مشاهدة النسخة كاملة : [متجدد] تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ المجلد الثالث ]
ام عادل السلفية
12-05-2015, 07:16PM
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام
للعلامة : احمد النجمي
-رحمه الله -
【 كتاب الصيام 】
الصيام في اللغة الإمساك ويعرف بأنه إمساك المسلم العاقل أو المسلمة العاقلة الخالية من الحيض والنفاس عن الطعام والشراب
والشهوة الجنسية من طلوع الفجر الثاني إلى غروب الشمس بنية التعبد هذا أحسن ما قيل في تعريفه .وإذا كان الصيام يراد به
الإمساك عن المذكورات فإن الإمساك عن أي شئ يسمى صياماً في اللغة ومن ذلك قوله تعالى في قصة مريم ( فَقُولِي
إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَانِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنسِيًّا) [مريم : 26] أي إمساكاً عن الكلام .
والصيام فرضه الله عز وجل على عباده المسلمين في السنة الثانية من الهجرة وجعله أحد أركان الإسلام
وفيه حكم كثيرة :
منها الرياضة للنفس على حبسها عن شهواتها ومحبوباتها
ومنها أن ترك الطعام والشراب والشهوة الجنسية في هذا الوقت تعبداً لله عز وجل يورث الإنسان زيادة في إيمانه وقوة
في توقيه للمحرمات وامتناعه عن الشهوات غير المباحة .
ثالثاً: أن التقليل من الطعام والشراب بالامتناع عنه في ذلك الوقت المحدد يمرن الإنسان على مراقبة ربه والخوف منه
وإجلاله سبحانه وتعالى .
رابعاً:أن من الحكم أن يتمرن على ترك الشهوات مع وجودها وحاجته إليها رغبة فيما عند الله عز وجل له أثر في قوة الإيمان وإلى
ذلك أشار بقوله( لعلكم تتقون )
خامساً:أنه إذا ذاق الجوع والعطش يفكر بالناس الذين لا يجدون ما يأكلون ولا ما يشربون فيحمله ذلك على العطف عليهم
والمواساة لهم وبالجملة فإن الصوم يحوي حكماً منها ما عرفه الناس ومنها ما لم يعرفوه .
[177] الحديث الأول
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله ﷺ (( لا تقدموا رمضان بصوم يوم أو يومين
إلا رجلاً كان يصوم صوماً فليصمه )).
موضوع الحديث :
النهي عن صيام يوم الشك
المفردات :
لا تقدموا :أي لا تستقبلوه قبل دخوله بصوم فإن الله إنما فرض صوم الشهر نفسه ولا يكون ذلك قبل دخوله .
قوله إلا رجلا كان يصوم صوماً فليصمه : يعني إذا كنت تصوم الاثنين ووافق يوم الشك يوم الاثنين فصمه أي ذلك اليوم
بنية تلك العبادة لا بنية استقبال رمضان فإنه لا شئ في ذلك .
المعنى الإجمالي :
نهى النبي ﷺ عن صيام يوم الشك وهو اليوم الذي يكون ثلاثين من شهر شعبان فيحتمل أن يكون من الشهر القادم
ويكون الشهر تسعاً وعشرين ويحتمل أن يكون من الشهر الماضي ويكون الشهر ثلاثين فلذلك نهى عن صومه لعدم التحقق لكونه
من رمضان أم لا ؟
فقه الحديث :
أولاً : يؤخذ من الحديث أنه لا يجوز صيام يوم الشك بنية الاستقبال لرمضان وهل يحمل ذلك على الكراهة أو على التحريم
هذا محل نظر وخلاف بين أهل العلم والقول بأنه محرم هذا هو الأقرب للصواب
ثانياً: يؤخذ من هذا الحديث أن من صام يوم الشك على مقتضى عادة كان يعملها فإنه لا يكون داخلا في النهي لقوله إلا
رجلا كان يصوم صوماً فليصمه .
ثالثاً: إذا دخلت في صيام يوم الشك بنية عادة كنت تعتادها ثم تبين أن ذلك اليوم من رمضان فعليك أن تمضي في
صومك وأن تقضي ذلك اليوم لأنك دخلت فيه بغير نية رمضان وبالله التوفيق.
--------
التصفية والتربية
TarbiaTasfia@
تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ
تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ
تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ]
[ المجلد الثالث ]
رابط تحميل الكتاب :
http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf
ام عادل السلفية
13-05-2015, 11:35PM
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام
للعلامة : احمد النجمي
-رحمه الله-
[178] الحديث الثاني :
عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما قال : سمعت رسول الله ﷺ يقول :
(( إذا رأيتموه فصوموا وإذا رأيتموه فأفطروا فإن غـم عليكم فاقـدروا له))
موضوع الحديث:
ما يوجب صيام رمضان وما يوجب الفطر منه وما هو الحكم في حالة الاشتباه
المفردات :
إذا رأيتموه : الضمير يعود إلى الهلال وواو الجماعة لجميع المسلمين .
قوله فصوموا : هذا جواب الشرط وجزاؤه وهو إذا ومثل ذلك وإذا رأيتموه فأفطروا فإن غم عليكم :
أي بأن حال بينكم وبين رؤيته قتر أو سحاب فاقدروا له أي كملوا العدة ثلاثين .
المعنى الإجمالي :
أمر النبي ﷺ أمته بأن يصوموا لرؤية الهلال وبان يفطروا لرؤيته وهذا الخطاب لجميع
الأمة فإذا رآه واحدٌ لزم الصوم على الجميع إذا كان الرائي مسلماً وإن رآه اثنان فأكثر عند دخول
شوال وخروج رمضان لزم الفطر وإظهار العيد كما دلت على ذلك الأدلة .
فقه الحديث
أولاً: يؤخذ من هذا الحديث تعليق الحكم بالرؤية والمقصود بالرؤية هي الرؤية العادية لكل فرد من
أفراد الأمة ولهذا جاء في الحديث عن النبي ﷺ أنه قال( إنا أمّة أميّة لا نكتب ولا نحسب
الشهر هكذا وهكذا ...ألخ )
فقوله إنا أمّة أميّة يدل على نفي ما ذكره بعضهم من الاعتماد على النجوم أو على المنازل أو ما أشبه ذلك
ثانياً : يؤخذ من قوله إذا رأيتموه أن الاعتماد على الرؤية البصرية فلا يعتمد على الميكروسكوب (المنظار
الفلكي ) ولا على الرؤية الدقيقة التي تكون بصناعة ما فالخطاب للامة أجمع وما كان معروفاً في ذلك
الزمن أنه طريق للرؤية فهو المعتمد للحكم الشرعي .
ثالثاً : يؤخذ من قوله فصوموا الذي هو جواب الشرط أن الرؤية التي يلزم بها الصوم هي الرؤية البصرية العادية
وقد اختلف أهل العلم فيما يلزم بها الصوم من الشهادة فجاء في الحديث عن ابن عباس قال جاء
أعرابي إلى النبي ﷺ فقال إني رأيت الهلال ( قال أتشهد أن لا إله إلا الله أتشهد أن محمداً رسول الله
قال نعم قال يا بلال أذن في الناس أن يصوموا غداً ) كما أنه قد ورد أنه لخروج الشهر يلزم شهادة اثنين
أما عدالة الشهود في دخول رمضان أو دخول شوال فيكفي في ذلك كونه مسلماً
رابعاً: قوله وإذا رأيتموه فافطروا إذا رأيتم هلال شوال فافطروا ويؤخذ من هذا
انه يترتب الفطر على الرؤية أو إكمال العدة .
خامساً : يتردد المفهوم من قوله صوموا وافطروا بين أن يكون الخطاب لجميع الأمة فتكفيهم
رؤية واحدة أو لكل قوم رؤيتهم وعلى هذا فقد اختلف أهل العلم هل تلزم الرؤية إذا وجدت جميع
المسلمين أو لا يلزم إلا أهل البلد ومن حولهم ؟ فمن أهل العلم من قال تلزمهم جميعاً واستدلوا
بأن الناس في زمن النبي ﷺ وخلفاؤه الراشدين ما كان معروفاً أن لكل قوم رؤيتهم بل الظاهر
أنها تلزمهم رؤية واحدة.
قلت: وعلى هذا القول ملاحظة
أولا: لأن عدم النقل لا يدل على عدم الوقوع فالناس في ذلك الزمن لا يتواصلون إلا على وسائل
النقل القديمة وهذه الوسائل تجعل أهل كل بلد منقطعين عن الآخرين فلهم رؤيتهم وصومهم وفطرهم
ومما يدل على ذلك قصة كريب حين هلّ عليه الهلال وهو في دمشق ثم قدم المدينة في آخر الشهر
واخبر ابن عباس أنهم رأوا الهلال ليلة الجمعة فقال ابن عباس أما نحن فقد رأيناه ليلة السبت فلا نزال نصوم
حتى نراه أو نكمل العدة ثلاثين ) وبهذا يتبين أنهم لم تكن الرؤية تحكمهم جميعاً .
ثانياً : أنه لم يكن في ذلك الوقت وسيلة إعلام توصل الخبر إلى الجميع عند وجود الرؤية ومن أجل هذا نقول
أن الأرجح أن الناس في ذلك الوقت يكون أهل كل بلد يعملون برؤيتهم أو إكمال العدة بالصوم والفطر
والذي يظهر لي في هذه المسالة وفي هذا الزمن الذي قد تبين فيه واتضح وضوحاً لا مزيد عليه أن البلدان
مختلفة باختلاف مطالعها وعلى هذا فانه لو رئي الهلال في مشرق الأرض لزم من بعده من باب أولى فمثلا
لو رئي الهلال في باكستان لزم من بعد هذه الدولة من الدول الأخرى التي يأتي وقت مغيب الشمس فيها
بعد باكستان تلزمهم جميعاً لأنه إذا تقدمت الشمس على القمر في الباكستان مثلا لزم أن تتقدم عليه أكثر فيما
بعدها وكذلك لو وجدت الرؤية في السعودية مثلا فإنه يلزم الصوم على من بعدها ولا يلزم على من قبلها فمثلا
إذا ثبتت الرؤية في السعودية كما قلنا مثلا لزم السودان ومصر ومن بعدهم من دول إفريقيا وأوربا التي يأتي
مغيب الشمس فيها بعد السعودية ولا يلزم من قبلها كالباكستان وأفغانستان والعراق وما أشبه ذلك .
لأنه قد علم الآن بأن ما بعد كل بلد أي ما كان بعدها إلى جهة المغرب فإن الغروب يكون فيه بعد البلد
الذي قبله من جهة الشرق وهذا أمر أصبح معروفاً لا يتمارى به اثنان لأنه أصبح من المحسوس وهذا
هو القول الفصل في هذه المسألة وبالله التوفيق .
--------
التصفية والتربية
TarbiaTasfia@
تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ
تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ
تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ]
[ المجلد الثالث ]
رابط تحميل الكتاب :
http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf
ام عادل السلفية
15-05-2015, 12:28AM
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام
للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله-
[179] الحديث الثالث:
عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال قال رسول الله
ﷺ ((تسحروا فإن في السحور بركة )).
موضوع الحديث :
فضيلة السحور
المفردات :
قوله تسحروا : هذا أمر والفاء في فإن في السحور بركة تعليلية والسحور يأتي بفتح السين المشددة ويكون اسماً
للطعام الذي يتسحر به ويأتي بضم السين فيكون اسماً للفعل والتلازم بينهما حاصل .
بركة: خبر إن والبركة قد تكون حسية وقد تكون معنوية ولعلها هنا شاملة للجميع
المعنى الإجمالي :
أمر النبي ﷺ في هذا الحديث بالتسحر والتسحر هو الأكل في وقت السحر لأن في طعام هذا الوقت
لآكله فيه بركة من حيث مخالفة أهل الكتاب ومن حيث العمل بالسنة ومن القوة الحاصلة للبدن ومن حيث
أن المتسحر لا تتوق نفسه إلى الطعام ومن فوائد السحور الاستيقاظ في وقت الإجابة الذي ينزل فيه ربنا إلى السماء
الدنيا فيقول هل من سائل فأعطيه هل من مستغفر فاغفر له ومن فوائده أيضاً صلاة من الملائكة على المتسحرين الذين
يعملون بهذه السنة .
فقه الحديث :
أولاً: يؤخذ من هذا الحديث استحباب السحور للصائم وقد يجب على من يتأثر بعدم السحور وإنما قيل
بالاستحباب لأن النبي ﷺ واصل بأصحابه وقد أباح في الوصال بقوله ( ومن كان مواصلا فليواصل إلى السحر ).
وذلك وجبة الإفطار وجعل وجبة السحور هي الوجبة التي يتقوى بها الصائم .
ثانياً: إنما قلت بأن السحور يجب على من يتأثر بتركه لأنه من المعلوم أن بدن الإنسان لا يقوم إلا على الطعام
والشراب فإذا ترك وجبة السحر قد يتأثر بعض الناس وبعضهم لا يتأثر لوجود قوة بدنية تغنيه ويتبين من هذا أن
أمر النبي ﷺ هو أمر بما فيه صلاح البدن وصلاح الدين والعقل .
ثالثاً: يؤخذ من هذا أيضاً بأن الإنسان إذا قام للسحور ربما صلى وربما تصدق على بعض المحاويج الذين يعلمهم
وهذا من بركة السحور بل وربما قرأ شيئاً من القرآن ومن أعظم الفوائد فيه الاستيقاظ لصلاة الفجر ولهذا أمر
بتأخير السحور حتى لا ينام بعده فتفوت عليه صلاة الفجر .
--------
التصفية والتربية
TarbiaTasfia@
تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ
تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ
تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ]
[ المجلد الثالث ]
رابط تحميل الكتاب :
http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf
ام عادل السلفية
15-05-2015, 03:29PM
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام
للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -
[180] الحديث الرابع :
عن أنس بن مالك عن زيد بن ثابت رضي الله عنه قال تسحرنا مع رسول الله ﷺ ثم قام إلى الصلاة
قال أنس قلت لزيد كم كان بين الأذان والسحور قال قدر خمسين آية .
موضوع الحديث :
ما هو المقدار الذي يكون بين السحور والأذان
المفردات :
قوله كم كان بين الأذان والسحور : أي المدة التي يمكن أن تكون بينهما .
قال قدر خمسين
آية : أي قدر قرآئتها وقدر هنا مرفوع على أنه خبر مبتدأ محذوف تقديره هو قدر أو يكون خبراً لكان المقدرة
فيكون منصوباً ولا بد أن يكون هناك مقدر قبل خمسين أي قدر قراءة خمسين آية .
المعنى الإجمالي
أخبر أنس بن مالك عن زيد بن ثابت أنه تسحر مع النبي ﷺ في بيته وأنه كان بين انتهائه من السحور
والأذان قدر قراءة خمسين آية وسبق أن قلت أن الصحابة رضوان الله عليهم كانوا لانسجامهم مع القرآن
يقدرون بقراءة آيات والظاهر أن هذا التقدير يكون من الآيات الوسط التي هي بين مفرطة الطول كما في آخر
سورة البقرة وأول سورة المائدة ومفرطة القصر كما في سورة الشعراء والصافات والواقعة وما أشبه ذلك .
فقه الحديث :
أولاً : يؤخذ من هذا الحديث استحباب تأخير السحور وتقريبه من الفجر لأنه إذا أخر كانت منفعة
البدن منه أعظم وكان نفعه له في اليوم أكثر .
ثانياً : أن التأخير يحصل به إقامة صلاة الفجر وإن كثيراً من الناس في هذا الزمن يبيتون في لعب
ولهو وفي آخر الليل قبل الفجر بساعة أو أكثر يتسحرون ثم ينامون فيضيعون صلاة الفجر ثم إن تقدم
السحور يجعل المنفعة به أقل فصلوات الله وسلامه على نبينا محمد الذي ما ترك خيراً إلا دلنا عليه ولا
شراً إلا حذرنا منه .
--------
التصفية والتربية
TarbiaTasfia@
تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ
تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ
تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ]
[ المجلد الثالث ]
رابط تحميل الكتاب :
http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf
ام عادل السلفية
17-05-2015, 01:12AM
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام
للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -
[181] الحديث الخامس :
عن عائشة وأم سلمة رضي الله عنهما أن رسول الله ﷺ كان يدركه الفجر وهو جنب من أهله ثم يغتسل
ويصوم
موضوع الحديث :
أن من أصبح جنباً أغتسل وصام ولا يؤثر ذلك في صومه
المفردات :
كان يدركه الفجر : يعني يطلع عليه الفجر وهو جنب من أهله أي من جماع أهله ثم يغتسل ويصوم
المعنى الإجمالي :
تخبر عائشة وأم سلمة رضي الله عنهما أن رسول الله ﷺ كان يطلع عليه الفجر وهو جنب من جماع
أهله ثم يغتسل ويصوم
فقه الحديث :
أولاً : حصل خلاف في هذه المسالة في عهد الصحابة رضوان الله عليهم وذلك أن أبا هريرة كان يفتي
بأن من أدركه الفجر وهو جنب فلا صوم له ثم إن مروان لما كان أميراً على المدينة أرسل إلى عائشة وأم سلمة
رضي الله عنهما يسألهما فقالتا إن رسول الله ﷺ كان يدركه الفجر وهو جنب من أهله ثم يغتسل ويصوم
فلما أخبر أبو هريرة رضي الله عنه بما قالتا رجع عن قوله ذلك وذكر أنه حدثه به الفضل بن العباس أو أسامة
بن زيد ثم صار الإجماع على ذلك أي على ما أفاد هذا الحديث وهو أي هذا الحديث حديث عائشة وأم سلمة
يترجح على حديث أبي هريرة بعدة مرجحات أولها :أنه روي هذا الحديث من طرق متعددة في الصحاح والسنن
والمسانيد والمعاجم بلفظ واحد بخلاف حديث أبي هريرة .
ثانيها :أن الأمور الداخلية التي تتعلق بعلاقة النبي ﷺ بزوجاته مقدم فيها
خبر زوجاته لأنهن أعلم بذلك من غيرهن لملابستهن لتلك الأمور من رسول
الله ﷺ .
ثالثها :لأن ما حدثتا به يشهد به القرآن الكريم حيث يقول الله عز وجل (أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ
هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُن) إلى قوله ( فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ
لَكُمْ الْخَيْطُ الأَْبْيَضُ مِنْ الْخَيْطِ الأسْوَدِ مِنْ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ) [البقرة : 187] وفي هذا إباحة
للجماع إلى آخر لحظة من الليل فإن من لازم ذلك أن التطهر لا يتم إلا بعد طلوع الفجر ومن هنا يتبين أن هذا
شاهد ومؤيد لحديث عائشة وأم سلمة رضي الله عنهما أن من أصبح جنباً اغتسل وصام وهذا ما يسمى
بدلالة الإشارة عند الأصوليين وقد ذكر جماعة من أهل العلم الإجماع على ذلك فيما بعد .
ثانياً : ويؤخذ من قولها جنباً من أهله رفع شك وهو أنه ربما قيل لعله كانت جنابته تلك من احتلام فرفعتا
الشك بأن ذلك من جماع أهله ويؤخذ هذا أيضاً من مسألة أخرى وهو أن الاحتلام من تلاعب الشيطان
وليس له سبيل على الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم .
ثالثاً :وقد اختلف العلماء أيضاً في الحائض تطهر قبل الفجر وتترك التطهر حتى تصبح فجمهورهم على
وجوب تمام الصوم عليها وإجزاءه عنها سواء تركته عمداً أو سهوا وشذ محمد بن مسلمة فقال لا يجزئها وعليها
القضاء والكفارة وهذا كله في المفرطة المتوانية فأما التي رأت الطهر فبادرت فطلع عليها الفجر قبل تمامه فقد قال
مالك هذه كمن طلع عليها وهي حائض يومها يوم فطر أهـ. من العدة قلت: الصحيح أنها إذا رأت علامة الطهر
قبل طلوع الفجر فهي بمنزلة المجامع قبل الفجر إن طلع الفجر ولم يتم طهورها فالحق أنها تتطهر وتصوم أما
إذا كانت لم تر علامة الطهر إلا بعد طلوع الفجر فهذه يومها يوم فطر كالحائض
. وبالله التوفيق
--------
التصفية والتربية
TarbiaTasfia@
تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ
تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ
تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ]
[ المجلد الثالث ]
رابط تحميل الكتاب :
http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf
ام عادل السلفية
17-05-2015, 04:17PM
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام
للعلامة : احمد النجمي
-رحمه الله.-
[182] الحديث السادس :
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي ﷺ (( قال من نسي وهو صائم فأكل أو شرب فليتم صومه فإنما
أطعمه الله وسقاه )).
موضوع الحديث :
الأكل والشرب ناسياً وأنه لا يبطل الصوم
المفردات :
فأكل أو شرب :أو هنا للتنويع ويحتمل أن تكون عاطفة وقد ورد الحديث باللفظين .
فليتم صومه :هذا أمر من الشارع ﷺ وهو رحمة من الله بالمكلفين أشار إلى ذلك بقوله فإنما أطعمه الله
وسقاه أي ساق إليه رزقاً لم يكن في حسبانه .
المعنى الإجمالي
المعنى الإجمالي للحديث هو أن النبي ﷺ أخبر أن من نسي وهو صائم فأكل أو شرب أو جمعهما فأكل
وشرب وهو صائم فليتم صومه ولا يعتقد بطلانه فإنما أطعمه الله بذلك الأكل وسقاه بذلك الشراب فما فعله
الإنسان ناسياً من غير نية فهو لا يقدح في الصوم ولا يؤثر فيه
فقه الحديث :
أولاً:يؤخذ من هذا الحديث دليل على أن أكل الناسي وشربه إذا أكل وشرب وهو ناسياً لصومه فإن أكله وشربه
لا يؤثر على صومه ولا يبطله ولا يفسده وإلى مقتضى الحديث ذهب أبو حنيفة والشافعي وأحمد وذهب مالك
إلى إيجاب القضاء قال ابن دقيق العيد وهو القياس فإن الصوم قد فاته ركنه وهو من باب المأمورات والقاعدة
تقتضي أن النسيان لا يؤثر في طلب المأمورات وعمدة من لم يوجب القضاء هذا الحديث وما في معناه أو ما يقاربه
فإنه أمر بالإتمام وسمي الذي يتم صوماً وظاهره حمله على الحقيقة الشرعية أ هـ .
قلت : هذا هو الحق وإذا كان الإمساك هو الركن الأعظم من الصوم ولكن خرقه الصائم على سبيل النسيان
فإن خرقه للامساك لا يعد خرقاً للصوم فالقواعد التي يبنى عليها الفقه مستقاة من النصوص الشرعية والنص هنا قد أمر
بإتمام الصوم إذا فهو قاعدة مستقلة لا يقاس على الصلاة في ترك ركن من أركانها بل إن هذه قاعدة مستقلة
وتلك قاعدة مستقلة ولا يجوز أن نترك النص ونعود إلى القياس بل الواجب أن نعمل بكل نص في محله إذا كان الدليل
قد دل على أن الأكل والشرب ناسياً لا يؤثر في الصوم فذلك بشرط ألا يبتلع شيئاً بعد تذكره فإن ابتلع شيئاً
بعد تذكره بطل صومه ووجب عليه القضاء .
ثانياً : هل للجماع من الناسي حكم الأكل والشرب كما دل عليه الحديث هذا محل نظر وخلاف وذلك لأن الأكل
والشرب يختلف على الجماع فيمكن أن يتصور فيه النسيان أما الجماع فتصور النسيان فيه أبعد لأنه يستلزم أموراً قد
لا يتصور معها النسيان كالتستر والبعد عن أعين الناس وإغلاق الأبواب وكون العملية مشتركة بين اثنين فإن نسي
أحدهما ذكّره الآخر وما أشبه ذلك من الأمور التي لا يتصور معها النسيان لذلك فقد أشار الشارح رحمه الله تعالى
بقوله ومدار الكل على قصور حالة المجامع ناسياً عن حالة الأكل ناسياً فيما يتعلق بالعذر والنسيان قلت:وهذا هو
الصواب وإليه ذهب الجمهور مع أن الجماع يوجب الكفارة والأكل والشرب لا يوجب الكفارة على الأصح .
وبالله التوفيق
--------
التصفية والتربية
TarbiaTasfia@
تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ
تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ
تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ]
[ المجلد الثالث ]
رابط تحميل الكتاب :
http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf
ام عادل السلفية
18-05-2015, 05:32PM
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام
للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -
[183] الحديث السابع :
من كتاب الصيام عن أبي هريرة رضي الله عنه قال بينما نحن جلوس عند النبي ﷺ إذ جاءه رجل
فقال يا رسول الله هلكت قال مالك ؟ قال: وقعت على إمرأتي وأنا صائم -وفي رواية : أصبت أهلي في
رمضان - فقال رسول الله ﷺ. هل تجد رقبة تعتقـها ؟ قال : لا قال : فهل تستطيع أن تصوم شهرين
متتابعين ؟ قال : لا قال : فهل تجد إطعام ستين مسكينا ؟ قال : لا قال : فمكث النبي ﷺ فبينما
نحن على ذلك أتى النبي ﷺ بعرق فيه تمر- والعرق : المكتل - قال : أين السائل ؟ قال : أنا قال :
خذ هذا فتصدق به فقال الرجل :على أفقر مني يا رسول الله ؟ فوالله ما بين لابتيها - يريد الحرتين- أهل
بيت أفقر من أهل بيتي فضحك رسول الله ﷺ حتى بدت أنيابه ثم قال : (( أطعمه أهلك )).
موضوع الحديث :
كفارة الجماع في نهار رمضان
المفردات :
الحرة: أرض تركبها حجارة سود
بينما : ظرف زمان يلازمه الاظافة إلى جملة اسمية غالباً وتلتقي بإذا تارة وبإذ أخرى اللتين للمفاجأة فإذا لم
تلحقهما ما فلا تلتقي بواحدة منها قاله الصنعاني في العدة قوله إذ جاءه رجل :إذ هي الفجائية التي تكون للمفاجأة .
هلكت وفي رواية احترقت والمراد أنه وقع في ذنب يوجب له الهلكة والاحتراق .
قوله قال مالك : استفهام قال وقعت على امرأتي ( وأنا صائم ) جملة حالية أي حال كوني صائم وفي رواية أصبت
أهلي في رمضان .
هل تجد رقبة : الرقبة هنا مطلقة وتعم الذكر والأنثى والصغير والكبير والسليم والناقص إلا أن السنة دلت على
أن الرقبة الكافرة لا تجزئ وكذلك الرقبة غير الصحيحة .
قوله شهرين متتابعين : متتابعين وصف للشهرين أي لا يكون بينهما انقطاع اختياري
قوله بعرق : العرق هو المكتل .
قوله خذ هذا فتصدق به : هذا أمر لكن قال الرجل على أفقر مني يا رسول الله فوالله ما بين لابتيها ...إلى آخر الحديث .
أفقر : اسم تفضيل من الفقر والمعنى أكثر فقراً.
قوله فضحك رسول الله : الفاء هنا سببية وكأنه بسبب التعجب من حاله حتى بدت أنيابه وحتى للغاية ثم قال
أطعمه أهلك .
قوله الحرة : أرض تركبها حجارة سود هذا تفسير للحرة وهي واحدة حرتين .
المعنى الإجمالي :
وقع هذا الصحابي على امرأته وهو صائم فتوقع الهلكة لنفسه وأهله فجاء إلى النبي ﷺ يشكو حاله فسأله
هل تستطيع أن تعتق رقبة فقال لا فقال أتستطيع أن تصوم شهرين قال لا فقال أتستطيع أن تطعم ستين مسكينا
قال لا فمكث الرجل عند النبي ﷺ منتظراً جوابه فجاء رجل بعرق فيه تمر والظاهر أنه من الصدقة فقال خذ
هذا فتصدق به فقال على أفقر مني أو من أهل بيتي فوا الله ما بين لابتيها أهل بيت أفقر من أهل بيتي فعند
ذلك ضحك رسول الله ﷺ متعجباً من حاله ثم قال أطعمه أهلك .
فقه الحديث
يؤخذ من هذا الحديث عدة مسائل :
المسألة الأولى : أن من أرتكب معصية لا حدّ فيها وجاء مستفتياً أنه لا يعاقب لأن النبي _ لم يعاقبه
مع اعترافه بالمعصية .
المسألة الثانية : أن المعاقبة فيما لم يكن حداً تكون تعزيراً والتعزير استصلاح ولا استصلاح مع الصلاح بمعنى
أن إظهار الندم دال على صلاح المستفتي فلا داعي للاستصلاح
المسألة الثالثة: أنه لو عوقب لكانت المعاقبة سبباً في ترك أناس للاستفتاء
وهذه مفسدة عظيمة يجب دفعها .
المسألة الرابعة : جمهور الأمة على إيجاب الكفارة على من جامع عامداً في نهار رمضان وقد نقل عن
بعض السلف أنها لا تجب وهو قول شاذ ولا يعول عليه .
المسألة الخامسة : اختلفوا في جماع الناسي هل يقتضي الكفارة أم لا ؟ قال ابن دقيق العيد ولأصحاب
مالك قولان ويحتج من يوجبها أن النبي _ لم يسأل هذا السائل هل فعل ذلك عامداً أو ناسياً هكذا
قال ابن دقيق العيد . وأقول : الظاهر من حال هذا المستفتي ومن فحوى سؤاله أنه فعل ذلك عامداً لأنه
صدر سؤاله فقوله هلكت أو احترقت ولا يكون كذلك إلا إذا كان قد فعل ذلك عمداً .
الأمر الثاني : أن حالة النسيان بالنسبة إلى الجماع فيها بعد لكونها تقع بين شخصين إذا نسي أحدهما
ذكره الآخر ولكونها تحتاج إلى ستر وبعد عن أنظار الناس وما أشبه ذلك.
المسألة السادسة: الظاهر من قول الرسول ﷺ هل تجد رقبة تعتقها ؟ قال لا قال فهل تستطيع أن تصوم
شهرين متتابعين ؟ قال لا قال فهل تجد إطعام ستين مسكيناً ؟ قال لا أن هذا الترتيب واجب وانه لا يجوز
الانتقال من الأمر الأول إلى الثاني إلا بعد العجز عن الأول وهذا أي القول بالترتيب هو مذهب الشافعي
وأحمد وجمهور الفقهاء وذهب مالك إلى أن هذه الخصال على التخيير لا على الترتيب وهذه مخالفة
للنص قال ابن العربي لأن النبي ﷺ نقله من أمر بعد عدمه إلى أمر آخر وليس هذا شأن التخيير وللاختلاف
في ذلك دليل آخر وهي الرواية قد وردت بالتخيير وبعدمه فرجح القائلون بالترتيب روايته لأن الرواية به
أكثر فإن الذين رووا الترتيب عن الزهري ثلاثون نفساً قلت : وإذا كانت قد وردت رواية مطلقة فهي تحمل
على المقيدة وذلك تمشياً على قول الجمهور القائلين بحمل المطلق على المقيد وهذا هو الحق إن شاء الله .
المسألة السابعة : قول النبي ﷺ هل تجد رقبة تعتقها يدل على أن الواجب
الأول في هذه الكفارة هو عتق الرقبة .
المسألة الثامنة : أنه يشترط في الرقبة المعتقة شروطاً
أولها : أن يكون سبب الملك سبب شرعي صحيح .
وثانيها : أن تكون الرقبة المعتقة سليمة من العيوب المخلة .
وثالثها :أنه يشترط الإيمان في الرقبة المعتقة عند الجمهور وذهبت الحنفية إلى عدم إعتبار شرط الإيمان
وتمسكوا بإطلاقات في بعض النصوص جاءت مقيدة في غيرها ومن ذلك قوله هنا هل تجد رقبة ؟ وقالوا إن
اسم الرقبة يقع على الرقبة المؤمنة والكافرة على حد سواء جرياً على أصل الحنفية وهو العمل بالمطلق وتقديمه
على المقيد وقول الجمهور هو الحق إن شاء الله لقول النبي ﷺ لذلك الرجل(أعتقها فإنها مؤمنة )
المسألة التاسعة : قوله فهل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين قال لا ويتنين من هذا أن الانتقال من
الصوم إلى الإطعام لا يكون إلا عند العجز عن الصوم .
المسالة العاشرة :يؤخذ من هذا أنه يؤخذ بقول المستفتي في نفي الاستطاعة وكذلك يجب على المفتي
أن يراجعه حتى يتبين ما إذا كان السبب عنده سبباً شرعياً أم لا لأن المفارقات بين زمن الصحابة
وزماننا عظيماً في الالتزام بالصدق وغير ذلك .
المسألة الحادية عشرة :قد ورد في بعض روايات هذا الحديث فهل أوقعني في ذلك إلا الصيام أو قال وهل
أوتيت إلا من الصوم قال الصنعاني فاقتضى ذلك عدم الاستطاعة بسبب شدة الشبق وهو عدم الصبر عن
الجماع في الصوم فنشأ لأصحاب الشافعي نظر في أن هذا هل يكون عذراً مرخصاً للانتقال إلى الإطعام
قلت : الظاهر من الحديث أن النبي ﷺ قد قبل عذره بذلك واعتبره مبيحاً لانتقاله من الصوم إلى الإطعام .
ويقاس على ذلك من لا يستطيع الصيام لبعض الأمور التي يترتب عليها عدم استطاعة أو مشقة شديدة
كأن يكون كاسباً على أهله وإذا ترك الكسب وجلس للصوم أضّر بأهله ولا يمكنه الجمع بينهما .
المسالة الثانية عشرة :قوله فهل تجد إطعام ستين مسكيناً يدل على وجوب إطعام هذا العدد وهل يجب
العدد أو يجب طعام ستين مسكيناً وقد ذهبت الحنفية إلى إطعام الستين مسكيناً مؤول بأن المراد
إطعام طعام ستين مسكيناً وكأن الحنفية رجعوا في ذلك إلى أمر معقول وهو أنه قد يتعذر وجود ستين
مسكيناً فأدى ذلك إلى أن الواجب هو الكمية المقدرة وليس عدد المساكين .
قلت : وأنا أقول أن قول الحنفية هنا وجيه لا لقياسهم العقلي ولكن لأن النبي ﷺ أعطى ذلك المستفتي
جميع الكفارة وعدد أهل بيته في أغلب الأحوال لا يزيدون على العشرة ولم يستفصل عن عددهم فدل
على أن الواجب هو الكمية لا عدد المساكين علماً بأن تلك الكمية التي هي خمسة عشر صاعاً لو صرفت
إلى عشرة كفتهم ستة أيام أو إلى خمسة كفتهم اثني عشر يوماً وهكذا فدل على أن المقصود الكمية التي
تكفي لإطعام هذا العدد وليس العدد
المسالة الثالثة عشرة :عندما أجاز النبي ﷺ لذلك الرجل أن يطعم أهله بطعام الكفارة هل كان ذلك
منه إلغاء للكفارة عن ذلك الرجل أو أنها باقية في ذمته لذلك قال ابن دقيق العيد قوله عليه السلام أطعمه
أهلك تباينت المذاهب فيه فمن قائل يقول هو دليل على إسقاط الكفارة عنه بسبب الإعسار المقارن كما
تسقط صدقة الفطر بالإعسار المقارن لاستهلال الهلال قال وهذا قول الشافعي ومن قائل يقول لا
تسقط الكفارة بالإعسار المقارن وهو مالك والصحيح مذهب الشافعي أهـ .
وعلى هذا فهل تبقى في ذمته أو تسقط عنه بالكلية قولان والذي يظهر لي أن القول بسقوطها بالكلية هو
الحق لأنها لو بقيت في ذمته لبين له النبي ﷺ ذلك وتأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز
كما قالوا فدل على أنها تسقط عنه .
المسألة الرابعة عشرة :هل يجوز للمكفر أن يأكل كفارته إذا كان حاله كحال ذلك الرجل وقد إدعى قوم
خصوصيتة بذلك الرجل وهذه الدعوى لا دليل عليها لعدم الدليل وادعى آخرون بأن ذلك منسوخ وهذا
القول أيضاً ضعيف لعدم ما يدل على النسخ فيتبين بأنه إذا كان المكفر هو أشد أهل تلك الحاضرة فقراً
كما قال ذلك الرجـل ( ما بين لابتيها أهل بيت أفقر من أهل بيتي) جاز له أكل كفارته .
المسألة الخامسة عشرة: أن المسلم إذا عجز عن الكفارة أو غيرها من الواجبات فإنها تلزم في بيت
مال المسلمين لقول النبي ﷺ (… أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم فمن توفى من المؤمنين فترك دينا
فعلى قضاؤه ومن ترك مالا فلورثته ) وفي رواية (… ومن ترك دينـاً أو ضياعاً فإلىّ وعلىّ )
المسألة السادسة عشرة : جمهور الأمة على وجوب القضاء على من أفسد صومه بالجماع وذهب بعضهم
إلى عدم وجوبه لسكوته عليه الصلاة والسلام وعدم إخباره لذلك المستفتي بأن عليه القضاء والخلاف في ذلك
جار بين أهل العلم وذهب بعضهم إلى أنه إن كفّر بالصيام أجزأه عن القضاء قال الصنعاني : أقول هذا الوجه
قاله الأوزاعي وقد روي أنه ذكر في حديث عمرو بن شعيب الذي أخرجه أحمد وفيه (وأمره أن يصوم
يوماً مكانه ) وفيه الحجاج بن أرطأة وفيه كلام معروف قال في الفتح وقد ورد الأمر بالقضاء في هذا الحديث
في رواية أبي أويس وعبد الجبار وهشام بن سعد كلهم عن الزهري نفسه بغير هذه الزيادة وحديث الليث عن
الزهري في الصحيحين بدونها . والكلام في هذا يتوقف على صحة الدليل فينظر .
المسألة السابعة العشرة : اختلفوا في وجوب الكفارة على المرأة إذا مكّنت طائعة فوطئها الزوج هل تجب
عليها الكفارة أم لا ؟ قال ابن دقيق العيد وللشافعي قولان أحدهما الوجوب وهو مذهب مالك وأبي حنيفة
وأصح الروايتين عند أصحاب أحمد والثاني عدم الوجوب عليها واختصاص الزوج بلزوم الكفارة وهو المنصور
عند أصحاب الشافعي من قوليه . قلت : القول بعدم الوجوب على المرأة هو الأقرب لأن هذه العملية وهي
عملية الجماع أمر مشترك بين الرجل والمرأة والمتعة حاصلة لهما إلا أن الشرع جعل الزوج مسؤولاً عن كل
ما يتعلق بذلك فأوجب عليه المهر والنفقة والكسوة والمسكن وما إلى ذلك وهذا فيما يظهر لي أنه يلتحق
بتلك الواجبات إلا أن تكون المرأة هي المتسببة في الجماع فحينئذ تلحقها الكفارة والذي يدل عليه عدم
سؤال النبي ﷺ لذلك المستفتي هل طاوعته امرأته أم لا .
المسألة الثامنة عشرة : إيجاب التتابع في الصيام أي صيام الشهرين وللفقهاء كلام فيما إذا انتقض التتابع بأمر
قهري هل ينتقض التتابع بذلك ؟ أما الاختياري فمجمع عليه أنه ينقض التتابع ويجب عليه العود من جديد
والظاهر أن القول الصحيح انه ما كان قهرياً كمرض شديد أو جاء العيد ووجب عليه الفطر فيه أن ذلك
لا ينقض التتابع . وبــالله الـتــوفيق .
المسألة التاسعة عشرة : إذا تكرر الجماع في أيام متعددة قبل التكفير فهل يكفي في ذلك كفارة واحدة
أو تجب الكفارة بعدد الأيام ؟ والقول الصحيح أنها تجب بعدد الأيام لأن كل يوم له حرمة مستقلة أما إذا
تعدد الجماع في يوم واحد عدة مرات فلا تلزم فيه إلا كفارة واحدة .وبالله التوفيق
--------
التصفية والتربية
TarbiaTasfia@
تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ
تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ
تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ]
[ المجلد الثالث ]
رابط تحميل الكتاب :
http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf
ام عادل السلفية
19-05-2015, 05:22PM
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام
للعلامة : احمد النجمي
-رحمه الله -
باب الصوم في السفر
من رحمة الله عز وجل بعباده أنه أذن لهم بالفطر في المرض والسفر وقال جل من قائل(أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ
كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ) [البقرة 184 ] أي فصيام عدة من أيام أخر غير
رمضان وهذا يدل على سماحة الإسلام ويسره
قال تعالى(وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ) [الحج : 78 ]
وقال تعالى(فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا
اسْـتَطَعْتُمْ) [التغابن : 16]وعلى هذا فإن الفطر في السفر رخصة من الله لعباده ينبغي لهم أن يتمتعوا
بها وقد اختلف أهل العلم في حكم الفطر هل هو واجب أو مستحب وفي حكم الصيام هل هو صحيح
أو غير صحيح وسيأتي ذلك في مواضعه مبيناً إن شاء الله .
[184] الحديث الأول :
عن عائشة رضي الله عنها أن حمزة بن عمرو الأسلمي قال للنبي _ : أصوم في السفر؟- وكان كثير الصيام-
فقال : (( إن شئت فصم وإن شئت فأفطر)).
موضوع الحديث :
الصوم في السفر
المفردات :
أأصوم في السفر :الهمزة الأولى للاستفهام الطلبي .
قوله وكان كثير الصيام : جملة اعتراضية .
قوله إن شئت فصم وإن شئت فافطر : شرط وجوابه يستفاد منهما التخيير .
المعنى الإجمالي :
سأل حمزة بن عمرو الأسلمي رسول الله _ عن الصيام في السفر فخيره بين الصيام والفطر
فقه الحديث :
قال ابن دقيق العيد في الحديث دليل على التخيير بين الصوم والفطر في السفر وليس فيه تصريح بأنه
صوم رمضان ونقل الصنعاني في العدة عن الحافظ ابن حجر أنه قال بعد كلام الشارح وهو كما قال
بالنسبة إلى سياق حديث الباب لكن في رواية مراوح التي ذكرها مسلم عَنْ حَمْزَةَ بْنِ عَمْرٍو الأَسْلَمِيِّ رَضِي
اللَّه عَنْه أَنَّهُ قَالَ : ( يَا رَسُولَ اللَّهِ أَجِدُ بِي قُوَّةً عَلَى الصِّيَامِ فِي السَّفَرِ فَهَلْ عَلَيَّ جُنَاحٌ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ
_ هِيَ رُخْصَةٌ مِنَ اللَّهِ فَمَنْ أَخَذَ بِهَا فَحَسَنٌ وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يَصُومَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ )
وهذا يشعر بأنه سأل عن صيام الفريضة وذلك أن الرخصة إنما تطلق في مقابل ما هو واجب وأصرح من ذلك
ما أخرجه أبو داود والحاكم من طريق مُحَمَّدِ بْنِ حَمْزَةَ الْأَسْلَمِيَّ يَذْكُرُ أَنَّ أَبَاهُ أَخْبَرَهُ عَنْ جَدِّهِ قَالَ قُلْتُ
يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي صَاحِبُ ظَهْرٍ أُعَالِجُهُ أُسَافِرُ عَلَيْهِ وَأَكْرِيهِ وَإِنَّهُ رُبَّمَا صَادَفَنِي هَذَا الشَّهْرُ يَعْنِي رَمَضَانَ وَأَنَا
أَجِدُ الْقُوَّةَ وَأَنَا شَابٌّ وَأَجِدُ بِأَنْ أَصُومَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَهْوَنَ عَلَيَّ مِنْ أَنْ أُؤَخِّرَهُ فَيَكُونُ دَيْنًا أَفَأَصُومُ يَا رَسُولَ
اللَّهِ أَعْظَمُ لأَجْرِي أَوْ أُفْطِرُ قَالَ أَيُّ ذَلِكَ شِئْتَ يَا حَمْزَةُ ) أهـ .
قلت : ومن هذا يتبين أن الصوم في السفر رخصة من الله فمن أخذ بالرخصة أصاب ومن صام جاز له ذلك
واعتبر صيامه مؤدياً للواجب عليه وبالله التوفيق .
--------
التصفية والتربية
TarbiaTasfia@
تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ
تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ
تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ]
[ المجلد الثالث ]
رابط تحميل الكتاب :
http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf
ام عادل السلفية
20-05-2015, 07:18PM
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام
للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -
[185] الحديث الثاني :
عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : كنا نسافر مع النبي ﷺ فلم يعب الصائم على المفطر
ولا المفطر على الصائم .
موضوع الحديث:
حكم الصوم في السفر
المفردات
قوله كنا نسافر : هذه الجملة تدل على الاستمرار على ذلك وكثرة وقوعه .
قوله مع النبي ﷺ :
بيان لما قد يتوهم أن رسول الله ﷺ لم يعلم ذلك أو لم يكن في زمنه .
قوله فلم يعب الصائم على المفطر ولا المفطر على الصائم: لم نافية للفعل يعب أي لم يعب هذا
على هذا ولا هذا على ذاك.
المعنى الإجمالي
يخبر أنس بن مالك رضي الله عنه أنهم كانوا يسافرون مع النبي ﷺ في رمضان فمنهم من يصوم
في حال سفره ومنهم من يفطر ولم يعب أحد منهم على أحد أي ولا عاب ذلك رسول الله ﷺ.
فقه الحديث :
يؤخذ من هذا الحديث دليل على جواز صوم رمضان في السفر قال ابن دقيق العيد من حيث أنه
جعل الصوم في السفر بعرض كونه يعاب على عدمه أي بجانب كونه يعاب على عدمه .
قال الصنعاني أقول يشير بالجواز إلى خلاف بين الصحابة فقال جماعة لا يجوز وإن صام رمضان
في السفر قضاه في الحضر فعن محرز بن أبي هريرة قال صمت رمضان في السفر فامرني أبو هريرة
أن أعيد في أهلي وعن عمرو بن دينار قال سمعت رجلاً من بني تميم يحدث عن أبيه أنه صام رمضان في
السفر فأمره عمر أن يقضيه قال وعن مولى بني هاشم عن ابن عباس من صام رمضان في السفر لا يجزيه
رواه أبو إسحاق الشالنجي ذكره ابن تيمية في شرح العمدة كتاب فقه الحنابلة.
قلت : ما ذكر عن بعض الصحابة إن صح عنهم فهو اجتهاد منهم يعارضه الصحيح الصريح من قول
النبي ﷺ وإذنه وتقريره وهذا هو الأرجح إن شاء الله تعالى .
ويؤخذ منه أنه إذا جاز ذلك في رمضان جاز في غير رمضان من صيام النافلة وبالله التوفيق .
--------
تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ
تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ
تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ]
[ المجلد الثالث ]
رابط تحميل الكتاب :
http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf
ام عادل السلفية
21-05-2015, 10:05PM
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام
للعلامة : احمد النجمي
-رحمه الله-
[186] الحديث الثالث:
عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال خرجنا مع رسول الله ﷺ في شهر رمضان في حر شديد حتى
إن كان أحدنا ليضع يده على رأسه من شدة الحر وما فينا صائم إلا رسول الله ﷺ وعبدالله بن رواحة .
موضوع الحديث :
الصوم في السفر أي صوم رمضان في السفر
المفردات :
قوله في شهر رمضان هذه الجملة أو شبه الجملة بيان أن ذلك وقع في رمضان حتى لا يتوهم خلاف ذلك
قوله في حر شديد :أي في زمن حر شديد وجملة حتى إن كان أحدنا ليضع يده على رأسه من شدة الحر
حتى للغاية وفيها إيذان بشدة الحر كثيراً
قوله وما فينا صائم وما هنا نافية بمعنى ليس أي ليس فينا أحد صائم إلا رسول الله ﷺ وعبدالله بن رواحة.
المعنى الإجمالي :
يخبر أبو الدرداء رضي الله عنه أنهم خرجوا في سفر في شهر رمضان وكان ذلك في حر شديد حتى إنه
من شدة الحر ليضع الرجل يده على رأسه ليقي رأسه بيده من شدة الحر وما فيهم صائم إلا رسول الله
ﷺ وعبدالله بن رواحة .
فقه الحديث :
يؤخذ من الحديث جواز صوم رمضان في السفر وفي هذا الحديث أن النبي ﷺ صام في رمضان في
السفر فاجتمع منه فعل الصوم كما في هذا الحديث وإجازته له كما في حديث حمزة الأسلمي حيث قال
إن شئت فصم وتقريره عليه كما في حديث أنس فلم يعب الصائم على المفطر ولا المفطر على الصائم
فتبين من هذا أن الصوم جائز ولكن تقييده بالقدرة وعدم المشقة هذا هو الأولى للحديث الآتي (..َ لَيْسَ
مِنَ الْبِرِّ الصَّوْمُ فِي السَّفَرِ )
وقد ذهب إلى جواز الصيام في السفر الجمهور وخالف في ذلك الظاهرية كما خالفوا في الإتمام وقالوا أن
من صلى تماماً في السفر بطلت صلاته وهنا قالوا بأن صيام رمضان في السفر لا يصح وخالفهم عامة أهل
العلم والقول بالجواز مقيداً بالقدرة وعدم المشقة هذا هو الحق إن شاء الله إلا أن الفطر أفضل كما أن القصر
أفضل أخذاً برخصة الله عز وجل
وفي حديث يعلى بن أمية (.. صدقة تصدق الله بها عليكم فاقبلوا صدقته ..) وبالله التوفيق .
ملحوظة :
اختلف في رمضان المذكور في هذا الحديث إذ أنه لم يعرف أن النبي ﷺ سافر في رمضان إلا مرتين مرة
في غزوة بدر ومرة في غزوة الفتح وذكر عبد الله بن رواحة في هذا الحديث يعينها لغزوة بدر ذلك لأن غزوة
الفتح كانت بعد استشهاد عبدالله بن رواحة حيث قتل في غزوة مؤته وهي قبل الفتح اتفاقا وبالله التوفيق .
--------
تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ
تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ
تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ]
[ المجلد الثالث ]
رابط تحميل الكتاب :
http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf
ام عادل السلفية
22-05-2015, 02:04PM
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام
للعلامة : احمد النجمي
-رحمه الله-
[187] الحديث الرابع:
عن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما قال : كان رسول الله ﷺ. في سفر فرأى زحاماً ورجلاً قد ظلل
عليه فقال : ما هذا ؟ قالوا : صائم قال : (( ليس من البر الصوم في السفر)).
وفي لفظ لمسلم : ((عليكم برخصة الله التي رخص لكم )).
موضوع الحديث :
حكم الصوم في السفر
المفردات :
فرأى زحاماً :أي أناساً قد اجتمعوا في مكان فتزاحموا فيه .
قوله ورجلاً قد ظلل عليه : أي جعل عليه شيئاً من الظل بثوب أو نحوه لفرط المشقة عليه من حرارة الشمس
وكثرة العطش
فقال : الضمير يعود إلى رسول الله _ ما هذا استفهام عن الزحام الذي حصل قالوا صائم :أي صائم شق عليه
الصيام فسقط
قال ليس من البر الصيام في السفر وفي لفظ لمسلم عليكم برخصة الله التي رخص لكم أي الفطر في السفر
المعنى الإجمالي :
يروي جابر بن عبدالله أنهم كانوا في سفر فرأى النبي ﷺ زحاماً ورجلاً قد ظلل عليه فسأل عنه فأخبر
بأنه صائم قد سقط من شدة الصيام عليه فقال رسول الله ﷺ ليس من البر الصيام في السفر وأنه قال
عليكم برخصة الله التي رخص لكم أي فخذوها واغتنموها .
فقه الحديث :
يؤخذ من هذا الحديث
أولاً : جواز الصيام في السفر لإقرار النبي ﷺ عليه
ثانياً: يؤخذ منه أن الصيام في السفر يكون له حكم الكراهة إذا شق على صاحبه مشقة لا تبلغ به إلى
حد الخطر ويشعر بهذا قوله ليس من البر الصيام في السفر .
ثالثاً : يؤخذ من هذا الحديث بطريقة المفهوم أنه إذا بلغت المشقة بالصائم في السفر حد الخطورة فانه يحرم عليه
الاستمرار في الصوم ويجب عليه وجوباً أن يفطر .
رابعاً :يؤخذ من قوله عليكم برخصة الله التي رخص لكم أن الفطر في السفر يستحب لأن كلمة عليكم
إغراء بالرخصة وإن الأخذ بها واغتنامها أفضل من الصوم فهي تيسير من الله ورحمة بعباده وأن الأخذ برخص الله
التي شرعها أفضل من الأخذ بالعزيمة لأن من أخذ بالعزيمة وترك الرخصة كأنه قد ردّ يسر الله ورحمته وقال
لا حاجة لي فيه وفي ذلك ما فيه وقد قال تعالى (هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ
أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ ) [الحج : 78 ] أما تعريف الرخصة فقد عرفت أنها ما أبيح للعذر مع بقاء الحكم فمثلاً
الفطر في السفر رخصة والصيام عزيمة فالعزيمة باقية وهو وجوب الصوم على من لم يكن مسافراً وأبيح الفطر للمسافر
رحمة من الله بعباده وتيسيراً عليهم وبالله التوفيق .
--------
تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ
تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ
تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ]
[ المجلد الثالث ]
رابط تحميل الكتاب :
http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf
ام عادل السلفية
23-05-2015, 09:34PM
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام
للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -
[188] الحديث الخامس :
عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : كنا مع النبي ﷺ في السفر فمنا الصائم ومنا المفطر قال :
فنزلنا منزلاً في يوم حار وأكثرنا ظلا صاحب الكساء ومنا من يتقي الشمس بيده قال : فسقط الصّوّام وقام
المفطرون فضربوا الأبنية وسقوا الركاب فقال رسول الله صلى : (( ذهب المفطرون اليوم بالأجر )) .
موضوع الحديث :
الصيام في السفر
المفردات :
قوله وأكثرنا ظلاً صاحب الكساء : المراد بالكساء هنا الثياب وما في معناها من البسط وغيرها التي يستظل
بها عند الحاجة وتتخذ فراشاً في الليل
قوله ومنا من يتقي الشمس بيده : أي يجعل يده على رأسه لعدم وجود الثياب معه
فسقط الصّوام : السقوط عبارة عن عدم الاستطاعة لمزاولة أعمالهم
قوله وقام المفطرون وضربوا الأبنية :
الأبنية هي ما يجعله المسافر خباء ليتقي به حرارة الشمس وسقوا الركاب أي الإبل وما في معناها فقال رسول الله
_ ( ذهب المفطرون اليوم بالأجر ) أي حازوه اكثر من الصوام بقيامهم بخدمة الصوام
المعنى الإجمالي :
شرع الله الرخص في الأحكام التي يترتب عليها مشقة رحمة بعباده فمن أخذ بهذه الرخص حاز الفضيلة لأنه
أخذ بالأحكام الشرعية كل حكم في موضعه ولما كان أصحاب رسول الله _ يصاحبونه في السفر وشدة
رغبتهم في العبادة تحملهم على الصوم فيه وقد يؤدي بهم ذلك إلى المشقة فبين لهم النبي ﷺ. بأن
المفطرين الذين يقومون بخدمة الصوام يحوزون الأجر أكثر وهذا فيه الحث على الأخذ بالرخص .
فقه الحديث :
أولاً : تقدم في الحديث قبله أن الصوم في السفر له أحكام فإن كان شاقاً على صاحبه مشقة تمنعه عن
مزاولة أعماله بالكلية ولا تعرضه للخطورة فهو جائز مع الكراهة أما إن بلغت المشقة بالصائم في السفر إلى
حد الخطورة على نفسه فانه يجب عليه حينئذ أن يفطر وإلا فإنه يعد قد قتل نفسه ويبقى معنا فيما إذا كان
الصيام غير شاق على المسافر كالمسافر في الطائرة أو السيارة مع وجود المكيف فهذا يكون الحكم
فيه بالأفضلية هل الأفضل الصوم أو الفطر فإن كان يشق عليه التأخير أكثر من مشقة الصيام استوى الصوم
والفطر وإن كان لا يشق عليه التأخير كان الفطر أفضل أخذا بالرخص
ثانياً :يؤخذ من هذا الحديث أن خدمة النفس أفضل من العبادات التطوعية لقوله ذهب المفطرون اليوم بالأجر
لا سيما والخدمة في السفر لها قيمة عظيمة وقد كان بعض أصحاب رسول الله ﷺ وأظنه أبو أيوب
الأنصاري كان إذا صحب رفقة في السفر شرط عليهم أن يخدمهم وقد جاء في الحديث ( سيد القوم خادمهم )
ثالثاً :يؤخذ من هذا الحديث ما كان عليه أصحاب النبي ﷺ. من الفقر والحاجة والتقلل من الدنيا
وحب العبادة . وبالله التوفيق.
ملحوظة :
باعتبار أنّا قد تعرضنا لحكم الصوم في السفر وبينا أحكامه فانه يبقى معنا موضوع واحد وهو متى يجب
الفطر على الصائم في السفر ؟ والجواب يجب عليه الفطر في حالتين أما إحداهما فهي عند تعرضه
للخطورة كما قد مضى وأما الحالة الثانية فإنه يجب على من سافر للجهاد يجب عليه أن يفطر إذا دنا لقاء
العدو وقد صح عن النبي ﷺ كما في حديث جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِي اللَّه عَنْهمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ
خَرَجَ عَامَ الْفَتْحِ إِلَى مَكَّةَ فِي رَمَضَانَ فَصَامَ حَتَّى بَلَغَ كُرَاعَ الْغَمِيمِ فَصَامَ النَّاسُ ثُمَّ دَعَا بِقَدَحٍ مِنْ مَاءٍ فَرَفَعَهُ
حَتَّى نَظَرَ النَّاسُ إِلَيْهِ ثُمَّ شَرِبَ فَقِيلَ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ إِنَّ بَعْضَ النَّاسِ قَدْ صَامَ فَقَالَ أُولَئِكَ الْعُصَاةُ أُولَئِكَ الْعُصَاةُ )
فهذه هي الحالة الثانية.
--------
تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ
تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ
تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ]
[ المجلد الثالث ]
رابط تحميل الكتاب :
http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf
ام عادل السلفية
24-05-2015, 09:34PM
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام
للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -
[189] الحديث السادس:
عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان يكون علىّ الصوم من رمضان فما أستطيع أن أقضي إلا في شعبان .
موضوع الحديث :
قضاء الفائت من رمضان وأن وقته موسع
المفردات :
قولها يكون علىّ الصوم من رمضان : أي ديناً لما يفوت بعذر الحيض
قولها فما أستطيع : ما نافية
وأن وما دخلت عليه في تأويل مصدر مفعول لم أستطع أي فما أستطيع قضائه إلا في شعبان.
إلا : استثنائية
المعنى الإجمالي :
تخبر عائشة رضي الله عنها أنه يكون عليها الصوم أي قضائه فما تستطيع القضاء إلا في شعبان من أجل
اشتغالها بالنبي ﷺ.
فقه الحديث :
يؤخذ من هذا الحديث مسائل
أولاً : أن القضاء وقته موسع لأن النبي ﷺ كان يعلم تأخير عائشة فيقرها عليه وذلك دليل على أن القضاء
لا يتضايق وقته إلا إذا قرب رمضان
ثانياً :يؤخذ منه أن ما كان موسعاً قبل شعبان فانه يكون مضيقاً فيه وبالأخص إذا لم يبق من شعبان إلا قدر
عدة الفائت
ثالثاً :إذا أخر المكلف إلى أن يدخل رمضان آخر بدون عذر ومع وجود الاستطاعة فانه في هذه الحالة
يأثم وهل عليه إطعام إذا قضى بعد رمضان الثاني هذا محل خلاف بين أهل العلم فمنهم من أوجب الإطعام
أخذاً بفتاوى لبعض الصحابة في الموضوع ومنهم من قال لا يصح فيه شئ ولا يلزم المكلف شئ في ذلك .
قلت : أن التهاون والتفريط مع وجود الاستطاعة حتى يدخل رمضان آخر يكون موجباً فيما نظن ولعل الذين
أفتوا بالإطعام نظروا من هذا الناحية ليكون هذا الإطعام ساداً للنقص الذي حصل بالتأخير والله تعالى أعلم
رابعاً : يؤخذ من الحديث أن المرأة يجب عليها أن تستأذن زوجها في القضاء إذا كان وقته ما زال موسعاً نظراً
إلى أن عائشة كانت تؤخر الصوم من أجل الشغل برسول الله ﷺ وبالله التوفيق .
--------
تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ
تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ
تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ]
[ المجلد الثالث ]
رابط تحميل الكتاب :
http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf
ام عادل السلفية
25-05-2015, 07:43PM
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام
للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -
[190] الحديث السابع :
عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله ﷺ قال : (( من مات وعليه صيام صام عنه وليه )).
وأخرجه أبو داود وقال هذا في النذر وهو قول أحمد بن حنبل رحمه الله
موضوع الحديث :
النيابة في الصوم
المفردات :
من مات : من: من أدوات العموم .
قوله وعليه صيام :أي صيام واجب
صام عنه وليه: أي قضى عنه ثم ذكر مؤلف العمدة أنه أخرجه أبو داود وقال هذا في النذر
وهو قول أحمد بن حنبل
المعنى الإجمالي :
تخبر عائشة رضي الله عنها أن النبي ﷺ. أمر أن يصوم الولي عن الذي عليه شئ من رمضان أو
كفارة أو نذر لأنه يعمه الواجب
فقه الحديث :
يؤخذ من هذا الحديث أن من مات وعليه صوم واجب لزم وليه أن يصوم عنه قال الحافظ وإلى ذلك
ذهب أصحاب الحديث وعلق الشافعي القول في القديم على صحة الحديث كما نقله البيهقي عنه في
المعرفة وهو قول أبي ثور وجماعة من محدثي الشافعية وقال البيهقي في الخلافيات هذه المسالة ثابتة
ولا أعلم بين أهل الحديث خلافاً في صحتها فوجب العمل بها .
قلت : وإذا كان الحديث قد ثبت فليس هناك عذر لأحد من المسلمين عن الأخذ به وقد ذهب الجمهور
إلى أن الواجب الإطعام وعللوا ذلك بأن الصوم عبادة بدنية فلا تدخلها النيابة كالصلاة وذهب الإمام أحمد
بن حنبل إلى تخصيص الحديث بالنذر دون غيره وهو يوافق سائر الفقهاء في الإطعام عما فات من رمضان
إلا أن الحديث عام في هذه المسألة فيدخل فيه كل صوم واجب لإشعار كلمة عليه بالوجوب فيدخل
في ذلك الفائت من رمضان والكفارة والنذر وهذا القول هو الذي ينبغي الأخذ به فإن تعذر صوم الولي رُجِعَ إلى
الإطعام وللفقهاء في هذه المسالة كلام كثير وأخذ ورد والصحيح في نظري هو ما دونته هاهنا أما قول الفقهاء
بأن الصوم عبادة بدنية فلا تدخلها النيابة فهذا كان ينبغي أن يقال لو أن القائل لهذا القول هو من ليس
بمعصوم أما إذا كان قائل هذا هو المشرع فكيف نتجرأ أن نقول أن الصوم عبادة بدنية إلا أن يكون هذا سوء
أدب مع رسول الله ﷺ ولا شك أنه كذلك فليس لأحد مع قوله قول ولا مع سنته رأي . وبالله التوفيق
ملحوظة:
أولاً: الولي المذكور في الحديث هو الوارث على القول الأصح أي من يباشر الإرث من الميت لأنه هو
المقدم في الميراث فكذلك يقدم في الالتزام وأداء ما وجب على المورث فإن وجد ابن أو أخ والابن بالغ عاقل
ليس عنده ما يمنع من قيامه بالأداء أدى عن وليه وهكذا يقال عند تزاحم الأولياء يقدم المباشر للإرث
فإن كان المباشر للإرث جماعة وتشاحوا أقرع بينهم أو وزع الصوم عليهم إذا كان كثيراً فإن وزع عليهم الصوم
لزم أن يصوم كل واحد منهم تلو الآخر لأن القضاء يحكي الأداء أي كما أنه لا يمكن لو كان حياً أن يصوم
يومين فكذلك لا يمكن أن يصوم يعني في يوم عن الولي الهالك في يوم واحد اثنان فأكثر
ثانياً : الصوم الذي يجب قضاءه هو الذي يفوت بالمرض ثم يصح هذا المريض بعد رمضان فلا يقضيه حتى
يموت أما إن استمر به المرض في رمضان وبعد رمضان ولم يقلع عنه حتى مات ففي هذه الحالة لا يلزم
على الولي قضاء . وبالله التوفيق.
--------
تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ
تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ
تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ]
[ المجلد الثالث ]
رابط تحميل الكتاب :
http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf
ام عادل السلفية
27-05-2015, 03:06AM
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام
للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -
[191] الحديث الثامن:
عن عبدالله بن عباس رضي الله عنهما قال : جاء رجل إلى النبي ﷺ فقال : يا رسول الله إن أمي ماتت وعليها
صوم شهر أفأقضيه عنـها ؟ قال : لو كان على أمك دين أكنت قاضيه عنها ؟ قال : نعم قال: ((فدين الله
أحق أن يقضى )).
وفي رواية جاءت امرأة إلى رسول الله ﷺ فقالت : يا رسول الله إن أمي ماتت وعليها صوم نذر أفأصوم عنها ؟
فقال : (( أرأيت لو كان على أمك دين فقضيتيه أكان ذلك يؤدي عنها ))؟ فقالت : نعم قال : (( فصومي عن أمك )).
موضوع الحديث :
قضاء الصوم الواجب عن الميت
المفردات :
قوله إن أمي ماتت وعليها صوم شهر :الجملة في قوله وعليها صوم شهر حالية لأن الواو واو الحال فكأنه قال
والحال أنها عليها صوم شهر .
قوله أفأقضيه عنها الهمزة هنا للاستفهام الطلبي فقال النبي ﷺ لو كان على أمك دين أكنت قاضيه عنها
قال نعم قال فدين الله أحق أن يقضى وفي رواية المرأة أن الميتة عليها صوم نذر قالت إن أمي ماتت وعليها
صوم نذر أفاصوم عنها والاستفهام هنا كذلك طلبي فقال أرأيت لو كان على أمك دين أكنت قاضيته أو فقضيتيه
أكان ذلك يؤدي عنها فقالت نعم قال فصومي عن أمك .
المعنى الإجمالي
هو أن النبي ﷺ سئل من قبل رجل أو امرأة أن أم السائل ماتت وعليها صوم شهر وفي الرواية الأخرى
نذر فقال النبي ﷺ أرأيت لو كان على أمك دين فقضيتيه يؤدي ذلك عنها وكانت النتيجة أنه أمر السائل بقضاء
ما وجب على أمه قياساً لحق الله على حق الآدمي .
فقه الحديث :
يؤخذ من هذا الحديث
أولاً :أنه يجب على ولي الميت الذي مات وعليه صوم لله رب العالمين أنه يلزم الولي
قضاءه كما يلزمه قضاء الدين الذي وجب للمخلوقين .
ثانياً: اختلف أهل العلم في هذا هل يلزم الولي قضاء الصوم أو يلزمه الإطعام فذهب الجمهور إلى أنه لا يلزم
الولي القضاء ولكن يجب عليه أن يطعم عن كل يوم مسكيناً كما هو المعلوم في حق الشيخ الكبير والعجوز
الكبيرة اللذان لا يستطيعان الصوم أنه يطعم عنهما فكذلك يطعم عن الميت وذهب الإمام أحمد إلى تقييد ذلك
بالنذر وأنه يلزم الولي القضاء إذا كان الصوم نذراً ولا يلزمه إذا كان قضاء للفريضة أو كان كفارة أما الشافعي
فقد علق القول بالحديث على صحته ولما صح أخذ به أصحابه وقالوا أنه يلزم الولي قضاء كل صوم واجب
واستدل على ذلك بأن ترك الإستفصال في قضايا الأحوال مع وجود الاحتمال ينزل منزلة العموم في المقال وهذا
القول هو الصحيح في نظري لأن التقييد بالنذر لا يلزم منه منع غيره وكون النبي _ قد قال للسائل أرأيت لو
كان على أمك دين فقضيته أكان يؤدي عنها قال نعم قال فدين الله أحق أن يقضى ولم يستفصل هل كان ذلك
الصوم من رمضان أو كان نذراً أو كان كفارة فعدم استفصاله ﷺ عن نوعية الوجوب مع استدلاله بأن دين
المخلوقين إذا قضاه الولي يقضي وأن النتيجة أنه أمر السائل بالقضاء من غير أن يسأله عن نوعية الوجوب
فدل على أنه يلزم الولي قضاء كل صوم واجب لأن الشارع لم يستفصل هل كان نذراً أو غير نذر وهل كان ذلك
الواجب من رمضان أو كان كفارة وهذا معنى قوله في هذه القاعدة أن عدم الاستفصال في قضايا الأحوال
مع وجود الاحتمال ينزل منزلة العموم في المقال ومثل ذلك عدم استفصاله ﷺ للسائل الذي وقع على امرأته
في رمضان هل هي كانت مطاوعة أم لا إذ لو سأل لكان في ذلك دليل على أن الكفارة للصوم تلزم المرأة إذا
كانت مطاوعة أما كونه لم يسال هذا السؤال فانه يدل على التعميم في هذا الحكم وأن الكفارة واقعة عن الاثنين
لأن العملية لا تتم إلا بالاشتراك بينهما وكانت النتيجة أن ما كان كذلك من القضايا ينزل منه عدم الاستفصال
منزلة العموم ولهذا يتضح على أن قول الشافعي رحمه الله أو بالأحرى قول الشافعية وهو العمل بهذا الحديث
وأن من مات وعليه صيام يقضي عنه وليه سواء كان الصوم من رمضان أو كفارة أو نذر وبالله التوفيق.
--------
تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ
تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ
تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ]
[ المجلد الثالث ]
رابط تحميل الكتاب :
http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf
ام عادل السلفية
28-05-2015, 01:57AM
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام
للعلامة : احمد النجمي
-رحمه الله -
[192] الحديث التاسع :
عن سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ قال : (( لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر)) .
موضوع الحديث :
أفضلية تعجيل الفطر
المفردات :
لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر: الخيرية هنا متعلقة بتعجيل الفطر أي ما داموا متصفين بتعجيل الفطر
المعنى الإجمالي :
يخبر النبي ﷺ في هذا الحديث أن المحافظة على هذه السنة وهي تعجيل الفطر بعد تيقن الغروب هي السبب
في خيرية من فعل ذلك من هذه الأمة وهو تمسكهم بالسنة التي ترك النبي ﷺ عليها أمته وأمرهم
بالمحافظة عليها .
فقه الحديث :
أولاً : يؤخذ منه أفضلية تعجيل الفطر على تأخيره .
ثانياً :يؤخذ منه أن تأخير الفطر سواء كان التأخير إلى أن يظهر النجم أو إلى السحر أنه خلاف الأفضل إلا إذا
كان التأخير بنية المواصلة المأذون فيها .
ثالثاً :فيه رد على الشيعة في قولهم بأن الفطر ينبغي أن يؤخر إلى أن تظهر النجوم .
رابعاً :يؤخذ منه أن المواصلة إلى السحر التي قال فيها النبي ﷺ ( فمن كان منكم مواصلاً فليواصل
إلى السحر) أنها خلاف الأفضل وأن الأفضل للمسلم الفطر عند الغروب والتسحر في وقت السحر ليبقى
الإنسان محتفظاً بقوته الجسمية والعقلية لكي يؤدي دوره في هذه الحياة ويكون نشيطاً في أداء جميع
الوظائف المتعلقة به .
--------
التصفية والتربية
TarbiaTasfia@
تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ
تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ
تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ]
[ المجلد الثالث ]
رابط تحميل الكتاب :
http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf
ام عادل السلفية
28-05-2015, 09:08PM
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام
للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -
[193] الحديث العاشر :
عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : قال رسول ﷺ ((إذا أقبل الليل من هاهنا وأدبر النهار من هاهنا
[وغربت الشمس ] فقد أفطر الصائم )).
موضوع الحديث :
ما يكون الإنسان به مفطراً أو ما يجوز به الفطر
المفردات
إذا أقبل الليل من هاهنا :إذا حرف شرط غير جازم وجملة أقبل الليل من هاهنا فعل الشرط وأدبر النهار
معطوف عليه
قوله فقد أفطر الصائم أي قد حل له الفطر بدخول وقته أو قد أفطر حكماً وان لم يفطر شرعاً وهو
جواب الشرط .
المعنى الإجمالي
علق النبي ﷺ فطر الصائم على إقبال الليل وإدبار النهار وذلك يكون بمغيب الشمس أما لو وقعت الظلمة
لسبب يندر وقوعه فإنه لا يكون مفطراً بذلك
فقه الحديث :
أخذ من هذا الحديث أن الفطر للصائم يكون بإقبال الليل وإدبار النهار وغروب الشمس وذلك موافق لقوله تعالى
(.. ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ .. ) [البقرة : 187 ] وعلى هذا فإن رواية وغربت الشمس تكون مقيدة للإقبال
والإدبار بالغروب
فلو حصل ما يشبه الليل من الظلمة بتراكم سحاب أو وجود ريح أو ما أشبه ذلك ففي هذه
الحالة لا ينبغي للصائم الإفطار إلا بعد أن يتيقن الغروب وفي وقتنا الحاضر فقد منّ الله على الناس بالساعات
التي تضبط الوقت ويعرف بها حقيقة الأوقات وقد ذهب قوم إلى أن قوله وقد أفطر الصائم أنه يفطر حكماً ولو
لم يفطر فعلاً إلا أن هذا القول يضعف بأن النبي _ واصل ونهى عن الوصال فلما أبى أصحابه إلا أن يواصلوا
واصل بهم يومين كالمنكل بهم ثم رأوا الهلال فلو كان من غربت عليه الشمس أفطر حكماً لما كان للوصال معنى
ومن هذا يتبين ضعف هذا القول لذلك فقد ذهب الجمهور إلى أن الفطر لا يكون إلا بالفعل ومثل ذلك
قول ابن عباس (أن من طاف بالبيت فقد حل) يعني أن من كان قارناً أو مفرداً وطاف بالبيت وسعى بين الصفا
والمروة فإنه يعتبر قد حل من إحرامه وإن لم يحل فعلاً وهذا خلاف ما جرى عليه الجمهور الذين يعتبرون الحل
بالحلق والتقصير بعد كمال الطواف والسعي فهذه المسألة شبيه بتلك ومذهب الجمهور في المسألتين هو الصحيح
إن شاء الله
لأن النبي ﷺ أمر من طاف وسعى ولم يسق الهدي بالتحلل فلو كان مجرد الطواف والسعي
لمن لم يسق الهدي حلاً لأخبرهم به النبي ﷺ وقد اتضح ضعف قول من قال أن غروب الشمس يكون
مُفَطِّراً للصائم ولو لم يفطر وبالله التوفيق
--------
تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ
تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ
تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ]
[ المجلد الثالث ]
رابط تحميل الكتاب :
http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf
ام عادل السلفية
30-05-2015, 06:09PM
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام
للعلامة : احمد النجمي
-رحمه الله -
[194] الحديث الحادي عشر:
عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال : نهى رسول الله ﷺ عن الوصال قالوا : إنك تواصل ؟ قال :
(( إني لست كهيئتكم إني أطعم وأسقى)).
ورواه أبو هريرة وعائشة وانس بن مالك .
ولمسلم عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه (( فأيكم أراد أن يواصل فليواصل إلى السحر )).
موضوع الحديث :
النهي عن الوصال
المفردات :
الوصال لغة : مأخوذ من الوصل وهو الوصل بين شيئين ولما كان الصوم مشروعاً بالنهار فإذا صام الليل
الذي يفصل بين اليومين مع صيام اليوم الثاني فقد واصل الصيام
قوله قالوا إنك تواصل : أي قال الصحابة لما نهاهم النبي ﷺ عن الوصال قالوا إنك تواصل قال إني لست
كهيئتكم إني أطعم وأسقى فاخبر النبي ﷺ. بالعلة الفارقة بينه وبينهم .
قوله فأيكم أراد أن يواصل فليواصل إلى السحر : هذا أمر من الشارع ﷺ أي إذا أراد أحد منكم الوصال
فله أن يواصل إلى السحر ولا يكون في ذلك عاصياً ولا داخلا في النهي .
المعنى الإجمالي :
نهى النبي ﷺ أصحابه عن الوصال رحمة بهم وإشفاقاً عليهم ولكن الصحابة لمحبتهم للفضل وحرصهم
على ما يقرب من الله رغبوا في الوصال تأسياً بالنبي ﷺ في كونه يواصل وقالوا إنك تواصل فأخبرهم بأنه له
مطعم يطعمه وساق يسقيه بما يعوضه عن الطعام والشراب ولكن من أراد منكم الوصال فله أن يواصل إلى السحر
فقه الحديث
يؤخذ من هذا النهي كراهة الوصال وقد اختلف أهل العلم في ذلك فنقل عن بعضهم التحريم ونقل عن بعضهم
الكراهة وفرق بعض أهل العلم بين من شق عليه ومن لم يشق عليه فجعلوه مع المشقة حراماً ومع عدم المشقة
مكروهاً ولعل هذا هو الأقرب ولما كان العبد مكلفاً بأوامر ونواهي يجب عليه أن يؤديها فإن الوصال يترتب عليه
ضعف الجسم عن أداء هذه الواجبات بل أن مواصلة الصوم يترتب عليه هذا الضعف الشديد الذي يمنعه أداء تلك
الواجبات أو الإخلال بها فلذلك كره .
ومما يدل على ذلك أن النبي ﷺ لما بلغه عن عبدالله بن عمرو أنه يقوم الليل ويصوم النهار ذهب إليه وسأله
عن صحة ما بلغه فقال نعم فقال له النبي ﷺ لا تفعل إنك إذا فعلت نفهت النفس وهجمت العين وإن
لزوجك عليك حقاً ولزورك عليك حقاً ولنفسك عليك حقاً فأعط كل ذي حق حقه ) ومعلوم أن الوصال أشد
من مواصلة الصوم مع الإفطار في الليل والأكل والشرب فيه وعلى هذا فإن نهي النبي ﷺ عن الوصال نهي
لهم عما يشق عليهم ويعنتهم فأداء الحقوق الزوجية وأداء الحقوق الأسرية وأداء الحقوق التي تلزم بالجوار وغيرها
كلها مترتبة على اكتمال القوة الجسمية والعقلية معاً فإذا أجهد الإنسان نفسه في جانب وكانت قوته محدودة
أخل بالجوانب الأخرى فكان الشارع حكيماً في نهيه وليس ببعيد عنا ما حصل لأبي الأسلت أو أبي أنس قيس بن
أبي صرمة حين كان من نام بعد المغرب حرم عليه الطعام وأنه لما رجع من مزرعته قال لامرأته هل عندك من
طعام قالت ألتمس فذهبت تعد له الطعام ورجعت وإذا به قد نام فقالت لك الخيبة حرم عليك فواصل صومه وفي
اليوم الثاني عند انتصاف النهار واشتداد الحر أغمي عليه وإذا كان الأمر كذلك فإن رحمة الله بنا خير مما
نريده لأنفسنا فإذا صام الإنسان إلى المغرب فإذا غربت الشمس أفطر فأكل وشرب أخذ قوته بتغذية جسمه
ثم أعاد الأكل والشرب عند السحر وحينئذ يكون قد تقوى بأخذ الزاد في هذه المحطات ويكون العبد قد أتى بهذه
العبادة وأدّى الواجبات الأخرى من غير إخلال بها ولا نقص فيها أما ما يروى عن عبدالله بن الزبير والإمام أحمد بن حنبل
أنهم واصلوا سبعة أيام أو ثمانية أو أكثر فهذه حالات نادرة بالنسبة لأناس قد يكون أن أجسامهم تتحمل ذلك
وأما الأنبياء فشأنهم في ذلك غير شأننا لأن لهم قوة على العبادة أكثر منا وأن الله يعينهم بما أعطاهم من كمال القوى
الجسمية والعقلية وعلى ذلك يحمل قوله إني أبيت عند ربي لي طاعم يطعمني وساق يسقيني فلو كان الطعام طعاما
عادياً أو شراباً عادياً لما كان للوصال معنى ولهذا قال النبي ﷺ (إني لست كهيئتكم إني أطعم وأسقى)
وفي رواية ( أبيت يطعمني ربي ويسقيني)ويذكر عن موسى عليه السلام أنه صام شهراً فلما قرب الميعاد تناول شيئاً
من حشائش الأرض حتى لا يناجي ربه ورائحة فمه كريهة فأمره ربه أن يعود وأن يواصل عشرة أيام ثم يأتي وقال
يا موسى أما تعلم أن رائحة فم الصائم عندي أطيب من المسك ، وإن كانت القصة اسرائيلية إلا أن الآية ربما تدل
عليها حيث يقول تعالى (وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً) [الأعراف : 142 ]
فهل يستطيع أحد من البشر أن يصوم ثلاثين يوماً مواصلة إلا أن يجعل الله فيه ما يعينه على ذلك بإعطائه قوة جسمية
وعقليه وإلى هذا أشار بقوله ﷺ إني أطعم وأسقى والذي يتلخص لنا من هذا أن الوصال مكروه وتزيد
الكراهة شدة في حق من لا يحتمل الوصال أو كان يشق عليه أكثر وأن الوصال إلى السحر جائز من غير
كراهة وإنما قلنا هذا مع وجود النهي لأن النبي _ واصل بأصحابه يومين بعد النهي فكان فعله صارفاً للنهي
من التحريم إلى الكراهة .
