الحافظ وفيه تنـزيل الخلق منازلهم لأنه ﷺ غاير بين منـزلة المضمر وغير المضمر .


الثاني عشر: يؤخذ من هذا أن المسابقة على عوض لا تجوز في غير الثلاثة ومن هنا نأخذ منع العوض في المسابقات الرياضية أما المسابقة بغير عوض فهي جائزة في أشياء كثيرة كما تقدم وبالله التوفيق .


ملحوظة :
وربما يقال أنه يجوز إعطاء الجوائز لحفظ القرآن والمسابقة لحفظ المتون وما أشبه ذلك ليكون حافزاً على العلم وبالله التوفيق .



--------


تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 5 ]

[ المجلد الخامس ]

http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam5.pdf (http://subulsalam.com/site/kutub/AhmedNajmi/08TassisAhkam5.pdf)

الرابط المباشر لتحميل الكتاب :

http://subulsalam.com/play.php?catsmktba=9384

ام عادل السلفية
22-05-2016, 01:59AM
بسم الله الرحمن الرحيم




تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام

للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -


الحديث الخامس عشر :
عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما قال عرضت على النبي ﷺ يوم أحد وأنا ابن أربع عشرة سنة فلم يجزني وعرضت عليه يوم الخندق وأنا ابن خمس عشرة فأجازني .


موضوع الحديث :
السن الذي يعتبر به الغلام بالغاً


المفردات
عرضت : أي استعرضني النبي ﷺ وأنا راغب في الغزو فلم يجزني يوم أحد لأني لم أكمل خمس عشرة وأجازني يوم الخندق لأني أكملت خمس عشرة

المعنى الإجمالي
أن كمال خمس عشرة فاصل بين من يعد في العيال وبين من يعتبر من الرجال المطيقين للقتال .


فقه الحديث
يؤخذ منه أولاً : مشروعية استعراض الإمام للجيش


ثانياً : يؤخذ منه استبعاد من لم يكن مطيقاً


ثالثاً : يؤخذ منه أن الخامسة عشرة هي بدأ التكليف في حق الرجال والنساء وهذا هو الأصح وإلى ذلك ذهب الشافعي وأحمد أي أن البلوغ بالسن يحدد بكمال الخامسة عشرة وحكاه ابن الملقن عن الأوزاعي وابن وهب وقد ذهب مالك إلى أن البلوغ يكون بسبع عشرة وقول آخر أنه يكون بثمان عشرة قال ابن الملقن وهو المشهور عند المالكية .
وفرق أبو حنيفة بين الغلام والجارية فقال بثمان عشرة للغلام وسبع عشرة للجارية


رابعاً : والبلوغ يعرف بأمور فيعرف في الجارية بالحبل والحيض وقد قالت عائشة رضي الله عنها (إذا بلغت الجارية تسع سنين فهي امرأة )


خامساً : ما يكون علامة للذكر والأنثى وهو نبات الشعر الخشن حول الفرج وهذه العلامة استعملها النبي ﷺ في المراهقين من بني قريظة حين حكم سعد بن معاذ بقتل مقاتلتهم فأمر النبي ﷺ بالكشف عن المراهقين فمن وجد منهم أنبت قتله ومن وجد لم ينبت تركه وفي هذا دليل على أن نبات الشعر الخشن حول الفرج من علامات البلوغ وهناك علامة أخرى وهي الاحتلام وخروج المني من القبل سواء كان ذكراً أو أنثى


سادساً : تبين من هذا أن علامات البلوغ ثلاث إما كمال خمس عشرة أو الاحتلام أو نبات الشعر الخشن حول الفرج وتزيد المرأة على ذلك بالحيض والحمل .
وقد قال الشافعي رحمه الله أنه وجد امرأة في اليمن صارت جدة وهي ابنة إحدى وعشرين سنة وتقرير ذلك أنها بلغت لتسع فحملت في العاشرة ووضعت بنتاً وأن ابنتها بلغت لتسع وحملت في العاشرة من عمرها وكانت بعد العاشرة أماً وأمها جدة .


سابعاً : يترتب على هذا أن من كان ابن خمس عشرة سنة يكون له سهم في المقاتلة وأن من ترك الصلاة بعد خمس عشرة استتيب فإن تاب وإلا قتل وأن المرأة تؤمر بالحجاب فيما يظهر من بعد التسع لقول عائشة ( إذا بلغت الجارية تسع سنين فهي امرأة ) أو لقول الشافعي أنه وجد جدة وهي بنت إحدى وعشرين سنة وبالله التوفيق


--------


تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 5 ]

[ المجلد الخامس ]

http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam5.pdf (http://subulsalam.com/site/kutub/AhmedNajmi/08TassisAhkam5.pdf)

الرابط المباشر لتحميل الكتاب :

http://subulsalam.com/play.php?catsmktba=9384

ام عادل السلفية
27-05-2016, 12:27AM
بسم الله الرحمن الرحيم




تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام

للعلامة : احمد النجمي
-رحمه الله -


الحديث السادس عشر :
عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما أن النبي ﷺ قسم في النفل للفرس سهمين وللراجل سهماً .


