مشاهدة النسخة كاملة : [متجدد] تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ المجلد الرابع ]
ام عادل السلفية
29-10-2015, 03:59PM
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام
للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله-
[كتاب البيوع]
مقدمة عن البيع
لما كان العبد لا يستغني عّما في يد صاحبه وصاحبه لا يستغني عمّا في يده شرع الله سبحانه وتعالى التوصل إلى ما في
يد الغير بطريقة البيع التي هي المعاوضة لكي يتوصل كل واحد من المتبايعين إلى حاجته بطريقة مشروعه يأخذ كل منهما العوض عمّا
يبيعه ويبذل العوض فيما يشتريه ولما كان البيع يتضمن أنواعاً من البيوع جعل الله عز وجل لتلك البيوع أحكاماً حتى
لا يصل الضرر من الفرد إلى المجتمع أو من المجتمع إلى الفرد وقد قرر الشارع ﷺ أحكام الخيار والسلف والهبة وغير ذلك
فأباح أشياء من البيع لما فيها من المصلحة ومنع أشياء لما يعلم فيها من المضرة إما على الفرد وإما على
المجتمع وإما عليهما معاً ولله في ذلك الحكمة البالغة فما شرع ففيه ضمان المصلحة وما لم يشرعه أو نهى عنه فإنما ذلك لدفع
مضرة حقيقية أو متوقعة والله تعالى يقول ( وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا ) [البقرة: 275 ] .
--------
تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.
تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ
تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 4 ]
[ المجلد الرابع ]
رابط تحميل الكتاب :
http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam4.pdf
التصفية والتربية
TarbiaTasfia@
.
ام عادل السلفية
01-11-2015, 12:22AM
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام
للعلامة : احمد النجمي
-رحمه الله -
[251]الحديث الأول:
عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما عن رسول الله ﷺ أنه قال إذا تبايع الرجلان فكل واحد منهما بالخيار ما لم
يتفرقا وكانا جميعاً أو يخير أحدهما الآخر فتبايعا على ذلك فقد وجب البيع .
وفي معناه حديث حكيم بن حزام وهو الحديث الثاني
قال : قال رسول الله ﷺ البيعان بالخيار ما لم يتفرقا أو قال حتى يتفرقا فإن صدقا وبينا بورك لهما في بيعهما
وإن كتما وكذبا محقت بركة بيعهما .
موضوع الحديث :
خيار المجلس
المفردات
إذا تبايع الرجلان فكل واحد منهما بالخيار : إذا حرف شرط غير جازم وجملة تبايع الرجلان فعل الشرط وقوله فكل
واحد منهما بالخيار : جواب الشرط وجزاءه وجملة ما لم يتفرقا تحديد لزمن الخيار بالتفرق
قوله وكانا جميعاً : تأكيد لمفاد ما لم يتفرقا والواو واو الحال والجملة حالية
قوله أو يخير أحدهما الآخر : هذا يشمل أمرين
أحدهما أن يكون بينهما خيار ممتد إلى ما وراء المجلس كثلاثة أيام أو ما أشبه ذلك
والثاني أن يشترط أحدهما على الآخر قطع خيار المجلس بأن يقول اختر إمضاء البيع أو رده فإذا حصل ذلك انقطع الخيار .
قوله فتبايعا على ذلك فقد وجب البيع : أي فقد وجب البيع على ما اتفقا عليه .
المعنى الإجمالي
شرع الله على لسان رسوله ﷺ وشرعه حق ولا يشرع إلا لمصلحة أنه إذا تبايع الرجلان فكل واحد منهما بالخيار ما لم
يتفرقا لأنه إذا اختار أحدهما ترك البيع جاز له الرد والترك رضي صاحبه أو لم يرض أو يخير أحدهما الآخر بأن يقول له اختر إمضاء
البيع أو رده ولا خيار لك بعد الاختيار أو يشرط أحدهما امتداد الخيار إلى اليوم واليومين والثلاثة وهذا يسمى خيار
الشرط وفي حديث حكيم بن حزام فإن صدقا وبينا بورك لهما في بيعهما أي أن البركة ملازمة للصدق وبيان العيوب والمحق
والخسارة ملازمة للكذب والكتمان وبالله التوفيق .
فقه الحديث
أولاً :يؤخذ من حديثي عبدالله بن عمر وحكيم بن حزام مشروعية خيار المجلس وهو أنه يجوز الخيار ما داما في المجلس
لم يتفرقا عنه فإذا اختار أحدهما رد البيع جاز له ذلك رضي صاحبه أو لم يرض وقد قال بما اقتضاه الحديث الشافعي
وأحمد وأصحاب الحديث وقال مالك وأبو حنيفة بعدم خيار المجلس رغم أن مالكاً هو أحد رواة الحديث وقد ذهب ابن حبيب
من أصحاب مالك إلى إثبات خيار المجلس والذين نفوه اعتذروا عن عدم القول بالحديث بأعذار ملخصها ما يأتي :-
الوجه الأول من الاعتذارات أن مالكاً روى هذا الحديث ولم يقل به وما دام راويه لم يقل به فإن ذلك يكون عذراً لغيره عن
الأخذ به
ويجاب عن هذا العذر بجوابين :
الجواب الأول أن العبرة بما رواه الراوي لا بما رأى فالأخذ بالحديث متعين على من صح عنده وإذا كان الراوي لم يقل به
فإن ذلك لا يكون عذراً لغيره عن عدم الأخذ بالحديث المذكور والجواب الثاني أن هذا الحديث قد روي من عدة طرق فروي
من غير طريق مالك فإذا كان مالك قد ترك القول بالحديث وتعذر الأخذ به من طريق مالك فإنه لا عذر لأحد عن الأخذ بالحديث
من الطرق الأخرى التي جاءت من غير طريق مالك .
الوجه الثاني من الاعتذارات أن هذا خبر واحد فيما تعم به البلوى وخبر الواحد فيما تعم به البلوى يجعل ذلك الخبر
غير مقبول ويجاب عن هذا الوجه بأن البيع مما تعم به البلوى هو كذلك لكن الفسخ ليس مما تعم به البلوى بل هو
يكون نادراً وعلى هذا فإن هذا العذر غير صحيح ولا مقبول .
الوجه الثالث من الاعتذارات أن هذا حديث مخالف للقياس الجلي والأصول القياسية والجواب عن هذا أن القياس إنما يصار
إليه عند عدم النص وليس أن تترك النصوص من أجل القياس فأين القياس من قول من لا ينطق عن الهوى ، إن هذا كمن
يساوي بين الثرى والثريا .
الوجه الرابع أن هذا الحديث معارض لإجماع أهل المدينة وعملهم وما كان كذلك يقدم عليه العمل يعني وهذا الحديث
يقدم عليه عمل أهل المدينة ، والجواب عن هذا إن عمل أهل المدينة بل وعمل غيرهم إذا خالف النص حكم عليه
بالبطلان ووجب الأخذ بالنص وأخيراً لا أدري كيف حال من يجعل هذه الاعتذارات الملتوية ليصرف بها طلاب العلم
عن الأخذ بالنص النبوي الصحيح المعقول العلة وإن خيار المجلس حكم شرعي في منتهى اللياقة والوضوح فإن
البيع قد يكون فيه أحد المتبايعين مندفعاً فيعقد الصفقة على ما فيه غبن عليه فإذا فكر أحد المتبايعين ورأى أن من صلاحه
عدم المضي في البيع وأراد فسخه جاز له ذلك ما دام في المجلس وهذا هو مقتضى هذا الحديث الذي في خيار المجلس
أما إن سكت حتى يتم التفرق وليس بينهما خيار فإنه لا يجوز له الرد ما لم يكن هناك خيار مشروط وهذا في منتهى الحكمة
واللياقة ومن رد هذا الحكم ليبرر رأي شيخه أو إمامه الذي لم ير القول بهذا الحديث وقد يكون لذلك الإمام أو
الشيخ عذر في عدم الأخذ بالحديث لكن ليس للتابع عذر في ترك الحديث بعد أن تبينت له صحته من أجل أن إمامه لم يقل
به وإنه ليخاف على مثل هذا من الزيغ نعوذ بالله من ذلك والله سبحانه وتعالى يقول (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا
قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ ) [ الأحزاب : 36 ] والله سبحانه وتعالى يقول (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا
لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ
الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ) [ الأنفال : [24،25 ] إلى غير ذلك من النصوص التي
توجب طاعة الرسول ﷺ وتحذر من مخالفة أمره كما قال تعالى (فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ
أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ) [ النور : 63 ] وأخيراً للإطالة في هذا الموضوع مواضع غير هذا ولكن هذا من باب التنبيه على
من يريدون بشتى الوسائل رد الحديث النبوي من أجل موافقة رأي إمامهم نسأل الله ألا يزيغ قلوبنا .
ثانياً:قوله أو يخير أحدهما الآخر يدخل تحته أمران :
الأمر الأول أن يشترط أحدهما الخيار ممتداً إلى ما بعد المجلس كخيار ثلاثة أيام أو يوم أو ساعات أو ما أشبه ذلك
وهذا يقال له خيار الشرط والدليل عليه حديث حبان ابن منقذ ( أنه كان يبايع فيغلب في البيوع فقال له النبي ﷺ
( إِذَا أَنْتَ بَايَعْتَ فَقُلْ لا خِلابَةَ ثُمَّ أَنْتَ فِي كُلِّ سِلْعَةٍ ابْتَعْتَهَا بِالْخِيَارِ ثَلاثَ لَيَالٍ فَإِنْ رَضِيتَ فَأَمْسِكْ وَإِنْ سَخِطْتَ فَارْدُدْهَا عَلَى
صَاحِبِهَا) فهذا يقال له خيار الشرط وقد رأى بعض الفقهاء أن خيار الشرط يجوز ولو كان لسنة أو سنتين .
الأمر الثاني أن يخير أحدهما الآخر بأن يختار عدم استمرار الخيار إلى نهاية المجلس بل يختار قطعه ويستدل لهذا القول
بقوله ( أو يخير أحدهما الآخر ) فإن اتفقا على ذلك انقطع بينهما الخيار .
ثالثاً: هناك خيارات لم تذكر كخيار العيب وقد عدّ الفقهاء الخيارات إلى ثمانية .
رابعاً: يؤخذ من قوله ( حتى يتفرقا ) أن التفرق يعد منهياً لخيار المجلس ما لم يكن بقصد إنهائه لقوله ﷺ (وَلا يَحِلُّ
لَهُ أَنْ يُفَارِقَ صَاحِبَهُ خَشْيَةَ أَنْ يَسْتَقِيلَهُ ) وهل الفراق الذي يحصل من أحد المتبايعين بقصد عدم الإقالة هل يعد قاطعاً لخيار
المجلس ما دام وهو معصية لله أم لا ؟ هذا محل نظر وخلاف بين العلماء .
خامساً: يؤخذ من قوله (فإن صدقا وبينا بورك لهما في بيعهما وإن كتما وكذبا محقت بركة بيعهما ) وفي رواية ( فَعَسَى أَنْ يَرْبَحَا
رِبْحًا وَيُمْحَقَا بَرَكَةَ بَيْعِهِمَا) يؤخذ من ذلك أن البركة في البيع مترتبة على الصدق والبيان وأن المحق فيه والخسران
مترتب على الكذب والكتمان .
--------
تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.
تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ
تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 4 ]
[ المجلد الرابع ]
رابط تحميل الكتاب :
http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam4.pdf
.
ام عادل السلفية
01-11-2015, 12:29AM
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام
للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -
باب ما نهي عنه من البيوع
[252]الحديث الأول :
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله _ نهى عن المنابذة وهي طرح الرجل ثوبه بالبيع إلى الرجل قبل أن يقلبه
أو ينظر إليه ، ونهى عن الملامسة والملامسة لمس الثوب ولا ينظر إليه .
موضوع الحديث :
البيوع المنهي عنها لما فيها من الغرر
المفردات
المنابذة : صيغة مفاعلة وهو أن ينبذ كل منهما إلى الآخر فالبائع ينبذ الثوب والمشتري ينبذ الثمن ولا خيار
بينهما ولا نظر ولا تقليب
قوله قبل أن يقلبه أو ينظر إليه بأن يكون البيع مشروطاً فيه عدم التقليب والنظر في حال المبايعة فمتى نبذ البائع إلى
المشتري لزم البيع ولا خيار
والملامسة مفاعلة من اللمس بأن يقول لمسك للثوب بيعاً بدون خيار
المعنى الإجمالي
ما أعظم الشرع الإسلامي وما أعدله إذ أنه منع الغرر وما يكون فيه ظلم من أحد المتبايعين للآخر وإذا شرط البيع
بالنبذ أو اللمس بدون تقليب ولا خيار فإن ذلك من الغرر الذي يمنعه الإسلام ويحاربه ويبطل كل صفقة يكون فيها ذلك .
فقه الحديث
أولاً: قال ابن دقيق العيد رحمه الله اتفق الناس على منع هذين البيعين واختلفوا في تفسير الملامسة إلى آخره
وأقول إن البيعين المشار إليهما هما بيع الملامسة والمنابذة لما فيهما من الغرر والضرر إما على المتبايعين معاً
وإما على أحدهما
ثانياً: لا بد من معرفة هذين البيعين اللذين اتفق العلماء على منعهما فالأول منهما الملامسة وهو بأن يقول إذا لمست
هذا الثوب فهو عليك بكذا ولا خيار لك بعد اللمس .
قال ابن دقيق العيد هي أن يجعل اللمس بيعاً بأن يقول إذا لمست ثوبي
فهو مبيع منك بكذا وكذا ((وهو)) باطل للتعليق بالصيغة وعدوله عن الصيغة الموضوعة للبيع شرعاً أهـ قلت: ليست العلة
هي وضع صيغة بدلاً عن صيغة ولكن كون الصيغة المنهي عنها متضمنة للغرر مشروط فيها عدم التقليب والنظر وقد تكون
السلعة معيبة فيكون البيع شبيهاً بالقمار والميسر الذي نهى الله عنه لما فيه من المخاطرة والغش من المسلم للمسلم وهذه هي العلة
ثالثاً: قال وقيل تفسيرها أن يبيعه على أنه إذا لمس فقد وجب البيع وانقطع الخيار وهو أيضاً فاسد من الشرط الفاسد أهـ
وأقول إن هذه المسألة وإن اختلفت عن سابقتها في اللفظ لكن المآل واحد وهو عدم تمكين المشتري من النظر للسلعة
ومعرفة صلاحها أو كونها معيبة وهذا أيضاً يتضمن الغرر
رابعاً: وفسره الشافعي رحمه الله بأن يأتي بثوب مطوي أو في ظلمة فيلمسه الراغب فيقول صاحب الثوب بعتك كذا بشرط
أن يقوم لمسك مقام النظر وهذا فاسد إن أبطلنا بيع الغائب وأقول في هذه التفسيرات الثلاثة يتردد الأمر في كون البائع شرط
على المشتري أن يكون اللمس بيعاً بدون تقليب ولا نظر ولا خيار للمشتري إذا وجد العيب بعد النظر وقد خرج
على التفسير الأول أنه من صور المعاطاة وعلى التفسير الثاني أنه من بيع الغائب وأقول إن المعاطاة جائزة في الأمور
المحقرة التي يكون الغبن فيها خفيفاً أو ما يكون معلوم غالباً كأن تعطي للبائع ريالاً أو خمسة ريالات وتقول أعطني خبزاً أما
الأمور الخطيرة التي يكون الغبن فيها شديداً وله وقع على نفس من وقع عليه فإنه لا تجوز فيه المعاطاة و الدليل على ذلك آية
الدين وما تدل عليه من الاهتمام بالحقوق وأدائها على الوجه الأكمل حيث أمر بكتابتها إذا كانت ديناً وقال تعالى
( ذَلِكُمْ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ وَأَقْوَمُ لِلشَّهَادَةِ وَأَدْنَى أَلا تَرْتَابُوا إِلا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً حَاضِرَةً تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَلا
تَكْتُبُوهَا وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ وَلا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلا شَهِيدٌ ) [ البقرة : 282 ]
وإن التغرير بالمشتري وأخذ حقه فيما يكون فيه غبن عليه إضرار به والله تعالى يقول (وَإِنْ تَفْعَلُوا فَإِنَّهُ فُسُوقٌ بِكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ
وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) [ البقرة : 82 ] إذاً فالبيع الذي يكون فيه خطر لا بد فيه من الرؤية والتقليب والنظر
أما قول وهذا فاسد إن أبطلنا بيع الغائب . فأقول إن بيع الغائب إن كان منضبطاً بوصف يميزه عن غيره فإنه جائز
إن شاء الله وهو من يسر الشريعة وفي زمننا هذا قد أصبحت السلع لها علامات تميزيها كل شيء له علامة محددة وما
كان كذلك فإنه يجوز فيه بيع الغائب هذا وبالله التوفيق
أما المنابذة فمعناها أن يقول أحدهما أنبذ إليّ الثمن وأنبذ إليك السلعة أي ولا خيار للمشتري إذا وجد في السلعة عيباً والقول
في المنابذة كالقول في الملامسة وما نهى عنها إلا لأنها متضمنة للغرر وجالبة للضرر ومثل ذلك لا يجوز في
الشريعة وقد قال الرسول ﷺ (الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ لا يَظْلِمُهُ وَلا يُسْلِمُهُ ) وفي الحديث (لا ضَرَرَ وَلا ضِرَارَ )
--------
تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.
تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ
تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 4 ]
[ المجلد الرابع ]
رابط تحميل الكتاب :
http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam4.pdf
التصفية والتربية
TarbiaTasfia@
.
ام عادل السلفية
01-11-2015, 12:39AM
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام
للعلامة : احمد النجمي
-رحمه الله -
[253]الحديث الثاني :
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ قال ( لا تلقوا الركبان ولا يبع بعضكم على بيع بعض ولا تناجشوا ولا يبع
حاضر لباد ولا تصرّوا الغنم ومن ابتاعها فهو بخير النظرين بعد أن يحلبها إن رضيها أمسكها وإن سخطها ردها وصاعاً من تمر ).
وفي لفظ ( هو بالخيار ثلاثاً )
موضوع الحديث:
النهي عن بيوع قد تكون المصلحة فيها تارة للفرد وتارة للجماعة والمقصود منها حماية الحقوق من الظلم والغرر
المفردات
لا تلقوا الركبان : التلقي هو الخروج إلى خارج السوق ليشتري بأرخص بعد أن علم أسعار السوق
الركبان : جمع راكب وهو خرج مخرج الغالب إذ أن تلقي المشاة ليس بجائز
قوله ولا يبع بعضكم على بيع بعض :فسره بعضهم
بالسوم وفسره بعضهم بأنه ما يكون في مدة الخيار
قوله ولا تناجشوا : النجش هو الاستثارة يقال نجش الصيد إذا أثاره والمراد بالنجش أن يدفع فيها ثمناً عالياً لا ليشتريها ولكن ليوقع الآخر فيها
قوله ولا يبع حاضر لباد : الحاضر هو صاحب الحضر وهو الساكن في المدينة والباد هو الساكن في البادية
قوله ولا تصرّوا الغنم : الصرّ هو حبس اللبن في الماشية ذات اللبن لترد إلى السوق على هيئة يُظن فيها أنها صاحبة لبن كثير
قوله وهو بخير النظرين : أي نظر الرد ونظر الإمساك يختار أيهما أراد إذا رأى فيه المصلحة .
قوله بعد أن يحلبها : المراد استمرار الحلب وهل يكون مستمراً كعادته أم لا ؟
قوله إن رضيها أمسكها : هذا تفسير للنظرين وإن سخطها ردها وصاعاً من تمر هذا أيضاً للتفسير
وفي لفظ هو بالخيار ثلاثاً : أي ثلاثة أيام .
المعنى الإجمالي
إن الشارع الحكيم ﷺ يحرص دائماً على جلب المصالح ودفع الضرر سواء كان ذلك للفرد أو للجماعة وقد نهى ﷺ
عن هذه البيوع لما فيها من الضرر ولما في تركها والعمل بما يجوز من جلب المصالح رعاية للحقوق فصلوات الله وسلامه عليه .
فقه الحديث
أولاً: الكلام على الفقرة الأولى وهو النهي عن تلقي الركبان من ثلاثة وجوه من حيث حكم الفعل المنهي عنه ومن حيث
صحة البيع أو فساده ومن حيث إثبات الخيار أو عدم إثباته ،
الوجه الأول وهو من حيث الحكم فإن من تلقى الركبان عالماً بالتحريم قاصداً لذلك فإن فعله حرام لأنه مخالفة صريحة
للنهي وهذا هو الأظهر أما إن خرج لحاجة من غير قصد التلقي أو كان بيته على الطريق فإن هذا لا يدخل في التحريم ولا يكون
فاعله آثماً فيما يظهر
الوجه الثاني وهو صحة البيع أو فساده قال وهو عند الشافعي صحيح وإن كان آثماً وعند غيره من العلماء يبطل ومستنده
أن النهي للفساد ومستند الشافعي أن النهي لا يرجع إلى نفس العقد ولا يخل هذا الفعل بشيء من أركانه وشرائطه وإنما هو
لأجل الإضرار بالركبان .
وأقول : إن القول بصحة البيع هو الأظهر إذ لو لم يكن البيع صحيحاً لما جعل النبي ﷺ له الخيار في قوله ( فصاحب
السلعة بالخيار ) فلما جعل النبي ﷺ له الخيار دل على أن البيع صحيح لأنه إذا استمر على البيع وأنفذه وكان البيع غير
صحيح فإن مقتضى ذلك أنه نفذ بيعاً باطلاً .
والوجه الثالث : إثبات الخيار بحيث لا ضرر بالركبان بحيث يكونون عالمين بالسعر فلا خيار
وأقول : إن إثبات الخيار في بعض الروايات وهي رواية صحيحة يجب على المكلف والفقيه المصير إليها ومن قال لا خيار فإنه
قد خالف ما قرره الشارع ﷺ وهذا التقرير إذا تأملناه هو في غاية المصلحة وذلك يدور على وجود الغرر والضرر
فإن وجد الغرر والضرر الذي هو علة للنهي فذاك هو الموجب للخيار وإن لم يوجد غرر ولا ضرر فالقول الصحيح عدم وجود
الخيار ولهذا قال الفقهاء الحكم يدور مع علته .
ثانياً :أما قوله ولا يبع بعضكم على بيع بعض فهذا سلك فيه الفقهاء مسلكان ، المسلك الأول تفسيره بالسوم وأنه إذا سام
رجل من المسلمين سلعة فإنه لا يجوز للآخر أن يسوم على سومه حتى يشتري أو يترك وهذا قول مالك أي أن مجرد السوم
يمنع السوم من الآخر مثال ذلك أن يأتي رجل فيسوم سلعة ويأتي آخر والأول قبله يسوم فيقول هذا أنا أسوم بكذا زيادة على
سوم الأول هذا ممنوع عند مالك وأصحابه .
أما المسلك الثاني فهو مسلك الشافعية والحنابلة وهو أن السوم على السوم جائز ما لم يُقبل من كان قد سام أولاً
وإنما النهي في هذا الحديث أن يكون البيع قد وقع فيقول للمشتري في مدة الخيار رد هذا وأنا أبيع منك بأقل أو العكس
فهذا هو الممنوع بموجب هذه الفقرة .
وخصص من ذلك من منع السوم على السوم وهم المالكية خصصوا بيع من يزيد لقول النبي ﷺ في قصة صاحب
الحلس والقدح وأن النبي ﷺ (قَالَ مَنْ يَشْتَرِي هَذَيْنِ قَالَ رَجُلٌ أَنَا آخُذُهُمَا بِدِرْهَمٍ قَالَ مَنْ يَزِيدُ عَلَى دِرْهَمٍ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلاثًا قَالَ
رَجُلٌ أَنَا آخُذُهُمَا بِدِرْهَمَيْنِ ) فأجازوا السوم على السوم في بيع من يزيد ومنعوه في غيره ويمكن أن يرجح قول
الشافعية والحنابلة قياساً على الخطبة على الخطبة فإن النبي ﷺ في هذا الحديث قَالَ ( ولا يَخْطُبُ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ )
وعندما قالت له فاطمة بنت قيس أنه خطبها معاوية وأبو جهم وأسامة قال النبي ﷺ (أَمَّا أَبُو جَهْمٍ فَلا يَضَعُ عَصَاهُ
عَنْ عَاتِقِهِ وَأَمَّا مُعَاوِيَةُ فَصُعْلُوكٌ لا مَالَ لَهُ ) فلم يمنع النبي ﷺ الخطبة على الخطبة في هذا الحديث لأن الخطاب
لم يقبل أحد منهم ثم قال لها ( انْكِحِي أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ ) وقد قال الفقهاء إن الخطبة على الخطبة تجوز إذا كان الخاطب الأول
لم يُقبل أما إن قبل فإنه لا يجوز ذلك وربما يقال أن قياس البيع عليه وجيه . وبالله التوفيق .
ثالثاً :قوله ولا تناجشوا النجش كما تقدم معناه استثارة رغبة المشتري بحيث أنه يدفع في تلك السلعة ثمناً قد يكون خيالياً
ليوهم الآخرين بأن السلعة جيدة وتستحق هذا الثمن وهو لا يريد شراءها وفي هذه الحالة إن كان بمواطئة فإن الناجش والبائع
كلاهما عاص واقع في الإثم لكن إذا لم يكن بمواطئة وحصل الفعل من الناجش قاصداً لمنفعة البائع فالإثم خاص
به وهل يصح البيع أو يبطل هذا محل خلاف ونظر وقد نقل الصنعاني عن ابن المنذر أن طائفة من أهل الحديث قالوا بفساد
ذلك البيع وهو قول أهل الظاهر ورواية عن مالك وهو المشهور عند الحنابلة إذا كان بمواطئة البائع أو صنيعه أهـ
وكأن المذهب الثاني هو ثبوت الخيار وإذا قلنا بثبوت الخيار فإن البيع صحيح والخيار لمن حصل عليه الغبن لذلك فقد
نقل الصنعاني أيضاً أنه هو المشهور عن المالكية وهو وجه للشافعية قياساً على المصراة أهـ .
قلت إن هذا القول وجيه وقد تلخص لنا مما سبق أن النجش معصية وأن فاعله آثم وأن الخيار ثابت لمن اغتر بفعل
الناجش ووقع في الغبن من أجله.
رابعاً :قوله ولا يبع حاضر لباد هذه المسألة حملها بعضهم على الكراهة وحملها آخرون على التحريم إذا أدّى ذلك
إلى الإضرار بأهل البلد المجلوب إليهم وكأنهم قصدوا بأن هذا نوع من الاحتكار لأن النبي ﷺ قال( لا يَبِعْ حَاضِرٌ
لِبَادٍ دَعُوا النَّاسَ يَرْزُقِ اللَّهُ بَعْضَهُمْ مِنْ بَعْضٍ ) فهو يدور بين شيئين الشيء الأول الاحتكار وإنما يكون الاحتكار في
السلع الضرورية التي يحتاج الناس إليها ضرورة كالطعام ولذلك فقد اشترطوا في التحريم شروطاً :
أولها :أن تكون السلعة من الضروريات .
والثاني :أن يعرض الحضري على البدوي .
والثالث: أن يلحق أهل البلد ضرر بذلك فإن كانت السلعة من غير الضروريات أو عرض البدوي على الحضري أو كانت
السلعة موجودة لا ضرر على أهل البلد من حبسها فحينئذ لا تحريم .
الشيء الثاني :أن يكون النهي محمولاً على الكراهة فقط فإنه حينئذ يقال بأنه لا داعي لهذه الشروط .
خامساً :قوله ولا تصروا الغنم قال ابن دقيق العيد رحمه الله تعالى فيه مسائل الأولى الصحيح في ضبط هذه اللفظة ضم التاء
وفتح الصاد وتشديد الراء المهملة المضمومة على وزن تُزكوا مأخوذة من صَرَ يُصَرَّ ومعنى اللفظة يرجع إلى الجمع تقول
صريت الماء في الحوض وصريته بالتخفيف والتشديد إذا جمعته أهـ .
قلت : إن ما رجحه ابن دقيق العيد في هذه اللفظة يظهر أنه مرجوح وليس براجح وأن الصحيح في هذه اللفظة أنها بفتح تاء
المضارعة وضم الصاد والراء والمقصود ربط أخلاف الماشية ليجتمع فيها اللبن هذا هو القول الصحيح إن شاء الله
وإن كان من حيث المعنى وهو الجمع لا يبعد عن المعنى الأول .
ثانياً :وينبني على هذا أن التصرية حرام لهذا قال ابن دقيق العيد رحمه الله ( لا خلاف أن التصرية حرام للغش والخديعة التي
فيها للمشتري والنهي يدل عليه مع علم تحريم الخديعة قطعاً من الشرع ) أهـ قلت إن إجماع أهل العلم على تحريم
التصرية انتهاء إلى نهي النبي ﷺ وعملاً به هذا هو الحق لكن حصره بالغش والخديعة فيه نظر بل ولكونه إيذاءٌ
للحيوان فالدابة المصراة تتأذى بالصَّر كما يتأذى من ربط ومنع إخراج بوله إذاً فالعلة ليست محصورة في الغش والخديعة فقط
بل ولكونه إيذاء للحيوان بمنع ما ينبغي إخراجه منه ومنع ابن المصراة من رضاعها حتى يخفف عنها الأذى
أو يذهبه فتبين أن التحريم من جهتين وإن كان مقصود الشرع الأكبر هو الضرر المتعدي إلى الغير والعمل بالخداع
والشرع يمنع الخداع .
ثالثاً: يؤخذ من قوله ومن ابتاعها فهو بخير النظرين بعد أن يحلبها يؤخذ من هذا أن النبي ﷺ جعل الخيار للمشتري
بعد أن يحلبها ومعلوم أن المصراة في أول حلبة بعد البيع يكون لبنها كثيراً فإذا حلبها في المرة الثانية يجد أن اللبن
نقص لذلك فإن النبي ﷺ جعل الخيار لمدة ثلاثة أيام بحيث يستقر اللبن على وضعه الأول سواء كان كثيراً أو قليلاً أو متوسطاً
ثم هو بعد ذلك بالخيار .
رابعاً :قوله إن رضيها أمسكها أي رضي لبنها أمسكها عنده وترك الرد وإن سخطها ردها وصاعاً من تمر فجعل النبي ﷺ
له الخيار في ذلك .
خامساً : في قوله وإن سخطها ردها وصاعاً من تمر الصاع من التمر أو من الطعام قد جعله الشارع ﷺ في مقابل
اللبن الذي جاءت به من عند صاحبها .
سادساً : لما كان اللبن يختلف فقد يكون قليلاً وقد يكون كثيراً حكم النبي ﷺ فيه بحكم قاطع فجعل فيه
صاعاً من تمر أو صاعاً من طعام
سابعاً :أبى ذلك بعض أهل المذاهب وجعل المردود هو القيمة والقائل بذلك هو أبو حنيفة وروي عن مالك قول بترك
العمل بهذا الحديث والقول الأول أصح .
وأخيراً إني لآسف أن يرد بعض الفقهاء حديث النبي ﷺ أو يعترض عليه بقواعد قعدها من ليس بمعصوم فيجعل تلك
القواعد أصلاً والحديث فرع بل يقول إن الحديث مضنون فهل هذا هو التأدب مع النبي ﷺ الذي يليق به صلوات
الله وسلامه عليه كلا فنسأل الله أن يهدي المسلمين للعمل بطاعة ربهم وإجلال وإكرام واحترام سنة النبي ﷺ
وبالله التوفيق .
--------
تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.
تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ
تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 4 ]
[ المجلد الرابع ]
رابط تحميل الكتاب :
http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam4.pdf
.
ام عادل السلفية
02-11-2015, 11:38PM
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام
للعلامة : احمد النجمي
-رحمه الله -
[254]الحديث الثالث :
عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله ﷺ نهى عن بيع حبل الحبلة .
وكان بيعاً يتبايعه أهل الجاهلية وكان يبتاع الجزور إلى أن تنتج الناقة ثم تنتج التي في بطنها قيل إنه كان يبيع الشارف
- وهي الكبيرة المسنة - بنتاج الجنين الذي في بطن ناقته
موضوع الحديث:
النهي عن بيع الغرر
المفردات
حبل الحبلة : أي حمل الحمل الموجود بأن يبيع الناقة الكبيرة المسنة بحمل ما في بطن ناقته وقد ذكر الأمير الصنعاني أن الحبل
اسم لحمل الإناث من بني آدم ونقل عن ابن الأنباري اتفاق أهل اللغة على أن الحبل يختص بالآدميات أما غير الآدميات فيقال
حمل ولا يقال حبل
المعنى الإجمالي
أن النبي ﷺ نهى عن بيع حبل الحبلة وكان أهل الجاهلية يتبايعونه فنهى عنه ومنعه تحريماً للغرر لأنه يتضمن التغرير على
المشتري فإن ذلك الحمل الذي بيع حمله قد يتم وقد لا يتم والآخر مثله وقد يكون ذكراً أو أنثى وقد تلد وقد تموت قبل ذلك .
فقه الحديث
أولاً : يؤخذ من هذا الحديث تحريم هذا البيع لما يحتوي عليه من الغرر الذي يتنافى مع الشريعة الإسلامية والله سبحانه وتعالى
قد حرم الخداع لما ينتج عنه من الضرر وفي الحديث ( لا ضرر ولا ضرار )
ثانياً :إن هذا ليس من أخلاقيات الإسلام بل هو من صفة أهل النفاق والخداع والريبة
ثالثاً: وجوده في هذا الحديث يدل على صحة هذه التسمية إلا أن ما قاله أهل اللغة دال على أن تسمية الحبل في الحيوانات
تسمية غير مشهورة والمشهور فيها ذكر الحمل لا ذكر الحبل
ملحوظة :
قوله حبل الحبلة المقصود به حمل الحمل الذي في بطن ناقته مثال ذلك أن يكون لأحد المتبايعين شارف هزيلة فاشتراها
آخر منه وكانت له ناقة حامل فقال لصاحب الشارف بعني شارفك هذه بما تلده ما في بطن ناقتي هذه بمعنى أن ينتظر إلى
أن تنتج ناقة المشتري ثم تحمل فتنتج فيكون نتاج الحمل الموجود هو المبيع وفي هذا من الغرر أن ذلك الحمل قد يبقى وقد
تخرجه الناقة ثم إذا بقي هل سيكون ذكراً أو أنثى فإن ولد ذكراً انتفى احتمال الولادة الأخرى وإن ولد أنثى كان
احتمال الولادة الأخرى ممكن لكن هل تلك الناقة ستحمل أو لا تحمل فإن حملت كان ذلك الحمل هو المبيع لكن هل
سيخرج تاماً أو ناقصاً معيباً أو سليماً فمن أجل هذه الاحتمالات نهى الشارع عن مثل هذا البيع لأنه بيع معلوم بمجهول .
--------
تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.
تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ
تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 4 ]
[ المجلد الرابع ]
رابط تحميل الكتاب :
http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam4.pdf
التصفية والتربية
TarbiaTasfia@
.
ام عادل السلفية
05-11-2015, 03:19AM
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام
للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -
[255]الحديث الرابع :
عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله ﷺ نهى عن بيع الثمرة حتى يبدو صلاحها نهى البائع والمشتري .
وفي معناه حديث أنس بن مالك رضي الله عنه وهو الحديث الخامس أن رسول الله ﷺ نهى عن بيع الثمار حتى
تزهى قيل وما تزهى ؟ قال حتى تحمر قال : أرأيت إن منع الله الثمرة بم يستحل أحدكم مال أخيه .
موضوع الحديثين :
في بيع الثمار قبل بدو صلاحها
المفردات
قوله نهى عن بيع الثمرة حتى يبدو صلاحها :أي حتى يظهر فيها الصلاح فيبدو هنا بمعنى يظهر
قوله نهى البائع والمشتري : يعني أن النهي عام لهما
قوله وفي حديث أنس حتى تزهى قد فسر كلمة تزهى بأخذ الألوان الأخيرة التي تكون نهائية ويتبين بها صلاح الثمرة فمثلاً
يسود العنب الأسود ويبيض الأبيض منه والثمرة التي تكون نهايتها بالاحمرار إذا أخذت اللون الأحمر دل هذا على الصلاح
المعنى الإجمالي
نهى النبي ﷺ عن بيع الثمرة قبل بدو صلاحها لأنه في هذه الحالة يكون من بيع المعدوم
فقه الحديثين
أولاً: يؤخذ من الحديثين تحريم بيع الثمرة قبل بدو صلاحها لأن النهي من أجل دفع الضرر عن المشتري فكان النهي مفيداً للتحريم
ثانياً :هل يجوز بيع الزرع قبل بدو صلاحه من أجل الحصول على الثمرة الجواب لا يجوز كما قد تقدم لكن أجاز
أهل العلم أو بعضهم أن يبيعه بشرط القطع
ثالثاً: إن باع منه زرعاً بشرط القطع ثم أبقاه المشتري حتى ظهرت الثمرة فإن البيع يكون باطلاً على القول الصحيح
في هذه الحالة
رابعاً:إن باع بعد بدو الصلاح ثم أصيب المبيع بجائحة فهل يكون من مال المشتري أو من مال البائع ظاهر حديث
( بم يستحل أحدكم مال أخيه ) وحديث أن النبي ﷺ ( أمر بوضع الجوائح ) أنه لا يجوز للبائع أكل الثمن بل يجب عليه
رده للمشتري وإلى ذلك ذهب الحنابلة والذي ظهر لي بعد البحث في هذا الموضوع على أن المشتري إن كان باع بعد بدو
الصلاح فقد باع بيعاً يحل له وأخذ ثمناً يحل له أخذه وأكله فكيف يأمر النبي ﷺ بوضع الجوائح أمراً إلزامياً وعلى
هذا فإن الأوامر في هذين الحديثين تدل على أن النبي ﷺ أمر بهذا أمر إرشاد لا إيجاب وقد ورد حديث في كتاب
الأم للشافعي أن امرأة جاءت إلى النبي ﷺ وشكت إليه بأن ابنها اشترى ثمرة ثم أصيبت بجائحة وأن ابنها ذهب يستوضع
الرجل فأبى أن يضع له وحلف فقال النبي ﷺ آلاء ألا يفعل خيراً ) وبهذا تجتمع الأدلة .
خامساً :يؤخذ من قوله أرأيت إن منع الله الثمرة بم يأخذ أحدكم مال أخيه هذه الجملة تدل على أن الأمر بوضع الجوائح يكون
إلزامياً فيما إذا كان البيع قبل بدو الصلاح وقبل ظهور الثمرة ولهذا قال أرأيت إن منع الله الثمرة أي منعها من الخروج أو منعها
من أن تكون صالحة ولم يقل أخذ الله الثمر فلو كان المقصود فيما إذا كان البيع بعد بدو الصلاح لكان الكلام
هنا أرأيت إن أخذ الله الثمرة فلما جاء بهذه الصيغة أرأيت إن منع الله الثمرة دل على أن المأمور بوضعها هو ما إذا كان البيع
قبل بدو الصلاح أو كمال الصلاح أما إذا كان بعد بدو الصلاح فإن البائع باع شيئاً يحل له وأخذ ثمناً يحل له فكيف نقول في قوله
(أرأيت إن منع الله الثمرة بم يستحل أحدكم مال أخيه ) و القول بأن الأمر بوضع الجوائح إذا كان البيع بعد بدو الصلاح
أمر إرشاد لا إلزام وندب لا وجوب أما إذا كان قبل بدو الصلاح فإن الأمر حينئذ أمر وجوب وإلزام وبهذا تجتمع الأدلة .
سادساً :أن كلام الشارع ﷺ منزه عن التعارض والتضاد فلا يمكن أن يبيح الشارع ﷺ شيئاً ثم يحرمه
فلما أباح للبائع بعد بدو الصلاح أباح له البيع وأباح للمشتري الشراء وبناءً على ذلك حل الثمن للبائع فإن حصلت الجائحة
بعد البيع الذي أباحه الشارع ﷺ وتخلى البائع عن الثمرة واستلام المشتري لها فإن قدر الله بجائحة
كجراد أو سيل أو آفة أخذت الثمرة فإنه في هذه الحالة تكون الثمرة في ضمان المشتري وحوزته وملكه فلذلك لا يجوز أن نقول
أنه يجب عليه أن يرد الثمن بعد أن أباحه له الشارع ﷺ وأنه يكون حرام عليه لو لم يرده لأن ذلك مستلزم لوقوع التناقض
في كلام الشارع ووقوع التناقض في كلام الشارع ﷺ ممتنع قطعاً لهذا يتبين أن الجائحة إذا كانت في البيع الذي حصل
بعد بدو الصلاح وقبض المشتري وتخلي البائع أن ذلك لا يمكن أن يتنزل عليه الحديث ولكن يتنـزل على ما إذا كان
البيع قد وقع فيه خلل أو نَقَصَ فيه شرط من هذه الشروط فإن لم يكن كذلك فالأمر بوضع الجوائح أمر
إرشاد لا إلزام وبالله التوفيق
--------
تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.
تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ
تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 4 ]
[ المجلد الرابع ]
رابط تحميل الكتاب :
http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam4.pdf
.
ام عادل السلفية
05-11-2015, 03:22AM
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام
للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -
[256]الحديث السادس :
عن عبدالله بن عباس رضي الله عنهما قال نهى رسول الله ﷺ أن تتلقى الركبان وأن يبيع حاضر لباد قال فقلت لابن عباس
ما قوله حاضر لباد ؟ قال لا يكون له سمساراً .
موضوع الحديث:
النهي عن تلقي الركبان وأن يبيع حاضر لباد
المفردات
تلقى الركبان :أي بأن تخرج من السوق لشراء السلع التي يقدمون بها قبل أن يعلمو ا سعر السوق
قوله وأن يبيع حاضر لباد : الحاضر هو الساكن في المدينة والبادي هو الساكن في البدو
ومعنى سمساراً : السمسار هو الذي يكون وسيطاً في البيع بين البائع والمشتري ويسمى دلالاً
المعنى الإجمالي
من حكمة الله عز وجل في شرعه أنه تارة يحمي مصلحة صاحب السلعة وتارة يحمي مصلحة المستهلك وقد جمع في هذا الحديث
بين الأمرين فالنهي عن تلقي الركبان حماية لمصلحة أصحاب السلع والنهي عن بيع الحاضر للباد حماية لمصلحة
المستهلك وبهذا يوافق هذا الحديث قول النبي ﷺ في الحديث الآخر (دعوا الناس يرزق الله بعضهم من بعض ) .
فقه الحديث
أولاً: قد تقدم الكلام عن تلقي الركبان من حيث الحكم وأنه للتحريم .
ثانياً: يؤخذ منه صحة البيع أو عدم صحته وقد سبق أن رجحنا صحة البيع وجعل الخيار للبائع إذا ورد السوق لما
في ذلك من الغرر مع إثم المتلقي .
ثالثاً: قوله وأن يبيع حاضر لباد وقد فسره ابن عباس بقوله لا يكون له سمساراً وذلك فيما إذا جاء الحاضر إلى هذا البدوي فقال
له دع السلعة عندي وأنا أبيعها لك مقطعة لأن في هذا إضرار بالمستهلكين وفيه نوع من الاحتكار لكن إذا جاء البدوي
وباع لنفسه بما يسره الله له من ثمن فإن ذلك يكون في مصلحة المستهلك فلله ما أعظم شرعنا ولا غرابة فهو منزل من عند الله
ومبلغه رسول الله ﷺ الذي قال الله في حقه ( وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلا وَحْيٌ يُوحَى ) [ النجم : 3،4 ]
--------
تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.
تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ
تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 4 ]
[ المجلد الرابع ]
رابط تحميل الكتاب :
http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam4.pdf
التصفية والتربية
TarbiaTasfia@
.
ام عادل السلفية
07-11-2015, 11:00PM
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام
للعلامة : احمد النجمي
-رحمه الله -
[257]الحديث السابع :
عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما قال نهى رسول الله ﷺ عن المزابنة أن يبيع ثمر حائطه إن كان نخلاً بتمر كيلاً
وإن كان كرماً أن يبيعه بزبيب كيلاً أو كان زرعاً أن يبيعه بكيل طعام . نهى عن ذلك كله .
موضوع الحديث:
النهي عن بيع الأخضر بيابس من جنسه لأن الأخضر غير معلوم فلذلك منع لكون أحدهما معلوم والآخر مجهول
المفردات
المزابنة : مأخوذة من الزبن وهو الدفع فكأن كل واحد منهما يريد أن يدفع صاحبه عن حقه وقد فسرت المزابنة وضربت
لها الأمثلة بما لا يدع مجالاً للشك أو الريبة والجهل
المعنى الإجمالي
نهى الشارع ﷺ عن المزابنة التي هي بيع ثمر أخضر بشيء من جنسه يابساً لأن الأخضر غير معلوم المقدار
وفي مثل هذا يحرم البيع إلا بالتساوي فكان هذا هو علة النهي
فقه الحديث
أولاً: يؤخذ من هذا الحديث تحريم المزابنة التي هي بيع ثمر أخضر بيابس من جنسه وإن اختلفت الأنواع والجنس
ما شمل أنواعاً والنوع ما شمل أشخاصاً وقد قال النبي ﷺ للرجل الذي استعمله على خيبر حين باع
صاعاً بصاعين أي صاعاً من الجيد بصاعين من الدون (بِعِ الْجَمْعَ بِالدَّرَاهِمِ ثُمَّ ابْتَعْ بِالدَّرَاهِمِ جَنِيبًا ) فبيع الجنس بجنسه لا يجوز
إلا متساوياً ويحرم إذا كان متفاضلاً ولو علم التفاضل وكانت الأنواع مختلفة في الجودة والنهي هنا أي في المزابنة
النهي عن البيع فيها لأنه بيع معلوم بمجهول والجهل بالتساوي كالعلم بالتفاضل
ثانياً: أنه يستفاد من هذا النهي تحريم هذا البيع فلا يجوز بيع الثمر على النخل بتمر يابس ولا بيع الثمر في الكرم
بزبيب يابس ولا بيع الثمر بالزرع بطعام يابس والعلة في ذلك كما تقدم عدم العلم بالتساوي وعدم العلم
بالتساوي أي الجهل بالتساوي كالعلم بالتفاضل ولا يستثنى من هذا الحكم إلا العرايا بشروطها
--------
تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.
تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ
تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 4 ]
[ المجلد الرابع ]
رابط تحميل الكتاب :
http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam4.pdf
.
ام عادل السلفية
07-11-2015, 11:06PM
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام
للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -
[258]الحديث الثامن :
عن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما قال نهى النبي ﷺ عن المخابرة والمحاقلة وعن المزابنة وعن بيع الثمرة
حتى يبدو صلاحها وألا تباع إلا بالدينار والدراهم إلا العرايا . المحاقلة بيع الحنطة في سنبلها بحنطة .
موضوع الحديث :
النهي عن المخابرة وما في معناها من بيع الزرع بعد بدو صلاحه بطعام أو تمر أو زبيب من جنس المبيع
المفردات
المخابرة : مأخوذة من الأرض الخبار وهي المحروثة التي تحرث لتزرع ومقصود بها هنا تأجير الأرض بشيء من
الثمرة وسيأتي بحث هذه المسألة في باب المساقاة والمزارعة
قوله والمحاقلة : المقصود بها بيع الحقل الذي قد بدا صلاحه بجنسه من الحب اليابس أما المزابنة
فقد تقدم شرحها
قوله وعن بيع الثمرة حتى يبدو صلاحها : قد تقدم الكلام فيه
قوله إلا العرايا : سيأتي تعريف العرايا وبحثه وفقهه
المعنى الإجمالي
نهى النبي ﷺ عن شيء من البيوع التي تتعلق بالثمار لما فيها من الضرر على جانب واحد أو على الجانبين
والشارع أعلم بالمصلحة وأعرف بالمضرة
فقه الحديث
أولاً: المخابرة فيها خلاف سيأتي بحثه في حديث رافع بن خديج كنا نكري الأرض على الماذيانات
وأقبال الجداول … الحديث
ثانياً: قوله والمحاقلة يؤخذ منه تحريم بيع الحقل وهو الزرع الذي عليه سنابله بطعام من جنسه يابساً والعلة في تحريمه
الجهل بالتساوي بين ما يكون على رؤوس الشجر وبين الطعام اليابس والجهل بالتساوي كالعلم بالتفاضل ولا يجوز بيع مجهول
بشيء من جنسه فلو أن لك قطعة من الأرض قد بدا صلاحها واشتد حبها فجاءك رجل وقال أنا أشتري
منك هذه القطعة بما فيها من حب وقصب بمائتي صاع مكيلة فإن هذا لا يجوز ولو بعت منه تلك القطعة بشيء من النقود اتفقتم
عليها فإن ذلك جائز ولهذا قال وأن لا تباع إلا بالدينار والدراهم إلا العرايا
ثالثاً: قوله وعن المزابنة قد تقدم الكلام عليها
رابعاً: قوله وعن بيع الثمرة حتى يبدو صلاحها قد تقدم بحث هذا الموضوع
خامساً: قوله وألا تباع إلا بالدينار والدراهم أي أنه لا يباع ثمر أخضر على رؤوس الشجر بمكيل من جنسه كما تقدم .
سادساً: قوله إلا العرايا استثنى بيع العرايا بخرصها وسيأتي بحث هذه المسألة
سابعاً : قوله المحاقلة بيع الحنطة في سنبلها بحنطة هذا تفسير لكلمة المحاقلة .
--------
تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.
تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ
تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 4 ]
[ المجلد الرابع ]
رابط تحميل الكتاب :
http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam4.pdf
.
ام عادل السلفية
07-11-2015, 11:11PM
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام
للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -
الحديث التاسع:
عن أبي مسعود الأنصاري رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ نهى عن ثمن الكلب ومهر البغي وحلوان الكاهن .
موضوع الحديث :
النهي عن ثمن هذه الثلاث لما فيها من الخبث والضرر على المسلمين باستعمال أعواض الجاهلية فيها
المفردات
مهر البغي : هو أجرها على استعمال بضعها حراماً وسمي ذلك مهراً تشبيهاً له بمهر النكاح بجامع أن كل واحد منهما أجراً
قوله البغي : البغي هي الزانية سميت بذلك لأن البغاء يزيدها رغبة والعياذ بالله فيما هي فيه إما رغبة في الأجر أو رغبة في
المتعة الجنسية أو كلاهما ومن رغب في الشيء بغاه
قوله وحلوان الكاهن : الحلوان هو ما يعطاه الكاهن أجراً على كهانته ولعله سمي حلواناً لأنه يأخذه بدون
مشقة والكاهن هو الذي يخبر عن المغيبات وخبره يكون فيه نوع من الإشارة لأن الشيطان الذي يسترق السمع إنما يعطي
إشارات لكونه لا يستطيع استيعاب الخبر ولهذا فإن النبي ﷺ لما قال لابن صياد ( إني قد خبأت لك
خبيئاً قال ابن صياد هو الدخ فقال إخسأ فلن تعدو قدرك ) .
وكان النبي ﷺ قد خبأ له سورة الدخان والكاهن يشمل من يدعي معرفة المغيبات ويشمل المنجم ومن يسمى
بالعراف وهي مهنة تنبني على الدجل والتضليل لابتزاز الأموال .
المعنى الإجمالي
نهى النبي ﷺ عن ثمن الكلب ومهر البغي وحلوان الكاهن ونهيه عن هذه الثلاثة الأشياء لأنها خبيثة وشيوعها
بين المسلمين خبث وأمر يرفضه الإسلام ويأباه وتـتـنـزه عنه المجتمعات الإسلامية لما فيه من الضرر والمخالفة للدين .
فقه الحديث
أولاً: يؤخذ من الحديث تحريم ثمن الكلب لأن الكلب نجس وثمنه خبيث وهو في الكلب العادي اتفاق بين العلماء
على تحريمه ثم إنهم اختلفوا في الكلب المعلم هل يجوز بيعه أم لا ؟ فالجمهور على عدم جواز بيعه
لأن الحديث الوارد في ذلك ضعيف جداً لأنه من رواية أبي المهزم بتشديد الزاي المكسورة التميمي البصري اسمه يزيد
وقيل عبدالرحمن بن سفيان متروك من الثالثة روى له أبو داود والترمذي وابن ماجه ت 8463 والحديث هو ما ورد في
النهي عن ثمن الكلب وزاد فيه إلا كلب صيد ) إلا أن هذه الزيادة ضعيفة لضعف راويها وقد ذكروا أن الاستثناء ثابت في القنية
وليس في البيع لحديث ( من اقتنى كلباً إلا كلب صيد أو ماشية نقص من أجره كل يوم قيراطان ) فالصحيح أن
استثناء كلب الصيد إنما هو في الاقتناء لا في البيع .
ثانياً: يؤخذ من قوله ومهر البغي تحريم مهر البغي أي أجرة زناها وقد كان أهل الجاهلية يشترون الجواري ليؤجروهن
للبغاء فلما أراد من أراد في أول الإسلام ذلك أنزل الله عز وجل ( وَلا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا لِتَبْتَغُوا عَرَضَ
الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ) الآية [ النور ال: 33] ويظهر أن خبث مهر البغي وحلوان الكاهن كان معروفا حتى عند أهل
الجاهلية فلقد ورد أن قريشاً لما عزموا على بناء الكعبة قالوا فيما بينهم لا تدخلوا فيها مالاً من ربا ولا مهر بغي ولا حلوان كاهن
ثالثاً: قوله وحلوان الكاهن يؤخذ منه تحريم ما يأخذه الكاهن على كهانته وأنه شيء خبيث وقبيح لا يجوز أكله وقد ورد
أن عائشة رضي الله عنها قالت ( كان لأبي بكر غلام يخرج له الخراج وكان أبو بكر يأكل من خراجه فجاء يوماً
بشيء فأكل منه أبو بكر فقال له الغلام أتدري ما هذا فقال أبو بكر وما هو قال كنت تكهنت لإنسان في الجاهلية وما أُحسِن
الكهانة إلا أني خدعته فلقيني فأعطاني بذلك فهذا الذي أكلت منه فأدخل أبو بكر يده في حلقه فقاء كل شيء في بطنه) .
وإن الكهانة عندما تشيع في المجتمعات الإسلامية شيوعها خطر على المسلمين وضرر عليهم لما يترتب على
ذلك من الإضرار بالآخرين ولقد بلغنا من ذلك شيئاً كثيراً لا يستطاع وصفه في هذه العجالة فقد يصاب الإنسان بسحر يجعل
حياته بؤساً وجحيماً يتمنى أن لو نزل عليه الموت ولم يقع في تلك الورطة التي حصلت له وإنا لله وإنا إليه راجعون .
--------
تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.
تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ
تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 4 ]
[ المجلد الرابع ]
رابط تحميل الكتاب :
http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam4.pdf
التصفية والتربية
TarbiaTasfia@
.
ام عادل السلفية
09-11-2015, 08:09AM
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام
للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -
[260]الحديث العاشر:
عن رافع بن خديج رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ قال ثمن الكلب خبيث ومهر البغي خبيث وكسب الحجام خبيث .
موضوع الحديث:
النهي عن ثمن الكلب ومهر البغي وكسب الحجام وهل الوصف بالخبث دليل على التحريم في كل الثلاث
هذا محل نظر كما سياتي
المفردات
ثمن الكلب : قيمته التي يباع بها
ومهر البغي : هي أجرة زناها
وكسب الحجام هي أجرته على حجامته وإطلاق وصف الخبيث على الجميع دال على أن هذه المكاسب مكاسب غير جائزة
المعنى الإجمالي
الشرع الإسلامي نقي في عقائده وعباداته ومعاملاته فالعقيدة لا بد أن تكون توقيفية أي مبنية على ما جاء في الشرع
ومقصوداً بها وجه الله والمعاملات لابد أن تكون نقية من الغش والخداع والغدر ومن كل ما يتصف بالقبح والخبث لذلك فإن
أحكام الشرع الإسلامي لا يوجد لها مثيل قط في هذا الكون إلا ما كان من الشرائع المتقدمة على أن شريعة
محمد ﷺ أعلاها وأزكاها وصلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم .
فقه الحديث
أولاً: يؤخذ من قوله ثمن الكلب خبيث أن الكلب لا يجوز بيعه ولا شرائه حتى ولو كان معلماً وما ورد في البيع بقوله
( إلا كلب صيد ) فإن هذا الاستثناء حكم عليه بالوهم أي على راويه بالوهم فإن الاستثناء ثابت في الإقتناء لا في البيع على
القول الصحيح .
ثانياً : وصف ثمن الكلب بالخبث يدل على تحريمه لأن الخبيث يقابل الطيب والله سبحانه وتعالى يقول (يَا أَيُّهَا النَّاسُ
كُلُوا مِمَّا فِي الأَرْضِ حَلالاً طَيِّبًا وَلا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ ) [ البقرة : 168 ] وإذا علم تحريمه فإنه يكون
محرماً بيعه وأخذه فيحرم على المشتري بذله وعلى البائع أخذه .