وبالله التوفيق .
--------
التصفية والتربية
TarbiaTasfia@
تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ
تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ
تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ]
[ المجلد الثالث ]
رابط تحميل الكتاب :
http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf
ام عادل السلفية
30-05-2015, 06:22PM
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام
للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -
باب أفضــل الصيـام وغيره
[195] الحديث الأول :
عن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: أخبر رسول الله ﷺ أني أقول :والله لأصومن النهار
ولأقومن الليل ما عشت فقال رسول الله ﷺ : (( أنت الذي قلت ذلك ؟ )) فقلت له: قد قلته بأبي أنت وأمي
قال : (( فانك لا تستطيع ذلك فصم وأفطر وقم ونم وصم من الشهر ثلاثة أيام فإن الحسنة بعشر أمثالها وذلك
مثل صيام الدهر)) قلت : إني لأطيق أفضل من
ذلك قال : (( فصم يوماً وأفطر يومين )) قلت : أطيق أفضل من ذلك قال : ((فصم يوماً وأفطر يوماً فذلك
مثل صيام داود وهو أفضل الصيام)) فقلت: إني أطيق أفضل من ذلك قال : ((لا أفضل من ذلك )).
وفي رواية قال : ((لا صوم فوق صوم أخي داود - شطر الدهر - صم يوماً وأفطر يوماً))
موضوع الحديث :
أفضل الصيام وهل الأفضل هو كثرة العمل أو إصابة السنة
المفردات :
قوله أخبر رسول الله صلى أني أقول ...الخ المخبر لرسول الله صلى هو أبو عبدالله وهو عمرو بن العاص رضي الله عنهما .
قوله والله لأصومن النهار ولأقومن الليل هذا قسم يؤكد به على نفسه صيام النهار وقيام الليل ما عاش فهذا يكون كالنذر .
قوله أنت الذي قلت ذلك : هذا خطاب من رسول الله صلى لعبدالله بن عمرو .
قوله قد قلته : هذا إعتراف من عبدالله بن عمرو بما بلغ النبي صلى .
قوله بأبي أنت وأمي : أي أفديك بأبي وأمي
قوله فانك لا تستطيع ذلك : أي لا تستطيع الوفاء به .
فصم وأفطر : الفاء لعلها تعليلية أي فمن أجل عدم الاستطاعة على ما ألتزمت به صم وأفطر
قوله فإن الحسنة بعشر أمثالها : الفاء هنا تعليلية وذلك مثل صيام الدهر أي بدون تضعيف قلت فإني أطيق أفضل
من ذلك أي أتحمله وأقدر عليه .
قوله وهو أفضل الصيام : يدل على تفضيله على غيره
فقلت إني أطيق أفضل من ذلك : قال لا أفضل من ذلك نفي للأفضلية وأكده بقوله لا صوم فوق صوم أخي داود أي
لا صوم أفضل .
المعنى الإجمالي :
أخبر النبي ﷺ بأن عبدالله بن عمرو ألزم نفسه بقيام الليل وصيام النهار ما عاش فذهب إليه وقبل أن ينهاه قرره
بما قال فأقر وبعد أن أقر وجهه إلى ما هو أفضل لأنه إنما فعل ذلك طلباً للأفضل .
فقه الحديث :
المسالة الأولى : يؤخذ من هذا الحديث النهي عن صيام الدهر وقد اختلف فيه أهل العلم فمنعته الظاهرية أي
قالت بتحريمه للأحاديث الواردة في ذلك كقوله ﷺ ( لا صام من صام الأبد ) أو (من صام الأبد فلا صام
ولا أفطر) وقال بجوازه مالك والشافعي والمسألة فيها خلاف وأخذ ورد بين الفريقين وكل يحتج على قوله بحجج
ربما كانت مقنعة في نظره والذي ظهر لي : بعد قراءة أقوالهم وأدلتهم أن صوم الدهر منهي عنه وما نهى عنه متردد
بين الكراهة والتحريم فقول النبي ﷺ لما سئل عن صيام الدهر قال لا صام ولا أفطر أو ما صام ولا أفطر
وقول النبي ﷺ لعبدالله بن عمرو لما حصلت بينهما المراجعة والمحاورة إلى صيام يوم وإفطار يوم فقال عبدالله
بن عمرو وأطيق أفضل من ذلك فقال له النبي ﷺ لا أفضل من ذلك ومن هنا يقال هل الأفضلية معتبرة بكثرة
الصوم أو معتبرة بإصابة الحق ومتابعة الشارع ﷺ الذي وصفه الله بقـوله تعـالى(لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنفُسِكُمْ
عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ) [التوبة : 128] والحق أن الأفضلية هي في متابعة النبي
ﷺ ليست بكثرة العمل ولا شك أن الشارع حكيم في إيراده وإصداره وأمره ونهيه وأن الخير هو فيما أمر به
ودل عليه وإن التشديد على النفس في فضائل العبادات منهي عنه في الشرع ففي الحديث ( المنبت لا سيراً قطع
ولا ظهراً أبقى)
ولما جاء النبي ﷺ إلى بيت عائشة ووجد عندها امرأة فقال من هذه قالت فلانه تذكر من صلاتها قال
( مه عليكم بما تطيقون فوالله لا يمل الله حتى تملوا …) وبهذا يتبين أن الأفضلية ليست في كثرة العمل
ولكن في إصابة السنة والله تعالى أعلم وقد تبين من ما ذكرت أن الشارع حكيم في النهي عن صوم الدهر وأن
من صام الدهر استفرغ قوته في جانب واحد وأخل بالجوانب الأخرى وقد قال النبي ﷺ لعبدالله بن عمرو
( فإنك لا تستطيع ذلك ...) وذلك أن من قام الليل وصام النهار لا بد له من سهر الليل كله ويحتاج إلى جزء
كبير من النهار ينام فيه وبذلك ستتعطل مصالح الشخص والله قد جعل النهار للمعاش والليل للراحة فإن فعل ذلك
شخص تتوفر له الراحة بسبب الغنى فانه لا يستطيع الآخرون على فعله وأحب الدين إلى الله أيسره وأفضل العمل
ما دوم عليه وإن قل . ثم إن هذا الغنى المخدوم لو أراد أن يفعل ذلك فانه سيخل بالسنن فيجعل الليل يقظة
والنهار نوماً وانقطاعاً . وستأتي عليه أزمنة يحتاج فيها إلى الشغل في النهار ولو كان جهاداً في سبيل الله فقول
النبي ﷺ ( فإنك لا تستطيع ذلك) إخبار عن المشقة الحاصلة على من فعل ذلك مشقة ليست بهينة ودين الله
الذي أوحاه إلى رسله هو ما جمع فيه العبد بين عبادة ربه وحظوظ نفسه وذلك يحصل بثلاثة أيام من الشهر وقيام
جزء من الليل وقد أنكر النبي ﷺ على الرهط الذين قال بعضهم إني أصوم فلا أفطر وقال بعضهم إني أصلي
فلا أنام وقال بعضهم إني لا أتزوج النساء أو لا أنام على فراش أو لا آكل اللحم فلما بلغه ﷺ قام في أصحابه
خطيباً فقال ما بال أقوام يتنزهون عن العمل أعمله فوالله إني لأتقاكم لله وأخشاكم له وإني لأصلي وأنام وأصوم
وأفطر وأتزوج النساء وفي رواية وأنام على الفراش وفي رواية وآكل اللحم ومن رغب عن سنتي فليس مني وبهذا يتبين
على أن الأفضلية هي بمتابعة هديه ﷺ. والتأسي بسنته وليست بكثرة العمل هذا هو القول الفصل فيما أرى
في هذه المسالة التي اختلفت فيها أنظار العلماء وكثر فيها الأخذ والرد وأرجو أن ذلك هو الصواب لما يحتف به
من الأدلة وبالله التوفيق
المسألة الثانية : قال ابن دقيق العيد كره جماعة قيام كل الليل لرد النبي ﷺ. ذلك على من أراده وأقول
إن النبي ﷺ رد ذلك على عبدالله بن عمرو في هذا الحديث وما في معناه وأيضاً إن رده على الرهط الذين قال
أحدهم إنه يصلي فلا ينام وقال بعضهم أنه يصوم فلا يفطر ..الحديث فقام النبي ﷺ خطيباً فحمد الله وأثنى
عليه فقال (ما بال أقوام قالوا كذا وكذا لكني أصلي وأنام وأصوم وأفطر وأتزوج النساء فمن رغب عن سنتي فليس مني) .
وفي حديث عائشـة قــالت ( دخل علىّ النبي ﷺ وعندي امرأة فقال من هذه قلت فلانه وسميت في بعض
الروايات الحولاء بنت تويت تذكر من صلاتها فقال النبي ﷺ مه عليـكـم بما تطيقون فوالله لا يمل الله حتى تملوا )
وفي قصة سلمان مع أبي الدرداء إلى غير ذلك كل هذا يدل على أن التشديد على النفس زيادة على اللازم أنه لا
ينبغي للمسلم وكما تقدم أن العبد مطالب بواجبات أخرى فلنفسه عليه حق الراحة ولعياله عليه حق طلب الرزق
ولزوجته عليه حق المعاشرة ولزواره عليه حق الانبساط والجلوس معهم وكل هذه الحقوق لا يستطيع الإنسان على
أدائها إذا أخذ نفسه في العبادة بالشدة المتناهية التي تقطعه عما يجب عليه ولهذا قال النبي ﷺ لعبدالله بن
عمرو( إنك إذا فعلت ذلك نفهت النفس وهجمـت العين ) وإن الله سبحانه وتعالى عاب الرهبانية على أهل الكتاب
فلا ينبغي للمسلمين أن يكونوا كذلك وقد تبين أن أخذ الإنسان نفسه بشيء من الجد حيث يجمع بين قيام جزء
من الليل لا يمنعه عن الوظائف الأخرى وبين أداء ما يجب عليه هذا هو الحق إن شاء الله وبالله التوفيق.
المسألة الثالثة :قوله إنك لا تستطيع ذلك يطلق عدم الاستطاعة بالنسبة إلى الشاق على الفاعل في قوله وعليها
ذكر الاحتمال في قوله ( وَلاَ تُحَمِّلْنَا مَا لاَ طَاقَةَ لَنَا بِهِ ) [البقرة : 83] فحمله بعضهم على المستحيل حتى أخذ
منه جواز تكليف المحال وحمله بعضهم على ما يشق وهو الأقرب أهـ .
قلت : إن نفي الاستطاعة هنا إما أن يقصد به المحال الذي لا يتصور وقوعه كتكليف الإنسان بأن يطير في
الهواء بدون آلة تحمله والأمر الثاني التكليف بما يشق فأما التكليف بالمحال مطلقاً فالظاهر أنه لا يجوز في
الشرع لأن الله أرحم بعباده من أن يكلفهم بالمحال وأما الثاني فإن الله عز وجل قد استجاب لأصحاب نبيه لما
حصل منهم من الإيمان فأنزل الرحمـة في قوله ( لاَ يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلا وُسْعَهَا) [البقرة :
قوله ( لاَ يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلا وُسْعَهَا) [البقرة : 83 ]ومن هنا يتبين أن الله عز وجل رحم أمة محمد ﷺ
فلم يكلفهم بما يشق عليهم مشقة تؤثر في حياتهم فمثلاً التكليف بما فيه مشقة أو عدم استطاعة تارة تكون
عدم الاستطاعة ذاتية كتكليف المريض أن يصلي قائماً وتارة تكون عدم الاستطاعة مالية فلم يكلف الله الفقير
بالحج عند العجز عن أدائه لعدم وجود المال الذي يستطيع به الأداء وتارة تكون عدم الاستطاعة لوجود المعارض
الذي تحصل به المشقة الكبيرة على العبد وهذا أي ما هو مقصود هنا وهو قيام الليل كله منع لوجود المشقة
فيه وعدم الاستطاعة عليه باعتبار أن الله سبحانه وتعالى جعل الناس مختلفين فهذا يحتاج إلى كسب وهذا يحتاج
إلى النوم في الليل ليتقوى به فمن أجل ذلك أنكر النبي ﷺ على من كلف نفسه بهذه المشقة التي قد
عوفي منها ويكفي فيها قيام جزء من الليل ولو قليلاً وصيام جزء من الزمن وليس هناك أفضل مما أرشد إليه
بصيام ثلاثة أيام وقيام ما لا يمنع العبد عن متطلباته الأخرى وبالله التوفيق
المسألة الرابعة:يؤخذ منه استحباب صيام ثلاثة أيام من كل شهر .
المسألة الخامسة :في قوله إن الحسنة بعشر أمثالها وذلك مثل صيام الدهر هذا متأول على التضعيف وهو تضعيف
الحسنة بعشر أمثالها وهو أن التضعيف في حق أمة محمد ﷺ فيحصل للإنسان ثواب صيام الدهر من
دون أن يكلف نفسه بما يشق عليها
المسالة السادسة :أن من ترك رخصة النبي ﷺ فلا بد أن يندم فهذا عبدالله بن عمرو مع إصراره على الإكثار
من الصلاة والصيام وعدم قبوله للرخصة التي عرضها له النبي ﷺ فإنه قد ندم على ذلك حين كبرت سنه
وضعف جسمه فينبغي للمسلم أن يقبل رخصة الله عز وجل التي جعلها لعباده
وبالله التوفيق
--------
تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ
تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ
تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ]
[ المجلد الثالث ]
رابط تحميل الكتاب :
http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf
ام عادل السلفية
01-06-2015, 12:25AM
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام
للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -
[196] الحديث الثاني :
عن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال : قال رسول الله _ : ((إن أحب الصيام إلى الله صيام داود
وأحب الصلاة إلى الله صلاة داود كان ينام نصف الليل ويقوم ثلثه وينام سدسه وكان يصوم يوماً ويفطر يوما )).
موضوع الحديث :
أفضلية الصيام
المفردات
إن أحب الصيام إلى الله صيام داود :جملة إن أحب الصيام إلى الله جملة خبرية مؤكدة بإن وخبرها صيام داود
وهو خبر إن وأحب الصلاة إلى الله صلاة داود كذلك جملة خبرية مؤكدة بإن لأنها معطوفة على التي قبلها .
قوله كان يقوم نصف الليل هل المراد به نصف الليل كله أو ما بعد العشاء لأن ما قبل العشاء لا يعد محلاً للقيام
فلا يحسب منه وإذا كان الأمر كذلك فإن الإعتبار في النصف والثلث والسدس إنما هو لما كان بعد العشاء
قوله وكان يصوم يوما ويفطر يوما بمعنى أنه يصوم نصف الدهر
المعنى الإجمالي
أخبر النبي ﷺ في هذا الحديث عن أحب الصيام إلى الله وأحب القيام إليه فجعل أحب الصيام إلى الله صيام
يوم وإفطار يوم وأحب القيام إلى الله قيام ثلث الليل بعد نوم نصفه ونوم سدسه بعد قيامه .
فقه الحديث :
أولاً: يؤخذ من هذا الحديث أن أحب الصيام إلى الله صيام داود وهو صيام نصف الدهر بأن يصوم يوماً ويفطر يوماً .
ثانياً : وأخبر النبي ﷺ أن أفضل القيام قيام ثلث الليل وهو أن ينام نصفه ويقوم ثلثه وينام سدسه .
ثالثاً : أن الأفضلية معتبرة بخبر الشارع لا بكثرة العمل على الأصح إذ أن الفضيلة حكم شرعي لا طريق
إلى الوصول إليه بالعقل أما كثرة العمل مع مخالفة السنة فهي لا تعد فضيلة على الأصح والله سبحانه وتعالى قد
أخبر عن قوم أنهم يتعبون أنفسهم في العمل ومع ذلك يكونون يوم القيامة من أهل النار قال تعالى (هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ
الْغَاشِيَةِ _ وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ _ عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ _ تَصْلَى نَارًا حَامِيَةً _ تُسْقَى مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ ) [الغاشية : 1-5 ]
فإن قيل إن هذه الآيات نزلت في أقوام يعملون على غير شرع قلنا إن من يريد أن يصل إلى معرفة الفضيلة بعقله له
من هذه الآيات نصيب إذ أنه قد حصل منه شئ من الخطأ وعلى هذا فإن الواجب علينا أن نسلم الأفضلية للشرع
سواء كانت هذه الأفضلية في الكمية أو الكيفية هذا ما يظهر لي من هذا النص والله تعالى أعلم وقد أشار
إلى ذلك ابن دقيق العيد في قوله والكلام فيه كالكلام في الصوم من تفويض مقادير المصالح والمفاسد إلى
صاحب الشرع قال الصنعاني بعد نقله أقول هذا حسن جداً فإنه إذا نص الشارع على أفضلية شيء فليس
لنا أن نعارضه بالرأي بأن في غيره مصلحة أو أنه أكثر أجراً لزيادة المشقة أهـ .
رابعاً : يؤخذ من كونه ينام سدس الليل الأخير أنه يكون أبعد عن الرياء وأنشط للعبد حتى يستقبل صلاة الفجر
والأذكار بعدها بنشاط قلت : وهذا استنباط حسن والله أعلم
--------
تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ
تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ
تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ]
[ المجلد الثالث ]
رابط تحميل الكتاب :
http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf
ام عادل السلفية
03-06-2015, 01:32AM
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام
للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -
[197] الحديث الثالث:
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : أوصاني خليلي ﷺ بثلاث :صيام ثلاثة أيام من كل شهر وركعتي الضحى وأن
أوتر قبل أن أنام
موضوع الحديث:
أفضلية صيام ثلاثة أيام من كل شهر .
المفردات :
أوصاني : الوصية هي كلام جميل يحث به الموصي من أوصاه على شيء ما والوصية مأخوذة من الوصي وهو
الوصل إذ أن الموصي وصل حياته بموته لأنه أمر الموصى إليه بأن يعمل بتلك الوصية بعد الموت فهو من وصيت
الحبل بمعنى وصلته لأنه أراد بهذه الوصية وصل حياته بموته
قوله خليلي : أوضح صاحب الحاشية أن الخلة المرادة هنا من جانب واحد لأن النبي ﷺ قد تنصل من
كل خلة للمخلوقين لتكون خلته خالصة لربه فقال (لو كنت متخذا من أمتي خليلاً لاتخذت أبا بكر خليلاً ولكن
أخي وصاحبي) .
قوله صيام ثلاثة أيام من كل شهر : هذا حث على أقل ما يمكن ومثله ركعتي الضحى والوتر قبل النوم
المعنى الإجمالي :
أخبر أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي ﷺ أوصاه بثلاث خصال وهي صيام ثلاثة أيام من كل شهر وركعتي الضحى
والوتر قبل النوم .
فقه الحديث :
أولاً : يؤخذ من هذا الحديث مشروعية صيام ثلاثة أيام من كل شهر وهو مخير بين أن يجعلها في الأيام البيض وبين
أن يصوم الثلاثة الأيام أحياناً مبتدأً بالأربعاء ثم الخميس ثم الجمعة أو مبتدأً بالأحد ثم الاثنين ثم الثلاثاء والكل
قد ورد وبين أن يصومها على حسب ما يتهيأ له كل ذلك جائز .
ثانياً: قوله وركعتي الضحى الخلاف في مشروعية سبحة الضحى كثير فاخرج البخاري عن عائشة رضي الله عنها
أن النبي ﷺ ما كان يسبح الضحى قالت وإني لأسبحها فنفي عائشة رضي الله عنها هذا قد يدل على عدم
الاستحباب ، وأمر النبي ﷺ بها في هذا الحديث يدل على الشرعية أما نفي عائشة رضي الله عنها فيمكن أن
يحمل على أن النبي ﷺ ما كان يسبحها في البيت بل كان يخرج إلى أصحابه في المسجد فيسبحها فيه
وعائشة لا تعلم وبهذا تجتمع الأدلة ومما يدل على مشروعيتها قوله ﷺ في الحديث ( صلاة الأوابين حين ترمض الفصال ) .
أما كم تشرع فالأقل ركعتين كما في هذا الحديث وأكثرها ثمان استدلالاً بصلاة النبي ﷺ حين قدم مكة
ونزل في بيت أم هانئ فصلى ثمان ركعات ومن قال أكثرها اثنتي عشر ركعة فقد اعتمد على أحاديث ضعيفة .
ثالثاً : يؤخذ من قوله وأن أوتر قبل أن أنام استحباب الوتر قبل النوم ولكنه محمول على حالة خاصة وهو أن
يكون العبد ممن لا يستطيع القيام آخر الليل فالمستحب له أن يوتر قبل النوم أما إن كان ممن يثق من نفسه بالقيام
فالأفضل له التأخير لأن الله سبحانه وتعالى قد أثنى على الذين يقومون الليل في آيات كثيرة كما في قوله تعالى
(تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنْ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُون ) [السجدة : 16 ] وكما
في قوله تعالى ( كَانُوا قَلِيلاً مِنْ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ ) [الذاريات : 17] إلى غير ذلك وبالله التوفيق .
--------
تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ
تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ
تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ]
[ المجلد الثالث ]
رابط تحميل الكتاب :
http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf
ام عادل السلفية
03-06-2015, 01:39AM
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام
للعلامة : احمد النجمي
-رحمه الله -
[198] الحديث الرابع :
عن محمد بن عباد بن جعفر قال : سألت جابر بن عبدالله أنهى النبي ﷺ عن صوم يوم الجمعة ؟ قال : نعم .
وزاد مسلم : ورب الكعبة .
موضوع الحديث:
النهي عن صوم يوم الجمعة
المفردات :
قوله أنهى النبي ﷺ : هذا استفهام طلبي عن صوم يوم الجمعة قال نعم أي نهى عن صومه وزاد مسلم ورب
الكعبة وهذا اليمين تأكيد أكد به ما سئل عنه
المعنى الإجمالي :
لما كان يوم الجمعة يوم عيد للمسلمين نهى الشارع عن تخصيصه بصيام أو قيام إلا أن يصوم يوماً معه قبله أو بعده .
فقه الحديث :
أولاً: يؤخذ منه كراهة تخصيص يوم الجمعة بصيام وجواز صومه إذا صام معه يوماً قبله أو بعده .
ثانياً : ليس هناك ما يدعو إلى البحث عن علة النهي فيما أرى بل يجب على المكلف الامتثال وقبول ما جاء به
الشارع بدون بحث عن العلل لأنّا نؤمن أن الشارع مبلغ عن الله عز وجل وإذا علمنا أن هذه الأوامر والنواهي هي
من الله إبتداء ومن رسوله تبليغاً وأداءً فإن الواجب علينا امتثال ما ورد سواء عرفنا علة ذلك أو لم نعرفها فما
على المكلف إلا الامتثال والإيمان بأن الشارع لا ينهى إلا عن ما فيه شر ولا يأمر إلا بما فيه خير للمكلفين
وكفى بذلك إيماناً ووقوفاً مع النصوص .
ثالثاً :ذهب الجمهور إلى كراهة تخصيص يوم الجمعة بالصيام وليلة الجمعة بالقيام وإن اختلفوا في العلة وممن
حكي عنه هذا المذهب من الصحابة علي بن أبي طالب وأبو هريرة وسلمان الفارسي وأبو ذر رضي الله عنهم أجمعين .
قال الصنعاني في العدة بعد نقل كلام ابن المنذر ولا مخالف لهم من الصحابة وذهب الجمهور إلى أن النهي
للتنزيه وعن مالك وأبي حنيفة أنه لا يكره صومه ولعل هذين الإمامين لم يبلغهما النص في النهي عن ذلك
أو بلغهما وكانا متأولين إلا أننا نقطع ببطلان ما ذهبا إليه لمخالفته للنصوص والله تعالى أعلم .
رابعاً :إذا وافق يوم الجمعة يوماً ندب الشارع إلى صومه كيوم عرفة ويوم عاشوراء فإنه حينئذٍ يكون صومه
جائزاً بلا كراهة بل مستحباً لأنه إذا صامه المكلف لسبب من هذه الأسباب انتفى التخصيص الذي هو منهي
عنه وبانتفائه تنتفي الكراهة سواءً قلنا هي كراهة تحريم أو تنزيه والله تعالى أعلم .
--------
تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ
تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ
تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ]
[ المجلد الثالث ]
رابط تحميل الكتاب :
http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf
ام عادل السلفية
04-06-2015, 12:40AM
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام
للعلامة : احمد النجمي
-رحمه الله -
[199] الحديث الخامس :
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال :سمعت رسول الله ﷺ يقول : لا يصومن أحدكم يوم الجمعة إلا
أن يصوم يوماً قبله أو يوماً بعده .
موضوع الحديث :
النهي عن تخصيص الجمعة بصيام .
المفردات :
لا يصومن : لا ناهية ويصومن فعل النهي في محل جزم مبني على الفتح لاتصاله بنون التوكيد الثقيلة وأحدكم
فاعل يصومن ويوم الجمعة مفعول .
إلا أن يصوم يوماً قبله أو يوماً بعده : الاستثناء هنا هو استثناء من النهي وبه يتخصص النهي بما إذا أفرد يوم
الجمعة وقد تقدم الكلام على معنى هذا الحديث في الحديث السابق قبله وبالله التوفيق
--------
تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ
تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ
تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ]
[ المجلد الثالث ]
رابط تحميل الكتاب :
http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf
ام عادل السلفية
05-06-2015, 12:51AM
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام
للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -
[200] الحديث السادس :
عن أبي عبيد مولى ابن أزهر - واسمه سعد بن عبيد- قال : شهدت العيد مع عمر بن الخطاب رضي الله
عنه فقال : هذان يومان نهى رسول الله ﷺ عن صيامهما : يوم فطركم من صيامكم واليوم الآخر : تأكلون
من نسككم .
موضوع الحديث:
النهي عن صيام يومي العيدين عيد الفطر وعيد الأضحى
المفردات :
شهدت العيد مع عمر بن الخطاب : أي حضرت والقائل هو أبو عبيد سعد بن عبيد فقال الضمير يعود إلى عمر
بن الخطاب رضي الله عنه .
هذان يومان نهى رسول الله ﷺ عن صيامهما : هذان تثنية الإشارة ورفع على الابتداء واليومان مضافان إليه
وجملة نهى رسول الله ﷺ عن صيامهما خبر للمبتدأ
يوم فطركم : بدل من اليومين من صيامكم واليوم الآخر تأكلون فيه من نسككم والمقصود بالأول يوم عيد
الفطر وبالثاني يوم عيد الأضحى .
المعنى الإجمالي :
جعل الله عز وجل للمسلمين يومين هما عيدان للمسلمين وكل منهما مرتبط بشعيرة دينية فيوم عيد الفطر مرتبط
بتمام الصيام فكان الواجب على المسلم أن يفطر هذا اليوم شكراً لله عز وجل على تمام نعمة الصوم وإظهاراً لنعمة
الفطر التي أمر الله بها بعد الصوم قال تعالى ( وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ)
[الذاريات : 17] وأما اليوم الثاني فهو يوم عيد الأضحى وهو مرتبط بشعيرة الحج فمتى أفاض الناس من عرفات
إلى مزدلفة في ليلة العاشر ثم انتقلوا من مزدلفة إلى منى كان هذا اليوم يوم عيد شكراً لله على تمام أغلب مناسك
الحج وأفضلها وهو يوم عرفة فوجب على المسلم إفطار هذين اليومين وحرم عليه صومهما .
فقه الحديث :
أولاً : يؤخذ من هذا الحديث تحريم صوم العيدين والجمهور يقولون بتحريم صوم هذين اليومين حتى ولو كان
نذراً تعلق موجبه في ذلك اليوم كمن نذر أن يصوم يوم قدوم زيد أو صبيحة يوم قدوم زيد فقدم زيد في ليلة العيد
فالجمهور يقولون وجب النذر ويصوم يوماً بدل يوم العيد وأبو حنيفة يرى صيام يومي العيد إذا خصهما بالنذر وقوله
هذا مصادم للنصوص لذلك فإنه يجب علينا أن نعتقد بطلان هذا القول وأن نعتقد تحريم صوم العيد ومتى وجب
بالنذر انتقل الصوم من يوم العيد إلى يوم آخر وكان المكلف بذلك مؤدياً وبالله التوفيق .
ثانياً : قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه هذان يومان نهى رسول الله ﷺ عن صيامهما يؤخذ من هذا أن العيدين
يوما أكل وشرب وفرح فلا يكون فيهما صيام ويؤخذ منه أن الأعياد في الإسلام المتعلقة بالسنة هما الفطر
والأضحى لا غير وأن ما ابتدعه الناس من أعياد فهي أعياد باطلة لا يجوز للمسلم التجاوب معها بل الواجب
على المسلم أن يخصص الأعياد بهذين اليومين فقط مهما انتحل لها من مسميات كعيد النصر وعيد
الثورة ...إلخ
ما يقال فهذه كلها أعياد باطلة وقد سبق أن أمليت عليكم شيئاً من منظومة صيحة حق .
وهو قول الناظم :
أعيادنا ثلاثة فاثنـــان * لسنة فطر وأضحى الثاني
وثالث يعتاد أسبوعياً *خصيصة في ديننــــا تهيا
إلخ ما كتب هناك فليرجع إليه من شاء عند الحاجة وبالله التوفيق.
ثالثاً : إّذا دخل يوم العيد في صيام كفارة ككفارة الظهار أو الجماع في نهار رمضان أو قتل الخطأ فالأظهر من أقوال
العلماء أنه يجب على المُكفِر فطر يوم العيد ويبدأ من بعده ولا يعد فطره للعيد إخلالاً بالتتابع نظراً لأنه
خارج عن إرادة المُكفِر هذا هو القول الحق إن شاء الله في هذه المسألة وبالله التوفيق .
--------
تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ
تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ
تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ]
[ المجلد الثالث ]
رابط تحميل الكتاب :
http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf
ام عادل السلفية
06-06-2015, 01:12AM
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام
للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -
[201] الحديث السابع :
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : نهى رسول الله ﷺ عن صوم يومين الفطر والنحر وعن الصماء
وأن يحتبي الرجل في الثوب الواحد وعن الصلاة بعد الصبح والعصر .أخرجه مسلم بتمامه وأخرج البخاري
الصوم فقط
موضوع الحديث:
موضوعه يدخل في باب الصوم من ناحية النهي عن صوم عيد الفطر وعيد النحر ويدخل في كتاب الصلاة
والتستر لها وفي الآداب وفي النهي عن الصلاة بعد الصبح والعصر .
المفردات :
الصماء :هي لبسة تشمل جميع الجسم فلا يظهر منه شئ . والصماء المنهي عنها أن يشتمل بثوب واحد يغطي
به جميع جسده وفي هذه الحالة تكون يديه من داخل الثوب فإما أن يفضي بيده إلى عورته وهو في الصلاة
وإما أنه يحتاج إلى رفع اليدين في الصلاة فتنكشف عورته إذا رفع يديه .
والإحتباء هو أن يجلس الرجل على مقعدته وينصب ساقيه ويجمع بينهما بثوب واحد والنهي عن الاحتباء بالثوب
الواحد فقط من أجل أنه يفضي بفرجه إلى السماء .
المعنى الإجمالي :
نهى النبي ﷺ عن هذه الأربعة الأشياء لما في ذلك من المصلحة والأدب والتعامل الصحيح مع الله ثم مع خلقه .
فقه الحديث :
أولاً:يؤخذ من هذا الحديث تحريم صوم يومي العيدين وقد تقدم الكلام على ذلك .
ثانياً :يؤخذ منه النهي عن اشتمال الصماء وقد سبق بيان الصماء وأنه التغطي بثوب واحد لجميع الجسم وأن النهي
فيه من أجل أنه ثوب واحد وإذا كانت اليدين من داخله فلا يؤمن أن تفضي إلى فرجه والأمر الثاني أنه إذا أراد أن
يرفع يديه انكشفت عورته إذاً فالنهي فيما إذا كان الاشتمال بثوب واحد فقط .
ثالثاً:النهي عن الإحتباء وقد تقدم تفسيره والعلة في النهي خشية أن يفضي بفرجه إلى السماء
رابعاً :النهي عن الصلاة بعد الصبح والعصر لأنهما وقت كراهة فينهى عن الصلاة فيهما وقد تقدم الكلام على
هذه المسألة في الجزء الأول بما أغنى عن إعادته هنا .
--------
تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ
تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ
تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ]
[ المجلد الثالث ]
رابط تحميل الكتاب :
http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf
ام عادل السلفية
07-06-2015, 01:51AM
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام
للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -
[202] الحديث الثامن:
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : قال رسول الله ﷺ : ((من صام يوماً في سبيل الله بعد الله
وجهه عن النار سبعين خريفاً )).
موضوع الحديث:
فضيلة صوم التطوع
المفردات :
قوله في سبيل الله : يحتمل أن المراد به صيام يوم تطوعاً أي ليس بواجب مع الإخلاص ، ويحتمل أن المراد به
أن يكون في الغزو للكفار وهو الذي يطلق عليه في سبيل الله لكن يظهر أن هذه الفضيلة إن كان المراد بها
في سبيل الله أي الجهاد فإنه يكون مقيداً بما لم يدن القتال لأن النبي ﷺ عزم على المجاهدين حين اقترب من
العدو أن يفطروا .
المعنى الإجمالي :
فيه فضيلة لصيام التطوع إذا كان في الجهاد في سبيل الله .
فقه الحديث :
أولاً: يؤخذ منه فضيلة الصيام تطوعاً إذا كان في الغزو أي في غزو الكفار .
ثانياً :يؤخذ منه أن العمل الذي يراد به وجه الله يكون له فضل عظيم وتأثير كبير فالمباعدة بين وجه الصائم
وبين النار مسافة سبعين خريفاً هذا فضل عظيم وثواب كبير .
--------
تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ
تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ
تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ]
[ المجلد الثالث ]
رابط تحميل الكتاب :
http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf
َ
ام عادل السلفية
07-06-2015, 10:03PM
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام
للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله-
بـــــاب ليــلة القـــدر
سميت ليلة القدر بهذا الاسم إما لأن تلك الليلة لها قدر وفضل ، وإما لأن مقادير أعمال العباد تقدر فيها ، وإما لأن من أحيا ليلها
وصام نهارها صار ذا قدر عند الله وإما من التضييق لأن الملائكة في تلك الليلة تنزل إلى الأرض حتى تملأ الأرض ويحتمل أنها سميت
بذلك ملاحظة لهذه الأمور كلها .
[203] الحديث الأول :
عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما أن رجالاً من أصحاب النبي ﷺ أُ روا ليلة القدر في المنام في السبع الأواخر من رمضان فقال
النبي ﷺ : ( أرى رؤياكم قد تواطأت في السبع الأواخر فمن كان منكم متحريها فليتحرها في السبع الأواخر).
موضوع الحديث:
تعيين ليلة القدر
المفردات :
قوله أن رجالاً من أصحاب النبي ﷺ أُروا ليلة القدر: أي في النوم وذلك يدل على اعتنائهم بها وتعظيمهم لها وكثرة ارتباط عقولهم
بذلك .
في السبع الأواخر : أي في السبع الأواخر من العشر فقال النبي ﷺ أرى رؤياكم قد تواطأت في السبع الأواخر ومعنى قد تواطأت
توافقت .
فمن كان منكم متحريها : التحري هو طلب الشيء بالنظر فيما يرجو به إصابة الحق.
المعنى الإجمالي :
كان أصحاب رسول الله ﷺ مرتبطون بالقرآن ومرتبطون بالقضايا الإسلامية ارتباطاً كلياً حتى تصير تلك القضايا جزءاً من حياتهم
يتفكرون فيها في يقظتهم ويتراءونها في منامهم لا كما هو الحال في أهل زماننا في بعدهم عن القضايا الإيمانية وارتباطهم بالحياة الدنيا
وملاذها وشهواتها لذلك فإن النبي ﷺ لما رأى رؤياهم قد توافقت على السبع الأواخر قال لهم من كان منكم متحريها
فليتحرها في السبع الأواخر أما تفسير الرؤيا فهو أن الله سبحانه وتعالى يصور في قلب النائم تصورات يخلقها فيه بقدرة وحكمة لا
نعلمها فهي الرؤيا التي يراها في النوم وقد اتضح من النصوص أنها تنقسم إلى ثلاثة أقسام هي :-
1- رؤيا من الله بواسطة الملك وهي المحمودة
والممدوحة .
2- وحلم من الشيطان يصوره الشيطان .
3- وسوسة في اليقظة تجري على القلب في المنام .
فهذه أنواع الرؤيا وقد جاء في الحديث ( أن النبوة ستة وأربعون جزءاً وأن الرؤيا الصالحة منها )
وفي الحديث أيضاً ذهبت النبوة ولم يبق إلا المبشرات وهي الرؤيا الصالحة يراها المؤمن أو تُرى له .
فقه الحديث :
أولاً:يؤخذ من هذا الحديث أن السبع الأواخر من العشر الأخيرة من رمضان هي أرجى ما يكون لليلة
القدر وقد ورد ما يدل على أنها تتحرى في العشر الأواخر وفي الوتر منها وهذا أخص إذ أن السبع الأواخر تبدأ من ليلة أربع وعشرين لكن
إذا قلنا أنها تتحرى في الوتر فهل الوتر معتبر بما مضى أو بما بقي فإن كان الوتر معتبراً بما مضى فإن ليالي رجاءها إحدى وعشرين وثلاث
وعشرين وخمس وعشرين وسبع وعشرين وتسع وعشرين .
وإن قلنا أنها تعتبر بما بقي فإن ليلة اثنين وعشرين تاسعة تبقى وليلة أربع وعشرين سابعة تبقى وست وعشرين خامسة تبقى وثمان وعشرين
ثالثة تبقى .
والخلاف في ليلة القدر هل هي في رمضان أو في الحول كاملاً وإذا قلنا أنها في رمضان فهل لها ليلة معينة أو أنها تنتقل في ليالي العشر
وقد ذهب الجمهور إلى أنها في رمضان واختلفوا في مضنتها فمنهم من قال هي ليلة سبعة عشر التي في صبيحتها وقعت موقعة بدر ومنهم
من قال هي ليلة إحدى وعشرين ومنهم من قال هي ليلة ثلاث وعشرين ومنهم من قال هي ليلة خمس وعشرين ومنهم من قال هي ليلة
سبع وعشرين . وقد كان أبي بن كعب يقول أنها ليلة سبع وعشرين وعن ابن مسعود أن من قام الحول أصاب ليلة القدر وقد ذكر
الحافظ ابن حجر الأقوال فيها وأوصلها إلى فوق الأربعين ثم اختلفوا هل هي معينة كما أشرنا في الخلاف سابقاً أو أنها تنتقل في ليالي رمضان
وقد مال بعض أهل العلم إلى كونها تنتقل جمعاً للأدلة . والحديث في ذلك مختلف في التنصيص على بعض الليالي ولهذا رأى
بعض هؤلاء أنها تنتقل في السبع الأواخر أو في العشر الأواخر جمعاً بين الأدلة .
والقول الصحيح فيما يظهر أنها ليلة بعينها إذ لو كانت تنتقل لما كان لقول النبي ﷺ (أُريت هذه الليلة ثم أُنسيتها وقد رأيتني أسجد
في ماء وطين في صبيحتها فالتمسوها في العشر الأواخر والتمسوها في كل وتر ) أي ما كان لقوله أُريت هذه الليلة ثم أُنسيتها فائدة لو
كانت متنقلة وعلى هذا فالصحيح أنها معينة وأنها في رمضان وأنها في العشر الأواخر بل في السبع الأواخر هذا ما تقتضيه الأدلة .
وبـــالله التوفيـــق .
--------
تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ
تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ
تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ]
[ المجلد الثالث ]
رابط تحميل الكتاب :
http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf
.
ام عادل السلفية
09-06-2015, 08:09PM
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام
للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -
[204] الحديث الثاني :
عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله ﷺ قال : ((تحروا ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر )) .
أقول هذا الحديث شرحه وموضوعه قد دخل في شرح الحديث قبله إلا أن هذا الحديث أعم وذلك الحديث
أخص والأخص مقدم على الأعم ولقائل أن يقول قد كان النبي ﷺ يعتكف في العشر الوسطى من رمضان طلباً
ليلة القدر وقد كان ﷺ يحسبها في العشر الأوسط لعله تفقهاً من قوله تعالى (… يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ
وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ..) [الأنفال : 41 ]
والتقاء الجمعين كان في يوم سبعة عشر من رمضان ثم إن الله عز وجل أخبره بأنها في العشر الأواخر بما أري
من تواطئ رؤيا أصحابه فأمر بتحريها في العشر الأواخر ثم أمر بتحريها في السبع الأواخر.
والعمل على الأخص لأن النبي ﷺ لم يخبر بها عيناً أو أنه قد أخبر بها مؤخراً ثم أُنسيها لحكمة أرادها الله
ولهذا قال في الحديث السابق أرى رؤياكم قد تواطأت على السبع الأواخر فمن كان متحرياً لها فليتحرها
في السبع الأواخر .
--------
تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ
تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ
تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ]
[ المجلد الثالث ]
رابط تحميل الكتاب :
http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf (http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf)
ام عادل السلفية
09-06-2015, 08:19PM
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام
للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -
[205] الحديث الثالث:
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ كان يعتكف في العشر الأوسط من رمضان فاعتكف عاماً
حتى إذا كانت ليلة إحدى وعشرين – وهي الليلة التي يخرج من صبيحتها من اعتكافه – قال : من اعتكف معي
فليعتكف في العشر الأواخر فقد أريت هذه الليلة ثم أنسيتها وقد رأيتني أسجد في ماء وطين من صبيحتها
فالتمسوها في العشر الأواخر والتمسوها في كل وتر . فمطرت السماء تلك الليلة وكان المسجد على عريش فوكف
المسجد فأبصرت عيناي رسول الله ﷺ وعلى جبهته أثر الماء والطين من صبح إحدى وعشرين .
موضوع الحديث :
طلب ليلة القدر وأنها تطلب في العشر الأواخر وفي الوتر منها
المفردات :
الاعتكاف : الاحتباس قال الله تعالى (وَالْهَدْيَ مَعْكُوفًا أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ) أي محبوساً وفي الشرع هو لزوم المسجد
للعبادة على وجه خاص .
قوله كان يعتكف : كان تدل على الاستمرار على ذلك عدة أعوام .
العشر الأوسط : كان الأولى أن يقول
الوسطى والأوسط وصف للعشر بمجموعه ومجيئه بلسان الصحابة يدل على جواز ذلك في اللغة فهم أهلها والقرآن
نزل بلغتهم
فالتمسوها :أي اطلبوها في العشر الأواخر التي يتم بها الشهر .
قوله والتمسوها في كل وتر : الوتر هو ضد الشفع وهو ما لا ينقسم على اثنين إلا بالكسر .
قوله فوكف المسجد : أي قطر الماء من سقفه يقال وكف الدمع إذا نزل .
قوله على جبهته : الجبهة هي أعلى الوجه وفي رواية وأرنبته وهي طرف الأنف الأعلى .
قوله أثر الماء والطين : أي مختلطاً مع بعضه .
المعنى الإجمالي:
يخبر أبو سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ كان يعتكف العشر الأوسط من رمضان طلباً لليلة القدر
وأنه اعتكف ذات مرة فلما كاد أن يخرج خطبهم وأخبرهم بأنه أتاه خبر من الله عز وجل بأن الذي تطلب أمامك
فاستمر في الاعتكاف فاعتكف العشر الأواخر وأمر بالتماس ليلة القدر في العشر الأواخر بل في كل وتر منها وأنه
قال إنه اعلم بتلك الليلة ثم أنسيها وأنه أري في رؤياه ورؤا الأنبياء حق أنه يسجد في صبيحتها في ماء وطين
وأنه في ليلة إحدى وعشرين نزل المطر ووكف المسجد فصلى النبي ﷺ وسجد بين الماء والطين يقول أبو سعيد
فلقد رأيت أثر الطين على أرنبته .
فقه الحديث :
أولاً: يؤخذ من الحديث مشروعية الاعتكاف .
ثانياً : يؤخذ منه تأكده في رمضان لمواظبة النبي ﷺ عليه .
ثالثاً :يؤخذ منه أن النبي ﷺ كان يعتكف في العشر الوسطى من رمضان وكأنه كان يظن أن ليلة القدر فيها
أخذاً من قوله تعالى (… يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ..) والمراد به يوم بدر
فكأن النبي ﷺ فهم من هذه الآية أن يوم بدر وقع في صبيحتها وكان في يوم 17 من رمضان .
رابعاً : يؤخذ منه أنه لما أراد أن يخرج من اعتكافه بتمام العشر الوسطى أتي فقيل له ما تطلب أمامك يعني ليلة القدر .
خامساً : أنه قال لأصحابه ( من اعتكف معي يعني في العشر الوسطى فليعتكف معي يعني في العشر
الأواخر ) والمقصود فليواصل .
سادساً : يؤخذ من قوله فلقد أريت هذه الليلة ثم أنسيتها أن المصلحة الدينية في نسيانها ليجتهد الناس في طلبها
فيكثروا من العبادة والأجر على قدر النصب .
سابعاً :يؤخذ من قوله ( ولقد رأيتني أسجد من صبيحتها في ماء وطين ) استدل به من رأى أنها ليلة إحدى
وعشرين .
ثامناً : يؤخذ من قوله ( فالتمسوها في العشر الأواخر ) أن ليلة القدر في العشر الأواخر ويؤخذ منه بطلان
القول بأنها في غيرها .
تاسعاً : يؤخذ من قوله والتمسوها في الوتر منها أنه تخصيص بعد تخصيص أي أن ليلة القدر في العشر الأواخر خاصة
وفي الوتر من العشر الأواخر خاصة وهي ليلة إحدى وعشرين وثلاث وعشرين وخمس وعشرين وسبع وعشرين
وتسع وعشرين .
عاشراً : قال بعض أهل العلم الوتر يعتبر بما مضى فيكون ليلة إحدى وعشرين وثلاث وعشرين وخمس وعشرين
وسبع وعشرين وتسع وعشرين وهذا هو المتبادر إلى الذهن من كل الوتر ويعتبر بما بقي فيقال ليلة اثنتين وعشرين لأنها
تاسعة تبقى وليلة أربع وعشرين لأنها سابعة تبقى وليلة ست وعشرين لأنها خامسة تبقى وليلة ثمان وعشرين لأنها
ثالثة تبقى وأقول أنه لو كان الأمر على ذلك ما كان لقوله ﷺ والتمسوها في الوتر منها فائدة إذ أن الوتر ضد
الشفع والذي هو ضد الشفع واحد وثلاثة وخمسة …إلخ .
أما ما زعمه هذا القائل فهو يقع على الذي يعتبر شفعاً لأن العبرة بما مضى لا بما بقي . وبالله التوفيق .
--------
تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ
تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ
تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ]
[ المجلد الثالث ]
رابط تحميل الكتاب :
http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf (http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf)
.
ام عادل السلفية
12-06-2015, 07:55AM
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام
للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -
بــاب الاعتـكـاف
[206] الحديث الأول :
عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله ﷺ كان يعتكف في العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه الله عز وجل
ثم اعتكف أزواجه من بعده .
وفي لفظ كان رسول الله ﷺ يعتكف في كل رمضان فإذا صلى الغداة جاء مكانه الذي اعتكف فيه
موضوع الحديث :
الاعتكاف
المفردات :
الاعتكاف : هو الاحتباس واللزوم للشيء فمن الاحتباس قول الله تعالى ( وَالْهَدْيَ مَعْكُوفًا أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ)
[الفتح : 25 ] أي محبوساً ومن اللزوم قول الله تعالى عن بني إسرائيل (قَالُوا لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ عَاكِفِينَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنَا
مُوسَى ) [طه : 91 ] وفي هذه الآية إخبار منهم بأنهم سيلازمون عبادة العجل إلى أن يرجع إليهم موسى
عليه السلام .
أما معنى الاعتكاف شرعاً : فهو لزوم المسجد بقصد العبادة فيه .
قولها حتى توفاه الله عز وجل : أي حتى مات .
ثم اعتكف أزواجه بعده : أي بعد موته .
قولها فإذا صلى الغداة جاء مكانه الذي اعتكف فيه : التعبير باعتكف هنا يدل على أنه كان بعد صلاة الغداة
يدخل معتكفه لينفرد فيه لأن لفظ الماضي دال على ذلك .
المعنى الإجمالي. :
تخبر عائشة رضي الله عنها أن النبي ﷺ كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان إلتماساً لليلة القدر واجتهاداً في
العبادة وأنه لازم ذلك حتى توفاه الله تعالى وأن أزواجه لازمن ذلك أيضاً بعد وفاته وأنه كان إذا صلى الفجر جاء
مكانه الذي اعتكف وانفرد فيه للعبادة .
فقه الحديث :
أولاً: يؤخذ منه مشروعية الاعتكاف في الجملة وهو أمر متفق عليه لكن اختلفوا من ذلك في مسائل :
المسألة الأولى :
اختلفوا هل من شرط الاعتكاف أن يكون في المسجد الذي تصلى فيه الجمعة والجماعة أم ليس من شرطه
ذلك فذهب الجمهور إلى أن من شرط الاعتكاف أن يكون في مسجد لكن خصصه جماعة قليلة بمساجد
الأنبياء الثلاثة وهي مسجد مكة ومسجد المدينة ومسجد بيت المقدس وخالفهم الجمهور فقالوا بجوازه في
كل مسجد تصلى فيه الجمعة والجماعة واشترط بعضهم أن يكون في مسجد فيه جمعة وأجاز بعضهم الاعتكاف
في مسجد جماعة وأجاز قوم للمرأة أن تعتكف في مسجد بيتها وهذا القول ضعيف والذي يترجح لي أنه إن
دخل في اعتكاف الرجل الجمعة وجب في مسجد تقام فيه الجمعة وإن لم تدخل الجمعة في اعتكافه
جاز في مسجد جماعة .
المسألة الثانية : اختلفوا في جواز الاعتكاف للمرأة فذهب قوم إلى جوازه إذا أمنت الفتنة وذهب قوم إلى جوازه
بشرط أن تكون المرأة مع زوجها ولكن هذا القول يرده ما ورد في الرواية الثانية من قولها ثم اعتكف أزواجه
بعده والذي يترجح لي أن المرأة تمنع من الاعتكاف في المسجد وحدها إلا أن يكون معها محرم وبشرط ألا
تضيق على الرجال المصلين
في المسجد لأن المرأة مأمورة بالاحتجاب وعدم التبرج واعتكافها في المسجد وحدها أو مع محرمها
أو زوجها مع الإضرار بالرجال المصلين في المسجد ومضايقتهم أن ذلك يختلف عما أمرت به ويعرضها للفتنة .
أما زوجات النبي ﷺ فلمكانتهن في المجتمع الذي كن فيه انتفت الفتنة في حقهن لأنهن كلهن أمهات للمؤمنين
والشرط الثالث أن تكون متسترة حتى لا يؤدي ذلك إلى افتتانها أو الافتتان بها .
المسألة الثالثة: اختلف أهل العلم هل من شرط الاعتكاف أن يتقدمه صوم أو يكون معه صوم فذهب قوم إلى
أنه لا يصح الاعتكاف إلا بالصوم وذهب قوم إلى أنه ليس من شرط الاعتكاف الصوم بدليل أن عمر
بن الخطاب رضي الله عنه نذر أن يعتكف ليلة في المسجد الحرام فسأل النبي ﷺ فأمره أن يوفي بنذره والليل
ليس محلاً للصوم فدل على أنه لا يشترط له الصوم .
المسألة الرابعة:اختلفوا في جواز قطع الاعتكاف إذا أراد قطعه بعد أن يدخل فيه فالجمهور أجازوه من دون إيجاب
للقضاء وذهب جماعة إلى أنه يجوز بنية القضاء بدليل أن النبي ﷺ قطع اعتكافه بعد أن بدأ فيه ثم اعتكف
العشر الأول من شوال. إلا أنه يعكر عليه كون النبي ﷺ قضى اعتكاف العشر الذي تركه والله أعلم .
المسألة الخامسة : اختلف أهل العلم أيضاً في دخول المعتكف متى يكون فذهب الجمهور إلى أن من أراد
أن يعتكف العشر يجب عليه أن يدخل معتكفه قبل غروب الشمس من يوم العشرين لأن الليالي هي سابقة للأيام
ومحسوبة منها وبذلك أخذ فقهاء الفتوى وذهب قوم إلى أن المعتكف يدخل معتكفه بعد صلاة الفجر من يوم
إحدى وعشرين كما في رواية عائشة فإذا صلى الغداة جاء مكانه الذي اعتكف فيه إلا أن التعبير باعتكف
الذي هو صيغة الماضي يدل على تأويل من قال أن المراد أنه يدخل معتكفه الذي اعتكف فيه لينفرد به فهذه
العبارة لا تدل على أن دخوله هذا هو الدخول الأول في الاعتكاف وفرق بعضهم بين من نوى شهراً وبين من
نوى يوماً والاحتمال وارد وبالله التوفيق.
المسألة السادسة :اختلف أهل العلم هل يجوز للمعتكف أن يعود المريض ويتبع الجنازة أم لا يجوز والظاهر
عدم الجواز لهذه الأشياء إلا إذا اشترط المعتكف ذلك أما إذا لم يشترط فإن ذلك لا يجوز له بدليل قول عائشة
رضي الله عنها وكان لا يدخل البيت إلا لحاجة الإنسان وقولها إني لأدخل البيت والمريض فيه وأنا معتكفه
فلا أسأل عنه إلا وأنا مارة .
المسألة السابعة :قال الله تعالى ( وَلاَ تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ ) [البقرة : 187] وقد اختلف أهل العلم
في المباشرة المقصودة في الآية هل هي الجماع فقط أو أنه يلتحق بالجماع غيره من أنواع التلذذ والظاهر أن الآية
شاملة للجماع ومقدماته وقد ذكر بعض أهل العلم أن المسلمين كانوا في أول الإسلام الواحد منهم يذهب إلى بيته
وهو معتكف فإذا لقي امرأته جامعها فنهاهم الله عز وجل عن ذلك وأخبر أن المباشرة تحرم بالاعتكاف بأي لون
من ألوانها أي سواء كان جماعاً أو قبلة أوضمة وما إلى ذلك .
ثانياً : ويؤخذ من حديث عائشة رضي الله عنها هذا أي من قولها كان يعتكف في العشر الأواخر أن هذا الأمر
تكرر من النبي ﷺ حتى صار عادة مستمرة ولهذا قالت حتى توفاه الله عز وجل .
ثالثاً : ويؤخذ من قولها أيضاً ثم اعتكف أزواجه من بعده جواز الاعتكاف للنساء وقد تقدم الكلام على ذلك
بما يغني عن إعادته .
رابعاً : يؤخذ من قولها في العشر الأواخر من رمضان أن الاعتكاف في رمضان سنة مؤكدة وفي غير رمضان
سنة مستحبة وبالله التوفيق .
--------
تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ
تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ
تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ]
[ المجلد الثالث ]
رابط تحميل الكتاب :
http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf (http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf)
.
ام عادل السلفية
12-06-2015, 08:03AM
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام
للعلامة : احمد النجمي
-رحمه الله-
[207] الحديث الثاني :
عن عائشة رضي الله عنها أنها كانت ترجل النبي ﷺ وهي حائض وهو معتكف في المسجد وهي في حجرتها
يناولها رأسه .
وفي رواية وكان لا يدخل البيت إلا لحاجة الإنسان .
وفي رواية : أن عائشة رضي الله عنها قالت إن كنت لأدخل البيت للحاجة والمريض فيه فما أسأل عنه إلا
وأنا مارة .
موضوع الحديث :
أن الاعتكاف لا يبطل بخروج بعض البدن
المفردات :
ترجل : الترجيل تسريح الشعر والتسريح يكون باليد أحياناً ويكون بالمشط أحياناً أخرى .
وهي حائض : الواو واو الحال وجملة وهي حائض جملة حالية أي والحال أنها في الحيض وكذلك وهو معتكف
أيضاً الجملة حالية
قوله وهي في حجرتها :أي في المكان المحتجر لها وهو دارها لكونه يجاور المسجد
قوله يناولها رأسه : معناه أن النبي ﷺ يدلي إليها رأسه من الطاقة حتى ترجله أو تغسله أو تسرحه .
وقولها في الرواية الأخرى وكان لا يدخل البيت : أي في حال اعتكافه .
إلا لحاجة الإنسان : مستثنى وهو كناية عن المخرج للتبرز .
قولها إن كنت لأدخل البيت للحاجة : المقصود بالحاجة هنا ما كني عنه أولا .
والمريض فيه : الجملة حالية أي والحال أن المريض فيه .
فما أسال عنه : ما هنا نافية والجملة تساوي فلا أسأل عنه إلا وأنا مارة .
المعنى الإجمالي :
تخبر عائشة رضي الله عنها أنها كانت تخدم رسول الله ﷺ وهي حائض فترجل رأسه بحيث أنه يخرج رأسه إليها
فترجله وهو في المسجد وهي في دارها لأنه ممنوع عليه الخروج من المسجد بالاعتكاف وممنوع عليها الدخول
للمسجد بالحيض وتخبر أيضاً بأن النبي ﷺ حينما يكون معتكفاً لا يدخل البيت إلا لحاجة الإنسان وهو
التبرز وأنها كانت تمر لحاجتها فلا تسال عن المريض إلا وهي مارة بمعنى أنها لا تتشاغل بالدخول عليه والزيارة
له وبالله التوفيق.
فقه الحديث :
أولاً:يؤخذ من هذا الحديث أن المعتكف لا يبطل اعتكافه بخروج بعض بدنه .
ثانياً :قيس عليه ما إذا كان العبد قد نذر ألا يدخل مكاناً ما فأدخل فيه بعض بدنه أنه لا يترتب عليه حنث ولا تجب
عليه كفارة .
ثالثاً :أن الاعتكاف موجب لعدم الخروج من المسجد وأنه خروج بعضه لا يترتب عليه ما يترتب على خروج جميعه .
رابعاً :يؤخذ منه سنية اتخاذ الشعر للمسلم لكنه بشرط ألا يكون ذلك تشبهاً بغير المسلمين بل اتباعاً لسنة رسول الله ﷺ.
خامساً :فإن قيل كيف يعرف ذلك نقول يعرف بالقرائن فإذا ربى الإنسان شعراً وفرق من الوسط وأعفى لحيته وقص
شاربه عرفنا أنه يريد السنة ومن أهل السنة والعكس بالعكس.
سادساً :يؤخذ من هذا الحديث أن من اتخذ شعراً ينبغي له أن يكرمه بالترجيل والدهن وما إلى ذلك .
سابعاً : يؤخذ من قولها وهي حائض جواز استخدام النساء في الحيض وأنه لا يمنع ذلك على المسلمين كما منع
على بني إسرائيل .
ثامناً:يؤخذ من قولها وكان لا يدخل البيت إلا لحاجة الإنسان أنه يجوز خروج المعتكف من المسجد لقضاء حاجته
في بيته وإن كان بعيداً عن المسجد .
تاسعاً : يؤخذ من هذا الاستثناء الحصر وأنه لا يجوز للمعتكف أن يذهب إلى البيت للأكل والشرب بل يؤتى به إليه .
عاشراً :يؤخذ من قولها إلا لحاجة الإنسان أنه يجوز خروج المعتكف لما دعت إليه الضرورة من الحاجات التي لا تصح
فيها الاستنابة أو ما أشبه ذلك .
الحادي عشر :إذا كان هذا في زمن النبي ﷺ لعدم وجود مراحيض داخل حوائط المساجد أما الآن فبوجود هذه
المراحيض ينتفي كون قضاء الحاجة لا يمكن أن يتمكن منها الإنسان إلا في بيته فإنه سيتمكن من قضاء الحاجة في
مرحاض المسجد وعلى هذا فلا يجوز له الخروج إلى بيته .
الثاني عشر : في قولها إن كنت لأدخل البيت للحاجة والمريض فيه فلا أسأل عنه إلا وأنا مارة يؤخذ من ذلك
عدم مشروعية عيادة المريض للمعتكف ويقال أيضاً هذا في تشييع الجنائز إلا إذا اشترط كما تقدم وهذا رأي ابن
تيمية رحمه الله تعالى قياساً على الاشتراط في الإحرام وبالله التوفيق .
--------
تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ
تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ
تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ]
[ المجلد الثالث ]
رابط تحميل الكتاب :
http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf (http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf)
.
ام عادل السلفية
13-06-2015, 06:30AM
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام
للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -
[208] الحديث الثالث:
عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : قلت يا رسول الله إني كنت نذرت في الجاهلية : أن أعتكف ليلة –
وفي رواية : يوماً – في المسجد الحرام؟ قال : (فأوف بنذرك).
ولم يذكر بعض الرواة ( يوماً) ولا ( ليلة) .
موضوع الحديث :
هل يشترط للاعتكاف صوم أم لا
المفردات :
إني كنت نذرت في الجاهلية :المراد بالجاهلية ما قبل الإسلام وعلى هذا فإن نذر عمر بن الخطاب رضي الله
عنه هذا كان قبل إسلامه .
أن أعتكف ليلة : قد مرّ معنا الاعتكاف ليلة : أي في ليلة وفي رواية يوماً : أي في يوم في المسجد الحرام :
المسجد الحرام ظرف مكان للاعتكاف واليوم أو الليلة ظرف زمان فيه .
قال فأوف بنذرك : المقصود أوف بمنذورك والنذر يطلق ويراد به المنذور .
المعنى الإجمالي :
استفتى عمر بن الخطاب رضي الله عنه النبي ﷺ لأنه كان نذر اعتكاف ليلة في المسجد الحرام في زمن الجاهلية
وأنه أمره النبي ﷺ أن يوف بنذره .
فقه الحديث
يؤخذ من الحديث مسائل
أولاً : صحة النذر من الكافر إذ أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه نذر هذا النذر في الجاهلية ولم يوف به فسأل
النبي ﷺ فأمره النبي ﷺ أن يوفيَ بنذره وعلى هذا فيؤخذ من هذا الحديث صحة النذر من الكافر وهذا
محل خلاف .
ثانياً :وهذه المسألة تنبني على مسألة أخرى أصولية وهو هل أن الكفار مخاطبون بفروع الشريعة كما هم
مخاطبون بأصولها في هذه المسألة خلاف أيضاً والراجح أنهم مخاطبون بالفروع والأصول لأن الله أخبر عن الكافرين
أنهم يسألون مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ) [المدثر : 42 - 43 ] الآيات وإطعام المسكين يعد
من الفروع لا من الأصول وكذلك الصلاة على رأي من لا يرى تركها كفراً .
ثالثاً : إذا صح النذر من الكافر فهل يجب عليه الوفاء به وهل يصح منه الوفاء بالنذر الجواب لا يصح منه الوفاء
به ما دام كافراً ويصح بعد الإسلام كما هو الحال في قصة عمر بن الخطاب رضي الله عنه .
رابعاً : الرواية المشهورة ( أن أعتكف ليلة ) وورد في رواية لمسلم يوماً ومن أجل الرواية الأولى استدل بالحديث على
أن الصيام ليس شرطاً في الاعتكاف وقد اختلف الأئمة في هذه المسألة فذهب الشافعي وأحمد إلى أن الصيام ليس
بشرط في الاعتكاف مستدلين على ذلك بأن النبي ﷺ قضى الاعتكاف في شوال ولم يرد أنه صام تلك الأيام التي
قضى فيها الاعتكاف وفي حديث ابن عباس الذي رواه الحاكم في الاعتكاف ( قال ليس على المعتكف
صيام إلا أن يجعله على نفسه ) .
خامساً :وقال مالك وأبو حنيفة يشترط للاعتكاف الصيام واستدل لهذا المذهب بحديث (اعتكف وصم يوماً )
وهو حديث ضعيف لأن في سنده عبدالله بن بديل بن ورقاء ويقال له ابن بديل بن بشر الخزاعي ويقال الليثي
صدوق يخطئ من الثامنة .
وبحديث ( لا اعتكاف إلا بصيام ) وهو حديث ضعيف أيضاً لأن في سنده سفيان بن حسين بن حسن أبو
محمد أو أبو الحسن ثقة في غير الزهري باتفاقهم من السابعة مات بالري مع المهدي وقيل في أول خلافة الرشيد
روى له مسلم والأربعة أهـ.تقريب رقم 2437 .
قلت : وإذا كان ثقة في غير الزهري فإنه في حديثه عن الزهري ضعف قال الحافظ باتفاق وحديثه هذا عن الزهري
وعلى هذا فإن هذا الحديث ضعيف أيضاً أما حديث ابن عباس السابق فسنده على شرط مسلم كما قال الحاكم
ووافقه الذهبي وعلى هذا فإنه لا يشترط للاعتكاف صيام على القول الصحيح
سادساً : يؤخذ من قول النبي ﷺ لعمر بن الخطاب رضي الله عنه ( أوف بنذرك ) وجوب الوفاء بالنذر حتى ولو
كان قد حصل من كافر في حال كفره فإنه يجب عليه الوفاء بعد الإسلام وتقاس على ذلك القرب بل وفي ذلك
حديث وهو حديث حكيم بن حزام أنه قال ( يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ أَشْيَاءَ كُنْتُ أَتَحَنَّثُ بِهَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ مِنْ صَدَقَةٍ أَوْ
عَتَاقَةٍ وَصِلَةِ رَحِمٍ فَهَلْ فِيهَا مِنْ أَجْرٍ فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ أَسْلَمْتَ عَلَى مَا سَلَفَ مِنْ خَيْر) فإن قيل هذا في طاعات قدمها
في حال كفره أما هذه المسألة فهي طاعة التزم فعلها في حال كفره وأسلم قبل الإتيان بها وأقول : إن قول النبي
ﷺ لعمر بن الخطاب أوف بنذرك يدل على إنفاذ ما التزم به في حال كفره لكنه لو أنفذه في حال كفره لم يصح
منه لأن من شرط الصحة الإسلام وكذلك القبول .
سابعاً : اختلف أهل العلم في جواز الاعتكاف أقل من يوم كامل ومن ليلة كاملة فأجازه بعضهم بالنية لأنه إذا جلس
في المسجد ونوى اعتكاف ساعة اعتبر ذلك عباده
وخالف في ذلك آخرون ومنعوه والقول الأول فيما أرى هو الأصح لأن ما شرع أصله بيوم أو أكثر فلا مانع من
شرعيته بأقل من يوم وبالله التوفيق .
--------
تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ
تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ
تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ]
[ المجلد الثالث ]
رابط تحميل الكتاب :
http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf (http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf)
.
ام عادل السلفية
28-07-2015, 09:32PM
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام
للعلامة : احمد النجمي
-رحمه الله -
بسم الله الرحمن الرحيم
بــــاب الجمعـــة
الجمعة بضم الجيم والميم على الأشهر وبه قرأ الجمهور وقرئ بإسكان الميم وهذا اليوم كانت العرب تسميه يوم العروبة فصار في الإسلام اسمه يوم الجمعة فالجمعة اسم إسلامي له وفيه من الفضائل قول النبي -صلى الله عليه وسلم- : ( خير يوم طلعت عليه الشمس يوم الجمعة فيه خلق آدم وفيه اهبط من الجنة وفيه ساعة لا يوافقها عبد مسلم يصلي يسأل الله شيئاً إلا أعطاه )
وقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه فيه تقوم الساعة وأنه هو اليوم الذي كتب على من قبلنا من أهل الكتاب فأضلهم الله عنه وهدانا إليه فالناس لنا فيه تبع اليهود غداً والنصارى بعد غد فنحن الآخرون السابقون يوم القيامة .
[133] الحديث الأول :
عن سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه قال رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قام فكبر وكبر الناس وراءه وهو على المنبر ثم رفع فنزل القهقرى حتى سجد في أصل المنبر ثم عاد حتى فرغ من آخر صلاته ثم أقبل على الناس فقال ((أيها الناس إنما صنعت هذا لتأتموا بي ولتعلموا صلاتي )) .
وفي لفظ : صلى عليها ثم كبر عليها ثم ركع وهو عليها فنزل القهقرى
موضوع الحديث :
مشروعية اتخاذ المنبر الذي يقف عليه الخطيب يوم الجمعة
المفردات :
قام : أي وقف
فكبر : أي تكبيرة الإحرام
ثم رفع : أي من الركوع
فنزل القهقرى : يعني يمشي على وراء
حتى سجد في أصل المنبر : يعني أنه مشى إلى الوراء حتى تمكن من السجود في أصل المنبر
ثم أقبل على الناس :أي بوجهه
فقال إنما صنعت هذا : يعني الصلاة على المنبر لتأتموا بي ولتعلموا صلاتي
المعنى الإجمالي :
كان النبي -صلى الله عليه وسلم- حينما بنى مسجده إذا خطب استند إلى جذع فخطب وهو مستند عليه فأرسلت إليه امرأة من الأنصار كان لها غلام نجار فأرسلت إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- تقول هل تحب أن آمر غلامي يصنع لك أعواداً تقف عليها حين تكلم الناس قال نعم فصنع له ذلك الغلام منبراً من طرفاء الغابة مكوناً من ثلاث درجات فلما أتي به ووضع في المسجد وقف النبي -صلى الله عليه وسلم- عليه وكبر تكبيرة الإحرام وهو عليه وقرأ وهو عليه وركع وهو عليه ورفع وهو عليه ثم نزل القهقرى يمشي إلى الوراء حتى نزل عن المنبر وتمكن من السجود فسجد ثم قام فرقى على المنبر وصنع كذلك حتى تمت صلاته ثم أقبل على الناس فقال إنما صنعت هذا لتأتموا بي ولتعلموا صلاتي .
فقه الحديث :
أولاً: يؤخذ من الحديث جواز وقوف الإمام على مكان أرفع من مكان المأموم وعارضه ما رواه أبو داود أن حذيفة رضي الله عنه أمّ الناس بالمدائن على دكان والمراد بالدكان – الدكة التي تجعل للجلوس عليها – فأخذ أبو مسعود بقميصه فجبذه فلما فرغ من صلاته قال ألم تعلم أنهم كانوا ينهون عن ذلك قال بلى قد ذكرت حين مددتني )
وروي عن عمار قصة قريبة من ذلك وفي سندها مجهول .
وأخرج الدار قطني من حديث ابن مسعود ( نهى رسول الله ﷺ أن يقوم الإمام فوق والناس خلفه أسفل منه ) والجمع بين هذه الأحاديث وحديث سهل بن سعد ممكن بحمل النهي على الكراهة وحمل حديث سهل بن سعد على جواز ذلك إن كان لحاجة وعلى الكراهة حمل النهي بعض الفقهاء وفهم مالك وأصحاب الرأي وهو المشهور عند الحنابلة أفاد ذلك في المغني .
وحكاه ابن دقيق العيد عن المالكية وذكر أنهم زادوا أنه إن قصد التكبر بطلت صلاته . ونقل الصنعاني في العدة عن الهادوية أنهم قالوا بعدم جواز ارتفاع الإمام على المأموم بما فوق القامة لا دونها وأجاز ذلك الشافعي للتعليم وعن أحمد ما يدل على أنه لا يكره لحديث سهل بن سعد رضي الله عنه وقيد بعضهم الكراهة بما إذا قصد التكبر والله أعلم .
ثانياً :فيه دليل على جواز العمل اليسير في الصلاة لكن فيه إشكال على من حد العمل الكثير بثلاث خطوات فإن منبر النبي -صلى الله عليه وسلم- كان ثلاث درجات والصلاة كانت على العليا منها ومن ضرورة ذلك أن يقع ما أوقعه من الفعل على الأرض بعد ثلاث خطوات والذي يعتذر به عن هذا أن يدّعى عدم التوالي بين الخطوات فإن التوالي شرط في الإبطال أهـ .
هذا كلام ابن دقيق العيد في شرح عمدة الأحكام . وقال الصنعاني في العدة أقول لأنه ينزل من الدرجة العليا إلى الثانية ومن الثانية إلى الثالثة ثم منها إلى الأرض فلا بد من خطوة في الأرض يتباعد بها عن آخر درجة ليتسع سجوده فأقلها أربع . انتهى
قلت : من المعلوم أن الخطوات إلى وراء غير واسعة إذاً فلا بد من خمس خطوات لكي يتمكن من السجود بعد أن ينزل ولا بد أن تكون هذه الخطوات متوالية لأنها في الاعتدال بين الركوع والسجود وهو وقت يسير وبهذا تعلم أن التحديد بثلاث خطوات للإبطال تحديد لا دليل عليه لا سيما وقد صح عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه (فتح الباب ) وهذا يحتاج إلى أنه يمشي إلى الباب خطوات ويرجع بخطوات وصح أنه ( حمل الصبية وهو يصلي ) فكان يحملها إذا قام ويضعها على الأرض إذا ركع وسجد وهذا يحتاج إلى حركات وأنه ( أمر بقتل الحية والعقرب في الصلاة ) وهذا لا تنظبط فيه الحركات ومن ذلك إخبار النبي -صلى الله عليه وسلم- بأن شيطاناً اعترضه في صلاته وأن الله أمكنه منه قال (فذعته حتى وجدت برد لعابه على يدي ) ومن ذلك ما رواه البخاري في كتاب الكسوف من حديث أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها قالت ( أتيت عائشة رضي الله عنها زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- حين خسفت الشمس فإذا الناس قيام يصلون وإذا هي قائمة تصلي فقلت ما للناس ؟ فأشارت بيدها إلى السماء وقالت سبحان الله فقلت آية ؟ قالت نعم - يعني : بالإشارة - فقمت حتى تجلاني الغشي فجعلت أصب فوق رأسي الماء ) وكل هذه وغيرها أدلة أن العمل الذي يكون في الصلاة لحاجة لا يبطل الصلاة وإنما يبطلها العبث الذي يكون من الإنسان لغير حاجة ويمكن أن يقال أن التحديد بثلاث في الإبطال لما كان من الحركات لغير حاجة وهذا يحصل كثيراً من بعض المصلين فتجده يكبر ثم يهيئ غترته أو يحرك ساعته أو ما أشبه ذلك من الحركات التي تحصل عبثاً لغير حاجة وقد عدّ الحنابلة من مبطلات الصلاة العبث الكثير نسأل الله الهداية للجميع
ثالثاً :قال ابن دقيق العيد وفيه دليل على جواز إقامة الصلاة أو الجماعة لغرض التعليم . قلت :في هذا نظر لأن الظاهر أن النبي _ إنما صلى الفرض وفعل ذلك فيه ليعلمهم
فتكون الصلاة قد أقيمت لشيئين : أولهما وهو الأهم أداء الفرض .
وثانيهما التعليم وليس التعليم فقط .
رابعاً : وفيه مشروعية اتخاذ المنبر للجمعة وغيرها إذا أراد أن يكلم الناس
ليشرف عليهم ويراهم جميعاً ويرونه
خامساً :وفيه أنه ثلاث درجات
سادساً:وفيه أنه من طرفاء الغابة وهذا يؤخذ من مجموع ألفاظ الحديث .
--------
تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ
تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ
تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ]
[ المجلد الثالث ]
رابط تحميل الكتاب :
http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf (http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf)
.
ام عادل السلفية
29-07-2015, 06:56PM
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام
للعلامة : احمد النجمي
-رحمه الله-
[134] الحديث الثاني :
عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم - قال : (من جاء منكم الجمعة فليغتسل ) .
موضوع الحديث :
الأمر بالغسل للجمعة على من يأتيها .
المفردات :
من : اسم شرط جازم
جاء : فعل ماضي وهو في محل جزم فعل الشرط وفاعله ضمير فيه يعود على من وجملة فليغتسل جواب الشرط وجزاءه والفاء رابطة بين الفعل والجواب .
المعنى الإجمالي :
كان الصحابة رضوان الله عليهم في أول الإسلام يعانون من الفقر والحاجة يلبسون الصوف ويخدمون أنفسهم فيأتون إلى الجمعة عليهم الغبار وفيهم العرق وكان المسجد ضيقاً فيزيد عليهم العرق في المسجد ويؤذي بعضهم بعضاً بالروائح الكريهة لذلك فقد أمرهم النبي -صلى الله عليه وسلم - الذي بعث بدين الحق والطهر وأنزل الله عليه (وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ ) [المدثر آية 4] فأمرهم بالغسل للجمعة والتنظف لها وأن يصيب الرجل من طيب بيته حتى يكون على أكمل حال وأحسن هيئة نظراً لأن الجمعة عيد المسلمين لذلك فقد قال للهم الرسول -صلى الله عليه وسلم - (من جاء منكم الجمعة فليغتسل ) .
فقه الحديث :
أولاً: يؤخذ من هذا الحديث أن الغسل مشروع لكل من أتى الجمعة سواء كان من أهل وجوبها أم لا وذلك أن من الشرطية تفيد العموم فهي تعم الذكر والأنثى والبالغ وغير البالغ وقد ورد في ذلك حديث عند ابن خزيمة في صحيحه بوب عليه بقوله باب أمر النساء بالغسل لشهود الجمعة أورده من طريق زيد بن حباب حدثني عثمان بن واقد العمري حدثني نافع عن ابن عمر قال : قال رسول الله _ ( من أتى الجمعة من الرجال والنساء فليغتسل ومن لم يأتها فليس عليه غسل من الرجال والنساء ) رقم الحديث 1752 قال المحقق إسناده صحيح وأشار الحافظ في الفتح 2/358 إلى رواية ابن خزيمة هذه وقال ففي رواية عثمان بن واقد عن نافع عند أبي عوانة وابن خزيمة وابن حبان في صحيحهم.
قلت: في إسناده ضعف .أنظر الضعيفة رقم 3958 قلت : قال الحافظ بعد سياق هذه الرواية ورجاله ثقات لكن قال البزار أخشى أن يكون عثمان بن واقد وهم فيه وعثمان بن واقد صدوق ربما وهم قاله في التقريب .
وأقول إن ما ورد في هذا اللفظ صريحاً قد أفاده لفظ العموم المتفق عليه من جاء منكم الجمعة فليغتسل . وهذا يدل على ما دل عليه ذلك الحديث ويكون مؤيداً له وبالله التوفيق .
ثانياً :اختلف أهل العلم في هذا الأمر هل هو للوجوب أو للندب فذهب أهل الظاهر إلى وجوب الغسل يوم الجمعة متمسكين بظاهر هذا الحديث وبقوله -صلى الله عليه وسلم - في حديث أبي سعيد المتفق عليه ( غسل الجمعة واجب على كل محتلم ) وحكاه ابن حزم عن عمر وجمع من الصحابة .وذهب جمهور العلماء من السلف والخلف وفقهاء الأمصار إلى أنه سنة مؤكدة . أهـ من العدة للصنعاني .
وقال ابن عبد البر في التمهيد 10/79 (أجمع المسلمون قديماً وحديثاً على أن غسل الجمعة ليس بفرض واجب وفي ذلك ما يكفي ويغني عن الإكثار ولا يجوز على الأمة بأسرها جهل معنى السنة ومعنى الكتاب وهذا مفهوم عند ذوي الألباب إلا أن العلماء مع إجماعهم على أن غسل الجمعة ليس بفرض واجب اختلفوا فيه هل هو مسنون للأمة أم هو استحباب وفضل أو كان لعلة فارتفعت وليس بفرض ، فذهب مالك والثوري وجماعة من أهل العلم إلى أنه سنة مؤكدة لأنها قد عمل بها رسول الله -صلى الله عليه وسلم - والخلفاء بعده والمسلمون فاستحبوها وندبوا إليها وهذا سبيل السنن المذكروة فمن حجة من ذهب إلى هذا المذهب حديث أبي هريرة رضي الله عنه (من أغتسل يوم الجمعة غسل الجنابة ثم راح فكأنما قرب بدنة ..إلخ الحديث ) أهـ .عزاه المحقق للتمهيد إلى ابن أبي شيبة وعبد الرزاق في المصنف .