موضوع الحديث :
ما يقسم للرجل والفرس


المفردات
النفل : المراد به الغنيمة وقد جاء في كتاب الله ( يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَنفَالِ قُلِ الأَنفَالُ لِلّهِ وَالرَّسُولِ) [ الأنفال : 1]
قوله للفرس سهمين : أي دون فارسه وهو صاحبه الذي يركبه وذلك أن كلفة الفرس كثيرة ونفعه في الحرب أكثر لذلك قسم له النبي ﷺ سهمين ولصاحبه سهم واحد
قوله وللراجل سهماً : المراد بالراجل الماشي وكل من له فرس يقسم له ولفرسه


المعنى الإجمالي
يخبر عبدالله بن عمر رضي الله عنه أن النبي ﷺ قسم في النفل للفرس سهمين وللرجل سهماً ذلك بأن غناء الفرس في الحرب أكثر من غناء الرجل وحده بدون فرس وقد أشار إلى ذلك القرآن الكريم حيث يقول الله عز وجل ( فَالْمُغِيرَاتِ صُبْحاً _ فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعاً _ فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعاً ) [العاديات : 3- 5] في هذا تنويه بالخيل وإشارة إلى غنائها في الحرب وقد قال النبي ﷺ (الخيل في نواصيها الخير إلى يوم القيامة )


فقه الحديث
أولاً : يؤخذ من هذا الحديث أن القسم في الغنائم يكون للراجل سهم وللفرس سهمين فمن كان فارساً قسم له ثلاثة أسهم سهم له وسهمين لفرسه ومن كان راجلاً قسم له سهم واحد وإلى ذلك ذهب الجمهور .


قال ابن الملقن : اختلف العلماء في سهم الفارس والراجل من الغنيمة فقال الجمهور يكون للرجل سهم واحد وللفارس ثلاثة أسهم سهمان بسبب فرسه وسهم بسبب نفسه وممن قال هذا ابن عباس ومجاهد والحسن وابن سيرين وعمر بن عبدالعزيز ومالك والأوزاعي والثوري والليث والشافعي وأبو يوسف ومحمد أي محمد بن الحسن وأحمد وإسحاق وأبو عبيد وابن جرير وآخرون


وقال أبو حنيفة للفارس سهمان فقط سهم له وسهم لفرسه وحكي عنه أنه قال لا أفضل بهيمة على مسلم ولم يقل بقوله هذا أحد وحجة الجمهور هذا الحديث على رواية الكتاب .
قلت : وقول الجمهور هو الحق أما قول أبي حنيفة لا أفضل بهيمة على مسلم فقول مردود ولا يلزم من إعطائها سهمين التفضيل لها ولكن لمؤونتها وكلفتها وغنائها . وبالله التوفيق



--------


تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 5 ]

[ المجلد الخامس ]

http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam5.pdf (http://subulsalam.com/site/kutub/AhmedNajmi/08TassisAhkam5.pdf)

الرابط المباشر لتحميل الكتاب :

http://subulsalam.com/play.php?catsmktba=9384

ام عادل السلفية
27-05-2016, 12:31AM
بسم الله الرحمن الرحيم




تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام

للعلامة : احمد النجمي
-رحمه الله -

الحديث السابع عشر :
وعنه رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ كان ينفل بعض من يبعث في السرايا لأنفسهم خاصة سوى قسم عامة الجيش .


موضوع الحديث :
قضية النفل للسرايا المقتطعة من الجيش


المفردات
تقدم الكلام على النفل إلا أنه يشمل هذا أي يشمل اسم الغنيمة ويشمل ما أعطاه قائد الجيش تشجيعاً لمن عمل عملاً غامر بنفسه فيه
قوله بعض من يبعث من السرايا : ذلك لأنه كان يذهب بالجيش العام فإذا وصل إلى مكان يكون هو المقصود بعث السرايا فينتدب عدداً يرسلهم في جهة اليمين مثلاً وينتدب عدداً ويرسلهم في جهة اليسار مثلاً وهكذا في الجهات الأربع إما أن يسمي لهم أماكن خاصة وإما أن يرسلهم بدون تسمية


والسرية : هي القطعة من الجيش يكون عددهم قليل
يذهبون إلى مكان ما وفي سيرة الرسول ﷺ السرية هي التي لم يذهب فيها الرسول ﷺ والغزوة ما ذهب فيها وقد جاء في الحديث عن ابن عباس عن النبي ﷺ قال: ( خير الصحابة أربعة ، وخير السرايا أربعمائة ، وخير الجيوش أربعة آلاف ، ولن يغلب اثنا عشر ألفا من قلة )


المعنى الإجمالي
يخبر عبدالله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله ﷺ كان ينفل بعض من يبعث في السرايا لأنفسهم خاصة أي يعطيهم نسبةً مما غنموا خاصة بهم دون سائر الجيش وذلك تشجيعاً وحفزاً لهم على الجهاد


فقه الحديث
يؤخذ من الحديث جواز تنفيل قائد الجيش للسرايا الذين يبعثهم حين ينتدبهم من الجيش ليرسلهم إلى أماكن يغزونها وما غنموه منها أخرج منه الخمس ثم يخرج منه النفل ثم يوزع الباقي على عامة الجيش وأصحاب السرية منهم ومثال ذلك أن يأتي الجيش إلى مكان ما يتمركز فيه ثم بعد أن يأخذ الأخبار عن الجهات التي حوله يرسل سرايا يقتطعها من عامة الجيش وينتدب مثلاً خمسين رجلاً أو ستين أو ثمانين يقول لهم اذهبوا إلى مكان كذا فاقتلوا في المشركين وأثخنوا وما غنمتم فلكم منه الربع بعد الخمس أو الثلث بعد الخمس وغالباً أن النبي ﷺ كان ينفل الربع في البداءة والثلث في الرجعة لأن الجيش في البداءة يكون نشيطاً وفي الرجعة يكون متعباً فلذلك ينفلهم الثلث بعد الخمس إذا كانوا في الرجعة وينفلهم الربع بعد الخمس إذا كانوا في البداءة دليل ذلك ما روى أبو داود من طريق زياد بن جارية عن حبيب بن مسلمة قال شهدت النبي ﷺ نفل الربع في البداءة والثلث في الرجعة ) رواه أبو داود برقم 2750 وابن ماجه برقم 2853 قال وروي في حديث حبيب هذا أنه عليه الصلاة والسلام كان ينفل بعد إخراج الخمس