ثالثاً :يؤخذ من قوله ومهر البغي خبيث وقد علم أن مهر البغي هو أجرة زناها ووصفه بالخبث دال على تحريمه
لأنه جاء من طريق محرم ولقد تطابقت الشرائع على تحريم الزنا بل وحتى بعض أهل الجاهليات يعرفون ذلك ويتحاشونه
ويحتقرونه كما قد سبقت الإشارة إليه .
رابعاً :جاء وصف كسب الحجام بالخبث والخبث غالباً يدل على التحريم فما اتصف بالخبث فهو محرم لكن ورد في هذه المسألة
بالذات ما يدل على عدم التحريم وهو أن النبي ﷺ أعطى الحجام أجرته وهو دال على أن وصف الخبث
في كسب الحجام يدل على الكراهة فقط لا على التحريم وإذا أخرجنا كسب الحجام من التحريم لأن وصف الخبث
لم يبق على ظاهره بل عارضه ما صرفه عن التحريم إلى الكراهة فإذا قلنا بهذا في كسب الحجام فلا يجوز أن نقول
فيه ما نقوله فيما سواه مما لم يعارضه شيء وبالله التوفيق .
--------
تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.
تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ
تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 4 ]
[ المجلد الرابع ]
رابط تحميل الكتاب :
http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam4.pdf
.
ام عادل السلفية
12-11-2015, 01:58AM
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام
للعلامة : احمد النجمي
-رحمه الله -
باب بيع العرايا وغير ذلك
[261]الحديث الأول :
عن زيد بن ثابت رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ رخص لصاحب العرية أن يبيعها بخرصها .
ولمسلم بخرصها تمراً يأكلونها رطباً .
موضوع الحديث :
جواز بيع الرطب على رؤوس النخل وهو مخصوص من بيع المزابنة المنهي عنها للعلل التي ستأتي
المفردات
العرية : هي النخلة أو النخلات تمنح من صاحب البستان للفقير لكي يتفكه بها عند حصول الفاكهة وسميت عرية
لأنها عريت عن البستان أي انفردت عنه .
بخرصها :الخرص هو التقدير بأن تقدر الثمرة على رؤوس النخل بما يساوي ذلك تمراً إذا يبس
قوله يأكلونها رطباً : هذا بيان للعلة التي من أجلها أبيح بيع العرايا
المعنى الإجمالي
لما كان بيع المزابنة وهو بيع التمر على رؤوس الشجر بشيء من جنسه يابساً لما كان ذلك محرماً أباح الله عز وجل
على لسان رسوله ﷺ بيع العرايا للعلل التي ستأتي
فقه الحديث
أولاً: يؤخذ من الحديث جواز بيع العرايا بشروطها وهي :
الشرط الأول: لوجود العلة المبيحة لذلك والعلة إما أن تكون لحاجة المعار أو تكون لحاجة المعير فأما حاجة المعار فهو
أن يكون الفقير له حاجة على التفكه بالرطب مع سائر الناس ويعطيه جاره الغني نخلة أو نخلات بشرط ألا يتجاوز خرصها
خمسة أوسق أو أن يكون دون خمسة أوسق ثم يتأذى المانح من دخول أولاد الممنوح فإذا تأذى المانح من الدخول
في بستانه خوفاً من التخريب فيه جاز عند ذلك أن يبيع الممنوح ثمر الذي منحه بخرصه تمراً
الحالة الثانية : أن يكون الممنوح يرى أن الرطب لا ينفع لأن الرطب سريع الهضم فإذا أكله العيال أفنوه بسرعة فهو يريد
تمراً يابساً لأن ذلك يكون نافعاً في النفقة لوقت أطول
الحالة الثالثة : أن يكون المشتري للرطب على رؤوس النخل غني ولكن ليس عنده نخل وعنده تمر من نفقة أهله
وليست عنده نقود يشتري بها ويريد أن يشتري لعياله نخلة أو نخلتين يأخذونها بالتدريج رطباً يتفكهون بها مع الناس
فيشتريها بخرصها تمراً .
الشرط الثاني : أن تكون النخلات المبيعة لا يتجاوز خرصها خمسة أوسق أو لا يصل إليها . الشرط الثالث: أن لا يجد
المشتري نقوداً يشتري بها فإن وجد نقوداً لم يجز هذا البيع في حقه الشرط الرابع :أن يبيعها بخرصها تمراً ويكون الخرص
من قبل أهل النخل المتخصصين فيه
الشرط الخامس: وجوب التقابض في المجلس ولا يجوز أن يتفرقا وبينهما شيء وإلا كان ربا نسيئة إذا علم هذا فإنه
متى توفرت هذه الشروط جاز بيع العرايا وإن نقص منها شيء بطل البيع .
أما بيع الرطب برطب كلاهما على الأرض أو على رؤوس الشجر فإن هذا لا يجوز على القول الصحيح فإن كان كلاهما
موجودين على الأرض جاز بيع أحدهما بالآخر كيلاً بكيل أو وزناً بوزن يداً بيد كما هو معلوم في سائر المكيلات
أو الموزونات سواء كانا من نوع واحد أو من أنواع مختلفة وإن كانا من نوعين مختلفين فإما أن يتراضيا على بيع الجيد بالرديء
وزناً بوزن وكيلاً بكيل وإلا فليبع صاحب الرديء رطبه ويشتري منالجيد كما قال النبي ﷺ للرجل الذي استعمله على
خيبر ( بِعِ الْجَمْعَ بِالدَّرَاهِمِ ثُمَّ ابْتَعْ بِالدَّرَاهِمِ جَنِيبًا)
ثانياً : أما بيع اليابس بالأخضر أي الرطب بالتمر فهو لا يجوز بحال إلا بالشروط المذكورة للعلل المذكورة
وبدون ذلك يكون من بيع المزابنة المحرم .
ثالثاً : وقد اختلف أهل العلم هل يقاس على العرايا غيرها من الأجناس التي يحتاج الناس فيها إلى التفكه عند مجيء
ثمرتها فأجاز ذلك قوم للعلة في العنب والزبيب خاصة وبعضهم قال إذا وجدت العلة جاز مطلقاً ومنع البعض الآخر قائلين
أنه من المعلوم أن الرخص تكون خاصة بما هي فيه ولا يقاس عليها غيرها وبالله التوفيق
--------
تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.
تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ
تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 4 ]
[ المجلد الرابع ]
رابط تحميل الكتاب :
http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam4.pdf
.
ام عادل السلفية
12-11-2015, 02:03AM
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام
للعلامة : احمد النجمي
-رحمه الله -
[262]الحديث الثاني :
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ رخص في بيع العرايا في خمسة أوسق أو دون خمسة أوسق .
قد تقدم شرحه في الحديث الأول ( حديث زيد بن ثابت )
[263]الحديث الثالث :
عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله ﷺ قال ( من باع نخلاً قد أبرت فثمرها للبائع إلا أن يشترط المبتاع )
ولمسلم ( ومن ابتاع عبداً فماله للذي باعه إلا أن يشترط المبتاع )
موضوع الحديث :
أن ثمرة النخل المؤبر إذا بيع تكون للبائع والعكس بالعكس وكذلك إذا بيع العبد فماله لبائعه إلا أن يشترط المبتاع .
المفردات
نخلاً قد أبرت : من التأبير وهو اللقاح وذلك بأن يشقق طلع الأنثى ويَذُرُّ عليه من طلع الذكر
قوله إلا أن يشترط المبتاع : إلا أداة استثناء و ما بعدها مستثنى أي ما اشترط المشتري أن تكون الثمرة له وإن أبرت وجب
العمل على الشرط متى تراضيا عليه والمراد بالمبتاع المشتري
قوله ومن ابتاع عبداً : أي اشتراه فماله للذي باعه إلا أن يشترط المبتاع
المعنى الإجمالي
للشريعة الإسلامية محاسن عظيمة لأنها شريعة كاملة ترعى الحقوق وتعطي كل صاحب حق حقه وقد روعي في هذا الحديث
حق التأبير للبائع وألحق به الثمرة لكونه قد باشر سببها وهو التأبير إلا أنه متى اشترط المبتاع أن تكون الثمرة له وإن كانت
النخل قد أبرت وقبل البائع ذلك فهما على ما اشترطا وكذلك من ابتاع عبداً فإن ماله لبائعه إلا أن يشترط المبتاع .
فقه الحديث
أولاً: يؤخذ من هذا الحديث أنه يجوز البيع بعد التأبير وقبله
ثانياً : أن من باع نخلاً قد أبرت أي قد عمل لها التلقيح الذي يفعله أهل النخل فإن ثمرها للبائع
ثالثاً : يؤخذ من الاستثناء أنه إذا اشترط المبتاع في البيع بعد التأبير أن تكون الثمرة له وقبل البائع ذلك فإنهما على ما تشارطا عليه
رابعاً : يؤخذ من هذا الحديث أيضاً أنه يقاس البذر على التأبير فإذا باع أرضاً قد بذرها فإن ثمرها للبائع إلا أن يشترطه المشتري
خامساً :إذا كانت هذه الأرض مما يحصد مرات فإنه يكون للبائع الحصدة الأولى وهي التي تسمى الجادّة في جهتنا
أما الخلف وهي الجزة الثانية فهي تكون للمشتري لكيلا يشغل ملكه بما هو لغيره وقتاً أطول
سادساً : ويقاس على هذا أن الجارية إذا بيعت وهي حامل فإن الحمل للبائع إلا أن يشترط المبتاع أي المشتري أن يكون ذلك له .
سابعاً : يرى بعض أهل العلم أنه إذا بيع العبد أو بيعت الجارية فإنه يلحق به ثياب المهنة دون ثياب الزينة أما ثياب
الزينة فهي للبائع إلا أن يشترطها المبتاع
ثامناً : يؤخذ من رواية مسلم أن من ابتاع عبداً له مال فماله لبائعه إلا أن يشترط المبتاع ويقبل البائع ذلك
تاسعاً : أخذ مالك من هذا الحديث أن العبد يملك والظاهر أن العبد لا يملك إلا ما ملّكه له سيده
عاشراً : ذكر ابن الأمير الصنعاني أن الطحاوي احتج بحديث الباب على جواز بيع الثمرة قبل بدو صلاحها وتعقبه البيهقي أنه
يستدل بالشيء على ما ورد فيه حتى إذا جاء ما ورد فيه استدل بغيره عليه كذلك فيستدل بجواز بيع الثمرة
قبل بدو صلاحها بحديث التأبير ولا يعمل بحديث التأبير وتعقبه العيني
وأقول :إن الاستدلال بحديث التأبير على جواز
بيع الثمرة قبل بدو صلاحها استدلال باطل لأن الشارع نهى عن بيع الثمرة قبل بدو صلاحها نهياً خاصاً أما إلحاق
النخل المؤبر بالمشتري وجعل ثمره من حقوق البائع إلا أن يشترط المبتاع فهذا له شأن آخر وقياس ذلك عليه لا يجوز لأمور
الأمر الأول : أن الفارق بين بيع الثمرة قبل بدو صلاحها وإلحاق ثمر النخل المؤبر بالبائع فارق كبير فبيع الثمرة مقصود به
الثمرة عينها أما إلحاق ثمر النخل المؤبر والزرع المبذور بالزارع والمؤبر فهو إلحاق له بأصل الملك .
الأمر الثاني : أن المالك باشر هذا السبب في وقت ما كان ملكه له فلحوقه له بسبب الملك الأول .
الأمر الثالث : أن بيع الثمرة قبل بدو صلاحها مقصود لذاته كما سبق وليس له ما يلتحق به أما إلحاق ثمر النخل المؤبر
بالبائع فهو إلحاق له بالملك الأصلي والسبب المباح وقد قال أصحاب أصول الفقه يجوز تبعاً ما لا يجوز
استقلالاً فتبين أن الفارق بين المسألتين فارق عظيم ومن ألحق إحداهما بالأخرى فإنه قد أخطأ وبالله التوفيق .
--------
تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.
تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ
تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 4 ]
[ المجلد الرابع ]
رابط تحميل الكتاب :
http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam4.pdf
.
ام عادل السلفية
12-11-2015, 02:08AM
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام
للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -
[264]الحديث الرابع :
عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله ﷺ قال ( من ابتاع طعاماً فلا يبعه حتى يستوفيه )
وفي لفظ (حتى يقبضه )
وعن ابن عباس مثله
موضوع الحديث :
النهي عن بيع الطعام قبل قبضه
المفردات
حتى يستوفيه وفي لفظ حتى يقبضه : الاستيفاء هو القبض وقد يقال أن الاستيفاء فيما كان مكيلاً أو موزوناً أو
مذروعاً أو معدوداً والقبض فيما يكون بخلاف ذلك بأن ينقله من مكانه إلى مكان آخر
المعنى الإجمالي
نهى الشارع عن بيع الطعام قبل قبضه واستيفائه حسماً للخلافات التي ربما تحصل بين الناس بسبب البيع قبل
القبض وخروجاً من شبهة الربا .
فقه الحديث
أولاً : فرق مالك بين ما إذا كان في المبيع حق التوفية على ما دل عليه الحديث ولا يختص ذلك عند الشافعي
بالطعام بل جميع المبيعات لا يجوز بيعها قبل قبضها عنده سواء كان عقاراً أو غيره وأبو حنيفة يجيز بيع العقار قبل القبض
ويمنع غيره وأقول الخلاف بين مالك والشافعي أن مالكاً اعتبر الاستيفاء كافٍ والشافعي قال لا بد من الاستيفاء والقبض معاً
والحق أنه إذا كان الاستيفاء قبضاً فإنه يجوز فيه البيع مثال ذلك فيما إذا كان الكيل في أوعية المشتري
فإنه في هذه الحالة يعد استيفاءً وقبضاً وقول الشافعي أنه لا يختص بالمكيلات والموزونات بل هو سار في كل شيء
ولو كان عقاراً وهو القول الصحيح الذي يؤيده الدليل ولكن القبض في كل شيء بحسبه فقبض العقارات بقبض صك المبايعة
ومفاتيح الدار ووضع اليد عليها بعد رفع يد البائع عنها والمكيلات يكون قبضها بكيلها وقد جاء في الحديث
الذي رواه جَابِرٍ رضي الله عنه قَالَ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَيْعِ الطَّعَامِ حَتَّى يَجْرِيَ فِيهِ الصَّاعَانِ صَاعُ الْبَائِعِ
وَصَاعُ الْمُشْتَرِي ) أما الأشياء المعدودة كالكراتين والأكياس وما يباع معدوداً كالبطيخ والحبحب وما إلى ذلك فقبضه
يكون بعده للمشتري وأخذ المشتري له بعد العد ، يعد قبضاً ويخرج عن ذلك شيئان
1- إذا كان الموهوب أو المباع قابضاً للهبة من قبل البيع أو قبل الهبة فإنه حينئذ لا يحتاج إلى قبض آخر مثال ذلك ما
ورد عن ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ ﷺ فِي سَفَرٍ فَكُنْتُ عَلَى بَكْرٍ صَعْبٍ لِعُمَرَ فَكَانَ يَغْلِبُنِي
فَيَتَقَدَّمُ أَمَامَ الْقَوْمِ فَيَزْجُرُهُ عُمَرُ وَيَرُدُّهُ ثُمَّ يَتَقَدَّمُ فَيَزْجُرُهُ عُمَرُ وَيَرُدُّهُ فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ لِعُمَرَ بِعْنِيهِ قَالَ هُوَ لَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ بِعْنِيهِ
فَبَاعَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ _ فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ هُوَ لَكَ يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ تَصْنَعُ بِهِ مَا شِئْتَ )
2- كذلك لو اشترى عبداً ثم اعتقه قبل أن يقبضه فإن الشرع يبيح هذا العتق ويعتبره واقعاً لأن العتق يرغب فيه
الشرع ويجوز إخراج العبد عن ملك سيده بالعتق حتى ولو لم يكن قبضه قبض غيره كما أنه ينفذ العتق ولو كان بصفة
هزلية ويوجب سريان العتق إذا كان المعتق قد اعتق شقصاً له من ذلك العبد فإنه يجعل العتق سارياً في جميع الرقبة على حساب
المعتق إن كان غنياً وبالله التوفيق .
--------
تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.
تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ
تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 4 ]
[ المجلد الرابع ]
رابط تحميل الكتاب :
http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam4.pdf
التصفية والتربية
TarbiaTasfia@
.
ام عادل السلفية
13-11-2015, 07:30AM
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام
للعلامة : احمد النجمي
-رحمه الله -
[265]الحديث الخامس :
عن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما أنه سمع رسول الله ﷺ يقول عام الفتح ( إن الله ورسوله حرم بيع الخمر والميته
والخنزير والأصنام فقيل يا رسول الله أرأيت شحوم الميتة فإنه يطلى بها السفن ويدهن بها الجلود ويستصبح بها الناس فقال لا هو حرام ثم
قال رسول الله ﷺ عند ذلك قاتل الله اليهود إن الله لما حرم عليهم شحومها جملوه ثم باعوه فأكلوا ثمنه )
. قال جملوه أذابوه
موضوع الحديث :
تحريم بيع ما حرم أكله أو شربه لنجاسته وتحريم بيع الأصنام على هيئتها
المفردات
الخمر : ما خامر العقل أي غطاه حتى لا يعرف شاربه المشرق من المغرب
والميتة هي : ما ماتت من الحيوانات حتف
أنفها أي بدون ذكاة
أما الخنزير : فهو حيوان خبيث حرم الله أكله لما ينشأ عنه من الخلائق السيئة
أما الأصنام : فهي التماثيل من الخشب أو الحجارة أو غيرهما وهي التي تمثل على شكل الآلهة التي يعبدونها
قوله أرأيت شحوم الميتة : استفهام عن الحكم بعد التعليل
قوله فإنه يطلى بها السفن: هذا تعليل يقصد منه هل يكون مؤثراً في الحكم تأثير إباحة
قوله ويدهن بها الجلود ويستصبح بها الناس : هاتان الجملتان معطوفتان على الجملة التي قبلها
قوله فقال لا : الضمير في قال يعود على رسول الله _ ولا نهي أو نفي للحكم المتوهم
وقوله هو حرام : هذه الجملة تأكيد لما تفيده لا ثم قال رسول الله ﷺ عند ذلك قاتل الله اليهود : هذا دعاء عليهم إن
الله لما حرم عليهم شحومها أي شحوم بهيمة الأنعام وذلك أن الله عز وجل حرم الشحوم على بني إسرائيل
جملوه : أي أذابوه
قوله ثم باعوه فأكلوا ثمنه : أي آل بهم الأمر إلى أنهم أكلوا ثمن ما حرم عليهم
المعنى الإجمالي
سئل رسول الله ﷺ حين قال إن الله ورسوله حرم بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام فسألوه عن المنافع
غير الأكل فقال لا هو حرام ثم قال قاتل الله اليهود عندما حرم الله عليهم الشحوم عملوا الحيلة لبيع ما أذابوه منها فذموا على
استعمالهم تلك الحيلة ليأكلوا بها ما حرم الله عز وجل .
فقه الحديث
أولاً: يؤخذ من هذا الحديث تحريم بيع الخمر والميتة والخنزير لما فيهما من الضرر والمعصية لله تعالى
ثانياً : يؤخذ منه أنه لا يجوز بيع الأصنام بحالتها الراهنة أي وهي باقية على شكلها
ثالثاً: لما كانت الأصنام من مواد طاهرة وإنما حرمت لما طرأ عليها من جعلها تماثيل لمعبودات الوثنيين فإنه لو كانت الأصنام
من الخشب فكسرت وبيعت حطباً فإنه في هذه الحالة يجوز بيعها لأنها قد تحولت عما كانت عليه وهذا حكي فيه الاتفاق
رابعاً : الميتة نجسة بصريح الآية واتفاق العلماء والخنزير حرام بالإجماع للنص عليه لكن هل حرمت الخمر لنجاستها أو
لما ينشأ عن شربها من ضياع العقل وتسكيره حتى يعود صاحبه لا عقل له فلما كان الخمر متردد تحريمه بين
هاتين العلتين اختلف فيه أهل العلم هل هو نجس وهل أن التحريم تلازمه النجاسة فذهب قوم إلى أن التحريم تلازمه النجاسة
وذهب قوم إلى أنه لا تلازمه النجاسة واستدلوا بأنه قد يكون التخدير أو التسكير طبيعة في شيء من النباتات
كالحشيش والهيروين وغيرهما وإذا كان الأمر كذلك فإن التحريم لما يترتب على شربه أو أكله وليس للنجاسة بل إن الشجر الذي
تؤخذ منه هذه المادة طاهر باتفاق ومثل ذلك أيضاً الحَشَر الذي يستعمل في الشيشة فإن شجره طاهر أيضاً باتفاق
لهذا فقد تبين بأن التحريم لا تلازمه النجاسة بل قد يكون الشيء محرماً أكله أو شربه وهو طاهر في نفسه وإنما حرم أكله وشربه
لما يترتب عليه من تخدير العقل وتسكيره
خامساً: لما حرمت الخمر وأمر النبي ﷺ بإراقتها وكان فيها مال أيتام فأريق ذلك المال وكان بعد الإراقة
التي ساحت في شوارع المدينة لا بد أن يطأ فيها الناس فلما لم ينههم النبي ﷺ عن الوطأ فيها وهي مراقة ولم يأمر من
وطأ فيها أن يغسل ما أصابه منها دل هذا على أنها طاهرة وليست بنجسة .
سادساً: لما سأل الصحابة رسول الله ﷺ عن الانتفاع بهذه الأشياء التي هي الخمر والميتة فسألوه عن الميتة
لأنه تطلى بها السفن وتدهن بها الجلود ويستصبح بها الناس فسألوه عن ذلك ملتمسين الحكم لعله أن تكون هذه المنافع التي
هي غير الأكل والشرب مؤثرة في جواز استعمالها قال النبي ﷺ لا وأكد ذلك بقوله هو حرام
سابعاً : هل يؤخذ من هذا أن من ماتت له بهيمة فاستعمل شحومها للاستصباح أو لطلي السفن هل يكون ذلك مباحاً هذا
محل نظر فإن وجد الإجماع وصح على جواز ذلك إذا لم يكن فيه بيع دل على أن التحريم إنما هو من أجل ما يؤول إليه من البيع
وعلى هذا فيمكن أن نقول أن النبي ﷺ لما ذكر اليهود عند ذلك وذمهم بجمل الشحوم وبيعها وأكل ثمنها كان ذلك
دال على أن التحريم إنما هو للبيع وأكل الثمن وليس لمطلق الانتفاع
ثامناً : ولقد أباح النبي ﷺ أخذ جلد الميتة ودبغه والانتفاع به وقال إنما حرم أكلها فدل ذلك على أن التحريم إنما هو للبيع
الذي يؤدي إلى أكل الثمن حين قال ﷺ ( قاتل الله اليهود إن الله لما حرم عليهم الشحوم جملوه ثم باعوه وأكلوا ثمنه .
تاسعاً : يؤخذ من هذا الحديث أيضاً تحريم الذرائع التي توصل إلى الحرام كما حصل لليهود وبالله التوفيق .
--------
تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.
تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ
تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 4 ]
[ المجلد الرابع ]
رابط تحميل الكتاب :
http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam4.pdf
.
ام عادل السلفية
14-11-2015, 05:22AM
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام
للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -
[باب السلم]
[266] الحديث الأول :
عن عبدالله بن عباس رضي الله عنهما قال قدم رسول الله المدينة وهم يسلفون في الثمار السنة والسنتين والثلاث فقال :
من أسلف في شيء فليسلف في كيل معلوم ووزن معلوم إلى أجل معلوم ) .
موضوع الحديث :
السلم وما يصح به من شروط تكون مؤثرة في الصحة وعدمها مؤثر في عدم الصحة
المفردات
السلم : مأخوذ من تسليم الثمن في الحال وتأجيل السلعة إلى أجل محدد أما اسم السلف فهو مأخوذ من التقديم بأن يقدم
الثمن ويؤجل السلعة ومن ذلك قول النبي ﷺ في دعاء دخول المقبرة ( السَّلامُ عَلَيْكُمْ يَا أَهْلَ الْقُبُورِ يَغْفِرُ اللَّهُ لَنَا وَلَكُمْ أَنْتُمْ
سَلَفُنَا وَنَحْنُ بِالأَثَرِ ) أي أنتم متقدمون ونحن بالأثر بعدكم وكلا اللغتين صحيح .
وحقيقة السلم تقديم الثمن وتأخير السلعة وعكسه تقديم السلعة وتأخير الثمن .
المعنى الإجمالي
لما قدم النبي ﷺ المدينة وجدهم يسلفون في الثمار إلى آجال مختلفة بعضها سنة وبعضها سنتين وبعضها
ثلاث سنين فأقر النبي ﷺ السلم وجعل له شرائط تضبطه بقوله ( من أسلف فليسلف في كيل معلوم ووزن
معلوم إلى أجل معلوم )
فقه الحديث
أولاً : جواز السلم وقد حكي الاتفاق على جوازه من حيث الجملة للأدلة الآتية الدليل الأول قوله تعالى
( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ ) [ البقرة : 282 ] والدليل الثاني من السنة فهو هذا الحديث
وأما الإجماع فهو ما حكاه علماء هذه الأمة قديماً وحديثاً أن الأمة أجمعت على جواز السلم بالشروط المذكورة في الحديث .
ثانياً : السلم جائز بشروط
1- أن يكون مضبوط المقدار والضبط في كل شيء بحسبه فما كان مكيلاً فضابطه الكيل وينبغي أن يُعرف المكيال الذي
يكال به إن كان هناك اختلاف في المكاييل أما إن كان العرف جار على مكيال واحد فلا يلزم التعيين
وما كان موزوناً فضابطه الوزن وما كان معدوداً فضابطه العد وما كان مذروعاً فضابطه الذرع وقد نبه النبي ﷺ
على الضابط بالكيل والوزن .
2- من شروط السلم أن يكون المبيع موصوفاً في الذمة إذاً فكل ما لم يكن موصوفاً فإنه لا يصح السلم فيه
3- اشترطوا فيما كان معدوداً أن يكون مستوي الأحجام ومنعوا ما يكون مختلف الأحجام اختلافاً فاحشاً كالحبحب
مثلاً فإنه قد يكون حجمه صغير كيلو فأقل وقد تصل الحبحبة الواحدة أحياناً إلى خمسة عشر كيلو فمثل هذا لا ينبغي أن يكون
السلم فيه إلا بوصف يضبطه أو يكون متقارب الأحجام .
4- من شروط السلم ذكر الأجل بأن يكون الأجل معيناً بزمنه ومكانه .
5- من شروط السلم أن يذكر محل التسليم بحيث أن يكون مسلماً في مكان كذا
6- أن يكون الأجل يجوز فيه أن يكون له وقع في الثمن كشهرين أو ثلاثة أو سنة أو سنتين
7- أنه يشترط أن يكون المسلم إليه واجداً للسلعة قبل الأجل فإن وجود السلعة يجب توفره عند الأجل .
ثالثاً : اختلف أهل العلم في عكس السلم بأن يبيع سلعة بثمن مؤجل هل يجوز له الزيادة على الثمن المعروف
في حال البيع أو لا يجوز ؟ فذهب الجمهور إلى الجواز ومن أدلتهم قول الله تعالى ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ
إِلَى أَجَلٍ مُسَمّىً فَاكْتُبُوهُ ) ومن أدلتهم أيضاً أن السلم لا يرتبط بسعر الزمن الذي حصل العقد فيه بل يكون بحسب ما يتفقان
عليه المسلم والمسلم إليه وكما أنه لا يشترط فيه أن يكون مرتبطاً بسعر وقته فكذلك البيع إلى أجل أيضاً لا يشترط
أن يكون البيع مرتبطاً بسعر وقت العقد ومما استدل به على جواز ذلك ما ثبت في الصحيحين أن النبي _ مات ودرعه
مرهونة عند يهودي في ثلاثين صاعاً من شعير اشتراها نفقة لأهله ) واليهود معروفون بجشعهم فلا يعطوا النبي
ﷺ إلا بسعر أكثر من سعر يومه و أيضاً حديث حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ قَالَ ( أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ _ أسأله يَأْتِينِي الرَّجُلُ يَسْأَلُنِي مِنْ
الْبَيْعِ مَا لَيْسَ عِنْدِي أَبْتَاعُ لَهُ مِنْ السُّوقِ ثُمَّ أَبِيعُهُ قَالَ لا تَبِعْ مَا لَيْسَ عِنْدَكَ ) وذهب قوم إلى أنه لا تجوز الزيادة وإلى
ذلك ذهبت الزيدية وبعض أهل السنة مستدلين بحديث أسامة بن زيد ( لا ربا إلا في النسيئة) وهذا الحديث تأوله الشافعي بأنه كان
لسؤال عن شيئين يجوز فيهما التفاضل ويحرم النسأ فأجابه النبي ﷺ بقوله ( لا ربا إلا في النسيئة )
رابعاً :اختلفوا في السلم الحال هل هو جائز أو ممنوع فمنعه مالك وأبو حنيفة وأجازه بعضهم إلا أن قول النبي ﷺ
إلى أجل معلوم دال على أنه لا بد أن يكون فيه أجل له وقع في الثمن وبالله التوفيق .
--------
تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.
تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ
تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 4 ]
[ المجلد الرابع ]
رابط تحميل الكتاب :
http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam4.pdf
.
ام عادل السلفية
15-11-2015, 05:04AM
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام
للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -
باب الشروط في البيع
[267]الحديث الأول :
عن عائشة رضي الله عنها قالت : جاءتني بريرة فقالت كاتبت أهلي على تسع أواق في كل عام أوقية فأعينيني فقلت : إن أحب أهلك أن أعدّها لهم وولاءك لي فعلت فذهبت بريرة إلى أهلها فقالت لهم فأبوا عليها فجاءت من عندهم ورسول الله ﷺ جالس فقالت إني عرضت ذلك على أهلي فأبوا إلا أن يكون لهم الولاء فأخبرت عائشة النبي ﷺ فقال خذيها واشترطي لهم الولاء فإنما الولاء لمن أعتق ففعلت عائشة ثم قام رسول الله ﷺ في الناس فحمد الله وأثنى عليه ثم قال أما بعد فما بال رجال يشترطون شروطاً ليست في كتاب الله كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل وإن كان مائة شرط قضاء الله أحق وشرط الله أوثق وإنما الولاء لمن أعتق ) .
موضوع الحديث :
الشروط الجائزة والممنوعة
المفردات
كاتبت أهلي : المكاتبة هي عقد بين السيد وعبده وعرفوها بأنها تعليق عتق بصفة على معاوضة مخصوصة
قولها على تسع أواق : أواق جمع أوقية والأوقية هي أربعون درهماً وهي تساوي عشرة ريالات باعتبار أن الدرهم ربع ريال سعودي .
قولها في كل عام أوقية : أي منجمة على تسع سنين أي مقسطة
قولها فأعينيني : طلبت الإعانة من عائشة رضي الله عنها
فقلت : القائلة عائشة إن أحب أهلك : أي أسيادك أن أعدها لهم أي أنقدهم إياها أي أعطيهم الآن نقداً وولاءك لي فعلت أي بأن يكون ولاءك لي
فذهبت بريرة إلى أهلها لتشاورهم فأبوا عليها : أي منعوا إلا أن يكون الولاء لهم
فجاءت من عندهم ورسول الله ﷺ جالس : الواو واو الحال فقالت إني عرضت ذلك أي بالشرط الذي تشترطينه على أهلي فأبوا أي امتنعوا من العتق على أن يكون الولاء لعائشة رضي الله عنها إلا أن يكون الولاء لهم فأخبرت عائشة رضي الله عنها النبي ﷺ فقال خذيها أي اشتريها واشترطي لهم الولاء أي إقبلي شرطهم فإن شرطهم باطل لذلك فإن وجوده كعدمه
قوله فإنما الولاء لمن أعتق : أي لمن دفع الثمن وأعطى الورق وسمح بالعتق بناءً على ذلك
ثم قام رسول الله ﷺ في الناس أي خطيباً فحمد الله وأثنى عليه يعني وأثنى عليه خيراً بذكر ما له من الصفات العلى والأسماء الحسنى
قوله فما بال رجال : أي ما شأنهم ولم يشترطون شروطاً ليست في كتاب الله أي في شرعه كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل أي غير معمول به لبطلانه
قوله وإن كان مائة شرط : يعني وإن أُكد بتأكيدات
قضاء الله أحق : أي حكمه وشرعه أحق بالتنفيذ
وشرط الله أوثق : أي أوثق من الشروط التي يشترطها الناس مخالفة لكتاب الله عز وجل
وإنما الولاء لمن أعتق : إنما أداة حصر والولاء مبتدأ ولمن أعتق خبر أي إنما الولاء في شرع الله مستحق لمن أعتق .
المعنى الإجمالي
هذه القصة مضمونها أن أهل بريرة رضي الله عنها بعد أن كاتبوها على تسع أواق منجمة أي مقسطة وجاءت تستعين عائشة رضي الله عنها فأرادت عائشة رضي الله عنها أن تعطيهم الثمن المؤجل معجلاً وتعتقها على شرط أن يكون الولاء لها فأبوا إلا أن يكون الولاء لهم فعند ذلك أمرها النبي ﷺ أن تقبل هذا الشرط الذي وجوده كعدمه فقبلت واشترتها واعتقتها بناءً على ذلك لكن ذلك الشرط هدم بإنكار الشارع له لأنه خلاف شرع الله وقضاءه وقضاء الله أن الولاء لمن دفع الثمن وأعطى الورق والله سبحانه وتعالى يقول ( إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ) [ النحل : 90 ] وليس من العدل أن تعطي عائشة رضي الله عنها الثمن وتعتق ويكون الولاء لغيرها وبالله التوفيق .
فقه الحديث
أولاً : يؤخذ من قولها كاتبت أهلي مشروعية المكاتبة وقد أمر الله عز وجل بها في قوله ( وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ ) [ النور : 33 ].
ثانياً :الكتابة مستحبة وليست بواجبة وإلى ذلك ذهب الجمهور وحملوا الأمر على أنه أمر إرشاد لا أمر إيجاب .
ثالثاً : يؤخذ من الآية أن استحباب الموافقة على الكتابة تكون معلقة بما إذا علم عن العبد صلاحاً وكسباً وهذا هو القول الصحيح
رابعاً : الكتابة منجمة غالباً أي مقسطة .
خامساً : يؤخذ من قولها في كل عام أوقية أن التقسيط يجوز أن يكون بالأعوام وأن يكون بالأشهر
سادساً : أن العبد لا يكون حراً إلا إذا أكمل قيمة نفسه التي كاتب عليها سيده
سابعاً : اختلف أهل العلم في جواز بيع المكاتب فبعضهم أجاز وبعضهم منع فإن كان البيع مقصود للعتق كما في قصة بريرة فالأظهر الجواز وإن كان البيع مقصود به غير ذلك فالظاهر أنه مكروه أما أن نقول أنه محرم فلا والكراهة تنبني على أمرين . الأمر الأول : أنه يعتبر تخلفاً من سيده وهذا التخلف مذموم
الأمر الثاني : قد جاء في الحديث (عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ الْمُكَاتَبُ عَبْدٌ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ مِنْ مُكَاتَبَتِهِ دِرْهَمٌ ) إذا فنحن نقول أن الوفاء بهذا العقد بين السيد وعبده إما أن يكون واجباً وإما أن يكون مستحباً والعدول عنه يكون مكروهاً .
ثامناً : يؤخذ من قولها فأعينيني جواز الاستعانة ممن حصل له سبب يوجب الاستعانة كهذا وكذلك من أصابت ماله جائحة وكذلك من تحمل ديوناً
تاسعاً : قول عائشة فإن أحب أهلك أن أعدّها لهم وولاءك لي فعلت يؤخذ منه أن عائشة رضي الله عنها استعدت بدفع مال المكاتبة على شرط العتق .
عاشراً : الصحيح أنها ابتاعت بريرة ولم تبتع الكتابة
الحادي عشر : امتناع أهل بريرة من الموافقة على بيعها إلا بشرط أن يكون لهم الولاء يُعدّ وضعاً للشيء في غير محله واشتراطاً لشرط باطل .
الثاني عشر : في قول النبي ﷺ خذيها واشترطي لهم الولاء يؤخذ من هذا أن النبي ﷺ أمرها بأن تشتريها وأن تقبل هذا الشرط الذي اشترطوه .
الثالث عشر : في قوله وإنما الولاء لمن أعتق إخبار أن ذلك الشرط لاغٍ لأنه مخالف لكتاب الله عز وجل وشرعه
الرابع عشر :قد اعترض على هذه العبارة بأن فيها إشكال واضح لا يتلائم مع مقام النبوة وذلك أن أمره لعائشة رضي الله عنها بأن تقبل ذلك الشرط مع أنه باطل ربما يقال أن فيه شيء من الخداع الذي يتنافى مع مقام النبوة
الخامس عشر : قد أُجيب عن هذا بأجوبة غير منتهضة .
وأقول الصواب في نظري أن النبي ﷺ أولاً : أباح لها أن تقبل هذا الشرط نظراً لأنه شرط باطل ووجوده كعدمه وثانياً : أنه لو أظهر لهم ذلك أولاً لمنعوا من العتق والعتق مقصود للشرع مرغب فيه والحث عليه كثير فلذلك أمر عائشة أن تقبل هذا الشرط مع أنه غير صحيح حتى يتم عتق بريرة وأخيراً يجب أن يعتقد كل مكلف أن النبي ﷺ لا يقول إلا حق ولا يفعل إلا ما هو حق فلا يجوز أن يتطرق هذا الاحتمال إلى مقام النبوة أبداً ، وثالثاً :أن قبول عائشة رضي الله عنها لهذا الشرط ثم إظهار بطلانه من النبي ﷺ في الخطبة أشد وقعاً حتى يعرفه كل من سمع ذلك أن مثل هذا الشرط باطل وبالله التوفيق .
السادس عشر : يؤخذ من فعله ﷺ وهو أنه بعد ذلك قام خطيباً وأعلن الحكم أن مثل هذه الأمور ينبغي إعلانها ليترتب على ذلك معرفة الناس بالأحكام الشرعية .
السابع عشر : يؤخذ من قولها فحمد الله وأثنى عليه أن الخطبة لا بد أن تبدأ بحمد الله والثناء عليه
الثامن عشر : الثناء على الله هو مدحه بما له من المحامد والكمالات التي لا تنبغي إلا له .
التاسع عشر : في قوله أما بعد يؤخذ منه مشروعية هذه الكلمة ليفصل بها بين مقدمة الخطبة والمقصود الذي يريد أن يدخل فيه .
العشرون :يؤخذ من قوله ما بال رجال يشترطون شروطاً أن من أنكر شيئاً من المناكر ينبغي له أن يُكني ولا يصرح وهو أن يقول ما بال أقوام يفعلون كذا ولا يقول ما بال فلان أو آل فلان يفعلون كذا .
الحادي والعشرون : يؤخذ من قوله يشترطون شروطاً ليست في كتاب الله ربما قيل أين هذا الشرط من كتاب الله نقول إن الشرط في كتاب الله بإقامة العدل بين عباده في قوله (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى) [ النحل : 90 ]
الثاني والعشرون : أن هذه القصة داخلة في العدل بإعطاء الحقوق لمستحقيها ومن أعطى الورق ودفع المال وأعتق فهو المستحق للولاء ولا يجوز أن يأخذه غيره ممن لم يفعل شيئاً من ذلك
الثالث والعشرون :قوله كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل يؤخذ من هذا أن كل شرط لا يؤيده كتاب الله ودينه وشرعه فهو باطل وإن كان مائة شرط
الرابع والعشرون : يؤخذ من قوله وإن كان مائة شرط جواز المبالغة
الخامس والعشرون : يؤخذ من قوله قضاء الله أحق وشرط الله أوثق وإنما الولاء لمن أعتق أنه يجوز السجع الذي يظهر به الحق ويكون غير متكلف
السادس والعشرون : أنه يجوز مكاتبة الأَمة المزوجة بمملوك مثلها .
السابع والعشرون : أن الأمة إذا عتقت تحت عبد خيرت بين البقاء تحته أو فسخ النكاح كما حصل لبريرة
الثامن والعشرون : أنها إذا اختارت نفسها خرجت من حكم الزوجية وانفسخ النكاح بينهما
التاسع والعشرون : أنها إذا اختارت زوجها ثم أرادت الفسخ لم تمكن منه
الثلاثون : أنها يجب أن تخير بذلك كما أخبر النبي ﷺ بريرة قبل التخيير .
--------
تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.
تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ
تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 4 ]
[ المجلد الرابع ]
رابط تحميل الكتاب :
http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam4.pdf
التصفية والتربية
TarbiaTasfia@
.
ام عادل السلفية
23-11-2015, 01:11PM
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام
للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -
[268]الحديث الثاني :
عن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما أنه كان يسير على جمل فأعيى فأراد أن يسيبه فلحقني النبي ﷺ فدعا لي وضربه فسار سيراً لم يسر مثله ثم قال بعنيه بوقية قلت لا ثم قال بعنيه فبعته بأوقية واستثنيت حملانه إلى أهلي فلما بلغت أتيته بالجمل فنقدني ثمنه ثم رجعت فأرسل في أثري فقال أتراني ماكستك لآخذ جملك ؟ خذ جملك ودراهمك فهو لك .
موضوع الحديث :
الشرط الجائز في البيع
المفردات
أنه كان يسير على جمل فأعيى : المراد بالعي العجز والضعف عن أن يسير مع القافلة .
قوله فأراد أن يسيبه : أي يتركه
قال فلحقني النبي ﷺ :في هذا إلتفات من ضمير الغيبة إلى ضمير التحدث عن النفس
قوله فدعا لي : من الدعوة التي هي الدعاء
وضربه : الضمير يعود على الجمل أي ضرب الجمل فسار سيراً لم يسر مثله : النفي هنا كأنه نفي لحصول سير يساوي سيره ذلك فيما سبق
قوله بعنيه :هذا طلب من النبي ﷺ أن يبيعه منه
بوقية : الوقية هي أربعون درهماً
قلت لا ثم قال بعنيه فبعته بوقية واستثنيت حملانه إلى أهلي : أي اشترطت على النبي ﷺ أن أتبلغ عليه إلى أهلي في المدينة فقبل النبي ﷺ هذا الشرط .
فلما بلغت :أي وصلت إلى أهلي أتيته بالجمل أي تنفيذاً للاتفاق بيني وبينه
فنقدني ثمنه : أي أعطاني الأوقية التي بعته بها
ثم رجعت فأرسل في أثري :أي بعدي مباشرة ويحتمل أن يكون في إثري لكن الرواية الأولى لعلها هي الأصح والإثر والأثر متقاربان فإن الرسول ﷺ كأنه تتبع أثره فقال أتُراني بضم التاء أي تظنني وتحسبني
ماكستك :المماكسة هي المكالمة بالنقص من الثمن لآخذ جملك خذ جملك ودراهمك فهو لك تفضل عليه بإعطائه الجمل والدراهم .
المعنى الإجمالي
بينما كان جابر بن عبدالله رضي الله عنهما في غزوة من الغزوات يسير على جمل له فأعيى ذلك الجمل أي ظهر عليه العجز وعدم القدرة على السير مع القافلة فأراد صاحبه (جابر ) أن يسيبه أي يتركه لغلبة الظن على صاحبه أنه لا فائدة في بقائه معه فبينما هو كذلك لحقه النبي ﷺ وضرب الجمل فسار سيراً لم يسر مثله وتلك معجزة من معجزاته ﷺ ثم طلب منه أن يبيعه إياه فأبى أولاً ثم وافق بعد ذلك لكنه استثنى حُملانه إلى أهله في المدينة فوافق النبي ﷺ على ذلك فلما بلغ أتاه بالجمل فأعطاه ثمنه فرجع وترك الجمل عنده وإذا به يرسل في أثره قائلاً أتُراني ماكستك لآخذ جملك أي ناقصتك في البيع لآخذ جملك خذ جملك ودراهمك فهو لك .
فقه الحديث
أولاً : يؤخذ منه جواز التسييب للدابة التي لم يبق فيها فائدة وذلك بإقرار النبي ﷺ وعدم نهيه عن ذلك
ثانياً : لم يكن التسييب على ما كان يعتقده أهل الجاهلية في السائبة ولكن لغلبة الظن على أن الجمل لا يستفاد منه فيما بعد .
ثالثاً : دعاء النبي ﷺ لجابر رضي الله عنه يظهر أنه دعاء قصد منه النبي ﷺ تطييب خاطره وجبر ما في نفسه من ذلك المأزق الذي كاد يقع فيه لولا ما يسره الله له من رحمة النبي ﷺ وعطفه عليه .
رابعاً : في قوله وضربه فسار سيراً لم يسر مثله الضرب من النبي ﷺ تحول بركة في حق جابر وجمله فسار سيراً ما كان يسيره وهذه هي المعجزة الظاهرة .
خامساً : يؤخذ من قوله بعنيه بوقية أنه يجوز مبايعة من لم يعرض سلعته للبيع .
سادساً : قوله لا يحتمل أنه امتناع من البيع ويحتمل أنه امتناع من الثمن
سابعاً : قول النبي ﷺ بعنيه مرة أخرى تأكيد من النبي ﷺ بطلب البيع .
ثامناً : فيه دليل على جواز تكرار المبايعة لمن لم يعرض سلعته للبيع .
تاسعاً : في قوله فبعته الفاء هنا رابطة بين طلب البيع والموافقة عليه أو سببيه أي بسبب تكرير النبي ﷺ بعته وبأوقية كما طلب .
عاشراً : يؤخذ من قوله واستثنيت حملانه إلى أهلي جواز الاستثناء إذا كان معلوماً وهذا استثناء للمنفعة ولم يكن استثناء لبعض الشيء المبيع
الحادي عشر : أن هذا لا يتنافى مع حديث النهي عن الثنيا فالثنيا المنهي عنها هي ما لم تكن معلومة بأن كانت عائمة في المبيع فمن قال بعتك هذا القطيع من الغنم واستثنيت واحدة منه فإنه لا يجوز ذلك إلا أن ينصص على الشاة المستثناه وإن استثنى منفعة فلا بد أن تكون تلك المنفعة معلومة بمقدارها وثمنها فالنهي إنما يكون عن ثنيا غير معلومة وإذا فلا تعارض .
الثاني عشر : أن هذا الاستثناء كان شرطاً في البيع وكان إنشاؤه مع إنشاء العقد ولم يتم العقد إلا به وقد أنكر بعض الفقهاء مثل هذا ولكن سلكوا في سبيل تخريجه والاعتذار عن وقوعه مسالك شتى مع العلم أن حديث جابر رضي الله عنه أقوى من حديث النهي عن بيع وشرط وقد قال الصنعاني رحمه الله بعد ما ذكر بعض تلك المسالك التي سلكوها في الاعتذار عن هذا الحديث والأخذ به فقال ( وقوى الحافظ ابن حجر كونه وعداً حل محل الشرط كما نقله عن الإسماعيلي قلت والقول للصنعاني
وهذا كله وفاءً بحق المذاهب وإلا فقوله ﷺ إلا أن يكون معلوماً في حديث الثنيا واضح في صحة هذا الشرط وأمثاله ) أهـ فدل أن تلك التكلفات التي تكلفوها في زعمهم المعارضة من هذا الحديث لحديث النهي عن الثنيا أو لحديث النهي عن بيع وشرط والصواب أن النهي إنما هو عن الثنيا المجهولة والشرط الذي يتعارض مع البيع أو ينافيه ويضاده أما ما لم يكن كذلك فليس فيه معارضة له علماً بأن حديث جابر أصح من تلك الأحاديث التي عارضوا بها رحمنا الله وإياهم
الثالث عشر :يؤخذ من قوله أتراني ماكستك لآخذ جملك خذ جملك ودراهمك فهو لك يؤخذ من هذا تفضل النبي ﷺ على أصحابه ومكارم خلقه وسخائه وكرمه الذي جعل الدنيا عنده لا تساوي شيئاً فصلوات الله وسلامه عليه القائل ( مَا لِي وَمَا لِلدُّنْيَا مَا أَنَا فِي الدُّنْيَا إِلا كَرَاكِبٍ اسْتَظَلَّ تَحْتَ شَجَرَةٍ ثُمَّ رَاحَ وَتَرَكَهَا ) .
الرابع عشر : أن الاستثناء إنما يكون صحيحاً بشروط :-
الشرط الأول : أن يكون الاستثناء من عين المبيع معيناً كاستثناء شاة من قطيع الغنم واستثناء نخلة من نخيل البستان فهذا لا يصح إلا أن يكون المستثنى معروفاً
الشرط الثاني : أن يكون الاستثناء من منفعة المبيع معيناً أيضاً ومبيناً كاستثناء سكنى الدار مدة معلومة واستثناء ركوب الدابة أو السيارة إلى موضع معين .
الشرط الثالث : أن هذا الشرط لا يصح إلا إذا كان في ذات المبيع أو منفعته أما أن يكون الاستثناء في غير المبيع فهذا لا يجوز ويكون مما نهي عنه في حديث ( النهي عن بيع وشرط ) وبالله التوفيق
--------
تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.
تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ
تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 4 ]
[ المجلد الرابع ]
رابط تحميل الكتاب :
http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam4.pdf
ام عادل السلفية
23-11-2015, 01:16PM
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام
للعلامة : احمد النجمي
-رحمه الله -
[269]الحديث الثالث :
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال نهى رسول الله ﷺ أن يبيع حاضر لباد ولا تناجشوا ولا يبع الرجل على بيع أخيه ولا يخطب على خطبة أخيه ولا تسأل المرأة طلاق أختها لتكفئ ما في صحفتها .
موضوع الحديث:
النهي عن بيوع لما فيها من الضرر على الفرد أو المجتمع وعن اشتراط المخطوبة طلاق الزوجة قبلها
المفردات
الحاضر : هو صاحب الحضر وهو الساكن في المدينة والقرية
والباد : هو ساكن البادية
ولا تناجشوا : تقدم تعريف النجش وأنه الزيادة في الثمن ليوقع فيه غيره
ولا يبع على بيع أخيه : قد تقدم أيضاً وهل المقصود به مجرد السوم أو النهي عن بيع الرجل على بيع أخيه بعد تمام العقد
قوله ولا يخطب على خطبة أخيه : الخطبة بالكسر هو طلب النكاح وبالضم خطبة الجمعة هكذا قرر ابن دقيق العيد رحمه الله
قوله ولا تسأل المرأة طلاق أختها : أي تطلبه وتشترطه والمراد بأختها : هي أختها في الإسلام
لتكفئ ما في صحفتها : أي لتفرغ ما في صحفتها وتمنع عنها الرزق الذي ساقه الله لها
المعنى الإجمالي
نهى النبي ﷺ عن الثلاثة البيوع المذكورة في هذا الحديث منعاً للغرر والخداع وحسماً لأسباب التباغض بين أمة محمد ﷺ ويلتحق بذلك نهيه عن الخطبة على الخطبة ونهي المرأة أن تشترط على الخاطب طلاق زوجته الأولى لتكفأ ما في صحفتها من الرزق وتمنع عنها ما قد ساقه الله لها
فقه الحديث
أولاً: يؤخذ من هذا الحديث النهي عن بيع الحاضر للباد والتناجش وبيع الرجل على بيع أخيه وهذه قد تقدم فقهها.
ثانياً : يؤخذ من قوله ولا يخطب على خطبة أخيه تحريم خطبة المسلم على خطبة أخيه وذلك بعد التراكن أي بعد أن يقبل الخاطب وتركن المخطوبة إليه ويركن إليها .
ثالثاً : خصوا النهي بهذه الحالة لما قد ورد مما يدل على جواز الخطبة على الخطبة قبل القبول فمن ذلك حديث فاطمة بنت قيس أنها لما انتهت من عدتها جاءت إلى النبي ﷺ تستشيره فقالت إن أبا جهم ومعاوية خطباني فقال النبي ﷺ (أَمَّا أَبُو جَهْمٍ فَلا يَضَعُ عَصَاهُ عَنْ عَاتِقِهِ وَأَمَّا مُعَاوِيَةُ فَصُعْلُوكٌ لا مَالَ لَهُ انْكِحِي أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ ) فإقرار النبي ﷺ فاطمة بنت قيس على كون أبي جهم ومعاوية خطباها ولم تقبل واحداً منهما حتى تلك اللحظة وإقرار الخطبة على الخطبة دال على أن المنع يختص بمن قد قبل .
أما لو أرسل هذا وأرسل هذا ولم يقبل أحد منهما فإنه لا مانع حينئذ من أن تقبل غير الخاطبين الأولين كما أشار النبي ﷺ على فاطمة بنت قيس بقوله ( ولكن أنكحي أسامة ) فدل على أن النهي مختص بمن قد قبل
رابعاً :أخذ من قوله ولا يخطب على خطبة أخيه أنه يجوز خطبة المسلم على خطبة الكافر نظراً لأن النهي إنما هو أن يخطب على خطبة أخيه المسلم والكافر ليس كذلك .
وأقول :أن الكافر ممنوع من تزوج المسلمة لقوله تعالى (وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً )[ النساء : 141 ] ولكن يتصور هذا فيما إذا خطب كتابي ومسلم كتابية.
خامساً :أخذ بعض الفقهاء من هذا النهي أنه لو خطب على خطبة أخيه المسلم لم يصح عقد النكاح وبه قال داود وعن مالك روايتان ذكرهما الصنعاني في العدة وذهب الجمهور إلى أن العقد لا يفسد ولا يفسخ وإن كان الخاطب على الخطبة عاصياً وهذا هو الحق إن شاء الله .
سادساً : ذكر الصنعاني أن هناك وجه للمالكية أن النهي في حق المتقاربين في الديانة أما إذا كان الخاطب الأول فاسقاً ولآخر صالحاً فلا يندرج تحت النهي أما مذهب الشافعي رحمه الله فهو صحة العقد وعدم فسخه .
سابعاً :قال الصنعاني أقول لأنه لا يسمى الفاسق للمؤمن أخاً فإنه تعالى قال ( إنما المؤمنون إخوة ) ومن فسق فليس بمؤمن وهذا يناسب رأي المعتزلة القائلين بالمنزلة بين المنزلتين .
وأقول : الله سبحانه وتعالى قد أثبت الأخوة بين المسلمين المقتتلين فقال في سورة الحجرات حين ذكر اقتتال المؤمنين بعضهم مع بعض وأمر بالإصلاح بينهم فقال تعالى ( إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ ) [ الحجرات : 10 ] فأثبت الأخوة بين المتقاتلين وقد سمى ذلك في الحديث كفراً حين قال
( سِبَابُ الْمُسْلِمِ فُسُوقٌ وَقِتَالُهُ كُفْرٌ ) ولكن ذلك متأول بأنه من كفر النعمة وهو من الكفر دون كفر وكذلك هو يعتبر من الفسق ولا يخرج عن مسمى الإيمان إلا عند الخوارج والمعتزلة ومن يقول بقولهم ممن يكفر بالكبيرة وعلى هذا فإن الاخوة ثابتة بينهما أي بين الخاطب الأول والثاني ولكن النظر إلى المصلحة ربما يقال أن الفاسق يجب أن يطرد وأن يقدم الصالح فمثلاً من عرف بشرب الخمر إذا ألقيت المرأة في حجره أوقعها فيما هو فيه فينبغي أن تقدم هذه المصلحة . أقول ذلك برأي ولا أقصد مخالفة الحديث ولكن نظراً لجلب المصلحة للمرأة الضعيفة بإعطائها للرجل الصالح ودفعاً للمفسدة المتوقعة من تزويجها بالفاسق .
ويؤيد ما قلته ما جاء في الحديث عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ ( إِذَا أَتَاكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ خُلُقَهُ وَدِينَهُ فَزَوِّجُوهُ إِلا تَفْعَلُوا تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ وَفَسَادٌ عَرِيضٌ ) لكن هل يدخل فيه المنع بعد الموافقة ؟ الجواب نعم نظراً للمصلحة وبالله التوفيق .
ثامناً : يؤخذ من قوله ولا تسأل المرأة طلاق أختها لتكفأ ما في صحفتها أنه يحرم على المرأة المخطوبة أن تشترط على الخاطب طلاق زوجته القديمة لأنه ظلم لها ومنع لما قد ساقه الله إليها من الرزق
تاسعاً : إذا اشترطت المرأة هذا الشرط وقبله الزوج ثم امتنع بعد زواجه بالمرأة المشترطة فهل يُلزم بالوفاء بهذا الشرط أولا يُلزم ؟ هذا محل خلاف بين أهل العلم والذي أعلمه أن الجمهور من العلماء يرون عدم لزوم هذا الشرط وفي رواية عن الإمام أحمد رحمه الله وهي المشهورة في فقه الحنابلة أن الزوج إذا قبل ذلك لزمه إنفاذه لقوله ﷺ ( أَحَقُّ الشُّرُوطِ أَنْ تُوفُوا بِهِ مَا اسْتَحْلَلْتُمْ بِهِ الْفُرُوجَ ) .
--------
تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.
تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ
تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 4 ]
[ المجلد الرابع ]
رابط تحميل الكتاب :
http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam4.pdf
ام عادل السلفية
23-11-2015, 01:23PM
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام
للعلامة : احمد النجمي
-رحمه الله -
باب الربا والصرف
[270]الحديث الأول :
عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : قال رسول الله ﷺ الذهب بالورق رباً إلا هاء وهاء والبر بالبر رباً إلا هاء وهاء والشعير بالشعير رباً إلا هاء وهاء .
موضوع الحديث :
تحريم الربا
المفردات
الربا :مأخوذ من ربى الشيء بمعنى زاد ومن ذلك قوله تعالى ( وَمِنْ آيَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى الأَرْضَ خَاشِعَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ ) [ فصلت : 39 ]
أما تعريف الربا شرعاً : فهو زيادة مخصوصة في شيء مخصوص دل عليه كتاب الله أو سنة رسوله ﷺ
والصرف : هو التحويل وهو أن تحول عملة إلى عملة أخرى أو بيع نقدٍ بنقدٍ آخر .
قوله الذهب بالورق : المراد بالورق هنا الفضة مطلقاً
رباً: أي محرم بيع بعضها ببعض وهو يعتبر من الربا الذي حرمه الله
إلا هاء وهاء : معنى هاء هاك أي خذ ويقول الآخر خذ ومحصل ذلك أنه إذا لم يحصل فيه التقابض في الحال دخل في الربا بكون أحدهما مقبوضاً والآخر مؤجلاً
قوله والبر بالبر رباً: البر جنس يدخل فيه أنواع . إلا هاء وهاء أي بأن يحصل التقابض بين البائعين في المجلس والشعير بالشعير ربا إلا هاء وهاء هكذا هو أيضاً من بيع الجنس بجنسه والشعير جنس يدخل تحته أنواع إلا هاء وهاء أي هاك وهاك .
المعنى الإجمالي
أخبر النبي ﷺ في هذ الحديث أن الذهب لا يباع بالورق إلا إذا كان المبيعان حاضرين ويحصل بينهما التقابض في الحال وكذلك البر بالبر والشعير بالشعير وفي الجملة الأولى بيع جنس بآخر تشملهما علة واحدة وفي الجملتين الأخيرتين بيع بعض الجنس بجنسه وأن ذلك يكون رباً إلا إذا لم يحصل التقابض
فقه الحديث
أولاً :يؤخذ من هذا الحديث تحريم بيع الذهب بالورق أحدهما حاضر والآخر مؤجل ومعلوم أن الذهب جنس والورق وهو الفضة جنس وأنه لا يجوز بيع أحدهما بآخر إلا أن يكونا حاضرين يتم التقابض فيهما في المجلس ومن هنا نعلم أن بيع الجنس بغير جنسه مما يشترك معه في العلة كالذهب بالورق حيث أن العلة فيهما واحدة وهي إما النقدية وإما الوزن وأن ما كان كذلك يجوز فيه التفاضل ويحرم النسأ فيجوز أن تبيع عشرة مثاقيل من الذهب بعشرين مثقالاً من الفضة فيكون أحدهما فاضلاً والآخر مفضولاً إلا أنه يحرم النسيئة في ذلك وهي التأجيل فتبين أن بيع الجنس بغير جنسه مما يشترك معه في العلة يجوز فيه التفاضل كما مثلنا ويحرم النسأ وهو التأجيل ومثل ذلك بيع البر بالشعير والتمر بالملح إذ أن العلة التي جمعت بين جنسين هي الكيل عند قوم أو ما يعبر عنه بالطعم عند قوم أو الادخار عند قوم فليعلم هذا .
ثانياً : يؤخذ من قوله والبر بالبر رباً إلا هاء وهاء والشعير بالشعير رباً إلا هاء وهاء أن بيع الجنس بجنسه بأن يكون نوع منها بنوع آخر فهذا يحرم فيه شيئان التفاضل والنسأ كما سيأتي في حديث أبي سعيد وكما سيأتي في حديث أبي سعيد الآخر في قصة بلال ومن ذلك يتبين أن بيع الجنس بجنسه يحرم فيه شيئان يحرم فيه التفاضل وإن كان أحد النوعين فاضلاً والآخر مفضولاً كالبرني والجمع من التمر وكذلك بعض الأنواع ببعض من البر فلا يجوز بينهما التفاضل ولا يجوز فيهما النسأ ومثل ذلك الذهب إذا اختلفت أنواعه وهكذا كما سيأتي توضيحه أيضاً في الأحاديث التي بعد هذا وبالله التوفيق .
--------
تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.
تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ
تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 4 ]
[ المجلد الرابع ]
رابط تحميل الكتاب :
http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam4.pdf
ام عادل السلفية
23-11-2015, 01:29PM
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام
للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -
[271]الحديث الثاني :
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ قال لا تبيعوا الذهب بالذهب إلا مثلاً بمثل ولا تشفوا بعضها على بعض ولا تبيعوا الورق بالورق إلا مثلاً بمثل ولا تشفوا بعضها على بعض ولا تبيعوا منها غائباً بناجز .
وفي لفظ إلا يداً بيد . وفي لفظ إلا وزناً بوزن مثلاً بمثل سواء بسواء
موضوع الحديث :
تحريم الربا وبيان بعض أنواعه
المفردات
تشفوا : أي تفضلوا وتزيدوا
غائباً بناجز :أي مؤجلاً بحال
قوله وفي لفظ إلا يداً بيد : هذا يراد منه التقابض يداً بيد أي أنا أقبض منك بيدي وأنت تقبض مني بيدك
وفي لفظ إلا وزناً بوزن مثلاً بمثل سواء بسواء : هذا كله تأكيد يقصد منه وجوب التساوي وتحريم التأجيل وهو التأخير عن التسليم في المجلس .
المعنى الإجمالي
في هذا الحديث التحذير من الزيادة في بيع الذهب بالذهب وكذلك الورق بالورق وأن يكون أحدهما غائباً والآخر حاضراً .
فقه الحديث
يؤخذ من الحديث
أولاً : تحريم التفاضل في بيع الجنس بجنسه والتأكيد على التساوي والتقابض وسيأتي مزيد بيان لما يتعلق بالحديث من المسائل الفقهية .
--------
تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.
تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ
تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 4 ]
[ المجلد الرابع ]
رابط تحميل الكتاب :
http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam4.pdf
ام عادل السلفية
23-11-2015, 01:38PM
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام
للعلامة : احمد النجمي
-رحمه الله -
[272]الحديث الثالث :
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال جاء بلال إلى رسول الله ﷺ بتمر برني فقال له النبي ﷺ من أين هذا ؟ قال بلال كان عندنا تمر رديء فبعت منه صاعين بصاع ليطعم النبي ﷺ فقال النبي ﷺ عند ذلك أوه أوه عين الربا عين الربا لا تفعل ولكن إذا أردت أن تشتري فبع التمر ببيع آخر ثم اشتر به .
موضوع الحديث :
تحريم ربا الفضل فيما إذا اتحد الجنس واختلف النوع
المفردات
قوله بتمر برني : نوع من أنواع التمر جيد
قوله كان عندنا تمر رديء وفي رواية جمع فبعت منه صاعين بصاع ليطعم النبي ﷺ : فسرت الرداءة بالرواية الأخرى وهو أن الجمع نوع رديء من التمر
قوله أوّه أوّه : قال الأمير الصنعاني قال أهل اللغة هي كلمة توجع وتحزن وهي بفتح الهمزة وواو مفتوحة مشددة وهاء ساكنة وفيها لغات هذه أصحها . قلت : هذه الكلمة تنطق عندنا بضم الواو ويقصد بها الاحتقار كأنه يقول لم تصنع شيئاً ولعلها تأتي بالمعنيين .
قوله عين الربا : أي ما فعلته هو عين الربا الذي نهى الله عنه في القرآن وتوعد عليه بالنار والتكرار يراد به التأكيد والإفهام
قوله لا تفعل : هذا نهي عن الوقوع في مثل هذا ولكن إذا أردت أن تشتري فبع التمر ببيع آخر ثم اشتر به
المعنى الإجمالي
جاء بلال رضي الله عنه إلى النبي ﷺ بتمر جيد وما كان يعهده ﷺ عندهم فسأل بلالاً عن مصدره فأخبره أنه باع صاعين من التمر الذي عندهم بصاع من هذا الجيد لكي يطعم النبي ﷺ ذلك التمر الجيد فأرشده ﷺ إلى الطريقة التي يعملها حتى لا يقع في الربا وأنه يبيع ما عنده من التمر ثم يشتري بالثمن التمر الذي يريد .
فقه الحديث
أولاً : يؤخذ من هذا الحديث تحريم بيع الجنس بجنسه متفاضلاً فالرديء تمر والجيد تمر ولكن الجيد مرغوب فيه والرديء مزهود فيه فلا يمكن مبادلة بعضه ببعض متساوياً لأن النفوس تشح فصاحب التمر الجيد يشح بأن يبادل به في تمر رديء متساوياً فأخبر النبي ﷺ بلالاً بأنه يبيع الرديء بثمن ثم يشتري بالثمن ما شاء وهذه هي الطريقة للتخلص من الوقوع في الربا
واعلم أن الربويات تنحصر في ثلاثة أقسام وهي :
القسم الأول : بيع الجنس بجنسه مع اتحاد النوع أو اختلافه وهذا يمثل له بحديثنا هذا وهو يحرم فيه التفاضل والنسأ فلا يجوز أن يباع الجنس بجنسه متفاضلاً حالاً ولا نسيئة
القسم الثاني : أن يختلف المبيعان في الجنس ويتحدا في العلة كالذهب والفضة والبر والتمر والشعير والملح وما أشبه ذلك فالذهب والفضة جنسان مختلفان في الجنس ومتحدان في العلة فيجوز أن تبيع كيلو من الذهب بأربعة كيلو من الفضة إذا كان قد حصل بين البائعين التقابض في المجلس .
القسم الثالث :أن يختلف المبيعان في الجنس والعلة كالتمر بالورق أو بالذهب فهنا يجوز التفاضل ويجوز النسأ علماً بأن العلة في الذهب والفضة الوزن عند قوم والنقدية عند قوم آخرين والعلة في البر والشعير والتمر والملح هو الكيل عند قوم والاقتيات عند قوم آخرين والادخار عند قوم آخرين أيضاً وهنا حصل الاختلاف بين أهل العلم في القياس على المنصوص عليه فمن قال العلة في البر والشعير والتمر الكيل قاس ما كان مكيلاً ومن قال العلة الاقتيات قاس ما كان مقتاتاً كالذرة والدخن والأرز وما أشبه ذلك .
ومن قال أن العلة فيما ذكر هو الادخار ولو لم يكن مقتاتاً قاس عليه ما كان مدخراً كالسدر والحنّا والقشر وما إلى ذلك وللعلماء في هذه المسائل اختلاف كثير كما أن بعضهم يقتصر على ما ذكر في الحديث وهي الستة الأنواع الذهب والفضة والبر والشعير والتمر والملح والبعض الآخر قاس بنوع من المشابهة كما عرفتم وأن كل قوم قاسوا بحسب ما رجحوه باجتهادهم أو متابعة إمامهم ومذهبهم وعلى هذا فإن ما اختلف فيه الجنس والعلة لا يدخل فيه الربا أصلاً كما سبق أن أشار الصنعاني رحمه الله إلى هذه المسألة واستدل عليها بعد أن استشكلها استدل على جواز النسيئة في بيع ما اختلف جنساً وعلة بأن النبي ﷺ مات ودرعه مرهونة عند يهودي في ثلاثين صاعاً من شعير أخذها ﷺ قوتاً لأهله فدل على أنه يجوز بيع ما اختلف في الجنس والعلة تفاضلاً ونسئاً ولا يدخل فيه الربا .
ثانياً : يدخل تحت عموم هذا الحديث بيع الذهب بالذهب فإنه يحرم فيه التفاضل ويحرم فيه النسأ وما أكثر ما يقع الناس في هذا فتجد أن باعة الذهب يذهب الواحد منهم إلى الذين يبيعون الذهب بالكيلوات فيشتري منهم كمية كبيرة مثلاً بأربعة مليون ريال يدفع لهم منها مليونين ويؤخر مليونين إلى أن يبيع وقد صدرت فتوى في هذه المسالة بأنها حرام وأنها ربا ولكن قاتل الله الهوى كذلك أيضاً هذا الذي يشتري الكمية يأتي إلى مكانه فيأتيه الذي يريد الزواج فيعطيه عشرة آلاف مثلاً ويقول له أعطني ذهباً بخمسة وعشرين ألفاً أدفع لك العشرة الآلاف وأقسط لك خمسة عشر ألفاً وهذا أيضاً من الربا الواضح ومثل ذلك من يريد أن يبدل ذهب زوجته بذهب جديد واعتاد أصحاب الترف أنهم في نهاية كل سنة يغيرون الذهب فيذهب بالكمية التي معه ويعطيها بائع الذهب بقيمة أدنى ويشتري منه بقيمة أعلى ويحسم قيمة الذهب الملبوس ثم يكمل عليه وهذا كله محرم وأكثر الناس واقعون فيه إذ أن الكثير منهم لا ينظر إلى التحريم والتحليل وإنما ينظر إلى تمشية حاله فقط وأذكر أنه جرى حوار بيني وبين أحد المشائخ الخريجين من كلية الشريعة وأخبرت عن آخر أيضاً وهو خريج من كلية الشريعة يفعل ذلك فنهيتهم عن ذلك الأمر لأنه من الربا الواضح فلم يصدقوني
فكتبت سؤالاً لهيئة كبار العلماء بواسطة رئيسهم في ذلك الزمن الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله وذلك قبل ما يقارب عشرين سنة وذكرت فيه ما يقع فيه هؤلاء فأجابت هيئة كبار العلماء بأن هذا هو الربا المحرم وقد وزعت الفتوى في ذلك الوقت بعد أن صورت تلك الفتوى وزعت كثيراً منها على كثير من المساجد فنسأل الله للناس الهداية وإنه ليؤسف لهذا الأمر أن تجد ممن يتسمون بالعلم ويحملون الشهادة العليا في الشريعة يقعون في ذلك غير مبالين فإذا عذر العامة في الجهل بذلك على فرض وإلا فإنهم لا يعذرون ما دام أهل العلم عندهم فكيف يعذر الذين يحملون الشهادات العليا في ذلك إلا أنه قلة الاعتناء بالدين وعدم المبالاة وإنا لله وإنا إليه راجعون .
ثالثاً : أرشد النبي ﷺ إلى طريقة التخلص من الربا في قوله ولكن إذا أردت أن تشتري فبع التمر ببيع آخر ثم اشتر به فقوله ببيع آخر أي بيع لا يكون فيه ربا وهذا يدل على تحريم الحيل التي تتنافى مع الشرع أو يكون فيها شيء من الشبهة .
رابعاً : يؤخذ من الحديث أن التفاضل في الصفات لا اعتبار به في تجويز الزيادة فإذا كان التمر البرني تمر فاخر لما فيه من الصفات العالية لكن هذه الصفات لم تجوز زيادة الرديء على الجيد في الكم ليقابل جودة الجيد في الكيف فلقد أنكر النبي ﷺ على بلال كونه اشترى صاعاً بصاعين وقال له أوّه عين الربا عين الربا فهذا دليل واضح على أنه يجب على المسلم التحرز من الوقوع في المعاملات المحرمة ولا يتم ذلك إلا بمعرفة الشرع وما يحل فيه وما يحرم لذلك فقد أوجب الله على فئة من الناس غير معينة أن يتفقهوا في الدين ليكونوا مرجعاً لأقوامهم في التمييز بين الحلال والحرام وفي إرشادهم إلى ما يحل من تلك المعاملات وما يحرم وبالله التوفيق .
--------
تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.
تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ
تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 4 ]
[ المجلد الرابع ]
رابط تحميل الكتاب :
http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam4.pdf
ام عادل السلفية
25-11-2015, 11:09AM
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام
للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -
[273]الحديث الرابع :
عن أبي المنهال قال سألت البراء بن عازب وزيد بن أرقم عن الصرف فكل واحد يقول هذا خير مني وكلاهما يقول نهى رسول الله ﷺ عن بيع الذهب بالورق ديناً
موضوع الحديث :
تحريم تأخير أحد النقدين في الصرف كأن يكون أحدهما حاضر والآخر غائب
المفردات
الصرف : هو التحويل أي تحويل النقد من شيء إلى شيء بأن يحول النقد الذي بيده إلى نقد آخر
الورق : هو الفضة
المعنى الإجمالي
في هذا الحديث الشريف نهى النبي ﷺ أن يباع ذهب بورق ديناً أي بأن يكون أحدهما غائب عن المجلس والآخر حاضر فيه
فقه الحديث
يؤخذ من هذا الحديث
تحريم المداينة في الصرف بأن يكون أحدهما حاضراً والآخر غائباً فلا يجوز في الصرف إلا أن يكون يداً بيد ويجوز فيه التفاضل إذا كان التحويل من جنس إلى آخر أما إذا كان التحويل من وحدة إلى أخرى وكلاهما من جنس واحد مثلاً بأن يصرف الرجل من فئة المائة ريال إلى فئة العشرات والخمسات فلا يجوز في هذه الحالة أن يتأخر شيء من أحد النقدين فإذا كانا من جنس واحد حرم فيه التفاضل وحرم النسأ
أما إذا كان من وحدة نقدية إلى وحدة نقدية أخرى كأن تحول النقود التي بيدك من ريالات سعودية إلى دولارات أو من دولارات إلى دنانير كويتية مثلاً أو ليرة لبنانية أو ريال يمني أو ما أشبه ذلك فكل وحدة من هذه الوحدات يجوز بيعها بوحدة أخرى متفاضلاً لكنه يحرم فيه النسأ أما إذا كانت الوحدة النقدية واحدة لكن يريد أن يصرف فئة إلى فئة أخرى ففي هذا الحالة يحرم التفاضل والنسأ لأن كل وحدة نقدية تعتبر جنساً على ما يراه فقهاء العصر حسب علمي فمثلاً نقول النقود السعودية تعتبر وحدة نقدية وكذلك الريال اليمني والدولار الأمريكي والجنيه الاسترليني والجنيه المصري والدينار الأردني وهكذا يقال فكل نقد دولة يُعد وحدة نقدية فيجوز بيعها بوحدة أخرى متفاضلةً ويجب التقابض في المجلس فإن كانت الوحدة واحدة ويريد البائع تحويلها من فئة إلى فئة أخرى حرم التفاضل والنسأ وقد جاء في الحديث (عَنْ مَالِكِ بْنِ أَوْسٍ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ الْتَمَسَ صَرْفًا بِمِائَةِ دِينَارٍ فَدَعَانِي طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِاللَّهِ فَتَرَاوَضْنَا حَتَّى اصْطَرَفَ مِنِّي فَأَخَذَ الذَّهَبَ يُقَلِّبُهَا فِي يَدِهِ ثُمَّ قَالَ حَتَّى يَأْتِيَ خَازِنِي مِنَ الْغَابَةِ وَعُمَرُ يَسْمَعُ ذَلِكَ فَقَالَ وَاللَّهِ لا تُفَارِقُهُ حَتَّى تَأْخُذَ مِنْهُ ) .
--------
تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.
تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ
تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 4 ]
[ المجلد الرابع ]
رابط تحميل الكتاب :
http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam4.pdf
ام عادل السلفية
29-11-2015, 01:18AM
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام
للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -
[274]الحديث الخامس :
عن أبي بكرة رضي الله عنه قال نهى رسول الله ﷺ عن الفضة بالفضة والذهب بالذهب إلا سواء بسواء
وأمرنا أن نشتري الفضة بالذهب كيف شئنا ونشتري الذهب بالفضة كيف شئنا قال فسأله رجل فقال يداً بيد فقال هكذا سمعت
هذا الحديث قد تقدم شرحه في الأحاديث السابقة فلا داعي لإعادته هنا
وبالله التوفيق .
--------
تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.
تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ
تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 4 ]
[ المجلد الرابع ]
رابط تحميل الكتاب :
http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam4.pdf
ام عادل السلفية
29-11-2015, 01:23AM
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام
للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -
باب الرهن وغيره
[275]الحديث الأول :
عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله ﷺ اشترى من يهودي طعاماً ورهنه درعاً من حديد .
موضوع الحديث :
الرهن
المفردات
تعريف الرهن : لغة الثبوت والدوام أو حبس شيء في مقابل آخر .
وشرعاً : جعل المال وثيقة فقد جعل النبي ﷺ درعه وثيقة في قيمة ثلاثين صاعاً من شعير .
قوله رهنه : أي جعله عنده رهناً في الثمن حتى يوفيه إياه .
درعاً من حديد : الوصف بقوله من حديد ليفهم أنه من دروع الحرب ذوات القيم العالية .
المعنى الإجمالي
صلوا ت الله وسلامه على نبينا محمد لقد كان مترفعاً عن الدنيا زاهداً فيها فكانت تأتيه الأموال إما من الجزية وإما من
الغنائم وإما من الفئ فينفقها في حينه ورغم أنه كان قادراً على تأمين القوت لأهله إما من غلال الأرض وإما مما يأتيه من الأموال التي سبق ذكرها ومع ذلك فقد أنفق ما بيده جميعاً ولم يجد قوتاً لأهله إلا أنه اشترى لهم من يهودي ثلاثين صاعاً من شعير ورهن بها درعه وإن هذا ليدل دلالة عظيمة على تقلله من الدنيا وإنفاقه للأموال التي تأتيه ﷺ ولقد كان ﷺ في السنة التاسعة والعاشرة حينما كثرت الأموال يجيز الوافدين كما هو معلوم لكل من استقرأ السيرة فلو طلب ثلاثين صاعاً من أصحابه لوجدها بالمجان ولكنه ترك ذلك كله واشترى من اليهودي ورهنه درعه صلوات الله وسلامه عليه .
فقه الحديث
أولاً : يؤخذ منه مشروعية الرهن وقد دل على مشروعيته كتاب الله تعالى حيث يقول الله عز وجل ( وَإِنْ كُنْتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِبًا فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ ) [ البقرة : 283 ] فهذه الآية دلت على جواز الرهن في السفر إذا لم يكن هناك ائتمان من بعض المتبايعين لبعض وقد دل على جوازه في الحضر هذا الحديث
ثانياً: يؤخذ منه جواز معاملة الكفار من غير استفصال عن أموالهم من أين دخلت ومعلوم أن أموال الكفار على العموم وبالأخص اليهود يجمعونها من الربا ومهر البغايا وبيع الخـنـزير وغير ذلك من المعاملات الفاسدة المحرمة وقد أباح الله عز وجل معاملة الكفار فكان أصحاب رسول الله ﷺ يتعاملون مع الكفار بيعاً وشراءً وأخذاً وعطاءً ولا يسألونهم من أين جاءتكم هذه الأموال وقد حصل أن النبي ﷺ أقام هو وأصحابه بمكة ثلاث عشرة سنة يبايعون المشركين ويتعاملون معهم وعشر سنين في المدينة يبايعون اليهود ويتعاملون معهم ولا يسألون عن مصادر أموالهم وإن كان ذلك معلوماً ضرورة أن في كسبهم ما لا يحل .
ثالثاً:لعل بعض المتعنتين أو الجاهلين يقولون كيف نبايع اليهود والنصارى وكيف نبايع المشركين ونحن نعلم أن في معاملاتهم ما لا يحل لنا ؟ ونقول لهم إن الله حين أباح ذلك كان أرحم بعباده منكم ولو حرم الله عز وجل على المسلمين معاملة الكفار سواء كانوا أهل كتاب أو مشركين وثنيين أو ملحدين لا يؤمنون بدين لوقع عليهم الحرج والضرر إذ كان أغلب ما يستعملون من الآنية والثياب وغير ذلك كلها مما يجلبه الكفار ونحن الآن كذلك قد عشنا وعاش من قبلنا وهم يتعاملون مع الكفار من غير نكير من أحد من العلماء ومن أنكر ذلك ينكر عليه فقد كان النبي ﷺ يتعامل معهم وهذا يكفي في الاستدلال على حله
رابعاً: يؤخذ من هذا الحديث جواز البيع إلى أجل بأكثر من سعر يومه وقد ذهب إلى ذلك الجمهور وخالف في ذلك الزيدية ومنعوا البيع بأكثر من سعر يومه استدلالاً بحديث أسامة بن زيد رضي الله عنه حدث به ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ أَخْبَرَنِي أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ أَنَّ النَّبِيَّ _ قَالَ ( إِنَّمَا الرِّبَا فِي النَّسِيئَةِ) وعن أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ ﷺ ( مَنْ بَاعَ بَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ فَلَهُ أَوْكَسُهُمَا أَوِ الرِّبَا ) ولكن هذين الحديثين متأولين بتأويل يخرج به كل منهما عما قصدوه وقد تأول الحديث الأول الإمام الشافعي في الرسالة وقال حديث أسامة بن زيد إنما هو جواب على شيء معين وكأنه سئل رسول الله ﷺ عمّا يجوز البيع فيه يداً بيد ويحرم فيه النسأ فقال ( إنما الربا في النسيئة ) هكذا تأوله الشافعي رحمه الله والخطابي رحمه الله والجمهور بل كل العلماء على هذا التأويل لم يخرج عن ذلك إلا من شذ وأما حديث ( من باع بيعتين في بيعة فله أوكسهما أو الربا ) فذلك كأن يفارقه من غير تعيين لأحد البيعين فمثلاً لو أعطى سلعة للمشتري وقال له إن أردت أن تأخذها نقداً فهي لك بثمانمائة (800) وإن أردتها نسيئة فهي لك بألف (1000) وذهب ولم يعين أحد البيعين ثم بعد أن مضت مدة قال أريدها نقداً ففي هذه الحالة لا يجوز أخذ الزيادة على أكثر من سعر يومه وهذا الحديث دليل على جواز الزيادة في البيع المؤجل لأن اليهود عرفوا بجشعهم وهلعهم على المال فهل يعقل أن ذلك اليهودي يعطي النبي ﷺ ثلاثين صاعاً بسعر يومها ويأخذ درعه فيها رهناً إلى أجل هذا لا يعقل أبداً .
والأمر الثاني : قول الله تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَاكْتُبُوهُ } [البقرة : 282 ] وقد وقع الإجماع على السلم وهو تقديم الثمن وتأخير السلعة وعكسه مثله وعليه الجمهور كما قلنا لكن لا بد من تحديد وقت الاستلام ومكانه وبالله التوفيق .
خامساً: يشترط في الرهن أن يكون مقابلاً للمال الذي جعل وثيقة فيه أو قريباً منه فإذا كان الدين خمسمائة ريال فلا يكون الرهن قيمته أقل من ذلك بكثير وثانياً : أن الرهن إن كان من المنقولات فينبغي أن يأخذه المرتهن لأن الله تعالى يقول ( فرهان مقبوضة ) أي يقبضها المرتهن وإن كان الرهان عقاراً أو شيئاً لا ينقل فلا بد أن يأخذ صكاً بذلك .
سادساً : إذا كان قد جعل الرهن في مقابل الدين فإن تعذر دفع الدين لصاحبه بيع الرهن بإشراف القاضي وأعطى صاحب الدين دينه ثم يعطيه الباقي وذلك يكون بواسطة أمين يتولى البيع ويقضي الدين ويرد الباقي إلى صاحبه .
وبالله التوفيق .
--------
تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.
تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ
تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 4 ]
[ المجلد الرابع ]
رابط تحميل الكتاب :
http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam4.pdf
ام عادل السلفية
29-11-2015, 01:27AM
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام
للعلامة : احمد النجمي
-رحمه الله -
[276]الحديث الثاني :
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ قال مطل الغني ظلم فإذا اتبع أحدكم على مليء فليتبع .
موضوع الحديث:
الحوالة
المفردات
المطل : منع قضاء ما استحق أداءه هكذا عرفه الفقهاء
الغني : هو القادر على أداء الدين وقد يكون الدين كثيراً فلا يقدر المُطالب على أداءه مع غناه
قوله ظلم :أي أنه حرام لأنه ظلم لصاحب الحق لكونه منعٌ للحق عن مستحقه .
اتبع : يعني جعل تابعاً لمن أحيل عليه .
مليء :المليء هو الغني الوفي .
قوله فليتبع :هذا أمر من الشارع _ وهل هو للوجوب أو للندب على خلاف بين أهل العلم
المعنى الإجمالي
صلوات الله وسلامه على نبينا محمد الذي ما ترك خيراً إلا دل الأمة عليه ولا ترك شراً إلا حذر الأمة منه فهاهو ﷺ يخبر أن مطل الغني ظلم وهو تأخير أداء ما وجب ولكونه ظلم فإنه إذا اتبع أحدكم على مليء فليتبع فقد يكون الذي يكون عليه الدين له دين على آخر وحينئذٍ فإذا أحال صاحب الدين على مليء يقدر على دفع دينه فينبغي له أن يتبع المحال عليه تعاوناً مع أخيه وإحساناً منه إليه . وبالله التوفيق .
فقه الحديث
أولاً : يؤخذ من الحديث تحريم المطل للحق لمن هو قادر عليه أما من ليس بقادر فلا يسمى تأخيره مطلاً ولا يكون حراماً بل يجب إنضاره لقول الله تعالى (وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ ) [ البقرة : 280 ] وفي صحيح مسلم في قصة أبي اليسر رضي الله عنه وأنه كان له دين على رجل فجاء يتقاضاه حيث قال كَانَ لِي عَلَى فُلانِ ابْنِ فُلانٍ الْحَرَامِيِّ مَالٌ فَأَتَيْتُ أَهْلَهُ فَسَلَّمْتُ فَقُلْتُ ثَمَّ هُوَ قَالُوا لا فَخَرَجَ عَلَيَّ ابْنٌ لَهُ جَفْرٌ فَقُلْتُ لَهُ أَيْنَ أَبُوكَ قَالَ سَمِعَ صَوْتَكَ فَدَخَلَ أَرِيكَةَ أُمِّي فَقُلْتُ اخْرُجْ إِلَيَّ فَقَدْ عَلِمْتُ أَيْنَ أَنْتَ فَخَرَجَ فَقُلْتُ مَا حَمَلَكَ عَلَى أَنِ اخْتَبَأْتَ مِنِّي قَالَ أَنَا وَاللَّهِ أُحَدِّثُكَ ثُمَّ لا أَكْذِبُكَ خَشِيتُ وَاللَّهِ أَنْ أُحَدِّثَكَ فَأَكْذِبَكَ وَأَنْ أَعِدَكَ فَأُخْلِفَكَ وَكُنْتَ صَاحِبَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ وَكُنْتُ وَاللَّهِ مُعْسِرًا قَالَ قُلْتُ آللَّهِ قَالَ اللَّهِ قُلْتُ آللَّهِ قَالَ اللَّهِ قُلْتُ آللَّهِ قَالَ اللَّهِ قَالَ فَأَتَى بِصَحِيفَتِهِ فَمَحَاهَا بِيَدِهِ فَقَالَ إِنْ وَجَدْتَ قَضَاءً فَاقْضِنِي وَإِلا أَنْتَ فِي حِلٍّ) فدل هذا الحديث على أن المعسر ينظر
ثانياً : قول النبي ﷺ مطل الغني ظلم . الظلم هو منع الحق عن مستحقه مع القدرة على أداءه وقد ذكر الصنعاني في العدة أن للعلماء خلاف في تفسيق الماطل هل يفسق بمرة واحدة أولا بد من التكرار لأن المطل إطالة المدافعة وقال قال النووي ومقتضى مذهبنا لا يشترط فيه التكرار لأن منع الحق بعد طلبه وانتفاء العذر عن أدائه يشبه المطل كثرة وإن تسمية النبي ﷺ له ظلماً يشعر بأنه كبيرة والكبيرة لا يشترط فيها التكرار لكن لا يحكم عليه بذلك حتى يظهر عدم عذره لأنه قد يكون معذوراً في الباطن وحاصل هذه الجملة أنه لا يحكم بفسقه إلا بعد تبين عدم العذر .
ثالثاً : يؤخذ من قوله فإذا اتبع بضم الهمزة وإسكان التاء وكسر الباء أحدكم رفع لأنه نائب فاعل فليتبع مفتوح الياء ساكن التاء مفتوح الباء الموحدة أي فليقبل الإحالة .
رابعاً : اختلف العلماء في هذا الأمر هل هو للوجوب أو للندب فذهبت الظاهرية إلى وجوب ذلك على من أحيل على مليء أي وجوب قبول الحوالة وذهب الجمهور من الفقهاء إلى أنه أمر ندب لما فيه من الإحسان إلى المحيل لتحصيل مقصوده وهو تحويل الحق عنه والإحسان لا يجب فكان مندوباً .
خامساً : قال ابن دقيق العيد وفي الحديث إشعار بأن الأمر بقبول الحوالة على المليء معلل بكون مطل الغني ظلم ولعل السبب فيه أنه إذا تعين كونه ظلماً والظاهر من حال المسلم الاحتراز عنه فيكون ذلك سبباً للأمر بقبول الحوالة لحصول المقصود من غير ضرر ويحتمل أن يكون ذلك لأن المليء لا يتعذر استيفاء الحق منه عند الامتناع بل يأخذه الحاكم قهراً ويوفيه
سادساً : استدل باشتراط أن يكون المحال عليه مليئاً أنها إذا صحت الحوالة ثم تعذر القبض بحدوث حادث من فلس أو غيره لم يكن للمحال رجوع على المحيل لأنه لو كان له رجوع ما كان لاشتراط الغنى فائدة .
وأقول : إن هذا القول يستلزم ضياع الحق والإضرار بصاحبه والذي يتبين أنه إذا تعذر استلام المحال به من المحال عليه جاز الرجوع إلى المحيل وإلا فإنه يلزم من ذلك الضرر على المحال وبالله التوفيق .
سابعاً : يشترط في الحوالة شروط أربعة هي :
الشرط الأول : تماثل الحقين لأنها تحويل للحق ونقل له فينقل على صفته ويعتبر تماثلهما في أمور ثلاثة هي الجنس والصفة والحلول أوالتأجيل
الشرط الثاني : أن تكون على دين مستقر
الشرط الثالث : أن تكون بمال معلوم
الشرط الرابع : أن يحيل برضاه أما المحال عليه لا يلزم رضاه .
--------
تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.
تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ
تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 4 ]
[ المجلد الرابع ]
رابط تحميل الكتاب :
http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam4.pdf
ام عادل السلفية
01-12-2015, 09:40PM
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام
للعلامة : احمد النجمي
-رحمه الله -
[277]الحديث الثالث :
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله ﷺ أو قال سمعت النبي ﷺ يقول من أدرك ماله بعينه عند رجل ـ أو إنسان ـ قد أفلس فهو أحق به من غيره .
موضوع الحديث :
حكم من أدرك ماله بعينه عند مفلس ولم يكن قد أخذ من ثمنه شيئاً فإنه يستحقه دون سائر الغرماء
المفردات
قوله من أدرك ماله بعينه : أي بأن يكون هو عين المبيع لم يتغير بزيادة ولا نقص
قوله عند رجل قد أفلس : المفلس هو من صار إلى حالة لا يملك فيها فلساً فالهمزة في أفلس للسلب بأن كان قد حجر عليه لكثرة دينه وقلة ماله .
قوله فهو أحق به من غيره : أي يستحق أن يأخذه دون سواه من الغرماء ولكن بشروط
المعنى الإجمالي
من كثرت ديونه بحيث زادت على ماله أو ساوته فلم يبق له من ماله شيء فإنه يجب الحجر عليه ويباع ماله ويقضى به دينه وقد حكم رسول الله _ بأن من وجد ماله بعينه عند مفلس فهو أحق به إن توفرت الشروط
فقه الحديث
أولاً : يؤخذ من هذا الحديث أن من كثرت ديونه حتى زادت عن ماله أو ساوته على الأقل فإنه يحجر عليه ويمنع من التصرف في ماله
ثانياً : هل يحجر عليه بطلب الغرماء أم بدون ذلك إذا علم والظاهر أن الحجر لا يكون إلا بمطالبة الغرماء
ثالثاً : إذا حجر عليه ومنع من التصرف في ماله حسبت ديونه وقوّم ماله بحكم من القاضي وباستعانته بأهل الخبرة ثم بيع ماله وقضي به دينه
رابعاً : إن كان الدين أكثر من المال نسب المال إلى الدين فإن وجد المال نصف الدين أعطي كل واحد من أهل الدين نصف ماله وإن وجد ثلثيه أعطي كل واحد من أهل الدين ثلثا ماله وهكذا
خامساً : وحينئذ نتوصل إلى ما جاء في هذا الحديث وهو أنه إن وجد عنده مال لرجل باعه منه ثم وقع الحجر عليه
ففي هذه المسألة يستحق صاحب المال ماله بشروط
الشرط الأول : أن يدركه بعينه ولم يكن قد تغير بزيادة أو نقص
الشرط الثاني : أن يدركه عنده ولم يكن قد انتقل إلى غيره
الشرط الثالث : أن لا يكون قد قبض من ثمنه شيئاً الشرط الرابع : أن يكون في الفلَسَ دون الموت كما دل الدليل فلو فرضنا أن رجلاً حجر عليه لفلس وكان قد اشترى سيارة جديدة على سبيل الدين ووجدت السيارة عنده ولم يكن قد أعطى صاحب السيارة شيئاً فإن بائعها يستحقها حينئذ دون غيره ولا تباع ويكون البائع مع غيره أسوة الغرماء إلا في حالة أن يكون قد اقتضى البائع شيئاً من ثمنها أو وجدت بعد أن باعها من غيره أو وجدت وقد تغير فيها شيء على ما سيأتي بيانه
سادساً : قد اختلف الفقهاء في هذه القضية وهي مسألة كون صاحب العين يأخذها وحده فذهب بعض الفقهاء إلى أنه يرجع إليه في الموت والفلس . قال ابن دقيق وهو مذهب الشافعي والثاني أنه لا يرجع إليه لا في الموت ولا في الفلس قال وهو مذهب أبي حنيفة والثالث يرجع إليه في الفلس دون الموت أما في الموت فإنه يكون أسوة الغرماء وهو مذهب مالك وقال الصنعاني في العدة وقد قال به أحمد يعني ابن حنبل واحتجا بما في مرسل مالك ( وَإِنْ مَاتَ الَّذِي ابْتَاعَهُ فَصَاحِبُ الْمَتَاعِ فِيهِ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ ) وفرقوا بين الفلس والموت بأن الميت خربت ذمته فليس للغرماء محل يرجعون إليه والمسألة من معترك الأنضار والخلاف فيها جار من قديم الزمان وإلى الآن .
سابعاً : ذكر ابن دقيق العيد أن الرجل المدرك ماله هاهنا هو البائع دون غيره قال ويمكن أن يدخل تحته ما إذا أقرضه رجل مالاً وأفلس المقترض والمال باق فإن المقرض يرجع به وقد علله الفقهاء بالقياس على المبيع . وأقول : إن هذا القياس قياس أولوية فإذا كان البائع يرجع على عين ماله وهو انتقل منه بمقابل فإن المقرض من باب أولى لأنه محسن إلى من أقرضه وفي الإحسان يكون أولى بماله
ثامناً : قال ابن دقيق العيد لا بد في الحديث من إضمار أمور يحمل عليها وإن لم تذكر لفظاً مثل كون الثمن غير مقبوض ومثل كون السلعة موجودة عند المشتري دون غيره ومثل كون المال لا يفي بالديون
وأقول : إن هذه الشروط قد ذكر منها رواية في الحديث مثل كونه لم يقبض من الثمن شيئاً فإن قبض شيئاً كان في الباقي أسوة الغرماء ومثل كونه يستحق ذلك في الفلس دون الموت فإن انتقل بالموت كان ذلك أسوة الغرماء
تاسعاً : يستدل بالحديث على أن الديون المؤجلة تحل بالحجر
عاشراً : قال الحكم في الحديث يتعلق بالفلس ولا يتناول غيره ومن أثبت من الفقهاء الرجوع بامتناع المشتري من التسليم مع اليسار أو هربه أو امتناع الوارث من التسليم بعد موته فإن ما يثبته بالقياس على الفلس . وأقـول : قد تقدمت الإشارة إلى الخلاف بين الفقهاء هل الموت يلحق بالفلس أم لا ؟ وهذا راجع إلى تصحيح الأحاديث الواردة في الموضوع
الحادي عشر : قال ابن دقيق العيد شرط رجوع البائع بقاء العين في ملك المفلس فلو هلك لم يرجع
قلت : إذا هلكت لم يكن وجد متاعه بعينه فيكون الكلام عار عن الفائدة إلا أن يقصد بذلك انتقالها من ملك البائع بعتق أو وقف أو هبة وفي هذه الحالة لم يكن قد وجد متاعه بعينه عند المفلس لأن كلمة عند المفلس يتحقق بها كون ذلك المتاع باق في ملكه .
الثاني عشر : قال ابن دقيق العيد إذا تغير المبيع في صفته بحدوث عيب فأثبت الشافعي الرجوع إن شاء البائع من غير أرش يأخذه عن العيب وقال ابن دقيق العيد أقول في المنهاج واستدل بقياسه على تعيب المبيع في يد البائع فإن المشتري يخير بين أن يأخذه ناقصاً أو يترك وسواء كان النقص حسياً كسقوط بعض الأعضاء أو العمى أو غير حسي كنسيان الحرفة والإباق والتزويج .
--------
تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.
تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ
تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 4 ]
[ المجلد الرابع ]
رابط تحميل الكتاب :
http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam4.pdf
ام عادل السلفية
02-12-2015, 08:57PM
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام
للعلامة : احمد النجمي
-رحمه الله -
[278]الحديث الرابع:
عن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما قال جعل ـ وفي لفظ قضى ـ النبي ﷺ بالشفعة في كل ما لم يقسم فإذا وقعت الحدود وصرفت الطرق فلا شفعة .
موضوع الحديث :
الشفعة وأنها إذا قسمت العقار المشتركة ووقعت حدودها وصرفت طرقها فلا شفعة بالشراكة
المفردات
قوله قضى : بمعنى حكم
الشفعة : هي مأخوذة من الشفع وهي بأن يضم الشفيع نصيب شريكه إلى نصيبه في البيع ويمنعه من أن يبيع لغيره
في كل ما لم يقسم : أي في كل شركة لم تدخلها القسمة
الحدود : جمع حد وهي الفواصل بين الممتلكات
صرفت الطرق : أي عدلت من مكان إلى مكان تبعاً للقسمة الجديدة
قوله فلا شفعة : أي لا شفعة بالشراكة
المعنى الإجمالي
يخبر جابر بن عبدالله رضي الله عنهما أن النبي ﷺ قضى وحكم بالشفعة في كل شراكة لم تقسم وكان من جملة قضاءه أنه إذا وقعت الحدود بين الشركاء وصرفت الطرق بينهم على القسمة الجديدة فلا شفعة بالشراكة .
فقه الحديث
المسألة الأولى : يؤخذ من هذا الحديث بأن الشفعة إنما تكون في كل شركة لم تقسم وأن الشراكة إذا قسمت وعدلت الطرق على حسبها فلا شفعة إذاً وقد أخذ بهذا الحديث جمهور العلماء من المحدثين والفقهاء فأجازوا الشفعة بالشراكة قبل القسمة ومنعوها بعدها كما منعوا الشفعة بالجوار وممن ذهب إلى ذلك مالك والشافعي وأحمد في المشهور عنه رحمهم الله فنفوا الشفعة بالجوار وذهب آخرون إلى ثبوت الشفعة بالجوار وهم الحنفية
والقول بالشفعة بالجوار هو القول الحق إن شاء الله لما يأتي
أولاً : أن هذا الحديث خاص بالشفعة في الشركات ولم يتعرض للشفعة بالجوار وعلى هذا فيمكن أن نقول قضى النبي ﷺ بالشفعة في كل ما لم يقسم فإذا وقعت الحدود وصرفت الطرق فلا شفعة بالشراكة
ثانياً : أن نفي شفعة الجار من هذا الحديث إنما هو بالمفهوم والقول بشفعة الجار هو حاصل بالمنطوق والمنطوق قد ورد من أحاديث وهي الحديث الأول : حديث ( الجار أحق بسقبه ) رواه البخاري وأبو داود والنسائي وابن ماجة عن أبي رافع رضي الله عنه وقال الألباني رحمه الله صحيح
الحديث الثاني : ( الجار أحق بشفعة جاره ينتظر بها وإن كان غائباً إذا كان طريقهما واحداً ) رواه أبو داود والترمذي عن جابر بن عبدالله وصححه الألباني رحمه الله في الإرواء
الحديث الثالث : حديث الحسن عن سمرة مرفوعاً ( جار الدار أحق بالدار ) صححه الترمذي ولكن فيه سماع الحسن من سمرة وفيه اختلاف وصحح هذا الحديث الألباني في الإرواء وذكر له طريقاً آخر عن أنس واعتبرها الألباني معززة لرواية الحسن عن سمرة لكنه قال الحسن وقتادة كلاهما مدلس وقد عنعن ونقل عن الترمذي أنه قال في حديث الحسن عن سمرة حسن صحيح ثم قال قلت لعله يكون كذلك بمجموع الطريقين .
وأقول : إن هذه الأحاديث الثلاثة كلها صحيحة وحديث أبي رافع في البخاري والباقي صحيحة وهي صريحة في الحكم بشفعة الجار وبهذا تعلم أن القول بالشفعة للجار هو القول الصحيح .
الوجه الثالث : أن الراوي لحديث الصحيحين وهو جابر بن عبدالله رضي الله عنهما والذي استدل به على نفي شفعة الجار هو الذي روى الحديث في إثبات شفعة الجار في قوله ( الجار أحق بشفعة جاره ينتظر بها وإن كان غائباً إن كان طريقهما واحداً ) ومن هذه الثلاثة الأوجه يتبين لنا رجحان القول بشفعة الجار التي ذهب إليها أبو حنيفة وأحمد في رواية عنه وأن قول ابن دقيق العيد رحمه الله فمن قال بعدم ثبوت الشفعة تمسك بها يعني رواية إنما الشفعة فيما لم يقسم ومن خالفه يحتاج إلى إضمار قيد آخر يقتضي اشتراط أمر زائد
قلت : قوله اشتراط أمر زائد هو أن نقيد نفي الشفعة بالشراكة فإذا قيدنا نفي الشفعة في الحديث بالشراكة سلم لنا ما دلت عليه الأحاديث الأخرى من شفعة الجوار
وخلاصة ما سبق رجحان هذا القول لأمور
الأمر الأول : أن حديث جابر بن عبدالله رضي الله عنهما مفهوم وتلك الأحاديث الثلاثة أو الأربعة إذا جعلنا حديث أنس حديث مستقل منطوقة والمنطوق مقدم على المفهوم
الأمر الثاني : أن حديث جابر بن عبدالله رضي الله عنهما في تخصيص الشفعة في الشراكة وانتهائها بالقسمة محتمل أن يكون المقصود به الشراكة فقط بإضمار في آخر الحديث حيث يقال فلا شفعة بالشراكة
الأمر الثالث : أن تلك الأحاديث الثلاثة أو الأربعة وكلها بلغت إلى درجة الصحة فحديث أبي رافع وحديث جابر بن عبدالله كلاهما صحيح لذاته أما حديث الحسن عن سمرة وحديث سعيد الجريري عن قتادة عن أنس فيكون كل منهما صحيح لغيره أو حسن لغيره على الأقل وقد تبين بهذا رجحان القول بالشفعة للجار إذا كان يدخل عليه ضرر من دخول أجنبي لا يدري ما حاله وقد دل على ذلك قوله إذا كان طريقهما واحداً
المسألة الثانية : أخذ من قوله في كل ما لم يقسم أن الشفعة إنما تجوز فيما يقسم بدون ضرر على كل من الشركاء المقتسمين فإذا كان هناك حمام صغير لا يصلح للقسمة انتفت الشفعة فيه وبهذا قال الشافعي وأحمد رحمهما الله
المسألة الثالثة : ذهب جمهور أهل العلم إلى أن الشفعة إنما تكون في الدور والعقارات الزراعية غير المنقولة أما المنقولات فلا شفعة فيها فإذا اشترك اثنان في سيارة ثم باع أحد الشريكين نصيبه من غير شريكه فهل له الشفعة في ذلك أم لا ؟ فعلى قول من يرى أن الشفعة في المنقولات جائزة ومشروعة جازت الشفعة وإلا فلا وهو قول الجمهور
المسألة الرابعة : أنهم خصصوا الشفعة فيما انتقل بعوض وهو البيع ومنعوها فيما انتقل بدون عوض كالهبة التي يراد بها وجه الله عز وجل وبالله التوفيق .
--------
تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.
تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ
تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 4 ]
[ المجلد الرابع ]
رابط تحميل الكتاب :
http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam4.pdf
ام عادل السلفية
06-12-2015, 07:06PM
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام
للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -
[279]الحديث الخامس :
عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما قال ( أصاب عمر أرضاً بخيبر فأتى النبي ﷺ يستأمره فيها فقال يا رسول الله إني أصبت أرضاً بخيبر لم أصب مالاً قط هو أنفس عندي منه فما تأمرني به ؟
فقال : إن شئت حبست أصلها وتصدقت بها قال فتصدق بها غير أنه لا يباع أصلها ولا يوهب ولا يورث قال فتصدق عمر في الفقراء وفي القربى وفي الرقاب وفي سبيل الله وابن السبيل والضيف لا جناح على من وليها أن يأكل منها بالمعروف أو يطعم صديقاً غير متمول فيه ) وفي لفظ غير متأثل
موضوع الحديث :
الوقف
المفردات
ما تعريف الوقف :تعريف الوقف هو تحبيس الأصل وتسبيل المنفعة وهذا أحسن تعريف وأجمعه وقال الصنعاني حقيقة الوقف في الشرع حبس مال يمكن الانتفاع به مع بقاء عينه ممنوع من التصرف في عينه وتصرف منافعه في البر تقرباً إلى الله عز وجل
قال أصاب عمر أرضاً بخيبر : خيبر بلد معروف بشمال المدينة
قوله فأتى النبي ﷺ يستأمره فيها : أي يطلب أمره
لم أصب مالاً قط : قط نفي لما مضى وعكسه عوض
قوله هو أنفس عندي منه : أنفس من النفاسة وهي الجودة يقال شيء نفيس أي جيد وذكر الصنعاني أنه قيل له نفيس لأنه يأخذ بالنفس
فما تأمرني به : أي ماذا أصنع فيها
فقال إن شئت حبست أصلها : معنى حبست جعلت أصلها حبيساً أو محبساً توضيحه أنه لا يباع ولا يوهب ولا يورث أي أن أصلها باق على ملكية المصلحة التي جعلت عليها
قوله تصدقت بها : يعني بغلتها
قوله فتصدق عمر في الفقراء وفي القربى وفي الرقاب وفي سبيل الله وابن السبيل والضيف : أي أن هذه الجهات يكون التحبيس عليها وتصرف ثمرتها التي تزيد عن حراثة الأرض ومساقاتها وتصرف على هذه الجهات
قوله لا جناح على من وليها : أي لا حرج ولا إثم على من وليها أن يأكل منها لكن بالمعروف أو يطعم صديقاً له غير متمول أي متخذ مالاً أو مكتسب مالاً .
المعنى الإجمالي
عندما أصاب عمر بن الخطاب رضي الله عنه تلك الأرض النفيسه فكر ماذا يعمل فيها لينال رضى الله عز وجل متأثراً بقوله تعالى ( لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون ) فاستشار النبي ﷺ فأمره بأن يحبس أصلها ويتصدق بغلتها لله عز وجل وقد شرط لها عمر شروطاً كما هو معروف في كتب الفقه والسير .
فقه الحديث
أولاً : يؤخذ من الحديث مشروعية الوقف وقد قال بذلك فقهاء الإسلام ما عدا أبا حنيفة فإنه أنكر الوقف بسبب أنه لم يسمع فيه حديثاً .
ثانياً :للوقف صيغ منها ما هو صريح ومنها ما هو غير صريح بحيث يعتبر كناية وهذه الألفاظ هي وقفت أو أوقفت وحبست وسبلت وحرمت وتصدقت وأبدت فالصريحة هي ثلاثة وقَّفت وحبست وسبلت والثلاثة الأخرى تعتبر من الكنايات لأن لها احتمال آخر .
ثالثاً : من قال في عقار له زراعياً كان أو سكنياً وقفت هذا فهو وقف لا يجوز بيعه ولا هبته ولا توريثه بل يبقى كما هو ويكون التوقيف بالفعل كأن يجعل داره مسجداً يؤذن فيه ويأذن للمصلين فيه
رابعاً: أنه يكون معيناً على الجهة التي عينه فيها سواء كانت هذه الجهة عامة في كل زمان كالفقراء أو خاصة كأن يقول أوقفت هذا على طلاب علم الحديث أو على تحفيظ القرآن الكريم أو ما أشبه ذلك
خامساً : أن ذلك المعين يبقى على ملك المصلحة التي أوقف عليها بحيث تصرف بعض غلته في إصلاحه وما زاد عن ذلك جعل على الجهة التي كان معيناً عليها
سادساً : يشترط في الجهة المعين عليها أن تكون جهة بر يحرص الشرع على تأمينها وإغناء أصحابها كالوقف على طلاب العلم أو على بناء المساجد أو على حفر الآبار ومد شبكة المياه إلى القرى المحتاجة إليها إلى غير ذلك .
سابعاً : لا يجوز الوقف على جهة يحرم الإنفاق عليها كبناء الأضرحة على القبور أو إسراجها أو غير ذلك من الشركيات أوالبدع
ثامناً : أن يكون المحبس عليه غير منقطع ( منقرض ) فإن حبس على منقطع ( منقرض ) ووصله بغيره أي غير منقطع ( منقرض ) صح كأن يقول أوقفت على بني أو على بني فلان فإن انقرضوا فإن وقفي يكون على الفقراء
تاسعاً : ذهب الجمهور من أهل العلم وهم الذين قالوا بصحة الوقف أنه لا يجوز بيعه أبداً وذهب أبو حنيفة إلى جواز بيعه لأنه لم يطلع على حديث عمر هذا ونقل الصنعاني عن أبي يوسف صاحب أبي حنيفة أنه كان يجيز بيع الوقف تبعاً لأبي حنيفة فلما بلغه حديث عمر هذا قال هذا لا يسع أحداً خلافه ولو بلغ أبا حنيفة لقال به ورجع عن رأيه .
عاشراً : اختلف الفقهاء في جواز بيع الوقف إذا تعطلت منافعه أوضعفت فذهب مالك والشافعي إلى عدم جواز بيعه ولو تعطلت منافعه أو ضعفت وذهب أحمد بن حنبل في رواية عنه إلى جواز بيعه إذا تعطلت منافعه أو ضعفت بشرط أن ينقله إلى مكان أحسن من الأول .
الحادي عشر : الوقف حكم إسلامي ولم يعرف عن أهل الجاهلية أنهم حبسوا نقل ذلك الصنعاني عن الشافعي فقال قال الشافعي ولم يحبس أهل الجاهلية فيما علمت دوراً ولا أرضاً وإنما حبس أهل الإسلام
وأقول إن أهل الجاهلية لم يكونوا يؤمنون بالبعث بعد الموت فيحبسوا من أجل الثواب فلذلك لم يعرف عنهم التحبيس
الثاني عشر : لا بد من الشرط في الناظر على الوقف أن يكون أميناً ولا يجوز أن يولى عليها أي على الأوقاف من لا ثقه فيه ولا أمانة عنده وقد كان عمر رضي الله عنه جعل وقفه إلى حفصة زوج النبي _ ثم صار بعدها إلى عبدالله بن عمر رضي الله عنهما
الثالث عشر : أنه ينبغي أن يوضع للناظر على الوقف والناظر على مال اليتيم أن يوضع له شيء من قبل القاضي بحيث يساوي أجرة يومه أو نفقة يومه وقد يختلف ذلك باختلاف كثرة الأوقاف وقلتها
الرابع عشر : ينبغي أن يكون الناظر على مال اليتيم عنده شيء من التفقه في دين الله وإن لم يكن كذلك ذهب إلى العلماء وسألهم عن بعض التصرفات التي ربما تخفى على بعض الناس
الخامس عشر: هل يقال أن استحقاقه لما يغنيه من الوقف أو مال اليتيم يكون ذلك بشرط حاجته له وعدم غناه أم أنه يجوز له أن يأخذه ولو كان غنياً والله سبحانه وتعالى يقول (وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ ) [ النساء : 6 ]
السادس عشر : ينبغي أن يحترز الناظر على الوقف من أن يدخل عليه شيء منه غير ما يجب له في قيامه عليه أو يعطيه لمن لا يستحقه فلا بد أن يعرف مواقع الاستحقاق فيه لقوله غير متأثل مالاً
وبالله التوفيق .
--------
تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.
تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ
تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 4 ]
[ المجلد الرابع ]
رابط تحميل الكتاب :
http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam4.pdf
ام عادل السلفية
06-12-2015, 08:22PM
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام
للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -
[280]الحديث السادس :
عن عمر رضي الله عنه قال حملت على فرس في سبيل الله فأضاعه الذي كان عنده فأردت أن أشتريه فظننت أنه يبيعه برخص فسألت النبي ﷺ فقال لا تشتره ولا تعد في صدقتك وإن أعطاكه بدرهم فإن العائد في هبته كالعائد في قيئه
وفي لفظ فإن الذي يعود في صدقته كالكلب يعود في قيئه .