قلت : وقع في بعض روايات الصحيحين غسل الجنابة وهذه الرواية وقعت للبخاري في باب فضل الجمعة بلفظ (من أغتسل يوم الجمعة غسل الجنابة ثم راح فكأنما قرب بدنة ) والظاهر أن وجه الاستدلال من هذا الحديث أن النبي ﷺ رتب عليه فضلاً ومن لم يفعل ذلك حرم الفضل فقط ولم يرتب عليه إثماً في تركه .
ومما يستدل به على عدم الوجوب ما رواه البخاري ومسلم وغيرهما من إنكار عمر رضي الله عنه على عثمان رضي الله عنه التأخر فقال ( إني شغلت فلم انقلب إلى أهلي حتى سمعت التأذين فلم أزد على أن توضأت فقال عمر والوضوء أيضاً وقد علمت أن النبي -صلى الله عليه وسلم - كان يأمر بالغسل ) أما وجه الدلالة منه فالذي يظهر أن عمر رضي الله عنه إنما احتج على عثمان رضي الله عنه في ترك سنة مع أنه من السابقين ولم يحتج عليه في ترك فرض
قال النووي : وفيه إشارة إلى أنه إنما ترك الغسل لأنه يستحب فرأى اشتغاله بقصد الجمعة أولى من أن يجلس للغسل بعد النداء ولهذا لم يأمره عمر رضي الله عنه بالرجوع للغسل .
وقال أيضاً واحتج الجمهور بأحاديث صحيحة منها حديث الرجل الذي دخل وعمر يخطب وقد ترك الغسل وقد ذكره مسلم وهذا الرجل هو عثمان بن عفان ووجه الدلالة أن عثمان فعله وأقره عمر وحاضروا الجمعة وهم أهل الحل والعقد ولو كان واجباً لما تركه ولألزموه أهـ
يعني لألزموه بالرجوع للاغتسال ومن هذا يتبين للناظر أن غسل الجمعة ليس فرضاً ولا شرطاً في صحة الجمعة وإنما هو سنة يثاب من فعلها ولا يعاقب من تركها و بالله التوفيق .
--------
تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ
تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ
تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ]
[ المجلد الثالث ]
رابط تحميل الكتاب :
http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf (http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf)
.
ام عادل السلفية
30-07-2015, 11:14PM
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام
للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -
[135] الحديث الثالث:
عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال : جاء رجل والنبي ﷺ يخطب الناس يوم الجمعة فقال :
(صليت يا فلان ؟ ) قال : لا قال : ( قم فاركع ركعتين ) .وفي رواية ( فصل ركعتين )
موضوع الحديث :
التحية في وقت الخطبة
المفردات :
جاء رجل : هو سليك الغطفاني
صليت يا فلان : استفهام بحذف الأداة أي أداة الاستفهام
قال لا : جواب الاستفهام يعني أنه لم يصل حين دخوله المسجد
قال قم فاركع ركعتين : أمر وقد ورد في بعض ألفاظه وتجوز فيهما
المعنى الإجمالي :
أمر النبي ﷺ من دخل يوم الجمعة والإمام يخطب أن يركع ركعتين قبل أن يجلس وأن يتجوز فيهما
بمعنى أن يخففهما
فقه الحديث :
أولاً : يؤخذ من الحديث أن من دخل يوم الجمعة والإمام يخطب فإنه يلزمه أن يصلي ركعتين قبل أن يجلس
وهذا هو قول الشافعي وأحمد وأكثر أصحاب الحديث لهذا الحديث وغيره مما هو أصرح منه وهو قوله ﷺ
( إذا جاء أحدكم المسجد يوم الجمعة والإمام يخطب فليركع ركعتين وليتجوز فيهما ) وذهب مالك
وأبو حنيفة إلى عدم جواز ركوع تحية المسجد لمن دخل والإمام يخطب وتأولوا هذه الأحاديث الصريحة
الصحيحة بتأويلات متعسفة :
أولها :أن النبي ﷺ لما أمر سليكاً سكت عن خطبته حتى قضى سليك صلاته وردّ هذا بأن الدار قطني ضعف
هذا الحديث فليس فيه حجة حتى ترد به الأحاديث الصحيحة .
الثاني : أن النبي ﷺ لما تشاغل بمخاطبة سليك سقط فرض الاستماع عنه يعني عن سليك وردّ بأن ذلك
انقضى حين انقضت مخاطبة النبي ﷺ ورجع إلى خطبته وتشـاغل سليك بامتثال ما أمر به النبي ﷺ
الثالث: أن هذه القصة قبل شروعه في الخطبة وردّ بأن ذلك ليس بصحيح بل قد دخل والنبي ﷺ قائم يخطب .
الرابع :أن ذلك كان قبل تحريم الكلام في الصلاة وهذا مردود أيضاً بأن الكلام في الصلاة حرم قديماً
بل قد قال بعضهم أن تحريم الكلام في الصلاة نزل بمكة .
الخامس : أن النبي ﷺ لما أمر سليكاً بالركوع إنما فعل ذلك ليري الناس بذّته فيتصدقوا عليه لأنه كان رجلاً
فقيراً وقد رد أيضاً والمهم أن الحافظ ابن حجر أوصل الاعتذارات عن العمل بهذا الحديث في الفتح إلى
عشرة كلها واهية وإنما حمل على مثل هذه الاعتذارات التعصب المذهبي وتقديم أقوال الشيوخ والأئمة
على النصوص التي جاءت عن المعصوم ﷺ والحق ما أيده الدليل وهو المذهب الأول .
ومن هنا تعلم أن التعصب للمذاهب داء عضال نسأل الله العافية منه وأقصد بذلك من يرد الدليل ويعتذر عن
العمل به لأنه خالف رأي إمامه وبالله التوفيق .
ثانياً:يؤخذ من الحديث أن الخطبة لا تمنع أداء التحية فقد أمر النبي ﷺ سليكاً بأداء التحية وهو يخطب .
ثالثاً : يؤخذ من هذا الحديث وما في معناه أن تحية المسجد واجبة لأن النبي ﷺ أمر بها أمراً إلزامياً في حال
أداء الخطبة .
رابعاً :يؤخذ منه أنه يجب فعل تحية المسجد ولو في الأوقات المنهي عن الصلاة فيها
خامساً :يؤخذ منه أن التحية لا تفوت بالجلوس ولكن يكون فعلها قبل الجلوس أداءً وبعده قضاء
سادساً : يؤخذ منه أنه يجوز للخطيب أن يكلم بعض المأمومين ويكلمونه
سابعاً : يؤخذ منه أن المأموم يجوز له أن يكلم الإمام ومن ذلك حديث أنس رضي الله عنه قال ( دخل
رجل والنبي ﷺ قائم يخطب فقال يا رسول الله هلكت الأموال وجاع العيال فادع الله أن يسقينا … الحديث )
--------
تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ
تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ
تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ]
[ المجلد الثالث ]
رابط تحميل الكتاب :
http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf (http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf)
.
ام عادل السلفية
01-08-2015, 12:14AM
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام
للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -
[136] الحديث الرابع:
عن جابر رضي الله عنه قال : كان رسول الله ﷺ يخطب خطبتين وهو قائم يفصل بينهما بجلوس .
موضوع الحديث :
القيام في الخطبة والجلوس بين الخطبتين
المفردات :
وهو قائم : الواو واو الحال والجملة بعده حالية
قوله يفصل بينهما بجلوس : أي يفصل بين الخطبتين بجلوس
المعنى الإجمالي :
أن النبي ﷺ كان يخطب خطبتين يعظ الناس فيهما ويذكرهم ويرغبهم فيما عند الله ويرهبهم مما
عنده يفصل بين الخطبتين بجلوس أي بقعدة خفيفة بين الخطبتين .
فقه الحديث :
أولاً: أن هذا الحديث ليس من شرط المؤلف وهو أنه يخرج في هذا الكتاب ما اتفق عليه البخاري
ومسلم وهذا الحديث أخرجه مسلم وأصحاب السنن عن جابر وهو ابن سمرة قال في المنتقى أخرجه الجماعة
ما عدا البخاري والترمذي وقال ابن دقيق العيد في إحكام الأحكام وهذا اللفظ الذي ذكره المصنف لم
أقف عليه بهذه الصيغة في الصحيحين فمن أراد تصحيحه فعليه إبرازه وقال الصنعاني في العدة قلت :
وهذا اللفظ الذي أتى به المصنف هو لفظ الشافعي والنسائي والدار قطني كذا قال الحلبي في شرحه .
وقال الزركشي لفظ النسائي كان رسول الله _ يخطب خطبتين قائماً وكان يفصل بينهما بجلوس
أهـ العدة شرح العمدة 3/128 .
ثانياً: يؤخذ من الحديث أن الخطبتين واجبتان وبه قال جمهور الفقهاء وقال الصنعاني في العدة قوله
عند الجمهور أقول إشارة إلى ما نقل عن الحسن البصري والظاهري أي داود الظاهري أن الجمعة تصح
بلا خطبة وحكي عن مالك .. وقال أبو حنيفة تجزيء خطبة واحدة .
وقال الجمهور إنهما شرط لصحة الصلاة . أهـ من العدة 3/128
وقد نازع في ذلك بعض الفقهاء فقال ليس هناك ما يدل على الوجوب إلا مجرد الفعل ومجرد الفعل
لا يدل على الوجوب فضلاً عن الشرطية . قال ابن دقيق العيد فإن استدل بفعل الرسول صلى لهما مع
قوله ( صلوا كما رأيتموني أصلي ) ففي ذلك نظر يتوقف على أن يكون إقامة الخطبتين داخلاً تحت كيفية
الصلاة فإنه إن لم يكن كذلك كان استدلالاً بمجرد الفعل .
وقال الصنعاني وأقول ومجرده لا يدل على الإيجاب كما عرف في الأصول وقال الحلبي بعد أن نقل
كلام الشارح إن مجرد الفعل هنا كاف لأنه لم ينقل إنه صلى صلاها بلا خطبة ولو كان جائزاً لفعله ولو مرة
واحدة لبيان الجواز على أنه بيان لمجمل الكتاب العزيز أهـ.
قال الصنعاني يريد به قوله تعالى ( فاسعوا إلى ذكر الله ) فإنه أمر بالسعي إلى ذكره وهو مجمل بينه فعله
ﷺ بالخطبتين والصلاة قلت : إن مواظبته صلى على الخطبتين منذ فرضت الجمعة إلى أن مات دال على
أن تلك هي صفة الجمعة التي لا تصح بدونها .
ثالثاً: يؤخذ من هذا الحديث أن الخطيب يخطب قائماً واستدل على ذلك بفعله صلى وبقوله تعالى
_وَتَرَكُوكَ قَائِمًا _[الجمعة آية 11] وترجم البخاري بقوله باب الخطبة قائماً قال في الفتح قال ابن المنذر
عليه عمل أهل العلم من علماء الأمصار ونقل عن أبي حنيفة أن القيام في الخطبة سنة وليس بواجب
وعن مالك أنه واجب فإن تركه أساء وصحت صلاته. وعند الباقين أن القيام للخطبة شرط للقادر كالصلاة
فإنه ما خطب رسول الله صلى إلا قائماً . وقد أخرج ابن أبي شيبة عن طاووس قال : (خطب رسول
الله صلى قائماً وأبو بكر وعمر وعثمان وأول من جلس على المنبر معاوية ) وبحديث كعب بن عجرة :
( أنه دخل المسجد وعبد الرحمن بن الحكم يخطب قاعداً فأنكر عليه وتلا قوله تعالى (وَتَرَكُوكَ قَائِمًا) وفي
رواية ابن خزيمة ( ما رأيت كاليوم قط إماماً يؤم المسلمين يخطب وهو جالس يقول ذلك مرتين )
قلت : الذي يظهر من هذا البحث أن القيام في الخطبة واجب فإن تركه أساء وأثم وصحت صلاته لأن
ذلك فعل في عهد الصحابة والصحابة متوافرون وذلك على عهد معاوية فلو كانت الصلاة باطلة لنقل
ذلك عنهم .
أما الجلوس فقد ورد واشتهر أن أول من فعله معاوية وقيل مروان والظاهر أن أول من فعله بالشام معاوية
وأول من فعله بالمدينة مروان تأسياً بمعاوية.
وقد ذكر أن معاوية لما كثر شحم بطنه لم يستطع القيام فخطب جالساً وتأسى به عماله وكانت سنة في بني
أمية لم تتغير إلا عندما قامت دولة العباسيين .
أما القعدة بين الخطبتين فقال ابن دقيق العيد وفي الحديث دليل على الجلوس بين الخطبتين ولا
خلاف فيه وقد قيل بركنيته وهو منقول عن أصحاب الشافعي .قال الصنعاني أقول نقلوا عن الشافعي أن
القعود بين الخطبتين ركن لأنه لم ينقل عنه ﷺ والخلفاء الأربعة بعده خلافه . قال وخالفه الجمهور في القعود
بينهما يعني الخطبتين فقالوا إنه سنة وبه قال الهادوية .
أما مقداره فقالت الشافعية يطمئن فيه بمقدار سورة الإخلاص أما من قال تجزيء السكتة قائماً عن
القعود فليس لهم دليل إلا القياس على السكتة بعد القراءة .
وبالله التوفيق .
--------
تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ
تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ
تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ]
[ المجلد الثالث ]
رابط تحميل الكتاب :
http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf (http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf)
.
ام عادل السلفية
01-08-2015, 07:31PM
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام
للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -
[137] الحديث الخامس :
عن أبي هريرة رضي الله عنه : أن النبي ﷺ قال : ( إذا قلت لصاحبك : أنصت – يوم الجمعة والإمام يخطب – فقد لغوت )
موضوع الحديث :
منع الكلام في وقت الخطبة
المفردات :
قوله فقد لغوت : يقال لغا يلغو من باب دخل يدخل ونصر ينصر ولغي يلغى من باب أثم يأثم
ويمكن أن يقال لغا يلغي من باب رمى يرمي .
ويأتي لمعنيين يأتي لغا بمعنى سكت ويأتي لغا بمعنى تكلم ومجرى الكلام يقرر المعنى المقصود والظاهر
أن معنى لغوت معناه تكلمت وحينئذ تكون قد أبطلت جمعتك ويمكن أن يقال معنى لغوت يعني
أبطلت جمعتك لكن الأول أشهر لأن الخطاب للمصلين ولو كان المقصود منه إبطال جمعتك لكان أن
يقول فقد لغت جمعتك أي سقطت
. ويطلق اللغو على الكلام الذي لا خير فيه قال تعالى _ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا_ [الفرقان آية 72]
المعنى الإجمالي :
للخطبة احترام في وقتها وتفريغ الذهني للاستماع لها لذلك قال النبي ﷺ من قال لأخيه أنصت يوم
الجمعة والإمام يخطب فقد لغا ومن لغا فلا جمعة له .
فقه الحديث :
قال الزين بن المنير اتفقت أقوال المفسرين على أن اللغو ما لا يحسن من الكلام وقال النضر بن
شميل معنى لغوت خليت من الأجر وقيل بطلت فضيلة جمعتك ولعل الأقرب هذا من قول من قال صارت
جمعتك ظهراً .
لكن ورد حديث عند أبي داود وابن خزيمة من حديث عبدالله بن عمر مرفوعاً ( ومن لغا وتخطى رقاب الناس
كانت له ظهراً ) قال ابن وهب أحد رواته معناه أجزأت عنه الصلاة وحرم فضيلة الجمعة .
ولأحمد والبزار من حديث ابن عباس مرفوعاً ( من تكلم يوم الجمعة والإمام يخطب فهو كالحمار يحمل
أسفاراً والذي يقول له أنصت ليس له جمعة ) قال وله شاهد قوي في جامع حماد بن سلمة عن ابن عمر
موقوفاً.قال العلماء لا جمعة كاملة للإجماع على إسقاط فرض الوقت عنه أهـ.
ويؤخذ من الحديث وجوب الإنصات في الخطبة وقد حدده الشافعي بالأربعين وفيما عداهم قولان
أي أن الشافعي لا يرى وجوب الإنصات إلا إذا بلغ الحاضرون أربعين وهذا مبني على أن الجمعة لا تصح
إلا بهذا العدد . والقول بعدم صحة جمعة من دون هذا العدد قول لا ينبني على دليل إلا (حديث كعب
بن مالك وأنهم كانوا في أول جمعة جمعوها نحو أربعين) وهذا لا يفيد إبطال جمعة من دون هذا العدد
والقول أن الجمعة تنعقد بما أطلق عليه اسم الجماعة وهم( ثلاثة والإمام)
وسائر الأقوال لا تنبني على دليل صريح صحيح فمالك يرى أنها تنعقد باثني عشر والشافعي وأحمد يريان
أنها تنعقد بأربعين وأبو حنيفة يرى رأياً غير رأيهم ولكن هذه الأقوال لا تنبني على دليل يمنع ما دونها
والصحيح من أقوال أهل العلم هو ما ذكرته قبل قليل وعلى هذا فإن الإنصات واجب في كل عدد
تنعقد به الجمعة وهل الكلام حرام أو مكروه في هذا خلاف والقول الصحيح هو القول بالتحريم ومن أجاز
الكلام في الخطبة فإنه قد أساء وخالف الأدلة علماً بأن ابن عبد البر ذكر الاتفاق على وجوب الإنصات
على من حضر الجمعة إذا سمعها واختلفوا فيمن لم يسمع الخطبة لبعد أو صمم وهل يجوز له أن يذكر الله
أو يقرأ هذا محل خلاف ونظر والذي يظهر لي عدم الجواز ولو كان ذاكراً لأن من كان ذاكراً فقد تكلم
ومن تكلم فقد لغا كما في الحديث . واختلفوا في أربعة أشياء رد السلام وتشميت العاطس والصلاة
على النبي ﷺ إذا ذكر والتأمين على الدعاء .
وقد علمت أن النبي ﷺ أخبر أن من قال لأخيه أنصت يوم الجمعة والإمام يخطب أن جمعته لاغية
فإذا كان قد مُنع الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فغيره من باب أولى .
وقد استدل أصحاب مالك
بهذا الحديث على منع تحية المسجد في حال الخطبة ولا دليل لهم في ذلك فقد تقدم أن النبي ﷺ أمر بها
في حال الخطبة وليس للعقول ولا الأقيسة دخل في الأحكام الشرعية لأنها مأخوذة عمن عصمه الله
من الخطأ وأخبر أنه لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى ومعلوم أن من قال بالمنع فقد قال برأيه
وخالف الدليل الصحيح الصريح أو تابع من قال برأيه وجعل قوله مقدماً على ما صح عن المعصوم ﷺ.
وقد مضى معنا أن النبي ﷺ قال لسليك قم فاركع ركعتين وأوجز فيهما وإذا جاء نهر الله بطل نهر معقل
كما يقال .
وبالله التوفيق .
--------
تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ
تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ
تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ]
[ المجلد الثالث ]
رابط تحميل الكتاب :
http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf (http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf)
.
ام عادل السلفية
03-08-2015, 12:55AM
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام
للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله-
[138]الحديث السادس :
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسـول الله ﷺ قال :(من اغتسل يوم الجمعة [ غسل الجنابة ] ثم راح في
الساعة الأولى فكأنما قرب بدنة ومن راح في الساعة الثانية فكأنما قرب بقرة ومن راح في الساعة الثالثة
فكأنما قرب كبشاً أقرن ومن راح في الساعة الرابعة فكأنما قرب دجاجة ومن راح في الساعة الخامسة فكأنما
قرب بيضة فإذا خرج الإمام حضرت الملائكة يستمعون الذكر )
موضوع الحديث :
فضيلة التبكير إلى الجمعة
المفردات :
راح : هو الذهاب في وقت الرواح وهو بعد الزوال وقد يطلق ويراد به مجرد الذهاب ؟
بدنة : هي الواحدة من الإبل
بقرة : هي الواحدة من البقر أي كأنما أهداها لتنحر في مكة
كبشاً أقرن : أي له قرون والدجاجة والبيضة معروفة
قرب : معناها إما أن يكون المقصود منه اهدي أو تصدق
حضرت الملائكة : يعني لتسمع خطبة الإمام والمراد بالذكر الخطبة
أما الساعة فسيأتي البحث فيها .
المعنى الإجمالي :
أخبر النبي ﷺ عن تفاوت الناس في السعي إلى الجمعة بحسب التبكير وأخبر أن كل قوم اشتركوا في ساعة
فلهم الفضل المذكور وأن هذه الساعات تنتهي بجلوس الإمام على المنبر وأن الملائكة الموكلون بكتابة
الناس على حسب حالهم في التقدم والتأخر يطوون صحفهم إذا خرج الإمام .
فقه الحديث :
أولاً :يؤخذ من هذا الحديث تأكيد الغسل يوم الجمعة وأن هذه الفضيلة لا تنال إلا بذلك لقوله من اغتسل
يوم الجمعة ثم راح ..إلخ .
قال الصنعاني في العدة أقول وقع في بعض طرقه في الصحيحين زيادة بلفظ غسل الجنابة وهو نعت لمصدر
محذوف أي غسلاً كغسل الجنابة ويؤيده ما وقع في بعض طرقه عند عبد الرزاق فاغتسل أحدكم كما يغتسل للجنابة .
ثانياً:يؤخذ من قوله يوم الجمعة أي من اغتسل يوم الجمعة ثم راح أن الغسل شرع للرواح إلى الجمعة ولم يشرع
لليوم خلافاً للظاهرية القائلين بأن الغسل شرع لليوم لا للصلاة وعندهم لو اغتسل بعد صلاة الجمعة جاز
ويرد قولهم ما رواه البخاري في باب وقت الجمعة إذا زالت الشمس من حديث عمرة عن عائشة بلفظ
(كان الناس مهنة أنفسهم وكانوا إذا راحوا إلى الجمعة راحوا في هيئتهم فقيل لهم لو اغتسلتم) فدل هذا على أن
الاغتسال لصلاة الجمعة لا ليوم الجمعة .
ثالثاً: يؤخذ منه استحباب التبكير للجمعة وأن فيه فضل عظيم .
رابعاً :اختلف في التبكير ما هو هل هو الذهاب من أول وقت الرواح إلى الجمعة أو هو الذهاب
من بعد طلوع الشمس وفي هذا خلاف مبني على الخلاف في الساعات .
خامساً :اختلف في الساعات ما هي هل هي الساعات التوقيتية التي ينقسم فيها اليوم إلى اثنتي عشرة ساعة
أو هي أجزاء زمانية ينقسم فيها وقت الرواح إلى خمس ساعات .ذهب إلى الأول الظاهرية وذهب إلى الثاني
الجمهور فالظاهرية يقولون التبكير يكون من أول النهار والجمهور يقولون التبكير يكون من أول وقت
الرواح ومذهب الجمهور هو الأصح .
سادساً : يرد على الظاهرية في قولهم هذا بأمور :-
أولها :أن كلمة راح لا تستعمل إلا في وقت الرواح أو ما هو قريب منه فلو كان التبكير من طلوع الشمس
لقال غدا ولم يقل راح .
ثانيها: أن أصحاب النبي ﷺ كانوا يذهبون لأعمالهم في أول النهار ثم يأتون إلى الجمعة وقد علاهم العرق
والغبار والدليل على ذلك ما رواه البخاري في باب وقت الجمعة إذا زالت الشمس من حديث عمرة عن
عائشة بلفظ ( كان الناس مهنة أنفسهم وكانوا إذا راحوا إلى الجمعة راحوا في هيئتهم فقيل لهم لو اغتسلتم).
ومعنى مهنة أنفسهم أي يباشرون أشغالهم بأنفسهم ليس لهم خدم .
ثالثها :أن الله عز وجل أمر بالسعي بعد النداء والنداء لا يكون إلا بعد الزوال .
رابعها:أنه ورد في حديث سعيد بن المسيب عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي ﷺ قال ( إِذَا كَانَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ
وَقَفَتِ الْمَلائِكَةُ عَلَى بَابِ الْمَسْجِدِ يَكْتُبُونَ الأَوَّلَ فَالأَوَّلَ وَمَثَلُ الْمُهَجِّرِ كَمَثَلِ الَّذِي يُهْدِي بَدَنَةً .... الحديث )
والمهجر هو الذاهب في الهاجرة والهاجرة هي نصف النهار .
خامسها :أنا لو اعتبرنا الساعات أنها هي الساعات التوقيتية لكان الإمام يخرج بعد الساعة الخامسة وهذا
يكون فيه تقدم على وقت الجمعة بساعة لأن الزوال لا يكون إلا بعد الساعة السادسة التي هي نصف النهار .
سادسها : أن كلمة التبكير لا يراد منها هنا الذهاب في البكور وإنما يراد منه التقدم في أول وقت الرواح
وبناء على هذه الأدلة فالقول الأرجح أن المراد بالساعات أجزاء زمانية قليلة تبدأ من أول وقت الرواح حتى
يجلس الإمام على المنبر وهذا هو قول الجمهور وقد تبين أن قول الظاهرية قول ضعيف ترده الأدلة .
سابعاً : يؤخذ من الحديث أن وقت الجمعة هو وقت الزوال لهذه الأدلة الصحيحة راح ، والمهجر، وما أشبه
ذلك لأن هذه الكلمات لا تقال غالباً إلا في وقت الزوال وما يقاربه وعلى هذا فهذه الأحاديث ترد قول
من قال أن وقت الجمعة يجوز قبل الزوال اعتماداً على (حديث عبدالله بن سيدان) وهو حديث متكلم فيه
فلا يقاوم هذه الأحاديث الصحيحة ومما يؤيد هذا المأخذ أن صلاة الجمعة هي بدل من صلاة الظهر
وصلاة الظهر لا تجوز إلا بعد الزوال بالنصوص الشرعية والإجماع .
ثامناً :يؤخذ منه فضيلة المبكر وأنه كمن أهدى بدنة ثم ما بعده على الترتيب .
تاسعاً :يؤخذ منه أن المشتركين في كل ساعة ثوابهم سواء حسب ظاهر الحديث فكل من جاء في
الساعة الأولى كأنما قرب بدنة ومن جاء في الساعة الثانية كأنما قرب بقرة ……….إلخ الحديث .
عاشراً :أن هذه الساعات تنتهي بجلوس الإمام على المنبر لقوله فإذا خرج الإمام حضرت الملائكة يستمعون
الذكر .
الحادي عشر: أن الملائكة يستمعون الذكر بعد أن يطووا صحفهم .
الثاني عشر : أن من جاء بعد جلوس الإمام على المنبر فلا فضل له .
الثالث عشر: أن البيضة تقرب وتكتب في العمل إذا كانت في سبيل خير وأنه لا يستهان بشيء من أعمال الخير
والشر كيف لا وقد قال الله تعالى _ فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ _ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ
_ [الزلزلة 7-8]
--------
تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ
تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ
تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ]
[ المجلد الثالث ]
رابط تحميل الكتاب :
http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf (http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf)
.
ام عادل السلفية
04-08-2015, 12:41AM
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام
للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -
[139] الحديث السابع :
عن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه – وكان من أصحاب الشجرة قال : كنا نصلي مع رسول الله ﷺ صلاة
الجمعة ثم ننصرف وليس للحيطان ظل نستظل به .
وفي لفظ : كنا نجمع مع رسول الله ﷺ إذا زالت الشمس ثم نرجع فنتتبع الفيء .
موضوع الحديث :
وقت الجمعة
المفردات :
قوله وكان من أصحاب الشجرة :هي شجرة الحديبية التي بايع النبي ﷺ أصحابه تحتها وقد بايع النبي ﷺ
في ذلك اليوم ثلاث مرات في أول المبايعة وأوسطها وآخرها وكان شجاعاً فاضلاً صالحاً رامياً وكان يسبق
الفرس جرياً ويقال إنه هو الذي كلمه الذئب فروي أنه قال رأيت الذئب أخذ ظبياً فطلبته حتى أنتزعته منه فقال
ويحك مالك ومالي عمدت إلى رزق رزقنيه الله ليس من مالك فمالك تنتزعه مني قال فقلت يا عباد الله إن
هذا لعجب ذئب يتكلم فقال
الذئب أعجب من هذا أن النبي ﷺ في أصول النخل يدعوكم إلى عبادة الله فتأبون إلا عبادة الأوثان قال فلحقت برسول
الله ﷺ فأسلمت وغزا سلمة مع النبي ﷺ سبع غزوات وتوفي سنة 74هـ بالمدينة
ثم ننصرف : أي نعود من الصلاة .
وليس للحيطان ظل نستظل به : أي ليس لها ظل كاف للاستظلال به
قوله إذا زالت الشمس : إذا ظرف
لفعل نجمع أي نجمع مع رسول الله ﷺ حين تزول الشمس وهو شبه صريح أن الجمعة تصلى بعد الزوال وهو الراجح .
الفيء :هو الظل الذي يكون بعد الزوال وليس كل ظل فيء وإنما يقال للظل الذي بعد الزوال فيءٌ لأنه فاء
بمعنى رجع والفيء الرجوع قاله ابن قتيبة في أول كتاب أدب الكاتب وقال والعامة يذهبون إلى أن الظل والفيء
بمعنى واحد وليس كذلك بل الظل يكون غدوة وعشية في أول النهار وآخره . أهـ من العدة للصنعاني
ومفهوم كلام ابن قتيبة أن الفيء خاص بالظل الذي بعد الزوال .
المعنى الإجمالي :
يخبر سلمة بن الأكوع رضي الله عنه أنهم كانوا يصلون الجمعة مع النبي ﷺ إذا زالت الشمس ثم يعودون إلى
بيوتهم وليس للحيطان ظل يكفي للاستظلال به .
فقه الحديث :
يؤخذ من هذا الحديث أن وقت الجمعة هو وقت الظهر أي بعد الزوال وإلى ذلك ذهب جمهور أهل العلم .
وادعى ابن العربي الإجماع على أن وقتها بعد الزوال إلا ما نقل عن أحمد بن حنبل أنه إن صلاها قبل الزوال
أجزأته ، قال الحافظ ابن حجر قد نقله أي صحة وقوعها قبل الزوال ابن قدامه وغيره عن جماعة من السلف .
قلت : ذكر ابن قدامة في المغني أنه قد روي فعلها قبل الزوال عن ابن مسعود ومعاوية وجابر وعن
مجاهد وعطاء أن كل عيد في أول النهار وعدوا الجمعة من الأعياد وليس هذا أي كونها عيداً بمبيح لأدائها
قبل الزوال فالراجح أن وقتها وقت الظهر لأمور :-
أولاً : أنها بدل من الظهر فلا يصح أن تصلى إلا في وقت الظهر وهو بعد الزوال بإجماع المسلمين .
ثانياً : أن حديث سلمة بن الأكوع في الصحيحين وهو الحديث الذي نحن بصدد شرحه الآن يدل على أن
النبي ﷺ كان يفعلها عند الزوال لقوله كنا نجمع مع رسول الله ﷺ إذا زالت الشمس ثم نرجع فنتتبع
الفيء فهذه الرواية صحيحة وصريحة أن وقت الجمعة بعد الزوال وإذا تعارض هذا مع غيره رجح عليه لصحته
وصراحته .
ثالثاً: أما قوله وليس للحيطان ظل نستظل به فهذا النفي متوجه على القدر الكافي للاستظلال وليس
متوجهاً على مجرد الظل إذا علم هذا فإن الفيء الذي يكفي للاستظلال إنما يكون بعد وقت الزوال وليس
بعد الزوال مباشرة .
رابعاً : أن هذا الحديث يدل على أن النبي ﷺ كان يسرع بها بعد الزوال مباشرة ومما يدل على ذلك
حديث سهل بن سعد رضي الله عنه قال (ما كنا نقيل ولا نتغدى إلا بعد الجمعة ) وحديث جابر رضي الله عنه
قال (كنا نصلي مع رسول الله ﷺ ثم نرجع فنريح نواضحنا ) .
خامساً: ومما يدل على أن الجمعة بعد الزوال ما رواه مالك في الموطأ وهو أثر( أن طنفسة كانت لعقيل
بن أبي طالب توضع عند جدار المسجد فإذا غشيها الظل خرج عمر رضي الله عنه فصلى الجمعة ) ،
وهذا معناه أن الطنفسة كانت توضع إلى جانب جدار المسجد الغربي من الجهة الشرقية فإذا أمتد عليها
الظل خرج عمر بل هذا الأثر يدل على أن عمر كان يتأخر بعد الزوال قليلاً ولعله من أجل أن يجتمع الناس فإن
الناس كثروا في المدينة في زمنه .
سادساً :أن القاعدة الأصولية أنه إذا تعارض نصان فإما أن يكونا متكافئين في الصحة فيجمع بينهما وإن لم
يكونا متكافئين رجح أحدهما على الآخر أي يرجح الصحيح على الضعيف أو المنطوق على المفهوم
أو النص على الظاهر والآثار الواردة في تقديم الجمعة قبل الزوال كلها آثار عمن دون النبي ﷺ فلا تتعارض مع الثابت
عنه صلوات الله وسلامه عليه ومع ذلك ففيها ضعف أو في بعضها ورواية الصحيحين مقدمة على
غيرها لصحتها وصراحتها . وبالله التــوفيــق .
--------
تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ
تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ
تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ]
[ المجلد الثالث ]
رابط تحميل الكتاب :
http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf (http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf)
.
ام عادل السلفية
05-08-2015, 01:47AM
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام
للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله-
[140] الحديث الثامن :
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : كان النبي ﷺ يقرأ في صلاة الفجر يوم الجمعة ( آلم تنزيل ) السجدة
و ( هل أتى على الإنسان ) .
موضوع الحديث :
ما يقرأ به في صلاة الفجر يوم الجمعة .
المفردات :
آلم تنزيل السجدة : اسم للسورة ويقال لها سورة الجمعة
وهل أتى على الإنسان : يقال لها سورة الإنسان
المعنى الإجمالي :
شرع الله عز وجل على لسان رسوله ﷺ قراءة هاتين السورتين في صلاة الفجر من يوم الجمعة لأن فيهما ذكر
خلق آدم وذكر يوم القيامة والجنة والنار فناسب قراءتهما في هذا اليوم تذكيراً لما قد وقع فيه من خلق آدم وبما
سيقع فيه من بعث الأجساد والقيام للجزاء
فقه الحديث :
يؤخذ من هذا الحديث استحباب قراءة هاتين السورتين في صبح يوم الجمعة وكره مالك قراءة السجدة في
صلاة الفرض خشية التخليط على المأمومين وخص بعض أصحابه الكراهة في صلاة السر أي التي تسر
فيها القراءة قال ابن دقيق العيد فعلى هذا لا يكون مخالفاً لمقتضى هذا الحديث ، وفي المواظبة على ذلك
دائماً وهو أنه ربما أدى الجهال إلى اعتقاد أن ذلك فرض في هذه الصلاة وفي مذهب مالك حسم مادة
هذه الذريعة .
قلت : ترك السنة المأثورة عن النبي ﷺ من أجل احتمالات قد تقع وقد لا تقع لا يجوز بل يجب علينا أن
نعمل بالسنة وأن نعلم الجهال ما خفي عليهم
وبالله التوفيق .
--------
تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ
تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ
تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ]
[ المجلد الثالث ]
رابط تحميل الكتاب :
http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf (http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf)
التصفية والتربية
TarbiaTasfia@
.
ام عادل السلفية
06-08-2015, 03:21PM
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام
للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -
بــاب العـيـديـن
العيدين تثنية عيد والعيد هو ما عاد وتكرر فإما أن يعود عليك وإما أن تعود عليه والأعياد الزمانية تعود
على الناس كعيد الفطر وعيد الأضحى والجمعة أما الأعياد المكانية فالناس يعودون عليها وهي في الإسلام
الأماكن المقدسة كالمسجد الحرام ومنى وعرفة ومزدلفة ورمي الجمار وما أشبه ذلك هذه تعد أعياد
مكانية يعود عليها الناس وهي في نفس الوقت أعياد زمانية تعود وتتكرر يعني أن تلك العبادات لا تصح إلا في تلك
الأماكن وفي الأزمنة المحددة لها إلا العمرة والطواف بالبيت فهي مكانية فقط وتصح في جميع الأزمة بدون استثناء .
[141] الحديث الأول:
عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما قال : كان النبي ﷺ وأبو بكر وعمر يصلون العيدين قبل الخطبة .
موضوع الحديث:
تقديم الصلاة في العيدين قبل الخطبة
المفردات
كان: فعل ماضي ناقص يدل على الاستمرار وجملة يصلون خبر كان أما
اسمها فهو لفظ النبي _ وأبو بكر وعمر .
المعنى الإجمالي
كان النبي ﷺ يصلي العيدين وكل نافلة تشرع فيها الجماعة كالخسوف والكسوف وصلاة
الاستسقاء يصليها قبل الخطبة وقد كانت الجمعة في أول الإسلام كذلك .
فقه الحديث
أولاً :سبب مشروعية العيدين أن النبي _ قدم المدينة ولأهلها يومان يظهرون فيهما الزينة فأبدلهما
الله من تلك اليومين بيومين خير منهما وهما عيد الفطر وعيد الأضحى شرع الله لعباده أن يظهروا فيهما
الزينة وأن يذكروه ويكبروه على ما أتم عليهم من النعم ففي الفطر صلاة العيد تشرع شكراً لله على
ما أتمه على عباده وأعانهم عليه من إتمام شهر رمضان بصيامه وقيامه وأما عيد الأضحى فقد شرع شكراً لله
على ما أتمه على عباده من نعمة الحج والعبادة في عشر ذي الحجة ولهذا قال بعضهم
أعيادنا ثــلاثة فاثنــان في سنة فطر وأضحى الثاني
وثالث يعتاد أسبـــوعياً خصيصة في ديننـا تهـيــأ
فضيلة خص بها نبـيـنا كم أمة عنها أضلت قبـلنــا
ولم تكن أعياد لهو وطرب وصرف أوقات بغير مكتسب
ثانياً :حكمها أما حكم صلاة العيدين فقد اختلف فيه الفقهاء فذهب الجمهور إلى أنها سنة مؤكدة
وذهب بعض أهل العلم إلى أنها فرض عين وممن ذهب إلى وجوبها عيناً أبو حنيفة والأوزاعي والليث
ورواية عن مالك .وعن بعض الشافعية أنها فرض كفاية وهو مذهب أحمد ولعل القول بأنها فرض عين أو واجب
عيني هو الأقرب لأن النبي ﷺ ( أمر بإخراج الحيض إلى المصلى ) وذلك يدل على أهمية هذه الشعيرة
وعناية الإسلام بها .
ثالثاً: يؤخذ منه أن صلاة العيدين مشروعة قبل الخطبة والدليل على ذلك استفاضة النقل بأن النبي ﷺ
كان يفعلها قبل الخطبة ومن ذلك هذا الحديث .
رابعاً : حصل في عهد بني أمية تقديم الخطبة على الصلاة وأنكر عليهم ذلك فلم يرجعوا فقيل أن أول
من فعل ذلك معاوية وقيل مروان بن الحكم وقيل زياد في العراق وقيل عثمان بن عفان في أخر عمره لما رأى كثيراً
من الناس يأتون بعد الصلاة .
والمهم أن هذه السنة تركت زمناً ثم أعيدت في دولة بني العباس والسبب في ذلك أنّ بني أمية جعلوا في
صميم الخطبة سب من لا يستحق السب فكان الناس يتركون الخطبة ويذهبون كراهية أن يسمعوا ما يذكر
فيها من السب لبعض أفاضل الصحابة ومن أجل ذلك قدموا الخطبة على الصلاة وخالفوا هذه السنة .
--------
تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ
تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ
تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ]
[ المجلد الثالث ]
رابط تحميل الكتاب :
http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf (http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf)
.
ام عادل السلفية
07-08-2015, 01:00PM
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام
للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -
[142] الحديث الثاني:
عن البراء بن عازب رضي الله عنه قال : خطبنا النبي ﷺ يوم الأضحى بعد الصلاة فقال : ( من صلى
صلاتنا ونسك نسكنا فقد أصاب النسك ومن نسك قبل الصلاة فلا نسك له ) قال أبو بردة بن نيار –
خال البراء بن عازب – يا رسول الله إني نسكت شاتي قبل الصلاة وعرفت أن اليوم يوم أكل وشرب وأحببت أن
تكون شاتي أول ما يذبح في بيتي فذبحت شاتي وتغديت قبل أن آتي الصلاة فقال : (شاتك شاة لحم ) قال :
يا رسول الله فإن عندنا عناقاً هي أحب إليّ من شاتين أفتجزي عنّي ؟ قال نعم ولن تجزي عن أحد بعدك )
موضوع الحديث:
أن الصلاة قبل الخطبة وأن الذبح لا يصح إلا بعد الصلاة
المفردات :
يوم الأضحى : المراد به يوم عيد الأضحى
ونسك نسكنا : المراد بالنسك هنا الذبيحة التي يتقرب بها إلى الله عز وجل قال تعالى_ قُلْ إِنَّ صَلاتِي
وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ _ لا شَرِيكَ لَهُ _ [الأنعام آية 162 – 163] فقرن النسك بالصلاة
أي أن المسلم لا يذبح لغير الله كما يفعل المشركون ولا يصلي لغيره ولا يطلب من غيره جلب نفع ولا دفع
ضر بل ذلك كله يجعله لله وعلى هذا فلا يدخل فيه ما ذبح للحم أو للبيع ويدخل فيه ما ذبح لإكرام
الضيف إحياءً لسنة الضيافة وما أشبه ذلك .
قوله فقد أصاب النسك : أي قد أصاب النسك الصحيح
قوله فلا نسك له : أي لا ضحية له
قوله فذبحت شاتي وتغديت قبل أن آتي الصلاة : يدل هذا اللفظ على أن الأكل الواقع في البكور
يسمى غداء لأن هذا الوقت يسمى غدواً كقوله تعالى _ بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ _[ الأعراف : 205 - النور :
36] (ولتسمية صلاة الصبح صلاة الغداة
قوله ﷺ شاتك شاة لحم : أي لا شاة نسك .
قوله فإن عندنا عناقاً :العناق الأنثى من ولد المعز إذا قويت ولم تبلغ الحول .
قوله أفتجزي عني : استفهام طلبي
قال النبي ﷺ نعم ولن تجزئ عن أحد بعدك : يعني أنها خصيصة لأبي بردة يعني هذه الرخصة
المعنى الإجمالي :
تضمن هذا الحديث أن النبي ﷺ صلى بأصحابه عيد الأضحى ثم خطبهم معلنا في خطبته أن من صلى صلاة
النبي _ ونسك نسكه فقد أصاب النسك أي فإن ضحيته مجزئة ومقبولة ومن نسك قبل الصلاة أي ذبح قبل
الصلاة فلا نسك له وفيه أن النبي ﷺ اعتبر العناق مجزأة عن أبي بردة خصيصة له وأنها لا تجزي عن أحد بعده .
فقه الحديث :
أولاً: يؤخذ من هذا الحديث مشروعية الخطبة للعيدين ولا خلاف في مشروعيتها فيما أعلم لكن
اختلفوا في موضعها والصحيح أنها بعد الصلاة وما فعل في زمن بني أمية لم يكن مبنياً على اجتهاد فقهي
وإنما كان مبنياً على هوى فإن كان من فعله صحابي فله من السابقة ما يغفر الله له به ذلك ونحن نعتقد فضل الصحابة
وأنهم ليسوا معصومين وإن كان من غيرهم فنسأل الله أن يتجاوز عنا وعنه ولكنه خالف السنة والأدلة
على كون الخطبة في العيدين وما شابهها من السنن التي تشرع لها الجماعة بعد الصلاة الأدلة على ذلك
متوافرة ومتواترة وإن لم تكن متواترة فهي مستفيضة ومن الأدلة على ذلك حديث ابن عمر السابق وحديث البراء هذا .
فقوله خطبنا النبي ﷺ يوم الأضحى بعد الصلاة دليل على ذلك .
ثانياً :يؤخذ من هذا الحديث أن من نسك قبل الصلاة أي صلاة العيد فلا نسك له .
وقد اختلف أهل العلم هل المراد صلاة المرء نفسه أي المضحي أو صلاة الإمام قال ابن دقيق العيد
قوله من نسك قبل الصلاة فلا نسك له يقتضي أن ما ذبح قبل الصلاة لا يقع مجزياً عن الأضحية ولا شك
أن الظاهر من اللفظ أن المراد قبل فعل الصلاة فإن إطلاق لفظ الصلاة وإرادة وقتها خلاف الظاهر
ومذهب الشافعي اعتبار وقت الصلاة فإذا مضى ذلك دخل وقت الأضحية
.
قال الصنعاني على قوله ومذهب الشافعي اعتبار وقت الصلاة أقول - يعني الصنعاني – وقال الشافعي
وداود وابن المنذر وآخرون يدخل وقتها إذا طلعت الشمس ومضى قدر صلاة العيد وخطبتين فإذا ذبح بعد هذا الوقت
أجزأه سواء صلى مع الإمام أم لا وسواء كان من أهل الأمصار أم من أهل القرى والبوادي والمسافرين
وسواء ذبح الإمام ضحيته أم لا والعجب أنه لم يذكر دليلاً للشافعية على هذا الاختيار المخالف لظــاهر
حديث البراء وحديث جابر أهـ .
قال ابن دقيق العيد ومذهب غيره اعتبار فعل الصلاة والخطبتين وقد ذكرنا أنه الظاهر أهـ
قلت :من اختار أن قوله وصلى صلاتنا أن المراد بالصلاة هنا فعل المضحي للصلاة قبل أن يضحي من قال
بهذا القول فقد جعل صلاة العيد شرطاً في صحة الأضحية من المضحي لأنهم علقوا صحة الأضحية بفعله
لصلاة العيد وقد يكون ممن لا تجب عليه صلاة العيد وقد يكون ممن تجب عليه فقصر فيها فهذا القول هو
خلاف الظاهر لأن النبي ﷺ قال من صلى صلاتنا ونسك نسكنا فقد أصاب النسك فدل هذا على أن صلاة
المضحي ليست شرطاً في صحة أضحيته ولكن مضي وقت الصلاة هو الشرط لصحتها وعلى هذا فمذهب
الشافعي عندي وجيه .
ثالثاً : يؤخذ من قوله شاتك شاة لحم دليل على إبطال كونها نسكاً وأن المأمورات إذا وقعت على خلاف
مقتضى الأمر لم يعذر فيها بالجهل ومثلوا لذلك بحديث ( المسيء في صلاته) حيث أمره النبي ﷺ بإعادتها
وكذلك هنا من نحر قبل وقت النحر فنحره باطل غير مجزئ قال ابن دقيق العيد وقد فرقوا في ذلك
بين المأمورات والمنهيات فعذروا في المنهيات بالنسيان والجهل واستدلوا على ذلك ( بحديث معاوية بن الحكم
حين تكلم في الصلاة فلم يأمره النبي ﷺ بالإعادة) ومثل ذلك أيضاً حديث يعلى بن أمية في (الرجل
الذي جاء يسأل عن العمرة وقد لبس جبة وتضمخ بالطيب حيث أمره النبي ﷺ بخلع الجبة وغسل الخلوق ولم
يأمره بدم فيما مضى قالوا هذا الفرق بينهما لأن المقصود من المأمورات إقامة مصالحها وذلك لا يحصل
إلا بفعلها أما المنهيات فهي مزجور عنها بسبب مفاسدها امتحاناً للمكلف بالانكفاف عنها وذلك إنما يكون بالتعمد
لارتكابها ومع النسيان والجهل لم يكن قاصداً مخالفة النهي فعذر فيه بالجهل والنسيان .
رابعاً : قوله ولن تجزئ عن أحد بعدك قال ابن دقيق العيد ولن تجزئ أي أن ذلك بفتح التاء بمعنى تقضي
يقال جزى عن كذا أي قضى حكاه الصنعاني عن الجوهري وقال بنو تميم يقولون أجزأت عنك شاة بالهمز أهـ .
ويجوز أن يكون بضم التاء أي تجزي من أجزأ يجزي قال الزمخشري في أساس البلاغة بنو تميم يقولون
البدنة تجزئ عن سبعة وأهل الحجاز يقولون تجزي وبهما قرئ ( لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً ) وقال
النووي الرواية بالفتح في جميع الطرق وجوز ابن الأثير وابن بري وغيرهما الوجهين . قوله ولن تجزي
عن أحد بعدك فيه تخصيص لأبي بردة في التضحية بالجذعة من المعز وعلى هذا فلا يقاس عليه غيره .
وبالله التوفيق .
--------
تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ
تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ
تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ]
[ المجلد الثالث ]
رابط تحميل الكتاب :
http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf (http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf)
.
ام عادل السلفية
08-08-2015, 02:56PM
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام
للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -
[143]الحديث الثالث:
عن جندب بن عبدالله البجلي رضي الله عنه قال : صلى النبي ﷺ يوم النحر ثم خطب ثم ذبح وقال :
( من ذبح قبل أن يصلي فليذبح أخرى مكانها ومن لم يذبح فليذبح باسم الله )
موضوع الحديث :
أن من ذبح قبل الصلاة فإن نسكه باطل وشاته تكون شاة لحم كما في حديث البراء والظاهر أن هذا
الحديث يعلق صحة فعل الذبح على فعل الصلاة قبله وهذا قد يكون متعيناً في حق من تجب عليه صلاة
العيد أما من لم تجب عليه لسفر أو يكون من أهل البادية فالظاهر أن ذلك يتعلق بفعل الإمام والكلام عن هذه
المسألة قد تقدم في الحديث الذي قبل هذا فلا داعي لإعادته مرة أخرى .
قد يستدل بصيغة الأمر في قوله
فليذبح من يرى أن الأضحية واجبة كالحنفية وقد يقال أنها تتعين بالتعيين سواء كان التعيين بشراء أو بالتنصيص
عليها أو غير ذلك وعلى هذا فلا يتمحض الأمر هنا بأنه دال على الوجوب وبالله التوفيق .
--------
تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ
تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ
تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ]
[ المجلد الثالث ]
رابط تحميل الكتاب :
http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf (http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf)
.
ام عادل السلفية
09-08-2015, 12:56AM
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام
للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -
[144]الحديث الرابع :
عن جابر رضي الله عنه قال : شهدت مع النبي ﷺ يوم العيد فبدأ بالصلاة قبل الخطبة بلا أذان ولا إقامة ثم قام
متوكئاً على بلال فأمر بتقوى الله تعالى وحث على طاعته ووعظ الناس وذكرهم ثم مضى حتى
أتى النساء فوعظهن وذكرهن وقال : يا معشر النساء تصدقن فإنكن أكثر حطب جهنم فقامت امرأة
من سطة النساء سفعاء الخدين فقالت لم يا رسول الله ؟ فقال : لأنكن تكثرن الشكاة وتكفرن العشير قال :
فجعلن يتصدقن من حليهن يلقين في ثوب بلال من أقراطهن وخواتيمهن .
موضوع الحديث :
الصلاة قبل الخطبة
المفردات
قوله شهدت مع النبي ﷺ يوم العيد قال الصنعاني حذف مفعوله أي الصلاة وصرحت به رواية مسلم بلفظ
شهدت الصلاة والمراد بالشهود الحضور والعيد عيد الفطر
قوله فبدأ : من البداءة وهو الابتداء في الشيء وتقديمه على غيره
متوكئاً : أي مستنداً ومتحاملاً على بلال أي معتمداً عليه
قوله وحث : أي حرض وترك مفعوله ليعم قاله الصنعاني
ثم مضى : أي مشى حتى أتى النساء
قوله فوعظهن :الوعظ هو النصح والتذكير
فقامت امرأة قال الصنعاني يختلج في خاطري أنها أسماء بنت يزيد بن السكن المعروفة بخطيبة
النساء لأنها روت أصل القصة في حديث آخر أخرجه الطبراني والبيهقي أنها قالت فناديته وكنت جريئة
لم يا رسول الله قال لأنكن ….الخ
قوله تكثرن الشكاة : أي الشكاية أصلها شكوت فقلبت واوها ألفاً
قوله من حليهن :هو ما تتحلى به المرأة من الذهب أو الفضة أو غيرهما
قوله من أقراطهن : جمع قرط وهو ما يجعل في الأذن
وخواتيمهن : هي ما يجعل في الأصابع
المعنى الإجمالي :
يخبر جابر بن عبدالله رضي الله عنهما أنه حضر مع النبي ﷺ صلاة العيد فبدأ بالصلاة قبل الخطبة وصلى
العيد بلا أذان ولا إقامة وأنه قام للخطبة أي ودخلها متوكئاً على بلال فأمر بتقوى الله وحث على طاعته
ووعظ الناس وذكرهم ثم مضى إلى النساء فوعظهن وذكرهن وقال يا معشر النساء تصدقن فإنكن أكثر
حطب جهنم فقامت امرأة من سطة النساء أي من وسط النساء سعفاء الخدين والسفع هو اللون المخالف
للون الوجه فقالت لم يا رسول الله قال لأنكن تكثرن الشكاة وتكفرن العشير فجعلن يتصدقن من حليهن
فقه الحديث :
يؤخذ من الحديث مسائل :
المسالة الأولى :أن السنة في صلاة العيدين أن يبدأ فيها بالصلاة قبل الخطبتين وقد تقدم بحث
هذه المسألة بما فيه الكفاية .
المسألة الثانية : أن صلاة العيدين وكذلك جميع الصلوات النوافل التي تشرع فيها الجماعة لا يشرع لها أذان
ولا إقامة قال ابن دقيق العيد أما عدم الأذان والإقامة لصلاة العيد فمتفق عليه وكان سببه تخصيص الفرائض
بالأذان تمييز لها بذلك وإظهاراً لشرفها
المسألة الثالثة : تخصيص النساء بالموعظة دون الرجال إذا أمنت الفتنة
المسألة الرابعة :إخباره ﷺ أن النساء حطب جهنم أي أكثر أهل النار
المسألة الخامسة :في قوله فقامت امرأة من سطة النساء يحتمل أنه من الوسط المكاني أي وسط
ذلك المكان ويحتمل أن المراد بالوسط الخيار ويحتمل أن المراد الوسط السن أي ليست كبيرة و
لا صغيرة ولا شابة ولا عجوزاً والمهم أن الوسط يحمل على معاني متعددة .
المسألة السادسة : في قوله سعفاء الخدين والسفع هو لون فيه سواد والأسفع والسفعاء من أصاب خده لون
يخالف لونه الأصلي وقد استدل بهذه الفقرة من هذا الحديث بعض العلماء على أنه لا يجب ستر الوجه
وعضدوا هذا المأخذ للحديث الذي في الحج حين كان (الفضل رديفاً للنبي ﷺ ( فجاءت امرأة تسأل النبي ﷺ فجعل
الفضل ينظر إليها وتنظر إليه وقد ذهب الجمهور إلى أن ستر الوجه واجب مستدلين بقوله تعالى (يَا أَيُّهَا
النَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ
اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا) [الأحزاب : 59 ] ومعنى يدنين عليهن من جلابيبهن أي من الإدناء وهو الاستتار وهو
الإرخاء بتغطية الوجه بفضل الخمار وبحديث عائشة في الحج (وأنهن كن إذا قابلن الركبان يسدلن خمرهن على
وجوههن. )
والذي يظهر لي أن هذا هو القول الحق وفي المسألة خلاف مذكور في كتب الحجاب فليراجع .
المسالة السابعة :قوله تصدقن فإني رأيتكن أكثر حطب جهنم هذا إخبار عن مغيب وهو وحي من الله إلى
رسوله قال تعالى (وَمَا يَنْطِقُ عَنْ الْهَوَى _ إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى) [النجم : 3-4]
وعلى هذا فيجب علينا تصديق ذلك ولما سألت تلك المرأة عن السبب في كونهن أكثر حطب جهنم قال
لأنكن تكثرن الشكاة وتكفرن العشير فجعل هذين السببين موجبان لدخول النار وهو كثرة التشكي لأحوالهن
وما يعانين في بيوتهن وهذا أمر ملموس في النساء فكونهن يشتكين حالهن يكون في هذه الشكوى
تسخط لقضاء الله وقدره وعدم الرضا بما يقضيه الله عز وجل لذلك كان موجباً لسخط الله سبحانه وتعالى .
المسألة الثامنة: قوله تكفرن العشير المراد به الزوج وليس يراد بالكفر الكفر المقابل للإسلام ولكن المراد
به كفر الجحود وهو كفر دون كفر
وبالله التوفيق.
المسألة التاسعة :أن الصدقة تخفف وقع العذاب إن حصل وقد ترفعه وأنها سبب في إرضاء الله عز وجل
المسألة العاشرة :يؤخذ منه أن للمرأة أن تتصدق من حليها بما لا يضر الزوج أو يخل بالعشرة لها وقد عارض
هذا حديث ورد فيه أنه ليس للمرأة أن تتصدق من مالها إلا بإذن زوجها ولكن ترك العمل بذلك
الحديث وعمل بهذا لأن لكل عبد راشد التصرف في ماله وبالله التوفيق .
ملحوظة :
قال ابن دقيق العيد في حاشية العمدة اختلف العلماء في جواز تصدق المرأة من مالها بغير إذن زوجها فقال
الجمهور يجوز ولا يتوقف على مقدار معين من ثلث أو غيره واستدلوا بهذا الحديث قالوا فإنه ﷺ لم يسألهن
هل أستأذن أزواجهن أم لا وهل هو خارج من الثلث أم لا ولو اختلف الحكم بذلك لسأل وقال مالك لا يجوز
الزيادة على ثلث مالها إلا برضاء زوجها والشارح المحقق أشار إلى أنه لا دليل في الحديث على شئ من
ذلك ووجه ما قاله أن الذي في الحديث الأمر بمطلق الصدقة والذي وقع به الامتثال إلقاء القرط والخاتم
ومعلوم أنه ليس مال المتصدقة كله أهـ
قلت : ولم يعلم هل هو الثلث أو أقل أو أكثر ولو كان الأمر يتوقف على التصدق بالثلث لأخبر الشارع _
بذلك وعدم الإخبار من الشارع دليل على عدم التقييد بالثلث .
والله الموفق .
--------
تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ
تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ
تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ]
[ المجلد الثالث ]
رابط تحميل الكتاب :
http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf (http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf)
.
ام عادل السلفية
10-08-2015, 12:20AM
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام
للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -
[145] الحديث الخامس :
عن أم عطية - نسيبه الأنصارية – رضي الله عنها قالت :أمرنا – تعني النبي ﷺ - أن نخرج في العيدين العواتق
وذوات الخدور وأمر الحيض أن يعتزلن مصلى المسلمين
وفي لفظ : كنا نؤمر أن نخرج يوم العيد حتى نخرج البكر من خدرها وحتى نخرج الحيض فيكبرن بتكبيرهم
ويدعون بدعائهم يرجون بركة ذلك اليوم وطهرته .
موضوع الحديث :
مشروعية خروج النساء لصلاة العيد حتى تخرج الحيض والعواتق وذوات الخدور .
المفردات :
العواتق : جمع عاتق وهي الجارية حين تدرك أي تقارب البلوغ فيعتقها أهلها من الخدمة خارج المنزل قال
ابن دريد هي التي قاربت البلوغ وقال غيره هي ما بين أن تبلغ إلى أن تعنس ما لم تتزوج .
ذوات الخدور : أي صاحبات الخدور والخدور جمع خدر وهو الستر الذي يكون في ناحية البيت تجلس
فيه البكر .قلت: هذا كان يعمله الناس حين كانت البيوت ضيقة وليس لأهل البيت إلا بيت واحد يجعلون على سرير
البكر ستراً حتى لا يشاهدها من حضر إلى البيت .
وأمر الحيض أن يعتزلن المصلى : أي يكن على جانب فلا يكن مع المصليات .
الحيض : جمع حائض وهي التي تكون في وقت نوبة الحيض .
قولها فيكبرن بتكبيرهم : أي الحيض يكبرن بتكبير المصلين ويدعون بدعائهم يرجون بركة ذلك اليوم
والبركة هنا المراد بها زيادة الأجر فيه والله تعالى أعلم
المعنى الإجمالي :
تخبر أم عطية رضي الله عنها أن النبي ﷺ كان يأمر النساء بالخروج إلى مصلى العيد حتى الحيض والعواتق
وذوات الخدور يأمرهن بالخروج لذلك على أن يعتزل الحيض المصلى
فقه الحديث :
يؤخذ من الحديث مشروعية إخراج النساء لصلاة العيد وفي ذلك خلاف بين أهل العلم هل هذه السنة
ينبغي استمرارها والعمل عليها أم أن ذلك يكون متوقفاً على أمن الفتنة ومتى لم تؤمن فإن بقائهن في بيوتهن
أولى فذهب جماعة إلى أن الخروج حق عليهن وممن ذهب إلى ذلك أم عطية راوية الحديث وذهب
جماعة منهم عروة بن الزبير والقاسم بن محمد ويحيى بن سعيد ورواية عن ابن عمر إلى منعهن وقال به
الثوري ومالك وأبو يوسف .
واختلف فيه قول أبي حنيفة تارة بالجواز وتارة بالمنع وقيد المنع مالك وأبو يوسف بالشابة دون غيرها وقال
الشافعي أحب شهود العجائز دون ذوات الهيئات وأنا في الأعياد أشد استحباباً لخروجهن .
وأجاب المانع عن الحديث بأن المفسدة كانت مأمونة في ذلك الزمان دون اليوم وأنكر الصنعاني على من قال بأن
المفسدة كانت مأمونة في ذلك الزمان فقال هذا غير صحيح إذ كل زمان فيه صالحون وغيرهم وقد
وقع في عصر النبوة ما وقع في غيره من ارتكاب فاحشة الزنا والسرقة وغيرهما نعم لا تخرج المرأة
إلى الصلاة في ثياب زينة ولا متطيبة متعطرة بل تخرج متبذلة لورود النهي عن ذلك أهـ نقلا عن حاشية
الصنعاني بتصرف.
قلت: أمن المفسدة في زمان النبي ﷺ وخلفائه الراشدين كان أكثر والاطمئنان إلى أهل ذلك الزمان كان أعظم
ولو نسبت المفاسد التي وقعت في زمن النبي ﷺ إلى ما يقع في زمننا لكانت تساوي نسبة ضئيلة جداً
فالذين اعترفوا بالزنا بعد أن قارفوه لا يتعدون أصابع اليد الواحدة وكذلك السرقة وذلك في عشر سنين ولو
حصر ما يقع من المناكر في زماننا في شهر واحد لزاد على ما وقع في زمن النبي ﷺ وهي العشر
السنوات كلها فالقول بأن الفتنة كانت مأمونة في ذلك الزمان قول صحيح فنقول إن ما حصل في ذلك الزمان
كان نادراً والنادر لا حكم له والمهم أن أمن الفتنة لا بد أن يكون من الجانبين من جانب النساء فلا
يتعدين الشرع في لباسهن ولا في تعاطيهن ما يثير الشهوة كالطيب وما شابهه وأن يتسترن التستر الكامل وأن
يجتنبن أماكن كثرة الرجال ومن ناحية الذكور أن يغضوا أبصارهم وألا يتعرضوا للنساء ولا يحبوا الكشف عنهن أو
النظر إليهن ولا شك أن ذلك كان متوفراً في زمن النبي صلأى وخلفائه الراشدين من حيث وفرة
الإيمان وجدته ومن حيث قلة الكماليات في ذلك العهد أما الآن فقد ضعف الإيمان وكثرت المغريات وكثر
المال وحصل من النساء ومن الشباب من الخروج عن الأعراف الشرعية والآداب الإسلامية ما الله به عليم لذلك
فإني أرى أن القول بمنع خروجهن في هذا الزمان لهذه العلل هو الأولى فإن وجد في بعض الأماكن
توفر الأسباب التي تؤمن معها الفتنة فينبغي لهم أن يعملوا بهذا الحديث والله أعلم .
ويؤخذ من الحديث أي من قوله ويعتزل الحيض المصلى يؤخذ منه أن الحيض لا يجوز لهن المكوث في
المساجد وأن مصلى العيد يختلف عن المساجد التي يصلى فيها كل يوم وليلة خمس مرات لأن النبي _
أجاز للحيض أن يجلسن في مصلى العيد لكنهن يتميزن عن المصليات والله تعالى أعلم .
.--------
تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.
تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ
تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ]
[ المجلد الثالث ]
رابط تحميل الكتاب :
http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf (http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf)
.
ام عادل السلفية
10-08-2015, 10:11PM
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام
للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -
بـاب صـلاة الكسوف
الكسوف لغة : التغير إلى سواد ومنه كسف وجهه وكسفت حاله وكسفت الشمس اسودت وذهب شعاعها
ويستعمل قاصراً ومتعدياً وكذلك الخسوف بالخاء المعجمة وهو النقصان قاله الأصمعي أهـ من العدة للصنعاني
ويطلق الكسوف والخسوف على كل من الشمس والقمر على القول الأصح وقد وردت بذلك النصوص الشرعية
في الكتاب والسنة ومن زعم أن الكسوف يختص بالشمس والخسوف بالقمر أو العكس فإن زعمه هذا
لا دليل عليه ويذكر أهل الهيئة أن كسوف الشمس والقمر هي الحيلولة بينهما بالأرض وأن ذلك باعتبار أن القمر يحجب
عن الشمس التي يستقي ضوءه من نورها وأن الشمس عندما تنكسف تحول الأرض بينها وبين القمر
وهذا كلام فيه نظر فلا نصدقه جميعاً ولا نكذبه جميعاً .
فالعلوم الفلكية خاضعة للتجربة وقد تكون صواباً وقد تكون خطأ والعلم عند الله في ذلك ولا شك أن للكسوف
والخسوف فوائد من أهمها :
إيقاظ أهل الغفلة وتخويف العباد بتغيير هذين الكوكبين العظيمين وأن الله أقدر على غيرهما فالذي حول
حالهما من النور إلى الظلمة قادر على أن يحول حال الناس من الرخاء إلى الشدة ومن العافية إلى العذاب
والعكس ففي ذلك إيقاظ لأصحاب العقول لعلهم أن ينيبوا ويرتدعوا عن كثير من الأعمال التي تغضب
الله عز وجل وقد أشار النبي ﷺ إلى ذلك في الحديث الثاني بقوله إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله يخوف الله
بهما عباده وأنهما لا ينكسفان لموت أحد من الناس فإذا رأيتم منها شيئاً فصلوا وادعوا حتى ينكشف ما بكم .
قال الصنعاني ذكر ابن حبان في أول كتاب النفقات أن الشمس كسفت في عهد النبي ﷺ مرتين مرة في
السنة السادسة ومرة في السنة العاشرة
قلت : في ثبوت كسوفها قبل العاشرة نظر فإن الأحاديث المشهورة تدل على أن الكسوف يوم مات إبراهيم عليه السلام أول كسوف
وقع في حياته ﷺ قال وأن القمر خسف في جمادى الآخرة من السنة الخامسة فجعلت اليهود تضرب بالطياس ويرمون بالشهب
ويقولون سحر القمر … إلخ ما قال وقد أورد في الباب أحاديث .
[146] الحديث الأول :
عن عائشة رضي الله عنها أن الشمس خسفت على عهد رسول الله ﷺ فبعث منادياً ينادي : الصلاة جامعة فاجتمعوا
وتقدم فكبر وصلى أربع ركعات في ركعتين وأربع سجدات .
موضوع الحديث:
النداء لصلاة الكسوف بلفظ الصلاة جامعة
المفردات :
الصلاة جامعة يجوز نصبهما على أن الأول منصوب على الإغراء أي احضروا الصلاة والثاني على الحال أي
حال كونها جامعة ورفعهما على أنهما مبتدأ وخبر أي الصلاة ذات جماعة.
المعنى الإجمالي :
تخبر عائشة رضي الله عنها أن الشمس خسفت على عهد النبي ﷺ ولكونها تأتي مفاجئة أرسل النبي ﷺ منادياً يدعو
الناس إلى حضورها بقوله الصلاة جامعة وأنهم حضروا وصلى بهم ركعتين في كل ركعة قيامان وركوعان وسجدتان
فقه الحديث :
أولاً: ذكر ابن دقيق العيد الخلاف في الخسوف والكسوف وإطلاقهما على الشمس والقمر وهل يختص أحدهما
بأحد اللفظين أو يطلقان جميعاً عليهما .
قلت: قد تقدم أن الأصح إطلاقهما أي اللفظين على الشمس والقمر لأن ذلك ورد في أحاديث تارة بتسميته
خسوفاً وتارة بتسميته كسوفاً والذين أطلقوه هم من العرب الذين يعتبر كلامهم لغة . وعلى هذا فإن الصحيح
إن شاء الله جواز إطلاق اللفظين على الشمس والقمر
وبالله التوفيق.
ثانياً :يؤخذ من قوله فبعث منادياً ينادي : أن السنة في الكسوف والخسوف سواء كان في الشمس أو القمر أن ينادى لهما
وقد يقول قائل لِمَ لَم يشرع الأذان ولا هذا النداء للعيدين ولا لصلاة الاستسقاء وشرع للكسوف والخسوف فقط ؟
والجواب :
أن الكسوف والخسوف يأتيان مفاجأة فلذلك أمرنا بالنداء لهما أما العيد والاستسقاء فإنهما يأتيان
على موعد فلا يحتاجان إلى نداء .
ثالثاً : أن النداء للكسوف بلفظ الصلاة جامعة وهذا اللفظ يعتبر إعلاماً بحضور الصلاة للكسوف
وهو في مقام الأذان بالنسبة للفرائض .
رابعاً : الأصح في إعراب الصلاة جامعة وجهان :-
الوجه الأول : أن تكون الصلاة منصوبة على الإغراء وجامعة منصوب على الحال أي احضروا الصلاة
حال كونها جامعة .
الوجه الثاني : أن تكون جملة الصلاة جامعة مبتدأ وخبر فالصلاة مبتدأ وجامعة خبر
وذكر الصنعاني وجهاً ثالثاً وهو أن تكون الصلاة منصوبة على الإغراء كما تقدم وجامعة خبر لمبتدأ مقدر
والتقدير احضروا الصلاة فهي جامعة والكل جائز فيما أرى
خامساً : يؤخذ من قوله فاجتمعوا : امتثال الصحابة وتركهم لأعمالهم وذهابهم إلى المسجد استجابة للنداء ورغبة
فيما يقرب من الله وذلك دال على فضيلتهم حتى الصغار الذين كانوا يلعبون كما في حديث سمرة بن جندب أنه كان
ينتضل وبعد ذلك ذهب لصلاة الكسوف .
سادساً :ذكر ابن دقيق العيد أن صلاة الكسوف سنة مؤكدة بالاتفاق وتعقبه الصنعاني فقال ونقل النووي في شرح
مسلم الإجماع على أنها سنة وفيه نظر وقد صرح أبو عوانة في صحيحه بأنها واجبة وفي صلاة التطوع من
الحاوي الكبير للماوردي وجه أنها فرض كفاية وبه جزم الخفاف أهـ العدة للصنعاني جـ3/178/179/180 .
قلت: القول بأنها سنة مؤكدة بالاتفاق ونقل الإجماع من النووي على ذلك يدل على أنهما لم يعتبرا خلاف
المخالف خارقاً للإجماع لا سيما وهو واحد وقد جاء في وقت متأخر بعد انعقاد الإجماع والله أعلم .
سابعاً : التفريق في الحكم بين كسوف الشمس وخسوف القمر كما هو قول في مذهب مالك وأصحابه تفريق
بلا فارق وإذا كان السبب قد ورد في الشمس فإن الحكم يشملهما أي الشمس والقمر بجامع التغير وإلى
هذا ذهب الجمهور والله أعلم .
ثامناً : قول ابن دقيق العيد سنتها الاجتماع للحديث المذكور وفائدة هذا هل تسن في الانفراد أو لا تسن محل نظر
والذي يظهر من قوله ﷺ فإذا رأيتم شيئاً من ذلك فصلوا وادعوا أنه خطاب للجميع فمن كان بإمكانهم
الاجتماع سن لهم ذلك ومن لم يكن بإمكانهم الاجتماع كأن يكون شخص في مكان منفرد فالظاهر أنه يعمل
بما أمره به النبي ﷺ إلا أن أئمة المذاهب قد ذهب أكثرهم إلى مشروعية الجماعة في صلاة الكسوف وهم الشافعي
ومالك وأحمد وجمهور العلماء .
وقال أبو حنيفة وطائفة تفعل فرادى وظاهر هذا القول أنها لا تشرع فيها الجماعة بالكلية وهو قول يناقض
الدليل ويخالفه والحق ما ذهب إليه الثلاثة لموافقته الأدلة . والله الموفق .
تاسعاً : قوله وقد اختلفت الأحاديث في كيفيتها واختلف العلماء في ذلك فالذي اختاره مالك والشافعي رحمهما الله
ما دل عليه حديث عائشة وابن عباس رضي الله عنهما من أنها ركعتان في كل ركعة قيامان وركوعان وسجودان .
قال الصنعاني أقول واختار أحمد والليث وأبو ثور وجمهور علماء الحجاز وغيرهم أي أن صلاة الكسوف ركعتان في
كل ركعة ركوعان وهذا بناء على أن الأحاديث الصحيحة الواردة في هذا الباب متفقة على ذلك وإن خالفت
بعض الأحاديث هذا فقد ذهب البيهقي وابن عبد البر إلى أن الصحيح من هذه الأحاديث هو رواية ركعتان في كل ركعة ر
كوعان وما عدا ذلك فهو معلل وضعيف على أن بعض أهل العلم قد ذهب إلى مشروعية الزيادة على ركوعين في كل ركعة .
أما الحنفية فقد ذهبوا إلى أن صلاة الكسوف تصلى صلاة عادية وإنّ تعدد الركوع لا يشرع فيها بل زعم بعض
أهل هذا المذهب إلى أن النبي ﷺ ما كان يركع بل كان يرفع رأسه لينظر هل انجلت الشمس أم لا ؟ قال ابن دقيق
العيد واعتذروا عن الحديث أي حديث عائشة وما في معناه بأن النبي ﷺ كان يرفع رأسه ليختبر حال الشمس هل
انجلت أم لا فلما لم يرها انجلت ركع .
قال الصنعاني على قوله فلما لم يرها انجلت ركع أي استمر في ركوعه قلت : أي الصنعاني والذي في كتاب معاني
الآثار للطحاوي من الأعذار أن النبي ﷺ كان يصلي ركعتين ويسلم ويسأل كما روى ذلك النعمان بن بشير وهذا
مردود وإنما هي اعتذارات واهية بل سخيفة يريد أصحابها من وراء ذلك رد النصوص والقول بمذهب الإمام كأن
الله أرسل إليهم أبا حنيفة ولم يرسل محمداً ﷺ وهذا أمر يؤسف له أن يصدر من قوم يبحثون العلم وينظرون فيه
وعند الله الملتقى.
والحق ما ذهب إليه الجمهور أن صلاة الكسوف ركعتان في كل ركعة ركوعان وقيامان وسجدتان وأنه يسن فيها
تطويل القراءة وأن تكون القراءة الأولى أطول من التي تليها والتي تليها أطول من التي تليها وهكذا ….. إلخ
فإذا رفع من الركوع الأول سن له أن يقرا الفاتحة في القيام الثاني ذكر ذلك الحافظ ابن حجر في الفتح وذكر
الإجماع عليه وبالله التوفيق .
.--------
تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.
تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ
تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ]
[ المجلد الثالث ]
رابط تحميل الكتاب :
http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf (http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf)
.
ام عادل السلفية
11-08-2015, 10:35PM
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام
للعلامة : احمد النجمي
-رحمه الله-
[147] الحديث الثاني :
عن أبي مسعود – عقبة بن عمرو الأنصاري البدري ـ رضي الله عنه قال : قال رسول الله ﷺ : ( إن الشمس والقمر
آيتان من آيات الله يخوف الله بهما عباده وإنهما لا ينكسفان لموت أحد من الناس فإذا رأيتم منها شيئاً فصلوا
وادعوا حتى ينكشف ما بكم .
موضوع الحديث :
الكسوف وما ذا يجب على من رآه
المفردات :
قوله وإنهما لا ينكسفان : قد تقدم معنى الكسوف والانكساف وفي هذا اللفظ إطلاق لاسم الكسوف عليهما معاً
قوله فإذا رأيتم منها شيئاً فصلوا : قوله فصلوا جواب الشرط وجزاءه والشرط هو إذا ورأيتم فعل الشرط وجوابه فصلوا
قوله حتى ينكشف ما بكم : أي حتى يزول أمر الآية التي نزلت بكم وما هنا موصولة بمعنى الذي .
المعنى الإجمالي :
يخبر النبي ﷺ في هذا الحديث أن الشمس والقمر آيتان من آيات الله يخوف الله بهما عباده أي يجعل فيهما
من التغير من النور إلى الظلمة ومن البياض إلى السواد ما يكون فيه تخويف للعباد وقد أرشد النبي ﷺ إلى ما
يكون فيه استرضاء لله من فعل الصلاة والدعاء والتضرع إلى الله والخوف منه وبالله التوفيق .
فقه الحديث :
أولاً :يؤخذ من هذا الحديث أن الشمس والقمر لا ينخسفان أو لا ينكسفان لموت أحد من الناس
فانتفى بهذه الجملة أمران :
الأمر الأول أنه لا علاقة بين إنكساف الشمس والقمر وبين موت أو حياة العظماء كما زعمته الجاهلية
الأمر الثاني أن الانكساف ليس إليهما ولا يفعلانه هما أي الشمس والقمر وإنما يفعله الله بهما
وفي نفي الأمرين نفي لما كان أهل الجاهلية يتوهمونه ويظنونه والله تعالى أعلم
ثانياً :يؤخذ من قوله آيتان من آيات الله يخوف الله بهما عباده أن الانكساف الحاصل من الشمس تارة والقمر
تارة أخرى إنما يفعله الله من أجل أن يخوف الله بهما عباده وليس كما يظن أهل الجاهلية
ثالثاً :يؤخذ من قوله فإذا رأيتم منها شيئاً فصلوا وادعوا الأمر بالصلاة والدعاء والتضرع عند وجود هذه الآية .
رابعاً :قوله فصلوا أمر من الشارع يوضحه فعله ﷺ وذلك أن هذا الأمر يكون امتثاله بإقامة صلاة على الهيئة المخصوصة
التي وردت عنه في هذه المناسبة فيكون من العام المراد به الخصوص وهي الصلاة ذات الركوعات التي جاءت عن النبي ﷺ في
مثل هذه المناسبة
خامساً :وعلى هذا فلا يكون فيه دليل للحنفية القائلين بأن الصلاة المأمور بها هي مطلق الصلاة
سادساً :يؤخذ من قوله حتى ينكشف ما بكم أن الأمر بالصلاة الطارئة لطروء هذا الحدث تنتهي بانكشاف الكاسف منهما
سواء كان هو الشمس أو القمر
سابعاً :إذا علم انكشاف الكسوف وهو في الصلاة أتمها خفيفة على الصفة
المشروعة في صلاة الكسوف .
.--------
تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.
تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ
تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ]
[ المجلد الثالث ]
رابط تحميل الكتاب :
http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf
.
ام عادل السلفية
13-08-2015, 01:27AM
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام
للعلامة : احمد النجمي
-رحمه الله -
[148] الحديث الثالث :
عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت : خسفت الشمس على عهد رسول الله ﷺ فصلى رسول الله ﷺ بالناس فأطال
القيام ثم ركع فأطال الركوع ثم قام فأطال القيام – وهو دون القيام الأول – ثم ركع فأطال الركوع – وهو دون الركوع الأول
ثم سجد فأطال السجود ثم فعل في الركعة الأخرى مثل ما فعل في الركعة الأولى ثم انصرف وقد تجلت الشمس فخطب
الناس فحمد الله وأثنى عليه
ثم قال : إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا يخسفان لموت أحد ولا لحياته فإذا رأيتم ذلك فادعوا الله
وكبروا وصلوا وتصدقوا ثم قال : يا أمة محمد والله ما من أحد أغير من الله أن يزني عبده أو تزني أمته يا أمة محمد
والله لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلاً ولبكيتم كثيراً).
وفي لفظ فاستكمل أربع ركعات وأربع سجدات .