ثانياً : قلنا أن التنفيل يكون في البداءة بالربع وعند الرجعة بالثلث


ثالثاً : أن هذا التنفيل يكون بعد الخمس أي بعد أن يخرج خمس الغنيمة وقيل أن النفل يكون قبل التخميس فلعل القول الأول أقرب للصواب


رابعاً : للحديث تعلق بمسائل الإخلاص في الأعمال فهل ما يجعله قائد الجيش من الحوافز يؤثر في الإخلاص أم لا ؟
ولا شك أن النبي ﷺ قال ( من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو سبيل الله ) على أن الذي ينبغي للإمام أو القائد أن يحثهم على صلاح النية وألا يكون عملهم متعلقاً به عرضاً زائلاً ولا شك أن الأمر يحتاج إلى مجاهدة وكذلك في سائر الأعمال والله سبحانه وتعالى يقول ( فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً ) [ الكهف : 110 ]


خامساً : أن ما أريد به الإعانة على عمل من أعمال الخير لا يكون منافياً للإخلاص وإنما يتنافى مع الإخلاص ما كان القصد فيه ممحضاً للدنيا


سادساً : أن الوسائل لا تؤثر على أصل المقاصد فإذا كانت المقاصد أصلها لله فلا تؤثر عليها الوسائل سواء كان ذلك في جهاد أو في طلب علم أو غير ذلك من أعمال الخير


سابعاً : أن النفل لا يتجاوز به الثلث لحديث حبيب بن مسلمة الماضي وهو قول مكحول والأوزاعي وبالله التوفيق .


--------


تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 5 ]

[ المجلد الخامس ]

http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam5.pdf (http://subulsalam.com/site/kutub/AhmedNajmi/08TassisAhkam5.pdf)

الرابط المباشر لتحميل الكتاب :

http://subulsalam.com/play.php?catsmktba=9384

ام عادل السلفية
27-05-2016, 12:35AM
بسم الله الرحمن الرحيم





تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام

للعلامة : احمد النجمي
-رحمه الله -


الحديث الثامن عشر :
عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه عن النبي ﷺ قال من حمل علينا السلاح فليس منا


موضوع الحديث :
التغليظ في حمل السلاح على المسلمين وأنه ليس من مقتضيات الإيمان


المفردات
قوله من حمل علينا السلاح : المقصود به من حمل السلاح لقتال المسلمين أو لإرهاربهم إما متأثراً بمنهج تكفيري أو منتصراً لدعوة عصبية أو حزبية أو منقاداً لأمر يجعله قاصداً قتل أخيه


أما إن حمل السلاح بأمر إمامه لقتال الخارجين عليه أو المناوئين له بدون حق فهذا لا يكون حاملاً للسلاح على المسلمين وإنما هو حامل له من أجلهم


المعنى الإجمالي
تحريم حمل السلاح بقصد الإيقاع بمسلم بغير حق فإن حمله قاصداً به الدفع عن نفسه ممن قصده بسوء كدفع الصائل ودفع من يريد أخذ ماله أو انتهاك حرمه فهذا مباح ولا يدخل في الحديث


فقه الحديث
أولاً : يؤخذ من الحديث تحريم حمل السلاح على المسلمين لقتالهم وتغليظ ذلك بهذا الوعيد الذي جعله ليس من المسلمين في عمله هذا


ثانياً : يؤخذ منه حرمة دم المسلم والله سبحانه وتعالى يقول ( وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمِّداً فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً ) [ النساء : 93]


ثالثاً : ومن أجل تحريم دم المسلم وتغليظ الوقوع فيه نهى الشارع عن تعاطى السيف مسلولاً وأمر من دخل المسجد أو مشى في الزحام ومعه نبال أي سهام أو نصال أمره أن يأخذ بنصالها حتى لا يخدش مسلماً ومنع الإشارة بالحديد أو السلاح نحو المسلم مخافة أن ينـزع الشيطان في يده وكل هذا دليل على احترام دم المسلم ونهى عن تعاطى الأسباب الحاملة على أذاه لكرامته عند الله .


رابعاً : قوله من حمل علينا السلاح فليس منا أي ليس على مُثلنا ولا على طريقتنا ولا مهتدياً بهدينا أو أنه ليس منا في هذه الخصلة كقوله ( ومن غشنا فليس منا ) وكقوله (: ( ليس منا من ضرب الخدود وشق الجيوب ودعا بدعوى الجاهلية ).