موضوع الحديث :
النهي عن شراء ما تصدق به العبد
المفردات
حملت على فرس في سبيل الله : الظاهر أن معنى حملت أي تصدقت بذلك الفرس على شخص معين ليحمل عليه في سبيل الله بأن يجاهد عليه والمراد بسبيل الله هنا جهاد الكفار
قوله فأضاعه : أي أهمله الذي كان عنده فلم يعتن به حتى ضعف
قوله فأردت أن أشتريه : أي أن عمر رضي الله عنه أراد شراءه ليكرمه حتى تعود له قوته .
فظننت أنه يبيعه برخص : أي بقيمة قليلة
فسألت النبي ﷺ فقال لا تشتره ولا تعد في صدقتك وإن أعطاكه بدرهم وظاهر النهي هنا نهي تحريم لقوله ﷺ ولو أعطاكه بدرهم فإن العائد في هبته أي الراجع فيها والنادم عليها كالعائد في قيئه أي شبيه بمن يأكل قيئه ولا يفعل ذلك إلا الكلب
المعنى الإجمالي
حمل عمر بن الخطاب رضي الله عنه على فرس في سبيل الله بأن أعطى شخصاً ملكه إياه ليجاهد عليه في سبيل الله فأهمله المعطى وضعف الفرس فأراد عمر شراءه ظناً منه أنه يبيعه برخص فسأل النبي _ فنهاه عن شراءه وقال فإن العائد في هبته كالعائد في قيئه
فقه الحديث
يؤخذ من هذا الحديث عدة مسائل
أولاً : في قوله حملت على فرس في سبيل الله يؤخذ من هذا جواز إعطاء الشخص فرساً يجاهد عليه في سبيل الله ويكون هذا الغرض هو المقصود من إعطائه وتمليكه إياه وهذا هو القول الراجح لأنه لو كان أوقفه لم يجز بيعه
ثانياً : لعل بعض الفقهاء رأى أن الحمل في سبيل الله إيقاف لذلك الفرس على الجهاد ولكن هذا القول يتنافى مع كونه أراد أن يبيعه ولو كان وقفاً لم يجز بيعه
ثالثاً : لو قلنا أنه وقف لأخذ من ذلك جواز تحبيس المنقولات أو وقف الحيوان فأما تحبيس المنقولات فقد دل عليه حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِي اللَّه عَنْه قَالَ قال رسول الله (وَأَمَّا خَالِدٌ فَإِنَّكُمْ تَظْلِمُونَ خَالِدًا قَدِ احْتَبَسَ أَدْرَاعَهُ وَأَعْتُدَهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ) وهذا ظاهر في تحبيس آلات الحرب
رابعاً : أخذ من قوله ﷺ لعمر لما سأله قال لا تشتره ولا تعد في صدقتك أنه لا يجوز للمتصدق أن يشتري صدقته لأن من تصدق بها عليه سيراعيه في شرائها ببعض قيمتها مكافئة له على إعطائه إياها وربما كان ذلك عوداً في بعضها .
خامساً : هل النهي في قوله لا تشتره ولا تعد في صدقتك نهي تحريم أو نهي تـنـزيه وكراهة والظاهر أنه نهي تحريم لأنه اقترن بشيئين يدلان على التحريم الأول قوله وإن أعطاكه بدرهم والثاني قوله فإن العائد في هبته كالعائد في قيئه
سادساً : يؤخذ من هذا تحريم العود في الهبة وإلى ذلك ذهب الجمهور فقالوا إن الواهب لا يجوز له أن يعود في هبته بل هي محرمة عليه وذهب أبو حنيفة إلى جواز العود في الهبة للأجنبي وهذا خلاف ما نصت عليه الأدلة
سابعاً : يقيد عدم جواز العود في الهبة بما إذا كان قد قبضها أما إذا كان قبل القبض فإنه يجوز
ثامناً : يستثنى من ذلك الوالد بما وهبه لولده لحديث ابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ ( قَالَ لا يَحِلُّ لِرَجُلٍ أَنْ يُعْطِيَ عَطِيَّةً أَوْ يَهَبَ هِبَةً فَيَرْجِعَ فِيهَا إِلا الْوَالِدَ فِيمَا يُعْطِي وَلَدَهُ وَمَثَلُ الَّذِي يُعْطِي الْعَطِيَّةَ ثُمَّ يَرْجِعُ فِيهَا كَمَثَلِ الْكَلْبِ يَأْكُلُ فَإِذَا شَبِعَ قَاءَ ثُمَّ عَادَ فِي قَيْئِهِ )
تاسعاً : التشبيه بالكلب مقصود به التنفير وقد حصل التشبيه من ناحيتين من ناحية تشبيه الراجع بالكلب تنفيراً له عن ذلك وتشبيه المرجوع فيه بالقيء وهو أيضاً مقصود للتنفير وهذا يدل على أن النهي هنا للتحريم وليس للكراهة وقد أجاز أبو حنيفة رجوع الأجنبي في الهبة ومنع من رجوع الوالد في هبته لولده قال ابن دقيق العيد عكس مذهب الشافعي . وأقول بل هو عكس النصوص الثابتة عن النبي ﷺ .
عاشراً : يؤخذ من الحديث أن من شك في أمر يجب عليه أن يرجع إلى من يعلمون الشرع فيسألهم عن ذلك كما رجع عمر إلى النبي ﷺ وأنه لا ينبغي للمسلم أن يتصرف في أمر لا يعلمه حتى يسأل عن حكمه
الحادي عشر: كل ما تقدم في الهبة التي يقصد بها الثواب من الله فإن كان مقصود الواهب أو المهدي الثواب من المهدى إليه فإنه يترتب على ذلك أمور هي :-
الأول : أنه لا ينبغي فعل ذلك لحملة العلم ومن يقتدى بهم لقوله سبحانه وتعالى (وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ ) [ المدثر : 6 ] .
الثاني : أن الواهب أو المهدي يستحق الثواب عنها فإن لم يحصل له الثواب جاز له الرجوع في هبته أو قيمتها وقد جاء عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه أَنَّ أَعْرَابِيًّا وَهَبَ لِلنَّبِيِّ ﷺ هِبَةً فَأَثَابَهُ عَلَيْهَا قَالَ رضيت قَالَ لا قَالَ فَزَادَهُ قَالَ رضيت قَالَ لا قَالَ فَزَادَهُ قَالَ رضيت قَالَ نَعَمْ ) فدل أن إرضاءه شرط .
الثالث : أنه ينبغي للمهدي إليه إذا عرف أن المهدي أو الواهب إنما أهدى أو وهب للثواب فإنه يجب عليه ألا يتصرف في تلك الهبة حتى يرضى الواهب
الرابع : ويترتب على ذلك جواز المنع من قبول الهدية أو الهبة إذا كانت للثواب وليس عند العبد ما يثيب به عليها وقد جاء في الحديث عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عن النبي ﷺ أنه قال ( وَلَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ لا أَقْبَلَ هَدِيَّةً إِلا مِنْ قُرَشِيٍّ أَوْ أَنْصَارِيٍّ أَوْ ثَقَفِيٍّ أَوْ دَوْسِيٍّ )
النوع الثالث : من الهدية أو الهبة أن تكون الهبة من الموظف لرئيسه فهذه الهدية أو الهبة سماها الشارع غلول وقد جاء في الحديث عَنْ أَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ ( هَدَايَا الْعُمَّالِ غُلُولٌ ) لأن من أهداها أو وهبها إنما يقصد بذلك محاباة الرئيس له بأن يتغاضى عنه في الغياب أو يتغاضى عنه فيما إذا حصل منه إخلال بالعمل
النوع الرابع : نوع فيه خداع وكذب وهو أن يجعل لزوجته صكاً على الدار من أجل أن يستخرج به قرضاً من بنك التسليف فهذا إن جاء بلفظ الهبة فهو باطل لما يحتوي عليه من الكذب ولا يجوز أن يؤخذ إن مات المورث الواهب بمثل هذا الصك المكذوب
النوع الخامس : هبة ثواب العمل للمتوفى وهذا أيضاً لا يجوز سواء كان قراءة قرآن أو غير ذلك لا يجوز منه إلا ما خصه الدليل لأن الله سبحانه وتعالى يقول (وَأَنْ لَيْسَ لِلإِنْسَانِ إِلا مَا سَعَى ) [ النجم : 39 ] وفي الحديث عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ ( إِذَا مَاتَ الإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلا مِنْ ثَلاثَةٍ إِلا مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ ) ومن جهة أخرى فإن الذي وهب الثواب لم يملكه حتى يهبه وإنما يهب العبد ما يملكه والثواب أمر مخفي لا يدرى هل العامل استحقه أم لا ؟ وهذه المسألة قد بسطتها في رسالة سئلت فيها عن إهداء القرآن للميت
وبالله التوفيق .
--------
تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.
تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ
تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 4 ]
[ المجلد الرابع ]
رابط تحميل الكتاب :
http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam4.pdf
ام عادل السلفية
09-12-2015, 09:02PM
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام
للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -
[281]الحديث السابع :
عن النعمان بن بشير رضي الله عنهما قال تصدق عليّ أبي ببعض ماله فقالت أمي عمرة بنت رواحة لا أرضى حتى تُشهد رسول الله ﷺ فانطلق أبي إلى رسول الله ﷺ ليشهده على صدقتي فقال له رسول الله ﷺ أفعلت هذا بولدك كلهم ؟ قال لا قال اتقوا الله واعدلوا في أولادكم فرجع أبي فرد تلك الصدقة .
وفي لفظ فلا تشهدني إذاً فإني لا أشهد على جور
وفي لفظ فأشهد على هذا غيري
موضوع الحديث :
النهي عن تخصيص بعض الأولاد بالعطية
المفردات
قوله تصدق علي أبي ببعض ماله : أقول لفظ الصدقة هنا فيه تسامح في التعبير وإلا فإن المراد أنه وهبه موهبة بدليل قوله في بعض ألفاظ الحديث ( سألت أمي أبي بعض الموهبة لي من ماله فالتوى بها سنة …..) الحديث إذا فلفظ الصدقة فيه تسامح في التعبير بحيث أن الصدقة لا يراد عليها ثواب دنيوي والهبة كذلك فأشبهت الصدقة الهبة فعبر بها عنها
قوله فالتوى بها سنة : أي مطلها وتأخر عن إنفاذ ما طلبته منه
قوله ببعض ماله : قد ورد في بعض ألفاظ الحديث أنه وهبه مملوكاً .
وفي رواية حديقة
فقالت أمي عمرة بنت رواحة : أقول هي أخت عبدالله بن رواحة الصحابي المشهور
قولها لا أرضى … إلخ : أي أنها كانت تريد أن تثبت عطية ولدها أكثر بإشهاد رسول الله ﷺ على ذلك
قال فانطلق أبي : أبوه هو بشير بن سعد الأنصاري الذي قال للنبي ﷺ ( قد علمنا كيف نسلم عليك فكيف نصلي عليك إذا نحن صلينا عليك في صلاتنا ) فقال له رسول الله ﷺ مستفهماً أفعلت هذا بولدك كلهم يعني هل أعطيتهم جميعاً قال لا قال فاتقوا الله واعدلوا بين أولادكم
قوله اتقوا الله أي اتقوا سخطه بإقامة العدل في أولادكم
اعدلوا : العدل ضد الجور
قال فرجع أبي فرد تلك الصدقة : بمعنى أنه لم ينفذها
قوله فلا تشهدني إذاً فإني لا أشهد على جور : امتناع النبي ﷺ من الشهادة على هذا دال على تحريم ما فعل ومثل ذلك قوله أشهد على هذا غيري
المعنى الإجمالي
يخبر النعمان بن بشير بن سعد رضي الله عنهما أن أمه عمرة بنت رواحة طلبت من أبيه أن يهب لابنها هبة ذلك لأن بشير بن سعد كان له أولاد كبار غير النعمان من غير عمرة فخشيت عمرة على ولدها ما تخشاه الأم على الولد وطلبت من زوجها أن يهب له هبة حتى لو مات أبوه وهو قاصر تنفعه تلك الهبة فالتوى بها أي ماطلها سنة ثم وافقها على هذا الطلب متأثراً بإلحاحها فوهب للنعمان هبة خصه بها دون سائر ولده فأرادت أن تشد هبة ولدها وتقويها بإشهاد رسول الله ﷺ وأراد الله أن يشرع بذلك شرعاً يمنع مثل هذه الموهبة فذهب أبوه إلى النبي ﷺ طالباً أن يشهد على ذلك فقال له هل نحلت كل ولدك هكذا قال لا قال اذهب فأشهد على هذا غيري فإني لا أشهد على جور .
فقه الحديث
أولاً : يؤخذ من هذا الحديث تحريم التفضيل بين الأولاد بأن يعطي بعضهم دون بعض ومما يدل على أن النهي هنا للتحريم تسمية النبي ﷺ ذلك جوراً في قوله فإني لا أشهد على جور
ثانياً : يؤخذ منه وجوب العدل بين الأولاد بالتسوية بينهم في الهبات والحكمة فيه أن التفضيل يؤدي إلى الإيحاش بأن يستوحش بعضهم من بعض فيؤدي ذلك إلى التباغض والتخاصم والتقاطع وكم قد رأينا من مثل ذلك ما أدى إلى التخاصم بين الأولاد وقطيعة بعضهم لبعض
ثالثاً : قد أمر النبي ﷺ بالتسوية بين الأولاد في العطية لكن اختلفوا هل التسوية بأن يجعل الذكر والأنثى سواء أو التسوية أن يعطي الذكر حظين والأنثى حظاً واحداً كالميراث ؟ فذهب بعضهم إلى أن التسوية والعدل أن يعطي للذكر حظين وللأنثى حظاً واحداً وإلى ذلك ذهب محمد بن الحسن وأحمد وإسحاق وبعض الشافعية والمالكية معللين ومحتجين بأن ذلك هو حظ الأنثى لو بقيت هذه العطية إلى ما بعد موت المورث وذهب غيرهم إلى أن التسوية أن يعطي الذكر والأنثى سواء ولربما دل على صحة القول الأول ما أخرجه سعيد بن منصور والبيهقي بإسناد حسن من حديث ابن عباس رضي الله عنهما مرفوعاً ( سووا بين أولادكم في العطية فلو كنت مفضلاً أحداً لفضلت النساء ) ونفهم من هذا الحديث أن النبي ﷺ قال هذا لو كنت مفضلاً أحداً عمّا قرره الله لهن لفضلت النساء فهذا يدل على أن التسوية تكون كالميراث
رابعاً : وما دمنا قد تعرضنا لذلك أي بأن التسوية تكون على ما قرره الله في الميراث فينبغي أن نشير إلى العلة التي جعل الله بها حظ الأنثى نصف حظ الرجل فإن أنصار المرأة الذين هم في الحقيقة أعدائها يدعون بأنها ظلمت وهم كذابون في ذلك إنما يريدون أن يتزلفوا إليها ليدفعوا بها إلى ما حرم الله عز وجل عليها من الاختلاط بالرجال ومشاركتهم فيما يخصهم من السياسة والتجارة وغير ذلك
وأقول : قرر العلماء أن الله عز وجل حين أعطى للمرأة نصف ما للرجل أنه إنما فعل ذلك لأن الغالب في النساء أنها تكون مزوجة ومكفية فيكون مالها موفراً ومال الرجل يتعرض للنقص والذهاب فهو الذي يدفع المهر وهو الذي يؤمن لها السكن وهو الذي يؤمن لها الكسوة وهو الذي يؤمن لها النفقة وهو الذي يشارك في الجهاد في سبيل الله وهو الذي يستقبل الضيفان وقد تبين من ذلك بأن إعطاء الله لها النصف مما يعطى الرجل أنه عدل في حقها بل أن حظها سيكون موفراً وحظ الرجل هو الذي يتعرض للذهاب والنقصان فبتأمل هذه الأمور يُلقم دعاة تسوية المرأة بالرجل حجراً في أفواههم لأنهم لا يريدون بذلك إلا إتلافها وضياعها
خامساً : قال ابن دقيق العيد واختلف الفقهاء في التفضيل هل هو محرم أو مكروه فذهب بعضهم إلى أنه محرم لتسمية النبي ﷺ إياه جوراً وأمره بالرجوع فيه إلى أن قال ومذهب الشافعي ومالك أن هذا التفضيل مكروه لا غير .
وأقول : إن القول بتحريم التفضيل هو القول الصحيح الذي لا يجوز العدول عنه لأمور :-
الأول : تسمية النبي ﷺ له جوراً والجور محرم لا شك فيه
الثاني : امتناع النبي ﷺ عن الشهادة عليه
الثالث : قوله أتحب أن يكونوا لك في البر سواء قال نعم وهذا يدل على أنه كما أنه يجب أن يكونوا له في البر سواء فكذلك يجب عليه أن يسوي بينهم في الهبة
الرابع : قوله حين سأله أفعلت هذا بولدك كلهم قال لا قال اتقوا الله واعدلوا في أولادكم فدل على أن ترك العدل خلاف التقوى إذاً فالقول الصحيح أن التفضيل حرام لما ذكر ولما يؤدي إليه من القطيعة بين الأولاد فالمفضل عليه يشعر بأن أباه قد عمل في حقه شيئاً محرماً واقترف في ذلك ظلماً ومأثماً بكونه أعطى فلاناً ولم يعطني
وبالله التوفيق .
--------
تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.
تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ
تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 4 ]
[ المجلد الرابع ]
رابط تحميل الكتاب :
http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam4.pdf
ام عادل السلفية
11-12-2015, 09:08PM
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام
للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -
[282]الحديث الثامن :
عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما أن النبي ﷺ عامل أهل خيبر بشطر ما يخرج منها من ثمر أو زرع
موضوع الحديث:
جواز المزارعة والمساقاة بجزء من الثمرة في الزرع وبجزء من ثمرة الأشجار التي عليها المساقاة
المفردات
قوله عامل أهل خيبر : أي اتفق معهم على أن يعملوا في أرض خيبر بإصلاحها وزراعتها على شطر ما يخرج منها من ثمر أو زرع
الشطر :هو النصف
الثمر : هو ثمر النخل غالباً
المعنى الإجمالي
أباح الله عز وجل لعباده أن يتعاونوا على البر والتقوى وينتفع بعضهم من بعض فهذا يكون عنده أراضي وليس عنده قدرة على زرعها فيعطي من ليس عنده أراضي ليزرعها على شطر ما خرج منها أو على حسب ما يتفقان عليه
فقه الحديث
يؤخذ من هذا الحديث جواز المزارعة بأن يكون لأحدهما أرض ويعطي من لا أرض له حتى يصلحها ويهيئها للزرع ثم يزرعها على بعض ما يخرج منها سواء كان المتفق عليه هو شطر الخارج أو ثلثه أو ربعه أو غير ذلك بحسب ما يتفقان عليه وقد اختلف أهل العلم في جواز هذه المعاملة فبعضهم أجازها وبعضهم منعها فذهب بعضهم إلى جواز هذه المعاملة وممن ذهب إلى ذلك وهو كراء الأرض بجزء مما يخرج منها مالك والثوري والليث بن سعد وأحمد والشافعي وجميع الفقهاء المحدثين وأهل الظاهر وجماهير العلماء كما قاله النووي في شرح مسلم والحافظ في فتح الباري وبه قال الجمهور أهـ من العدة للصنعاني بتصرف
وذهب آخرون إلى عدم جواز هذه المعاملة وقرروا منعها وحكموا ببطلانها وممن ذهب إلى ذلك أبو حنيفة وزفر بل قرر أبو حنيفة وزفر أن المزارعة والمساقاة فاسدتان سواء جمعهما في عقد أو فرقهما ولو عقدتا فسختا زاعمين بأن هذه معاملة باطلة لأنها على أجر مجهول وذهب قوم إلى جواز المساقاة دون المزارعة أما المزارعة فإنها تجوز تبعاً للمساقاة على البياض المتخلل بين شجر النخل ثم اختلفوا فيما تجوز عليه المساقاة فقال داود تجوز على النخل خاصة وقال الشافعي تجوز على النخل والعنب وقال مالك تجوز على جميع الأشجار والمقصود به الأشجار التي لها ثمر كالزيتون والتفاح والبرتقال وغير ذلك
وأقول : إن القول بجواز إيجار الأرض بشطر ما يخرج منها من زرع والمساقاة على النخل وغيره ببعض ما يخرج منها من ثمر على حسب الاتفاق أن ذلك جائز للأدلة الصحيحة الصريحة أما ما ورد من النهي عن المخابرة والمزابنة فإنما المقصود به شيئان
الأول : أن يشتري الثمر على رؤوس الشجر بثمر من جنسه يابساً
والثاني : أن يعين أماكن الزرع ويجعل لنفسه شيئاً وللعامل شيئاً كما في حديث رافع بن خديج أما ما عدا ذلك وهو كونه يزرع الأرض على بعض ما يخرج منها فإن ذلك جائز للأدلة الصحيحة الصريحة وما اعتذر به الحنفيون عن الحديث فهو اعتذار في غير محله وكم لأصحاب أبي حنيفة من شطحات في التأويل وتعسفات لإبطال الدليل ومحاولات لتقديم رأي الإمام على قول رسول الله ﷺ الإمام الحق بالقال والقيل وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على التعصب الممقوت واعتذارهم عن الحديث حديث عبدالله ابن عمر هذا بأن اليهود كانوا مملوكين للنبي ﷺ أقول هذا زعم باطل تخالفه الأدلة التي لا مطعن فيها ولا مرد لها كحديث القسامة وإرسال النبي ﷺ عبدالله بن رواحة كي يخرص عليهم وحديث عبدالله بن عمر هذا هذه كلها أدلة واضحة تنفي ما قالوا وتدل على أن قولهم هذا إنما يحملهم عليه التعصب فإنا لله وإنا إليه راجعون والخلاصة أنه يجوز أن تؤجر الأرض بالذهب والفضة ويكون الأجر معلوماً من حين الاتفاق وتؤجر ببعض ما يخرج منها بأن يكون جزءاً شائعاً في الثمرة كالنصف أو الثلث أو الربع أو غير ذلك وكتاب الله وسنة رسول الله ﷺ شاهدة بذلك وبالله التوفيق .
ويؤخذ من الحديث جواز التعامل مع أهل الكتاب سواء كانوا يهود أو نصارى في الزراعة أو غيرها وأن ذلك لا يكون من التولي للكفار والذي حرمه الله بقوله ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ قَدْ يَئِسُوا مِنَ الآخِرَةِ كَمَا يَئِسَ الْكُفَّارُ مِنْ أَصْحَابِ الْقُبُورِ ) [ الممتحنة : 13]
--------
تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.
تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ
تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 4 ]
[ المجلد الرابع ]
رابط تحميل الكتاب :
http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam4.pdf
التصفية والتربية
TarbiaTasfia@
.
ام عادل السلفية
14-12-2015, 08:19PM
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام
للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -
[283]الحديث التاسع :
عن رافع بن خديج قال كنا أكثر الأنصار حقلاً وكنا نكري الأرض على أن لنا هذه ولهم هذه ربما أخرجت هذه ولم تخرج هذه فنهانا عن ذلك فأما بالورق فلم ينهنا
ـ ولمسلم عن حنظلة بن قيس قال سألت رافع بن خديج عن كراء الأرض بالذهب والورق فقال لا بأس به إنما كان الناس يؤاجرون على عهد رسول الله ﷺ بما على الماذيانات وأقبال الجداول وأشياء من الزرع فيهلك هذا ويسلم هذا ولم يكن للناس كراء إلا هذا ولذلك زجر عنه فأما شيء معلوم مضمون فلا بأس به .
الماذيانات الأنهار الكبار والجدول النهر الصغير
موضوع الحديث :
حول كراء الأرض للزراعة ما يجوز منه وما لا يجوز
المفردات
كنا أكثر الأنصار حقلاً : المراد بالحقل هو الزرع أو الأرض الصالحة له
وكنا نكري الأرض : بمعنى نؤجرها على من يصلحها بشيء من غلتها
على أن لنا هذه ولهم هذه : معنى ذلك أن أصحاب الحقول يشترطون شيئاً لأنفسهم وشيئاً لمن يزارع معهم
قوله ربما أخرجت هذه ولم تخرج هذه : بمعنى أن في ذلك مخاطرة ومغامرة لأنه قد يصلح هذا ويفسد ذاك وقد يفسد هذا ويصلح ذاك
قوله فأما بالورق : يعني بالدراهم فلم ينهنا
فالحديث الثاني يسجل هذا المعنى بصورة أوضح حيث بين أن كراء الأرض بالذهب والورق لم ينه عنه النبي ﷺ وإنما نهى عن مؤاجرة الأرض بشيء من ثمر الزرع حيث يشترط صاحب المال شيئاً معلوماً لقوله إنما كان الناس يؤاجرون على عهد رسول الله ﷺ بما على الماذيانات والمقصود بالماذيانات مجاري الماء جمع ماذيانة وهو ما يسمى عندنا بالمسرب الذي يجري فيه الماء فربما أثمرت هذه وتخلفت هذه فيحصل الغبن لأحدهما وقد بين ذلك بقوله فيهلك هذا ويسلم هذا ولذلك زجر عنه
قال فأما شيء معلوم مضمون فلا بأس به
المعنى الإجمالي
شرع الله ضامن للمصلحة ودافع للمفسدة يبيح ما تضمن المصلحة ويمنع ما يؤدي إلى المفسدة ولما كان اشتراط مجاري الماء وأقبال الجداول وما أشبه ذلك فيه غبن على المزارع الأجير وقد يكون فيه غبن على الآخر لذلك نهى النبي ﷺ وأباح ذلك بالذهب والفضة وبجزء شائع في الثمرة كالنصف والثلث والربع ومنعه بشيء معلوم كيلاً من جنسه أو غير جنسه لأن هذه هي المزابنة والمخابرة المنهي عنها
فقه الحديث
وردت في كراء الأرض أحاديث كثيرة جداً بعضها نهى فيه النبي ﷺ عن كراء الأرض بالكلية وبعضها يفيد جواز كرائها بالذهب والفضة وبعضها يجيز كرائها ببعض ما يخرج منها على أن يكون جزءاً شائعاً في الثمرة معلوم المقدار بالنسبة لما تخرجه الأرض
وقد حملت هذه الأحاديث على ثلاثة أحوال :-
الحال الأول : أن النبي ﷺ كان في أول الإسلام وبعد أن هاجر وكان المهاجرون بحاجة إلى الإعانة والعطف عليهم فلما قدم النبي ﷺ المدينة والأنصار أصحاب الأراضي يكرونها فنهاهم عن ذلك وأمرهم أمراً لا عزيمة فيه بأن يمنحوها إخوانهم فعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما قَالَ كَانَ لِرِجَالٍ فُضُولُ أَرَضِينَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ _ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ _ مَنْ كَانَتْ لَهُ فَضْلُ أَرْضٍ فَلْيَزْرَعْهَا أَوْ لِيَمْنَحْهَا أَخَاهُ فَإِنْ أَبَى فَلْيُمْسِكْ أَرْضَهُ ) وبذلك جزم ابن عباس رضي الله عنهما وذلك حثاً منه صلوات الله وسلامه عليه على التعاطف والتباذل
الحالة الثانية : نهي النبي ﷺ عن كراء الأرض على شيء معلوم من الزرع بحيث يشترط صاحب الأرض أن يكون له هذا المكان وللآخر ذلك المكان فيصلح هذا ويخيب هذا فنهى عن ذلك لأنه شيء مجهول
الحالة الثالثة :النهي عن كراء الأرض بطعام من جنس ما يزرع فيها بأن يكون ذلك الطعام معلوماً مضموناً وكذلك لو كان الطعام من غير جنس ما يزرع فيها فإنه يؤدي إلى بيع شيء مجهول بمعلوم وحاضر بغائب أما إذا كانت المزارعة على سبيل الكراء بالذهب والفضة وبالسنة بأن يكون له في السنة كذا فهذا جائز لا شيء فيه وكذلك لو أجرها بشيء غير الذهب والفضة ولم يكن مكيلاً حتى ولو كان من غير جنسه لأنه يؤدي إلى بيع جنس بغير جنسه أحدهما حاضر والآخر نسيئة وذلك نوع من أنواع الربا وأما إذا كان الشيء المشترط للأجير أو لصاحب الأرض معلوماً شائعاً في الثمر كالنصف والثلث والربع فهذا جائز على القول الصحيح ويشهد له الحديث السابق وهو حديث عبدالله بن عمر رضي الله عنه أن النبي _ عامل أهل خيبر بشطر ما يخرج منها من ثمر أو زرع ) وقد اختلفت مذاهب الناس في هذه المعاملة على أقوال حكاها الصنعاني في العدة
فالأول :هو قول طاووس والحسن البصري لا يجوز بحال سواء أكراها بطعام أو ذهب أو ورق أو جزء من زرعها لإطلاق أحاديث النهي عن كراء الأرض
الثاني : قول أبي حنيفة والشافعي وكثير يجوز إجارتها بالذهب والفضة والطعام والثياب وسائر الأشياء سواء كان من جنس ما يزرع فيها أم لا ولا يجوز إجارتها بجزء مما يخرج منها كالثلث والربع وهي المخابرة .
الثالث : قول ربيعة يجوز في الذهب والفضة فقط ومثله قال مالك وبغير النقدين إلا الطعام .
الرابع:قول أحمد وأبي يوسف ومحمد بن الحسن وجماعة من المالكية وآخرين يجوز إجارتها بكل شيء وبالثلث والربع وتقدم أنه الذي اختاره النووي وكذلك الخطابي وغيرهم .
وأقول : هناك اختلاف في مذهب أبي حنيفة خلاصته أنه منع المزارعة والمساقات بجزء مما تخرجه الأرض ولو كان معلوماً شائعاً في الثمرة وهذا مصادم للنصوص وأجازه فيما سوى ذلك فليعلم هذا وبالله التوفيق .
--------
تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.
تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ
تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 4 ]
[ المجلد الرابع ]
رابط تحميل الكتاب :
http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam4.pdf
ام عادل السلفية
14-12-2015, 08:58PM
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام
للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -
[284]الحديث العاشر :
عن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما قال قضى رسول الله ﷺ بالعمرى لمن وهبت له .
وفي لفظ من أعمر عمرى له ولعقبه فإنها للذي أعطيها لا ترجع إلى الذي أعطاها لأنه أعطى عطاءً وقعت فيه المواريث
وقال جابر ( إنما العمرى التي أجازها رسول الله ﷺ أن يقول هي لك ولعقبك فأما إذا قال هي لك ما عشت فإنها ترجع إلى صاحبها )
وفي لفظ مسلم ( أمسكوا عليكم أموالكم ولا تفسدوها فإنه من أعمر عمرى فهي للذي أعمرها حياً وميتاً ولعقبه )
موضوع الحديث :
العمرى والرقبى وحكمهما
المفردات
العمرى : مشتقة من العمر وهي إباحة المنافع للمعمر مدة عمره
والرقبى : هي أن يعطيه حتى يموت الأسبق منهما فيظل كل منهما يراقب موت الآخر
العمرى : هي العطية مدة العمر كما قلنا
قوله ولعقبه : أي ورثته
قوله التي أجازها رسول الله ﷺ : أي جعلها نافذة لمن أعطيها
قوله هي لك ما عشت : أي ما بقيت حياً
قوله ولا تفسدوها : أي بالهبات التي تفوت عليكم أموالكم
المعنى الإجمالي
يخبر جابر بن عبدالله رضي الله عنهما أن رسول الله ﷺ قضى بالعمرى لمن وهبت له أي حكم بها لمن وهبت له وهذا اللفظ يحتمل أنه مقيد وأن قضاء النبي ﷺ نافذ بالقيد بأن يقول هي لك مدة حياتك ولعقبك ويحتمل أن كل عمرى فإنها تكون لمن أعمرها ولورثته وسيأتي التفصيل في فقه الحديث
فقه الحديث
أولاً : أن لفظ العمرى والرقبى يدخل فيه حالات ثلاث
الحالة الأولى : أن يقول له هذه الدار أو القطعة الزراعية أو ما أشبه ذلك لك عمرك ولعقبك من بعدك وهذه الصيغة متفق على أنها تكون لمن أعمرها ولا تعود إلى المعمر
الحالة الثانية : أن يقول له هي لك ما عشت فإن مت رجعت إليّ وهذه الأظهر فيها أنها تمليك للمنافع في مدة محدودة تنتهي بموت المعمر واشتراطه رجوعها يجعلها عارية تعود إلى صاحبها إن مات المعمر
الحالة الثالثة : حالة الإطلاق وهذه الحالة هي التي فيها الإشكال هل تكون إلى صاحبها أو أنها تكون للمعمر ولعقبه مثل الأولى وهو أن يقول هذه الدار لك ما عشت ولا يشترط الرجوع ولا يجعلها نافذة للعقب والذي يتبين أن الحكم في الصيغة الأولى أنها تكون للمعمر ولعقبه لما جاء من التقييد عن الراوي نفسه وهو جابر بن عبدالله رضي الله عنهما ولأن قوله فإنها للذي أعطيها لا ترجع إلى الذي أعطاها لأنه أعطى عطاءً وقعت فيه المواريث وكذلك في الرواية الثالثة إنما العمرى التي أجازها رسول الله ﷺ أن يقول هي لك ولعقبك فتبين من هذا أن النافذة هي ما قيدت بقوله هي لك ولعقبك وقوله لأنه أعطى عطاءً وقعت فيه المواريث أي أن هذا المعمر قال هي لك ولعقبك فكأن الرجوع في هذه الهبة محرم لأنها هبة صريحة لم تقتصر على المعمر ولكن تعدته إلى عقبه وهي داخلة تحت قوله ﷺ كما في حديث ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ قَالَ ( الْعَائِدُ فِي هِبَتِهِ كَالْكَلْبِ يَقِيءُ ثُمَّ يَعُودُ فِي قَيْئِهِ )
أما الحكم في الحالة الثانية وهي أن يقول هي لك ما عشت فإن مت رجعت إليَّ وأعني بذلك اشتراط المعمر رجوع هذه العمرى إلى صاحبها والأظهر أن هذه عارية موقتة بموت المعمر وأنها ترجع إلى صاحبها متى مات المعمر سواء كان المعمر حياً أو قد توفي فتعود إلى ورثته فهذه كما قلت عارية وهو القول الصحيح .
الحالة الثالثة : أن يقول هي لك ما عشت ولا يشترط الرجوع ولا يدخل فيها كون العطية مستمرة للعقب فهذه فيها خلاف وقد ذكر الصنعاني في العدة بأن عدم رجوع هذه المطلقة إلى واهبها هو مذهب الشافعي في الجديد والجمهور وقال في القديم العقد باطل من أصله والذي يظهر لي أنها ترجع إلى المعمر
أولاً لعدم الشرط فيها وعدم الشرط دال على عدم الاستمرار للعقب .
وثانياً : أن أموال الغير الأصل فيها التحريم قال الله عز وجل ( يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم ) وقال ﷺ في خطبته يوم النحر ( ألا إن دماؤكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا ألا هل بلغت … ) .
وثالثاً : أن التي أنفذها رسول الله ﷺ كما أخبر بذلك الراوي هي ما كانت مقيدة بالعقب وما لم يكن كذلك فالأولى بقاءها لصاحبها لأنه ليس هناك قرينة تدل على نفاذ هذه الهبة كما دلت عليه في الحالة الأولى رابعاً : أن الملك متيقن للمعمر وإعطائه المنفعة للغير لا ينقل ملك الرقبة عن أصلها بل تبقى الرقبة في ملكه حتى ينقلها ناقل صحيح .
--------
تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.
تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ
تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 4 ]
[ المجلد الرابع ]
رابط تحميل الكتاب :
http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam4.pdf
ام عادل السلفية
16-12-2015, 07:19PM
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام
للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -
[285]الحديث الحادي عشر :
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ قال لا يمنعن جار جاره أن يغرز خشبة في جداره ثم يقول أبو هريرة مالي أراكم عنها معرضين ؟ والله لأرمين بها بين أكتافكم
موضوع الحديث
حكم غرز الجار خشبه في جدار جاره وأنه يجب على الجار أن يأذن لجاره
المفردات
لا يمنعن جار جاره أن يغرز خشبةً أو خشبه في جداره :أن وما دخلت عليه في تأويل المصدر مجرور بمن مقدرة أي لا يمنعن جار جاره من غرز خشبه في جداره
المعنى الإجمالي
أن النبي ﷺ أمر الجار أن يتعاون مع جاره ويأذن له بغرز خشبه في جداره
فقه الحديث
يؤخذ من هذا الحديث أن الواجب على الجار أن يأذن لجاره في غرز خشبه وأن ذلك من حقوق الجار على جاره لكن يبقى معنا شيء آخر وهو أنه إذا غرز الجار خشبه في جدار جاره صار خطراً على جدار الجار الآذن فإنه في هذه الحالة ينبغي له أن يدعم خشبه باسطوان يجعله تحت الخشبة دفعاً للضرر عن جاره لأن الشرع أمر بذلك لينتفع الجار صاحب الخشبة أو الخشب وإذا كان انتفاعه يجلب ضرراً على أخيه
فإنه في هذه الحالة يجب عليه أن يدعم خشبه بأسطوانٍ حتى لا يكون انتفاعه جالباً للضرر على أخيه
وبالله التوفيق
--------
تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.
تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ
تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 4 ]
[ المجلد الرابع ]
رابط تحميل الكتاب :
http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam4.pdf
ام عادل السلفية
17-12-2015, 01:40AM
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام
للعلامة : احمد النجمي
-رحمه الله -
[286]الحديث الثاني عشر :
عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله ﷺ قال من ظلم قيد شبر من الأرض طوقه من سبع أرضين .
موضوع الحديث :
الترهيب من الظلم في الأرض
المفردات :
من ظلم : الظلم هو أخذ مال الغير إما لنفسه أو لشخص آخر وتعريفه هو وضع الشيء في غير موضعه حتى أن العبادة لغير الله عز وجل وهي الشرك به سميت ظلماً لأنها وضعت في غير موضعها ومن ذلك قوله عز وجل حكاية عن لقمان عليه السلام ( يا بني لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم )
قيد شبر : أي قدر شبر أو مساحة شبر والشبر ما بين طرف الإبهام وطرف الخنصر من اليد الواحدة إذا وضعت مبسوطة والقيد بالكسر أي بكسر القاف وإسكان الباء المثناة بعدها دال وهو القدر
طوقه : أي حُمِّله يوم القيامة من سبع أرضين
المعنى الإجمالي
أخبر النبي _ أن من أخذ شبراً من الأرض ظلماً حُمَّل به يوم القيامة وطوقه وكلفه أي كلف حمله من سبع أرضين
فقه الحديث
أولاً : يؤخذ من قوله من ظلم أن هذه العقوبة لا تكون إلا على من ظلم متعمداً أما من حصل له هذا الشيء عن خطأ ظناً منه أن هذا ماله أو تابعاً لماله فنرجوا أن لا يكون كذلك
ثانياً : يؤخذ من قوله قيد شبر أي قدر شبر وهو أدنى مقدار في مساحات الأرض ويمكن أن يكون الفوت الذي هو طول القدم بمقدار الشبر أو قريباً منه أما الذراع فذراع كل واحد شبرين بيده ثم الباع وهو المسافة بين طرف اليد اليمنى واليد اليسرى إذا مدهما الرجل والناس يتعاملون ويتخاطبون بهذه المقادير سواء كان في ذرعة الأرض أو ذرعة الأشياء المذروعة من الثياب وغيرها هذا هو المعروف في الأزمنة المتقدمة والآن التعامل أصبح بالمتر والمهم أن النبي ﷺ ذكر أدنى ما كان معروفاً في تلك الأزمنة محذراً من الوقوع في ظلم الأرض ومرهباً من ذلك
ثالثاً : اختلف في معنى طوقه على أقوال ذكرها الأمير الصنعاني في العدة وهي
أولها : أن تكون طوقاً في عنقه كالغل قلت وهذا التأويل مأخوذ من لفظ طوقه لذلك فلعله هو الأقرب
ثانيها : أنه يلزمه إثم ذلك كلزوم الطوق وهذا التأويل فيه بعد لأن النبي ضلى أشار أنه يطوق بالأرض نفسها لا بإثمها
ثالثها : يحمل مثله من سبع أرضين رابعها : يعاقب بالخسف إلى سبع أرضين فتكون كل أرض في تلك الحالة طوقاً في عنقه خامسها : يكلف نقل ما ظلم منها يوم القيامة إلى المحشر
وأقول : نؤمن بأن الله عز وجل يعاقب من فعل ذلك بتطويقه الأرض التي غصبها كيف شاء الله وعلى أي وجه شاء فهو القادر على ذلك
رابعاً: يؤخذ من هذا الحديث أن من ملك وجه الأرض ملك ما تحتها وما فوقها فإذا كان في الأرض معدناً فملك ذلك المعدن تابعاً لمالك الأرض
خامساً : يؤخذ منه أن السبع الأرضين متصل بعضها ببعض وليست كالسموات منفصلة
سادساً : يؤخذ منه أنها لو كانت منفصلة لما كلف وطوق بها من سبع أرضين أما قوله سبحانه وتعالى (اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الأَرْضِ مِثْلَهُنَّ … ) [ الطلاق : 12] فالمراد بالمثلية في هذه الآية المماثلة في العدد وهذه من الأمور الغيبية التي لا يعلمها إلا الله عز وجل وعلى العبد أن يقف عند حدود علمه وعقله ولا يتجاوز ذلك
وبالله التوفيق
--------
تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.
تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ
تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 4 ]
[ المجلد الرابع ]
رابط تحميل الكتاب :
http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam4.pdf
ام عادل السلفية
17-12-2015, 11:26PM
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام
للعلامة : احمد النجمي
-رحمه الله -
"باب اللقطة"
[287]الحديث الأول:
عن زيد بن خالد الجهني رضي الله عنه قال ( سئل رسول الله ﷺ عن لقطة الذهب أو الورق ؟ فقال :اعرف وكاءها وعفاصها ثم عرِّفها سنة . فإن لم تعرف فاستنفقها ولتكن وديعة عندك فإن جاء طالبها يوماً من الدهر فأّدها إليه
وسأله عن ضالة الإبل ؟ فقال : مالك ولها ؟ دعها فإن معها حذاءها وسقاءها ترد الماء وتأكل الشجر حتى يجدها ربها
وسأله عن الشاة ؟ فقال خذها : فإنما هي لك أو لأخيك أو الذئب ).
موضوع الحديث :
أحكام اللقطات والضوال
المفردات
اللقطة : هي ما يلتقط مما له قيمة كالذهب والفضة وغيرهما مما يلتقط باليد
قوله اعرف وكاءها : الوكاء هو ما توكى به وهو الرباط الذي يكون على فمها
عفاصها : العفاص هو الوعاء الذي تجعل فيه النفقة ثم يربط عليها والأمر بمعرفة ذلك ليكون وسيلة إلى معرفة هذه اللقطة إذا عرفها الملتقط
عرفها سنة : بأن تقول من له ضالة ولا ينبغي أن تشير إلى بعض صفاتها بل تقول من له ضالة ولا تذكر شيئاً آخر ربما تذرع به مدعيها فلبَّس عليك الأمر
قوله عرفها سنة : السنة إما أن تكون بالأشهر وإما أن تكون بالفصول فالفصول أربعة والأشهر اثني عشر
استنفقها : بمعنى أنك أنفقها بعد كمال الحول في حاجاتك وشئونك واحتفظ بوسائل التعريف لقوله ولتكن وديعة عندك
قوله ما لك ولها : يعني اتركها وقد أوضح ذلك بقوله دعها فإن معها حذاءها وسقاءها يعني أنها مستغنية عمّن يحفظها فهي تمتنع بنفسها وتتحمل العطش وتأكل الشجر
فوله حتى يجدها ربها : أي صاحبها
وقال في الشاة إنما هي لك أو لأخيك أو للذئب وهذا حث على إلتقاطها
المعنى الإجمالي
أمر النبي ﷺ الملتقط للذهب والورق وما في معناهما أن يعرف وكاء اللقطة وعفاصها ثم يرفعها ويعرفها سنة فمتى وجد من عرفها أداها إليه أما ضالة الإبل فإنه قد نهاه عن إيوائها إليه وأما الشاة فإنه أمره بأخذها وقال هي لك أو لأخيك أو للذئب
فقه الحديث
أولاً : يؤخذ من هذا الحديث وجوب معرفة صفة اللقطة وما يتعلق بها من وكاء ووعاء وعدد وأمثال ذلك ويظهر من قوله اعرف وكاءها وعفاصها أن الأمر هنا أمر إيجاب للاهتمام بها ومعرفة ما يتعلق بها
ثانياً : أنه يجب عليه أن يعرفها سنة كاملة
ثالثاً : التعريف يكون في المجامع وأن يكون عاماً حتى لا يدل على بعض صفاتها
رابعاً : قوله فإن لم تعرف فاستنفقها أي إن لم يعرفها أحد فهي لك وقد قال في بعض ألفاظ الحديث وَإِلا فَهُوَ مَالُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ
خامساً : أنه إن مضت المدة فإنها لم تكن ملكاً له وإنما هي وديعة عنده متى وجد صاحبها أعطاه إياها لقوله فإن جاء طالبها يوماً من الدهر فأدها إليه
سادساً : وقد نهاه عن إلتقاط ضالة الإبل لما لها من الاستغناء عن الناس لقوله فإن معها حذائها وسقائها ترد الماء وتأكل الشجر
سابعاً: قوله حتى يجدها ربها أي صاحبها ومالكها فإن ذلك أقرب إلى وجوده إياها أما إن دخلت في إبل الغير فإنها لا تعرف إلا بالدلالة عليها
ثامناً : وقد سأله عن ضالة الغنم فأمره بأخذها لأن أخذها قد يكون أصون لها حيث قال إنما هي لك أو لأخيك أو للذئب وليس هذا مقصود به تملكه لها وإنما المقصود حفظها وصونها فإذا أخذها إنسان ممن يخشون الله ويتقونه فإن ذلك أقرب إلى معرفتها ورجوعها إلى صاحبها أما لو تركت فأكلها الذئب فإنه يترتب على ذلك تفويت المصلحة على الملتقط وصاحب الضالة الأساسي
تاسعاً : يخرج عما ذكرنا من تملك اللقطة لقطة الحرم فإنها لا تحل لملتقطها لقول النبي ﷺ في الحرم المكي (وَلا تَحِلُّ سَاقِطَتُهَا إِلا لِمُنْشِدٍ ) فإن لم يجد من يعرف هذه اللقطة فعليه أن يقدمها للمحكمة الشرعية وبالله التوفيق
--------
تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.
تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ
تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 4 ]
[ المجلد الرابع ]
رابط تحميل الكتاب :
http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam4.pdf
ام عادل السلفية
20-12-2015, 01:09AM
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام
للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -
"باب الوصايا"
[288]الحديث الأول :
عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله ﷺ قال ما حق امريء مسلم له شيء يوصي فيه يبيت ليلتين إلا ووصيته مكتوبة عنده )
زاد مسلم : قال ابن عمر ما مرت ليلة منذ سمعت رسول الله ﷺ يقول ذلك إلا وعندي وصيتي ) .
موضوع الحديث :
الأمر بالوصية والمبادرة بها خوفاً من دهوم الأجل قبل قضاء الحقوق
المفردات
الوصايا : جمع وصية والوصية هي إلتزام بحق للغير لينفذ بعد الموت أو بحق عليه ليقضى بعد الموت إن فاجأه وهي مأخوذة من الوصي وهو الوصل لأن الموصي وصل حياته بموته بكونه أمر بشيء من التصرف ينفذ عند موته وانقطاع تصرفه
ما حق امريء مسلم له شيء يوصي به : أي ليس من حقه التساهل في الوصية وعدم الإسراع بها
قوله له شيء يوصي فيه إما أن يكون واجباً كدين عليه أو مندوباً والمندوب ما رغب الشرع في فعله فيأمر بفعله أو يريد أن يتبرع بشيء لله عز وجل أو لأحد من الناس أو يعترف بشيء من الحقوق
المعنى الإجمالي
حث النبي ﷺ على كتابة الوصية ليكون فيها تلافي ما هو له أو عليه وما يريد أن يوصي به
فقه الحديث
أولاً : يؤخذ من الحديث المبادرة بمشروعية الوصية وهل هي واجبة أو مندوبة في هذا خلاف بين العلماء وذكر ابن عبد البر أن الجمهور يقولون بعدم الوجوب قال الصنعاني في العدة ونسب ابن عبدالبر عدم الإيجاب إلى الإجماع سوى من شذ كما قال واستدل لعدم الوجوب بأنه لو لم يوصي لوجبت قسمة تركته بين ورثته بالإجماع فلو كانت الوصية واجبة لأخرج من ماله سهم ينوب عن الوصية .
وأقول : إن صيغة ما ورد عن النبي ﷺ لا تشجع على القول بالوجوب أما الآية التي في سورة النساء فهي منسوخة بآيات المواريث
ثانياً : الوصية تنقسم إلى قسمين واجبة وهي الوصية بالحقوق التي عليه ومستحبة وهي الوصية بما يكون منه ثواب له بعد موته
ثالثاً : يؤخذ من قول ابن عمر رضي الله عنه ما مرت عليّ ليلة منذ سمعت رسول الله ﷺ إلا وعندي وصيتي يؤخذ من هذا منزلة الصحابة في المسارعة إلى أوامر الله ورسوله ﷺ وعدم التباطئ في ذلك كما يفعل أهل هذا الزمان
رابعاً : سمح بالليلتين والثلاث من أجل أن الإنسان قد يعذر فيهما أما ما عدا ذلك فتسقط الأعذار فيه والله أعلم
خامساً : ينبغي أن تجدد الوصية وبالأخص إذا كان فيها ديون وقضى بعضها وبقي بعض واستجد شيء وذهب شيء وفي هذه الحالة لا بد من التجديد فنسأل الله الكريم أن يعفو عنا ويغفر لنا ولسائر المسلمين
وبالله التوفيق .
--------
تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.
تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ
تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 4 ]
[ المجلد الرابع ]
رابط تحميل الكتاب :
http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam4.pdf
ام عادل السلفية
20-12-2015, 01:18AM
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام
للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -
[289]الحديث الثاني :
عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال جاءني رسول الله ﷺ يعودني عام حجة الوداع من وجع اشتد بي فقلت يا رسول الله قد بلغ بي من الوجع ما ترى وأنا ذو مال ولا يرثني إلا ابنة أفأتصدق بثلثي مالي قال لا قلت فالشطر يا رسول الله قال لا قلت فالثلث قال الثلث والثلث كثير إنك أن تذر ورثتك أغنياء خير من أن تذرهم عالة يتكففون الناس وإنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا أجرت بها حتى ما تجعل في فيّ امرأتك قال قلت يا رسول الله أخلف بعد أصحابي قال إنك لن تخلف فتعمل عملاً تبتغي به وجه الله إلا ازددت به درجة ورفعة .ولعلك أن تخلف حتى ينتفع بك أقوام ويضر بك آخرون اللهم امض لأصحابي هجرتهم ولا تردهم على أعقابهم لكن البائس سعد بن خولة يرثي له رسول الله _ أن مات بمكة ) .
موضوع الحديث :
الوصية بكم تكون وما هو المطلوب في حق الورثة
المفردات
يعودني : المقصود هنا العيادة من المرض وهي زيارة المريض
عام حجة الوداع : هذا هو المشهور وقد ورد أنه في عام الفتح
من وجع : المراد بالوجع المرض
اشتد بي : من الشدة وهي ضد الخفة
قوله ولا يرثني إلا ابنة : أي ابنة واحدة
أفأتصدق بثلثي مالي : استفهام وكانت الإجابة لا
قلت فالشطر : أي النصف قال لا
قلت فالثلث : قال الثلث والثلث كثير ، المقصود بالكثرة أي كثرة الموصى به وفيه إشارة إلى الغض من الثلث وأنه أفضل
إنك أن تذر : ورد بفتح الهمزة وكسرها ومعنى أن في حال الفتح تعريفية ومعنى إن بالكسر شرطية
قوله أغنياء : أي تتركهم وعندهم غناً يغنيهم عن تكفف الناس أولى من أن تحوجهم على التكفف
خير : هو جواب الشرط على رأي مالك بتقدير فهو خير أما معنى التعريف فهو ضمير للمبتدأ المنسبك من المصدر أي تركك ورثتك أغنياء خير
من أن تذرهم : تتركهم
عالة : فقراء
يتكففون الناس : يطلبونهم بأكفهم
قوله وإنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله : أي تريد بها وجه الله
إلا أجرت عليها : أي كتب لك بها أجر
حتى : للغاية في القلة أي حتى الذي تجعله في فيء امرأتك من الطعام
قلت يا رسول الله أخلف بعد أصحابي :أي أتأخر عنهم إذا ارتحلوا عن مكة التي هي بلدي الذي هاجرت منه
قال إنك لن تخلف فتعمل عملاً تبتغي به وجه الله : أي تريد به وجه الله
إلا ازددت به درجة ورفعة : المقصود به رفع الدرجات في الجنة بكثرة الثواب
ولعلك أن تخلف : لعل للترجي والضمير اسمها
حتى ينتفع بك أقوام ويضر بك آخرون : والمراد به انتفاع المؤمنين بسعد وما وهبه الله على يديه من الفتوح والغنائم ويضر بك آخرون المقصود به ما يحصل على المشركين من القتل والسبي والهزائم
قوله اللهم امض لأصحابي هجرتهم ولا تردهم على أعقابهم : دعاء من النبي ﷺ لأصحابه
قوله ولكن البائس سعد بن خولة : البائس هو الذي وقع عليه البأس وهو الفقر والحاجة والمسكنة يرثي له رسول الله ﷺ أن مات بمكة
المعنى الإجمالي
زار النبي ﷺ سعد بن أبي وقاص في مرض أصابه وهو بمكة فقام سعد يسأله عن الوصية لأنه لم يكن له في ذلك الحين إلا ابنة واحدة فأراد أن يوصي بثلثي ماله فنهاه النبي ﷺ ثم أراد أن يوصي بالشطر فنهاه ﷺ ثم استأذنه في الثلث فقال صلى الثلث والثلث كثير ولكون سعد من المهاجرين خاف أن يخلف بعد أصحابه فيكون في ذلك انتقاص من أجر هجرته فدار بينه وبين النبي الكريم صلى الحوار الذي ذكر في هذا الحديث.
فقه الحديث
يؤخذ من هذا الحديث عدة مسائل
أولاً : قوله جاءني رسول الله ﷺ يعودني يؤخذ منه مشروعية العيادة للمريض وهذه المسألة تذكر في كتاب الجنائز وفي كتب الأدب
ثانياً : قوله في عام حجة الوداع هذا هو المشهور كما قال الصنعاني رحمه الله في العدة ويظهر أن الصنعاني رحمه الله أخذ من فتح الباري فقال قال الحافظ في الفتح ج5 ص363 على قوله في كتاب الوصايا يعودني وأنا بمكة زاد الزهري في روايته ( في حجة الوداع من وجع اشتد بي ) وله في الهجرة ( من وجع اشفيت منه على الموت ) واتفق أصحاب الزهري على أن ذلك كان في حجة الوداع إلا ابن عيينة فقال في فتح مكة أخرجه الترمذي وغيره من طريقه واتفق الحفاظ على أنه وهم فيه وقد أخرجه البخاري في الفرائض من طريقه فقال بمكة ولم يذكر الفتح قال وقد وجدت لابن عيينة مستنداً فيه وذلك فيما أخرجه أحمد والبزار والطبراني والبخاري في التأريخ وابن سعد من حديث عمرو بن القاري أن رسول الله صلى قدم فخلف سعداً مريضاً حيث خرج إلى حنين فلما قدم من الجعرانة معتمراً دخل عليه وهو مغلوب فقال يا رسول الله (إن لي مالاً وإني أورث كلالة أفأوصي بمالي …... الحديث ) وفيه ( قلت يا رسول الله أميت أنا بالدار التي خرجت منها مهاجراً …. الحديث ) قال ويمكن الجمع بين الروايتين بأن يكون ذلك وقع له مرتين مرة عام الفتح ومرة عام حجة الوداع ففي الأولى لم يكن له وارث من الأولاد أصلاً وفي الثانية كانت له ابنة فقط .