موضوع الحديث :
صفة صلاة الكسوف
المفردات
على عهد رسول الله : أي في زمنه
قوله فأطال القيام وهو دون القيام الأول وكذلك فأطال الركوع وهو دون الركوع الأول هل المراد بالأول أي الأول في
الركعة الأولى أو الذي قبل الموصوف والظاهر أن عائشة تقصد أن كل ركن يكون أقل من الذي قبله فالقيام الثاني
من الركعة الأولى أقل من القيام الأول فيهما والقيام الأول من الركعة الثانية أقل من القيام الثاني من الركعة الأولى وهكذا .
ومعنى قوله انصرف أي سلم
تجلت الشمس : أي رجعت إلى عادتها
قوله فحمد الله وأثنى عليه : المراد بالثناء المدح الجميل والله هو المستحق للمدح والثناء لما له من الكمالات
ولما اسبغه على عباده من النعم
قوله والله ما من أحد أغير من الله : يعني أكثر غيرة من الله على محارمه
قوله أن يزني عبده أو تزني أمته : الزنا هو الاتصال الجنسي بين الذكر والأنثى بغير حل .
المعنى الإجمالي
وصفت عائشة رضي الله عنها صلاة النبي _ حين كسفت الشمس بأن النبي _ صلاها بقيامين وقرائتين وركوعين
وأن كل ركن أقل من الركن الذي قبله وأن النبي خطب الناس بعد نهاية الصلاة وأنه أمرهم عند تغير هذه الآيات
أن يفزعوا إلى الدعاء والصلاة والتكبير والتصدق .
فقه الحديث
أولاً: يؤخذ من حديث عائشة رضي الله عنها مشروعية تطويل الصلاة في الكسوف
ثانياً : يؤخذ منه مشروعية تطويل القيام وتطويل الركوع بعده ثم تطويل القيام الثاني
وهو دون القيام الأول ثم تطويل الركوع الثاني وهو دون الركوع الأول
ثالثاً : ويؤخذ منه رد على من زعم أن صلاة الكسوف هي مثل سائر الصلوات كالحنفية
رابعاً : ويؤخذ منه أن الاعتدال بعد الركوع الثاني وبين السجود لا يطول لأن عائشة رضي الله عنها قالت سجد
فأطال السجود وكذلك بين السجدة الأولى والثانية ولعله لم يكن فيه زيادة على ما كان يفعله _ في صلاة الفريضة
وقد علم من صلاة النبي _ أنه كان يجعل الأركان قريبة من بعضها إلا القيام للقراءة والتشهد وقد يجعلها سواء
أو قريبة من السواء إذا قصر القراءة ولم يطولها ويؤخذ من قولها ثم فعل في الركعة الأخرى مثل ما فعل في
الركعة الأولى أي أنه صلاها بقيامين وقراءتين وركوعين وسجودين .
خامساً :يؤخذ من حديثها أيضاً مشروعية الخطبة للكسوف خطبة يذكر الخطيب فيها الناس بآيات الله عز وجل
وقد اختلف في مشروعيتها .فذكر بعض أهل العلم أن خطبة النبي ﷺ إنما كانت لأعلامهم بأن الشمس
والقمر آيتان من آيات الله لا ينخسفان لموت أحد ولا لحياته فكان المقصود منها استئصال الاعتقاد الجاهلي
الذي كانوا يعتقدونه والحق إن شاء الله مشروعية الخطبة للكسوف خطبة يذكر فيها الناس بربهم ويحذرهم مغبة المعاصي
وهذا هو قول الجمهور .
سادساً :و يؤخذ منه من قوله فإذا رأيتم ذلك فادعوا الله وكبروا وصلوا أنه يشرع عند الكسوف الدعاء
والتكبير والصلاة والتصدق .
سابعاً : ويؤخذ منه أيضاً أن تغير هذه الآيات وانطماسها وذهاب ضوءها يجعله الله عز وجل تخويفاً لعباده يخوفهم
به فإن تغير هذه الآيات دليل على قدرة الله عز وجل على تغير الحال الذي يكون فيه العبد إذا عصى
الله عز وجل من عافية إلى ابتلاء ومن نعمة إلى عذاب ومن سرور إلى حزن ومن ضحك إلى بكاء فليتدارك العبد
نفسه وليذكر الله ربه يذكره في حال العافية حتى يستجيب له عند البلاء ويعفو عنه عند النقم والعذاب ثم قال
يا أمة محمد والله ما من أحد أغير من الله أن يزني عبده أو تزني أمته الزنا واحد من الآثام الكبيرة التي توجب غضب
الله وقد ذكر بعض أهل العلم المناسبة بين ذكر الزنا والكسوف وأن المناسبة بينهما أن الكسوف يذهب
معه ضوء هذه الآية وتذهب منفعتها ويكون العبد في حالة تخوف من الله عز وجل بمفارقة نورها لها بالكسوف وأن الزنا يفارق العبد
فيه إيمانه كما تفارق الشمس ضوءها والقمر ضوءه كما جاء في الحديث لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن وجاء أنه يفارقه إيمانه فيكون
فوقه كالظلة .
سبق أن بينا أن الركوع الثاني يقرأ فيه بالفاتحة وسورة أو سور ولكن يجعل القيام الثاني أقل من القيام الأول .
.--------
تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.
تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ
تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ]
[ المجلد الثالث ]
رابط تحميل الكتاب :
http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf
.
ام عادل السلفية
13-08-2015, 08:28PM
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام
للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -
[149] الحديث الرابع :
عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال خسفت الشمس على زمان رسول الله ﷺ فقام فزعاً يخشى أن تكون
الساعة حتى أتى المسجد فقام فصلى بأطول قيام وركوع وسجود ما رأيته يفعله في صلاته قط ثم قال : إن هذه الآيات
التي يرسلها الله عز وجل لا تكون لموت أحد ولا لحياته ولكن الله يرسلها يخوف بها عباده فإذا رأيتم منها شيئاً
فافزعوا إلى ذكر الله ودعائه واستغفاره .
موضــوع الحـديث :
كسوف الشمس وما ينبغي أن يفعله فيه المكلف تأسياً برسول الله ﷺ
المفردات
فقام فزعاً :أي خائفاً
يخشى أن تكون الساعة : أي يخاف أن تكون الساعة حضرت
قوله إن هذه الآيات التي يرسلها الله عز وجل : إشارة إلى الكسوف والخسوف وما في معناها وكم لله من آية قد
ظهرت في هذا الزمان ولكن من لا يعقلون يربطون تلك الآيات بأسباب طبيعية ويغفلون عن الحكمة التي يريدها
الله منها فتارة بالأعاصير وتارة بالفيضانات وتارة بالزلازل وتارة بالبراكين وتارة بالحروب وكل ذلك عقوبات
من الله عز وجل وآيات يريها عباده ليتعظوا فليس ببعيد عن الذاكرة البركان الذي ذكر في الفلبين وأنه كان يرمي بالشرر
إلى خمسين كيلو في الجو إلى غير ذلك مما هو معلوم لمن تتبع الأخبار في هذه الأزمنة قوله فافزعوا إلى ذكر الله
ودعاءه هذا التعبير يدل على أن القيام إلى الذكر يكون بخوف ووجل وخشوع .
المعنى الإجمالي
في هذا الحديث أخبر أبو موسى الأشعري رضي الله عنه بأن النبي ﷺ لما انخسفت الشمس في زمنه قام
فزعاً يخشى أن تكون الساعة وأنه صلاها بأطول قيام وركوع وسجود رآه أبو موسى وأنه خطبهم بما ذكر في
هذا الحديث وغيره
فقه الحديث
فقه الحديث قد تقدم في الأحاديث المتقدمة ولا حاجة إلى إعادته وكل الأحكام التي تتعلق بصلاة
الكسوف قد وضحناها فيما سبق ولا داعي لأعادتها .
قال ابن دقيق العيد في قوله فافزعوا إلى ذكر الله ودعاءه إشارة إلى المبادرة إلى ما أمر به الشارع وتنبيهاً إلى
الالتجاء إلى الله عند المخاوف بالدعاء والاستغفار وإشارة إلى أن الذنوب سبب للبلايا والعقوبات العاجلة وأن الاستغفار
والتوبة سبب لمحو الذنوب وإزالتها ويرجى من وراء ذلك زوال المخاوف .
وقد ذكر في التأريخ أن أهل المدينة لما خرجت النار من حول المدينة التي جاء الحديث بها تخرج نار بالحجاز
تضيء لها أعناق الإبل ببصرى وبصرى بلد قريب من دمشق وأن أهل المدينة اجتمعوا وعطلوا الأعمال ودخلوا المسجد
أي مسجد النبي _ فجعلوا يذكرون الله ويدعون ويبكون لكن تلك الآية قد دامت قريباً من شهر وهي ظهرت
في عام 556هـ وكانت تذيب الصخور ولا تحرق الشجر والله تعالى أعلم .
.--------
تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.
تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ
تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ]
[ المجلد الثالث ]
رابط تحميل الكتاب :
http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf
.
ام عادل السلفية
16-08-2015, 03:36AM
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام
للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -
بـاب الاستسقــاء
الاستسقاء في اللغة : طلب سقيا الماء من الغير للنفس أو للغير
وشرعاً : طلبه من الله تعالى
عند حصول الجدب على هيئة مخصوصة .
[150] الحديث الأول :
عن عبدالله بن زيد بن عاصم المازني رضي الله عنه قال : خرج النبي ﷺ يستسقي فتوجه إلى القبلة يدعو
وحول رداءه ثم صلى ركعتين جهر فيهما بالقراءة .
وفي لفظ إلى المصلى .
موضوع الحديث:
الاستسقاء وما ينبغي أن يفعله فيه الإمام والناس وكيف تصلى صلاته
المفردات
يستسقي : يطلب السقيا من الله تعالى
فتوجه إلى القبلة يدعو: أي استقبلها وجعل يدعو
قوله وحول رداءه :الرداء هو ما يجعله الرجل على كتفيه وتحويله قلبه ليكون الظهر بطناً والبطن ظهراً
واليمين شمالاً والشمال يميناً
قوله ثم صلى ركعتين : مجيئه بثم التي عطف بها الصلاة على الدعاء والتحويل دليل على جواز الدعاء والتحويل
قبل الصلاة وإن كان المشهور خلافه
قوله جهر فيهما بالقراءة : بمعنى أنه أسمعهم القراءة ولم يسرها
المعنى الإجمالي
يبتلي الله عز وجل عباده بأنواع من الابتلاء من أجل أن يدعوه وأن يذكروه وإن الابتلاء بالقحط وعدم نزول
المطر موجب لأن يتوجه الناس إلى ربهم ويدعونه لكشف ما بهم ويطلبون منه أن يسقيهم الماء الذي يعيشون
عليه هم وأنعامهم وكذلك فعل النبي ﷺ حين أجدبت المدينة وما حولها فخرج يستسقي وتوجه إلى القبلة يدعو
وحوّل رداءه تفاؤلاً بتحويل الحال ثم صلى ركعتين جهر فيهما بالقراءة
فقه الحديث
أولاً: يؤخذ من هذا الحديث دليل على استحباب الصلاة للاستسقاء وهو مذهب جمهور الفقهاء وعند أبي حنيفة
لا يصلى للاستسقاء ولكن يدعو وخالفه أصحابه فوافقوا الجماعة قال الطحاوي في معاني الآثار بعد
أن ساق أحاديث استسقاءه ﷺ بالدعاء ما لفظه ذهب قوم إلى أن سنة الاستسقاء هي الابتهال إلى
الله عز وجل والتضرع إليه كما في هذه الآثار وليس في ذلك صلاة وممن ذهب إلى ذلك أبو حنيفة وخالفه في ذلك
آخرون منهم أبو يوسف فقال بل السنة في الاستسقاء أن يخرج الإمام بالناس إلى المصلى ويصلي بهم هنالك
ركعتين يجهر فيهما بالقراءة ثم يخطب ويحول رداءه فيجعل أعلاه أسفله وأسفله أعلاه
ثانياً :ويؤخذ من هذا الحديث أن السنة في الاستسقاء البروز إلى المصلى كما فعل النبي ﷺ وقد علمت أن أبا
حنيفة لا يرى الصلاة ولا الخروج لها علماً بأن الأحاديث الصحيحة دالة على ذلك وقد استدل لمذهب أبي حنيفة
بأن النبي ﷺ استسقى في خطبة الجمعة ولم يخرج ويرد الجمهور على قائل هذا القول بأن استسقاء
النبي ﷺ في خطبة الجمعة وقع مرة ووقع مرة أخرى أو مرات أن النبي ﷺ وعد الناس بالخروج لصلاة
الاستسقاء فخرج لها وصلى بالناس .
ونفي أبو حنيفة لا يدل على أن الصلاة خلاف السنة بل السنة ثابتة وإن جهلها أبو حنيفة بنقل العدل عن العدل فإذا
كان أبو حنيفة قد نفى شيئاً ثبت عن النبي ﷺ من طرق متعددة وبألفاظ صريحة وأسانيد صحيحة أنترك سنة
النبي ﷺ لرأي فلان وفلان لا والله فالحق أحق أن يتبع وما كلفنا الله باتباع أحد غير محمد رسول الله ﷺ .
ثالثاً : يؤخذ من هذا الحديث استحباب تحويل الرداء
وخالف أبو حنيفة في ذلك كما قد سبق وقيل أن سبب التحويل التفاؤل بتغير الحال وقال من احتج لأبي حنيفة
إنما قلب رداءه ليكون أثبت على عاتقه عند رفع اليدين في الدعاء أو عرف من طريق الوحي تغير الحال عند تغيير رداءه .
وأقول هذه محاماة عن المذهب ورد للدليل وإن هذا لأمر يؤسف له أن يصدر من عالم يريد اتباع شريعة
محمد ﷺ فإذا به يتحايل لإبطالها والأخذ بأقوال الرجال نسأل الله أن يرزقنا ثباتاً على الحق وأخذاً به ورفضاً لما سواه
وبالله التوفيق .
رابعاً : تحويل الرداء هو أن يقلبه الإمام فيجعل اليمين شمالاً والشمال يميناً والبطن ظهراً والظهر بطناً وقد
قيل في علة ذلك أنه تفاؤل بتحويل الحال ونقول إن من حق المكلف بل الواجب عليه المتابعة لنبي الهدى ﷺ
وقائد الأمة إلى ربها صلوات ربي وسلامه عليه من حقنا نحن المكلفين أو من الحق علينا بالأحرى أن
نتبع ما جاء عن النبي ﷺ عرفنا علته أو لم نعرفها فأنت عبد مأمور بالاتباع وربك يقول (اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ
إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَلِيلاً مَا تَذَكَّرُونَ) [الأعراف : 3 ] ويقول لنبيه
ﷺ ( قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمْ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُـورٌ رَحِيـمٌ) [آل عمران : 31]
خامساً : يؤخذ منه مشروعية الدعاء في الاستسقاء وظاهر هذا الحديث أنه يدعو قبل الصلاة وقد ورد في غير
هذا الحديث أن الدعاء بعد الصلاة وعلى هذا فنأخذ من هذا الحديث جواز الدعاء قبل الصلاة وبعدها بل وفي
أثناء الخطبة فقد علم من خطبة النبي ﷺ في الاستسقاء أنه قال فيها اللهم اسقنا غيثاً مغيثاً هنيئاً مريئاً
سحاً غدقاً عاجلاً غير رائث …ألخ ما ذكر وعلى هذا فالاستسقاء كله مقصود للدعاء سواء قبل الصلاة
أوفي أثنائها أو في حال الخطبة أو بعد الصلاة كل ذلك جائز إن شاء الله
سادساً :يؤخذ من هذا الحديث أن السنة في دعاء الاستسقاء أن يستقبل القبلة وقد ورد في حديث أنس
(أن النبي ﷺ دعا وهو في خطبته مستدبراً للقبلة) فدل على أن هذا الاستحباب إنما يكون إذا جعل للاستسقاء
صلاة خاصة فالمستحب أن يستقبل القبلة في حال الدعاء .
سابعاً : يؤخذ من قوله ثم صلى ركعتين جهر فيهما بالقراءة أن السنة أن يصلي للاستسقاء ركعتين
كما تقدم وإلى ذلك ذهب الجمهور خلافاً لأبي حنيفة وأخذاً بالدليل
ثامناً : لم يذكر هنا كيف تكون صلاة الركعتين وقد ذكر في حديث ابن عباس أنها كصلاة العيد ولذلك فقد
رأى جماعة من أهل العلم أنها تصلى كصلاة العيد بالتكبير في أول كل ركعة وأن يبدأ الخطبة بالتكبير كما يفعل
في صلاة العيد . وذهب آخرون إلى أنها تصلى ركعتين بدون تكبير فيها .
تاسعاً : قوله جهر فيهما بالقراءة دليل على أن صلاة الاستسقاء يستحب الجهر فيها بالقراءة كسائر الصلوات
المسنونة التي تشرع لها الجماعة كالعيدين وغيرها أما ما لم تشرع فيه الجماعة من صلوات النهار فالسنة فيها الإسرار .
عاشراً : لم تذكر الخطبة هنا وقد ذكرت الخطبة في غير هذا الحديث وعلى هذا فالقول بسنيتها
هو الحق إن شاء الله وقد ذهب إلى ذلك الجمهور .
الحادي عشر : أن صلاة الاستسقاء يجوز أن تصلى قبل الخطبة والدعاء أو بعد الخطبة والدعاء أما صلاة
العيدين وصلاة الكسوف فيبدأ فيها بالصلاة ولما اختلفت الروايات في صلاة الاستسقاء جاز أن تكون قبل الخطبة
أو بعدها هذا والله أعلم .
الثاني عشر : يؤخذ من هذا الحديث أيضاً أن التحويل يكون وهو مستقبلاً القبلة مستدبراً للمأمومين ويدعو
بعد التحويل سراً ولكن إلى الآن لم أر الدليل على هذا .
الثالث عشر : يسن الخروج لصلاة الاستسقاء في ثياب المهنة ولا يتزين لها كما يتزين للعيد ويخرج متبذلاً
خاشعاً ذاكراً داعياً هذه هي السنة في صفة الخروج لصلاة الاستسقاء ويكون ذلك بعد طلوع الشمس لقوله في
بعض الروايات خرج حين بدأت حاجب الشمس
.--------
تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.
تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ
تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ]
[ المجلد الثالث ]
رابط تحميل الكتاب :
http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf
.
ام عادل السلفية
17-08-2015, 12:46AM
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام
للعلامة : احمد النجمي
-رحمه الله -
[151] الحديث الثاني:
عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رجلاً دخل المسجد يوم الجمعة من باب كان نحو دار القضاء ورسول الله
ﷺ قائم يخطب فاستقبل رسول الله ﷺ قائماً ثم قال : يا رسول الله هلكت الأموال وانقطعت السبل فادع الله
يغثنا قال : فرفع رسول الله ﷺ يديه ثم قال : اللهم أغثنا اللهم أغثنا قال أنس : فلا والله ما نرى في
السماء من سحاب ولا قزعة وما بيننا وبين سلع من بيت ولا دار قال : فطلعت من ورائه سحابة مثل الترس
فلما توسطت السماء انتشرت ثم أمطرت قال : فلا والله ما رأينا الشمس سبتاً قال : ثم دخل رجل من ذلك الباب
في الجمعة المقبلة ورسول الله ﷺ قائم يخطب فاستقبله قائماً وقال يا رسول الله هلكت الأموال وانقطعت
السبل فادع الله أن يمسكها عنا فرفع رسول الله ﷺ يديه ثم قال اللهم حوالينا ولا علينا اللهم على الآكام والظراب
وبطون الأودية ومنابت الشجر قال فأقلعت وخرجنا نمشي في الشمس.
قال شريك : فسألت أنس
بن مالك أهو الرجل الأول ؟ قال لا أدري .
موضوع الحديث :
الاستسقاء في خطبة الجمعة
المفردات
أن رجلاً دخل المسجد : لم يعرف من هو
قوله نحو دار القضاء : ربما تبادر إلى الفهم أنها كانت دار للقضاة الذين يقضون بين الناس والحقيقة أنها إنما
سميت بذلك لأنها بيعت في قضاء دين عمر بن الخطاب الذي كتبه على نفسه وأوصى به ابنه عبدالله
وابنته حفصة فكان يقال لها دار قضاء دين عمر ثم اختصروا فقالوا دار القضاء .
قوله أن رجلا دخل المسجد ورسول الله قائم يخطب : الواو واو الحال والجملة بعدها حالية أي والحال
أن رسول الله ﷺ كان قائماً يخطب .
هلكت الأموال : المراد بها الأموال الحيوانية من المركوبات وبهيمة الأنعام
قوله وانقطعت السبل : المراد بانقطاعها هنا كناية عن ضعف المركوبات وعدم استطاعتها على السير من أجل المجاعة .
فادع الله يغثنا : ورد في يغثنا روايتان رواية بالجزم على أنه جواب الطلب ورواية بالرفع يغيثنا على الاستئناف بمعنى ادع
الله أن يغيثنا .
قوله فرفع رسول الله ﷺ يديه : الفاء هنا فاء فصيحة والله أعلم وربما قيل أنها سببيه أي بسبب ذلك
رفع يديه ثم قال اللهم أغثنا مرتين معنى أغثنا أنزل علينا الغيث
قوله ولا قزعة : القزعة السحابة الصغيرة أو السحاب المتقطع والمراد بذلك أن الله أنشأ سحابة في ذلك الحين
فلم يخرجوا إلا في المطر .
سلع : هو جبل في المدينة في الشمال الغربي منها على طريق الجامعة الإسلامية
فطلعت من وراءه سحابة مثل الترس :المراد بالترس هو ما يسمى بالدرقة وهو الذي كانوا يستعملونه ليتقوا به ضرب
السيوف أو رد السهام عنهم والمراد أن السحابة طلعت صغيرة ثم انتشرت وفي هذا معجزة للنبي ﷺ
قوله فلا والله ما رأينا الشمس سبتاً : المراد به أسبوعاً
قوله فادع الله يمسكها عنا : أي أنهم سئموا المطر وأرادوا أن يرفع عنهم لكونه كان أسبوعاً نازلاً عليهم
اللهم حوالينا : أي على ما حولنا
ولا علينا : يعني ارفع المطر عنا
اللهم على الآكام : جمع أكمة وهو المرتفع من التراب .
والظراب : جمع ظرب وهي الجبال الصغيرة المنبطحة
وبطون الأودية : بطن الوادي هو ما يجري فيه الماء
ومنابت الشجر : التي تنفع الناس لمواشيهم
قوله فأقلعت : أي انقطع المطر فخرجنا نمشي في الشمس وهذا فيه معجزة للنبي ﷺ
المعنى الإجمالي
في هذا الحديث أن النبي ﷺ بينما كان يخطب أصحابه في يوم الجمعة إذ أقبل رجل فشكا إليه كثرة القحط
وضعف المواشي عن السير وجوع العيال فرفع النبي ﷺ يديه ثم دعا وليس في السماء سحاب فانشأ الله
سحابة وانبسطت في السماء فلم يخرجوا إلا في المطر ومكث المطر أسبوعاً وفي الجمعة التي بعدها دخل
رجل من ذلك الباب فشكا إليه شدة المطر وتهدم المنازل وانقطاع السبل فدعا النبي ﷺ برفع المطر عن المدينة
وإبقائه على ما حولها من بطون الأودية ومنابت الشجر فانجاب السحاب عن المدينة ثم خرجوا يمشون
فقه الحديث
أولاً :استدل بهذا الحديث على عدم مشروعية الصلاة للاستسقاء كما رأى ذلك أبو حنيفة وقد تقدم الكلام
على ذلك وأن كون النبي ﷺ دعا في الخطبة مرة فإنه لا ينفي مشروعية الصلاة للاستسقاء مرة أخرى كما حصل
ثانياً : يؤخذ منه مشروعية رفع اليدين في الدعاء .
ثالثاً :يؤخذ منه أن مخاطبة الخطيب والكلام عليه جائز بخلاف أن يكلم المأموم غير الخطيب فهذا ممنوع
كما جاء في هذا الحديث .
رابعاً : يؤخذ منه معجزة للنبي _ حيث استجاب الله دعائه في نفس اللحظة واستمر المطر أسبوعاً كاملاً ثم
في الأسبوع الثاني طلب منه الدعاء لرفع المطر عن المدينة فدعا وانجاب السحاب عن المدينة أي تحول منها إلى غيرها .
خامساً : أن النبي ﷺ لم يدع بانقطاع المطر بالكلية ولكن دعا بانقطاع المطر عن المدينة وإبقائه على ما
حولها فاستجاب الله دعائه في الحال أيضاً
سادساً :يؤخذ من هذا الحديث رفع اليدين عند الدعاء وهل هو مشروع في كل دعاء أو خاص بدعاء
الاستسقاء فيه خلاف
سابعاً : الكلام على ما يتعلق بصلاة الاستسقاء قد تقدم في الحديث قبل هذا
وبالله التوفيق .
.--------
تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.
تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ
تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ]
[ المجلد الثالث ]
رابط تحميل الكتاب :
http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf
.
ام عادل السلفية
17-08-2015, 08:32PM
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام
للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -
كتــاب الحـــج
الحج لغة : القصد
وشرعاً : قصد مخصوص إلى محل مخصوص على وجه مخصوص أي قصد الكعبة والمناسك حولها
لأداء فريضة الحج أو العمرة في أشهر الحج
والعمرة داخلة في اسم الحج فإذا كان الحج هو القصد إلى بيت الله الحرام على وجه مخصوص بأن يتجرد من المخيط
ويلبي فإن العمرة داخلة في ذلك بمعنى أن هذا الحد يشملها إلا أن الحج له زمن محدد والعمرة ليس لها زمن
محدد بل كل الزمن وقت لها
وقد اختلف في وقت فرضية الحج متى كانت على أقوال أرجحها عند الجمهور أنه فرض في سنة ست وقيل
بعد ذلك وقد دندن الصنعاني رحمه الله على هذا الموضوع مما يدل أنه يرى أن فرضية الحج كانت متأخرة
عن السنة السادسة
وأقول : لا تنافي فإذا قلنا بأن الحج فرض في السنة السادسة وكانت مكة في ذلك الوقت تحت سيطرة الكفار
فقد امتنع أداء الحج بعد الفرضية مباشرة لعدم تمكن النبي ﷺ من أداء الحج في ذلك الوقت وبعد فتح مكة
فقد كانت العرب غيرت بالحج عما شرع الله على لسان إبراهيم عليه السلام فأراد النبي ﷺ أن يطهر البيت
من عوائد المشركين فأرسل أبا بكر في السنة التاسعة أميراً على الحج وفيه إشعار بولايته بعده على سبيل الإيماء لا التنصيص
ثم أرسل على بن أبي طالب رضي الله عنه لينبذ عهد من له عهد من المشركين وليمنع المشركين من
حج بيت الله الحرام وليمنعهم من الطواف بالبيت عراة وكانت من عادة العرب أن الذي يؤدي عن الرئيس أو الملك أو
الأمير هو أقرب الناس إليه فأرسل علي بن أبي طالب رضي الله عنه بذلك فلما تطهرت المناسك من المشركين وما
أحدثوه وتهيأت الأمور حج النبي ﷺ وأنزل الله عليه بعرفات (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ
نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمْ الإِسْلامَ دِينًاْ) [المائدة : 3 ] ولم يعش بعد ذلك إلا بضعة وتسعين يوماً فقط ثم انتقل إلى جوار ربه
صلوات الله وسلامه عليه والمهم أن كون فرضية الحج في سنة ست والتنفيذ في سنة عشر لا تنافي بينهما فقد تأخر
التنفيذ لعدم إمكانه قبل ذلك لما يوجد من الموانع فلما أزيلت بادر ﷺ إلى الحج .
وبالله التوفيق
.--------
تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.
تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ
تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ]
[ المجلد الثالث ]
رابط تحميل الكتاب :
http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf
التصفية والتربية
TarbiaTasfia@
.
ام عادل السلفية
17-08-2015, 09:22PM
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام
للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -
بــاب المواقيت
[210] الحديث الأول :
عن عبدالله بن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله ﷺ وقت لأهل المدينة ذا الحليفة ولأهل الشام الجحفة ولأهل نجد
قرن المنازل ولأهل اليمن يلملم. هن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن ممن أراد الحج أوالعمرة .
ومن كان دون ذلك فمن حيث أنشأ حتى أهل مكة من مكة .
موضوع الحديث:
المواقيت المكانية
المفردات
قوله وقت : أي حدد فالتوقيت هو تحديد الشيء بالوقت سواء الوقت المكاني أو الزماني والمراد هنا المواقيت
المكانية بالنسبة للحج والعمرة
ذا الحليفة : مكان يبعد عن المدينة ستة أميال وهو ما يشتهر باسم أبيار علي
قوله الجحفة : مكان قريب من رابغ
وسميت الجحفة لأن السيل إجتحف أهلها في بعض الأزمنة وهي مهيعة وأهل العلم يقولون أنها تبعد عن
مكة ثلاث مراحل .
قال ولأهل نجد قرن المنازل : قرن المنازل ويقال قرن الثعالب جبل ومكان معروف يشتهر اليوم بالسيل أو وادي السيل
ويحاذيه وادي محرم لمن يأتي على طريق الهدى
ولأهل اليمن يلملم : يلملم واد ينزل من جبال الطائف وبني سعد ويمر غرباً حتى يصب في البحر الأحمر وهل
الاسم لهذا الوادي أو لجبل كان فيه في مكان يسمى بالسعدية ولقد بحثنا مع أهل تلك الجهة وسألنا فوجدناهم جميعاً
يذكرون أن اسم يلملم هو اسم للوادي وليس للمكان الذي كان معروفاً من قديم الزمان
ولقد كان قرر المفتي العام الشيخ عبد العزيز بن باز حفظه الله قرر بأن يحاذى المكان المذكور بما يحاذيه على خط
الإسفلت المعبد وخرجت لجنة وقررت مكاناً وعمل فيه مسجد ثم بعد ذلك اقتنع الشيخ حفظه الله بأن الوادي هو
الميقات وأمر أن يعمل المسجد جنوبه وفعلاً نفذ هذا وكان بين التحديد الأول والثاني ما يزيد على عشرة كيلوات
ذلك لأن الوادي يتعرج بعد السعدية إلى جهة الجنوب ثم يعتدل غرباً وأهل تلك المنطقة يسمون الوادي لملم
بدون ياء وأخبرنا كثير منهم أن هذا الاسم لهذا الوادي من ضلوع الطائف كما يقولون إلى البحر .
قوله هن لهن : أي هذه المواقيت لأهل تلك الجهات ولقد أنكر ابن دقيق العيد رحمه الله لحوق ضمير المؤنث
في لهن وقال الأصل أن يقال هن لهم أي لأهل تلك الجهات قال وقد ورد ذلك في بعض الروايات
قلت: وللرواية المشهورة محمل صحيح وهو أن يقال هن ضمير للمواقيت ولهن ضمير للجهات والمراد به أهلها
قوله ولمن أتى عليهن من غير أهلهن :أي أن تلك المواقيت لا تختص بأهل تلك الجهات والنواحي فقط بل
لو أتى غيرهم عليها لزمه الإحرام منها .
قوله ممن أراد الحج أو العمرة : هذا تقييد للإطلاق للحج أو العمرة وأنه لا يلزم الإحرام إلا من أراد النسك .
قوله ومن كان دون ذلك : أي دون المواقيت وهو ما يكون بين المواقيت وبين مكة
فمن حيث أنشأ :أي فمن حيث خرج في سفره .
حتى : الظاهر أنها للغاية
أهل مكة : يحرمون من مكة .
المعنى الإجمالي
لقد يسر الله على عباده فجعل للإحرام مواقيت مكانية وهذا بالنسبة للعمرة لا حد فيه ولا تحديد بزمن أما بالنسبة للحج
فهو مقيد أيضاً بالمواقيت الزمانية وهي شوال وذو القعدة وعشر من ذي الحجة وأخبر النبي ﷺ أن هذه المواقيت
لأهل تلك الجهات ولمن أتى عليها من غير أهلها ممن يريد الحج والعمرة أما من كان منزله من وراء المواقيت فيما
بينها وبين مكة فميقات كل منهم منزله حتى أهل مكة يحرمون من بيوتهم إذا أرادوا الحج أما إن أرادوا العمرة فهم يحرمون
من الحل وبالله التوفيق .
فقه الحديث
أولاً : يؤخذ من هذا الحديث ومن قوله وقت أن الإحرام مرتبط بمواقيت مكانية وهذا بالنسبة للحج والعمرة معاً
وهي الأماكن المذكورة ذا الحليفة والجحفة وقرن المنازل ويلملم وذات عرق لأهل العراق وهل وقتها رسول الله ﷺ
أو وقتها عمر على خلاف في ذلك ينبني على صحة الحديث المرفوع أو عدم صحته .
ثانياً : المواقيت الزمانية وهي مأخوذة من قوله تعالى (الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ) [البقرة : 197]وهي شوال وذو القعدة
وذو الحجة أي عشر من ذي الحجة وهذا بالنسبة للحج فلا يصح الإحرام بالحج في غير هذه الأوقات ومن أحرم بالحج
فيها ولم يصل إلى مكة إلا في صباح يوم النحر فإنه يتحلل بعمرة وعليه الحج من قابل كما أفتى به أمير المؤمنين
عمر رضي الله عنه لأبي أيوب وهبار بن الأسود ويدخل في التوقيت أوقات زمانية ومكانية وهي يوم عرفة وليلة
مزدلفة وأيام منى .
ثالثاً : من مر على هذه المواقيت من غير أهلها وهو يقصد الحج أو العمرة لزمه أن يحرم من الميقات الذي مر
عليه لقول النبي ﷺ هن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن .
رابعاً : من تجاوز الميقات بدون إحرام وهو يريد الحج أوالعمرة فإنه يلزمه واحد من أمرين
1- إما أن يعود إلى الميقات
2- أو يحرم من مكانه وعليه دم .
وللأئمة خلاف في هذه المسألة وهذا هو الراجح من أقوالهم الذي تؤيده الأدلة
خامساً : يؤخذ من قوله ممن أراد الحج أو العمرة أن من أتى إلى مكة ولم يرد حجاً ولا عمرة فإنه لا يلزمه الإحرام
وقد اختلف السلف في الحطابين والحشاشين والفكاهين الذين يدخلون إلى الحرم يومياً من خارجه يأتون ببضائع
يبيعونها ثم يعودون إلى منازلهم والقول الصحيح أنه لا يلزمهم إحرام لأنهم لم يقصدوا الحج ولا العمرة وقد علق الشارع ﷺ
وجوب الإحرام بإرادة الحج والعمرة .
سادساً : يؤخذ من قوله ومن كان دون ذلك فمن حيث أنشأ أن من كان بين
المواقيت وبين مكة أن ميقاته منزله هذا إذا كان خارج الحرم
سابعاً : يؤخذ من قوله حتى أهل مكة من مكة أن من كان داخل الحرم فميقاته للحج من منزله أما للعمرة فأهل الحرم
يحرمون لها من الحل كما أمر النبي ﷺ عائشة حيث قال لأخيها عبد الرحمن أخرج بأختك إلى الحل ودعها تحرم
من هناك بعمرة .
ثامناً : اختلف أهل العلم في أهل مكة بالنسبة للعمرة هل يحرمون لها من بيوتهم أو من الحل فالجمهور على أنه
يجب عليهم أن يحرموا للعمرة من الحل كما سبق بيانه وخالف في ذلك بعض أهل العلم واستدلوا بحديث ابن عباس
هذا في قوله حتى أهل مكة من مكة وجعلوه عاماً للحج والعمرة والجمهور يجعلون ذلك للحج أما بالنسبة للعمرة
فيجعلون الإحرام لها من الحل ليجمعوا بين الحل والحرم وبالله التوفيق .
.--------
تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.
تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ
تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ]
[ المجلد الثالث ]
رابط تحميل الكتاب :
http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf
.
ام عادل السلفية
18-08-2015, 03:44PM
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام
للعلامة : احمد النجمي
-رحمه الله-
[211] الحديث الثاني :
عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله ﷺ قال : يهل أهل المدينة من ذي الحليفة وأهل الشام من
الجحفة وأهل نجد من قرن
قال: وبلغني أن رسول الله ﷺ قال ويهل أهل اليمن من يلملم .
موضوع الحديث:
المواقيت المكانية
المفردات
قوله يهل أهل المدينة من ذي الحليفة : يهل هنا جملة خبرية عطف عليها ما بعدها أي ويهل أهل الشام من الجحفة
ويهل أهل نجد من قرن المنازل ويهل أهل اليمن من يلملم والتعبير بالجملة الخبرية فيما يراد منه الأمر وارد في القرآن كثيراً
فمن ذلك قول الله تعالى (وَالْوَالِدَاتُ
يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ) [البقرة : 233] فقوله يرضعن خبر يراد به الأمر أي يجب عليهن أن يرضعن أولادهن
وكقوله تعالى (الزَّانِي لا يَنكِحُ إلا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لاَ يَنكِحُهَا إِلاَّ زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ)
[النور : 3 ] فقوله لا ينكحها إلا زان أو مشرك خبر يراد به الأمر ولهذا قال
الجمهور أن الزاني المحدود لا يجوز أن ينكح
العفيفة والزانية المحدودة لا يجوز أن ينكحها العفيف ومنازعة من نازع في هذا كما كتب عنه الصنعاني منازعة في غير محلها
ومعنى يهل يلبي بالحج أو العمرة .
أما ذي الحليفة والجحفة وقرن المنازل ويلملم فقد تقدم الكلام على هذه في حديث عبدالله بن عباس رضي الله عنهما .
المعنى الإجمالي
المعنى الإجمالي قد تقدم في حديث عبدالله بن عباس رضي الله عنهما أن الحكمة في وضع هذه المواقيت أنها رحمة
من الله لعباده إذ لم يوجب عليهم الإحرام من بيوتهم لأن هذا تكليف بما لا يطاق لو حصل فكلفهم الله بما يطيقون .
وأبعد المواقيت عن مكة ميقات ذي الحليفة وربما كان أقربها وادي السيل أو ما يسمى بقرن المنازل وأن الله من رحمته
علق الإحرام بإرادة الحج والعمرة وأن من أتى على ميقات ليس ميقاته فإنه يجوز له أن يحرم منه لقوله هن لهن ولمن
أتى عليهن من غير أهلهن ومن كان دون المواقيت فيحرم من مكانه .
فقه الحديث
قد تقدم فقه هذا الحديث في الذي قبله فلا حاجة للإعادة هنا
وبالله التوفيق .
.--------
تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.
تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ
تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ]
[ المجلد الثالث ]
رابط تحميل الكتاب :
http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf
.
ام عادل السلفية
18-08-2015, 10:40PM
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام
للعلامة : احمد النجمي
-رحمه الله -
باب ما يلبس المحرم من الثياب
[212] الحديث الأول :
عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما أن رجلاً قال : يا رسول الله ما يلبس المحرم من الثياب ؟ قال رسول الله ﷺ
لا يلبس القمص ولا العمائم ولا السراويلات ولا البرانس ولا الخفاف إلا أحد لا يجد نعلين فليلبس الخفين وليقطعهما أسفل من
الكعبين ولا يلبس من الثياب شيئاً مسه زعفران أو ورس . وللبخاري ولا تنتقب المرأة ولا تلبس القفازين
موضوع الحديث :
ما يحرم على المحرم لبسه
المفردات
ما يلبس المحرم من الثياب :استفهام طلبي فأجاب النبي ﷺ بما لا يلبس المحرم لأنه محصور
قوله لا يلبس : يصح أن تكون لا نافية والصيغة صيغة خبر مقصود به الأمر ويصح أن تكون لا ناهية وعلى هذا فيكون
يلبس مجزوم ومثل ذلك ما عطف عليه ومثله أيضاً ولا تنتقب المرأة يصح أن تكون لا ناهية ويكون تنتقب فعل
مجزوم بلا الناهية ويصح أن تكون لا نافية ويكون الفعل مرفوعاً وهو خبر مقصود به النهي .
قوله القمص : جمع قميص وهو ما غطى جميع البدن ما عدا الرأس والحلق والقدمين إذا لم يكن مفرجاً من الأمام
فإن كان مفرجاً من الأمام قيل له جبة إذا كانت طويلة وإذا كان قصيراً فهو قباء أو كوت أو مدرعة
قوله ولا العمائم : العمائم جمع عمامة وهو ما لفّ على الرأس لفات ولم يكن مخيطاً
قوله ولا السراويلات : جمع سراويل ويذكر ويؤنث لأنه اسم أعجمي إلى أن قال ومن النحويين من لا يصرفه في النكرة
ويزعم أنه جمع سروال وسروالة أهـ من مختار الصحاح والسراويل هو ما غطى نصف البدن الأسفل بأن يكون له كمان فإن
كان بدون أكمام قيل له فوطة .
قوله برانس : جمع برنس وهو ثوب رأسه منه
قوله ولا الخفاف : جمع خف وهو ما غطى الكعبين
الورس والزعفران : هما نبتان لكل واحد منهما لون ورائحة
لا تنتقب المرأة : النقاب هو ما غطى الوجه وهو كل ما نسج أو خيط مقصوداً به تغطية الوجه خاصة وفيه فتحات
للعينين والفم والأنف .
قوله ولا تلبس القفازين : القفازان تثنية قفاز وهي شراب الكفين سواء غطيت بمحشو أو بغير محشو
المعنى الإجمالي
سأل رجل رسول الله ﷺ عما يلبس المحرم فأجابه صلوات الله وسلامه عليه بما لا يلبس المحرم باعتبار
أن الممنوع محصور والمباح غير محصور وكان في هذا الجواب غاية الإيجاز والحكمة ممن أوتي جوامع الكلم ﷺ
فقه الحديث
يؤخذ من هذا الحديث عدة مسائل
أولاً : أنه يجوز للمفتي أن يعدل في الجواب عن السؤال المطروح ويجيب عمّا يرى فيه المصلحة إذا كان متضمناً
لها أحسن من السؤال المطروح فقد سئل النبي ﷺ عما يلبس المحرم من الثياب فأجاب النبي ﷺ بما لا
يلبس من الثياب
ثانياً : كان عدول النبي ﷺ عن صريح السؤال إلى عكسه لأن صريح السؤال عن شيء غير محصور فأجاب
بما تتضمن المصلحة للسائل وللمكلفين معاً وهو الإفادة بما لا يلبس المحرم .
ثالثاً : قال ابن دقيق العيد اتفقوا على المنع من لبس ما ذكر في الحديث أي ما هو مصرح به والخلاف فيما يقاس
على ذلك كما أشار إليه بقوله والفقهاء القياسيون عدّوه إلى ما رأوه في معناه
رابعاً : نبه بالقميص على كل ثوب مخيط محيط بالبدن كله أو معظمه فيؤخذ منه تحريم الفنايل المنسوجة التي تغطي
بعض البدن محيطةً به ولو كانت غير مخيطة إذاً فكل ما أحاط بعضو أو بالبدن أجمع أو ببعض البدن فهو محرم في
حال الإحرام فكل ما أحاط بعضو أو بالبدن منسوجاً أو مخيطاً فهو ممنوع في حال الإحرام .
خامساً : نبه بالعمائم على كل ما غطى الرأس سواءً كان مخيطاً أو غير مخيط أو منسوجاً أو غير منسوج فالرأس لا
تجوز تغطيته لا بالكوفية ولا بالطاقية ولا بالعمامة ولا بالطربوش ولا بغير ذلك .
سادساً : المقصود من النهي كل ما لبس وهي ما ذكر أما ما رفع على الرأس للحمل ولو كان ملامساً له فإنه غير
ممنوع فيجوز للحاج أن يحمل متاعه (عفشه) على رأسه وما لم يلامسه مما قصد به التظليل على الرأس فهو جائز لأن
النبي ﷺ خطب وأسامة بن زيد وبلال كانا يظلانه بثوب مرفوع فوق رأسه من الشمس فيؤخذ من هذا أن ما لم يلامس
الرأس مما قصد به الاستظلال كالمظلة وسقف السيارة فإن ذلك جائز
سابعاً : نبه بقوله والسراويلات على كل مخيط أحاط ببعض البدن فما يسمى بالدكة أو الفوطة مما هو مخيط ومحيط
فإنه ممنوع في حال الإحرام .
ثامناً : ويؤخذ منه منع البرانس وما في معناها من الأثواب التي يكون غطاء الرأس منها
تاسعاً : يؤخذ من قوله ولا الخفاف تحريم ومنع ما غطى القدمين من الخفاف والجوارب والجراميق وغير ذلك إلا ما
كان منها أسفل من الكعبين فهذا لا يكون له حكم الخف ولكن له حكم النعل .
عاشراً : قوله إلا أحد لا يجد نعلين فليلبس الخفين وليقطعهما أسفل من الكعبين اختلف أهل العلم في هذه
المسالة هل يجب القطع لمن لم يجد النعلين هل يجب قطع الخفين كما جاء في حديث ابن عمر أو لا يجب ذلك
لأن النبي صلى لم يأمر بالقطع حين خطب الناس بعرفات بل أجاز لبس الخفين من دون قطع وعلى
هذا فهل يحمل الحديث الأخير الذي كان بعرفات والذي ذكر مطلقاً يحمل على المقيد فيجب قطع الخفين لمن لم يجد نعلين
أم لا ؟ بالأول قال الجمهور وبالثاني قالت الحنابلة وهي الرواية المشهورة عن الإمام أحمد لأنه رأى أن
الحديث الثاني ناسخ للأول والمسألة فيها أخذ ورد وإذا نظرنا في نصوص الشريعة نجد أن بعضها ورد مقيداً وبعضها ورد
مطلقاً والغالب أن المطلق محمول على المقيد إذا كان الحكم في ذلك واحد لأن الشارع إذا بيّن في موضع بقيد
أو شرط وسكت عنه في الموضع الآخر فهل يحمل سكوته في الموضع الثاني على أنه نسخ للأول فيؤخذ بالأخير
أو غير نسخ وقصد به الإحالة على القيد فلا يكون نسخاً والمسألة فيها خلاف واحتمال كما ترى .
الحادي عشر : ويؤخذ أيضاً من الحديث أن من لم يجد إزاراً يجوز له أن
يلبس السراويل بدون فدية بل بإذن من الشارع ﷺ.
الثاني عشر :يؤخذ من قوله ولا يلبس من الثياب شيئاً مسه زعفران أو ورس وقد علمنا أن الزعفران والورس نبتان لهما
لون ورائحة فهل المنع من أجل اللون أو من أجل الرائحة أو من أجلهما والظاهر أن ما اجتمعت فيه هاتان
العلتان منع وما لم تجتمع فيه لا يمنع إلا أنه يظهر أنه قد نبه بهذين النبتين على كل ما فيه طيب والطيب متفق على تحريمه في
حال الإحرام وقد اختلف أهل العلم في استدامته فأجاز الجمهور استدامة الطيب وقالت بذلك عائشة
رضي الله عنها وذكرت أنها كانت تطيب رسول الله صلى لإحرامه قبل أن يحرم ولحله قبل أن يطوف بالبيت وأنها كانت ترى
وبيص المسك في مفارق رأسه صلى وهو محرم ) وكره عمر رضي الله عنه وابنه استدامة الطيب وقال بعض
أهل العلم بجوازه في البدن ومنعه في الثياب جمعاً بين حديث عائشة رضي الله عنها وحديث يعلى ابن أمية رضي الله عنه
في قصة الرجل الذي جاء إلى النبي _ بالجعرانة يسأله ماذا يفعل في إحرامه وقد لبس جبة وتضمخ بخلوق فنزل الوحي
على رسول الله صلى ولما سري عنه قال له أنزع عنك الجبة واغسل عنك الخلوق واصنع في حجك
ما تصنع في عمرتك) وبهذا الحديث استدل من يرى عدم استدامة الطيب في الثياب إذا كان يظهر لونه ولكن إذا نظرنا وتأملنا في
النصوص نجد أن هذا حصل بعد موقعة الفتح حين كان النبي ﷺ بالجعرانة وأن استدامة الطيب حصلت
من النبي _ في حجة الوداع وقد روت بعض أزواج النبي _ ( قَالَتْ كُنَّا نَخْرُجُ مَعَ النَّبِيِّ _ إِلَى مَكَّةَ فَنُضَمِّدُ جِبَاهَنَا بِالسُّكِّ الْمُطَيَّبِ
عِنْدَ الإِحْرَامِ فَإِذَا عَرِقَتْ إِحْدَانَا سَالَ عَلَى وَجْهِهَا فَيَرَاهُ النَّبِيّ ﷺ فلا يَنْهَاهَا) أما قول عائشة (بأنها كانت ترى
وبيص المسك في مفارق النبي ﷺ ) فهذا في الصحيحين أو أحدهما إلا أن الحنابلة رحمهم الله رأوا أن هذا
نسخاً للأمر بغسل الخلوق للبدن دون الثوب وبالله التوفيق .
الثالث عشر : علماً أن نهي النبي ﷺ عن الثوب المصبوغ بالورس أو الزعفران عام في حق الرجال والنساء
فلا يجوز لبسه للمرأة أيضاً لعموم النهي
الرابع عشر : يؤخذ من قوله ولا تنتقب المرأة تحريم النقاب والنقاب شيء منسوج بقدر الوجه فيه فتحات للفم
والعينين والمنخرين وهذا محرم في حال الإحرام لا يجوز لبسه للمرأة المحرمة ومن أجل هذا فقد قال بعض الفقهاء إن إحرام
المرأة في وجهها ومنعوا من تغطية الوجه في حال الإحرام سواء كان ذلك بالنقاب أو البرقع أو بفضل الخمار
وقال بعض أهل العلم من المحدثين وغيرهم أن النهي عن النقاب وما في معناه كالبرقع فهو عما هو مفصل أو منسوج
بقدر الوجه أما أن تغطي المرأة وجهها بفضل خمارها فهذا لا مانع منه بل هو واجب وقد روت عائشة رضي الله عنها
(فقالت كان الركبان يمرون بنا ونحن مع رسول الله ﷺ محرمات فإذا حاذوا بنا سدلت إحدانا جلبابها من رأسها
على وجهها فإذا جاوزونا كشفناه )
وهذا الحديث صحيح وهو يدل على أمرين :
الأمر الأول : وجوب تغطية الوجه على المرأة إذا قابلت الرجال الأجانب
الأمر الثاني :أن التغطية بفضل الخمار ليس فيها مناقضة للإحرام وهذا هو
القول الصحيح الذي تطمئن إليه النفس
الخامس عشر : يؤخذ من قوله ولا تلبس القفازين تحريم لبس القفازين على المرأة في حال الإحرام والقفازان هما شرّاب
اليدين سواءً كانت محشوة كما كان يفعل ذلك في الأزمنة السابقة أو غير محشوة كل ذلك ممنوع .
السادس عشر :المنهي عنه هو اللبس المعتاد فمن ارتدى بقميص أو سراويلاً أو غير ذلك فإنه لا ينكر عليه لأن
هذا اللبس لا يدخل في النهي وإنما الذي يدخل في النهي هو لبس كل شيء على عادته المعروفة
السابع عشر : من انتهك شيئاً من هذه المحضورات كأن يلبس قميصاً أو عمامة أو يغطي رأسه من غير ضرورة
فقد أساء ووجبت عليه الفدية لأنها إذا وجبت الفدية في حالة الضرورة فمن باب أولى أنها تجب في غير الضرورة
والله تعالى يقول (فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ) [البقرة : 196 ]
ولأهل العلم في هذه المسالة خلاف فيما إذا حصل ذلك عن جهل أو نسيان فمنهم من قال أن الجاهل والناسي لا
تجب عليه فدية ومنهم من قال بوجوب الفدية مطلقاً ومنهم من قال بوجوب الفدية في الإتلافات كحلق الشعر
ونتفه وتقليم الأظافر دون ما لم يكن فيه إتلاف كالطيب واللبس
وبالله التوفيق .
.--------
تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.
تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ
تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ]
[ المجلد الثالث ]
رابط تحميل الكتاب :
http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf
.
ام عادل السلفية
19-08-2015, 06:46PM
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام
للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -
[213] الحديث الثاني :
عن عبدالله بن عباس رضي الله عنهما قال سمعت رسول الله ﷺ يخطب بعرفات : من لم يجد نعلين فليلبس
الخفين ومن لم يجد إزاراً فليلبس السراويل للمحرم .
موضوع الحديث :
جواز لبس الخفين لمن لم يجد نعلين ولبس السراويل لمن لم يجد إزاراً
المفردات
قد تقدمت في الحديث الذي قبله
المعنى الإجمالي
المعنى الإجمالي لهذا الحديث فهو إباحة الشارع ﷺ لبس الخفين لمن لم يجد نعلين بغير قطع ولبس
السراويل لمن لم يجد إزاراً بغير شق .
فقه الحديث
أولاً : قد تقدم الكلام على فقه هذا الحديث باعتبار أن الشارع ﷺ خطب بالمدينة وسئل فأجاز لبس
الخفين لمن لم يجد نعلين بشرط أن يقطعهما أسفـل من الكعبيـن
وخطب بعرفات فأجاز لبس الخفين لمن لم يجد
نعلين بدون قطع ومن أجل ذلك فقد اختلف الفقهاء في هذه المسألة هل يعد سكوته عن القطع في الخطبة
بعرفات نسخاً للحديث الأول أو يكون من باب حمل المطلق على المقيد ويعتبر من إحالة المكلفين على ما ورد في النص
الآخر وقد قال الله عز وجل (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاةَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ *
قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ وَاللَّهُ مَوْلاكُمْ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ ) [التحريم : 1-2] فأحال على كفارة اليمين
كما أنه قد ورد تقييد الرقبة بالإيمان في قتل الخطأ ولم يقيد في آية الظهار التي في المجادلة ولا في حديث من وقع على امرأته
في نهار رمضان ولكن الجمهور ذهبوا إلى حمل المطلق على المقيد فهل يكون هذا من هذا القبيل أم يكون
من قبيل النسخ والمسألة فيها أخذ ورد .
ثانياً :هل يسمى الخف بعد قطعه خفاً أم لا يسمى خفاً وإنما هو يكون ممن انتقلت اسميته فيقال نعل أو خف مقطوع
وعلى هذا فإن الشارع ﷺ قد أمر بذلك وإذا قلنا ببقاء التسمية فإن ذلك باعتبار ما كان أو بإطلاق الخف
المقيد بالقطع والذي يظهر لي أن حمل المطلق على المقيد أولى ولا يعاب من أخذ بالجانب الآخر كما تقرر في المسائل
الفرعية يعني غير العقائدية أن كلاً يعمل على ما فهم ولا يعيب أحد على أحد وعلى هذا فنقول في مسألتنا
هذه من اقتنع بواحد من الوجهين عمل عليه وأفتى به و لا يعيب على من اقتنع بضده وبالله التوفيق
ثالثاً : أما السراويل فقد أجاز النبي لبسه ﷺ لبسه لمن لم يجد الإزار بدون قطع ولا شق والقول بذلك
يقتضي الأخذ برخصة الشارع ﷺ أما من أوجب الشق فإنه قد أتى زائد عما ورد وهو يعد مخطئاً لإيجابه ما لم يوجبه
الشارع ﷺ فنقول الخلاصة أن السراويل تلبس بدون شق
وبالله التوفيق .
.--------
تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.
تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ
تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ]
[ المجلد الثالث ]
رابط تحميل الكتاب :
http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf
.
ام عادل السلفية
20-08-2015, 12:43AM
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام
للعلامة : احمد النجمي
-رحمه الله -
[214] الحديث الثالث :
عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما أن تلبية رسول الله ﷺ لبيك اللهم لبيك ، لبيك لا شريك لك لبيك إن
الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك قال وكان عبدالله بن عمر يزيد فيها : لبيك لبيك وسعديك والخير بيديك
والرغباء إليك والعمل
موضوع الحديث:
التلبية في الحج
المفردات
لبيك :معنى التلبية الاجابة أي ألبي أمرك بالفعل ونهيك بالترك سمعاً وطاعة لجلالك وامتثالاً لأمرك وفسره قوم بالإقامة
على الطاعة أخذاً من قولهم ألب بالمكان أي لزمه وأقام فيه والمعنى على هذا التفسير أنا ملازم لطاعتك مقيم عليها
لا أحيد عنها ولا أتركها ولعل المعنى الأول أوضح لكونه أسرع مبادرة إلى الذهن وهو إجابة لنداء إبراهيم عليه السلام
حين أكمل بناء البيت فأمره الله عز وجل أن يؤذن في الناس بالحج فقال يا رب كيف أؤذن ولا يسمعني
أحد فقال له ربه عليك الأذان وعليّ البلاغ فوقف على حجر المقام وقيل على جبل أبي قبيس ونادى يا أيها الناس إن الله
كتب عليكم الحج فحجوا فيقال أنهم أجابوه من أصلاب الرجال وأرحام النساء والمهم أن معنى لبيك إجابة لك بعد إجابة
فالتثنية للتكرار الغير متناهي أي أجيب دعوتك كل ما دعوت .
قوله لبيك لا شريك لك : هذا تقرير للتوحيد وتبرأُ وتنصل مما زاده المشركون الجاهليون بقولهم إلا شريكاً هو لك
تملكه وما ملك
قوله إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك : هذا فيه خلاف من أهل العلم من كسر همزة إن وتكون
الجملة ابتدائية ومن أهل العلم من فتحها وتكون الجملة تعليليه فكأنه قال لأن الحمد بجميع أنواعه وأسبابه وموجباته سواء
كان على الكمالات أو النعم فهو مستحق لك دون غيرك والنعمة اسم جنس كما أن الحمد اسم جنس أيضاً لك وحدك والملك
ملك جميع الكون الملك المطلق والملك المقيد كله لك لا شريك لك وقد انتظمت هذه الثلاثة الألفاظ جميع أجناس
الكمالات لله سبحانه وتعالى دون غيره فله الحمد المطلق وكل هذه هو مختص بها دون غيره ولهذا
قال لا شريك لك .
قوله لبيك وسعديك : القول في سعديك كالقول في لبيك بمعنى إني أُسعدك في أمرك ونهيك وتصديق خبرك إسعاداً
بعد إسعاد ومتابعة بعد متابعة وطاعة بعد طاعة
قوله والخير بيديك : أي الخير كله في يديك وهذا كقوله ( يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار ويبسط يده بالنهار
ليتوب مسيء الليل ) وكقوله ( أرأيتم ما أنفق منذ خلق السماء والأرض فإنه لم يغض ما في يده ….)
قوله والرغباء إليك والعمل :أي الرغبة في الثواب وفيما عندك من الخزائن في الدنيا والآخرة كلها إليك والعمل متوجه
إليك ومقصود به إياك كقوله (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) [الفاتحة : 5 ]
المعنى الإجمالي :
أمر الله سبحانه وتعالى عباده على لسان رسوله ﷺ معلم الخير وهادي البشرية أن يقرر الحاج تلبيته بالإحرام
بقوله لبيك اللهم لبيك هذه التلبية المتظمنة للتوحيد والتي تقرر العبودية لله وحده لا شريك له فقد جعلها النبي ﷺ
هي الموجبة للدخول في الإحرام .
فقه الحديث
أولاً:يؤخذ من هذا الحديث وجوب الطاعة لله رب العالمين في كل ما أمر ونهى وهذا هو ما يقرره الحاج على نفسه
بقوله لبيك اللهم لبيك ابتداءً بالتوحيد وانتهاءً بكل طاعة .
ثانياً :اختلف أهل العلم في حكم التلبية فذهب قوم إلى أنها سنة من السنن لا يجب بتركها شيء نسبه الصنعاني
إلى الشافعي وأحمد قلت:
أولاً : المعروف عند الحنابلة أنهم يجعلون التلبية من واجبات الحج ويجب بتركها دم .
ثانياً: أن التلبية واجبة يجب بتركها دم قال حكاه الماوردي عن ابن أبي هريرة من الشافعية وقال إنه وجد للشافعي نصاً يدل عليه .
قال وحكاه ابن قدامة عن بعض المالكية والخطابي عن مالك وأبي حنيفة .
ثالثاً :أنها واجبة لكن يقوم مقامها فعل يتعلق بالحج كالتوجه إلى الطريق وحكى ابن المنذر عن الحنفية
إن كبر أو هلل أو سبح ينوي بذلك الإحرام فهو محرم .
رابعاً : أنها ركن في الإحرام لا ينعقد بدونها حكاه ابن عبد البر عن المنذري وأبي حنيفة وأهل الظاهر قالوا هي نظيرة
تكبيرة الإحرام في الصلاة وهو قول عطاء أخرجه سعيد بن منصور بإسناد صحيح عنه قال التلبية فرض الحج
وحكاه ابن المنذر عن عطاء وطاووس وعكرمة وحكى النووي عن داود أنه لا بد من رفع الصوت قال الصنعاني
وما أجود قول داود مع صحة رفعه إلى النبي ﷺ بها وقوله (الحج العج والثج ) وقوله ( لِتَأْخُذُوا مَنَاسِكَكُمْ فَإِنِّي
لا أَدْرِي لَعَلِّي لا أَحُجُّ بَعْدَ حَجَّتِي هَذِهِ)
قلت :الاستدلال على وجوب رفع الصوت بهذا الحديث فيه نظر لأنه يصح أن يقدر الحج الكامل العج والثج ويصح
أن يقدر الحج الصحيح العج والثج ولوجود هذا الاحتمال فإنه لا يتعين المطلوب إلا إذا وجد ما يدل عليه من
كلام المعصوم ﷺ علماً بأن النية للحج هي ركن أما التلفظ بالتلبية فالظاهر منه الوجوب لأول مره وبعد
ذلك يكون سنة هذا ما يترجح لي والله أعلم بالصواب .
.--------
تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.
تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ
تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ]
[ المجلد الثالث ]
رابط تحميل الكتاب :
http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf
.
ام عادل السلفية
20-08-2015, 08:03PM
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام
للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -
[215] الحديث الرابع :
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال :قال رسول الله ﷺ لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر
مسيرة يوم وليلة إلا ومعها حرمة .
وفي لفظ للبخاري لا تسافر مسيرة يوم إلا مع ذي محرم
موضوع الحديث:
تحريم السفر مع غير محرم وجوازه مع المحرم أو الزوج
المفردات
قوله لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر :لفظ امرأة نكرة يعم كل امرأة وجملة تؤمن بالله واليوم الآخر جملة
مخصصة أي متصفة بالإيمان بالله واليوم الآخر والمقصود به المسلمة
جملة أن تسافر : هي الجملة التي ينصب عليها
النهي أي لا يحل لها السفر هذه المسافة إلا ومعها من هو حرمة عليها
قوله إلا ومعها حرمة : المراد بالحرمة هنا المحرم ويدخل فيه الزوج دخول أغلبية والمحرم الذي يحل لها السفر معه
هو من تحرم عليه على التأبيد بنسب أو سبب فيحل للرجل أن يسافر بأمه وأخته وبنته وبنت أخيه وبنت
أخته وعمته وخالته وهؤلاء هن المحارم السبع اللاتي يحرمن بالنسب وأما السبب فهو إما نكاح أو رضاع فالبنكاح تحرم
أم الزوجة وبنت الزوجة المدخول بها على التأبيد وتحرم زوجة الأب ومن له عليه ولادة من الأجداد وكذلك
زوجة الابن فهؤلاء يحرمن بالنكاح فيجوز للمرأة أن تسافر مع واحد من هؤلاء ومنع الإمام مالك السفر مع ابن الزوج قال
لوجود الفساد في هذه الأزمنة وأقول إن هذا الحكم سارٍ في المسلمين إلى يوم القيامة وينبغي أن ينظر في الرجل
الذي يسافر بالمرأة فإن كان متهتكاً فينبغي ألا تسافر معه حتى أخته من الرضاع لأنه لا يؤمن عليها
أما المسلم الظاهر العدالة والمستور الحال فيجوز ذلك والثالث سبب الرضاع بشروطه بأن تكون الرضعات خمساً
فأكثر في الحولين .
المعنى الإجمالي
إن العليم الخبير نهى على لسان رسوله ﷺ أن تسافر المرأة المسافة المشار إليها إلا مع ذي محرم أو زوج حماية
للأعراض أن تستباح وللأخلاق أن تفسد حتى يكون المجتمع مجتمعاً نظيفاً سليماً من الفساد وبالله التوفيق .
فقه الحديث
يؤخذ من هذا الحديث عدة مسائل
أولاً :تحريم سفر المرأة بدون زوج أو محرم المسافة المحددة في الأحاديث .
ثانياً :قد وردت الأحاديث بمقادير مختلفة ففي بعضها (ثلاثة أيام)وفي بعضها (يومان ) وفي بعضها (يوم وليلة)
وفي بعضها (يوم) وفي بعضها (ليلة) وهذه الأحاديث التي وردت فيها المقادير منها ما هو في صحيح البخاري وفي صحيح
مسلم معاً ومنها ما هو في صحيح مسلم وهي رواية اليوم المستقل ورواية الليلة المستقلة وهناك رواية عند
أبي داود فيها التحديد (ببريد) ولكنها من رواية سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة وسهيل بن أبي صالح ثقة إلا
أن في حفظه شيء وعلى هذا فإن أقل ما صح به الحديث صحة يطمئن إليها اليوم المستقل والليلة المستقلة .
ومسافة اليوم بالسير القديم بريدين غالباً والبريدان أربعة وعشرون ميلاً وهي أربعون كيلو وهذه الروايات يعتمد
عليها في هذا الباب وفي باب القصر والجمع وما يسمى سفراً
ثالثاً :تبين مما سبق أنه لا يجوز لامرأة أن تسافر هذه المسافة إلا مع زوج أو ذي محرم وقد تبين لنا مما سبق
من هو المحرم
رابعاً :قد ذهب بعض العلماء إلى أنه يجوز للمرأة أن تحج مع رفقة من النساء الأمينات أو الرجال المأمونين ورد
عليهم بأن النبي _ حينما قال له ذلك الرجل ( إِنَّ امْرَأَتِي خَرَجَتْ حَاجَّةً وَإِنِّي اكْتُتِبْتُ فِي غَزْوَةِ كَذَا وَكَذَا قَالَ انْطَلِقْ
فَحُجَّ مَعَ امْرَأَتِكَ) ولم يستفصل هل معها رفقة مأمونة أم لا ؟ وفي عدم الاستفصال دليل على أن
هذه الآراء مخالفة للنص وعلى طالب العلم أن يتمشى مع النص .
خامساً :ربما استدل بعض أهل العلم بالحديث الذي
قال فيه النبي ﷺ ( والذي نفسي بيده ليتمّنّ الله هذا الأمر حتى تخرج المرأة من الحيرة حتى تأتي هذا البيت
فتطوف به لا تخاف إلا الله ) .
والجواب أن هذا الحديث إخبار عن أمر يقع ولم يقصد النبي ﷺ إباحة سفر المرأة وحدها .
سادساً :يؤخذ من هذا الحديث أن وجود الزوج أو المحرم تحريماً مؤبداً شرط في وجوب الحج على المرأة وأنها إذا
لم تجد محرماً وكانت واجدة للنفقة فإنه لا يجوز لها أن تحج بل يجوز لها أن تستنيب من يؤدي عنها فريضة الحج
في هذه الحالة وهذا القول هو القول الصحيح الذي تطمئن إليه النفس سواء كانت فتية أو كبيرة السن لعموم الحديث الوارد
بالنهي ولأنه كما قيل لكل ساقطة لاقطة .
سابعاً :يؤخذ من قوله لا يحل تحريم سفر المرأة بدون محرم ولو كانت مع رفقة مأمونة لأن هذه العبارة لا تتناول
الكراهة وإنما تتناول التحريم .
ثامناً :إنما شرع الله عز وجل هذا الحكم وأمثاله من الأحكام التي يترتب عليها نزاهة المجتمع الإسلامي حماية للمسلمين
من أسباب الوقوع فيما حرم الله عز وجل .
تاسعاً :ما يسمى بنكاح الجلالة أو عقد الجلالة وهو العقد الذي لا يقصد منه العقدة الزوجية كما يفعله بعض الناس
إذا كانت المرأة ليس لها محرم تستدعي رجلاً وتعطيه أجرة ويعقد عليها عقد جلالة كما يقولون ثم يحج بها وإذا انتهى
الحج طلقها وأقول إن هذا العقد غير صحيح ولا يترتب عليه إباحة السفر بها بل هي أجنبية منه لأن العقد باطل غير صحيح
وبالله التوفيق .
.--------
تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.
تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ
تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ]
[ المجلد الثالث ]
رابط تحميل الكتاب :
http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf
.
ام عادل السلفية
21-08-2015, 01:19PM
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام
للعلامة : احمد النجمي
-رحمه الله -
بـــاب الفديــة
[216] عن عبد الله بن معقل قال :جلست إلى كعب بن عجرة فسألته عن الفدية ؟ فقال : نزلت فيّ خاصة وهي
لكم عامة حملت إلى رسول الله ﷺ والقمل يتناثر على وجهي فقال : ( ما كنت أُرى الوجع بلغ بك ما أرى – أو ما
كنت أٌرى الجهد بلغ بك ما أرى – أتجد شاة ؟ فقلت :لا فقال ( صم ثلاثة أيام أو أطعم ستة مساكين لكل مسكين
نصف صاع )
وفي رواية فأمره رسول الله ﷺ أن يطعم فرقاً بين ستة أو يهدي شاة أو يصوم ثلاثة أيام )
موضوع الحديث :
مشروعية الفدية لمن اضطر إلى فعل شيء من محظورات الإحرام
المفردات
فسألته عن الفدية فقال نزلت فيّ خاصة وهي لكم عامة يعني أن قصته التي حصلت له في غزوة الحديبية كانت هي
سبب النزول وهذا يؤيد ما قاله أهل الأصول العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب لأن قوله وهي لكم عامة يدل على أن
عمومات الكتاب والسنة لا تختص بمن نزلت فيه بل تكون لجميع الأمة .
قوله حملت إلى رسول الله ﷺ والقمل يتناثر على وجهي : الواو واو الحال يعني أن حالته المرضية كانت كذلك حيث
كان القمل يتناثر من رأسه على وجهه فقال ما كنت أٌرى بضم الهمزة وفتح الراء بمعنى أظن وأحسب ما كنت أرى الوجع
أي ما كنت أظن الوجع بلغ بك ما أرى أي بلغ بك الحالة التي اراها وارى الثانية بفتح الهمزة والراء بعدها ألف
مطوية وهي يعبر بها عن الرؤية البصرية والرأى أي ويعبر بها عن الرأى
الجَهد :بالفتح المقصود به المشقة والجهد بالضم المقصود به الطاقة يقول العبد أعمل جُهدي أي طاقتي وتجوز الحالتين
الفتح والضم وقرئ بهما في قوله تعالى ( وَالَّذِينَ لا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ)
قوله أتجد شاة : الهمزة للاستفهام الطلبي قال لا قال صم ثلاثة أيام أو أطعم ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع وفي
الرواية الأخيرة فأمره رسول الله _ أن يطعم فرقاً بين ستة أو يهدي شاة أو يصوم ثلاثة أيام . الفرق مكيال يسع ثلاثة آصع نبوي.
المعنى الإجمالي
يخبر كعب بن عجرة أنه حمل إلى النبي ﷺ وهو مريض والقمل يتناثر على وجهه فأنزل الله في قصته آية الفدية
وهي قوله تعالى { فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضاً أَوْ بِهِ أَذًى مِّن رَّأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِّن صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ }[البقرة : 196 ]
فقه الحديث
أولاً:يؤخذ من الحديث أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب حيث قال هذا الصحابي الجليل نزلت فيّ خاصة
وهي لكم عامة .
ثانياً :يؤخذ من هذا الحديث أن من احتاج إلى فعل محظور كما حصل لكعب بن عجرة رضي الله عنه حيث احتاج إلى
حلق رأسه فإنه يجوز له أن يستحل هذا المحظور في مقابل فدية يقوم بدفعها كما هو موضح في الآية ففدية من صيام أو
صدقة أو نسك .
ثالثاً : أن هذه القصة يقاس عليها كل ما في معناها فمن احتاج إلى تغطية رأسه لضرر به جاز له ذلك وفعل الفدية على
حسب المستطاع ومثل ذلك من احتاج إلى لبس السروال لوجود ضرر يحصل له من المشي وهكذا يقال في سائر المحظورات
رابعاً : ذكر الله عز وجل الفدية مجملة حيث قال (فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ)
خامساً : بيّنت السنة الصيام والصدقة والنسك فالصوم ثلاثة أيام والصدقة إطعام ستة مساكين لكل مسكين نصف
صاع والنسك شاة على الأقل .
سادساً :هذه الفدية مخير فيها المحرم إن شاء نسك شاة وإن شاء أطعم ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع وإن شاء
صام ثلاثة أيام .
سابعاً :الدليل على كونها مخيرة أنها رتبت بأو في قوله تعالى (مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ ) وهذا يدل على أن مثل ذلك
لا يكون مرتباً وقد حكى بعض أهل العلم الإجماع على أن فدية المحرم إذا احتاج إلى استباحة شيء من المحظورات أنها
مخيرة وليست مرتبة .
ثامناً :ومما يدل على أنها مخيرة أن الله بدأ بالأقل أو الأخف كلفة وهو صوم ثلاثة أيام وذلك يدل على أنها مخيرة
تاسعاً: استشكل التخيير مع قوله أتجد شاة وقد ذكر في ذلك أوجه من التأويل والأقرب أن يقال أن النبي ﷺ أراد أن يأمره
بالأفضل أو يحثه عليه فلما نفى قدرته على نسك شاة أمره بأن يفعل واحداً من الاثنين التي هي الصيام أو الإطعام
عاشراً :يشترط في الشاة التي تقدم في الفدية أن تكون صالحة لأن يضحى بها من حيث السن وعدم العيوب .
الحادي عشر : قد وضح في الحديث مقدار الإطعام أنه لكل مسكين نصف صاع وذلك يكون ثلاثة آصع منقسمة
على ستة مساكين والثلاثة آصع هي فرق .
الثاني عشر : أن بعض أهل العلم أجرى هذا المقدار في كل إطعام يجب كإطعام الستين مسكيناً وكذلك العشرة
مساكين فجعلوا للمسكين الواحد نصف صاع وهو كيلو ونصف عند بعض أهل العلم أما بعضهم فإنه يجعل الصاع
كيلوين وربع والتقدير الأول على جعل الصاع ثلاثة كيلوات ولعل التقدير الثاني هو الأقرب إلى الصواب
لأنه أدق أي أكثر دقة وذهب بعض أهل العلم وهو الصواب في نظري إلى أن هذا المقدار في الإطعام إنما يكون في فدية استباحة
المحظور من محظورات الإحرام أما غيره ففيه مد واحد والمد على أكبر تقدير يكون كيلو إلا ربع لأنه
قد ثبت أن النبي ﷺ أعطى ذلك الرجل الذي وقع على امرأته في رمضان مكتلاً يسع خمسة عشر صاعاً وإذا قسمنا
خمسة عشر صاعاً على ستين مسكيناً يكون لكل مسكين مد وقد ورد مثل ذلك عن أربعة من الصحابة رواه مالك
في الموطأ .
الثالث عشر: نوعية الطعام الذي يقدم في مثل هذه الحالة هو الطعام الجيد الشائع في البلد والذي يعتبره
معظم الناس قوتاً في وقت الاختيار .
الرابع عشر :جعل الشارع ﷺ الصيام ثلاثة أيام بدلاً عن ثلاثة آصع فجعل اليوم بدلاً عن صاع أما في الإطعام
عن صيام رمضان فإنه جعل مقدار الإطعام الذي هو بدل اليوم مداً وهذا يدل على أن هذا الأمر يرجع فيه إلى التوقيف
عن الشارع
.--------
تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.
تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ
تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ]
[ المجلد الثالث ]
رابط تحميل الكتاب :
http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf
.
ام عادل السلفية
22-08-2015, 06:57PM
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام
للعلامة : احمد النجمي
-رحمه الله-
كتاب الحج
باب حرمة مكة
[217] الحديث الأول :
عن أبي شريح خويلد بن عمرو الخزاعي العدوي رضي الله عنه أنه قال لعمرو بن سعيد بن العاص وهو يبعث البعوث
إلى مكة ائذن لي أيها الأمير أن أحدثك قولاً قام به رسول الله ﷺ الغد من يوم الفتح فسمعته أذناي ووعاه قلبي وأبصرته
عيناي حين تكلم به أنه حمد الله وأثنى عليه ثم قال إن مكة حرمها الله تعالى ولم يحرمها الناس فلا يحل لامرئ
يؤمن بالله واليوم الآخر أن يسفك بها دماً ولا يعضد بها شجرة فإن أحد ترخص بقتال رسول الله ﷺ فقولوا إن الله قد أذن
لرسوله ولم يأذن لكم وإنما أذن لي ساعة من نهار وقد عادت حرمتها اليوم كحرمتها بالأمس فليبلغ الشاهد الغائب
فقيل لأبي شريح : ما قال لك قال أنا أعلم بذلك منك يا ابا شريح إن الحرم لا يعيذ عاصياً ولا فاراً بدم ولا فاراً بخربة .
موضوع الحديث :
بيان حرمة مكة
المفردات
أولاً :أبو شريح صحابي أسلم قبل الفتح ولما جاء إلى النبي ﷺ وكان في الجاهلية يكنى أبا الحكم فسأله النبي
ﷺ عن سبب التكنية بأبي الحكم فقال إن قومي يختلفون فأحكم بينهم فيرضون بحكمي فكنوني بأبي
الحكم فقال له النبي ﷺ هل لك من أبناء قال نعم لي ثلاثة أبناء شريح وفلان وفلان فقال من أكبرهم قال شريح فقال
له النبي ﷺ فأنت أبو شريح أما اسمه فقد اختلف فيه على أقوال ذكرها ابن دقيق العيد وقال إنه توفي في المدينة
سنة ثمان وستين أنه قال لعمرو بن سعيد بن العاص قلت: عمرو بن سعيد بن العاص المعروف بالأشدق ولي الإمارة
على المدينة لمعاوية وابنه يزيد ثم طلب الخلافة لنفسه وغلب على دمشق فتلطف به عبد الملك ثم قتله غدراً
البعوث : جمع بعث وهو إرسال الجيش للقتال
قوله ائذن لي أيها الأمير : طلب الإذن من الأمير بالكلام من باب التلطف
قوله الغدَ من يوم الفتح : أي اليوم الثاني بعد يوم الفتح
قوله فسمعته أذناي : أسند السمع إلى الأذن وإنما هو لطبلة الأذن والأذن وعاء للسمع
قوله ووعاه قلبي : أي فهمه
وأبصرته عيناي حين تكلم به : هذا للتأكيد أي لتأكيد السماع ومباشرته له
أنه حمد الله وأثنى عليه : وهذا ما تستفتح به الخطب
قوله أن يسفك بها دماً : أي يريقه بالاعتداء على صاحبه
ولا يعضد بها شجرة : العضد القطع
قوله وإنما أذن لي ساعة من نهار : أي وقتاً محدداً
قوله وقد عادت حرمتها اليوم كحرمتها بالأمس : يعني أن الأذن للنبي ﷺ انتهى وعادت الحرمة إلى مكة بانتهائه
قوله فليبلغ الشاهد الغائب : أي من حضر يبلغ من لم يحضر
فقيل لأبي شريح ما قال لك : أي بعد أن قلت له ما قلت
قال أنا أعلم بذلك منك : الأصل أن يكون قال أبو شريح قال عمرو أنا أعلم بذلك منك فحذف أحدهما وبقي الآخر
لا يعيذ عاصياً : لا يمنعه ولا يجيره من إقامة الحد عليه لو وجب وكذلك من فرّ بدم أو فرّ بخربة
قال الصنعاني أقول بخاء معجمة مفتوحة وكسر الراء وقال النووي هي بفتح الخاء المعجمة وإسكان الراء هذا هو
المشهور ويقال بضم الخاء أيضاً حكاها القاضي وصاحب المطالع وآخرون وأصلها سرقة الإبل وتطلق على كل خيانة
وفي صحيح البخاري أنها البلية وقال الخليل هي الفساد في الدين من الخارب وهو اللص المفسد في الأرض وقيل
هي العيب أ هـ من صحيح مسلم بشرح النووي جـ9 ص 137 .