خامساً : أن ذلك لا يقتضي تكفيره لأن الله سبحانه وتعالى يقول ( وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِن فَاءتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ _ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ) [الحجرات: 9،10 ]
فجعل المتقاتلين إخوة فدل هذا أن فعل الكبائر لا يوجب الحكم بالكفر على فاعلها


سادساً : إنما يحكم بالكفر على من استحل محرماً مجمعاً على تحريمه فمن استحل الفرج الحرام أو استحل الدم الحرام أو المال الحرام كاستحلال الزنا واستحلال قتل المسلمين واستحلال أخذ أموالهم فهذا يكفر بالاستحلال لا بالفعل


سابعاً : قال بعض أهل العلم الأفضل بقاء مثل هذه الأحاديث بدون تأويل لها لأن ذلك أبلغ في الزجر


وأقول : إذا كان في السامعين من ينهج المنهج التكفيري ويستحل دماء المسلمين ويخاف منه أن يستغل هذا الحديث وأمثاله لمذهبه التكفيري فيجب أن نتأول الحديث ونبين بأنه لا يقصد به التكفير وإنما يقصد به الزجر وأن فاعل ذلك لا يخرج به من الإسلام باتفاق السلف قاطبة أما الخوارج والمعتزلة فهم أصحاب بدع ولا يجوز أن نأخذ بأقوالهم وبالله التوفيق



--------


تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 5 ]

[ المجلد الخامس ]

http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam5.pdf (http://subulsalam.com/site/kutub/AhmedNajmi/08TassisAhkam5.pdf)

الرابط المباشر لتحميل الكتاب :

http://subulsalam.com/play.php?catsmktba=9384

ام عادل السلفية
27-05-2016, 12:39AM
بسم الله الرحمن الرحيم





تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام

للعلامة : احمد النجمي
-رحمه الله -

الحديث التاسع عشر :
عن أبي موسى رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ سئل عن الرجل يقاتل شجاعة ويقاتل حمية ويقاتل رياءً أي ذلك في سبيل الله ؟ قال من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله عز وجل


موضوع الحديث :
بيان المجاهد في سبيل الله بأنه من لا يكون مدفوعاً بحمية عصبية أو لم يكن مريداً بقتاله عرض الدنيا ولا إظهار شجاعة وإنما يكون في سبيل الله من قاتل لإعلاء كلمة الله


المفردات
سئل عن الرجل يقاتل شجاعة قال ابن الملقن الشجاعة ضد الجبن وهي شدة القلب عند البأس
ويقاتل حمية : الحمية هي الأنفة وهي إما أن تكون حمية لعصبية جاهلية أو حمية لحزب أو مذهب كل هذا يدخل في الحمية
قوله ويقاتل رياءً : الرياء هو أن يظهر القصد الحسن وأنه يريد الآخرة وهو لا يريد إلا الدنيا كقوله ﷺ ( تعس عبد الدينار وعبد الدرهم وعبد الخميصة تعس وانتكس وإذا شيك فلا انتقش ) أي الذي يريد بعمله الدنيا من غير قصد لإعلاء كلمة الله ونصرة دينه فقال رسول الله ﷺ ( من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله)
فهذا حكم فصل لأن كل مقصد لا يكون كذلك فإن صاحبه لا يكون في سبيل الله .


المعنى الإجمالي
أخبر النبي ﷺ حين سئل عمّن يقاتل شجاعة أو حمية أو رياءً أو ليرى مكانه أي ذلك في سبيل الله فقال صلوات الله وسلامه عليه من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله عز وجل أي من كان قاصداً بقتاله نصرة الدين وإعلاء كلمته على كل كلمة غيرها وإظهار أحكامه وإعزاز أهله فهو في سبيل الله .


فقه الحديث
أولاً : يؤخذ من هذا الحديث أن من قاتل لمقصد من هذه المقاصد بأن يكون قاصداً إظهار شجاعته أو قاتل حمية لقبيلته وعصبيته أو لمنهجه وحزبه أو لمذهبه أو أظهر القصد الحسن بأنه يقاتل من أجل إعلاء كلمة الله وهو في الباطن بخلاف ذلك فكل هؤلاء قتالهم لم يكن في سبيل الله


ثانياً : إنما يكون في سبيل الله من قاتل لإعلاء كلمة الله وقصد نصرة دين الله وإعزاز المؤمنين المتبعين لمنهج الله لتعلوا كلمة الله على المآذن دعوة للصلاة ولتعلوا سلطة الحق على سلطة الباطل وتنشر أحكام الله بين عباد الله فذلك الذي يقاتل في سبيل الله ولهذا جاء في حديث ابن مسعود قوله (ورب قتيل بين الصفين الله أعلم بنيته )


ثالثاً : الظاهر أن من قتل في الحرب بين المسلمين والكفار فإنه يعتبر شهيداً بظاهر هذه النية ولكن الشهادة الحقيقية هي تكون لمن قاتل لتكون كلمة الله هي العليا


وقلت في أرجوزة صيحة حق وأسأل الله أن يكون ذلك لوجهه


ثم الشهيد يا أخي من قتلا​
في نصر دين الله جلا وعلا


ولم يكن يدفعه حب الثنا ​
ولا اكتساب مغنم في ذي الدنا


ولم يكن منفعلاً بالغضب. ​
لنصرة الباطل بالتعصب


إلى قبيل مذهب أو وطن​
بل مخلصاً لذي الثنا والمنن


وجاد بالنفس من أجل المعتقد​
عوضه الله حياة للأبد


في جنة الفردوس بين الحور​
على الحجال في ذرا القصور


رابعاً : ومن هذا نأخذ أن الإخلاص لله عز وجل هو الموجب لرضاه دون غيره وقد روى أبو داود في سننه عن يعلى بن منية قال آذن رسول الله ﷺ بالغزو وأنا شيخ كبير ليس لي خادم فالتمست أجيرا يكفيني وأجري له سهمه فوجدت رجلا فلما دنا الرحيل أتاني فقال ما أدري ما السهمان وما يبلغ سهمي فسم لي شيئا كان السهم أو لم يكن فسميت له ثلاثة دنانير فلما حضرت غنيمته أردت أن أجري له سهمه فذكرت الدنانير فجئت النبي ﷺ فذكرت له أمره فقال ما أجد له في غزوته هذه في الدنيا والآخرة إلا دنانيره التي سمى ) نعوذ بالله من سوء المقصد وسوء الخاتمة ونسأل الله جل وعلا أن يمنحنا إيماناً ويقيناً وعملاً صالحاً نفوز به في الدار الآخرة . وبالله التوفيق .