ثالثاً : يؤخذ من قوله من وجع اشتد بي أنه يجوز ذكر اشتداد الوجع إن لم يكن من باب الشكوى بل كان القصد منه حصول دعوة أو إرشاد إلى علاج أو ما أشبه ذلك
رابعاً : يؤخذ من قوله وأنا ذو مال ولا يرثني إلا ابنة أن الوصية ينظر فيها الموصي إلى من يبقى بعده فإن كان المال كثيراً والوارث واحد أمكن أن يوصي بشيء من المال صدقة لله عز وجل
خامساً : يؤخذ من قوله أفأتصدق بثلثي مالي قال لا يؤخذ منه تحريم التصدق بالثلثين ومثل ذلك الشطر لقول النبي ﷺ فيهما لا
سادساً : يؤخذ من قوله فالثلث قال الثلث والثلث كثير يؤخذ منه جواز الوصية بالثلث
سابعاً : يؤخذ من قوله والثلث كثير إرشاد إلى الوصية بما هو أقل من الثلث
ثامناً : قد استطرد مالك رحمه الله في قوله والثلث كثير في مسائل عدة فمثلاً عنده مسح الرأس يجزئ منه الثلث وعنده تقصير الرأس عند التحلل من الإحرام يجزئ منه الثلث وهكذا
تاسعاً : ورد في الرواية كثير وورد في بعضها شك كثير أو كبير وهل المقصود منه أنه يترتب عليه أجر كثير أو كبير وأن التصدق بالثلث هو الأكمل وأن المراد كثير أجره أو أن المراد كثير غير قليل ورجح الشافعي هذا الأخير وأخذ منه ابن عباس رضي الله عنهما أنه ينبغي الغض من الثلث إلى الربع
عاشراً : يؤخذ من قوله إنك إن تذر ورثتك أغنياء ورد فيه روايتان رواية بفتح الهمزة من أن على التقليل ورواية بكسر الهمزة من إن على أنها شرطية وأنكر بعضهم رواية الكسر وهي ثابتة واختلف في خير هل يكون جواباً للشرط فزعم بعضهم أنه يصلح جواباً ورجح مالك ذلك على تقدير فهو خير
الحادي عشر : يؤخذ من قوله إنك إن تذر ورثتك أغنياء خير من أن تذرهم عالة يتكففون الناس أن طلب الغنى للورثة مستحباً شرعاً بحيث أن ذلك يعزهم ويغنيهم عن سؤال الناس وأن ذلك خير من التصدق
الثاني عشر: يؤخذ من قوله خير من أن تذرهم عالة يؤخذ من ذلك أن ترك الورثة عالة يتكففون الناس أمر محذور ومذموم
الثالث عشر : يؤخذ من قوله وإنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا أجرت بها حتى ما تجعل في فئ امرأتك يؤخذ من هذه الجملة أن الأجر يتوقف على النية وليس كل إنفاق يؤجر صاحبه ما لم يكن مبتغياً به وجه الله والدار الآخرة
الرابع عشر : هل يكتفى بنية واحدة أم لا بد من التجدد بحيث أنه يكون في كل نفقة مبتغياً بها وجه الله الأظهر في نظري أن النية الواحدة يكتفى بها في المستقبل إن لم يعدل عنها
الخامس عشر : يؤخذ من هذا أيضاً أن المباحات تتحول للمؤمن طاعات بإخلاص النية فهو إذا اكتسب المال ليعف ويعف من تحت يده كان المباح في ذلك صدقة وقربة فإن أكل للتقوي على الطاعة كان أكله قربة وإن جامع امرأته ليستعف بها ويعفها كان ذلك قربة وهكذا
السادس عشر : يؤخذ من قوله إلا ازددت بها درجة ورفعة أن الطاعات يرتفع بها العبد في الدرجات وهو لا يشعر ومثل ذلك قوله ( ما من عبد يسجد لله سجدة إلا رفعه بها درجة ) وهذا في الإنفاق وهكذا في جميع الطاعات
السابع عشر : في قوله ولعلك أن تخلف حتى ينتفع بك أقوام ويضر بك آخرون في هذا تعريض لأن قول سعد أخلف بعد أصحابي يقصد التأخر عنهم وعن مزاحمتهم بالأكتاف والأقدام وتسابقهم في نصرة دين الله عز وجل لكن قول النبي ﷺ ولعلك أن تخلف قصد به طول العمر وكذلك حصل حيث كان آخر العشرة المبشرين بالجنة موتاً
الثامن عشر : يؤخذ من هذا معجزة للنبي ﷺ فقد فتح الله على يد سعد بلداناً كثيرة من جهة العراق وهو الذي افتتح المدائن ودخل إيوان كسرى وأرسل كنوزه إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه
التاسع عشر : قوله حتى ينتفع أقوام المراد بالانتفاع ما أجرى الله على يديه من الفتوح والانتصارات وما حازوه من الغنائم على يديه وبقيادته وكل هذا فضل من الله جعله على يدي سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه لقوة إيمانه وقوة شكيمته
العشرون : قوله ويضر بك آخرون يريد به ما حصل من الإضرار على الكفار من النكسات والانتصارات المتوالية عليهم وأخذ بلادهم وطرد أصحاب السلطان منها وتحويلها غنيمة للمسلمين حتى خرج كسرى يزدجرد في سنة ثلاثين (30) من مملكته وقتل .
الحادي والعشرون : دعاء النبي ﷺ لأصحابه بأن يمضي الله لهم هجرتهم ولا يردهم على أعقابهم
الثاني والعشرون : توجعه على سعد بن خولة لموته بمكة حين قال لكن البائس سعد بن خولة يرثي له رسول الله ﷺ أن مات بمكة وحرم الخير الكثير الذي يجعله الله عز وجل للمهاجر بأن يجعل له من بلده إلى مهاجره في الجنة
الثالث والعشرون : وهي الخاتمة نرجوا من الله عز وجل لسعد بن خولة الذي قدر الله له أن يموت بمكة نرجوا له الخير من الله وإن كان قد يكون أنه يصير أقل درجة من غيره والله سبحانه وتعالى قد وعد أنه لا يضيع عمل عامل وما توجع رسول الله ﷺ على سعد بن خولة خوفاً عليه من النار ولكن يرثي له والله أعلم هبوط الدرجة وهذا كله من علم الغيب الذي لا يعلمه إلا الله عز وجل والله سبحانه وتعالى أعلم فنسأل الله أن يغفر لنا إن كنا قد حصل لنا سوء فهم أو خطأ فيما نقول فإنا لم نقصد من وراء ذلك إلا الخير إن شاء الله
وبالله التوفيق .
--------
تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.
تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ
تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 4 ]
[ المجلد الرابع ]
رابط تحميل الكتاب :
http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam4.pdf
ام عادل السلفية
22-12-2015, 05:21PM
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام
للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -
[290]الحديث الثالث :
عن عبدالله بن عباس رضي الله عنهما قال ( لو أن الناس غضوا من الثلث إلى الربع فإن رسول الله قال الثلث والثلث كثير ) .
موضوع الحديث :
استحباب الغض أو النقص من الثلث وهو رأي ابن عباس رضي الله عنهما
المفردات
قد مضت في الحديث السابق
المعنى الإجمالي
استنبط عبدالله بن عباس رضي الله عنهما من لفظ كثير أن الوصية ينبغي أن تكون أقل من الثلث حتى نخرج عما استكثره النبي _
فقه الحديث
أولاً : يؤخذ من هذا الحديث أن الأفضل في
الوصية أن تكون بالربع أو أقل لأن النبي _ استكثر الثلث
ثانياً : أن في هذا دليل على أن الأولى مراعاة مصلحة الورثة أكثر من مراعاة مصلحة الموصى له
ثالثاً : يؤخذ منه أيضاً استخدام لو فيما لم يكن فيه استدراك على القدر وبالله التوفيق .
--------
تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.
تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ
تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 4 ]
[ المجلد الرابع ]
رابط تحميل الكتاب :
http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam4.pdf
ام عادل السلفية
22-12-2015, 05:25PM
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام
للعلامة : احمد النجمي
-رحمه الله -
باب الفرائض
الفرائض جمع فريضة والفرض لغة : القطع وشرعاً : نصيب مقدر لوارث خاص
والفروض ستة وهي نصف وربع وثمن وثلث وثلثان وسدس
فالربع للزوجات أو الزوجة من زوجهن إن لم يكن له ولد أو ولد ولد سواء كانوا ذكوراً أو إناثاً وللزوج من زوجته إن كان لها ولد .
والثمن فرض الزوجات أو الزوجة من زوجها إن كان له بنين أو أبناء بنين أو بنات أو بنات ابن وإن نزلن
والنصف فرض خمسة البنت وبنت الابن والأخت الشقيقة والأخت لأب والزوج يرث من زوجته النصف إن لم يكن لها أولاد منه أو من غيره
والثلثان فرض البنات وبنات الابن والأخوات الشقائق والأخوات لأب
والثلث فرض الأم من ولدها أو بنتها إن لم يكن للميت ولد أو ولد ولد لا ذكراً ولا أنثى ولم يكن معه جمع إخوة
وفرض الأخوة لأم إن لم يكن للميت أولاد ولا أولاد أولاد لا ذكوراً ولا إناثاً ولم يكن له أب ولا جد بشرط أن يكونوا اثنين فأكثر
والسدس فرض سبعة وهم الأب والجد مع الذكور وأولادهم والأم كذلك إن كان هناك أولاد أو أولاد أولاد والجدة مطلقاً والأخ لأم وبنت الابن مع البنت والأخت لأب مع الأخت الشقيقة هذه هي الفروض وهؤلاء هم أصحابها وقد أورد مؤلف العمدة حديث ابن عباس رضي الله عنهما مرفوعاً وهو
[291]الحديث الأول :
عن عبدالله بن عباس رضي الله عنهما عن النبي ﷺ قال ( ألحقوا الفرائض بأهلها فما بقي فهو لأولى رجل ذكر )
وفي رواية ( أقسموا المال بين أهل الفرائض على كتاب الله فما تركت الفرائض فلأولى رجل ذكر )
موضوع الحديث :
أن البداءة في التقسيم تكون بالفرائض وأن العاصب لا يأخذ إلا ما بقي بعدها
المفردات
قوله ألحقوا الفرائض بأهلها : أي أعطوهم إياها
قوله فما بقي : أي ما زاد بعد أهل الفروض
فهو لأولى رجل ذكر : أي لأحق الرجال المرتبطين بالميت في النسب وهو الأقرب إليه
المعنى الإجمالي
أمر الشارع ﷺ بأن تلحق الفرائض بأهلها كلٌ يُعطى فريضته التي أعطاه الله إياها بشرطها فما بقي فهو للمعصب والمعصبون هم الذكور المرتبطون بالميت في النسب وبعدهم أهل الولاء والمولى الذي يعصب هو المنعم على عتيقه بالعتق فإذا مات العتيق ولم يكن له ورثة من النسب ورثه مولاه وهو المنعم عليه بالعتق .
فقه الحديث
يستفاد من هذا الحديث
أولاً : وجوب إلحاق الفرائض بأهلها على ما في كتاب الله وسنة رسول الله ﷺ
ثانياً :إذا بقي شيء بعد الفرائض أخذه العصبة المتعصبون بأنفسهم والعصبة المتعصبون بأنفسهم لا يكونون إلا من الذكور أما النساء فلا تعصب منهن بنفسها إلا المعتقة ولهذا قال الشارح ابن دقيق العيد رحمه الله والحديث يقتضي اشتراط الذكورة في العصبة المستحق للباقي
قلت : لا يخرج عن ذلك الوصف إلا المعتقة فإنها تعصب بنفسها على من أعتقته إذا لم يكن له وارث من النسب وبالله التوفيق .
ثالثاً : العصبة المتعصبون بأنفسهم هم الأولاد الذكور وأولاد الابن والأب والجد والأخوة الأشقاء والأخوة لأب وأبناء الأخوة الأشقاء وأبناء الأخوة لأب والأعمام الأشقاء أو الأعمام لأب وبنو الأعمام الأشقاء وبنو الأعمام لأب .
--------
تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.
تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ
تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 4 ]
[ المجلد الرابع ]
رابط تحميل الكتاب :
http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam4.pdf
ام عادل السلفية
27-12-2015, 04:22PM
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام
للعلامة : احمد النجمي
-رحمه الله -
[292]الحديث الثاني :
عن أسامة بن زيد رضي الله عنهما قال قلت يا رسول الله أتنزل غداً في دارك بمكة ؟ قال وهل ترك لنا عقيل من رباع ؟ ثم قال : لا يرث الكافر المسلم ولا المسلم الكافر .
موضوع الحديث:
عدم التوارث بين الكافر والمسلم
المفردات
من رباع : جمع ربع وهو الدار ثم قال
لا يرث الكافر المسلم ولا المسلم الكافر : الكافر هو من حكم عليه بالكفر بسبب جحود حتى ولو كان مع استيقان القلب أو بسبب إنكار وتكذيب كمن ردوا رسالة رسولهم إنكاراً لها وتكذيباً لمن جاء بها وما يلحق بذلك من أنواع الكفر لقوله تعالى (وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا ) [ النمل : 14 ]
المعنى الإجمالي
سأل أسامة بن زيد رضي الله عنهما رسول الله ﷺ حينما كانوا قادمين إلى مكة اليوم الذي قبل يوم فتح مكة أتنـزل غداً بدارك بمكة فقال النبي _ وكان هذا الاستفهام استفهام إنكار على أسامة بمعنى أن عقيلاً قد باع كل دورهم التي خلفوها في مكة
فقه الحديث
يؤخذ من هذا الحديث :
أولاً : جواز بيع دور مكة لأن النبي ﷺ أقر بيع عقيل ولم يكن عقيل قد باع ما يملك بالوراثة فقط فقد باع دور النبي _ وهو لا يرثه وإنما ورث دور أبي طالب وهذه المسألة أي مسألة بيع دور مكة فيها خلاف كثير وهي مبسوطة في المطولات .
ثانياً : هل ترك بيع عقيل على حاله وعدم الإنكار له يعد من باب أن النبي _ أقر عقود الجاهلية التي قد مضت ولم يبطلها إلا أنه أبطل الربا بقوله ( وإن أول رباً أضعه ربا العباس بن عبدالمطلب )
ثالثاً: ويتولد عن ذلك أن وضع النبي _ للربا لم يكن إبطالاً للصفقة من أصلها وإنما كان إبطالاً لما زاد على رأس المال .
رابعاً : قوله لا يرث الكافر المسلم ولا المسلم الكافر يدل على عموم هذا الحديث على أنه لا يرث مسلم كافراً ولا كافر مسلماً فأما كون الكافر لا يرث المسلم فهذا إجماع في القديم والحديث وأما إرث المسلم الكافر فقد صار فيه خلاف في أول الأمر ثم بعد ذلك حصل الإجماع على ما جاء في الحديث
خامساً : هل يتوارث أصحاب الملل الكفرية المختلفة أم لا ؟ هذا محل نظر وخلاف بين أهل العلم فقد جاء في ذلك حديث (عَنْ جَابِرٍ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ لا يَتَوَارَثُ أَهْلُ مِلَّتَيْنِ ) وقد قيل أن الكفر ملة واحدة والمسألة بحاجة إلى النظر في الأدلة وترجيح ما يترجح بالدليل
وبالله التوفيق .
--------
تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.
تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ
تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 4 ]
[ المجلد الرابع ]
رابط تحميل الكتاب :
http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam4.pdf
ام عادل السلفية
27-12-2015, 04:28PM
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام
للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -
[293]الحديث الثالث :
عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما أن النبي ﷺ نهى عن بيع الولاء وهبته )
موضوع الحديث :
النهي عن بيع الولاء وهبته
المفردات
الولاء : صلة بين المعتِق والمعتَق قامت بهما فلا تقبل الانتقال عمن وصف بها لا ببيع كما كان يفعله أهل الجاهلية ولا بهبة كما كانوا يفعلونه أيضاً .
المعنى الإجمالي
كان أهل الجاهلية يبيع الرجل ولاءه من فلان أو يهب ولاءه لغيره فلما جاء الإسلام نهى النبي ﷺ عن ذلك وأخبر أن هذا الوصف لا ينتقل ببيع ولا هبة بل هو ثابت فيمن قام به .
فقه الحديث
يؤخذ من هذا الحديث
أولاً : أن الولاء وصف قام بالمعتِق والمعتَق فالمعتِق هو المولى الأعلى والمعتِق هو المولى الأسفل وأن هذا الوصف لا ينتقل عمن قام به لا ببيع ولا هبة
ثانياً : يؤخذ من هذا الحديث أنه لو حصل بيع الولاء أو هبته فإنه باطل وعقد مثل ذلك عقد لا يصح حتى وإن تولى المولى الأسفل غير مواليه فإنه مزجور من الشارع وملعون منه بفعله ذلك وقد جاء في الحديث (وَمَنِ ادَّعَى إِلَى غَيْرِ أَبِيهِ أَوِ انْتَمَى إِلَى غَيْرِ مَوَالِيهِ فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ لا يَقْبَلُ اللَّهُ مِنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ صَرْفًا وَلا عَدْلا ) .
--------
تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.
تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ
تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 4 ]
[ المجلد الرابع ]
رابط تحميل الكتاب :
http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam4.pdf
ام عادل السلفية
27-12-2015, 04:35PM
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام
للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -
[294]الحديث الرابع :
عن عائشة رضي الله عنها قالت كانت في بريرة ثلاث سنن خيرت على زوجها حين عتقت وأهدي لها لحم فدخل على رسول الله ﷺ والبرمة على النار فدعا بطعام فأتي بخبز وأدم من أدم البيت فقال ألم أر البرمة على النار فيها لحم ؟ قالوا بلى يا رسول الله ذلك لحم تصدق به على بريرة فكرهنا أن نطعمك منه فقال هو عليها صدقة وهو منها لنا هدية وقال النبي ﷺ فيها إنما الولاء لمن أعتق .
موضوع الحديث :
أن الولاء لمن أعتق بعد دفع الثمن
المفردات
قولها كانت في بريرة ثلاث سنن : السنن جمع سنة وهي الشرع الذي يشرعه الله عز وجل ويجعله سنة تتبع
قولها خيرت على زوجها : يعني أن النبي _ خيرها في البقاء تحته وعدمه فاختارت عدم البقاء تحته لأنه عبد وهي أصبحت حرة
قولها حين عتقت : أي حين وقع عليها العتق بإعتاق عائشة رضي الله عنها لها
البرمة : إناء من خزف يطبخ فيه اللحم
قولها فدعا بطعام : أي طلب الإتيان به
فأتي بخبز وأدم من أدم البيت : الأدم هو يؤتدم به على الطعام
قوله ألم أر البرمة : استفهام تقريري
فيها لحم : هذا دليل على طلبه لحم
ذلك لحم تصدق به على بريرة فكرهنا أن نطعمك منه : أي لعلمي أن النبي ﷺ لا يأكل الصدقة
هو عليها صدقة وهو منها لنا هدية : الصدقة هو ما يعطيه العبد لطلب الثواب من الله أما الهدية فهي قد تكون مقصود بها التآلف أو مقصود بها الثواب من الله أو مقصود بها المكافأة
قوله إنما الولاء لمن أعتق : الولاء المعتق على من اعتقه إرثه منه إذا لم يكن له وارث من النسب وارتباطه به ارتباطاً شرعياً لا يفصله شيء
المعنى الإجمالي
أخبرت عائشة رضي الله عنها أن في بريرة ثلاث سنن السنة الأولى كونها خيرت في البقاء مع زوجها أو الخروج من عصمته لكونه مملوك وهي حرة والسنة الثانية : هي في قوله ﷺ هو عليها صدقة ولنا منها هدية وهو أن ما تصدق به على المسكين فأهداه إلى صديقه جازت للغني أن يأكل من الصدقة المهداة من الفقير
فقه الحديث
أولاً : قول عائشة رضي الله عنها كانت في بريرة ثلاث سنن أي ثلاثة أحكام شرعية هذا إجمال اتبعته بالتفصيل
ثانياً : يؤخذ من قولها خيرت على زوجها أي خيرت فيه لكونه عبد وهي حرة
ثالثاً: ذهب إلى مقتضى هذا الحديث الجمهور من أهل العلم وهو أن الأمة إذا اعتقت وهي تحت عبد كان لها الخيار بين البقاء تحته وعدمه
رابعاً : هذا القول بناءً على أن زوج بريرة كان عبداً وهو الراجح وقد جاء عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أَنَّ زَوْجَ بَرِيرَةَ كَانَ عَبْدًا يُقَالُ لَهُ مُغِيثٌ كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَيْهِ يَطُوفُ خَلْفَهَا يَبْكِي وَدُمُوعُهُ تَسِيلُ عَلَى لِحْيَتِهِ فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ لِعبَّاسٍ يَا عَبَّاسُ أَلا تَعْجَبُ مِنْ حُبِّ مُغِيثٍ بَرِيرَةَ وَمِنْ بُغْضِ بَرِيرَةَ مُغِيثًا فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ لَوْ رَاجَعْتِهِ قَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ تَأْمُرُنِي قَالَ إِنَّمَا أَنَا أَشْفَعُ قَالَتْ لا حَاجَةَ لِي فِيهِ )
خامساً : ذهب أبو حنيفة إلى وجوب التخيير سواء كان الزوج الذي عتقت تحته حراً أو عبداً وعلل التخيير بكونها لم يكن لها خيار حين النكاح وعندما عتقت ملكت نفسها فوجب أن تخير فجعل علة التخيير كونها ملكت نفسها
سادساً : وهذه المسالة من مسائل الخلاف بين الحنفية والأئمة الثلاثة ولها نظائر كثيرة
سابعاً: السنة الثانية أنه أهدي لها لحم من الصدقة والنبي ﷺ محرم عليه أكل الصدقة فلما دخل وطلب الطعام أتي بخبز وأدم من أدم البيت فقال ألم أر البرمة على النار قالوا بلى ولكن ذلك لحم تصدق به على بريرة فقال النبي ﷺ هو عليها صدقة ولنا منها هدية فيؤخذ منه أنه إذا تصدق على الفقير فأهدى من تلك الصدقة إلى الغني كان ذلك جائزاً
ثامناً : أخذ منه على أن أزواج النبي ﷺ ليسوا من آله الذين تحرم عليهم الصدقة وذلك باستنباط وهو أن بريرة جاءت باللحم إلى عائشة رضي الله عنها لأنهم أهل بيت فدل على أنه يجوز لعائشة أن تأكل من تلك الصدقة بخلاف النبي ﷺ
تاسعاً : يؤخذ منه جواز تناول طعام الصديق تأولاً برضاه وطيب نفسه لقوله وهو لنا منها هدية قبل أن يسألها عن ذلك
عاشراً : أن الشيء قد يأخذ حكماً آخر بنية المتأول إذ كان النبي ﷺ اعتبره هدية فصار له حكم الهدية وإن لم تتكلم بذلك
الحادي عشر : أن كراهيتهم لإطعام النبي ﷺ لما يعلمونه عنه ﷺ أنه يكره ذلك ويمنع منه
الثاني عشر : أنه ينبغي للعالم أن يبين الحكم المسوغ إذا كان هناك تسويغ يبيح الممنوع فإنه يجب على العالم أن يظهره حتى يتبين بذلك الحكم هو عليها صدقة وهو لنا منها هدية
الثالث عشر : أن الهدية جائزة للنبي ﷺ وأهل بيته وممنوع عليهم الصدقة المفروضة باتفاق وفي الصدقة التطوعية خلاف
الرابع عشر : إنكاره على من اشترط الولاء لنفسه مع اقتضاء الثمن فقال ﷺ (فَإِنَّ الْوَلاءَ لِمَنْ أَعْطَى الْوَرِقَ )
الخامس عشر : الولاء ارتباط شرعي بين المعتِق والمعتَق ولذا كان حكمه أنه لا يباع ولا يوهب ولا ينتقل عن المعتِق بحال
السادس عشر : يؤخذ من قوله وإنما الولاء لمن أعتق أنه لا يرث أحد خارج النسب إلا بالولاء وذلك حصر في المعتِق وورثته وهم العصبة المتعصبون بأنفسهم .
وبالله التوفيق
--------
تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.
تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ
تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 4 ]
[ المجلد الرابع ]
رابط تحميل الكتاب :
http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam4.pdf
ام عادل السلفية
27-12-2015, 04:41PM
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام
للعلامة : احمد النجمي
-رحمه الله -
كتاب النكاح
النكاح في اللغة : هو الضم والتداخل
وفي الشرع يطلق على معنيين ،
المعنى الأول : أنه يطلق على العقد الذي به ترتبط المرأة بالرجل وتكون داخلة في عصمته دخولاً معنوياً كدخول الشيء في الشيء دخولاً حسياً .
والمعنى الثاني : أنه يطلق على الوطء الذي هو إدخال الفرج في الفرج على جهة التلذذ المباح وقضاء الوطر وطلب الولد فالمعنيين متلازمان لكن مختلف في المعنى الحقيقي هل هو الوطء أو العقد فمن نظر إلى كون العقد سبيلاً إلى الوطء وطريقاً إليه قال هو حقيقة في العقد ومن نظر إلى أن الوطء هو غاية ما يقصد من النكاح وكل ما يحصل من الأسباب المؤثرة فيه كالخطبة والعقد والمهر وما إلى ذلك هي وسائل والوطء هو المقصود قال إنه حقيقة في الوطء ومجاز في العقد
أما حكمه فهو المشروعية والاستحباب ويزيد الاستحباب إلى أن يبلغ السنة المؤكدة .
لا غنى للجنسين عنه فالرجل لا يتم حاله ولا تطيب له الحياة إلا بالزوجة الصالحة والمرأة أيضاً لا تطمئن ولا تطيب لها الحياة إلا بالزوج الصالح .
وقد ذهب قوم إلى الوجوب ولكن الوجوب عند الجمهور لا يكون إلا على من خاف على نفسه من الوقوع في الزنا وذلك أن النكاح أمر مطلوب كما تقدم أورد فيه
--------
تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.
تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ
تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 4 ]
[ المجلد الرابع ]
رابط تحميل الكتاب :
http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam4.pdf
ام عادل السلفية
29-12-2015, 10:23PM
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام
للعلامة : احمد النجمي
-رحمه الله -
[295]الحديث الأول :
عن عبدالله بن مسعود قال : قال لنا رسول الله ﷺ يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء .
موضوع الحديث :
الحث على النكاح
المفردات
معشر : المعشر هم قوم يجمعهم وصف واحد
والشباب : هم الذين يجمعهم هنا وصف واحد ويطلق على من بلغ إلى أن يصل إلى الأربعين على القول الأصح وقيل إلى ثلاث وثلاثين وهو منتهى الشباب
الباءة : المراد بها النكاح أو تكاليفه أو استطاعته استطاعة ذاتيه . ولا شك أن الشارع ﷺ أمر الشباب بالتزوج إذا كانوا قادرين على مؤن الزواج قدرة ذاتية ومالية .
قوله فليتزوج : هذا أمر والأمر يقتضي الوجوب وعلى هذا فقد ذهب الجمهور إلى أن الأمر هنا أمر إرشاد لا أمر إيجاب وجعلوا النكاح سنة في حق الرجل القادر عليه فإن خشي بتركه الزنا فعله وجوباً
قوله ومن لم يستطع : يعم النفي هنا الاستطاعة المالية والاستطاعة الذاتية
قوله فعليه بالصوم :أي ليكثر منه
فإنه له وجاء : الفاء تعليلية والمقصود أنه يخفف من وطئة الرغبة الجامحة فيه التي ربما أدت بالعبد إلى الوقوع فيما حرم الله
المعنى الإجمالي
يحث النبي ﷺ الذين عندهم القدرة الذاتية والقدرة المالية يحثهم على فعل الزواج ومن لم يستطع ذلك فليكثر من الصوم وليلزم الاستعفاف وليسأل ربه عز وجل أن يعصمه من الوقوع في طائلة الزنا .
فقه الحديث
أولاً : يؤخذ من هذا الحديث استحباب النكاح لمن له قدرة عليه ليكون ذلك عوناً له على تجنب الزنا والوقوع فيما حرم الله عز وجل سواء كان ذلك بالنظر أو السمع أو ما أشبه ذلك
ثانياً: اختلف أهل العلم في حكم النكاح هل هو واجب أو سنة مؤكدة والقول بالوجوب على من خاف على نفسه الوقوع فيما حرم الله لعله هو الأقرب
ثالثاً : خص النبي ﷺ بهذا الخطاب معشر الشباب الذين هم مظنة قوة الشهوة التي ربما حملت الشاب أو الشابة على الوقوع فيما حرم الله سبحانه وتعالى .
رابعاً : جعل النبي ﷺ علاج العزوبة لمن لم يستطع مؤن النكاح الإكثار من الصوم وهذا العلاج علاج نبوي عظيم حيث أن الصوم يخفف قوة الشهوة ويحمل العبد على طاعة الله سبحانه وتعالى فيغرس فيه خليقة التقوى التي يتغلب بها على نزعات النفس ونزغات الشيطان لقلة الطعام والشراب ويكثر للعبد الحسنات التي يتقرب بها إلى الله فما أحسنه من علاج وأحكمه
خامساً : إرشاد النبي ﷺ إلى الزواج لمن له عليه استطاعة إرشاد إلى أسباب الخير واستقرار النفس فإن الرجل إذا تزوج حصل عنده الاستقرار النفسي وتم بينهما التعاون أي بين الزوجين التعاون على المصالح التي يستعينون بها على أداء الواجبات فالرجل يكون مكفي في بيته بالزوجة التي تعمل له ما يصلحه من طعام وشراب وتنظيف للبيت وتهيئته للمنافع والمرأة تكون مكفية بزوجها في تحصيل الرزق وفي ذلك من الخير ما الله به عليم ولا يفوتني في هذه المناسبة أن ألفت النظر إلى المؤتمر الإجرامي الذي عقده اليهود والنصارى يقصدون به محاربة التزوج المبكر ويشجعون فيه على العزوبة ويقررون فيه التشجيع على المدارس المختلطة ودراسة التثقيف الجنسي حسب قولهم وقرروا فيه فتح مستشفيات بقيم رخيصة يتعاون المستشفى مع المجرمين على الإجهاض فحسبنا الله عليهم وأعاذ الله المسلمين من شرورهم ، إنهم دعاة إلى الشر وإلى انتشار الفواحش فعليهم لعائن الله وبالجملة فإن الواجب على المسلمين في مقابل ذلك أن يشجعوا على الزواج المبكر بتخفيف مؤنة الزواج وتيسير أسبابه امتثالاً لأمر نبيهم ﷺ كما في حديث مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ قَالَ ( تَزَوَّجُوا الْوَدُودَ الْوَلُودَ فَإِنِّي مُكَاثِرٌ بِكُمْ الأُمَمَ )
وبالله التوفيق
--------
تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.
تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ
تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 4 ]
[ المجلد الرابع ]
رابط تحميل الكتاب :
http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam4.pdf
ام عادل السلفية
29-12-2015, 10:28PM
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام
للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -
[296]الحديث الثاني :
عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن نفراً من أصحاب النبي ﷺ سألوا أزواج النبي ﷺ عن عمله في السر ؟ فقال بعضهم لا أتزوج النساء وقال بعضهم لا آكل اللحم وقال بعضهم لا أنام على فراش فبلغ ذلك النبي ﷺ فحمد الله وأثنى عليه وقال : ما بال أقوام قالوا كذا ؟ ولكني أصلي وأنام وأصوم وأفطر وأتزوج النساء فمن رغب عن سنتي فليس مني ) .
موضوع الحديث :
الإنكار على من دعوا إلى الرهبنة بنوع من التأويل
وإخبار النبي ﷺ أن من رغب عن سنته التي هي التوسط بين الترهبن والجفاء
من رغب عنها فإنه قد سلك طريقاً غير طريقه واتبع سنة غير سنته
المفردات
أزواج النبي ﷺ : هن زوجاته
عن عمله في السر : أي العمل الذي يعمله في بيته
قال بعضهم لا أتزوج النساء : تفضيلاً للعبادة على اللذة المشروعة وقال بعضهم لا آكل اللحم منعاً للنفس عن بعض شهواتها وقال بعضهم لا أنام على فراش يعني تجافياً عن الرفاهية
فبلغ ذلك النبي ﷺ : أي أخبر به
فحمد الله وأثنى عليه : أي قام خطيباً فبدأ بحمد الله والثناء على الله بما يستحق
وقال ما بال أقوام : هذه عبارة تقال في إنكار ما قصد به الستر على من عمله
قالوا كذا : يعني ما تقدم
لكني أصلي وأنام : أي أقوم بحق ربي وأعطي نفسي حظها من الراحة ومع ذلك أصوم وأفطر وأتزوج النساء
قوله فمن رغب عن سنتي : الرغبة عن الشيء تركه والرغبة فيه محبته وفعله والرغبة عن السنة ترك لها وزهد فيها
قوله فليس مني : يعني ليس على طريقتي في اتباع التوسط في العبادة بين الجفاء والغلو
المعنى الإجمالي
شريعة الله وسط بين الغلو والجفاء والانهماك في العبادة والغفلة واللهو فهي تضع الأمور مواضعها عبادة لله وطاعة له مع إعطاء النفس حظوظها من المباحات المعينة على استمرار العبادة وقد قال النبي ﷺ ( اكلفوا من الأعمال ما تطيقون فان الله لا يمل حتى تملوا ) وفي الحديث الآخر ( فإن المنبت لا سفرا قطع ولا ظهرا أبقى ) وبذلك يكون العبد قد أدى عبادة الله ولم يحرم نفسه حظوظها من الراحة والتلذذ المباح
فقه الحديث
أولاً : أن شريعة الله وسط بين الغلو والجفاء وفي ذلك قوله تعالى (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمّةً وَسَطاً ) [ البقرة : 143 ]
ثانياً : الوسطية بينة في شرائع الله ما بين الرهبنة والغلو وما بين التساهل في حقوق الله والجفاء عنها ثم إن مذهب أهل السنة والجماعة وسط في باب الأسماء والصفات بين التعطيل والتشبيه وفي باب القدر وسط بين القائلين بالجبر والنافين للقدر وهكذا يتبين عند التأمل أن شريعة الله وسط في كل شيء
ثالثاً : أن السنة التي قررها الله عز وجل لنبيه ﷺ وقررها النبي ﷺ لأمته أن تؤدى حقوق الله فرضاً ونفلاً وأن يعطي نفسه حظوظها من التلذذ المباح في المآكل والمشارب والمناكح والنوم واليقظة وأخذ النفس بحق ربها من دون تشديد عليها ولا تغليب لشهواتها حتى تلهو بها عن حقوق الله عز وجل
رابعاً : في هذا الحديث تفضيل للتلذذ بالمباحات التي تتطلبها النفس على نوافل العبادات التي ربما تؤدي بالعبد إلى الانقطاع والضعف في الأخير ولهذا جاء في الحديث ( فإن لكل عابد شرة ولكل شرة فترة فإما إلى سنة وإما إلى بدعة فمن كانت فترته إلى سنة فقد اهتدي ومن كانت فترته إلى غير ذلك فقد هلك )وقد قال ﷺ لعبدالله بن عمرو (قم ونم وصم وأفطر ) فهذا هو الحق الذي ينبغي للمسلم أن يعمل به ويتخذه نبراساً في حياته إذا وجد من نفسه ضعفاً عن العمل شدها إليه وأخذها به حتى تذل وتلين وإذا وجد من نفسه ميلاً إلى كثرة العبادة فليحد من غلوائها وقد تمنى عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما أن لو كان أطاع رسول الله ﷺ في التخفيف عن نفسه من كثرة العبادة
خامساً : أن فضل السنة أعلى وأفضل من نوافل العبادات ولو أنه رئي أن العمل فيها قليل فمتابعة السنة خير من كل عمل يخرج عنها
وبالله التوفيق .
--------
تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.
تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ
تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 4 ]
[ المجلد الرابع ]
رابط تحميل الكتاب :
http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam4.pdf
التصفية والتربية
TarbiaTasfia@
ام عادل السلفية
03-01-2016, 01:40PM
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام
للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -
[297]الحديث الثالث :
عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال رد رسول الله ﷺ على عثمان بن مظعون التبتل ولو أذن له لاختصينا .
موضوع الحديث :
كراهة ترك النكاح زهداً فيه واتباعاً للرهبنة التي سلكها بعض أهل الكتاب
المفردات
التبتل : هو ترك النكاح من أجل الانقطاع للعبادة وقد ذم الله عز وجل أهل الكتاب على ذلك
قوله ومنه قيل لمريم عليها السلام البتول لا نقطاعها عن الزواج للعبادة وأقول إن مريم كانت نذرتها أمها لذلك وكان جائزاً في شرعهم مثل هذا أما شريعة محمد ﷺ فليس فيها ذلك
وقوله قيل لفاطمة البتول إما لانقطاعها عن الأزواج غير علي وأقول هذا لا ينبغي وليس لها امتياز في هذا بل كل من تزوجت برجل واحد وماتت عنده فهي كذلك . أو لانقطاعها عن نضرائها في الحسن والشرف : أقول الحسن لا يكون سبباً للمحمدة ولكن لشرفها في نسبتها إلى أبيها صلوات الله وسلامه عليه وعليها
قوله ولو أذن له لاختصينا : أي لو أذن النبي ﷺ لعثمان بن مضعون في ذلك لاختصينا رغبة في الانقطاع للعبادة
المعنى الإجمالي
كان من أصحاب النبي ﷺ رجال لهم نهم في العبادة ورغبة فيها ظنوا أن التزوج مشغلة عن العبادة والجهاد في سبيل الله وبناءً على ذلك رغبوا في الانقطاع للعبادة وترك الاشتغال بالمباحات فمنعهم النبي ﷺ وأخبرهم أن اتباع سنته ﷺ خير من التبتل والرهبنة
فقه الحديث
أولاً : يؤخذ من هذا الحديث ذم التبتل وقد ذكر الله التبتل على سبيل المدح وأمر به في سورة المزمل حيث قال لنبيه ﷺ ( يَأَيّهَا الْمُزّمّلُ قُمِ الْلّيْلَ إِلاّ قَلِيلاً …. إلى أن قال وَاذْكُرِ اسْمَ رَبّكَ وَتَبَتّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلاً )[ المزمل: (1-8) ] فهل هناك معارضة بين ما أمر به القرآن الكريم وبين التبتل الذي نهي عنه في السنة
وأقول : الجواب لا معارضة إذ أن التبتل الذي أمر الله به هو الانقطاع إلى الله بالقلب من الدنيا وعلائقها في أوقات العبادة عند أداء الفرائض في إقامة الصلاة المفروضة وقيام الليل انقطاعاً مؤقتاً حتى يتم عبادته وربما قيل أن التبتل المراد في الآية هو الانقطاع عن الدنيا مع مباشرتها فيكون بقلبه منقطعاً عنها غير مبال بها بل هو مقبل على الله عز وجل يستعملها فيما أمر الله ويجتنبها ويبتعد عنها إذا هي جاءت بنقص من دين أما التبتل المنهي عنه فهو ترك التزوج والانقطاع للعبادة كما كان يفعله الرهبان هذا هو القول الحق فيما أرى فشريعة محمد ﷺ جاءت لتعطي النفس حظوظها باعتدال حتى يتم التوازن في أعمال العبد إذ أن الرهبنة التي كان يفعلها أهل الكتاب مذمومة لأن أصحابها تركوا المباحات وشددوا على أنفسهم تشديداً لم يأمرهم الله به وبالله التوفيق
ثانياً : يؤخذ منه تحريم الاختصاء وعدم جوازه وكذلك أيضاً ما يؤدي إلى مثل حالة المختصي بالمعالجة كالإبر التي تقطع حركة الرجل ومنعه من معاشرة النساء
ثالثاً: أن التبتل من التنطع الذي ذمه الله عز وجل ونهى عنه
رابعاً : وفي مقابل ذلك أمر النبي ﷺ بالتزوج وحصول الأولاد وتكثيرهم ليكثر من يعبد الله وحده وتكثر أمة محمد ﷺ لقوله ﷺ ( تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر الأنبياء يوم القيامة).
خامساً : إن الاختصاء خروج عن السنن الكونية التي أرادها الله من عباده وسلوك لمسالك المنحرفين المشددين على أنفسهم بغير حق وبالله التوفيق
سادساً : ومن ذلك بعض ما يعمله بعض أصحاب التصوف من ترك الطعام اللذيذ أو ترك بعض الشهوات التي يحتاج إليها العبد ويروى أن رجلاً اسمه فرقد السبخي دخل على الحسن البصري وهو يأكل طعاماً لذيذاً يقال له الفالوذج فقال له هلم فقال لا آكله ولا أحب من يأكله فقال الحسن لعاب النحل بلباب البر مع سمن البقر هل يعيبه مسلم وقد جاء عن النبي ﷺ أنه كان يحب الحلوى والعسل وقال ﷺ ( إنما حبب إلي من دنياكم النساء والطيب وجعلت قرة عيني في الصلاة ) وكان سفيان الثوري يحمل معه الفالوذج إذا خرج في سفر واللحم المشوي ويقول إن الدابة إذا أحسن إليها عملت وإن البدن كالمطية لا بد لها من علف يعني وكذلك البدن لا بد من الاهتمام به
وبالله التوفيق
--------
تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.
تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ
تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 4 ]
[ المجلد الرابع ]
رابط تحميل الكتاب :
http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam4.pdf
ام عادل السلفية
03-01-2016, 01:45PM
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام
للعلامة : احمد النجمي
-رحمه الله -
[298]الحديث الرابع :
عن أم حبيبة بنت أبي سفيان رضي الله عنها أنها قالت يا رسول الله انكح أختي بنت أبي سفيان فقال أو تحبين ذلك فقلت نعم لست لك بمخلية وأحب من شاركني في خير أختي فقال النبي ﷺ إن ذلك لا يحل لي قلت فإنا نحدث أنك تريد أن تنكح بنت أبي سلمة قال بنت أم سلمة قلت نعم فقال لو أنها لم تكن ربيبتي في حجري ما حلت لي إنها لابنة أخي من الرضاعة أرضعتني وأبا سلمة ثويبة فلا تعرضن علي بناتكن ولا أخواتكن .
قال عروة وثويبة مولاة لأبي لهب كان أبو لهب أعتقها فأرضعت النبي ﷺ فلما مات أبو لهب أريه بعض أهله بشر حيبة قال له ماذا لقيت قال أبو لهب لم ألق بعدكم خيراً غير أني سقيت في هذه بعتاقتي ثويبة .
موضوع الحديث :
تحريم الجمع بين الأخوات وتحريم الربائب وبنات الأخ من الرضاع
المفردات
تقول أم حبيبة أنها قالت لرسول الله ﷺ يا رسول الله أنكح أختي بنت أبي سفيان قال أو تحبين ذلك : استغرب النبي ﷺ هذا الطلب لأن من عادة النساء أن المرأة لا ترضى أن ينكح زوجها ضرة لها حتى ولو كانت قريبة
قولها لست لك بمخلية : أي لست بمنفردة بك ولا متروكة من ضرة وإذا كان كذلك فأحب من شاركني في الخير أختي
قوله إن ذلك لا يحل لي : يعني لتحريم الجمع بين الأخوات
قولها إنا نحدث أنك تريد أن تنكح بنت أبي سلمة قال بنت أم سلمة : وهذا استفهام
قالت نعم قال إنها لو لم تكن ربيبتي : الربيبة بنت الزوجة والربيب ابنها
في حجري : هذا شرط آخر مقتض لعدم الحلية وهو كونها ربيبة وأمها زوجة مدخول بها وكونها مرباة في حجر زوج أمها
ما حلت لي : أي لو لم تكن كذلك ما حلت لي إنها لابنة أخي من الرضاعة :
ومعنى ذلك أن سبب التحريم في حقها أمران
الأمر الأول : كونها ربيبة في حجره
والأمر الثاني : كونها بنت أخيه من الرضاع
قوله أرضعتني وأبا سلمة ثويبة : ثويبة جارية لأبي لهب أرضعت النبي ﷺ وأرضعت أبا سلمة بن عبد الأسد زوج أم سلمة السابق وأرضعت حمزة بن عبدالمطلب ولكن أبا لهب اعتقها من أجل رضاعها لابن أخيه وهو النبي ﷺ
قوله فلا تعرضن عليّ بناتكن ولا أخواتكن : هذا نهي لهن عن عرض بناتهن وأخواتهن عليه صلوات الله وسلامه عليه .
أما ما في الإلحاق من أن العباس رأى أخاه أبا لهب بشر حيبة فقال له ماذا لقيت فقال أبو لهب لم ألق بعدكم خيراً غير أني سقيت في هذه بعتاقتي ثويبة والإشارة إلى النقرة الكائنة بين الإبهام والسبابة يعني أنه سقي في تلك النقرة الصغيرة بسبب عتقه لثويبة برضاع النبي ﷺ ولكن لكونه عاداه بعد أن بعث كان ذلك سبباً في حرمانه من كل خير
بشر حيبة : حالة
المعنى الإجمالي
تروي أم حبيبة رضي الله عنها بأنها عرضت على النبي ﷺ أختاً لها كي ينكحها فاستغرب النبي ﷺ ذلك فأخبرته بأنهن يحدثن أن النبي ﷺ يريد أن يتزوج بنت زوجته درة بنت أبي سلمة فأخبر النبي ﷺ بأنها لو لم تكن ربيبته ما حلت له لأنها بنت أخيه من الرضاع وقد استفيد من الحديث الأحكام الآتية
فقه الحديث
أولاً : يؤخذ من هذا الحديث نصح أم حبيبة برغبتها أن تدخل أختها معها في الخير الذي حازته بزواج النبي ﷺ بها
ثانياً : يؤخذ من قولها وأحب من شاركني في خير أختي يؤخذ من هذه العبارة أن أزواج النبي ﷺ ما كن يعتبرن زواجهن من رسول الله نكاحاً مجرداً ولكنهن يعتبرن أن نكاح النبي ﷺ لهن خير ساقه الله إليهن .
ثالثاً : يؤخذ من قول النبي ﷺ إن ذلك لا يحل لي تحريم الجمع بين الأختين الذي دلت عليه الآية في قوله تعالى ( وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الأُخْتَيْنِ إِلا مَا قَدْ سَلَفَ) [ النساء : 23]
رابعاً : يؤخذ من هذا أن أم حبيبة كانت تعتقد أن النبي ﷺ له خصائص في النكاح منها الجمع بين أكثر من أربع ومنها النكاح بالهبة فظنت أن الجمع بين الأخوات يحل له قياساً على ما علمت من زيادة العدد والنكاح بالهبة وهذا هو القول المعتمد فما كانت أم حبيبة تجهل تحريم الجمع بين الأخوات ولا تجهل تحريم نكاح الربيبة والقول الآخر أن ذلك حصل قبل أن تنزل آية النساء في المحرمات وأن أم حبيبة كانت تجهل ذلك وقائل هذا لو تأمل الحديث لكان فيه ما يدل على أن ذلك كان معلوماً عند أم حبيبة وعند غيرها ولكنها ظنت أن ذلك من خصوصياته
خامساً : يؤخذ من قولها إنا نحدث أنك تريد أن تنكح بنت أبي سلمة قال بنت أم سلمة قالت نعم قال إنها لو لم تكن ربيبتي في حجري … إلخ
يؤخذ من هذه الجملة وهو المأخذ الخامس أن الربيبة محرمة إذا كانت من زوجة مدخول بها ومتربية في حجر زوج أمها
سادساً : اختلف أهل العلم هل لهذا الشرط مفهوم مخالفة أم ليس له مفهوم مخالفة فذهب جمهور المحدثين والفقهاء أن اشتراط تربيتها في الحجر اشتراط لا مفهوم له بل إنه خرج مخرج الغالب فحرموا الربيبة سواء كانت مرباة في حجر زوج أمها أم لا إذا كانت الأم مدخول بها وذهب بعض الصحابة وأهل الظاهر إلى الأخذ بهذا القيد فقالوا أن الربيبة التي لم تكن مرباة في حجر زوج أمها تحل لزوج أمها بعد موت الأم أو مفارقتها بالطلاق واستدلوا على ذلك بما أخرجه عبدالرزاق عن مالك ابن أوس ابن الحدثان قال كان عندي امرأة قد ولدت لي فماتت فوجدت عليها فلقيت علي بن أبي طالب رضي الله عنه فقال مالك فأخبرته فقال ألها ابنة من غيرك قلت نعم قال كانت في حجرك قلت لا هي في الطائف قال فانكحها قلت فأين قوله تعالى وربائبكم قال إنها لم تكن في حجرك ) قال الصنعاني ورواية إبراهيم بن عبيد ابن رفاعة معروف ثقة تابعي وأبوه وجده صحابيان فلا التفات إلى من يزعم أنه غير معروف وكذا صح عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه أفتى من سأله أن يتزوج بنت ربيبته كانت تحته جدتها ولم تكن البنت في حجره أخرجه أبو عبيد إلا أن الجمهور لم يقولوا بذلك وقالوا أن اشتراط الحجر خرج مخرج الغالب وهذا المذهب أسلم وبالله التوفيق
سابعاً : في قوله لو لم تكن ربيبتي في حجري ما حلت لي إنها لابنة أخي من الرضاع فيؤخذ من هذا أن بنت الأخ من الرضاع إذا كان الرضاع محرماً أنها تكون محرمة على عمها من الرضاع وإن أرضعتهما أجنبية كما هو الحال في ثويبة
ثامناً : أنه اجتمع في بنت أم سلمة سببان للتحريم أحدهما كونها ربيبة والثاني كونها بنت أخيه من الرضاع
تاسعاً : أن الجمع بين الأختين متفق على تحريمه في النكاح ومختلف في تحريمه بملك اليمين والجمهور يرون التحريم وحكي عن عثمان بن عفان رضي الله عنه أنه يجوز الجمع بينهن بملك اليمين وبذلك أخذ الظاهرية والجمهور يقولون بتحريم الجمع بينهما في النكاح لا في الملك لأن الملك يراد لغير النكاح فإن وطئ إحداهما حرمت عليه الأخرى حتى يعمل سبباً يحرم الأولى عليه
عاشراً : يؤخذ منه أن الجمع بين الأختين محرم سواء كان ذلك الجمع في وقت واحد أو نكح الأولى ثم نكح الثانية فإن نكح الأولى ثم نكح الثانية بطل نكاح الثانية وإن نكحهما معاً بطل النكاحان
وبالله التوفيق.
--------
تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.
تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ
تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 4 ]
[ المجلد الرابع ]
رابط تحميل الكتاب :
http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam4.pdf
ام عادل السلفية
03-01-2016, 01:50PM
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام
للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -
[299]الحديث الخامس :
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ لا يجمع بين المرأة وعمتها ولا بين المرأة وخالتها .
موضوع الحديث :
تحريم الجمع بين المرأة وعمتها والمرأة وخالتها وعكسه لازم أي بين المرأة وابنة أخيها والمرأة وابنة أختها وأنه لا تنكح الصغرى على الكبرى ولا الكبرى على الصغرى
المفردات
العمة : هي أخت الأب والخالة هي أخت الأم
المعنى الإجمالي
نهى النبي ﷺ أن يجمع بين المرأة وعمتها ولا بين المرأة وخالتها لأن ذلك موجب للقطيعة بين ذوات الأرحام
فقه الحديث
أولاً : يؤخذ من هذا الحديث تحريم الجمع بين المرأة وعمتها أو المرأة وخالتها أو المرأة وابنة أخيها أو المرأة وابنة أختها لا تنكح هذه على هذه ولا هذه على هذه قال ابن دقيق العيد جمهور الأمة على تحريم هذا الجمع أيضاً وهو مما أخذ من السنة وإن كان إطلاق الكتاب يقتضي الإباحة يعني قول الله عز وجل ( والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم كتاب الله عليكم وأحل لكم ما وراء ذلكم ) قال إلا أن الأئمة من علماء الأمصار خصوا ذلك العموم بهذا الحديث وهو دليل على جواز تخصيص عموم الكتاب بخبر الواحد أهـ . وقال الصنعاني في تعليقه جمهور الأمة على تحريم هذا الجمع أيضاً أقول كما أن جمهورهم على تحريم الجمع بين الأختين قال ابن المنذر لست أعلم في ذلك خلافاً اليوم وإنما قال بالجواز فرقة من الخوارج واتفق أهل العلم على القول به ولا اعتبار بخلاف من خالفه أهـ .
أقول في ذلك إيهام لأن قوله واتفق أهل العلم على القول به يقصد على القول بتحريم الجمع بين من ذكر وفي عطفه على قول الخوارج إيهام لأن المراد به قول الخوارج وكان الأولى أن يقول واتفق أهل العلم على القول بتحريم الجمع بين من ورد في الحديث بالنهي عن الجمع بينهن ثم قال الصنعاني رحمه الله ونقل الإجماع ابن عبدالبر وابن حزم والقرطبي والنووي أي نقلوا الإجماع على تحريم الجمع بين المرأة وعمتها والمرأة وخالتها إلا أنه استثنى ابن حزم عثمان البتي وهو أحد الفقهاء القدماء من أهل البصرة .
وأقول : القول بالتحريم الوارد في الحديث هو الحق ولا عبرة بخلاف من خالفه كما قال الصنعاني ومن زعم أن خبر الآحاد لا يخصص الكتاب وإنما خصص الآية الإجماع فزعمه من أبطل الباطل إذ أن الإجماع استند على هذا الحديث وما في معناه فالإجماع إنما وقع على القول بما جاءت به السنة وليس هذا الحديث هو الوحيد في الموضوع بل ذكر الصنعاني عن الحافظ بأنه ورد من طريق ثلاثة عشر نفر من الصحابة
ثانياً : يقال في الجمع بين المرأة وعمتها والمرأة و خالتها كما قيل في الجمع بين الأختين بأنه إن تزوجهما في عقد واحد بطل العقد وإن تزوج إحداهما بعد الأخرى فالعقد على الأولى صحيح وعلى الأخيرة باطل سواء كانت الأولى هي الصغرى أو الكبرى
وبالله التوفيق
--------
تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.
تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ
تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 4 ]
[ المجلد الرابع ]
رابط تحميل الكتاب :
http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam4.pdf
ام عادل السلفية
03-01-2016, 01:55PM
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام
للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -
[300]الحديث السادس :
عن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ ( إن أحق الشروط أن توفوا به ما استحللتم به الفروج )
موضوع الحديث :
الأمر بالإيفاء بالشروط التي تستحل بها الفروج
المفردات
قوله إن أحق الشروط أن توفوا به : كأنه قال إن أحق الشروط بالوفاء هي الشروط التي تستحلون بها الفروج
جملة ما استحللتم به الفروج : في محل رفع خبر إن أي هي الشروط التي استحللتم بها الفروج
المعنى الإجمالي
تدل هذه العبارة على أن الشروط يجب الوفاء بها ولكن أشدها وجوباً أن يوفى به ما استحلت به الفروج
فقه الحديث
أولاً : يؤخذ من هذا الحديث أن الشروط التي اتفق عليها عند العقد يجب الوفاء بها لقوله تعالى (يَا أَيّهَا الّذِينَ آمَنُواْ أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ ) [ المائدة : 1]
ثانياً : يدل على أن الشروط مختلفة منها ما هو واجب ومنها ما هو أو جب ومنها ما هو شديد ومنها ما هو أشد ولكن الأوجب منها والأشد فيها ما استحلت به الفروج
ثالثاً : اختلف أهل العلم في الشروط التي يجب الوفاء بها علماً أن الحديث الذي ورد في الشروط عامة وهو قوله ﷺ (وَالْمُسْلِمُونَ عَلَى شُرُوطِهِمْ إِلا شَرْطًا حَرَّمَ حَلالاً أَوْ أَحَلَّ حَرَامًا) معنى هذا الحديث أن الشرط الذي يحل حراماً أو يحرم حلالاً لا يجوز الوفاء به ومن أجل ذلك فقد حصل الخلاف في بعض الشروط فلو اشترطت المرأة على الرجل ألا يتزوج عليها فهذا الشرط حرم حلالاً وكذلك لا يتسرى عليها ولو شرط الرجل على المرأة أن تنفق على نفسها فهذا الشرط أيضاً أبطل واجباً وإذا شرطت المرأة على الرجل أن يطلق ضرتها التي هي زوجته قبلها فهل يلزمه ذلك هذا محل نظر وخلاف مع أن النبي ﷺ قال ( ولا تسال المرأة طلاق أختها لتكفأ ما في إناءها )
وسؤالها طلاق أختها اشتراط فالخلاف في مثل هذه الشروط التي تحرم حلالاً أو تحل حراماً أو تمنع واجباً هل المقصود بالحديث مثل ذلك وأنه إن شرطت عليه أن لا يتزوج عليها وجب عليه الوفاء وإن شرط على المرأة أن لا ينفق عليها لم يلزم لها النفقة مع أن الله سبحانه وتعالى يقول (وَإِن كُنّ أُوْلاَتِ حَمْلٍ فَأَنفِقُواْ عَلَيْهِنّ حَتّىَ يَضَعْنَ حَمْلَهُنّ ) [ الطلاق : 6 ] والنبي ﷺ يقول ( إنما النفقة والسكنى للمرأة إذا كان لزوجها عليها الرجعة ) إلى غير ذلك من الأدلة
فمن نظر إلى أن صاحب الحق إذا وافق على هذا الشرط فقد أسقط حقه قال بالوفاء بهذه الشروط ومن نظر إلى أن هذه الشروط قد تحل حراماً أو تحرم حلالاً أو تسقط واجباً أو تبيح محظوراً قال بأن هذه الشروط لا يلزم الوفاء بها ومن أجل ذلك فقد وقع الخلاف بين أهل العلم في بعض هذه الشروط أما ما اقتضاه العقد من الإمساك بالمعروف أو التسريح بالإحسان أو وجوب النفقة والمسكن والكسوة فهذه لا تأثير للشرط فيها إذ أنها مشروطة بمقتضى العقد كما أمر الله عز وجل ورسوله ﷺ بذلك ويلتحق بذلك شرط المرأة على الرجل أن لا ينتقل بها من دارها أو محلتها وهذا الشرط قد رأى بعض أهل العلم من الصحابة وغيرهم وجوب الوفاء به لأن المشروط عليه قد اسقط حقه بقبول هذا الشرط
وبالله التوفيق .