المعنى الإجمالي
بينما كان عمرو بن سعيد بن العاص يبعث البعوث من المدينة إلى مكة في خلافة يزيد بن معاوية لقتال ابن الزبير أتاه
أبو شريح الكعبي الصحابي الجليل واستأذن بأن يحدثه ما قام به رسول الله ﷺ يوم فتح مكة أي بعد ذلك
بيوم وأنه قال إن مكة حرمها الله ولم يحرمها الناس فلا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يسفك فيها دماً ولا يعضد بها شجراً
فكان رد عمرو بن سعيد بن العاص عليه بأن قال أنا أعلم بذلك منك يا أبا شريح فعارض الحديث برأيه ولم يمتنع
عن إرسال البعوث لقتال ابن الزبير بل استمر على ذلك .
فقه الحديث
يؤخذ من الحديث عدة مسائل
أولاً: في قوله وهو يبعث البعوث إلى مكة يؤخذ منه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بتنبيه الغافل وتذكير الناسي
وتعليم الجاهل وقد كان أبو شريح يريد أن يمنع عمرو بن سعيد أو ينهاه عن بعث البعوث لقتال ابن الزبير في الحرم .
ثانياً : يؤخذ من قوله ائذن لي أيها الأمير مشروعية التلطف للأمراء والكبراء في
الكلام ليكون أدعى للقبول
ثالثاً : يؤخذ من قوله سمعته أذناي ووعاه قلبي …ألخ تأكيد حفظه لتلك
الخطبة وما حوته من أوامر ونواهي
رابعاً :يؤخذ من قوله حمد الله وأثنى عليه أن الخطبة ينبغي أن تبدأ بحمد الله والثناء عليه
خامساً :يؤخذ من قوله ثم قال إن مكة حرمها الله تعالى ولم يحرمها الناس يؤخذ منه أن تحريم مكة كان
أمراً من الله قضاءً منه يوم خلق السموات والأرض وأن إبراهيم عليه السلام إنما نسب إليه تحريمها
لأنه كان المظهر له والمشيع له في الناس
سادساً: في قوله ولم يحرمها الناس تأكيد لما قبله
سابعاً :في قوله ولا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يسفك بها دماً وهذا هو المناسب لما كان يعمله
عمرو بن سعيد لأن إرسال الجيش لقتال ابن الزبير في نفس الحرم يدل على استهانته لسفك الدماء في
هذا البلد المحرم
ثامناً :يؤخذ منه تحريم القتال في حرم مكة وقد اختلف أهل العلم فيما إذا بغى باغ وعاذ بمكة أو خرج بها أصلاً
أو جاء أناس من الكفار فاحتلوها هل يجوز قتالهم أم لا ؟ فمن أهل العلم من أجاز ذلك ومنهم من منعه وقال لا
يقاتلون ولكن يضيق عليهم والجمهور على جواز قتالهم إذا كانت المصلحة تقتضي ذلك
تاسعاً :قوله ولا يعضد بها شجره يؤخذ منه تحريم قطع شجر الحرم وهو مجمع عليه فيما نبت بنفسه ولم يكن
شوكاً واختلف فيما استنبته الآدمي فأجاز الجمهور قطعه ومنع ذلك بعض أهل العلم واختلفوا أيضاً في الشوك
وسيأتي في الحديث الذي بعد هذا
عاشراً : في قوله وإن أحد ترخص بقتال رسول الله ﷺ فقولوا إن الله أذن لرسوله ولم يأذن لكم
فيؤخذ من هذا أنه لا يجوز الترخص قياساً على قتال النبي ﷺ
الحادي عشر : يؤخذ منه أن مكة فتحت عنوة وقد ذهب إلى ذلك الجمهور وقال الشافعي إنها فتحت
صلحاً وهذا خلاف ما ثبت في المغازي والسير وفي الأحاديث الصحيحة حيث قال النبي ﷺ (من
دخل دار أبي سفيان فهو آمن ومن ألقى السلاح فهو آمن ومن أغلق بابه فهو آمن ) .
الثاني عشر :يؤخذ من قوله وقد عادت حرمتها اليوم كحرمتها بالأمس أن حرمتها عادت بعد فتحها
ذلك اليوم وكان الحكم رفع ساعات من نهار ثم عاد إليها فهي حرام إلى يوم القيامة
الثالث عشر :يؤخذ من قوله فليبلغ الشاهد الغائب وجوب إبلاغ الأحكام الشرعية على من علمها
وأنه يبلغ من لم يعلمها وهذا الخطاب عام في كل أحكام الشريعة .
.--------
تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.
تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ
تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ]
[ المجلد الثالث ]
رابط تحميل الكتاب :
http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf
.
ام عادل السلفية
23-08-2015, 11:45AM
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام
للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -
كتاب الحج
[218] الحديث الثاني :
عن عبدالله بن عباس رضي الله عنهما قال :قال رسول الله ﷺ -يوم فتح مكة – (( لا هجرة ولكن جهاد ونية وإذا
استنفرتم فانفروا )) وقال يوم فتح مكة : (( إن هذا البلد حرمه الله يوم خلق السموات والأرض فهو حرام بحرمة الله إلى
يوم القيامة وإنه لم يحل القتال فيه لأحد قبلي ولم يحل لي إلا ساعة من نهار فهو حرام بحرمة الله إلى يوم
القيامة لا يعضد شوكه ولا ينفر صيده ولا يلتقط لقطته إلا من عرفها ولا يختلى خلاه )) فقال العباس : يا رسول الله إلا الإذخر
فإنه لقينهم وبيوتهم فقال إلا الإذخر .
موضوع الحديث :
حرمة مكة
المفردات
لا هجرة : أي بعد الفتح من مكة إلى المدينة لأن مكة صارت بالفتح دار إسلام كما أن المدينة دار إسلام
قوله ولكن جهاد ونية : أي جهاد للكفار ونية خالصة لإعلاء كلمة الله
قوله وإذا استنفرتم فانفروا : أي إذا طلب منكم النفر فانفروا وإنما يتعين بتعيين الإمام
قوله إن هذا البلد حرمه الله يوم خلق السموات والأرض : بيان حرمته أنها قديمة منذ أوجد الله الكون
قوله وإنه لم يحل القتال فيه لأحد قبلي : أي الحل الشرعي بالقتال فيه لم يكن لأحد قبل النبي _ ولن يكون لأحد بعده
قوله لا يعضد شوكه : العضد القطع
ولا ينفر صيده : أي لا يزعج صيده حتى ينفر من مكانه
ولا يلتقط لقطته إلا من عرفها : التعريف هو أن يقول من له ضالة
قوله ولا يختلى خلاه : أي يؤخذ العلف الذي يكون فيه والخلى هو الحشيش الأخضر
قوله إلا الإذخر : الإذخر هو نوع من الحشيش له رائحة طيبة
فإنه لقينهم : المراد بالقين الحداد والصواغ
قوله وبيوتهم : أي أنه يوضع على السقوف فوق الخشب وتحت الطين .
المعنى الإجمالي
المعنى الإجمالي لحديث ابن عباس أن النبي ﷺ قام خطيباً يوم فتح مكة فقال لا هجرة أي من مكة إلى المدينة ولكن
جهاد ونية وإذا استنفرتم فانفروا ثم ذكر حرمة مكة وأن ذلك منذ خلق الله السموات والأرض وأنها لم تحل
لأحد قبل النبي ﷺ ولن تحل لأحد بعده وإنما أحلت له ساعة من نهار ثم عادت حرمتها ثم ذكر حرمة مكة وأن لا
يعضد شوك الحرم ولا ينفر صيده ولا يلتقط لقطته إلا من عرفها ولا يؤخذ خلاه وهو العلف والحشيش
واستثني من ذلك الإذخر لمصلحة أهل مكة
فقه الحديث
أولاً : يؤخذ من قوله لا هجرة أي بعد الفتح من مكة إلى المدينة لأن مكة صارت دار إسلام كما أن المدينة دار إسلام.
ثانياً :اللام في قوله لا هجرة نافية للجنس فهي تعم كل هجرة من مكة إلى المدينة ولكن الهجرة من بلد الكفر
إلى بلد الإسلام فهي مشروعة وباقية إلى قيام الساعة فمتى وجد المقتضي للهجرة شرعت إلى المكان الذي يأمن
فيه المسلم على دينه وعلى نفسه
ثالثاً : يؤخذ من قوله ولكن جهاد ونية أن الجهاد والنية مشروعة ومأمور بهما إلى أن يخرج الدجال وينزل عيسى بن
مريم وتقوم الساعة فالجهاد ينقسم إلى قسمين جهاد باللسان والقلم أي بالكلمة والكتابة والرد على
من ينالون من الدين ويدخلون فيه ما ليس منه وجهاد بالسيف وما يقوم مقامه من آلات الحرب الحديثة فالأول جهاد المنافقين
والثاني جهاد الكفار فقد أمر الله بهما في قوله تعالى لنبيه _ (يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدْ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ
عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ) [التوبة : 73]
رابعاً : يؤخذ من قوله ونية أمر بالإخلاص لله عز وجل في جهاد الكفار والمنافقين والأعمال من عبادات ومعاملات
تمشياً بالأوامر الربانية والسنن النبوية أخذاً بها وتعاملاً على ضوئها مع الله أولاً ثم مع خلقه ثانياً .
خامساً :يؤخذ من قوله ( وإذا استنفرتم فانفروا ) أمر بالنفير إذا طلب ممن يكون من أهله والذي يعين هو وليّ
الأمر فإذا عين شخصاً ولم يكن لديه ما يمنع وجب عليه أن ينفر لهذا الأمر النبوي الشريف ( وإذا استنفرتم فانفروا )
وهو إحدى الحالات الثلاث التي يتعين فيها الجهاد .
سادساً : يؤخذ من قوله إن هذا البلد حرمه الله ….إلخ حرمة مكة وقد تقدم الكلام عليها في الحديث السابق .
سابعاً : يؤخذ من قوله وإنه لم يحل القتال فيه لأحد قبلي ولم يحل لي إلا ساعة من نهار فهو حرام بحرمة الله
إلى يوم القيامة يؤخذ منه أن الله خص رسوله ﷺ بالأذن له بالقتال في الحرم المكي لإرساء دعائم العقيدة فيها
وإزالة الشرك ومظاهره منها
ثامناً : يؤخذ من قوله لا يعضد شوكه العضد معناه القطع وفيه النهي عن قطع شوكه وقد ذهب إلى ذلك الجمهور وقال
الشافعي بجوازه لأن الشوك مؤذٍ وكل مؤذٍ يجوز إبعاده من الحرم كما يرى ذلك الشافعي رحمه الله وقول الجمهور
هو الحق إن شاء الله لموافقته الدليل فلا يحل قطع شوكه ولا يعضد سائر شجره إلا ما استنبته الإنسان كما تقدم
تاسعاً :يؤخذ من قوله ولا ينفر صيده تحريم تنفير صيد الحرم من حمام وغيره
إلا إذا دخل بيتك ففي هذه الحالة يرى بعض أهل العلم جواز ذلك .
عاشراً :يؤخذ من قوله ولا يلتقط لقطته إلا من عرفها أن لقطة الحرم محرم التقاطها إلا لمن نوى تعريفها في جميع
الزمن بمعنى أنه لا يتملكها ولا يكون للتعريف وقت محدد
الحادي عشر : يؤخذ من قوله ولا يختلى خلاه أنه يمنع أخذ الحشيش منه ما دام أخضر ونابت في مكانه
إلا أنه يجوز إرسال المواشي فيه لتأكل منه بأفواهها أما قطعه وأخذه للبيع أو لمواشي يعلفها إياه فإن هذا لا يجوز
الثاني عشر : يؤخذ من قول العباس يا رسول الله إلا الإذخر فإنه لقينهم ولبيوتهم فقال إلا الإذخر يؤخذ
من هذا استثناء الإذخر والإذخر نوع من الحشيش له رائحة طيبة
الثالث عشر: يؤخذ من قوله فإنه لقينهم ولبيوتهم إن هذا الاستثناء له علة وهو جعله لقينهم وهو الحداد والصواغ
يضرم عليه النار ولبيوتهم وفي رواية ولقبورهم أما البيوت فقد سبق في المفردات أنهم يجعلونه على الخشب
وتحت الطين وأما القبور فلكونهم يجعلونه في اللحد لسد الفراغات بين اللّبن
الرابع عشر :أخذ من هذا الاستثناء قاعدة فقهية وهو أن الاستثناء يجوز ما لم يحصل بين المستثنى
والمستثنى منه فارق والكلام على هذه القاعدة موجود في أصول الفقه .
.--------
تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.
تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ
تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ]
[ المجلد الثالث ]
رابط تحميل الكتاب :
http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf
.
ام عادل السلفية
24-08-2015, 01:10PM
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام
للعلامة : احمد النجمي
-رحمه الله-
باب ما يجوز قتله
[219] الحديث الأول :
عن عائشة رضي الله عنها : أن رسول الله ﷺ قال : (خمس من الدواب كلهن فاسق يقتلن في الحرم الغراب والحدأة
والعقرب والفارة والكلب العقور ) ولمسلم ( يقتل خمس فواسق في الحل والحرم ) .
موضوع الحديث :
بيان ما يجوز قتله في الحل والحرم وفي حالة الإحرام من الدواب والطير
المفردات
قوله خمس من الدواب : جمع دابة والدابة هو ما يدب على الأرض قد تأتي في لسان الشرع عامة للطير وما سواه
ومن ذلك قوله تعالى (وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأَْرْضِ إِلا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ )
[هود : 6] وقد يفرد أحياناً فيجعل نوعاً آخر مع الدواب كقوله تعالى (وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلا طَائِرٍ يَطِيرُ
بِجَنَاحَيْهِ إِلاَّ أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ) [الأنعام : 38] ففي الآية الأولى أدخل الطير في عموم الدواب لأنه إذا سقط على الأرض دبّ عليها .
قوله كلهن فاسق : الفسق لغة هو الخروج يقال فسقت الحبة إذا خرجت من قشرتها وشرعاً الخروج عن طاعة
الله وطاعة رسوله ﷺ.
قوله يقتلن في الحرم وفي رواية في الحل والحرم :أي يجوز قتلهن ولا يمنع قتلهن في الحرم ولا في الإحرام .
قوله الغراب …إلخ:تفصيل من العدد الأول والغراب نوع من الطيور معروف والحدأة : طير يختطف بعض الأشياء قد يكون من اليد
العقرب : معروفة تلدغ بمؤخرها
الفأرة : نوع من الجرذان
والكلب العقور: أي المتصف بالعقر
قوله ولمسلم يقتلن خمس فواسق في الحل والحرم : يجوز على رواية الإضافة فتح فواسق وعلى رواية التنوين ضمها وإعراب الضم خمسُ مبتدأ وهي نكرة سوغها للابتداء الوصف بفواسق وفواسق خبر
المعنى الإجمالي
أخبر النبي ﷺ خبراً يتضمن الأمر أن خمساً من الدواب كلهن يتصف بالفسق لذلك فإنه يباح قتلهن في الحل والحرم
والإحرام ثم بين تلك الخمس بقوله الغراب والحدأة والعقرب والفأرة والكلب العقور فقوله الغراب وما بعده هو تفصيل
للعدد الأول ويعرب إعرابه
فقه الحديث
أولاً : يؤخذ من الحديث أن هذه الخمس يجوز قتلهن في الحل والحرم والإحرام لما اتصفنّ به من الإيذاء وإن
كان الإيذاء فيهن مختلف قد يكون بعضهن أشد من بعض
ثانياً : يؤخذ من قوله خمس ثم أتى بهذه الأجناس الخمسة مع أنه قد ورد في بعض الروايات إضافة الحية والحية
أذيتها أشد فهل يقال أن جواز القتل مقصور على هذه الخمس أو أنه يتعدى كل واحدة منها إلى كل ما اتصف بالإيذاء
مما يشبه نوع إيذائها فمن أهل العلم من قصرها على هذه الخمس فقط ومنهم من توسع فعدّا هذا الحكم إلى
ما أشبهها في الإيذاء
ثالثاً : قال هؤلاء إنما خصت بالذكر لينبه بها على ما في معناها وأنواع الأذى مختلف فيها فيكون ذكر كل نوع منها على
جواز قتل ما فيه ذلك النوع (يعني من الأذى) فنبه بالحية والعقرب على ما يشاركهما في الأذى باللّسع كالبرغوث
مثلاً عند بعضهم ونبه بالفأرة على ما أذاه بالنقب والتقريض كابن عرس ونبه بالغراب والحدأة على ما أذاه
بالاختطاف كالصقر والباز ونبه بالكلب العقور على كل عاد بالعقر والافتراس بطبعه كالأسد والفهد والنمر .
رابعاً :العلة في جواز قتل هذه الأشياء في الحل والحرم والتي وصف كل واحد منها بأنه فاسق اختلف فيها قول الأئمة
فقال بعضهم العلة في ذلك الإيذاء وهذا القول محكي عن الإمام مالك ويذكر عن الشافعي أنه قال إنما أبيح قتلها لأنه لا يجوز
أكلها وكأنه والله أعلم أخذ ذلك من حكم الصيد حيث منع قتله في الحرم وفي حالة الإحرام في غير الحرم ولكن
الوصف بالفسق يدل على صحة ما ذهب إليه الإمام مالك رحم الله تعالى الجميع لأن تقديم الوصف بالفسق
دال على إباحة قتلها إنما هو لذلك .
خامساً : اختلف في الكلب العقور هل المراد به الكلب الإنسي المعروف إذا اتصف بالعقر وعلى هذا فيكون قتله مبني
على وصف بعد وصف فوصف الكلبية لا يبيح القتل بمجرده حتى يتصف بالعقر وذهب آخرون إلى أنه نبه بهذا الوصف
على كل ما اتصف بالعقر طبيعة كالسبع والنمر والفهد واستدل أهل هذا القول بأن النبي ﷺ لما دعا على عتبة
بن أبي لهب بأن يسلط الله عليه كلباً من كلابه فافترسه السبع فدل على تسميته بذلك .
سادساً : أخذ من قوله الكلب العقور أن من قتل ثم لجا إلى الحرم فإنه يقتل فيه ذلك لأنه ارتكب القتل عدواناً فاتصف
بالفسق بعدوانه ثم هو أولى بذلك من الحيوان غير المكلف فإذا كان الحيوان غير المكلف أبيح قتله لاتصافه بالعقر
فالإنسان المكلف إذا ارتكب الفسق هتك حرمة نفسه فكان أولى بهذا الحكم من الحيوان غير المكلف وهذا فقه دقيق
كما قال ابن دقيق العيد وهذا ليس عندي بالهين وفيه غور فلينتبه له أهـ ومعنى فيه غور أي فيه غوص على
العلل والمعاني التي توجب إلحاق شيء بشيء
.--------
تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.
تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ
تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ]
[ المجلد الثالث ]
رابط تحميل الكتاب :
http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf
.
ام عادل السلفية
25-08-2015, 01:36AM
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام
للعلامة : احمد النجمي
-رحمه الله -
باب دخول مكة وغيره
[220] الحديث الأول
: عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ دخل مكة عام الفتح وعلى رأسه المغفر فلما نزعه جاءه رجل
فقال : ابن خطل متعلق بأستار الكعبة فقال اقتلوه .
موضوع الحديث:
جواز دخول مكة بغير إحرام لمن لم يرد الحج أو العمرة
المفردات
قوله وعلى رأسه المغفر :المغفر هو نوع من لأمة الحرب يزرد زرداً كزرد الدروع إلا أنه يوضع على الرأس والظاهر
أنه هو غير الخوذة فلما نزعه أي رفعه جاءه رجل فقال : ابن خطل متعلق بأستار الكعبة فقال اقتلوه
ابن خطل : قيل اسمه عبد العزى وقيل اسمه عبدالله وهو ممن أباح النبي ﷺ دمه وذلك أنه أسلم وهاجر
ثم أرسله النبي ﷺ جابياً للصدقة وكان معه رجل من الأنصار وكان أخو ابن خطل قد قتل قتله رجل من
الأنصار فكأنه ورّى بإسلامه خدعة وكان يكتب للنبي ﷺ فلما أرسله جابياً نام وقال للأنصاري الذي معه اصنع
طعاماً فلم يصنع الأنصاري شيئاً فقتله وفرّ إلى مكة وكان يقول الشعر في هجاء النبي ﷺ فأباح النبي ﷺ
دمه وكان قتله في الساعة التي أباح الله عز وجل القتال في الحرم للنبي ﷺ فيها
المعنى الإجمالي
أن النبي ﷺ دخل مكة يوم الفتح مقاتلاً ولم يقصد أداء النسك فدخل والمغفر على رأسه فبلغه أن ابن
خطل متعلق بأستار الكعبة فأمر بقتله
فقه الحديث
أولاً : يؤخذ من هذا الحديث جواز دخول مكة بدون إحرام لمن له حاجة غير النسك
ثانياً : يؤخذ من الحديث أن النبي ﷺ أمر بقتل ابن خطل وكان متعلقاً بأستار الكعبة لارتداده وعظيم
جرمه لكونه هجا رسول الله ﷺ وكذب عليه بعد أن ارتد عن الإسلام
ثالثاً : يؤخذ من هذا الحديث أن الله أباح القتال في مكة لنبيه ﷺ يوم الفتح وكان قتل ابن خطل مع
كونه متعلقاً بأستار الكعبة في تلك الساعة وبالله التوفيق .
.--------
تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.
تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ
تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ]
[ المجلد الثالث ]
رابط تحميل الكتاب :
http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf
.
ام عادل السلفية
25-08-2015, 01:30PM
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام
للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -
[221] الحديث الثاني :
عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله ﷺ دخل مكة من كداء
من الثنية العليا التي بالبطحاء وخرج من الثنية السفلى .
موضوع الحديث:
استحباب الدخول من كداء وهي ثنية الحجون
المفردات
كداء : كداء بفتح الكاف والدال وألف بعدها همزة هي ثنية الحجون المعروفة الآن التي ينزل
منها السائر على مقابر مكة وكُدى عقبة أخرى بضم الكاف وفتح الدال بعدها ألف مطوية تكتب
بياء وهي التي في أسفل الحرم والسنة الخروج منها وهناك موضع آخر يقال له كدي بضم الكاف وفتح
الدال بعدها ياء مشددة
المعنى الإجمالي
في هذا الحديث أن النبي ﷺ دخل من الثنية العليا وهي ثنية الحجون التي
بالفتح ولهذا قالوا افتح وادخل وضم واخرج .
فقه الحديث
يؤخذ من هذا الحديث استحباب الدخول من ثنية الحجون عند من يرى أن ذلك من باب التشريع والتعبد
وذهب قوم إلى أن النبي ﷺ دخل من ثنية الحجون لأنها كانت أسمح لدخوله وأقرب لطريقه وعلى هذا فلا يسن
الدخول منها إلا لمن جاء من طريقها أما من جاء من طريق آخر فإنه يدخل إلى الحرم من طريقه ولا يكلف
بالذهاب إلى عقبة الحجون وأقول هذا هو الراجح فيما أرى وبالأخص أن خطة المرور في أيام الحج قد يكون أنها تجعل
الذهاب إلى هذه العقبة صعباً فينبغي للحاج والمعتمر أن لا يكلف نفسه ذلك بل يدخل من أي طريق تيسر له
الدخول منه وكان أسمح لاتجاهه وبالله التوفيق .
.--------
تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.
تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ
تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ]
[ المجلد الثالث ]
رابط تحميل الكتاب :
http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf
.
ام عادل السلفية
26-08-2015, 01:02AM
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام
للعلامة : احمد النجمي
-رحمه الله -
[222] الحديث الثالث :
عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما قال دخل رسول الله ﷺ البيت وأسامة بن زيد وبلال وعثمان بن طلحة فأغلقوا
عليهم الباب فلما فتحوا كنت أول من ولج فلقيت بلالاً فسألته : هل صلى فيه رسول الله ﷺ قال نعم بين العمودين
اليمانيين .
موضوع الحديث :
الصلاة في الكعبة
المفردات
قوله وأسامة بن زيد وبلال وعثمان بن طلحة : هذه الأسماء مرفوعة على
الفاعلية عطفاً على قوله دخل رسول الله ﷺ
قوله فأغلقوا عليهم الباب : الفاء هنا عاطفة فلما فتحوا أي فتحوا الكعبة كنت أول من دخل ومن هنا موصولة
فلقيت بلالاً فسألته هل صلى فيه : الضمير يعود إلى البيت أي الكعبة ، رسول الله ﷺ قال نعم بين العمودين اليمانيين .
المعنى الإجمالي
يخبر عبدالله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله ﷺ دخل الكعبة ومعه أسامة بن زيد وبلال وعثمان بن طلحة وأغلق
عليهم الباب أي خشية أن يتتابع الناس في الدخول فلما فتحوا يقول عبدالله بن عمر كنت أول من دخل فلقيت بلالاً … إلخ
يعني أن بلالاً أخبره أن رسول الله ﷺ صلى في بطن الكعبة بين العمودين اليمانيين .
فقه الحديث
يؤخذ من هذا الحديث عدة مسائل :
أولاً: يؤخذ من هذا الحديث قبول خبر الواحد وهذا فرد من أفراد لا تحصى كما قال ابن دقيق العيد أي كلها أدلة على
قبول خبر الواحد وفي ذلك رد على من رد الآحاد من الحديث ولم يقبل إلا المتواتر وقد حشد الشافعي رحمه الله
الأدلة على قبول خبر الواحد في كتابه اختلاف الحديث
ثانياً : يؤخذ من هذا الحديث جواز الصلاة في جوف الكعبة وقد اختلف في ذلك الأئمة فذهب مالك وأحمد بن
حنبل إلى عدم جواز صلاة الفريضة في جوف الكعبة وفوقها وأجازوا ذلك في النافلة وذهب الشافعي
وأبو حنيفة إلى جواز الفرض والنافلة في جوف الكعبة أو فوقها واستدلوا على ذلك بصلاة النبي ﷺ في جوف الكعبة
أما النفل فقال ابن قدامة في المغني وتصح النافلة في الكعبة وعلى ظهرها لا نعلم في ذلك خلافاً وأقول إن قول
الشافعي وأبي حنيفة هنا أي في هذه المسألة هو الراجح لأن النبي ﷺ صلى في جوف الكعبة والتفريق بين الفريضة
والنافلة لا دليل عليه أما قول المانعين بأنه لا يكون مستقبلاً لها فهذا القول فيه نظر بل إن من استقبل جزءاً منها
ولو كان في جوفها أو على ظهرها فإن صلاته صحيحة ومن كان في جوفها أو على ظهرها فإنه يعد قد استقبل جزءاً منها
ثالثاً :أخبر بلال أن النبي ﷺ صلى بين العمودين اليمانيين وجعل بينه وبين الجدر الذي استقبله حوالي ثلاثة أذرع والكعبة
كانت في ذلك الوقت على ستة أعمدة وهما سطران يعني ثلاثة بعد ثلاثة فالنبي ﷺ عندما دخل من الباب
تقدم إلى العمودين اليمانيين من الثلاثة الأعمدة التي تقرب إلى الجدر الغربي المقابل للجدر الذي فيه الباب
وصلى بين عمودين منها فجعل عموداً عن يساره وعمودين عن يمينه وثلاثة خلفه ثم صلى . انظر التفصيل في البداية
والنهاية وفي فتح الباري إن شئت
رابعاً : أخذ من هذا الحديث دليل على جواز الصلاة بين السواري وليس في ذلك دليل إلا للمنفرد أما صلاة الجماعة
التي ورد فيها النهي أو الكراهة فإن هذه القصة لا تتناولها ذلك لأن الكراهة إنما قيل بها من أجل أن الصلاة
بين السواري تقطع الصف فلذلك كره والدليل على ذلك حديث أنس بن مالك رضي الله عنه وهو حديث صحيح صححه
الحاكم وكذا الحافظ في الفتح وحكى تصحيحه الصنعاني في العدة وعلى هذا فينبغي أن يقال بكراهة
الصلاة بين السواري في الجماعة أما الفرادى فيجوز والأولى للمنفرد أن يصلي إلى السارية وليس بين السواري والظاهر أن
ذلك يجوز بدون كراهة عند الضرورة ومع الكراهة عند عدم الضرورة أي في صلاة الجماعة وهو ما يفهم من
كلام الصنعاني وابن حجر والله أعلم
.--------
تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.
تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ
تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ]
[ المجلد الثالث ]
رابط تحميل الكتاب :
http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf
.
ام عادل السلفية
26-08-2015, 09:59AM
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام
للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -
[223] الحديث الرابع :
عن عمر رضي الله عنه أنه جاء إلى الحجر الأسود فقبله وقال :إني لأعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع ولولا أني
رأيت النبي ﷺ يقبلك ما قبلتك .
موضوع الحديث:
وجوب المتابعة لأمر الله وأمر رسوله ﷺ
المفردات
قوله إني لأعلم أنك حجر : تأكيد للعلم بذلك
لا تضر ولا تنفع : أي ليس عندك ضرر ولا نفع وإنما أقبلك تأسياً برسول الله ﷺ
قوله ولولا أني رأيت رسول الله ﷺ يقبلك ما قبلتك : لولا حرف امتناع لوجود أي أنه امتنع عدم تقبيله لك
لوجود تقبيل رسول الله ﷺ للحجر
المعنى الإجمالي
يقرر عمر رضي الله عنه مبدءاً دينياً أن الأصل في الأعمال الدينية الإخلاص لله والمتابعة لرسول الله
ﷺ وليس تقبيل الحجر لسر في حجريته
فقه الحديث
يؤخذ من هذا الحديث أن الأفعال التعبدية تقوم على أمرين :
الأمر الأول الإخلاص لله تعالى امتثالاً لأمر الله تعالى كما في قوله تعالى (إِنَّ اللَّهَ هُوَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ
مُسْتَقِيمٌ) [ آل عمران : 51 ] وفي قوله (وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ) )[ البينة : 5]
الأمر الثاني المتابعة لرسول الله ﷺ فنحن إذا قبلنا الحجر الأسود أو تطوفنا بالكعبة أو وقفنا بعرفات أو رمينا
الجمرات فإنما نفعل ذلك إخلاصاً لله تعالى ومتابعة لرسوله ﷺ لا لغرض آخر كما تزعمه الديانة الوثنية إذ أن ديننا يقوم
على الإخلاص والمتابعة والله الموفق
.--------
تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.
تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ
تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ]
[ المجلد الثالث ]
رابط تحميل الكتاب :
http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf
.
ام عادل السلفية
26-08-2015, 10:04PM
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام
للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -
[224] الحديث الخامس :
عن عبدالله بن عباس رضي الله عنهما قال لما قدم رسول الله ﷺ وأصحابه مكة فقال المشركون إنه يقدم عليكم
قوم وهنتهم حمى يثرب فأمرهم النبي ﷺ أن يرملوا الأشواط الثلاثة وأن يمشوا ما بين الركنين ولم يمنعهم أن
يرملوا الأشواط كلها إلا الإبقاء عليهم .
موضوع الحديث :
الرمل المشروع في طواف القدوم
المفردات
قوله لما قدم رسول الله ﷺ وأصحابه مكة فقال المشركون : الذي يظهر أن الفاء هنا فاء السببية أي
بسبب ذلك قال المشركون .
قوله إنه يقدم عليكم : فعل مضارع من قدم يقدم من باب فرح يفرح ومصدره قدوماً
قوله وهنتهم حمى يثرب : أي أنهكتهم وأضعفتهم وقد كانت المدينة كثيرة الحمى فلما قدم المهاجرون من قريش
وتأثروا بحمى يثرب دعا النبي ﷺ ربه بأن ينقل حمى المدينة إلى الجحفة (فَقَالَ اللَّهُمَّ حَبِّبْ إِلَيْنَا الْمَدِينَةَ كَحُبِّنَا مَكَّةَ
أَوْ أَشَدَّ وَصَحِّحْهَا وَبَارِكْ لَنَا فِي صَاعِهَا وَمُدِّهَا وَانْقُلْ حُمَّاهَا فَاجْعَلْهَا بِالْجُحْفَةِ ) وجاء في الحديث أن النبي ﷺ
قال (قَالَ رَأَيْتُ كَأَنَّ امْرَأَةً سَوْدَاءَ ثَائِرَةَ الرَّأْسِ خَرَجَتْ مِنَ الْمَدِينَةِ حَتَّى قَامَتْ بِمَهْيَعَةَ وَهِيَ الْجُحْفَةُ فَأَوَّلْتُ أَنَّ وَبَاءَ الْمَدِينَةِ
نُقِلَ إِلَيْهَا )
فأمرهم النبي ﷺ أن يرملوا الأشواط الثلاثة : الرمل شدة الحركة في المشي هكذا نقل عن القاضي عياض
وقال الجوهري هو الوثب الخفيف وهو ضرب من السير بين المشي السريع والسعي .
أن يرملوا الأشواط الثلاثة : الذي يظهر أن التخصيص بالأشواط الثلاثة إنما كان في حجة الوداع أما الأمر الأول الذي
في عمرة القضاء فقد أمرهم بالرمل ما بين ركن الحجر إلى الركن اليماني لكن في حجة الوداع أمرهم أن يرملوا
الأشواط الثلاثة الأول فقط.
قوله إلا الإبقاء عليهم : أي عدم التكليف أو التحريج عليهم
المعنى الإجمالي
لما قدم النبي ﷺ وأصحابه في عمرة القضاء قال المشركون هذه المقالة فيما بينهم وأطلع الله نبيه ﷺ
على ذلك فأمرهم أن يرملوا فلما رأتهم قريش قالوا ما هؤلاء إلا كالغزلان فصارت سنة.
فقه الحديث
يؤخذ من هذا الحديث مشروعية الرمل في الأشواط الثلاثة الأول فإن قيل فما فائدة بقاء الرمل وقد نصر الله نبيه ﷺ
وذهب العدو الذي كان يريد لهم الضعف والجواب أن الله عز وجل أبقى هذه السنة لحكمة كما أبقى سنناً وأحكاماً
ذهب سبب شرعيتها وبقيت تلك الأحكام ليتذكر كل من طبق هذه الشرعية أو هذا الحكم ليتذكروا السبب الذي وجد
به ويتذكروا من وقع السبب على يديه من الأنبياء وأتباعهم
فمناسك الحج أبقاها الله من آثار نبيه وصفيه
وخليله إبراهيم وأهل بيته فالسعي مثلاً شرع ليكون فيه ذكرى لأم إسماعيل وإسماعيل ورمي الجمار شرع ليتذكر به الناس
ذلك الإمام الموحد الذي أمره الله عز وجل أمراً بواسطة الرؤيا أن يذبح ابنه الوحيد بعد ما شاخ وهو في
بلد الغربة بالمهاجر بحاجة إلى الأنصار والأعوان ولكن ذلك لم يصده عن امتثال أمر ربه أولاً بتركه وأمه في ذلك الوادي
وبين تلك الجبال الموحشة ففعل ذلك ثقة بربه وإيماناً بوعده وتوكلاً عليه ولما تركهما وتبعته هاجر تقول يا إبراهيم إلى
من تتركنا هاهنا في هذا الوادي الذي ليس فيه أنيس ولا شئ وهو لا يجيبها ولا يلتفت إليها حتى قالت
آلله أمرك بهذا قال نعم ولم يكن قلب إبراهيم من تلك القلوب الحجرية التي لا ترأف ولا ترحم ولكنه صبر منقطع النضير
فلما قال لها ذلك قالت إذا لا يضيعنا وهذا غاية التوكل الذي قد يعجز عنه فحول الرجال وأراد الله أن يجعل
من تلك الأسرة العظيمة الإيمان الكبيرة المعنى القوية التوكل ذكرى لعباده
وكذلك لما أراد ذبح ابنه أيضاً اعترضه
الشيطان وفي كل مرة يرميه بالحجر حتى يسيخ وفي المرة الثالثة لم يتحول عن مكانه بل حاول التنفيذ فصرع ابنه عازماً
على التنفيذ أن يفعل ما أمره الله به من الذبح له فناداه جبريل من ورائه يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا إنا كذلك
نجزي المحسنين وفديناه بذبح عظيم فما بقاء الرمل في طواف كل قدوم إلا ذكرى من هذه الذكريات التي
جعلها الله عنواناً على ما قدمه الخُلَص من عباده من التضحيات في سبيله حتى كانوا مضرب المثل في التوكل والإيمان
وبالله التوفيق .
.--------
تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.
تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ
تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ]
[ المجلد الثالث ]
رابط تحميل الكتاب :
http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf
.
ام عادل السلفية
28-08-2015, 06:34AM
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام
للعلامة : احمد النجمي
-رحمه الله-
[225] الحديث السادس :
عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما قال رأيت رسول الله ﷺ حين يقدم مكة إذا استلم الركن الأسود
أول ما يطوف يخب ثلاثة أشواط .
موضوع الحديث :
الرمل في الأشواط الثلاثة من طواف القدوم
المفردات
قوله استلم الركن الأسود : يعني به ركن الحجر
أول ما يطوف : يعني عند ابتداءه
يخب : الخبب هو والرمل متقاربان وهو سير سريع فوق المشي السريع ودون السعي الذي هو الجري
ثلاثة أشواط : الأشواط جمع شوط والشوط هو الدورة من ركن الحجر إلى أن
يعود مرة أخرى إليه أو إلى حذاءه .
المعنى الإجمالي
أن النبي ﷺ بدأ باستلام الحجر في طواف القدوم ثم خب في ثلاثة أشواط منه
فقه الحديث
أولاً: يؤخذ من هذا الحديث مشروعية استلام الحجر الأسود عند البدأ بالطواف
ثانياً : يؤخذ منه أن الركن الأسود هو محل البدأ بالطواف فلا بد أن يبدأ منه وينتهى إليه
ثالثاً: أنه لو قصر عنه في النهاية ولو بخطوة أو ببعض خطوة لم يصح الطواف
رابعاً :يؤخذ منه مشروعية الرمل أو الخبب في الأشواط الثلاثة الأول
خامساً : ومما يسن في طواف القدوم الاضطباع وهو أن يجعل وسط ردائه تحت إبطه الأيمن ويخالف
بين طرفيه على منكبه الأيسر وبالله التوفيق .
.--------
تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.
تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ
تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ]
[ المجلد الثالث ]
رابط تحميل الكتاب :
http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf
.
ام عادل السلفية
29-08-2015, 08:38PM
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام
للعلامة : احمد النجمي
-رحمه الله -
[226] الحديث السابع :
عن عبدالله بن عباس رضي الله عنهما قال طاف النبي ﷺ في حجة الوداع على بعير يستلم الركن بمحجن .
موضوع الحديث:
مشروعية الطواف راكباً على البعير
المفردات
حجة الوداع : هي الحجة التي حجها رسول الله ﷺ بعد الهجرة ثم توفى بعدها وسميت حجة الوداع لأن
النبي ﷺ ودّع فيها الناس بقوله (لِتَأْخُذْ أُمَّتِي نُسُكَهَا فَإِنِّي لا أَدْرِي لَعَلِّي لا أَلْقَاهُمْ بَعْدَ عَامِي هَذَا).
على بعير : أي راكباً على بعير
يستلم الركن : المراد بالركن هنا ركن الحجر
بمحجن : المحجن فسره مؤلف العمدة بأنه عصاً محنية الرأس وأقول المعروف أن المحجن عصاً محنية
الرأس خلقةً وهو ما يسمى بالمشعاب لا بمحاولة ومعالجة كما يفعل بالخيزران .
المعنى الإجمالي
يخبر عبدالله بن عباس رضي الله عنهما أن النبي ﷺ طاف على بعير وكان إذا حاذ الركن وضع محجنه على الحجر
ثم استلمه
فقه الحديث
يؤخذ من هذا الحديث مسائل
المسألة الأولى: جواز الطواف راكباً وهذا يعني أنه فضّل الطواف راكباً لمصالح دعت إلى ذلك وإلا فالأصل
أن طواف الماشي أفضل إذا عُري من تلك المصالح
أولاً :أن جميع الحاضرين يرون النبي ﷺ فيثبت لهم حكم الصحبة لكونهم رأوه
ثانياً: ليقتدوا به في أفعاله
ثالثاً : ليسن الركوب في الطواف فلا يكون هناك حرج على من احتاج إليه .
المسألة الثانية :إدخال البعير في المسجد يؤخذ منه طهارة فضلات الإبل كالبول والروث وذلك يؤخذ بطريق
التأويل فيقال إدخال البعير في المسجد مع كونه لا يؤمن أن يبول فيه أويروث دال على طهارة بول البعير
وروثه ولو لم يكن كذلك ما أدخل المسجد .
المسألة الثالثة :لا يجوز أن نستدل بالركوب فندخل الحمار ليركبه الطائف لأن روث الحمار وبوله نجس قطعاً فقد جاء في
الحديث أن النبي ﷺ (خرج إلى الخلاء ومعه أبو هريرة فقال له أبغني أحجاراً استنفض بها فأتاه بحجرين وروثة)
وفي صحيح ابن خزيمة أن الروثة روثة حمار فرمى النبي ﷺ الروثة وقال إنها ركس أو رجس فدل أن فضلات الحمار
رجس أي نجسة إذاً فمن أراد أن يطوف على مركب فليكن مما يؤكل لحمه كالإبل والخيل علماً بأن طهارة
أبوال الإبل وأرواثها متقررة بأدلة أخرى غير هذا وهو أذن النبي ﷺ للعرنيين في الشرب من أبوالها .
المسألة الرابعة :ذهب الشافعي وأبو حنيفة إلى نجاسة أبوال وأرواث ما يؤكل لحمه من بهيمة الأنعام وهما محجوجان
بالأدلة الواردة على ذلك منها ما سبق ذكره ومنها صلاة النبي ﷺ في مكان الغنم أي محل مبيته الذي فيه
بول الغنم وروثه
المسألة الخامسة :يؤخذ من هذا الحديث جواز استلام الركن باليد أو بالعصا ويقبل الطائف ما مس الحجر من اليد أو العصا
المسألة السادسة :لا يجوز تقبيل شيء من الكعبة أو غيرها غير الحجر الأسود ويشرع لمس الركن اليماني بدون تقبيل
وبدون تكبير وبدون إشارة .
المسألة السابعة : إنما ترك النبي ﷺ استلام الركنيين الشماليين لأنهما قد غيرا عن قواعد إبراهيم فلذلك لم يشرع
لهما لمس ولا تقبيل
المسألة الثامنة : لعل بعض من يريدون القدح في الدين ويقولون أن تقبيل الحجر والطواف بالكعبة من عبادة الحجارة
فلم تنكرون على الذين يتطوفون بالقبور أو يتطوفون بالأصنام وأنتم واقعون في ذلك ويقال لهم كذبتم نحن لم نقبل
الحجر لذاته وإنما قبلناه لأمر الله عز وجل وأمر رسوله ﷺ وقد قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه(إِنِّي أَعْلَمُ أَنَّكَ حَجَرٌ لاَ
تَضُرُّ وَلاَ تَنْفَعُ وَلَوْلاَ أَنِّي رَأَيْتُ النَّبِيَّ ﷺ يُقَبِّلُكَ مَا قَبَّلْتُكَ) والطواف بالكعبة أمرنا الله به فقال تعالى
(وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ ) [الحج : 2] فنحن ممتثلون لأمر الله عز وجل ولأمر رسوله ﷺ ومتابعته فلذلك فإن انتقادكم
هذا في غير محله فنحن إنما نعبد الله ونؤدي هذه العبادات طاعة وتعبدا له لا لهذه الأحجار وبالله التوفيق.
.--------
تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.
تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ
تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ]
[ المجلد الثالث ]
رابط تحميل الكتاب :
http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf
.
ام عادل السلفية
29-08-2015, 08:45PM
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام
للعلامة : احمد النجمي
-رحمه الله -
[227] الحديث الثامن :
عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما قال لم أرّ النبي ﷺ يستلم من البيت إلا الركنيين اليمانيين .
موضوع الحديث:
الإشارة إلى علة استلام الركنيين اليمانيين يعني ركن الحجر والذي يقابله.
المفردات :
قوله اليمانيين: وصف للركنيين لأنهما يقابلان اليمن
المعنى الإجمالي :
صلوات الله وسلامه على خليله إبراهيم فلقد كان قدوة للموحدين ومن أجل ذلك فقد جعل الله مآثره مناسك
حتى أن الله عز وجل لم يشرع على لسان رسوله ﷺ استلام الركنيين الشماليين لأنهما قد غيرا عن قواعد إبراهيم
وشرع استلام الركنيين اليمانيين لكونهما لم يغيرا
فقه الحديث :
قد تقدم في الباب قبله وبالله التوفيق .
.--------
تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.
تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ
تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ]
[ المجلد الثالث ]
رابط تحميل الكتاب :
http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf
.
ام عادل السلفية
29-08-2015, 08:49PM
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام
للعلامة : احمد النجمي
-رحمه الله -
بــاب التمتـع
التمتع في اللغة : هو التلذذ والمقصود هنا التلذذ بالحل بعد التحلل من إحرام العمرة بالطواف والسعي وبالحلق
أو التقصير ويقع أيضاً على ما يسمى تمتعاً بسقوط أحد السفرين وكلاهما حاصل للمتمتع .
والتمتع شرعاً : هو الإحرام بعمرة في أشهر الحج والتحلل منها والبقاء في مكة بعد التحلل ثم الإحرام بالحج في
اليوم الثامن وهو يوم التروية وقد جعل الله عز وجل بدلاً عن السفر الذي كان مفروضاً للحج بأن يعود إلى الميقات
ويحرم بالحج منه جعل الله عز وجل بدلاً عن ذلك بما شرعه من الهدي وهو أن يشتري الهدي من داخل الحرم ويذبحه في يوم
العيد أو أيام التشريق وأقله شاة أو سبع بدنة وأكثره بدنة فإن لم يجد الحاج الدم ولا قيمة يشتري بها شرع له
أن يصوم عشرة أيام ثلاثة في الحج وسبعة إذا رجع إلى أهله وقد حصل للحاج التمتع الذي هو التلذذ بالحل من حين
يحل في أشهر الحج إلى أن يحرم بالحج وقد اختلف أهل العلم فيمن خرج عن الحرم أو عن المواقيت
أو رجع إلى أهله هل يعتبر قد أُلغىَ التمتع في حقه أم لا ؟
فمن أهل العلم من قال إذا خرج مسافة قصر ألغي تمتعه ومنهم من قال إذا خرج خارج المواقيت ألغي تمتعه ومنهم
من قال أنه لا يلغى تمتعه إلا إذا عاد إلى أهله والذي يترجح لي : أن تمتع المتمتع باق ما لم يخرج عن المواقيت
أو أحدها ذلك لأن الإحرام بالحج والعمرة يكون من المواقيت فمن خرج عن المواقيت فإن تمتعه الأول قد ألغى وعليه
أن يختار له نسكاً إذا مرّ بالميقات الذي يمر عليه لقول النبي ﷺ هن لهن ولمن أتى عليهن
من غير أهلهن ممن أراد الحج والعمرة ) هذا ما ظهر لي في هذه المسألة وأرجو أن ذلك هو الصواب .
وبالله التوفيق
.--------
تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.
تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ
تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ]
[ المجلد الثالث ]
رابط تحميل الكتاب :
http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf
.
ام عادل السلفية
29-08-2015, 11:16PM
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام
للعلامة : احمد النجمي
-رحمه الله-
[228] الحديث الأول:
عن أبي جمرة نصر بن عمران الضبعي قال سألت ابن عباس عن المتعة ؟
فأمرني بها وسألته عن الهدي فقال فيه
جزور أو بقرة أو شاة أو شرك في دم قال وكان ناس كرهوها فنمت فرأيت في المنام كأن إنساناً ينادي حج مبرور ومتعة
متقبلة فأتيت ابن عباس فحدثته فقال الله أكبر سنة أبي القاسم ﷺ .
موضوع الحديث:
تفضيل المتعة
المفردات
التمتع : قد سبق شرحه في المقدمة وكذلك المتعة
الهدي : هو ما يهديه الحاج إلى الكعبة وينقسم إلى قسمين هدي واجب وهو ما شرع جبراناً لنقص كهدي التمتع والقران
وهدي تطوع وهو ما يتطوع به الإنسان ولم يكن واجباً عليه
قوله وكان ناس كرهوها :أي كرهوا التمتع بالعمرة إلى الحج لم استقر في أذهانهم من نهي عمر رضي الله عنه
عن التمتع وأمره بالإفراد
قوله فرأيت في المنام .. إلخ :أي أنه رأى تلك الرؤيا التي دلت على أن التمتع سنة ولهذا فإنها قد سرّت عبدالله بن عباس
رضي الله عنهما
المعنى الإجمالي
يخبر نصر بن عمران الضبعي أنه سأل ابن عباس رضي الله عنهما عن المتعة فأمره بها ثم إنه بعد ذلك حج متمتعاً فقال
أصحابه في ذلك وانتقدوه حتى وقع في نفسه شك مما صنع فتحلل من العمرة ثم نام فرأى في النوم أن إنساناً يقول
له حج مبرور ومتعة متقبلة فذهب إلى ابن عباس فأخبره فسرّ ابن عباس بهذه الرؤيا وقال الله أكبر سنة أبي القاسم ﷺ
ثم أمره أن يقيم عنده حتى يقاسمه ماله سروراً بهذه الرؤيا وإعجاباً بها
فقه الحديث
أولاً: يؤخذ من هذا الحديث مشروعية التمتع وأنه أفضل الأنساك
ثانياً : يؤخذ منه الاستئناس بالرؤيا إذا وافقت الحق
ثالثاً: يؤخذ من قوله جزور أو بقرة أو شاة أو شرك في دم أن الهدي أدناه شاة أو شرك في دم بأن يشترك سبعة في بدنة
أو بقرة وأكمله أو وأعلاه جزور أي ناقة ويشترط في الجزور والبقرة والواحدة من المعز أن تكون مسنة بمعنى أنها تكون
قد طلعت لها الثنتين الأوليين من الأسنان بعد الجذع أما الضأن فيجزيء منه الجذع والجذع هو الذي
يجذع أسنانه التي ولد بها ثم يطلع بدلها الثني وهو في المعز يكون ما تمت له سنة ودخل في الثانية ومن البقر ما تم له سنتان
ودخل في الثالثة ومن الإبل ما تم له أربع سنين ودخل في الخامسة أما عيوب الهدي فهي عيوب الأضحية فما أجزأ
في الأضحية أجزأ في الهدي .
وبالله التوفيق
.--------
تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.
تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ
تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ]
[ المجلد الثالث ]
رابط تحميل الكتاب :
http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf
.
ام عادل السلفية
30-08-2015, 12:21PM
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام
للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -
[229] الحديث الثاني:
عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما قال تمتع رسول الله صلى في حجة الوداع بالعمرة إلى الحج وأهدى فساق معه الهدي
من ذي الحليفة وبدأ رسول الله صلى وأهل بالعمرة ثم أهل بالحج فتمتع الناس مع رسول الله ﷺ فأهل بالعمرة إلى الحج
فكان من الناس من أهدى فساق الهدي من ذي الحليفة ومنهم من لم يهد فلما قدم رسول الله ﷺ قال للناس
من كان منكم أهدى فإنه لا يحل من شيء حرم منه حتى يقضي حجه ومن لم يكن أهدى فليطف بالبيت وبالصفا والمروة
وليقصر وليحلل ثم ليهل بالحج وليهد فمن لم يجد هدياً فليصم ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع إلى
أهله فطاف رسول الله ﷺ حين قدم مكة واستلم الركن أول شيء ثم خب ثلاثة أطواف من السبع ومشى أربعة وركع حين
قطع طوافه بالبيت عند المقام ركعتين ثم سلم ثم انصرف فأتى الصفا وطاف بالصفا والمروة سبعة أطواف ثم لم يحلل
من شيء حرم منه حتى قضى حجه ونحر هديه يوم النحر وأفاض فطاف بالبيت ثم حل من كل شيء حرم منه وفعل مثل ما فعل
رسول الله ﷺ من أهدي وساق الهدي من الناس .
موضوع الحديث :
بيان النسك الذي حج به الرسول ﷺ وكيف صنع ﷺ لكونه ساق الهدي
المفردات
قوله تمتع رسول الله صلى : المراد به التمتع اللغوي وهو كونه ﷺ أدخل العمرة على الحج فكان تمتعه بتداخل النسكين
وإسقاط الإحرام من الميقات لأحدهما .
قوله في حجة الوداع : سميت حجة الوداع لأن النبي ﷺ قال لعلي لا ألقاكم بعد عامي هذا وسمي هذا وداعاً .
قوله فساق معه الهدي من ذي الحليفة :يعني أنه ساقه من الميقات وكان هديه ثلاث وستون بدنة
قوله وبدأ رسول الله ﷺ وأهل بالعمرة ثم أهل بالحج : لعله أهل بالعمرة قبل أن يعلم أن سوقه الهدي يمنع التحلل .
قوله ثم أهل بالحج : أي أدخل الحج على العمرة فصار قارناً
فكان من الناس من أهدى فساق الهدي من ذي الحليفة : الحليفة تصغير حلفه وهو نوع من الشجر يقال له حلفاء
قوله ومنهم من لم يهد : أي لم يسق الهدي فلما قدم رسول الله ﷺ قال للناس من كان منكم أهدى أي ساق الهدي
فلا يحل من شيء حرم منه حتى يقضي حجه ومن لم يكن أهدى فليطف بالبيت وبالصفا والمروة وليقصر وليحلل .
التقصير هو تقصير الشعر وهو معروف
قوله وليحلل :أي ليتحلل بما ذكر
ومن لم يكن أهدى : أي من لم يكن ساق الهدي فليطف بالبيت وبالصفا والمروة أي للعمرة ثم ليهل بالحج يعني في اليوم الثامن
وليهد : أي ليذبح هدياً إن تيسر له .
قوله واستلم الركن : المراد به ركن الحجر
قوله ثم خب ثلاثة أطواف : أي رمل ومشى أربعة
قوله ثم لم يحلل من شيء حرم منه حتى قضى حجه : يعني رسول الله ﷺ ومن ساق الهدي من خارج الحرم
وأفاض : الإفاضة هي الطواف بالبيت بعد النزول من عرفات والمبيت بمزدلفة ورمي جمرة العقبة .
المعنى الإجمالي
بين عبدالله بن عمر في هذا الحديث كثيراً من مناسك الحج وركز على ما يفعله من ساق الهدي وما يفعله من لم يسقه
فقه الحديث
أولاً: قوله تمتع رسول الله ﷺ في حجة الوداع استدل بهذه الرواية من قال أن رسول الله _ حج متمتعاً وهذا القول
ضعيف يخالف الأدلة والأدلة الصحيحة دالة على أنه حج قارناً وأن المراد بالتمتع هنا القران وهو يسمى تمتع لأن
صاحبه تمتع بشيئين الأول منهما تداخل النسكين في حقه بحيث يكفي لهما عمل واحد والشيء الثاني أنه سقط عنه
الإحرام من الميقات للحج فتعين حمل التمتع هنا أن المقصود به القران والله أعلم . وقد أوضح ابن القيم رحمه الله أن النبي ﷺ حج قارناً من عدة وجوه .
ثانياً : اختلف أهل العلم في أفضل الأنساك فكان الأفضل هو ما تمناه ﷺ في قوله (لو استقبلت من أمري
ما استدبرت ما سقت الهدي ولجعلتها عمرة ) .
ثالثاً : يؤخذ من قوله فساق معه الهدي من ذي الحليفة أن من ساق الهدي من الميقات أو دخل به حدود الحرم فإنه
يحرم عليه التحلل بالعمرة .
رابعاً : وقوله وبدأ رسول الله ﷺ وأهل بالعمرة ثم أهل بالحج يؤخذ من هذه الجملة أن النبي ﷺ بدأ فأهل بالعمرة
ولعله كان قاصداً هدم ما جرى عليه الناس في الجاهلية أن العمرة لا تجوز في أشهر الحج ولكن روى مسلم
في صحيحه أنهم أهلوا أولاً بالحج ثم أمرهم النبي صلى أن يجعلوها عمرة .
خامساً : يؤخذ من قوله ثم أهل بالحج أن الإهلال بالحج كان متأخراً عن
الإهلال بالعمرة إلا أن رواية مسلم السابقة ترد ذلك .
سادساً :قوله فتمتع الناس مع رسول الله _ أي أن الناس كانوا قسمين قسم ساقوا الهدي وتأسوا برسول الله ﷺ
في فعله وقسم لم يسوقوا الهدي وأطاعوا رسول الله ﷺ في قوله يوضح ذلك قوله فكان من الناس من أهدى
فساق الهدي ومنهم من لم يهد .
سابعاً :يؤخذ من قوله فلما قدم رسول الله ﷺ قال للناس …..ألخ الحديث أن النبي ﷺ كرر الأمر
عليهم مرة بعد مرة وآخرها عند المروة يعني بالتحلل بالعمرة
ثامناً :يؤخذ من قوله ومن لم يكن أهدى فليطف بالبيت وبالصفا والمروة
وليقصر وليحلل يؤخذ من هذا أن التقصير نسك .
تاسعاً :أمر النبي ﷺ بالتقصير في العمرة من أجل أن يبقى الحلق للحج
عاشراً :يؤخذ من قوله وليقصر وليحلل يؤخذ من هذا الأمر وجوب التحلل بالعمرة لمن لم يسق الهدي ولأهل العلم
في هذه المسألة خلاف كبير والجمهور على الاستحباب وقال بالوجوب بعض السلف حتى أنه أثر عن ابن عباس
رضي الله عنهما (أن من طاف بالبيت فقد حل شاء أم أبى
الحادي عشر : يؤخذ منه على الأقل فضيلة التمتع لمن لم يسق الهدي .
الثاني عشر : أن من تحلل بالعمرة فعليه هدي ويشترط في الهدي ما يشترط
في الأضحية من الإجزاء وعدمه وقد تقدم .
الثالث عشر : سن الهدي وقد سبق ذكر السن المشترطة في الهدي
الرابع عشر : أن من لم يجد هدياً فعليه أن يصوم ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع إلى أهله
الخامس عشر : قوله في الحج فيه احتمالات هل المراد به من بعد التحلل بالعمرة ولو كان التحلل قبل هلال ذي
الحجة أو أنه لا بد أن يكون الصوم بعد هلال ذي الحجة أو أنه لا بد أن يكون بعد الإحرام بالحج هذه آراء
للفقهاء ولعل عدم التحديد في ذلك يدل على التوسعة والأحوط ألا يصومها إلا بعد هلال ذي الحجة .
السادس عشر : أنه إن لم يتمكن من صوم الثلاثة الأيام قبل عرفة فعليه أن يصومها في أيام التشريق وقد ورد الإذن من الشارع بذلك
السابع عشر : أنه إن لم يتمكن من صومها في الحج فليضمها إلى السبعة عند رجوعه إلى أهله وهل يفرق بينها وبين
السبعة محل نظر وخلاف بين أهل العلم
الثامن عشر :قد تقدم مشروعية الخبب والاضطباع في طواف القدوم
التاسع عشر : أن من لم يتمكن من أداء ركعتي الطواف عند المقام فله أن يصليها في المسجد أو في مكة أو في
الحرم كله وبقية ما ذكر في الحديث فقد سبق شرحه في أحاديث متقدمة وبالله التوفيق
.--------
تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.
تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ
تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ]
[ المجلد الثالث ]
رابط تحميل الكتاب :
http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf
.
ام عادل السلفية
31-08-2015, 07:09AM
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام
للعلامة : احمد النجمي
-رحمه الله -
[230] الحديث الثالث :
عن حفصة زوج النبي ﷺ رضي الله عنها أنها قالت يا رسول الله ما شأن الناس حلوا من العمرة ولم تحل أنت
من عمرتك فقال : إني لبدت رأسي وقلدت هديي فلا أحل حتى أنحر
موضوع الحديث :
أن من ساق الهدي لا يتحلل من نسكه إلا بعد أن يبلغ الهدي محله زماناً ومكاناً
المفردات
ما شأن الناس حلوا : هذه جملة استفهامية
قولها ولم تحل أنت من عمرتك : يصح هكذا ويصح ولم تحلل أنت من عمرتك
قال إني لبدت رأسي : التلبيد هو أن يجعل في شعر الرأس شيئاً يمنعه التجعد والانتفاش كالصمغ أو الصبر أو العسل
هديي : الهدي هو ما سيق إلى الكعبة إهداءً إليها لينحر في حرم الله وهذا من أفضل القرب
قوله فلا أحل : هذا تكملة الجواب أي فلا يتسنى لي ولا يمكنني التحلل حتى أنحر هديي
المعنى الإجمالي
سألت حفصة رضي الله عنها نبي الله _ قائلة ما شأن الناس حلوا من العمرة أي بالطواف والسعي والتقصير ولم تحل أنت
من عمرتك كما أمرت الناس بذلك فأجاب ﷺ بقوله إني لبدت رأسي وقلدت هديي فلا أحل حتى أنحر وكان هذا
الجواب أن عنده ﷺ ما يمنعه من التحلل وهو تلبيد الرأس وتقليد الهدي وأنه لا يمكنه التحلل إلا بعد
نحر الهدي إذا بلغ محله الزماني والمكاني وحلق الرأس .
فقه الحديث
أولاً :يؤخذ من هذا الحديث مشروعية السؤال عما اشتبه حتى يتبين الحكم
ثانياً : يؤخذ من هذا الحديث أنه إذا تعارض القول والفعل فإنه ينبغي السؤال لعل هناك شيء لا يفهمه هذا المستشكل
ثالثاً : أجاب النبي ﷺ بما يزيل اللبس ويرفع الإشكال ويبين الحقيقة ظاهرة لمن أرادها وهو أن من ساق الهدي
وجاء به من خارج الحرم فإنه يحرم عليه التحلل حتى ينحر الهدي وهذا هو الذي منع النبي ﷺ .
رابعاً :استدل بقول حفصة رضي الله عنها ولم تحل أنت من عمرتك على أن النبي ﷺ كان قارناً ويكون المراد
من قولها ولم تحل من عمرتك أي من عمرتك التي أهللت بها مع حجتك وهذا هو الصواب أما قول ابن عمر أن النبي ﷺ
كان متمتعاً فالمراد به القران لأن القران يسمى تمتعاً وكذلك ما ورد عن ابن عمر رضي الله عنه في صحيح
مسلم بأنه سمع النبي ﷺ يقول (لبيك حجاً ) فالمراد به إهلاله أول الأمر ويعارضه حديث أنس رضي الله عنه أنه سمع
النبي ﷺ يقول ( لبيك عمرة وحجاً ) فهذا محمول على آخر الأمر والجمع بينهما أن النبي ﷺ
بدأ فأحرم بحجة ثم بعد ذلك أدخل عليها العمرة فصار بذلك قارناً والأدلة على أن النبي ﷺ حج قارناً أدلة كثيرة لا تقبل
التأويل وما عارضها فهو قليل ومتأول .
.--------
تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.
تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ
تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ]
[ المجلد الثالث ]
رابط تحميل الكتاب :
http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf
.
ام عادل السلفية
31-08-2015, 09:13AM
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام
للعلامة : احمد النجمي
-رحمه الله -
[231] الحديث الرابع :
عن عمران بن حصين رضي الله عنه قال أنزلت آية المتعة في كتاب الله تعالى ففعلناها مع رسول الله ﷺ ولم ينزل
قرآن يحرمها ولم ينه عنها حتى مات . قال رجل برأيه ما شاء .
قال البخاري يقال إنه عمر . ولمسلم نزلت آية المتعة – يعني متعة الحج – وأمرنا بها مع رسول الله ﷺ ثم لم تنزل
آية تنسخ آية متعة الحج ولم ينه عنها رسول الله ﷺ حتى مات . ولهما بمعناه
موضوع الحديث :
تقرير مشروعية التمتع في الحج
المفردات
قوله أنزلت آية المتعة : المراد به متعة الحج لا متعة النساء لأن متعة الحج هي التي ذكرت في القرآن الكريم في
قوله تعالى ( فمن تمتع بالعمرة إلى الحج … ) [البقرة : 196] الآية
قوله ففعلناها مع رسول الله ﷺ : يقرر بهذا
أنهم فعلوها زمنه لينفي ما يتطرق إلى الوهم أنه كان بعد زمنه
قوله ولم ينزل قرآن يحرمها : مقصوده بقاء الحكم بها حتى انقطع الوحي وكذلك قوله ولم ينه عنها حتى مات
قوله فقال رجل برأيه : المقصود به عمر بن الخطاب رضي الله عنه
المعنى الإجمالي
يقرر عمران بن حصين رضي الله عنه أن آية المتعة في الحج نزل بها القرآن وعمل بها في حياة النبي ﷺ
ولم تنسخ حتى مات وفي هذا رد على من نهى عنها .
فقه الحديث :
أولاً : يؤخذ من هذا الحديث مشروعية التمتع وأنه هو السنة وأن الذي ينبغي متابعة النبي ﷺ في جواز مثل ذلك
ومشروعيته لأنه هو المشرع ولهذا قال ولم ينه عنها حتى مات قال رجل برأيه ما شاء
ثانياً : فيه إشارة إلى أن قول المعصوم ﷺ وأمره لا يعارض به قول من ليس بمعصوم ولو كان جليل القدر
وعظيم المنزلة في الإسلام كعمر بن الخطاب رضي الله عنه .
وبالله التوفيق .
.--------
تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.
تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ
تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ]
[ المجلد الثالث ]
رابط تحميل الكتاب :
http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf
.
ام عادل السلفية
01-09-2015, 07:52AM
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام
للعلامة : احمد النجمي
-رحمه الله -
باب الهدي
قوله باب الهدي أي باب أحكام الهدي ، والهدي هو ما يهدى إلى بيت الله الحرام قال عز وجل ( هدياً بالغ الكعبة )
ثم إن الهدي ينقسم إلى أربعة أقسام
1- هدي نذر
2- هدي واجب وجب بحكم النسك كهدي التمتع
3- هدي من أفسد حجه بالجماع يوم عرفه أو قبله
4- وهدي يعمله المهدي تطوعاً فإذا فعله وعينه بالتقليد والإشعار وجب تنفيذه ولا يجوز الرجوع عنه
[232] الحديث الأول :
عن عائشة رضي الله عنها قالت فتلت قلائد هدي رسول الله ﷺ ثم أشعرتها وقلدها أو قلدتها ثم بعث بها إلى البيت
وأقام بالمدينة فما حرم عليه شيء كان له حلاً .
موضوع الحديث :
أن من أرسل هدياً لا يجب عليه ولا يشرع له أن يجتنب ما يجتنبه المحرم
المفردات
فتلت : الفتل هو الحبك
قلائد : جمع قلادة وهو ما يقلد به الهدي من جلد أو غيره كقطعة نعل متروكة ثم أشعرتها وقلدها أو قلدتها :
الإشعار هو أن يضرب بالسكين في صفحة سنام البدنة أو دربة البقرة فتقطع الجلد بحيث يجرح في السنام جرحاً ثم يسلت الدم على
جنب البدنة هذا هو الإشعار وهو خاص بالبدن دون غيرها فالغنم يقلد لكن لا يشعر
قول عائشة وقلدها أو قلدتها : هذا الشك لا يضر لأنه لا يترتب عليه حكم بل إن التوكيل في تقليد الهدي وإشعاره جائز
ثم بعث بها إلى البيت : أي بعث بهذه المواشي إلى البيت هدياً
وأقام بالمدينة : أي استقرّ بها فما حرم عليه شيء كان حلاً له
المعنى الإجمالي
تخبر عائشة رضي الله عنها أنها فتلت بيدها قلائد هدي النبي ﷺ وقلدتها ثم بعث بها رسول الله ﷺ إلى البيت
فلم يحرم عليه شيء كان حلاً له
فقه الحديث :
يؤخذ من هذا الحديث عدة مسائل
أولاً: جواز الاستنابة في تقليد الهدي وإشعاره وأنه لا يتحتم أن المهدي هو الذي يفعل ذلك
ثانياً : تقليد الهدي بأن يوضع في عنقه قلادة حبل أو ما أشبه ذلك توضع فيه قطعة نعل متروكة أو قطعة جلد وتعلق في
عنق الهدي ليعلم أنه هدي هذا هو التقليد
ثالثاً : يؤخذ منه مشروعية إشعار الهدي والإشعار بأن يقطع بالسكين جلد الدابة حتى يسيل الدم على صفحة جنبها
الأيمن ثم يسلته بيده أي يمسحه بيده على جنب الدابة وهو خاص بالبدن دون الغنم
رابعاً : يؤخذ منه أن الإشعار سنة وإلى ذلك ذهب الجمهور وخالف في ذلك أبو حنيفة فقال بعدم استحباب الإشعار
وزعم أنه مثله وقد أنكر أهل العلم على أبي حنيفة مخالفته للسنة وأثر قوله هذا عن إبراهيم النخعي
خامساً :يؤخذ منه جواز بعث الهدي إلى الحرم لينحر هناك والمهدي في بلده
سادساً : أن من أرسل هدياً من مكان بعيد يجوز له أن يشعره ويقلده من مكانه بخلاف ما لو كان الهدي معه فإنه ينبغي
أن يكون الإشعار والتقليد في الميقات عندما يحرم المهدي كما فعل النبي ﷺ
سابعاً :أن من أرسل هدياً وجلس في بيته فإنه لا يحرم عليه شيء مما يحرم على المحرم وقد كان في زمن
الصحابة منهم من رأى أن من أرسل هدياً وجب عليه أن يجتنب ما يجتنبه المحرم وممن قال بهذا القول ابن عباس وابن عمر
وعلي وقيس بن سعد ولكن هؤلاء كلهم رجعوا إلى رواية عائشة رضي الله عنها كما رجعوا إلى روايتها في حق الجنب
يصبح صائماً فرضي الله عنها وأرضاها فكم من سنة خفيت على غيرها فبينتها ورجع الناس عن أقوالهم إلى روايتها كما
حصل ذلك أيضاً في عدة الحامل المتوفى عنها زوجها أن تكون بوضع الحمل كما في قصة سبيعة الأسلمية .
.--------
تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.
تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ
تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ]
[ المجلد الثالث ]
رابط تحميل الكتاب :
http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf
.
ام عادل السلفية
01-09-2015, 08:59AM
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام
للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -
[233] الحديث الثاني :
عن عائشة رضي الله عنها قالت أهدى رسول ﷺ مرة غنماً
موضوع الحديث:
مشروعية إهداء الغنم
فقه الحديث
أولاً : مشروعية إهداء الغنم وقد اتفق أهل العلم أن الغنم المهدى يقلد ولا
يشعر لضعفه وسائر الأحكام قد تقدمت في الحديث السابق .
.--------
تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.
تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ
تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ]
[ المجلد الثالث ]
رابط تحميل الكتاب :
http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf
التصفية والتربية
TarbiaTasfia@
.
ام عادل السلفية
11-09-2015, 03:03PM
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام
للعلامة : احمد النجمي
-رحمه الله -
[234] الحديث الثالث:
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن نبي الله ﷺ رأى رجلاً يسوق بدنة فقال أركبها قال إنها بدنة قال اركبها فرأيته
راكبها يساير النبي ﷺ وفي لفظ قال في الثانية أو الثالثة اركبها ويلك أو يحك .
موضوع الحديث :
حكم ركوب البدنة
المفردات
بدنة : المراد بها الناقة المهداة إلى بيت الله الحرام
فقال اركبها : أي أن النبي _ أمره بركوبها
قوله قال إنها بدنة : كأنه ظن أن النبي _ لم يعرف كونها بدنة
قال اركبها ويحك أو يلك : كلمة ويح أو ويل كلمة تقال وفرق أهل اللغة بينهما بأن ويح كلمة ترحم لمن وقع
في هلكة لا يستحقها أما ويل فإنها كلمة تقال لمن وقع في هلكة يستحقها
المعنى الإجمالي
يخبر أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي ﷺ رأى رجلاً يسوق بدنة فأمره بركوبها ولما راجعه قال له اركبها ويلك أو يحك
فقه الحديث
يؤخذ من هذا الحديث
أولاً: جواز ركوب البدنة عند الحاجة وبشرط عدم الإضرار بالبدنة
ثانياً : يدل على جواز ركوبها هذا الحديث ويدل على تقييد ذلك بالحاجة ما رواه مسلم عن جابر(سُئِلَ عَنْ رُكُوبِ
الْهَدْيِ فَقَالَ سَمِعْتُ النَّبِيَّ _ يَقُولُ ارْكَبْهَا بِالْمَعْرُوفِ إِذَا أُلْجِئْتَ إِلَيْهَا حَتَّى تَجِدَ ظَهْرًا) فإن مفهومه أنه إذا وجد غيرها تركها
ثالثاً : هل يجوز الانتفاع بما يحصل من البدنة من لبن ؟ الظاهر أنه يجوز التصدق به وإن شرب من اللبن
لحاجته إليه جاز له ذلك ولا يغرم قيمته على الأصح وقال مالك لا يشرب من لبنها وإن شرب منه لم يغرم والمهم أن
المسألة فيها خلاف وهذا هو الذي تطمئن إليه النفس وبالله التوفيق
.--------
تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.
تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ
تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ]
[ المجلد الثالث ]
رابط تحميل الكتاب :
http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf
,
ام عادل السلفية
11-09-2015, 03:20PM
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام
للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -
[235] الحديث الرابع:
عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال أمرني رسول الله ﷺ أن أقوم على بدنه وأن أتصدق بلحمها وجلودها
وأجلتها وأن لا أعطي الجزار منها شيئاً وقال نحن نعطيه من عندنا
موضوع الحديث:
التصدق بجميع الهدي وكل ما يتصل به حتى أجلة الهدي
المفردات
قوله أن أقوم على بدنه : أي بأن أتوكل له في القيام على البدن والإشراف عليها على ذبحها وسلخها وتوزيع
لحمها وجلودها
قوله بدنه : البدن جمع بدنة وهي الناقة المهداة إلى بيت الله الحرام
قوله وأن أتصدق بلحمها وجلودها
وأجلتها: الأجلة جمع جل أو جل والظاهر أن
الضم أشهر والجل هو ما يوضع على رحل البعير والفرس والدابة من الكساء الذي يقيها الرحل كالبرذعة وقد يوضع
الكساء على الهدي ليعرف أنه هدي
قوله وأن لا أعطي الجزار منها شيئاً : أي بقصد الأجرة
المعنى الإجمالي
يخبر علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن النبي ﷺ وكل إليه القيام على بدنه ولعل المراد بالقيام أي الإشراف
على علفها وسقيها إلى يوم النحر وعلى نحرها وتوزيع لحمها وجلودها في يوم النحر ونهاه أن يعطي الجزار منها شيئاً بنية الأجرة
فقه الحديث
أولاً: يؤخذ من هذا الحديث جواز النيابة في ذبح الهدي والتصدق بلحمه وجلوده وكل ما يتصل به
ثانياً :فيه دليل على أن لحم الهدي يتصدق به جميعاً لكن يعارضه ما ورد أن النبي ﷺ أمر بأن يؤخذ يوم النحر
من كل بدنة بضعة وأن توضع في قدر وتطبخ وأنها بعد ذلك طبخت فشرب النبي ﷺ وعلي بن أبي طالب من
مرقها وأكلا من لحمها وعلى هذا فيحمل ما حصل في هذا الحديث على الجواز وما أمر به النبي ﷺ على التصدق
بالأكثر والخلاصة أن الأمر في قوله تعالى (فكلوا منها ) هل هو أمر إرشاد أو أمر إيجاب وهو في الإرشاد أوضح
ليشكروا الله عز وجل على ما أنعم عليهم بهذه البدن وأباح لهم ذبحها والأكل منها
ثالثاً : ما ذكر سابقاً هو في هدي التطوع وهدي التمتع ويمنع الأكل من بعض الهدي في جزاء الصيد أو دم الجزاء
عموماً الذي يكون على ترك واجب أو فعل محظور وهدي الجماع والنذر هذه يمنع الأكل منها قال البيهقي في المعرفه
جـ7 ص556 لا يؤكل من فدية العراس ولا جزاء الصيد ولا النذر
رابعاً :وجوب التصدق بالجلود والأجلة الخاصة بالمهدى
خامساً : تحريم إعطاء الجزار أجرته من لحمها أو جلودها وكذلك رأى بعض أهل العلم من الفقهاء أن لا يعطيه شيئاً منها
فيؤدي إلى التسامح بالأجرة ومن جهة أخرى يؤدي إلى المعاوضة ببعض لحم الهدي ولو كان بغير شرط ولكن
الخروج من ذلك أن يسمي للجزار أجرته قبل الذبح فإذا سمى له أجرته قبل الذبح ورضي بها فحينئذ لا محظور
في التصدق عليه منها
سادساً : وجوب التصدق بالأجلة وهو ما يوضع على ظهر البعير من الكساء.
.--------
تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.
تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ
تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ]
[ المجلد الثالث ]
رابط تحميل الكتاب :
http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf
,
ام عادل السلفية
11-09-2015, 05:13PM
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام
للعلامة : احمد النجمي
-رحمه الله -
[236] الحديث الخامس :
عن زياد بن جبير قال رأيت ابن عمر رضي الله عنهما أتى على رجل قد أناخ بدنته فنحرها فقال ابعثها قياماً
مقيدة سنة محمد ﷺ .
موضوع الحديث :
كيفية نحر الإبل وأنها تكون في حالة قيام
المفردات
ابعثها : أي قومها قياماً أي حال كونها قائمة قياماً معقولة اليد اليسرى قائمة على ثلاث وهو معنى قوله صواف .
مقيدة: القيد يكون في اليدين ولعل السنة أن تكون إما معقولة أو مقيدة .
قوله سنة محمد ﷺ : أي تلك سنته ﷺ .
المعنى الإجمالي
لقد ربى رسول الله ﷺ أصحابه على النصح بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فهذا ابن عمر يرى رجلاً خالف
السنة في نحر بدنته حيث نحرها وهي باركة فأخبره بالسنة تعليماً له ولسائر المسلمين
فقه الحديث
يؤخذ من هذا الحديث أن السنة في نحر الإبل أن ينحرها وهي قائمة مقيدة اليدين أو معقولة اليد اليسرى واقفة
على ثلاث وفسرت كلمة صواف جمع صافة أنها تكون قائمة على ثلاث على اليد اليمنى والرجلين ولعل المراد بمقيدة هو
عقل اليد اليسرى أو أن المراد به مقيدة اليدين أما الحكمة في ذلك فهي أن لا ترفسه برجلها إذا كانت مطلقة وقد
ذهبت الحنفية إلى أن نحرها وهي باركة جائز وليس في كونها قائمة فضل على كونها باركة إلا أن قولهم هذا مردود
بالأدلة فلو كان نحرها باركة مساوِ لنحرها قائمة لما أنكر ابن عمر رضي الله عنه على ذلك الرجل .
.--------
تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.
تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ
تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ]
[ المجلد الثالث ]
رابط تحميل الكتاب :
http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf
,
ام عادل السلفية
11-09-2015, 05:45PM
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام
للعلامة : احمد النجمي
-رحمه الله -
باب الغسل للمحرم
[237] الحديث الأول:
عن عبدالله بن حنين أن عبدالله بن عباس والمسور بن مخرمة اختلفا بالأبواء فقال ابن عباس يغسل المحرم رأسه وقال
المسور لا يغسل رأسه قال فأرسلني ابن عباس إلى أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه فوجدته يغتسل بين القرنين وهو
يستتر بثوب فسلمت عليه فقال من هذا فقلت أنا عبد الله بن حنين أرسلني إليك ابن عباس يسألك كيف كان
رسول الله يغسل رأسه وهو محرم فوضع أبو أيوب يده على الثوب فطأطأه حتى بدا لي رأسه ثم قال لإنسان يصب
عليه الماء اصبب فصب على رأسه ثم حرك رأسه بيديه فأقبل بهما وأدبر ثم قال هكذا رأيته يغتسل . وفي رواية
فقال المسور لابن عباس لا أماريك بعدها أبدا .