--------


تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 5 ]

[ المجلد الخامس ]

http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam5.pdf (http://subulsalam.com/site/kutub/AhmedNajmi/08TassisAhkam5.pdf)

الرابط المباشر لتحميل الكتاب :

http://subulsalam.com/play.php?catsmktba=9384

ام عادل السلفية
27-05-2016, 12:44AM
بسم الله الرحمن الرحيم





تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام

للعلامة : احمد النجمي
-رحمه الله -


باب العتق
تعريف العتق قال ابن الملقن هو في الشرع إزالة ملك عن آدمي لا إلى مالك تقرباً إلى الله تعالى .


وأقول : الأولى في التعريف به : إزالة المالك المختار الذي يصح تصرفه مُلكه عن آدمي تقرباً إلى الله عز وجل ورغبة في ثواب العتق ذلك لأن المعتَق يتخلص من المَلكة التي تجعل تصرفه في يد غيره والإسلام يرغب في عتق المسلم ويجعله سبباً في العتق من النار لمن اعتق ذلك المعَتق وقد جاء في الحديث الذي رواه أبو هريرة عن النبي ﷺ قال من أعتق رقبة مسلمة أعتق الله بكل عضو منه عضوا من النار حتى فرجه بفرجه )


والإسلام يرغب في العتق ويحث عليه وبالأخص إذا كان المُعتق مسلماً ومن أجل ترغيبه في العتق فإنه يجعل عتق الحصة في العبد موجباً لعتق الجميع إذا كان المعتِق موسراً كما في حديث عبدالله بن عمر رضي الله عنهما



الحديث الأول :
عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله ﷺ قال من أعتق شركاً له في عبد فكان له مال يبلغ ثمن العبد قُوِّم عليه قيمة عدل فأعطى شركاءه حصصهم وعتق عليه العبد وإلا فقد عتق منه ما عتق .
قال المحقق رواه البخاري برقم 2521 ومسلم برقم 1501


موضوع الحديث :
عتق الحصة في العبد وأنه يسري العتق في الجميع إذا كان المعتِق غنياً وعليه لشركائه حصصهم


المفردات
من أعتق شركاً له في عبد : أي شراكة له فيه بأن حرر نصيبه مبتغياً بذلك وجه الله
فكان له مال … إلخ : الفاء هنا فاء السببية أي بسبب عتقه يعتق عليه الجميع إذا كان له مال ويُقوَّم عليه قيمة عدل حصص الباقين فيعطي شركاءه أنصبائهم ويُعتق عليه العبد كله
قوله وإلا : أي إن لم يكن كذلك بأن كان المعتِق فقيراً فإن عتقه لا يسري إلى أنصباء الغير ويبقى العبد مملوكاً بقدر حصص الآخرين


المعنى الإجمالي
أنه إذا كان العبد مشتركاً بين جماعة أو على الأقل بين اثنين فأعتق أحدهما نصيبه وكان غنياً بحيث يستطيع دفع ثمن الحصص المشاركة قوِّم عليه حصص الشركاء وعتق العبد جميعه في نصيبه ولم يبق للشركاء إلا قيمة حصصهم


فقه الحديث
أولاً : قوله من أعتق من هنا اسم شرط جازم وهي من أدوات العموم يدخل فيها جميع المُعتِقين سواء كانوا ذكوراً أو إناثاً وسواء كان المعتِق مريضاً أو غير مريض وسواء كان المعتِق فقيراً أو غنياً .


ثانياً : يؤخذ من الحديث أن المعتِق إذا كان غنياً بأن كان له مال يبلغ ثمن العبد فإنه تقوَّم عليه حصص الشركاء ويعطيهم حصصهم ويُعتَق العبد من نصيبه ويكون ولائه له


ثالثاً : يدل هذا أنه لا بد من تدخل الحاكم الشرعي في المسألة بأن يدعو رجلين من ذوي الخبرة والعدالة فيقوموا حصص الشركاء


رابعاً : بعد تقويم حصص الشركاء لم يبق لهم إلا دفع قيمها والعبد مُعتق بالعتق الأول


خامساً : إذا أُعتق العبد في مال المعتق الأول وكان ولاءه له فيلتحق به فيكون ملحقاً به كلحوق النسب لأن الولاية أي ولاية العتق في نظر الإسلام لا تباع ولا توهب بخلاف ما كان عليه أهل الجاهلية


سادساً : إذا مات هذا العبد المعتَق ولم يكن له وارث فإن ميراثه لمعتِقه وإن كان له وارث صاحب فرض كزوجة أو أم ورث الباقي بعد الفروض


سابعاً : إن قَتل خطئاً فإن مولاه وعصبته يؤدون الدية عنه لقول النبي ﷺ كما في حديث ابن عمر قال قال رسول الله ﷺ ( الولاء لحمة كلحمة النسب لا يباع ولا يوهب )


ثامناً : إذا كان المعتِق فقيراً أو لا يتحمل ماله قيمة حصص الشركاء فإنه يعتبر قد عُتِق من العبد ما عُتِق وتبقى أنصباء الشركاء تحت الرق .