--------
تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.
تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ
تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 4 ]
[ المجلد الرابع ]
رابط تحميل الكتاب :
http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam4.pdf
ام عادل السلفية
04-01-2016, 04:52PM
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام
للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -
[301]الحديث السابع :
عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى نهى عن الشغار ، والشغار أن يزوج الرجل ابنته على أن يزوجه الآخر ابنته وليس بينهما صداق .
موضوع الحديث :
النهي عن النكاح الذي يكون مشروطاً بنكاح آخر
المفردات
الشغار : مأخوذ من شغر الكلب برجله إذا رفعها ليبول وقيل من شغر المكان إذا خلى وشغرت الوظيفة إذا خلت ممن يشغلها والمعنى يدور حول الخلو والرفع إما أن يكون لا ارفع لك عن موليتي إلا بأن ترفع لي عن موليتك وإما أن يكون من الخلو ومعنى ذلك أن يخلو هذا النكاح عن الصداق هكذا فسره أهل العلم لكن اختلف في هذا التفسير هل هو من الصحابي أو من التابعي وهو نافع أو ممن دون ذلك وهو مالك
المعنى الإجمالي
نهى النبي ﷺ عن نكاح الشغار لما فيه من المخالفة وما يترتب عليه من المفاسد
فقه الحديث
أولاً : يؤخذ من الحديث تحريم الشغار في النكاح وذلك بأن يكون كل واحد من النكاحين مشروط بالآخر وهل العلة في النهي الاشتراط أو عدم وجود الصداق هذا محل خلاف ونظر والذي يترجح لي في هذه المسألة أن النهي مترتب على وجود الاشتراط إذا اشترط أحد النكاحين بالآخر وقد رأينا وعرفنا من هذا القبيل الشيء الكثير فإنه إذا حصل هذا الشرط ودب الفساد بين إحدى الأسرتين دب إلى الأسرة الأخرى وكل منهما يقول كيف تبقى ابنتي تحت فلان وابنته قد خرجت مني أو تمردت عليّ فيجبرون المرأة في الأسرة الصالحة على أن تمتنع من زوجها وهذا هو السبب في النهي ، أما عدم وجود الصداق فيمكن أن يحكم بصحة النكاح وللمرأة صداق المثل كالمولية وبهذا يتبين أن العلة في النهي هي الاشتراط .
ثانياً : هل يصح عقد النكاح الذي وقع في الشغار القول الصحيح أن عقد النكاح المبني على الشغار عقد باطل لا يصح أما انتقاد الصنعاني رحمه الله للمعنى الأول وهو أن يقول لا أرفع لك عن موليتي إلا بأن ترفع لي عن موليتك فهذا انتقاد في غير محله فيما أرى وليس معنى ذلك التفسير المكروه وهو رفع الرِجل ولكن المقصود بالرفع المراد به فتح الباب أي لا أفتح لك باب النكاح لابنتي إلا بأن تفتح لي باب النكاح لابنتك وهو راجع إلى الاشتراط وإن قلنا العلة فيه الخلو فإما أن يكون المقصود الخلو من المهر وإما أن يكون المقصود الخلو من الاشتراط المعوق وهذا هو الأقرب إلا في صورة واحدة وهو أن يجعل بضع هذه مهراً لبضع تلك فإذا كان الأمر هكذا فإنه هو الشغار بغير خلاف
وبالله التوفيق .
--------
تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.
تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ
تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 4 ]
[ المجلد الرابع ]
رابط تحميل الكتاب :
http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam4.pdf
ام عادل السلفية
05-01-2016, 11:59AM
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام
للعلامة : احمد النجمي
-رحمه الله -
[302]الحديث الثامن :
عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن النبي ﷺ نهى عن نكاح المتعة يوم خيبر وعن لحوم الحمر الأهلية .
موضوع الحديث :
تحريم نكاح المتعة
المفردات
نكاح المتعة : نكاح مؤقت بزمن يتفق عليه الناكح والمنكوحة فقط وهو حرام
يوم خيبر : أي يوم فتح خيبر
قوله وعن لحوم الحمر الأهلية : أي ونهى كذلك عن لحوم الحمر الأهلية والحمر الأهلية هي الإنسية بخلاف الحمر الوحشية فإنها مباحة والإنسية هي الآنسة تأنس إلى الناس ولا تنفر منهم
المعنى الإجمالي
يخبر علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن النبي ﷺ نهى عن نكاح المتعة الذي هو نكاح إلى أجل وعن أكل لحوم الحمر الأهلية
فقه الحديث
أولاً : يؤخذ من هذا الحديث تحريم نكاح المتعة وسمي هذا النكاح نكاح متعة لأنه نكاح لا يقصد به العلاقة المستديمة ولا الاستيلاد بل مقصود صاحبه التمتع فقط وهذا النكاح كان مباحاً في أول الإسلام فقد فعله الصحابة بإذن من النبي ﷺ ثم حرم في موقعة خيبر ثم أبيح يوم فتح مكة ثم حرم إلى يوم القيامة
ثانياً : حصل خلاف بين أهل العلم في وقت تحريم نكاح المتعة والأقرب أن التحريم المؤبد حصل بعد فتح مكة لحديث الربيع بن سبرة عن أبيه في صحيح مسلم
ثالثاً : اتفق أهل العلم على تحريم نكاح المتعة فقد كان في عصر الصحابة خلاف في بقاء حكمها واشتهر القول بإباحتها عن ابن عباس رضي الله عنه وجماعة ولكن ابن عباس رضي الله عنه رجع بعد ذلك
رابعاً : نكاح المتعة هو أن يتزوج المرأة إلى أجل معلوم وأن يكون بين الرجل والمرأة فقط دون سواهما وقد أبدلنا الله عز وجل عن ذلك بالنكاح الصحيح الذي يشترط فيه الولي وشاهدان وإعلان النكاح بالدف والغناء
خامساً : بقيت الرافضة تقول بنكاح المتعة وقولهم باطل مخالف لما ثبت عن النبي ﷺ وعن أصحابه رضوان الله عليهم
سادساً : وقع الإجماع بعد ذلك على تحريم نكاح المتعة وأنه محرم إلى يوم القيامة
سابعاً : اختلف أهل العلم فيمن عقد على امرأة وأسر في نفسه أنه يطلقها بعد مدة معينة فبعضهم أجاز ذلك والجمهور على منعه لأنه يوافق المتعة في كونه عاقداً في نفسه أنه يطلق بعد مدة معينة إلا أن الإثم ينحصر فيمن نوى هذه النية ولم يطلع عليها أحداً لا المرأة المنكوحة ولا أوليائها
وبالله التوفيق .
--------
تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.
تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ
تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 4 ]
[ المجلد الرابع ]
رابط تحميل الكتاب :
http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam4.pdf
ام عادل السلفية
11-01-2016, 06:22PM
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام
للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -
[303]الحديث التاسع :
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ قال لا تنكح الأيم حتى تستأمر ولا تنكح البكر حتى تستأذن قالوا يا رسول الله فكيف إذنها قال أن تسكت .
موضوع الحديث :
شرط نكاح الأيم وشرط نكاح البكر وأن الأيم لا بد وأن تستأمر أما البكر فإذنها صماتها
المفردات
الأيم : تطلق ويراد بها الثيب التي قد تزوجت زوجاً دخل بها ثم فارقها أو مات عنها وتطلق ويراد بها من لا زوج لها وقد تطلق هذه الكلمة على الرجل الذي لا زوجة له
قوله تستأمر : أي يطلب أمرها ومعنى ذلك أنه لا يكفي السكوت كما في البكر
قوله والبكر : المراد به من لم توطأ بنكاح
قوله تستأذن : أي يطلب إذنها
قولهم فكيف إذنها : استفهام عن صفته
قوله أن تسكت : يعني أن أذنها سكوتها
المعنى الإجمالي
الله أكبر ما أعدل شرائع الإسلام وأجملها فهاهو رسول الله ﷺ ينهى أن تنكح الأيم حتى تستأمر ولا البكر حتى تستأذن لأن إنكاحها بغير رضاها مصادرة لحريتها وهي التي ستعيش مع الزوج فلا بد من تصريحها بالأمر أما البكر فتستأذن وإذنها صماتها
فقه الحديث
أولاً : يؤخذ من قوله ( لا تنكح الأيم حتى تستأمر ) أن النكاح لا بد أن يكون بإشراف الولي والولي شرط في صحة النكاح للأدلة الآتية
أولاً : قول الله سبحانه وتعالى ( فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ ) [ النساء : 25 ] ثانياً : نهى الله عز وجل للأولياء عن العضل حيث يقول سبحانه وتعالى (وَإِذَا طَلّقْتُمُ النّسَآءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنّ فَلاَ تَعْضُلُوهُنّ أَن يَنكِحْنَ أَزْوَاجَهُنّ إِذَا تَرَاضَوْاْ بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ ذَلِكَ يُوعَظُ بِهِ مَن كَانَ مِنكُمْ يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الاَخِرِ ذَلِكُمْ أَزْكَىَلَكُمْ وَأَطْهَرُ وَاللّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ ) [ البقرة : 232 ] فالأمر بأن يكون النكاح بإذن أهلهن سواء كن حرائر أو إماء ونهى الأولياء عن العضل دليل واضح على اشتراط الولي وفي الحديث ( لا نكاح إلا بولي) وهذا الحديث وإن كان فيه كلام إلا أن له شواهد تبلغه إلى درجة الصحة أو الحسن
ثانياً : يؤخذ من قوله ( لا تنكح الأيم حتى تستأمر ) بأن النكاح ليس في يدها وإنما هو بيد وليها وإلى اشتراط الولي ذهب الجمهور وخالف في ذلك الحنفية قال ابن عبدالبر روى معقل بن يسار قال كانت لي أخت تخطب إلي فأتاني ابن عم لي فأنكحتها إياه ثم طلقها طلاقاً رجعة ثم تركها حتى انقضت عدتها فلما خطبت أتاني يخطبها فقلت والله لا أنكحتكها أبداً قال ففي نزلت ( وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن ) قال فكفرت عن يميني وأنكحتها إياه ثم ذكر رواية البخاري فقال قال البخاري وأخبرنا أبو معمر حدثنا عبدالوارث حدثنا يونس عن الحسن أن أخت معقل بن يسار طلقها زوجها فتركها حتى انقضت عدتها ثم خطبها فأبى معقل فنزلت هذه الآية ( فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن ) قال البخاري وقال إبراهيم عن يونس عن الحسن حدثني معقل بن يسار قال أبو عمر هذا أصح شيء وأوضحه في أن للولي حقاً في الإنكاح ولا نكاح إلا به لأنه لولا ذلك ما نهي عن العضل ولا استغني عنه قال أبو عمر وقد صرح الكتاب والسنة ( أن لا نكاح إلا بولي ) فلا معنى لما خالفهما ألا ترى أن الولي نهي عن العضل وقد أمر بخلاف العضل وهو التزويج قال أبو عمر في اتفاقهم على أن للولي فسخ نكاح وليته إذا تزوجت غير كفء بغير إذنه دليل على أن له حقاً في الإنكاح بالكفء وغير الكفء قال ولا خلاف بين أبي حنيفة وأصحابه أنه إذا أذن لها وليها فعقدت النكاح لنفسها جاز وقال الأوزاعي إذا ولت أمرها رجلاً فزوجها كفؤاً فالنكاح جائز وليس للولي أن يفرق بينهما أهـ من كتاب التمهيد ج 19 ص 9089
وأقول إن هذه الأدلة صريحة في اشتراط الولي وهي تدل على أن نكاح المرأة بغير إذن وليها باطل للأدلة التي سبق ذكرها ولحديث ( لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل )
قلت : الأدلة الواردة في الكتاب والسنة أن المرأة لا يجوز لها أن تزوج نفسها لحديث عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ ( أَيُّمَا امْرَأَةٍ نَكَحَتْ بِغَيْرِ إِذْنِ وَلِيِّهَا فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ فَإِنْ دَخَلَ بِهَا فَلَهَا الْمَهْرُ بِمَا اسْتَحَلَّ مِنْ فَرْجِهَا فَإِنِ اشْتَجَرُوا فَالسُّلْطَانُ وَلِيُّ مَنْ لا وَلِيَّ لَه ُ) وكل ذلك يدل على بطلان مذهب أبي حنيفة الذي يبيح للمرأة أن تزوج نفسها
أولاً : لأن المرأة لا ولاية لها على نفسها ولا على غيرها
ثانياً : أن الفارق بين المال والبضع واضح فهي قد تنساق للشهوة وتبذل بضعها لمن لا يكون كفؤاً ولأنها ناقصة عقل ودين فقد ربط الله الولاية بالرجال ليكون في ذلك حاجز عن التصرف الغوغائي وقد سمعت في شريط لعبد الحميد كشك رحمه الله والظاهر أنه يرد فيه على الحنفية مذهبهم الشنيع قال كان شاب معه شلة شباب مفسدين في مصر وهو ابن فقيه حنفي فقال هذا الشاب لشلته إذا أراد أحدكم أن يبيت مع امرأة فليعطها شيئاً وتقول زوجتك نفسي فإذا فارقها طلقها والذي أريد الاستشهاد عليه أن هذا الشاب قد جعل مذهب الحنفية وسيلة للعبث بأعراض النساء وذريعة إلى الإفساد في الأرض وفيما ذكر كفاية وبالله التوفيق .
ثالثاً : يؤخذ من هذا الحديث أن الأيم تستأمر بمعنى أنها تصرح بالأمر بإنكاحها من الشخص الذي تريده ولا يقبل منها إلا ذلك
رابعاً: أن الثيب لا تجبر
خامساً : أن البكر تستأذن أي يؤخذ إذنها في النكاح فإن سكتت فذلك إذن لهذا الحديث وإن ضحكت فذلك إذن أيضاً وإن بكت فهل يكون ذلك إذن أم لا ؟ علماً بأن بعض الناس قد يبكي من الفرح ومما يدل على ذلك ما جاء عن عائشة رضي الله عنها قالت بينا نحن في بيتنا إذا نحن برسول الله صلى حين قام قائم الظهيرة ولم يكن رسول الله ﷺ يخطئه أن يأتي بيت أبي بكر رضي الله تعالى عنه أول النهار أو من آخره فلما رآه أبو بكر قال ما جاء رسول الله ﷺ في هذه الساعة إلا لأمر قال فدخل البيت قال فقال رسول الله ﷺ أخرج من عندك فقال ليس عليك عين إنما هن بناتي فقال قد أذن لي في الخروج قلت فالصحبة يا رسول الله قال نعم الصحبة فلقد رأيت أبا بكر يبكي من الفرح …) .
سادساً : أن للأب خاصة أن يزوج ابنته الصغيرة بدون إذن منها وقد حكى الاتفاق على ذلك وفي البالغة خلاف والصواب أن البالغة تستأذن ولو كان المزوج أباها وذلك لما روت عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّ فَتَاةً دَخَلَتْ عَلَيْهَا فَقَالَتْ إِنَّ أَبِي زَوَّجَنِي ابْنَ أَخِيهِ لِيَرْفَعَ بِي خَسِيسَتَهُ وَأَنَا كَارِهَةٌ قَالَتْ اجْلِسِي حَتَّى يَأْتِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرَتْهُ فَأَرْسَلَ إِلَى أَبِيهَا فَدَعَاهُ فَجَعَلَ الأَمْرَ إِلَيْهَا فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ أَجَزْتُ مَا صَنَعَ أَبِي وَلَكِنْ أَرَدْتُ أَنْ أَعْلَمَ أَلِلنِّسَاءِ مِنْ الْأَمْرِ شَيْءٌ ) .
وبالله التوفيق
--------
تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.
تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ
تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 4 ]
[ المجلد الرابع ]
رابط تحميل الكتاب :
http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam4.pdf
ام عادل السلفية
11-01-2016, 06:27PM
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام
للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -
[304]الحديث العاشر :
عن عائشة رضي الله عنها قالت جاءت امرأة رفاعة القرظي إلى النبي ﷺ فقالت :كنت عند رفاعة القرظي فطلقني فبت طلاقي فتزوجت بعده عبدالرحمن بن الزبير وإنما معه مثل هدبة الثوب فتبسم رسول الله ﷺ وقال أتريدين أن ترجعي إلى رفاعة ؟ لا ، حتى تذوقي عسيلته ويذق عسيلتك قالت ـ وأبو بكر عنده ـ وخالد بن سعيد بالباب ينتظر أن يؤذن له ، فنادى : يا أبا بكر ، ألا تسمع إلى هذه ما تجهر به عند رسول الله ﷺ .
موضوع الحديث :
أن من طلق زوجته طلاقاً بائناً بينونة كبرى ثم تزوجت برجل آخر أنها لا تحل للأول إن فارقها الثاني بغير تبييت نية تحليل إلا بعد جماع يشعر بلذته الرجل والمرأة وهل يُشترط فيه الانتشار والإنزال هذا محل نظر
المفردات
رفاعة القرظي : نسبة إلى بني قريظة ومطلقته اسمها تميمة بنت وهب بمثناة مضمومة مصغرة أي تُميمة ورفاعة هو ابن سموئل وعبدالرحمن بن الزبير أبوه الزبير بن باطا وكل الثلاثة من بقايا بني قريظة الذين أسلموا أو الذين كانوا وقت قتل آبائهم وأمهاتهم دون الحلم وللزبير بن باطا قصة مع ثابت بن قيس بن شماس ذكرها أصحاب المغازي والسير وهو أنه كان قد أسر ثابت بن قيس في حروب بينهم وبين بني قريظة والأنصار في الجاهلية وحلق رأسه ومنّ عليه فلما نزلوا على حكم سعد بن معاذ وحكم عليهم بالقتل أي جميع البالغين أراد ثابت أن يرد يده فذهب إليه وقال له أطلب من رسول الله ﷺ دمك فوافق ولكنه قال كيف أبقى بدون عيال فطلب ثابت من رسول الله ﷺ أن يمّن عليه بأولاده ففعل وأخيراً قال كيف يعيش رجل في الحجاز بدون مال فطلب ثابت من رسول الله ﷺ أن يمّن عليه بماله ففعل النبي صلى وأخيراً قال لثابت ما هي إلا قبلة ناضح حتى ألحق الأحبة فطلب منه أن يضرب عنقه ففعل
قولها طلقني فبت طلاقي : البتُّ معناه الطلاق المبين بينونة كبرى فلا تحل له بعدها حتى تنكح زوجاً غيره
قولها وإنما معه مثل هدبة الثوب : شبهت ما معه بهدبة الثوب إما في الرقة والرخاوة وإما في الصغر
أتريدين أن ترجعي إلى رفاعة ؟ لا : أي لا يتم لك ذلك حتى تذوقي عسيلة زوجك الجديد ويذوق عسيلتك والعُسيلة تصغير عسلة وهو كناية عن لذة الجماع
وأبو بكر عنده : أي جالس عند النبي ﷺ حين قالت له ذلك
وخالد بن سعيد بالباب : هو خالد بن سعيد بن العاص
بالباب : أي ينتظر أن يُؤذن له
فنادى يا أبا بكر ألا تسمع إلى هذه ما تجهر به عند رسول الله ﷺ وكأنه يريد من أبي بكر أن ينتهرها ولكن أبا بكر لزم الأدب عند رسول الله ﷺ فلا يمكنه أن يتقدم بين يديه بشيء
المعنى الإجمالي
تقول عائشة رضي الله عنها جاءت امرأة رفاعة القرظي إلى النبي ﷺ فقالت كنت عند رفاعة القرظي فطلقني فبت طلاقي وأخبرت أنها تزوجت بعده بعبدالرحمن بن الزبير وإنما معه مثل هدبة الثوب تعريضاً بأنها تريد أن تخرج منه وتعود إلى زوجها الأول رفاعة فتبسم النبي ﷺ وعرف أنها تريد أن ترجع إلى زوجها الأول فقال لها لا حتى تذوقي عسيلة زوجك الجديد ويذوق عسيلتك كناية عن شرطية وجود لذة الجماع في حل الزواج الثاني وعلى هذا فيحمل قوله تعالى ( حتى تنكح زوجاً غيره ) على أن المراد بالنكاح هنا الذي هو لذة الجماع وبالله التوفيق
فقه الحديث
أولاً: يؤخذ من هذا الحديث أن طلاق البته موجب لتحريم الزوجة المطلقة على زوجها المطلق وبينونتها منه بينونة كبرى لا تحل له بعدها حتى تنكح زوجاً غيره
ثانياً : ذكر الصنعاني في العدة لطلاق البتة احتمالات وهي إرسالها أي الطلقات دفعة واحدة كقول القائل أنت طالق ثلاثاً أو مفرقة بأن يكرر أنت طالق عدة مرات تصل إلى ثلاث أو يقول لها هي طالق البتة أو طلاق البينونة بأن يقول أنت طالق طلاق البتة أو أنت بائن وهذا كله عند من يرى وقوع هذه الألفاظ مبينة لمن طلقها وهم الجمهور وذهب بعض أهل العلم إلى أن ذلك لا يكفي بل لا بد أن تكون الطلقات مفرقة كل طلقة تتبعها رجعة وفي الثالثة تكون البينونة وهذا مذهب بعض أهل العلم وممن ذهب إلى ذلك الظاهرية وابن تيميه وتلميذه ابن القيم الجوزية وحكاه الصنعاني عن الهادوية ومسالة الطلاق فيها خلاف طويل ونزاع كثير سيأتي بعضه في كتاب الطلاق
ثالثاً : يؤخذ من قولها فتزوجت بعده بعبدالرحمن بن الزبير أنها أتت شاكية من عبدالرحمن وراغبة في الرجوع إلى زوجها الأول
رابعاً : يدل على ذلك قولها وإنما معه مثل هدبة الثوب
خامساً : قوله فتبسم رسول الله ﷺ أي متعجباً من صنيعها
سادساً : قوله لها أتريدين أن ترجعي إلى رفاعة يؤخذ منه أن الظن الذي تسنده قرائن يؤخذ به
سابعاً : قوله لها لا حتى تذوقي عسيلته ويذوق عسيلتك أفتاها بعدم جواز رجوعها إلى رفاعة على نقيض قصدها
ثامناً : يؤخذ من قوله لا حتى تذوقي عسيلته أن تحليل الزوج الثاني للزوج الأول إنما يكون بالجماع الذي تصحبه اللذة وهل يشترط الانتشار والإنزال هذا محل نظر
تاسعاً : يؤخذ من هذه الفتوى أن قوله سبحانه وتعالى ( حتى تنكح زوجاً غيره ) ليس مجرد النكاح الذي هو العقد ولكن لا بد أن يصحبه الدخول بها وهو الجماع
عاشراً : يؤخذ من مجموع الحديث أن النبي ﷺ أفتاها بنقيض قصدها حيث أنها ظنت أن مجرد زواجها من عبدالرحمن سيكون مبيحاً لزوجها الأول وهي قد اعترفت بأنه لم يصل منها إلى كبير شيء فأفتاها بنقيض قصدها
الحادي عشر : هذا هو مذهب الجمهور على مقتضى هذا الحديث وشذ رجلان من السلف رحمهما الله فذهب سعيد بن المسيب إلى أن مطلق العقد يكفي لحل المبتوتة للزوج الأول وخالف في ذلك الإجماع وذهب الحسن البصري رحمه الله إلى أنها لا تحل إلا بجماع يكون فيه إنزال وشذ بذلك عن رأي الجمهور أما جمهور الفقهاء فهم يشترطون الجماع ولو لم يصحبه إنزال بل إن الحل يترتب على إدخال الحشفة في الفرج الذي قال النووي أنه يترتب عليه مائة حكم
الثاني عشر : أن من احتال حيلة يقصد بها استعجال الشيء المحرم المشروط بشرط أنه يعاقب بحرمانه من ذلك مؤقتاً حتى يتحقق الشرط
وبالله التوفيق .
--------
تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.
تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ
تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 4 ]
[ المجلد الرابع ]
رابط تحميل الكتاب :
http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam4.pdf
ام عادل السلفية
11-01-2016, 06:31PM
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام
للعلامة : احمد النجمي
-رحمه الله -
[305]الحديث الحادي عشر:
عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال من السنة إذا تزوج البكر على الثيب أقام عندها سبعاً وقسم وإذا تزوج الثيب أقام عندها ثلاثاً ثم قسم ) قال أبو قلابة ولو شئت لقلت إن أنساً رفعه إلى النبي ﷺ .
موضوع الحديث :
ما يلزم للمرأة المستجدة من إقامة الزوج عندها سواء كانت بكراً أو ثيباً
المفردات
قوله من السنة : أي من سنة النبي ﷺ وطريقته
البكر : هي التي لم تتزوج أي لم توطأ بنكاح صحيح
الثيب : هي من قد تزوجت أي وطئت بنكاح صحيح
أقام عندها سبعاً : أي سبع ليال
وقسم : أي بينها وبين ضرتها أو ضراتها وإذا تزوج الثيب أقام عندها ثلاثاً ثم قسم
المعنى الإجمالي
يحكي أبو قلابة أن من السنة التي جرى عليها الشرع وعمل بها في زمن النبوة وبعده أنه إذا تزوج البكر أقام عندها سبعاً أي سبع ليال وقسم وإذا تزوج الثيب أقام عندها ثلاثاً ثم قسم والخلاصة أن حق البكر الجديدة سبعة أيام وحق الثيب الجديدة ثلاثة أيام
فقه الحديث
أولاً : يؤخذ من هذا الحديث أن قول الصحابي من السنة كذا له حكم الرفع لأن السنة في عصر النبوة وبعدها هي سنة النبي ﷺ.
ثانياً أن من تزوج البكر وعنده امرأة قبلها وجب لها عليه أي يعطيها سبع ليال ولسنا مكلفين أن نعرف العلة فتحتمل أن تكون الإيناس ويحتمل أن يكون هذا حق لها من غير تعليل
ثالثاً : إذا تزوج امرأة ثيباً على امرأة قبلها أقام عندها ثلاثة أيام ثم قسم
رابعاً : ما هو الفرق بين البكر والثيب حتى جعل الشارع للبكر سبعاً وللثيب ثلاثاً ؟
الفرق أن البكر غالباً تكون حديثة السن منكمشة قليلة الانسجام فجعل لها الشارع سبعاً ليتم إيناسها أما الثيب فإنها قد عرفت الأزواج وجربت الأمور فلذلك أعطيت ثلاثاً فقط
خامساً: إذا رضيت الثيب في أن يسبع لها سقط حقها في الثلاث ووجب على الزوج أن يقضي لضرتها ما أقام عندها وهذا هو الاحتمال الأظهر لحديث أم سلمة عند مسلم أن رَسُولَ اللَّهِ ﷺ لَمَّا تَزَوَّجَ أُمَّ سَلَمَةَ أَقَامَ عِنْدَهَا ثَلاثًا وَقَالَ إِنَّهُ لَيْسَ بِكِ عَلَى أَهْلِكِ هَوَانٌ إِنْ شِئْتِ سَبَّعْتُ لَكِ وَإِنْ سَبَّعْتُ لَكِ سَبَّعْتُ لِنِسَائِي) وفي هذا دليل على أنه يقضي السبع كلها لضرتها إن اختارت التسبيع وفي الحديث دليل على أن قول من قال يقضي لها الأربع الزائدة أن قوله ضعيف .
سادساً : هل يرتبط هذا الحق بما إذا كان له زوجة أخرى أو أنه يجب عليه وإن لم يكن له زوجة هذا محل نظر والأظهر أن ذلك لا يكون واجباً عليه إذا لم يكن له زوجة قبلها وهو بالطبيعة في هذه الحال سيأوي إليها وليس له حق أن يصرف مالها من حق عليه في الوطء والإيناس يصرفه إلى شيء آخر قد يدخل في قسم المباحات
سابعاً : إذا أراد أن يتخلى في بعض الليالي للعبادة فهل يلزم بشيء معين هذا محل نظر ويذكرنا هذا البحث بالقصة التي حدثت مع عمر بن الخطاب رضي الله عنه لما أتته امرأة فشكرت عنده زوجها وقالت هو من خير أهل الدنيا يقوم الليل ويصوم النهار ثم أدركها الحياء فقال جزاك الله خيرا فقد أحسنت الثناء فلما ولت قال كعب بن سور يا أمير المؤمنين لقد أبلغت في الشكوى إليك فقال وما اشتكت قال زوجها قال علي بهما فقال لكعب اقض بينهما قال أقضي وأنت شاهد قال إنك قد فطنت إلى ما لم أفطن له قال إن الله تعالى يقول فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع صم ثلاثة أيام وأفطر عندها يوما وقم ثلاث ليال وبت عندها ليلة فقال عمر هذا أعجب إلي من الأول فبعثه قاضيا لأهل البصرة وفي المسالة كلام أكثر من هذا وهو أنه قال إن الذي شغله عنها ما يجد من حلاوة تلاوة آل حم وأمثالها وبالله التوفيق
ثامناً: هل الواجب في القسم المبيت أو الواجب الوطء قال أهل العلم إن الواجب هو المبيت أما الوطء فإنه يتعلق بارتياح القلب لذلك فإنه تلزم فيه المساواة بل يقال أنه لو جاء إلى هذه المرأة ولم يكن مرتاحاً لها لم يلزمه في هذا المبيت الجماع وأتى إلى تلك المرأة وكان مرتاحاً لها فإنه ليس عليه حرج أن يجامع في ليلة هذه ولا يجامع في ليلة تلك
تاسعاً : ومما أذكره أن شيخنا حافظ بن أحمد الحكمي رحمه الله تعالى قال إذا كانت إحدى الضرتين مريضة فلا يجوز لك في ليلتها أن تجامع ضرتها حتى ولو بت عندها أي حتى ولو بت عند صاحبة الليلة .
--------
تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.
تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ
تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 4 ]
[ المجلد الرابع ]
رابط تحميل الكتاب :
http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam4.pdf
ام عادل السلفية
11-01-2016, 07:15PM
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام
للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -
[306]الحديث الثاني عشر :
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله ﷺ لو أن أحدكم إذا أراد أن يأتي أهله قال بسم الله اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا . فإنه إن يقدر بينهما ولد في ذلك لم يضره الشيطان أبداً ) .
موضوع الحديث :
الاستعاذة عند إرادة الجماع
المفردات
قوله أراد أن يأتي أهله : المراد بالإتيان هنا الجماع فهو كناية
قوله إن يقدر بينهما ولد : يعني من تلك المواقعة
قوله لم يضره الشيطان : أي لم يضره بخبل ولا مس لعله هكذا
المعنى الإجمالي
أخبر النبي _ أن من دعا بهذا الدعاء عند إرادة الجماع فإن الله يحمي الولد الكائن من تلك المواقعة يحميه من ضرر الشيطان
فقه الحديث
أولاً : يؤخذ من هذا الحديث مشروعية هذا الدعاء عند الجماع
ثانياً : يؤخذ من قوله إذا أراد أن يأتي أهله معنى هذا أن يقول هذا قبل التلبس بالجماع
ثالثاً :أن من فائدة هذا الذكر عند الجماع أن الله يحمي الولد الذي يكون من تلك المواقعة يحميه من ضرر الشيطان وليس معنى ذلك أنه يعصمه فإن العصمة إنما هي للأنبياء وبالله التوفيق
رابعاً : جواز استخدام لو عند الحاجة
--------
تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.
تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ
تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 4 ]
[ المجلد الرابع ]
رابط تحميل الكتاب :
http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam4.pdf
ام عادل السلفية
11-01-2016, 07:26PM
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام
للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -
[307]الحديث الثالث عشر:
عن عقبة بن عامر رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ قال إياكم والدخول على النساء فقال رجل من الأنصار يا رسول الله أرأيت الحمو قال الحمو الموت .
ولمسلم عن أبي الطاهر عن ابن وهب قال سمعت الليث يقول الحمو أخو الزوج وما أشبهه من أقارب الزوج وابن العم ونحوه .
موضوع الحديث :
النهي عن الدخول على النساء لما فيه من الخطورة على الدين والخلق
المفردات
الحمو : ضبط بضبطين ضبط بالهمزة وبه صرح القرطبي كما في العدة للصنعاني ورسمه بالحاء والميم بعدها واو عليها همزة .
الضبط الثاني وهو الذي حكاه الصنعاني عن الخطابي وأبي عبيد الهروي وابن الأثير وغيرهما قال الحافظ ابن حجر وهو الذي ثبت عندنا في رواية البخاري الحمو على زنة دلو أما من ناحية معنى الحمو فهم أقارب الزوج كأبيه وأخيه وعمه وابن عمه والمعنى أقارب الزوج والأختان أقارب الزوجة كأبيها وأخيها وما أشبه ذلك واسم الأصهار يقع على الجميع قال تعالى ( وَهُوَ الّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَآءِ بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً وَصِهْراً وَكَانَ رَبّكَ قَدِيراً )[ الفرقان : 54 ]
المعنى الإجمالي
حذر النبي ﷺ من الدخول على النساء الأجنبيات فسأله بعضهم عن الحمو وهو اسم جنس لأقارب الزوج فقال النبي ﷺ الحمو الموت
فقه الحديث
أولاً : يؤخذ من هذا الحديث تحريم دخول أقارب الزوج على زوجته وذلك أن الناس يتساهلون في هذا الأمر عادة وقد استشكل هذا الجواب وهو قول النبي ﷺ الحمو الموت هل المراد به المنع أو الإباحة وعلى هذا فلا بد من التفصيل فإن كان القصد من هذه الكلمة إباحة الدخول وتحقق وجوده فإنه يحمل على أبي الزوج الذي هو محرم لزوجة ابنه أما إن كان المقصود به الزجر والمنع والنهي عن الدخول فهو محمول على أقارب الزوج الذين ليسوا بمحارم ويكون قول النبي ﷺ (الحمو الموت ) مقصود به أنه الخطر منه متحقق كتحقق الموت وهذا هو الأقرب لتأويل الحديث لأن النبي ﷺ إنما قصد بهذا النهي الزجر عن الدخول على النساء والخلوة بهن لما يترتب على ذلك من الفواحش وشيوع المنكرات وانتشارها في المجتمعات الإسلامية فكأنه جعل خطر الحمو كخطر الموت وتحقق وجوده الخطر كتحقق وجود الموت وبالله التوفيق
ثانياً : نهي النبي ﷺ عن الدخول على النساء متضمن ومستلزم لنهيه أيضاً المرأة أن تكشف محاسنها أمام رجل من أقارب زوجها والله سبحانه وتعالى قد حذر من ذلك كما في سورة النور حيث يقول تعالى ( قُلْ لّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضّواْ مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُواْ فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَىَ لَهُمْ إِنّ اللّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ_ وَقُل لّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنّ) [ النور : 30 ، 31 ] وقد تضمنت هاتين الآيتين النهي عن نظر الرجل إلى المرأة والمرأة إلى الرجل حتى ولو كان في غير خلوة لأن ذلك مما يسبب انتشار الفواحش وللنفوس دخائل يعلمها الله سبحانه وتعالى فما حرم الله النظر إلى غير المحارم إلا لما يعلمه في ضمن ذلك من الريبة والتذرع إلى المحرمات والله هو أعلم بالعباد من أنفسهم وكم من امرأة عفيفة صارت ضحية للشيطان بسبب نظرة والناس دائماً يحاولون التغطية على الحقائق ولكن الله سبحانه وتعالى عليم بالنفوس وما فيها فينبغي عدم الاغترار بما يشيعه كثير من الناس من استبعاد وقوع الفاحشة في مثل هذه الملابسات والله تعالى يقول (وَلَوْلاَ فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَا مِنكُمْ مّنْ أَحَدٍ أَبَداً وَلـَكِنّ اللّهَ يُزَكّي مَن يَشَآءُ وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ) [ النور : 21 ]
--------
تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.
تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ
تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 4 ]
[ المجلد الرابع ]
رابط تحميل الكتاب :
http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam4.pdf
ام عادل السلفية
11-01-2016, 07:32PM
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام
للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -
"باب الصداق"
[308]الحديث الأول:
عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ أعتق صفية وجعل عتقها صداقها .
موضوع الحديث :
جعل العتق صداقاً
المفردات
صفية بنت حيي بن أخطب اليهودي النضيري نسبهم في هارون بن عمران والدليل على ذلك قوله ﷺ لصفيه حين كانت إحدى نسائه تساميها وتفخر عليها حيث قال ( إنك لابنة نبي وإن عمك لنبي وإنك لتحت نبي ففيم تفخر عليك ثم قال اتقي الله يا حفصة ) .
قوله اعتقها وجعل عتقها صداقها : أي جعل العتق صداقاً والعتق منفعة للمرأة فهي منفعة عظيمة حيث تنقلها من الرق إلى الحرية .
المعنى الإجمالي
كون النبي ﷺ اعتق صفية وجعل عتقها صداقها هذا كلام مجمل يؤدي إلى معرفة الحكم وبيان الواقعة
فقه الحديث
أولاً : يؤخذ من الحديث جواز عتق الأمة وجعل عتقها صداقاً لها وقد نازع في ذلك كثير من الفقهاء وقالوا أنه يتنافى مع القياس حيث زعموا أنه تم النكاح وهي في الرق فهذا ليس بصحيح لتنافي الرق مع جواز التصرف الذي يبنى عليه العقد وإن قلنا بعده لم يصح لأن الرق قد زال عنها لذلك ذهب مالك والشافعي وأبو حنيفة إلى أنه لا يجوز جعل العتق صداقاً وحملوا الحديث على أنه من خصوصيات النبي ﷺ وذهب أحمد إلى جواز ذلك وهو الصحيح لموافقته الدليل
أولاً : فإن قولهم بالقياس قول باطل لأنه لا قياس مع النص
ثانياً : أن النبي ﷺ أعتق صفية وجعل عتقها صداقها وهذا تشريع منه ﷺ ولم يرد عنه ما يدل على الخصوصية لأن الأصل في الأحكام التشريع
ثالثاً : أن العاقد عليها هو الذي يملك رقبتها فكما أنه يجوز له العقد عليها بيعاً للغير أو تزويجاً لها منه فكيف يصح عقده عليها بيعاً للغير أو تزويجاً له ولا يصح عقده عليها لنفسه
رابعاً : أن العتق منفعة وقد أجاز الشرع جعل المهر منفعة كما في حديث سهل بن سعد في قصة الواهبة التي وهبت نفسها للنبي ﷺ فلم يردها ثم زوجها من رجل آخر بتعليم شيء من القرآن ومن هذه الأوجه ظهر ضعف قول القائلين بأنه لا يجوز له العقد عليها ولكن يصح العقد عليها بمهر أرجو أن الحق في هذا هو ما ذهب إليه الإمام أحمد وهو ما أيدناه بهذه الكلمات والحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله
وبالله التوفيق
--------
تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.
تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ
تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 4 ]
[ المجلد الرابع ]
رابط تحميل الكتاب :
http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam4.pdf
ام عادل السلفية
11-01-2016, 07:39PM
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام
للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -
[309]الحديث الثاني :
عن سهل بن سعد الساعدي
رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ جاءته امرأة فقالت إني وهبت نفسي لك فقامت طويلاً فقال رجل يا رسول الله زوجنيها إن لم يكن لك بها حاجة فقال : هل عندك من شيء تصدقها ؟ فقال : ما عندي إلا إزاري هذا فقال رسول الله ﷺ إزارك إن أعطيتها جلست ولا إزار لك فالتمس شيئاً قال ما أجد قال التمس ولو خاتماً من حديد فالتمس فلم يجد شيئاً فقال رسول الله ﷺ هل معك شيء من القرآن ؟ قال نعم قال رسول الله زوجتكها بما معك من القرآن ).
موضوع الحديث :
جعل المنفعة صداقاً وأن تعليم القرآن من أعظم المنافع
المفردات
جاءته امرأة : نقل الصنعاني عن الحافظ بن حجر أنه قال لم نقف على اسمها وكذلك الرجل الذي طلب التزوج بها .
قوله إن لم يكن لك بها حاجة : هذا قيد في الطلب
فقالت إني وهبت نفسي لك : النكاح بالهبة مخصوص بالنبي ﷺ دون غيره لقوله سبحانه وتعالى (وَامْرَأَةً مّؤْمِنَةً إِن وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنّبِيّ إِنْ أَرَادَ النّبِيّ أَن يَسْتَنكِحَهَا خَالِصَةً لّكَ مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ .. ) [ الأحزاب : 50 ] فهذا يدل على الخصوصية
هل عندك من شيء تصدقها إياه : دليل أن الصداق أمر لا بد منه في النكاح
فقال ما عندي إلا إزاري هذا فقال رسول الله ﷺ إزارك : الظاهر أن قوله إزارك استفهام إنكاري يعني كيف يمكن أن تعطيها إزارك وأنت لا إزار لك غيره وهو معنى قوله إن أعطيتها جلست ولا إزار لك
قوله فالتمس شيئاً : تأكيد حيث أمره مرةً أخرى بالالتماس
قوله ما أجد : هذا اعتذار من الرجل
قوله التمس ولو خاتماً من حديد : أي ولو كان الملتمس خاتماً من حديد
قال فالتمس فلم يحد شيئاً فقال رسول الله e هل معك شيء من القرآن : يعني تحفظه قال نعم فقال رسول e زوجتكها بما معك من القرآن .
المعنى الإجمالي
يخبر سهل بن سعد رضي الله عنه أن امرأة جاءت إلى النبي ﷺ فقالت إنها وهبت نفسها له ثم أنها قامت طويلاً والنبي ﷺ جالس فقام رجل من القوم فقال زوجنيها إن لم يكن لك بها حاجة فطلب منه أن يصدقها شيئاً ولكن الرجل كان فقيراً مدقعاً فلم يجد حتى ولو خاتماً من حديد فقال له النبي ﷺ هل معك شيء من القرآن قال نعم فقال زوجتكها بما معك من القرآن
فقه الحديث
أولاً : يؤخذ من هذا الحديث جواز عرض المرأة نفسها على الرجل الفاضل
ثانياً : كون المرأة تعرض نفسها على الرجل الفاضل ليس معنى ذلك أنه يتزوجها بالهبة لأن الزواج بالهبة من خصوصيات النبي ﷺ وعلى هذا فيلزم لها مهر المثل
ثالثاً: يؤخذ منه حسن خلق النبي ﷺ حيث وقفت المرأة طويلاً فلم يرد أن يكدر خاطرها بقوله لا أريدك حتى يسر الله ذلك الرجل الذي طلب إنكاحها إياه
رابعاً: يؤخذ من قول الرجل لرسول الله ﷺ زوجنيها إن لم يكن لك بها حاجة جواز مثل هذه العبارة في طلب النكاح
خامساً: حسن الأدب مع النبي ﷺ من ذلك الصحابي حيث قال إن لم يكن لك بها حاجة
سادساً : يؤخذ من قوله هل عندك من شيء تصدقها أن الصداق مطلوب في النكاح ولا يصح النكاح بدونه
سابعاً: يؤخذ من قوله ما عندي إلا إزاري هذا ما كان عليه أصحاب النبي ﷺ من الفقر
ثامناً: إنكار النبي ﷺ بقوله إزارك كأن هذا الاستفهام استفهام إنكار أي كيف تصدقها إزارك وأنت لا إزار لك
تاسعاً:يؤخذ من قوله التمس ولو خاتماً من حديد أن خاتم الحديد يجوز أن يجعل صداقاً إذا كان له قيمة
عاشراً : اختلف الفقهاء فيما يجوز أن يعتبر صداقاً وهل لذلك حد أم أنه ليس له حد إلا أن قول الله سبحانه وتعالى (أَن تَبْتَغُواْ بِأَمْوَالِكُمْ مّحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ ) [ النساء : 24 ] ومعنى ذلك تطلبون بأموالكم إذا فكل ما يسمى مالاً يجوز أن يكون صداقاً وكذلك قول الله سبحانه وتعالى (وَمَن لّمْ يَسْتَطِعْ مِنكُمْ طَوْلاً أَن يَنكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ ) [ النساء : 25] والطول هنا المال الذي يستطيع أن يتزوج به ومن أجل ذلك فقد اختلف الفقهاء فيما يجوز أن يكون صداقاً فذهب مالك إلى أن اقله ثلاثة دراهم وهو المقدار الذي تقطع فيه اليد وذهب أبو حنيفة إلى أن أقله عشرة دراهم وذهب الشافعي ومن معه إلى أن كل ما يسمى مالاً ويمكن الانتفاع به يجوز أن يكون صداقاً ويُستدل لذلك بحديث المرأة الفزارية التي تزوجت على نعلين ) إلا أن فيه ضعف وهناك أحاديث أخر في هذا غير أن مفهوم الآيتين دال على أن ما لم يسم مالاً لا يكون صداقاً والمسألة من معترك الأنظار والذي يميل إليه القلب هو ما ذهب إليه مالك وهو الثلاثة الدراهم التي تقطع فيها اليد لأن ذلك يسمى مالاً .
الحادي عشر :يؤخذ من قوله ﷺ هل معك شيء من القرآن قال نعم فقال زوجتكها بما معك من القرآن يؤخذ منه النكاح على تعليم شيء من القرآن وأقله عشرون آية فقد قال بذلك بعض أهل العلم ومنعه الأكثرون إلا أنه لا حجة لهم في المنع لأن المشرع وهو رسول الله ﷺ وليست الشريعة تؤخذ من العقول ولكنها تؤخذ عن محمد رسول الله ﷺ
الثاني عشر : إذا جاز النكاح على المنفعة المتراضى عليها قلت أو كثرت فإنه يجوز على تعليم القرآن وتعليم القرآن أعظم منفعة والأصل في النكاح على المنفعة قصة موسى مع صاحب مدين حين قال له ( إِنّيَ أُرِيدُ أَنْ أُنكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيّ هَاتَيْنِ عَلَىَ أَن تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ) [ القصص : 27 ] الآية وهذا دليل واضح على جعل المنفعة صداقاً ومن ذلك تعليم القرآن وأجاز بعض أهل العلم النكاح على تعليم باب من العربية إلى غير ذلك وإذا كانت أم سليم قد تزوجت أبا طلحة على إسلامه واعتبرت إسلامه مهراً لها فإن كل منفعة تنتفع بها المرأة من عتق أو تعليم أو غير ذلك فإنه يجوز التزويج عليه على القول الأصح
وبالله التوفيق
--------
تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.
تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ
تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 4 ]
[ المجلد الرابع ]
رابط تحميل الكتاب :
http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam4.pdf
ام عادل السلفية
15-01-2016, 03:53AM
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام
للعلامة : احمد النجمي
-رحمه الله -
[310]الحديث الثالث :
عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ رأى عبدالرحمن بن عوف وعليه ردع زعفران فقال النبي ﷺ مهيم فقال يا رسول الله تزوجت امرأة فقال ما أصدقتها ؟ قال وزن نواة من ذهب قال فبارك الله لك أولم ولو بشاة .
موضوع الحديث :
الأمر بالوليمة
المفردات
ردع : أقول الردع والردغ هو الشيء يكون له أثر في الثوب وكأنه هنا المراد به أثر صفرة لأنه منهي عن لبس الثوب المعصفر للرجل ولكن الذي يظهر أن النبي ﷺ عرف أنه لم يقصد لبس ماهو مزعفر أو معصفر وإنما كان ذلك من تقارب ثيابه مع ثياب زوجته
والزعفران : نبات معروف
قوله مهيم : أي ما شأنك وما خبرك وكأن النبي ﷺ عرف أنه تزوج بوجود ذلك الأثر في ردائه
قوله ما أصدقتها : أي كم أصدقتها أو أي شيء أصدقتها
فقال وزن نواة من ذهب : اختلف في النواة هل هي وزن معروف أو أنه ما يساوي خمسة دراهم أو ما يساوي وزنها والذي يظهر والله أعلم أن النواة ثمن أوقية من الذهب سميت هذه الكمية من الوزن نواة كما سموا نصف الأوقية نشاً وهو بالذهبي ثلاثة دنانير ونصف أو أربعة دنانير إلا ربع أي ما يقارب هذا
المعنى الإجمالي
رأى النبي ﷺ على ثوب عبدالرحمن بن عوف شيئاً من لون الزعفران ففهم أنه تزوج فسأله عن ذلك فأخبره أنه تزوج امرأة من الأنصار وساق إليها وزن نواة من الذهب
فقه الحديث
أولاً : يؤخذ من هذا الحديث أن هذا المقدار يصلح أن يكون مهراً ووزن خمسة دراهم يعد أربعة عشر جراماً وينقص من الجرام الخامس عشر خمسة عشر بالمائة
ثانياً: أن المهر في ذلك الزمان كان يسيراً
ثالثاً: ينبغي للناس اليوم أن يتأسوا بالنبي ﷺ وأصحابه في قلة المهر ليتيسر النكاح للشباب
رابعاً : أن تيسير المهور تسهيل للنكاح الحلال وإبعاد للشباب عن مواطن الريبة والفواحش
خامساً: يؤخذ من قول النبي ﷺ بارك الله لك مشروعية الدعاء للمتزوج بالبركة وقد ورد أيضاً أن يكون الدعاء له ولزوجته كما ورد ذلك عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي ﷺ كان إذا رفأ الإنسان ( هنأه ودعا له ) إذا تزوج قال: " بارك الله لك وبارك عليك ، وجمع بينكما في خير ) .
سادساً :يؤخذ من قوله أولم مشروعية الوليمة وأنها واجبة لهذا الأمر وهذا مذهب الإمام مالك رحمه الله وذهب الجمهور إلى أن الوليمة سنة مستحبة
سابعاً :الوليمة هي الطعام المتخذ لأجل العرس
ثامناً : أنه ينبغي أن تكون الوليمة بعد الدخول وقد اختلف أهل العلم في وقتها فقال بعضهم بعد العقد وقال بعضهم بعد الدخول
وأقول : إن الأشهر أنها تكون بعد الدخول
تاسعاً: المرجح أنها تكون بعد الدخول وهذا ما جرى عليه عمل كثير من المسلمين والأئمة
عاشراً: قوله أولم ولو بشاة يراد بلو هنا أنها للتقليل
الحادي عشر : أنه مهما يكن فإن الوليمة لا تتجاوز الكبشين أو الثلاثة في عرف الأقدمين
الثاني عشر :أن ما يفعله الناس اليوم من الإسراف في الولائم أمر لا يقره الشرع بل هو يعتبر من الباطل الذي يأثم العبد عليه إذ أن بعضهم تصل الذبائح عندهم إلى فوق الأربعين وهذا لا شك أنه بذخ لا ينبغي فعله من المسلم المتبع لأوامر الله عز وجل وبالله التوفيق
--------
تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.
تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ
تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 4 ]
[ المجلد الرابع ]
رابط تحميل الكتاب :
http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam4.pdf
ام عادل السلفية
15-01-2016, 04:01AM
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام
للعلامة : احمد النجمي
-رحمه الله -
"كتاب الطلاق"
الطلاق في اللغة هو الإطلاق وفي الشرع هو حل عقدة النكاح المبرم وهو يعتبر إطلاق لها وحلاً لتلك العقدة
[311]الحديث الأول:
عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما أنه طلق امرأته وهي حائض فذكر ذلك عمر لرسول الله ﷺ فتغيظ منه رسول الله ﷺ ثم قال ليراجعها ثم يمسكها حتى تطهر ثم تحيض فتطهر فإن بدا له أن يطلقها فليطلقها قبل أن يمسها فتلك العدة كما أمر الله عز وجل .
وفي لفظ ( حتى تحيض حيضة مستقبلة سوى حيضتها التي طلقها بها وفي لفظ فحسبت من طلاقها وراجعها عبدالله كما أمره رسول الله ﷺ .
موضوع الحديث:
الطلاق في الحيض
المفردات
قوله فتغيظ منه : أي غضب
قوله ليراجعها : هذا أمر
ثم يمسكها حتى تطهر : أمر آخر
ثم تحيض فتطهر : أمر ثالث مترتب على ما قبله
فإن بدا له أن يطلقها : أي أحب أن يطلقها أو ظهرت له المصلحة في طلاقها
فليطلقها : هذا أمر أيضاً
قبل أن يمسها : أي قبل أن يجامعها
قوله فتلك العدة : الإشارة إلى قوله سبحانه وتعالى (فَطَلّقُوهُنّ لِعِدّتِهِنّ ) [ الطلاق : 1] والمعنى لاستقبال عدتهن
قوله حيضة مستقبلة : أي غير الحيضة التي طلقها فيها
قوله وفي لفظ فحسبت من طلاقها : أي لم تلغ كما زعمه بعض أهل العلم بل حسبت عليه
من طلاقها : أي من الثلاث التي منحه الله إياها
المعنى الإجمالي
طلق عبدالله بن عمر رضي الله عنه زوجته وهي حائض في حال الحيض قبل أن تغتسل منه فلما بلغ النبي ﷺ غضب من ذلك وأمره أن يراجعها بإعادتها إلى عصمته ثم يمهلها حتى تطهر ثم يمسكها في ذلك الطهر بدون جماع حتى تحيض حيضة أخرى فإذا حاضت حيضة أخرى طلقها إن شاء بعد الطهر من الحيض .
فقه الحديث
أولاً : يؤخذ من هذا الحديث تحريم الطلاق في الحيض وهل يقع أو لا يقع ؟ في هذا خلاف بين أهل العلم فذهب الجمهور إلى وقوع الطلاق وأن المطلق آثم وذهب ابن تيمية وابن القيم وجماعة من العلماء معهم وأهل الظاهر إلى أن الطلاق في الحيض غير واقع بالكلية وأن زوجته ما زالت في عصمته واستدلوا لذلك بأن هذا الطلاق طلاق بدعي فقد أخبر النبي ﷺ بأن كل محدث مردود وكونه مردود فمعناه أنه لا يقع فيه شيئاً مستدلين بحديث عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ ( مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رَدٌّ ) .
ثانياً : أنهم قدحوا في الروايات التي دلت على احتساب تلك الطلقة أما الجمهور فإنهم استدلوا بالروايات التي دلت على احتساب تلك الطلقة من طلاقها وقد تتبع الشيخ الألباني رحمه الله الروايات التي دلت على احتساب تلك الطلقة والروايات التي دلت على عدم احتسابها في كتابه إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل وظهر من تلك الروايات أن الروايات التي دلت على احتسابها أكثر ورواتها أحفظ وقد رجحت ذلك أي مذهب الجمهور في تعليقي على هذا الحديث في سبل السلام
وهو الذي تطمئن إليه النفس لأمور ثلاثة :
الأول : أن الروايات التي دلت على احتساب تلك الطلقة أكثر
وثانياً : أن رواتها أحفظ
وثالثاً : أن الأمر بالمراجعة دال على أن الطلاق الأول وقع .
ثالثاً: يؤخذ من هذا الحديث أن الطلاق ينقسم إلى سني وبدعي فالطلاق السني هو أن يكون في طهر لم يجامع فيه أو حاملاً مستبين حملها وأن يوقع الطلاق واحدة
أما الطلاق البدعي فهو إيقاع الطلاق في الحيض أو في طهر جامع فيه أو جمع الثلاث في مجلس واحد
رابعاً : أن تغيظ النبي ﷺ على ابن عمر دال على أن إيقاع الطلاق في الحيض معصية لله موجبة لغضبه ولو لم تكن موجبة لغضبه ما تغيظ النبي ﷺ منها
خامساً : قد تكلم العلماء على العلة التي من أجلها نهى النبي ﷺ عن إيقاع الطلاق بعد خروج المرأة من الحيضة الأولى فمنهم من قال أن الحكمة في ذلك تطويل العدة لعله يرغب فيها فيمسكها ومنهم من قال لئلا تصير الرجعة لغرض الطلاق ومنهم من قال إن ذلك عقوبة له ومهما يكن فإن النبي _ قد نهى ذلك المطلق عن إيقاع الطلاق في الطهر الذي بعد تلك الحيضة حتى يأتي طهر بعد حيضة أخرى وعلى هذا فإن حكم الطهر الذي بعد الحيضة الأولى كحكمها لا يجوز إيقاع الطلاق فيه
سادساً: الحكمة في هذا النهي حتى لا تطول العدة على المرأة
سابعاً: يؤخذ منه أن الطلاق البدعي معصية والمعصية لا يرضاها الله عز وجل
ثامناً : قال أهل الأصول أن الأمر بالأمر بالشيء أمر به فأمر النبي ﷺ لعمر رضي الله عنه أن يأمر عبدالله بن عمر برجعتها يعتبر أمراً بذلك الأمر
تاسعاً : دل الحديث على أن المراد بالأقراء الحيض وقد ذهب مالك والشافعي إلى أن المراد الأطهار وذهب أبو حنيفة إلى أن المراد بها الحيض والقول أن المراد بالأقراء الحيض هو ما دل عليه هذا الحديث لأنه لو كانت الأقراء الأطهار ما كان عبدالله بن عمر متعدياً وعاصياً
وبالله التوفيق .