موضوع الحديث :
حكم غسل المحرم
تراجم الرواة : عبدالله بن عباس هو ابن عم الرسول ﷺ وقد دعا له الرسول ﷺ بقوله ( اللهم فقهه في
الدين وعلمه التأويل ) وكان يلقب بالبحر والحبر لكثرة علمه هاجر به أبوه في السنة السابعة وهو غلام توفي النبي
ﷺ وهو ابن ثلاث عشرة سنة كما روى ذلك عن نفسه أخرجه البخاري في الأدب المفرد سكن في آخر عمره
مكة ثم تحول إلى الطائف وتوفي عام 68هـ
المفردات
الأبواء :قرية بين مكة والمدينة وهي التي توفيت بها أم النبي ﷺ
قوله بين القرنين : فسر المؤلف هذه
الكلمة والمراد بها الخشبتين اللتين يشد عليهما العمود المعترض وهو الذي يسمى العرش تشد فيه البكرة لمن أراد
أن يبرح بالدلو
قوله وهو يستتر بثوب : يعني أنه كان يغتسل وعليه إزار وله ثوب يستره ومعه من يصب عليه الماء
قوله فطأطأه : أي نزل الثوب الذي يستره حتى بدا لعبدالله بن حنين رأسه ثم قال لإنسان يصب عليه الماء أصبب فصب على رأسه
قوله ثم حرك رأسه : أي حركه بيديه ليدخل الماء فيه
لا أماريك : أي لا أجادلك
المعنى الإجمالي
تحاور عبدالله بن عباس والمسور بن مخرمة في الغسل للمحرم هل يغسل المحرم رأسه أم لا وموضع الشبهة فيه
أنه لو حرك شعر رأسه لأمكن أن يكون متسبباً في سقوط بعض الشعر فجاء عبدالله بن حنين إلى أبي أيوب فوجده
يغتسل فقال له أرسلني إليك ابن عباس يسألك كيف كان رسول الله ﷺ يغتسل فقال للذي يصب عليه الماء أصبب
بعد أن طأطأ الثوب الذي يستره حتى بدا رأسه ثم حرك رأسه بيديه فأقبل بهما وأدبر ثم قال هكذا رأيته صلى أي يفعل
فقه الحديث
أولاً: يؤخذ من هذا الحديث جواز التماري والتحاور في حال الإحرام وهو الجدال الخفيف الذي لا يثير ضغائن
ولا يؤدي إلى تشاحن ويحمل ما ورد في الآية على الجدال الذي يؤدي إلى تشاحن أو سباب أو ما أشبه ذلك والآية هي
قول الله تعالى { فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ } [البقرة : 197]
ثانياً : أن رأي الصحابي لا يكون ملزماً لصحابي آخر إلا إذا أيد أحد الرأيين بالدليل كما حصل
هنا فقد تأيد رأي ابن عباس بالدليل ودل على فقهه
ثالثاً :رأي الصحابي يكون حجة بثلاثة شروط
الأول : أن لا يعارضه نص مرفوع
الثاني:أن لا يعارضه رأي صحابي آخر
الثالث:أن لا يكون مخالفاً لما علم من عمومات الشرع
رابعاً :إذا تعارض رأي صحابي مع رأي صحابي آخر فإذا كان الصحابي الآخر قد دل دليل عام أو خاص على تقدمه
في أمر ما قدمه النص ولذلك فقد قدم أهل العلم رأي زيد بن ثابت في الفرائض لقول النبي ﷺ (وَأَفْرَضُهُمْ
زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ ) وربما قـدم رأي معاذ وإن كان لم يطل عمره وقد توفي قديماً في عام ثماني عشرة فإن وجد رأيه
مخالفاً لرأي غيره في الحلال والحرام قدم رأيه لما جاء في الحديث (وَأَعْلَمُهُمْ بِالْحَلالِ وَالْحَرَامِ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ
كما أنه يقدم تفسير ابن عباس على غيره لأن النبي ﷺ دعا له أن يعلمه الله التأويل أما النص العام في تخصيص
بعض الصحابة كقوله ﷺ ( فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الْمَهْدِيِّينَ الرَّاشِدِينَ تَمَسَّكُوا بِهَا وَعَضُّوا عَلَيْهَا
بِالنَّوَاجِذِ) فإذا اختلف رأي صحابي مع صحابي آخر وكان أحدهما من الخلفاء ولم يكن في المسألة نص عن
النبي ﷺ فإنه يقدم رأي أحد الخلفاء فإن كان هناك نص أخذ بالنص كما حصل في مسألة التمتع بالحج
ونهي أبي بكر وعمر عنه فلما كان رأيهما مخالفاً لما ثبت عن النبي ﷺ قال ابن عباس يوشك أن تنزل عليكم حجارة
من السماء أقول لكم قال رسول الله ﷺ وتقولون قال أبو بكر وعمر .
خامساً :جواز الاغتسال للمحرم وغسل رأسه وقد حكى الإجماع على جواز ذلك إن كان الغسل واجباً كغسل الجنابة
أو الاغتسال من الحيض فإن كان الغسل للتبرد والترفه ففيه خلاف بين أهل العلم ذهب الشافعي إلى جوازه وزاد أصحابه
ولو غسل رأسه بالسدر والخطمي وقال مالك وأبو حنيفة عليه الفدية إن غسل رأسه بالخطمي وما في معناه ولعل القول
الأول هو الأصح
سادساً :جواز الاغتسال أمام الناس إذا كان مستور العورة لأن قول أبي أيوب لمن يصب عليه أصبب دال على أن هذا
الذي يصب عليه ينظر إلى جسمه وهذا يدل على أنه مستور العورة إذ يستحيل أن أبا أيوب يقول له أصبب وهو مكشوف العورة
سابعاً :جواز السلام على المتطهر بخلاف من يكون على قضاء الحاجة
ثامناً :جواز الاستعانة في الطهارة والاستعانة إما أن تكون في الطهارة بالصب والدلك وإما أن تكون في تحصيل ماء
الطهارة فأما الأول ففيه خلاف والصحيح جوازه لأن النبي ﷺ صب عليه المغيرة بن شعبة وصب عليه أسامة بن زيد
في حجة الوداع إلى غير ذلك أما القول بكراهته فليس عليه دليل صحيح بل الأدلة فيه ضعيفة أو موضوعة منها
حديث ( أنا لا أستعين على وضوئي بأحد ) فهذا حديث ضعيف لأنه من رواية النضر بن منصور عن أبي الجنوب قال
النووي حديث باطل وقال الدارمي قلت لابن معين النضر بن منصور عن أبي الجنوب وعن ابن أبي معشر قال
هؤلاء حمالة الحطب ومنها حديث( كَانَ رَسُولُ اللَّهِ _ لا يَكِلُ طُهُورَهُ إِلَى أَحَدٍ) أخرجه ابن ماجه والدارقطني وفيه
مطهر بن الهيثم وهو ضعيف أما الاستعانة في تحصيل ماء الطهارة فهو ثابت عن النبي ﷺ وعن أصحابه كما
في حديث عثمان بن عفان (فدعا بوضوء) وفي حديث علي بن أبي طالب حين كان برحبة الكوفة وهناك أدلة أخرى
تدل على جوازه ولا أعرف من خلالها خلافاً .
.--------
تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.
تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ
تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ]
[ المجلد الثالث ]
رابط تحميل الكتاب :
http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf
,
ام عادل السلفية
11-09-2015, 05:59PM
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام
للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -
باب فسخ الحج إلى عمرة
[238] الحديث الأول :
عن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما قال أهل النبي ﷺ وأصحابه بالحج وليس مع أحد منهم هدي غير
النبي ﷺ وطلحة وقدم علي رضي الله عنه من اليمن فقال أهللت بما أهل به النبي ﷺ فأمر النبي ﷺ أصحابه أن
يجعلوها عمرة فيطوفوا ثم يقصروا ويحلوا إلا من كان معه الهدي فقالوا ننطلق إلى منى وذكر أحدنا يقطر فبلغ
ذلك النبي ﷺ فقال لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما أهديت ولولا أن معي الهدي لأحللت وحاضت
عائشة فنسكت المناسك كلها غير أنها لم تطف بالبيت فلما طهرت وطافت بالبيت قالت يا رسول الله ينطلقون بحج وعمرة
وأنطلق بحج ؟ فأمر عبد الرحمن ابن أبي بكر أن يخرج معها إلى التنعيم فاعتمرت بعد الحج .
موضوع الحديث :
فسخ الحج إلى العمرة لمن لم يسق الهدي
المفردات
أهل النبي ﷺ : أصل الإهلال رفع الصوت قالوا استهل الصبي إذا رفع صوته بالبكاء عند ولادته واستعمل في
التلبية استعمالاً شائعاً فيعبر به عن الإحرام كذا قال ابن دقيق العيد رحمه الله
قوله في الحج :قال ظاهره يدل على
الإفراد وهي رواية جابر
قوله وليس مع أحدهم هدي :أي لم يكن مع أحد من الصحابة هدي غير النبي ﷺ وطلحة
قوله أهللت بما أهل به النبي ﷺ : أي أحرمت بما أحرم به النبي ﷺ
قوله فأمر النبي ﷺ أصحابه أن يجعلوها
عمرة: أي يحولوا نيتهم من حج إلى عمرة تمتع فيطوفوا أي بالبيت وبين الصفا والمروة ثم يقصروا ويحلوا
فقالوا ننطلق إلى منى وذكر أحدنا يقطر: يقصدون بذلك أنه يقطر منياً لقرب الإحرام من وقت الجماع فبلغ ذلك
النبي ﷺ يدل على أنه لم يسمعه منهم فقال لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما أهديت :أي لو عرفت من أمري
المستقبل ما عرفت من أمري الماضي لما أهديت يعني ولجعلتها عمرة
ولولا أن معي الهدي لأحللت :لولا حرف
امتناع لوجود أي امتنع أخذي بالعمرة وتحللي بها لوجود الهدي معي
قوله فنسكت المناسك كلها :أي
عملتها جميعاً غير أنها لم تطف بالبيت
التنعيم :هو نهاية الحرم في جهة شمال الكعبة
المعنى الإجمالي
هذا الحديث يدل على أن إبتداء إحرام النبي ﷺ وأصحابه كان بالحج مفرداً ثم إن النبي ﷺ أمر من لم
يسق الهدي أن يجعلها عمرة ويطوف بالبيت ويسعى بين الصفا والمروة ثم يتحلل فلما لمس منهم المعارضة لما قد
درجوا عليه من تحريم العمرة في أشهر الحج تمنى أنه لو عرف من أمره سابقاً ما عرفه الآن لما ساق الهدي
ولجعلها عمرة وكان في هذا تمنٍّ لما فيه المصلحة حسب ظن النبي ﷺ ولكن كان الذي فيه المصلحة هو ما اختاره الله
عز وجل لنبيه ﷺ وما اختاره لأصحاب نبيه ﷺ الذين لم يسوقوا الهدي
فقه الحديث
أولاً :يؤخذ من هذا الحديث أن النبي ﷺ وأصحابه كان إهلالهم بالحج أولاً ثم تحولوا إلى العمرة .
ثانياً :يؤخذ منه أن أمر النبي ﷺ لهم أن يحولوا نسكهم إلى تمتع كان بعد دخولهم في النسك ويستفاد منه جواز
تحويل الحج إلى عمرة تمتع وإليه ذهب أحمد بن حنبل رحمه الله والظاهرية وقرر ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه
ابن القيم كما قال الصنعاني في العدة
ثالثاً : أقول هذا هو الحق لأمر النبي ﷺ أصحابه بذلك وتأكيده عليهم
المرة بعد المرة حتى كان آخر ذلك عند المروة
رابعاً : أن هذا الفسخ حصل في زمن النبي ﷺ بأمر منه المبني على أمر ربه تعالى وذلك لمصلحة نقض ما كان
يعتقده أهل الجاهلية أن العمرة في أشهر الحج لا تجوز وقولهم بأن العمرة في أشهر الحج من أفجر الفجور
خامساً:لقد إنهدم هذا المعتقد بأمر النبي صلى لأصحابه الذين لم يسوقوا الهدي بأن يجعلوها عمرة ويتحللوا
ويتمتعوا بالحل إلى يوم التروية ثم يدخلوا في الإحرام من جديد بالحج ولكن اختلف أهل العلم هل هذه العمرة وفسخ الحج
لها وتحويله إليها خاص بذلك الركب أو عام في الأزمنة مستقبلاً ، فذهب بعض الصحابة وكثير من التابعين
والإمام أحمد بن حنبل وداود الظاهري وكثير من المحدثين إلى أن فسخ الحج إلى العمرة لمن لم يسق الهدي شرع
مستمر إلى يوم القيامة مستدلين بما رواه سراقة بن مالك المدلجي رضي الله عنه حين سأل رسول الله صلى فقال
يا رسول الله ( أَرَأَيْتَ عُمْرَتَنَا هَذِهِ لِعَامِنَا هَذَا أَمْ لِلأَبَدِ فَقَالَ لا بَلْ لِلأَبَدِ)وفي رواية (بل لأبد الأبد) وهذا حديث صحيح وذهب
شيخ الإسلام ابن تيمية إلى أن فسخ الحج إلى العمرة كان فرضاً على الصحابة لمحو ما كان يعتقده أهل
الجاهلية من تحريم العمرة في أشهر الحج ويرون ذلك من أفجر الفجور أما من بعد الصحابة ففسخ الحج إلى العمرة
في حقهم مستحب وليس بواجب ذكر ذلك عنه تلميذه ابن القيم في الهدي وقال أجدني إلى رأي ابن عباس
أميل ورأي ابن عباس وجوب الفسخ على من لم يسق الهدي في كل زمان إلى يوم القيامة ويرى أن من طاف وسعى ولم
يكن معه هدي فقد حلّ شاء أم أبى ، الرأي الثالث أن جواز فسخ الحج إلى العمرة خاص بالصحابة ولا يجوز لأحد
بعدهم واستدلوا على ذلك بأحاديث ضعيفة فمنهم من قال هو خاص بالصحابة ومنهم من قال منسوخ وكلا القولين
ضعيف لضعف أدلته قال في الهدي ج 2 ص 178 وقد روي عنه _ الأمر بفسخ الحج إلى العمرة أربعة
عشر من الصحابة وأحاديثهم كلها صحاح ثم عدّهم وساق أحاديثهم ثم قال في صفحة 182 بعد أن ذكر حديث عائشة
رضي الله عنها حين غضب النبي ﷺ إذ رددوا عليه القول فقالت من أغضبك أغضبه الله فقال وما لي
لا أغضب وأنا آمر أمراً فلا يتبع ونحن نشهد الله علينا أنّا لو أحرمنا بحج لرأينا فرضاً علينا فسخه إلى عمرة تفادياً
من غضب رسول الله ﷺ واتباعاً لأمره فوالله ما نسخ هذا في حياته ولا بعده ولا صح حرف واحد يعارضه بل أجرى
الله سبحانه على لسان سراقة أن يسأله هل ذلك مختص بهم فأجاب بأن ذلك كائن لأبد الآباد أهـ .
قلت : وفي حديث البراء هذا عند أحمد وابن ماجة وأبي يعلى ورجاله رجال الصحيح كما قال في مجمع الزوائد
حين أمر أصحابه بالفسخ فردوا عليه القول فغضب ودخل على عائشة وهو غضبان فقالت من أغضبك أغضبه
الله أقول : في هذا ردّ لما ذهب إليه ابن عباس (أن من طاف بالبيت فقد حل) إذ لو كان الأمر كذلك لقال النبي ﷺ
لأصحابه أنتم قد حللتم شئتم أم أبيتم ولكن الصحيح أن أمر النبي ﷺ لأصحابه أمر لجميع الأمة من أطاعه
نال الثواب وأصاب الأفضل من النسك ومن لم يطعه أثم بعصيانه ونسكه صحيح . أخيراً يا طالب العلم عليك بقراءة
هذا البحث في الهدي النبوي فإن فيه ما يكفي ويشفي في هذه المسألة .
سادساً: يؤخذ منه جواز استعمال لو في الأمور الماضية ويعارضه النهي الذي جاء في الحديث وقول النبي ﷺ
(فإن لو تفتح عمل الشيطان) بعد قوله ( فإن أصابك شيء فلا تقولنّ لو ) ولأهل العلم في هذه المسألة خلاف حاصله
أن لو قد استعملت في كلام الله عز وجل في مواضع منه حيث قال تعالى في نفي علم الغيب عن البشر وأن النبي
ﷺ كسائر البشر لا يعلم الغيب ومنه قوله تعالى (وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ )
[الأعراف : 188] وقوله لمن قالوا ( لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ مَا قُتِلْنَا هَاهُنَا قُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ
الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ ) [آل عمران : 154 ] وعلى هذا فإن المكروه من استعمال لو ما كان فيه
معارضة للقدر أما ما لم يكن كذلك بل كان التمني فيه للمصلحة كقول النبي ﷺ ( لو استقبلت من أمري ما استدبرت
لما سقت الهدي ولجعلتها عمرة ) فإنه جائز
سابعاً :يؤخذ من قوله ولولا أن معي الهدي لأحللت أن الذي منعه من التحلل هو كونه ساق الهدي والله تعالى يقول
( وَلا تَحْلِقُوا رُؤُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ ) [البقرة : 196]
ثامناً :يؤخذ من قوله وحاضت عائشة فنسكت المناسك كلها دليل على أن الحائض لا تجتنب من المناسك إلا
الطواف بالبيت وما عدا ذلك فإنه مباح لها كالوقوف بعرفة والمبيت بمزدلفة ورمي الجمار وما أشبه ذلك
تاسعاً :يؤخذ من قوله غير أنها لم تطف بالبيت أن الحائض لا يجوز لها أن تطوف بالبيت وهذا هو قول الجمهور
وخالفهم أبو حنيفة فلم يشترط الطهارة في الطواف بالبيت وقوله مرجوح والراجح هو ما ذهب إليه الجمهور
لهذا الحديث وغيره منها قوله ﷺ لما ذكر صفية وأنه يريد منها ما يريد الرجل من امرأته فقيل أنها حاضت فقال
النبي ﷺ (عقرى حلقى أحابستنا هي فقيل أنها قد طافت طواف الإفاضة فقال فلا إذاً )
عاشراً :قد أفتى بعض الفضلاء المشهورين بجواز طواف الحائض بعد أن تستثفر للضرورة القصوى وذلك لما
كان في زمنه من تعرض قطاع الطرق للحجاج وأن من انفرد عن الركب اقتطع فأفتى بأن الحائض تستثفر وتطوف
لأن انفرادها عن الركب يعرضها ومحرمها لأمر خطير وهل يصح أن يفتى بهذا في هذا الزمن أي بجواز طواف الحائض
عند الضرورة كما أفتى بذلك ابن تيمية هذا محل نظر .
الحادي عشر :قوله فلما طهرت طافت بالبيت يدل على صحة ما سبق أن الحائض لا تطوف بالبيت
الثاني عشر: أن عائشة غارت من صواحبها لأنهن قد جمعن بين حج وعمرة وهي لم يكن معها إلا حج فقال لها
النبي ﷺ (طَوَافُكِ بِالْبَيْتِ وَبَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ يَكْفِيكِ لِحَجَّتِكِ وَعُمْرَتِكِ ) لكنها أصرت أن تعمل عمرة مفردة ولحكمة
أرادها الله فقد أرسل النبي ﷺ معها أخاها عبد الرحمن فأعمرها من التنعيم فكانت سنة لمن أراد أن يعمل عمرة من
مكة أن يخرج إلى الحل ليجمع بين الحل والحرم وبالله التوفيق
الثالث عشر :يؤخذ من قوله (فأمر عبد الرحمن بن أبي بكر أن يخرج معها إلى التنعيم ) جواز خلوة المحرم
بمحرمه وهو أمر مجمع عليه
الرابع عشر :أن الله عز وجل إذا أراد أن يشرع شرعاً جعل له سبباً وقضية عائشة كانت سبباً في مشروعية الاعتمار
من مكة وأن المكي إذا أراد أن يعتمر فإنه يخرج إلى الحل فيحرم بعمرة من الحل ليجمع بين الحل والحرم في
العمرة كما يجمع بين الحل والحرم في الحج فلا يصح حج الحاج إلا بأن يقف بعرفة وعرفة من الحل
الخامس عشر:ذهب قوم إلى أن التنعيم ميقات العمرة لمن أراد الاعتمار من مكة ولا يجزئ غيرها من الحل وذهب
الجمهور إلى أنه يجوز الاعتمار من الحل في أي جهة كان من مكة وكل أصحاب ناحية يخرجون إلى الحل في
ناحيتهم ومما يدل على ذلك أي على ترجيح مذهب الجمهور أن النبي ﷺ لما أهل بالعمرة بعد الفتح وبعد حصار
الطائف أحرم من الجعرانة لأنها أسمح لجهته وهكذا كل من كان في جهته فهو يذهب للحل من جهته وهذا هو القول الصحيح
السادس عشر: يكون في هذه القصة تخصيص لما ورد في حديث المواقيت حيث قال ﷺ بعد ذكر المواقيت
( هن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن ممن أراد الحج والعمرة ) فقصة عائشة تدل على أن ميقات العمرة الحل
وأن مكة أو منزل الإنسان في مكة لا يكون ميقاتاً للعمرة بل يكون ميقاتاً في الحج وإن كان قد قيل بأن المعتمر من أهل
مكة يحرم من بيته ويذهب إلى المسجد فيطوف ويسعى ويحلق أو يقصر وتلك عمرته وأن هذا الحديث
الذي في المواقيت بالنسبة لأهل مكة تكون منازلهم مكاناً لبدأ إحرامهم ولكن في هذا الحديث تخصيص لعموم حديث
المواقيت والخاص مقدم على العام
السابع عشر :يعتقد كثير من الحجاج أن الحاج ولو كان متمتعاً فإن عليه أن يعتمر من التنعيم وهذا الاعتقاد خطأ فإن
عائشة هي الوحيدة التي اعتمرت من التنعيم من بين من حضروا حجة الوداع مع النبي _ ونحن نؤمن أن الله ما شرع
هذا بعد أن جعل له سبباً إلا لحكمة أرادها وهو أن يشرع ميقاتاً لعمرة المكي فيجب أن يوعى الحجاج بأن هذا
الفهم خاطئ
الثامن عشر : رأينا كثيراً من الحجاج إذا تحلل من العمرة ليتمتع بالحل ما دام مقيماً بمكة فإنه يذهب إلى التنعيم
فيحرم بعمرة لأبيه مثلاً ويحلق بعض رأسه ويذهب مرة أخرى فيحرم بعمرة مثلاً لأمه الميتة وهكذا فيضل في أيام انتظاره
بين الحج والعمرة يأتي بعدة عمر وهذا فيه أخطاء : الخطأ الأول:أن إتيانه بعمرة أجنبية بين نسكين مترابطين
أمر محدث لم يعرف عن الصحابة ولا التابعين ولا من بعدهم من أهل العلم ، الخطأ الثاني : أن تكرير العمرة في زمن
يسير مختلف فيه والصحيح أنه لا بد أن يكون بين العمرتين زمناً ينمو فيه رأس المعتمر حتى يتمكن من
حلقه مرة أخرى ، الخطأ الثالث :أنه يُجزِئُ رأسه فيحلق بعضه اليوم ويحلق بعضه غداً وبعضه بعد غد وهذا سبب
في ارتكاب النهي عن القزع وهو حلق بعض الرأس وترك بعضه ، الخطأ الرابع :أن في هذا العمل تكثير للزحام وأذية للحجاج
والمعتمرين الذين جاءوا لأول مرة .
ومن هذه الحيثيات فإنه ينبغي أن يمنع هؤلاء من تكرير العمر بين عمرة التمتع وحجه وبالله التوفيق .
.--------
تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.
تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ
تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ]
[ المجلد الثالث ]
رابط تحميل الكتاب :
http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf
,
ام عادل السلفية
11-09-2015, 06:05PM
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام
للعلامة : احمد النجمي
-رحمه الله -
[239] الحديث الثاني :
عن جابر رضي الله عنه قال قدمنا مع رسول الله ﷺ ونحن نقول لبيك بالحج فأمرنا رسول الله ﷺ فجعلناها عمرة
موضوع الحديث :
تحويل الحج إلى عمرة
المفردات
قد تقدم مفردات هذا الحديث وفقهه في الحديث قبله فلا يحتاج منا إلى إعادة
[240] الحديث الثالث :
عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال قدم رسول الله ﷺ وأصحابه صبيحة رابعة فأمرهم أن يجعلوها
عمرة فقالوا يا رسول الله أي الحل قال الحل كله .
موضوع الحديث :
تحويل الحج إلى عمرة
المفردات
صبيحة رابعة: أي صبيحة الليلة الرابعة من شهر ذي الحجة
فأمرهم أن يجعلوها عمرة: أي بأن يجعلوا نسكهم ذلك الذي كانوا قد بدأوه بالحج أن يجعلوه عمرة
أي الحل يقصدون هل الحل جزئي أو كلي لأنه لمّا أمرهم أن يتحللوا ويحرموا بالحج في اليوم الثامن ظنوا أن هذا
التحلل تحلل جزئي وليس بكلي .
فقه الحديث
أولاً: أن أصحاب النبي ﷺ كانت نيتهم عند دخولهم في النسك الحج وأن النبي ﷺ أمرهم أن يحولوا
ذلك النسك إلى عمرة تمتع وهذا يشهد لحديثي جابر الأول والثاني إلا أنه يشهد لهما بمفهومه وهما منطوقان
ثانياً:يؤخذ منه جواز تحويل الحج إذا كان قد نواه الحاج حجاً مفرداً أن يحوله إلى عمرة تمتع وقد تقدم الكلام
على ذلك بما فيه كفاية .
ثالثاً :أن الصحابة فهموا أن الحل جزئي وليس بكلي لأنهم يستبعدون إباحة الجماع قبل الذهاب إلى منى حتى
قال بعضهم أننطلق إلى منى وذكر أحدنا يقطر منياً فأخبرهم النبي ﷺ أنه الحل كله .
.--------
تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.
تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ
تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ]
[ المجلد الثالث ]
رابط تحميل الكتاب :
http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf
,
ام عادل السلفية
11-09-2015, 06:14PM
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام
للعلامة : احمد النجمي
-رحمه الله -
[241] الحديث الرابع :
عن عروة بن الزبير قال سئل أسامة بن زيد وأنا جالس كيف كان رسول الله ﷺ يسير حين دفع قال كان
يسير العنق فإذا وجد فجوة نص .
قال العنق انبساط السير والنص فوق ذلك
موضوع الحديث:
كيفية سير النبي ﷺ حين دفع من عرفات إلى مزدلفة وكان أسامة بن زيد رديفه
المفردات
العنق : نوع من السير والنص فوق ذلك وللسير ضروب عند العرب لها أسماء تعرف بها
المعنى الإجمالي
واضح أن النبي ﷺ كان يسير سيراً معتدلاً حين يرى أمامه الزحام وكان يسير سيراً خفيفاً أي فوق السير الأول
وأخف منه حين يرى ما أمامه منفسحاً عن الزحام
فقه الحديث
أولاً: يؤخذ من هذا الحديث استعمال السيرين اللذين هما العنق والنص بحسب الظروف من ازدحام الطريق
وعدم ازدحامه وبالله التوفيق
ثانياً: أن هذا لا يتنافى مع قول النبي ﷺ عليكم السكينة فإن البر ليس بالايضاع فما فعله النبي ﷺ
لم يخرج عن كونه سكينة وبالله التوفيق
.--------
تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.
تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ
تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ]
[ المجلد الثالث ]
رابط تحميل الكتاب :
http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf
التصفية والتربية
TarbiaTasfia@
.
ام عادل السلفية
11-09-2015, 06:23PM
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام
للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -
[242] الحديث الخامس:
عن عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما أن رسول الله ﷺ وقف في حجة الوداع فجعلوا يسألونه فقال رجل لم
أشعر فحلقت قبل أن اذبح قال اذبح ولا حرج وجاء آخر فقال لم اشعر فنحرت قبل أن أرمي قال ارم ولا حرج فما سئل
يومئذ عن شيء قدم ولا أخر إلا قال افعل ولا حرج .
موضوع الحديث :
السؤال عما وقع فيه الحجاج يوم النحر من التقديم والتأخير في أعمال ذلك اليوم الأربعة
المفردات
قوله لم اشعر : أي لم اعلم
قوله في كل ما سأل عنه افعل ولا حرج : نفي للحرج الذي هو الإثم أو الوقوع فيما يجلب المشقة على الإنسان
المعنى الإجمالي
يخبر عبدالله بن عمرو أن النبي ﷺ وقف للسائلين في يوم النحر فما سئل عن شيء قدم ولا أخر
إلا قال افعل ولا حرج
فقه الحديث
أولاً: يؤخذ من هذا الحديث وما في معناه أن النبي صلى نفى الحرج عمّن قدّم أو أخر بعض أعمال يوم النحر الأربعة
التي هي الرمي والذبح والحلق أو التقصير والطواف وقد اختلف أهل العلم في تقديم وتأخير هذه الأعمال هل هو
مكروه أو محرم لمن لا يجهل وذلك أنهم اتفقوا على مشروعية الترتيب الذي فعله النبي ﷺ حيث رمى جمرة العقبة
ثم نحر هديه ثم حلق رأسه ثم أفاض بعد ذلك ولكن هذا الترتيب هل هو واجب لا يجوز العدول عنه إلا لمن
أوقعه الجهل فيه أو أنه مستحب فذهب الشافعي إلى الاستحباب أي استحباب الترتيب وجعل ترك الترتيب بمنزلة
المكروه وذهب أبو حنيفة ومالك إلى عدم جواز تقديم الحلق على الرمي وهذا هو قول الجمهور أن الحلق
لا يقدم على الرمي إلا في حالة الجهل ولم يخالف فيما قالوه من طلبية هذا الترتيب والإتيان به على هذا الوجه إلا
ابن الجهم من المالكية فإنه يرى أن القارن لا يجوز له الحلق قبل الطواف واعتذر عنه بأنه يرى أن القارن
قد تداخلت عمرته وحجته فلا يحلق إلا بعد الطواف الذي يعتبر إتماماً للحج والعمرة ولكن صاحب هذا القول شذّ بقوله
عن جمهرة أهل العلم وخالف عن عمل النبي ﷺ وقوله فالنبي ﷺ حج قارناً ولم يكن مفرداً وقد بدأ برمي
جمرة العقبة ثم نحر هديه ثم حلق رأسه ولبس ثيابه قبل أن يطوف بالبيت .
أما قول ابن دقيق العيد بأن كون النبي ﷺ حج قارناً قال هذا إنما ثبت بأمر استدلالي لا نصي عند الجمهور
قلت: قال ابن القيم رحمه الله في زاد المعاد إنما قلنا أنه أحرم قارناً لبضعة وعشرين حديثاً صحيحة صريحة في ذلك أهـ
ثم ساقها بعد ذلك والمهم أن قول ابن الجهم هذا قول باطل لشذوذه ومخالفته عمل النبي ﷺ الفعلي
وما أمر به وإجماع أهل العلم على ذلك
ثانياً:إذا قلنا أن هذه الوظائف الأربع قد أفتى النبي ﷺ بجواز تقديمها على بعض في حالة الجهل وعدم
الشعور فإنه لا يتمشى لنا الاستدلال على جواز ذلك في حالة العلم بهذا الترتيب وبالأخص الحلق قبل الرمي
ثالثاً:قول النبي ﷺ لا حرج إنما هو نفى للحرج عمّن فعل ذلك جاهلاً فهل من فعل ذلك عامداً يلحقه
إثم ويلزمه دم على المخالفة هذا محل نظر ومحل خلاف بين أهل العلم
رابعاً:ذكر ابن دقيق العيد أن إيجاب الدم على من خالف الترتيب عامداً أنه مبني على غير دليل حيث قال اعلم
أن إيجاب الدم في هذه الأفعال والتروك في الحج لم يأت به نص نبوي إنما روي عن ابن عباس ولم يثبت عنه أن
من قدم شيئاً على شيء فعليه دم وأقول إن قول ابن عباس هذا يحتمل أنه أخذه من كتاب الله فإن الله سبحانه
وتعالى أوجب الفدية على من احتاج إلى حلق رأسه لقوله تعالى( فمن كان منكم مريضاً أو به أذىً من رأسه
ففدية من صيام أو صدقة أو نسك ) فلعل ابن عباس رضي الله عنه أخذ من هذه الآية وجوب الدم على من فعل
محظوراً أو ترك واجباً وقد ذهب جمهور أهل العلم إلى قوله في هذه المسألة وأوجبوا الدم في بعضها وإن اختلفوا في
البعض الآخر ولا شك أن ترتيب الفدية على من ارتكب محظوراً أن في ذلك مصلحة للحاج بجبر نسكه
ومصلحة للمساكين بما يحصل لهم من الصدقة في الطعام والذبائح التي تذبح
وبالله التوفيق .
.--------
تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.
تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ
تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ]
[ المجلد الثالث ]
رابط تحميل الكتاب :
http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf
.
ام عادل السلفية
11-09-2015, 06:30PM
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام
للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -
[243] الحديث السادس :
عن عبد الرحمن بن يزيد النخعي أنه حج مع ابن مسعود فرآه رمى الجمرة الكبرى بسبع حصيات فجعل البيت
عن يساره ومنى عن يمينه ثم قال هذا مقام الذي أنزلت عليه سور البقرة ﷺ.
موضوع الحديث :
كيفية رمي جمرة العقبة ومن أين ترمى
المفردات
قوله فرآه رمى الجمرة الكبرى :الجمرة الكبرى هذا وصف يطلق على جمرة العقبة وهي الجمرة الأخيرة التي تلي
مكة وقد كانت هذه الجمرة في جانب عقبة لحقتها في أول حج حججته ثم بعد ذلك أزيلت وأظن إزالتها كان في
آخر عهد الملك عبد العزيز رحمه الله وقصد بإزالتها التوسعة على الناس في حالة الرمي كما عملوا الدور الثاني
للتخفيف من الزحام وهذا من محاسن ومفاخر دولة آل سعود وفقهم الله
قوله فجعل البيت عن يساره
ومنى عن يمينه : وأقول وقف في بطن الوادي واستقبل الجمرة إلى جهة الشمال فجعل منى عن يمينه ومكة عن يساره
قوله ثم قال هذا مقام الذي أنزلت عليه سور البقرة ﷺ :المقصود بهذا الكلام الحث على التأسي
به في كيفية رمي هذه الجمرة وغيرها
المعنى الإجمالي
يخبر عبد الرحمن بن يزيد النخعي أنه حج مع عبد الله بن مسعود فرآه رمى الجمرة الكبرى بسبع حصيات
من بطن الوادي حيث جعل منى عن يمينه ومكة عن يساره
فقه الحديث
أولاً:يؤخذ من هذا الحديث مشروعية الرمي على العموم ورمي جمرة العقبة على الخصوص والجمهور على
أن الرمي واجب من واجبات الحج
ثانياً: يؤخذ منه أن النبي ﷺ رماها بسبع حصيات وكل الجمرات ترمى كل واحدة منها بسبع حصيات
ثالثاً: أن هذه السبع الحصيات ترمى واحدة بعد أخرى وقد ذهب الجمهور إلى ذلك وذهب بعض أهل العلم إلى
أنه لو رماها بسبع حصيات مرة واحدة جاز ذلك وهذا قول شاذ والصحيح أنها ترمى بسبع حصيات كل
واحدة تلوى الأخرى
رابعاً:يؤخذ من عموم أحاديث الرمي استحباب التكبير عند رمي كل حصاة حيث يقول الرامي الله أكبر وهذا الذكر
سنة باتفاق فلو تركه أو نسيه لم يؤثر ذلك في حجه
خامساً: اتفق الجمهور من أهل العلم على أنه يشترط في صحة الرمي أن تقع الحصاة في بطن الحوض وتستقر فيه فلو
وقعت فيه ثم طارت فخرجت عنه لم يصح رمي تلك الحصاة ووجب عليه أن يعيدها
سادساً: ذهب الجمهور أيضاً إلى أن الرمي لجمرة العقبة بالأخص لا بد أن يكون من الوادي مستقبل الجمرة
إلى جهة الشمال أو يقف في الوادي مستدبراً منى مستقبلاً مكة أو العكس فيرمي ليقع الرمي في الحوض
سابعاً : أن من رمى من محل العقبة أي من الجهة الشمالية ووقع رميه في الجدر حيث أنهم حين عملوا المرمى
جعلوا الجانب الذي يلي العقبة جدراً متصلاً بسقف المرمى إشارة إلى أنه لا رمي من هنالك فمن رمى من ذلك
الجانب فإن رميه غير صحيح وعليه أن يعيد رميه
ثامناً :يشترط لصحة الرمي ثلاثة شروط هي
1- الوقت الزمني
2- والرمي بسبع حصيات
3- والترتيب
تاسعاً: أن من رمى بسبع حصيات وغلب على ظنه وقوعها في الحوض فقد أدى ومن رمى أقل من ذلك فإن كان
النقص واحدة لم يضر لأنه قد ورد في حديث عند النسائي بسند حسن عن سعد بن أبي وقاص أنه قال رجعنا في الحجة
مع النبي ﷺ وبعضنا يقول رميت بسبع حصيات وبعضنا يقول رميت بست فلم يعب بعضهم على بعض) فهذا
يدل مع كون الراوي لم يذكر قضاءً لمن رمى بأقل من السبع يدل ذلك على جواز الاكتفاء بست أما إن كان غلب على ظنه أنه
رمى بأقل من ذلك فإن كان في المكان فعليه أن يعود إلى المرمى ويرمي الباقي بنية القضاء حتى ولو كان
في اليوم الثاني بشرط أن يقدمه على رمي اليوم الذي بعده
عاشراً:يشترط في الرمي الترتيب بأن يبدأ في رمي اليوم الثاني بالجمرة الأولى التي تلي مسجد الخيف فيرميها
ثم الوسطى ثم الكبرى
الحادي عشر :فإن رمى عاكساً لهذا الترتيب بأن بدأ بالكبرى ثم الوسطى ثم الصغرى صح رمي الصغرى وعليه أن
يقضي الوسطى والكبرى وإن تبين له عدم صحة رمي اليوم الأول وجب عليه أن يبدأ بجمرة العقبة فيرميها بنية القضاء
ليوم النحر ثم يذهب إلى الأولى فيرميها بنية اليوم الحادي عشر ثم الوسطى ثم الكبرى
الثاني عشر : يشترط الوقت في رمي يوم النحر وهو في حق الضعفة ومن في حكمهم ممن يرافقهم من الرجال ويشق
عليه أن يتأخر إلى طلوع الشمس يصح رميه معهم من بعد منتصف ليلة النحر
الثالث عشر:أن من رمى قبل منتصف الليل فرميه باطل وعليه القضاء ما دام في منى وفي أيام التشريق وعليه
دم في الإخلال بهذا الواجب
الرابع عشر :أن وقت الرمي بالنسبة للرجال يبدأ من طلوع الفجر الثاني في يوم النحر عند بعض أهل العلم ومن طلوع
الشمس يوم النحر عند البعض الآخر وهو الأحوط في حق الرجال
الخامس عشر : أنه يبقى الوقت الاختياري إلى زوال الشمس من يوم النحر أما الوقت الاضطراري فيوم النحر كله
رمي للمضطر وكذا مساء يومه لما قد ورد أن رجلاً سأل رسول الله ( فَقَالَ حَلَقْتُ قَبْلَ أَنْ أَذْبَحَ قَالَ اذْبَحْ وَلا حَرَجَ
وَقَالَ رَمَيْتُ بَعْدَ مَا أَمْسَيْتُ فَقَالَ لا حَرَجَ)
السادس عشر: أما وقت الرمي في أيام التشريق فيبدأ من زوال اليوم الحادي عشر أي من وقت أذان صلاة الظهر
والوقت الاختياري إلى غروب الشمس من ذلك اليوم ويبقى الوقت الاضطراري إلى طلوع الفجر من اليوم الذي
بعده كما أفتى بذلك هيئة كبار العلماء
السابع عشر: أن من ترك الرمي أو بعضه حتى انتهى الوقت وخرج من منى فعليه في ذلك دم إلا أن تكون حصيات
ففيها صدقة كما يرى بعض أهل العلم
الثامن عشر: أن الحصيات التي يرمى بها مثل حصى الخذف أو حبة الباقلاء وقد قال النبي ﷺ لما التقطت له
حصيات متوسطة بين الصغر والكبر فقال بمثل هذه فارموا وإياكم والغلو .
التاسع عشر :أنه يجوز أخذ الحصى من مزدلفة أو منى حتى من أرض المرمى بعيداً عن الحوض على القول
الأصح ولا يسن غسل الحصى على القول الأصح فالأصل فيه الطهارة ولم يؤثر غسل الحصيات عن النبي
ﷺ ولا عن أصحابه
العشرون : يسن بعد رمي الجمرة الأولى والثانية في أيام التشريق أن يبتعد عن المرمى بعد الرمي ثم يستقبل القبلة
فيدعو إلا أنه لا يقف عند جمرة العقبة فهذه جميع أحكام الرمي سبرناها للحاجة إلى ذلك ونسأل الله أن ينفع بها
ويجعل ذلك خالصاً لوجهه الكريم
وبالله التوفيق
.--------
تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.
تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ
تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ]
[ المجلد الثالث ]
رابط تحميل الكتاب :
http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf
.
ام عادل السلفية
11-09-2015, 06:48PM
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام
للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -
[244] الحديث السابع :
عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله ﷺ قـال (اللهم ارحم المحلقين . قالوا والمقصرين يا رسول الله .
قال : اللهم ارحم المحلقين قالوا : والمقصرين يا رسول الله قال : والمقصرين ) .
موضوع الحديث :
تفضيل الحلق على التقصير وأنهما نسكان
المفردات
اللهم ارحم المحلقين : دعاء لهم بالرحمة ، قالوا والمقصرين يا رسول الله : أي أدع لهم بالرحمة أيضاً قال اللهم
ارحم المحلقين قالوا والمقصرين يا رسول الله أي أدع لهم بالرحمة أيضاً قال والمقصرين
قال الصنعاني أبدى الكرماني هنا سؤالاً فقال علام عطف والمقصرين ومن شرط العطف أن يكون المتعاطفان
من كلام متكلم واحد وأجاب بأنه تقديره قل والمقصرين قال الصنعاني ومثله يسمى العطف التلقيني مثل قوله تعالى
( إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَاماً قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي ) [البقرة : 124] وأقول لو كان التمثيل بقول العباس للنبي ﷺ
حين ذكر حرمة الحرم المكي وقال لا يعضد شوكه ولا يختلى خلاه فقال العباس للنبي ﷺ إلا الإذخر فقال
النبي ﷺ إلا الإذخر من ناحية التلقين والتمثيل بهذه الآية لا ينبغي لأن الله لا يلقن
المعنى الإجمالي
دعا النبي ﷺ للمحلقين بالرحمة مرتين وللمقصرين مرة واحدة وورد في غير هذه الرواية الدعوة للمحلقين
ثلاثاً وللمقصرين مرة وذلك ظاهر في تفضيل الحلق على التقصير
فقه الحديث :
أولاً :يؤخذ من هذا الحديث دليل على مشروعية الحلق والتقصير
ثانياً: يؤخذ منه تفضيل المحلقين على المقصرين لكونه دعا لهم مرتين أو ثلاثاً وللمقصرين مرة وأن هذا الدعاء
لم يشرع إلا في الحلق والتقصير في الحج والعمرة لكونه عبادة أما في غيرهما فالحلق والتقصير يعتبر من الأمور الإباحية
ثالثاً: يؤخذ منه أن الحلق والتقصير نسك من أنساك الحج وفيه رد على من زعم أنه إطلاق يعني أنه إطلاق
من المنع الذي كان بالإحرام .
رابعاً : إذا علمنا بأنه نسك فإن من تركه إما عمداً أو نسياناً فإن عليه دم لأن من تركه ترك واجباً ومن ترك
واجباً فعليه دم كما قال ابن عباس
خامساً :إن نسي الحاج أو المعتمر الحلق أو التقصير ثم تداركه وهو بمكة لم يخرج من حدود الحرم لزمه أن يلبس
الإحرام وأن يقصر وهو لابس للإحرام .
أما إذا خرج من حدود الحرم فإنه يلزمه دم ولا يصح القضاء
سادساً :الحلق هو استئصال الشعر بالموسى وفاعله في الحج والعمرة مثاب ومحمود أما التقصير فهو أن يبقى
شيئاً من أصول الشعر فالحلق بالمكينة يعد تقصيراً ولو كان على الصفر
سابعاً :يجب أن يكون الحلق والتقصير مستوعباً للرأس كله لقوله تعالى(مُحَلِّقِينَ رُؤُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ )
[الفتح الآية 27] فقال محلقين رؤوسكم ولم يقل من رؤوسكم فدل على أن الحلق للرأس جميعاً والتقصير كذلك
ثامناً : ظهر في هذا الزمن أناس يأتي أحدهم بعمرة من التنعيم ويحلق شيئاً من رأسه ثم يأتي بعمرة أخرى ويحلق
شيئاً من رأسه وهكذا قد يكون أنه يحلق الرأس في أربع عمر وهذا جهل ومخالفة للشرع لم يعهد أن أحداً
من المسلمين السابقين صنعه لذلك فإن الذين يفعلون ذلك يجب عليهم أن يتوبوا
وبالله التوفيق
.--------
تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.
تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ
تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ]
[ المجلد الثالث ]
رابط تحميل الكتاب :
http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf
.
ام عادل السلفية
11-09-2015, 06:54PM
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام
للعلامة : احمد النجمي
-رحمه الله -
[245] الحديث الثامن :
عن عائشة رضي الله عنها قالت (حججنا مع النبي ﷺ فأفضنا يوم النحر. فحاضت صفية فأراد النبي
ﷺ منها ما يريد الرجل من أهله فقلت : يا رسول الله إنها حائض قال : أحابستنا هي ؟ قالوا : يا رسول الله إنها
قد أفاضت يوم النحر قال اخرجوا ) وفي لفظ: قال النبي ﷺ عقرى حلقى . أطافت يوم النحر؟
قيل :نعم قال : فانفري ) .
موضوع الحديث :
تحريم الطواف على الحائض ومنع من لم تطف طواف الإفاضة من السفر حتى تطوف
المفردات
أحابستنا هي : استفهام إنكاري
عقرى : ذكر ابن دقيق العيد له ثلاثة معان بعد أن ذكر اتفاقهم على أن عقرى حلقى تكتب بألف التأنيث المقصورة
ومعنى عقرى دعاء عليها أي عقرها الله أو عقر قومها أو جعلها عاقراً لا تلد
قوله حلقى : بمعنى حلق شعرها أو بمعنى
أصابها بوجع في حلقها أو جعلها تحلق قومها بشؤمها
المعنى الإجمالي
أخبرت عائشة رضي الله عنها أن النبي ﷺ ذكر صفية وأنه يريد منها ما يريد الرجل من زوجته فقيل له أنها
حائض فقال أحابستنا بمعنى أن الحائض والنفساء لا يجوز لها أن تطوف بالبيت .
فقه الحديث
أولاً: يؤخذ من هذا الحديث أن الحائض والنفساء لا يجوز لواحدة منهن أن تطوف بالبيت حتى تطهر وتتطهر
ثانياً : يؤخذ منه أن الحائض إن كانت قد طافت طواف الإفاضة فإنها يجوز لها أن تنفر لأنه قد عفي عنها في طواف الوداع
ثالثاً: يؤخذ منه إن كانت الحائض أو النفساء لم تطف طواف الإفاضة فإنه يجب عليها أن تبقى حتى تطهر
وتطوف لقوله أحابستنا هي وقد سبق أن ذكرت عن بعض الفضلاء من علماء السنة وهو ابن تيمية رحمه الله أنه
أفتى بأن الحائض تستثفر وتطوف وأخذ بمذهب أبي حنيفة وإن كان هو مخالف للنص نظراً لأن الزمن الذي كان فيه
كان الرجل إذا انفرد عن الحملة اجتاحه قطاع الطرق فقتلوه وأخذوا ماله واستعبدوا امرأته فأفتى بهذه الفتوى
نظراً للحاجة التي كانت سائدة في زمنه أما الآن فليس هناك من هذا الخطر والحمد لله شيئاً لذلك فإنه ينبغي أن من
جاء في حملة وحاضت امرأته قبل طواف الإفاضة يجب عليه أن يتريث حتى تطهر وتطوف ولا يقال فيه
ما قيل في الفتوى التي سبقت لأن الخطورة الآن غير موجودة والحمد لله ومعظم الناس من أهل البقاع البعيدين إما
أن يكون قادماً في طائرة أو في مركب وسيعود في مثل ذلك هذا رأي وأرجو أنه الصواب والواجب على
المطوف أن يتعاون معه في تعديل ميقات سفره لهذه الضرورة
والله الموفق
.--------
تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.
تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ
تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ]
[ المجلد الثالث ]
رابط تحميل الكتاب :
http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf
.
ام عادل السلفية
12-09-2015, 11:34PM
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام
للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -
[246] الحديث التاسع :
عن عبدالله بن عباس رضي الله عنهما قال (أمر الناس أن يكون آخر عهدهم
بالبيت إلا أنه خفف عن المرأة الحائض ) .
موضوع الحديث :
وجوب طواف الوداع على كل حاج ما عدا المرأة الحائض
المفردات
أمر الناس : بالبناء للمجهول والآمر هو النبي _ إذ لا آمر في عهده غيره
قوله آخر عهدهم : أي عند الخروج بالبيت المراد به الكعبة
إلا أنه : استثناء خفف عن المرأة الحائض أي أبيح لها الخروج ولم يجب
عليها أن تبقى من أجل طواف الوداع
المعنى الإجمالي
يخبر عبدالله بن عباس أن الشارع ﷺ أمر كل حاج أن لا يخرج حتى يطوف بالبيت إلا أنه عفي عن المرأة
الحائض والنفساء أن تبقى واحدة منهن من أجل طواف الوداع إذا كانت قد طافت للإفاضة
فقه الحديث
أولاً: يؤخذ من هذا الحديث وجوب طواف الوداع للأمر به والأمر يقتضي الوجوب والنهي من الشارع ﷺ لكل
حاج أن يخرج قبل أن يطوف بالبيت وقد ذهب إلى وجوب طواف الوداع الجمهور ومنهم الشافعي وأحمد ومن
تبعهم وأهل الحديث كافة لهذا الأمر وخالف في ذلك مالك فقال بعدم وجوبه وكذلك قال داود الظاهري وابن المنذر
ذهبوا إلى أنه سنة لا يلزم بتركه دم إلا أنه قال الحافظ ابن حجر إن الذي رآه في الأوسط لابن المنذر أنه واجب للأمر
به وهذا هو الحق
ثانياً : إذا قلنا بأن طواف الوداع واجب لهذا الأمر فمتى خرج أحد بدونه لزمه دم وإن نسيه فذكره قبل أن يخرج
من حدود الحرم فرجع وعمله ثم خرج اعتبر قد أدّى ما عليه لكن إن تجاوز الحرم لم يرجع ووجب عليه دم
ثالثاً: إذا طاف الحاج طواف الوداع ثم انحبس عن السفر يوماً أو بعض يوم
فإن جمهور أهل العلم يرون عليه وجوب الإعادة
رابعاً: أن من طاف طواف الوداع ثم ذهب إلى أطراف مكة كالعزيزية والرصيفا وما إلى ذلك من الأطراف البعيدة
كالشرائع أيضاً فإنه اذا انحبس شيئاً من الوقت لا تلزمه الإعادة والدليل على ذلك أن النبي ﷺ طاف طواف الوداع ثم
رجع إلى مكانه ونام نومة حتى جاءت عائشة وعبد الرحمن فأذّن بالرحيل
خامساً :أن الله عز وجل خفف عن المرأة الحائض فعفا عنها من الانحباس للطواف وأذن لها أن تخرج إذا
كانت قد أفاضت قبل ذلك وهذا مذهب الجمهور وقد خالف في ذلك من السلف ابن عمر وزيد بن ثابت وعمر بن الخطاب
رضي الله عنهم ولعلهم حين خالفوا في ذلك لم يبلغهم عفو النبي ﷺ عن الحائض ومما يدل على ذلك أن
زيد بن ثابت وابن عمر رجعا عن قولهما ولعله حين بلغهما إذن النبي ﷺ ولعل عمر بن الخطاب لم يبلغه
ذلك حتى توفي فهو معذور في ذلك ثم انعقد الإجماع فيما بعد على أن المرأة الحائض والنفساء ليس عليها أن تبقى
من أجل طواف الوداع
سادساً: اختلف أهل العلم في العمرة هل لها طواف وداع أم لا فمنهم من رأى طواف الوداع على المعتمر أخذاً
بالنص وإجراءً له في عموم النسكين ومنهم من قال بأن هذا النص في الحج فهو لا يتناول العمرة فلم يوجبوه على
المعتمر وهو الذي يظهر لي أنه الحق ويتبين ذلك من بعض روايات حديث ابن عباس وهي الرواية التي أخرجها مسلم بلفظ
(كَانَ النَّاسُ يَنْصَرِفُونَ فِي كُلِّ وَجْهٍ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ لا يَنْفِرَنَّ أَحَدٌ حَتَّى يَكُونَ آخِرُ عَهْدِهِ بِالْبَيْتِ )
ومما يدل على صحة هذا المأخذ أن المعتمر لم يخرج عن البيت فلم يتناوله النهي ذلك لأن المعتمر هو بالبيت
يطوف به ويصلي فيه وإنما تناول الحديث من كان بعيداً وهو الحاج الذي ينصرف من منى قبل أن يوادع
وبالله التوفيق .
.--------
تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.
تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ
تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ]
[ المجلد الثالث ]
رابط تحميل الكتاب :
http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf
.
ام عادل السلفية
13-09-2015, 11:44PM
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام
للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -
[247] الحديث العاشر:
عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال (استأذن العباس بن عبد المطلب رسول الله ﷺ أن يبيت بمكة ليالي
منىً من أجل سقايته. فأذن لـه ) .
موضوع الحديث :
الإذن لمن له حاجة تتعلق بالحج والحجاج في المبيت بمكة وإعفائه من المبيت بمنى
المفردات
استأذن العباس : أي طلب الإذن من النبي _ أن يبيت بمكة لسقي الحجاج فأذن له
المعنى الإجمالي
لمّا كان السقي بزمزم حاجة من حاجات الحجاج بل هو أهم حاجاتهم طلب العباس من النبي ﷺ أن يأذن له
في ترك المبيت بمنى ليالي أيام التشريق لكي يقوم بسقاية الحجاج فأذن له في ذلك
فقه الحديث
أولاً :يؤخذ من هذا الحديث أن المبيت بمنى واجب ولو لم يكن واجباً ما استأذن العباس في المبيت
بمكة فاستئذانه يدل على الوجوب
ثانياً: أذن النبي ﷺ للعباس أن يبيت بمكة لمصلحة الحجاج هل هو إذن عام لمن له حاجة كحاجة العباس
أو أنه للعباس فقط قولان لأهل العلم والمرجح أن ذلك عام في كل من له حاجة تتعلق بالحجاج ذلك لأن النبي
ﷺ أذن للرعاة أيضاً فمن له حاجة في هذا الزمن أو غيره تتعلق بمصلحة الحج أو الحجاج كالعاملين في المستشفيات
وأصحاب الأوتوبيسات الذين لو توقفوا لأضر ذلك بمصلحة الحجاج والحج وما إلى ذلك من هذه الأمور
كل ذلك يبيح التخلف عن المبيت بمنى ما دام يقوم بمصلحة للحج والحجاج
ثالثاً: أن من تخلف عن المبيت بمنى من غير حاجة من هذه الحاجات فإنه قد ترك واجباً ويجب عليه بتركه دم
رابعاً: يشتكي أقوام أنهم بحثوا فلم يجدوا مكاناً بمنى وعلى هذا فقد أفتى هيئة كبار العلماء بأن الحاج الذي
لم يجد مكاناً بعد البحث فإنه يلصق الخيمة بالخيمة وإن كان خارج حدود منى ويسكن وهذا ما يستطيع والله سبحانه
وتعالى لا يكلف عبداً ما هو فوق استطاعته
خامساً: من ترك المبيت ليلة واحدة فهل يلزم بدم الأحوط ذلك ولكونه قد ترك واجباً من واجبات الحج وإلا فيلزمه
نصف دم ( يعني ينظر للقيمة ويدفع نصفها )
والله الموفق
.--------
تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.
تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ
تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ]
[ المجلد الثالث ]
رابط تحميل الكتاب :
http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf
التصفية والتربية
TarbiaTasfia@
.
ام عادل السلفية
15-09-2015, 03:19PM
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام
للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -
[248] الحديث الحادي عشر:
وعنه- أي عن ابن عمر- قال ( جمع النبي ﷺ بين المغرب والعشاء بجمع لكل واحدة منهما إقامة ولم يسبح
بينهما ولا على إثر واحدة منهما).
موضوع الحديث :
الجمع بين المغرب والعشاء بالمزدلفة
المفردات
قوله بجمع :المراد به مزدلفة وسميت جمعاً إما لأن الناس يجتمعون بها وإما لأن آدم وحواء اجتمعا بها أو لغير ذلك
فهذا اسم لمزدلفة أقرّه الشرع كالأسماء التي أقرها وهي عرفة ومنى وغير ذلك
قوله لكل واحدة منهما إقامة : أي لكل واحدة من المغرب والعشاء إقامة أما الأذان فلم يتعرض له في هذا الحديث
والصواب أنه أذّن لهما أذاناً واحداً وأقام لكل واحدة منهما
قوله ولم يسبح بينهما : أي لم يصل صلاة نافلة بين المغرب والعشاء ولا على إثر واحدة منهما أي لم يتبع
واحدة منهما بصلاة نافلة
المعنى الإجمالي
يخبر عبدالله بن عمر رضي الله عنهما أن النبي ﷺ جمع بين المغرب والعشاء جمع تأخير كما أنه جمع بين
الظهر والعصر جمع تقديم وأنه أقام لكل واحدة منهما إقامة مستقلة وأنه لم يتنفل بينهما ولا بعدهما .
فقه الحديث
أولاً: يؤخذ من هذا الحديث مشروعية الجمع بين المغرب والعشاء في مزدلفة جمع تأخير
ثانياً : هل هذا الجمع من أجل النسك أو من أجل السفر ذهب الجمهور إلى أنه من أجل السفر وذهب أبو حنيفة إلى
أنه من أجل النسك وذلك لأنه لم يقل بالجمع في السفر مطلقاً وكون النبي ﷺ لم يأمر أهل مكة بالإتمام
وبصلاة كل فريضة في وقتها هذا يدل على أن الجمع في عرفة ومزدلفة لمصلحة النسك وإذا تأملنا نجد الحكمة فيما
شرعه الله في صلاة هذا اليوم توفيراً لوقت العبادة وهي الذكر في عشية عرفة فكان الجمع بعرفة جمع تقديم
ليتفرغ الحاج للذكر في هذه العشية وثانياً جمعه في مزدلفة تأخيراً لئلا يشتغل الحاج بأداء صلاة المغرب ليتوفر له الوقت
ولتكون صلاته بالمزدلفة جمع تأخير إذا وصل إليها ولم يصلِّ بعدها ولا بينهما حتى لا يشتغل الحاج
بنوافل العبادة وهو متعب وهو أيضاً ما زال في عبادة وقد تبين من هذا أن علة مصلحة النسك ظاهرة في الجمعين .
ثالثاً :يؤخذ من هذا الحديث أيضاً أنه يشرع للجمع أذان للأولى وإقامة لكل
واحدة من الصلاتين وهذا هو الأرجح وهو مذهب الجمهور
رابعاً: يؤخذ من قوله ولم يسبح بينهما ولا على إثر واحدة منهما أن صلاة
النافلة لا تشرع هذه الليلة ولا يشرع لها قيام .
خامساً :قال ابن دقيق العيد وأجروا في الأذان للأولى الخلاف في الأذان للفائتة وأقول القول الصحيح أنه يؤذن
للفائتة بنوم أو نسيان لقصة نومهم حتى طلعت الشمس ثم أمر بلالاً فأذن لكن إذا كان الأذان يشوش على الناس
فليؤذن بصوت منخفض
سادساً: من حبسه السير فلم يتمكن من الوصول إلى مزدلفة قبل منتصف الليل فإنه يلزمه إذا قرب منتصف الليل أنه
ينزل ويصلي المغرب والعشاء جمعاً وقصراً سواء كان ذلك بعرفة أو بأطراف مزدلفة أو في أي مكان كان وإن لم يجد
ماءً فليتيمم لأن صلاة العشاء ينتهي وقتها الاختياري بنصف الليل وبقية الليل يكون وقتاً لها وقتاً اضطرارياً
وبالله التوفيق .
.--------
تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.
تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ
تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ]
[ المجلد الثالث ]
رابط تحميل الكتاب :
http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf
.
ام عادل السلفية
15-09-2015, 03:25PM
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام
للعلامة : احمد النجمي
-رحمه الله -
باب المحرم يأكل من صيد الحلال
[249] الحديث الأول :
عن أبي قتادة الأنصاري ( أن رسول الله خرج حاجاً فخرجوا معه فصرف طائفة منهم - فيهم أبو قتادة – وقال : خذوا ساحل
البحر حتى نلتقي فأخذوا ساحل البحر فلما انصرفوا أحرموا كلهم إلا أبا قتادة فلم يحرم فبينما هم يسيرون إذ رأوا حمر
وحش فحمل أبو قتادة على الحمر فعقر منها أتاناً فنزلنا فأكلنا من لحمها ثم قلنا : أنأكل لحم صيد ونحن محرمون ؟
فحملنا ما بقي من لحمها فأدركنا رسول الله ﷺ فسألناه عن ذلك ؟ فقال منكم أحد أمره أن يحمل
عليها أو أشار إليها ؟ قالوا :لا قال : فكلوا ما بقي من لحمها ) وفي رواية ( قال هل معكم منه شيء ؟ فقلت
نعم فناولته العضد فأكل منها ) .
موضوع الحديث :
أن المحرم يحرم عليه ما صاده بنفسه أو صاده محرم غيره أو صاده حلالٌ لأجله
المفردات
قوله خرج حاجاً : حكموا على هذا بالوهم إذ أن النبي ﷺ لم يحج إلا في السنة العاشرة بعد الفتح بسنتين وبعض
الثالثة وعلى هذا فيحمل قوله حاجاً على أنه أراد الاسم اللغوي إذ أن الحج قصد بيت الله الحرام لأداء النسك
سواء كان حجاً أو عمرة وعلى هذا فالاعتمار يسمى حجاً لغة هذا توجيه هذه الكلمة وإلا فيحكم على قائلها بالوهم
قوله فصرف طائفة منهم فيهم أبو قتادة وقال خذوا ساحل البحر حتى نلتقي : قوله فصرف أي حوّل طائفة منهم إلى
طريق الساحل وذلك أن النبي ﷺ بلغه أن طائفة من المشركين قد اجتمعوا في مكان ما يريدون صده
قوله فلما انصرفوا أحرموا كلهم : أي جميع الرفقة التي كانت مع أبي قتادة إلا أبا قتادة فلم يحرم
قوله إذ رأوا حُمُرَ وحش : الحُمُر الوحشية حُمُر مستوحشة بطبيعتها وهي حلالٌ دون الحُمُر الأهلية
فعقر أتاناً : وهي الأنثى من الحُمُر
قوله منكم أحد أمره أن يحمل عليها أو أشار إليها قالوا لا قال فكلوا ما بقي من لحمها وفي هذا إشارة إلى أن
ما سأل عنه هو الذي يمنع الإباحة
العضد :هو الكتف أي ما فوق المفصل الذي في وسط يد الدابة
المعنى الإجمالي
حينما سافر النبي ﷺ سفره للحديبية وكان يقصد العمرة فخرج معتمراً ومعه الهدي فبلغه أن قوماً بساحل البحر
يترصدون له فأرسل جماعة من الصحابة لاكتشاف الخبر وصد العدو إن كان فأحرموا وبقي أبو قتادة وفي أثناء
طريقهم وجدوا حُمُر وحش فحمل أبو قتادة على واحد منها فقتله فأكلوا منه ثم حصل عندهم شك فأخذوا بقيته وساروا
حتى وجدوا رسول الله ﷺ فسألهم هل منكم أحد أمره أن يحمل عليها أو أشار إليها قالوا لا قال فكلوا .
فقه الحديث
يؤخذ من هذا الحديث عدة مسائل
أولاً:أنه لا يجب الإحرام إلا على من قصد النسك أما من لم يقصد النسك
فلا يجب عليه ولذلك كان أبو قتادة غير محرم
ثانياً: يؤخذ منه تحريم الصيد على المحرم لقوله تعالى (وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُماً ) [المائدة : 96 ]
ثالثاً: أن من صاد شيئاً من صيد البر عامداً وجب عليه الجزاء
رابعاً : اختلف أهل العلم في صيد المحرم على ثلاثة أقوال : أحدها أنه ممنوع مطلقاً صيد لأجله أو لا وهذا مذكور عن
بعض السلف كما ذكر ذلك ابن دقيق العيد وهو مأثور عن علي بن أبي طالب وعثمان رضي الله عنهما
كما ذكر ذلك الصنعاني في العدة وأقول : إن هذه القصة إن صحت على أن في السند علي بن جدعان وعلي بن جدعان إن
كان هو فهو ضعيف ثم إن القصة تشير إلى أن الحارث الذي كان أميراً على مكة استقبل عثمان حين علم أنه يريد
الحج فلقيه بِقُديد أي على مرحلتين أو ثلاث ومعه شيء من الحجل وطعام فدل هذا على أنه كان صيد من أجل
عثمان وما صيد لأجل المحرم فهو حرام على المحرم لحديث الصعب بن جثّامة الذي سيأتي فتبين على أن هذا القول
لا يخرج عن القول الثاني على الصحيح فيما أرى
القول الثاني: أنه ممنوع على المحرم إن صاده هو أو صيد لأجله سواء كان بإذنه أو بغير إذنه قال وهو مذهب مالك
والشافعي وأحمد وإسحاق وأقول : وأصحاب الحديث دليله حديث أبي قتادة وحديث الصعب بن جثامة الذي سيأتي بعد هذا .
والقول الثالث: أنه إن كان باصطياده أو بإذنه أو بدلالته حرم وإن كان على غير ذلك لم يحرم وأقول : إن الفرق
بين الثاني والثالث أنه إن صيد لأجله كان محرماً على القول الثاني أذن فيه أو لم يأذن أما على القول الثالث فإنه لا يحرم إلا
إذا صيد بإذنه أما لو صيد لأجله لكن بغير إذنه فلا يحرم هذا الذي يظهر أنه هو الفرق والقول الثاني هو
القول الصحيح الذي تؤيده الأدلة وقد دلّ عليه حديث جابر رضي الله عنه عن النبي _ ( قَالَ صَيْدُ الْبَرِّ لَكُمْ حَلالٌ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ
مَا لَمْ تَصِيدُوهُ أَوْ يُصَدْ لَكُمْ ) .
خامساً : يدل حديث أبي قتادة أن المحرم إذا أشار على الصيد للحلال أو أعان عليه بشيء حرم عليه لقوله ( هل أشار
إليه أحد منكم قالوا لا ) وقد ورد في بعض طرق هذا الحديث أن أبا قتادة ركب فرسه وأخذ رمحه فسقط منه السوط
بعد أن ركب فقال لرفقته ناولوني السوط فأبوا فنزل فأخذه ثم ركب فشد على الحُمُر فقتل منها أتاناً
سادساً: تدل الروايات على أنهم أكلوا من لحم ذلك الحمار ثم شكوا فتركوا أكله حتى يلتقوا بالنبي ﷺ وفيه دليل
على أن الاجتهاد في زمنه ﷺ جائز .
سابعاً: ما ذكر من امتناعهم عن مناولته السوط دال على أن رسول الله ﷺ كان قد علّمهم ذلك قبل سفرهم
وهو دليل على أن النبي ﷺ بلّغ ما أُنزل إليه من ربه وفقّه أصحابه في الدين صلوات ربي وسلامه عليه .
.--------
تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.
تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ
تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ]
[ المجلد الثالث ]
رابط تحميل الكتاب :
http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf
.
ام عادل السلفية
17-09-2015, 08:30AM
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام
للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -
الدرس الأخير في كتاب الحج
[250] الحديث الثاني :
عن الصعب بن جثامة الليثي رضي الله عنه ( أنه أهدى إلى النبي ﷺ حماراً وحشياً وهو بالأبواء –أو بودّان – فرده عليه
فلما رأى ما في وجهي قال إنا لم نرده عليك إلا أنّا حرم ). وفي لفظ لمسلم (رجل حمار ) وفي لفظ ( شق حمـار )
وفي لفظ ( عجز حمار ) .
موضوع الحديث :
أن المحرم لا يجوز له أن يأكل صيداً صيد لأجله
المفردات
حماراً وحشياً : الحمر الوحشية تعتبر نوعاً من أنواع الصيد وهي حلال بخلاف الحمر الأهلية
قوله بالأبواء أو بودان : موضعان معروفان بين مكة والمدينة
قوله فلما رأى ما في وجهي : أي من الكآبة والحزن قال إنا لم نرده عليك إلا أنا حرم وفي لفظ لمسلم رجل حمار وفي
لفظ شق حمار وفي لفظ عجز حمار وعلى هذا فالرواية الأولى من إطلاق الكل على البعض إذ أن الروايات الأخرى
تفسر المقصود من الرواية الأولى
المعنى الإجمالي
عندما سافر النبي ﷺ إلى الحج وسمع الناس فرحوا بمجيئه ولعل الصعب بن جثّامه سمع بسفر النبي ﷺ فأراد
أن يهدي إليه هدية ورأى أن تقديم لحم حمار وحش إلى النبي ﷺ من أحسن ما يهدى إليه لكونه في سفر ولم
يكن يعلم أن ما صيد للمحرم يحرم على المحرم الذي صيد له أكله فاعتذر النبي ﷺ من قبول الهدية لأنهم
كانوا محرمين
فقه الحديث
أغلب فقه هذا الحديث قد تقدم في الحديث قبله ويؤخذ من الحديث حسن الاعتذار وتوضيح ما يجهله المهدي
إن كانت الهدية لا يبيح الشرع أخذها حرصاً على مشاعر الأخ المسلم أن تجرح لقول النبي ﷺ إنا لم نرده عليك
إلا أنا حرم وبالله التوفيق .
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
.--------
تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.
تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ
تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ]
[ المجلد الثالث ]
رابط تحميل الكتاب :
http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf
التصفية والتربية
TarbiaTasfia@
.
ام عادل السلفية
28-09-2015, 03:56PM
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام
للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله-
بــاب صـلاة الخـــوف
قال الصنعاني : الخوف غم على ما سيكون والحزن غم على ما مضى قال وليس المراد من قولهم صلاة الخوف أن الخوف
يقتضي صلاة كقولنا صلاة العيد ولا أنه يؤثر في تغيير قدر الصلاة أو وقتها كقولنا صلاة السفر وإنما المراد أن الخوف يؤثر في
كيفية إقامة الفرائض بل في إقامتها بالجماعة كما ذكره الرافعي وغيره .
واختلف في وقت شرعيتها فقال ابن بزيزة اتفق أهل العلم بالآثار على أن النبي ﷺ لم يكن يصلي صلاة الخوف حتى نزل
قوله تعالى ( وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة ) فلما نزلت صلاها وهذه الآية نزلت بعسفان سنة ست
بعد رمضان حين همّ المشركون أن يثبوا على النبي ﷺ وأصحابه في صلاة العصر فنزل جبريل عليه السلام بهذه الآية بين الظهر
والعصر فصلى رسول الله ﷺ صلاة الخوف أخرجه أحمد وأصحاب السنن عن أبي عياش الزرقي أهـ من العدة
على شرح ابن دقيق العيد للعمدة .
[152] الحديث الأول :
عن عبدالله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما قال : صلى بنا رسول الله ﷺ صلاة الخوف في بعض أيامه فقامت
طائفة معه وطائفة بإزاء العدو فصلى بالذين معه ركعة ثم ذهبوا وجاء الآخرون فصلى بهم ركعة وقضت الطائفتان ركعة ركعة
موضوع الحديث :
صلاة الخوف
المفردات
قوله في بعض أيامه : أي في بعض حروبه والعرب تسمى الحرب يوماً وإن كان لعدة أيام كما قالوا يوم ذي قار ويوم كذا .
قوله فقامت طائفة معه : أي صلت معه .
الطائفة : الجماعة من الناس وهل يطلق على الواحد طائفة الأظهر أنه لا يطلق على الواحد طائفة إلا إذا كان يمثل
المنهج الحق كما قال الله تعالى عن إبراهيـم علـيـه السلام أن إبراهيم ( كان أمة قانتاً لله )
إزاء العدو : أي تجاه العدو فصلى بالذين معه ركعة ثم ذهبوا وجاء الآخرون أي أنهم ذهبوا فوقفوا أمام العدو وهم محرمون
ثم جاءت الطائفة الثانية وصلى بهم ركعة ثم ذهبوا ووقفوا أمام العدو وجاءت الطائفة الأولى فأتموا لأنفسهم ركعة وسلموا ثم جاءت
الطائفة الثانية فأتموا لأنفسهم ركعة فتم لكل طائفة ركعة مع النبي ﷺ وركعة باستقلالهم أي قضوها وحدهم .
المعنى الإجمالي
لقد شرع الله صلاة الخوف للنبي ﷺ وأمته محافظة على الجماعة وعناية بها إذ لو لم يكن المقصود المحافظة على
الجماعة لصلى كل شخص وحده ولم يكن فيه هذه المشقة والله أعلم
مجمل هذا حديث أن النبي ﷺ قسم أصحابه إلى
قسمين قسم يحرس العدو
وقسم يصلي معه
فصلى بالطائفة التي معه ركعة ثم ذهبوا إلى الحراسة وهم على إحرامهم ثم جاءت الطائفة الأخرى فصلى بهم ركعة فذهبوا
ووقفوا أمام العدو وجاءت الطائفة الثانية وقضت لنفسها ركعة فكانت لكل طائفة ركعة مع النبي ﷺ وركعة قضوها
لأنفسهم وبالله التوفيق
فقه الحديث
أولاً: يؤخذ من هذا الحديث مشروعية صلاة الخوف وبذلك قال الجمهور وإن حكم صلاة الخوف باق إلى يوم القيامة ونقل
عن أبي يوسف أن صلاة الخوف لا تصلى إلا مع النبي ﷺ وأنها لا تفعل من بعده قال الصنعاني هي إحدى الروايتين عنه ونقل
مثله عن الحسن بن زياد اللؤلؤي والمزني ومذهب الجمهور هو الصحيح لأن الأصل في أفعال النبي ﷺ التأسي ولا تخرج أفعاله عن
ذلك إلا بدليل ولا دليل .
ثانياً : يؤخذ منه أن صلاة الخوف لها عدة صور ثبتت في السنة ذلك لأن العدو إما أن يكون بين المسلمين وبين قبلتهم
وإما أن يكون العدو في غير جهة القبلة وهذه الصفة التي وردت في حديث ابن عمر كان العدو فيها في غير
جهة القبلة فصلى بكل طائفة من أصحابه ركعة وأتموا لأنفسهم ركعة ركعة هذه صورة من صور صلاة الخوف فيما إذا كان العدو
في غير جهة القبلة ويتضح من هذه الصورة أنهم قد اتجهوا إلى غير القبلة وذهبوا يحرسون وهم في إحرام صلاتهم وإنما أبيح
ذلك أي انحرافهم عن القبلة ومواجهتهم للعدو إنما أبيحت من أجل صلاة الخوف وإلا فالأصل أن من انحرف عن القبلة
عامداً بطلت صلاته وقد اختلف أهل العلم هل تفعل هذه الصور كلها أو يفعل بعضها دون بعض .
قال ابن دقيق العيد فإذا ثبت جوازها بعد الرسول ﷺ على الوجه الذي فعله فقد وردت عنه فيها وجوه مختلفة في
كيفية أدائها تزيد على العشرة فمن الناس من أجاز الكل واعتقد أنه عمل بالكل ومن الفقهاء من رجح بعض الصفات المنقولة
فأبو حنيفة ذهب إلى حديث ابن عمر هذا واختار الشافعي رواية صالح بن خوات عمن صلى مع النبي ﷺ صلاة
الخوف واختار مالك ترجيح الصفة التي ذكرها سهل بن أبي حثمة والتي رواها عنه في الموطأ موقوفاً أما أحمد فلم يذكر ابن دقيق
العيد رأيه في المسألة وذكر ذلك الصنعاني في العدة فقال وأما أحمد فقال ابن القيم قال الإمام أحمد كل حديث
يروى في صلاة الخوف فالعمل به جائز وقال فيها ستة أو سبعة أوجه كلها جائزة وهذا القول لعله هو الأولى حتى يختار الإمام الهيئة
التي تناسب وقته ووضعه والله أعلم
.--------
تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.
تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ
تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ]
[ المجلد الثالث ]
رابط تحميل الكتاب :
http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf
التصفية والتربية
TarbiaTasfia@
.
ام عادل السلفية
29-09-2015, 04:13PM
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام
للعلامة : احمد النجمي
-رحمه الله-
[153] الحديث الثاني :
عن يزيد بن رومان عن صالح بن خوات بن جبير عمّن صلى مع رسول الله ﷺ صلاة ذات الرقاع صلاة الخوف أن
طائفة صفت معه وطائفة وجاه العدو فصلى بالذين معه ركعة ثم ثبت قائماً وأتموا لأنفسهم ثم انصرفوا فصفوا وجاه العدو وجاءت
الطائفة الأخرى فصلى بهم الركعة التي بقيت ثم ثبت جالساً وأتموا لأنفسهم ثم سلم بهم .
الرجل الذي صلى مع رسول الله ﷺ هو سهل بن أبي حثمة .
موضوع الحديث :
صلاة الخوف
المفردات
ذات الرقاع : هي اسم لغزوة كانت في جهة نجد قيل أنها بعد خيبر وقيل قبلها
وجاه العدو : أي واقفون أمامه
ثم ثبت قائماً : أي حال كونه قائماً .
حتى أتموا لأنفسهم : أي أتموا لأنفسهم الركعة الباقية
ثم انصرفوا فصفوا وجاه العدو وجاءت الطائفة الأخرى فصلى بهم الركعة التي بقيت ثم ثبت جالساً وأتموا لأنفسهم ثم سلم بهم
الطائفة الأخرى : هي الفرقة التي لم تدخل معه في الصلاة أولاً فصلى بهم الركعة التي بقيت أي بالنسبة له
ثم ثبت جالساً :أي مكث جالساً حتى أتموا لأنفسهم ثم سلم بهم
المعنى الإجمالي
في هذا الحديث صفة من صفات صلاة الخوف إذا كان العدو في غير جهة القبلة وهذه الصفة هو أن قائد الجماعة المسلمين
يقسم الجماعة الذين معه إلى فرقتين فرقة تحرس العدو وفرقة تصلي معه ويصلي بهم الركعة الأولى فإذا قام للثانية أكملوا
لأنفسهم ثم انصرفوا فوقفوا تجاه العدو وهو ما زال قائماً ثم تأتي الفرقة الأخرى ويصلي بهم الركعة الثانية فإذا
جلس للتشهد أتموا لأنفسهم الركعة الثانية بالنسبة لهم ثم يتشهدون ويسلم بهم فتحوز الفرقة الأولى مع الإمام تكبيرة الإحرام
وركعة وتحوز الفرقة الثانية ركعة والسلام مع الإمام وبهذا يكون قد حصل بينهم التعادل بحيازة الفضل مع الإمام وامتازت
هذه الصفة أن كل فرقة تكمل لنفسها قبل أن تتفرق والنبي ﷺ ينتظر الفرقة الثانية في الركعة الثانية حتى تأتي بعد أن تسلم
الفرقة الأولى من الصلاة ثم تقف تجاه العدو ويثبت في التشهد أي يطيل الانتظار حتى تكمل الفرقة الثانية الركعة
التي بقيت عليهم ويتشهدون ثم يسلم بهم
فقه الحديث
أولاً : أن هذه الصفة فيما إذا كان العدو في غير جهة القبلة
ثانياً : أنه يقسم الجماعة الذين معه إلى فرقتين قلوا أو كثروا
ثالثاً : أن الفرقة الأولى تصيب مع الإمام تكبيرة الإحرام وركعة
رابعاً :أنهم يتمون لأنفسهم ركعة ويسلمون والإمام واقف ينتظر الفرقة الثانية
خامساً : أن الفرقة الأولى بعد أن تتم لنفسها تذهب فتقف تجاه العدو ثم تأتي الفرقة الثانية فتصف وراء الإمام فإذا ظن
أنهم قد أدوا ركن القراءة ركع بهم وسجد وانتظرهم جالساً ثم أكملوا لأنفسهم فإذا ظن أنهم قد أدوا ركن التشهد سلم بهم
سادساً : ربما ظن ظان أن هذا الحديث منقطع باعتبار سهل بن أبي حثمة مات النبي _ وهو صغير وليس كذلك
ولكنه نقل عمن صلى مع النبي _ أي صالح بن خوات بن جبير نقل عمن صلى مع النبي _ في ذات الرقاع ولعل الصواب
أنه خوات بن جبير والد صالح وكيف ما كان فإن الجهل بالصحابي لا يغير شيئاً وهو هنا صريح في أنه عن أصحاب
النبي _ الذين صحبوه وصلوا معه في ذات الرقاع إذاً فالحديث صحيح ولا يحتاج إلى كلام أكثر من هذا
سابعاً : قال ابن دقيق العيد هذا الحديث هو اختيار الشافعي في صلاة الخوف إذا كان العدو في غير جهة القبلة
ومقتضاه أن الإمام ينتظر الطائفة الثانية قائماً في الثانية وهذا في الصلاة المقصورة أو الثنائية في أصل الشرع يعني كصلاة
الفجر أما الرباعية فهل ينتظرهم قائماً في الثالثة أو قبل قيامه فيه اختلاف للفقهاء في مذهب مالك وإذا قيل
أنه ينتظرهم قبل قيامه فهل تفارقه الطائفة الأولى قبل تشهده وبعد رفعه من السجود أو بعد التشهد اختلف الفقهاء فيه
وليس في الحديث دلالة لفظية على أحد المذهبين وإنما يؤخذ بطريق الاستنباط منه ومقتضى الحديث أيضاً أن الطائفة
الأولى تتم لنفسها مع بقاء صلاة الإمام وفيه مخالفة للأصول في غير هذه الصلاة قال الصنعاني أقول من حيث
خروجهم قبل الإمام كما نبه عليه الشارح آنفاً إلا أنه رجحها من حيث المعنى المراد من صلاة الخوف .