تاسعاً : لو كان المعتِق مالكاً للثلث يعني لثلث العبد كان للعبد يوم من كل ثلاثة أيام ويومان لأصحاب الحصص يشغلونه في أعمالهم


عاشراً : إن مات قبل أن يُحرر جميعه ورث منه مُعتِقه بقدر عتقه


الحادي عشر : وهذا القول إذا لم نقل بالاستسعاء أما إن قلنا بالاستسعاء فإنه يُقوم نصيب الآخرين ويستسعى فيه


الثاني عشر : سيأتي تعريف الاستسعاء في حديث أبي هريرة رضي الله عنه والكلام عليه هل يصح مرفوعاً أو أنه من قول قتادة وهذا السبب الذي جعل أكثر أهل العلم لم يقولوا به وبالله التوفيق .


الثالث عشر: تعريف العبد : العبد هو الذي يسترق في قتال بين المسلمين والكفار أو يشترى بحيث لا يعلم المشتري عدم ملك البائعين له فإن علم ذلك فهل يجب عليه أن يحرره أم لا ؟
النبي ﷺ ملك زيد بن حارثة بالهبة وملكته زوجته بالهبة من ابن أخيها ثم بعد ذلك أعتقه وكان ولاءه منسوباً إليه بصريح القرآن الكريم ( وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ ….. الآية ) [ الأحزاب : 37 ]
علماً بأن زيد بن حارثة كان من قصته أنه ذهب مع أمه وهو غلام من بلد أبيه إلى بلد أمه وفي أثناء الطريق لقيهم جماعة من قطاع الطرق فأخذوا زيداً من أمه واشتراه حكيم بن حزام كما اشترى مجموعة من الغلمان الأرقاء وكان يبيع ويشتري طبيعة تجار أهل مكة فلما قدم جاءت عمته خديجة بنت خويلد تزوره وتهنئه بسلامة الوصول فقال حكيم بن حزام يا عمة إذ هو ابن أخيها قال لها يا عمة انظري هؤلاء الغلمان فخذي واحداً منهم يخدمك وكان قد ذخر الله لزيد بن حارثة ما ذخر فاختارته خديجة وذهبت به وبقي معها هي وزوجها ثم وهبت ملكه لزوجها نبي الله محمد ﷺ ثم جاء أبوه وعمه حين سمعا أن ابنهما في مكة فجاءا يسألان عن محمد بن عبدالله بن عبدالمطلب فوصلا إليه وقالا له إن لنا ابناً فقد وبلغنا أنه عندك ونحن الآن جئنا لفدائه فاطلب ما تريد من المال فقال النبي ﷺ أو غير ذلك قالوا وما هو قال أن أرسل إليه فإن اختاركم فهو لكم بدون فداء فأرسل إليه فجاء فقال من هذا فقال أبي ومن هذا فقال عمي فقال إنهما قالا لي كذا وكذا فقلت لهما كذا وكذا الكلام الذي دار بينهم وبينه فقال لا أريد أن أذهب معهما قالا عجباً تفضل الناس على أبيك وأهلك قال لقد عرفت من هذا الرجل ما يجعلني لا أختار عليه أحداً فعند ذلك أشهد النبي ﷺ الحاضرين على نفسه أن زيداً ابنه يرثه . فالله أكبر
وعلى هذا نقول الأملاك التي كانت في الجاهلية وأقرت على ما هي عليه هل أن الملك الذي لا يدري الإنسان أصله يعتبر نافذاً أم أنه لا يعتبر نافذاً ؟


لأن الفرق بين ما كان قبل الإسلام وما كان بعده حاصل فقد قال النبي ﷺ ( ألا إن دماء الجاهلية موضوعة تحت قدمي هاتين وأول دم أضعه دم فلان بن ربيعة وأن ربا الجاهلية موضوع تحت قدمي هاتين وأول ربار أضعه ربا العباس بن عبدالمطلب .


وقد جاء الإسلام على ولاء وأشياء كانت معروفة مشهورة في الجاهلية فأقرها على ما كانت عليه فهل يقاس على ذلك ما كان في هذا الوقت يقال عنه رق ونحن لا ندري ما أصله أم أن المسألة فيها نظر ؟
ولا يظهر لي في ذلك ما أستطيع أن أفرق به بين الحالتين والله تعالى أعلم .


--------


تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 5 ]

[ المجلد الخامس ]

http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam5.pdf (http://subulsalam.com/site/kutub/AhmedNajmi/08TassisAhkam5.pdf)

الرابط المباشر لتحميل الكتاب :

http://subulsalam.com/play.php?catsmktba=9384

ام عادل السلفية
30-05-2016, 01:18AM
بسم الله الرحمن الرحيم




تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام

للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -


الحديث الثاني :
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي ﷺ قال من أعتق شقصاً من مملوك فعليه خلاصه كله في ماله فإن لم يكن له مال قوم المملوك قيمة عدل ثم استسعي العبد غير مشقوق عليه .


موضوع الحديث :
أن من أعتق شقصاً من عبد له فيه شراكة ولم يكن له مال يدفع منه شراكة الشركاء فإنه يقوم المملوك قيمة عدل ثم يُستسعى غير مشقوق عليه


المفردات
شقصاً : قسطاً أو نصيباً أوحصة
قوله فعليه خلاصه : أي فعليه خلاصه من الرق بالسراية إذا كان له مال يتحمل ذلك
قوله فعليه خلاصه : أي تحريره وفكه من الرق بالكلية فإن لم يكن له مال قوم المملوك
معنى قوم : أي ثمن
ثمن عدل : أي وسط بين التفريط والإفراط والغلو والتساهل
قوله ثم استسعي العبد : بمعنى أنه يشتري نفسه بقيمة مقسطة في كل شهر كذا أو في كل عام كذا يعني كالمكاتبة
قوله غير مشقوق عليه : أي غير مضيق عليه بل يشتغل ويؤدي على حسب استطاعته