--------
تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.
تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ
تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 4 ]
[ المجلد الرابع ]
رابط تحميل الكتاب :
http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam4.pdf
التصفية والتربية
TarbiaTasfia@
ام عادل السلفية
15-01-2016, 08:17PM
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام
للعلامة : احمد النجمي
-رحمه الله -
[312]الحديث الثاني :
عن فاطمة بنت قيس ( أن أبا عمرو بن حفص طلقها البتة وهو غائب ـ وفي رواية : طلقها ثلاثاً ـ فأرسل إليها وكيله بشعير فسخطته فقال : والله مالك علينا من شيء فجاءت رسول الله ﷺ فذكرت ذلك له فقال ليس لك عليه نفقة ـ وفي لفظ : ولا سكنى فأمرها أن تعتد في بيت أم شريك ثم قال تلك امرأة يغشاها أصحابي اعتدي عند ابن أم مكتوم فإنه رجل أعمى تضعين ثيابك فإذا حللت فآذنيني قالت فلما حللت ذكرت له أن معاوية بن أبي سفيان وأبا جهم خطباني فقال رسول الله ﷺ أما أبو جهم فلا يضع عصاه عن عاتقه وأما معاوية فصعلوك لا مال له انكحي أسامة بن زيد فكرهته ثم قال انكحي أسامة بن زيد فنكحته فجعل الله فيه خيراً واغتبطت به .
موضوع الحديث :
هل للمطلقة البائن سكنى ونفقة أم لا ؟
المفردات
فاطمة بنت قيس : من بني محارب بن فهر بن مالك وهي أخت الضحاك بن قيس الذي ولي العراق ليزيد بن معاوية وهو من صغار الصحابة وهي أسن منه وكانت من المهاجرات الأول وكان لها عقل وجمال
قوله أن أبا عمرو بن حفص طلقها ألبتة : أقول أبو عمرو بن حفص بن المغيرة بن عبدالله بن عمر ابن مخزوم زوج فاطمة بنت قيس قيل اسمه عبدالحميد وقيل أحمد ويقال فيه أبو حفص بن عمرو مات باليمن في أواخر حياة النبي ﷺ على الصحيح وقيل عاش إلى خلافة عمر وهو وهم وصاحب القصة الذي قال لفاطمة بنت قيس ليس لك علينا شيء هو عياش بن أبي ربيعة وهو ابن عم أبي عمرو .
قوله ألبتة : تطلق البتة ويراد بها الطلاق البائن بينونة كبرى وهي صفة للطلاق المبين إما أن تكون هي الطلقة الثالثة وإما أن يكون جمع الطلاق الثلاث مرة واحدة واعتبر ذلك مبيناً لها من زوجها على رأي الجمهور رجح الصنعاني رحمه الله الرواية التي فيها أنه خرج مع علي إلى اليمن فبعث إليها بتطليقة ثالثة بقيت لها وقال وهذا هو الصحيح
قوله فأرسل إليها وكيله بشعير : على إعراب وكيله بالرفع أنه فاعل أرسل
فسخطته : أي غضبت منه
قال والله مالك علينا من شيء : أي ليست لك نفقة واجبة علينا في الشرع
فجاءت إلى رسول الله ﷺ : أي جاءت إليه فاطمة بنت قيس لتسأله عن الحكم في هذه المسألة فقال ليس لك عليه نفقة وفي لفظ ولا سكنى أي القائل هو رسول الله _ فأمرها أي أمر فاطمة بنت قيس أن تعتد في بيت أم شريك ثم قال تلك امرأة يغشاها أصحابي أي يدخلون عليها في منزلها لكونها تحسن إليهم
قوله اعتدي عند ابن أم مكتوم فإنه رجل أعمى تضعين ثيابك : أي فلا يراك
فإذا حللت فآذنيني : أي إذا انتهيت من عدتك فلا تصنعي شيئاً حتى تخبريني قالت فلما حللت ذكرت له أن معاوية بن أبي سفيان وأبا جهم خطباني بمعنى أنهما أرسلا إليها ولم تقطع مع واحد منهما فقال رسول الله ﷺ أما أبو جهم فلا يضع عصاه عن عاتقه يعني أنه يضرب النساء وأما معاوية فصعلوك معنى صعلوك فقير ثم فسره بقوله لا مال له ثم أمرها أن تنكح أسامة بن زيد فكرهته لعلها كرهته أولاً لكونه مولى وهي قرشية وهذه نعرة كانت متأصلة عند العرب ثم أمرها مرة أخرى بقوله أنكحي أسامة بن زيد فنكحته أي تزوجت به فجعل الله فيه خيراً كثيراً قالت واغتبطت به بمعنى أن النساء غبطنها به
المعنى الإجمالي
في هذه القصة أن فاطمة بنت قيس القرشية الفهرية طلقها زوجها أبو عمرو بن حفص وهو منطلق إلى اليمن وأن وكيله أرسل لها شعيراً يكون نفقة فتسخطته أي أنفت من أخذه فقال والله مالك علينا من شيء فعند ذلك ذهبت إلى النبي ﷺ مستفتيه فأخبرها بأنه ليس لها على مطلقها سكنى وأمرها أن تعتد في بيت أم شريك ولكن لكون أم شريك يغشى منزلها بعض أصحاب النبي ﷺ لذلك عدل عن كونها تعتد عندها ثم أمرها أن تعتد في بيت ابن أم مكتوم لكون ابن أم مكتوم عامري وهي عامرية ومن ناحية أخرى تضع ثيابها فلا يراها ثم أمرها أن تؤذنه عندما تحل للأزواج ولما حلت أخبرته بأنها خطبت من قبل أبي جهم ومعاوية فلم يشر عليها بنكاح أحد منهما وإنما أشار عليها بأن تنكح أسامة بن زيد فنكحت أسامة بن زيد واغتبطت به وفي حديثها مسائل هي من معترك الخلاف بين الفقهاء
فقه الحديث
أولاً : قولها أن أبا عمرو بن حفص طلقها ألبتة اختلف أهل العلم في البتة هذه هل كان طلاقه بلفظ البتة أو كان طلاقه ثلاثاً في موضع واحد فاعتبرت بتة أو كان طلاقه متفرقاً وكانت الطلقة الأخيرة منها هي التي أرسلها إليها وهو غائب بمعنى أنه أرسل إليها التطليقة الثالثة
ثانياً: أن المرجح من هذه الروايات أنه أرسل إليها التطليقة الثالثة فاعتبرت هي المبينة لها منه ولذلك سمتها البتة
ثالثاً : تمسك الجمهور برواية أنه طلقها البتة بأنه جمع الطلاق فيها وعدوا ذلك من الأدلة على أن من جمع الطلاق في مجلس واحد بأن بلغ طلاقه ثلاثاً أن طلاقه ذلك يكون مبيناً لزوجته من عصمته إلا أن هذا المفهوم يعارضه حديث ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه قَالَ كَانَ الطَّلاقُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَأَبِي بَكْرٍ وَسَنَتَيْنِ مِنْ خِلافَةِ عُمَرَ طَلاقُ الثَّلاثِ وَاحِدَةً فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ إِنَّ النَّاسَ قَدْ اسْتَعْجَلُوا فِي أَمْرٍ قَدْ كَانَتْ لَهُمْ فِيهِ أَنَاةٌ فَلَوْ أَمْضَيْنَاهُ عَلَيْهِمْ فَأَمْضَاهُ عَلَيْهِمْ ثم إن عمر رضي الله عنه جمع الصحابة واستشارهم في ذلك بقوله (إني أرى الناس قد استعجلوا في أمر كان لهم فيه أناة فأرى أن نمضيه عليهم فأمضاه عليهم ) ويستفاد من هذا الحديث أن من جمع الطلاق الثلاث في مجلس واحد أن طلاقه يعتبر واحدة وقد ذهب الجمهور إلى ما قرره أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه فاعتبروا الثلاث ثلاثاً سواء كانت بلفظ واحد وصفه بثلاث أو ثلاث لفظات متتالية وعلى هذا جرى أصحاب الفتوى في عهد عمر رضي الله عنه ومن بعده وفي عهد التابعين واتباع الأتباع ولم يخالف أحد منهم هذا الرأي رغم أن الحديث صريح في أن الثلاث كانت واحدة على عهد النبي ﷺ وكفى بذلك دليلاً لأنه هو المشرع صلوات الله وسلامه عليه وكل قول خلاف قوله فهو مردود وكل رأي خلاف سنته فهو مفند ورأى عمر رضي الله عنه في امضاءه ما تسارعوا إليه رأي في مقابلة النص وإنما كان عقوبة منه لهم في تسارعهم إلى ذلك أي إلى جمع الثلاث في مجلس واحد والمسالة من معترك الأنظار ومواطن الخلاف قديماً وحديثاً وقد ذهب أهل الظاهر إلى أن طلاق الثلاث إذا كان في مجلس واحد سواء كان بألفاظ متتالية كأن يقول لزوجته هي مطلقة مطلقة مطلقة أو بلفظ واحد وصفه بثلاث كأن يقول لزوجته هي طالق بالثلاث فإنهم يعتبرون ذلك واحدة قال به أهل الظاهر قديماً وأحيا هذا القول ونشره وأفتى به ابن تيمية أحمد بن عبدالحليم ابن عبدالسلام الحراني في أواخر القرن السادس وأوائل القرن السابع وأوذي بسبب هذا القول كثيراً وتبعه على ذلك تلميذه ابن القيم رحمه الله وأوذي هو الآخر بعد موت شيخه بسبب هذه الفتوى علماً بأنها هي الحق الذي ترك رسول الله _ عليه أمته ولشيخ الإسلام وتلميذه فتاوى كثيرة في هذا الباب حيث قرر كل منهما رحمهما الله في غير ما موطن أنه لا يعرف عن النبي ﷺ أنه أمضى الثلاث وجعلها ثلاثاً ولكن العكس هو المعروف عن النبي ﷺ وقد تبع شيخ الإسلام ابن تيمية جماعة من العلماء في هذا القول إلا أن بعض المتأخرين علق القول به على النية ومنهم شيخنا سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله وقال به الصنعاني والشوكاني والألباني ومحمد بن صالح العثيمين رحمهم الله جميعاً وهذا هو القول الصحيح فيما أرى وعلى هذا فمن جمع الطلاق في مجلس واحد استحلف فإن كان أراد بذلك الثلاث فهي ثلاث وإن كان أراد به واحدة فهي واحدة وإن جرى منه ذلك في حال غضب لم يتبين فيه نيته كان ذلك الطلاق واحدة وبالله التوفيق
رابعاً : يؤخذ من قوله ﷺ لفاطمة بنت قيس ليس لك عليه نفقة وفي رواية ولا سكنى أن المبتوتة التي طلقت طلاقاً لا رجعة فيه ليس لها على مطلقها سكنى ولا نفقة ولأهل العلم في هذه المسألة قديماً وحديثاً ثلاثة أقوال :
القول الأول : أن لها السكنى والنفقة وبه قال أبو حنيفة وورد عن عُمَرُ رضي الله عنه أنه أنكر حديثها وقال : ( لا نَتْرُكُ كِتَابَ اللَّهِ وَسُنَّةَ نَبِيِّنَا ﷺ لِقَوْلِ امْرَأَةٍ لا نَدْرِي لَعَلَّهَا حَفِظَتْ أَوْ نَسِيَتْ .
القول الثاني : وعليه جمهور أهل المذاهب وهم الشافعية والمالكية أن لها السكنى دون النفقة
القول الثالث : قال به الإمام أحمد رحمه الله وهو قول كثير من المحدثين المتحررين عن التمذهب أنه ليس للمبتوتة سكنى ولا نفقة إلا إن كانت ذات حمل فإن ينفق عليها من أجل الحمل وهذا هو القول الصحيح بأن المطلقة طلاقاً بائناً ليس لها سكنى ولا نفقة وأن السكنى والنفقة إنما تكون للمطلقة الرجعية التي يملك المطلق الرجعة عليها لأن النبي ﷺ أمر فاطمة بنت قيس أن تعتد في بيت أم شريك ثم عدل عن ذلك وأمرها أن تعتد في بيت ابن أم مكتوم فلو كانت السكنى لها ما عدل النبي ﷺ عن ذلك والأعذار التي يراد بها إبطال النص يجب أن ترفض وحاشاه ﷺ أن يحكم أو يفتي بغير الحق فإنه يترتب على سكناها في بيت ابن أم مكتوم مضايقة له ولأهله ولو كانت تجب لها السكنى ما عدل النبي ﷺ عن ذلك إلى مضايقة ذلك الرجل الأعمى . أما قوله سبحانه وتعالى ( أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ ) [ الطلاق : 6 ] فهذا خاص بالرجعيات
خامساً : أن الطلاق في غيبة المرأة واقع باتفاق أهل العلم
سادساً : يؤخذ من قوله تلك امرأة يغشاها أصحابي المقصود به أن أم شريك كانت امرأة تحسن إلى أصحاب النبي ﷺ فكانوا يزورونها ويؤخذ من هذا زيارة الرجال للمرأة الكبيرة إذا لم يكن هناك خلوة ولا تهمة
سابعاً: يؤخذ من قوله اعتدي عند ابن أم مكتوم فإنه رجل أعمى تضعين ثيابك فلا يراك يؤخذ من هذا مراعاة أخف الضررين فإن اعتدادها عند أم شريك يعرضها لأنظار الرجال وهي امرأة جميلة وفي مقتبل عمرها ولا يمكنها الاحتياط إلا بمشقة عظيمة فلذلك عدل ﷺ عن أمرها بالاعتداد في بيت أم شريك إلى الاعتداد في بيت ابن أم مكتوم مراعاة لأخف الضررين وأدنى المشقتين .
ثامناً: يؤخذ من قوله فإذا حللت فآذنيني أن المطلقة طلاقاً بائناً يجوز التعريض لها في العدة فإن في ذلك تعريض لها بأن للنبي ﷺ فيها غرضاً .
تاسعاً : يؤخذ من قولها فلما حللت ذكرت له أن معاوية بن أبي سفيان وأبا جهم خطباني يؤخذ من ذلك أن الخطبة على الخطبة جائزة ما لم يقبل أحد الخاطبين فإن قبل أحد الخاطبين حرم على الآخرين أن يخطبوا على خطبته أما إن خطب هذا وخطب هذا ولم يقبل أحد منهم فإن ذلك جائز لهذا الحديث
عاشراً : يؤخذ من قوله ﷺ أما أبو جهم فلا يضع عصاه عن عاتقه وأما معاوية فصعلوك لا مال له أنكحي أسامة بن زيد يؤخذ من هذا جواز الغيبة إن كانت نصيحة للمنصوح ومثل هذا يعتبر من الأمور الستة التي تجوز فيها الغيبة
الحادي عشر : يؤخذ مما قاله النبي ﷺ لأبي جهم ومعاوية أنه يجوز القدح من أجل النصيحة كما تقدم
الثاني عشر : أنه لا يلزم ذكر المحاسن أي محاسن المقدوح فيه خلافاً لمن قال ذلك من أصحاب الحزبيات وهم الذين يقولون بالموازنة بين الحسنات والسيئات ولا أعرف أن أحداً قال بذلك من أهل العلم فيما سبق
الثالث عشر : أنه إذا جاز الطعن في أبي جهم ومعاوية من أجل نصيحة فاطمة بنت قيس فإنه يجوز الطعن في كل مبتدع ابتدع بدعة إذا نصح فأبى أن يقبل النصيحة فإنه يجوز الطعن فيه والتحذير منه ولأهل العلم وبالأخص علماء الجرح والتعديل من المحدثين لهم في ذلك أقوال كثيرة تدل على جواز ذلك بل وجوبه حتى لا يغتر الناس بذلك المبتدع
الرابع عشر : يؤخذ من قوله أنكحي أسامة بن زيد فكرهته ثم قال أنكحي أسامة بن زيد فنكحته يؤخذ من ذلك أنه يجوز إنكاح القرشية من المولى ومثل ذلك إنكاح النبي ﷺ لابيه زيد بن حارثة من زينب بنت جحش ونزل في ذلك قول الله عز وجل ( وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ .. ) [الأحزاب:37]
الخامس عشر : يؤخذ من قوله أنكحي أسامة بن زيد مرة ثانية تأكيد للأمر الأول أنه يجوز إرغام المرأة على من يكون نكاحه لها فيه المصلحة
السادس عشر : يؤخذ من هذا أن النبي ﷺ قضى بهذا الحكم على نعرات الجاهلية والعصبيات القومية تقريراً لقوله تعالى (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ) [ الحجرات : 13 ]
السابع عشر : يؤخذ من قوله فنكحته فجعل الله فيه خير واغتبطت به أن الخير كله في طاعة الله ورسوله ﷺ وإن رأى الإنسان أن في ذلك غضاضة عليه فإنما ذلك من إيهام الشيطان ونزغه
الثامن عشر: يؤخذ من هذا أن اللون غير مؤثر في منع النكاح وقد ورد في الحديث الذي يرويه أَبِو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إِذَا أَتَاكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ خُلُقَهُ وَدِينَهُ فَزَوِّجُوهُ إِلاَّ تَفْعَلُوا تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ وَفَسَادٌ عَرِيضٌ ) وما كرهته فاطمة بنت قيس في نكاح أسامة بن زيد إلا لأنه مولى ولأن أسامة كان أسود اللون
التاسع عشر : أن الحاكم الشرعي هو ولي من لا ولي لها وقد جاء في الحديث عن النبي ﷺ أنه قال ( أَيُّمَا امْرَأَةٍ نَكَحَتْ بِغَيْرِ إِذْنِ وَلِيِّهَا فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ فَإِنْ دَخَلَ بِهَا فَلَهَا الْمَهْرُ بِمَا اسْتَحَلَّ مِنْ فَرْجِهَا فَإِنِ اشْتَجَرُوا فَالسُّلْطَانُ وَلِيُّ مَنْ لا وَلِيَّ لَه ُ) .
وبالله التوفيق .
--------
تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.
تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ
تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 4 ]
[ المجلد الرابع ]
رابط تحميل الكتاب :
http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam4.pdf
ام عادل السلفية
17-01-2016, 01:57AM
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام
للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -
"باب العدة"
العدة مصدر عددت الشيء أعده عدة وهي اسم للمدة التي تنتظرها المفارقة لزوجها بموت أو طلاق .
[313]الحديث الأول :
عن سبيعة الأسلمية أنها كانت تحت سعد بن خولة ـ وهو من بني عامر بن لؤي وكان ممن شهد بدراً ـ فتوفي عنها في حجة الوداع وهي حامل فلم تنشب أن وضعت حملها بعد وفاته فلما تعلّت من نفاسها تجملت للخطاب فدخل عليها أبو السنابل ابن بعكك ـ رجل من بني عبد الدار ـ
فقال لها مالي أراك متجملة ؟ لعلك ترجين للنكاح والله ما أنت بناكح حتى يمر عليك أربعة أشهر وعشراً قالت سبيعة فلما قال لي ذلك جمعت عليّ ثيابي حين أمسيت فأتيت رسول الله ﷺ فسألته عن ذلك ؟ فأفتاني بأني قد حللت حين وضعت حملي وأمرني بالتزوج إن بدا لي .
موضوع الحديث :
عدة الحامل المتوفى عنها زوجها
المفردات
سعد بن خولة : صحابي بدري توفي في حجة الوداع قلت وهو الذي قال عنه النبي ﷺ في حديث سعد بن أبي وقاص لكن البائس سعد بن خولة يرثي له رسول الله ﷺ أن مات بمكة وقد كان مهاجراً
قول فلم تنشب أن وضعت : أي فلم تلبث بعد موته إلا يسيراً حتى وضعت حملها بعد وفاته
فلما تعلت من نفاسها : أي طهرت منه
قوله تجملت للخطاب : أي أخذت زينتها وهذا يدل على أن عندها علم بأن عدتها قد انقضت بوضع حملها بعد موت زوجها .
قوله فدخل عليها أبو السنابل بن بعكك : رجل من بني عبدالدار
أبو السنابل :جمع سنبلة ابن بعكك بفتح الباء وإسكان العين وفتح الكاف الأولى مشهور بكنيته واختلف في اسمه على أقوال ذكر الشارح ابن دقيق العيد بعضها
فقال لها مالي أراك متجملة لعلك ترجين النكاح والله ما أنت بناكح حتى يمر عليك أربعة أشهر وعشر : فقد توعدها بمنعها من النكاح حتى تمر عليها عدة المتوفى عنها زوجها ولم يعلم أن ذلك في غير الحامل وأن الحامل تنقضي عدتها بوضع حملها ولعله يستنبط من هذا أنها كانت أفقه منه .
قولها جمعت عليّ ثيابي حين أمسيت …ألخ ما ذكرت وأفادت هذه الجملة وهو قولها فأفتاني بأني قد حللت حين وضعت حملي ذلك على أن الحامل تنتهي عدتها بوضع حملها
المعنى الإجمالي
توفى سعد بن خولة في حجة الوداع ورثاه النبي ﷺ بأن توفي بالبلد الذي هاجر منها وهي مكة وأن زوجته سبيعة الأسلمية عندما طهرت من نفاسها تجملت للخطاب فاعترض عليها أبو السنابل بن بعكك وتوعدها بالمنع من النكاح إلا بعد أن تكمل عدتها أربعة أشهر وعشر وبسبب ذلك ذهبت سبيعة إلى النبي ﷺ فأخبرته بحالها وما جرى لها فأفتاها بأنها قد حلت بوضع حملها فكان لذلك حديثهاً حكماً قاطعاً في المتوفى عنها زوجها وهي حامل .
فقه الحديث
أولاً : يؤخذ من هذا الحديث أن الحامل متى وضعت حملها فإنها قد انقضت عدتها حتى ولو كان بعد موت زوجها بزمن يسير فقد جاء في هذه المسالة خلاف في أول الأمر فأثر عن علي بن أبي طالب وابن عباس رضي الله عنهما أنها تعتد بأبعد الأجلين ولكن قولهما هذا قد تركاه لحديث سبيعة وقد انعقد الإجماع بعد ذلك أي بعد الاطلاع على حديث سبيعة أن الحامل تنقضي عدتها بوضع الحمل ويؤيد ذلك ما قاله ابن مسعود رضي الله عنه أن آية النساء الصغرى نزلت بعد آية النساء الكبرى أي أن سورة الطلاق نزلت متأخرة عن سورة البقرة لذلك فقد قضى بآيتها على آية البقرة وآية البقرة هي قوله تعالى ( وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا ) الآية 234 من سورة البقرة وأما آية الطلاق فهي قول الله تعالى في سورة الطلاق (وَأُولاتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ ) وهي بعض آية من آية أربعة من سورة الطلاق لذلك فقد كان الحكم في الحامل لآية الطلاق وأنها تنتهي عدتها بوضع الحمل وما ذكره الشارح رحمه الله تعالى وكذلك المعلق من أن بعض أهل العلم قال لا تنقضي عدتها إلا بالطهر من النفاس فهذا قول ضعيف والله سبحانه وتعالى قد علق انقضاء العدد في الحوامل بوضع الحمل لا بالطهر من النفاس
ثانياً : هل الذي يتعلق به انقضاء العدة هو وضع الحمل الكامل أم أنه إذا خرج الجنين فإنه يعتبر منهياً للعدة سواء كان كاملاً أو ناقصاً وسواء فيه خلقة الإنسان بينة أو خفيه يعرفها النساء هذا هو القول الصحيح لأن المهم العلم بخلو الرحم مما كان يشغله إلا أنه إذا كان الحمل أكثر من واحد فلا تنقضي عدتها إلا بوضع الجميع وأغرب ما سمعت في هذا الأمر أن امرأة وضعت إنساناً لا أدري ذكراً أم أنثى وبقيت أربعة أشهر ووضعت أنثى هذا سمعته سماعاً مؤكداً من أناس لا أشك في ثقتهم والمهم أنه لا تنقضي العدة إلا بوضع الآخر وقد علمت أيضاً أن امرأة وضعت توأمين بينهما يوم وليلة فتعجبت منها جارتها فوقع لها بعد ذلك ما وقع للمتعجب منها وهذا الأخير الذي قلته وقع في قريتي وإحداهن من قرابتي إلا أن هذا حصل في زمن متقدم والمهم أنه لا يبرأ الرحم إلا بخروج جميع الأجنة التي فيه ولو تباعد ما بينهما وبالله التوفيق
ثالثاً : أنه يجوز أن يعقد عليها بعد وضع الحمل حتى ولو كان بعد موت زوجها بزمن يسير إلا أنه لا يقربها إلا بعد أن تطهر .
رابعاً : أن من توفى عنها زوجها وهي غير حامل فإن عدتها تتعين بأربعة أشهر وعشر ولا تخرج من عدتها إلا بتمام هذه العدة لقوله سبحانه تعالى ( والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجاً يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشراً ) [ البقرة : 234 ] وأما حكم الإحداد على غير الزوج فسيأتي في حديث زينب بنت أم سلمة الذي بعد هذا ويأتي فيه أيضاً حكم الإحداد وأنه واجب وليس بشرط فإن تزينت وهي في عدتها لم تبطل العدة ولكنها تأثم والعدة تمضي بمضي زمنها .
خامساً : إذا كان الزوج في غيبة وتوفي ولم تعلم به زوجته إلا بعد أن مضت العدة أو مضى بعضها فإن كانت العدة قد مضت لم يلزمها قضاءها وإن كان قد انقضى بعضها وجب عليها أن تكمل الباقي فلو فرضنا أن الزوج توفي في بلد بعيد ولم تعلم الزوجة بوفاته إلا بعد مضي شهرين فإنه يجب عليها أن تكمل العدة شهرين وعشرة أيام ولا يجب عليها أن تبدأ من أولها
سادساً : يؤخذ من هذا الحديث أن المعتدة لها أن تخرج لطلب الفتوى أو غيرها من الأمور التي تهمها .
--------
تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.
تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ
تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 4 ]
[ المجلد الرابع ]
رابط تحميل الكتاب :
http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam4.pdf
ام عادل السلفية
19-01-2016, 08:26AM
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام
للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -
[314]الحديث الثاني :
عن زينب بنت أم سلمة رضي الله عنها قالت ( توفي حميم لأم حبيبة فدعت بصفرة فمسحت بذراعيها فقالت : إنما أصنع هذا لأني سمعت رسول الله ﷺ يقول : لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد على ميت فوق ثلاث إلا على زوج : أربعة أشهر وعشراً .
الحميم : القرابة
موضوع الحديث :
إحداد المتوفى عنها
المفردات
حميم لأم حبيبة : الحميم هو القرابة وقد تعين هذا الحميم بأنه أبوها أبو سفيان والرواية في ذلك في الصحيحين
فدعت بصفرة : المراد بذلك طيب فيه صفرة
لا يحل لامرأة : نكرة تعم كل امرأة
تؤمن بالله وباليوم الآخر : أي حال كونها تؤمن بالله واليوم الآخر فالجملة حالية
أن تحد : أن وما دخلت عليها في تأويل مصدر تأويله إحداداً فوق ثلاث .
تحد : بضم أوله وكسر ثانيه ( أحد) ويجوز فتح أوله وضم ثانيه أو كسره من (حَد) يقال : أحدت المرأة على زوجها وحدت : إذا حزنت عليه ولبست ثياب الحزن وتركت الزينة .
على ميت فوق ثلاث : أي أكثر من ثلاثة أيام إلا على زوج أربعة أشهر وعشراً .
المعنى الإجمالي
يتضمن هذا الحديث تحريم الإحداد فوق ثلاثة أيام إلا على الزوج فإنه يجب الإحداد عليه أربعة أشهر وعشراً لآية البقرة الآية 234 وهي قول الله تعالى (وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا )
فقه الحديث
أولاً :يؤخذ من هذا الحديث أنه يجوز الاحداد ثلاثة أيام على غير الزوج
ثانياً: يؤخذ تحريم الإحداد فوق ثلاث إلا على زوج أربعة أشهر وعشراً
ثالثاً: يؤخذ منه أن الحديث الذي ورد في الأب وأنه يجوز الإحداد عليه سبعة أيام أن هذا الحديث ضعيف
رابعاً: يؤخذ منه مشروعية الإحداد على الزوج مدة أربعة أشهر وعشراً وهل يجب أو لا يجب هذا محل نظر والقول بوجوبه هو الراجح وهو الذي ذهب إليه الجمهور وإن كان لفظ الحديث لا يقتضي الوجوب ولكن يقتضي الإباحة لأن قوله لا يحل لامرأة ..ألخ الحديث واستثنى منه إلا على زوج فيكون استثناء الزوج بمعنى أنه يحل ولكن تطابق السلف على فعله كابراً عن كابر يدل على أنه واجب وربما أن للوجوب أدلة أخرى .
خامساً : إنما حددت هذه المدة التي هي أربعة أشهر وعشر لأنها هي المدة التي يتخلق فيها الجنين فلعل الجنين يخفى فإذا نفخ فيه الروح تحرك ونفخ الروح لا يحصل إلا بعد كمال مائة وعشرين يوماً على النطفة في الرحم لحديث عَبْدُ اللَّهِ بن مسعود رضي الله قال حَدَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَهُوَ الصَّادِقُ الْمَصْدُوقُ قَالَ ( إِنَّ أَحَدَكُمْ يُجْمَعُ خَلْقُهُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا نطفة ثُمَّ يَكُونُ عَلَقَةً مِثْلَ ذَلِكَ ثُمَّ يَكُونُ مُضْغَةً مِثْلَ ذَلِكَ ثُمَّ يَبْعَثُ إليه الملك … )
سادساً : أن هذه العدة في حق من لم تكن حاملاً أما من كانت حاملاً فعدتها بوضع الحمل كما سبق ولو وضعت بعد وفاة زوجها بلحظة
سابعاً : الإحداد ترك الزينة والزينة تشمل كل ما يرغب في النظر إلى المرأة والرغبة فيها فيدخل في ذلك الطيب والكحل والحناء ولبس الحلي ولبس اللباس الجديد وفي الكحل عند الحاجة خلاف سيأتي في الحديث الذي بعد هذا
وبالله التوفيق .
--------
تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.
تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ
تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 4 ]
[ المجلد الرابع ]
رابط تحميل الكتاب :
http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam4.pdf
ام عادل السلفية
19-01-2016, 08:31AM
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام
للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -
[315]الحديث الثالث :
عن أم عطية رضي الله عنها أن رسول الله ﷺ قال ( لا تحد امرأة على ميت فوق ثلاث إلا على زوج أربعة أشهر وعشراً ولا تلبس ثوباً مصبوغاً إلا ثوب عصب ولا تكتحل ولا تمس طيباً إلا إذا طهرت نبذةً من قسط أو أظفار .
العصب ثياب من اليمن فيها بياض وسواد
موضوع الحديث :
بيان عدة المتوفى عنها وهي غير حامل
المفردات
لا تحد : لا ناهية أو نافية فإن كانت نافية فالمضارع مرفوع وإن كانت ناهية فالمضارع في محل جزم وامرأة فاعل تحد والإحداد هو ترك الزينة الذي أوجبه الله على المرأة المتوفى عنها زوجها وأباحه ثلاثة أيام فيما سوى ذلك
يقال أحدت تُحد ويقال حدت تَحد ويقال امرأة حاد ولا يقال حادة وتعقب الحافظ ابن حجر من قال ذلك وقال إنه ثبت في صحيح البخاري
فوق ثلاث : أي أكثر من ثلاث
قوله لا تلبس ثوباً مصبوغاً : المراد به المصبوغ بالزينة والمراد به الجديد الذي باقياً فيه رونقه ولمعانه ولا يدخل في ذلك الثوب البالي المنكسر
قوله إلا ثوب عصب : هو نوع من الثياب اليمنية
قوله ولا تكتحل : أي لا تستعمل الكحل
ولا تمس طيباً : كذلك فيه تحريم الطيب على المرأة الحاد
إلا إذا طهرت : أي بعد الحيض
نبذة : أي فلها أن تأخذ نبذة من قسط أو أظفار وهما نوعان من أنواع الطيب الذي يتبخر به
المعنى الإجمالي
تخبر أم عطية رضي الله عنها أن رسول الله ﷺ نهى أن تحد امرأة على ميت فوق ثلاث أي سواء كان الميت ابنها أو أخاها أو أباها إلا على زوج أربعة أشهر وعشراً أي فعليها أن تحد عليه هذه المدة إذا مات وهي غير حامل ونهى أيضاً عن أن تلبس ثوباً مصبوغاً واستثنى من ذلك ثوب العصب ونهاها أن تكتحل وأن تمس طيباً إلا أنه رخص لها إذا طهرت من الحيض أن تتبخر بنبذة من قسط أو أظفار لإزالة الرائحة الكريهة التي تبقى بعد الحيض
فقه الحديث
أولاً : يؤخذ من هذا الحديث تحريم الإحداد على غير الزوج فوق ثلاث
ثانياً : جوازه أو وجوبه على من مات عنها زوجها وهي غير حامل مدة أربعة أشهر وعشراً
ثالثاً: أن هذا الحكم مستفاد من آية البقرة رقم 234 وهي قوله تعالى (وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا )
رابعاً : إنما حددت هذه المدة لأن المرأة قد تكون في مبادئ الحمل فلا يعرف نظافة رحمها إلا بعد مضي هذه المدة فيتبين إن كان فيه جنين أم لا ؟
خامساً : سبق أن قلنا أن هذه المدة هي التي يتخلق فيها الجنين وينفخ فيه الروح كما في حديث عبدالله بن مسعود رضي الله عنه .
سادساً : يؤخذ من هذا الحديث منع المرأة الحاد من لبس الثياب المصبغة التي صبغت للزينة
سابعاً :استثني من ذلك ثوب العصب وهي ثياب يؤتى بها من اليمن فيها بياض وسواد
ثامناً : يؤخذ من مفهوم هذا الحديث أن المرأة الحاد ممنوعة من لبس ثياب الجمال والاتفاق حاصل على تحريم لبسها بما صبغ بالورس والزعفران وفيما عدا ذلك خلاف وقد أجاز الشافعي ومالك أجازا لها لبس الثوب الأسود لأنه لا يتخذ للزينة .
قال ابن المنذر : أجمع العلماء على أنه لا يجوز للمحادة لبس الثياب المعصفرة والمصبغة إلا ما صبغ بسواد فرخص فيه عروة بن الزبير ومالك والشافعي وكرهه الزهري أي لكونه مصبوغاً ومن أجازه اجاب بأنه غير مراد للزينة .
قال ابن الملقن : يؤخذ منه استثناء ثوب العصب وهو مذهب الزهري وكرهه عروة والشافعي وأجاز مالك غليظه والأصح عند أصحابنا تحريمه مطلقاً والحديث حجة عليهم
تاسعاً: قال ابن المنذر ورخص جميع العلماء في الثياب البيض ومنع بعض متأخري المالكية جيد البيض والسواد الذي يتزين به
عاشراً : يؤخذ منه تحريم الاكتحال على المرأة المحد وفي حديث أم سلمة في الموطأ الأذن فيه ليلاً ومسحه نهاراً وحمله العلماء على أنها كانت محتاجة إليه وسيأتي مزيد بيان في حديث أم سلمة
الحادي عشر : يؤخذ منه تحريم الطيب على المحدة بجميع أنواعه
الثاني عشر: أنه يستثنى من ذلك عند التطهر من الحيض أن تتبخر بقسط أو أظفار .
--------
تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.
تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ
تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 4 ]
[ المجلد الرابع ]
رابط تحميل الكتاب :
http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam4.pdf
ام عادل السلفية
21-01-2016, 10:56AM
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام
للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -
[316]الحديث الرابع :
عن أم سلمة رضي الله عنها قالت ( جاءت امرأة إلى رسول الله ﷺ فقالت يا رسول الله إن ابنتي توفي عنها زوجها وقد اشتكت عينها أفنكحلها ؟ فقال رسول الله ﷺ لا مرتين أو ثلاثاً ثم قال إنما هي أربعة أشهر وعشر وقد كانت إحداكن في الجاهلية ترمى بالبعرة على رأس الحول فقالت زينب كانت المرأة إذا توفي عنها زوجها دخلت حفشاً ولبست شر ثيابها ولم تمس طيباً ولا شيئاً حتى تمر بها سنة ثم تؤتى بدابة حمار أو طير أو شاة فتفتض به فقلما تفتض بشيء إلا مات ثم تخرج فتعطي بعرة فترمي بها ثم تراجع بعد ما شاءت من طيب وغيره )
موضوع الحديث :
عدة المتوفى عنها زوجها
اشتكت عينها : بضم النون من عينها على أن العين فاعلة الشكوى والوجه الثاني أن تكون منصوبة أي اشتكت عينها وعلى هذا يكون فاعل الشكوى ضمير يعود على المرأة .
أفنكحلها : استفهام طلبي
قوله فقال رسول الله ﷺ لا مرتين أو ثلاثاً كل ذلك يقول لا
قوله ثم قال إنما هي أربعة أشهر وعشر وقد كانت إحداكن في الجاهلية ترمي بالبعرة على رأس الحول قال في كتاب الإعلام لابن الملقن هذه السائلة هي عاتكة بنت نعيم أخت عبدالله بن نعيم العدوي قال وزوجها هو المغيرة المخزومي كذا رأيته في موطأ عبدالله بن وهب ثم قال إنما هي أربعة أشهر وعشر أي أن هذه المدة قد خففت عنكن بدل ما كانت المرأة تجلس سنة وفي هذا إشارة إلى نسخ الاعتداد بالحول إلى الاعتداد بالأربعة الأشهر والعشر
قوله فقالت زينب كانت المرأة إذا توفي عنها زوجها دخلت حفشاً : هو البيت الصغير المتواضع
قوله ولم تمس طيباً ولا شيئاً وفي رواية ولا ماء حتى تمر عليها سنة ثم تؤتى بدابة حمار أو شاة أو طير فتفتض به ثم تراجع بعد ذلك ما شاءت هذا القول من زينب بنت أم سلمة تخبر به عما كان يعمله النساء في الجاهلية والظاهر أن الذي أقره الإسلام هو الاعتداد بالحول دون ما كن يفعلنه من ترك النظافة حتى تنتن المرأة بأن تكون لها رائحة كريهة وقيل معنى تفتض به أي تتمسح به والمهم أن الله عز وجل أراح النساء المسلمات من العناء الذي كانت تعانيه نساء الجاهلية وقد تقدم الكلام على الإحداد وما يجوز فيه وما يمنع وأن الخلاف في الكحل إذا احتيج إليه هل يجوز بالليل ويمنع بالنهار أو لا يجوز بالكلية أو يجوز فيما لم يكن فيه طيب ويمنع منه ما كان مطيباً هذا محل نظر وخلاف .
--------
تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.
تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ
تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 4 ]
[ المجلد الرابع ]
رابط تحميل الكتاب :
http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam4.pdf
ام عادل السلفية
21-01-2016, 11:03AM
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام
للعلامة : احمد النجمي
-رحمه الله -
"كتاب اللعان"
اللعان والملاعنة والتلاعن هو ما أمر الله به بين الرجل وامرأته إذا اتهمها الزوج بالزنا ولم تكن له بينة فإنه في هذه الحالة يلاعنها كما أمر الله وسمي لعاناً من باب التغليب وإلا فاللعن هو في حق الرجل لا في حق المرأة.
[317] أورد فيه حديث عبدالله بن عمر رضي الله عنهما ( أن فلان بن فلان قال : يا رسول الله أرأيت أن لو وجد أحدنا امرأته على فاحشة كيف يصنع ؟ إن تكلم تكلم بأمر عظيم وإن سكت سكت على مثل ذلك قال فسكت النبي ﷺ فلم يجبه فلما كان بعد ذلك أتاه فقال إن الذي سألتك عنه قد ابتليت به فأنزل الله عز وجل هؤلاء الآيات من سورة النور (النور 6-9 : والذين يرمون أزواجهم ) فتلاهن عليه ووعظه وذكره وأخبره أن عذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة فقال لا والذي بعثك بالحق ما كذبت عليها ثم دعاها فوعظها وأخبرها أن عذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة فقالت لا والذي بعثك بالحق إنه لكاذب فبدأ بالرجل فشهد أربع شهادات بالله إنه لمن الصادقين والخامسة أن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين ثم ثنى بالمرأة فشهدت أربع شهادات بالله إنه لمن الكاذبين والخامسة أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين ثم فرق بينهما ثم قال إن الله يعلم أن أحدكما كاذب فهل منكما تائب ؟ ثلاثاً . )
وفي لفظ لا سبيل لك عليها قال يا رسول الله مالي ؟ قال لا مال لك إن كنت صدقت عليها فهو بما استحللت من فرجها وإن كنت كذبت فهو أبعد لك منها .
موضوع الحديث :
اللعان
المفردات
قوله إن فلان بن فلان : كنى عنه ستراً عليه
أرأيت أن لو وجد أحدنا امرأته على فاحشة : الظاهر أن أن هي المخففة من الثقيلة واسمها ضمير الشأن وتقديره أنه أي الشأن لو وجد أحدنا امرأته … الحديث
قوله على فاحشة :المراد به فاحشة الزنا
كيف يصنع : هذا استفهام عن الأمر الذي يصنعه من ابتلي بذلك
قوله إن تكلم تكلم بأمر عظيم وإن سكت سكت على مثل ذلك : ذا فيه بيان وتوضيح للمشكلة أي أنه في كلا الحالتين يقع في ورطة
قوله فسكت النبي ﷺ فلم يجبه وذلك أن النبي ﷺ كان إذا سئل عن مثل هذه المسائل لا يجيب بشيء حتى يأتيه الوحي فلما كان بعد ذلك أتى : أي أن السائل رجع إلى النبي ﷺ فقال إن الذي سألتك عنه قد ابتليت به فأنزل الله عز وجل هؤلاء الآيات من سورة النور ( والذين يرمون أزواجهم … فتلاهن عليه ووعظه
الوعظ : هو التذكير بعواقب الأمور وبيان خطر المعاصي وأخبره أن عذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة أي أخف من عذاب الآخرة فقال لا والذي بعثك بالحق ما كذبت عليها أي أكد صدقه ثم دعاها فوعظها وأخبرها أن عذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة فقالت لا والذي بعثك بالحق إنه لكاذب
فبدأ بالرجل فشهد أربع شهادات بالله إنه لمن الصادقين والخامسة أن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين واللعنة هي الإبعاد من رحمة الله ثم ثنى بالمرأة أي جعلها هي الثانية فشهدت أربع شهادات بالله إنه لمن الكاذبين والخامسة أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين
والغضب : أشد من اللعن والعياذ بالله وكلاهما عظيم
ثم قال إن الله يعلم أن أحدكما كاذب : أي في نفس الأمر وإن لم يتبين ذلك
قوله فهل منكما تائب : دعوة إلى التوبة
قوله لا سبيل لك عليها : أي قد انتهت رابطة الزوجية بينك وبينها ووجب التفريق بينكما
قوله بما استحللت من فرجها : أي في حال وطئك السابق
المعنى الإجمالي
يخبر عبدالله بن عمر رضي الله عنهما أن رجلاً من الصحابة أتى النبي ﷺ يسأله عن الحكم فيما إذا وجد الرجل امرأته على فاحشة وأن النبي ﷺ سكت عنه فلم يجبه عن ذلك ثم أنه عاد إليه وأخبره بأنه قد ابتلي بالأمر الذي سأل عنه فعند ذلك نزلت آيات الملاعنة من سورة النور فلاعن رسول الله ﷺ بينهما كما هو موضح في الحديث الشريف وكما سيأتي بيانه
فقه الحديث
أولاً : قوله إن فلان بن فلان يؤخذ منه استحباب الستر على المسلم الذي ابتلي بشيء من القاذورات فعبدالله بن عمر رضي الله عنهما يعرف اسمه ولكن كنى عنه بفلان بن فلان ستراً عليه
ثانياً : يؤخذ منه جواز السؤال عن الأمر المتوقع قبل وقوعه
ثالثاً : أن ذلك جائز فيما إذا كان الإنسان قد ابتلي بشيء من الأسباب التي تدخل عليه الشك في زوجته وأن ذلك السبب هو المبيح للسؤال .
رابعاً: يؤخذ من قوله إن تكلم تكلم بأمر عظيم وإن سكت سكت عن مثل ذلك بيان فضاعة المسألة وغلظها
خامساً : يؤخذ من قوله فسكت النبي ﷺ فلم يجبه فيه السكوت عن الإجابة في الشيء الذي لا يعلم الإنسان حكمه
سادساً: أن سكوت النبي ﷺ انتظاراً للجواب من الله تعالى
سابعاً : يؤخذ من قوله إن الذي سألتك عنه قد ابتليت به بأنه قد وقع فيما كان يتوقع ووجد امرأته على الفاحشة
ثامناً : يؤخذ منه أن قصة هذا الرجل هي سبب نزول الآيات التي في سورة النور وهل هو هلال بن أمية أو عويمر العجلاني لا يترتب على تعيينه كبير فائدة
تاسعاً :يؤخذ من قوله فتلاهن عليه ووعظه وذكره يؤخذ منه وعظ المتلاعنين وتذكيرهما
عاشراً : يؤخذ منه البداءة بالرجل لأن مبدأ الأمر من عنده وهو اتهامه لزوجته
الحادي عشر: يؤخذ منه أن الرجل إذا دعي إلى التراجع فأصر فإنه يجب عليه أن يأتي بالشهادات التي أمر الله بها
الثاني عشر : يؤخذ منه أنه لا بد من تكرير الشهادات ولا يكفي أن يقول أشهد بالله أربع شهادات
الثالث عشر :يؤخذ منه أن الرجل يلعن نفسه بأن يقول لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين
الرابع عشر :أنه إذا تم لعان الرجل ثنى الحاكم الشرعي بالمرأة
الخامس عشر : أن الحاكم الشرعي يعظها قبل إيقاع الشهادات منها ويذكرها ويقول لها إن عذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة
السادس عشر :فإن أصرت أمرها أن تشهد على زوجها أربع شهادات إنه لمن الكاذبين
السابع عشر : أنها تختم ذلك بقولها والخامسة أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين
الثامن عشر: إذا تم اللعان بينهما فرق بينهما وهل التفريق يكون بتمام اللعان أو يكون بتفريق الحاكم ذهب إلى الأول الأئمة الثلاثة والجمهور وذهب إلى الثاني أبو حنيفة وأصحابه
التاسع عشر :يسن أن يقال لهما الله يعلم أن أحدكما كاذب فهل منكما تائب كما فعل النبي ﷺ
العشرون :أن فراقهما لا يحتاج إلى طلاق على القول الصحيح
الحادي والعشرون : أنه لا مهر للرجل عليها فإن كان صادقاً عليها فالمهر بما استحل من فرجها وإن كان كاذباً عليها فهو أبعد له منها .
الثاني والعشرون : أنه لا يسقط عن الزوج حد الفرية إلا بتمام اللعان أو اعتراف المرأة .
هذه هي المسائل المأخوذة من هذا الحديث ويبقى مسالة الانتفاء من ولدها سيأتي في الحديث القادم إن شاء الله تعالى وبالله التوفيق .
--------
تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.
تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ
تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 4 ]
[ المجلد الرابع ]
رابط تحميل الكتاب :
http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam4.pdf
ام عادل السلفية
23-01-2016, 08:34AM
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام
للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -
[318]الحديث الثاني :
عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما أن رجلاً رمى امرأته وانتفى من ولدها في زمن رسول الله ﷺ فأمرهما رسول الله ﷺ فتلاعنا كما قال الله تعالى ثم قضى بالولد للمرأة وفرق بين المتلاعنين .
موضوع الحديث :
اللعان والانتفاء من الولد
المفردات
قوله أن رجلاً : يحتمل أنه هلال بن أمية الواقفي المذكور في الحديث الأول إذ أن في بعض ألفاظ ذلك الحديث أنه رماها أي زوجته بشريك بن سحماء وأن النبي ﷺ قال انظروا فإن أتت به كذا فهو للنعت السيء وإن أتت به كذا فهو لهلال بن أمية فأتت به على النعت السيء فجاء في الحديث لولا اللعان لكان لي ولها شأن فمن هذا يؤخذ أن الرجل المذكور هو الذي سبق ذكره في الحديث الأول وكنى عنه هنا
قوله وانتفى من ولدها :يعني أنه ليس له
فأمرهما رسول الله ﷺ فتلاعنا : تسمية ما يحصل بين الرجل وامرأته ملاعنة تسمية أغلبية أي أنه غُلب اللعن مع أنه في حق الرجل دعاء باللعن وفي حق المرأة دعاء بالغضب
المعنى الإجمالي
يخبر عبدالله بن عمر رضي الله عنهما أن رجلاً رمى امرأته بالزنا وانتفى من ولدها أي أنه تبرأ منه وقال إنه ليس له فأمرهما رسول الله ﷺ أي أمر الزوجين بالتلاعن على مقتضى كتاب الله عز وجل .
فقه الحديث
أولاً : يؤخذ من هذا الحديث أن الرجل إذا رمى امرأته بالزنا وقال إنه وجدها على الفاحشة مع رجل آخر فإنه إما يأتي ببينة على ذلك وإلا فإنه يشرع بينهما التلاعن وقد ذكر التلاعن في الحديث الأول وذكرنا هناك ما يقتضيه المقام من الفوائد التي تؤخذ من ذلك الحديث
ثانياً : يؤخذ من هذا الحديث أن الرجل إذا رمى امرأته بالزنا وادّعى بأن ابنها ليس له فإنه لا بد أن يلاعنها عليه بأن يشهد أربع شهادات بالله إن هذا الولد ليس له وأن عليه لعنة الله إن كان من الكاذبين وهي تشهد أربع شهادات بالله أن ذلك الولد له والخامسة أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين
ثالثاً : أنه إذا تم بينهما التلاعن على نفي الولد انتفى الولد من أبيه والتحق بأمه بحيث ينفصل من أبيه الذي نفاه انفصالاً كاملاً
رابعاً : أنه يرث أمه وترثه إن لم يكن له وارث غيرها
خامساً : يؤخذ من قول الشارح وقد ترددوا فيما لو كانت بنتاً هل يحل للملاعن تزوجها وقد ذكر الصنعاني في الحاشية بأن بعض الفقهاء قال بأنه يحل له نكاحها وهو قول شاذ لبعض الشافعية قال والأصح قول الجمهور أنها تحرم لأنها ربيبة بالجملة
وأقول :إنما ذكره الصنعاني هو الصواب في هذه الصورة لأنها بنت زوجة مدخول بها فهي تحرم من هذه الناحية
سادساً : الخلاف مشهور بين أهل العلم في بنت الزنا هل يحل للزاني تزوجها إذا علم أنها بنته وخلقت من مائه لأنها ليست بنتاً شرعية ؟ ذهب الشافعي إلى هذا فيما نقل عنه وأنكر عليه هذا القول والجمهور يقولون بأنه إذا عرف أنها بنته وخلقت من مائه فإنه لا يحل له تزوجها وهذا هو القول الصواب لو ما يكون إلا من باب اتقاء الشبهات
سابعاً: يؤخذ من قوله وفرق بين المتلاعنين ربما يؤخذ من ذلك دليل لأبي حنيفة رحمه الله حيث زعم أن اللعان لا يوجب فرقة وإنما تكون الفرقة بتفريق الحاكم والقول الصحيح أن اللعان هو الموجب للفرقة وأنه لا تتم الفرقة إلا بتمام اللعان هذا وعلى هذا فإن تفريق النبي ﷺ بينهما يعد إخبار بالحكم وبيان له وبالله التوفيق .
--------
تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.
تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ
تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 4 ]
[ المجلد الرابع ]
رابط تحميل الكتاب :
http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam4.pdf
ام عادل السلفية
24-01-2016, 09:56AM
بسم لله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام
للعلامة : احمد النجمي
-رحمه الله-
[319]الحديث الثالث :
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال جاء رجل من بني فزارة إلى النبي ﷺ فقال إن امرأتي ولدت غلاماً أسود فقال النبي ﷺ هل لك إبل ؟ قال نعم قال فما ألوانها ؟ قال حمر قال فهل يكون فيها من أورق قال إن فيها لورقا قال فأنى أتاها ذلك ؟ قال عسى أن يكون نزعه عرق قال : وهذا عسى أن يكون نزعه عرق .
موضوع الحديث :
التعريض بنفي الولد
المفردات
جاء رجل من بني فزارة : قال ابن الملقن في كتاب الإعلام بفوائد عمدة الأحكام اسم هذا الرجل ضمضم بن قتادة ذكره عبدالغني في غوامضه قال وفيه وُلِدَ مولود أسود من امرأة من بني عجل ومنه أيضاً وفِدَ عجائز من بني عجل فأخبرن أنه كان للمرأة جدة سوداء
بني فزارة : قبيلة من العرب
غلاماً اسود : أي أسود اللون
هل لك من إبل قال نعم قال فما ألوانها قال حمر قال هل فيها من أورق : أقول أورق هو الجمل أو البعير الذي يكون فيه غبرة وسواد وهو ما يسمى في لغتنا أشعل
قال إن فيها لورقاً :يعني أن هذا الوصف موجود فيها بكثرة .
قوله فأنى أتاها ذلك : أي أن النبي ﷺ قال له كيف أتاها ذلك حيث أتى مخالف لألوانها
قال عسى أن يكون نزعه عرق : يعني أن يكون معه في أصوله شيء على هذا الوصف فأشبهه قال وهذا عسى أن يكون نزعه عرق
والعرق : هو الأصل في النسب
المعنى الإجمالي
أراد رجل من بني فزارة كان قد ولدت امرأته غلاماً أسود فأنكره وهمّ بنفيه فأتى النبي ﷺ مستفتياً فجرى بينهما الحوار الذي ذكر في الحديث فاقتنع الرجل وذهب مقتنعاً بأن ذلك لا يوجب شبهة وهذا من حكمة الشارع الحكيم ﷺ .
فقه الحديث
أولاً : يؤخذ من هذا الحديث أن التعريض بنفي الولد لا يكون نفياً صريحاً إذا كان بصيغة محتملة وأنه لا يوجب حداً ولا تعزيراً
ثانياً : يؤخذ من الحديث أيضاً أن مخالفة الولد لأبيه في اللون لا يوجب نفياً له لأن الله سبحان وتعالى قد أخبر في كتابه بأنه يركب صورة الولد على ما يشاء من الصور لقوله تعالى ( يَا أَيُّهَا الإِنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيم ِ(6) الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَك َ(7) فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَكَ ) [ الانفطار: (6- 8) ]
وقد ورد أن الله عز وجل إذا أراد خلق الإنسان في بطن أمه ركبه في أي صورة شاء مما يكون له عرق نسب يوصله إليه وقد جاء في الحديث أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَلامٍ بَلَغَهُ مَقْدَمُ النَّبِيِّ ﷺ الْمَدِينَةَ فَأَتَاهُ يَسْأَلُهُ عَنْ أَشْيَاءَ فَقَالَ إِنِّي سَائِلُكَ عَنْ ثَلاثٍ لا يَعْلَمُهُنَّ إِلا نَبِيٌّ ) .. ومنها ( وَمَا بَالُ الْوَلَدِ يَنْزِعُ إِلَى أَبِيهِ أَوْ إِلَى أُمِّهِ ) … فقال له النبي ﷺ وَأَمَّا الْوَلَدُ فَإِذَا سَبَقَ مَاءُ الرَّجُلِ مَاءَ الْمَرْأَةِ نَزَعَ الْوَلَدَ وَإِذَا سَبَقَ مَاءُ الْمَرْأَةِ مَاءَ الرَّجُلِ نَزَعَتْ الْوَلَدَ …… إلخ الحديث ).
ثالثاً : يؤخذ منه حكمة النبي ﷺ في الإقناع وكيف حاور الرجل حتى أقنعه
رابعاً : يؤخذ منه أن اختلاف اللون لا يوجب نفياً
خامساً: يؤخذ منه دليل لمن قال بالقياس وذلك أنه شبه شيئاً يشئ فدل على صحة القياس أي قياس الشبه ومن تراجم البخاري على هذا الحديث باب من شبه أصلاً معلوماً بأصل مبين
--------
تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.
تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ
تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 4 ]
[ المجلد الرابع ]
رابط تحميل الكتاب :
http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam4.pdf
ام عادل السلفية
25-01-2016, 10:38AM
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام
للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -
[320]الحديث الرابع :
عن عائشة رضي الله عنها قالت اختصم سعد بن أبي وقاص وعبد بن زمعة في غلام فقال سعد : يا رسول الله هذا ابن أخي عتبة بن أبي وقاص عهد إليّ أنه ابنه انظر إلى شبهه وقال عبد بن زمعة هذا أخي يا رسول الله ولد على فراش أبي من وليدته فنظر رسول الله ﷺ إلى شبهه فرأى شبهاً بيناً بعتبة فقال : هو لك يا عبد بن زمعة الولد للفراش وللعاهر الحجر واحتجبي منه يا سودة فلم ير سودة قط .