قلت : الذي يظهر أن صلاة الخوف ما دام قد أبيح فيها ترك استقبال القبلة وهو شرط في صحة الصلاة فخروجهم
قبل الإمام بأمر من الشارع لا اعتراض عليه .
.--------
تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.
تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ
تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ]
[ المجلد الثالث ]
رابط تحميل الكتاب :
http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf
.
ام عادل السلفية
30-09-2015, 05:56PM
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام
للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -
[154] الحديث الثالث :
عن جابر بن عبدالله الأنصاري رضي الله عنهما قال : شهدت مع رسول الله ﷺ صلاة الخوف فصففنا صفين خلف
رسول الله ﷺ والعدو بيننا وبين القبلة وكبر النبي ﷺ وكبرنا جميعاً ثم ركع وركعنا جميعاً ثم رفع رأسه من الركوع ورفعنا جميعاً
ثم انحدر بالسجود والصف الذي يليه وقام الصف المؤخر في نحر العدو فلما قضى النبي ﷺ السجود وقام الصف الذي يليه
انحدر الصف المؤخر بالسجود وقاموا ثم تقدم الصف المؤخر وتأخر الصف المقدم ثم ركع النبي ﷺ وركعنا جميعاً ثم رفع
رأسه من الركوع ورفعنا جميعاً ثم انحدر بالسجود والصف الذي يليه – الذي كان مؤخراً في الركعة الأولى – فقام الصف المؤخر
في نحر العدو فلما قضى النبي ﷺ السجود والصف الذي يليه انحدر الصف المؤخر بالسجود فسجدوا ثم
سلم النبي ﷺ وسلمنا جميعاً .
قال جابر : كما يصنع حرسكم هؤلاء بأمرائهم وذكره مسلم بتمامه .
وذكر البخاري طرفاً منه وأنه صلى صلاة الخوف مع النبي ﷺ في الغزوة السابعة غزوة ذات الرقاع
موضوع الحديث :
صلاة الخوف إذا كان العدو في جهة القبلة
المفردات
شهدت : حضرت .
فصففنا صفين : أي جعلنا رسول الله ﷺ صفين .
والعدو بيننا وبين القبلة : أي كان العدو في جهة القبلة
قوله وكبرنا جميعاً ثم ركع وركعنا جميعاً ثم رفع رأسه من الركوع ورفعنا جميعاً : أي الصفين جميعاً اشتركوا في التكبير
والقراءة والركوع والرفع منه .
قال ثم انحدر بالسجود : أي هبط بالسجود .
والصف الذي يليه : أي الذي إلى جهته وهو الصف المقدم وقام الصف المؤخر في نحر العدو فلما قضى
النبي ﷺ السجود أي أكمله .
وقام الصف الذي يليه انحدر الصف المؤخر بالسجود :أي سجدوا بعدما وقف النبي ﷺ والصف الذي معه ثم تقدم
الصف المؤخر وتأخر الصف المقدم بأن دخل كل واحد بين اثنين الصف المؤخر يتقدمون والصف المقدم يتأخرون حتى إذا
وقف الصف المؤخر في مكان المقدم ووقف الصف المقدم في مكان المؤخر ركع النبي ﷺ بهم جميعاً ثم رفع
بهم جميعاً ثم سجد هو والصف الذي يليه …إلى كمال الحديث
المعنى الإجمالي
في هذا الحديث صفة من صفات صلاة الخوف وهذه الصفة فيما إذا كان العدو في جهة القبلة فإن الإمام أو قائد الجيش
يقسم الجيش فرقتين فرقة تكون صفاً مقدماً وفرقة تكون صفاً ثانياً ثم يصلي بهم فيكبر بهم جميعاً ويقرئون جميعاً ويركعون جميعاً ويرفعون
من الركوع جميعاً ثم يسجد ويسجد معه الصف الذي يليه ثم إذا قام للركعة الثانية سجد الصف المؤخر الذي كان
يحرس العدو فإذا قاموا تقدم المؤخر وتأخر المقدم وفعل في الركعة الثانية كما فعل في الأولى وتشهد بهم جميعاً
وسلم بهم جميعاً .
فقه الحديث
أولاً : يؤخذ من هذا الحديث صفة صلاة الخوف إذا كان العدو في جهة القبلة
ثانياً : أنه يقسمهم نصفين بحيث يكونوا نصفين .
ثالثاً :يشتركون معه جميعاً في تكبيرة الإحرام وفي القراءة وفي الركوع وفي الرفع من الركوع لأن حراسة العدو
وهم ركوع متيسرة .
رابعاً : إذا رفع رأسه من الركوع سجد وسجد الصف الذي معه فإذا أكمل السجود هو والصف الذي يليه قام للركعة الثانية
ثم سجد الصف المؤخر فإذا سجدوا وقاموا للركعة الثانية تقدم المؤخر وتأخر المقدم بحيث يرجع الصف المقدم
إلى وراء ويتقدم الصف المؤخر حتى يقفوا في مكان الصف المقدم ويقف الصف المقدم في مكان الصف المؤخر .
خامساً : أما كيفية عمله في ذلك فهو أن يدخل كل رجل من الصف المؤخر بين رجلين من الصف المقدم
سادساً : يعمل بهم في الركعة الثانية كما عمل في الركعة الأولى
سابعاً : إذا جلسوا جميعاً للتشهد انتظرهم حتى يلحق الصف المؤخر ويتشهدوا ثم يسلم بهم جميعاً
ثامناً : في هذه الصفة والصفات المتقدمة يبرز للمتأمل أن النبي _ يحرص على التعادل بينهم في حيازة الفضل
مع الإمام وفي الحراسة
تاسعاً : أنهم يشتركون جميعاً مع النبي _ ومع الإمام غيره في تكبيرة الإحرام والقراءة والركوع والرفع منه وفي
التشهد الأخير والسلام
عاشراً : هل يمكن في هذا الزمن تطبيق صلاة الخوف إذا كان العدو في مكان بارز ؟ الجواب لا لأنهم لو اجتمعوا
استغل العدو اجتماعهم فضربهم بالصواريخ والمدافع وقتلهم جميعاً .
الحادي عشر : ما هو الوضع المناسب للحرب في هذا الزمن ؟ الوضع المناسب للحرب في هذا الزمن أن كل واحد
يصلي على حده في مخبئه أو على مصفحته أو دبابته والمهم أن كل واحد يصلي بحسب وضعه الذي وضع فيه من قبل القيادة .
الثاني عشر : إنما عمل النبي ﷺ صلاة الخوف من أجل الجماعة ومن هنا تعلم أن صلاة الجماعة لها أهمية عظيمة
لأن النبي ﷺ لم يتركها في حال الحرب ومبارزة الأعداء
الثالث عشر : إذا علمنا هذا فإن الواجب علينا أن نحرص على إقامة الجماعة وعدم التأخر عنها مهما كان الأمر إلا لعذر لا يمكن
الإنسان معه الإتيان إلى المسجد كالمرض الشديد وما إلى ذلك .
الرابع عشر : إذا كانت الصلاة رباعية والخوف حاصل في الحضر أو هناك مبرر بأن يصلي صلاة الخوف كما سبق أن مثلنا
بأن يحصل زلزال تتهدم معه المنازل أو فيضانات تغرق منه منازل بعض الناس أو حريق نسأل الله العافية من ذلك كله فإنهم يعذرون بأن
يؤدوا صلاة الخوف أو يحيط بهم عدو في بلدهم فإذا صلوا رباعية فهو بالخيار أن يصلي بجماعة ثم تذهب
وتأتي جماعة أخرى ويصلي بهم صلاة ثانية تكون لهم فرضاً وله نفل وهذا قد حصل وقد ورد في بعض الروايات ما يدل على ذلك .
وإما أن يصلي بفرقة ركعتين ويتمون لأنفسهم ويصلي بالفرقة الثانية ركعتين ويتمون لأنفسهم ركعتين ومن جهة أخرى إذا كانت
صلاة الخوف في المغرب فليصل بالفرقة الأولى ركعتين وبالفرقة الثانية ركعة وينتظر على كمال الركعتين حتى تتم
الفرقة الأولى وتنصرف تجاه العدو ثم تأتي الفرقة الثانية فيصلي بهم ركعة ثم ينتظر جالساً وهم يتمون لأنفسهم فتصلي الفرقة
الثانية ركعة ثم تجلس للتشهد ثم يقومون ويأتون بالركعة الثانية ويتشهدون ويسلم بهم الإمام .
الخامس عشر : كيف يصلي المسلمون إذا جاء عليهم الوقت في حال منازلتهم للعدو ؟ ورد في هذا حديث عند البخاري
في صحيحه يقول أنس بن مالك رضي الله عنه شهدت فتح تستر فتهيأ لنا الفتح عند إضاءة الفجر فأخرنا الصلاة إلى أن
انتهينا من الفتح وصلينا صلاة الصبح ضحى وما أحب أن لي بتلك الصلاة الدنيا وما عليها .
ومن أجل هذا الحديث قال قوم إذا تهيأ الفتح للمسلمين مع دخول الوقت فلهم أن يؤخروا الصلاة حتى يفتح لهم ،
وقال قوم بل يصلون في حال المنازلة والمسايفة يصلي كل واحد منهم ركعة يكتفي فيها بالإيماء إيماء الركوع والسجود ويتوجه
أينما توجه يعني أنه يسقط عنه استقبال القبلة استدلوا على ذلك بحديث ابن عباس قال فرض الله الصلاة أربعاً وصلاة السفر
ركعتين وصلاة الخوف ركعة وقالوا يصلي كل واحد ركعة كيفما تهيأ له ويومي بالركوع والسجود وبالله التوفيق .
.--------
تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.
تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ
تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ]
[ المجلد الثالث ]
رابط تحميل الكتاب :
http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf
.
ام عادل السلفية
01-10-2015, 09:18PM
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام
للعلامة : احمد النجمي
-رحمه الله -
كتـــاب الجنــــائز
عن أبي هريرة رضي الله عنه نعى النجاشي ............ الخ
قال الصنعاني أقول جمع جنازة مشتق من جنز إذا ستر قاله ابن فارس وغيره ، المضارع يجنز بكسر النون والجنازة بكسر الجيم
وفتحها والكسر أفصح ويقال إنها للميت ويكسر للنعش عليه الميت ويقال عكسه فإن لم يكن عليه ميت فهو سرير أو نعش
والجمع بالفتح لا غير .
[155] الحديث الأول:
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال نعى النبي ﷺ النجاشي في اليوم الذي مات فيه وخرج بهم إلى المصلى فصف
بهم وكبر أربعاً .
موضوع الحديث:
الصلاة على الغائب
المفردات :
نعى : ينعى إذا أخبر بموت الميت وقد يقال أن النعي هو الأخبار بموت الميت على صفة مخصوصة لكن ظاهر الحديث
يدل على أنه مجرد الأخبار
النجاشي : هو اسم أعجمي لكل من ملك الحبشة كما أن المقوقس اسم لمن ملك مصر وكسرى اسم لمن ملك
فارس وقيصر اسم لمن ملك الروم وهكذا .
في اليوم الذي مات فيه : أي في نفس اليوم
وخرج بهم إلى المصلى: الظاهر أنه مصلى العيد
وكبر أربعاً : أي أربع تكبيرات
المعنى الإجمالي
يخبر أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي ﷺ أخبر أصحابه بموت النجاشي في اليوم الذي مات فيه وخرج بهم إلى المصلى
فصلى عليه صلاة الغائب
فقه الحديث
يؤخذ من هذا الحديث
أولاً : جواز النعي وهو الإخبار بموت الميت وقد ورد النهي عن ذلك فعن حذيفة رضي الله عنه
( قال إذا مت فلا تؤذنوا بي إني أخاف أن يكون نعياً فإني سمعت رسول الله ﷺ ينهى عن النعي ) والظاهر أن النهي
عن النعي يتجه على حالة مخصوصة وهو ما كان يعمله أهل الجاهلية فإنهم كانوا يرسلون راكباً ينادي في الناس بقوله إني أنعى
إليكم فلاناً وذلك إما على سبيل المفاخرة والتكبر أو ما أشبه ذلك .
أما النعي الجائز فهو ما كان لمقصد شرعي صحيح كإعلام أهل الصلاح والخير بموته ليحضروا تشييعه والصلاة عليه
ودفنه تحصيلاً لكثرة الشفعاء في ذلك الميت وقد صح عن النبي ﷺ أنه قال ( ما من ميت تصلي عليه أمة من
المسلمين يبلغون مائة كلهم يشفعون له إلا شفعوا ) وأخرج الإمام أحمد ومسلم وأبو داود عن ابن عباس رضي الله عنهما
قال سمعت النبي ﷺ يقول ( ما من مسلم يموت فيقوم على جنازته أربعون رجلاً لا يشركون بالله شيئاً إلا شفعوا فيه )
فإذا كان النعي لهذا الغرض فهو صحيح أما إن كان المقصود منه المباهاة فذلك هو الذي نهى عنه النبي ﷺ.
ثانياً :قوله نعى النجاشي في اليوم الذي مات فيه ،فيه معجزة للنبي ﷺ إذ أخبر بموت النجاشي في اليوم الذي مات
فيه مع البعد الكبير الذي بين المدينة والحبشة في ذلك الزمن الذي لم يكن فيه اتصال ولا برق ولا هاتف ولا طائرات ولا شيء .
ثالثاً:قوله وخرج بهم إلى المصلى أخذ منه من يرى عدم جواز صلاة الجنازة على الميت في المسجد وقد ذهب إلى ذلك
المالكية والحنفية زاعمين أو بعضهم أن ميتة الآدمي نجسة كسائر الميتات وأنه لا يجوز إدخالها في المسجد ،
علماً بأن عائشة رضي الله عنها لما أمرت أن يُدخل سعد بن أبي وقاص إلى المسجد لتصلي عليه ضمن المصلين أنكروا
عليها فقالت ( والله ما صلى رسول الله ﷺ على سهيل بن بيضاء إلا في المسجد ) وقد وردت آثار أن أبا بكر
رضي الله عنه صُلي عليه في المسجد وأن عمر بن الخطاب رضي الله عنه صُلي عليه في المسجد ، وقد ذهبت الشافعية
والحنابلة وأهل الحديث إلى جواز الصلاة على الميت في المسجد وهو الحق إن شاء الله .
رابعاً :أخذ من هذا الحديث الصلاة على الغائب فقد صف النبي ﷺ أصحابه وصلى على النجاشي صلاة الغائب
وهذا هو قول الشافعي وأحمد وعموم المحدثين وخالف في ذلك مالك وأبو حنيفة وقالا لا يُصلى على الغائب مع أن الحديث
صريح في هذا لكنهم اعتذروا عن الحديث باعتذارات ، منــها أن النجاشي لم يصل عليه في أرض الحبشة فأراد النبي ﷺ
أن يقيم عليه فرض الصلاة ، ومنها أنه رفع للنبي ﷺ فرآه فتكون حينئذ صلاته عليه كالصلاة على ميت يراه الإمام
ولا يراه المأموم ،
قال الصنعاني وأنّى ذلك كما قال الشارح ذكروا أعذاراً أخر لا تساوي سماعها فلا يشتغل بها .
ويجاب على الاعتذارين السابقين بأن دعوى أن النجاشي لم تقم عليه صلاة الميت في بلده فأراد النبي ﷺ إقامتها تخصيص
بلا دليل بل بمجرد الظن ، وأما أن جنازته رفعت للنبي ﷺ فرآه فهذا أبعد من الأول ومثل هذا لا يثبت بالاحتمال .
خامساً: في قوله فصف بهم دليل على أن النبي ﷺ قد صفهم صفوفاً ويأتي في حديث جابر كنت في الصف الثاني
أو الثالث يوم صلى النبي ﷺ على النجاشي ، وقد استحب بعض أهل العلم أن تكون الصفوف ثلاثاً وإن كانوا قليلين .
سادساً : في قوله وكبر أربعاً دليل لمن قال أن التكبير على الميت أربع تكبيرات وقد ورد في ذلك أحاديث كثيرة ،
منها ما جعل التكبير فيه أربعاً ومنها ما جاء التكبير فيه خمساً ومنها ما جاء التكبير فيه ستاً ومنها ما جاء التكبير فيه
سبعاً وقد ورد عن ابن عباس أنه كبر ثلاثا وكل ذلك سائغ في ذلك الزمن فقد قيل أنهم كانوا يكبرون على أهل بدر أكثر من غيرهم
والذي استقر عليه الآمر أربعاً وهو الذي تشير إليه أكثر الأحاديث .
وذلك أن التكبيرة الأولى تكون بعدها القراءة وهي بالفاتحة والتكبيرة الثانية تكون بعدها الصلاة على النبي ﷺ
أي الصلاة الابراهيمية كما في التشهد والتكبيرة الثالثة يكون بعدها الدعاء وينبغي أن يخلص للميت فيدعو أولاً دعاء عاماً
كما أثر وهو أن يقول اللهم من أحييته منا فأحيه على الإسلام ومن توفيته منا فتوفه على الأيمان بعد قوله
اللهم اغفر لحينا وميتنا وشاهدنا وغائبنا وذكرنا وانثانا ثم يخصص الدعاء للميت فيقول اللهم اغفر له وارحمه وعافه واعف
عنه واكرم نزله ووسع مدخله واغسله بالماء والثلج والبرد إلى آخر ما هو مذكور ثم يكبر الرابعة ويسلم .
سابعاً :لم يذكر السلام هاهنا وقد أختلف أهل العلم فيه هل هو تسليمة واحدة أو تسليمتان فذهب أحمد بن حنبل في
الرواية المشهورة عنه إلى أنه يسلم من صلاة الميت بتسليمة واحدة وذكر أنه ثبت ذلك عن ستة من الصحابة وذكر صاحب
المغني أنه رأي كثير من التابعين وذهب الشافعي ومالك وأبو حنيفة أن الواجب تسليمة وأن المستحب تسليمتان كالصلاة .
.--------
تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.
تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ
تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ]
[ المجلد الثالث ]
رابط تحميل الكتاب :
http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf
.
ام عادل السلفية
03-10-2015, 02:47AM
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام
للعلامة : احمد النجمي
-رحمه الله -
[156] الحديث الثاني:
عن جابر رضي الله عنه أن النبي ﷺ صلى على النجاشي فكنت في الصف الثاني أو الثالث .
موضوع الحديث :
الصفوف في صلاة الجنازة
المفردات
النجاشي :قد تقدم ذكره
المعنى الإجمالي
يخبر جابر بن عبدالله رضي الله عنه أن النبي ﷺ صلى على النجاشي صلاة الغائب وأنه كان ممن صلى إلا أنه
لا يذكر هل كان في الصف الثاني أو الثالث هذا إذا كان الشك منه .
فقه الحديث
أولاً : يؤخذ من هذا الحديث أن المستحب أن يصف المصلون على الجنازة ثلاثة صفوف
ثانياً :يؤخذ من الحديث أن الصفوف التي كانت في تلك الصلاة ثلاثة إلا أنه شك في موقعه هل كان في الثاني أو الثالث .
ثالثاً: ويستفاد من هذا الحديث استحباب جعل المصلين ثلاثة صفوف وإن كان عددهم قليلاً
ولا يمنع الزائد إذا كثر المصلون .
أما كيفية الصلاة والتكبيرات فقد سبق ذكرها في الحديث الأول وربما أن تكون هناك حاجة إلى شئ من التوضيح وهو ما دليل
تخصيص التكبيرة الأولى بقراءة الفاتحة والثانية بالصلاة على النبي ﷺ والثالثة بالدعاء والرابعة بالسلام .
والجواب قد بوب البخاري بقراءة الفاتحة فيها وذكر حديث ابن عباس وأنه جهر بقراءة الفاتحة فيها وقال لتعلموا
أنها السنة وقول الصحابي أن من السنة كذا أو أنها السنة أو هذا هو السنة معتبر له حكم الرفع بل ذكر الحاكم أنهم
أجمعوا أن قول الصحابي من السنة كذا حديث مسند.
قال الحافظ ابن حجر كذا نقل الإجماع مع أن الخلاف مع أهل الحديث والأصوليين شهير . وأخرج الشافعي
والنسائي والحاكم وأبو يعلى من حديث جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ فيها يعني صلاة الجنازة بأم القرآن )
زاد النسائي وأبو يعلى وسورة قال النووي إسنادهما صحيح .
أما كون الصلاة بعد التكبيرة الثانية وهي الصلاة الابراهيمية فذلك أيضاً منقول عن السلف وهو منا سب لما تقرر في
الشرع من الثناء على الله قبل الدعاء ثم الصلاة على النبي ﷺ ثم بعد ذلك الدعاء .
وأما السلام فذكر الصنعاني دليله بقوله وقد أخرج النسائي بسند صحيح عن أبي أمامه أنه من السنة وروي عن إبراهيم
الهجري أنه قال (أمنا عبد الله بن أبي أوفى على جنازة ابنته فكبر أربعا فمكث ساعة حتى ظننا أنه سيكبر خمسا ثم سلم عن يمينه
وعن شماله فلما انصرف قلنا له ما هذا قال إني لا أزيدكم على ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم
يصنع أو هكذا صنع رسول الله صلى الله عليه وسلم) .
وهذا الحديث إن صح فهو دليل على من قال بالاكتفاء بالتسليمة الواحدة وقد سبق أن الشافعي وبعض العلماء
جمعوا بين الوارد في السلام واحدة أو اثنتين أن الواحدة واجبة والثانية كمال ومن أكتفي بالواحدة كفاه ذلك ومن أراد الكمال
سلم التسليمتين اهـ. من العدة للصنعاني بتصرف
وبالله التوفيق.
.--------
تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.
تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ
تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ]
[ المجلد الثالث ]
رابط تحميل الكتاب :
http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf
.
ام عادل السلفية
03-10-2015, 08:44PM
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام
للعلامة : احمد النجمي
-رحمه الله-
[157] الحديث الثالث :
عن عبدالله بن عباس رضى الله عنهما أن النبي ﷺ صلى على قبر بعدما دفن فكبر عليه أربعاً .
موضوع الحديث :
مشروعية الصلاة على القبر
المفردات
قوله بعدما دفن : أي بعدما دفن صاحبه فيه
قوله كبر أربعاً : أي أربع تكبيرات
المعنى الإجمالي
يخبر عبدالله بن عباس رضي الله عنهما أن النبي ﷺ صلى على قبر بعدما دفن فيه صاحبه فكبر أربعاً وصلاة النبي ﷺ
نور وقد ورد ( أن هذه القبور مملوءة ظلمة على أهلها وإن الله عز وجل ينورها لهم بصلاتي عليهم ) .
فقه الحديث
أولاً: يؤخذ من هذا الحديث جواز الصلاة على القبر لمن لم يصل على الجنازة قبل دفنها وقد أجاز ذلك قوم
إتباعاً لهذا الحديث وغيره ومنع ذلك آخرون والحديث حجة عليهم فقد صح أن النبي ﷺ صلى على المرأة السوداء التي
كانت تقم المسجد وأنها ماتت فدفنوها ليلاً فلما أصبح سأل عنها فأخبروه أنها ماتت فقال هلا آذنتموني قالوا كنت نائماً وخشينا
أن نوقظك والليل ظلمة فقال دلوني على قبرها فدلوه على قبرها فصلى عليها ) .
قال ابن حجر إن صاحب القبر السوداء التي كانت تقم المسجد وقد ورد آن النبي ﷺ صلى على قبر أم سعد ابن
عبادة وكانت دفنت وهو في الغزو فصلى عليها بعدما قدم وورد أنه ( صلى على قبر رجل آخر)
فهذه الأحاديث تدل على جواز الصلاة على القبر وقد اختلف من أجاز ذلك في المدة التي يٌصلى على القبر فيها
فقال بعضهم إلى ثلاث وقال بعضهم إلى شهر أما ما ورد في هذا الحديث فقد ورد أنه في صبيحة دفنها ودليل من قال
إلى شهر ما ورد (أن النبي ﷺ صلى على أم سعد بعد شهر من دفنها ) .
ثانياً : قوله فكبر عليها أربعاً فيه دليل لمن قال أن التكبير على الجنازة أربعاً وهم الجمهوركما تقدم .
ثالثاً :يؤخذ منه أن صلاة الجنازة جائزة في المقبرة لأنها ليس فيها ركوع ولا سجود وأن النهي عن الصلاة في المقبرة
مخصص بالصلاة المعروفة وهي ذات الركوع والسجود
.--------
تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.
تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ
تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ]
[ المجلد الثالث ]
رابط تحميل الكتاب :
http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf
التصفية والتربية
TarbiaTasfia@
.
ام عادل السلفية
04-10-2015, 08:56PM
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام
للعلامة : احمد النجمي
-رحمه الله -
[158] الحديث الرابع:
عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله ﷺ كُفن في ثلاثة أثواب بيض يمانية ليس فيها قميص ولاعمامة.
موضوع الحديث :
التكفين
المفردات
قوله يمانية:نسبة إلى اليمن وفي بعض الروايات سحولية وفي بعضها يمانية سحولية.
قال الصنعاني في العدة وهي بضم السين المهملة منسوبة إلى السحول قرية باليمن تعمل فيها ويقال بفتح السين أهـ
قلت الفتح أشهر وسمعته من بعض أهل تلك الجهة بفتح السين وهي قرية من قرى إب معروفة إلى الآن فهذه الأثواب تنسب إليها ،
قولها ليس فيها قميص ولاعمامة يحتمل أنه لم يكفن في قميص ولاعمامة ويحتمل أن الثلاثة الأثواب خارجة عن القميص والعمامة .
لكن قولها كفن في ثلاثة أثواب مفهومه أنه لم يكفن في غيرها وهذا هو الذي رجحه ابن دقيق العيد وتبعه على ذلك
الصنعاني ببيان أوضح وأظهر.
المعنى الإجمالي
الكفن هو ما يزود به العبد من الدنيا تستر به عورته حتى تواريه الأرض.والأصل فيه هو ما يستر عورة الإنسان إكراماً له لأن
الله يقول (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ …)[لإسراء : 70 ]
ولقد أختار الله لرسوله أنه كفن في ثلاثة أثواب كلها لفائف بيض وإذاً فهذا أفضل الكفن لأن الله عز وجل لا يختار لرسوله
إلا الأفضل .
فقه الحديث
أولاً :يؤخذ من هذا الحديث إختيار أن يكون الكفن أبيض وقد جاء في الحديث عن ابن عباس قال :قال رسول الله ﷺ
(ألبسوا من ثيابكم البياض فإنها من خير ثيابكم وكفنوا فيها موتاكم )
ثانياً: يؤخذ منه أن أفضل الكفن ثلاث لفائف ولم يذكر إلا كونه كفن في ثلاثة أثواب بيض غير أن التكفين في اللفافة
لابد أن تكون اللفافة كافية لتغطية الجسد جميعاً بأن
يكون الثوب عريضاً ويستحب أن يخالف بينها بأن تكون مجمع اللفافة الأولى على الجانب الأيمن واللفافة الثانية
مجمعها على الجانب الأيسر واللفافة الثالثة مجمعها في الوسط.
ثالثاً:هل المراد أنه كفن في ثلاثة أثواب بدون قميص ولاعمامة أو أنه كفن في ثلاثة أثواب ما عدا القميص والعمامة ؟
وقد سبق أن قلت أن ابن دقيق العيد رجح الاحتمال الأول وجعله هو الأظهر وتبعه على ذلك الصنعاني وهو الحق فيما
أرى لأن جملة كفن في ثلاثة أثواب المفهوم منها أنه لم يكفن في غيرها وذهب قوم إلى الاحتمال الثاني زاعمين
أن الثلاثة الأثواب ما عدا القميص والعمامة .
قلت هذا اختلاف في الأفضل وإذاً فإن الواجب ما يستر البدن وما زاد يعتبر جائزاً ما لم يخرج إلى حد الإسراف
وهنا يمكن أن نقول أن الإسراف إما أن يكون في نوع الكفن أو في كميته والكل مكروه فلا تجوز المبالغة العظيمة في ثمن
الكفن ولافي تكثيره وينبغي أن أنبه أن حديث ( حسنوا أكفان موتاكم فإنهم يتزاورون فيها ) حديث لا يصح وبالله التوفيق .
--------
تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.
تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ
تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ]
[ المجلد الثالث ]
رابط تحميل الكتاب :
http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf
.
ام عادل السلفية
05-10-2015, 11:13AM
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام
للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -
[159] الحديث الخامس :
عن أم عطية الأنصارية قالت دخل علينا رسول الله ﷺ حين توفيت ابنته فقال (( أغسلنها ثلاثاً أو خمساً أو أكثر من ذلك -إن رأيتن ذلك -بماء وسدر واجعلن في الأخيرة كافوراً أو شيئاً من كافور فإذا فرغتن فآذنني فلما فرغنا آذناه فأعطانا حقوه وقال أشعرنها به )) تعني إزاره
وفي رواية سبعاً
وقال ابدأن بميامنها ومواضع الوضوء منها
وأن أم عطية قالت : وجعلنا رأسها ثلاثة قرون .
موضوع الحديث:
كيفية غسل الميت
المفردات
حين توفيت ابنته : المشهور أن هذه البنت هي زينب بنت محمد رضي الله عنها و ﷺ على أبيها وزوجة أبي العاص بن الربيع توفيت سنة ثمان من الهجرة وقيل أنها أم كلثوم
قوله أغسلنها ثلاثاً أو خمساً: أي ثلاث غسلات أو خمس غسلات
قوله بماء وسدر: بأن يخلط السدر مع الماء لكن لايطغى عليه بالأسمية فلا يقال سدر ولكن يقال ماء مخلوط بسدر
قوله واجعلن في الأخيرة : أي في الغسلة الأخيرة كافوراً أو شيئاً من كافورهو بذر شجر له رائحة طيبة وخاصية في حفظ البدن
فإذا فرغتن فآذنني :أي أخبرنني
قالت فلما فرغنا آذناه أي أخبرناه
فأعطانا حقوه : بالفتح للحاء المهملة وورد بالكسر أما القاف فهي ساكنة على كلا الحالين بعدها واو مفتوحة والضمير يعود على النبي ﷺ والمراد بالحقو أو الحقوفي الأصل هو مربط الفخذين في الجسد والأصل أن هذه التسمية لموضع معقد الإزار ثم نقلت إلى الإزار فسمي الإزار حقواً آو حقواً بالموضع الذي يربط فيه .
قوله أشعرنها إياه : أي اجعلنه شعاراً لها ، والشعار هو الثوب الذي يلي الجسد وقد قال النبي ﷺ للأنصار حين جمعهم بعد حنين من أجل مقالة قالها بعض سفهائهم وقال لهم ( الأنصار شعار والناس دثار ولولا الهجرة لكنت امرءاً من الأنصار ولو سلك الناس واديا وشعباًً وسلك الأنصار وادياً وشعباً لسلكت وادي الأنصار وشعبهم إنكم ستلقون بعدي أثرة فاصبروا حتى تلقوني على الحوض) .
قوله الأنصار شعار أي مثل الثوب الذي يلي الجسد والذي لا يستغنى عنه قط .
المعنى الإجمالي
تعبد الله عز وجل عباده بأن يغسلوا موتاهم إكراماً لهم وتعبداً لربهم فأمر رسول الله ﷺ بغسل الموتى بماء وسدر وأمر أن تكون الغسلات وتراً وأمر أن يجعل في الغسلة الأخيرة كافوراً وقد أمر النبي ﷺ غاسلات ابنته بأن يخبرنه عند الفراغ من الغسل فلما أخبرنه أعطاهن إزاره ليشعرن به ابنته رضي الله عنها تبركاً بما لامس جسده صلوات الله وسلامه عليه ولا يجوز التبرك بأي أحد سواه مهما بلغ صلاحه وبلغت عبادته فلو كان ذلك جائزاً لفعله الصحابة بأفضلهم أبي بكر رضي الله عنه .
فقه الحديث
أولاً:يؤخذ من قولها فقال أغسلنها ثلاثاً أو خمساً أو أكثر من ذلك ........الحديث
يؤخذ منه وجوب غسل الميت استدلالاً بصيغة الأمر والأمر يقتضي الوجوب لقوله سبحانه وتعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ ..) [النساء : رقم 59 ] وقوله سبحانه (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ ) [الأنفال : رقم 24 ]
وقول النبي ﷺ ( فإذا نهيتكم عن شئ فاجتنبوه وإذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم ) .
ثانياً :هل الأمر هنا يكون وجوبه في مطلق الغسل أو أنه لا بد أن يكون على الهيئة التي أمر بها الشارع حيث يقول أغسلنها ثلاثاً أو خمساً ....الخ الحديث .
وقد أشار ابن دقيق العيد إلى الخلاف الواقع عند الأصوليين فيما إذا أمر الشارع بشيئين هل يكون في كليهما على الوجوب وهو هنا مطلق الغسل والإيتار فمطلق الغسل لا خلاف في كونه للوجوب فيما يظهر ولكن هل يتناول الوجوب الصفة التي عينه عليها وهو الإيتار الظاهر أن ذلك يشمله ويكون الأمر للوجوب فيهما معاً لأن الشارع قال أغسلنها ثلاثاً أو خمساً فجعل الثلاث مقصودة في الأمر وإن لم تكف انتقل الغاسل إلى الخمس وأشار الصنعاني إلى أن إيجاب الثلاث قال به الظاهريةوالكوفيون والمزني.
والحق فيما أرى مع من قال بذلك لأن الشارع حين قال أغسلنها ثلاثاً أمر بمطلق الغسل والصفة التي يكون عليها فيكون أدنى ما قيدت به الثلاث فهي واجبة وما بعدها مندوب إلا أن يكون الحال مقتضيا ًللزيادة .
وبالله التوفيق
ثالثاً:يؤخذ من ذلك أيضاً جواز الزيادة على ثلاث ولكن الإيتار مطلوب فإن انقي جسد الميت بأربع وجب الإتيان بخامسة وإن انقي بست وجب الإتيان بسابعة لقوله إن رأيتن ذلك فقيد الزيادة بما إذا كانت الحالة مقتضية لذلك حسب رأي الغاسل ولا يزيد على السابعة لأن الإمام أحمد كره الزيادة عليها وقال ابن عبد البر لا أعلم أحد اً قال بمجاوزة السبع وقال الماوردي إنها سرف .
رابعاً:قوله بماء وسدر هذا من الصفة التي أمر بها الشارع وقلنا أنها داخلة في الوجوب لاتجاه الطلب عليها وهل يكون السدر في الغسلة الأولى والثانية معاً أو تكون الغسلة الأولى بماءٍ قراح والثانية بماءٍ وسدر والثالثة بماءٍ وكافور .
خامساً: يؤخذ منه أن السدر المخلوط بالماء لا يسلب الماء طهوريته بل الماء يكون باقٍ على طهوريته لأنه لم يغلب على أسميته فأفاد ذلك أن الماء الممزوج بشيء قليل لا يزيل عنه اسم الماء ولا يضره بل يبقى على طهوريته .
سادساً:يؤخذ منه استحباب الكافور في الغسلة الأخيرة لأن الكافور له خاصية في حفظ البدن وتجفيفه وطرد الهوام عنه ومنع إسراع الفساد إليه وعلى هذا فلا يقوم المسك وغيره من أنواع الطيب مقامه إلا إذا لم يوجد .
سابعاً: يؤخذ من قوله إبدأن بيامينها ومواضع الوضوء منها أن البدأ يكون بمواضع الوضوء ثم يكون بالميامن عند الغسل وذلك تشريف لمواضع الوضوء وللميامن .
ثامناً:يؤخذ من قولها وجعلنا رأسها ثلاثة قرون أن ذلك شرع وسنة أن يُسرح شعر الميتة فيجعل ثلاث ضفائر وتسدل خلفها وإلى ذلك ذهب الجمهور وذهب الأحناف إلى أن شعر المرأة يسدل ولا يضفر أي يسدل على جوانب وجهها ومؤخر رأسها ولكنه قول بلا دليل والدليل هو مع من ذهب إلى تسريح شعر المرأة وضفره .
تاسعاً:أختلف أهل العلم في قول أم عطية وجعلنا رأسها ثلاثة قرون هل يكون له حكم الرفع لأن الظاهر أن ذلك كان من فعلهن وليس بأمر النبي ﷺ والذي يظهر أن ذلك له حكم الرفع بمعنى إذا كان من فعلهن فلا بد أن يكون إقراراً من النبي ﷺ لهن على ما فعلن ولا يتصور أن يفعلن خطئاً في عهد النبي ﷺ وفي تجهيز ابنته ولا ينبه عليه بل الظاهر خلاف ذلك وأنهن لا يفعلن ذلك إلا بأمر من الشارع أو بتقرير منه .
عاشراً: يؤخذ من قولها فلما فرغن آذناه فأعطانا حقوه وقال أشعرنها به تعني إزاره ومعنى ذلك اجعلنه شعاراً لها والشعار هو الثوب الذي يلي الجسد كما تقدم تفسيره وذلك كما قال أهل العلم تبركاً بما لامس جسده يعني النبي ﷺ .
الحادي عشر :هل يجوز التبرك بغيره صلوات الله وسلامه عليه الجواب لا يجوز التبرك بغيره لأنه لو كان جائزاً لفعله أصحاب النبي ﷺ بخيرهم بعده وهم أبو بكر ثم عمر ثم عثمان ثم علي ولفعله التابعون بأصحاب النبي ﷺ ولكنهم لم يفعلوا ذلك مع أحد من أصحاب النبي ﷺ فدل على اختصاصه به صلوات الله وسلامه عليه وذلك إجماع منهم .
الثاني عشر : إذا علم هذا فإن قول من قال من المتأخرين بجواز التبرك بغير النبي ﷺ قول بلا دليل وخروج عن الإجماع بعد انعقاده فلا ينظر إلي من قال به وإن كان القائلون به كثير لأن الشرع قد كمل في حياته ﷺ ومن استحدث حكماً بعد إجماع الصحابة يغاير إجماعهم فإنه قد فتح باب شر أراد الله عز وجل إغلاقه على يد أصحاب رسول الله ﷺ وبإجماعهم فكم رأى الناس من أمور شركية وبدعية حصلت بسبب القول بجواز التبرك فأدى ذلك إلى الشرك الأكبر فإنا لله وإنا إليه راجعون ، ولنسمع ما قاله العلامة الشيخ حافظ بن أحمد الحكمي رحمه الله في باب الزيارة المشروعة والتحذير من الزيارة المبتدعة وهو خاتمة كتاب الجنائز
أما اتخـاذ القبر مسـجـداً وأن
يجعـله عيداً كعـابد الوثــــن
والذبح والنذر على القبــــور
وهتف ذا الزائر بالمقبـــــور
كقول يا باهوت يا جيــلانـي
أدرك أجب أغث لذا اللهفـــان
يـريـد منه دفع شر دهــمـاً
أو جلب خيــر دون خالق السماء
فذي هي المصيبـة العظمى التي
لم يجن مثـلها علـى ذي الملــة
وذلك الشرك الصـريح الأكـبر
فــاعـله بدون شك يكــــفر
لكنه في هذه الأعصـــــار
قد أصبــح المألوف للـــزوار
وأصبــح الدين بغاية الخـفـا
فحســبـنـا الله تعالى وكفــى
فـيا أولي العقول والأحــلام
هـل ذا أتى فــي ملة الإســلام
هـل في كتاب الله قد وجدتمـوا
ذا أم بســـنة النبي بل حدتمـوا
عنها إلى وساوس الشيـطــان
وزخـرف الغرور والبـهتـــان
أمـا نهـاكـم ربكم عن ذا أمـا
بــيـِن مـا أحل ممــا حـرما
أما إليـكـــم الرسول أرسلا
مـبـيـــنـاً كتابه المــنـزلا
أغـير ديـن الله تبـغــون ألا
حيـاءً من رب السـمـوات العلى
تدعون من لا يستجـيـبـكم ولا
لنـفــــسه يمـلك لا نفعاً ولا
ضراً فأنى يملكونه لكــــم
وهم عباد كـلفوا أمثـــالـكــم
فلا وربي أبداً لا تفلـــحـوا
مـا دمتـم التوحيــد لم تصححوا
يـا قوم بادروا إلى الخـلاص
وحـقـقوا شــــهادة الإخلاص
وبالكتاب المستقيم اعتصـمـوا
كلاً وسنة الرســـــول إلتزموا
وما تنازعتـم فـــردوه إلـى
هذين لا تبغــــون عنها حـولا
ويا أولي العلم ألم يبقى بكــم
من غيرة لنصــــرة دين ربكم
قـومــوا بعزم صادق مبيـن
وبـيـنوا للناس أمـر الــديـن
إلى آخر ما قال رحمه الله.
والذي أريد أن أقوله أن كل ما حصل على القبور من بدع وشركيات كان سببها هو إباحة التبرك بغير الرسول ﷺ فبالغ الناس في ذلك حتى استحلوا دعوة المقبورين فإنا لله وإنا إليه راجعون .
--------
تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.
تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ
تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ]
[ المجلد الثالث ]
رابط تحميل الكتاب :
http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf
.
ام عادل السلفية
08-10-2015, 12:32PM
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام
للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله-
[160] الحديث السادس:
عن عبدالله بن عباس رضي الله عنهما قال بينما رجل واقف بعرفة إذ وقع عن راحلته فوقصته -أو قال فأوقصته-
فقال رسول الله ﷺ ((اغسلوه بماء وسدر وكفنوه في ثوبيه ولا تحنطوه ولا تخمروا رأسه فإنه يبعث يوم القيامة ملبياً .
وفي رواية ولا تخمروا وجهه ولا رأسه .
موضوع الحديث :
موت المحرم في حال إحرامه هل يقطع عنه حكم الإحرام أم لا
المفردات
فوقصته أو قال أوقصته أو قال أقصعته والكل بمعنى واحد والمراد أنها كسرت عنقه
قوله اغسلوه بماء وسدر: يعني بأن يوضع السدر بالماء ويغسل بهما معاً من أجل التنظيف
قوله كفنوه في ثوبيه وفي رواية ثوبين :بمعنى أنه يكفن في ثوبي إحرامه
قوله ولا تحنطوه :نهي عن جعل الحنوط
فيه وهو الطيب الذي يجعل في الميت فيمنع عن المحرم لكونه باقياً له حكم الإحرام
قوله ولا تخمروا رأسه وفي رواية عند مسلم ولا تخمروا وجهه ولا رأسه : يؤخذ منه عدم جواز تغطية الرأس لمن مات على إحرامه
وكذلك الوجه.
قوله فإنه يبعث يوم القيامة ملبياً:هذه الجملة تعليلية لما سبق من كونه يمنع عنه الحنوط وتخمير الرأس والوجه
المعنى الإجمالي
أمر النبي ﷺ بمن مات محرماً أن يغسل بالماء والسدر وأن يكفن في ثوبين ونهى عن تحنيطه وتخمير رأسه
ووجهه من أجل أنه يبعث يوم القيامة ملبياً .
فقه الحديث
أولاً:يؤخذ من هذا الحديث أن من مات محرماً يبقى على حكم الإحرام فيغسل بالماء والسدر ويمنع عنه الطيب
ويكفن في ثوبيه ولا يغطى رأسه ولا وجهه لأنه يبعث يوم القيامة ملبياً وبذلك أخذ الحنابلة والشافعية وذهبت الحنفية والمالكية إلى
أنه يعامل معاملة غير المحرم وجعلوا الموت سبباً في انقطاع الإحرام وهو مخالفة للدليل فإن الحكم علل بأنه يبعث
يوم القيامة ملبياً والمرجع فيما بعد الموت وفي سائر الأحكام إلى الشارع والقياس لا يعارض به النص فوجب المصير إلى
النص أما اعتذار بعض الحنفية بأن هذا في هذا الشخص وحده ولا يعلم وقوعه في غيره فهو اعتذار باطل يعرف ذلك كل
من له إلمام بعلم الشريعة فالنبي ﷺ إنما علل بقوله بأنه يبعث يوم القيامة ملبياً بما سبق من الأحكام وهو تكفينه
في ثوبيه والنهي عن تحنيطه وعن تخمير رأسه ووجهه هذا هو القول الصحيح وبالله التوفيق .
ثانياً:يؤخذ من هذا الحديث أن تغطية الوجه للمحرم لا تجوز وقد اختلف في ذلك أهل العلم لكن رواية مسلم قاضية
بذلك ولا تخمروا وجهه ولا رأسه.
ثالثاُ :يؤخذ منه أن هذه الأحكام إنما ثبتت من أجل وجود الإحرام .
رابعاً: يؤخذ منه مشروعية الحنوط في الميت لأن مفهوم قوله ولا تحنطوه أن النهي إنما هو باعتبار كونه محرماً.
--------
تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.
تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ
تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ]
[ المجلد الثالث ]
رابط تحميل الكتاب :
http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf
.
ام عادل السلفية
20-10-2015, 02:10PM
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام
للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -
[161] الحديث السابع :
عن أم عطية الأنصارية رضي الله عنها قالت نهينا عن اتباع الجنائز ولم يعزم علينا .
موضوع الحديث:
هو النهي للنساء عن اتباع الجنائز أما نهي كراهة وأما نهي تحريم وكونه نهي كراهة يدل عليه هذا الحديث.
المفردات
قولها نهينا : مبني للمجهول بحذف الفاعل للعلم به وهو في حق صحابة رسول الله ﷺ فإذا قال الصحابي
أَمرنا أو نَهينا فالمراد بذلك رسول الله ﷺ لأنه هو الآمر والناهي لهم دون غيره
قولها ولم يعزم علينا :العزم في اللغة هو الإلزام أو التأكيد على الشئ وهنا نفت أم عطية العزم فدل على أنه لم
يكن ذلك النهي مؤكداً وهذا هو القول المختار .
المعنى الإجمالي
الشرع من الله ومن رسوله ﷺ مبنياً على ما يعلمه جل وعلا من المصالح ودرء المفاسد التي يعلمها الله دون غيره ورسوله
مبلغ عنه وفي هذا الحديث دليل على أن الله عزوجل لما علم ما تنطوي عليه طبيعة النساء من الضعف وعدم التحمل نهاهن عن اتباع
الجنائز نهياً غير مؤكد المنع فكأنه يؤخذ منه كراهة ذلك للنساء للعلة التي أشرنا إليها سابقاً وبالله التوفيق .
فقه الحديث
أولاً:يؤخذ من هذا الحديث أن قول الصحابي نهينا أو أمرنا أنه محمول على أن الآمر أو الناهي هو الرسول ﷺ وهذا
هو القول المختار عند أهل المصطلح والأصول
ثانياً:يؤخذ من قولها نهينا عن اتباع الجنائز ولم يعزم علينا دليل على أن النهي حصل ولكنه لم يكن عزيمة بالمنع وهذا
الحديث قد عارضته أحاديث تفيد المنع وأحاديث تفيد الجواز فمن الأحاديث التي تفيد المنع ما ورد عن ابن عباس قال ( لعن
رسول الله _ زائرات القبور والمتخذين عليها المساجد والسرج ) حسنه الألباني في صحيح سنن أبي داود والترمذي
قلت: وصحح الألباني رحمه الله - هذا الحديث بلفظ ( لعن الله زوارات القبور ) في صحيح الجامع برقم 4985 وحسنه
من حديث حسان بن ثابت وابن عباس وأبي هريرة رقم 1281 ، 1280 ، 1279 ) وأشار في حديث ابن عباس إلى
ضعف رواية ( زائرات ) .
ومنها قوله لفاطمة لما رآها مقبلة قال : لها ما الذي أخرجك من بيتك قالت ذهبت إلى أهل هذا الميت لأترحم لهم
على ميتهم فقال لها أبلغت معهم الكدى قالت لا قال لو بلغت معهم الكدى ما رأيت الجنة ) رواية أبي داود وذكر فيه تشديداً
ولفظه عند النسائي والحاكم لو بلغت معهم الكدى ( يعني المقابر) ( ما رأيت الجنة حتى يراها جد أبيك) وهذه
الرواية الأخيرة فيها نظر لأن مدارها على ربيعه بن يوسف وهو صدوق له مناكير كما قال في التقريب وبربيعة ضعفها الألباني
رغم أن الحاكم قال صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه ووافقه الذهبي على ذلك فقال على شرطهما مع أن ربيعة
لم يخرج له أحد من الشيخين وإنما خرج له في السنن أما الأحاديث الدالة على الجواز فمنها عن أنس رضي الله عنه قال
مر النبي ﷺ بإمرأةٍ تبكي عند قبر فقال ( اتقي الله واصبري قالت إليك عني فإنك لم تصب بمصيبتي ولم تعرفه فقيل
لها إنه النبي ﷺ فأتت باب النبي ﷺ فلم تجد عنده بوابين فقالت لم أعرفك يا رسول الله فقال إنما الصبر عند الصدمة
الأولى ) كذلك أيضاً ما ورد أن عائشة زارت قبر أخيها عبد الرحمن وتمثلت ببيت تميم بن نويرة
وكنــا كندمـاني جذيمة حقبة
من الدهر حتى قيل لـن يتصــدعا
فلما تفـرقنا كأني ومالـــكاً
لطول اجتماع لم نبت ليلة معــاً
وهذا يدل على أن عائشة لا تعلم في زيارة القبور الزيارة السنية منعاً باتاً. وكذلك الحديث الذي أشار إليه هنا وهو
أن عمر ابن الخطاب رأى امرأة في جنازة فصاح بها فنهاه النبي ﷺ ومن أجل ذلك فقد اختلف أهل العلم في الجمع بين هذه
الأحاديث فمنهم من قال أن ذلك جائز لغير الشواب وهو مروي عن مالك وهذا القول نظر فيه إلى علة الافتتان بالنساء
ومنهم من قال بأن النهي عن اتباع الجنائز نهي كراهة لا تحريم وعليه يدل حديث أم عطية حيث قالت نهينا عن اتباع الجنائز
ولم يعزم علينا والكراهة هنا كراهة تنـزيه فقط أما حديث ( لعن الله زائرات القبور والمتخذين عليها المساجد والسرج )
فهذا مقصود به النساء اللاتي يذهبن إلى المقابر لقصد الزيارة البدعية أو الشركية لاقترانه باتخاذ المساجد على
القبور وهو محرم واتخاذ السرج عليها وهو محرم وهذا هو القول الصحيح وكون الصيغة مبالغة لذلك فإن المقصود به كثيرات
الزيارة للقبور بقصد مبتدع أو قصد شركي
فالمبتدع أن تأتي إليه المرأة للتبرك ولاعتقادها أن الدعاء عنده مستجاب والقصد الشركي أن تدعوا صاحب القبر
في حاجتها وذلك شرك أكبر مخرج من الملة .
وعلى هذا فلا تعارض بين ذلك الحديث أي حديث ابن عباس في السنن بلفظ ( لعن الله زائرات القبور..الخ ) وحديث
أم عطية فتلك الأحاديث تحمل على الزيارة الشركية والبدعية وحديث أم عطية يحمل على الزيارة السنية وأن النهي فيه
نهي تنـزيه لا تحريم وهذا هو القول الراجح إن شاء الله ،
وبالله التوفيق.
--------
تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.
تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ
تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ]
[ المجلد الثالث ]
رابط تحميل الكتاب :
http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf
التصفية والتربية
TarbiaTasfia@
.
ام عادل السلفية
20-10-2015, 02:16PM
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام
للعلامة : احمد النجمي
-رحمه الله -
[162] الحديث الثامن:
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي ﷺ قال أسرعوا بالجنازة فإنها إن تك صالحة فخير تقدمونها إليه وإن تك سوى
ذلك فشر تضعونه عن رقابكم .
موضوع الحديث :
الإسراع بالجنازة في التجهيز والمشي إلى القبر
المفردات :
أسرعوا بالجنازة :الإسراع معروف وهو يكون بسرعة التجهيز للميت وبسرعة الذهاب بها أو المشي بها إلى المقبرة
بالجنازة :بالفتح اسم للميت وبالكسر اسم للنعش الذي يحمل عليه لذا قالوا الأعلى للأعلى والأسفل للأسفل أي أن
الفتح للميت والكسر للآلة أو للسرير الذي يحمل عليه
ولهذا قال الشاعر:
كل ابن أنثى وإن طـــالت ســـلامته
يوماً على آلة حدباء محمول
وعلى هذا فإن الإسراع يكون بالميت إذ هو المقصود وإلا فما معنى الإسراع بالآلة
قوله فإنها إن تك صالحة: أي أن الجنازة إذا كانت من أهل الصلاح والخير فأنتم تقدمونها إلى خير قال فخير تقدمونها
إليه وإن كانت من أهل الفساد والشر فشر تضعونه عن رقابكم .
ولهذا جاء في الحديث أن الجنازة إذا حملت تقول بصــوت يسمعه كل من خلق الله إلا الجن والإنس( فإن كانت صالحة
قالت قدموني وإن كانت غير صالحة قالت يا ويلها أين يذهبون بها يسمع صوتها كل شيء إلا الإنسان ولو سمعه صعق )
المعنى الإجمالي
أمر الشارع ﷺ بالإسراع بتجهيز الجنازة والذهاب بها إلى مثواها إذ لافائدة في بقائها ولهذا قال فإنها إن تك صالحة
فخير تقدمونها إليه وإن تك غير ذلك فشر تضعونه عن رقابكم
فقه الحديث
أولاً: أختلف أهل العلم في المراد بالإسراع هل المراد به الإسراع بالتجهيز أو المراد به الإسراع بالمشي والظاهر أن المشرع
ﷺ يريد كلا الأمرين وقد ذهب إلى أن المراد الإسراع بالمشي ابن حزم الظاهري وحمله على الوجوب وكذلك رجح النووي
أن المراد بالإسراع الإسراع بالمشي لقوله فشر تضعونه عن رقابكم .
وقال القرطبي لا يبعد أن يكون كلاً منهما مطلوباً . قلت وهو الصواب إن شاء الله .
ثانياً:هل الأمر بالإسراع للوجوب أو للندب حمله الجمهور على الندب وحمله ابن حزم على الوجوب .
ثالثاً: قد ورد في الإسراع بالجنازة حين حملها ما رواه أبو داود عن ابن مسعود قال (سألنا رسول الله _ عن المشي مع الجنازة
قال مادون الخبب ) وأخرج أحمد من حديث أبى بردة بن أبي موسى عن أبيه أنه قال( مرت برسول الله ﷺ جنازة تمخض
مخض الزق قال فقال رسول الله ﷺ عليكم القصد) والمراد بالقصد السرعة التي تكون معقولة ولهذا قال ابن دقيق العيد
وذلك بحيث لا ينتهي الإسراع إلى شدة يخاف منها حدوث مفسدة بالميت وقد جعل الله لكل شيء قدراً .
أما قوله فإنها إن تك صالحة فخير تقدمونها إليه أي فأنتم تقدمونها إلى خير وإن تك غير ذلك أو سوى ذلك فشر تضعونه
عن رقابكم فهذه العلة التي من أجلها أمر بالإسراع وهو أن بقاء الميت بين أهله بعد وفاته ليس فيه فائدة ولامعنى معقول
لذلك فإن الحكمة حينئذ هو الإسراع بتجهيزها والذهاب بها إلى مثواها وقد جاء في الحديث عن على بن أبى طالب أن النبي ﷺ
(قال له ياعلي ثلاث لاتؤخرها الصلاة إذا آنت والجنازة إذا حضرت والأيم إذا وجدت لها كفؤاً) إلا أن في سنده كلام غير
أنه لايبلغ بالحديث إلى درجة الترك .
وبالله التوفيق.
--------
تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.
تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ
تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ]
[ المجلد الثالث ]
رابط تحميل الكتاب :
http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf
.
ام عادل السلفية
22-10-2015, 12:15AM
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام
للعلامة : احمد النجمي
-رحمه الله -
[163] الحديث التاسع:
عن سمرة بن جندب رضي الله عنه قال صليت وراء النبي ﷺ على امرأة ماتت في نفاسها فقام في وسطها .
موضوع الحديث :
موقف الإمام من الجنازة
المفردات
قوله ماتت في نفاسها:أي بسببه والنفاس قيل أنه الدم الذي يخرج من المرأة بعد ولادتها
فقام في وسطها :قد اختلف في فتح السين وإسكانها هل بينهما فرق فرق بينهما بأن السكون للمكان الذي بين شيئين
يقال جلس وسطاً بين الساريتين وجلس وسط الدار وقد أطال الصنعاني في العدة الكلام على هذه المسألة فليراجع.
المعنى الإجمالي
أن النبي ﷺ حينما صلى على امرأة ماتت قام في وسطها يعني حذاء وسطها وأن هذه هي السنة كما ورد أنه يقف
إذا صلى على الرجل عند رأسه
فقه الحديث
يؤخذ من الحديث أن موقف الإمام إذا صلى على رجل يكون عند رأسه وإذا صلى على امرأة يكون حذاء وسطها وقد علل
ذلك بأن المقصود به أن يكون الإمام سترةً من النظر إلى حجم المرأة لأن النساء في ذلك الوقت لم يكن يسترن هكذا
قالوا وهل المراد إذا كان قد وقعت هذه العلة أنه ينتفي بانتفائها ؟ الجواب لا بل يتبع ما نطقت به الأدلة ،والأدلة تدل على أن النبي ﷺ
كان يقف عند رأس الرجل وعجز المرأة أو وسط المرأة فهذه هي السنة سواء علمنا الحكمة في ذلك أو لم نعلمها
فعلينا الامتثال لأمر الشارع صلوات الله وسلامه عليه .
--------
تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.
تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ
تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ]
[ المجلد الثالث ]
رابط تحميل الكتاب :
http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf
التصفية والتربية
TarbiaTasfia@
.
ام عادل السلفية
22-10-2015, 12:21AM
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام
للعلامة : احمد النجمي
-رحمه الله-
[164] الحديث العاشر:
عن أبى موسى -عبدالله بن قيس-الأشعري رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ برئ من الصالقة والحالقة والشاقة .
موضوع الحديث:
النهي عن هذه الأمور والبراءة من فاعليها
المفردات
الصالقة:بالصاد ويقال بالسين من الصلق وهو رفع الصوت رفعاً يكون فيه إزعاج هذا هو ما يظهر لي لأن الصلق هو
الإحراق بالنار أو بماء حار ولهذا قال تعالى (فَإِذَا ذَهَبَ الْخَوْفُ سَلَقُوكُمْ بِأَلْسِنَةٍ حِدَادٍ …) [الأحزاب : 19 ]
بمعنى أنهم تكلموا فيكم كلاماً موجعاً لاذعاً
والحالقة: هي التي تحلق رأسها عند المصيبة
والشاقة :هي التي تشق ثوبها عند المصيبة أيضًا .
وقد كانت هذه الأمور مفعولة في الجاهلية ولما جاء الإسلام نهى عنها وحذر منها .
قوله برئ :من البراءة والتبري هوأن يقصد به التبري إلى الله عز وجل من فعل من برئ منه كما قال عن نبي الله إبراهيم
أنه قال لقومه ( إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ …) [الممتحنة : 4 ] والقصد من التبري عدم الموافقة وإظهار
الغضب من المتبرئ منه
المعنى الإجمالي
تبرأ النبي ﷺ ممن تسخط المصيبة .مصيبة الموت وعمل فيها شيئاً من هذه الأمور التي هي الصلق بالصوت
وحلق الشعر وشق الثوب .
فقه الحديث
يؤخذ من هذا الحديث تحريم هذه الأمور التي هي الصلق والحلق والشق تسخطاً للمصيبة التي وقعت بقدر الله عز وجل
والمطلوب من المؤمن الرضا بالقدر فإن لم يكن رضا فليكن صبراً والرضا مرتبة أعلى من الصبر لأن الصبر سكوت
مع لوعة وحرق من المصيبة .
أما الرضا فهو بخلاف ذلك بحيث يرى أنه لو خير بين الثواب وبين إرجاع ما فقد منه لاختار الثواب على ذلك فهو
أي الرضا درجة عالية والصبر على الابتلاء فيه أجر عظيم فكيف بالرضا وقد جاء في الحديث قوله ﷺ ( إن عظم الجزاء
مع عظم البلاء وإن الله إذا أحب قوماً ابتلاهم فمن رضي فله الرضا ومن سخط فله السخط) .
علماً بأن التسخط لا يرد من المصيبة شيئاً .
--------
تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.
تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ
تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ]
[ المجلد الثالث ]
رابط تحميل الكتاب :
http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf
.
ام عادل السلفية
22-10-2015, 09:40AM
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام
للعلامة : احمد النجمي
-رحمه الله-
[165] الحديث الحادي عشر:
عن عائشة رضي الله عنها قالت لما اشتكى النبي ﷺ ذكر بعض نسائه كنيسة رأينها بأرض الحبشة يقال لها ماريه وكانت
أم سلمة وأم حبيبة رضي الله عنهما أتتا أرض الحبشة فذكرتا من حسنها وتصاوير فيها فرفع رأسه ﷺ وقال (( أولئك إذا
مات فيهم الرجل الصالح بنوا على قبره مسجداً ثم صوروا فيه تلك الصور أولئك شرار الخلق عند الله )).
موضوع الحديث:
تحريم البناء على القبور والإخبار بأن الذين يفعلون ذلك هم شرار الخلق عند الله تعالى
المفردات
الكنيسة:هي معبد النصارى جمعها كنائس
رأينها:فيه التعبير بالجمع عن المثنى وهذا موجود في اللغة.
بأرض الحبشة :أي بلادهم يقال لها ماريه أي تسمى بهذا الاسم وكانت أم سلمة وأم حبيبة أتتا أرض الحبشة أما أم سلمة فقد تقدمت
ترجمتها في الجزء الأول وأما أم حبيبة فهي بنت أبي سفيان بن حرب هاجرت مع زوجها عبيدالله بن جحش إلى
الحبشة فتنصر زوجها ومات نصرانياً ثم أرسل النبي ﷺ عمرو بن أمية الضمري بكتاب إلى جعفر بن أبى طالب وإلى
النجاشي يخطبها ووكل جعفر في قبول النكاح عنه وعقد بها ابن عمها سعيد بن العاص ثم نقلت إليه بعد أن امهرها عنه النجاشي
قولها أتتا أرض الحبشة :هي في هجرتهن مع أزواجهن
فذكرتا من حسنها:أي جمال ظاهرها وكثرة التصاوير فيها
فرفع رأسه : أي النبي ﷺ وقال أولئك أي بالخطاب للمؤنث إذا مات فيهم الرجل الصالح بنوا على قبره مسجداً ثم
صوروا فيه تلك الصور أولئك شرار الخلق عند الله
المعنى الإجمالي
لم يشغل النبي ﷺ ما هو فيه من المرض عن النصح والتوجيه ورد الباطل وذم أهله بما يستحقونه من الذم والإخبار
بما لهم عند الله تعالى من سوء العاقبة وشر المنقلب فقد سمع زوجتيه أم سلمة بنت أبي أمية المخزومية وأم حبيبة بنت
أبي سفيان بن حرب بن أمية بن عبد شمس الأموية العبشمية حين ذكرتا كنيسة رأينها بأرض الحبشة وأطرتا في ذكر حسنها وتصاوير
فيها فرفع رأسه مخبراً ًبأن ذلك الحسن المظهري يصحبه القبح المخبري وذلك أن أولئك القوم كانوا إذا مات
فيهم الرجل الصالح بنوا على قبره مسجداً ولكون ذلك بدعة ومن ذرائع الشرك بالله فقد ذم النبي ﷺ ذلك العمل
وذم أصحابه لكونهم يصورون فيه تلك الصور ليعبدوها وينسون خالقهم ورازقهم الذي أحياهم وسيميتهم ويبعثهم
ويجازيهم بأعمالهم لذلك فهم شرار الخلق عند الله تعالى جزاءً لهم على سوء صنيعهم وقبح عملهم .وبالله التوفيق.
فقه الحديث
أولاً:يؤخذ من الحديث تحريم البناء على القبور وقد ورد في ذلك نهي عن النبي ﷺ حيث نهى عن البناء على القبر
والكتابة عليه وأن يزاد فيه على ترابه وأن يرفع أكثر من شبر وأن يجصص فعن جابر رضي الله عنه قال( نهى ﷺ أن تجصص
القبور وأن يكتب عليها وأن يبنى عليها وأن توطأ ) وفي لفظ للنسائي( نهى أن يبنى على القبر أو يزاد عليه أو يجصص زاد سليمان
بن موسى أو يكتب عليه ) ووردت أحاديث بلعن من يتخذ عليها المساجد والسرج فروى الترمذي عن ابن عباس رضي الله عنهما
قال( لعن رسول الله ﷺ زائرات القبور والمتخذين عليها المساجد والسرج ) .
وهذه الأمور تعد من البدع العظيمة المفضية إلى الشرك بالله لأنهم إذا بنوا على القبر اتخذوه مزاراً وزاروه وطلبوا
من صاحبه الحوائج من جلب المنافع ودفع المضار.
ثانياً :يؤخذ من الحديث تحريم بناء المساجد على القبور والمراد بالمساجد المعابد ولهذا عبر الشارع ﷺ عن ذلك بقوله
(أولئك إذا مات فيهم الرجل الصالح بنوا على قبره مسجداً ثم صوروا فيه تلك الصور أولئك شرا ر الخلق عند الله) وكما في
الحديث الآتي لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد .
ثالثاً: يؤخذ منه أن هذا العمل من أفظع الأعمال وأقبحها وأن الذين يعملون أو يسكتون عمن يفعله سكوت الراضي
لا يصلحون أن يسموا دعاة ولا يجوز أن يتخذوا أئمة بل من فعل ذلك فهو من شرار الخلق وإن زعم أنه يتبنى دعوةً إلى الله
فأي دعوة لا تنبني على التوحيد فهي دعوة باطلة وصاحبها صاحب ضلال ومن هنا تعلم أن المنهج الإخواني والمنهج
التبليغي منهجين خاطئين يشتملان على ضلال
فحسن البناء حاضر في مشهد السيدة زينب وكان يرى من يتطوفون بالقبور ولم يعرف أنه نهى عن ذلك في موقف
من مواقفه ولا خطبة من خطبه بل وقع الشرك منه حين قال
هذا الحبيب مع الأحباب قد حضرا وسامح الكل فيما قد مضى وجرى
أي أن رسول الله ﷺ حضر معهم حفل المولد وسامحهم وغفر ذنوبهم وهذا شرك أكبر.
أما جماعة التبليغ فمسجدهم الذي انطلقت منه دعوتهم فيه خمسة قبور ومؤسس ذلك المنهج محمد إلياس كان قبورياً
وكان يجاور عند القبور يلتمس بركتها والله الشاهد أني لا أريد الوقوع في عرض أحد ولا الكلام في أحد
إلا أن يكون في ذلك مصلحة للدين ونصح للمسلمين ولم يلجئني على الكلام في هؤلاء إلا بيان الحق لمن يعتقدون
فيهم الإمامة والصلاح
رابعاً:يؤخذ منه أيضاً بطلان الصلاة في المسجد الذي بني على قبر كما سيأتي في الحديث بعد هذا .
خامساً:يؤخذ منه تحريم الصور وذلك يؤخذ من قوله بنوا على قبره مسجداً ثم صوروا فيه تلك الصور . وقد اختلف أهل العلم
في جواز تصوير ما لا ظل له بعد اتفاقهم على تحريم الصور التي لها ظل فذهب قوم إلى تحريم ذلك مطلقاً وذهب
قوم إلى جوازه مطلقاً وذهب قوم إلى أن التحريم يتعلق بما إذا كانت الصورة باقية الهيئة قائمة الشكل وإن قطع الرأس أو تفرقت
الأجزاء جاز ذلك قال وهذا هو الأصح حكى ذلك الصنعاني عن الحافظ ابن حجر . والقول الرابع إن كان فيما يمتهن
جاز وإن كان معلقأ حرم . أهـ .
قلت : هناك فرق بين التصوير الذي هو الفعل وبين الاستعمال فأما التصوير فيحرم كله على القول الأصح إلا فيما يعمله
الآدمي كالسيوف والخناجر والبيوت والسيارات وكل ما يعمله بنوا آدم من الآلات وغيرها .
وقد اختلف السلف فيما لا روح فيه من المخلوقات كالشجر وما أشبه ذلك فذهب قوم إلى جواز تصوير الشجر وغيره مما
لا روح فيه وممن قال ذلك ابن عباس فقد ورد أنه استفتاه شخص وقال إنه لا يعيش إلا من التصوير فقال له إن كنت فاعلاً ولابد
فعليك بهذا الشجر وما لا روح فيه ورد هذا القول بأنه اجتهاد من ابن عباس وأن الحديث النبوي يدل على منعه كما
جاء في الحديث القدسي (ومن أظلم ممن ذهب يخلق كخلقي فليخلقوا ذرة أو ليخلقوا حبة أو شعيرة) فأشار في الذرة إلى
ما فيه روح وأشار بالشعيرة إلى ما لا روح فيه .
قالوا ونحن لا نصدق بأن الشجر لا روح فيه بل الشجر فيه روح بحسبه وله حياة بحسبه وقد قال الله تعالى (وَآيَةٌ لَهُمْ الأَْرْضُ
الْمَيْتَةُ أَحْيَيْنَاهَا وَأَخْرَجْنَا مِنْهَا حَبًّا فَمِنْهُ يَأْكُلُونَ) [يس : 33] وهذا قول مجاهد وهو الحق الذي تؤيده الأدلة أن الفعل
أي فعل التصوير لا يجوز مطلقاً إلا فيما يعمله بنوا آدم كالأبنية وآلات المراكب المحدثة كالسيارات والطائرات
وآلات الحرب المحدثة كالدبابات والمصفحات وما أشبه ذلك وما لم يكن من عمل ابن آدم فلا يجوز تصويره حتى ولو كان
مما لا روح فيه وقد أخبر الله عز وجل عن الجماد بأنه يسبح فقال ( وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لاَ
تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا ) [الإسراء : 44 ]
وقال في سورة البقرة ( وَإِنَّ مِنْ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهَارُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاءُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ
خَشْيَةِ اللَّهِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ) [البقرة 74 ] فأخبر أن بعض الحجارة تهبط من خشية الله وذلك دليل على ما فيها من
الإحساس الذي خلقه الله عز وجل فيها.
أما الاستعمال فهو أيضاً فيه تفصيل فقد نهى النبي ﷺ عن الصور وأمر بطمسها وإزالتها وأخذ على بعض
أصحابه ألا يجد صورة إلا طمسها ولا قبراً مشرفاً إلا سواه ففي صحيح مسلم عن أبي الهياج الأسدي قال :قال لي علي ابن
أبي طالب رضي الله عنه ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله ﷺ أن لا تدع تمثالاً إلا طمسته ولا قبراً مشرفاً إلا سويته )
وفي لفظ آخر(ولا صورة إلا طمستها) (وجذب قرام عائشة التي كانت قد سترت به سهوتها وفيه صورة ) وهذا يدل
على أن الصور التي ليس فيها ظل أنها محرمة أيضاً لأن الصور التي في القرام إنما كانت منقوشة نقشاً وقد استثنى منه جواز الاستعمال
ما كان في ثوب يمتهن كالأزر الذي تستر به العورة والصورة إذا كانت في الوسادة أو الفراش فإنها تمتهن وتداس
لذلك جاز استعمالها من أجل أنها تهان كذلك أيضاً يستثنى ما قطع رأسه وقطعت أجزاؤه فإنه يجوز استعماله كما دل
على ذلك حديث الترمذي ( أن جبريل وعد رسول الله _ أن يأتيه ثم لم يأت وبعد ذلك جاء إليه وأخبره بأنه جاء ومنعه من
الدخول أن في البيت كلباً وأن فيه صوراً فأمر بالكلب فأخرج أو قال له فأمر بالكلب فيخرج وأمر بالصور فتقطع
رؤوسها حتى تكون كالشجر ) .
--------
تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.
تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ
تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ]
[ المجلد الثالث ]
رابط تحميل الكتاب :
http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf
التصفية والتربية
TarbiaTasfia@
.
ام عادل السلفية
22-10-2015, 09:46AM
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام
للعلامة : احمد النجمي
-رحمه الله -
[166] الحديث الثاني عشر :
عن عائشة رضي الله عنها قالت قال رسول الله ﷺ في مرضه الذي لم يقم منه :- (( لعن الله اليهود والنصارى
اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد )).
قالت :ولولا ذلك لأبرز قبره غير أنه خشي أن يتخذ مسجداً
موضوع الحديث:
تحريم بناء المساجد على القبور
المفردات
قوله في مرضه الذي لم يقم منه : المقصود به المرض الذي توفي فيه ﷺ
لعن الله اليهود والنصارى: اللعن هو الطرد
والإبعاد عن رحمة الله أو الدعاء على اليهود والنصارى بأن يبعدهم الله ويطردهم من رحمته فهو إما إخبار عن طرد الله إياهم
من رحمته وإما دعاء عليهم بذلك .
قوله اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد:هذه الجملة تعليل للعن الذي سبقه أي لأنهم اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد أي جعلوها
معابد يتعبدون فيها .قالت ولولا ذلك أبرز قبره غير أنه خشي أن يتخذ مسجداً الرواية الصحيحة خٌشي بضم الخاء وكسر الشين
المعجمة أي خشيت عائشة رضي الله عنها وخشي الصحابة أن يتخذ مسجداً فكان ذلك مانعاً لهم من إبرازه .
فقه الحديث
أولاً:يؤخذ من هذا الحديث تحريم بناء المساجد على القبور سواء كانت تلك القبور قبور أنبياء أو غيرهم ويستفاد التحريم
من لعن النبي ﷺ لمن يفعلون ذلك لأن عملهم هذا ذريعة إلى الشرك بالله فلذلك كانوا ملعونين بفعل هذه الذريعة.
ثانياً: قرر أهل العلم أن المسجد إذا أحدث على القبر وجب هدم المسجد وإذا جعل القبر في المسجد
وجب إخراج رفات القبر من المسجد
ثالثاً:بناء المساجد على القبور بدعة محرمة وليست شركاً بذاتها ولكن لكونه يكون ذريعة إلى الشرك
فلذلك حرم من أجل ما يتوصل به إليه
رابعاً: يؤخذ منه تحريم الصلاة في المسجد الذي بني على القبر أو جٌعل فيه قبر وهذا يؤدي إلى بطلان الصلاة في
ذلك المسجد سواء كان القبر سابقاً على المسجد أو وضع فيه بعد بناءه وسواء كان القبر في قبلة المسجد أو في غيرها ولعل
هذا الحكم هو الأحوط .
وذهب بعض أهل العلم إلى أن المحرم الذي يؤدي إلى بطلان الصلاة هو ما إذا كان القبر في قبلة المسجد وإلى هذا مال
بعض أهل العلم ولكن الأحوط القول بالبطلان سواء كان القبر في قبلة المسجد أو غيرها لقوله ﷺ
(لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد)
خامساً:الأمر المنهي عنه هو الصلاة ذات الركوع والسجود أما صلاة الجنائز فليست مقصودة ولا يمنع منها على القول الصحيح
بدليل أن النبي ﷺ صلى على المرأة التي كانت تقم المسجد وصلى على قبر أم سعد ابن عبادة وهذا يدل على
أن صلاة الجنازة ليست داخلة في النهي لأنها ليس فيها ركوع ولا سجود ومن هنا نعلم خطأ من أدخل صلاة الجنازة في النهي
وهو ما يظهر من كلام ابن دقيق العيد رحمه الله
سادساً:لعن النبي ﷺ لليهود والنصارى بسبب اتخاذهم لقبور أنبيائهم مساجد وذلك لما يؤدي إليه من الشرك الأكبر
فكم قد رأى الناس من قبور أنشئت عليها مساجد أو أدخلت في المساجد بعد ما بنيت فصار الناس يتطوفون بها ويصلون
إليها ويسألون أصحابها ما لا يسأل إلا من الله عز وجل.
سابعاً:لا فرق بين قبر النبي ﷺ وقبر غيره فلقد اهتم النبي ﷺ بهذا الأمر وخاف أن يتخذ قبره عيداً وقال اللهم
لا تجعل قبري عيداً اللهم لا تجعل قبري وثناً يعبد خوفاً من أن تقع أمته في الشرك الذي حذر الله منه وأرسل الرسل
للتحذير منه .
ثامناً:لقد استجاب الله دعاء نبيه ﷺ فألهم القائمين على بناء المسجد في عهد الوليد بن عبد الملك أن يبنوا على
قبره وقبري صاحبيه مثلثاً يمنع من استقباله وجعله مسجداً لذلك يقول ابن القيم
فـأجـاب رب العالمين دعـاءه
وأحـاطه بثـلاثـة جــدران
تاسعاً:أما إدخال قبر النبي ﷺ وصاحبيه المسجد فهذا حصل في عهد الوليد بن عبد الملك وغضب منه خيار
التابعين ومنهم سعيد بن المسيب وغيره ولم يكن برضى أهل العلم هذا التصرف إلا أنه لم يكن أحد يستقبل الحجر فلما
صارت التوسعة في عهد الأتراك جٌعل ما وراء الحجر داخلاً في المسجد ولكنه بعيد عن القبور جداً وأما إنشاء
القبة التي فوق القبر فقد أنشئت في القرن السابع وكذلك أيضاً أنها لم تكن برضا أهل العلم وإنما كانت من فعل قوم بعيدين
عن العلم وبعيدين عن الحق والعقيدة الصحيحة وقد حصل ما حصل ومنذ دخلت الدولة السعودية في عهد الملك
عبد العزيز وبالأحرى استولت على الحرمين وهي دائبة والحمد لله في نشر عقيدة التوحيد ومنع المتمسحين والمتبركين .
وقد تبين من هذا العرض أنه لا حجة لأحد في كون القبور أدخلت في جانب المسجد فقد علم أنها لم تكن عن مشورة
من أهل العلم وإنما كانت من تصرفات أقوام إلتزامهم بالعقيدة ضعيف وبالله التوفيــق.
--------
تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.
تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ
تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ]
[ المجلد الثالث ]
رابط تحميل الكتاب :
http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf
.
ام عادل السلفية
22-10-2015, 09:51AM
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام
للعلامة : احمد النجمي
-رحمه الله-
[167] الحديث الثالث عشر:
عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه عن النبي ﷺ أنه قال : (( ليس منا من ضرب الخدود وشق
الجيوب ودعا بدعوى الجاهلية )).
موضوع الحديث:
تحريم هذه الأفعال عند نزول مصيبة الموت
المفردات
ضرب الخدود:المقصود منه الذي يحصل عندما يموت الميت فإن كثيراً من النساء يضربن خدودهن ويخمشن
وجوههن ويشققن جيوبهن
قوله وشق الجيوب :الجيب هو الفتحة التي يدخل منها الرأس فإذا وقعت المصيبة فإن بعض النساء تشق
ثوبها حتى تخرج منه وتحثي على رأسها التراب وتصيح وتولول
قوله ودعا بدعوى الجاهلية: هو ما كان أهل
الجاهلية يفعلونه من قولهم واجبلاه
وا ناصراه واسنداه وما أشبه ذلك.