المعنى الإجمالي
أن من أعتق نصيباً له في مملوك فإن العتق يكون في الرقبة كاملة بوضع السراية الشرعية التي قررها الشارع ﷺ هذا إذا كان له مال أي للمعتق مال يتحمل ذلك أما إذا لم يكن له مال أو له مال لا يتحمل ذلك أو يترتب عليه إضرار به فإنه في هذه الحالة يخير العبد بين أمرين إن أراد أن يبقي نفسه في الملك بقدر الحصة التي بقيت فيكون مبعضاً أي بعضه رقيق وبعضه معتق فإنه يجوز له في هذه الحالة أن يبقى مملوكاً مبعضاً وإن رغب أن يتحرر فإنه يقوم المملوك قيمة عدل ويستسعى فيما بقي فإذا أكمل السعاية تم تحرره


فقه الحديث
في هذا الحديث اختلاف بين المحدثين فمنهم من رأى أن الحديث المرفوع هو قوله ( من أعتق شقصاً من مملوك فعليه خلاصه كله في ماله إن كان له مال )
ويجعلون زيادة الاستسعاء وهي قوله ( وإن لم يكن له مال قوم المملوك قيمة عدل ثم استسعي غير مشقوق عليه ) فيجعلون الاستسعاء مدرجاً في الحديث من قول قتادة ومنهم من يرى أن الحديث كله مرفوع إلى النبي e بما فيه الاستسعاء وبذلك جزم صاحبا الصحيح البخاري ومسلم ورجحه الحافظ ابن حجر وجماعة بناءً على تصحيح البخاري لرواية الاستسعاء


فقد روى البخاري هذا الحديث من طريق جرير بن حازم سمعت قتادة قال حدثني النضر بن أنس بن مالك عن بشير بن نهيك عن أبي هريرة قال قال النبي ﷺ ( من أعتق شقيصاً له من عبد ) رقم الحديث 2526 . ورواه من طريق سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن النضر بن أنس عن بشير بن نهيك عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي ﷺ قال ( من أعتق نصيباً أو شقيصاً في مملوك فخلاصه عليه في ماله إن كان له مال وإلا قوم عليه فاستسعي به غير مشقوق عليه )


قال البخاري تابعه الحجاج بن حجاج وأبان ( قلت : هو ابن يزيد العطار ) وموسى بن خلف عن قتادة اختصرع شعبة . إلى هنا رواية البخاري
وقوله فيكون من روى الاستسعاء عن قتادة خمسة
1- جرير بن حازم في باب من أعتق نصيباً له في عبد وليس له مال استسعي غير مشقوق عليه برقم 2526
2- سعيد بن أبي عروبة رقم الحديث 2527
3- حجاج بن حجاج
4- أبان بن يزيد العطار
5- موسى بن خلف
كلهم عن قتادة برواية الاستسعاء


قلت : وقد ذهب جماعة إلى أن الاستسعاء ليس من كلام النبي ﷺ وإنما هو مدرج من قول قتادة صرح بذلك الإسماعيلي وابن المنذر والدارقطني والخطابي والحاكم في علوم الحديث والبيهقي والخطيب في الفصل والوصل ذكر ذلك الحافظ في الفتح وأطال ثم قال وأبى ذلك آخرون وصاحبا الصحيح
( قلت : يعني البخاري ومسلم ). فصححا كون الجميع مرفوعاً وهو الذي رجحه ابن دقيق العيد وجماعة لأن سعيد بن أبي عروبة أعرف بحديث قتادة لكثرة ملازمته له أهـ
وقال أيضاً والذي يظهر أن الحديثين صحيحان مرفوعان لعمل صاحبي الصحيح وقال ابن المواق والإنصاف ألا نوهم الجماعة بقول واحد مع احتمال أن يكون سمع قتادة يفتي به فليس بين تحديثه به مره وفتياه أخرى منافاة أهـ . من فتح الباري ج 5 ص156 وص157 وص158 طبعة محب الدين الخطيب .


قلت : وبهذا يتبين أن الاستسعاء صحيح مرفوعاً إلى النبي ﷺ وإن كان قد سمع من كلام قتادة وفتياه فإنه لا منافاة بينهما كما سبق .


ويؤخذ من الحديث عدة مسائل
أولاً : أن من أعتق شقصاً له في عبد لزمه خلاصه كما تقدم من حديث ابن عمر


ثانياً : يكون العبد معتقاً عليه إذا كان له مال يمكنه من أن يؤدي باقي قيمة العبد من غير مشقة عليه


ثالثاً : إذا كان له مال قليل بحيث أنه لو حمّل بباقي القيمة يشق ذلك عليه لم يُلزم بذلك لأنا لا نزيل المشقة بمشقة


رابعاً : فإن لم يكن له مال يتسع لعتق الجميع عليه فإنه في هذه الحالة يكون للعبد الخيار بين أن يبقى في ملك صاحب الشقص الباقي وبين أن يستسعى فيه


خامساً : إذا رغب في الاستسعاء فإنه ينبغي تدخل السلطة القضائية فيختار القاضي شخصين عدلين عارفين بالقيم ثم يستسعى في باقي القيمة على حسب ما يكون مريحاً له وغير شاق عليه


سادساً : أنه إذا استسعى فإن ولاءه يكون موزعاً بين أصحاب الأشقاص


سابعاً : إذا اختار البقاء تحت رق صاحب الشقص فإن كان الشقص نصفاً كان له يوم ولصاحب الشقص يوم وإن كان ثلثا كان له يومان ولصاحب الشقص يوم وهكذا