موضوع الحديث :
الحكم في الولد المتنازع عليه أنه للفراش أما العاهر فليس له إلا الخيبة
المفردات
اختصم سعد بن أبي وقاص : سعد بن أبي وقاص بن وهيب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب الزهري أبو إسحاق أحد العشرة المشهود لهم بالجنة وهو أول من رمى بسهم في سبيل الله وهو الذي قال له النبي ﷺ هذا خالي فليرني امرؤ خاله أمّره عمر بن الخطاب رضي الله عنهما على فتوح العراق فوقعت في امرته موقعة القادسية وغيرها من المواقع وهو الذي فتح المدائن عاصمة كسرى توفى سنة 55 وهو آخر العشرة وفاتاً .
عبد بن زمعة : قرشي عامري وزمعة بفتح الميم وإسكانها وهو الأكثر كان عبداً قرشياً سيداً من سادات الصحابة وهو أخو سودة أم المؤمنين رضي الله عنها لأبيها .
عتبة بن أبي وقاص : هو أخو سعد بن أبي وقاص لأبيه
اختصم : الخصومة هي التشاجر وأن يدعي كل واحد من الخصمين شيئاً .
قوله عهد إليّ أنه ابنه : أي أن سعداً ذكر أن أخاه عتبة عهد إليه بأن ذلك الولد المتنازع فيه هو ابنه أي من السفاح والزنا وقد كان أهل الجاهلية يتخذون الولائد أي الجواري والمملوكات ويفتحون لهن محلات للدعارة من أجل أن يكسبوا من ورائهن مالاً حتى جاء الإسلام ونهى عن ذلك بقوله ( وَلا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا لِتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَنْ يُكْرِهُّنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِنْ بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَحِيمٌ) [ النور : 33 ] فكان من طريقتهم أن هذه الأمة إذا أتاها رجال عدة في طهر واحد فحملت يجمعون لها بعد الولادة ويؤتى بالقائف فيلحقه بمن رأى أنه أشبه به فلما جاء الإسلام منع ذلك عند ذلك أوصى عتبة أخاه سعداً أن ابن وليدة زمعة هو ابنه لذلك اختصما فيه .
قوله الولد للفراش : إخبار بالحكم الشرعي وأن الولد ملحق بالفراش سواء كان صاحب الفراش زوجاً أو سيداً
قوله وللعاهر الحجر : فُسر بتفسيرين فُسرَ بأن المراد الزاني له الرجم وفُسرَ بأنه له الخيبة وفي رواية له الأثلب والأثلب هو الحجر .
المعنى الإجمالي
اختصم عبد بن زمعة وسعد بن أبي وقاص في ابن وليدة زمعة وهو المسمى عبدالرحمن اختصما فيه بعد الفتح حيث طالب سعد بن أبي وقاص باستلحاقه لأنه ابن أخيه عتبة وأبى ذلك عبد بن زمعة وقال هو أخي ولد على فراش أبي من وليدته فحكم النبي ﷺ بأن الولد للفراش وللعاهر الحجر .
فقه الحديث
أولاً : يؤخذ من هذا الحديث جواز تسمية عبد بدون إضافة وقد كان أحد العلماء ينكر ذلك وأنكر اسم عبده ولكن هذا الحديث دليل على أن إنكاره لهذه التسمية إنكار في غير محله .
ثانياً : كان الاختصام بين سعد بن أبي وقاص وعبد بن زمعة في غلام ولد من وليدة زمعة فأدلى كل منهما بحجته فسعد بن أبي وقاص ادّعى بأن أخاه أوصى إليه أن ابن وليدة زمعة هو ابنه وادّعى عبد بن زمعة بأنه أخاه ولد على فراش أبيه من وليدته .
ثالثاً: يؤخذ منه أن النبي ﷺ حكم في هذا الولد بحكمين متعارضين فحكم بأن الولد للفراش فألحقه بزمعة لأنه ولد من وليدته على فراشه وقال هو لك يا عبد بن زمعة الولد للفراش وهذا الحكم حكم شرعي ثابت إلى يوم القيامة وللعاهر الحجر والمراد بالعاهر الزاني
رابعاً :اختلف الأئمة في الحكم بالقيافة هل هو ممكن الآن أو ليس بممكن فحكم بعضهم بإمكانه في الإماء دون الحرائر وهذا قول مالك ومنع ذلك بعضهم
خامساً : نقل ابن الملقن عن ابن عبد البر أنه قال في الحديث إشكال فإن الأمة مجتمعة على أن أحداً لا يدعي على أحد إلا بتوكيل ولم يذكر في هذا الحديث توكيل عتبة لأخيه سعد في دعواه ولا توكيل زمعة لابنه عبد بن زمعة في دعواه
سادساً : والجواب على هذا القول أن سعداً وعبد بن زمعة كل منهما قد ادّعى عن ميت بالولاية وذلك جائز في حكم الشرع لإقرار النبي ﷺ على ذلك
سابعاً : متى تكون الزوجة فراشاً وبأي شيء تكون فالجمهور على أن المرأة لا تكون فراشاً لزوجها بمجرد العقد يتبعه ولدها إلا مع إمكان الوطء والاتصال بينهما وادّعى أبو حنيفة أن الزوجة تكون فراشاً لزوجها بمجرد العقد ولو لم يمكن الاتصال بينهما وهذا القول ضعيف .
ثامناً : يؤخذ من هذا الحديث أنه يجوز إعمال الحكم في أمرين متعارضين وبيان ذلك أن النبي ﷺ جعل الولد للفراش وأعمل الشبه فأمر سودة أن تحتجب من ذلك الولد لأن ظاهر الشبه بأنه ليس بأخ لها فأمرها بالاحتجاب منه من باب الاحتياط وإن كان الظاهر أنه أخاها من النسب .
تاسعاً : إلحاق ابن الأمة بسيدها يتوقف على اعترافه بوطئها فإن لم يعترف بوطئها ألحق به ليكون عبداً له تابعاً لأمه في العبودية
عاشراً : ومن أجل ذلك اُختلف في قول النبي ﷺ هو لك يا عبد بن زمعة هل المراد هو لك أخ أو أن المراد هو لك عبد في كونه مدعياً على الورثة وأن الولد يكون مملوكاً تابعاً لأمه .
الحادي عشر : على التقدير الأول يكون فيه دلالة لقول الشافعي وموافقيه في استلحاق النسب وأنه يجوز أن يستلحق الوارث نسباً لمورثه ويشترط أن يمكن كون المستلحق ولداً للميت
الثاني عشر : أنه لا يكون الاستلحاق إلا إذا كان المالك قد اعترف بوطء الأمة فإن لم يعترف بوطئها فإنه لا يلحقه أحد منهم
الثالث عشر : أن الشبه لا يوجب إلحاقاً ولا نفياً إذا عارض ما هو أقوى منه كما تقدم في الحديث الذي قبل هذا
الرابع عشر :يؤخذ منه أن حكم الحاكم بالظاهر لا يحل الشيء في الباطن وذلك أن النبي ﷺ ألحق الولد بالفراش وأمر سودة أن تحتجب منه وهي أخته على مقتضى الإلحاق .
--------
تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.
تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ
تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 4 ]
[ المجلد الرابع ]
رابط تحميل الكتاب :
http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam4.pdf
ام عادل السلفية
27-01-2016, 04:54PM
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام
للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله-
[321]الحديث الخامس :
عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت إن رسول الله ﷺ دخل عليّ مسروراً تبرق أسارير وجهه فقال ألم ترى أن مجززاً نظر آنفاً إلى زيد بن حارثة وأسامة بن زيد فقال إن بعض هذه الأقدام لمن بعض .
وفي لفظ كان مجززاً قائفاً .
موضوع الحديث :
الاستدلال بالقيافة من قائف معروف فيما يؤيد الأصل الشرعي أو يلحق الولد الناشئ عن وطء محترم بأحد الواطئين
المفردات
التعريف بالأسماء الواردة فيه
زيد بن حارثة الكلبي أخذه قطاع الطرق من أمه واسترقوه وهو يافع فاشتراه حكيم بن حزام وقدم به إلى مكة وكانت قريش يرحلون إلى الشام وإلى اليمن في رحلتي الشتاء والصيف ولما قدم حكيم بن حزام أتته عمته خديجة بنت خويلد مهنئة له بالوصول وكان قد اشترى غلماناً ليتجر فيهم فقال لها خذي غلاماً من هؤلاء الغلمان ليخدمك فأخذت زيد بن حارثة ثم بعد ذلك وهبته لزوجها النبي ﷺ فكان يدعى زيد بن محمد فجاء أبوه وعمه لما سمعوا به ليفادوه فسألوا عن النبي ﷺ فوجدوه في المسجد فقالوا له أنت محمد بن عبدالله بن عبدالمطلب قال نعم فقالوا إن لنا ابناً ظل منا وسمعنا أنه عندك وقد جئنا لفداءه فاطلب الذي تريد من الفداء نعطك إياه فقال النبي ﷺ أو خير من ذلك قالوا ما هو قال أدعوه الآن فإن أراد أن يذهب معكم فهو لكم بدون فداء قالوا رضينا فأرسل النبي ﷺ إليه فجاء فقال له من هؤلاء قال هذا أبي وهذا عمي فقال له النبي ﷺ إن أباك وعمك قالا لي كذا وقلت لهما كذا فإن شئت أن تذهب معهم فاذهب معهم بدون فداء قال لا أريد أن أذهب معهم فقالوا له تفضل الناس على أبيك وأهلك قال نعم لقد عرفت من هذا الرجل ما يجعلني لا أختار عليه أحداً ومن حينها قال النبي ﷺ لمن حضروا المجلس أشهدوا أن زيداً ابني يرثني وأرثه أو كما قال ﷺ فدعي من يومها زيد بن محمد فأعتقه النبي ﷺ وزوجه بمولاته أم أيمن بركة الحبشية وكانت حبشية سوداء فولدت له أسامة بن زيد فكان أسامه بن زيد حب النبي ﷺ وابن حبه خرج أسامة بن زيد أسود مع أن أباه كان أبيض فكانت قريش تطعن في نسبه ولما جاء مجزز ورأى زيد بن حارثة وابنه أسامة بن زيد وقد غطيا رؤوسهما ووجوههما ببرد وأقدامهما بادية مع أن أقدام زيد بيضاء وأقدام أسامة بن زيد سوداء فلما نظر إليها قال إن هذه الأقدام بعضها من بعض فلذلك دخل النبي ﷺ على عائشة مسروراً تبرق أسارير وجهه إذ كان في قول مجزز رد على المشركين الذين يطعنون في نسبه
مجزز : بضم الميم وفتح الجيم وكسر الزاي الأولى على زنة مفعل ابن الأعور ابن جعدة ابن معاذ ينتهي نسبه إلى بني مدلج قبيلة من قبائل بني كنانة قيل سمي مجززاً لأنه كان يجز نواصي أسرى الحرب أو لحاهم ويتركهم وكانت بني مدلج مشهورة بالقيافة .
المعنى الإجمالي
دخل النبي ﷺ على زوجته عائشة مسروراً تبرق أسارير وجهه فتعجبت من الأمر الذي سر له فأخبرها أن مجززاً مر بزيد بن حارثة وأسامة بن زيد وهما متغطيان ببرد وأقدامهما بادية فقال إن هذه الأقدام بعضها لمن بعض وفي ضمن ذلك إقرار للقيافة والعمل بها
فقه الحديث
يؤخذ من الحديث جواز العمل بالقيافة لإقرار النبي ﷺ لمجزز عليها وفرحه بها وقد ذهب إلى العمل بالقيافة في الشرع الإسلامي الشافعي وفقهاء الحجاز وجماهير العلماء ونفى العمل بها أبو حنيفة وأصحابه والثوري وإسحاق وهناك قول ثالث يفرق بين الإماء والحرائر وهو أنه يعمل به في الإماء و لا يعمل به في الحرائر وهذا هو قول مالك في مشهور مذهبه وعنه رواية كالقول الأول ولا تشرع القيافة إلا في وطء محترم فإذا وطء رجلان امرأة كل منهما وطئه محترم كالبائع والمشتري يطئان الجارية المبيعة في طهر قبل الاستبراء فتأتي بولد لستة أشهر فصاعداً من وطء الثاني ولدون أربع سنين من وطء الأول فإذا كان مثل ذلك فإنه يدعى له القائف فيلحقه بأحد الواطئين وهل يشترط في القيافة العدد كالشهادة أو أنه يكفي قائف واحد لأن النبي ﷺ اعتبر قول مجزز وسر به لكونه أيد الأصل بحيث كان في هذه القيافة دليل على صحة نسب أسامة بن زيد لأبيه .
--------
تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.
تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ
تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 4 ]
[ المجلد الرابع ]
رابط تحميل الكتاب :
http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam4.pdf
ام عادل السلفية
27-01-2016, 04:57PM
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام
للعلامة : احمد النجمي
-رحمه الله -
[322]الحديث السادس:
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال ذكر العزل لرسول الله ﷺ فقال ولم يفعل ذلك أحدكم ولم يقل فلا يفعل ذلك أحدكم فإنه ليست نفس مخلوقة إلا الله خالقها
موضوع الحديث :
حكم العزل هل هو مباح بلا كراهة أو أنه مكروه أو أنه محرم
المفردات
قوله ولم يفعل ذلك أحدكم : استفهام إنكاري ولم يقل فلا يفعل ذلك أحدكم أي لم يكن ذلك منه نهياً فإنه لو كان نهياً لأخذ منه التحريم
قوله فإنه ليست نفس مخلوقة : أي قدر الله خلقها في الأزل إلا الله خالقها يعني أن ما قدر في الأزل وكتب في اللوح المحفوظ فإنه لابد من وقوعه .
المعنى الإجمالي
يخبر أبو سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه أنه ذكر العزل لرسول الله ﷺ فكأنه أنكر ذلك بقوله ولم يفعل ذلك أحدكم وهذه الصيغة تدل على أن الحذر لا ينفع مع القدر وأنه وإن عزل فإن الله تبارك وتعالى سيحقق ما كتب في اللوح المحفوظ ولهذا قال فإنه ليست نفس مخلوقة أي قدر خلقها إلا الله خالقها وبناء على ذلك فإنه لا ينفع الحذر مع القدر
فقه الحديث
يؤخذ من هذا الحديث جواز العزل وأن الإنسان إذا جامع زوجته أو سريته وعزل عنها فإن ذلك لا يمنع وقوع شيء قد كتبه الله بل أن ما كتب سيقع رغم أنفه ولهذا فقد اختلف الفقهاء في حكم العزل أي اختلفوا في إباحته أو مع الكراهة أو عدم إباحته فالجمهور ذهبوا إلى كراهيته كراهة تنــزيه جمعاً بين الأحاديث ونقل ابن عبدالبر الإجماع على أنه لا يشرع عن الزوجة الحرة إلا بإذنها لأن الجماع من حقها ولها المطالبة به .
أما الأمة فقالوا أنه يجوز له أن يعزل عنها إذا كان المجامع سيدها .أما إذا كانت الأمة زوجة فإنه لا يجوز العزل عنها إلا بإذنها وإذن سيدها أما إذنها فلأن لها الحق في الجماع وأما إذن سيدها فإن السيد له الحق في الولد .
إذا فالأمة إذا كانت زوجة فإنه يشترط إذنها وإنما يكون بغير إذنها لو كانت مملوكة للواطئ وقد عورض هذا الحديث بأن النبي _ سئل عن العزل فقال هو الوأد الخفي أخرجه مسلم وبحديث آخر أن اليهود كانت تقول إن العزل هو الموئودة الصغرى فسئل رسول الله _ عن ذلك فقال كذبت اليهود لو أراد الله خلقه لم يستطع رده أخرجه الترمذي والنسائي وصححاه ومن أجل اختلاف هذه الأحاديث فقد اختلف الفقهاء في حكم العزل والمشهور عند جماهيرهم أنه مكروه كراهة تنــزيه لا كراهة تحريم وأنه لا يجوز فعله إلا بإذن الزوجة الحرة وبإذن من سيد الزوجة الأمة (( المملوكة )) وقال بعضهم إن الزوجة الأمة لها الحق في الوطء ولها المطالبة به وقد ذهب ابن حزم في المحلى إلى عدم جواز العزل . ولكن الحديث الآتي دال على جوازه .
--------
تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.
تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ
تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 4 ]
[ المجلد الرابع ]
رابط تحميل الكتاب :
http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam4.pdf
ام عادل السلفية
04-02-2016, 10:38AM
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام
للعلامة : احمد النجمي
-رحمه الله-
[323]وهو حديث جابر بن عبدالله رضي الله عنهما قال كنا نعزل والقرآن ينـزل لو كان شيئاً ينهى عنه لنهانا عنه القرآن .
وقد ورد في صحيح مسلم أن رجلاً أتى النبي ﷺ فقال إن لي أمة وأنا أطوف عليها وأخاف أن تحمل فقال له رسول الله ﷺ لا عليك ألا تفعل فإنه سيأتيها ما قدر لها فمكث وقتاً ثم جاء إلى النبي ﷺ فقال يا رسول الله إن الأمة التي قلت لك قد حبلت فقال قد قلت لك إنه سيأتيها ما قدر لها )
وجملة هذه الأحاديث تفيد أن العزل مكروه كراهة تنــزيه وأنه لا يجوز أن يفعل مع الزوجة الحرة إلا بإذنها ولامع الزوجة الأمة إلا بإذن سيدها وبالله التوفيق .
--------
تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.
تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ
تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 4 ]
[ المجلد الرابع ]
رابط تحميل الكتاب :
http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam4.pdf
ام عادل السلفية
04-02-2016, 10:43AM
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام
للعلامة : احمد النجمي
-رحمه الله -
[324]الحديث الثامن :
عن أبي ذر رضي الله عنه أنه سمع رسول الله ﷺ يقول ليس من رجل ادعى لغير أبيه وهو يعلمه إلا كفر ومن ادعى ما ليس له فليس منا وليتبوأ مقعده من النار ومن دعا رجلاً بالكفر أو قال عدوّ الله وليس كذلك إلا حار عليه .
كذا عند مسلم وللبخاري نحوه .
موضوع الحديث :
النهي عن الانتفاء من النسب وادعاء المسلم ما ليس له وأن يرمي رجلاً بالكفر من دون ما يوجبه
المفردات
قوله إلا كفر : الكفر في أصل اللغة الستر يقال كفرت الريح الآثار أي سترتها وهو ينقسم إلى قسمين كفر دون كفر وهو ما لا يخرج من الملة ومن ذلك الانتفاء من النسب كما في هذا الحديث وكفر يخرج من الملة وسنأتي على ذلك مفصلاً
قوله ومن ادعى ما ليس له فليس منا : أي ليس منا في هذا الوصف أو هذا العمل
قوله فليتبوأ مقعده من النار : التبوأ هو طول الإقامة في المكان يقال تبوأ مكاناً أي اختاره مكاناً لإقامته الطويلة فكأن قال ليختر له مكاناً من النار فهو لا بد أن يقع فيها
قوله ومن دعى رجلاً بالكفر :أي سماه كافراً كفراً مخرجاً من الملة أو قال له عدو الله وليس كذلك إلا حار عليه معنى حار عليه يعني رجع عليه .
المعنى الإجمالي
يخبر أبو ذر رضي الله تعالى عنه أنه سمع رسول الله ﷺ يقول هذه الخصال الثلاث ليس من رجل ادعى لغير أبيه وهو يعلمه إلا كفر وأن من ادعى ما ليس له فليس من النبي ﷺ وأنه سيتبوأ مقعده من النار وأن من دعى رجلاً بالكفر وليس كذلك فإن قوله سيرجع عليه
فقه الحديث
أولاً : يؤخذ من هذا الحديث أن الانتفاء من النسب كبيرة من الكبائر العظام فمتى قال الرجل أنه ليس ابن فلان فإنه قد وقع في هذا المأزق
ثانياً : أنه لا يكون كذلك إلا إذا ادعى لغير أبيه بأن نسب نفسه إلى غير أبيه الحقيقي وهو يعلم ذلك فإنه يكون قد كفر هذه النعمة
ثالثاً : يؤخذ من قوله إلا كفر أن ذلك يكون من الكفر دون الكفر ومعلوم أن انتماء الإنسان إلى أبيه وأسرته وعشيرته نعمة من الله عز وجل خص بها بني آدم حيث يقول جل من قائل (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ[ الحجرات : 13] فمتى كان للعبد أب معروف وأسرة معروفة وعشيرة معروفة كما قال (وَفَصِيلَتِهِ الَّتِي تُؤْوِيهِ وَمَنْ فِي الأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ يُنْجِيهِ ) [ المعارج : 3،4] فمتى أنكر هذا وجحد هذه النعمة فإنه حينئذ قد كفر بها أي جحدها وليس المراد بذلك أنه من الكفر المخرج من الملة وقد ورد هذا في كثير من النصوص الشرعية مثل قوله ﷺ ( سِبَابُ الْمُسْلِمِ فُسُوقٌ وَقِتَالُهُ كُفْرٌ ) ومثل قوله ﷺ ( هَلْ تَدْرُونَ مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ - الليلة - قَالُوا اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ أَصْبَحَ مِنْ عِبَادِي مُؤْمِنٌ بِي وَكَافِرٌ فَأَمَّا مَنْ قَالَ مُطِرْنَا بِفَضْلِ اللَّهِ وَرَحْمَتِهِ فَذَلِكَ مُؤْمِنٌ بِي وَكَافِرٌ بِالْكَوْكَبِ وَأَمَّا مَنْ قَالَ – مطرنا - بِنَوْءِ كَذَا وَكَذَا فَذَلِكَ كَافِرٌ بِي وَمُؤْمِنٌ بِالْكَوْكَبِ ) وكذلك قوله كما في حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله ﷺ اثنتان في الناس هما بهم كفر الطعن في النسب والنياحة على الميت ) وعلى هذا فيمكن أن نقول أن الكفر ينقسم إلى قسمين كفر أصغر وكفر أكبر فالكفر الأصغر هو الذي لا يخرج من الملة مثل ما سبق أن مثلنا له .
والكفر الأكبر هو المخرج من الملة كالشرك بالله عز وجل وإنكار البعث بعد الموت أو إنكار نبوة محمد ﷺ فهذا وأمثاله موجب للكفر المخرج من الملة والذي يحبط عمل صاحبه ويكون به كافراً مرتداً ولزاماً انظر نواقض الإسلام العشرة للشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله لتكون على بينة من أمرك . وبالله التوفيق
رابعاً : قال الصنعاني رحمه الله نقلاً عن ابن الأثير الكفر على أربعة أنحاء : كفر إنكار بأن لا يعرف الله تعالى ولا يعترف به
قلت : وهو كفر الملحدين في هذا الزمان الذين لا يعترفون بوجود الله عز وجل .
ثانياً : كفر جحود ككفر إبليس لعنه الله يعرف الله تعالى بقلبه ولا يقر بلسانه قال الصنعاني قلت في هذا تأمل فإن إبليس مقر بالله (قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي ) [ الحجر 39] فهو معترف بربوبية ربه وإنما كفر بتكبره على الله تعالى وعدم امتثاله لأمره جل وعلا فصار كافراً بذلك قال الله عنه (وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ ) [ ص : 74 ] وأقر على نفسه حين قال (إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِي مِنْ قَبْلُ ) [ إبراهيم : 22]
ثالثاً : كفر عناد وهو أن يعرف بقلبه ويعترف بلسان ولا يدين به حسداً وبغضاً ككفرأبي جهل وأضرابه . قال الصنعاني قلت ولعل كفر إبليس من هذا أما كفر أبي جهل ونحوه فهو لإنكاره نبوة محمد _ ألا تراهم يقولون ( اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ ) [ الأنفال : 32] ومنه كفر بعض اليهود فإنهم قالوا { نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ }[النساء : 150 ] قال الله فيهم { أُوْلَـئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقّاً }[النساء : 151 ] قال الصنعاني رحمه الله ولا يخفى أن هذا القسم خارج عن الأربعة الأنحاء ثم قال ابن الأثير وكفر نفاق وهو أن يعترف بلسانه ولا يعتقد بقلبه .
قلت : وهناك أقسام أخرى لم يذكرها ككفر الاستهزاء بالدين وغير ذلك مما هو مذكور في نواقض الإسلام العشرة .
خامساً :يؤخذ من قوله ومن ادعى ما ليس فله فليس منا وليتبوأ مقعد من النار
وأقول : إن هذا لا بد أن يقيد بالعلم أن يكون المدعي ما ليس له عالماً بأن هذا الشيء المدعى ليس له ولكنه تجرأ عليه واستهان بالوعيد في ذلك .
سادساً : يخرج عن هذا من ادعى بالوكالة وهو ما يسمى بالمسخر كما ذكر ذلك الصنعاني في العدة فإذا ادعى أن هذا الشيء لموكله فإنه لا يدخل في هذا الوعيد
سابعاً : قوله فليس منا مصروف عن ظاهره إذ أنه لو أجريناه على ظاهره لخرج المدعى ما ليس له من الإسلام ولكن يؤل قوله فليس منا بأنه ليس من النبي ﷺ في هذه الخصلة ولا يخرج من الإسلام من أجل ذلك .
ثامناً : قوله فليتبوأ مقعده من النار هذا فيه وعيد مؤكد لأن حقوق الآخرين مبنية على المشاحة لذلك فإنه يكون مستحقاً للعذاب إلا أن يشاء الله عز وجل العفو عنه .
تاسعاً : يؤخذ من قوله ومن دعى رجلاً بالكفر أو قال عدو الله وليس كذلك إلا حار عليه يؤخذ منه تحريم الحكم بالكفر المخرج من الملة إلا بدليل واضح كالشرك بالله أو جحد يوم القيامة أو جحد الجنة أو النار أو هما معاً أو إنكار أمر مجمع عليه كإنكاره فرضية الصلاة أو إنكاره فرضية الزكاة أو إنكار صوم رمضان أو استحلال محرم مجمع عليه كاستحلال الزنا أو الربا أو السرقة إلى غير ذلك من استحلال المحرمات أو السخرية من الشرع .
عاشراً :يؤخذ من قوله إلا حار عليه أن من حكم على شخص من المسلمين بالكفر بغير دليل يوجبه فإنه يرجع على القائل لأن معنى حار رجع عليه . وفي المقابل هل يكون من أنكر كفر كافر ولم يحكم عليه بالكفر كاليهودي والنصراني والوثني وغير ذلك هل يكون من لم يكفر هؤلاء كافر ؟ الجواب نعم لأنه كذب الله عز وجل في خبره عنهم بأنهم كفار وقد أخبر الله عز وجل عن اليهود والنصارى أنهم كفار فقال الله عز وجل ( لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلاثَةٍ …) [ المائدة : 73 ] وقال تعالى (لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ) [ المائدة : 78] وقال عز وجل (وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ ) إلى أن قال ( وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا ) [ المائدة : 64] إلى غير ذلك من الآيات فمن تحاشا أن يحكم عليهم بالكفر فهو كافر بهذه الايات التي أنزلها الله عز وجل فيهم وبالله التوفيق
--------
تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.
تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ
تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 4 ]
[ المجلد الرابع ]
رابط تحميل الكتاب :
http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam4.pdf
ام عادل السلفية
04-02-2016, 10:48AM
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام
للعلامة : احمد النجمي
-رحمه الله-
كتاب الرضاع
الرضاع بكسر الراء على المشهور وحكى الصنعاني الفتح وهي مص الرضيع لثدي أمه أو من ترضعه وسيأتي بيان الرضاعة المحرمة والاختلاف فيها أي في شروط التحريم ، أورد فيه حديث ابن عباس وهو
[325]الحديث الأول :
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله ﷺ في بنت حمزة ( لا تحل لي يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب وهي ابنة أخي من الرضاعة )
موضوع الحديث :
الرضاع وأنه يحرم به ما يحرم من النسب
المعنى الإجمالي
عندما قدم النبي ﷺ إلى مكة في عمرة القضية أو في عمرة القضاء فعند خروجهم من مكة لحقتهم بنت حمزة بن عبدالمطلب وهي تنادي يا عم يا عم فاختصم فيها علي بن أبي طالب وجعفر بن أبي طالب وزيد بن حارثة رضي الله عنهم فقال زيد بن حارثة ابنة أخي وقد كان النبي ﷺ آخى بينه وبين حمزة وقال علي بن أبي طالب ابنة عمي وقال جعفر بن أبي طالب ابنة عمي وخالتها تحتي فحكم بها النبي ﷺ لخالتها وهي زوجة جعفر بن أبي طالب وقال إنما الخالة بمنزلة الأم ولما قيل للنبي ﷺ إنا نحدث أنك تريد أن تنكح بنت حمزة قال النبي ﷺ إنها لا تحل لي يحرم من الرضاعة ما يحرم من النسب وهي ابنة أخي من الرضاعة أرضعتني وحمزة ثويبة مولاة أبي لهب .
فقه الحديث
أولاً : يؤخذ من الحديث ومن قوله يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب قال وهي ابنة أخي من الرضاع ذهب الجمهور إلى أنه يشترط للرضاع المحرم شرطان :
الشرط الأول : أن يكون الرضاع خمس رضعات
وثانياً : أن يكون في الحولين لكن اختلفوا في الرضعة ما هي ؟
فقال قوم الرضعة المصة وقال قوم أن يقبل على الثدي بنفسه ويتركه بنفسه وقال قوم أن الرضعة بالنسبة للرضيع بمنزلة الوجبة للكبير وهذا القول هو الأولى في نظري بأن يرضع الطفل حتى يشبع لأنها يترتب عليها تحريم وقد قال النبي ﷺ كما في حديث أُمَّ الْفَضْلِ أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ ﷺ قَالَ لا تُحَرِّمُ الرَّضْعَةُ أَوْ الرَّضْعَتَانِ أَوْ الْمَصَّةُ أَوْ الْمَصَّتَانِ وعَنْ أُمِّ الْفَضْلِ أيضاً قَالَتْ دَخَلَ أَعْرَابِيٌّ عَلَى نَبِيِّ اللَّهِ ﷺ وَهُوَ فِي بَيْتِي فَقَالَ يَا نَبِيَّ اللَّهِ إِنِّي كَانَتْ لِي امْرَأَةٌ فَتَزَوَّجْتُ عَلَيْهَا أُخْرَى فَزَعَمَتْ امْرَأَتِي الأُولَى أَنَّهَا أَرْضَعَتْ امْرَأَتِي الْحُدْثَى رَضْعَةً أَوْ رَضْعَتَيْنِ فَقَالَ نَبِيُّ اللَّهِ ﷺ لا تُحَرِّمُ الإِمْلاجَةُ وَالإِمْلاجَتَانِ ) وعن ابْنَ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ لا يُحَرِّمُ مِنْ الرَّضَاعِ إِلا مَا أَنْبَتَ اللَّحْمَ وَأَنْشَزَ الْعَظْمَ ) ورواه مرفوعاً بمعناه أيضاً عند أبي داود (وَقَالَ أَنْشَزَ الْعَظْمَ) ولا يمكن أن ينبت اللحم وينشز العظم إلا بما يكون بمنزلة الوجبة وهو يتصور في كل ساعتين إذ أن الطفل معدته تهضم اللبن الذي فيها في خلال ساعتين وعلى هذا فيتصور أن تكون الخمس الرضعات في يوم أو في يوم وليلة .
ثانياً : وقع الخلاف في رضاع الكبير الذي تجاوز الحولين بكثير هل تكون رضاعته محرمة أم ليست بمحرمة وقد ورد في ذلك حديث سهلة بنت سُهَيْلٍ عن النَّبِيَّ ﷺ قَالَتْ إِنَّ سَالِمًا قَدْ بَلَغَ مَا يَبْلُغُ الرِّجَالُ وَعَقَلَ مَا عَقَلُوا وَإِنَّهُ يَدْخُلُ عَلَيْنَا وَإِنِّي أَظُنُّ أَنَّ فِي نَفْسِ أَبِي حُذَيْفَةَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا فَقَالَ لَهَا النَّبِيُّ ﷺ أَرْضِعِيهِ تَحْرُمِي عَلَيْهِ وَيَذْهَبْ الَّذِي فِي نَفْسِ أَبِي حُذَيْفَةَ فَرَجَعَتْ فَقَالَتْ إِنِّي قَدْ أَرْضَعْتُهُ فَذَهَبَ الَّذِي فِي نَفْسِ أَبِي حُذَيْفَةَ ) وفي رواية فَقَالَ لَهَا النَّبِيُّ ﷺ أَرْضِعِيهِ فَأَرْضَعَتْهُ خَمْسَ رَضَعَاتٍ ) وقد اختلف أهل العلم في هذه الرضاعة هل هي خاصة بسهلة وسالم أم هي عامة في كل من احتاج إلى ذلك أو هي عامة بدون قيد فذهب قوم إلى أن رضاعة الكبير لا تؤثر التحريم وأن قصة سهلة بنت سهيل وسالماً مولى أبي حذيفة محمولة على الخصوصية فلا يقاس عليها غيرها وإلى ذلك ذهب أزواج النبي ﷺ ما عدا عائشة رضي الله عنهن وذهب قوم إلى أن رضاع الكبير محرم سواء كان لحاجة أو لغير حاجة وذهب ابن تيمية وأناس معه إلى أن رضاعة الكبير لا تحرم إلا عند الحاجة فإذا كان هناك حاجة أثرت التحريم وإلا فلا فهذا قول وسط بين القولين
ثالثاً : اختلفوا في لبن الرضاعة هل يشترط فيه أن يكون ناشئاً عن حمل ووطء وولادة أم لا ؟ فذهب الحنابلة إلى هذا الشرط واشترطوا في اللبن الذي ترضع به المرأة أن يكون ناشئاً عن وطء وحمل وذهب الجمهور إلى عدم التفريق فلو أرضعت المرأة الكبيرة أو المرأة التي لم تتزوج طفلاً رضاعاً محرماً هل يترتب عليه تحريم أم لا ؟ وقد ترجح لي بعد البحث والتأمل مذهب الجمهور وقررت حين كنت أدرس الفقه في المرحلة الثانوية عدم التفريق بين اللبن الناشئ عن حمل وولادة واللبن الذي لا يكون كذلك حيث أن عناصر اللبن واحدة وماهيته واحدة وذلك يقتضي أن المرأة العجوز التي تقدمت عن سن الولادة تقدماً كبيراً والمرأة التي لم تتزوج أن رضاعهما ينشأ عنه التحريم حيث أن عناصر اللبن واحدة وقد سمعت في هذين اليومين القريبين أسئلة قدمت لطبيب من الأطباء الاستشاريين في غذاء الأطفال حيث سألته امرأة طبيبة وأنا أسمع هل هناك فرق بين لبن امرأة جسيمة وامرأة ضعيفة البنية ؟ فقال لا فاللبن واحد بل إن لبن المرأة الجسيمة والنحيفة واحد وقد يكون لبن النحيفة أقوى أما العناصر فهي واحدة أو كلاماً نحو هذا ويعلم الله أني فرحت بهذه الإفادة لأنه تبين لي منها أني أصبت في اختياري هذا والحمد لله وعلى هذا فأقول إنه لا فرق بين لبن نشأ عن حمل وولادة ولبن لم ينشأ عن شيء من ذلك إلا أن هناك ملاحظة وهي ما نشأ عن حمل وولادة ينسب فيه الولد إلى صاحب اللبن فيكون أباً له أما الذي بدون حمل ولا ولادة فلا يكون الزوج الأول أباً للرضيع إذا حصل اللبن بعد فترة من زمن الحمل والولادة
رابعاً : اختلفوا في الرضعات المحرمة فذهب قوم إلى أن الرضاع المحرم رضعة واحدة أخذاً من قوله تعالى (وَأُمَّهَاتُكُمُ اللاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ ) [ النساء : 23] وذهب قوم إلى أن الرضعات المحرمة هي ثلاث مستدلين بقوله ﷺ (لا تُحَرِّمُ الرَّضْعَةُ أَوْ الرَّضْعَتَانِ أَوْ الْمَصَّةُ أَوْ الْمَصَّتَانِ ) فأخذوا بمفهوم هذا الحديث وجعلوا الرضاع المحرم ثلاث رضعات وذهب الشافعي وأحمد وجمهرة المحدثين إلى أن الرضاع المحرم هو خمس رضعات مستدلين بحديث عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّهَا قَالَتْ كَانَ فِيمَا أُنْزِلَ مِنْ الْقُرْآنِ عَشْرُ رَضَعَاتٍ مَعْلُومَاتٍ يُحَرِّمْنَ ثُمَّ نُسِخْنَ بِخَمْسٍ مَعْلُومَاتٍ فَتُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَهُنَّ فِيمَا يُقْرَأُ مِنْ الْقُرْآنِ ) فهذا الحديث فيه أن العشر الرضعات نسخت تلاوة وحكماً بعد أن كانت فيها آية تتلى وأنها نسخت بخمس رضعات والخمس أيضاً نسخت تلاوة لا حكماً وهذا نص في أن الرضاع المحرم خمس رضعات وهو نص صريح وصحيح بخلاف المذهبين الأولين فإنهما بنيا على مفهومات .
خامساً : يؤخذ من هذا الحديث أن بنت الأخ من الرضاعة وبنت الأخت من الرضاعة أنهن يحرمن لقول النبي ﷺ في ابنة حمزة لا تحل لي يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب وهي ابنة أخي من الرضاعة ) وقوله ﷺ في زينب بنت أبي سلمة أنها لو لم تكن ربيبتي في حجري ما حلت لي إنها لابنة أخي من الرضاعة أرضعتني وأبا سلمة ثويبة ) . وبالله التوفيق .
ملحوظة :
قال ابن الملقن في كتابة الإعلام بفوائد عمدة الأحكام ثم اعلم أن الأمة مجتمعة على أنه لا يترتب على الرضاع أحكام الأمومة من كل وجه فلا توارث ولا نفقة ولا عتق بالملك ولا عقل (( ولا الولاية في النكاح )) ولا ترد شهادته له ولا يسقط عنها القصاص بقتله وإنما تترتب عليه الحرمة والمحرمية فقط .
--------
تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.
تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ
تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 4 ]
[ المجلد الرابع ]
رابط تحميل الكتاب :
http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam4.pdf
التصفية والتربية
TarbiaTasfia@
ام عادل السلفية
04-02-2016, 10:55AM
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام
للعلامة : احمد النجمي
-رحمه الله-
[326]الحديث الثاني :
عن عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله ﷺ ( إن الرضاعة تحرم ما يحرم من الولادة )
موضوع الحديث :
أن الرضاعة تنشر الحرمة كما أنها تنتشر بالنسب
فقه الحديث
أولاً : يؤخذ من هذا الحديث أن الرضاعة تنشر الحرمة كما تنتشر الحرمة بالنسب وذلك أن الرضيع إذا تغذى بلبن المرضعة خمس مرات وكان ذلك في الحولين أي في الزمن الذي لا يكون للرضيع غذاء غير اللبن فإذا تغذى من لبنها خمس مرات فإنها تكون أمه من الرضاعة لأن شيئاً من جسمه نما على شيء من جسمها فترتب على ذلك المحرمية بينهما .
ثانياً : أن الرضاعة المحرمة هي ما كانت في الحولين وهل يتسامح في شيء من الزيادة على الحولين . فبعضهم تسامح في شهرين أو ثلاثة وبعضهم قال إلى ستة أشهر ولعل الأقوى أن الحولين هما الوقت الذي تنتشر فيه حرمة الرضاعة والتسامح يكون في شيء قليل بعدها لقوله تعالى ( وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ ) [ البقرة 233 ]
ثالثاً : سبق أن بينا الاختلاف في رضاع الكبير بدليله فلا داعي لإعادته
رابعاً : يؤخذ من عموم هذا أن الرضاعة تنتشر من قبل الأب الذي هو صاحب اللبن كما تنتشر من قبل الأم إلا أن اللبن الذي لا يحصل عن حمل وولادة إما لتقدم سن المرضعة وبعدها عن زمن الحمل والولادة وإما لأن المرضعة لم تتزوج أصلاً
خامساً : اختلفوا في لبن الفحل فذهب الجمهور إلى أنه ينشر الحرمة واستدلوا على ذلك بحديث عائشة الآتي وهو الحديث الثالث وحديث عائشة أيضاً في صحيح البخاري ولفظه عن عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا زَوْجَ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ كَانَ عِنْدَهَا وَأَنَّهَا سَمِعَتْ صَوْتَ رَجُلٍ يَسْتَأْذِنُ فِي بَيْتِ حَفْصَةَ قَالَتْ عَائِشَةُ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا رَجُلٌ يَسْتَأْذِنُ فِي بَيْتِكَ قَالَتْ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أُرَاهُ فُلانًا لِعَمِّ حَفْصَةَ مِنْ الرَّضَاعَةِ فَقَالَتْ عَائِشَةُ لَوْ كَانَ فُلانٌ حَيًّا لِعَمِّهَا مِنْ الرَّضَاعَةِ دَخَلَ عَلَيَّ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ نَعَمْ إِنَّ الرَّضَاعَةَ تُحَرِّمُ مَا يَحْرُمُ مِنْ الْوِلادَةِ ) .
--------
تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.
تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ
تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 4 ]
[ المجلد الرابع ]
رابط تحميل الكتاب :
http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam4.pdf
ام عادل السلفية
04-02-2016, 11:00AM
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام
للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -
[327]الحديث الثالث
في ترتيب كتاب الإعلام بفوائد عمدة الأحكام : عنها قالت ( إن أفلح ـ أخا أبي القعيس ـ أستأذن عليّ بعدما أنزل الحجاب ؟ فقلت : والله لا آذن له حتى أستأذن النبي ﷺ فإن أخا أبي القعيس ليس هو أرضعني ولكن أرضعتني امرأة أبي القعيس فدخل عليّ رسول الله ﷺ فقلت يا رسول الله إن الرجل ليس هو أرضعني ولكن أرضعتني امرأته فقال ائذني له فإنه عمك تربت يمينك )
قال عروة فبذلك كانت عائشة تقول حرموا من الرضاعة ما يحرم من النسب
وفي لفظ ( أستأذن عليّ أفلح فلم آذن له فقال أتحتجبين مني وأنا عمك ؟ فقلت كيف ذلك قال أرضعتك امرأة أخي بلبن أخي قالت فسألت رسول الله ﷺ فقال صدق أفلح ائذني له تربت يمينك )
موضوع الحديث :
التحريم في الرضاع بلبن الفحل
المفردات
أفلح : بالفاء وكنيته أبو الجعد الأشعري واسمه وائل بن أفلح كما قاله الدارقطني ، وأبو عمر ذكر ابن الملقن في الإعلام الخلاف في كون أفلح هل هو أبو القعيس أو هو أخو أبي القعيس وقد ورد في بعض الروايات أفلح بن أبي القعيس قال وأصحها ثانيها أي أصحها أفلح أخو أبي القعيس
قوله ائذني له فإنه عمك تربت يمينك : قوله تربت يمينك بمعنى افتقرت وهذ هو أصح الأقوال ولكن العرب يدعون على الشخص ولا يريدون وقوع الدعاء به كقوله ثكلتك أمك وما أشبه ذلك .
المعنى الإجمالي
المعنى الإجمالي لهذا الحديث هو أن أفلح أخا أبي القعيس استأذن على عائشة رضي الله عنها بعدما أنزل الحجاب فأبت أن تأذن له حتى تستأذن زوجها رسول الله ﷺ فلما جاء رسول الله ﷺ إليها سألته وأخبرته بما قال أفلح وبما قالت هي وأنها قالت إنما أرضعتني المرأة ولم يرضعن الرجل فقال النبي ﷺ ائذني له فإنه عمك تربت يمينك .
فقه الحديث
أولاً :يؤخذ من هذا الحديث أن الواجب على كل أحد أن يستأذن في الدخول حتى ولو كانت صاحبة البيت محرمة عليه أي من محارمه في النسب أو الرضاع
ثانياً : أن المرأة لا ينبغي أن تأذن في بيت الرجل الذي هو زوجها إلا بعد أن تستأذنه في ذلك
ثالثاً : أن عائشة رضي الله عنها عللت عدم إذنها بأنها ترى عدم وقوع التحريم وذلك بأن اللبن انفصل من المرأة وليس من الرجل لقولها فإن أبا القعيس ليس هو أرضعني وإنما أرضعتني امرأته .
رابعاً : قد رد عليها النبي ﷺ هذا المفهوم وبين لها أن التحريم بالرضاع إنما كان بسبب الحمل وأن صاحب اللبن تنتشر من قبله الحرمة وصدق قول أفلح أرضعتك امرأة أخي بلبن أخي فقال النبي ﷺ صدق أفلح ولم يعتبر معارضتها شيئاً يذكر .
خامساً : يؤخذ منه التحريم بلبن الفحل وأنه تنتشر من قبله الحرمة فيعتبر صاحب اللبن أباً وأخوه عماً وأخته عمةً وأبوه جداً وأمه جدةً وبهذا قال الجمهور وخالف في ذلك عدد قليل من أهل العلم هم أهل الظاهر وابن علية وابن بنت الشافعي وعامتهم قد قبلوا هذا الحديث وحديث حفصة الذي تقدم
سادساً : قال ابن الملقن في كتابه الإعلام بفوائد عمدة الأحكام أن من ادعى رضاعاً وصدقه الرضيع ثبت حكم الرضاع بينهما ولا يحتاج إلى إقامة بينة .
وأقول : إن هذا يحتاج إلى بينة ، وقبول النبي ﷺ ليس فيه دلالة أن الرضاع من ادعاه قبل منه والأصل أن كل الأمور تنبني على البينة والاعتراف .
سابعاً : أما قوله قلت لعله لم يستفصلها لأنها راوية لحديث (كَانَ فِيمَا أُنْزِلَ مِنْ الْقُرْآنِ عَشْرُ رَضَعَاتٍ مَعْلُومَاتٍ يُحَرِّمْنَ ثُمَّ نُسِخْنَ بِخَمْسٍ مَعْلُومَاتٍ فَتُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَهُنَّ فِيمَا يُقْرَأُ مِنْ الْقُرْآنِ )
وأقول :إن هذا الاستنتاج غير صحيح بل الظاهر أنه قد علم بهذا الرضاع وأنه ثابت لأن علاقة النبي ﷺ بأبي بكر وعلاقة أبي بكر بالنبي ﷺ ثابتة قبل ولادتها وقد كان النبي ﷺ لا يخطئه أن يأتي إلى بيت أبي بكر كل يوم صباحاً ومساءً أو في أحدهما ) فلا بد أن علمه بالرضاع قد حصل .
ثامناً : يؤخذ منه جواز الدعاء الذي لم يقصد معناه كقوله هنا تربت يمينك وقوله ﷺ لمعاذ ( ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ يَا مُعَاذُ )
تاسعاً: أن من اشتبه عليه أمر ينبغي له أن يسأل أهل العلم حتى يبينوا له صحة ما هو صحيح فيعمل به
عاشراً : فيه جواز ابتدار المستفتي المفتي بالتعليل قبل سماع الفتوى ولعله هو السبب في الدعوة التي دعا بها النبي ﷺ تربت يمينك .
الحادي عشر: أن من قال قولاً وافق الحق ينبغي أن يصدق سواء كان قوله مبنياً على علم سابق أو غير ذلك لقوله ﷺ صدق أفلح .
الثاني عشر :فيه جواز التسمية بأفلح وأن النهي الوارد في ذلك للكراهة لا للتحريم وبالله التوفيق .
--------
تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.
تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ
تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 4 ]
[ المجلد الرابع ]
رابط تحميل الكتاب :
http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam4.pdf
ام عادل السلفية
04-02-2016, 11:04AM
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام
للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -
[328]الحديث الرابع :
وعنها أي عائشة رضي الله عنها قالت دخل عليّ رسول الله ﷺ وعندي رجل فقال يا عائشة من هذا ؟ قلت : أخي من الرضاعة فقال يا عائشة انظرن من إخوانكن ؟ فإنما الرضاعة من المجاعة )
موضوع الحديث :
أنه ليس مطلق الرضاع يكون محرماً
المفردات
انظرن من إخوانكن : أي نظر فحص وتأمل هل الرضاع الذي حصل كان محرماً أم لا ؟
قوله فإنما الرضاعة من المجاعة :يعني إنما الرضاعة المعتبرة والتي يترتب عليها الحرمة هي الرضاعة التي تسد المجاعة وهي ما تكون في الحولين
المعنى الإجمالي
تخبر عائشة رضي الله عنها أن النبي ﷺ دخل عليها وعندها رجل فقال يا عائشة من هذا فقالت أخي من الرضاعة فقال يا عائشة انظرن من إخوانكن فإنما الرضاعة من المجاعة .
فقه الحديث
أولاً : يؤخذ من هذا الحديث أن عائشة رضي الله عنها أخبرت بذلك واثقة من أن المؤمنين لا يتطرق إليهم الشك فيها حيث أن الله قد برأها من فوق سبع سموات بل من فوق عرشه فلا يتطرق إليها الشك حيث أنزل براءتها في آيات من أول سورة النور وأن الذين تحملهم الريبة والشك أن يكونوا شاكين في حصانتها التي شهد لها بها القرآن إنما هم مارقون عن الحق مكذبون بالقرآن فسيلقون جزاءهم عند الله تعالى
ثانياً :أن النبي ﷺ كره ذلك وتمعر وجهه وغضب فأخبرته أنه أخاها من الرضاعة
ثالثاً : أن رسول الله ﷺ صدقها في ذلك ولكنه أرشدها إلى الحق الذي تثبت به الرضاعة فقال لها انظرن من إخوانكن فإنما الرضاعة من المجاعة يعني أن الرضاعة المحرمة ما كانت تسد جوعة الرضيع في حين أنه كان دون الحولين .
رابعاً : يؤخذ من هذا الحديث أن الرضاعة المحرمة هي التي تكون قبل الفطام ولذلك فقد قال ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه ( لا رِضَاعَ إِلا مَا شَدَّ الْعَظْمَ وَأَنْبَتَ اللَّحْمَ ) وذلك ما يكون في الحولين
خامساً : قد ورد في رضاع الكبير حديث سهلة بنت سهيل وقد تقدم الكلام عليه وأن في اعتباره ثلاثة مذاهب مذهب يرى أنه محرم مطلقاً وآخر يعتبره غير محرم مطلقاً وثالث يعتبره محرم إذا كان لحاجة وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله وهو الحق فيما أرى
سادساً : أن الرضاع المحرم هو ما كان في الحولين وقد جاء في حديث رواه الدارقطني بلفظ ( لا رضاع إلا ما كان في الحولين ) ثم قال لم يسنده عن ابن عيينة غير الهيثم بن جميل وهو ثقة حافظ وخالف ابن القطان فأعله بالراوي عن الهيثم وهو أبو الوليد بن برد الأنطاكي وقال لا يعرف وقوله هذا غريب فقد روى عن جماعة ورووا عنه جماعة .وقال النسائي في كناه صالح وفي جامع الترمذي من حديث فاطمة بنت المنذر عن أم سلمة قالت قال رسول الله ﷺ ( لا يحرم من الرضاع إلا ما فتق الأمعاء في الثدي وكان قبل الفطام ) ثم قال هذا حديث حسن صحيح وعزاه ابن حزم إلى النسائي وأعله بالانقطاع بين فاطمة بنت المنذر وأم سلمة . أهـ
قلت : في ذلك نظر فإن ابن الملقن قال قلت: إدراكها ممكن لا جرم وخرجه ابن حبان في صحيحه .
والرضاع يثبت بوصول اللبن إلى بطن الرضيع سواء كان بطريقة المص للثدي أو كون المرضعة حلبت لبناً من ثديها وشربته به أو سعطته به فالجمهور اشترطوا وصول اللبن إلى بطن الرضيع بأي وسيلة وإنما خالف في ذلك داود الظاهري وقال إن الرضاع لا يكون محرماً إلا إذا إلتقم الرضيع الثدي ومصه وقد سبق الكلام على أحكام الرضاع في الأحاديث الماضية وبالله التوفيق .
--------
تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.
تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ
تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 4 ]
[ المجلد الرابع ]
رابط تحميل الكتاب :
http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam4.pdf
ام عادل السلفية
04-02-2016, 11:02PM
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام
للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -
[330]الحديث السادس :
عن البراء بن عازب رضي الله عنه قال خرج رسول الله ﷺ ـ يعني من مكة ـ فتبعتهم ابنة حمزة تنادي يا عم يا عم فتناولها علي فأخذها بيده وقال لفاطمة دونك ابنة عمك فاحتملتها فاختصم فيها علي وجعفر وزيد فقال عليّ أنا أحق بها وهي ابنة عمي وقال جعفر ابنة عمي وخالتها تحتي وقال زيد ابنة أخي فقضى بها رسول الله ﷺ لخالتها وقال الخالة بمنزلة الأم وقال لعلي أنت مني وأنا منك وقال لجعفر أشبهت خلقي وخلقي وقال لزيد أنت أخونا ومولانا )) .
موضوع الحديث:
تحريم ابنة الأخ من الرضاع
المفردات
قوله خرج رسول الله ﷺ : يعني من مكة والمقصود أن ذلك في عمرة القضاء فتناولها علي فأخذ بيدها أي رفعها إلى فاطمة
دونك ابنة عمك : أي أمسكيها
فاختصم فيها علي وزيد وجعفر كل واحد يريد أن تكون حضانتها إليه وأدلى كل واحد منهم بما لديه من حجة فقضى بها : أي النبي ﷺ لخالتها وخالتها أسماء بنت عميس
خالتها تحتي :بمعنى أنها زوجته
الخالة بمنزلة الأم : أي في الحضانة والشفقة والرحمة بالمحضون لا في الإرث
قوله لعلي رضي الله عنه أنت مني : أي بالقرابة والنسب والصهر والمحبة
وقال لجعفر : أشبهت خَلقي وخُلقي : الخلق هو ما يرى من خلقه الإنسان والخُلق المقصود به الخصال الحميدة أو الذميمة في الإنسان
أنت أخونا ومولانا : أي أخونا في الإسلام ومولانا ولاية عتق
المعنى الإجمالي
لما ذهب النبي ﷺ لعمرة القضاء في السنة السابعة فلما أراد الخروج من مكة تبعتهم ابنة حمزة تنادي يا عم يا عم وحينئذ اختصم علي وجعفر وزيد كل منهم يريد ضمها إليه أما علي فلكونه ابن عمها وأما جعفر فلكونه أيضاً ابن عمها وخالتها تحته . وأما زيد بن حارثة فلأن النبي ﷺ آخى بينه وبين حمزة عند قدومه المدينة والشاهد من الحديث أن النبي ﷺ قال إنها ابنة أخيه من الرضاعة
فقه الحديث
أولاً : أن ابنة حمزة كانت عند أمها وأنها تبعت أهلها عند خروجهم لتنضم إليهم
ثانياً : أن من لا يستقل بنفسه تجب على قرابته الحضانة سواء كان ذكراً أو أنثى
ثالثاً : أن هذه الفتاة قد اختصم ثلاثة كل منهم يريد ضمها إليه وكل منهم أدلى بوجه القرابة التي يطالب بها
رابعاً : أن الحضانة يقدم فيها النساء
خامساً : أن النبي ﷺ قضى بها لخالتها وقال إنما الخالة بمنزلة الأم
سادساً : أن الخالة مقدمة على غيرها في الحضانة لما لها من الشفقة والرحمة
سابعاً : أن قوله إنما الخالة بمنزلة الأم ليس على إطلاقه في كل شيء بل يكون ذلك في الشفقة والرحمة والعطف على المحضون
ثامناً : أن النبي ﷺ قد طيب قلب كل واحد منهم فقال لعلي أنت مني وأنا منك وقال لجعفر أشبهت خلقي وخلقي وقال لزيد أنت أخونا ومولانا
تاسعاً : أن المفتي والداعية ينبغي له أن يطيب نفوس المستفتين وكذلك المعلم بالمتعلمين وكذلك الداعية بالمدعوين والله تعالى يقول ( فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ) [ آل عمران : 159] .
عاشراً : أن بيت القصيد في الحديث هو ما يستدل عليه أن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال للنبي ﷺ ( ألا تنكح ابنة حمزة فقال النبي ﷺ إنها لا تحل لي فهي ابنة أخي من الرضاعة )
الحادي عشر: أنه يحرم من الرضاعة ما يحرم من النسب فكما أن ابنة الأخ من النسب تحرم على عمها فكذلك ابنة الأخ من الرضاعة تحرم على عمها وبالله التوفيق .
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .
--------
تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.
تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ
تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 4 ]
[ المجلد الرابع ]
رابط تحميل الكتاب :
http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam4.pdf
vBulletin® v3.8.10, Copyright ©2000-2025, TranZ by Almuhajir