المعنى الإجمالي
تبرأ النبي ﷺ ممن ضرب الخدود وشق الجيوب ودعا بدعوى الجاهلية لأن ذلك تسخط لقضاء الله وقدره
فقال ليس منا من ضرب الخدود .............ألخ
فقه الحديث
أولاً:يؤخذ من هذا الحديث تحريم هذه الخصال التي ذكرت في الحديث من ضرب الخدود وشق الجيوب ونتف
الشعور وحثي التراب على الرأس وما إلى ذلك من الأمور التي تنبئٌ عن التسخط بالقدر فالإسلام حرم النياحة وحرم ما
شاكلها من هذه الأمور التي تنبئٌ عن التسخط وعدم الرضا بالمقدور بل وعدم الصبر على قضاء الله وقدره .
ثانياً: هذه الأعمال من الكبائر هي والنياحة وقد جاء في الحديث الذي رواه مسلم (النائحة إذا لم تتب تقام
يوم القيامة وعليها سربال من قطران ودرع من جرب ) .
ثالثاً: إنما حرمت هذه الأمور لأنها تسخط لقدر الله عز وجل وعدم رضي به والواجب على المسلم أن يرضى بقدر الله
عز وجل وقد قال( ﷺ لابنته حينما أرسلت إليه تدعوه وتخبره أن صبياً لها أو ابناً لها في الموت فقال الرسول ﷺ
ارجع إليها فأخبرها أن لله ما أخذ وله ما أعطى وكل شيء عنده بأجل مسمى فمرها فلتصبر ولتحتسب ) فأمره لها
وأمره للمرأة التي مر بها وهي تبكي على القبر فقال لها يا هذه اتق الله واصبري فقالت إليك عني فإنك لم تصب بمصيبتي
فلما قيل لها إنه رسول الله ﷺ ذهبت إلى بيته لتعتذر فلم تجد عند بيته بوابين فقالت يا رسول الله إني لم أعرفك
فقال إنما الصبر عند الصدمة الأولى هو أمر لجميع أمته .
وجاء في الحديث أن الملائكة تؤمن على ما يقوله أهل الميت عند الموت أي من خير أو شر وعلى هذا فالأولى بالإنسان
الرضا فإن لم يكن الرضا فالصبر فالصابر موعود بالأجر والعوض من المصيبة أما المتسخط والداعي بدعوى
الجاهلية فإنه لا يرد من قدر الله شيئاً فإن قدر الله نافذ على رغم أنفه وعلى ذلك فهو يحرم من أجر المصيبة الموعودة للصابرين.
وفي الحديث ( قال إذا مات ولد العبد قال الله لملائكته قبضتم ولد عبدي فيقولون نعم فيقول قبضتم ثمرة فؤاده فيقولون
نعم فيقول ماذا قال عبدي فيقولون حمدك واسترجع فيقول الله ابنوا لعبدي بيتاً في الجنة وسموه بيت الحمد) فهذا ثواب
الصابرين وذاك عقاب المتسخطين وعلى العبد المسلم أن يسأل الله عز وجل التوفيق لما فيه الخير والسداد وألا يفوت
على نفسه ثواب المصيبة بعد أن أصيب بها فيجمع على نفسه مصيبتين.
--------
تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.
تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ
تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ]
[ المجلد الثالث ]
رابط تحميل الكتاب :
http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf
التصفية والتربية
TarbiaTasfia@
.
ام عادل السلفية
22-10-2015, 09:56AM
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام
للعلامة : احمد النجمي
-رحمه الله -
[168] الحديث الرابع عشر:
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول ﷺ (( من شهد الجنازة حتى يصلي عليها فله قيراط ومن شهدها حتى
تدفن فله قيراطان )) قيل : وما القيراطان ؟ قال : (( مثل الجبلين العظيمين )) .
ولمسلم (( أصغرهما مثل أحد )).
موضوع الحديث :
فضل اتباع الجنازة
المفردات
من شهد الجنازة:أي حضرها والجنازة هي جثة الميت المنقولة إلى القبر وقد تقدم ذلك في أول كتاب الجنائز.
قوله حتى تدفن : الدفن يكون بتسوية التراب عليها .
القيراطان : جزءان من الأجر الله أعلم بهما لكن ورد في الحديث أنهما مثل الجبلين العظيمين وهذا يدل على أن أمور الآخرة
في الثواب والعقاب فوق ما يتصور الإنسان من أمور الدنيا ومثل ذلك قوله ﷺ : ( لو يعلم المار بين يدي المصلي ما ذا عليه
لكان أن يقف أربعين خيراً له من أن يمر بين يديه) وذكر في بعض الروايات أربعين خريفاً .
المعنى الإجمالي
المعنى الإجمالي في هذا الحديث الترغيب في متابعة الجنازة أي جنازة المسلم حتى يصلى عليها وحتى
تدفن لما فيه من الأجر العظيم .
فقه الحديث
أولاً:يؤخذ من هذا الحديث أن من تبع الجنازة حتى يصلي عليها فله قيراط واحد ومن تبعها حتى تدفن فله قيراطان
وهما جزءان من الأجر وقد مثل بالجبلين العظيمين .
ثانياً: أن هذا الأجر حاصل لمن تبع الجنازة إيماناً واحتساباً ليس إلا أما من تبعها مجاملة لأهلها فهذا لا
يدرى هل يحصل له الأجر أم لا ؟ .
ثالثاً: المعروف الآن أن الناس يحشدون في جنائز الأشراف والكبراء دون غيرهم من الفقراء وخاملي الذكر وهذا أمر
لا ينبغي بل ينبغي أن يكون اتباع الجنازة مقصود به الاحتساب وحصول الأجر الموعود ونعوذ بالله من نزغات
الشيطان ونزوات الإنسان ونسأل الله أن تكون أعمالنا خالصة لوجهه مقصوداً بها ما عنده وصلى الله على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه وسلم .
--------
تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.
تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ
تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ]
[ المجلد الثالث ]
رابط تحميل الكتاب :
http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf
.
ام عادل السلفية
22-10-2015, 10:00AM
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام
للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -
كتــاب الــزكـــاة
تعريف الزكاة هي الحق المفروض في المال المعين من الشارع الواجب إعطاءه عند تعلق الوجوب
ومعناها يأخذ شيئين : النماء الذي هو الزيادة والطهرة التي هي التطهير من دنس المعاصي والله سبحانه وتعالى
يقول (خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاَتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ) [التوبة : 103 ]
ويقـول( قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا) )[ الشمس : 9 ] أي طهرها من المعاصي (وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا) [الشمس : 10 ] أي دنّسها بها .
فالزكاة بمعنى النماء قد اعترض عليه بقول القائل إني حينما يكون عندي ألف ريال (1000) ريال فأتصدق منها بخمسة وعشرين
ريال (25) ريال فإنها تكون قد نقصت فكيف يقال أنها بمعنى النماء وأقول إن إخبار الشارع ﷺ بأمر لا يتخلف إلا عند تخلف
سببه أو وجود مانع من موانعه ولا شك أن الصدقة سبب في زيادة المال إذا كانت على الوجه المطلوب شرعاً
فالله سبحانه وتعالى قد أمرنا بالإنفاق إنفاقاً باعتدال ونهانا عن التبذير فإن نحن أنفقنا على الوجه المشروع قاصدين بذلك
وجه الله عز وجل فإننا قد عملنا السبب الذي به يزيد المال حساً ومعنى وإن نحن منعنا ذلك فإنا قد عملنا السبب الذي يوجب
التلف ونقص المال وصدق رسول الله ﷺ إذ يقول ( ثلاثة أقسم عليهن وأحدثكم حديثاً فاحفظوه قال ما نقص مال
عبد من صدقة ولا ظلم عبد مظلمة فصبر عليها إلا زاده الله عزا … )
فأخبر النبي ﷺ أن المال المتصدق منه
يجعل الله فيه البركة فينمو ويزيد وأن المال الذي لا تؤدى زكاته يوجب الله فيه المحق ويسلط عليه الآفات ويسلط على صاحبه المصائب
التي تجتاح ماله نسأل الله العفو والعافية .
هذا في الزيادة الدنيوية أما في الزيادة الأخروية فهي قد أخبر عنها الشارع أيضاً بقوله ﷺ (من تصدق بعدل تمرة من
كسب طيب ولا يقبل الله إلا الطيب فإن الله يتقبلها بيمينه ثم يربيها لصاحبه كما يربي أحدكم فلوّه حتى تكون مثل الجبل )
هذا لفظ البخاري رقم 1410 وقد تبين من هذا أن معنى النماء الذي دل عليه اسم الزكاة حاصل فيها إذا كان صاحبها
قد أنفق على الوجه المشروع مبتغياً بذلك وجه الله تعالى .
أما كونها طهرة فهو يلاحظ من جهتين من جهة تطهيرها للمال الباقي بعد الزكاة يبقى حلالاً طيباً نقياً ومن ناحية أخرى
فهي تطهر معطيها تطهره من رذيلة البخل التي ذم الله بها أقواماً وتجعله في صفوف الباذلين المتصدقين لله رب العالمين
وقد اتضح ما يتعلق بهذا الاسم من المعاني والحمد لله وضوحاً بدون تعقيد .
--------
تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.
تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ
تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ]
[ المجلد الثالث ]
رابط تحميل الكتاب :
http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf
التصفية والتربية
TarbiaTasfia@
.
ام عادل السلفية
22-10-2015, 10:09AM
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام
للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -
[169] الحديث الأول :
عن عبدالله بن عباس رضي الله عنهما قال قال رسول ﷺ لمعاذ بن جبل حين بعثه إلى اليمن : (( إنك ستأتي قوماً أهل
كتاب فإذا جئتهم فادعهم إلى أن يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله فإن هم أطاعوا لك
بذلك فاخبرهم : أن الله قد فرض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة فإن هم أطاعوا لك بذلك فاخبرهم : أن الله قد فرض
عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم فإن هم أطاعوا لك بذلك فإياك وكرائم أموالهم واتق دعوة المظلوم فإنه
ليس بينها وبين الله حجاب )).
موضوع الحديث :
أصول الدعوة وبيان البدأ بالأهم فالمهم
المفردات
قوله لمعاذ بن جبل : أقول معاذ بن جبل بن عمرو بن أوس الأنصاري الخزرجي أبو عبد الرحمن مشهور من أعيان
الصحابة شهد بدراً وما بعدها وكان إليه المنتهى في الأحكام والقرآن مات بالشام سنة ثماني عشرة
تقريب ترجمة 6771
قوله حين بعثه إلى اليمن : اختلف في وقت بعثه إلى اليمن ولعله بعد الفتح وقال بعض أهل العلم هو بعد غزوة تبوك وقيل
بعد حجة الوداع والصحيح أنه قبل ذلك .
إنك ستأتي قوماً أهل كتاب : إخبار النبي ﷺ لمعاذ بهذا من أجل أن يأخذ أهبته لمناظرتهم .
قال فإذا جئتهم فادعهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله : هذا يدل على أن هاتين الشهادتين هي أول ما يدعى
إليه فإن هم أطاعوا لك بذلك فأخبرهم أن الله قد فرض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة فإن هم أطاعوا لك
بذلك فأخبرهم أن الله قد فرض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم وترد على فقرائهم إلى أن قال فإن هم أطاعوا لك بذلك
فإياك وكرائم أموالهم .
الكرائم : جمع كريمه وهي الطيبة المحبوبة من المال ذات اللبن من الماشية .
قوله واتق دعوة المظلوم : أي اجتنب أسبابها
في ترك الظلم فإنه ليس بينها وبين الله حجاب .
المعنى الإجمالي
أرسل النبي ﷺ معاذ بن جبل إلى جهة من اليمن وهي جهة خولان وصنعاء وتعز إلى عدن كما أرسل أبا موسى
على الناحية الغربية المحاذية للبحر وقد أوصى معاذ بن جبل بأن يستعد لدعوه أهل الكتاب فإن دعوتهم تحتاج إلى
استعداد وأمره أن يبدأ بالشهادتين ثم الصلاة ثم الزكاة ونهاه عن أخذ كرائم الأموال لأن أخذها نوع من الظلم والمظلوم له عند الله
دعوة مستجابة وأن دعوته تخرق الحجب لذلك فإنها ينبغي أن تتقى وبالله التوفيق .
فقه الحديث
أولاً :يؤخذ منه عناية الإمام بالدعوة إلى الله تعالى وإرسال الدعاة ولا يختص ذلك بإلإرسال إلى القوم الكفار بل يجب إرسال الدعاة
إلى المجتمعات التي يكثر فيها الجهل والظلم وعدم التقيد بالأحكام الإسلامية حتى ولو كانوا مسلمين في الاسم والهوية .
ثانياً: وصية الإمام لمن أرسله للدعوة إلى الله وأن ينبهه لما يجب الاستعداد له لقوله ( إنك ستأتي قوماً أهل كتاب )
ثالثاً:الوصية بتقديم الأهم على المهم وهذا عام في الدعوة بأن يقدم فيها الأهم وهي العقائد التي لا يصح إسلام العبد
إلا بها كتوحيد الألوهية وتوحيد الأسماء والصفات وتعريف ما يناقض الشهادتين .
رابعاً :أن أهم شيء ينبغي أن يدعى إليه هو شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله وهذه الشهادة لا تقبل من قائلها
إلا أن يكفر بما يعبد من دون الله من الطواغيت فإن قالها وهو يعبد مع الله غيره لم تنفعه ولو قالها في اليوم مائة ألف مرة
خامساً:لا بد أن يعرف الداعي معنى لا إله إلا الله وهو النفي والإثبات ويعلمها المدعوين ليمتثلوها ظاهراً وباطناً والله
سبحانه وتعالى يقول ( إِلاَّ مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ) [الزخرف : 86 ] ومن العلم بمعناها معرفة شروطها السبعة التي
ذكرها أهل العلم .
سادساً: مقتضى شهادة أن محمداً رسول الله الإذعان لأمره ونهيه وتصديق خبره والإيمان بما أخبر عنه من المغيبات الماضية
والآتية وإنها حق وصدق ليست ألغازاً ولا تورية ولا أموراً وهمية وأن يبتعد المكلف عن التأويلات التي يرد بها خبر
الرسول _ والله سبحانه وتعالى يقول (…. وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا) [النساء : 135]
سابعاً : يؤخذ من قوله فإن هم أطاعوا لك بذلك أنه لا يدعى للصلاة إلا من أذعن للشهادتين وقام بما تقتضيه كل واحدة منهما .
ثامناً :يؤخذ منه فرضية الصلوات الخمس في كل يوم وليلة .
تاسعاً : يؤخذ من حصرها بخمس أنه ليس هناك فرض في الصلاة غيرها أما أن يكون هناك واجب من الصلوات فالظاهر
أنها لا تنفيه والفرق بين الفرض والواجب أن الفرض هو ما لا يتم الإسلام إلا بفعله والواجب ما يأثم تاركه وإسلامه باق
على حاله أي أن تركه لا يناقض الإسلام مثل الوتر عند الحنفية وتحية المسجد عند قوم وهو الصحيح للأمر بها وقت المنع .
وصلاة العيدين عند من يرى أنها فرض كفاية
عاشراً: أنه يجب على من أذعن للصلوات الخمس أن يأتي بها على ما شرعها الله من وقت وأعداد ركعات وتكبير وهيئات
وتقدم شروط كالطهارة من الحدث الأكبر والأصغر ومن النجاسات وطهارة البقعة والثوب .
الحادي عشر :قد صح أن ترك الصلاة كفر من حديث أنس وبريدة وصح عن عبدالله بن شقيق ( أن أصحاب النبي ﷺ
كانوا لا يرون شيئاً من الأعمال تركه كفر غير الصلاة ) وعلى هذا فإن من ترك الصلاة بالكلية كفر كفراً مخرجاً من
الملة يستتاب فإن تاب وإلا قتل ولا يعاد إذا مرض ولا تتبع جنازته إذا مات ولا يدفن في مقابر المسلمين ولا يرثه وارثه المصلي
ولا يرث هو من مورثه المصلي .
الثاني عشر: يؤخذ من قوله فإن هم أطاعوا لك بذلك فأخبرهم أن الله قد فرض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد
على فقرائهم إن الزكاة لا يدعى إليها ولا تطلب إلا ممّن أذعن للصلاة وعمل بها وقد جاءت النصوص في كتاب الله
وسنة رسوله ﷺ مرتبة للزكاة على الصلاة كقوله تعالى (وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ
وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ) [البينة : 5]
الثالث عشر:إن الزكاة مبينة بينتها السنة وهي في
1- النقدين وما عمل منهما كالحلي بواقع ربع العشر ويلحق بذلك عروض التجارة
2- وفي ما أخرجت الأرض من الثمار المقتاتة المدخرة بواقع العشر إذا سقيت بماء السماء وبواقع نصف العشر
إذا سقيت بالآلات
3- زكاة بهيمة الأنعام وهي مبينة في كتب الفقه وسيأتي بيان بعضها. فهذه ثلاثة أشياء تجب فيها الزكاة .
الرابع عشر: إن الصدقة المعينة من الشارع تؤخذ من الأغنياء وترد على الفقراء .
الخامس عشر: كل من أخذت منه الزكاة فهو غني فلا يعطى منها وهذا قول جمهور العلماء لظاهـر الأدلة ومنها هذا الحديث
( تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم) وقال قوم إن ذلك لا يمنع من إعطاء الزكاة لمن يكون ما عنده لا يفي بحاجته
وهو ما يسمى بالمسكين الذي ليس عنده غناً يغنيه ولا يفطن له فيتصدق عليه ولعل هذا الأخير هو الأرجح . وذلك يكون بالنظر
إلى حال من وجبت عليه زكاة قليلة وكان ماله المزكى لا يفي بحاجته والله أعلم .
السادس عشر :هل الضمير في أغنيائهم وفقرائهم يعود على كل جماعة بعينها أو يعود على عموم المسلمين فمن قال أن الضمير
يعود على عموم المسلمين أجاز نقل الزكاة ومن قال أن الضمير يعود على أهل بلدة بعينها منع من نقل الزكاة إلا بعد
استغناء فقراء ذلك البلد .
السابع عشر:يؤخذ من قوله فإن هم أطاعوا لك بذلك فإياك وكرائم أموالهم إن كريمة المال ممنوعة في الصدقة إلا أن
يشاء المتصدق المعطي .
وكريمة المال هي التي يحرزها صاحب المال وينظر إليها نظرة إعجاب وهي الفاخرة من ماله كالحلوبة والحامل والربى
وهي المرباة وفحل الغنم وما أشبه ذلك .
الثامن عشر:إذا كان أخذ الكرائم في الزكاة محرم فإن في ذلك دليل على بطلان ما يزعمه أهل الإشتركية من أخذ بعض
الأموال الزائدة عن حاجة صاحبها والله سبحانه وتعالى يقول (وَلاَ تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ
لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالإِْثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ) [البقرة : 188 ] والنبي ﷺ قال في خطبته في حجة الوداع
(... إن دمائكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا…..
التاسع عشر: يؤخذ منه أن الزكاة مصرفها هو بيت مال المسلمين وقابضها ومتوليها والناظر فيها هو إمام المسلمين
فلا يجوز أن توزع من دون إذنه فمن فعل ذلك ضمن أي بأن يضمنها لبيت مال المسلمين إلا الزكاة السرية أي زكاة المال السري
وهي النقود التي لا يعلمها أحد ولكن إذا كانت مودعة في البنوك أو الشركات التجارية فإن الزكاة فيها تلزم لبيت
مال المسلمين لأنها خرجت من السر إلى العلن فكانت كسائر الزكوات .
العشرون :يؤخذ من قوله واتق دعوة المظلوم فإنه ليس بينها وبين الله حجاب يؤخذ من هذا النص أن الظلم موجب لاستجابة
دعوة صاحبه ولو كان فاجراً أو كافراً وقد جاء في الحديث أن دعوة المظلوم تخرق الحجب فينبغي للمسلم أن يتجنبها وأن لا يكون
متسبباً في دعوة المظلوم عليه لأنه إذا فعل ذلك فقد أساء إلى نفسه واستوجب غضب ربه وفي الحديث
( الظلم ظلمات يوم القيامة )
وبالله التوفيق .
--------
تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.
تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ
تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ]
[ المجلد الثالث ]
رابط تحميل الكتاب :
http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf
.
ام عادل السلفية
22-10-2015, 10:17AM
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام
للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -
[170] الحديث الثاني من أحاديث الزكاة
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال : رسول ﷺ ( ليس فيما دون خمس أواق صدقة ولا فيما دون خمس
ذود صدقة ولا فيما دون خمسة أوسق صدقة ).
موضوع الحديث :
بيان أنصبة ما ذكر فيه وأنه لا زكاة فيما دونها .
المفردات
الأواق :جمع أوقية يقال أوقية بضم الهمزة وكسر القاف وتشديد الياء آخرها تاء مربوطة وكثير من الناس ينطقها بدون همزة
وبالأخص العامية وجمع الاوقية أواقي كسرية وسراري وتجمع أيضاً على وقايا والأوقية اسم لعدد من الدراهم وهي
أربعون درهماً
فالخمس الأواق مائتي درهم وقد كانت الدراهم في عهد النبي ﷺ نوعان بغلية وطبرية فالبغلية نسبة إلى ملك يقال
له رأس البغل وهي السود وكل درهم منها ثمانية دوانق والطبرية نسبة إلى طبرية الشام والدرهم منها أربعة دوانق فلما كان
عهد عبد الملك جمع العلماء وضرب دراهم إسلامية كل منها ستة دوانق وقد نوزع في هذا بأن النبي ﷺ لم يحل على
مجهول ومضمون كلام القائل أن الشارع أحال على مجهول وهو خطأ قلت : الصحيح أن النبي ﷺ أحال على كل
شئ بحسبه فالدراهم البغلية تزكى بحسبها لكن يبقى النصاب متردداً بين درهم ثمانية دوانق ودرهم أربعة فإن قلنا بالحيطة للفقراء
جعلنا النصاب في مائتي درهم طبرية وإن قلنا بالحيطة لأصحاب الأموال جعلنا النصاب معتبراً بالدراهم البغلية لكن لما
جاء عبد الملك وضرب الدراهم الإسلامية المتوسطة اعتبرت هي المقصودة بالنصاب فيكون النصاب مائتي درهم وباعتبار
أن كل عشرة دراهم سبعة مثاقيل فيكون نصاب الفضة مائة وأربعون مثقالاً أما بالنسبة للجرامات فإن المائتي درهم خمسمائة
وخمسة وتسعون جراماً (595) جرام والتحقيق بالدقة أن المائتي درهم تكون بالجرامات خمسمائة جرام وأربعة وتسعون جراماً
(594) جراماً أي ستمائة جرام تنقص ستة جرامات .
قوله ذود : الذود اسم للواحدة من الإبل إذا كانت فوق ثلاث ودون عشر ويقال أنه لا واحداً له من لفظه أما الخمسة
أوسق فهي جمع وسق والوسق ستون صاعاً نبوياً فالخمسة الأوسق ثلاثمائة صاع بالصاع النبوي والصاع النبوي أربعة أمداد
والمد ما أقله رجل متوسط بكفيه .
قلت : لعل هذا التعريف بالمد أعتبر في ذلك الزمان فلعل المتوسط الحجم من الرجال في ذلك الزمن يساوي الكبير الجسم
في هذا الزمن ولأهل العلم كلام في مقدار المد لعله أدق لا نطيل فيه فليرجع إليه في كتاب الإيضاح والتبيان بمعرفة
المكيال والميزان لابن الرفعة وتحقيق محمد الخاروق دكتور في جامعة أم القرى والثلاثمائة الصاع النبوي تعدل خمسة وسبعون
صاعاً بالصاع المعروف في منطقتنا منطقة جازان وبالله التوفيق .
المعنى الإجمالي
أخبر النبي ﷺ أمته في هذا الحديث حديث أبي سعيد أنه لا زكاة في ما دون خمس ذود من الإبل ولا زكاة فيما دون
خمس أواق من الورق أي الفضة ولا زكاة فيما دون خمسة أوسق من الحبوب وهذه رحمة من الله بعباده يجب أن يعرفوا مقدار ما للشرع
من حكم فيكون ذلك سبباً لزيادة الإيمان وبالله التوفيق .
فقه الحديث
أولاً: أنه لا زكاة فيما دون ما ذكر من الإبل والورق والحبوب واختلف أهل العلم فيما إذا كان النقص يسيراً هل يجبر وتجب
الزكاة فذهب مالك إلى أن النقص البسيط لا يعتبر مانعاًَ من وجوب الزكاة وذهب البعض الآخر إلى أن النقص يمنع
الوجوب سواء كان قليلاً أو كثيراً .
ثانياً: علم من قوله ( ليس فيما دون خمس أواق صدقة ) أن الصدقة في الفضة وعروض التجارة تجب في مائتي
درهم فما فوقها بشرط أن يحول عليها الحول فلا تنقص في مدة الحول عن النصاب فإن نقصت في أثناء الحول ثم جبرت
في آخره لم تجب الزكاة في ذلك وإنما تعتبر من الوقت الذي جبرت فيه فيبدأ الحول من حين حصل الجبر .
ثالثاً : نصاب الورق مائتي درهم أما الزكاة التي تجب في المائتين فهي ربع العشر أي في كل مائتين خمسة دراهم وما زاد
فهو بحسابه والمائتي درهم هي خمسون ريالاً بالريال السعودي لأن الريال السعودي أربعة دراهم
رابعاً : لم يذكر في هذا الحديث نصاب الذهب وقد قال بعض أهل العلم أن نصاب الذهب ليس فيه حديث صحيح وممن
قال هذا ابن عبد البر وتبعه في ذلك جماعة من أهل العلم إلا أن ابن عبد البر نفسه قد نقل الإجماع على أن نصاب الذهب
عشرون مثقالاً إلا ما روي عن الحسن البصري والزهري أنه أربعون مثقالاً وهو قول شاذ لا يعتد به وقد أخرج أبو داود
صحيفة عمرو بن حزم من طريق حفيده أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم وفيها بيان أنصبة الزكاة وبين فيها نصاب الذهب
بإسناد لا مطعن فيه وأقره المنذري قلت : تتعاضد الأحاديث الواردة في ذلك على شئ من الضعف بها مع الإجماع
الحاصل على أن نصاب الذهب عشرون مثقالاً وقد بين في كتاب الإيضاح والتبيان أن المثقال زنته بالدقة أربعة جرامات وثلاثة
وعشرون بالمائة من الجرام .
خامساً : وقد جبر ذلك بزيادة اثنين في المائة فصار المثقال أربعة جرامات وربع وعلى هذا فيكون نصاب الذهب خمسة
وثمانون جراماً بضرب أربعة وربع في عشرين مثقال وإذا قلنا بالدقة فإنه ينقص أربعين بالمائة من الخامس والثمانين وذلك
اعتباراً بالذهب الخالص أما إذا كان الذهب مخلوطاً بشيء كعيار واحد وعشرين الذي يكون الخلط فيه بنسبة الثمن فإن
النصاب فيه يكون ستة وتسعين جراماً تقريباً أما إذا كان الذهب من عيار ثمانية عشر فيزاد ربع الكمية ،
وربعها واحد وعشرون جراماً وخمسة عشر بالمائة من الجرام الثاني والعشرون يضاف على أربعة وثمانين وستين بالمائة يكون
بالدقة مائة وخمسة جرامات وخمسة وسبعين بالمائة فيقال عيار واحد وعشرين نصابه ستة وتسعون جراماً من الذهب
المخلط وعيار ثمانية عشر نصابه مائة وستة جرامات من الذهب المخلط فإنه حينئذ بهذه المقادير يكون في كل
منهما الذهب الصافي خمسة وثمانون جراماً وذلك هو النصاب الذي تجب فيه الزكاة بشرط أن لا ينقص أثناء الحول
وبالله التوفيق.
فائدة :
اختلف أهل العلم في الحلي الملبوس سواء كان من الذهب أو الفضة هل تجب فيه الزكاة أم لا فذهب الجمهور من
الصحابة فمن بعدهم إلى أن الذهب الملبوس لا زكاة فيه قياساً على البقر العوامل وإلى ذلك ذهب الأئمة الثلاثة
مالك والشافعي وأحمد بن حنبل وذهب قوم إلى وجوب الزكاة في الحلي سواء كان ملبوساً أو غير ملبوس منهم جماعة من الصحابة
وإلى ذلك ذهب أبو حنيفة وبعض أهل العلم في زماننا هذا منهم الشيخ عبد العزيز بن باز وابن عثيمين وهذا هو القول
الصحيح فيما أرى وأدين الله به لأنه قد صحت به ثلاثة أحاديث أحدها حديث عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما في المرأة
اليمنية التي أتت إلى النبي ﷺ ( وفي يد ابنتها مسكتان غليظتان من ذهب فقال أتؤدين زكاة هذا قالت لا قال أيسرك
أن يسورك الله عز وجل بهما يوم القيامة سوارين من نار قال فخلعتهما فألقتهما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت
هما لله ولرسوله ﷺ وقد صح في ذلك حديثان آخران حديث عن أم سلمة وحديث عن عائشة رضي الله عنهما
وكل هذه الأحاديث تفيد وجوب الزكاة في الحلي الملبوس سواءً كان ذهباً أو فضة وقد صححها الألباني في صحيح سنن أبي داود
باب الكنز ما هو وزكاة الحلي رقم ( 1382و1383 و1384 ) .
أما الاستدلال بالآية الكريمة ( أَوَمَنْ يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ ) [الزخرف : 18 ] على عدم وجوب
الزكاة في الحلي الملبوس فهو استدلال في غير محله إذ أن الامتنان بذلك لا يمنع وجوب الزكاة في الحلي والله تعالى أعلم .
قوله : (ولا فيما دون خمس ذود صدقة ) تفيد هذه الجملة أن أقل نصاب من الإبل تجب فيه الصدقة هو خمس من الإبل
وما دونها فليس فيه شئ فإذا بلغت خمساً ففيها شاة إلى تسع فإذا بلغت عشراً ففيها شاتان فإذا بلغت خمس عشرة ففيها
ثلاث شياه فإذا بلغت عشرين ففيها أربع شياه فإذا بلغت خمساً وعشرين ففيها بنت مخاض أي ما أكملت سنة
وطعنت في الثانية ( أو ابن لبون ) إلى خمس وثلاثين فإذا بلغت ستاً وثلاثين ففيها بنت لبون وهي ما أكملت
سنتان وطعنت في الثالثة إلى خمس وأربعين فإذا بلغت ستاً وأربعين ففيها حقة طروقة الجمل وهي ما أكملت ثلاث سنين وطعنت في
الرابعة إلى أن تبلغ ستين ، فإذا بلغت إحدى وستين ففيها جذعة وهي ما أكملت
أربع سنين وطعنت في الخامسة إلى أن تبلغ خمساً وسبعين ، فإذا بلغت ستاً وسبعين ففيها بنتا لبون إلى أن تبلغ تسعين ،
فإذا بلغت إحدى وتسعين ففيها حقتان ، (إلى مائة وعشرين فإذا زادت ففي كل اربعين بنت لبون وفي كل خمسين حقة ) .
قوله : ( ولا فيما دون خمسة أوسق صدقة ) تقدم توضيح الوسق لغة ومقداره ،
والخمسة الأوسق هي ثلاثمائة صاع نبوي ، وخمسة وسبعون بالمكيال المحلي الذي يمثل الصاع منه أربعة آصع بالصاع النبوي ،
وقد اختلف أهل العلم فيما إذا كانت الحبوب دون خمسة أوسق بشيء قليل هل يجبر هذا القليل وتجب الزكاة هذا محل
نظر وخلاف بين أهل العلم والأظهر أن الزكاة لا تجب إلا إذا بلغت الحبوب هذه الكمية ثم أن الواجب هو العشر فيما
سقت السماء ، ونصف العشر فيما سقي بمؤنة كالنضح على الإبل سابقاً وكالآبار الارتوازية التي تروى منها الأراضي الزراعية
بواسطة الضخ بالمكائن ، ثم اختلفوا في الأنواع التي تجب فيها الزكاة فذهب الجمهور إلى أن الزكاة تجب في كل مدخر
ومقتات من الحبوب كالبر والشعير والتمر والزبيب وهذه الأربعة الأنواع هي المذكورة في الأحاديث وما عدا ذلك من
الحبوب المدخرة والمقتاتة كالأرز والذرة والدخن والكناب وما أشبه ذلك فإن كان مدخراً ولم يكن مقتاتاً إلا في حالة الضرورة
كالقطنيات فهذه فيها خلاف ضعيف وقد ذهبت الظاهرية إلى أن الزكاة لا تجب إلا في الأربعة المذكورة في
الحديث وهي البر والشعير والتمر والزبيب وفي مقابل ذلك ذهب أبو حنيفة إلى وجوب الزكاة في كل ما يقصد من زراعته نماء
الأرض من الثمار والرياحين والخضراوات إلا الحطب والقصب والحشيش والشجر الذي ليس له ثمر وذهبت الهادوية إلى وجوب الزكاة في
الخضراوات والقصب وكل ما أخرجت
الأرض إلا أنهم خالفوا أبا حنيفة فاعتبروا الأوسق فيما يكال عملا بحديث أبي سعيد رضي الله عنه واعتبروا نصاب الورق في
الخضراوات وما أشبهها فجعلوا الزكاة فيما لم يكن معتبراً بالقيمة فإذا بلغت قيمته مائتي درهم وجبت فيه الزكاة والذي
يظهر لي أن مذهب الجمهور هو الصحيح وهو أن الزكاة واجبة في كل ثمر يقتات ويدخر وما عدا ذلك فقد ورد
فيه العفو من الشارع ﷺ وفي ذلك حديث رواه الإمام أحمد في مسنده عن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما
وبالله التوفيق .
--------
تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.
تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ
تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ]
[ المجلد الثالث ]
رابط تحميل الكتاب :
http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf
.
ام عادل السلفية
22-10-2015, 10:26AM
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام
للعلامة : احمد النجمي
-رحمه الله -
[171] الحديث الثالث:
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ قال: (( ليس على المسلم في عبده ولا فرسه صدقة )) .
وفي لفظ (( إلا زكاة الفطر في الرقيق )).
موضوع الحديث :
عدم وجوب الزكاة في العبيد والخيل أي في أعيانهم بخلاف ما إذا كان شئ من ذلك للتجارة .
المفردات
ليس على المسلم في عبده ولا فرسه صدقة :أي ليس فيها زكاة والمقصود بالصدقة هنا الزكاة المفروضة .
قوله إلا زكاة الفطر في الرقيق : وهم العبيد
المعنى الإجمالي
شرع الله يسر وقد نفى الله عز وجل الحرج فيه كما قال تعالى (وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ
إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمْ الْمُسْلِمينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا …)الآية [الحج : 78 ] .
ومن عدم الحرج في الإسلام أن الله سبحانه وتعالى عفا عن الزكاة فيما يحتاجه العبد من الضروريات كالعبد
المستخدم في الخدمة لسيده والفرس المركوب والبقر العوامل ومنيحة البيت والمرباة للأكل كل هذه معفو عنها فلا تجب فيها
الزكاة اللهم إلا ما اشترى عرضاً للتجارة وكان المقصود منه استحصال الربح فيه وبالله التوفيق .
فقه الحديث
قال ابن دقيق العيد الجمهور على عدم وجوب الزكاة في عين الخيل واحترزنا بقولنا في عين الخيل عن وجوبها في
قيمتها إذا كانت للتجارة .
قوله الجمهور على عدم وجوب الزكاة في عين الخيل يفهم من هذا أن هناك خلاف في وجوبها في عين الخيل والخلاف لأبي
حنيفة كما ذكره في قوله وأوجب أبو حنيفة في الخيل الزكاة وحاصل مذهبه أنه إذا اجتمع الذكور والإناث وجبت الزكاة فيها عنده قولاً
واحداً وإن انفردت الذكور أو الإناث فعنه في ذلك روايتان من حيث أن النماء بالنسل لا يحصل إلا باجتماع الذكور والإناث
وإذا وجبت فهو مخير بين أن يخرج عن كل فرس دينار أو يقوم يعني يُثَمّن الخيل ويخرج عن كل مائتي درهم خمسة دراهم .
قلت : قول أبي حنيفة هذا مصادم للنص الشرعي في عدم وجوب الزكاة في الخيل إذا كانت للقنية كما أنه قد عفا
عما دون أربعين من الغنم وعما دون خمس من الإبل وعما دون عشرين من البقر وعفا عن العوامل وهي البقر التي يحرث عليها
فكذلك عفا الشارع عن الخيل فإذا كان النبي ﷺ يقول ليس على المسلم في عبده ولا فرسه صدقة
فكيف يقال أن عليه في فرسه صدقة ولعل أبا حنيفة كان معذوراً لعدم بلوغ الحديث إليه أو لأنه فهم من الحديث أن العفو
عما كان مركوباً لصاحبه من الخيل وما كان مستخدماً لسيده من العبيد ولكن قول النبي ﷺ مقدم على كل رأي . قول الشارح
رحمه الله تعالى واحترزنا بقولنا لعين الخيل عن وجوبها في قيمتها إذا كانت للتجارة ثم قال وقد استدل الظاهرية بهذا
الحديث على عدم وجوب زكاة التجارة وقيل أنه قول للشافعي في القديم من حيث الحديث يقتضي عدم الزكاة الخيل والعبيد
مطلقاً ويجيب الجمهور عن استدلاله بوجهين .
قلت : المقصود من هذا أن الجمهور يجيبون عن استدلال الظاهرية في هذا الحديث على عدم وجوب زكاة العروض
بوجهين ثم قال أحدهما القول بالموجب وأن زكاة التجارة متعلقها القيمة لا العين فالحديث يدل على عدم التعلق بالعين .
قلت : يعني أن الشارع عفا عن الزكاة في عين الخيل إذا كانت للقنية فإن اشتريت الخيل أو العبيد للتجارة بأن كان
المقصود بها البيع لتحصيل الربح فإن الزكاة تكون متعلقة بالقيمة لا بالعين فإن نوى المشتري للخيل التجارة ثم بعد ذلك
حول نيته إلى القنية سقطت الزكاة لتحول النية عنها .
قال والثاني أن الحديث عام في العبيد والخيل فإذا أقام الدليل على عدم وجوب زكاة التجارة كان هذا الدليل أخص
من ذلك العام من كل وجه فيقدم عليه إن لم يكن فيه عموم من وجه إلى آخره
وأقول : إن قول المؤلف هذا يقصد به أن الدليل الخاص على عدم وجوب الزكاة في التجارة مقدم على الدليل العام
وهو كذلك وإذا نظرنا في الأدلة على وجوب الزكاة في التجارة نجد أن فيها ما هو مفهوم ومنها ما هو منطوق فمن المفهوم
قول الله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنْ الأَْرْضِ وَلاَ تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنفِقُونَ
وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلاَّ أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ ) [البقرة : 267 ] قال مجاهد نزلت في التجارة .
قلت : الكسب يعم التجارة وغيرها فلو كسب الإنسان مالاً من أجره أو تجارة أو حرث أو غير ذلك ثم بقي عنده حولاً وكان المال
يبلغ نصاباً وجبت فيه الزكاة وعلى هذا فإن الآية عامة في الكسب إلا أن تفسير مجاهد يجعل الكسب في التجارة
داخل في عمومها .
ثانياً :الأدلة الصريحة منها ما هو ضعيف ومنها ما هو مقارب فالحديث الذي رواه الحاكم أن النبي ﷺ
قال : (في الإبل صدقتها وفي البقر صدقتها وفي الغنم صدقتها وفي البز صدقته ) والبز بالباء والزاي المعجمة ما يبيعه البزازون
كذا ضبطه الدارقطني والبيهقي .
قال ابن عبد البر وروي والبر بضم الباء والراء المهملة وفي البر صدقته وعلى هذا فالدليل لا يكون صالحاً للاستدلال
على عروض التجارة إلا إذا كان الراجح هو اللفظ الأول .
وفي سنن أبى داود عن سمرة أن النبي ﷺ (كان يأمرنا أن نخرج الصدقة من الذي نعد للبيع ) إلا أن الحديث ضعيف
ضعفه الألباني وغيره وهناك حديث عن عبدالله بن عمر وعائشة وهو ضعيف أيضاً.
وأخرج الشافعي وأحمد وعبد الرزاق والدارقطني عن أبي عمرو بن حماس عن أبيه أنه قال ( كنت أبيع الأدم فمر بي عمر
بن الخطاب فقال لي أدّ صدقة مالك فقلت يا أمير المؤمنين إنما هو في الأدم قال قوّمه وأخرج صدقته ).
قلت : حديث حماس أخرجه أبو عبيد بن القاسم بن سلاّم في كتاب الأموال ( أن عمر قوّم بضاعته التي كانت معه فجاءت قيمتها
عشرون ديناراّ فأخذ منه نصف دينار صدقة عنها ) وهذا الأثر صحيح
وروى البيهقي عن ابن عمر قال ( ليس
في العروض زكاة إلا ما كان للتجارة ) قال ابن المنذر الإجماع قائم على وجوب الزكاة في مال التجارة وممن قال بوجوبها
الفقهاء السبعة قال لكن لا يكفر جاحدها للاختلاف فيها .
قلت : إثباته للاختلاف دال على عدم صحة الإجماع إلا أن يقال أن الخلاف للظاهرية ولم يعتد ابن المنذر بقولهم
فالله تعالى أعلم والمهم أن جماهير أهل العلم أطبقوا على وجوب الزكاة في عروض التجارة وإن كانت الأحاديث المرفوعة التي
تدل على وجوبها فيها لا تخلوا من مقال واحتمال مع قلتها ولكن هناك آثار صحيحة تسندها مع مفهوم الآية ولذلك
فإن ما ذهب إليه الجماهير هو الحق إن شاء الله ويبقى معنا الكلام على وجوب زكاة الفطر في الرقيق كما في الرواية
الثانية وقد حقق الصنعاني في العدة أن هذه الرواية ليست في الصحيحين وإنما هي من إفراد مسلم والجمهور على أن زكاة الفطر
المتعلقة بأعيان العبيد متجهة على أسيادهم الذين يستغلونهم في الخدمة .
وقال قوم أن الزكاة عليهم أي على العبيد وعلى السيد إن لم يؤد الزكاة عن عبيده بأن يمكنهم من الكسب من أجل أدائها
وحكي هذا القول عن مالك قال الصنعاني وحكاه القاضي عن أبي ثور
قلت : القول بوجوبها على الأسياد هذا هو
القول الصحيح كما أنه يجب على صاحب البيت ومعيل العائلة زكاة الفطر عن نسائه وأولاده كما جاء في الحديث عن ابن عمر
رضي الله عنهما قال ( فرض رسول الله ﷺ زكاة الفطر صاعاً من تمر أو صاعاً من شعير على العبد والحر والذكر
والأنثى والصغير والكبير من المسلمين وأمر بها أن تؤدى قبل خروج الناس إلى الصلاة ).
وقد تبين أن وجوب الزكاة أي زكاة الفطر التي تتعلق بأعيان العبيد أنها على أسيادهم وبالله التوفيق
--------
تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.
تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ
تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ]
[ المجلد الثالث ]
رابط تحميل الكتاب :
http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf
التصفية والتربية
TarbiaTasfia@
.
ام عادل السلفية
22-10-2015, 10:31AM
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام
للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله-
[172] الحديث الرابع :
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ قال: ((العجماء جبار والبئر جبار والمعدن جبار وفي الركاز الخمس )).
موضوع الحديث :
إسقاط المؤاخذة بما جنته العجماء من بعضها على بعض وكذلك لو سقطت بئر على حافرها أو بانيها وكذلك لو سقط
المعدن على من يشتغل فيه فإنها كلها لا دية فيها ولا جناية مأخوذة على صاحبها .
المفردات
العجماء : هي الدابة المستعملة من ذوات الأربع التي أباح الله لحمها ولبنها أو أباح ركوبها والحمل عليها
قوله جبار : أي هدر لا شئ فيما جنته .
والبئر : هي التي تحفر لأخذ الماء منها وهي جبار لو سقطت على حافرها أو بانيها أو سقط فيها أحد فإنه لا دية فيها
ولا جناية إلا أن يكون الحافر متسبباً لذلك وكذلك المعدن إذا سقط على من يشتغل فيه
الركاز :هو المال المركوز في الأرض من دفن الجاهلية .
قوله في الركاز الخمس :أي إذا وجد ذلك في الأرض ليست لأحد ولا عليها ملك .
المعنى الإجمالي
شرع الله عز وجل أن ما جرحته العجماء التي لا سيطرة عليها لأحد وما حصل في البئر من شئ من غير سبب أو المعدن
بغير سبب مالكه فإنه عفو من الله عز وجل لا شئ فيه ولا ضمان وأنه إذا وجد مال مدفون في الأرض من دفن الجاهلية فإن
فيه الخمس وهذه الأحكام شرعها الله عز وجل لما فيها من المصلحة والعدل .
فقه الحديث
أولاً : يؤخذ من هذا الحديث أن ما جرحته العجماء من بعضها على بعض فإنه يعتبر هدراً لأنه ليس لصاحبها سيطرة
عليها وهل هذا خاص بجنايتها على الأبدان فقط أو عام بجنايتها على الأبدان والأموال
ثانياً : هل يقيد ذلك بما جرح قال الصنعاني أقول لفظ الجرح ليس في الرواية التي ساقها المصنف وإنما هو ثابت في بعض
ألفاظ الصحيحين وفي بعضه العجماء جبار جرحها وفي لفظ البخاري جبار قال عياض والنووي وآخرون ليس ذكر
الجرح في هذه الرواية قيداً وإنما المراد إتلافها بأي وجه كان سواء حصل بجرح أو غيره .
ثالثاً:قال ابن دقيق العيد وأما جناياتها على الأموال فقد فصل في المزارع بين الليل والنهار وأوجب على المالك ضمان
ما أتلفته بالليل دون النهار وفي حديث عن النبي ﷺ يقتضي ذلك
قلت : قول الله تعالى (وَدَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ
يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ (78) فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلًّا آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا …. )
الآية [الأنبياء : 78-79] ذكر المفسرون أن النفش هو إفساد الماشية للزرع ليلاً وقد ورد في حديث عن النبي ﷺ أنه أمر على
أهل المزارع بحفظها في النهار وعلى أهل المواشي بحفظها بالليل) وهذا الحديث يوافق ما ذكر في الآية على
تفسير النفش بأنه إفساد الماشية للمزارع في الليل وعلى هذا فيكون على صاحب الماشية ضمان ما أفسدته ماشيته بالليل
دون النهار وفي المسألة خلاف فيما يجب على أهل المزارع حفظه وهو ما كان في فلاةٍ من العادة أن ترسل فيه المواشي بدون
راعي أما إذا كانت المزارع منتشرة وكثيرة فعلى صاحب الماشية حفظها وأن يرسلها مع راع يحفظها ويكون مسؤولاً
عنها هذا هو الأقرب والله تعالى أعلم. وقد قال النبي ﷺ ( كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يرتع فيه ) أما القصة المشار
إليها في الآية فخلاصتها أن رجلاً له عنب أو بستان من عنب والآخر له غنم فذهب الغنم ودخل في بستان العنب
فأفسده فتحاكما إلى داود ثم مرّا على سليمان فحكم سليمان أن يأخذ صاحب الغنم البستان ويسقيه ويقوم عليه حتى يعود
كما كان ويأخذ صاحب البستان الغنم ليأخذ ما يجئ منه حتى يعود البستان كما كان ويعيد كل منهما ما عنده
من حق إلى صاحبه وهو يؤيد ما جاء في حديث البراء أن النبي ﷺ ( قَالَ كَانَتْ لَهُ نَاقَةٌ ضَارِيَةٌ فَدَخَلَتْ حَائِطًا فَأَفْسَدَتْ فِيهِ
فَكُلِّمَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فِيهَا فَقَضَى أَنَّ حِفْظَ الْحَوَائِطِ بِالنَّهَارِ عَلَى أَهْلِهَا وَأَنَّ حِفْظَ الْمَاشِيَةِ بِاللَّيْلِ عَلَى أَهْلِهَا وَأَنَّ عَلَى أَهْلِ الْمَاشِيَةِ
مَا أَصَابَتْ مَاشِيَتُهُمْ بِاللَّيْلِ ) .
المسألة الثانية : قوله والبئر جبار أي أن البئر إذا سقطت على حافرها أو على بانيها وإن كان مستأجراً فإن ما حصل فيها
لا يضمنه صاحبها إلا أن يكون متسبباً بحفرها في طريق الناس ولم يجعل عليها علامات تمنع من السقوط فيها .
المسألة الثالثة : والمعدن جبار المعدن هو ما خلقه الله في الأرض من الخامات النافعة كالذهب والفضة وغير ذلك فإذا
سقط على الذي يشتغل فيه فإن ذلك لا ضمان فيه لقوله ﷺ والمعدن جبار وفي هذا الحديث وهذه الفقرة
بالذات ردّ على ما قرر في نظام الشركات أن من أصيب وهو يعمل في شركة بأي حادث فيها ترتب عليها إزهاق نفسه أو قطع عضو من
أعضائه أن الشركة تكون ضامنة لذلك بالدية فما دونها وهذا الحديث يدل على بطلان هذا النظام والله تعالى أعلم.
قوله وفي الركاز الخمس تقدم أن الركاز هو المال الذي يوجد مدفوناً في الأرض من ضرب الجاهلية فمن وجده فعليه
فيه الخمس والباقي يكون ملكاً له أما إذا وجد مال من ضرب الإسلام ولا يعرف الذي دفنه فهو يعتبر لقطة والله سبحانه وتعالى
يرزق من يشاء وهل يعرف بهذه اللقطة لمدة سنة الظاهر أنه كذلك أما إن كانت في دار معروف صاحبها وقد
مات أو انتقل فهي تعاد إلى ورثته إذا علم أنه كان صاحب مال والمسألة فيها تفصيل عند الفقهاء هذه خلاصته
وبالله التوفيق .
--------
تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.
تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ
تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ]
[ المجلد الثالث ]
رابط تحميل الكتاب :
http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf
.
ام عادل السلفية
23-10-2015, 04:05PM
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام
للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -
[173] الحديث الخامس:
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: بعث رسول ﷺ عمر رضي الله عنه على الصدقة فقيل : منع ابن جميل وخالد بن الوليد
والعباس عم رسول الله ﷺ فقال رسول الله ﷺ : (( ما ينقم ابن جميل إلا أن كان فقيراً فأغناه الله
وأما خالد : فإنكم تظلمون خالداً فقد احتبس أدراعه وأعتاده في سبيل الله وأما العباس : فهي عليّ ومثلها )) ثم قال:
(( يا عمر أما شعرت أن عم الرجل صنو أبيه ؟ )).
موضوع الحديث :
بعث الجابي على الصدقة
المفردات
ابن جميل : ذكر ابن الأمير في التعليقات المسمى على العدة عن ابن منده أنه قال لا يعرف اسمه وذكره ابن الجوزي فيمن
لا يعرف إلا بالنسبة إلى أبيه فقط قال واتفقوا أنه من الأنصار
قوله خالد بن الوليد : أي المخزومي الصحابي الجليل صاحب الجهاد العظيم والفتوحات الكثيرة.
أما العباس : فهو عم الرسول ﷺ وكما جاء في الحديث أما علمت يا عمر أن عم الرجل صنو أبيه .
قوله ما ينقم : كأن معنى الكلام أنه ليس له شئ ينقمه إلا أنه كان فقيراً فأغناه الله وهذه نعمة من حقها أن تشكر إذاً فلا شئ
ينقمه ابن جميل ولكن المنع كان يدل على أنه كان منافقاً ولكن يقال أنه تاب وحسنت توبته .
قوله احتبس : أي أوقف أدراعه وأعتاده في سبيل الله جعلها وقفاً على المجاهدين .
قوله أما العباس فهي عليّ ومثلها : أي أنها دين على النبي ﷺ باعتبار أن النبي ﷺ احتاج مالاً فأخذ من العباس زكاة عامين مقدماً .
قوله أما شعرت : أما علمت وعرفت أن عم الرجل صنو أبيه .
الصنو : هو الأخ تشبيهاً بالنخلة التي يكون أصلها واحد ويتفرع منها جذعان قال الله عز وجل (… صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ .. )الآية[الرعد : 4 ]
المعنى الإجمالي
أرسل النبي ﷺ عمر بن الخطاب متصدقاً أي قابضاً للصدقة فلما رجع إلى النبي ﷺ أخبره بأن ابن جميل منع زكاته
وكذلك خالد بن الوليد والعباس بن عبد المطلب لذلك فقد أنكر النبي ﷺ على ابن جميل صنيعه وذمه بذلك فقال
ما ينقم ابن جميل إلا أن كان فقيراً فأغناه الله وقد اعتذر لخالد بأنه لا يصدر منه المنع طالما وهو قد احتبس أدراعه وأعتاده
في سبيل الله ومن يفعل المندوب طلباً للأجر والثواب لا يمكن أن يمنع الواجب ويحتمل أن يكون خالد ليس له شئ
يؤدي زكاته رضي الله عنه ثم اعتذر للعباس بأنه قد أخذها منه صلوات الله وسلامه عليه .
فقه الحديث
أولاً: قول ابن دقيق العيد في بعث عمر على الصدقة هل هي الواجبة أو المندوبة واستظهر ابن دقيق العيد
رحمه الله أنها الواجبة
قلت: وهو الحق لأن ذم ابن جميل على المنع يدل على أنها الصدقة الواجبة فلو كانت الصدقة المندوبة ما ترتب على ذلك
ذم لابن جميل وبالله التوفيق .
كذلك من المعروف أن بعث الجابي إنما يكون في الصدقة المفروضة دون الصدقة التطوعية .
ثانياً : يؤخذ من قوله وأما خالد فإنكم تظلمون خالداً الدفاع عمن عرف بالخير إذا ادعي عليه بأنه منع واجباً .
ثالثاً :قوله وقد احتبس أدراعه وأعتاده في سبيل الله في ذلك كلام كثير حول احتباس الأدراع والأعتاد هل هي جعلت
في مقابل الصدقة أو جعلت قيمتها وكل هذا في نظري غير وجيه والحق فيما أرى هو ما ذكر سابقاً وهو أن خالد بن الوليد
أوقف دروعه وعتاده على المجاهدين في سبيل الله تقرباً إلى الله وطلباً للمثوبة عنده ومن يفعل ذلك لا يمنع الواجب .
رابعاً : في قوله احتبس أدراعه وأعتاده في سبيل الله دليل لمن قال بتحبيس المنقول أي بإيقافه وجعله وقفاً في ما ينتفع
به قال الأمير الصنعاني في العدة قوله واختلف الفقهاء في ذلك أي في تحبيس المنقولات ووقفها فقال مالك لا يصح
وقف المنقول مطلقاً وقال أبو حنيفة لا يصح وقف الحيوان وعنه ولا وقف الكتب وقال بصحة ذلك الشافعية وغيرهم قال
المحقق قلت : وهي رواية عن الإمام أحمد أختارها جمع من أصحابه وهي المذهب قال الصنعاني قالوا لإجماع
المسلمين على صحة وقف الحصر والمصابيح في المساجد من غير نكير أهـ .
قال ابن الأمير قلت ولا يخفى عدم نهوضه دليلاً فإنه لا نكير في أنه مختلف فيه فلا دلالة على رضا الساكت حتى
يكون إجماعاً سكوتياً لكن الدليل حديث الباب وقوله ﷺ فإنه قد احتبس أدراعه وأعتاده أهـ .
قلت : وما احتج به القائل من عدم الإنكار لعله ينتهض دليلاً مع وجود الدليل الذي يؤيده وكأنهم اتفقوا على العمل بذلك
في كل زمان ومكان لم ينكره أحد من العلماء لوجود الدليل عليه من إقرار المعصوم ﷺ لفعل خالد والظاهر أن خالداً
لم يفعله إلا بعد استشارة الرسول ﷺ واستفتائه ومن ذلك إيقاف الكتب والمصاحف وآلات النعش وما أشبه ذلك
مما اعتاد الناس أن يعملوه والأصل فيه إقرار النبي ﷺ على تحبيس المنقول وإذا كان أهل الجاهلية كان الأغنياء
منهم يستعدون بمثل ذلك للحاجة كما دل عليه استعارة النبي ﷺ من صفوان بن أمية لامة الحرب من الدروع
والسيوف فإن أهل الإسلام قد جعلوا ذلك تعبدا لله سبحانه وتعالى بإجازة من الشارع بذلك وإقراراً لهم عليه والله تعالى أعلم .
خامساً : يؤخذ من قوله في سبيل الله أن عملهم هذا كان عدةً للمجاهدين في سبيل الله الذين يجاهدون لإعلاء كلمة الله
ويؤخذ من هذا أنه لا يجوز الوقف ولا الحبس في نصرة حزب أو قبيلة أو شخص وإن فعل فهو لا يكون في سبيل الله
ولا يعد من العمل الصالح لأن فيه تفريق للأمة التي أمرها الله أن تكون واحدة والله تعالى يقول (وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا
فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُْخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا
بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِين ) [الحجرات : 9] ومن هذا نقول أن قتال أهل البغي والمحاربين يعد
من الجهاد في سبيل الله والله تعالى أعلم .
سادساً : يؤخذ من قوله وأما العباس فهي عليّ ومثلها أن هذه العبارة يتردد معناها بين شيئين إما أن يكون النبي
ﷺ تحملها عن عمه ويظهر لي أن هذا بعيد فإذا كان العباس عنده مال يوجب الزكاة فلا يمكن أن يتحملها النبي ﷺ
عنه ويتركه لا يؤدي زكاته فإن ذلك قد يعتبر إعانة على ترك الأداء مع وجود ما يوجب المقتضي للواجب وهو وجود
النصاب عنده والشارع يعود الناس ويحملهم على أداء الواجبات بطيب نفس . والاحتمال الثاني أن النبي ﷺ قد أخذها أي
أخذ الزكاة مقدماً لعامين من العباس وهذا هو اللائق الذي يتعين توجيهاً لهذه العبارة وإن كانت الأحاديث الواردة في ذلك
فيها ضعف فمنها ما أخرجه الترمذي من حديث علي بلفظ ( هي عندي قرض لأني استسلفت منه صدقة عامين )
قال الحافظ ابن حجر في إسناده مقال ومثله عند الدار قطني إلا أن فيه ضعف والحاصل أن روايات أنه ﷺ تقدم
منه زكاة عامين ضعيف أهـ .
قلت : وإن كانت هذه الروايات ضعيفة ضعفاً مقارباً إلا أن هذا هو الأنسب والأليق فالنبي ﷺ كان يحتاج المال
في تجهيز الغزاة وفي إجازة الوفود فلعله قد احتاج مالاً فاستسلفها من العباس وهذا هو أحسن ما يحمل عليه الحديث فيما أرى .
سابعاً : يؤخذ من قوله أما علمت يا عمر أن عم الرجل صنو أبيه يؤخذ من هذا فضيلة للعباس في كونه عم النبي ﷺ
وهذا القول كأنه صدر من النبي ﷺ درءاً للقالة في العباس بأنه منع لا سيما وهو عم النبي ﷺ وكونه ممن تبعه
وآمن به فله فضل الإيمان وفضل القرابة وبذلك لا ينبغي القول فيه بأنه منع وبالله التوفيق .
--------
تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.
تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ
تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ]
[ المجلد الثالث ]
رابط تحميل الكتاب :
http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf
التصفية والتربية
TarbiaTasfia@
.
ام عادل السلفية
25-10-2015, 10:02PM
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام
للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -
[174] الحديث السادس:
عن عبدالله بن زيد بن عاصم رضي الله عنه قال لما أفاء الله على رسوله يوم حنين قسم في الناس وفي المؤلفة قلوبهم
ولم يعط الأنصار شيئاً فكأنهم وجدوا في أنفسهم إذ لم يصبهم ما أصاب الناس فخطبهم فقال : (( يا معشر الأنصار ألم أجدكم
ضلالاً فهداكم الله بي ؟ وكنتم متفرقين فألفكم الله بي ؟ وعالة فأغناكم الله بي ؟ ))- كلما قال شيئاً قالوا: الله ورسوله أمّن
قال : (( ما يمنعكم أن تجيبوا رسول الله ؟ )) قالوا :الله ورسوله أمّن قال : (( لو شئتم لقلتم : جئتنا كذا وكذا ألا ترضون أن يذهب
الناس بالشاة والبعير وتذهبون برسول الله إلى رحالكم ؟ لولا الهجرة لكنت امرءاً من الأنصار ولو سلك الناس وادياً
أو شعباً لسلكت وادي الأنصار وشعبها الأنصار شعار والناس دثار إنكم ستلقون بعدي أثرة فاصبروا حتى تلقوني
على الحـوض )).
موضوع الحديث :
إعطاء المؤلفة قلوبهم من الغنائم
المفردات
قال لما أفاء الله على رسوله :الفيء لغة الرجوع من فاء بمعنى رجع والفئ اسم لما يؤخذ من أموال الكفار بدون قتال
وهنا المقصود به الغنيمة ففيه تسامح بالتسمية .
يوم حنين :أي يوم غزوة حنين .
قوله وفي المؤلفة قلوبهم : بمعنى أنه أعطاهم مع أن الأصل أنهم ليس لهم شئ في الغنيمة وإنما وهبهم رسول الله ﷺ
ما وهبهم تأليفاً لأن لهم نفوذ فيمن ورائهم .
قوله وجدوا في أنفسهم : قال الصنعاني أقول من الموجدة وهي الغضب .
قوله إذ لم يصبهم ما أصاب الناس : أي لكونهم لم يعطوا شيئاً خلاف القسمة التي أصابت المجاهدين منهم فخطبهم فقال
يا معشر الأنصار ألم أجدكم ضلالاً من الوجود
قوله ضلالا: أي كنتم على باطل تعبدون غير الله وتمنعون الحقوق ويقتل بعضكم بعضاً ليغنم ماله لا تعرفون شيئاً
من الدين الذي أتيتكم به .
فهداكم الله بي :أي بسببي .
وكنتم متفرقين : من التفرق وهو الاختلاف وقد كان الأنصار بينهم عداوة يقتل الأوسي الخزرجي والعكس
فألفكم الله بي :أي جمعكم على يدي وبسببي .
عالة فقراء فأغناكم الله بي : أي بما أعطاكم من الغنائم التي أصبتموها على يدي .
الله ورسوله أمّن :أي أكثر مناً .
قوله لو شئتم لقلتم جئنا كذا وكذا :ما كنى عنه هنا قد صرح به في رواية أخرى أتيتنا مخذولا فنصرناك ومكذباً
فصدقناك ومطروداً فآويناك .
ألا ترضون : أداة عرض أن يذهب الناس بالشاة والبعير إلى رحالهم وتذهبون برسول الله ﷺ إلى رحالكم .
الرحال : محل الإقامة ومعنى ذلك أن الذي تأخذونه أفضل مما أخذوه .
الوادي : هو مجتمع السيول والشعب كذلك لكن الشعب أصغر من الوادي .
الأنصار شعار : الشعار هو الثوب الذي يلي الجسد .
الدثار : الذي يكون من أعلى .
قوله ستجدون بعدي أثرة : أي استأثاراً بالمال عنكم فاصبروا حتى تلقوني على الحوض .
المعنى الإجمالي
لما فتح الله على نبيه محمد ﷺ من الغنائم الكثيرة في موقعة حنين وبعد أن ترك حصار الطائف عاد إليها أي إلى الغنائم
وكان أكثرها من المواشي إذ اجتمع أكثر من أربعين ألفاً من الإبل ومائة وعشرين من الغنم فأعطى النبي ﷺ أقواماً حديثوا
عهد بالإسلام ليتألفهم فأنكر ذلك بعض الأنصار أما خيارهم فإنهم يعلمون أن تصرف رسول الله ﷺ تصرف بحق فلما بلغته
مقالتهم حيث قال بعض سفهائهم يعطي رسول الله ﷺ الغنائم لأقوام تقطر سيوفنا من دمائهم ويدعنا فأمر النبي ﷺ
بجمعهم له في قبة فاجتمعوا فقال ما مقالة بلغتني عنكم .. ألخ ما ذكر .
فعاتبهم معاتبة خفيفة واعترف لهم بما قدموه من نصرة له وللإسلام الذي جاء به فطابت نفوسهم وعرفوا بذلك عظيم ما ذخر
الله لهم من صحبة رسوله ورجوعهم به إلى رحالهم بالإضافة إلى ما ادخره الله لهم في الدار الأخرى على ما قدموه
وبذلوه فأمرهم ﷺ بالصبر على ما سيلقونه بعده من الأثرة فصلوات الله وسلامه على نبيه وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى
بهديه واستن بسنته إلى يوم القيامة.
فقه الحديث
أولاً: يؤخذ من هذا الحديث تسمية الغنيمة فيئاً .
ثانياً : يؤخذ منه إعطاء المؤلفة قلوبهم .
ثالثاً : أن التأليف يعطى فيه ضعاف الإيمان من أجل أن يكونوا قوة للإسلام .
رابعاً : يؤخذ من هذا الحديث أن أصحاب الإيمان القوي العميق يوكلون إلى إيمانهم باعتبار أنهم لا يهتمون لأمر الدنيا .
خامساً : إنما فعل الصحابة ذلك لأنهم يعرفون أن رسول الله ﷺ معصوم من الخطأ وأنه لا يتصرف إلا بما
فيه مصلحة الحق ونصرته .
سادساً: فيه معاتبة النبي ﷺ للأنصار على ما بلغه عنهم من القالة فيشرع فيه العتاب بمن وثقت
من إيمانه وصدق نيته .
سابعاً : فيه اعتراف النبي ﷺ فيما للأنصار من فضل في نصرتهم له .
ثامناً : يؤخذ من قول الأنصار الله ورسوله أمّن أن المنة لله ثم لرسوله عليهم .
تاسعاً : يؤخذ من قوله ألا ترضون أن يذهب الناس بالشاة والبعير وتذهبون برسول الله ﷺ إلى رحالكم فيه
دلاله على ضآلة ما أخذ الناس وعظيم ما أخذوا .
عاشراً: لقد أكد النبي ﷺ ما سبق بقوله لو سلك الناس وادياً أو شعباً لسلكت وادي الأنصار وشعبها .
الحادي عشر : يؤخذ من قوله الأنصار شعار والناس دثار أن النبي ﷺ أعتبرهم خاصة دون الناس .
الثاني عشر : قوله إنكم ستلقون بعدي أثرة أي استأثاراً بالمال دونكم فاصبروا أمرهم بالصبر
الثالث عشر : يؤخذ من ذلك أيضاً تحريم الخروج على الولاة وإن جاروا واستأثروا بالمال دون غيرهم
لقوله ستلقون من بعدي أثرة فاصبروا ولم يقل فثوروا .
الرابع عشر : قوله اصبروا حتى تلقوني على الحوض هذا وعد من الله ورسوله ﷺ للأنصار أنه سيثيبهم على
نصرتهم لرسول الله ﷺ ونشرهم لدينه وإعلائهم لكلمته وبالله التوفيق .
--------
تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.
تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ
تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ]
[ المجلد الثالث ]
رابط تحميل الكتاب :
http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf
.
ام عادل السلفية
27-10-2015, 01:17PM
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام
للعلامة : احمد النجمي
-رحمه الله -
باب صدقة الفطر
صدقة الفطر وزكاة الفطر كلاهما جاء به الحديث الصحيح هكذا قال الصنعاني رحمه الله في العدة
وأقول : إن كلا اللفظين يطلق على هذا الواجب إلا أن لفظ صدقة أعم من زكاة لأن الزكاة إنما يراد بها المفروض
والصدقة تشمل المفروض وغير المفروض وإضافتها إلى الفطر من إظافة الشيء إلى سببه وذلك أن هذه الصدقة أوجبها الله
شكراً على إتمام الصوم وجبراً لما فيه من النقص إن كان وإغناءً للفقراء عن العمل في يوم العيد أو التجول من أجل الحصول
على قوت اليوم وبالله التوفيق.
[175] الحديث الأول:
عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما قال فرض رسول الله ﷺ صدقة الفطر- أو قال : رمضان - على الذكر
والأنثى والحر والمملوك : صاعاً من تمر أو صاعاً من شعير قال : فعدل الناس به نصف صاع من بر على الصغير والكبير .
وفي لفظ أن تؤدى قبل خروج الناس إلى الصلاة .
موضوع الحديث :
زكاة الفطر
المفردات
الزكاة : تطلق ويراد بها الواجب المالي سواء تعلق بالأنصبة أو تعلق بالفطر وهل المراد بها الطهرة أو يراد بها النماء
فقد ورد اللفظ في المعنيين فمن النماء قولهم زكى الحب إذا بلغ غايته ومن الطهرة قوله تعالى (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ
زَكَّاهَا وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا) [الشمس : 9-10]
قوله فرض : هل المراد بالفرض القطع أو المراد به التقدير وكلاهما قد ورد لكن اشتهار اللفظ في القطع الذي
هو الوجوب أكثر .
قوله صدقة الفطر : أي التي تجب به والمراد به الفطر من رمضان أي نهايته .
قوله على الذكر والأنثى والحر والمملوك :أي على كل واحد منهم صاعاً من الأجناس المذكورة من تمر أو من شعير وقد
ورد لفظ الزبيب والبر والأقط أي من كل منها صاع ومن هنا لبيان الجنس .
قال فعدل الناس به نصف صاع من بر :أي جعلوه عدل صاع أي نضيره إذا كان نصف صاع من البر فإنه يعدل صاعاً من غيره .
قوله تؤدى : أي تعطى قبل خروج الناس إلى الصلاة
المعنى الإجمالي
ما أعظم شرع الله وما أبلغ حكمته في شرعه فقد جعل في يوم عيد الفطر صدقة الفطر حقاً واجباً على الأغنياء
يدفعونه إلى الفقراء ليستغنوا به في يومهم ذلك وليكون دليلا على البذل والمواساة في حق أغنياء المسلمين ففرض زكاة الفطر
وجعل هذا الفرض متجهاً على رئيس الأسرة وكافل العائلة يقوم به عمن تحت يده من النساء والأطفال والمماليك
وبالله التوفيق .
فقه الحديث
أولاً : حكم هذه الصدقة استدل الجمهور بقول الصحابي فرض رسول الله ﷺ زكاة الفطر على أن هذه الزكاة فرض
واجب على من وجدها مع قوت يومه بل قد حكى ابن المنذر وغيره الإجماع على وجوبها قال الصنعاني لكن الحنفية يقولون بالوجوب
دون الفرض على قاعدتهم من التفرقة بين الفرض والواجب قال وفي نقل الإجماع في ذلك نظر لأن إبراهيم بن
عليّة وأبا بكر ابن كيسان الأصم قالا إن وجوبها نسخ واستدلوا على ذلك بحديث قيس بن سعد بن عبادة قال :
( أمرنا رسول الله ﷺ بصدقة الفطر قبل أن تنـزل الزكاة فلما نزلت الزكاة لم يأمرنا ولم ينهنا ونحن نفعله ) .
وتعقب بأن في إسناده راوياً مجهولاً وقد وضعه الألباني في الصحيحة ولم يقل صحيح .
قلت :
أولا: أن هذا الحديث لا يعتمد عليه لضعفه ،
ثانياً :لأنه تعارضه أحاديث صحيحة تدل على استمرار الفرضية وعمل الصحابة بها ومن بعدهم إلى يومنا هذا .
ثالثاً: أن قولهم بعدم الوجوب لا يكون خارقاً للإجماع لعدم الدليل الذي يستند إليه والإجماع لا بد أن يكون مستنداً إلى دليل
رابعاً: أن الإجماع مستند إلى أدلة صحيحة وصريحة .
أما قول الحنفية بالوجوب وأنه دون الفرض في قاعدتهم في التفرقة بين الفرض والواجب وأقول إن قول الحنفية
هذا لا يدل على عدم الوجوب بل يدل على عدم الفرضية وإذاً فإنها واجب يأثم تاركه ولا يقاتل عليه ومن قال بخلاف ذلك
فقد شذ والشاذ لا حكم له .
ثانياً : يؤخذ من هذا الحديث وما في معناه أن هذه الصدقة تتعلق بالفطر وهل تجب بغروب الشمس من آخر يوم من
رمضان أو بطلوع الفجر أو بطلوع الشمس من يوم العيد وكل من هذه الأقوال قد قيل وأقواها أن الوجوب يتعلق بمن هو عليه
بغروب الشمس من آخر يوم من رمضان لأنه هو الفطر الحقيقي فلا واجب ينتظر بعده وأنها تؤدى في ليلة العيد
ويومه قبل الخروج إلى الصلاة وأحسن وقتها وأفضله ما بين صلاة الصبح من يوم العيد والخروج إلى الصلاة وقد ورد في ذلك
حديث حسنه الألباني
ثالثاً :اختلف في جواز تقديمها ووجوب قضاءها بعد الصلاة إن فرط حتى صلى الإمام والكلام في جواز التقديم
يتوقف على صحة الحديث الوارد فيه وكذلك أداؤها بعد الصلاة هل تكون قضاءً أو صدقة من الصدقات .
رابعاً :قوله صاعاً من تمر ...إلخ هذا هو المقرر في الشرع أنه صاع من الأجناس المذكورة والكلام في هذه المسألة
يتعلق بأمرين هل يجوز أن تعطى من غير الأجناس المذكورة إذا كان ذلك الجنس مقتاتاً للناس وهل يجوز أن يعطى من
البر نصف صاع بدلاً عن الصاع فأما كونه يتوقف على الأجناس المذكورة فالظاهر أن تلك الأجناس
هي التي كانت معروفة في المدينة إلا أن لفظ الطعام يشمل كل مقتات وهذا هو الظاهر لقوله في بعض الألفاظ أو صاعاً
من طعام وإن كان الطعام في الغالب يطلق على البر إلا أنه يشمل ما كان مقتاتا في غير الضرورة كالأرز والذرة والدخن
وما أشبه ذلك .
أما كون البر نصف صاع منه يعدل صاعاً من غيره فهذا سيأتي في الحديث الثاني والقول بأنه يخرج من غالب قوت البلد
هذا هو الحق فيما أرى .
خامساً :الصاع أربعة أمداد والمد رطل وثلث بالبغدادي وخالف في ذلك أبو حنيفة وجعل الصاع ثمانية أرطال واستدل
مالك بنقل الخلف عن السلف في المدينة وهو استدلال صحيح قوي في مثل هذا ولما ناظر مالك بن أنس إمام دار الهجرة
أبا يوسف صاحب أبي حنيفة بحضرة الرشيد في المسألة رجع أبو يوسف إلى قوله وذلك أن مالكاً قال لمن حضره من أهل المدينة قم
يا فلان فأت بصاع جدك وقم يا فلان فأت بصاع جدتك حتى اجتمع عنده آصع فحزرت تلك الآصع فوجد
كل واحد منها خمسة أرطال وثلث وكل واحد من هؤلاء قال حدثني أبي عن جدي أنه أدى إلى النبي ﷺ بهذا الصاع
وذلك يقول حدثني أبي عن جدتي وهكذا .
قال المحقق وهذه القصة تؤيد رأي من يرى أن بلاغات مالك موصولة وهو الصحيح .
سادساً : اختلف أهل العلم في الأقط هل هو واجب كالذي ذكر معه من الحبوب المقتاتة أو الثمار ذلك لأن الأقط
هو لبن مجفف يكون قطعاً بعد الصنعة لم يخرج دهنه وكون هذا يكون عند أهل البادية فهو أرفق بهم وهل يجزئ عمن أداه
من الحواضر هنا حصل خلاف بين أهل العلم فمنهم من رآه مجزئاً بذكره في الحديث ومنهم من علق أجزاؤه على عدم وجود
غيره ولعل هذا هو الأقرب والله أعلم .
سابعاً : في قوله على الذكر والأنثى والحر والمملوك والصغير والكبير من المسلمين دلالة على عموم هذا الواجب حتى
على من ولد قبل خروج الناس إلى المصلى من يوم العيد أما من ولد بعد ذلك فلم يلحقه الوجوب في الظاهر
واختلف أهل العلم في إخراجها عن الحمل فأثر عن عثمان بن عفان فعله والظاهر أنه اجتهاد منه فيكون مباحاً لمن
أراد ذلك لا واجباً .
ثامناً: اختلف في المملوك هل الوجوب متجه عليه أو على سيده فذهب الجمهور إلى أن الوجوب متجه على
سيده وذهب داود الظاهري إلى أن الوجوب متجه عليه ويمكنه سيده من الكسب لذلك .
تاسعاً: يؤخذ من قوله من المسلمين أن العبيد الكفار لا تجب الفطرة عنهم
وإنما تجب عن المسلمين وبالله التوفيق .
--------
تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.
تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ
تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ]
[ المجلد الثالث ]
رابط تحميل الكتاب :
http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf
.
ام عادل السلفية
29-10-2015, 03:32PM
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام
للعلامة : احمد النجمي
-رحمه الله -
[176] الحديث الثاني :
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : كنا نعطيها في زمن النبي ﷺ صاعاً من طعام أو صاعاً من شعير أو
صاعاً من أقط أو صاعاً من زبيب فلما جاء معاوية وجاءت السمراء قال : أرى مداً من هذه يعدل مدين قال أبو سعيد : أما
أنا فلا أزال أخرجه كما كنت أخرجه على عهد رسول الله ﷺ .
موضوع الحديث :
زكاة الفطر وأن نصف صاع من البر يعدل صاعاً من غيره
المفردات
تقدم الكلام على حديث ابن عمر وفيه شرح كثير من مفردات هذا الحديث .
قوله وجاءت السمراء : هي نوع من
البر (الحنطة) وإنما رأى معاوية هذا الرأي لأن هذا النوع من الحنطة يربو ويزيد إذا طحن .
المد : هو ربع صاع بالآصع النبوية .
المعنى الإجمالي
يخبر أبو سعيد الخدري رضي الله عنه بأنهم كانوا يعطونها في زمن النبي ﷺ صاعاً من جميع الأجناس وأنه في
زمن معاوية جاء معاوية إلى المدينة حاجاً أو معتمراً وقال أرى إن نصف صاع من السمراء يعدل صاعاً من غيرها فأخذ الناس به
أما أبو سعيد فقد استمر على ما كان يخرجه في زمن النبي ﷺ .
فقه الحديث
تقدم الكلام على حكم زكاة الفطر ومقدارها وعلى من تجب ومتى تجب وهنا سأبين ما جاء عن معاوية في جعله نصف
صاع من بر يعدل صاعاً من غيره فـأقــول:
أولاً: اختلف أهل العلم في هذه المسألة فقال أبو حنيفة نصف صاع من البر يعدل صاعاً من غيره وذهب الجمهور إلى أن
الواجب أداء صاع من كل جنس من الأجناس المذكورة في هذا الحديث وغيرها مما لم يذكر وهذا هو القول الحق إن شاء الله
وذلك لأن جعل نصف الصاع من البر يعدل صاعاً من غيره هو رأي لمعاوية رضي الله عنه خالفه في ذلك أبو سعيد الخدري
وهو صحابي جليل أقدم صحبة من معاوية وأكثر ملازمة للنبي ﷺ منه .
ثانياً :إذا تعارض قول الصحابي مع قول صحابي آخر ففي هذه الحالة يقدم أقربها إلى الحق وأشبهها بالصواب وأحسنها ملائمة
للأدلة التوقيفية هذا بقطع النظر عن كون أحد القولين يعارض نصاً صريحاً عن المعصوم ﷺ إذا علمنا هذا فإن رأي
معاوية عارض الدليل الشرعي عن الحبيب المصطفى ﷺ وبهذا يجب علينا أن نقدم النص الصريح على رأي الصحابي
لا سيما وقد نصص فيه على الطعام وقد كانت لفظة الطعام تستعمل في البر عند الإطلاق أما المعنى اللغوي فإن
الطعام يطلق على كل ما أقتاته الناس وعلى هذا فيشمل الأطعمة المقتاتة التي لم تذكر هنا كما قد سبق ترجيحه في الحديث الأول
ويدخل فيها البر دخولاً أولياً لأنه أفضل الأقوات وأحسنها بالإضافة إلى أن الله تعالى خاطبنا باتباع رسوله ﷺ دون سواه
وبالله التوفيق .
--------
تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.
تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ
تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ]
[ المجلد الثالث ]
رابط تحميل الكتاب :
http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf
التصفية والتربية
TarbiaTasfia@
.
vBulletin® v3.8.10, Copyright ©2000-2025, TranZ by Almuhajir