ثامناً : أن هذا هو القول الصحيح وهو الجمع بين الحديثين وأن ذلك يعود إلى رغبة المملوك قياساً على الكتابة لقوله سبحانه وتعالى { وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً وَآتُوهُم مِّن مَّالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ }[النور : 33] فالكتابة ينبغي أن تكون على رغبة المملوك والاستجابة تستحب للسيد إذا علم في العبد خيراً أي علم فيه صلاحاً وأنه سيقوم بالكسب لنفسه إن استقل . وبالله التوفيق



--------


تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 5 ]

[ المجلد الخامس ]

http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam5.pdf (http://subulsalam.com/site/kutub/AhmedNajmi/08TassisAhkam5.pdf)

الرابط المباشر لتحميل الكتاب :

http://subulsalam.com/play.php?catsmktba=9384

ام عادل السلفية
30-05-2016, 01:27AM
بسم الله الرحمن الرحيم




تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام
الأخير
للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -




الحديث الثالث في المدبر :
عن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما قال دبر رجل من الأنصار غلاماً له
وفي لفظ بلغ النبي ﷺ أن رجلاً من أصحابه أعتق غلاماً له عن دبر ولم يكن له مال غيره فباعه رسول الله ﷺ بثمانمائة درهم ثم أرسل ثمنه إليه


موضوع الحديث :
التدبير وحكم بيع المدبر


المفردات
قال ابن الملقن : اسم العبد المدبر يعقوب القبطي والسيد أبو مذكور والذي اشتراه نعيم بن عبدالله النحام
غلاماً : الغلام هو المملوك ويقال للصغير من الرجال
قوله عن دبر : أي أعتقه بعد موته أي بعد إدباره عن الدنيا ولهذا يقال لمن علق عتقه على الموت يقال له مدبر
قوله فباعه رسول الله ﷺ يدل أن ذلك كان من الرسول الله ﷺ نظراً في مصلحة المذكور


المعنى الإجمالي
معنى هذا الحديث الإجمالي أن رجلاً من أصحابه e أعتق غلاماً له بعد موته أي علق عتقه على موت سيده ولكن لما لم يكن له مال غيره ولعله كان بحاجة إلى ثمنه باعه e ثم أرسل ثمنه إليه .


فقه الحديث
أولاً : يؤخذ من الحديث جواز التدبير بأن يقول الشخص هذا الغلام بعد موتي يكون معتقاً أو حراً لوجه الله فمن دبر مملوكه بأن أعتقه بعد موته كان عمله ذلك جائزاً


ثانياً: ذكر ابن الملقن أن التدبير مجمع عليه وأنه يصح فقال وهو إجماع


ثالثاً : ذكر أيضاً ابن الملقن أن مذهب الشافعي ومالك والجمهور أنه يحسب عتقه من الثلث وخالف الليث وزفر فقالا هو من رأس المال .


رابعاً : يؤخذ من الحديث جواز بيع المدبر قبل موت سيده إذا تبين أن مصلحة سيده في بيعه سواء كان ذلك لدين عليه أو في حاجته للنفقة ما لم يمت سيده فإن مات سيده فقد أصبح حراً لأن عتقه معلق على موت سيده
وذكر ابن الملقن أن ممن ذهب إلى بيعه قبل موت سيده وجوزه عائشة رضي الله عنها وطاوس وعطاء والحسن ومجاهد وأحمد وإسحاق وأبو ثور وداود


قال ابن الملقن رحمه الله وكما يجوز بيعه تجوز هبته والوصية به وغيرهما من التصرفات المزيلة للملك


وأقول : في قول ابن الملقن هذا نظر لأن هبته والوصية به بعد عتقه يعد تصرفاً مناقضاً للتصرف الأول الذي هو التدبير فلذلك لا يجوز وإنما باعه النبي e من أجل حاجة سيده إليه إما لقضاء دين أو نفقة وهذا هو القول الصحيح في نظري وهو يوافق الرواية الثانية عن الإمام أحمد في قوله وعن أحمد روايتان إحداهما كمذهبنا يعني أنه كما يجوز بيعه تجوز هبته والوصية به والأخرى أن له بيعه للدين فقط .
وبمنع بيع المدبر قال جمهور العلماء والسلف من الحجازيين والشاميين والكوفيين ومنهم أبو حنيفة ومالك وتأولوا معه على أنه عليه الصلاة والسلام إنما باعه في دين كان على سيده كما رواه النسائي والدارقطني وروي أنه باعه وقضى عنه دينه ودفع الفضل إليه


قلت: وهذا القول هو الذي تطمئن إليه النفس


خامساً : يؤخذ من الحديث نظر الإمام في مصالح رعيته وأمره إياهم بما فيه الرفق بهم وإبطال ما يضر من تصرفاتهم التي يمكن فسخها .


وصلى الله على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه والحمد لله رب العالمين وإني لأحمد الله عز وجل على إتمام شرح هذا الكتاب علماً بأني كتبت الجزء الأول في عام 1383هـ أي قبل إحدى وأربعين سنة
فله الحمد على ذلك وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وكان الفراغ منه في يوم الاثنين الموافق الثالث عشر من شهر ذي القعدة من العام ألف وأربعمائة وأربع وعشرين للهجرة النبوية .



--------

تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 5 ]

[ المجلد الخامس ]

http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam5.pdf (http://subulsalam.com/site/kutub/AhmedNajmi/08TassisAhkam5.pdf)

الرابط المباشر لتحميل الكتاب :

http://subulsalam.com/play.php?catsmktba=9384


التصفية والتربية

TarbiaTasfia@